1
أخبار شعبنا / الامكانات المتوفرة لتطبيق الحكم الذاتي لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري
« في: 23:06 08/12/2009 »
كمساهمة من المنبر الديمقراطي الكلداني في المؤتمر الشعبي الثاني ، قدمتُ دراسة حول امكانية تطبيق الحكم الذاتي لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري ، ونتيجة لتداعيات التراجع الذي حصل عند ادارة المجلس الشعبي واخلالهم باساسيات العمل القومي المشترك ، اجبرنا نحن في المنبر كما اخوتنا في لجنة التنسيق على عدم المساهمة في اعمال المؤتمر المذكور ، لذا يكون من الصواب ان نبين لشعبنا ونخبه المهتمة بالشأن القومي حقيقة دورنا ومدى تأثيرنا الحقيقي وذلك من خلال الافكار التي طرحناها ، وما دراساتنا وتوصياتنا وطروحاتنا الا دليلا ساطعا على صدقنا وحجمنا الحقيقي . وهذه الدراسة التي اقدمها لشعبنا كانت تندرج تحت احد محاور المؤتمر كما الدراسات الاخرى التي نشرناها ، لذا اتمنى من نخب شعبنا المهتمة بالشأن القومي أيلاء نتاجاتنا أهتمامهم .
الامكانات المتوفرة لتطبيق الحكم الذاتي لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري
ان اول طرح للحكم الذاتي كان مترافقا ومرتبطا بعلاقة مناطق ما مع دولة مستعمرة لهم حيث تم تحديد الحكم الذاتي في تلك الحالة على انه الصيغة القانونية لمفهوم سياسي يتضمن نوعا من الاستقلال الذاتي لتلك المناطق الخاضعة للاستعمار ، وبدأ تطبيق هذا المفهوم عندما قررت الدول المستعمِرة التخفيف من حدة سيطرتها على المناطق والاراضي العائدة لشعوب أخرى اي بتقليص السلطات المركزية نحو توزيعها وفق صلاحيات محددة لتلك الاقاليم اي لتحويل رابطة الاستعمار بينها وبين المستعمرات الى رابطة شراكة ، وذلك لكون المنطقة الخاضعة للاستعمار اصبحت تمتلك جدارة ومؤهلات سياسية واقتصادية لكي تستقل ذاتيا .
أن هذا المفهوم كغيره من المفاهيم الاخرى حدث له تطور كبير في المعنى والتطبيق ، ففي الدول التي ساهمت ظروفها التأريخية والاجتماعية والسياسية في وجود قوميات او جماعات متباينة في امور قد تكون ثقافية او دينية او لغوية ، قام مشرعوها بالتخفيف من الطابع الاستعماري لمفهوم الحكم الذاتي وذلك بتصويره كفكرة مستمدة من مبدأ حق تقرير المصير القومي ، ومن ثم تنظيمها في اطار قانوني ليكون اساسا لحل المسألة القومية ومشكلة عدم التكامل والتجانس مابين شعب دولة ما ، وظهرت تطبيقات عديدة على هذا الاساس كما في اسبانيا وايطاليا والصين وروسيا ، وكذلك في العراق ايضا تم تشريع هذا المفهوم في بداية سبعينيات القرن الماضي لتطبيقه في منطقة كوردستان ، ويطلق عليه باللغة الانكليزية( self autonomy )وباللغة الفرنسية autonomie interne)) ، وبذلك اصبح نظاما خاصا تلجأ اليه السلطة السياسية في الدول التي لها مشاكل التعدد القومي والعرقي ، فهو نظام لايرقى للفدرالية ولايهبط الى مستوى اللامركزية الادارية ، فهو صيغة للحكم والادارة معا .
في حقيقة الامر هنالك ثلاث تطبيقات في مفهوم اللامركزية كنظام حكم متطور بعد ان هجرت دول عدة النظام المركزي المقيت وتعمل على هجره دول أخرى ايضا ، ونحن في العراق تتفق غالبية الاصوات على تفضيل النظام اللامركزي ، فالنظام اللامركزي يتشكل عمليا من ثلاث تطبيقات ادناها هو نظام الادارة المحلية او يسمى ايضا بالادارة الذاتية وهو نظام لامركزي اداري ليس لديه طابع سياسي وانما فقط عملية توزيع للصلاحيات الادارية لمناطق معينة قد تختلف ثقافيا او عرقيا عن بقية الشعب ، أو لاسباب جغرافية تكون السلطات التشريعية بيد المركز وتعطى لهذه المناطق سلطات محدودة في الادارة ، اي انها مجرد عملية تخفيف من عبء ادارة هذه المناطق عن المركز ، بينما هنالك تطبيق آخر للامركزية وهو الفدرالية حيث تعرّف على أنها اما أتحاد اقليمين لكل منهما صلاحيات واضحة لتكوين دولة اتحادية يشترك كلا الاقليمين في ادارتها وبذلك يكون لكل اقليم منهما سلطات مستقلة عن الاقليم الثاني لكن كلاهما يقودان دولة واحدة حسب مفهوم الشراكة ، او يتم اعطاء اقليم داخل دولة موحدة استقلالا ذاتيا ضمن حدود تلك الدولة يقوم ذلك الاقليم بالتمتع بسيادة داخلية على ارضه تشريعيا وتنفيذية ماعدا بعض الصلاحيات التي تعتبر ضمن شروط الدولة الفدرالية من صلاحيات المركز كالعلاقات الخارجية والدبلوماسية التي تمثل اسم الدولة ، وكذلك صلاحيات الامور الدفاعية والمالية التي ترسم السياسية الاقتصادية للدولة ، حيث لابد لذلك الاقليم ان يمتلك شروطا معينة من بينها حدود تأريخية واضحة ووجود تأريخي ايضا ، كما انه هنالك تطبيقا ثالثا للامركزية ما بين هذين التطبيقين وهو مفهوم الحكم الذاتي الذي هو تطبيق وسطي اعلى من اللامركزية الادارية وادنى من اللامركزية الفدرالية ، تعطى صلاحيات لمناطق ذات نطاق صغير تمتلك خصوصية قومية او اثنية او دينية للمحافظة على تلك الخصوصية من الاندثار ، تكون هذه الصلاحيات شبيهة بصلاحيات الفدرالية اي انها عبارة عن سلطات تشريعية وتنفيذية لكن ضمن نطاق جغرافي محدود ليس كما هو عليه كأقليم واسع النطاق بالنسبة للدولة التي تضمه ، حيث يعتبر الحكم الذاتي هو عبارة عن مناطق سياسية ذات مؤهلات لحكم ذاتي قد يكون محلي ذو نطاق صغير او يكون اقليمي واسع من الممكن له ان يتطور او يكون شبه اقليمي ما بين المحلي والاقليمي .
تجارب الحكم الذاتي والفدراليات
من اجل أن نؤسس لمفهوم جديد عند شعبنا الكلداني السرياني الاشوري ونعمل على تطبيقه ، لابد لنا اولا من أن نستفاد وندرس خبرات الشعوب الاخرى في هذا المجال ، وذلك لكون قضية الحكم الذاتي تندرج في سياق مطالبة فئات معينة قد تكون في الغالب الاعم قليلة العدد قياسا ببقية فئات المجتمع لدولة ما ، حيث أن غالبية قضايا الحكم الذاتي التي حدثت في التاريخ الحديث وفي بلدان عدة كانت متعلقة بالنتيجة التي آلت اليها عملية ضم مناطق متعددة من اجل تكوينٍ حديث لدولٍ جاء بعد انسحاب قوات أجنبية تعود لدولة أخرى كانت مسيطرة على تلك المناطق كنتيجة لفترات قديمة كان طابع الاستعمار القديم هو الطاغي عليها ، حيث انه بعد أنسحاب القوات الاجنبية تكونت دول غير متجانسة في التركيب السكاني من النواحي اللغوية والاثنية والثقافية والدينية ، مما ادى لاحقا الى ظهور مطالبات بالاستقلال الذاتي وتبني مطلب الحكم الذاتي لها من قبل فئات قليلة العدد ضُمّت بطريقة أعتباطية الى هذه الدول الحديثة التكوين ، ، أو قد نرى دول ما يبادر مشرعوها تلقائيا الى اعطاء منطقة ما ذات تميّز جغرافي او ثقافي او لغوي ، ذو نطاق محدود حكما ذاتيا قد يقل هنا او يزيد هناك حسب طبيعة الضروف الذاتية والموضوعية في ذلك البلد ، وقد نرى حالات من التطور ترافق التشريعات ، ففي الهند و ايطاليا مثلا تتحول من دول مركزية الى دول شبه فدرالية تنحو باتجاه توزيع السلطات التنفيذية والتشريعية نحو المقاطعات الادارية التي يتكون منها البلد وبالتالي نرى ظهور تطبيق مبدأ الحكم الذاتي عندهم ، وبذلك فأني أدرجت بعض التجارب والحالات لشعوب وجماعات كانت تمتلك نفس الاوضاع التي نعيش فيها والتي تحيط بنا طالبت بالحكم الذاتي او تمتعت به نتيجة لحصولها على ضمانات دستورية تؤيد وتساند هذا التطبيق الحضاري ، فدراسة هذه التجارب سيعطينا فائدة جمّة من اجل قيامنا نحن ايضا برفع الدعاوى والمطالبة في سبيل تمتعنا نحن ايضا بهذا الحق المشروع ، لكن في نفس الوقت تتطلب دراستنا هذه ان تكون معمقة آخذين بنظر الاعتبار جميع النقاط المميزة لنا من وضع ذاتي وموضوعي ، فعلى الرغم من تأكيدي على ضرورة دراسة هذه التجارب الا انني بنفس الوقت اؤكد على ضرورة تفهم واقع عموم البلد وخصوصياته التي قد تختلف بصورة او بأخرى عن واقع الدول الاخرى وخصوصا في ناحية المصطلحات التي قد تفهم خطأ في حالة التطبيق الحرفي لتجارب الاخرين.
ادناه نبذة مختصرة لالية تطبيق الحكم الذاتي في بعض البلدان التي تنص دساتيرها على حق الحكم الذاتي لجماعات مميّزة اثنيا او ثقافيا او لغويا او حتى دينيا او جغرافيا:
1. صيغة الحكم الذاتي في بلجيكا : تتضمن دولة بلجيكا ثلاث أقاليم رئيسية اقليمان مقسمان حسب التنوع اللغوي ، حيث أن الاختلافات في اللغة المستخدمة محليا في الارض البلجيكية هي اختلافات مميزة وبصورة واضحة ومنذ تأريخ بعيد ، فهنالك اقليم يتكلم سكانه اللغة الهولندية ويشكلون عنصر الفلامنغ ويسمى اقليمهم الفلاندرز، وأقليم يتكلم سكانه اللغة الفرنسية ويشكلون عنصر الوالس ويسمى اقليمهم باقليم والونيا، واقلية لا تتجاوز ال 1% من عموم السكان تتكلم الالمانية وهم يشكلون العنصر الالماني التي تم ضمهم الى بلجيكا بعد انهزام المانيا في الحرب العالمية الاولى وتقع منطقتهم داخل اراضي اقليم والونيا ، كما ان مدينة بروكسل العاصمة هي اقليم فدرالي لمدينة بروكسل فقط ، تجدر الاشارة الى كون متكلمي اللغتيين الهولندية والفرنسية يتكلمون بلغة تختلف عن هولندية دولة هولندا وكذلك عن فرنسية دولة فرنسا ، حيث هنالك خصوصيات لغوية نمت مع الوقت في لغتي شعب بلجيكا .
وبالنسبة لمنطقة الناطقين بالالمانية فهي جزء من اقليم الونيا ذو اللغة الفرنسية ولكن نتيجة لمطالباتهم المتعددة نالوا حكما ذاتيا ضمن اقليم الونيا ، حيث لهم جهاز تشريعي وآخر تنفيذي يمتلك صلاحيات محددة ، فلديهم رئيس للحكومة يساعده في أدارة شؤون المنطقة 3 وزراء ، حيث ان الحكومة الفيدرالية ( المركزية ) حسب الدستور البلجيكي مسؤولة عن السياسة الخارجية، الدعم التنموي، الاقتصاد ،الدفاع، الشرطة، الطاقة، المواصلات و الاتصالات، بينما تكون الحكومات الاقليمية مسؤولة عن اللغة، الثقافة و التعليم ، تجدر الاشارة هنا الى ان منطقة الناطقين باللغة الالمانية مجزءة الى قسمين كلاهما ضمن اقليم الونيا الفرنسي اللغة ، يبلغ عدد سكانها 70 الف نسمة فقط كانت لهم والى الان مطالبات لكي يصبحوا اقليما مستقلا ، ولكن في هذه الفترة فهم يشكلون منطقة حكم ذاتي تمارس صلاحيات معينة تساعدهم على الحفاظ على لغتهم وثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم ولديهم تمثيل عادل في المجلس التشريعي الثنائي الصيغة في المركز .
2. صيغة الحكم الذاتي في اسبانيا : تتكون اسبانيا من 17 منطقة حكم ذاتي ومدينتان ايضا نظام الحكم فيهما هو بصيغة الحكم الذاتي ايضا وكما هو منصوص عنه صراحة في دستور اسبانيا ، تقسمت هذه المناطق حسب اختلاف الثقافات واللغات ، حيث ان الحدود مابين هذه المقاطعات او المناطق لها جذور تاريخية ، فكل منطقة او مقاطعة لها برلمانها وماليتها وحكومتها التنفيذية كما انها تشترك بممثلين حسب حجمها السكاني في البرلمان الفدرالي ( المركزي ) ، هنالك قسم من هذه المناطق كالاندلس وكاتلونيا والباسيك ، يعتبرون ككيانات قومية مميزة ، كما ان هنالك ايضا مناطق مثل ارغون ، فالنسيا وجزر الكناري هم الاخريات يعتبرون ان لهم خصوصية تأريخية مميزة ، حقيقة هنالك بعض الفروقات في صلاحيات الحكم الذاتي من منطقة الى اخرى ، فالمناطق الواضحة التميّز في الظواهر القومية مثل كاتلونيا ، الاندلس ، الباسيك ونافارا ، تكون لهم امتيازات في الصلاحيات ، فمثلا في هذه المناطق المذكورة نصف قوة الشرطة تقريبا تحت أمرة الحكومة المحلية ، كما ان رئيس المقاطعة الذاتية له الحق في تحديد موعد الانتخابات ( على ان لاتتجاوز 4 سنوات ) ، أن الدستور الاسباني ينص على ان اسبانيا دولة موحدة غير مركبة ، لكنه في نفس الوقت يقر بوجود جماعات سياسية لها سلطة ذاتية يوضح الدستور معالمها على مناطقها التأريخية على ان لا تنفصل وتخرج عن حضن الدولة الاسبانية ، على الرغم من مطالبة اقليم الباسيك بالانفصال ، فكما اشرت اعلاه ، هنالك فروقات بين طبيعة شعب منطقة من منطقة اخرى ، فمنهم من تكون الفروقات والظواهر القومية مميزة جدا ولديها جذور تأريخية كبيرة في الاستقلال الذاتي مثل منطقة الباسيك ، فلذلك نرى ان لهم حجما اكبر وكذلك فأن مطاليبهم اوضح لا بل ينفردون بهذه المطاليب الى درجة الانفصال ، وكذلك هنالك حالة اخرى في منطقة سبتة التي تهتبر متواصلة مع تراب الدولة المغربية التي تطالب بها الى الان ولكن دولة اسبانيا متمسكة بها وفي عام 1995 قد منح الدستور الاسباني منطقة سبته حكما ذاتيا ايضا ، من أحد هذه المناطق ذات الحكم الذاتي هي منطقة استوريا ، التي تمتلك كما المناطق الاخرى في اسبانيا برلمانها وحكومتها التنفيذية ، سأتناول هذه المنطقة كمثال لتطبيق الحكم الذاتي ، فان هذه المنطقة لا تتجاوز مساحتها ال (10000) كم مربع وعدد سكانها مليون نسمة حسب آخر تقدير اي أن نسبة سكانها الى عموم سكان اسبانيا لايتجاوز ال2 % وكذلك نسبة مساحتها هي الاخرى بنفس القدر ، كما ان اللغة في هذه المنطقة من الناحية الرسمية هي الاسبانية ، على الرغم من تكلم الشعب لغتهم الاستورية ولكن يتبين من انها لا تمتلك القدرة لكي تكون لغة رسمية التداول ، ولكن الجهود مستمرة وحسب القوانين النافذة هناك على تطويرها ، كما ان في احد اجزاء هذه المنطقة هنالك من يتكلم لهجة مختلطة مابين اللغة الاستورية ولغة أخرى هي اللغة الغاليسية ، تسمى اللهجة الايونافية ، حيث ان الحكومة في هذه المنطقة تعمل على تغيير اسماء المحال والمناطق الى هاتين اللغتين المحليتين .
3. صيغة الحكم الذاتي في ايطاليا : تقسم ايطاليا الى عشرين اقليم ، تعتبر هذه الاقاليم اعلى مستوى اداري ، خمسة منها لها ضمانات دستورية لممارسة صيغة معينة من حكم ذاتي داخل اراضيها ضمن جمهورية ايطاليا الموحدة ، تجدر الاشارة هنا الى ان تسمية الاقاليم في لمقاطعات ايطاليا لا يشبه تسميتها عندنا في العراق ، بل قد تتشابه الى حد ما الى تسمية المحافظات حيث انها تأخذ دورها في تطبيق نظام لامركزي اداري ، ماعدا خمس منها فقط وهي ( سردينيا ، سيسيليا ، فريولي فينيتسيا جوليا ، ترينتينو ألتو أديجي ، فالي دا اوستا ) التي تمتلك صلاحيات الحكم الذاتي .
حقيقة ان هذه المقاطعات الخمس نالت هذه الصفة المتطورة من الصلاحيات بعد عام 2001 حيث حصلت تطورات في الدستور الايطالي لجانب الفدرالية ، حيث ان الدستور قد وضح من ان لكل اقليم قانون اساس يضاهي الدستور ينظم الواقع السياسي في ذلك الاقليم وشكل حكومته ومجلسها التشريعي ، كما ان هنالك ايضا تمايزات في الصلاحيات ما بين هذه الاقاليم الخمس ايضا ، فمثلا اقليم فريولي فينيتسيا جوليا له الحق بان يحتفظ ب60% من ضرائبه وفقط 40% يذهب الى المالية المركزية ، بينما سردينيا لها الحق بان تحتفظ ب 100% من ضرائبها ، لكن الغاية الاساسية لتشريع هكذا قانون هو للمحافظة على الطابع الثقافي الخاص لكل اقليم من هذه الاقاليم الخمسة ، ماعدا سيسيليا التي صيغ هذا القانون من اجل الحفاظ على اتحادها وعدم انفصالها من دولة ايطاليا .
نلاحظ من هذا الجدول بأن اقليم فالي دا اوستا يعتبر من اصغر الاقاليم الايطالية سكانا ومساحة ويشكل نسبة ضئيلة جدا من مساحة ايطاليا وسكانها ، ومع ذلك فان لخصوصيته اللغوية يتمتع بحكم ذاتي يمتلك رئيسا للقاليم ومجلس للوزراء يمثلون السلطة التنفيذية للاقليم ، ومجلسا تشريعيا يصوغ التشريعات الخاصة بهذا الاقليم ، يتم انتخابهم من قبل سكان الاقليم كل خمس سنوات ، كما له مندوبون في مجلس النواب الايطالي واعيان في مجلس الشيوخ الايطالي ايضا .
4. صيغة الحكم الذاتي في الصين : يأخذ نظام تطبيق الحكم الذاتي شرعيته في الصين من خلال المواد (111-112) من الباب السادس الفصل الثالث من الدستور الصيني ، وبشكل اكثر دقة وتفصيل من خلال قانون جمهورية الصين الشعبية الخاص بمناطق الحكم الذاتي للقوميات، ويتضمن تطبيقه في الصين صورا متعددة نتيجة لكون الصين متألفة من 65 مجموعة اثنية ، أكبر هذه المجموعات هي المجموعة الصينية والتي يطلق عليها (Han Chinese ) تشكل تقريبا 92% من نسبة السكان وباقي ال 64 مجموعة تشكل ال 8% من نسبة السكان الصينيين ، وبسبب تعدد الاثنيات في الصين وكونها تشكل نسبة ضئيلة جدا من بين نسبة عموم الشعب الصيني ، تحتم ان تكون هنالك صور متعددة من اللامركزية السياسية من اجل تحقيق حكم ذاتي لتلك الاثنيات على اراضيها التأريخية ، فبالاضافة الى المقاطعات الكبيرة ذات الصيغة المشابهة للفدرالية والمقسمة على شكل اقاليم ، تظهر الى جانبها ايضا مناطق ذات مستوى ثاني متمتعة بصور من الحكم الحكم الذاتي والذي بدوره ينقسم في الصين الى ثلاث او اربع مستويات تحمل اسماء او مصطلحات قد تكون ذات مدلول متشابه ولكنها تتباين فيما بينها حسب وضعيتها الداخلية ، وهذه المستويات هي :
a. Autonomous regions of China
b. Autonomous prefectures of China
c. Autonomous counties of China
d. Autonomous banners of China
ان الصيغتين الثالثة والرابعة تعتبر ضمن مستوى اداري او سلطوي واحد .
تجدر الاشارة هنا الى ان طريقة اطلاق الاسماء على هذه المناطق تأخذ بنظر الاعتبار اسم المنطقة الجغرافي واسم الاثنية التي تعيش بها ثم يضاف اليها كلمة الحكم الذاتي مثلا منطقة (iGuangx) هي اسم جغرافي تسكنه اثنية Zhuang وبالتالي فان اسم الحكم الذاتي لتلك المنطقة سيكون Guangxi Zhuang Autonomous Region .
أن نظام الحكم الذاتي في الصين يعطي للحكومات المحلية نطاق كبير من الصلاحيات من اجل توزيع السلطات بين المركز والمناطق ذات الخصوصيات اللغوية والاثنية وحتى الدينية ، وهذه الصلاحيات تتضمن حق التخطيط الاقتصادي وأمتلاك الميزانية الخاصة بالمنطقة ، تنظيم الامن الداخلي وسياسة خارجية بينها وبين بقية الاقاليم والمناطق الاخرى من الصين ، كما الى امتلاك نظام صحيح خاص وتعليمي وثقافي واداري خاص بالمنطقة من خلال مجلس تشريعي ومجلس تنفيذي ينتخبون من قبل شعب تلك المنطقة المتمتعة بالحكم الذاتي مهما كان مستواه .
لنأخذ مثالا عن هذه التطبيقات لنظام الحكم الذاتي في الصين ، فمثالا (Dongxiang Autonomous County) لقومية ال (Dongxiang ) حيث أنها تعتبر من المستوى الثالث لتطبيقات الحكم الذاتي التي تقع ضمن (Linxia Hui Autonomous Prefecture) ذات المستوى الثاني من تطبيقات الحكم الذاتي والمتألفة من غالبية من قومية ال (Hui ) الذين يعتنقون الديانة الاسلامية الى جانب اقليات قومية أخركال (Dongxiang )، وحيث أن (Linxia Hui Autonomous Prefecture) بدوره يقع ضمن (province of Gansu) والذي هو اقليم من المستوى الاول .
5. صيغة الحكم الذاتي في الفلبين : كما في العديد من دول العالم نجد في الفلبين ايضا اسلوب متطور من اللامركزية الادارية تنقسم فيها السلطات الادارية على الاقاليم والمقاطعات ، ولكن هنالك حالة واحدة نجد ان تطبيق اللامركزية ينال صفة سياسية وينص عليه الدستور الفلبيني بتمتعه بالحكم الذاتي وهو منطقة مسلمي مينداناو للحكم الذاتي ، وهي في جزيرة مينداناو التي يغلب عليها المسلمون الفلبينيون ، ونتيجة للتميّز الديني عند هؤولاء فقد تمتعوا بتطبيق الحكم الذاتي في منطقتهم والتي تتميّز بكونها تتضمن تداخلات مع مقاطعات اخرى لا تنتمي الى منطقة الحكم الذاتي هذه ، وكذلك تتضمن اشكالا من عدم الاتصال ما بين اجزاء هذه المنطقة ايضا ، لا بل ان مركز احدى مقاطعاتها وهي مدينة ايزابيلا عاصمة مقاطعة باسيلان فهي تدار من قبل اقليم آخر لكونه لا يمثل نفس حالة منطقة مينداناو ذات الغالبية الاسلامية ، بينما مقاطعة باسيلان نفسها ( عدا عاصمتها ايزابيلا ) ذات غالبية اسلامية وتعتبر جزءا من منطقة الحكم الذاتي الاسلامي في الفلبين . تجدر الاشارة الى ان عملية انشاء هذا الاقليم حصلت بأجراء استفتاء شعبي في البداية من خلاله تم تحديد المناطق والقرى التي تألف منها الاقليم ، كما أن الاقليم يدار من قبل هيئة تنفيذية يراسها الحاكم ونائبه الذي يتم اختيارهم بصورة مباشرة من قبل الشعب ، وهم يمثلون راس الحكومة ايضا فيعينون كابينة لا يتجاوز عدد اعضاءها العشرة اشخاص ، ويتم تشريع القوانين في الاقليم من قبل مجلس تشريعي يتم انتخابه من قبل الشعب ايضا ، وتجري الانتخابات بعد سنة من اجراء الانتخابات العامة في البلد .
6. صيغة الحكم الذاتي في اندونيسيا : تعتبر اندونيسا من البلدان المتميّزة جغرافيا وسكانيا ، فانها تتألف من اكثر من 17 الف جزيرة وحوالي 300 اثنية وما يقارب ال 720 لغة ولهجة مختلفة ، كما هنالك اعتراف بوجود تنوع ديني على الرغب من ان الغالبية هم مسلمون ، وبناءا على ذلك تطلب الامر ممارسة نظام لامركزي في البلد الى حد البلديات الصغيرة ، كما استوجب ايجاد مناطق تحمل مميزات اكثر تشابه انظمة الحكم الذاتي حيث انها تمارس سلطات تشريعية وتنفيذية وفقا لمباديء الحكم الذاتي المعروفة التي يضمنها الدستور الاندونيسي على الرغم من ترسيخ الهوية الوطنية الاندونيسية هناك ، وهذه المناطق المتمتعة بالحكم الذاتي هي منطقة ايتشه المتميزة بتطبيقها للشريعة الاسلامية ، حيث أنها الوحيدة من بين كافة مقاطعات واقاليم اندونيسيا تطبق الشريعة الاسلامية في دستورها ، وكذلك هنالك منطقة يوجياكارتا التي يرأسها سلطان اي انها سلطنة ضمن جمهورية اندونيسيا ، كذلك لها نظامها التشريعي والتنفيذي والاقتصادي الخاصين بها ، كما هنالك مناطق اخر مثل بيبوا والعاصمة جاكارتا التي تعتبر عاصمة وفي نفس الوقت منطقة تدار ذاتيا من قبل حكومة تنفيذية وتشريعية خاصة بها يرأسها حاكم .تجدر الاشارة الى انه كانت هنالك ايضا منطقة أخرى وهي تيمور الشرقية التي كانت الى عام 1999 منطقة حكم ذاتي تابعة لجمهورية اندونيسيا الى ان تخلت اندونيسيا عن السيادة عليها لكي تصبح دولة مستقلة .
7. صيغة الحكم الذاتي في روسيا : منذ عشرينيات القرن الماضي تم تثبيت حق الحكم الذاتي لبعض مناطق الاتحاد السوفياتي السابق ولكنه لم تطبق عمليا حتى عام 1930 ، على الرغم انها لم تحمل صراحة اصطلاح الحكم الذاتي بل انها سميت بالمناطق القومية وتضمنت حقا مميّزا في ادارتها من قبل مواطنيها وذلك لتميّزهم اللغوي والقومي ، وفي دستور عام 1977 تم تعديل المصطلح ليظهر بصورته الصريحة بأسم مناطق الحكم الذاتي ، لكي يبين انها فعلا حكم ذاتي وليس مجرد ادارات ذاتية او تقسيمات ادارية فقط ، والان ضمن دولة روسيا الفدرالية بعد انحلال الاتحاد السوفياتي السابق واستقلال الجمهوريات السوفياتية الاخرى وبقاء روسيا بمفردها تبنت جمهورية روسيا النظام الفدرالي ( الاتحادي ) ، ويتألف نظامها هذا من تنوع في التقسيمات اللامركزية تتباين ما بين مناطق صغيرة للحكم الذاتي الى وحدات كبيرة فدرالية يطلق عليها اسم الجمهوريات على الرغم كونها جزءا لا يتجزء من جمهورية روسيا الاتحادية ، حيث يوجد 83 وحدة لامركزية ، 21 منها يطلق عليها جمهوريات لديها حق ادارة الشؤون الخارجية اساس تأسيسها هو قومي فقد تتالف من اقلية قومية ، 46 مقاطعة تتبع النظام الفدرالي على الاساس الجغرافي ، 9 اقاليم صغيرة مقسمة على الاساس الفدرالي لاثنية او قومية صغيرة ، مقاطعة صغيرة تتمتع بالحكم الذاتي على اساس ديني لليهود ، اربع وحدات او مناطق صغيرة تتمتع بالحكم الذاتي ، ومدينتان هما موسكو سان بيدروس بورغ يتمتعان بالنظام الفدرالي ( مدينة واقليم فدرالي في نفس الوقت ) فكما نلاحظ من هذا الجدول هنالك خمس مناطق مهما كانت مسمياتها لكنها ملحقة بمصطلح الحكم الذاتي والتي كانت فيما سبق وكما اشرت اليه اعلاه يطلق عليها بالمناطق القومية وهي :
1. منطقة جوكوتكا للحكم الذاتي
2. منطقة خانتي- مانسي للحكم الذاتي
3. منطقة نينتس للحكم الذاتي
4. منطقة يامالو- نينتس للحكم الذاتي
5. مقاطعة اليهود للحكم الذاتي
هنالك بعض الملاحظات المهمة حول انظمة الحكم والتقسيمات اللامركزية في جمهورية روسيا الاتحادية وهي أن كل هذه المقاطعات والاقاليم والمناطق والجمهوريات متساوية فيما بينها من القيمة اللامركزية ، حيث أنها تمتلك كل واحدة منها مندوبَين أثنين في المجلس الفدرالي الروسي الاعلي ، بينما انواع فدرالياتها وحكمها الذاتي مختلف بدرجات متفاوته فيما بينها ، وهنالك امر آخر هو انه قد نلاحظ أن هذه المناطق قد تمتلك مساحات شاسعة وواضحة المعالم لكون دولة روسيا بحد ذاتها اكبر دولة في العالم من حيث المساحة لذلك ليس هنالك حالات تداخل الحدود وضيق المساحة بما يشابه مناطق الحكم الذاتي في بلدان اخرى ، ولكن من ناحية أخرى يرافق ذلك قلّة في السكان وضئالة الكثافة السكانية خصوصا عند مناطق الحكم الذاتي .
هنالك حالة أخرى رأيت من الضروري ان اتكلم عنها ، الا وهي ما يطلق عليها باللغة الانكليزية ب (Urban Secession) والتي تعني بالانفصال الحضري او المتمدن وهي نوع من انواع مدن الحكم الذاتي ، والتي نراها في بعض المدن مثل سيئول وبوسان ودايغو ومدن أخرى في كوريا الجنوبية ، مقاطعة كولومبيا في المكسيك ، كيوبيك في كندا ، موسكو ، سان بيتروس بيرغ ، هامبورغ ، بيرمن ، برلين في المانيا ، حيث حدثت في هذه المدن عملية فصل عن ما يجاورها من مناطق تختلف عنها حضاريا وذلك في فترات متغيرة من مدينة لاخرى حسب ضروفها الذاتية والموضوعية ، وذلك من أجل المحافظة على عدم تأثرها بقناعات الجماعات التي تعيش في محيطها وبالتالي نضمن تطورها السريع كما سيرافقها ايضا نمو المناطق المحيطة بها لكون الحالة ستؤدي الى استحداث وحدات ادارية جديدة ، وهكذا سيكون هنالك مجلس تنفيذي وآخر تشريعي يحكم المدينة ذاتيا ويكون ارتباطه بالمركز .
شعبنا الكلداني السرياني الاشوري ومشروع الحكم الذاتي
في الحقيقة هنالك أمثلة مضاعفة لما ذكرته من تجارب للشعوب في موضوعة الحكم الذاتي ، ولكني أرتأيت ان أختصرها بهذه الامثلة فقط ، لكونها تحمل بين طياتها صور قد تقترب من واقعنا نحن بشكل أو بآخر ، فهذه التجارب التي اوردتها توصل لنا رسالتين مفادهما أنه ليست عملية تنفيذ المشروع وتطبيقه أمرا معقدا وصعبا للغاية وأنما شيء لا يختلف عن أساسيات الادارة الطبيعية للوحدات الادارية القائمة سوى نقطة واحدة وهي ان يكون هناك أعتراف بوجود شعب قائم يدير تلك الوحدة الادارية ، كما أنه ايضا هنالك رسالة أخرى توصلها هذه التجارب وهي أن هذا المشروع هو مشروع ناجح ولا يحمل بداخله اي ضرر لا على اصحابه ولا على مجاوريه لا بل بالعكس سيعزز مسيرة التقدم في عموم البلد لانه سيخلق بؤر لديها الامل في تطوير وجودها وارضها وبلداتها الصغيرة ، فمن خلال ما تقدم من أفكار ومفاهيم ونظريات سأحاول ان اناقش واقعنا الحالي وما يحمله من نقاط قوة تساعد على انجاح هذا المشروع وكذلك ما يحمله من نقاط ضعف ستعمل على افشاله ايضا .
• أن ما تحقق لنا في دستور اقليم كوردستان العراق من أقرار بالحكم الذاتي هو من اكبر واهم نقاط القوة التي بات يمتلكها مشروعنا .
• بالاضافة الى انتشار هذا المطلب والايمان به من قبل قطاع كبير من شعبنا ناهيك عن تاييده من كل القوى التي تشكل التيّار السياسي الصاعد الذي هو فرس رهان والمتمثل بالمجلس الشعبي والاحزاب المؤتلفة معه .
فهذه النقاط ستشكل قوة دفع من أجل انجاح هذا المشروع في حال المباشرة بتطبيقه خصوصا هنا في كوردستان والذي سيشكل خطوة مهمة جدا لا بل تفوق اهميتها عن بقية النقاط الا وهي كونها ستعطي الزخم من اجل اثبات هذا الحق في دستور العراق ، وتهيئة الاجواء من اجل ذلك ، لذلك يجب على خطواتنا اللاحقة لان تكون مدروسة ومبنية على اسس علمية بعيدة عن العاطفة والاحلام التي بالتأكيد لن تخدم مسيرتنا القومية ، وانما علينا ان نفهم ضروفنا الداخلية وضروف عموم البلد وساحته السياسية ، فقد يتطلب منا ان لا نستعجل الامور بينما تكون خطوة اساسية ما كأن نطالب بتطبيق جزئي لهذا المشروع في كوردستان ، خطوة كافية في سبيل عدم ضياع ما تم تحقيقه ، ومن ثم نستخدمها كمثابة لنا نتهيء للمطالبة باقرار الخطوات الاخرى ، فهنالك وكما ذكرت اعلاه أمور ضمن واقعنا قد تشكل نقاط ضعف تعرقل وتعيق تحقيق هذا المشروع ، من بين هذه الامور :
• أستحكام الافكار الاسلامية والعروبية الشوفينية في مجتمعنا العراقي .
• انقسام اراضينا التأريخية ضمن اقليمين ( جزء منها ضمن أقليم كوردستان وجزء آخر ضمن محافظة نينوى التابعة للمركز ) .
• مجموعة من ضروف موضوعية تشكل الحالة السياسية لعموم البلد قد تعيق وتؤخر تطبيق مثل هكذا مشاريع ، فأمامنا امثلة شاخصة عن تأخر في تنفيذ مشاريع عديدة وعدم تشريع قوانين كثيرة نتيجة للتقاطعات في المصالح ما بين الساسة العراقيين .
هذه الامور وأمور أخرى تدفعنا لكي ندرس موضوعنا مليا ونعمل على صياغته بصورة موضوعية اكثر من اجل تحقيق نجاح كبير في عملية تنفيذه على ارض الواقع .
فبناءا على واقعنا اولاً والضروف المحيطة بنا ثانيةً وتجارب الشعوب الاخرى في تطبيق الحكم الذاتي لها ثالثةً ، رأيت من المفيد ان تكون خطواتنا اللاحقة بهذه الصورة :
1. أن تكون مطالبتنا بتطبيق الحكم الذاتي اولاً في اقليم كوردستان فقط كمرحلة اولى ، أي في مناطقنا التأريخية التي نشكل بها اغلبية والواقعة ضمن اقليم كوردستان العراق وذلك لاسباب مهمة :
a) أن اقرار هذا الحق تم في دستور الاقليم فقط ولم يقر في دستور العراق الى الان .
b) توجه سياسة الاقليم نحو الديمقراطية هي اكثر صدقا ووضوحا من توجهات سياسة المركز ، كما تجدر الاشارة الى وجود نوايا حقيقية في الاقليم نحو توسيع النظام اللامركزي فيه .
c) نضج الضروف الذاتية لشعبنا وقواه السياسية في داخل الاقليم اكثر منها في خارج الاقليم ( ضمن محافظة نينوى ) وذلك لاسباب موضوعية تتعلق بواقع مجتمع هذه النحافظة .
2. بما أن حكومة الاقليم سيتم تشكيلها قريبا لذلك لابد لنا عندما نطالب بتطبيق هذا المشروع على ارض الواقع ان نأخذ هذا الامر بنظر الاعتبار ، فأما ان ننتظر اربع سنوات اخرى او نطالب بتطبيق سريع ولكنه قد يكون جزئي ، من الممكن ان نطوره في الكابينة الوزارية القادمة اي بعد انتهاء هذه الكابينة .
3. أن تكون عملية التطبيق بصورة تعمل على دعم المساعي في سبيل اقرار هذا الحق في دستور المركز ، وذلك من خلال تبيان ايجابية هذا العمل اولاً ، وأظهاره بطريقة تبدد مخاوف الاخرين ثانيةً ، على الرغم من كوني أقر بعدم مشروعية تلك المخاوف أصلاً .
وبناءاً على ما تتضمنه ضروفنا الذاتية من قبيل توزعنا على شكل قرى وبلدات صغيرة لا تتضمن وحدة أدارية مستقلة ، حيث في اقليم كوردستان لدينا مجموعة كبيرة من القرى التناثرة في محافظة دهوك ومنطقة واحدة فقط تطورت واصبحت مدينة صغيرة الا وهي عنكاوا التي كانت فيما مضى بلدة صغيرة ضمن محافظة اربيل ، وهذا يعني أفتقار مناطقنا الى وحدات ادارية متعددة ، ولكن علينا ايضا أن نعي من أن ما يمر به شعبنا من ظروف ذاتية يشابه بصورة كبيرة ظروف شعوب أخرى عندما بدأت تمارس حقها في الحكم الذاتي ، فالتجارب التي سقتها في بداية دراستي هذه قد سبقتنا بفترة طويلة ونالت حقها في التمتع بالحكم الذاتي في ظل ظروف ذاتية مشابهة لما نعيشه نحن مع اختلافات متباينة في ظروفهم الموضوعية التي كانت قائمة آنذاك مع ظروفنا الموضوعية التي نعيشها نحن ، وهذا سيؤدي حتما الى عدم تحقيق هدفنا بنفس الطريقة والآلية التي تم تحقيقه لغيرنا في السابق .
من الواضح جدا ومن خلال تفحصنا بهذه التجارب التي ذكرتها من أنه هنالك شعوب تمتلك نفس اوضاعنا كأن تكون عيشهم في مناظق غير متواصلة جغرافية كما في حالة منطقة الناطقين بالالمانية في اقليم والونيا ذو اللغة الفرنسية في هولندا ، وكذلك من ناحية التداخل في الحدود في الكثير من مناطق الحكم الذاتي في روسيا فيما بينها وكذلك في اقليم مسلمي مينداناو في الفلبين ، ومن ناحية قلّة العدد هنالك ايضا تجارب تشبه حالتنا هذه وخصوصا في منطقة فالي دا اوستا الايطالية ذات الحكم الذاتي ، وأمور أخرى ايضا كألأحقية القانونية في الحفاظ على لغتنا وعاداتنا وتقاليدنا وثقافتنا القومية وتشريعاتنا الشخصية ، هذه الامور نفسها كانت أحد أهم الاسباب التي بموجبها شُرّع مبدأ الحكم الذاتي للآخرين وكما هو واضح في التجارب التي سقتها في دراستي هذه ، وبسبب أقتراب ما يحصل في كوردستان العراق من توجهات نحو الديمقراطية وتجاوز أخطاء الماضي حتى وان لم يتم الاعتراف بها علنا ، فهذا يدفعني اكثر لكي أطلب اولا بتطبيق هذا المشروع هنا في كوردستان ، حيث أن هذا السبب قد يجعل من الضروف الموضوعية التي كانت موجودة في الدول التي منحت مكوناتها الصغيرة والمميّزة لغويا واثنيا او دينيا أو ثقافيا حق التمتع بالحكم الذاتي ، بدأت تشابه الضروف الموضوعية الموجودة الان في كوردستان ، مما سيعمل على انجاح المشروع كما نجح في تلك التجارب ، فقط يجب ان تكون خطوتنا الاولى مدروسة وآخذين بنظر الاعتبار كل الاحتمالات .
من خلال تجارب الحكم الذاتي عند الشعوب التي سبقتنا في هذا المشروع ، نجد أن القضية لا تتعدى كونها عملية توزيع للسلطة بصورة عادلة عن طريق أدارة أو حكم كل مجموعة متميزة ومؤهلة لنفسها ، أما مسألة الآلية أو الكيفية فتأتي بالمرتبة الثانية ، حيث نرى تفاوتا في طرق الحكم الذاتي عند مختلف الشعوب ولكن بالنتيجة النهائية فأننا نجدهم مناطق للحكم الذاتي يمتلكون نفس القيمة المعنوية ، وبذلك نستطيع ان نجد لنا آلية اولية أو مرحلية قد تكون جزئية كمرحلة أولى كما أسلفت ، يتم تطويرها لاحقا ، نستطيع من خلالها حكم نفسنا ذاتيا ، وأدارة شؤون مناطقنا من خلال التطبيقات الضرورية .
الشؤون الضرورية التي نحتاج أدارتها بنفسنا : من الواضح جداً أن العناصر القومية كاللغة والثقافة والعادات والتقاليد والدين هي من بين الامور المهمة التي تثير حساسية عند المكونات الصغيرة العدد التي تسكن مناطق صغيرة بين مساحات كبيرة نسبيا يسكنها مكوّنٌ كبير او مكونات تتقاسم الغالبية من سكان بلد ما ، فلذلك فأن غالبية تطبيقات الحكم الذاتي صيغت من أجل المحافظة على هذه الامور ، ونحن ايضا سيكون هدفنا عندما نطبق الحكم الذاتي هو ذلك ايضا ، وهذا يقودنا الى أن تتضمن مفاصل الحكم الذاتي عندنا المؤسسات التالية :
1. مؤسسة لادارة العملية التدريسية في عموم المدارس الموجودة في مناطق تواجد شعبنا بصورة كثيفة ، ووضع الخطط الكفيلة من اجل خلق وتطوير سياسية تربوية وفق متطلبات كينونتنا القومية والدينية ، من مناهج تدريسية ضرورية جديدة وما تحتاجه مناطقنا من خطط تربوية لتطوير هذه الحالة .
2. مؤسسة لادارة المراكز الصحية الموجودة في مناطق تواجد شعبنا ، وما يتطلبه الوضع لكي يتم تطويرها بما يتوافق والاحتياجات الذاتية والتنموية ، حيث تجدر الاشارة هنا على نقطة مهمة وهي امكانتنا الذاتي كشعب في هذا المجال ومقدار ما نستطيع الاستفادة منه ماديا ومعنويا .
3. مؤسسة لادارة شؤون مناطقنا من الناحية الامنية والادارية ، وكل مستلزمات التخطيط العمراني والاداري والامني ، من شرطة وشرطة مرور ودفاع مدني ، وكذلك الامور المتعلقة بقضايا التقسيمات الادارية وامكانيات تطويرها على ان تتم وفق المعطيات المادية والمنطقية المتوفرة .
4. مؤسسة لادارة المرافق المهتمة بالثقافة والفنون والادب وكافة منظمات المجتمع المدني الخاصة بالطفل والشباب والمرأة والبيئة .
5. مؤسسة للتخطيط الاستثماري خصوصا بالمجال السياحي الديني والمدني ، وامكانية خلق حالة سياحية تأتي بالفائدة على مستقبل منطقتنا وعموم البلد .
6. مؤسسة تكون مسؤولة على القضايا الشخصية تعمل على استحداث محاكم للاحوال الشخصية في المنطقة وفق متطلبات كينونتنا القومية والدينية .
7. مؤسسة تدير اقتصاد ومالية المنطقة ترتبط بها ماليا كافة الدوائر الحكومية التابعة للمؤسسات المذكورة اعلاه ، تكون أحدى مهامها ايضا تطوير الواقع الزراعي والتجاري والصناعي في المنطقة وبقدر الامكانات المتاحة .
8. مؤسسة تعني بأدارة الشؤون الدينية ومتطلبات الكنائس والاديرة وتطويرهم .
9. هيئة لرئاسة هذه المؤسسات اقترح ان يكون صلاحية رئيسها مبدئيا بصلاحية وزير ضمن حكومة الاقليم ، على ان يتم تطويرها مستقبلا حسب ما متاح ، يتم التوافق عليه لهذه المرحلة من بين ممثلي شعبنا في برلمان اقليم كوردستان ، على ان يصار الى أنتخابه بعد سنة واحدة من انتهاء انتخابات الاقليم ، يقوم بمهام أختيار روؤساء المؤسسات المذكورة اعلاه ، ويقوم لهذه المرحلة فقط السادة ممثلي شعبنا في برلمان الاقليم بمراقبة عمل هذه الحكومة المصغرة الى حين انتهاء انتخابات برلمان الاقليم القادم بسنة واحدة ايضا لكي يتم عندها وبنفس يوم انتخاب رئيس الهيئة التنفيذية في منطقة الحكم الذاتي لشعبنا باجراء انتخابات لمجلس تشريعي خاص بشعبنا يكون عدد أعضاءه مناسبا لعدد شعبنا في اقليم كوردستان .
ان بتطبيقنا المشروع بهذا الشكل، برأيي سيعمل على تقبله من قبل الآخرين ، فليس خفي علينا من انها تجربة غريبة على المفاهيم السائدة في مجتمعنا وامكانية تقبلها لن تكون سهلة ، لذلك فان مطالبتنا في هذه المرحلة بتطبيقها بهذا الشكل الجزئي سيحقق لنا مكسبين في آن واحد ، وهما مقبوليتها من قبل الساسة الكورد و ازالة المخاوف والشكوك منها والموجودة في ذهنية الساسة العرب ، أما أن لم نأخذ كل هذه الامور بنظر الاعتبار فمن الممكن أن يتم وضع العراقيل في سبيل تحقيق مشروعنا هذ ، وبعدم تحقيقه هنا في كوردستان ستبرز لنا مشكلة جديدة غير موجودة اصلا الا وهي جديدة المطلب وأمكانية تحقيقه ، فكلما كان مقدار تطبيق الحكم الذاتي على ارض الواقع ضئيلا كلما كان السند الشعبي والدولي له ضعيف ، بينما ان تحقق ولو جزء بسيط منه كمرحلة اولى سيؤدي ذلك الى المزيد من التأييد شعبيا – وهذا شيء في غاية الاهمية – ودوليا ووطنيا ايضا .
فاضل رمو
الامكانات المتوفرة لتطبيق الحكم الذاتي لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري
ان اول طرح للحكم الذاتي كان مترافقا ومرتبطا بعلاقة مناطق ما مع دولة مستعمرة لهم حيث تم تحديد الحكم الذاتي في تلك الحالة على انه الصيغة القانونية لمفهوم سياسي يتضمن نوعا من الاستقلال الذاتي لتلك المناطق الخاضعة للاستعمار ، وبدأ تطبيق هذا المفهوم عندما قررت الدول المستعمِرة التخفيف من حدة سيطرتها على المناطق والاراضي العائدة لشعوب أخرى اي بتقليص السلطات المركزية نحو توزيعها وفق صلاحيات محددة لتلك الاقاليم اي لتحويل رابطة الاستعمار بينها وبين المستعمرات الى رابطة شراكة ، وذلك لكون المنطقة الخاضعة للاستعمار اصبحت تمتلك جدارة ومؤهلات سياسية واقتصادية لكي تستقل ذاتيا .
أن هذا المفهوم كغيره من المفاهيم الاخرى حدث له تطور كبير في المعنى والتطبيق ، ففي الدول التي ساهمت ظروفها التأريخية والاجتماعية والسياسية في وجود قوميات او جماعات متباينة في امور قد تكون ثقافية او دينية او لغوية ، قام مشرعوها بالتخفيف من الطابع الاستعماري لمفهوم الحكم الذاتي وذلك بتصويره كفكرة مستمدة من مبدأ حق تقرير المصير القومي ، ومن ثم تنظيمها في اطار قانوني ليكون اساسا لحل المسألة القومية ومشكلة عدم التكامل والتجانس مابين شعب دولة ما ، وظهرت تطبيقات عديدة على هذا الاساس كما في اسبانيا وايطاليا والصين وروسيا ، وكذلك في العراق ايضا تم تشريع هذا المفهوم في بداية سبعينيات القرن الماضي لتطبيقه في منطقة كوردستان ، ويطلق عليه باللغة الانكليزية( self autonomy )وباللغة الفرنسية autonomie interne)) ، وبذلك اصبح نظاما خاصا تلجأ اليه السلطة السياسية في الدول التي لها مشاكل التعدد القومي والعرقي ، فهو نظام لايرقى للفدرالية ولايهبط الى مستوى اللامركزية الادارية ، فهو صيغة للحكم والادارة معا .
في حقيقة الامر هنالك ثلاث تطبيقات في مفهوم اللامركزية كنظام حكم متطور بعد ان هجرت دول عدة النظام المركزي المقيت وتعمل على هجره دول أخرى ايضا ، ونحن في العراق تتفق غالبية الاصوات على تفضيل النظام اللامركزي ، فالنظام اللامركزي يتشكل عمليا من ثلاث تطبيقات ادناها هو نظام الادارة المحلية او يسمى ايضا بالادارة الذاتية وهو نظام لامركزي اداري ليس لديه طابع سياسي وانما فقط عملية توزيع للصلاحيات الادارية لمناطق معينة قد تختلف ثقافيا او عرقيا عن بقية الشعب ، أو لاسباب جغرافية تكون السلطات التشريعية بيد المركز وتعطى لهذه المناطق سلطات محدودة في الادارة ، اي انها مجرد عملية تخفيف من عبء ادارة هذه المناطق عن المركز ، بينما هنالك تطبيق آخر للامركزية وهو الفدرالية حيث تعرّف على أنها اما أتحاد اقليمين لكل منهما صلاحيات واضحة لتكوين دولة اتحادية يشترك كلا الاقليمين في ادارتها وبذلك يكون لكل اقليم منهما سلطات مستقلة عن الاقليم الثاني لكن كلاهما يقودان دولة واحدة حسب مفهوم الشراكة ، او يتم اعطاء اقليم داخل دولة موحدة استقلالا ذاتيا ضمن حدود تلك الدولة يقوم ذلك الاقليم بالتمتع بسيادة داخلية على ارضه تشريعيا وتنفيذية ماعدا بعض الصلاحيات التي تعتبر ضمن شروط الدولة الفدرالية من صلاحيات المركز كالعلاقات الخارجية والدبلوماسية التي تمثل اسم الدولة ، وكذلك صلاحيات الامور الدفاعية والمالية التي ترسم السياسية الاقتصادية للدولة ، حيث لابد لذلك الاقليم ان يمتلك شروطا معينة من بينها حدود تأريخية واضحة ووجود تأريخي ايضا ، كما انه هنالك تطبيقا ثالثا للامركزية ما بين هذين التطبيقين وهو مفهوم الحكم الذاتي الذي هو تطبيق وسطي اعلى من اللامركزية الادارية وادنى من اللامركزية الفدرالية ، تعطى صلاحيات لمناطق ذات نطاق صغير تمتلك خصوصية قومية او اثنية او دينية للمحافظة على تلك الخصوصية من الاندثار ، تكون هذه الصلاحيات شبيهة بصلاحيات الفدرالية اي انها عبارة عن سلطات تشريعية وتنفيذية لكن ضمن نطاق جغرافي محدود ليس كما هو عليه كأقليم واسع النطاق بالنسبة للدولة التي تضمه ، حيث يعتبر الحكم الذاتي هو عبارة عن مناطق سياسية ذات مؤهلات لحكم ذاتي قد يكون محلي ذو نطاق صغير او يكون اقليمي واسع من الممكن له ان يتطور او يكون شبه اقليمي ما بين المحلي والاقليمي .
تجارب الحكم الذاتي والفدراليات
من اجل أن نؤسس لمفهوم جديد عند شعبنا الكلداني السرياني الاشوري ونعمل على تطبيقه ، لابد لنا اولا من أن نستفاد وندرس خبرات الشعوب الاخرى في هذا المجال ، وذلك لكون قضية الحكم الذاتي تندرج في سياق مطالبة فئات معينة قد تكون في الغالب الاعم قليلة العدد قياسا ببقية فئات المجتمع لدولة ما ، حيث أن غالبية قضايا الحكم الذاتي التي حدثت في التاريخ الحديث وفي بلدان عدة كانت متعلقة بالنتيجة التي آلت اليها عملية ضم مناطق متعددة من اجل تكوينٍ حديث لدولٍ جاء بعد انسحاب قوات أجنبية تعود لدولة أخرى كانت مسيطرة على تلك المناطق كنتيجة لفترات قديمة كان طابع الاستعمار القديم هو الطاغي عليها ، حيث انه بعد أنسحاب القوات الاجنبية تكونت دول غير متجانسة في التركيب السكاني من النواحي اللغوية والاثنية والثقافية والدينية ، مما ادى لاحقا الى ظهور مطالبات بالاستقلال الذاتي وتبني مطلب الحكم الذاتي لها من قبل فئات قليلة العدد ضُمّت بطريقة أعتباطية الى هذه الدول الحديثة التكوين ، ، أو قد نرى دول ما يبادر مشرعوها تلقائيا الى اعطاء منطقة ما ذات تميّز جغرافي او ثقافي او لغوي ، ذو نطاق محدود حكما ذاتيا قد يقل هنا او يزيد هناك حسب طبيعة الضروف الذاتية والموضوعية في ذلك البلد ، وقد نرى حالات من التطور ترافق التشريعات ، ففي الهند و ايطاليا مثلا تتحول من دول مركزية الى دول شبه فدرالية تنحو باتجاه توزيع السلطات التنفيذية والتشريعية نحو المقاطعات الادارية التي يتكون منها البلد وبالتالي نرى ظهور تطبيق مبدأ الحكم الذاتي عندهم ، وبذلك فأني أدرجت بعض التجارب والحالات لشعوب وجماعات كانت تمتلك نفس الاوضاع التي نعيش فيها والتي تحيط بنا طالبت بالحكم الذاتي او تمتعت به نتيجة لحصولها على ضمانات دستورية تؤيد وتساند هذا التطبيق الحضاري ، فدراسة هذه التجارب سيعطينا فائدة جمّة من اجل قيامنا نحن ايضا برفع الدعاوى والمطالبة في سبيل تمتعنا نحن ايضا بهذا الحق المشروع ، لكن في نفس الوقت تتطلب دراستنا هذه ان تكون معمقة آخذين بنظر الاعتبار جميع النقاط المميزة لنا من وضع ذاتي وموضوعي ، فعلى الرغم من تأكيدي على ضرورة دراسة هذه التجارب الا انني بنفس الوقت اؤكد على ضرورة تفهم واقع عموم البلد وخصوصياته التي قد تختلف بصورة او بأخرى عن واقع الدول الاخرى وخصوصا في ناحية المصطلحات التي قد تفهم خطأ في حالة التطبيق الحرفي لتجارب الاخرين.
ادناه نبذة مختصرة لالية تطبيق الحكم الذاتي في بعض البلدان التي تنص دساتيرها على حق الحكم الذاتي لجماعات مميّزة اثنيا او ثقافيا او لغويا او حتى دينيا او جغرافيا:
1. صيغة الحكم الذاتي في بلجيكا : تتضمن دولة بلجيكا ثلاث أقاليم رئيسية اقليمان مقسمان حسب التنوع اللغوي ، حيث أن الاختلافات في اللغة المستخدمة محليا في الارض البلجيكية هي اختلافات مميزة وبصورة واضحة ومنذ تأريخ بعيد ، فهنالك اقليم يتكلم سكانه اللغة الهولندية ويشكلون عنصر الفلامنغ ويسمى اقليمهم الفلاندرز، وأقليم يتكلم سكانه اللغة الفرنسية ويشكلون عنصر الوالس ويسمى اقليمهم باقليم والونيا، واقلية لا تتجاوز ال 1% من عموم السكان تتكلم الالمانية وهم يشكلون العنصر الالماني التي تم ضمهم الى بلجيكا بعد انهزام المانيا في الحرب العالمية الاولى وتقع منطقتهم داخل اراضي اقليم والونيا ، كما ان مدينة بروكسل العاصمة هي اقليم فدرالي لمدينة بروكسل فقط ، تجدر الاشارة الى كون متكلمي اللغتيين الهولندية والفرنسية يتكلمون بلغة تختلف عن هولندية دولة هولندا وكذلك عن فرنسية دولة فرنسا ، حيث هنالك خصوصيات لغوية نمت مع الوقت في لغتي شعب بلجيكا .
وبالنسبة لمنطقة الناطقين بالالمانية فهي جزء من اقليم الونيا ذو اللغة الفرنسية ولكن نتيجة لمطالباتهم المتعددة نالوا حكما ذاتيا ضمن اقليم الونيا ، حيث لهم جهاز تشريعي وآخر تنفيذي يمتلك صلاحيات محددة ، فلديهم رئيس للحكومة يساعده في أدارة شؤون المنطقة 3 وزراء ، حيث ان الحكومة الفيدرالية ( المركزية ) حسب الدستور البلجيكي مسؤولة عن السياسة الخارجية، الدعم التنموي، الاقتصاد ،الدفاع، الشرطة، الطاقة، المواصلات و الاتصالات، بينما تكون الحكومات الاقليمية مسؤولة عن اللغة، الثقافة و التعليم ، تجدر الاشارة هنا الى ان منطقة الناطقين باللغة الالمانية مجزءة الى قسمين كلاهما ضمن اقليم الونيا الفرنسي اللغة ، يبلغ عدد سكانها 70 الف نسمة فقط كانت لهم والى الان مطالبات لكي يصبحوا اقليما مستقلا ، ولكن في هذه الفترة فهم يشكلون منطقة حكم ذاتي تمارس صلاحيات معينة تساعدهم على الحفاظ على لغتهم وثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم ولديهم تمثيل عادل في المجلس التشريعي الثنائي الصيغة في المركز .
2. صيغة الحكم الذاتي في اسبانيا : تتكون اسبانيا من 17 منطقة حكم ذاتي ومدينتان ايضا نظام الحكم فيهما هو بصيغة الحكم الذاتي ايضا وكما هو منصوص عنه صراحة في دستور اسبانيا ، تقسمت هذه المناطق حسب اختلاف الثقافات واللغات ، حيث ان الحدود مابين هذه المقاطعات او المناطق لها جذور تاريخية ، فكل منطقة او مقاطعة لها برلمانها وماليتها وحكومتها التنفيذية كما انها تشترك بممثلين حسب حجمها السكاني في البرلمان الفدرالي ( المركزي ) ، هنالك قسم من هذه المناطق كالاندلس وكاتلونيا والباسيك ، يعتبرون ككيانات قومية مميزة ، كما ان هنالك ايضا مناطق مثل ارغون ، فالنسيا وجزر الكناري هم الاخريات يعتبرون ان لهم خصوصية تأريخية مميزة ، حقيقة هنالك بعض الفروقات في صلاحيات الحكم الذاتي من منطقة الى اخرى ، فالمناطق الواضحة التميّز في الظواهر القومية مثل كاتلونيا ، الاندلس ، الباسيك ونافارا ، تكون لهم امتيازات في الصلاحيات ، فمثلا في هذه المناطق المذكورة نصف قوة الشرطة تقريبا تحت أمرة الحكومة المحلية ، كما ان رئيس المقاطعة الذاتية له الحق في تحديد موعد الانتخابات ( على ان لاتتجاوز 4 سنوات ) ، أن الدستور الاسباني ينص على ان اسبانيا دولة موحدة غير مركبة ، لكنه في نفس الوقت يقر بوجود جماعات سياسية لها سلطة ذاتية يوضح الدستور معالمها على مناطقها التأريخية على ان لا تنفصل وتخرج عن حضن الدولة الاسبانية ، على الرغم من مطالبة اقليم الباسيك بالانفصال ، فكما اشرت اعلاه ، هنالك فروقات بين طبيعة شعب منطقة من منطقة اخرى ، فمنهم من تكون الفروقات والظواهر القومية مميزة جدا ولديها جذور تأريخية كبيرة في الاستقلال الذاتي مثل منطقة الباسيك ، فلذلك نرى ان لهم حجما اكبر وكذلك فأن مطاليبهم اوضح لا بل ينفردون بهذه المطاليب الى درجة الانفصال ، وكذلك هنالك حالة اخرى في منطقة سبتة التي تهتبر متواصلة مع تراب الدولة المغربية التي تطالب بها الى الان ولكن دولة اسبانيا متمسكة بها وفي عام 1995 قد منح الدستور الاسباني منطقة سبته حكما ذاتيا ايضا ، من أحد هذه المناطق ذات الحكم الذاتي هي منطقة استوريا ، التي تمتلك كما المناطق الاخرى في اسبانيا برلمانها وحكومتها التنفيذية ، سأتناول هذه المنطقة كمثال لتطبيق الحكم الذاتي ، فان هذه المنطقة لا تتجاوز مساحتها ال (10000) كم مربع وعدد سكانها مليون نسمة حسب آخر تقدير اي أن نسبة سكانها الى عموم سكان اسبانيا لايتجاوز ال2 % وكذلك نسبة مساحتها هي الاخرى بنفس القدر ، كما ان اللغة في هذه المنطقة من الناحية الرسمية هي الاسبانية ، على الرغم من تكلم الشعب لغتهم الاستورية ولكن يتبين من انها لا تمتلك القدرة لكي تكون لغة رسمية التداول ، ولكن الجهود مستمرة وحسب القوانين النافذة هناك على تطويرها ، كما ان في احد اجزاء هذه المنطقة هنالك من يتكلم لهجة مختلطة مابين اللغة الاستورية ولغة أخرى هي اللغة الغاليسية ، تسمى اللهجة الايونافية ، حيث ان الحكومة في هذه المنطقة تعمل على تغيير اسماء المحال والمناطق الى هاتين اللغتين المحليتين .
3. صيغة الحكم الذاتي في ايطاليا : تقسم ايطاليا الى عشرين اقليم ، تعتبر هذه الاقاليم اعلى مستوى اداري ، خمسة منها لها ضمانات دستورية لممارسة صيغة معينة من حكم ذاتي داخل اراضيها ضمن جمهورية ايطاليا الموحدة ، تجدر الاشارة هنا الى ان تسمية الاقاليم في لمقاطعات ايطاليا لا يشبه تسميتها عندنا في العراق ، بل قد تتشابه الى حد ما الى تسمية المحافظات حيث انها تأخذ دورها في تطبيق نظام لامركزي اداري ، ماعدا خمس منها فقط وهي ( سردينيا ، سيسيليا ، فريولي فينيتسيا جوليا ، ترينتينو ألتو أديجي ، فالي دا اوستا ) التي تمتلك صلاحيات الحكم الذاتي .
حقيقة ان هذه المقاطعات الخمس نالت هذه الصفة المتطورة من الصلاحيات بعد عام 2001 حيث حصلت تطورات في الدستور الايطالي لجانب الفدرالية ، حيث ان الدستور قد وضح من ان لكل اقليم قانون اساس يضاهي الدستور ينظم الواقع السياسي في ذلك الاقليم وشكل حكومته ومجلسها التشريعي ، كما ان هنالك ايضا تمايزات في الصلاحيات ما بين هذه الاقاليم الخمس ايضا ، فمثلا اقليم فريولي فينيتسيا جوليا له الحق بان يحتفظ ب60% من ضرائبه وفقط 40% يذهب الى المالية المركزية ، بينما سردينيا لها الحق بان تحتفظ ب 100% من ضرائبها ، لكن الغاية الاساسية لتشريع هكذا قانون هو للمحافظة على الطابع الثقافي الخاص لكل اقليم من هذه الاقاليم الخمسة ، ماعدا سيسيليا التي صيغ هذا القانون من اجل الحفاظ على اتحادها وعدم انفصالها من دولة ايطاليا .
نلاحظ من هذا الجدول بأن اقليم فالي دا اوستا يعتبر من اصغر الاقاليم الايطالية سكانا ومساحة ويشكل نسبة ضئيلة جدا من مساحة ايطاليا وسكانها ، ومع ذلك فان لخصوصيته اللغوية يتمتع بحكم ذاتي يمتلك رئيسا للقاليم ومجلس للوزراء يمثلون السلطة التنفيذية للاقليم ، ومجلسا تشريعيا يصوغ التشريعات الخاصة بهذا الاقليم ، يتم انتخابهم من قبل سكان الاقليم كل خمس سنوات ، كما له مندوبون في مجلس النواب الايطالي واعيان في مجلس الشيوخ الايطالي ايضا .
4. صيغة الحكم الذاتي في الصين : يأخذ نظام تطبيق الحكم الذاتي شرعيته في الصين من خلال المواد (111-112) من الباب السادس الفصل الثالث من الدستور الصيني ، وبشكل اكثر دقة وتفصيل من خلال قانون جمهورية الصين الشعبية الخاص بمناطق الحكم الذاتي للقوميات، ويتضمن تطبيقه في الصين صورا متعددة نتيجة لكون الصين متألفة من 65 مجموعة اثنية ، أكبر هذه المجموعات هي المجموعة الصينية والتي يطلق عليها (Han Chinese ) تشكل تقريبا 92% من نسبة السكان وباقي ال 64 مجموعة تشكل ال 8% من نسبة السكان الصينيين ، وبسبب تعدد الاثنيات في الصين وكونها تشكل نسبة ضئيلة جدا من بين نسبة عموم الشعب الصيني ، تحتم ان تكون هنالك صور متعددة من اللامركزية السياسية من اجل تحقيق حكم ذاتي لتلك الاثنيات على اراضيها التأريخية ، فبالاضافة الى المقاطعات الكبيرة ذات الصيغة المشابهة للفدرالية والمقسمة على شكل اقاليم ، تظهر الى جانبها ايضا مناطق ذات مستوى ثاني متمتعة بصور من الحكم الحكم الذاتي والذي بدوره ينقسم في الصين الى ثلاث او اربع مستويات تحمل اسماء او مصطلحات قد تكون ذات مدلول متشابه ولكنها تتباين فيما بينها حسب وضعيتها الداخلية ، وهذه المستويات هي :
a. Autonomous regions of China
b. Autonomous prefectures of China
c. Autonomous counties of China
d. Autonomous banners of China
ان الصيغتين الثالثة والرابعة تعتبر ضمن مستوى اداري او سلطوي واحد .
تجدر الاشارة هنا الى ان طريقة اطلاق الاسماء على هذه المناطق تأخذ بنظر الاعتبار اسم المنطقة الجغرافي واسم الاثنية التي تعيش بها ثم يضاف اليها كلمة الحكم الذاتي مثلا منطقة (iGuangx) هي اسم جغرافي تسكنه اثنية Zhuang وبالتالي فان اسم الحكم الذاتي لتلك المنطقة سيكون Guangxi Zhuang Autonomous Region .
أن نظام الحكم الذاتي في الصين يعطي للحكومات المحلية نطاق كبير من الصلاحيات من اجل توزيع السلطات بين المركز والمناطق ذات الخصوصيات اللغوية والاثنية وحتى الدينية ، وهذه الصلاحيات تتضمن حق التخطيط الاقتصادي وأمتلاك الميزانية الخاصة بالمنطقة ، تنظيم الامن الداخلي وسياسة خارجية بينها وبين بقية الاقاليم والمناطق الاخرى من الصين ، كما الى امتلاك نظام صحيح خاص وتعليمي وثقافي واداري خاص بالمنطقة من خلال مجلس تشريعي ومجلس تنفيذي ينتخبون من قبل شعب تلك المنطقة المتمتعة بالحكم الذاتي مهما كان مستواه .
لنأخذ مثالا عن هذه التطبيقات لنظام الحكم الذاتي في الصين ، فمثالا (Dongxiang Autonomous County) لقومية ال (Dongxiang ) حيث أنها تعتبر من المستوى الثالث لتطبيقات الحكم الذاتي التي تقع ضمن (Linxia Hui Autonomous Prefecture) ذات المستوى الثاني من تطبيقات الحكم الذاتي والمتألفة من غالبية من قومية ال (Hui ) الذين يعتنقون الديانة الاسلامية الى جانب اقليات قومية أخركال (Dongxiang )، وحيث أن (Linxia Hui Autonomous Prefecture) بدوره يقع ضمن (province of Gansu) والذي هو اقليم من المستوى الاول .
5. صيغة الحكم الذاتي في الفلبين : كما في العديد من دول العالم نجد في الفلبين ايضا اسلوب متطور من اللامركزية الادارية تنقسم فيها السلطات الادارية على الاقاليم والمقاطعات ، ولكن هنالك حالة واحدة نجد ان تطبيق اللامركزية ينال صفة سياسية وينص عليه الدستور الفلبيني بتمتعه بالحكم الذاتي وهو منطقة مسلمي مينداناو للحكم الذاتي ، وهي في جزيرة مينداناو التي يغلب عليها المسلمون الفلبينيون ، ونتيجة للتميّز الديني عند هؤولاء فقد تمتعوا بتطبيق الحكم الذاتي في منطقتهم والتي تتميّز بكونها تتضمن تداخلات مع مقاطعات اخرى لا تنتمي الى منطقة الحكم الذاتي هذه ، وكذلك تتضمن اشكالا من عدم الاتصال ما بين اجزاء هذه المنطقة ايضا ، لا بل ان مركز احدى مقاطعاتها وهي مدينة ايزابيلا عاصمة مقاطعة باسيلان فهي تدار من قبل اقليم آخر لكونه لا يمثل نفس حالة منطقة مينداناو ذات الغالبية الاسلامية ، بينما مقاطعة باسيلان نفسها ( عدا عاصمتها ايزابيلا ) ذات غالبية اسلامية وتعتبر جزءا من منطقة الحكم الذاتي الاسلامي في الفلبين . تجدر الاشارة الى ان عملية انشاء هذا الاقليم حصلت بأجراء استفتاء شعبي في البداية من خلاله تم تحديد المناطق والقرى التي تألف منها الاقليم ، كما أن الاقليم يدار من قبل هيئة تنفيذية يراسها الحاكم ونائبه الذي يتم اختيارهم بصورة مباشرة من قبل الشعب ، وهم يمثلون راس الحكومة ايضا فيعينون كابينة لا يتجاوز عدد اعضاءها العشرة اشخاص ، ويتم تشريع القوانين في الاقليم من قبل مجلس تشريعي يتم انتخابه من قبل الشعب ايضا ، وتجري الانتخابات بعد سنة من اجراء الانتخابات العامة في البلد .
6. صيغة الحكم الذاتي في اندونيسيا : تعتبر اندونيسا من البلدان المتميّزة جغرافيا وسكانيا ، فانها تتألف من اكثر من 17 الف جزيرة وحوالي 300 اثنية وما يقارب ال 720 لغة ولهجة مختلفة ، كما هنالك اعتراف بوجود تنوع ديني على الرغب من ان الغالبية هم مسلمون ، وبناءا على ذلك تطلب الامر ممارسة نظام لامركزي في البلد الى حد البلديات الصغيرة ، كما استوجب ايجاد مناطق تحمل مميزات اكثر تشابه انظمة الحكم الذاتي حيث انها تمارس سلطات تشريعية وتنفيذية وفقا لمباديء الحكم الذاتي المعروفة التي يضمنها الدستور الاندونيسي على الرغم من ترسيخ الهوية الوطنية الاندونيسية هناك ، وهذه المناطق المتمتعة بالحكم الذاتي هي منطقة ايتشه المتميزة بتطبيقها للشريعة الاسلامية ، حيث أنها الوحيدة من بين كافة مقاطعات واقاليم اندونيسيا تطبق الشريعة الاسلامية في دستورها ، وكذلك هنالك منطقة يوجياكارتا التي يرأسها سلطان اي انها سلطنة ضمن جمهورية اندونيسيا ، كذلك لها نظامها التشريعي والتنفيذي والاقتصادي الخاصين بها ، كما هنالك مناطق اخر مثل بيبوا والعاصمة جاكارتا التي تعتبر عاصمة وفي نفس الوقت منطقة تدار ذاتيا من قبل حكومة تنفيذية وتشريعية خاصة بها يرأسها حاكم .تجدر الاشارة الى انه كانت هنالك ايضا منطقة أخرى وهي تيمور الشرقية التي كانت الى عام 1999 منطقة حكم ذاتي تابعة لجمهورية اندونيسيا الى ان تخلت اندونيسيا عن السيادة عليها لكي تصبح دولة مستقلة .
7. صيغة الحكم الذاتي في روسيا : منذ عشرينيات القرن الماضي تم تثبيت حق الحكم الذاتي لبعض مناطق الاتحاد السوفياتي السابق ولكنه لم تطبق عمليا حتى عام 1930 ، على الرغم انها لم تحمل صراحة اصطلاح الحكم الذاتي بل انها سميت بالمناطق القومية وتضمنت حقا مميّزا في ادارتها من قبل مواطنيها وذلك لتميّزهم اللغوي والقومي ، وفي دستور عام 1977 تم تعديل المصطلح ليظهر بصورته الصريحة بأسم مناطق الحكم الذاتي ، لكي يبين انها فعلا حكم ذاتي وليس مجرد ادارات ذاتية او تقسيمات ادارية فقط ، والان ضمن دولة روسيا الفدرالية بعد انحلال الاتحاد السوفياتي السابق واستقلال الجمهوريات السوفياتية الاخرى وبقاء روسيا بمفردها تبنت جمهورية روسيا النظام الفدرالي ( الاتحادي ) ، ويتألف نظامها هذا من تنوع في التقسيمات اللامركزية تتباين ما بين مناطق صغيرة للحكم الذاتي الى وحدات كبيرة فدرالية يطلق عليها اسم الجمهوريات على الرغم كونها جزءا لا يتجزء من جمهورية روسيا الاتحادية ، حيث يوجد 83 وحدة لامركزية ، 21 منها يطلق عليها جمهوريات لديها حق ادارة الشؤون الخارجية اساس تأسيسها هو قومي فقد تتالف من اقلية قومية ، 46 مقاطعة تتبع النظام الفدرالي على الاساس الجغرافي ، 9 اقاليم صغيرة مقسمة على الاساس الفدرالي لاثنية او قومية صغيرة ، مقاطعة صغيرة تتمتع بالحكم الذاتي على اساس ديني لليهود ، اربع وحدات او مناطق صغيرة تتمتع بالحكم الذاتي ، ومدينتان هما موسكو سان بيدروس بورغ يتمتعان بالنظام الفدرالي ( مدينة واقليم فدرالي في نفس الوقت ) فكما نلاحظ من هذا الجدول هنالك خمس مناطق مهما كانت مسمياتها لكنها ملحقة بمصطلح الحكم الذاتي والتي كانت فيما سبق وكما اشرت اليه اعلاه يطلق عليها بالمناطق القومية وهي :
1. منطقة جوكوتكا للحكم الذاتي
2. منطقة خانتي- مانسي للحكم الذاتي
3. منطقة نينتس للحكم الذاتي
4. منطقة يامالو- نينتس للحكم الذاتي
5. مقاطعة اليهود للحكم الذاتي
هنالك بعض الملاحظات المهمة حول انظمة الحكم والتقسيمات اللامركزية في جمهورية روسيا الاتحادية وهي أن كل هذه المقاطعات والاقاليم والمناطق والجمهوريات متساوية فيما بينها من القيمة اللامركزية ، حيث أنها تمتلك كل واحدة منها مندوبَين أثنين في المجلس الفدرالي الروسي الاعلي ، بينما انواع فدرالياتها وحكمها الذاتي مختلف بدرجات متفاوته فيما بينها ، وهنالك امر آخر هو انه قد نلاحظ أن هذه المناطق قد تمتلك مساحات شاسعة وواضحة المعالم لكون دولة روسيا بحد ذاتها اكبر دولة في العالم من حيث المساحة لذلك ليس هنالك حالات تداخل الحدود وضيق المساحة بما يشابه مناطق الحكم الذاتي في بلدان اخرى ، ولكن من ناحية أخرى يرافق ذلك قلّة في السكان وضئالة الكثافة السكانية خصوصا عند مناطق الحكم الذاتي .
هنالك حالة أخرى رأيت من الضروري ان اتكلم عنها ، الا وهي ما يطلق عليها باللغة الانكليزية ب (Urban Secession) والتي تعني بالانفصال الحضري او المتمدن وهي نوع من انواع مدن الحكم الذاتي ، والتي نراها في بعض المدن مثل سيئول وبوسان ودايغو ومدن أخرى في كوريا الجنوبية ، مقاطعة كولومبيا في المكسيك ، كيوبيك في كندا ، موسكو ، سان بيتروس بيرغ ، هامبورغ ، بيرمن ، برلين في المانيا ، حيث حدثت في هذه المدن عملية فصل عن ما يجاورها من مناطق تختلف عنها حضاريا وذلك في فترات متغيرة من مدينة لاخرى حسب ضروفها الذاتية والموضوعية ، وذلك من أجل المحافظة على عدم تأثرها بقناعات الجماعات التي تعيش في محيطها وبالتالي نضمن تطورها السريع كما سيرافقها ايضا نمو المناطق المحيطة بها لكون الحالة ستؤدي الى استحداث وحدات ادارية جديدة ، وهكذا سيكون هنالك مجلس تنفيذي وآخر تشريعي يحكم المدينة ذاتيا ويكون ارتباطه بالمركز .
شعبنا الكلداني السرياني الاشوري ومشروع الحكم الذاتي
في الحقيقة هنالك أمثلة مضاعفة لما ذكرته من تجارب للشعوب في موضوعة الحكم الذاتي ، ولكني أرتأيت ان أختصرها بهذه الامثلة فقط ، لكونها تحمل بين طياتها صور قد تقترب من واقعنا نحن بشكل أو بآخر ، فهذه التجارب التي اوردتها توصل لنا رسالتين مفادهما أنه ليست عملية تنفيذ المشروع وتطبيقه أمرا معقدا وصعبا للغاية وأنما شيء لا يختلف عن أساسيات الادارة الطبيعية للوحدات الادارية القائمة سوى نقطة واحدة وهي ان يكون هناك أعتراف بوجود شعب قائم يدير تلك الوحدة الادارية ، كما أنه ايضا هنالك رسالة أخرى توصلها هذه التجارب وهي أن هذا المشروع هو مشروع ناجح ولا يحمل بداخله اي ضرر لا على اصحابه ولا على مجاوريه لا بل بالعكس سيعزز مسيرة التقدم في عموم البلد لانه سيخلق بؤر لديها الامل في تطوير وجودها وارضها وبلداتها الصغيرة ، فمن خلال ما تقدم من أفكار ومفاهيم ونظريات سأحاول ان اناقش واقعنا الحالي وما يحمله من نقاط قوة تساعد على انجاح هذا المشروع وكذلك ما يحمله من نقاط ضعف ستعمل على افشاله ايضا .
• أن ما تحقق لنا في دستور اقليم كوردستان العراق من أقرار بالحكم الذاتي هو من اكبر واهم نقاط القوة التي بات يمتلكها مشروعنا .
• بالاضافة الى انتشار هذا المطلب والايمان به من قبل قطاع كبير من شعبنا ناهيك عن تاييده من كل القوى التي تشكل التيّار السياسي الصاعد الذي هو فرس رهان والمتمثل بالمجلس الشعبي والاحزاب المؤتلفة معه .
فهذه النقاط ستشكل قوة دفع من أجل انجاح هذا المشروع في حال المباشرة بتطبيقه خصوصا هنا في كوردستان والذي سيشكل خطوة مهمة جدا لا بل تفوق اهميتها عن بقية النقاط الا وهي كونها ستعطي الزخم من اجل اثبات هذا الحق في دستور العراق ، وتهيئة الاجواء من اجل ذلك ، لذلك يجب على خطواتنا اللاحقة لان تكون مدروسة ومبنية على اسس علمية بعيدة عن العاطفة والاحلام التي بالتأكيد لن تخدم مسيرتنا القومية ، وانما علينا ان نفهم ضروفنا الداخلية وضروف عموم البلد وساحته السياسية ، فقد يتطلب منا ان لا نستعجل الامور بينما تكون خطوة اساسية ما كأن نطالب بتطبيق جزئي لهذا المشروع في كوردستان ، خطوة كافية في سبيل عدم ضياع ما تم تحقيقه ، ومن ثم نستخدمها كمثابة لنا نتهيء للمطالبة باقرار الخطوات الاخرى ، فهنالك وكما ذكرت اعلاه أمور ضمن واقعنا قد تشكل نقاط ضعف تعرقل وتعيق تحقيق هذا المشروع ، من بين هذه الامور :
• أستحكام الافكار الاسلامية والعروبية الشوفينية في مجتمعنا العراقي .
• انقسام اراضينا التأريخية ضمن اقليمين ( جزء منها ضمن أقليم كوردستان وجزء آخر ضمن محافظة نينوى التابعة للمركز ) .
• مجموعة من ضروف موضوعية تشكل الحالة السياسية لعموم البلد قد تعيق وتؤخر تطبيق مثل هكذا مشاريع ، فأمامنا امثلة شاخصة عن تأخر في تنفيذ مشاريع عديدة وعدم تشريع قوانين كثيرة نتيجة للتقاطعات في المصالح ما بين الساسة العراقيين .
هذه الامور وأمور أخرى تدفعنا لكي ندرس موضوعنا مليا ونعمل على صياغته بصورة موضوعية اكثر من اجل تحقيق نجاح كبير في عملية تنفيذه على ارض الواقع .
فبناءا على واقعنا اولاً والضروف المحيطة بنا ثانيةً وتجارب الشعوب الاخرى في تطبيق الحكم الذاتي لها ثالثةً ، رأيت من المفيد ان تكون خطواتنا اللاحقة بهذه الصورة :
1. أن تكون مطالبتنا بتطبيق الحكم الذاتي اولاً في اقليم كوردستان فقط كمرحلة اولى ، أي في مناطقنا التأريخية التي نشكل بها اغلبية والواقعة ضمن اقليم كوردستان العراق وذلك لاسباب مهمة :
a) أن اقرار هذا الحق تم في دستور الاقليم فقط ولم يقر في دستور العراق الى الان .
b) توجه سياسة الاقليم نحو الديمقراطية هي اكثر صدقا ووضوحا من توجهات سياسة المركز ، كما تجدر الاشارة الى وجود نوايا حقيقية في الاقليم نحو توسيع النظام اللامركزي فيه .
c) نضج الضروف الذاتية لشعبنا وقواه السياسية في داخل الاقليم اكثر منها في خارج الاقليم ( ضمن محافظة نينوى ) وذلك لاسباب موضوعية تتعلق بواقع مجتمع هذه النحافظة .
2. بما أن حكومة الاقليم سيتم تشكيلها قريبا لذلك لابد لنا عندما نطالب بتطبيق هذا المشروع على ارض الواقع ان نأخذ هذا الامر بنظر الاعتبار ، فأما ان ننتظر اربع سنوات اخرى او نطالب بتطبيق سريع ولكنه قد يكون جزئي ، من الممكن ان نطوره في الكابينة الوزارية القادمة اي بعد انتهاء هذه الكابينة .
3. أن تكون عملية التطبيق بصورة تعمل على دعم المساعي في سبيل اقرار هذا الحق في دستور المركز ، وذلك من خلال تبيان ايجابية هذا العمل اولاً ، وأظهاره بطريقة تبدد مخاوف الاخرين ثانيةً ، على الرغم من كوني أقر بعدم مشروعية تلك المخاوف أصلاً .
وبناءاً على ما تتضمنه ضروفنا الذاتية من قبيل توزعنا على شكل قرى وبلدات صغيرة لا تتضمن وحدة أدارية مستقلة ، حيث في اقليم كوردستان لدينا مجموعة كبيرة من القرى التناثرة في محافظة دهوك ومنطقة واحدة فقط تطورت واصبحت مدينة صغيرة الا وهي عنكاوا التي كانت فيما مضى بلدة صغيرة ضمن محافظة اربيل ، وهذا يعني أفتقار مناطقنا الى وحدات ادارية متعددة ، ولكن علينا ايضا أن نعي من أن ما يمر به شعبنا من ظروف ذاتية يشابه بصورة كبيرة ظروف شعوب أخرى عندما بدأت تمارس حقها في الحكم الذاتي ، فالتجارب التي سقتها في بداية دراستي هذه قد سبقتنا بفترة طويلة ونالت حقها في التمتع بالحكم الذاتي في ظل ظروف ذاتية مشابهة لما نعيشه نحن مع اختلافات متباينة في ظروفهم الموضوعية التي كانت قائمة آنذاك مع ظروفنا الموضوعية التي نعيشها نحن ، وهذا سيؤدي حتما الى عدم تحقيق هدفنا بنفس الطريقة والآلية التي تم تحقيقه لغيرنا في السابق .
من الواضح جدا ومن خلال تفحصنا بهذه التجارب التي ذكرتها من أنه هنالك شعوب تمتلك نفس اوضاعنا كأن تكون عيشهم في مناظق غير متواصلة جغرافية كما في حالة منطقة الناطقين بالالمانية في اقليم والونيا ذو اللغة الفرنسية في هولندا ، وكذلك من ناحية التداخل في الحدود في الكثير من مناطق الحكم الذاتي في روسيا فيما بينها وكذلك في اقليم مسلمي مينداناو في الفلبين ، ومن ناحية قلّة العدد هنالك ايضا تجارب تشبه حالتنا هذه وخصوصا في منطقة فالي دا اوستا الايطالية ذات الحكم الذاتي ، وأمور أخرى ايضا كألأحقية القانونية في الحفاظ على لغتنا وعاداتنا وتقاليدنا وثقافتنا القومية وتشريعاتنا الشخصية ، هذه الامور نفسها كانت أحد أهم الاسباب التي بموجبها شُرّع مبدأ الحكم الذاتي للآخرين وكما هو واضح في التجارب التي سقتها في دراستي هذه ، وبسبب أقتراب ما يحصل في كوردستان العراق من توجهات نحو الديمقراطية وتجاوز أخطاء الماضي حتى وان لم يتم الاعتراف بها علنا ، فهذا يدفعني اكثر لكي أطلب اولا بتطبيق هذا المشروع هنا في كوردستان ، حيث أن هذا السبب قد يجعل من الضروف الموضوعية التي كانت موجودة في الدول التي منحت مكوناتها الصغيرة والمميّزة لغويا واثنيا او دينيا أو ثقافيا حق التمتع بالحكم الذاتي ، بدأت تشابه الضروف الموضوعية الموجودة الان في كوردستان ، مما سيعمل على انجاح المشروع كما نجح في تلك التجارب ، فقط يجب ان تكون خطوتنا الاولى مدروسة وآخذين بنظر الاعتبار كل الاحتمالات .
من خلال تجارب الحكم الذاتي عند الشعوب التي سبقتنا في هذا المشروع ، نجد أن القضية لا تتعدى كونها عملية توزيع للسلطة بصورة عادلة عن طريق أدارة أو حكم كل مجموعة متميزة ومؤهلة لنفسها ، أما مسألة الآلية أو الكيفية فتأتي بالمرتبة الثانية ، حيث نرى تفاوتا في طرق الحكم الذاتي عند مختلف الشعوب ولكن بالنتيجة النهائية فأننا نجدهم مناطق للحكم الذاتي يمتلكون نفس القيمة المعنوية ، وبذلك نستطيع ان نجد لنا آلية اولية أو مرحلية قد تكون جزئية كمرحلة أولى كما أسلفت ، يتم تطويرها لاحقا ، نستطيع من خلالها حكم نفسنا ذاتيا ، وأدارة شؤون مناطقنا من خلال التطبيقات الضرورية .
الشؤون الضرورية التي نحتاج أدارتها بنفسنا : من الواضح جداً أن العناصر القومية كاللغة والثقافة والعادات والتقاليد والدين هي من بين الامور المهمة التي تثير حساسية عند المكونات الصغيرة العدد التي تسكن مناطق صغيرة بين مساحات كبيرة نسبيا يسكنها مكوّنٌ كبير او مكونات تتقاسم الغالبية من سكان بلد ما ، فلذلك فأن غالبية تطبيقات الحكم الذاتي صيغت من أجل المحافظة على هذه الامور ، ونحن ايضا سيكون هدفنا عندما نطبق الحكم الذاتي هو ذلك ايضا ، وهذا يقودنا الى أن تتضمن مفاصل الحكم الذاتي عندنا المؤسسات التالية :
1. مؤسسة لادارة العملية التدريسية في عموم المدارس الموجودة في مناطق تواجد شعبنا بصورة كثيفة ، ووضع الخطط الكفيلة من اجل خلق وتطوير سياسية تربوية وفق متطلبات كينونتنا القومية والدينية ، من مناهج تدريسية ضرورية جديدة وما تحتاجه مناطقنا من خطط تربوية لتطوير هذه الحالة .
2. مؤسسة لادارة المراكز الصحية الموجودة في مناطق تواجد شعبنا ، وما يتطلبه الوضع لكي يتم تطويرها بما يتوافق والاحتياجات الذاتية والتنموية ، حيث تجدر الاشارة هنا على نقطة مهمة وهي امكانتنا الذاتي كشعب في هذا المجال ومقدار ما نستطيع الاستفادة منه ماديا ومعنويا .
3. مؤسسة لادارة شؤون مناطقنا من الناحية الامنية والادارية ، وكل مستلزمات التخطيط العمراني والاداري والامني ، من شرطة وشرطة مرور ودفاع مدني ، وكذلك الامور المتعلقة بقضايا التقسيمات الادارية وامكانيات تطويرها على ان تتم وفق المعطيات المادية والمنطقية المتوفرة .
4. مؤسسة لادارة المرافق المهتمة بالثقافة والفنون والادب وكافة منظمات المجتمع المدني الخاصة بالطفل والشباب والمرأة والبيئة .
5. مؤسسة للتخطيط الاستثماري خصوصا بالمجال السياحي الديني والمدني ، وامكانية خلق حالة سياحية تأتي بالفائدة على مستقبل منطقتنا وعموم البلد .
6. مؤسسة تكون مسؤولة على القضايا الشخصية تعمل على استحداث محاكم للاحوال الشخصية في المنطقة وفق متطلبات كينونتنا القومية والدينية .
7. مؤسسة تدير اقتصاد ومالية المنطقة ترتبط بها ماليا كافة الدوائر الحكومية التابعة للمؤسسات المذكورة اعلاه ، تكون أحدى مهامها ايضا تطوير الواقع الزراعي والتجاري والصناعي في المنطقة وبقدر الامكانات المتاحة .
8. مؤسسة تعني بأدارة الشؤون الدينية ومتطلبات الكنائس والاديرة وتطويرهم .
9. هيئة لرئاسة هذه المؤسسات اقترح ان يكون صلاحية رئيسها مبدئيا بصلاحية وزير ضمن حكومة الاقليم ، على ان يتم تطويرها مستقبلا حسب ما متاح ، يتم التوافق عليه لهذه المرحلة من بين ممثلي شعبنا في برلمان اقليم كوردستان ، على ان يصار الى أنتخابه بعد سنة واحدة من انتهاء انتخابات الاقليم ، يقوم بمهام أختيار روؤساء المؤسسات المذكورة اعلاه ، ويقوم لهذه المرحلة فقط السادة ممثلي شعبنا في برلمان الاقليم بمراقبة عمل هذه الحكومة المصغرة الى حين انتهاء انتخابات برلمان الاقليم القادم بسنة واحدة ايضا لكي يتم عندها وبنفس يوم انتخاب رئيس الهيئة التنفيذية في منطقة الحكم الذاتي لشعبنا باجراء انتخابات لمجلس تشريعي خاص بشعبنا يكون عدد أعضاءه مناسبا لعدد شعبنا في اقليم كوردستان .
ان بتطبيقنا المشروع بهذا الشكل، برأيي سيعمل على تقبله من قبل الآخرين ، فليس خفي علينا من انها تجربة غريبة على المفاهيم السائدة في مجتمعنا وامكانية تقبلها لن تكون سهلة ، لذلك فان مطالبتنا في هذه المرحلة بتطبيقها بهذا الشكل الجزئي سيحقق لنا مكسبين في آن واحد ، وهما مقبوليتها من قبل الساسة الكورد و ازالة المخاوف والشكوك منها والموجودة في ذهنية الساسة العرب ، أما أن لم نأخذ كل هذه الامور بنظر الاعتبار فمن الممكن أن يتم وضع العراقيل في سبيل تحقيق مشروعنا هذ ، وبعدم تحقيقه هنا في كوردستان ستبرز لنا مشكلة جديدة غير موجودة اصلا الا وهي جديدة المطلب وأمكانية تحقيقه ، فكلما كان مقدار تطبيق الحكم الذاتي على ارض الواقع ضئيلا كلما كان السند الشعبي والدولي له ضعيف ، بينما ان تحقق ولو جزء بسيط منه كمرحلة اولى سيؤدي ذلك الى المزيد من التأييد شعبيا – وهذا شيء في غاية الاهمية – ودوليا ووطنيا ايضا .
فاضل رمو