6
في وداع 2008 واستقبال 2009 ، الوطني الاشوري..
ثبات في الواقعية.. والمصداقية مع الشعب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فاروق كيوركيس
(( عندما تأتيك الضربات من الخلف.. فمعنى ذلك انك في الامام ))
وأنا أودع العام 2008 وأستقبل العام 2009، قمت بجهد متواضع وبسيط عبرت من خلاله عن مواقف الحزب المبدئية والثابتة من مجمل القضايا التي تهم شعبنا والمطروحة على ساحة العمل القومي والوطني وغيرها من الامور التي تتعلق بمسيرته، وذلك من موقع ومسافة اقرب الى الحزب مما كنت عليه في السنوات الماضية،وكما شعرت بها واستوعبتها، وقد توخيت الدقة والامانة في كتابتها، وقد ذكرتها على شكل نقاط منفصلة لتسهيل نقل الفكرة للقراء الاعزاء.
ــ التنظيم الداخلي والعلاقات الحزبية
ان الحزب الوطني الاشوري يؤمن ايمانا مطلقا ان الامة فوق كل اعتبار، وان الحزب ما هو الا جسر لعبور الامة الى شاطئ الامان، وابتعد وبل رفض كل طرح يحاول حشر الامة وحصرها من اجل تمريرها من البوابات الحزبية الضيقة، ووقف بالضد من سلوك بعض الاحزاب وبالضد من ممارساتها التي كانت تهدف الى اختزال الامة في تنظيم واحد وضد محاولات الغاء واقصاء هذا التنظيم وذاك بغية الانفراد بساحة العمل القومي، واكد الحزب على ان التعددية واحترام الرأي الاخر هو الطريق السليم للعمل السياسي.
وعلى هذا الاساس حرص الحزب على نوعية منتسبيه وبذل جهودا كبيرة من اجل تثقيفهم بالثقافة القومية المقترنة بالاستيعاب الكامل لواقع شعبنا بالاضافة الى رفدهم بالمعلومات والبيانات الصحيحة واطلاعهم على الدستور والقوانين الاخرى المتعلقة بمسيرة شعبنا، وقد سادت العلاقات الحزبية روح قومية واخوية صادقة بعيدا عن مبدأ الرئيس والمرؤوس وما يرافق ذلك من حواجز بيروقراطية، مما جعل اعضاء الحزب يشعرون انهم اسرة واحدة وابناء البيت الواحد، وابتعد عن اساليب الكسب الرخيص رافضا ان يكون بنيانه مجرد هياكل من المرتزقة، ليستحق وبأعتراف الجميع لقب حزب المثقفين او حزب النخبة المثقفة فكان ذلك شرفا كبيرا للحزب بجميع اعضائه ومتنسبيه.
كما ان الحزب آمن وما زال يؤمن ان النضال والعمل الحزبي انما هو بمثابة الماراثون الذي يحتاج الى جهد كبير وتحمل وصبر وايمان للوصول الى خط النهاية، فهناك من يتعب ويكل في بداية الطريق والبعض في وسط الطريق واخرون يسقطون هنا وهناك، ولا يبلغ النهاية الا النخبة المثابرة الطموحة الوثابة الى بلوغ المنتهى ، وقدر الحزب تقديرا عاليا الظروف الصعبة التي مر بها بعض الاخوة بسبب ظروفهم العائلية او لظروفهم الصحية من الذين طلبوا الابتعاد عن العمل الحزبي، بالاضافة الى الذين رغبوا بالاستقالة، وكذلك اؤلئك الذين انتقلوا الى احزاب اخرى، ان كل هؤلاء كان الحزب ولا يزال ينظر اليهم كأخوة واصدقاء وابناء امة واحدة واحتفظ معهم بعلاقات جيدة، وبموازاة ذلك فان الحزب ثمن و يثمن عاليا جهود الذين سهروا الليالي وبذلوا جهودا مضنية في سبيل الارتقاء بالحزب ليكون مؤهلا وعلى الدوام لخدمة قضايا شعبنا وامتنا.
ــ العلاقة مع الاحزاب القومية
لقد حرص الحزب الوطني الاشوري على اقامةعلاقات جيدة ومتميزة وطبيعية مع كافة احزابنا القومية مبنية على اسس ثابتة وراسخة تمليها الروابط القومية ووحدة الانتماء ووحدة التطلعات والاهداف،ولقد وقف الحزب على نفس المسافة من هذه الاحزاب في بدايات تاسيسها، وكان امرا طبيعيا ان تتغير تلك المسافة بحسب مواقف تلك الاحزاب من قضية الحقوق القومية لشعبنا، وكذلك حرص الحزب على تنسيق العمل القومي الوحدوي والوحدة بصورة عامة وبما يفضي الى تكوين جبهة سياسية موحدة وما يتفرع عنها او أي ألية عمل اخرى تتناسب وحجم ما يتطلع اليه شعبنا من اهداف طموحة ومشروعة، وعبر الحزب عن حرصه هذا من خلال دعواته وطروحاته ومن خلال مشاركته في كل الاجتماعات والمؤتمرات التي كانت تهدف الى لم شمل العمل القومي في الوطن والمهاجر، وبذل الحزب جهودا كبيرة ومتميزة من اجل انجاح تلك المحافل.
يضاف الى ذلك فان الحزب أكد وما يزال على ان التنسيق القومي والعمل الوحدوي لا يعني بأي حال من الاحوال انصهار الاحزاب في بعضها البعض او ان يصبح هذا الحزب نسخة طبق الاصل من الحزب الاخر، بقدر ما ان ذلك انما هو ألية عملية وواقعية للعمل المشترك تتجسد قوتها وزخمها من خلال التفاعل الايجابي للاراء المختلفة المطروحة ضمن اطار من الديمقراطية والشفافية والصراحة وصدق النوايا، ونبذ الحزب كل اساليب التحالفات الانية والانتهازية المرتبطة بالمصالح النفعية الضيقة، وكذلك رفض الحزب التعامل مع الاحزاب على اساس مبدأ احزاب كبيرة واخرى صغيرة الذي مارسته بعض الاحزاب.
وجسد الحزب ذلك من خلال لجنة تنسيق العمل القومي ومن خلال العمل مع المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري، وهنا لا بد ان أشير الى ان هناك الكثير من العمل بانتظار هذه التحالفات.
الا ان ما يؤسف عليه ان مواقف الحزب المبدئية هذه كانت السبب الرئيس لقيام بعض الاحزاب بتأزيم العلاقات الحزبية وقيامها بحملات اعلامية مضادة متهمة اياه بشتى التهم ليس بسبب وجود خلافات عقائدية او ايدولوجية بقدر ما كانت خلافات بسبب المواقف المبدئية للحزب من مجمل القضايا القومية المطروحة، فالحزب الوطني الاشوري رفض ويرفض رفضا قاطعا التعامل مع انصاف الحقائق والمعلومات الغير دقيقة التي كانت بعض احزابنا تحاول استغلالها وترويجها لغرض مكاسب ومصالح آنية وكان يصر على التعامل مع الوقائع و الحقائق كما هي ورفض تسويق الاوهام لشعبنا، كما ان الحزب وقف بالضد من أساليب ابتزاز واستغلال عواطف أبناء شعبنا في المهجر،وللحقيقة أقول ان تلك الاحزاب قد جرت نفسها للوقوع في مطبات كثيرة بسبب الترويج والتهريج الاعلامي في المهاجر لانجازات ولمشاريع وهمية لم يكن لها وجود على الارض بغية ابتزاز الاموال والعواطف، وعليه وعندما كانت كوادر الوطني الاشوري تجيب على استفسارات ابناء شعبنا بصدق وصراحة عما هو واقع فعلا على الارض، كانت تثير ثائرة تلك الاحزاب مقرونة بالويل والثبور وكيل التهم بالخيانه وبيع قضية الامة، وهكذا كان الحال مع العديد من الملفات التي تهم شعبنا .. كعدد السكان والتعليم السرياني والتجاوزات وتبرعات ابناء شعبنا في المهاجر وعملية الانتخابات ومجلس النواب وتعيين الوزراء من ابناء شعبنا والتحالفات مع القوى الوطنية العراقية وحقوقنا القومية وغيرها، كل هذه الملفات والقضايا، كانت بعض الاحزاب تتخذ مواقفها منها من منظار المكاسب والمصالح الشخصية، في وقت كان ولا يزال الحزب الوطني الاشوري يتعامل معها وينظر اليها على ضوء واقعنا وامكانياتنا وقدرتنا على التأثير وتحذيره من عواقب غياب آليات تنسيق العمل القومي وخصوصا بعد سقوط النظام ، وعلى هذا الاساس تم افتعال واختلاق الازمات والخلافات مع حزبنا، وفي نفس الوقت عارض الحزب اساليب بعض الاحزاب التي كانت تشارك في الاجتماعات والمؤتمرات القومية بأجندات وبشروط مسبقة مما فوت فرصة الخروج بمقررات تخدم قضية شعبنا وامتنا، وفي احسن الاحوال وعندما كان يتم الاتفاق على بعض المقررات فانه بمجرد انتهاء المؤتمرات كانت المقررات تصبح في خبر كان.( وللتأكيد على ما ذكرته اشير الى موقف الحزب الوطني الاشوري من الكوتا لانتخابات مجالس المحافظات الذي يرفض تمثيلنا كأقلية دينية مسيحية رفضا قاطعا، ففي الوقت الذي نجد بعض احزابنا تعترض فقط على تقليص الكوتا من ثلاثة مقاعد الى مقعد واحد، نجد ان الحزب يصر على ان الكوتا يجب ان تكون على اساس الهوية القومية لشعبنا وليس الدينية وان مسألة زيادة عدد المقاعد يمكن وضعها ضمن جدول المطالب وسعينا لتعديل الدستور والقوانين الاخرى )، ان هذا مجرد مثال واحد من ملفات كثيرة ، يقابل الرأي الصائب للحزب منها بأساليب أساءت وتسيء الى مسيرة العمل القومي.
ــ العلاقة مع القوى و الاحزاب الوطنية العراقية
على الرغم من الاساليب التي استخدمتها القوى الاستعمارية قديما لزرع العداء بين القوميات المختلفة في العراق، يضاف اليها ممارسات النظام السابق لزرع الفتنة والفرقة بين ابناء الشعب العراقي الواحد، وعلى الرغم من وقوع اخطاء وارتكاب جرائم بحق كل مكونات الشعب العراقي وقومياته، فأن الحزب مؤمن ببناء عراق ديمقراطي حر وموحد، وأكد على عدم بقاءنا أسرى لعقد وآثار الماضي وانما علينا التطلع لبناء المستقبل، لهذا أولى الحزب اهتماما كبيرا للعلاقات مع الاحزاب والقوى الوطنية العراقية كافة باعتبار ان شعبنا نسيج من المكون العراقي وبالتالي فأننا عراقيون أولا واخيرا مثلما ان العرب والكورد والتركمان والصابئة والارمن والايزيديين هم عراقيون ايضا، مع افتخارنا بخصوصيتنا كشعب اصيل واقدم هذه الشعوب، وعليه فان بناء العلاقات مع تلك الاحزاب والقوى أملتها نظرة استراتيجية نابعة من مما افرزته تراكمات السنين الماضية وما افرزته الاحداث بعد سقوط النظام السابق، وعليه فان الحزب أخذ بنظر الاعتبار العلاقات النضالية الوثيقة للعقود الماضية بين حركة التحرر لشعبنا وحركة التحرر للاخوة الكورد والتي توجت بالظهور العلني لاحزابنا في المنطقة الامنة التي قررتها وحددتها قوات التحالف بعد حرب الكويت في بداية التسعينات من القرن الماضي ومن بينها الحركة الديمقراطية الاشورية (التي كانت ضمن الجبهة الكردستانية) وحزب بيت نهرين الديمقراطي والوطني الاشوري، وما رافقها من مكاسب لمسيرة العمل القومي لشعبنا.
وبعد سقوط النظام السابق ظهرت على الساحة العراقية احزاب دينية اسلامية متطرفة شيعية وسنية مسنودة بالميليشيات الطائفية والتي كان من نتائجها عمليات ارهابية منظمة ضد شعبنا في بغداد والبصرة والموصل وكركوك وما رافقها من تفجير للكنائس وتهجير ابناء شعبنا واجبارهم على اعتناق الاسلام والتحجب وغيرها، وبالمقابل فان الاحزاب الكوردية الرئيسية أظهرت نوعا من العلمانية مبتعدة عن التطرف الاسلامي وقد اقترن ذلك بأشاعة مبادىء الاخوة والمحبة واحترام القوميات والاديان، وعليه لجأت اعداد كبيرة من ابناء شعبنا التي طالها الارهاب الى اقليم كردستان وان اعداد اخرى عادت الى قراها واراضيها، وبالاضافة الى ذلك فان الحزب من ادراكه لكون اغلب قرانا ومناطقنا تقع ضمن الاقليم فقد اختار او رأى ان التحالف مع القوى والاحزاب الكوردية سوف يخدم مسيرة وتطلعات شعبنا نحو تحقيق اهدافه المشروعة خصوصا وان هذه القوى تساند تلك التطلعات، وقد نتج عن هذا التحالف الذي تشترك فيه أغلب قوى واحزاب شعبنا حملة اعمار وبناء لقرانا وعودة اهلها اليها ولاول مرة في تاريخنا تلك القرى التي لم نكن نسمع عنها سوى اخبار الحرق والتدمير وقتل وتهجير ابنائها، وبالاضافة الى ذلك فان الحزب يتمتع بعلاقات طيبة مع القوى والاحزاب الوطنية العراقية الاخرى وخاصة العلمانية منها وعلى ضوء موقفها من مسالة الحقوق القومية لشعبنا.
ــ التسمية
في الوقت الذي كان مرجوا ومطلوبا من كافة فعاليات شعبنا المختلفة كأحزاب سياسية ومؤسسات ثقافية واجتماعية و كنائسية ان ينصب اهتمامها بمسالة حقوقنا القومية بعد التغيير الذي حصل بعد سقوط النظام، الا ان الحزب وجد ان الكثير من تلك الاحزاب والمؤسسات قد غرقت في مناقشات عقيمة لتحديد تسمية شعبنا، ونظرا للادراك العميق للحزب بخطورة المرحلة وضيق الوقت وبغية تفويت الفرصة على اولئك الذين يحلمون بالتجزئة والتفرقة على اسس عشائرية من اجل مصالح شخصية وفئوية ضيقة وكذلك من اجل تفويت الفرصة على بعض القوى التي ترغب بالتعامل مع شعبنا على اساس اقليات دينية وطائفية، فقد اتخذ الحزب موقفا واضحا وسليما تمثل بالمطالبة بتسميتنا ودخول الدستور بتسمية شاملة ( كلداني سرياني اشوري) بدون واو وبدون فواصل كمخرج توافقي لغرض احتسابنا كشعب واحد لتجنيب ما قد يصيبنا من ضعف وتمزق في حالة تقسيمنا الى طوائف ومذاهب، واكد الحزب ان ذلك لا يعني بأي حال من الاحوال استحداث اسم جديد لامتنا او ابتكار تسمية جديدة بقدر ما هو حل واقعي للمرحلة، ولكن وللاسف الشديد مارست بعض الاحزاب دورا انتهازيا لغايات الكسب الرخيص واقامت تحالفات مريبة تم حشر بعض كنائسنا فيها واظهارها على اساس انها مرجعية دينية، فكانت النتيجة تقسيم شعبنا الى شعبين وقوميتين، ان الحزب الوطني الاشوري في الوقت الذي عبر مرارا عن اعتزازه بهذه التسميات التي تعبر كل واحدة منها عن التسميات الاخرى، فأنه واثق من ان تطور شعبنا ونمو وعيه القومي والثقافي وبجهود المخلصين سيكون كفيلا بتجاوز هذه الاشكالية مستقبلا.
ــ الحزب والكنيسة
أن الحزب يؤمن ايمانا تاما بضرورة فصل الكنيسة عن الاحزاب السياسية بسبب الفرق الشاسع بين الاهداف التي يسعى لها كل طرف، وان الحزب ينظر بالتقدير والاجلال للدور الكبير والتاريخي الذي لعبته الكنيسة من اجل الحفاظ على شعبنا ولغتنا وهويتنا القومية على مر الدهور، اما اليوم وبفضل الوعي الثقافي والقومي لابناء شعبنا فان هناك العديد من الاحزاب السياسية والمؤسسات الاخرى التي يمكنها ان تقود شعبنا وامتنا، مع التاكيد على ان الحزب لا يعترض على قيام الكنيسة بواجباتها من اجل حماية رعيتها كلما وجدت ان ذلك ضروريا لان الحزب يؤمن ان للكنيسة وسائلها الخاصة لخدمة هذا الهدف، وكذلك فان الحزب ينظر الى جميع كنائس بيت نهرين نظرة احترام وتقدير وعلى اساس انها جميعا كنائسنا، وكذلك ينظر الى جميع الاباء والرؤساء والكهنة نظرة تقدير واحترام، مع الاعتراف بوجود بعض الخصوصيات هنا وهناك أملتها اتساع الرقعة الجغرافية التي يقطنها شعبنا واختلاف اللهجات مع التنوع الثقافي والتراثي،وقد أكد الحزب باستمرار على تقديره للجهود التي يبذلها الاباء ورؤساء تلك الكنائس من اجل الوحدة الكنسية المنشودة، وتثمينه للجهود التي تبذلها الكنائس من اجل تعليم لغتنا والتعليم المسيحي والتراتيل.
كما ان الحزب يعارض بشدة التدخل في شؤون الكنيسة عند حصول بعض الخلافات أو الاختلافات في وجهات النظر وقد عبر الحزب عن ثقته المطلقة بقدرة الكنيسة على حل تلك الخلافات، كما ان الحزب عارض بشدة محاولات البعض من احزابنا لحشر الكنائس في العمل السياسي واشراكها في المؤتمرات كمجرد واجهات اعلامية يراد بها اضفاء الشرعية على تلك المؤتمرات بسبب فقدان المصداقية بين تلك الاحزاب والشعب.
ــ الهجرة والمهجرين
لقد عبر الحزب عن قلقه البالغ والعميق من عمليات هجرة شعبنا من مواطنه التاريخية في العراق وايران وتركيا وسوريا وغيرها واعتبر ذلك بمثابة النزيف في جسد الامة والذي يهدد وجودنا التاريخي على ارض الاباء والاجداد وذلك بسبب المذابح والمجازر التي تعرض لها شعبنا وبسبب الحروب الداخية والخارجية في العقود الماضية بالاضافة الى محاولات الانظمة السابقة لطمس هويتنا القومية وما رافقها من عمليات التهجير القسري والابادة الجماعية، واخيرا العمليات الارهابية وتفجير الكنائس والصراعات الطائفية بعد سقوط النظام ، وان الحزب في الوقت الذي لم يقف بالضد من رغبة ابناء شعبنا نحو الهجرة من الذين ضاقت بهم الحيل والذين تعرضو ا للقتل والارهاب وكذلك الذين شعروا انهم اغراب في وطنهم.. وعلى الرغم من ان هجرة شعبنا من مواطنه قد بدأت منذ اكثر من قرن من الزمان وان ابناء شعبنا في المهاجر قد تناثروا هنا وهناك في اصقاع الدنيا وهناك اجيال اختفت وانصهرت، وعلى الرغم من ذلك فان هناك المئات من الالاف ما زالت باقية في مواطنها، ولم تنفع كل المحاولات الرامية لقلع شعبنا من جذوره التاريخية، فأن الحزب ليحدوه الامل من قدرة شعبنا على النهوض مجددا في وطنه بيث نهرين ارض الاباء والاجداد، خصوصا بعد التغير الذي حصل بعد سقوط النظام وتطلع شعبنا لنيل الحكم الذاتي.
ان الحزب ينظر الى عملية بناء واعمار القرى والقصبات وعودة ابنائها اليها على انها منعطف تاريخي وانجاز كبير يسجل لصالح تطلعات شعبنا وانه يدعم بقوة هذه العملية التي تعتبر الاولى من نوعها في تاريخ شعبنا المعاصر،غير ان الحزب يؤكد على ضرورة دعم هذه العملية من قبل شعبنا في المهاجر بكل اشكال الدعم الاقتصادي والمادي والمعنوي من خلال الاستثمار واقامة المشاريع الزراعية والصناعية وبما يؤدي الى ازدهارها وارتباط الانسان بارضه.
والحزب ومن منطلق ابتعاده عن المزايدات اللفظية في الوطنية، فانه لم يقف بالضد من رغبة أو اضطرار ابناء شعبنا للهجرة من الذين ضاقت بهم الحيل والذين تعرضوا لظروف صعبة وقاسية او من الذين تعرضوا للقتل والارهاب والاضطهاد.. فبالنسبة لابناء شعبنا الذين تركوا العراق الى سوريا عام1933 فان الحزب اكد ومنذ مشاركته في اجتماعات المعارضة الوطنية العراقية قبل سقوط النظام على حقهم بالعودة الى الوطن، وهذا هو موقفه من كل الذين هاجروا من الوطن، وبالنسبة لابناء شعبنا الذين ما زالوا في دول الجوار مثل سوريا والاردن فان الحزب يعتبر مشكلتهم مشكلة دولية لايمكن حلها بجهود حزب او مؤسسة او حتى دولة مالم تتظافر جهود دولية واقليمية لحلها، لذلك فان تنظيمات الحزب في المهجر تبذل جهودا كبيرة من اجل ايجاد الحلول المناسبة لهم.
أما بالنسبة للنازحين الى اقليم كردستان والى بلدات وقصبات سهل نينوى من الذين تعرضوا للعمليات الارهابية، فان الحزب رفض اعتبار هؤلاء كغرباء بل هم مواطنون كبقية اخوانهم وبذل الحزب جهودا كبيرة من اجل تذليل العقبات وتأمين المأوى بالتعاون مع مؤسسات واحزاب شعبنا الاخرى في الاقليم والمنطقة.
ــ جمعيات ومؤسسات شعبنا
لقد آمن الحزب بالدور المهم والكبير الذي يمكن ان تضطلع به الاندية والجمعيات الثقافية والاجتماعية والاعلامية والرياضية وغيرها من المؤسسات في تطوير مجتمعنا وزيادة مستواه ووعيه القومي، وذلك من خلال فعالياتها ونشاطاتها المختلفة من اجل تحقيق الاهداف التي تشكلت او اسست من اجلها، وهكذا فان الحزب ومنذ تاسيسه كان ينظر اليها بتقدير واحترام مؤمنا ان الاحزاب السياسية لوحدها لا يمكن لها ان تحمل على اكتافها حمل الامة باكمله وانه لا بد من ان يكون لشعبنا مثل هذه الاندية والجمعيات والمؤسسات التي اشرنا اليها، وعلى هذا الاساس وبسبب حرص الحزب على دور تلك المؤسسات اصطدم بمواقف بعض الاحزاب التي حاولت تحزيبها وتحريفها عن اهدافها وجعلها مجرد واجهات لخدمة اغراضها الحزبية، وفي الوقت الذي طالب الحزب باستقلالية تلك المؤسسات والاندية واطلاق سراحها نجد ان بعض احزابنا تعاملت مع تلك المؤسسات والاندية على ضوء تأييدها وتبعيتها لها، فكان من نتيجة ذلك ظهور اندية ومؤسسات ذيلية فقدت كل مقومات شخصيتها واستقلاليتها ، وبالمقابل رفضت اندية وجمعيات ومؤسسات اخرى الخنوع والتبعية فتمت مقاطعتها وتحريمها من قبل تلك الاحزاب مع وصفات دسمة بمفردات الخيانة وغيرها، وقد انسحب ذلك على المؤسسة الكنسية ايضا التي لم تسلم من المعايير اعلاه، وبأختصار فانه امر طبيعي ان نجد ضمن اعضاء هذه المؤسسات والجمعيات اعداد كبيرة من ابناء شعبنا المنتمين الى احزاب وتيارات سياسية مختلفة، الا انه يتوجب عدم استغلالها لخدمة اغراض هذا الحزب وذاك والابقاء عليها ضمن ما نصت عليه انظمتها الداخلية، مع تأكيد الحزب على ضرورة التنسيق ما بين الاحزاب السياسية وهذه المؤسسات وبما يخدم مصلحة الشعب.
ــ الكتاب والمثقفون
الحزب وادراكا منه من ان مسيرته النضالية لا بد وان تعتريها العديد من الاخطاء والسلبيات،وايمانا منه بأن تشخيص تلك الاخطاء والسلبيات سيكون كفيلا بتقويم تلك المسيرة، وعلى هذا الاساس كان اعتماد الحزب على عملية النقد والنقد الذاتي من الامور المبدئية الثابتة، وبالرغم من ممارسة النقد داخل الحزب ومن كوادره المختلفة واعتباره ذلك من الممارسات او الواجبات التي يتحتم على كوادره القيام بها، الا انه أولى اهتماما خاصا وكبيرا بالنقاد والكتاب والمثقفين من مختلف شرائح شعبنا ودعاهم لرفد مسيرته بالنقد المستمر وتنبيهه الى السلبيات والاخطاء ، مؤكدا على ان يكون النقد بناءا وضمن أطر صحيحة تقوم على الاحترام المتبادل والرغبة الصادقة في النقد من أجل تقويم المسيرة
بعيدا عن التشهير والتجريح والتسقيط والتراشق الاعلامي ، وفي نفس الوقت فان الحزب يعي تماما مسألة ان تضم احزابنا بين تنظيماتها نخبة من المثقفين والكتاب، وهؤلاء لهم الحق في الدعوة والدفاع عن أفكار وطروحات ومشاريع احزابهم معلنين لشعبنا بوضوح انتماءاتهم الحزبية تلك، الا اننا نختلف مع اسلوب البعض من الكتاب والنقاد واشباه المثقفين من الذين يعلنون الاستقلالية والحياد تجاه التنظيمات والفصائل السياسية بينما هم في الحقيقة منحازين لبعض الاحزاب ويدافعون عنها باستمرار، أما بسبب انتمائهم اليها واخفائهم لهذا الانتماء،أو بسبب ممارستهم لمهنة الارتزاق بهدف الكسب من وراء مقالات مدفوعة الاجر، فاصبحوا بذلك أبواقا تمارس ادوارا تخريبية وانتهازية، تمارس الكتابة تحت اسمائها تارة وتحت اسماء مستعارة تارة اخرى.
لقد احتفظ الحزب الوطني الاشوري بعلاقات جيدة مع أغلب الكتاب والمثقفين والنقاد الذين حافظوا على شرف المهنة والذين وقفوا على نفس المسافة من التنظيمات السياسية، وثمن مساهماتهم في رفد مسيرة العمل القومي بالنقد والتحليل وكل ما من شأنه خدمة قضايا شعبنا من منطلق حرصهم على مستقبل الامة، وبالمقابل فان الحزب رفض ويرفض ظاهرة تأجير الابواق التي يمارسها البعض من اجل التطبيل والتزمير بهدف التسويق والترويج الاعلامي الذي ينتهي في نهاية المطاف بأنتاج البطل الملهم والقائد الضرورة والسياسي المحنك وغيرها، وفي النهاية فأن الحزب يؤمن ايمانا مطلقا بقدرة جماهير شعبنا على التمييز وكشف الحقائق.
ــ وسائل الاعلام
ان موقف الحزب من وسائل الاعلام المختلفة واضح جدا، وخصوصا بعد الطفرة النوعية في قدرة الاعلام على الوصول الى ابعد نقطة في العالم بسبب التقدم والتطور التكنولوجي
وامتلاك شعبنا لعدد من الفضائيات واستخدام ابناء شعبنا لشبكة الانترنيت بشكل واسع، وهكذا فأن الحزب مع استخدام واستغلال هذا التطور الاعلامي لصالح دعم قضايا شعبنا المصيرية المتعلقة بتطلعاته نحو تحقيق اهدافه القومية وخلق حالة من الترابط والتواصل بين كافة ابناء شعبنا في ارجاء المعمورة ومع ابناء شعبنا في الوطن، ولقد تمكنت بعض وسائل اعلام شعبنا وبعض فضائياتنا من اداء ذلك مع الامال بالتطور نحو الافضل.
كما ان الحزب يؤكد على قدرة وسائل الاعلام فيما اذا مارست دورها بصورة صحيحة من وضع سياسيينا وقادة الاحزاب ومختلف ابناء شعبنا الذين يحتلون مواقع ومسؤوليات مختلفة امام الامر الواقع من خلال استضافتهم واقامة اللقاءات والندوات الحوارية معهم باستمرار لتكون تلك اللقاءات او الندوات بمثابة فرص حقيقية للمكاشفة او ( لاستجوابهم) ان صح التعبير او لمراجعةالمراحل الماضية ووضعهم امام وعودهم وتصريحاتهم ومقارنتها بالمتحقق فعلا، وعلى الاقل ان تتمكن من اشعار هؤلاء المسؤولين بألاخطاء والسلبيات بكل صراحة وشفافية امام مرئى ومسمع ابناء الشعب.
وفي نفس الوقت فأن الحزب ضد فكرة قيام بعض الاحزاب والمؤسسات بهدر الاموال الطائلة من اجل شراء فضائيات تروج لاحزابهم ومشاريعهم النفعية الضيقة بالضد من ارادة الشعب والامة.
ــ الادارة المحلية والحكم الذاتي والاقليم
ربما يكون الحزب قد عبر عن مواقفه من هذه المسألة في الكثير من المناسبات والندوات واللقاءات، بحيث اصبحت واضحة للجميع، ولكني وبهذه المناسبة اردت ان اتناولها باختصار لانني تطرقت الى العديد من النقاط وعليه وبغية اتمام الموضوع سأمر عليها باقتضاب.
لقد اكد الحزب ان الادارة المحلية والمادة 125 من الدستور لا تعبر بأي شكل من الاشكال عن حقوقنا القومية كأمة بقدر كونها مجرد حقوق يمكن ادراجها ضمن مسألة حقوق الانسان التي يرى الحزب ان تحقيقها ونيلها سيكون تحصيل حاصل مع التطور الحاصل في مسيرة بناء العراق الحر والديمقراطي، وذلك يعتبره الحزب من مسؤولية كل مكونات الشعب العراقي، وابسط دليل على ذلك ان المادة 125 والادارة المحلية لم تستطع ان تمنع التعامل مع شعبنا على اساس طائفة واقلية دينية مثلما لم تستطع من منع التلاعب بحق شعبنا بالتمثيل، ذلك ان الادارة المحلية والمادة اعلاه ليست لها أية قوة قانونية ودستورية لحماية شعبنا، ناهيك عن كونها تنازلا مجحفا بحقوقنا القومية وتنكرا مشينا لدماء شهدائنا الابرار.
ان الحزب مدرك تماما من كون امتنا وشعبنا لها الحق كباقي مكونات الشعب العراقي من عرب وكورد، الا ان ما تعرض له شعبنا طيلة العقود الماضية من مذابح وتهجير وهجرة من مواطنه التاريخية جعلت امكانياته وثقله في عملية التاثير على الاحداث وعلى الخارطة السياسية في العراق محدودة، وهكذا وبعد التغيير الذي حصل في العراق بعد سقوط النظام
كان لابد لشعبنا ان يناضل في سبيل حقوقه القومية التي تتناسب وظروف وواقع المرحلة التي فرضتها الهجرة الجماعية بسبب تعرضه للعمليات الارهابية والتهجير وتناقص اعداده وما اصاب الخارطة الديموغرافية من تغيير بسبب ظروف العقود الماضية، الا ان الدعم والاسناد من بعض القوى الوطنية العراقية والتي رافقتها حملة اعمار لقرانا وقصباتنا والتي لم يشهدها تاريخنا المعاصر جعلت من المطالبة بالحكم الذاتي عنوانا للمرحلة الحالية، لان شعبنا ومن خلال الحكم الذاتي هذا وبما سيضمنه من حقوق قومية وتشريعات قانونية ودستورية سيتيح لشعبنا من ادارة شؤونه الذاتية وسن القوانين الكفيلة بحماية هويته القومية ولغته وتاريخه في مواطنه وعلى ارضه بالاضافة الى ادارة شؤونه الاقتصادية والتعليمة وبما سيعيد الثقة الى ابناء شعبنا الباقين في الوطن للتوجه لبناء مستقبلهم بعيدا عن التفكير بالهجرة وترك الوطن، وان الحزب واثق من ان شعبنا سوف يتمكن من بناء نموذج اقتصادي وعمراني وثقافي سوف يؤهله لبناء الاسس الكفيلة بتحقيق طموحاته المستقبلية.
وهنا لا بد ان اشير ان الحزب لا يعترض او لا يقف بالضد من أي فكرة لآي حزب او تنظيم يرفع شعارات للمطالبة بسقوف اعلى من الحقوق كالمطالبة بالفيدرالية او المطالبة باقليم، بقدر تحفظه على الاليات المطروحة التي يراها الحزب غير واقعية بالنظر الى امكانيات شعبنا الذاتية بالاضافة الى الفروقات في التفكير والنظرة الى الامور ما بين الوطن والمهاجر.
ــ الخاتمة
ان ما كتبته في الحقيقة، انما يمثل تعبيرا عن مواقف الحزب المبدئية من القضايا التي اشرت اليها، كما فهمتها ولمستها و شعرت بها وكما استوعبتها من خلال التعامل والتفاعل اليومي مع الاخوة الرفاق في القيادة والفروع في الوطن عند مناقشتنا لتلك القضايا بصدق وصراحة ووضوح، مع الاشارة الا ان ذلك لا يعني بأي حال من الاحوال ان مسيرة الحزب خالية من الاخطاء والسلبيات.
وكل عام وانتم بخير
فاروق كيوركيس
Gorguis_farouk@hotmail.com