ندوة حوارية حول التيار الديمقراطي العراقي – الواقع والطموح
بدعوة من منظمة الكلدو آشور في اربيل حول (التيار الديمقراطي العراقي – الواقع والطموح) قدم الدكتور حسام رشيد استعراضا حول التيار الديمقراطي تضمن المحاور التالية التي تناولها المشاركون في الندوة , واتسم الحوار والمناقشة بروح ايجابية تعكس الحرص على تطوير عمل التيار ودوره في التصدي للمهام الوطنية الكبيرة التي تطرحها المرحلى الحالية
الندوة الحوارية حول التيار الديمقراطي العراقي – الواقع والطموح
المنعقدة على حدائق منظمة الكلدو آشور في أربيل بتاريخ 27-5-2015
1- كلمة الترحيب
2- محاور الندوة:
- أستعراض موجز لتاريخ التيار الديمقراطي وتشكيله في المؤتمر التأسيسي المنعقد في بغداد بتاريخ 22-10-2011
- ألمفاهيم التي انطلق منها التيار الديمقراطي في وضع برنامجه الوطني ونظامه الداخلي والفئات والقوى السياسية التي توجه اليها في خطابه الوطني .
- التيارالديمقراطي بين ألواقع والطموح .
- أستعراض موجز لتاريخ التيار الديمقراطي وتشكيله في المؤتمر التأسيسي المنعقد في بغداد بتاريخ 22-10-2011 :
.. بعد الأحتلال وسقوط النظام الدكتاتوري عام 2003 وما نتج عن ذلك من نظام دولة اقيمت في ظل سلطة الأحتلال الذي اسس للمحاصصة الطائفية والقومية , الى جانب المهام الوطنية الكبيرة التي كان شعبنا العراقي يتطلع الى انجازها , برزت اكثر من اي وقت مضى اهمية استنهاض قوى التيار الديمقراطي وتفعيل دورها في الحركة السياسية .
.. ألا ان تحقيق هذا الهدف مر بصعوبات كثيرة بسبب عدم وضوح الرؤيا والتعارض في المواقف وتحديد الأهداف المرحلية التي تواجهها قوى التيار الديمقراطي , عكست ذلك بشكل واضح تأثير ماضيها المثقل بالأنكسارات والأخفاقات التي مرت بها عبر العقود الماضية وعجزها عن التعامل مع المستجدات الداخلية والأقليمية والعالمية .
.. استمر عمل قوى التي التيار الديمقراطي بين مد وجزر اتسم بالذاتية حينا وطغيان المصالح الآنية لمكوناته حينا آخر حتى أنعقاد مؤتمره التأسيسي في 22-10-2011 بعد العديد من المؤتمرات المحلية على مستوى العراق والخارج (عدا محافظات اقليم كردستان).
.. وضع المؤتمر البرنامج الوطني للتيار الديمقراطي الذي تضمن المحور السياسي والمحور التشريعي والمحور الأقتصادي والمحور الأجتماعي ومنظمات المجتمع المدني ومحور الخدمات والبنى التحتية . وتضمن كل محور منها رؤى التيار الديمقراطي لتحقيق المهام الوطنية التي تأمن اقامة الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق العدالة الأجتماعية واحترام حقوق الأنسان .
.. عند تناولنا ما تضمنه برنامج التيار الديمقراطي آنذك لابد ان ننظر اليه من خلال الضروف السائدة عام التأسيس في 2011 التي تغيرت جذريا بعد احتلال داعش لمحافظة نينوى وما اعقبها من امتداداتها الى محافظة الأنبار واجزاء اخرى من وطننا العزيز وما طرحه ذلك من رؤى ومهام جديدة على التيار الأضطلاع بها .
ألتيار الديمقراطي كما طرح نفسه يمثل تيارا مجتمعيا واسعا تؤلف قاعدته الأجتماعية الفئات والشرائح التي تجد في المشروع الوطني الديمقراطي وبناء الدولة المدنية الحديثة وتحقيق الديمقراطية بمضمونها الأجتماعي والسياسي (تحقيق الديمقراطية في جوانبها السياسية والأقتصادية والأجتماعية انطلاقا من مبدأ العدالة الأجتماعية واعتماد مبدأ المواطنة والهوية الوطنية في بناء الدولة ).
. أن هذا المفهوم لعمل التيار الديمقراطي وبرنامجه الوطني يجعل خطابه موجها الى :
.. الى كافة الشرائح والفئات والطبقات الأجتماعية المنتجة في مجال الصناعة والزراعة والتنمية الأقتصادية والعلم والفكر والثقافة بعيدا عن الأستغلال بكل اشكاله , وهي فئات , كما نفهمها , واسعة تمثل الغالبية العظمى من مجتمعنا العراقي .
.. الى الشخصيات الوطنية التي مارست العمل والنضال السياسي انطلاقا من مبادئ الديمقراطية والعدالة الأجتماعية , وهي شخصيات مستقلة بغض النظر عن قربها او بعدها عن هذا الحزب أو ذاك .
.. الى الأحزاب والتيارات التي اصطلحنا على تسميتها بالأحزاب اليسارية التي التي تلتزم او تهتدي بالفكر الأشتراكي , ولا شك ان الحزب الشيوعي العراقي يمثل بتاريخه ودوره الوطني الطويل الثقل الأساسي في مكونات هذا التيار , ولكن علينا , كما اعتقد , ان لا نغفل أن الضروف الصعبة التي مر بها الحزب على مدى اكثر من خمسة عقود والمتغيرات على المستوى العالمي والمحلي قد انتجت وضعا جديدا جعلت من البعض ممن يؤمن بالفكر الاشتراكي في عمله السياسي لا ينضوي بالضرورة تحت مظلة الحزب لأسباب ليس من مهمة ندوتنا الدخول فيها , ولكن هذه القوى او التيارات , مهما كان حجمها , ستبقى ضمن من يتوجه اليهم خطاب التيار الديمقراطي .
.. الى الأحزاب الوطنية والديمقراطية والقومية التي تناضل بصدق من اجل اقامة الدولة المدنية الديمقراطية , ومنها على سبيل المثال لا الحصر الحزب الوطني الديمقراطي ذو التاريخ الوطني الطويل والحركة الأشتراكية العربية بدورها التقدمي ضمن الحركة القومية العربية والأحزاب الكردستانية التي ناضلت ضد النظام الدكتاتوري , والأحزاب الوطنية الناشئة بعد الأحتلال عام 2003 كحزب الأمة وحزب الشعب .
.. الى كل الأحزاب اليبرالية التي تعتمد المنهج والفكر المدنيين في أقامة الدولة وتعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية وفق منظورها الخاص .
.. الى منظمات المجتمع المدني والاتحادات والنقابات المهنية التي اخذت تلعب دورا متميزا في الحراك الشعبي والدفاع عن الحقوق جماهيرها ومنتسبيها .
هنا يطرح التساؤل : كم حقق التيار الديمقراطي ببرنامج واليات عمله ليكون ميدانا لكل هذه القوى التي تجمع على اقامة الدولة المدنية الديمقراطية ؟
3 – التيار الديمقراطي بين الواقع والطموح:
.. قد يكون هذا المحور هو الآهم في ندوتنا الحوارية اليوم . من الضروري ان نتناوله اليوم بصراحة وجرأة و شفافية عالية لتشخيص واقع التيار الديمقراطي والمدني ، في تشخيص الانجاز والاخفاق متجاوزين في ذلك مواقفنا الفكرية والتنظيمية لينعكس حوارنا ايجابي على عمل التيار الديمقراطي وكافة القوى والاحزاب المكونة لها .
.. قبل الدخول في طرح ما هو سلبيا او ايجابيا في عمل التيار الديمقراطي اود ان أشير الى ان التيار يتعرض من خلال شخصياته القيادية واحزابه الى تسأولات متكررة من قبل جماهيره ووسائل الاعلام او في الندوات الحوارية عن سبب الاخفاقات التي ترافق عمل التيار الديمقراطي وخاصة تلك التي تعكسها نتائج الانتخابات المحلية والبرلمانية .
.. من الملاحظ ان اجابتنا عن هذه التساؤلات كانت تنحصر في تشخيص
(الظروف والعوامل الموضوعية والذاتية) التي ادت الى هذه النتائج ، وهي اجابة صحيحة في أطارها العام ، الا أن الأجابة
كانت تستفيض في تناول العوامل الموضوعية وتتجاهل مناقشة العوامل الذاتية !!!!.
.. من وجهة نظري اجد في هذا الموقف تعبيرا عن عدم استعدادنا لمعالجة ما يعاني منه التيارالمدني الديمقراطي في تناوله لواقع عمله وتجاوزه للعقبات والصعوبات التي تعيق احتلاله لموقعه الصحيح في العملية السياسية .
.. لذا فأننا في هذه الندوه
سنتجاوز تناول العوامل الموضوعية التي اشبعت طرحا ومناقشة ونركز حوارنا على العوامل الذاتية المؤثره في عمل التيار الديمقراطي انطلاقا من نقطتين :
أ) ان العوامل الموضوعية ليست عوامل جاءت من فراغ بل هي ناتجة عن مجمل الصراعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي سادت المجتمع , ولم تكن القوى الديمقراطية والمدنية بسياساتها ومناهجها خارجه انتاج هذه العوامل مع التأكيد على ان العوامل الموضوعية ليست مطلقة وثابته بل متغيره ارتباطا بنتائج الصراع الدائر في المجتمع .
ب) ان تناول العامل الذاتي بشفافية بعيدا عن المواقف الذاتية والحساسية اتجاه ممارسة النقد والتقويم هي مهمة كبيره علينا أنجازها ومناقشتها لنحقق الموازنة بين تأثير العوامل الموضوعية والذاتية وتحويلها لصالح القوى المدنية.
.. أقر المؤتمر التأسيسي للتيار الديمقراطي وثيقتين اساسيتين هما برنامج التيار الديمقراطي ونظامة الداخلي حدد بموجبهما شعاراته وخطابه السياسي وأليات عمله الداخلي وعلاقاته بالقوى السياسية الاخرى , وهنا لا بد من التسائل : هل نجح التيار الديمقراطي في تحويل برنامجه الوطني الى خطاب سياسي ووطني يقترب من الجماهير ويكون محرك لها في نضالها من اجل تحقيق مطالبها الوطنية ويكون بديل فاعل عن الخطابات الطائفية والقومية التي تعتمد تغييب العقل وتثير العواطف التي تفرق ولا تجمع بين فئات الشعب المختلفة ؟
.. في اعتقادي ان التيار الديمقراطي لم ينجح حتى الان في تحقيق ذلك لآسباب عديدة منها حسب اعتقادي :
… طرح الشعارات والمواقف ذات الصياغات العامة التي لا تميز موقف التيار عن غيره من القوى السياسية الأخرى , كما ان التيار لم ينجح في طرح شعارات سياسية و مطلبية تلتف حولها الجماهير وتحفز الى حراك شعبي يكون فيها التيار وناشطيه في طليعته وتجعل منه قوة سياسية ووطنية لها تأثيرها في عملية التغيير .
.. ان هذا الموقف جعل من التيار وناشطيه يسيرون مع الشعارات والمطالب التي يطرحها الصراع السياسي والأجتماعي ونتائجه على حياة الجماهير او خلفها مما يفقده الدور الجماهيري الذي يجب ان يضطلع به .
في مراجعة سريعة لما يطرح من مهام وطنية باتجاه بناء الدولة يمكن العودة الى بعضها , ومن ذلك على السبيل المثال لا الحصر الموقف من سن قانون يؤسس لبناء جيش وطني واليات تحقيق ذلك ,هل نحن مع اعتماد الخدمة العسكرية الالزمية التي تمكن المواطن من أداء واجبه في الدفاع عن الوطن بغض النظر عن هوية الدينية والقومية ؟ كم يتفق موقفنا هذا مع دعوتنا ومطالبتنا لأقرار قانون الحرس الوطني الذي نعلم جميعا خلفياته الطائفية والتي ستجعله جيشا موازيا للجيش الوطني ؟ وهو ما يظهر من خلال مناقشة القانون ومحاولات القوى المتصارعة للأستيلاء من خلاله على على مركز القرار في ادارته .
.. الموقف مما يسمى لجنة ( التوازن الوطني) في مؤسسات الدولة ومشروعنا البديل لتحقيق التوازن الوطني الحقيقي بعتماد الكفاءه والهوية الوطنية في بناء الدولة ورتباط ذلك مثلا بتفعيل قانون ( مجلس الخدمةالعامة)الذي همشته القوى السياسية المهيمنة على السلطة وتحول موقفنا نحن الى مجرد شعار .
.. ان موقفنا من أقرار القوانين الهامة التي يتوقف عليها بناء النظام السياسي على اسس وطنية وديمقراطية كقانون الاحزاب وتعديل قانون الانتخابات وقانون المحكمة الاتحادية والتعديلات الدستورية والتي أقر اجرائها مع اقرار الدستور الحالي وقوانين العمل والضمان الاجتماعي لم يتعدى كونه موقفا وشعار يطرح في بياناتنا او في الندوات التي تعقدها النخب السياسية . لم ينجح التيار في تحويل هذه المواقف والشعارات الى حملات وحراك جماهيري يشكل عوامل ضاغطة على السلطتين التنفيذية والتشريعية لأنجاز هذه القوانين بعيدا عن القسمة والمحاصصة التي يعتمدونها .
.. ان وجودنا خارج السلطة يوجب علينا التوجه الى جماهير الشعب ذات المصلحة في تحقيق ذلك لممارسة الضغط على سلطات الدولة التشريعية والتنفيذية .
.. من هنا علينا ان ننطلق الى العمل لتجاوز عمل النخبه والنزول مع جماهير الشعب اينما كانت في ساحات نضالاتها المطلبية ……
تفعيل عمل الجان التي اقرها التيار الديمقراطي لتقديم الدراسات والقوانين البديلة التي تعبر عن منهجه وتجعل من مضامينها ادوات تعتمدها الجماهير في نضالها من اجل ال تغيير……. تفعيل روح المبادرات الذاتية في العمل الوطني وتحفي الاستعداد للتضحية بالوقت والمال على الاقل ……
.. تجاوز المواقف والأعتبارات الذاتية (شخصيات واحزاب) في التعامل مع تطبيق برنامجنا وشعارتنا وتعزيز الثقافة الديمقراطية وثقافة العمل الديمقراطي والتحالفات الوطنية وعدم تغليب المواقف الخاصة على موقف التيار الديمقراطي وخاصة في نشاطاته ومساهماته المهمة كالأنتخابات المحلية او النيابية .
..أما ما يتعلق بالنظام الداخلي للتيار الديمقراطي فأننا نجده واضحا في تحديد العلاقة بين الهيأت المختلفة المكونة للتيار الديمقراطي واليات عملها (الجنة العليا , المكتب التنفيذي , الجان التنسيقية للمحافظات والخارج , الجان التخصصية المرتبطة بالمكتب التنفيذي).
.. الا ان تجربتنا في عملنا وعلاقتنا مع المركز تشير الى ان الالتزام بالنظام الداخلي لم يخضع دائما لمبادئ العمل الديمقراطي والثقافة الديمقراطية التي ندعوا مكونات المجتمع الى ممارستها , ولا أبالغ ان قلت ان ثقافة (الراعي والقطيع) وثقافة التسلط كانت تسود في الحلقات الهامة في عملنا وعلاقتنا مع المركز .
انا ادعو الى اهمية ممارسة الديمقراطية في عمل التيار على كافة مستوياته والتخلي عن (ثقافة النخبة ) التي تدعي تمارس حق الارجحية في الرأي والقرار , الموقف الذي يفتح امام التسلط والمزاجية في عملنا والعلاقة بيننا . ..
أن عراق ما بعد داعش يطرح امامنا مهام كبيرة وجديدة تتطلب منا طرح
خطاب وطني يتميز بالوضوح والمباشرة والشفافية والجرأة , خطابا يكون بحق جامعا لكل قوى التيار المدني المشتتة حتى الآن على المستوى الشعبي والرسمي .
لكي لا ابتعد عن الواقع واكون موضوعيا في تناول عمل التيار الديمقراطي لابد ان اشير الى ان ناشطي التيار وشخصياته الوطنية أخذت في الفترة الأخيرة تشارك وتقترب من الفعاليات الجماهيرية كخطوة متقدمة لتكون المبادرة فيها وطليعتها , لنكن معها ولنعزز مسيرة التيار نحو تحقيق الهدف الذي يجمعنا …..
ايتها الأخوات والأخوة :
حاولت ان اكون صريحا في طرحي لموقفنا انطلاقا من تجربتنا في عمل التيار الديمقراطي في محافظة نينوى وعلاقة بالمركز دون الدخول في التفاصيل التي قد تبعد حوارنا عن هدفه حرصا على عمل التيار ومستقبلة .
أن نشاط اي شخصية وطنية او حزب من الأحزاب المكونة للتيار , نشاط يعزز عمل التيار الديمقراطي ومجمل الحركة الوطني ولكنه لن يكون بديلا عنها …….
سنبقى متمسكين بمنهج التيار الديمقراطي ونعمل على ان يكون البديل الحقيقي لمناهج كل القوى الطائفية والقومية المتطرفة …..
شكرا لأصغائكم … شكرا لمشاركتكم … شكرا لحظوركم .
اربيل 28-5-2015