عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - د. منى ياقو

صفحات: [1]
1
قراءة قانونية في ملف التجاوزات على الأراضي الآشورية

(بادرش نموذجاً)



أ. د. منى ياقو

سوف اتناول الموضوع، من الجانب القانوني، وبحسب الهرم المتبع في الدراسات الاكاديمية:
اولاً – على الصعيد الداخلي:
1-على صعيد الدستور
تنص المادة 23 من دستور العراق النافذ، على أن " اولاً – الملكية الخاصة مصونة، و يحق للمالك الانتفاع بها و استغلالها و التصرف بها، في حدود القانون.
ثانياً – لا يجوز نزع الملكية الا لأغراض المنفعة العامة مقابل تعويض عادل، وينظم ذلك بقانون.
ثالثاً –
أ‌- للعراقي الحق في التملك في أي مكان في العراق، ولا يجوز لغيره تملك غير المنقول، الا ما استثني بقانون.
ب‌- يحظر التملك لأغراض التغيير السكاني "
و كما يبدو، فأن النص واضح و بشكل لا يقبل اللبس، في منع التملك الذي يحدث لغرض التغيير الديمغرافي حيث أن كل الوثائق و الشواهد، تدل على أن قرية بادرش مثلاً، كان يسكنها المسيحيين منذ 1920 و حتى يومنا هذا، و بذلك فأن محاولة احداث أي تغيير يضر بديمغرافية القرية، يعد فعلاً محظوراً وفقاً للدستور.
2- على صعيد المحكمة الاتحادية العليا
رغم ان المادة واضحة، الا انه و وفقاً لطلب الدائرة البرلمانية لمجلس النواب العراقي ،المرقم 1/9/4901 في 2/7/2013 بتفسير (المادة 23 /ثالثاً /ب من الدستور) ، فأن المحكمة الاتحادية العليا ، قد أصدرت القرار رقم 65/اتحادية / 2013 ، و الذي جاء فيه " ان الدستور العراقي حظر تمليك أو تملك الأشخاص افراداً او جماعات للعقارات بكل اجناسها و أنواعها و في أي مكان من ارجاء العراق سواء كان ذلك على مستوى القرية او الناحية او القضاء او المحافظة و بأي وسيلة من وسائل التمليك او التملك و ذلك اذا كان وراء ذلك التمليك او التملك هدف او غاية التغيير السكاني و خصوصياته القومية و الاثنية او الدينية او المذهبية ، حيث ان نص المادة 23/ثالثاً / ب من الدستور ، ورد مطلقاً في حكمه و هادفاً مع النصوص الدستورية الأخرى في الحفاظ على الهوية السكانية بمناطقها الجغرافية في العراق القومية منها و الاثنية و الدينية و المذهبية و ما شاكل و مقيداً لنص (المادة 23/ثالثاً /أ) ، من الدستور ، التي اجازت للعراقي تملك العقار في أي مكان في العراق ،لأن نص (المادة 23/ثالثاً /ب ) ورد بعد نص (المادة 23/ ثالثاً / أ) ، من حيث الترتيب التدويني ، و لأنه كما تقدم ورد بصيغة المطلق و المطلق يجري على اطلاقه " .
نفهم من ذلك ، انه اذا كان الأصل ان يتمتع كل عراقي بحق التملك في كل مدن العراق ، فأن الاستثناء هو الا يتم المساس بديمغرافية المنطقة التي يجري الامتلاك فيها ، هذا و أن رفض أهالي بادرش لتمليك ارضهم ( بمعناه الواسع ) ،و كون سكان القرية من الآشوريين حصراً ، فأن هذا دليل قطعي على أن ما يجري هو فعل محظور لأن نتيجته واضحة و هي احداث تغيير في الهوية القومية للمنطقة المذكورة، و بذلك فأن تملك تلك الأراضي لمن يحملون هويات دينية و قومية مختلفة ، هو فعل منافي لقرار يفترض انه بات و ملزم للسلطات كافة ، بحسب المادة 94 من الدستور النافذ .
3- على صعيد التشريعات النافذة في إقليم كوردستان – العراق
نصت المادة (3) من قانون رقم (5) لسنة 2015 – قانون حماية حقوق المكونات في كردستان – العراق، على أن "رابعاً – منع أي تصرف او سياسات سلبية من شأنها تغيير الأوضاع الاصلية للمناطق التي يسكنها مكون معين ، و منع كل تملك يهدف او يؤدي الى التغيير الديموغرافي للطابع التاريخي و الحضاري لمنطقة معينة ،لأي سبب كان و تحت أية ذريعة كانت ."
و ان المادة الأكثر أهمية في هذا الصدد، هي المادة (3) / خامساً، التي جاء فيها " معالجة التجاوزات الحاصلة على مناطق أي مكون و إعادة الحال الى ما كان عليه قبل حصول التجاوز، و إزالة الآثار و المخلفات التي أدت او تؤدي الى التغيير الديموغرافي، او تعويضهم في حالة استحالة إعادة الحال الى ما كان عليه ".
ان هذا القانون الذي طالما تم تسويقه اعلامياً، على انه نموذج للتعايش السلمي في الإقليم، لا بد ان يؤتي ثماره اليوم، بأن تثبت السلطات اننا إقليم يحترم التشريعات التي يصدرها برلمانه، و ان هدف هكذا تشريعات يجب ان يبقى محصوراً في اطار حلحلة المشاكل، لا ان يقتصر على إيصال صداه للمجتمع الدولي .
4- على صعيد مجلس القضاء في كوردستان- العراق
بتاريخ 18/1/2022 ، و بالكتاب الرسمي المؤرخ 1/3 /139 ، فقد قرر مجلس القضاء في الإقليم، و بالإجماع، في اجتماعه يوم 11/1/2022 ، ضرورة تطبيق القانون رقم 5 لسنة 2015 ، في كل دعاوى التمليك على صعيد جميع محافظات الإقليم (أربيل ، سليمانية ، دهوك و گرميان ) .
و برأيي ان صدور هذا التعميم، من جهة قضائية لها ثقلها القانوني في الإقليم، معناه امرين:
1-ان صدوره في هذا التوقيت، معناه التأكيد على ان "النص الخاص يقيد العام " ، و انه في دعاوى التمليك المتعلقة بالأقليات ، لا يمكن الاعتماد على نصوص قانونية أخرى صدرت سابقاً ، حتى و ان كان معمولاً بها ، بل يجب الاعتماد على هذا القانون المهم الذي صدر لحماية حقوق الأقليات في الإقليم ، من نواحي عدة ، من بينها ناحية التمليك و التجاوزات التي تحدث لأي سبب كان .
2- ان صدور هذا القانون، و بعد مرور حوالي سبع سنوات على نفاذ القانون المشار اليه ، معناه ان ثمة خلل او اِرباك قد حدث في تطبيقه خلال هذه المدة ، مما استدعى ضرورة التنبيه و التحذير بغية تصحيح المسار و حتى يحترم الجميع سيادة القانون ، لأنه بالقانون وحده يمكننا ترسيخ أسس التعايش بين جميع مكونات الإقليم ، بغض النظر عن عدد افراد كل مكون .
ثانياً - على الصعيد الدولي
1- اعلان بشأن حقوق الأشخاص المنتمين الى أقليات قومية أو اثنية والى أقليات دينية و لغوية لعام 1992
تنص المادة 1 منه، على ان " على الدول ان تقوم، كل في اقليمها، بحماية وجود الأقليات و هويتها القومية أو الاثنية، و هويتها الثقافية و الدينية و اللغوية، و بتهيئة الظروف الكفيلة بتعزيز هذه الهوية ".
2-اعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية لعام 2007
نصت المادة 8/2 منه "على الدول ان تضع آليات فعالة لمنع ما يلي:
ب-أي عمل يهدف او يؤدي الى نزع ملكية أراضيها " كما ونصت المادة 26 من الإعلان أيضا، على ان " 2- للشعوب الاصلية الحق في امتلاك الأراضي والأقاليم والموارد التي تحوزها بحكم الملكية التقليدية "
ختاماً
كرئيسة للهيئة المستقلة لحقوق الانسان ، و كمواطنة آشورية مسيحية ، أود قول ما يلي :
1- ادعو كل الجهات المعنية، افراداً و شخصيات معنوية، الى ضرورة الالتفات الى حقيقة مهمة، و هي أن قضية التجاوز على أراضينا، ليست قضية امتار من ارض قد نخسرها او نحتفظ بها، لكنها بالنسبة لنا كأحد الشعوب الاصلية في العراق عامةً و الإقليم خاصةً، هي قضية وجود و ثقة و امان، اذ ان توالي التجاوزات أدى الى إيجاد مبررات للهجرة، مما نتج عن ذلك، تناقص في اعدادنا، حتى بات رحيل عائلة واحدة، يشكل خطراً حقيقياً على وجودنا القومي.
2- ادعو ، من الجانب الآخر ، أبناء شعبنا الذين هاجروا ، الى عدم قطع الصلة و التواصل ، بوطنهم ، اذ ان الاهتمام بالأراضي ، بأية طريقة كانت ،في القرى و الاقضية و المدن ، و الحرص على عدم بيعها ، لأي سبب ، يؤدي بالتالي ، الى عدم التجاوز عليها ، لأن البيوت العامرة بأهلها ، لن يدخلها الغريب بسهولة .
3-أن الدور الذي لعبته وسائل التواصل الاجتماعي، و تحديداً الفيسبوك، في المدافعة عن قضية بادرش، لم يكن هدفه التشهير بأحد، بل كان ذلك، الطريق الوحيد المؤهل لإيصال معاناة مجموعة من أبناء شعبنا.
كما و ان علينا ان نكون موضوعيين ، ففي حال حل كل قضايا التجاوزات ، فأننا سننقل صورة إيجابية عن الاحداث و نؤكد على صيانة التعايش و حرص السلطات على احقاق الحق و الحفاظ على التلون في الإقليم ، دون الإنصات الى أولئك الذين يبررون هذه التجاوزات ، حرصاً على مصلحتهم الشخصية ، لا حرصاً على مصلحة شعبنا أو سمعة الإقليم .
كلي أمل، أن يلقى خطابي هذا آذانا صاغية.


2
رسالة مفتوحة الى الرئاسات الثلاث في اقليم كوردستان – العراق

د. منى ياقو

 ‏‎تحية ومزيد من الاحترام ..

‏‎حيث أن ‏‎العراق قد صادق على العهدين الدوليين ، الذين يمثلان اساس الشرعة الدولية لحقوق الانسان ، بقانون تصديق الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان رقم 193 لسنة 1970 ، و حيث ان المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية لعام 1966 ، تنص على ان " 1-لكل انسان حق في حرية الفكر و الوجدان و الدين و يشمل ذلك حريته في ان يدين بدين ما ، و حريته في اعتناق أي دين او معتقد يختاره و حريته في اظهار دينه او معتقده "، و حيث ان العراق و بضمنه اقليم كوردستان ، ملزمان باحترام تعهداتهم  و التزاماتهم الدولية . ‏‎مع الاشارة ، الى انه ، الاحكام الواردة في العهد المذكور، و التي تعد من قواعد القانون الدولي العرفي ، لا يجوز ان تكون موضوعاً للتحفظ ، و ان "حرمان الاشخاص من حرية الفكر و الوجدان و الدين " هو احد الأمور التي يحظر التحفظ عليها بحسب التعليق العام رقم 24 الصادر عن الدورة 52 للجنة المعنية بالحقوق المدنية و السياسية 1994  . ‏
‎و حيث ان ‏‎دستور العراق لعام 2005 ، يؤكد في المادة 2/ اولا – ج منه ، على ان "لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق و الحريات الاساسية الواردة في هذا الدستور ، و حيث ان المادة 42 منه ، قد ضمنت " لكل فرد حرية الفكر و الضمير و العقيدة " . ‏
‎و حيث ان ‏‎المادة 46 من الدستور ، تحظر صراحة ان " لا يكون ممارسة أي من الحقوق و الحريات الواردة في هذا الدستور او تحديدها الا بقانون او بناء عليه ، على الا يمس ذلك التحديد و التقييد جوهر الحق او الحرية "، و بما ان التحديد و التقييد الوارد في القانون النافذ و الخاص بممارسة حرية الدين و المعتقد ، هو تحديد يمس جوهر ذلك الحق ، فأنه تحديد مخالف للدستور تماماً . ‏‎و حيث ان ‏‎المادة (13)من قانون النفوس رقم 54 لسنة 1927 الملغي ، و المادة 16 من قانون تسجيل النفوس رقم 59 لسنة 1955 الملغي ، و المادة 25 من قانون تسجيل النقوس و الالقاب رقم 61 لسنة 1958، جميع تلك المواد جاءت عامة مطلقة ، و  لم تستثني اي شخص مسجل في سجلات النفوس من حقه في تغيير دينه و اختيار اي دين آخر مسجل رسميا في العراق . ‏
‎و ان الأمر تغير بصدور  قانون الاحوال المدنية رقم 189 لسنة 1964 الملغي ، اذ نصت المادة 33/2 منه ، على ان "" يجوز لغير المسلم ان يغير دينه وفقا لأحكام هذا القانون "، من ثم تم التأكيد على ذلك في قانون الاحوال المدنية رقم 65 لسنة 1972 الملغي ،و مؤخرا تم التأكيد على ذلك  في قانون البطاقة الوطنية رقم 3 لسنة 2016 ، اذ نصت المادة 26 منه على ان "" يجوز لغير المسلم تغيير دينه وفقا للقانون ". ‏‎و حيث ان ‏‎ المتعارف عليه ، ان الحقوق و الحريات لا بد ان تكون في حالة تطور ، انسجاماً مع المفاهيم الحضارية ، لا ان تتراجع كما جرى في العراق ، اذ كان حق الفرد في تغيير ديانته  مكفولاً في القوانين منذ 1927 ، لكن هذا الحق بات سبباً لخرق مبدأ المساواة بين المواطنين ، منذ 1964  و حتى اليوم ، حين جعل حق تبديل الدين محصوراً بين اتباع الديانات الغير مسلمة ، و بذلك فأنه ميز بين المواطنين بسبب اختلاف الدين و هذا ما يناقض تماماً نص المادة ١٤ من الدستور و بذلك فأنه يقضي على مبدأ المشروعية . ‏

‎و حيث ان ‏‎ اقليم كوردستان – العراق ، يقود تجربة يُفترض انها تكرس لمفهوم التعايش السلمي و التقارب بين المكونات ،و ان اصداء هذا التلون قد يصل الى المجتمع الدولي ، و حيث ان احدى أسس هذا التعايش هي المساواة في الحقوق بين ابناء تلك المكونات ، رغم اختلاف ثقلها العددي و كثافتها ، و حيث أننا ، كمكون ، نعد عنصراً اساسياً في دعم هذا التعايش ، و لأننا نرفض فكرة التمييز بين مواطني الاقليم و مكوناته  ، أياً كانت بواعثه و اسبابه . ‏‎فأننا ندعوا الرئاسات الثلاث ، الى انصافنا ، كمكون أصيل ، ذات هوية قومية و دينية و لغوية ، له تاريخ يمتد الى آلاف السنين على ارض العراق ، ويشهد له القاصي و الداني ، بمساهمته الفاعلة في تنمية الاقليم و تطويره و الدفاع عنه ، وبكوننا احدى الركائز الأساسية للمشاركة السياسية منذ 1991 و حتى اليوم ، ندعوهم الى اتخاذ مسلك مغاير لما موجود ، والإقرار بأننا مجتمع ديمقراطي منفتح يحترم اختلافاته و يعتز بها، و ان يتم تعديل نص المادة 26 من قانون البطاقة الوطنية النافذ، بشكل حضاري يتفق مع المواثيق الدولية ، و نقترح الصيغة التالية للتعديل : ‏

‎المادة 26  - اولاً – يجوز للفرد تبديل دينه ،الى أي دين معترف به رسمياً في الدستور .

‏‎ثانياً – ان تبديل دين احد الوالدين ، لا يترتب عليه تغيير دين اولاده القاصرين ، و يبقى هذا الخيار متاحاً لهم ، عند بلوغهم سن الرشد عاقلين . ‏‎كلنا امل ، ان تنظروا في طلبنا هذا ، بعين الانصاف و بالرغبة الحقيقية في الاقرار بمساواتنا كأفراد نحمل هويات دينية مختلفة ، امام القانون و امام القضاء.. ‏‎مع وافر تقديرنا.

3
المنبر الحر / (تهنئة و بعد)
« في: 23:00 28/03/2021  »
(تهنئة و بعد)
بمناسبة حلول الأول من نيسان ،عيد رأس السنة البابلية الآشورية 6771 ، اتقدم بالتهنئة الخالصة لأبناء شعبنا كافة ، بكل مسمياتهم ، متمنية لهم دوام التقدم و الازدهار .
كما و أنتهز هذه الفرصة ، لأؤكد على بعض المفاهيم المتعلقة بالمقابلة التي اجرتها معي قناة الميادين مشكورة :
اولاً – انني كشخص ، اؤكد على اعتزازي العميق بانتمائي الآشوري ، مع تقديري العالي و اعتزازي ايضاً ، بكل التسميات المتداولة ، و من يتابعني يعلم جيداً ،بأني ادعوا دائماً لتناول موضوع تسمية شعبنا ، في اطار وحدوي جامع ، كونه (أي شعبنا ) ، في احوج ما يكن للوحدة في المرحلة الراهنة .
ثانياً – أود ان اطمئن شعبي العزيز ، بأن انتمائي القومي ، الممتد عبر آلاف السنين ، من سومر و أكد و بابل و آشور ،هذا الشعب الواحد الموحد ، بكل مسمياته، التي تعني لي الكثير ، سيبقى راسخاً شامخاً في تفكيري كما كان ، و اؤكد لبعض الساسة، و البعض ممن يسمون بالمثقفين، و لأولئك الذين لا يتنفسون الا هواء الطائفية ، و للاهثين وراء المناصب، ان غاياتهم الدفينة ، لن تنال من عزيمتي و فكري الوحدوي هذا ، و لن يحيدوني عن القيم و المبادئ التي بنيت على اساسها ايماني بقضيتي القومية ، و سأبذل كل جهدي ، و اكرس ثقافتي بشكل عام ، و معلوماتي القانونية ،على وجه الخصوص ، من اجل ابراز نقاط القوة و الضعف في الدستور و التشريعات القانونية النافذة ، حتى أرضي ضميري الذي أهتم له و لحكمه ، اولاً و اخيراً .
ثالثاً – ليعلم كل من قام بتلك الجعجعة المخجلة ، الظاهرين للعلن منهم و المتخفين المحرضين ، انه كان من الممكن ان يكون لي رد فعل سلبي ، لما اقترف بحقي من تشهير من قبل البعض ، و انا كقانونية اعرف مسبقاً النتائج الايجابية بالنسبة لي كشخص ، و الآثار التي تترتب على ذلك ، لكني لست من يرد الاساءة بهذه القسوة ،  خاصة عندما يتعلق الأمر بأشخاص من ابناء شعبي ، حتى و ان كان وضعهم بائساً لهذا الحد .
رابعاً –أن مشكلة اولئك ، هي انهم لا يقرأون ، فما قلته هو ذاته ما كتبته في اكثر من مقال ، و ايضا في كتابي الأخير ، و اتمنى عليهم أن يكونوا اكثر وعياً و اطلاعاً ، في المرات القادمة .
كما و يبدو لي، ان هناك من لا يفهم اللغة الأم ، التي تعد ركناً اساسياً في وجود أية قومية ، لأن وجهة نظري هذه وضحتها اكثر من مرة ، في اللقاءات التي اجريها بلغتي الأم ، و من استمع الى ما قلته كاملاً ، يعلم بأن ما ادعاه اولئك هو محض افتراء ، و سببه جهل كبير بالمعلومات القانونية و الدستورية ، سواء في العراق الاتحادي بعد 2003 أو في اقليم كردستان العراق منذ 1992 .
ختاماً
أشكر اصحاب المواقف و الاقلام الجريئة ، التي أبت الا ان تنطق بالحق ، و من جانبي أعلن بأن ما حدث و ما سيحدث ، لن يؤثر على نشاطي اطلاقاً ، بل سيقويني و يدفعني بحماس اكبر ، للقيام بواجبي في الأمور المتعلقة بالجانب القومي .
كل عام وأنتم شعب أصيل  ، له اولويات ، اتمنى ان يتم الاهتمام بها.
🔵 ملاحظة :
بينما كان (البعض) مشغول بنقاشاتهم البيزنطية و سجالاتهم العقيمة ضدي  ، كنت مشغولة بوضع اللمسات الأخيرة على كتابي الجديد ،الذي سيكون في المكتبات بعد فترة وجيزة ، أملاً بأن أقدم ما يفيد امتي و شعبي و جميع الباحثين في هذا المجال .

4


الصورة النمطية للمرأة الشرقية في الاعلام المعاصر

أ‌.   د. منى ياقو
 
لا يخفى على احد ، ان المرأة تحظى باهتمام واضح ، في وسائل الاعلام ، مقارنة بالرجل ، و هذا أمر لا بأس به ، و لكن الاشكالية هي ان التركيز على المرأة  في الاعلام العربي المعاصر ، تحديدا  ، ليس اكثر من كونها، جسد مغري و وجه جميل ،و كأن هذا المظهر الجذاب،  هو اقصى طموحات المرأة ، الذي لخص كل اشكال (نضالها)  ، و تنافسها و صراعاتها ، في سبيل ابرازه بهذا الشكل الملفت للانتباه .

-   المرأة كمنتج و مستهلك للمادة الاعلامية

 يتضاعف تأثير هذا الواقع ، حين نعلم بأن المرأة الشرقية ، هي الاكثر استخداما لوسائل الاعلام و تأثرا بها ، أي انها اضافة الى كونها منتجة للمادة الاعلامية ، فهي ايضا تستهلك بنهم كل ما ينتجه الإعلام ، من دعايات تجارية و مسلسلات و برامج فنية و غيرها ، و بذلك فأن الملامح السلبية لصورتها سوف تولد لديها مشاعر رافضة او تزيد من شعورها بالدونية و تدفعها الى الاستسلام للواقع ، بغية استرداد ثقتها بنفسها  .

-   المرأة كأداة لتسويق البضاعة
 غالبا ما يقتصر ظهور المرأة ، في الاعلام ، على كونها اداة لتسويق منتجات تجارية معينة ، تخص الاكل او الشعر او الوجه او الملابس  ، اذ تبدو صاحبة الدعاية ، و كأنها حققت احلامها من خلال اقتنائها للمنتج ، فتدعوا الاخريات لتقليدها ، و حتى لو كان الاعلان خاصا بأمر رسمي ، كالعمل ، فأن التركيز على المرأة التي تظهر في الاعلان ، يكون على اعتبارها انثى جميلة ، اكثر مما يكون على انها (انسان ناجح ) ، و هذا ما يؤدي برأيي الى التقليل من مكانة المرأة و دورها و فاعليتها، دون ان نقصد بذلك ان الجمال ضد التفوق ، لكننا لا نريده ان يأتي في قمة اولويات المرأة العصرية ، كي لا تبدو و كأنها في حالة من الافلاس الفكري  .

-   صانعات المحتوى
 شاع في الآونة الاخيرة ، ما يعرف ب ( صانعات المحتوى –bloggers  )، اذ استغلت بعض الفتيات او  النسوة ، سهولة الوصول الى المتلقي ، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ، فأصبحن يتبارين في بث مقاطع فيديو للحديث عن أمر معين او التسويق لبضاعة معينة او لمركز تجميل او صالون حلاقة او مطعم ، و غير ذلك من الأمور ، حتى أن البعض منهن اصبحنا نراه و نعرف اخباره ، اكثر من معرفتنا بأقرب المقربين ، و في الوقت الذي لا نعد فيه هذا الأمر سيئاً ، لا سيما و انه أصبح واقعاً لا مفر منه ، الا ان السلبية تتضح حين نتابع ما يبثه هؤلاء ، و ما يحمله الأمر من تداعيات غير مرغوبة ، عندما تقوم بعض الفتيات بالمقارنة بين واقعها اليومي الروتيني الممل ، مع ما يحدث في حياة تلك الفتيات اللواتي اصبحن مشهورات بسبب متابعتنا لهن ، اذ تكاد لا تفارق الابتسامة وجوههن ، و يقضين النهار متنقلات بين السينما و المطعم و محلات الالبسة و الماكياجات ، و يحظين بعبارات مديح و اطراء ، هذا مع غض النظر عن امور اخرى ، باتت مفقودة بسبب الوضع الصحي الغير طبيعي الذي انتجته جائحة covid 19 ، كالسفر الى ارقى البلدان و ما يرافقه من تصوير لمناظر خلابة و فنادق راقية، أضف الى ذلك ، فأن الوضع الاقتصادي المتدهور ، الذي نمر به بسبب الأزمة الاقتصادية في اقليم كوردستان- العراق مثلا ، بسبب عدم دفع الرواتب ، يجعل الوصول الى تحقيق تلك (الأحلام ) ، امراً شبه مستحيل ، مع ما يفرزه ذلك من مشاكل اجتماعية يومية ، سببها عدم الرضى عن النفس و نبذ الواقع  و غياب القناعة  .
المشكلة أن النسبة الغالبة من هذه الفئة ، تجذب الفتيات المتابعات الى تكريس جل اهتمامهن بالأمور السطحية ، و الى جلد الذات احياناً او القاء اللوم على الأهل او الزوج ، كونهم لم يوفروا لهن ، حياة مرفهة مثل حياة اللواتي  يقمن بمتابعتهن .

-   برامج المرأة و تطوير الذات
المراقب للبرامج ، الاذاعية و التلفزيونية ،و ايضا لوسائل التواصل الاجتماعي ،  يلاحظ ان موضوعات الازياء و الموضة ، تحتل مساحة واسعة من الحيز المخصص للمرأة ، و ان البعض من البرامج التي تسلط الضوء على قضايا التجميل و الماكياج ، تشجع المرأة على التفكير في آليات معينة لضمان الوصول الى هذه السبل ،التي تجعلها اجمل و بالتالي الاكثر حظاً و مقبولية ، و هذا ما قد تكون له تداعيات على الحياة الاجتماعية البسيطة التي تعيشها المرأة ، اما الانجاز العلمي او الاكاديمي ، الذي تحققه بعض النساء ، فغالبا لا يتم تسليط الضوء عليه الا في مناسبات عامة محدودة ، كيوم المرأة العالمي مثلا ، او في مناسبات فردية ، كإلقاء الضوء على مسيرتهن بعد الوفاة ، و هذا ما لاحظناه على نساء عراقيات مميزات مثل المهندسة المعمارية الراحلة زها حديد .

-   نوعية البرامج التي تستقطب النساء
هذا و ان برامج ذات طبيعة خاصة ، كتفسير الاحلام او قراءة الابراج او متابعة الحياة اليومية لنجمات السينما او الطبخ ، تستقطب المرأة ، بمراحل عمرية مختلفة ، و تؤدي الى محدودية تفكيرها و ربط ابداعها بأمور هي في الحقيقة ، هامشية الى حد ما او روتينية مكررة ، و ليس فيها ابداع او أو تنمية للقدرات او اضافة مميزة .

-   لا يمكن التغاضي عن دور الاعلام في شد انتباه المرأة
و من المعلوم ، ان الصورة النمطية للمرأة الشرقية ، لم ترتقي كمفهوم ، لكنها تطورت بما يتلاءم مع تطور القنوات و الوسائل الاعلامية ، بما يكفي لبيان النسق الثقافي و القيمي السائد في مجتمعاتنا ، و لا تفوتنا الاشارة هنا ، الى الطبيعة المزدوجة التي تطغى على الوسائل الاعلامية ،و التي تساعدها على الترويج لأفكار و قيم متناقضة ، في الوقت ذاته ، ففي الوقت الذي تعمل فيه هذه الوسائل ، على تغيير القيم و العادات و المفاهيم التقليدية ،فأنها تسهم في خلق اشكال جديدة من الوعي ، هذا مما يعني ان هذه الوسائل بإمكانها ان تلعب ادواراً حاسمة تؤثر في المنظومة الثقافية الواسعة لأي مجتمع .
-   
-   مميزات الصورة النمطية للمرأة
 لا يقتصر تأثير الصورة النمطية على الاعلام وحده ، بل يشمل جوانب اخرى ، و ابرز ملامح الصورة النمطية للمرأة ، في مجتمعاتنا ، تتمثل بما يلي :-
1-   غالباً ما يركز الاعلام ، في رسائله الخاصة بالجانب التعليمي – التربوي ،على الاهتمامات التقليدية للمرأة ، فيظهرها بمظهر الزوجة او الأم ، التي لا يتعدى نطاق تفكيرها ،امور المطبخ و اشغال البيت ، حتى انه ان اراد ان يظهرها بأرقى صورها فيجعلها مهتمة بالأزياء و الماكياج و امور الموضة ، هذا مما يعني ان اولويات المرأة الشرقية ، تكمن في تنمية اهتماماتها بأنوثتها و مظهرها  ،على حساب اغفال الجانب الآخر لقدراتها ، المتمثل بكونها عنصر فاعل في مجتمع دائم الحركة، و تعود مع هذا الواقع المنغلق لتطالب بالمساواة مع الرجل ، و هنا تدخل في حيز من التناقض ، يجعل صراعها ضد التمييز ، صراعا مريرا  .
2-   بمقارنة بسيطة بين التوزيع الجغرافي للنساء اللواتي يسلط الاعلام الضوء عليهن ، نجد ان المرأة الحضرية ،و تحديدا ، الشريحة العليا من الطبقة الوسطى ، تأخذ حيزاً واسعاً من الاهتمام الاعلامي ، مقابل تجاهل واضح للمرأة الريفية ، و للنساء من القطاعات الشعبية .
3-   يتباين الاهتمام الاعلامي بتباين المهن و اختلافها ، اذ يزداد الاهتمام بالفنانات مثلا  ، اما المرأة الممتهنة للسياسة ، و رغم ان المشاركة السياسية قد تضاعفت في السنوات الاخيرة ، و ان بعض الدساتير ،كالدستور العراقي النافذ ، كان له دور فعال في الاقرار بالتمييز الايجابي لصالح المرأة ،حتى اصبح (مجلس النواب العراقي ) ،يضم ما لا يقل عن ربع عدده من النساء ، لكن ما نشاهده ،هو غياب النائبات عن شاشات التلفاز ، الا ما ندر ، حتى ان البعض منهن ، لا تطل على الشاشة ولو مرة واحدة ، طيلة مدة دورتها النيابية .
4-   من حيث الفئات العمرية ، التي يتم ابرازها في الاعلام ، نلاحظ ايلاء اهتمام كبير بالمرأة في مرحلة الشباب و النضج ،أي في العقدين الثاني و الثالث من العمر ، على حساب تهميش المرأة الاكبر سناً ، حتى ان من تظهر على الشاشات ، للأعمار بين ال 40-60 عاماً، غالباً ما تكون قد لجأت الى اجراء تصحيحات على بشرتها ،بشكل يخفي عمرها الحقيقي ، طمعاً في ان تحظى بتقييم ايجابي من المتابعين  .
5-   من حيث نوعية البرامج ، نلاحظ ان اغلب البرامج  تركز على المظهر و تترك الجوهر ، اذ تكاد لا تخلو أية قناة من برنامج عن الازياء او الماكياج او عمليات التجميل ، بينما نادرا ما نلاحظ وجود برنامج خاص بتوعية المرأة بحقوقها ، او بتوعية المجتمع بقضية المرأة و اشكالية مساواتها بالرجل .
     
-   ماذا نلاحظ ؟
هكذا اذن ، نلاحظ ندرة ظهور النموذج الايجابي للمرأة ، في الاعلام ، مقابل زيادة ظهور النماذج السلبية و التقليدية و السطحية .
-   قياس الواقع من خلال مستوى المتابعين
المشكلة ان الأمر لا يقتصر على فئة محددة ، او على مستوى ثقافي معين ، لا بل و انه من خلال متابعة عملية التفاعل مع ما يتم طرحه من "فيديوهات" او " منشورات" ، على مواقع التواصل الاجتماعي ، فنلاحظ ان صورة لأمرأه شبه عارية ، او فيديو تنشره احداهن ، عن موضوع عابر، حتى لو كانت بمستوى ثقافي متوسط ، يحظى بالأعجاب ، اكثر بكثير من مقال اكاديمي لموضوع حيوي ، نشره مختص ، دون ان يرفقه بصورة ملونة لفتاة جميلة ، هذا مما يعني ان الخلل في طريقة التفكير ، لا يقتصر على تلك الفئة المحدودة التي قامت بالنشر ، بل انه يطال شريحة واسعة من المجتمع ، بمختلف المستويات الفكرية و الثقافية ، تفاعلت مع تلك المادة الاعلامية ، و هذا يعني بالتالي ، ان من يبتغي طرح فكرة ، عليه ان يهتم اولا بصورته ، من ثم بالفكرة التي يود ايصالها .
و هذا ما يدفعنا احيانا ، كمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي ، ان نرفق صورة ملونة ، مع موضوع حيوي ، لكي نجذب اهتمام المتابع و نضمن تفاعله مع الفكرة الاساسية .
و مما اثار دهشتي ايضا ، انني اثناء متابعتي للتعليقات على منشورات معينة ، الاحظ ان موضوعا دسماً قد تم طرحه ، من قبل احداهن ، فإذا بالبعض يعلق " كم يليق بك اللون الازرق " او " هذه التسريحة جميلة جدا " ، هنا اشعر بأن الثقافة و المثقفين في خطر حقيقي ، اذ كيف يمكن وضع كل الفكرة و الحديث عنها جانبا و التركيز على جزء سطحي صغير من الموضوع .
-   ختاماً
و بشكل عام ،و لكي لا ابدو ملكية اكثر من الملك ، فأني اؤكد ان الاهتمام بالمظهر الخارجي ، هو امر مهم جدا ، لكلا الجنسين ، لكن ذلك لا يعني اهمال الجانب الآخر لأناقة الانسان ، و تحديدا المرأة ، و هو اناقة الفكر و لباقة الحديث و التسلح بثقافة عامة ، الى حد مقبول ، حتى لا نبدو مجرد "ديكور" جذاب ، و داخلنا صورة مزيفة عن "المرأة العصرية " التي اردنا ان نبرزها للواقع بطريقة غير منطقية ، و لنتذكر ما قاله سقراط  " تكلم حتى اراك  " .
                               


5
تقرير عن واقع المسيحيين في العراق مقاربة متعددة الأبعاد

لقراءة الموضوع كاملا انقر على الرابط التالي :

https://ankawa.com/sabah/Situation-of-Christians-in-Iraq-Adyan-Report.pdf

6
المنبر الحر / غرباء في عقر دارنا
« في: 22:31 02/04/2018  »
رسالة مفتوحة الى /
منظمة الأمم المتحدة للتربية و الثقافة و العلوم (اليونسكو )
السيد رئيس وزراء الاقليم
الهيئة العليا لاٍحياء قلعة اربيل
رئاسة برلمان الاقليم 
ممثلوا شعبنا في برلمان الاقليم 
مؤسساتنا السياسية و الثقافية
ابناء شعبنا في الوطن و المهجر
تحية و تقدير
م/غرباء في عقر دارنا

نزولاً عند رغبة البعض من اصدقائي المغتربين ،قمت اليوم بزيارة الى (قلعة اربيل ) ، تلك القلعة التي كانت تُسمى (قلعة اربائيلو ) ، والتي بنيت في عهد الآشوريين ، نحو الالف الاول قبل الميلاد ، لأغراض دفاعية ، و التي تشير الدلائل الى وجود آثار مطمورة تحتها ، و قد ادرجتها (اليونسكو ) كموقع تراث عالمي في 2014 .
الغريب ، ان ما وجدته جعلني أشعر بأني غريبة على ارض تمتد جذوري فيها الى 6768 سنة  ، شعرت للوهلة الاولى و كأني في قلعة لا علاقة لها بأجدادي العظماء الذين بنوا اعرق الامبراطوريات في التاريخ ، و هي الامبراطورية الآشورية  ،  و كأنه لا  توجد اية ادلة على انتمائي الى هذا الصرح الحضاري العظيم .
 سأحاول ان اختصر ما رأيته ، بمصداقية و موضوعية :-
اولا – ضمن الخريطة الهندسية للقلعة ، وجدت ما يلي :
1-   متحف الملابس الكوردية الاصيلة
2-   جامع القلعة الكبير
3-   ارشيف الموسيقى الكوردية
4-   متحف النسيج الكوردي
هكذا يبدو ، ان لا وجود لنا اطلاقاً في خريطة القلعة .

ثانيا – في احد اقسام المتحف ، و الذي عنوانه ( معرض النماذج المصغرة للأزياء الكوردستانية ) و من بين (اثنى عشر ) زي كوردي ، التي تمثل ارجاء كوردستان الاربعة ، وجدت زياً واحداً فقط لشعبنا ، لكن البطاقة التعريفية المكتوبة بجانب الزي ، كانت كالاتي ( زي فتاة كوردية مسيحية في شمال كوردستان ) .
ما هذه الاستهانة و الاستصغار بأنتمائنا القومي ، في عقر دارنا ، متى كان المسيحيون اكرادا ، هل نخلص من عملية انصهار قسري قام بها العرب ، حيث كنا نسمى بالمسيحيين العرب ، لتطلق علينا السلطات في الاقليم (مسيحييون كورد ) ؟
ملاحظة : لي مطلق الاحترام والمحبة ، لكلا هاتين القوميتين ، و لكن عملية الادماج الفكري القسري ،تعد فعلا مرفوضا تماما ، وهو اسوء ما يمكن ان تتعرض له الاقليات ، و كان يفترض ان يجرَم هذا الفعل في اطار دستور العراق النافذ ، الذي يبدو و للأسف ان ممثلينا في لجنة اعداد الدستور ، لم يهتموا حينها بأدراج الفعل في نص دستوري واضح .

ثالثا- ما الذي استفدناه من اصدار قانون اللغات الرسمية في الاقليم ، ان لم اعثر على حرف واحد من لغتي على جدران القلعة او اللوحات الموجودة فيها ، و لا في (البروشورات) التي حصلت عليها من ادارة القلعة  .
رابعا – حيث ان احترام التراث الحضاري للشعوب ، يقع ضمن اولويات (منظمة اليونسكو ) التي اقرت في المادة 27 من اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي و الطبيعي 1972  " 1- تعمل الدول الاطراف ، بكل الوسائل المناسبة ، خاصة بمناهج التربية و الاعلام ، على تعزيز احترام و تعلق شعوبها بالتراث الثقافي و الطبيعي المحدد في المادتين 2 و 3 من الاتفاقية .2- و تتعهد باعلام الجمهور ، اعلاما مستفيضاً ، عن الاخطار الجاثمة على هذا التراث و عن اوجه النشاط التي تتم تنفيذا لهذه الاتفاقية " .
هنا على المنظمة ان تحترم التزاماتها الدولية ، و ان تدرك تماما ان عملية التحديث في هذا الموقع الاثري ، قد طالت جذوره ، بشكل غير مقبول .

خامسا – لنوابنا و سياسيينا و كنائسنا و احزابنا ومثقفينا ، اقول :
ايها الأحبة : بدلاً من ان نهدر اوقاتنا بالمناكفات و المهاترات السياسية و محاولات اخضاع الآخر ، لنعطي جميعا فسحة من وقتنا ، لمتابعة هذه الامور الستراتيجية ، التي ان كان لنا هوية قومية حيَة حتى اليوم ، فتلك القلعة هي ابرز شواخصها .

ما أود قوله :-
1-   هل هذه هي أسس التعايش السلمي التي يطبل و يزمر لها ممثلينا ، بوجه خاص ، و ممثلي السلطة في الاقليم ، بوجه عام ؟
2-   هل يرضى (الكورد ) بأتباع سيناريو الاقصاء و الالغاء ، الذي اتبعه معهم نظام صدام البائد ، مع مكونات الاقليم الاصلية ؟
3-   ليدرك الجميع ، ان هدفي هو التصحيح ، و ان نقدي هو نقد بناء ، و ليس من اجل التشهير بهذا او ذاك .
4-   لا القي بالعتب على السلطات المعنية وحدها ، فنحن نتحمل الجزء الاكبر منه ، لأن الحقوق تنتزع ، أما نحن ، فغالبا ما ننتظر ان تقدم لنا على طبق من فضة، كمنحة .
5-   ادعو كل المعنيين ، الى الوقوف و بقوة ، لصد عملية الانصهار التي نتعرض لها اليوم ، بشكل ممنهج و مدروس ، و ان يدرك الجميع ، بأن عددنا هنا في تناقص مستمر ، و ان ما وجدته في القلعة اليوم ، قد اجد الاسوء منه بأضعاف بعد عشر او عشرين سنة ، ما لم نجبر السلطة على احترام التاريخ و عدم السماح لها بتشويهه .
6-   اتمنى ان يلقي ندائي الآذان الصاغية ، و ان يعمل اصدقائي في المهجر ، على ترويج النداء على اوسع نطاق .


7


قراءة في ما سُميت ب
( الوثيقة السياسية لضمان حقوق المكونات القومية و الدينية في كوردستان )
د.منى ياقو
بعد ان تم الاعلان عن الوثيقة الموسومة ب ( الوثيقة السياسية لضمان حقوق المكونات القومية و الدينية في كوردستان ) ، وجدت ان من الضرورة بمكان ، أن أبدي رأيي كقانونية ، بالقيمة القانونية لهذه الورقة ، و كما يلي :-

اولا – من حيث الجهة التي انبثقت هذه الورقة عنها : -
من المعروف ان هذه الورقة قد انبثقت عن (المجلس الاعلى للأستفتاء في كوردستان ) ، و حيث ان هذا المجلس قد تشكل لغرض معين و لفترة زمنية معينة ، و سيفقد صلاحياته بمجرد انتهاء مهمته ، و بما أن الاطراف الكوردية قد نجحت في عقد جلسة لبرلمان الاقليم في 15 ايلول 2017 ، بعد ان استمر تعطيله لأكثر من 22 شهرا ، لذا كان يفترض أن يتم المصادقة على هذه (الوثيقة) ، من قبل البرلمان نفسه، لتكون لها قوة قانونية حقيقية  .
ثانيا- من حيث صفة الالزام :-
بدت الوثيقة خالية من أي تصديق رسمي ، كالتوقيع او الختم او صفة الجهة المصدرة لها ، و بدل ان يطالب المعنييون بالتصديق ، سارعوا الى الشكر و الامتنان .
ثالثا – من حيث تقديم ضمانة دولية لتنفيذ الورقة :-
في الوقت الذي حرص فيه السيد مسعود البارزاني ، على الحصول على ضمانات دولية كبديل للأستفتاء ، نجد بأن الورقة التي طرحها للأقليات لم يكن فيها اية ضمانات ، لا داخلية و لا دولية ، و هنا لا القي باللوم عليه بتاتا ، كوننا نتحمل الجزء الاكبر من المسؤولية  .
رابعا – من حيث التوقيت الزمني لصدور الورقة :-
من الغريب ان عدداً من الاوراق ، تم تقديمها الى اللجنة المعنية بالأمر ، منذ فترة ليست بالقصيرة ، الا ان الورقة لم تصدر الا قبل ساعات من بدء عملية التصويت ، و هذا الامر فيه احتمالين : اولهما – اننا نبني موقفنا على (ورقة ) بغض النظر عن مضمونها ، و هنا نكون حسني النية الى حد يجلب الكثير من الضرر ، ثانيا – الا يتسنى لنا تحليل ما موجود في الورقة و الاعتراض عليها و بالتالي الا يفسح المجال (لنقض ) ما جاء فيها ، كونها أمر واقع .
خامسا- من حيث قوة الورقة في حسم اكثر الأمور حساسية :-
رغم حرص السيد مسعود البارزاني على التأكيد ، في اكثر من مناسبة ، بأن الدولة القادمة ستكون (دولة مدنية ) ، الا ان الورقة تحاشت الاشارة الى هذا المصطلح اساسا ، بما يعنيه ذلك من امكانية تكرار نص المادة 2 من دستور العراق النافذ ، و الذي يؤكد على ان " الاسلام دين الدولة الرسمي ، وهو مصدر اساس للتشريع " ، مع ما يترتب على ذلك من تقسيم المواطنين الى مراتب ، بحسب ديانتهم ، و حينها سيعرف (البعض ) ، ان العبارات الرنانة التي تطلق في فترات الدعاية الانتخابية ، ما هي الا احلام يقظة ، سرعان ما نستفيق منها بمجرد انتهاء المرحلة ،و نصحوا على واقع مغاير تماماً  .
سادسا- من حيث تسمية الدولة المزمع اعلانها :-
تجلت الرغبة في اعلان دولة قومية محضة ،من خلال  تسمية الدولة المزمع قيامها ب (دولة كوردستان ) ،  دون أدنى استجابة لرأي المكونات ، حيث كانت التسمية محل اختلاف في وجهات نظر احزاب شعبنا  .
سابعا – تقييم ما جاء في الورقة :
بشكل عام ، يمكننا القول ، ان بعض ما جاء في الورقة ، هو مجرد بديهيات ، وان ذكرها او عدم ذكرها ، لا يقدم و لايؤخر البتة ، و البعض الاخر منها ، تعد مجاملات تطلبتها مرحلة الدعاية للأستفتاء ، و الجميع يعلم بأنها لن تنفذ ، و اما البعض الثالث ،فهو تكرار لما تم الاقرار به في دستور العراق النافذ ، بمعنى انه لم يضف أمرا جديدا ، و مما يُذكر ايضا  ، ان البعض من مواد الورقة ، يعد من حقوق الاقليات التي اقرتها المواثيق الدولية و التي ينبغي على الاقليم ، وهو مقدم على خطوة كهذه ان يركز عليها بغية كسب ود المجتمع الدولي ، و اما ما تبقى ، ففيها أمور اعدها ايجابية في هذه المرحلة ، كمضمون ، و ليس كضمانات .
و سأتطرق الى كل فئة على حدة ، و كما يلي :-
1-   البديهيات :
أ‌-   ما جاء في المادة 1 من الورقة ، هو أمر كاشف لا منشئ ، فهو توضيح لواقع حال مجتمع تعددي ، لا أحد يمكنه انكار ما فيه من مكونات دينية و اثنية ، هذا اضافة الى انه تكرار لما جاء في المادة 3 من قانون حماية حقوق المكونات رقم 5 لسنة 2015 .
ب‌-   ما جاء في المادة  15 من الورقة ، التي نصت على مشاركة المكونات في صياغة الدستور ، حيث انه من المنطق و القانون ، ان تشارك المكونات في كتابة أهم وثيقة في أية دولة ، و هذا الامر معمول به في دستور العراق ، و في مسودات دساتير الاقليم ايضا .
2-   ما يعد مجاملة مع وقف التنفيذ :-
أ‌-   المادة 6 من الورقة ، التي اعتبرت اللغات الخمس ( الكوردية ،التركمانية ،السريانية ، العربية و الارمنية ) لغات رسمية ، لا يمكن العمل بها على ارض الواقع ، فلو تم كتابة عنوان( دولة كوردستان)، مثلا ،  باللغات الخمس في هوية الاحوال المدنية ، حينها لن يبق مجال لكتابة أية معلومات اخرى .
ب‌-   المادة 11 من الورقة التي جاءت بعبارة ركيكة ، ليس فيها أي الزام ، و التي تطرقت الى ازالة اثار التغيير الديمغرافي بحسب احصاء 1957 ، هي مجرد فقاعة اعلامية لمرحلة معينة ، كنت سأكتفي بالزام الجهات المعنية بأزالة اثار التغيير الديمغرافي التي حصلت منذ 1991 ، شريطة ان يحصل ذلك عملياً ، و لا اريد وعداً اعلم بأنه يرفعني حيث اللامس الغيوم ، و يلقي بي على الارض ، من هناك .
3-   ما يعد تكرارا لما جاء في دستور العراق النافذ :
أ‌-   المادة 7 من الورقة ، التي تضمن ان يرمز على كوردستان و شعاره و نشيده الوطني الى المكونات ، اشترطت ان ينظم ذلك بقانون ،هي مذكورة بوضوح في اطار المادة 12/اولا من دستور العراق ،  و اتسائل هنا :
طالما كانت جميع مسودات الدساتير في الاقليم ( بما فيها المسودة التي كنت عضو في لجنة صياغتها ) قد ذكرت تفاصيل العلم و العيد القومي و النشيد ،في الدستور ، فكان الاجدر ان يضمن هذا الحق عبر الدستور و ليس القانون ، مع ما يعنيه ذلك من علوية و ثبات .
ب‌-   المادة 8  من الورقة ، التي تشير الى تنظيم الاعياد و المناسبات و العطل ،  هي مادة سطحية لا معنى لها ، و هي تحصيل حاصل ، هذا اضافة الى انها موجودة ضمن دستور العراق في المادة 12/ ثانيا .
ت‌-   المادة 9 التي كفلت حرية المعتقد ، أجدها تتحدث عن أمر بديهي جدا ، و هي تكرار لما ورد في المواد 10 و 42 و 43 من دستور العراق ، ولو كان اصحاب الوثيقة حريصين على اِقرار هذه الحرية فعلا ، كان الاجدر بهم  ان يقروا  لنا (حرية الدين ) بدل ( حرية المعتقد )، ليتسنى لنا ، على اساسها المطالبة بتعديل النصوص المجحفة بحق الاقليات الدينية ، في القوانين النافذة حاليا ، و التي لا مجال لذكرها الآن .
ث‌-   المادة 10 من الورقة التي اعطت الحق لاتباع المكونات غير المسلمة ان تتبع الاحكام الخاصة بالاحوال الشخصية ، هي تكرار مُمل لما اقرته المادة 41 من دستور العراق ، التي بقيت حبرا على ورق و لم تأت بجديد ، و التي اعتبرها دون أية اهمية قانونياً ، فطالما بقيت القوانين مستندة على الشريعة الاسلامية ، فأن وجود هذه المادة او عدم وجودها ، هو أمر واحد .
4-   الامور التي تعد ايجابية كمضمون ، و ان لم ترافقها اية ضمانات :-
      المادة 2/أ  ، المادة 3 ، المادة 5 ، المادة 14 .
ثامنا – الورقة معلق تنفيذها على شرط تعجيزي :-
الاسوء من كل ما سبق ، انه تم تعليق تنفيذ مواد هذه الورقة ، على تفعيل اول دورة برلمانية ، مع ما يعنيه ذلك ، من احتمالية المماطلة و التسويف و تمييع المسألة و عدم اقرارها ، عند اختلاف وجهات نظر الكتل البرلمانية المتشددة عقائديا او دينيا .
ملاحظات :-
تجاوزت على جملة اخطاء ، كان ينبغي الا ترد ، في وثيقة يفترض انها (مهمة ) ، من ذلك مثلا :-
1-   خلو بعض النقاط من الورقة ، من الفاظ الزامية ، تجعلها تبدو في صورة الامر بالتنفيذ ، ك ( الالزام – الاقرار- الضمان – فرض- تكفل  ..............) .
2-   ذكرت كلمة (كوردستان ) كمصطلح دون تحديد الوصف القانوني الثابت له ، اذ ذكرت مرة ، على اعتبار كوردستان جزءا من العراق ، و مرة (كدولة ) قائمة بذاتها ، و مرة كمصطلح غير معرف ، لا هو باقليم و لا بدولة .
3-   اقحام (العرب ) اثناء الاشارة الى شعبنا ، حيث تم ذكر تسمية شعبنا كالآتي ( الكلدان السريان الاشوريين و العرب و الارمن ) ، رغم ان حقوق الارمن كمكون ديني لا تختلف عن حقوقنا .
4-   من المعروف ان ما يشرع عن البرلمان يطلق عليه ( مواد قانونية ) اما ورقة بهذا المستوى ، فكان يفترض ان تكتفي ب اولا و ثانيا ...........
5-   ب حسب الاصول القانونية و الأعراف المتبعة في  كتابة الوثائق ، يفترض ان يكون لكل وثيقة خاتمة و استنتاج ، كما يكون لها مقدمة ، لكننا وجدنا المقدمة فقط .

اتمنى ان نستفيد من هذه التجربة ، و ان نفكر جدياً في اعادة اللحمة الى بيتنا القومي ، و ان نقر بضرورة اشراك الاكاديميين – كل بحسب تخصصه – في القضايا المصيرية ، و ان نجعل الآخر ملزماُ و مهتماً بالبحث عن الشرعية التي فقدناها مؤخرا ، بكل اسف .





8


أي حديث عن فكرة  الزواج المدني في الأقليم
أعتبره انتهاكاً صارخاً لنا كأقليات


د.منى ياقو
دٌعيت يوم أمس ، للحديث عن موضوع (الزواج المدني ) ، في أحد البرامج ، من قبل الزميل الدكتور آدم بيدار( وهو مسلم معتدل و متخصص في الشريعة الاسلامية و مقدم برامج ) ، و رغم اني اعتذرت عن المشاركة لأسباب خاصة ، الا انني كنت حريصة على متابعة البرنامج ، و بعيداً عن تقييمي للبرنامج و ما دار فيه ، فأني أرغب ببيان رأيي بالموضوع الذي بدأ الحديث عنه في بعض الاوساط .
فكرة الزواج المدني
من المعلوم ان الزواج المدني ، و على غير المعتاد في الزواج الشرعي (الديني ) ، يتم توثيقه و تسجيله في المحكمة ، بين شخصين مسجلين في السجلات المدنية للدولة او المقيمين فيها ، و هدفه الاساس هو الغاء الفروقات الدينية و المذهبية و العرقية بين طرفي الزواج ، و يتم بحضور الشهود و كاتب العقد ، دون الحاجة الى مباركة أي دين .
ما أود قوله :-
اولا – ان معظم المحاولات الترقيعية  التي تتم من اجل تطبيق مبدأ العلمانية ( فصل الدين عن الدولة ) ، هي خطط محكومة بالفشل ، كونها مرتكزة على  دستور غير مدني ، و أعتبر أية خطوة تتخذ في هذا الجانب ، ليست سوى تمويهاُ للشعب و تناقضاَ مع الواقع الدستوري القائم .

ثانيا – الغريب ان هذه الخطوة الابداعية ، قد جاءت – بحسب بعض المختصين في البرنامج - بهدف زيادة التقارب بين المكونات ،  ، و انها تتم تحت شعار (تعزيز الوحدة الوطنية الحقيقية ) ، هنا اتسائل : لماذا كُتب علينا كأقليات ، ان نكون ضحايا  جميع خطط التعايش السلمي  ؟  و أرى بأن هذه الفكرة، متى استقرت ، ستقضي على ما تبقى من معنى للتعايش بين مكونات الاقليم .

ثالثا – لطاما ناديت ، و بشتى الطرق ، بضرورة تعديل نص المادة 17 من قانون الاحوال الشخصية النافذ في الاقليم ، حيث نصت المادة على ان " يصح للمسلم ان يتزوج كتابية ، و لا يصح زواج المسلمة من غير المسلم " ، هذه المادة التي بقينا ضحاياها منذ 1959 و حتى اللحظة ، و التي تعد مخالفة صريحة لنص المادة 14 من الدستور النافذ ، و بينما كنت اتمنى على حكومة الاقليم و سلطته التشريعية تحديداً ، ان تتخذ خطوة  جدية بغية تعديل ما جاء في المادة استناداً الى اِقرارمبدأ المساواة و عدم التمييز بين المواطنين ، فأذا بنا نسمع عن طريقة مستحدثة لأستمرار انتهاك حقوق الاقليات الدينية .

رابعا – أتصور بأنه ، حتى في أفضل الحالات ، ان حدث و أقر رجال الدين المسلمين المعتدلين ( حسب ما جاء في البرنامج ) ، بقبول زواج الفتاة المسلمة من رجل غير مسلم ، فبأعتقادي أننا سنبقى الخاسر الأول ، حيث ان العديد من القوانين التي شُرعت في الاقليم ، لم تجد تطبيقا لها على أرض الواقع ، و وصل الأمر احيانا ، الى مطالبة  الهيئات الدينية المسلمة بأصدار الفتاوى بتحريم أمور معينة ، رغم كونها مجرمة قانوناً ، و مثال ذلك ، انه رغم منع التجاوز على اراضي الاقليات ، الذي اكدت عليه نصاً مواد في قانون رقم 5 لسنة 2015 (قانون حماية حقوق المكونات في كوردستان- العراق ) ، الا انه و بعد تكرار التجاوزات ، و بقاء الحكومة عاجزة عن تطبيق القانون ، تم التوجه الى احدى الهيئات في وزارة الاوقاف لأصدار فتوى لأقناع المتجاوزين بالكف عن افعالهم ، نفهم من ذلك ، ان سطوة الشرع على القانون ، تجعل من وجود النص كعدمه ، و أعتبر هذا الكرم ، مجرد دعاية لتمهيد الارضية لصدور القانون .

خامسا – في ظل مجتمع قائم على اقرار التمييز بين الاغلبية و الاقلية ، كمجتمعنا ، فأنه حتى مع توافر الشروط الملائمة و العادلة  للزواج المدني ، سيظل الأمر مقتصراً على جيل واحد ، اٍذ من الطبيعي ان تكون ثمرة الزواج المدني ، هي النسل (انجاب الاطفال) ، و هنا نتسائل : أي دين سيتبع اولئك الاطفال ؟ و الجواب دون ادنى شك هو دين الاغلبية .

بناءا على ما تقدم  :-
1-   اتمنى على جميع رجال الدين المسيحي ، توضيح موقف الكنيسة من الأمر ، بشكل موضوعي اكاديمي ، و بالسرعة الممكنة  .
2-   اتمنى على جميع مثقفينا و كتابنا ، التصدي للفكرة و استئصالها قبل ان تنفلت و تصبح فقاعة اعلامية تشغل الشارع  .
3-   اتمنى تنسيق الموقف مع بقية الاقليات الدينية (الايزيدية ، الصابئة المندائية ، الكاكائية و الزردشتية ) ، و حثها على بيان موقفها الواضح و الجريء ، تمهيداً لتوحيد الرؤى في الحوارات القادمة  .

أخيراً
أوجه دعوة صادقة الى جميع المعنيين بقضية التعايش في الأقليم ، بأن يلفتوا النظر الى ضرورة تطبيق النص القانوني على كل من ينسف وجود الآخر و ينكره و يشوهه ، أياً كان منصبه و مركزه الاجتماعي ، و مهما كانت ثقافته ، فهذا وحده ما سيحمي كرامتنا كأقليات دينية و سيبعث في نفوسنا الأطمئنان و يمنحنا الثقة بأمكانية التعايش السلمي ( علماُ بأن هذه النصوص نافذة لكنها لا تطبق على ارض الواقع ) .





9


اضاءة قانونية خافتة
 على موقفنا من الأستفتاء
د.منى ياقو
- فكرة الدولة القومية الكردية
من المعلوم ، ان مبدأ ( لا تفتيت و لا تجميع بالاكراه ) ، كان سائداً في القرنين الثامن عشر و التاسع عشر ، و كان قد استند اساساً الى مبدأ القوميات ( principle of nationalities  ) حين برزت فكرة (الدولة القومية ) ، التي انطلقت اساساً من ضرورة الا يٌكره شعب على العيش مع غيره في اِطار كيان سياسي واحد ، و الا يتم تفتيت شعب له ثقافة و خصائص تميزه ، بتوزيعه قسراً بين عدة كيانات سياسية .
و تم التركيز حينها ، على العوامل العرقية و الثقافية و اللغوية من اجل تقرير هوية الشعب و مستقبله السياسي ، وذلك انطلاقا من التقارب بين  مفهومي (الشعب) و ( الأمة ) ، على الأقل بالقدر الذي يخدم الارادة السياسية لأية وحدة طبيعية ، و دعمها لأمتلاك دولتها القومية المستقلة ، الا ان تغيرات و انقلابات سريعة حدثت ، في وقت قياسي ، لا يتعدى ستون عاماً ، دفع الى التريث و اِعادة النظر في تقييم فكرة الدولة القائمة على أساس مبدأ القوميات .
و أصبحت النظرة السائدة ، هي ان فكرة الدولة القومية ، ان كانت تصح بالنسبة لدول تتألف من أمة واحدة ، لكنها لا تصح ابداً بالنسبة للدول التي تكون مؤلفة من أمم عديدة .
و اليوم ، تشير مجمل الدلائل ، الى ان الأقليم مقبل على انشاء دولة كردية قومية ، و ان دحض هذه الفكرة لا يأتي من خلال انكارها شفهياً ، كما هو جارِ ، بل من خلال تقديم الاثباتات و البراهين التي تمهد لذلك، بخطوات ملموسة ، فمثلاً ، اعلان دولة تحت مسمىً قومي ( دولة كردية أو دولة كردستان ) ، لا يعني بالنسبة لنا كأقلية و كسكان البلاد الأصليين  ، اِلا القبول بصهر تاريخ يعود لأكثر من سبعة الآف عام ، و التعود على التعايش مع أصحاب الدولة كضيوفٍ معززين مكرمين ، و هذا التوجه لن نرضى به نحن ،كما و لن تؤيده ، على الأرجح ، الاطراف الدولية و الاقليمية .
-   حق تقرير المصير في اِطار ميثاق الأمم المتحدة
 بصدور ميثاق الأمم المتحدة في 1945 ، ( ينظر المادتين : 1/2 و 5 منه ) ،  تحول حق تقرير المصير من مبدأ سياسي بحت  الى مبدأ قانوني راسخ ، و هذا ما أكده قرار محكمة العدل الدولية الصادر بشأن اقليم تيمور الشرقية في حزيران 1995 ، الذي جاء فيه " ان مبدأ حق تقرير المصير للشعوب ، قد تم الاعتراف به من قبل ميثاق الامم المتحدة .............. وهو احد المبادئ الاساسية للقانون الدولي  ".
و رغم رسم الاطار القانوني لهذا الحق ، الا ان تعدد معانيه و كثرة الزوايا التي ينظر منها اليه ، كالزاوية القانونية ،الزاوية السياسية ، زاوية المصالح الدولية البحتة ، الخ ،و كذلك عدم توضيح المقصود ب (الشعوب ) التي يحق لها المطالبة به ، كأن تكون أمة او مجموعة او شعب الدولة  ،  كل ذلك قد  يعد أمراً سلبياً بالنسبة للمطالبين به ،لا سيما و ان سياسة الكيل بمكيالين ، تصبح واردة جدا ، حيث يُعطى الحق لمجموعة و يُحرم على اخرى.
-   أوجه حق تقرير المصير
تجدر الاشارة ، الى ان حق تقرير المصير ، يكون على نوعين : اولهما – داخلي : و يتمثل بحق الشعوب ، في اختيار نظام الحكم الذي يلائمها و حقها في ادارة شؤونها على النحو الذي يحقق مصالحها ، دون تدخل او تهديد . و ثانيهما : خارجي – و يتضمن حق الشعوب في ان تختار بحرية وضعها الدولي الذي تراه مناسبا لها ، سواء بالأنفصال او الأندماج او الأتحاد .
وان الوجه الداخلي لتقرير المصير ، قد أتضح من خلال الاعمال التحضيرية لنص المادة 1 من العهدين الدوليين ، كذلك من خلال صياغة المادة في العهدين ، التي استخدمت مفردة (الشعب) بشكل مطلق ، حين اكدت على ان  " لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها ".
من هنا انطلق لأؤكد على حق شعبنا في المطالبة بتقرير مصيره داخلياً ( كما بينت مفهوم ذلك اعلاه )،و بأنه كان من واجب سلطات الأقليم ، ان تأخذ ذلك بنظر الأعتبار ،قبل اجتماع 7 حزيران ، حينها كان يمكن ان يتم التحاور حول امكانية  تشكيل أقليم  خاص بشعبنا، او الاقرار  بالحكم الذاتي لمناطقنا ، أو أي خيار يناسب طموحاتنا المرحلية ،في اطار دولة اتحادية ( لا قومية ) ، تحمل هوية جميع المكونات ، اسوةً بمطالبة اخواننا الكرد ، بحق تقرير مصيرهم خارجياُ ، و ان احترامنا لحقهم و تأييدنا له ، سيبقى مرهوناً بمدى  دعمهم التحريري الراسخ لحقنا ، حيث كان من واجبهم ان يهتموا بالأتفاق مع المكونات الأخرى ، قبل ان يجعلوا الاستفتاء أمراً واقعاً ، و كان يمكن ان يتم ذلك الاتفاق ، برعاية أحدى المنظمات الدولية كالأمم المتحدة ، حينها أراهن على ان الأقليم كان سيصبح نموذجاً عصرياً راقياُ للممارسات الحديثة لحق تقرير المصير ، لا سيما و ان هذا الحق يقبل التطور بطبيعته .
 و أما في الحالة الراهنة ، حيث تم اِنكار هذا الحق ،بشكلٍ غير مباشر ،  من قبل شركائنا الكرد ، و تحت اية ذريعة كانت ، لذا فمن حقنا ان نظهر جلياً للعالم اجمع ، بأن من يقوم بالتحشيد لدعم حقه في تقرير المصير ، لا يرضى بمنح نفس الحق للآخرين ، و على شركائنا ، ان يتحملوا هذا الانطباع السلبي ، بروح رياضية .
هذا علماً بأن ، كل ما تقدم ، لا يمنع اطلاقاً ، امكانية  طرح فكرة تقرير المصير بشقه الثاني (الخارجي ) مستقبلاً ، اذا ما استجدت ظروف تجعل المطالبة بذلك أمراً محتوماً و وفقاُ لمتطلبات المصلحة العليا لشعبنا .
  حيث ان الأصل ،هو ان حق تقرير المصير غير قابل للتقادم ، اِذ يمكن استعماله لأكثر من مرة ، و بالمعنى الذي يختاره المطالبين به ، بمعنى انه ، لو طالبنا اليوم بأقليم مستقل ، فأن ذلك لن يمنعنا بعد عدة سنوات من المطالبة بالأستقلال كدولة ، اذا ما توفرت مستلزمات اعلان الدولة ، المعروفة في القانون الدولي العام  .

-   الأقلية و حق تقرير المصير

 أما حول حقنا كأقلية قومية - دينية ، في المطالبة بتقرير المصير ، و رغم احتدام النقاش بشان تحديد المقصود بمصطلح ( الشعب ) الذي ورد ذكره في الفقرة 2 من المادة 1 من ميثاق الأمم المتحدة ، في تحديد مقاصد انشاء المنظمة الدولية ، و التي من بينها حق (الشعوب) في تقرير مصيرها ، الا ان خلاصة  ما تشير اليه معظم  الدراسات ، و القرارات و كذلك احكام المحاكم و التجارب ، تشير الى حق الأقلية في تقرير مصيرها ، بمجرد توافر الشروط التالية :
1-   تمتع الاقلية بجميع العناصر التي تؤهلها ان تكون (أمة ) ، و تميزها عن بقية مكونات الشعب ، من خلال تلك الخصائص التي تجمهعا .
2-   الاعلان عن الرغبة في تشكيل كيان سياسي مستقل .
3-   ان يخدم مطاليبها البعد الجغرافي للمناطق التي تتوزع عليها .
4-   وجود مبررات تدعو الى المطالبة بتقرير المصير ، و اهمها الحقوق التاريخية للشعب على أرضه .

-   نظرية الاضطهاد كأساس للمطالبة بتقرير المصير
من الضرورة بمكان ، الاشارة هنا ، الى نظرية الاضطهاد (التي يستند عليها ايضا اخواننا الكرد ) ،  كأحدى اهم الذرائع المشروعة للمطالبة بتقرير المصير ، و تُبنى هذه النظرية على فكرة اساسية مفادها ، ان الدولة ( او سلطات الاقليم ) ، عليها ان تضمن الحماية الفعلية للموطنين ، في النصوص القانونية النافذة ، و كذلك في التطبيقات العملية ، و انها (أي سلطات الدولة او الاقليم ) تستمد شرعيتها من خلال اقرار المساواة و عدم التمييز ، أما ان تم انتهاك حقوق الاقليات ، بشتى الطرق ، كمحاولات الاخضاع المتواصلة ، و فرض الهيمنة و تشويه المشاركة في الحكومة او الحرمان منها  ،فأن الامر يكون مختلفاً تماماً ، و لا أود هنا الدخول في تفاصيل الأضطهاد و عرض صوره ،(سواء تلك التي تعرضنا اليها على يد السلطة الاتحادية او سلطات الاقليم )، لأننا سبق و تحدثنا عنها في اكثر من مناسبة .
و تأتي اهمية هذه النظرية من قوة الاساس القانوني الذي تنطلق منه ، و المتمثل في القرار رقم 2625 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ، عام 1970 ، الذي أقر بحق الشعب بالمطالبة بتقرير مصيره ، في حال غياب المساواة و ثبوت التمييز ، على اساس الدين او العرق او اللغة .
وحول شرعية الانفصال على اساس الاضطهاد ، يقول Buchheit  ( Lee C. Bunchheit , The Legitimacy of Self- Determination , p.222 )  ان " القانون الدولي يعترف بمجموعة من الوسائل القانونية ابتداءا من حماية حقوق الافراد و حقوق الاقليات و انتهاءا بالانفصال كوسيلة اخيرة .........." .و لا ننفي هنا ، ان هذه النظرية قد تقيد حق تقرير المصير ، كونها لا تشترط الاختلاف الاثني كأساس لرعية المطالبة بهذا الحق ، بل تستلزم اثبات حصول الاضطهاد .

هنا علينا لفت الانتباه الى نقطة مهمة للغاية ، و هي ان نظرية الاضطهاد ، لكي يتم الاعتماد عليها و تفعيلها ، لا بد من تأكيد وجود الاضطهاد من قبل اعضاء الاقلية نفسها ، و هذا ما قد يتعذر تحقيقه بسهولة  – بأعتقادي- بسبب كثرة اقطاب السياسة في شعبنا ، و تباين اجنداتهم و ولائاتهم .

-   ما القيمة القانونية المستقبلية لموقفنا من الاستفتاء ، بالنسبة لنا كشعب و كقضية قومية ؟
بغض النظر عن الهدف الحقيقي من الأستفتاء ، فأن موقفنا من هذه العملية له أثر كبير على التقييم العام لوضعنا السياسي ، و هو انعكاس لمدى الارادة الحرة المستقلة لممثلينا ، و هو موقف حاسم سيكون له دور فعال سواء في حالة اعلان الدولة (الكردية ) ، أو في حالة تأجيل الاعلان الى سنوات اخرى ، أو حتى في حالة اعادة اجراء الاستفتاء للمرة الثالثة ، بعد سنوات ، ما أقصده هنا ، ان المشاركة في الاستفتاء، كان ينبغي ان تتم  بحرص و دراسة متأنية، مع أخذ كل الاحتمالات بنظر الاعتبار ، و هذا أمر يفرض نفسه ، و لا يمكن لأيٍ كان ان يتهرب من المسؤولية ، في ظل أي تبرير .
-   ما القيمة القانونية لموقفنا في اضفاء الشرعية على حق الكرد في الأستقلال ؟
رغم أنه وفق المعطيات الآنية ، فأن الأوان قد فات للحديث عن ضمانات أساسية لشعبنا ، كشرط للتحاور حول الأستفتاء ، الا اني أدعوا السلطة السياسية في الأقليم ، الى الوقوف بجدية عند  موقفنا ،  من الأستفتاء ، و احترام الأرادة الحرة لشعبنا، و البحث بذكاء عن مخرج قانوني- سياسي ، لتدارك ما جرى من تصغير حجم مطالب شعبنا ، في اجتماع 7 حزيران ، بشكل قد يجعل من تجربة الاقليم ، سابقة دولية يحتذى بها ، مع ما سيترتب على ذلك من تأثير ايجابي على مكانة الاقليم في المجتمع الدولي ، و بعكسه فأننا قد نخسر هذه الفرصة ، و قد نضحي بحقوق قومية – سياسية نعتبرها أساس الشراكة ، لكن الاقليم سوف يخسر دعم أحدى المكونات الاساسية ، مع ما يترتب عليه من التساؤلات التي سوف تثار حول أسباب ذلك التنافر بين السلطة و الاقليات ، و تساؤل حول الشرعية التي يستمدها الاقليم في اعلان دولته من المجتمع الدولي ، وهو اساساً يفتقر الى دعم الشرعية من مكون قومي- ديني عريق ، ذو تاريخ عملاق ، لا يمكن تهميشه في قضية كهذه .

-   على الصعيد القومي
في ضوء كل ما تقدم ، نعيد التأكيد ، على اننا نمر بمرحلة حساسة و حرجة ، آزاء مشروع الاستفتاء و اعلان الدولة (الكردية )، و اننا بحاجة الى تظافر الجهود السياسية و القانونية و الاقتصادية و غيرها ، و الى دراسة ابعاد القضية انطلاقا من المصلحة القومية ، و لنترك المزايدات السياسية و الفردية جانباً ، كيلا نعيد تجارب مؤلمة كانت السبب في الشرذمة و التفتيت ، نحن بحاجة ماسة الى الحوار المبني على اسس ، مع مراعاة الوضع السياسي الراهن ، و البعد القانوني الداخلي و الدولي ، و الاستفادة قدر الامكان من الحقائق التاريخية المغيبة عمداً ، و ان على مؤيدي أية جهة سياسية ان يطالبوا ممثليهم بالتوجه الى طاولات الحوار ، و عدم استهلاك الجهود و المقدرات و الوقت ، في مهاترات جانبية ، لن نجني منها الا المزيد من خيبات الأمل .
و سنستمر في عرض الجانب القانوني ، أملاً في خدمة شعبنا و قضاياه المصيرية .


10

أسس  القانون الدولي في التعامل مع (الأقليات)
و مدى مراعاتها في التفاوض حول الاستفتاء

د.منى ياقو

بعد أن أكد البيان الذي صدر عقب انتهاء اجتماع الأطراف السياسية ، في 7 حزيران الجاري ، على " اجراء الاستفتاء الشعبي في 25 ايلول المقبل " ،  أود الأشارة الى وضعنا كمكون قومي – ديني أصيل في الأقليم ، و مدى الثقل الذي نشكله ، و مدى الجرأة المطلوبة في بيان رأينا الواضح الصريح ، آخذين بنظر الاعتبار مصلحة شعبنا ، بعيدا عن أية معايير جانبية ،  و ذلك من خلال  مقارنة  وضعنا منذ 1991 حين اصبحنا شركاء أساسيين في الأقليم ، و حتى اليوم .

سوف أعتمد ، على تعليق  السيد (اسبيودن ايدي ) -رئيس الفريق العامل المعني بالاقليات التابع للجنة الفرعية لتعزيز و صيانة حقوق الانسان- ، على (اعلان حقوق الاشخاص المنتمين الى اقليات قومية او اثنية و الى اقليات دينية و لغوية) ،الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1992 ،  الذي أكد ان حماية الأقليات ، ترتكز على اربعة شروط :-

1. حماية وجود المجموعات المعنية :
و المقصود من الحماية هنا ، هو حماية وجودها المادي ، الذي يتطلب أساساً الحفاظ على (الأرض ) ، و عدم أستبعاد الاقليات ماديا من الأقليم و الا تستبعد ايضا من الوصول الى الموارد الضرورية لمعيشتها .

و هنا نتسائل عن مدى أستطاعة السلطة الحفاظ على أراضينا ، و حمايتها من التجاوزات ، خلال الربع قرن المنصرم ، و عن الضمانات التي بأمكان  السلطة تقديمها لشعبنا ، و من خلال قياس حجم الأقصاء والتهميش  الذي تعرضنا له من  قبل سلطة الاقليم ، نتسائل  اذن ، عما ستؤول اليه حالة شعبنا  لو اصبح الأقليم دولة ؟

2. عدم استبعادها :
و يراد به ، الا تستبعد الأقلية  عن المجتمع الوطني ، و هذا ما أوضحته المادة 2/3 من الاعلان التي اكدت على ان " يكون للأشخاص المنتمين الى اقليات الحق في المشاركة الفعالة على الصعيد الوطني ...... في القرارات الخاصة بالأقلية التي ينتمون اليها او بالمناطق التي يعيشون فيها " ، و يبدو واضحا ، ان كلمة ( فعالة ) لم ترد هنا اعتباطا ، و ( بموجب البند 38 من تعليق السيد ايدي ) ينبغي ان يكون اشراك ممثلي الاشخاص المنتمين الى اقليات في (المراحل الاولى ) من عملية صنع القرار لأن اشراكهم في المرحلة الأخيرة يجعلهم عرضة للمساومة .

و الأهم من ذلك ان البند 41 (من التعليق ) يؤكد ان مشاركة الاقليات لا تعني عرض الحد الادنى من الحقوق فقط ، بل تقديم قائمة بأفضل الممارسات التي قد تفيد الاقليات في ايجاد حلول ملائمة للاشكاليات التي تعاني منها .

هنا نتوقف عند مصطلحين ( المشاركة الفعالة ) و ( في المراحل الاولى ) ،فمن خلال تقييم مشاركتنا نجد انها لم تكن سوى مشاركة صورية ، و لم تتوانى السلطة احيانا عن جعلها مشاركة مغيبة ، كما في حالة خلو مقعد الوزير من الكابينة الوزارية الحالية منذ آب 2014.

أما بالنسبة للمصطلح الثاني ،( في المراحل الاولى ) ، فمن خلال بعض التصريحات الرسمية لممثلي شعبنا ، في المشاركة كطرف اساس في تجربة الاستفتاء ، أتضح بأن مشاركتنا في الأستفتاء لم تكن بمستوى الطموح في مراحلها الاولى ، حيث اكدوا ان  الاطراف السياسية الكردستانية قررت المضي قدما بخطواتها و اتخذت القرارات في اجتماع يوم 7 حزيران ، دون الدخول في تفاوض مع ممثلي شعبنا، و دون الاهتمام برؤية شعبنا لهذا المشروع الستراتيجي و مطاليبه و حقوقه القومية فيه .

هذا مما يعني أن الشرط الثاني لم يتحقق .
3. عدم التمييز :
اكدت المادة 4 من الاعلان ، بأن " على الدول ، ان تتخذ ، حيثما دعت الحال ، تدابير تضمن ان يتسنى للأشخاص المنتمين الى اقليات ممارسة جميع حقوق الانسان و الحريات الاساسية الخاصة بهم ممارسة تامة و فعالة ، دون اي تمييز و في مساواة تامة امام القانون " ، و ما نلاحظه بهذا الصدد ، ان عددا من التشريعات كانت صريحة في التمييز بيننا كمكون ديني و بين غيرنا ، و سأذكر منها المادة 17 من قانون الاحوال الشخصية النافذ ، و المادة 26 من قانون البطاقة الوطنية الموحدة النافذ ، هذا يعني بالتالي ان المساواة التي اقرها الدستور ، لم نشعر بها يوما ، و لم تحاول او تقتنع السلطة ان تحققها يوما ، و انها على العكس من ذلك ، تمسكت بمبررات ، أدعت انها اقوى من القانون ، و لا أود الدخول في تفاصيل ذلك .

4. عدم الأستيعاب :
و النتيجة الطبيعية لهذا الشرط تتعلق بحماية و تعزيز ظروف الهوية الجماعية للاقليات ، حيث من المعروف ، ان العديد من الصكوك الدولية الحديثة تستعمل مصطلح (الهوية ) بغية التأثير على حماية التنوع الثقافي و تعزيزه دوليا و داخليا في اطار الدول .
ان الحفاظ على الهوية الجماعية ، يتطلب التحلي بموقف ايجابي نحو التنوع الثقافي من جانب الدولة و المجتمع ، و لا يعني اطلاقا قبول الخصائص المميزة للأقليات لأن ذلك يعد تحصيل حاصل .

و (وفقا للتعليق ) فأن الأمر الحاسم لأثبات حسن نية السلطة هو السياسات التربوية المتبعة  ، وان الاخلال بذلك  يشكل انتهاكا للألتزام القاضي بحماية هوية الأقليات ، مثال ذلك ، استثناء نقل معارفها الخاصة بثقافتها و تاريخها و تقاليدها و لغاتها من التعليم الذي تتلقاه ، و بشكل يفرض التفاعل بين الاقلية و الاغلبية أي بين الاقلية و المجتمع الوطني ككل .

 و خلال تجربتنا ، على مدى سنوات ، منذ مباشرة تجربة التعليم السرياني في الاقليم ، لم يتحقق ما تم الاشارة اليه ، حيث بقي التاريخ قاصرا على سرد احداث تخص الاغلبية ، و لم تتطرق المناهج يوماً الى ثقافة او عادات الاقليات ، بغية تعريف المجتمع بها ، فهل يا ترى ، سنكون قادرين على تحقيق ما عجزنا عن تحقيقه في اطار الاقليم ، حين تعلن الدولة ؟

بعد عرض الشروط الاربع ، أجد من الضروري ان اوضح ما يلي :-

1. بغية تحقيق الغايات الاربع ، التي سبق الاشارة اليها ، فأن ذلك يقضي بأتخاذ "التدابير التشريعية و التدابير الملائمة الاخرى " ، و حتى يتم ذلك ، لا بد من التشاور بين السلطة و الاقلية بشأن ما يمكن اعتباره ( تدابير ملائمة ) ، حيث ان الاقلية ، قد تكون لها احتياجات مختلفة ، وقد تكون هذه الاحتياجات غائبة عن السلطة تماما ، لذا يفترض الاستئناس و الأخذ برأي الاقلية ، لا سيما و ان (التدابير ) ، جاءت بشكل مطلق ، فهي لم تقتصر على تدابير قضائية و ادارية و تعزيزية و تربوية .

2. أستندت في كتابة المقال ، على (اعلان ) ، رغم وجود صكوك دولية أقوى من حيث توفير الحماية و فرضها عبر الزام الدولة التي صادقت على الصك و انضمت اليه ، و ذلك لم  يكن اعتباطا ، بل كان بهدف التأكيد على ان ضمان حقوق الاقليات ليس بالأمر الهامشي في قضية الاستفتاء ، فأنا أعتبر تطمين الاقليات عبر الضمانات الراسخة ، حجر الزاوية ، و أحد اهم الاركان التي يمكن ان ترتكز عليها اية دولة قائمة حديثا ، لكي تثبت للمجتمع الدولي انها دولة مكونات لا دولة قومية .

 
3. لم انطلق من الحديث عن وضعنا كأقلية ، من حقيقة راسخة ، وهي اننا (سكان البلاد الاصليين) ، و لسنا اقلية طارئة ، هذا مما يستدعي الوقوف على ما نملكه من استحقاقات في هذه القضية الحساسة ، من خلال اعتمادنا على الصكوك الدولية التي تحمي هذه الفئة من البشر .

أتمنى ان اكون قد وفقت في القاء الضوء ، على دور الجانب القانوني في التفاوض ، فالأستفتاء برأيي حدث سياسي بأمتياز ، لكنه لن يتحقق الا بمباركة القانون .

11
المشاركة المنقوصة
(عنكاوا نموذجا)
د.منى ياقو
   
من المعلوم انه ، تم اقرارضمان الحقوق الادارية و السياسية للقوميات المختلفة ، وفق المادة 125 من دستور العراق النافذ ، التي جاء فيها " يضمن هذا الدستور الحقوق الادارية و السياسية و الثقافية و التعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان ، و الكلدان و الآشوريين ، و سائر المكونات الاخرى ، و ينظم ذلك بقانون "    .
كما و تم كفالة مبدأ (المشاركة ) فعليا ، في المادة 6 من قانون رقم 5 لسنة 2015 ، قانون  حماية المكونات في كوردستان – العراق  ، التي جاء فيها " من اجل ضمان حقوق المكونات :
اولا – لهم حق المشاركة في السلطة التشريعية و التنفيذية للاقليم وفق القوانين النافذة .
ثانيا – في المناطق التي يشكلون فيها كثافة سكانية ، لهم حق المشاركة في ادارة المؤسسات الحكومية و الادارية ، وفق القوانين النافذة ."
كما و تنص المادة 3/اولا ، من القانون ذاته ،على ان " تضمن الحكومة للفرد الذي ينتمي الى مكون حق المساواة و تكافوء الفرص في الحياة السياسية و الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية من خلال تشريعات و سياسات فعالة ، كذلك  تضمن لهم المشاركة في اتخاذ القرارات التي تخصهم " .
وحيث انه من المفترض ان يترجم مفهوم المشاركة هذا ، الى جملة مكاسب و التزامات ، دون ان نقصد بذلك التوزيع المتساوي بل التقسيم التناسبي شريطة ان يكون تمثيلا حقيقيا ، و ان يتم التعبير عنه بالارادة الحرة الحقيقية للشعب ، بعكس ما يجري حاليا حين يتم فرض املاءات من خارج بيتنا القومي ، في اختيار معظم الشخصيات التي تتسنم المناصب ، التي من المفترض ان يستلموها كأستحقاق قومي – ديني ، مع جل أحترامنا لهم كأفراد .
عليه سنحاول هنا ، توضيح مدى ترجمة هذه المواد في الواقع العملي ، في مدينة مثل  (عنكاوا ) التي  تتميز بخصوصية دينية و قومية ، و ربما كانت اكبر تجمع اداري في الاقليم .
فبينما يبدع البعض بالأطراء على ما حققته حكومة الاقليم لهذه المنطقة ، فأن آخرين ( و من بينهم أنا ) ، ننتقد وضعها ، لا بل و نعتبره مزرياً ، و بغية وضع النقاط على الحروف ، و بموضوعية تامة ، بعيدا عن أية مزايدات ، سأحاول التطرق الى بعض النقاط السلبية و الايجابية ، في هذا الصدد .
هناك من الأمور التي تعتبر ايجابية ، و نحن نشيد بها ( مع ضرورة الاشارة الى أن مجملها يقع في اطار حقوقنا كمكون  أصيل ، سواء تم اقرار تلك الحقوق في الدستور النافذ او التشريعات ، أو في المعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الانسان و الاقليات و سكان البلاد الاصليين ) و أبرز هذه الأمور هي :-
1-   التعليم السرياني :الذي هو حق دستوري وفق  ( المادة 4/اولا- دستور ) ، رغم كل ما فيه من سلبيات ، و قد تٌرجم هذا النص الدستوري بوضوح في اطار المادة 3/ثامنا – 1 من قانون رقم 5 لسنة 2015.
2-   تسمية المحلات التجارية ب(السورث ) : وهو ايضا حق دستوري (المادة 4/رابعا ) ، كما انه حق نص عليه  ( قانون اللغات الرسمية في اقليم كوردستان- العراق رقم 6 لسنة 2014 )- المادتين 3 و 22 - ، رغم ما لنا من ملاحظات على هذا الامر ايضا ، و كذلك (المادة 4/رابعا من قانون حماية المكونات رقم 5 لسنة 2015 ).

و أما فيما يخص الأمور السلبية ، و التي بقيت دون تغيير ، رغم مطالباتنا المستمرة ، و رغم الوعود المتتالية التي تلقيناها ، و التي فقدنا على اثرها الثقة التي كان يفترض ان تكون الاساس في تعاملنا مع السلطة ، فيمكن اختصارها فيما يلي :-

1-   محلات الشرب واللهو  : حيث ان تعليمات البلدية واضحة فيما يخص المحلات التجارية ،عموما  ، في التأكيد على ان تكون هذه المحلات على الشارع الرئيسي و الا تكون ضمن المحلات السكنية (الفقرة 7 منها)، و على ان تبعد هذه المحلات 200 متر عن دور العبادة (الفقرة 8 منها ).
 اذا كانت هذه الشروط خاصة بالمحلات التجارية( العادية )، فما بالك اذن ببيوت الدعارة و محلات الشرب و المراقص و غيرها من المحلات المشبوهة التي اصبحت عنكاوا معروفة بها  ، و بشكل يؤثر سلبا على سمعة اهالي المنطقة و راحتهم و نفسيتهم  .
هنا نشير الى ان مراعاة العلاقات الاجتماعية و عادات و تقاليد الاقليات و احترامها ، هو أمر فرضه القانون على الحكومة ، بنص صريح في المادة 3/ سادسا من قانون رقم 5 لسنة 2015 ، و على الحكومة ان تلتزم بالنص الذي جاء فيه " تأخذ الحكومة في الاعتبار الظروف المحلية و العلاقات الاجتماعية و المصالح الاقتصادية و التقاليد الراسخة للمكونات في المنطقة " .
و لا نغفل الاشارة هنا الى تبعات هذا الوضع السيء، الذي يفرز يوميا حالات غير حضارية كأطلاق العيارات النارية ، في ساعات متأخرة من الليل في المناطق السكنية ، مما يدخل الفزع و الذعر الى البيوت الآمنة .
2-   المناصب الادارية : انه حق نصت عليه المادة 125 من الدستور ، أضافة الى المادة 6/ ثانيا من قانون حماية المكونات النافذ ، و رغم اقراره من قبل برلمان الاقليم ، الا ان تطبيقه معطل في (عنكاوا) ، فالملاحظ ان مدير الناحية و مدير البلدية و مدير الاسايش الخ ، يتم اختيارهم ، وفق معايير معينة ، من قبل (الحزب الديمقراطي الكردستاني) ، بغض النظر عن الارادة الحقيقية للشعب .
3-   التغيير الديمغرافي : رغم حقنا الدستوري ، الذي جاء كأستثناء من (حق التملك ) ، في حظر التملك لأغراض التغيير السكاني (وفق المادة 23/ثالثا-ب من الدستور ) ،و رغم النص الغير قابل للتأويل و التفسير الذي جاء في المادة 3/رابعا و خامسا من قانون رقم 5 لسنة 2015 ،  و رغم ما يتداوله سكان المنطقة ، من ان حظر بيع و شراء الدور السكنية في عنكاوا ،لغير "المسيحيين " قد جاء بأمر السيد مسعود البارزاني ، مع ما يتبع ذلك من الثناء  والتثمين على هذه المبادرة ، الا ان واقع المنطقة ، و ما يجري عقده من عقود في محلات بيع العقارات ، لا يبشر بالخير اطلاقا .
4-   الملكية الخاصة : مع اقرار الدستور (المادة 23 /ثانيا ) ، بالزام السلطات بعدم نزع الملكية الا بشرطين ، اولهما : ان يكون ذلك لأغراض المنفعة العامة ، و ثانيهما : ان يتم مقابل تعويض عادل ، الا ان ما جرى ، ان تم استملاك الآف الدونمات من الاراضي الزراعية التي كان يمتلكها اهالي عنكاوا ، بغية اقامة ( مطار اربيل الدولي ) ، دون ان يحصل هؤلاء على استحقاقاتهم الدستورية ،كما يفترض.
5-   حرية العقيدة : رغم ما أقره الدستور من (حرية الفكر و الضمير و العقيدة ) – المادة 42 من الدستور - ، و ما جاء في المادة 3 /ثانيا ، و المادة 4 /ثانيا ، من قانون رقم 5 لسنة 2015 النافذ ، الا ان بعض النصوص القانونية ظلت سارية ، بشكل تنتهك فيه كرامة سكنة المنطقة ، دون ان ينصفهم القانون ، و يبدو ذلك في الأمور التالية  :
أ-ان حرية الفرد في تبديل دينه قد أُعطيت (لغير المسلم )فقط ، و هذا خرق واضح للمادة 14 من الدستور ، و انتهاك لتابعي الديانات غير المسلمة ، و على اثره تحدث اشكاليات كثيرة .
ب- ان حالات من الزواج تتم بين فتاة مسيحية و شاب مسلم ، بمباركة المادة 17 من قانون الاحوال الشخصية النافذ .
ج- ان أسلمة القاصرين لا زالت احدى اكبر المشاكل التي نعاني منها ، و التي لم تبذل السلطات أي جهد في حلها ، وهذا ما تجلى مؤخرا في قانون البطاقة الوطنية الموحدة رقم 3 لسنة 2016  ، و لم يكن الوضع في الاقليم افضل حالاً، في هذا الجانب ، من الوضع في وسط العراق و جنوبه  .
6- حماية كرامة المواطن : أثبتت بعض التجارب التي مرت بها المنطقة ان كرامة المواطن ممثلة في رموزه الدينية المقدسة قد تنتهك ، دون ان تتخذ السلطة ما يفترض من الاجراءات القانونية الكافية لمنع تكرار ذلك ، مثال ذلك ، ان تم رسم صورة الصليب تحت الحذاء الرياضي ، و كل ما حدث ، ان سارعت السلطات الى لملمة الامر ، ضاربة بعرض الحائط نص المادة 372 من قانون العقوبات العراقي النافذ ، و ايضا المادة 3 /ثالثا من قانون رقم 5 لسنة 2015 ، هذا اضافة الى تكرار المسلسل بسيناريوهات مختلفة ، كأصدار الكتب التي تنسف أساس بعض الديانات التي تمتد جذورها الى الآف السنين على هذه الأرض، على مرأى و مسمع السلطات ، دون ان تحرك ساكناً .

ختاماَ ، كل ما ذٌكر سابقا ، لا يعني أن التعايش قد أصبح أمرا مستحيلا ، فأخذ مطالبنا هذه على محمل الجد و مناقشتها و ايجاد الحلول للاشكاليات ، هو أمر ممكن جدا ، و هو بنظرنا ، الخيار الافضل و الاوحد للأستمرار و لرفع شعار التعايش المشترك .


12


مناشدة .........
انقذوا آثارنا
د. منى ياقو
- مدخل
بعد ان تم العثور على قصرٍ ، يعود للملك الآشوري (أسرحدون ) ، في اسفل موقع النبي يونس (عليه السلام ) ، في الساحل الأيسر من الموصل ، يضم كنوزا و آثار ، و بعد ان تم وضع الحجر الأساس لأعادة اِعمار الجامع ، فأننا نحاول البحث عن الحماية القانونية لما تم اكتشافه من آثار تحته ، تلك الآثار التي لم تكلف السلطات نفسها ، حتى في مجرد الاشارة اليها ، او التفكير في أدنى اهتمام و صيانة لها .
ان أبرز النصوص المعنية بالموضوع ، هي التي سنشير اليها تباعاً :-
اولا – على الصعيد الدولي
1-   اتفاقية لحماية التراث العالمي الثقافي و الطبيعي 1972
( أندثار او زوال أي بند من التراث الثقافي و الطبيعي يؤلفان اِفقاراً ضاراً لتراث جميع الشعوب ) ، بهذه العبارة ، ذات المعنى العميق ، ، تبدأ ديباجة الاتفاقية التي صدرت عن منظمة الأمم المتحدة ، بعنوان ( اتفاقية لحماية التراث العالمي الثقافي و الطبيعي 1972 ) ، كما تشير الديباجة ذاتها ، الى انه " يتعين على المجتمع الدولي ، امام تسارع و اشتداد الاخطار الجديدة ، الاسهام في حماية التراث الثقافي و الطبيعي ذات القيمة العالمية الاستثنائية ، عن طريق بذل العون الجماعي ، الذي يتمم بشكل مجدِ عمل الدولة المعنية دون ان يحل محله " ، نفهم من ذلك ، ان الأمم المتحدة ، قد الزمت نفسها كمنظمة ، و الزمت جميع الدول ، الموقعة منها وغير الموقعة ، لأن النص لم يشر الى (الاطراف الموقعة ) بل الى ( المجتمع الدولي ) ، بحماية هذا الارث  الأنساني الكبير .
و اِذ تعرف المادة 4 ، من الاتفاقية "التراث الثقافي " بأنه " – الآثار : الاعمال المعمارية ، و اعمال النحت و التصوير على المباني ، و العناصر او التكوينات ذات الصفة الثرية و النقوش و الكهوف و مجموعات المعالم التي لها جميعاً قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر التاريخ ، او الفن ، او العلم .
-   المجمعات : مجموعات المباني المنعزلة او المتصلة ، التي لها بسبب عمارتها ، او تناسقها ، او اندماجها في منظر طبيعي ، قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر التاريخ ، او الفن ، او العلم .
-    المواقع : اعمال الانسان ، او الاعمال المشتركة بين الانسان و الطبيعة ، و كذلك المناطق بما فيها المواقع الأثرية ، التي لها قيمة عالمية استثنائية من وجهة النظر التاريخية او الجمالية او الاثنولوجية او الانثروبولوجية ." ،يتضح من ذلك ان القصر الآشوري المكتشف اِثر تفجير جامع النبي يونس ، يدخل في اطار التراث الثقافي الذي تحميه هذه الاتفاقية .
و تنص المادة 4 من الاتفاقية ، على ان " تعترف كل دولة من الدول الطرف في هذه الاتفاقية بأن واجب ................ حمايته ، و المحافظة عليه ، واصلاحه ، و نقله الى الاجيال المقبلة ، يقع بالدرجة الاولى على عاتقها ، و سوف تبذل كل دولة اقصى طاقتها لتحقيق هذا الغرض و تستعين عند الحاجة بالعون و التعاون الدوليين ............. " و تلزم المادة 6/1 ، جميع الدول ، بالتعاون من اجل حماية هذا التراث الانساني ، دون ان يعني ذلك المساس بالسيادة او التجاوز عليها ، حيث جاء في الفقرة " انه يؤلف ثراثاً عالميا ، تستوجب حمايته التعاون بين اعضاء المجتمع الدولي كافة " ، نفهم من ذلك ، ان المجتمع الدولي ملزم و ليس مخير ، بالتدخل في الأمر .
كما و تتعهد الدول الأطراف في الأتفاقية ، وفق المادة 6/3 من الأتفاقية " الا تتخذ متعمدة ، أي اجراء من شأنه الحاق الضرر بصورة مباشرة او غير مباشرة ، بالتراث الثقافي و الطبيعي " .
و حددت المادة 7 معنى " الحماية الدولية للتراث العالمي الثقافي و الطبيعي " بأنه يعني " نظام التعاون و العون الدوليين " الذي يستهدف مؤازرة الدول الأطراف في الاتفاقية في الجهود التي تبذلها بغية المحافظة على هذا التراث و تعيينه " .
و من أجل تحقيق الأهداف التي أبرمت الاتفاقية لتحقيقها ، تم انشاء لجنة دورية لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية و العلوم و الثقافة بأسم ( لجنة التراث العالمي ) – المادة 8/1 ، و انشاء صندوق بأسم ( صندوق التراث العالمي ) – المادة 15/1 - .
و في اطار الأتفاقية ذاتها ، و فيما يتعلق بالمناهج التربوية و الاعلام و علاقتهما بالآثار ، اكدت المادة 27/ 1 من الاتفاقية ، على الزام الدول الاطراف ، بكل الوسائل المتاحة ، و تحديدا المناهج التربوية و الاعلام ، على تعزيز احترام و تعلق شعوبها بالتراث الثقافي و الطبيعي ، كما اكدت الفقرة 5 من المادة ذاتها ، على ان " تتعهد باعلام الجمهور ، اعلاما مستفيضا ، عن الاخطار الجاثمة على هذا التراث " ، و هذا الأمر مفقود تماما ، في العراق ، حيث ان النص الدستوري الخاص بأدارة المواقع الأثرية ، قد ورد ضمن – الباب الرابع – الخاص ب ( اختصاصات السلطات الاتحادية ) ، على العكس من النص الخاص بالزام الدولة بتأكيد و صيانة حرمة العتبات المقدسة ، و المقامات الدينية ، الذي ورد في اطار – الباب الأول – الخاص ب( المبادئ الأساسية ) .

2-   اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح 1954
وفقا لنص المادة 1 من الأتفاقية ، يقصد ب (الممتلكات الثقافية ) " أ- الممتلكات المنقولة او الثابتة ذات الأهمية الكبرى لتراث الشعوب الثقافي كالمباني المعمارية و الفنية منها او التاريخية ، الديني منها و الدنيوي ، والاماكن الأثرية ، ومجموعات المباني التي تكتسب بتجمعها قيمة تاريخية او فنية ............" ، يتضح من ذلك ، ان ما تم اكتشافه يدخل في اطار الممتلكات التي شرعت الاتفاقية لحمايتها .
و في اطار المادة 19 ، الخاصة ب "النزاعات التي ليس لها طابع دولي " ، وكون منطقة الموصل ، التي نحن بصدد الحديث عنها ، تمر بوضع غير طبيعي ، بسبب اجتياحها من قبل تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) ، و ان وضعاً كهذا يرقى الى مستوى النزاع الذي ليس له طابع دولي ، لذا يمكننا الاستفادة مما ورد في المادة المشار اليها ، و التي اكدت على ان "1- في حالة نزاع مسلح ليس له طابع دولي ينشب على اراضي أحد الاطراف السامية المتعاقدة ، يصبح على كل طرف في النزاع ان يطبق على الاقل الاحكام الخاصة بأحترام الممتلكات الثقافية الواردة في هذه الاتفاقية " .
كما تنص الفقرة 3 ، من نفس المادة ، على ان " يجوز لمنظمة الأمم المتحدة للتربية و العلوم و الثقافة ان تعرض خدماتها على الأطراف المتنازعة " ، يتضح من ذلك ، ان من حق ( اليونسكو ) ان تتدخل ، لكن ذلك يتطلب مناشدات من المعنيين ، و متابعات حثيثة ، علَ المنظمة تستجيب ، قبل ان يفوت الاوان .
ثانيا- على الصعيد الوطني
1-   دستور العراق النافذ
رغم العبارات الرنانة التي تزخر بها ديباجة الدستور ، الا ان ذلك لم ينعكس بتاتا على النصوص الدستورية ذات العلاقة ، حيث جرى الحديث في الديباجة عن " نحن ابناء وادي الرافدين .............. مهد الحضارة ، صناع الكتابة ......... على ارضنا سن اول قانون وضعه الانسان ، و في وطننا خط أعرق عهد عادل لسياسة الاوطان ..........." .
و أكد دستور العراق ، في المادة 113 منه ، على ان " تعد الآثار و المواقع الأثرية و البنى التراثية و المخطوطات و المسكوكات من الثروات الوطنية التي هي من اختصاص السلطات الاتحادية ، و تدار بالتعاون مع الاقاليم و المحافظات ، وينظم ذلك بقانون " .
نلاحظ اِذن ، ان الحديث عن الآثار ، و رغم اهميته ، لم يستحوذ على الاهتمام الكافِ ، من عدة نواحِ  :
أ‌-   ان النص لم يأت في الباب الخاص بالمبادئ الاساسية ، و هذا يجعله أقل اهمية ، على الاقل من الناحية المعنوية .
ب‌-   ان الحديث عن الآثار لم يشمل جميع النواحي ، بل اقتصر على تحديد السلطة المختصة بالادارة ، أما مسألة حماية هذه المواقع و الزام السلطة بذلك ، فكانت غائبة تماما .
2-   قانون الآثار و التراث رقم 55 لسنة 2002
حددت المادة 1 اهداف القانون بما يلي "اولا – الحفاظ على الآثار و التراث في جمهورية العراق بأعتبارهما من أهم الثروات الوطنية .
ثانيا – الكشف عن الآثار و التراث و تعريف المواطنين و المجتمع الدولي بهما ابرازاً للدور المتميز لحضارة العراق في بناء الحضارة الانسانية " ، و الزمت المادة 2 /ثالثا ، السلطة ، بأعتماد جملة أمور بغية تحقيق اهداف القانون ، منها " صيانة الآثار و التراث و المواقع التاريخية من التلف و الضرر و الاضمحلال " ، و هذا بالضبط ما نطالب السلطات المختصة بتحقيقه ، أن تصون هذه الآثار المكتشفة من (التلف ، الضرر و الاضمحلال ) ، و الا فأنها تكون قد خالفت التشريع الذي الزمت نفسها بتنفيذه .
و نؤكد هنا ، على اهمية متابعة القوانين التي يقرها ( مجلس النواب ) من زاوية الحفاظ على حقوق شعبنا ، من قبل ممثلينا ، فالمادة 10 من القانون ، نصت على ان " تخضع الجوامع و المساجد و العتبات المقدسة و دور العبادة و المشاهد و المقابر و التكايا و الجوامع و البيع و الكنائس و الأديرة و الخانات المملوكة او الموقوفة لتصرف الاشخاص الطبيعية او المعنوية ........ مع عدم الاضرار بها او تشويهها ، مع النظر مع توسيعها و تطويرها وفق متطلبات العصر و خاصة العتبات المقدسة " ، نتسائل هنا ، لماذا هذا الاهتمام بالعتبات ، و ماذا بشأن بقية المواقع الأثرية و التراثية ، لو كان النص قد اشار اليها ، لما كنا سنقع في هذه المتاهة ، و كنا سنستفيد من تلك الاشارة ، بعيداً عن الحساسيات التي تثيرها خلط الأمور التاريخية بالأمور العقائدية و الدينية ، و كنا سنحافظ على هيبة أي موقع يتم اكتشافه ، بغض النظر عن طبيعته .
و تؤكد المادة 15 على منع افعال معينة ، منها " اولا – التجاوز على المواقع الأثرية و التراثية و التاريخية بما فيها التلول و الاراضي المنبسطة التي عثر فيها على الملتقطات الأثرية و ان لم يتم نشرها في الجريدة الرسمية ......." .
ثانيا- القيام بالزراعة او السكن او اقامة البناء او المحدثات الاخرى على المواقع الاثرية و التراثية و محرماتها او تغيير معالمها .
ثالثا – استعمال المواقع الاثرية مستودعات للانقاض او المخلفات او اقامة الابنية او مقابر او حفر مقالع فيها .
رابعا- قلع الاشجار و المغروسات و ازالة المنشآت من المواقع الاثرية او اجراء أية اعمال يترتب عليها تغيير معالم المواقع الاثرية .
سادسا- قلع البناء الاثري او التراثي او التصرف بمواده الانشائية او استخدامه استخداما يخشى معه تلفه او تضرره او تغيير مزيته "
يتضح مما سبق ، ان اكثر من فقرة تنطبق على الأمر الذي نتحدث عنه ، و ان الفعل غير جائز اطلاقا استنادا الى هذا القانون النافذ المفعول .
من المواد الاخرى التي فيها خلل كبير ، في هذا القانون ، والتي تمس بتاريخ شعبنا و حضارته ، و تجعله يبدو و كأنه حضارة من الصنف الثاني ، هو نص المادة 23/ثانيا ، الذي جاء فيه " تمسك الجهة المشاركة سجلا خاصا تسجل فيه الابنية التراثية و المناطق و الاحياء السكنية ذات الطابع المعماري التراثي لأهميتها التراثية العربية و الاسلامية حسب ما تراه السلطة الاثارية و تعلن عنه تحريريا " .
و نصت المادة 28 على انه " لا يجوز :
1-   التجاوز على المباني و الاحياء التراثية المعلن عنها في الجريدة الرسمية او هدمها او تغيير المهنة و الاختصاص الذي يمارس فيها في المحلات و الاسواق و الشوارع التراثية او الغاء وظيفتها الاساسية التي منحتها الصفة التراثية " .
   
3-قرار مجلس قيادة الثورة ( المنحل ) رقم 81 لسنة 1994 النافذ
تنص الفقرة 1 من القرار ، على ان " يعد متجاوزا كل من قام بالزراعة او السكن او اقامة البناء او المحدثات الاخرى على المواقع التي تعد من اماكن و اراضي من الاثار و احدث بها ضرراً تاريخيا او ماديا " ،وهنا نؤكد على التزام الحكومة الاتحادية و الحكومة المحلية ، في محافظة نينوى ، بصيانة تلك الآثار المكتشفة ، و عدم الاضرار بها في سبيل ترميم الجامع .
الحلول المقترحة :
أبرز الخطوات التي نقترحها كحلول هي :
1-   توجيه مذكرة عاجلة ، الى مجلس الوزراء العراقي ،للمواءمة و التنسيق ما بين الحفاظ على هيبة الجامع و قدسيته اسوة بصيانة هذا الموقع الاثري المهم ،  و التريث في  اعمال الترميم ، و تقييم الوضع استنادا الى الحقائق المستجدة  ، و مطالبة الحكومة بالرد خلال مدة محددة.
2-   التأكيد على ان يتم دراسة الوضع ، انطلاقا من مبدأ كون هذه الاثار ارثاً عراقيا اصيلاً ، مع الالتزام ببث التوعية بأهمية هذه المناطق الاثرية و بضرورة عدم المقارنة و المفاضلة بين الديني و غير الديني منها .
3-   في حالة عدم الحصول على اجابة شافية من السلطات ، خلال المدة المحددة ، علينا اللجوء الى تدويل القضية ، و مطالبة (اليونسكو ) بالقيام بدورها الذي التزمت به بموجب المواثيق الدولية .
ختاماً ، نؤكد على ان احدى صور محاربة الفكر الداعشي التكفيري الخطر ، تكمن في حماية معالم الحضارة العراقية الاصيلة ، و أملنا كبير  بالسلطات المكلفة بحماية الآثار ،ان تؤدي دورها بالشكل المطلوب، و الا تقوم بطمس هذه الآثار  ، لأي سبب كان .
اتمنى ان اكون قد وفقت في ايصال فكرتي 

13

قراءة قانونية متأنية في قرار الكونغرس الامريكي الاخير

د.منى ياقو
من خلال قراءتنا لنص مشروع قرار الكونغرس الامريكي حول استحداث محافظة في سهل نينوى لأبناء شعبنا و الاقليات الاخرى ، يمكننا ملاحظة ما يلي :
اولا – أن الأشارة الى ان الولايات المتحدة تعمل بالتعاون مع المجتمع الدولي ، من اجل دعم جمهورية العراق و شعبها للأعتراف بمحافظة في منطقة سهل نينوى ، هو أمر جيد من ناحيتين ، اولهما ، أن القرار لم ينطلق من رؤية امريكية منفردة ، بل أكد على دور المجتمع الدولي ، وهذا أمر أيجابي كونه لا يركز على استئثار القطب الواحد بقرار حساس كهذا ، و بذلك فأنه يبعد المسألة عن التجاذبات السياسية و المنافسة بين الدول الكبرى ، ثانيهما ، أن حصر دور هذه الجهات ب(دعم) جمهورية العراق ، معناه أن القرار 152 قد بُني اساسا على قرار سابق لمجلس الوزراء للحكومة العراقية صدر بتاريخ 21 كانون الثاني 2014 ، حول استحداث محافظة في سهل نينوى ، وهذا يدل على أن سيادة العراق مصانة ، و أن القرار قد جاء تأكيدا على ضرورة تفعيل ما سبق اقراره ، و يُذكر ان قرار مجلس الوزراء كان قد أستند الى الفكرة التي طرحها الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني  .
ثانيا – الأشارة الى ان استحداث المحافظة يتم ضمن الآليات القانونية لحق الشعوب في تقرير مصيرها ( بما يتفق مع التعابير القانونية لتقرير المصير ) ، نجد هنا انه تم الالتجاء الى حق تقرير المصير ، بمعناه الضيق ، حيث تم  الاكتفاء بأستحداث محافظة ، و نرى بأن ذلك يعد بمثابة اجحاف بحق الاقليات ، لماذا ؟
من المعروف للجميع ، ان هناك علاقة وطيدة بين حماية الاقليات و حق تقرير المصير ، لا سيما و ان حماية الاقليات جاءت كتعويض عن حرمان عدد من الجماعات الاثنية و القومية من حقها في تقرير مصيرها ، و لما كانت مقولة حق الاقليات في تقرير مصيرها ، قد اصبحت متداولة جدا في ادبيات القانون الدولي العام ، مثلها مثل حق الشعوب في تقرير مصيرها ، لذا فأن العناصر المطلوبة لأستيفاء هذا الحق ، يمكن اختصارها ب : العلاقة الحاضرة او السابقة بأقليم معين ، صفات ثقافية او دينية معينة ، الوعي في الادراك الذاتي بالهوية ، التنظيم السياسي الذي يسمح بوجود هيئة تمثيلية لهذا الشعب و القدرة على تحقيق درجة من الاستقلال الاقتصادي .
و نعتقد بأنه مع توافر جميع هذه العناصر ، فأن من المفترض اتصاف الاقليات بوصف الشعوب ، و امتلاكها لحق تقرير مصيرها .
و في اطار الابعاد العامة لحق تقرير المصير ، يمكن القول انه ، رغم ان القانون الدولي الوضعي لا يقر للجماعات القومية بحق الانفصال الكامل عن الدولة التي تعيش في كنفها ، الا ان الاقليات تتمتع بهذا الحق في حالتين : حين تكون مضطهدة من جانب الدولة او حين تكون محرومة من الحماية ، و نعتقد ان ما جرى للاقليات في سهل نينوى ، هو دليل قاطع على انها حرمت من الحماية ، سواء من حماية الحكومة الاتحادية او حكومة الاقليم التي سحبت قواتها من السهل ، رغم الوعود التي اغدقت بها على سكان المنطقة ، و اطمئنانهم بأنها ستقوم بحمايتهم .و بذلك فأن لها الحق في ممارسة حقها هذا .
أضف الى ذلك ،  فأن من الطبيعي ان نأخذ بنظر الاعتبار عند الحديث عن مدى تمتع الاقليات بالحق في تقرير مصيرها ، التمييز بين حالتين : حالة ان تتمركز الاقليات فوق بقعة جغرافية واحدة داخل الدولة ، و حالة ان تكون مبعثرة و موزعة على مناطق جغرافية مختلفة في اطار دولة واحدة ، ففي الحالة الثانية ، لا يمكننا الا ان نتحدث عن الحق في الحكم الذاتي ، اما في الحالة الاولى ( كما هو الحال في سهل نينوى ) فيمكن الحديث عن الحق في تقرير المصير بمعنىً واسع .
و بما انه للحق في تقرير المصير اشكال و صور ، فأنه من الضروري حسم الامر من خلال التعرف على رغبة الشعوب المعنية بتقرير مصيرها عن طريق الاستفتاء ، في اغلب الاحيان (وهذا ما عبرت عنه محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري الخاص بمصير الصحراء الغربية في 16/10،1975 ) .
و نشير ايضا الى ان لحق تقرير المصير بُعدين اثنين ، اولهما ،داخلي ، ويتمثل بمبدأ سيادة الامة و حق الشعب في اختيار النظام السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي بحرية ، و ثانيهما ، خارجي ، يعني حق الشعب الذي يخضع للاستعمار و من في حكمه في انشاء و اقامة دولة مستقلة ذات سيادة ،و الملاحظ ، ان النوع الثاني قد طغى على حق تقرير المصير في فترات معينة ، أما النوع الاول فهو الدارج حاليا ، وهو أمر يتقرر بحسب النظام الدستوري للدولة ، دون تدخل الدول الاخرى .
علما بأن (من في حكمه ) عبارة تستدعي الوقوف عندها ، و ملاحظة مدى انطباقها على حالة (داعش) ، بغية الاستفادة من هذا البعد .
من كل ما تقدم نلاحظ :
ان اختصار القرار حق الاقليات بأستحداث محافظة ، هو اختزال لحق تقرير المصير ، اٍذ ان من حق الاقليات الاستفادة القصوى من هذا الحق ، لا سيما و ان جميع عناصره متوافرة ، وحتى لو ارادت الاقليات التفكير و التخطيط للاعتماد على البعد الدولي لهذا الحق ، و اما لو اردنا الاكتفاء بالبعد الداخلي ، فلربما كان الحق في استحداث محافظة من ابسط ما تستحقه الاقليات ، و كان الافضل ان تتم الاشارة الى استمرار الدعم لحين التطبيق العملي لنص المادة 119 من دستور العراق النافذ ، التي تنص على ان " يحق لكل محافظة او اكثر ، تكوين اقليم بناءا عى طلب بالاستفتاء عليه .........." ، مع ما يتبعه ذلك من حقوق و امتبازات أشار اليها الدستور في اكثر من مادة.
ثالثا – استخدم القرار مصطلح ( الشعوب الاصلية ) ، و هذا ايضا أمر جيد ، كونه يخرج الأمر من اطار الرغبات الشخصية و المزايدات ، التي تشكك في استحقاقنا لهذا المصطلح ، او تلك التي ترفض استخدامه اساسا ، على اعتبار ان الاعتراف بأننا شعوبا اصلية ، معناه ، بالمفهوم المخالف ، ان هناك شعوبا ليست اصلية .
رابعا – ان تأكيد القرار على ان سهل نينوى و المنطقة على نطاق واسع ، كانت موطن لأجداد و اسلاف ( الاشوريين الكلدانيين السريانيين المسيحين و المسيحيين و الايزيديين و العرب السنة و الشيعة و الاكراد و الشبك و التركمان و الصابئة المندائيين و غيرهم ) ، نستشف منه ما يلي :
1-   تم اعتبارنا  شعب واحد ،و التعامل معنا كقومية واحدة ، وهذا ما يمكن الاستفادة  منه و الاستئناس به في ظل أزمة البطاقة الوطنية الدارجة هذه الايام ، اما الاصرار على تقسيم هذا الشعب ، رغم اقرار المجتمع الدولي صراحة بأنه شعب واحد ، فهو جريمة بحقه .
2-   أن اتباع هذا التسلسل يرجع برأينا ، الى ان فكرة تقرير المصير حين ولدت عام 1789 على يد الثورة الفرنسية تشكلت اساسا على ( مبدأ القوميات )، حيث كان الهدف هو تمكين كل أمة من تشكيل دولة مستقلة خاصة بها ، وان هذا الحق مقرر اساسا للجماعات الاثنية و القومية (Malcolm Shaw, International Law ,Cambridge University , Press 2003   )  ، و بما ان معظم الاقليات الاخرى ، قد حسمت امرها و صنفت نفسها كأقليات دينية ، اما قوميا فهي تنتمي الى جماعات الاغلبية ، لذا فأن التسلسل جاء بهذا الشكل .
خامسا – يشير القرار ان عدد مسيحيي العراق في 2003 كان يتجاوز المليون و نصف المليون ، الا انه تضاءل عددهم حتى وصل اليوم الى اقل من ثلاثمائة و خمسون الف ، و بمقارنة سريعة و الاستدلال بهذه الارقام ، اذا كان عددنا قد تناقص خلال 13 عاما ، بحوالي مليون و مائة و خمسون الفا ، فهذا يعني ان ثلالث سنوات اخرى كافية لتأكيد انقراضنا من ارض الاباء و الاجداد ، بما يعنيه ذلك من ضرورة أخذ الامر على محمل الجد و اتخاذ الاليات الكفيلة بضمان بقاء من تبقى من شعبنا في أرضه .
سادسا- ان اشارة القرار الى الاعتراف بالابادة الجماعية ضد المجموعات ( بما في ذلك الايزيدين ، و المسيحيين ، و المسلمين الشبعة )  و بالجرائم ضد الانسانية و و التطهير العرقي ضد نفس المجموعات اضافة الى (المسلمين السنة و الاكراد و الاقليات الاخرى ) ،( في بعض الحالات) ، هو دليل على على الاقرار بأن ما جرى لشعبنا يدخل في اطار التكييف القانوني ضمن جرائم الابادة الجماعية و الجرائم ضد الانسانية و ايضا جرائم التطهير العرقي ، و علينا التركيز على هذه النقطة تحديدا بغية الحصول على اقرار دولي بذلك .
سابعا – يشير القرار الى ( الفظائع التي ارتكبت من قبل داعش ضد الاقليات الدينية و العرقية في العراق تشمل جرائم الحرب و جرائم ضد الانسانية و الابادة الجماعية ) ،  و اذا كانت اركان جرائم الحرب متوفرة ، الا ان الركن الدولي الذي يتطلب تحقيقه وجود نزاع مسلح بين دولتين او اكثر يهدد السلم و الامن الدوليين ، هو ركن جديرة بالوقوف عنده ، كون النزاع المسلح الذي وقع في سهل نينوى لم يكن بين دولتين او اكثر ، بل كانت له طبيعة خاصة ، لذا نشك في صحة ادراج هذه الجرائم في اطار جرائم الحرب ، الا اذا تم الاعتماد على ما جاءفي المادة 4 من نظام محكمة رواندا و المادة 2 من نظام محكمة يوغسلافيا ، حيث تم التأكيد فيهما ، على اننا لكي نكون امام جريمة حرب لا بد من ( وقوع نزاع مسلح ) – دون ان توضح المحكمتان طبيعة ذلك النزاع .
ثامنا – اشارة القرار الى الابادة الثقافية من خلال النص على ان ( هذه الاعمال الوحشية ارتكبت بقصد محدد لأبادة و تشريد الاشوريين الكلدانيين السريانيين المسيحيين و الايزيدين ، و المجتمعات الاخرى ، و تدمير تراثهم الثقافي ) هو أمر سيكون له دور في تحديث مفاهيم القانون الدولي ، لا سيما وان فكرة ادراج الابادة الثقافية ضمن الافعال المعاقب عليها في اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية و المعاقبة عليها في 1948 ، قد قوبلت بالرفض القاطع من بعض الاطراف ، اثناء التفاوض بشأن الاتفاقية ، و هذا أمر يبشر بالخير  .
تاسعا – الاشارة الى الزام الحكومة المركزية و حكومة الاقليم اضافة الى الولايات المتحدة و المجتمع الدولي ، بضمان استعادة حقوق الانسان الاساسية ، بما في ذلك حق الملكية ،هي اشارة ممتازة ، كون الحكومتين مسؤولتين عما جرى ، و عليهما اعادة الحال الى ما كان عليه ، مع ضمان الحفاظ على ديمغرافية المنطقة ، ومنع التجاوز سواء من قبل الاقليات على بعضها البعض ، او من قبل الاغلبية على الاقليات ،كما حدث في قضائي الحمدانية و تلكيف ،  و ذلك تطبيقا للمادة 23/ ثالثا -ب من دستور العراق النافذ .
عاشرا – الاشارة الى موافقة مجلس الوزراء العراقي ، من حيث المبدأ ، في 21 تشرين الثاني 2014 ، لتحويل طوز خورماتو و الفلوجة و سهل نينوى الى محافظات ، كان الغرض منها التأكيد  على ان الاساس القانوني للقرار هو شرعي و لا غبار عليه ، كونه انطلق من الداخل ، هذا اضافة الى حرص القرار على الاشارة الى مواد من الدستور النافذ التي تضفي الشرعية على ما جاء فيه ، كالمادتين ( 2 و 125) .
حادي عشر – من أفضل ما فعله القرار ، انه لم يقتصر على مرحلة معينة ، بل اشار الى الى مرحلة ما بعد التحرير ، و مستلزامات السكان في هذه المرحلة ، ك ( اصلاح البنى التحتية – ضمان عودة الاقليات – دمج الاقليات في قوات الامن المحلية و تلقي الحماية المتساوية وفقا للقانون ) و في فقرة اخرى تم التأكيد على ( تحرير و انعاش الاقتصاد و الازدهار لمنطقة سهل نينوى ) و ايضا ( ان يبقوا ملتزمين بسلامة و أمن اراضي سهل نينوى ).
ثاني عشر – حسم القرار أمراً مهما للغاية ، وهو تبعية سهل نينوى ، حيث جاء فيه ( ان تقرير المصير المحلي و الحماية الامنية للمجتمعات في سهل نينوى ضمن اطار جمهورية العراق الاتحادية ) ، هذا مما يضع حدا للمحاولات و النقاشات الجارية ، في اطار قانوني و غير قانوني ، من اجل الحاق سهل نينوى بأقليم كردستان ، و كقانونية أود الاشارة الى ان هذا الحسم يفيد حاليا ، لكي يخرج المنطقة من دائرة الصراع بين الاقليم و المركز ، اما بعد تطبيع الاوضاع فيفترض ان يكون عامل الحسم هو الاستفتاء الشعبي لسكان سهل نينوى .
و في فقرة اخرى ، اعاد القرار التأكيد على ( ان تكون اولوية الولايات المتحدة و المجتمع الدولي ايجاد حل سلمي للمسائل المتعلقة بجمهورية العراق التي تتعلق بالحدود الداخلية المتنازع عليها ) و هذا في حد ذاته أمر في غاية الاهمية ، كون الاطراف الخارجية ، بما تملكه من قوة و تأثير هي التي تلتزم بأيجاد الحل السلمي ، لكن قانونيا ، أرى ان هناك فراغ قانوني كبير ، لأن الاساس القانوني لهذا الالتزام لم يتم تحديده ، ولو كان ذلك قد ذكر ، كنا سنكون بأمان اكبر ، و كان الأمر يكتسب الشرعية القانونية الدولية .
ايضا تم التأكيد بأن على ( الولايات المتحدة و التحالف الدولي لمكافحة داعش ، و المجتمع الدولي ، و المراقبين الدوليين ، ان يبقوا ملتزمين بالعمل مع الحكومات الوطنية و الاقليمية لجمهورية العراق نحو تسوية امنية مستدامة في سهل نينوى ) ، هنا تتكرر الملاحظة ذاتها ، وهي ان طبيعة هذا الالتزام غير محددة ، كما ان المدة التي يسري فيها هذا الضمان غير محددة ، فقد لا تتجاوز اشهرا فقط ، و هذا سيكون امرا سلبيا .
و أود التأكيد هنا ، ان على امريكا و المجتمع الدولي عموما ، ان ارادوا مساعدتنا فعلا ، ان يعوضوا هذا الشعب الثقة التي فقدها ، سواء بجيرانه من الاغلبية ، او بكلا الحكومتين  ،وهذا يتطلب ايجاد آليات تساعد على اقرار الحماية الدولية للمنطقة لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ، حتى يتسنى تطبيع الاوضاع ، و بناء قوة عسكرية بمشاركة الاقليات نفسها ، لضمان عدم تكرار التجربة المريرة او ربما الاسوء منها .
ثالث عشر – اشارة القرار الى انه ( ينبغي ان تكون عودة السكان الاصليين النازحين الى سهل نينوى و الى ارض ابائهم و اجدادهم الاولوية في سياسة الولايات المتحدة و المجتمع الدولي ، و كما ان هناك كثيرا منهم نزحوا داخل العراق ) و هذا يعني ، ان كل من الولايات المتحدة و المجتمع الدولي ملزمين بتهيئة عودة النازحين ، ربما يشمل ذلك اجبارهم على العودة من بلدان معينة ، لا سيما دول الجوار التي لجأوا اليها بعد 2014 ،و ما يؤكد ذلك ، ان نهاية الفقرة تشير الى الذين – نزحوا داخل العراق- و بالمفهوم المخالف ، فأن من نزح الى خارج العراق و اصبح لاجئاً ، يكون مشمولا بالقرار .
 و ما يؤكد كلامنا ، انه في فقرة اخرى يؤكد على واجب (الاشراف على اعادة الادماج السلمي للشعوب الاصلية ، و عودة النازحين و اللاجئين من سهل نينوى ) ، هنا نفهم بأن كلمة (لاجئين ) لم تأت اعتباطا ، بل كانت مقصودة .
رابع عشر – اعاد القرار التأكيد على ان حق تقرير المصير الذي يضمنه للاقليات هو ما يدخل في اطار ( الهيكل الاتحادي لجمهورية العراق ) .
خامس عشر – يشير القرار الى ضرورة ان ( يتم تمثيلها سياسيا من قبل الشعوب و المجتمعات الاصلية للمنطقة ) ، وهنا علينا ان نبذل قصارى جهدنا لكي يكون تمثيلنا حقيقيا شرعيا ، لا كارتونيا .
نتمنى ان يكون القرار جديا ، و يكون تطبيقه سريعا ، و لكن بغية تفعيل القرار علينا ملاحظة ما يلي  :
1-   على صعيد البيت الداخلي :
أ‌-   على مؤسسات شعبنا ، و بخاصة احزابه السياسية و مراجعه الدينية ،  ان يكون لها موقف مغاير تماما لما اعتدناه منها ، وان ينعكس ذلك في وحدة الخطاب و المطالب ،  رغم الخلافات ، و في اعادة ثقة الشعب بها ، من خلال تحقيق طموحاته القومية التي يستحقها بشهادة الولايات المتحدة الامريكية و المجتمع الدولي ، و ذلك بغية الخلاص من واقعنا المرير الذي يتسم بالشرذمة و التقسيم و الذي يعطي فرصة كبيرة للغرباء للعب بمصير قضيتنا .
ب‌-   علينا الحذر ، ثم الحذر ، من محاولات التدخل المباشرة و غير المباشرة ، التي ستتم من جهات سياسية من خارج شعبنا ، من اجل تفريغ هذه الفرصة التاريخية من محتواها ، و تحويلها الى مكسب لها ، على حساب شعبنا ، من خلال استخدام ادوات من داخل مجموعاتنا السياسية و المجتمعية .
2-   على صعيد علاقتنا مع الاقليات الاخرى في سهل نينوى :
أ‌-   علينا استباق الأمور من خلال التعاون و الاتفاق مع الاقليات الاخرى التي تشاركنا في سهل نينوى ، لنبدأ تطبيق المشروع انطلاقا من فكرة التعايش السلمي الحقيقي ، و الاتفاق معهم على الخطوط الستراتيجية .
ب‌-   علينا الاقرار بأننا كأقليات تضررنا جميعا ،بنسب متفاوتة ، و أن الشعور       الانساني دفعنا الى التأثر و التفاعل مع كل ما جرى ، بغض النظر عن هوية المجني عليه ، لذا فأن من واجبنا ان نبني ما تم هدمه بنفس الروحية ، بغض النظر عن اي تمييز ، على اي اساس كان .
3-   على صعيد مؤسساتنا في الخارج :
أ‌-   على جالياتنا في الخارج ، ان تتحرك ، كل حسب امكانياته ، لبلورة القرار ، و الضغط من اجل تطبيقه ، و التعريف بوضعنا في المنطقة .
ب‌-   علينا السعي للحصول على دعم المجتمع الدولي من اجل الاقرار بجرائم الابادة الجماعية التي تعرضنا لها في الموصل و سهل نينوى ، و ان نبدأ بداية قوية من اجل تدويل القضية .

ختاما ، كقانونية  ، اعتقد ان هذا اقل ما نستحقه كأقليات ، و ان علينا الاستمرار في المطالبة بمزيد من الاستقلالية ، في اطار الدستور و القانون الدولي .
ملاحظة :
1-   ان القرار استخدم مصطلح (الاقليات ) و انا اعتمده نصا ، فأرجو عدم ابداء الملاحظات حول المصطلح و نرك الموضوع الاساسي  .
2-   اعتمدت الترجمة العربية ، كما وردت في موقع عنكاوا كوم ، و لهذا فأن أي خلل في الترجمة لا اتحمله ، مع تقديري و امتناني للمترجم .
 

 


14

لماذا العودة الى المربع الاول ؟

د.منى ياقو

ربما أصبحنا بحاجة الى تفسير كل ما نقوله ، لكي لا يتم تأويله بشكل سلبي ،  و خشية ان تشيع حالة من سوء الفهم و الشك حتى بالنيات الصادقة ، أردت توضيح الاسباب التي تجعلني أعود احيانا  و استحدم مصطلح ( الاقلية ) ، بعد ان كانت أولى توصياتي في اطروحتي للدكتوراه عام 2004 ، والتي كانت بعنوان ( حقوق الاقليات القومية في القانون الدولي العام – دراسة سياسية قانونية ) ، هي " ان نقترح استبدال مصطلح الاقلية القومية بمصطلح القومية ................ لا سيما ان كان لا يراد بمصطلح الاقلية الاشارة الى العدد ، بقدر ما يشير الى التهميش او التصغير او التقليل من شأن جماعة ما " ، و أرى في سبيل ذلك ، ان من الضرورة بمكان ان اعرج على اهم ثلاث مصطلحات يمكن ان تستخدم في وضعنا الحالي :-
اولا - السكان الاصليون Indigenous Peoples
حيث يمكن تعريفهم ( وفقا للأتفاقية رقم 169 بشأن الشعوب الاصلية و القبلية في البلدان المستقلة لعام 1989 ) بأنهم ، مجموعة من سكان ارض ما بقوا في ارضهم رغم احتلالها من قبل قوة او شعب آخر ، و يكون هؤلاء السكان الاصليين قد اصبحوا اقلية ، بسبب ممارسات يقوم بها المحتل ، كأن يقوم بتهجير السكان الاصليين و جلب شعب جديد ليستوطن ارضهم .
و لا يشترط طرد هؤلاء خارج الوطن ، بل يكفي ان يكون عدد المستوطنين الجدد اكبر من عدد السكان الاصليين ، بحيث يدفع اغلبهم للعيش في مناطق نائية ، و ما يهم في النهاية ، ان السكان الاصليين يفقدون السيادة على وطنهم و لا يعودون يملكون السلطة ، و ان الامر الواقع يجعلهم يخضعون لسلطة المحتل و قوانينه ، و يفترض هنا ان تمارس ضدهم سياسات اقصاء و تهميش ، مما يجعل حقوقهم منقوصة قياسا بحقوق المحتل .
و تعد حقوق السكان الاصليين حقوقا جماعية ، بمعنى انهم يمارسونها كجماعات و شعوب ، و هي ايضا حقوق اصلية لانها تستند على الدعوى بانها حقوق تاريخية ، يلزم الاعتراف بها لضمان استمرارية وجود السكان الاصليين و بقائهم .
و غالبا ما تتركز مطالب السكان الاصليين فيما يلي :
1-   الارض  : حيث يطالبون بأستعادة السيطرة على اراضيهم التي كانوا يمتلكونها  .
2-   التنظيم الاجتماعي و السياسي : و يتمثل ذلك في المطالبة بحقهم باتخاذ القرارات الخاصة بشؤونهم و المشاركة الكاملة في جميع مستويات اتخاذ القرار ، اضاقة الى حقهم في خلق آلية تنظيمية تهدف الى تضامن السكان الاصليين من اجل الضغط لتحقيق مطالبهم ,
3-   التنمية الاقتصادية : و من خلالها يطالبون بأشراكهم في خطط التنمية الاقتصادية للسيطرة على اقتصادياتهم .
4-   التعبير عن واقعهم : لهم الحق في انشاء منابر يعبرون من خلالها عن مواقعهم و طموحاتهم التي تتراوح بين المطالبة بالارض و المشاركة السياسية .
5-   احترام الهوية : و يتم ذلك من خلال الاعلان عن احترام التنوع العرقي و الديني و الثقافي .
أود الاشارة هنا ، الى ان مصطلح (السكان الاصليين ) طالبنا بأدراجه في مشروع دستور الاقليم ، لكن معظم الاطراف قد رفضت ادراجه ، بحجة ان كون احد الاطراف من السكان الاصلينن ، يجعل الاخرين ، بالمفهوم المخالف ، سكاناً غير اصليين ، وهذا أمر يرفضه المنطق القانوني السليم ، لا سيما و ان اطلاق المصطلح ليس امرا اعتباطياً او كيفياً ، بل ان هنالك معايير معينة يجب اثبات توافرها لكي تستحق أية مجموعة سكانية ان نطلق عليها هذا المصطلح ، الذي له ابعاد و تداعيات تترتب عليه مستقبلا  .
ثانيا – مكونات Quantities
ان مصطلح ( مكونات ) استخدم في ديباجة دستور العراق النافذ ، حيث جاء فيها " ......... شهداء العراق شيعة و سنة ، عربا و كوردا و تركمانا ، و من مكونات الشعب جميعها ............" و ايضا " ...نحن شعب العراق الذي آلى على نفسه بكل مكوناته و اطيافه .........." ، و تم تكريسه في الاقليم ، من خلال صدور قانون حماية حقوق المكونات رقم 5 لسنة 2015 النافذ  .
و رغم ان البعض يعد استخدام هذا المصطلح انجازا كبيرا ، الا اننا نعتقد انه مصطلح ليس له اساس قانوني صحيح ، لا سيما و ان "المكون" يشير لغويا الى العناصر التي يتكون منها الشيء ، و بما ان المجتمع يتكون من الاغلبيات و الاقليات ، فأن هذا المصطلح يتسبب في الخلط بين المجمتعات الصغيرة و الكبيرة العدد ، مما يضطرنا في النهاية ، عند الحديث عن الاقليات ، ان نقول " المكونات الصغيرة العدد " ، اذن فأننا هنا نرجع الى الحديث عن الاقلية ، لكن بصيغة جديدة .
ثالثا – الاقلية Minority
يمكن تعريف الاقلية عموما بأنها مجموعة من الافراد اقل عددا من اغلبية مواطني الدولة و هي في وضع غير مسيطر و تتوافر لها خصائص اثنية او دينية او لغوية تختلف عن خصائص بقية السكان ، و تظهر ولو بشكل مستتر احساسا بالتضامن بغية الحفاظ على طابعها الخاص او ذاتيتها الثقافية او خصائصها المميزة .
نفهم من ذلك ان الاقلية تشترك مع السكان الاصليين ، في عدد من السمات ، هي :
1-   الفئتان تكونان في وضع غير مسيطر .
2-   تختلف ثقافتهما و لغتهما و عقيدتهما عن الاغلبية .
3-   لهما رغبة مشتركة في الاحتفاظ بالهوية و تعزيزها .
4-   كلاهما غالبا ما يعاني من الاقصاء و التهميش ، و يعتبران من ضمن الفئات المهمشة او الجماعات المستضعفة  .
لكن الاقلية تختلف عن السكان الاصليين في امور اخرى :
1-    فبينما يكون للشعوب الاصلية ارتباط روحي قوي و عريق بالارض ، يمتد الى عصور طويلة ، فأن الامر يختلف بالنسبة للاقلية ، التي ليس من الضروري ان يكون لها نفس الارتباط بالارض . 
2-   الاصل ان  تكون الاقلية اقل عددا دائما ، لكن البعض من السكان الاصليين قد لا يكونون اقلية ، ففي ( بوليفيا ) مثلا ، يشكل السكان الاصليين اكثر من نصف العدد الاجمالي للسكان .
يمكن القول اذن ، ان معظم السكان الاصليين قد يكونوا اقلية ، لكن ليست كل اقلية من السكان الاصليين ، وان الاشخاص المنتمين الى الشعوب الاصلية يتمتعون بالحقوق الواردة في الصكوك الخاصة بالاقليات ، تمتعا كاملا ، ان هم ارادوا ، بينما لا يمكن للاقلية ان تطالب بأية حماية كشعوب اصلية  .
عموما ، نظرا لصعوبة اتفاق البعض على استخدام مصطلح السكان الاصليين ، و اطلاقه علينا ، حتى و ان اثبتنا توافر كل المعايير الدولية اللازمة للتأكيد على اننا سكان اصليين ، و نظرا لان مصطلح مكونات لا اساس قانوني له ، و انه مجرد مجاملة استخدمتها الاغلبية بعد السقوط ، فأننا نفضل استخدام مصطلح الاقلية ، للاسباب التالية :
1-   اننا بالفعل اقل عددا و اقل هيمنة ، وان ذلك لا يعني بأية حال اننا اقل شأنا ، لا سيما وان لنا حضارة عريقة يشهد لها الجميع ، لكن الانتهاكات المستمرة التي تعرضنا لها و لا زلنا نتعرض لها  ، هي التي جعلت منا اقل عددا .
2-   ان هذا المصطلح يجعلنا نستفيد من جميع الوثائق الدولية التي تستخدم المصطلح دون ان تقصد الاساءة لأية مجموعة ، و لان استخدامنا لمصطلح (المكون) يجعلنا غير معروفين دوليا ، و في كل مرة نحتاج الى توضيح لهذا المصطلح لانه غريب و يخلق اللبس .
3-   لأن التعامل معنا على اساس المواطنة ، هو الذي سيخلق لنا مجتمعا سويا ، و اما التسميات فلن تقلل او تزيد من شأننا ،و ما يثبت ذلك ، ان الدستور قد اطلق علينا (مكونات ) رسمبا منذ 2005 ، لكن اوضاعنا سارت من سيء الى اسوء منذ ذلك الوقت و حتى يومنا هذا ، و لم تستطع كلمة (مكونات) ان تمنع تهجيرنا و لا قتلنا و لا سلب اراضينا .
ختاماً ، أكرر التأكيد على اننا مطالبين كشعب أصيل  ، بالعمل الجدي للأعتراف بنا ك ( سكان اصليين ) ، وفقاً للاصول الدولية ،  التي تثبت اثباتا قطعيا ، أننا أحد الشعوب الاصلية التي عاشت في بلاد ما بين النهرين ، مع ما يتطلب ذلك من العمل المشترك لجميع المؤسسات و الأفراد ، وهنا تبرز نقطة في غاية الاهمية ، وهي ضرورة تجاوز التقاطعات السياسية و الكنسية ، و الاتفاق على تسمية موحدة تخدمنا كشعب ، و أقترح أن نبدأ التحشيد من المنابر الدولية الى الداخلية ، و ليس العكس .
أتمنى ان اكون قد وفقت في ايصال فكرتي ، و الا يُساء فهمي ...........


 

15


مناشدة انسانية للمنظمات و المؤسسات الدولية العاملة في الاقليم بالتدخل الفوري لأنصاف شعبنا
                           
 د.منى ياقو
اولا – المشكلة الاساسية هي في تولد الشعور لدى اوساط شعبنا بالغبن من خلال التجاوز على ممتلكاته ( ارضه ) و من ثم فأن ذلك الشعور يرافقه التيقن باللامبالاة و التراخي من قبل سلطات اقليم كردستان- العراق ، و تجاهل مسألة استرداد حقوق هذا الشعب ، اي ان شعبنا يشعر بالتحيز من قبل سلطات الاقليم لمكون واحد ، وهو المكون الكوردي فقط ، و ان هذا التحيز يشجع المتجاوزين ان يتمادوا اكثر في تجاوزاتهم .
ثانيا- ان مشكلة التجاوزات او التغيير الديمغرافي الحاصل على اراضي شعبنا هي مشكلة عامة ، حيث اغلب المناطق التي يتواجد فيها شعبنا المسيحي متجاوز عليها بأشكال مختلفة ، و ان هذا الموضوع يمتد لفترات متعاقبة ، فهناك تجاوزات حصلت منذ عام 1961 ، و اخرى وقعت بعد عام 1991 و لحد الان .
ثالثا – ان التجاوزات الحاصلة في منطقة ( نهلة) التي نحن الان بصددها ، هي ايضا قديمة و شملت العديد من القرى مثل ( كشكاوا ، جمى ربتكى ، جمى سنى ، كربش ، دوريا الخ ) علما بأن من ضمن هذه القرى من يحمل ملكية الطابو و اخرى اميرية صرفة .
اما الان فالتجاوز هو على مقاطعتي 89 و 90 التي هي مملوكة ل 117 فلاح مسيحي بموجب وثائق زراعية رسمية .
و بعد ان استنفذنا كل الوسائل القانونية منها و السياسية دون جدوى ، فأنني اناشد المنظمات و المؤسسات ذات العلاقة بالتدخل الفوري لمعالجة الموضوع و رفع الغبن الذي اثبتت السلطات في الاقليم بأنها غير قادرة او غير راغبة في ايجاد الحل المناسب لها 


16


الوجه القانوني لحادثة ( ماكسي مول )
د.منى ياقو
بعد ان تم بيع احذية رياضية ،مرسوم تحتها اشارة الصليب ، في محل ( ماكسي مول ) في عينكاوا ذات الاغلبية المسيحية ، و بعد ان خيب ظني الاجراء الذي اتخذته السلطات المعنية تجاه هذا الحادث ، رغبت في القاء الضوء على التشريعات النافذة ، الخاصة بهذه الحالة ، لتقييم مدى جدية حكومة الاقليم في حفظ كرامة ابناء المكونات الدينية القليلة العدد ، سيما وان البعض ظن ان ما قامت به السلطات هو ما كان يجب ان تقوم به ، و ان اخرون سارعوا الى التعبير عن شكرهم لاحراق احد الكراتين ، حتى قبل ان تنطفئ النيران .
ان ابرز القوانين المعنية بحماية الشعور الديني ، هي :
اولا – دستور العراق النافذ لعام 2005
تؤكد المادة 3 من الدستور ، على ان " العراق بلد متعدد القوميات و الاديان و المذاهب " و نعتقد ان الاقرار بالتنوع ، يستتبع ايجاد الاليات الصارمة لضمان حقوق ابناء كل المكونات .
تؤكد المادة 14 منه ، على ان " العراقيون متساوون امام القانون دون تمييز بسبب الجنس او العرق او القومية او الاصل او اللون او الدين او المذهب او المعتقد ............" و اظن ان المعنى الحقيقي للمساواة هو المساواة في الكرامة و حظر الاهانة لكل الافراد ، ايا كان دينهم .
تنص المادة 29 /اولا-أ على ان " الاسرة اساس المجتمع ، و تحافظ الدولة على كيانها و قيمها الدينية و الاخلاقية و الوطنية " و ارى بأن احد طرق الحفاظ على القيم الدينية ، هو ان تحرص نقاط الكمارك ، من خلال نظام السيطرة النوعية ، على منع دخول هكذا بضاعة و تداولها بهذه البساطة بين اولئك الذين يقدسون هذا الرمز الذي تمت اهانته بكل وقاحة .
ثانيا – قانون العقوبات العراقي النافذ رقم 111 لسنة 1969
تنص المادة 372/1- " يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات :
أ‌-   من اعتدى بأحدى طرق العلانية على معتقد لاحدى الطوائف الدينية او حقر من شعائرها ."
كما تنص الفقرة (ه) من نفس المادة على "من اهان علنا رمزا او شخصا هو موضع تقديس او تمجيد او احترام لدى طائفة دينية " .
يبدو واضحا ان عقوبة من قام بالفعل ، سواء كان فاعلا اصليا ام شريكا ، هي الحبس ، بينما كانت عقوبته في هذا الحادث ، هي حرق احدى كراتينه .

ثالثا- قانون رقم 5 لسنة 2015 ( قانون حماية حقوق المكونات في كوردستان – العراق )

تنص المادة 3 / ثانيا منه على ان " يحظر جميع اشكال التمييز ضد اي مكون من مكونات كوردستان- العراق ، و المخالف يعاقب وفق القوانين النافذة " ، نفهم من ذلك ، ان من قام بهذا الفعل يفترض ان يعاقب بالحبس ، وفق قانون العقوبات النافذ في الاقليم .
كما تنص الفقرة (ثالثا) من المادة نفسها على " حظر اية دعوة دينية او سياسية او اعلامية ، بصورة فردية او جماعية ، مباشرة او غير مباشرة ، الى الكراهية او العنف او التخريب او الاقصاء و التهميش ، المبنية على اساس قومي او اثني او ديني او لغوي " ، و نعتقد ان ما تم من اهانة لرمز ديني مقدس لمكون ديني اصيل في الاقليم ، تنطبق عليه تماما هذه المادة ، وهذا ابرز دليل على ان هذا القانون هو قانون للدعاية الاعلامية ، واما وقت الحاجة الى تطبيقه ، فلا وجود له .
و تنص المادة 4 / ثالثا من نفس القانون ، على ان " لكل مكون حق التعبير عن ثقافته و تقاليده ، وتلتزم الحكومة بحماية التراث الثقافي و الديني للمكونات " ، وكما هو معروف لدى الجميع ، فأن شارة الصليب هي من اهم ما يجسده تراثنا الديني كمسيحيين ، و ان الحكومة ملزمة ، وفقا للقانون بحماية هذا التراث .
كل هذه النصوص تحمي حق مواطني عنكاوا من المسيحيين ، في حماية مقدساتهم و رموزهم الدينية ، في الوقت الذي يلتزمون هم ايضا بحماية الشعور الديني لكل الاديان ، السماوية و غير السماوية ، هذا عدا العشرات من النصوص القانونية الواردة في الوثائق الدولية التي وقع عليها العراق ، و التي يعد بالتالي ملتزما بتطبيقها ، كعضو في المجتمع الدولي يحترم التزاماته القانونية .

رابعا – قانون ملحق قانون الادعاء العام رقم 159 لسنة 1979 في اقليم كوردستان – العراق
ان للادعاء العام دورا كبيرا جدا متى كان فاعلا في اداء مهامه الموكلة اليه ، و التي تم الاشارة اليها بدقة في اطار المبادئ الاساسية الواردة في القانون ، حيث نصت  المادة 1 على ان " يهدف هذا القانون ، الى تنظيم جهاز الادعاء العام ، لتحقيق ما يأتي :
اولا- حماية نظام الدولة .........( علما بان (الدولة ) استبدلت ب ( اقليم كوردستان ) ، بموجب قرار رقم 24 لسنة 2007 (قانون ملحق قانون الادعاء العام  ) .
كما نصت المادة 1/خامسا منه ، على امر غاية في الاهمية ، اذ جاء فيها ان من واجبات الادعاء العام " الاسهام في تقييم التشريعات النافذة لمعرفة مدى مطابقتها للواقع المنظور " هذا يعني ان على الادعاء العام في الاقليم ، ان يدرس مدى كفاية الحماية التي توفرها النصوص القانونية النافذة لابناء المكونات الدينية ، بينما نجد ان هذا الدور غائب او ربما مفقود .

 
تقيمنا لما وقع اذا هو كالاتي :
1-   ان التشريعات النافذة كانت بعيدة تماما عن مسرح الاحداث ، ربما كان السبب هو اللجوء الى لملمة الامر و حلها على الطريقة ( العشائرية ) ، بعيدا عن ساحات القضاء و حكم القانون .
2-   ربما كان المقصر الاول في كون الحادث قد اخذ هذا المنحى التقليدي البائس ، هو تراخي المعنيين ، و بحسب درجة تعلق الامر بهم ، هم كل من : رجال الدين ، الاحزاب السياسية الممثلة لشعبنا و اعضاء البرلمان .
3-   ان محاولة اسكات المسألة بدعوى انها ستؤدي الى فتنة طائفية او دينية هو امر غير مقبول بتاتا ، لعدة اسباب :
أ‌-   لا توجد دولة - بالمعنى المألوف للدولة قانونيا و سياسيا – تضع القانون جانبا خشية من الفتنة ، ولو كان الامر كذلك ، فلتكف عن اصدار التشريعات و تحيل الامر الى مجلس عشائري .
ب‌-    ان التكاتف بين ابناء الاديان المختلفة في الاقليم ، كان امرا مطلوبا و متوقعا في هكذا حالات ، لا سيما وان كان قد حصل تحرك قانوني سليم ،أضف الى ذلك  فأن الاهانة قد تمت من قبل مقيمين في الاقليم يحملون الجنسية التركية ، كان يفترض فيهم احترام اصول الضيافة.
ت‌-   ان الحل السريع الذي اتخذ ، واعادة فتح المول ، دون اي مراعاة لشعور اهل المنطقة ، يجعل تكرار الفعل ، من قبل نفس الجماعة او غيرها ، امرا واردا في اية لحظة .
4-   الغريب ان عملية الاتلاف جرت دون اية ضمانات او تطمينات ، بمعنى انه لم يتم تشكيل لجنة رسمية ، تضم اعضاءا من ابناء عنكاوا ، لتفتيش الفروع الاخرى للمول ، و اتخاذ اجراءات مشابهة بصددها ، كما ان عدد الكراتين الذي تم تحديده ب 700 كارتون ، لا يتناسب مطلقا مع الكارتون الوحيد الذي تداولته وسائل التواصل الاجتماعي ، اثناء عملية الحرق  .
5-   من قال ان الحادث لا يستحق كل هذا التضخيم هو مخطيء تماما ، لعدة اسباب :
أ‌-   ان الاهانة توجهت الى قلب الايمان المسيحي .
ب‌-   ان البضاعة كانت قد وصلت للتو ، ليتم بيعها قبل يومين من عيد القيامة ، الذي يعد العيد الكبير للمسيحيين .
ت‌-   ان اتخاذ الموقف المناسب اليوم ، سيردع كل من يفكر في اي تصرف مستقبلي يتخذ مثل هذا الطابع .
عليه فأنني اطالب بحماية التعايش السلمي من خلال حفظ كرامة مواطني الاقليم ،و بأن لا يغلق الملف كما حصل لعشرات غيره ،  و ادعوا الى التحصن بالتشريعات و تطبيقها لكي نثبت اننا نعيش في اطار دولة القانون ، و ليس في مجتمع تحكمه قوة  الاغلبية و ضعف الاقلية .



 

17

كي لا ننسى .........
قراءة انتقائية  في قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات و الاستفتاء
د. منى ياقو
رغم انني لا اتقصد الخوض في احاديث مثيرة للشجن ، الا ان معظم ما اقوم به من تقييم لقوانين تخص حقوق المكونات القومية و الدينية ، في الاقليم ، يعكس واقعا سلبيا لا مفر منه ،وليس بأمكاني ان اجامل اي طرف و اخفيه ،  و هدفي هنا ، ليس الا تشخيص هذه الحالات ، بغية اعادة النظر فيها ، و كل ذلك يتم في اطار المحاججة القانونية ، بكل تأكيد .
تنص المادة 3 من قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات و الاستفتاء رقم 4 لسنة 2014  ، (الصادر عن برلمان الاقليم ) ، على ان " المفوضية ، هيئة مهنية مستقلة و محايدة تتمتع بالشخصية المعنوية و تخضع لرقابة البرلمان و تكون مسؤولة امامه " ، وحين نقارن هذه المادة مع المادة 2 من قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رقم 11 لسنة 2007 المعدل ، ( الصادر عن مجلس النواب العراقي ) ، نجد التقارب الشديد الى حد التطابق بينهما ، و لكن السؤال المهم هو : كيف نضمن تحقق صفتي الاستقلالية و الحياد ، لا سيما وانهما ضروريتان للغاية في مؤسسة كهذه ، لا شك ان طريقة اختيار المفوضين و خلفيتهم ، لها الدور الاكبر في تحقق هذين الشرطين ، فكيف يتم اختيارهم ؟
اشترطت المادة 5 في اختيار ( مجلس المفوضين ) ان " يتألف من 9 اعضاء يختارهم البرلمان بالاغلبية المطلقة لعدد اعضائه بعد ترشيحهم من قبل لجنة خاصة يشكلها البرلمان .............يضمن تمثيل النساء و المكونات ..." ،( وهذا الامر نفسه نصت عليه المادة 3/ثانيا من قانون رقم 11 لسنة 2007 المعدل) ، لكننا نلاحظ ان الخلل الاكبر في هذه المادة ، هو انها تشترط ان يتم الترشيح من قبل لجنة خاصة ، دون ان تضع شروطا و آلية لعمل هذه اللجنة ، كأن تضم مثلا ممثلين عن الاقليات ، لكي نضمن ان يتم اخذ آرائهم بنظر الاعتبار ، عند تقديم قائمة المرشحين ، مما يعني اننا بحاجة الى تفاصيل ادق اثناء صياغة القوانين ، لكي نضمن ان تكون ايجابية اثناء التطبيق .
وعند التمعن في شروط المرشح ، نجد ان المادة 5/2 – ز من القانون رقم 4 لسنة 2014 ، تشترط ان " لا يكون منتميا الى اي حزب سياسي اثناء عضويته في المجلس " ، و في الوقت الذي تتشابه الشروط بين القانونين ، نجد ان (قانون رقم 11 لسنة 2007 المعدل) ، كان اكثر حدية و موضوعية ، حيث اشترط في المادة 3/ ثانيا – 6 ، ان يكون المرشح للمجلس " مستقلا من الناحية السياسية " و هذا الفرق هو فرق جوهري ، فشتان ما بين المنتمي لحزب معين ، الذي يقدم استقالته من الحزب ليصبح مرشحا في المفوضية ، و بين المستقل اساسا ، اي غير المنتمي الى اي حزب ، و الذي ستكون مصداقيته و حياديته مضمونه اكثر بكثير ، و هذا ما تم فعلا ، حين اصبح اشخاص معروفين بانتماءاتهم الحزبية اعضاءا في مجلس مفوضي الاقليم .
و من اكثر المواد التي تعنينا في هذا القانون ، هي المادة 18 التي اكدت على ان " يضمن في تشكيل المفوضية ما يحقق التوازن في تمثيل المكونات القومية " ، حيث يتراءى لمن يقرأ المادة للوهلة الاولى ، ان هناك ضمان حقيقي و نية صادقة تجاه الشراكة الحقيقية للمكونات القومية ، لكن الواقع جاء مخيبا للامال الى درجة كبيرة ، و الصدمة توالت مرتين متتاليتين و بشكل متسارع ، المرة الاولى كانت حين تم ترشيح شخصيات لتمثل المكونين القوميين الرئيسيين، المشاركين الى جانب الكورد في المفوضية  ، دون استشارة ممثليهم في البرلمان، و التي اعتبرتها كقانونية ، وصاية على الاقليات ، و كأن الاقليات قاصر لم تبلغ  سن الرشد ، و ليس من حقها ممارسة شؤونها بشكل مباشر ، و الثانية ، حين احتج ممثلي الاقليات لدى السيد رئيس اقليم كوردستان – العراق ، و وعدهم بأن يجد حلا مناسبا و مرضيا و قانونيا للمسألة ، لكن دون جدوى .
هنا تأتي الصدمة الثالثة ، وهذه صدمة الشعب المغلوب على امره  ، حيث لا حول لنا و لا قوة ، و ليس امامنا الا ان نصرخ بأعلى صوتنا ، بأننا لم ننسى هذا الحدث المهم ، و اننا نطالب ممثلينا في البرلمان ان لا ينسوه  او يتناسوه ايضا ، و نطالب سيادة رئيس الاقليم ان ينفذ وعده .
 و كقانونية ، اطالب كل المعنيين ، بالحرص على تطبيق روح القوانين ، لاننا كأقليات اصبحنا نفقد الثقة بالتشريعات التي تبرع في اختيار العبارات المنمقة لضمان حقوقنا ، اثناء صياغتها ، لكنها تلجأ الى ممارسة الحيل القانونية اثناء تطبيق هذه النصوص ، من خلال استغلال  مطاطيتها و قابليتها للتأويل و التفسير ، وان كان القانون عاجزا عن حمايتنا بأنصاف ، فالى اين نلجأ يا ترى ؟



18

من المسؤول عن الحماية القانونية للاثار ؟

د.منى ياقو
في اطار سعي منظمة الامم المتحدة للتربية و العلوم و الثقافة  ( اليونسكو ) ، لحماية التنوع الثقافي ، قامت بأصدار العديد من الاتفاقيات الدولية المعنية بهذا الامر ، ولعل من ابرزها ، (اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي و الطبيعي لعام 1972 )، و التي عرفت (التراث الثقافي) في المادة 1 منها بأنه " – الاثار : الاعمال المعمارية ، و اعمال النحت و التصوير على المباني ، و العناصر او التكوينات ذات الصفه الثرية ، و النقوش و الكهوف ، و مجموعات المعالم التي لها جميعا قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر التاريخ ، او الفن ،او العلم  .
-   المجمعات : مجموعات المباني المنعزلة او المتصلة ، التي لها بسبب عمارتها او تناسقها ، او اندماجها في منظر طبيعي ، قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر التاريخ ، او الفن ، او العلم .
-   المواقع : اعمال الانسان او الاعمال المشتركة بين الانسان و الطبيعة ، و كذلك المناطق بما فيها المواقع الاثرية ، التي لها قيمة عالمية استثنائية من وجهة النظر التاريخية او الجمالية او الاثنولوجية او الانثروبولوجية ."
و في المادة 2 تم تعريف (التراث الطبيعي ) بأنه " – المعالم الطبيعية المتألقة من التشكلات الفيزيائية او البيولوجية ، او من مجموعات هذه التشكيلات ، التي لها قيمة عالمية استثنائية من وجهة النظر الجمالية او الفنية .
-   المجمعات : مجموعات المباني المنعزلة او المتصلة ، التي لها بسبب عمارتها او تناسقها ، او اندماجها في منظر طبيعي ، قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر التاريخ ، او الفن ، او العلم
-   المواقع الطبيعية او المناطق الطبيعية المحددة بدقة ، التي لها قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر العلم ، او المحافظة على الثروات او الجمال الطبيعي ."
و الملفت للانتباه ، ان الامر لم يقتصر على التراث الثقافي و الطبيعي ، بل تعداه الى التراث الثقافي غير المادي ، و الذي تم تعريفه بموجب المادة 2 من( اتفاقية بشأن حماية التراث الثقافي غير المادي) ، صدرت ايضا عن اليونسكو ، في 2003 ، حيث جاء فيها " 1- يقصد بعبارة " التراث الثقافي غير المادي " الممارسات و التصورات و اشكال التعبير و المعارف و المهارات – و ما يرتبط بها من آلات و قطع و مصنوعات و اماكن ثقافية – التي تعتبرها الجماعات و المجموعات ،و احيانا الافراد ، جزءا من تراثهم الثقافي . وهذا التراث الثقافي غير المادي المتوارث جيلا عن جيل ، تبدعه الجماعات و المجموعات من جديد بصورة مستمرة بما يتفق مع بيئتها و تفاعلاتها مع الطبيعه و تاريخها ، وهو ينمي لديها الاحساس بهويتها و الشعور باستمراريتها ، و يعزز من ثم احترام التنوع الثقافي و المقدرة الابداعية البشرية " .
نفهم من المادة ، واستنادا الى التوضيح الذي جاء في الفقرة 2 من المادة ذاتها ، ان صون التراث الثقافي الذي كان الهدف الاسمى من الاتفاقية ، يشمل ما يلي :
" أ- التقاليد و اشكال التعبير الشفهي ، بما في ذلك اللغة كواسطة للتعبير عن التراث الثقافي غير المادي .
ب- فنون  و تقاليد اداء العروض .
ج- الممارسات الاجتماعية و الطقوس و الاحتفالات .
د- المعارف و الممارسات المتعلقة بالطبيعة و الكون .
ه- المهارات المرتبطة بالفنون الحرفية التقليدية ."
ما الذي نسعى للوصول اليه ؟
ان هدفنا الاساس ، هو الاشارة الى ضرورة التزام الدول ، و بالتأكيد الاقاليم ايضا ،  ببنود هذه الاتفاقيات ، و نعتقد ان من ابرز صور المحافظة على هذا التراث و حمايته و تعزيزه ، هو ان نعلم اطفالنا اولا ان هذا التراث الانساني هو مصدر فخر و شموخ و انه ارث للبشرية جمعاء ، و كوننا اهل للحضارة السومرية البابلية الاشورية ، لذا فأن الطريق الطبيعي لبث هذه التوعية هو حقل التربيه و التعليم ،الذي يعد الانطلاقة الصحية لأية عملية تغيير في المفاهيم الخاطئة ،  وهذا ليس رأينا الشخصي فقط ،بل انه ما اكدت عليه الصكوك الدولية المعنية بالموضوع  .
حيث جاء في المادة 27 من اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي و الطبيعي ،" 1- تعمل الدول الاطراف في هذه الاتفاقية ، بكل الوسائل المناسبة ، خاصة بمناهج التربية و الاعلام ، على تعزيز احترام و تعلق شعوبها بالتراث الثقافي و الطبيعي ....................
2- تتعهد باعلام الجمهور ، اعلاما مستفيضا ، عن الاخطار الجاثمة على هذا التراث وعن اوجه النشاط التي تتم تنفيذا لهذه الاتفاقية "
كما و تؤكد المادة 2/2 من اتفاقية بشأن حماية التراث الثقافي غير المادي ، على ان افضل طريقة للقيام بالتدابير الرامية الى ضمان استدامة التراث الثقافي غير المادي ، هو عن طريق " التعليم النظامي و غير النظامي ، و احياء مختلف جوانب هذا التراث "
وهنا يحق لنا ان نتسائل : في خضم الحديث ، هذه الايام ، عن انتهاكات لآثار اشورية في منطقة ( معلثايا ) و ( خنس ) ضمن محافظة دهوك ، هل هناك منهج تتبناه وزارة التربية و التعليم في الاقليم ، لتعريف المواطن ، بحضارات المنطقة و بآثارها و تاريخها ، ام ان المواطن الذي يجد نفسه غريبا عن هذه الكنوز التاريخية ، من حقه الا يحافظ عليها وان يسعى الى تشويهها و اتلافها ، لانها في النهاية لا تمسه و لا تعنيه ؟
اعتقد ان هذا الخلل الموجود ، ستكون له نتائج وخيمة في المستقبل القريب ،وعلى جميع المستويات ، حيث نادينا عشرات المرات بضرورة اعادة النظر في المناهج ، سواء من حيث الصورة النمطية او من الناحية الموضوعية ، لكننا لم نجد آذانا صاغية ، اذ ظل الولد اسمه  (آزاد)  و ظلت الفتاة اسمها (نسرين ) ، وبقي الاثنين يرتدون الزي الكوردي  ، كما ظل تفسير تسمية (كوردستان ) بانها (ارض الكورد ) ، وكأن بقية الاثنيات و الاعراق و الاديان الموجودة ، هي مجاميع خلقت لتصبح ضيوفا مهمشة ، حتى وان كانت تعيش على ارض الآباء و الاجداد ، وكأن لا احد يفهم مدى قساوة شعور الاغتراب داخل الوطن ، الذي لا يقل مرارة عن شعور الغربة خارجه .
اما تشريعيا ، فقد اكدت المادة 113 من دستور العراق النافذ على ان " تعد الاثار و المواقع الاثرية و البنى التراثية و المخطوطات من الثروات الوطنية التي هي من اختصاص السلطات الاتحادية ، و تدار بالتعاون مع الاقاليم و المحافظات ، و ينظم ذلك بقانون " .و هذا معناه ان المسؤولية مشتركة بين السلطة الاتحادية و سلطات الاقليم في المحافظة على هذه الاثار و حمايتها ، و كان يفترض ، وفقا لنص المادة الدستورية ، ان يصدر قانون عن برلمان الاقليم ، يتضمن تفاصيل تنظيم آلية ادارة و حماية هذه الاثار ، على غرار قانون الاثارو التراث رقم 55 لسنة 2002 النافذ ، ( المنشور في الوقائع العراقية ، العدد : 3957في 18/11/2002 ) ، و عند التدقيق وجدنا ان المادة 9 من قانون رقم 22 لسنة 2010 ( قانون وزارة البلديات و السياحة لاقليم كردستان – العراق ) قد نصت على ان " تستمر وزارة البلديات و السياحة بأدارة كل ما يتعلق بالاثار و المواقع الاثرية و البنى التراثية و المخطوطات و المسكوكات لحين صدور قانون خاص بها في الاقليم " نفهم من ذلك ان عبء الحماية يقع بالدرجة الاساس على وزارة البلديات و السياحة ، بعد ان تم دمج هاتين الوزارتين في الكابينة السادسة .
اذن ، ننادي بنهضة توعوية يتبناها الاعلام ، و تقودها وزارة الثقافة و الشباب  ، و نهضة اخرى تعليمية شاملة لمناهج جميع المراحل تتبناها وزارة التربية و كذلك وزارة التعليم العالي و البحث العلمي ، كما نؤكد على ضرورة تشريع قانون خاص بحماية الممتلكات الثقافية ، مع الاستفادة مما جاء في  قانون الاثارو التراث رقم 55 لسنة 2002 المعدل النافذ في العراق  ، هذا اضافة الى تفعيل الاستثمار الامثل للمواقع الاثرية اقتصاديا و ثقافيا ، كل هذا و غيره لا بد ان يتم ، ان كنا نسعى الى بناء مجتمع يقوم على احترام الاخر المختلف و يسعى الى حماية التراث الانساني المشترك ، و يعطي صورة مشرفة عن المواطنة في الاقليم .
ملاحظة : العراق ملتزم بكلتا الاتفاقيتين ، اذ انضم الى (اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي و الطبيعي لعام 1972) حين تم قبولها في 5/4/1974 ،  و انضم الى ( اتفاقية بشأن حماية التراث الثقافي غير المادي) بموجب قانون الانضمام ذي الرقم 2 بتاريخ 24/8/2009 المنشور في الوقائع العراقية ، العدد : 4134 في 24/8/2009 .

19

قراءة في قانون رقم 5 لسنة 2015
قانون حماية حقوق المكونات في كوردستان – العراق
د.منى ياقو
في منتصف العام 2014 ، تم دعوة مجموعة من الشخصيات ، من قبل مركز بحوث البرلمان ، وتم اختيار هذه الشخصيات بناء على اسس مختلفة ، و حين حضرنا وجدنا ان الموضوع المطروح هو ضرورة سن قانون لحماية ( الاقليات ) ، و كان احد المشاريع مقدما من قبل ممثلي التركمان ، و الاخر من قبل ممثلي الحزب الديمقراطي الكوردستاني ، و طلبت منح الفرصة لاقدم مشروعا ، و بالفعل تم تحديد موعد لذلك ، وفي اللقاء الثاني ، الذي حضره رئيس و نائب و عدد من اعضاء اللجنة القانونية ، تم مناقشة المشروع الذي قدمناه و الذي تم اعتماده كأساس للحوار .
الى هنا نستطيع القول ، ان الفكرة بمجملها كانت فكرة ايجابية ، حيث تم اشراكنا كأصحاب الشأن من الاقليات ، في مناقشة مسودة القانون ، وهذا ما يوفر الجهد على اللجنة القانونية من جهة ، و ما يرضينا كمواطنين من الاقليات لاننا الادرى بما نحتاج اليه و بمشاكلنا التي نطلب الاشارة اليها في القانون .
و يتضمن القانون النافذ جملة من النقاط السلبية ، التي نراها جديرة بالاشارة ، والتي من ابرزها  :-
1-   من الناحية الشكلية : فأن هذا القانون كعشرات غيره قد نشر في جريدة ( الوقائع الكوردستانية ) وهو يزخر بالاخطاء اللغوية و المطبعية ، اضافة الى عدم وجود تسمية للفصول ، و الى فقدان التوازن اصلا بين الفصول .
2-   بدأت المادة الاولى بتعريف العبارات و المصطلحات ، و كان اول هذه المصطلحات هو ( الحكومة ) و عرفت بأنها  : ( حكومة اقليم كوردستان – العراق ) ، هنا يبدو التناقض واضحا بين الاسم الرسمي الذي عُرف به القانون ، و الذي خلا من كلمة الاقليم ، و بين تعريف المصطلح الذي تضمن كلمة (الاقليم ) ، علما بأن مصطلح ( كوردستان ) قد تمت الاشارة اليه ، في عموم القانون ، اربع مرات ، بينما تم استخدام مصطلح ( اقليم كوردستان ) مرتين فقط ، ومن المعلوم ان الفرق شاسع قانونيا و سياسيا  بين المصطلحين ، وهو امر لا يمكن غض النظر عنه .
3-   نصت المادة 1/ثانيا ، على  ان " المجموعات القومية ( التركمان و الكلدان السريان الاشوريين و الارمن ) و المجموعات الدينية و الطائفية ( المسيحية و الايزيدية و الصابئة المندائية و الكاكائية و الشبك و الفيليين و الزردشتية و غيرهم ) من مواطني كوردستان العراق " ، علما بأن معظم هذه التسميات قد ذكرناها في مشروع دستور الاقليم الذي كنا بصدد صياغته في 2015 ، هذا يعني ما يلي :
أ‌-   ان تناقضا سينشئ لا محالة ، بين ما ذكر في القانون و ما سيذكر في الدستور .
ب‌-   هل هناك حاحة الى ذكر كل هذه التسميات في القانون و في الدستور ايضا ، اليس ذكرها في الدستور يكون ذا شأن اهم و يعد كافيا ؟
ت‌-   ان بعض اصحاب الشأن ك ( الايزيدية و الكاكائية ) غير متفقين اساسا على تسميتهم ، فالايزيدية اعتبرت مكونا دينيا بينما يرجح بعضهم انهم مكون ديني و قومي ، و الكاكائية غير متفقين فيما بينهم على كونهم دينا مختلفا او طائفة مختلفة  عن الاسلام .
ث‌-   المعروف ان الاقليات تقسم دوليا بناء على ثلاث اسس : القومية – الدين – اللغة ، و ما نلاحظه على هذا القانون انه اهمل تماما ضمان حقوق المكونات اللغوية في الاقليم ،  رغم وجود اكراد يتميزون بلهجتهم الخاصة ، كالهورمانية و الكورانية و غيرها ، ورغم ان الصكوك الدولية تحمي لهم هذا الحق .
4-   نصت المادة 2 على ان " تسري احكام هذا القانون على جميع مواطني كوردستان العراق من هذه المكونات " ، و بما ان القانون جاء ليحمي المجموعات الصغيرة العدد ، فالمفروض ان يحمي  المجموعات التي  تعد صغيرة في مناطق تواجدها ، حتى و ان كانت تتتمي الى الاغلبية في المجتمع العام .
5-   تم سن القانون دون الاستناد بتاتا على اي نص دستوري ، و بما ان دستور العراق النافذ ، يسري على الاقليم ، و بما انه يتضمن موادا دسمة في اقرار المساواة و عدم التمييز ، لذا كان يفترض ان تتم الاشارة اليه ، لتمتين الالساس الدستوري للقانون ، لكن ذلك لم يحدث مطلقا .
6-   جاء الفصل الثاني ليؤكد في المادة 3 على ان " تضمن سلطات اقليم كوردستان – العراق المساواة الكاملة و الفعالة للمكونات "،و يمكننا ابداء الملاحظات التالية حول النص :
أ‌-   بما ان المساواة في عالم القانون هي اما مساواة مطلقة و نسبية او مساواة قانونيه و فعلية ، لذا فأن المساواة الكاملة و الفعالة لا تمت الى عالم القانون بأية صلة  .
ب‌-   ان المساواة و مبدا عدم التمييز وجهان لعملة واحدة ، و هما تحصيل حاصل و يكملان بعضهما البعض ، لذا يفترض النص عليهما في فقرة واحدة .
ت‌-   هل القانون يسعى الى اقرار المساواة بين المكونات كمجاميع ام المساواة بين الافراد المنتمين للمكونات ؟ بمعنى هل ان القانون جاء ليحمي المجموعة ام الفرد ؟
7-   اكدت المادة 3/اولا على ان " تضمن الحكومة للفرد الذي ينتمي الى مكون حق المساواة و تكافوء الفرص في الحياة السياسية و الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية ..............كما تضمن لهم المشاركة في اتخاذ القرارات التي تخصهم " ، نلاحظ على النص ما يلي :
أ‌-   المتعارف عليه وفقا للشرعة الدولية لحقوق الانسان ، ان حقوق الانسان تقسم الى حقوق مدنية و سياسية و اخرى اقتصادية و اجتماعية و ثقافية ، اما ان يستقي النص ما يشاء من الحقوق و يترك اخرى ، دون ان يراعي تسلسلها ايضا ، فهذا امر محسوب على المشرع .
ب‌-   ما معنى " اتخاذ القرارات الخاصة بهم " ؟ وهل يشمل كل القرارات الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية ؟ نعلم جيدا ان المقصود هو ما جاء في المادة 18 من (اعلان الامم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الاصلية لعام 2007) الذي اكد على ان " للشعوب الاصلية الحق في المشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالمسائل التي تمس حقوقها من خلال ممثلين تختارهم هي بنفسها ووفقا لاجراءاتها الخاصة ، وكذلك الحق في حفظ و تطوير مؤسساتها الاصلية الخاصة بها التي تقوم باتخاذ القرارات " ، لكن يبدو ان الخلل كان واضحا في صياغة النص الذي اخفق في ايضاح المقصود .
8-   نصت المادة 3/ثانيا على ان " يحظر جميع اشكال التمييز ضد اي مكون ........ و المخالف يعاقب وفق القوانين النافذة " ، ان المتتبع لعالم القانون يعلم ان " النص الخاص يقيد العام " اما هنا فنرى انه تم تشريع قانون خاص بحماية المكونات  ، بينما احيلت العقوبة الى نصوص موجودة في قوانين اخرى نافذة ، كقانون العقوبات العراقي النافذ رقم 111 لسنة 1969 ، هذا يعني ان الصراع ليس بين نص عام و نص خاص ، بل بين نصين كلاهما خاص وساري المفعول ، و هذا ما يعني بالتالي ان هنالك فوضى تشريعية ناتجة عن التخمة في اصدار التشريعات ، فطالما لدينا نصوص عقابية في قوانين اخرى ما الفائدة اذا من تشريع هذا القانون ؟
9-   تنص المادة 3/ثالثا على " حظر اية دعوة دينية او سياسية او اعلامية ، بصورة فردية او جماعية ، مباشرة او غير مباشرة ، الى الكراهية او العنف او التخريب او الاقصاء او التهميش ، المبنية على اساس قومي او اثني او ديني او لغوي " ، رغم اننا نجد ان هذه المادة هي احدى افضل مواد القانون ، كونها تحل العديد من المشاكل ، لكن عيبها انها مجرد نصيحة ، بمعنى : ماذا لو تم خرق هذا الحظر ؟
10-   نصت المادة 3/رابعا على " منع اي تصرف او اية سياسات سلبية من شأنها تغيير الاوضاع الاصلية للمناطق التي يسكنها مكون معين ............" ماذا لو تم التغيير الديمغرافي دون اتباع سياسات سلبية ؟  من المفترض ان يتم حماية الاقليات من اي تغيير يطرأ ، سواء كان عمديا ام غير عمدي ، اي سواء تم بشكل فردي و على مستوى كبير ام تم بشكل ممهنج من قبل حكومات او جهات متسلطة .
11-   اكدت المادة 3/سابعا " تعمل الحكومة على تشجيع عودة الاشخاص المنتمين الى المكونات من سكان كوردستان العراق سابقا الذين اضطروا الى الهجرة و ضمان حقوقهم المستحقة " ، يبدو ان النص اكد على تشجيع و ضمان عودة الذين اضطروا الى الهجرة دون غيرهم ، لماذا لم يرد النص على تشجيع الهجرة المعاكسة بشكل عام ، لماذا لم يؤكد على عودة العقول التي هاجرت من ابناء الاقليات ، ما هو معيار التمييز بين المضطر و غير المضطر من المهاجرين ، هذه جميعها اسئلة لم يجب عنها المشرع ، وهي حقوق لفئات  لم يفكر في حمايتها .
12-   نصت المادة 3/ثامنا – 1 على ان " تلتزم الحكومة بالمحافظة على لغة الام ، من خلال سبل ضمان التعليم و التثقيف بها .........." ، نتسائل هنا و كلنا استغراب : ما الاضافة التي اضافتها هذه المادة الى قانون اللغات الرسمية رقم 6 لسنة 2014 النافذ في الاقليم ؟ نعتقد ان هذا ايضا يدخل في اطار الفوضى التشريعية التي سبق و تحدثنا عنها ، فأمرً واحد قد تم تنظيمه بقانونين ، و الفرق في تاريخ صدورهما لا يتعدى بضعة اشهر ، هذا اضافة الى ان المادة 4 من دستور العراق النافذ قد ضمنت هذا الجق بشكل واضح لا يقبل اللبس .
13-   نصت المادة 4/اولا على ان " يحق لكل فرد الكشف عن هويته الدينية و حفظ هويته القومية التي تربط انتمائه بمكون معين " ، كانت الكلمة المستخدمة في المسودة التي قدمناها الى البرلمان هي ( لكل فرد تحديد ) بينما استبدلت ب ( لكل فرد الكشف ) ، و نعلم مدى اهمية دور الارادة في تحديد الانتماء ، لكي تصبح الارادة منشئة للانتماء و ليس مجرد كاشفة عنه ، و ان تغيير الكلمة لم يأت اعتباطا .
14-   نصت المادة 4/ثانيا على ان " لكل مكون .......... ان يمارس حقوقه و حرياته الاساسية بما في ذلك حرية الفكر ، حرية التعبير ، وسائل الاعلام ، حرية الاجتماع ............، حرية ممارسة المعتقد الديني ......." ، ان القاعدة الثابته في قانون حقوق الانسان ، ان الحقوق المدنية و السياسية هي حقوق فردية ، لكن الغريب ان ممارستها هنا قد اعطي للمكون  (اي للجماعة ) و ليس للفرد .
15-   نصت المادة 4/رابعا على " للافراد الذين ينتمون الى مكون معين ان يختاروا اسماءهم بارادتهم و ان يستخدموا اسماء رموزهم او شخصيات تاريخية مهمة لهم او احداث مرت عليهم ، و استخدام اسماء شخصياتهم في تسمية الشوارع و المحلات و الساحات ، و غيرها من مناطقهم " ، و من المعلوم ان الامر نفسه قد تم تنظيمه في قانون اللغات الرسمية النافذ ، و هنا نرجع الى المشكلة نفسها .
16-   نصت المادة 5 على ان " لهيئات و منظمات و ممثلي المكونات و دور العبادة حق التواصل و مد الجسور الثقافية و التعليمية و الاجتماعية و تطويرها مع من يتقاسمهم الخصائص الدينية ذاتها " ، ان كانت الجسور التي يتم مدها هي ثقافية ، تعليمية و اجتماعية ، فما الذي اقحم دور العبادة في الامر ؟ و لماذا التأكيد على من يتقاسمهم الخصائص الدينية و ليس القومية ؟ ( علما بأن هذا الحق قد استند الى نص المادة 5/2 من اعلان بشأن حقوق الاشخاص المنتمين الى اقليات قومية او اثنية و الى اقليات دينية و لغوية 1992 ) .
17-   اكدت المادة 7 على ان " لا  يعمل بأي نص يتعارض و احكام هذا القانون " ، الغريب ان القانون نفسه يحيل تنظيم امور معينة الى نصوص في قوانين اخرى نافذة ، مثلا ( المواد 2/ثانيا و 4/ثانيان- رابعا و 6/اولا- ثانيا ) ، و بما ان هذا القانون لا يتضمن اصلا اي نص عقابي ، فأن ذلك يعني ان هذا القانون اضعف من يحصل التعارض بينه و بين غيره من قوانين .
18-   جاء في الاسباب الموجبة "بغية الحماية و ضمان الحقوق السياسية و الاجتماعية و الثقافية و الاقتصادية للمكونات وفق القوانين الداخلية و الدولية ........" يبدو واضحا هنا ان تسمية الحقوق جاء بشكل عشوائي ، وان المشرع قد تجاهل تماما وجود العهدين الدوليين للحقوق ، اضف الى ذلك فأن مصطلح ( القوانين الداخلية و الدولية ) هو الاخر مثار نقاش ، فالمفروض ونحن بصدد حقوق الاقليات ان نشير الى الصكوك الدولية المعنية بحقوق الانسان .
و حين مقارنة نصوص القانون النافذ مع المسودة التي كنا قد قدمناها ، تظهر الفروقات التالية :
1-   كنا قد اشرنا في المادة 4/ثانيا الى ضرورة " تفعيل مفهوم المواطنة و التوعية به و تطبيقه ، مع ما يستتبع تعديل اي نص قانوني يحث على التمييز ،ايا كان مبرره ، استنادا الى نص المادة 14 من الدستور النافذ " و نعتقد ان الغاء هذه المادة قد جاء للسماح بالابقاء على العديد من النصوص التشريعية المجحفة بحق الاقليات و ربما تشريع نصوص جديدة بنفس الاتجاه ، على غرار ما جرى بالنسبة لقانون البطاقة الوطنية الذي شرعه مؤخرا مجلس النواب العراقي .
2-   كانت المادة 4/ خامسا من المسودة تؤكد على " منع اي نشاط يهدف الى استيعاب او صهر ابناء المكونات الصغيرة العدد في ثنايا المجموعات الاكبر ، او اية افعال تهدف الى ابعاد اية مجموعة قسرا او فصلها استنادا الى العنصر او الدين او القومية " .
3-   بالنسبة لمنع التغييير الديمغرافي ، كانت العبارة الواردة في المسودة اكثر حزما ، اذ تمنع التملك " تحت اية ذريعة ،بما فيها اطفاء الاراضي او شرائها او اقامة المشاريع الاستثمارية عليها " .
4-   كانت المادة 4/تاسعا ، تؤكد على حظر الاضطهاد المادي او المعنوي ، الفكري او المظهري ،لابناء اي مكون .........." و لان المراة مضطهدة بسبب مظهرها في مجتمعنا ، فكانت هذه الفقرة تعني لنا الكثير ، لكنها الغيت .
5-   كانت المادة 9 من المسودة ، تنص على " ضمان المساهمة الجدية و الفاعلة لابناء المكونات في التمثيل الخارجي و العلاقات الخارجية للاقليم ، و بحسب الكثافة السكانية " ولاننا نعاني من استبعاد شبه تام من هذا الميدان ، كان يفضل ضمان ذلك .
6-   كانت المادة 16 تنص على ان " تلتزم الجهات المعنية باعادة النظر ، بشكل علمي و موضوعي ، في المناهج الدراسية ، و بما يتلائم مع ثقافة حقوق الانسان ".
7-   كانت المادة 17 من المسودة تنص على ان " تلتزم شبكات الاعلام ، باشكالها المختلفة ، باعداد برامج حول تاريخ و ثقافة جميع مكونات شعب كوردستان ، و تنقل المعلومات بحيادية تامة بعيدا عن التعصب و التحريض عليه " .
8-   كانت المادة 18 من المسودة تنص " على حكومة الاقليم و الحكومات المحلية ، توفير الحماية و الامن لكل مكونات الاقليم ، وفي حالة تلكوء المسؤولين او اخفاقهم في تحقيق الحماية ، لا بد من اجراء التحقيقات معهم و مقاضاة من ثبت تقاعسه ، وفي حالة الضرورة يتم تشكيل وحدات بديلة من ابناء المكونات انفسهم ، ترتبط بوزارة الداخلية " .
9-   كانت المادة 20 تؤكد على " ضمان شراكة ابناء المكونات الصغيرة العدد في القوات المسلحة ( البيشمركة ) و الاجهزة الامنية (الاسايش ) و كل الاجهزة الحساسة الاخرى ، و من اجل تحقيق التوازن يمكن اتباع آلية (الكوتا ) لا سيما في المناطق التي يشكلون فيها كثافة سكانية " .
10-   نعتقد ان اسوء ما اغفله القانون ، هو نص المادة 21 التي كانت تحدد بشكل دقيق اليات تشكيل ( مجلس شؤون المكونات ) ، و الاغرب ان مسودة اخرى لقانون جديد تم تداولها في اروقة البرلمان ، و كانت خاصة بانشاء هذا المجلس ، هذا ما يظهر التشتت و الارباك الذي عانى منه المشرع الكوردستاني فيما يخص حماية حقوق الاقليات .
يمكننا اذا تقييم القانون باختصار شديد ، بما يلي :
1-   ان الحماية الحقيقية لحقوق الاقليات يفترض ان تتم في الدستور اولا و من ثم في القانون ، لا سيما و ان كوردستان قد شرعت بكتابة اول دستور لها ، خاصة وان تجربتنا قد اثبتت ان المطالبة باقرار اي حق في الدستور ، كانت ترد بحجة ان هذا الامر قد ادرج في القانون .
2-   ان تبديل مصطلح (الاقليات ) ب (المكونات ) لن يضيف شيئا الى حقوقنا في الاقليم ، اضف الى ذلك فانه يجعلنا غرباء عن الصكوك الدولية التي تحمينا باعتبارنا اقليات ، اما المكونات فانها لفظة تستخدم للاشارة الى كل ما يتكون منه المجتمع ، سواء كانوا اغلبية ام اقلية ، فهذا لا يعدو الا ان يكون خلطا للاوراق لا فائدة ملموسة من ورائه .
3-   ان نصوصا مهمة جدا كانت موجودة في المسودة تم تعديلها او الغائها تماما ، و الملفت ان ايا من هذه التغييرات لم يكن في صالح الاقليات .
4-   ان وجود قانون خاص بالاقليات ، قد يعد امرا يضرهم و بفصلهم عن باقي المجتمع ، بينما النص على ضمانات دستورية لهم هو امر طبيعي .
5-   ان هذا القانون ليس سوى مجرد مجموعة مبادئ انشائية اخلاقية ، وهو يشبه الاعلان العالمي لحقوق الانسان ،اذ انه يحتوي امورا جيدة لكن تطبيقها ضعيف بسبب خلوه من القوة الملزمة ، كونه لم يقرر اية جزاءات .
بناءً على كل ماسبق ، نطالب بالغاء هذا القانون ، الذي كانت فائدته الوحيدة هو استخدامه للدعاية الاعلامية حول حقوق الاقليات في الاقليم  ، و الذي اثبت عجزه و فشله عن حماية اي حق من حقوق الاقليات على مدى السنة المنصرمة ، و ابضا لكي نتكمن من المطالبة باقرار الضمانات و الاليات الدستورية لحقوق الاقليات ، و ادعوا برلمانينا الى تنظيم الورش و الاستفادة من اراء المختصين و المهتمين حول هذا الامر ، من اجل اتخاذ الخطوات السليمة في هذا المجال ، و اسفه على الاطالة .

20
هل يمكن حل الاشكاليات القانونية بالوعود و المجاملات  ...............؟

د.منى ياقو
 من المعلوم ، ان  نصا قانونيا واحدا  ، قد يكون قادرا على ممارسة الاجحاف بحق  المئات من ابناء عوائل االاقليات الدينية ، كنص المادة 18 من قانون الاحوال الشخصية النافذ ، الذي يؤكد على ان  " اسلام احد الزوجين قبل الآخر تابع لأحكام الشريعه في بقاء الزوجية او التفريق بين الزوجين "   هذا النص الذي استند الى احكام  الشريعة الاسلامية واهمل تماما شريعة الاقليات الدينية ذات العلاقة ، فبمجرد ان تشهر  الزوجة  اسلامها، يلحق بها كل اولادها غير البالغين ، و يخير زوجها بين الاسلام او التفريق ، و الحال نفسه يسري على الزوج ايضا ،  وهنا اعتقد انه يحق لنا ان نسأل بعض الاسئلة من المشرع الكوردستاني ونتمنى ان يكون منصفا في اجابته  :
1-   ان كانت المرأة التي اشهرت اسلامها متزوجة ، و لكنها اسلمت للزواج برجل مسلم ، وقام القاضي بعرض الاسلام على زوجها لكنه رفض ، حينها سوف يقرر تفريق الزوجة عنه ، وبمجرد ان تنتهي عدتها يمكنها الزواج من الرجل المسلم الذي اختارته .
هنا نتسائل عن ارادة الزوج الاول في اقرار التفريق من عدمه  ، و عن العقد الذي تم ابرامه وفقا للشريعه التي ينتمي اليها الزوج ؟ هل يُعقل ان تذهب كلها ادراج الرياح ؟ وان تصبح بلا قيمة في مقابلة شريعة اخرى ؟ ان كان هذا ممكنا ، فأين المساواة التي تتحدث عنها المادة 14 من دستور العراق النافذ ؟ وما هي آلية تطبيق المادة 41 من الدستور النافذ التي تنص على ان " العراقيون احرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية ، حسب دياناتهم او مذاهبهم او معتقدلتهم او اختياراتهم " ؟ وان كان الامر كذلك ،فنقترح اضافة فقرة اخرى الى النص ، لتضمن علو شريعة الاغلبية على شرائع المكونات الاخرى ، في كل الاحوال .
2-   ان كان الدستور النافذ قد اكد في المادة 29 / اولا منه ان " الاسرة اساس المجتمع ، و تحافظ الدولة على كيانها و قيمها الدينية و الاخلاقية " ، فمن حقنا ان نسأل : كيف تحافظ الدولة على كيان الاسر التابعه للمكونات الصغيرة العدد ،  وكيف تحمي قيمها الدينية ، في الحالات المشار اليها ؟
3-   بينما يؤكد الدستور النافذ ، في المادة 37/ثانيا منه ، على ان " تكفل الدولة حماية الفرد من الاكراه الفكري و السياسي و الديني " ، فماذا بشأن  الغاء ارادة عدة اشخاص ( نقصد الاولاد القاصرين )  في مقابل ترجيح ارادة شخص واحد ( الام او الاب ) ، لمجرد انه قرر تغيير ديانته ، الا يعتبر ذلك اكراها  فكريا و دينيا يمارسه المجتمع بأسم القانون  ؟
4-   ان كانت المادة 106 من القانون المدني رقم 40 لسنة  1951 تنص على ان " سن الرشد هي ثماني عشرة سنة كاملة "وان كانت الاهليه تكتمل مع بلوغ سن   الرشد ، فأننا نتسأل عن مدى قانونية تصرف من لم تكتمل اهليته ، بركن اساسِ من اركان حياته ، الا وهو الدين  ، الذي يتم تغييره  بمجرد قرار فردي يتخذه احد الابوين بتغيير ديانتهم  ؟
وفي الاتجاه ذاته ، اكد قانون الاحوال المدنية رقم 65 لسنة 1972 ،  في المادة 21/3 منه على ان " يتبع الاولاد القاصرون في الدين من اعتنق الدين الاسلامي من الابوين " وعلى امين السجل المدني ، وفقا لهذا القانون ، تأشير ذلك في سجلاتهم المدنية دون علم القاصرين ، الذين غالبا ما يتفاجأون بالامر عند اقدامهم على الزواج او لدى قيامهم بتجديد بطاقات الاحوال المدنية .
و اسوء ما في الامر ، ان قضاء محكمة التمييز ، كان قد استقر لعقود عديدة ، على اعطاء الحق للفرد الذي اعتبر مسلما لأسلام احد والديه ، ان يطلب العودة الى الدين الذي كان عليه  ، و ذلك بأن يقدم دعوى الى محكمة الاحوال الشخصية يطلب فيها العودة الى دينه السابق ( حكم محكمة التمييز المرقم 201 / هيئة عامة ثانية /1976 و المؤرخ في 25/12/1976 ) . ولكن محكمة التمييز ،وفي اطار عملها في عراق ما بعد 2003 ( عراق الديمقراطية و حقوق الانسان ) ،  اصدرت حكمها المرقم 285 / شخصية اولى / 2008 المؤرخ في 31/12/2008 ، والذي منعت بموجبه رجوع المدعي الذي صار مسلما بالتبعية ، و اعتبرته بمثابة الردة التي منعها الاسلام و عاقب عليها ، رغم انه وحسب معلوماتنا المتواضعه ،فأن القاعدة الشرعية في الاسلام هي ان " لا اكراه في الدين " .
يا  اعضاء السلطة التشريعية ، في اقليم كوردستان – العراق،  الموقرون  :
اهكذا تقرون  المساواة بين مواطني الاقليم ؟ هل تقسموننا الى فئات بحسب معتقداتنا ، و تمنحوننا الحقوق بناء على الفئة التي ننتمي اليها ؟ أم ان ابناء الاقلية و الاغلبية متساوون مبدئيا ، ولكن بمجرد ان تكون مصالح و قيم الاغلبية في كفة و مصالح و قيم الاقلية في كفة ثانية ، فسنكون من الخاسرين ، لا محالة .
ان كان الشرع هو من يجب ان يخضع له القانون ، فلماذا لا يتم الاستفادة من النصوص الايجابية و الآراء المتنوره التي يطرحها بعض رجال الشريعة ، الذين هم نفسهم كان لهم الدور الاساس في تعديل النصوص الخاصة بالمرأة ، و نقصد بذلك رأي البروفسور الشرعي و القانوني  الدكتور مصطفى الزلمي ،الذي يقول ان الدين
 " لا يصح فيه التقليد و التبعية " و ان الولد و ان اكتسب تبعا دين الاسلام ، فأنه يعد مسلما و لكنه  لا يعد بالضرورة مؤمنا ".
و يقول ايضا ، ان الولد القاصر لم يصبح مؤمنا لكي يعتبر مرتدا في حالة عدم استمراره على ذلك الدين ، و بالتالي فأن قول الرسول " من بدل دينه فأقتلوه " لا يشمل من اكتسب الدين و هو قاصر .
و يقول ، كما ان الطلاق لايكون الا بعد الزواج ، فكذلك لا تكون الردة الابعد الدين .و ان من الخطأ اكراه القاصر المسلم على بقائه على اسلامه المكتسب لسببين :-
أ- ان القرآن الكريم قد نهى عن الاكراه على الدين نهيا قطعيا ، "لا اكراه في الدين " – البقرة /256 –
ب- ان الاكراه ان استطاع ان يسيطر على جسد المسلم فلا يستطيع السيطرة على قلبه ، حيث من الممكن ان يصبح انسانا منافقا و هو اخطر من غير المسلم ظاهرا و باطنا .

من هذا المنطلق ، واستنادا الى الدستور النافذ ، ندعو برلمانيى شعبنا ، الى رفع اصواتهم عاليا دفاعا عن حقوق من انتخبوهم  ، و ندعو السلطة التشريعية الى اعادة النظر في حقوق المكونات الدينية ، فشعارات المواطنه و الديمقراطيه و التعايش السلمي ، لا تفيدنا بشئ ، نحن بحاجة الى اثبات حسن النية و المصداقية الحقيقية المبنية على المساواة بين المواطنين ، ولا نريد اية مجاملة او تفضيل ، بل القدر الذي نستحقه و بالشكل الذي  يحقق العدالة فقط .
ولن نطمئن لأي وعد يصدر من أي شخص ، فلن يحل القضايا القانونية العالقة ،بسبب نص قانوني نافذ ، الا بتشريع نص جديد او تعديل النص الموجود او الغائه   ، و من اراد انصافنا فليساعدنا على تحقيق ذلك ، هذا هو الضمان الوحيد الذي يضمن منع التعسف .
ولأحقاق ذلك ، فأننا نقترح هذا المشروع ، الذي يعتبر اقراره نهاية لمرحلة من الاجحاف و اللامساواة دامت منذ عام 1959 ،و نتمنى ان يجد مقترحنا آذانا صاغية ،  و اليكم نص المشروع :
قانون رقم ( ) لسنة 2015
قانون تعديل تطبيق قانون الاحوال الشخصية
رقم 65 لسنة 1972 في اقليم كوردستان – العراق
المادة (1) : يعدل تطبيق المادة (21 ) من قانون الاحوال المدنية رقم 65 لسنة 1972 في اقليم كوردستان – العراق لتُقرأ على الوجه الآتي : " لا يستتبع تغيير احد الابوين ديانته تغيير ديانة اولاده القاصرين " .
المادة (2) : لا يُعمل بأي نص يتعارض و احكام هذا القانون .
المادة (3) : يُنفذ هذا القانون من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية ( وقائع كوردستان ) .
الاسباب الموجبة :
اخذا بقاعدة منع الاكراه في الدين ، و تطبيقا لمبادئ حرية الفكر و الضمير و العقيدة التي نصت عليها المادة (42) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 النافذ ، و ترسيخا لقيم التسامح و التعايش السلمي بين مكونات اقليم كوردستان – العراق ، و بالنظر لتعدد المكونات الدينية المتعايشة في الاقليم و التي تشترك معا في هذه المسألة ، فقد شُرع هذا القانون .


21


في يوم المرأة العالمي
 يستمر الاجحاف بحق نساء الاقليات الدينية في الاقليم ، الى اشعار آخر
                                                     
د.منى ياقو

في الوقت الذي يُصور فيه وضع ابناء الاقليات الدينية ، في الاقليم ، و كأنهم يعيشون عصرهم الذهبي ، فأن الواقع التشريعي ينفي ذلك  ، فرغم ان العديد من النصوص القانونية ،  و التي كان لها مساس مباشر بأحكام الشريعة الاسلامية ، قد تم تعديلها ، في اطار التعديلات التي جرت على قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 ، بما يرقى بمستوى المرأة ويدعو الى المساواة بينها و بين الرجل ، قدر المستطاع ، و رغم اننا لا نقلل من اهمية الحديث عن المساواة بين الجنسين ، بما يعنيه ذلك من تحسين وضع الاسرة و المجتمع ، عموما ،الا اننا نستغرب ان يتم التركيز فقط على مواد محددة في القانون و الاصرار على ترك مواد اخرى ،شُرعت قبل اكثر من نصف قرن ،مع توافر القرائن القانونية التي تثبت ان هذه المواد لا تنسجم مطلقا مع دستور العراق النافذ و لا مع الصكوك الدولية التي تُعنى بحرية الدين و العقيدة و بحقوق الاقليات و سكان البلاد الاصليين  ، و لا مع الانفتاح المفترض في مجتمع ما بعد 2003 .
  و ان كانت القوانين في اية دولة  ،  لا بد ان يتم صياغتها  في اتساق تام  مع الدستور  ، فمن حقنا ان نسأل عن الاساس القانوني لمشروعية المادة 17، في اطار الدستور النافذ ،والتي نصت على ان "يصح للمسلم ان يتزوج كتابية ، و لا يصح زواج المسلمة من غير المسلم " ، هذا الدستور  الذي اكد في ديباجته على بناء دولة القانون و اشاعة ثقافة التنوع ، و الذي اقر في المادة 2/ثانيا منه ، على ان هذا الدستور " ....يضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الافراد في حرية العقيدة و الممارسة الدينية كالمسيحين ، و الايزدين و الصابئة المندائيين " و نتساءل و كلنا استغراب : كيف يضمن لنا هذا الدستور كامل حقوقنا ان كان يسمح للمسلم بالزواج من الكتابيات ( و غيرهن )  في الوقت الذي يمنع ذلك على غير المسلم .؟
و نتساءل ايضا ، كيف نواءم بين هذا النص القانوني الذي يميز بين المواطنين ، تمييزا واضحا و صريحا ، على اساس الدين ، و بين نص المادة 14 من الدستور النافذ ، التي تؤكد ان " العراقيون متساوون امام القانون دون تمييز بسبب الجنس او العرق او القومية او الاصل او اللون او الدين او المذهب او المعتقد ....." .
فلنحلل هذا النص و لنرى ما يسفر عنه من تناقض ، لا يمكن انكاره او اخفائه بأي شكل :  ان كان للرجل المسلم ان يتزوج من الكتابية ، في الوقت الذي يمنع على المرأة المسلمة ان تتزوج بكتابي ، اليس هذا تمييز قائم على اساس الجنس ؟  ان كانت خيارات الزواج المتاحة امام الرجل المسلم واسعه و متنوعة ، بينما لو فكر الرجل غير المسلم ، مجرد التفكير ، في اختيار شريكة حياته من النساء المسلمات ، لأعتبر ذلك ممنوعا عرفا و قانونا ،  فأين المساواة على اساس الدين او المذهب او المعتقد ؟  حين تقرر الفتاة القاصر ،  و التي لم تبلغ سن الرشد قانونا ، ان تتزوج بالمسلم ، و تعقد المحكمة قرانها ، بغض النظر عن  احكام المادتين 7 و 8 من قانون تعديل تطبيق قانون الاحوال الشخصية رقم 15 لسنة 2008  النافذ في الاقليم ، و تصبح القضية امر واقع يفرض نفسه على المجتمع ، فأين المساواة على اساس الاصل ؟  و كيف يمكن للقانون ان يستبيح اعراض الاقليات الدينية و ينسف عادادتهم و تقاليدهم و يضرب بأعرافهم عرض الحائط ، في الوقت الذي يقف بالمرصاد ، لكل شاردة او واردة ، تخص عرض الاكثرية و عاداتها و تقاليدها و اعرافها ؟   بأعتقادي ، انها لمهزلة كبرى و مضيعة للوقت ، ان نتحدث عن المساواة ، او انها مجاملة ، لا بد ان نقدمها لشركائنا في الوطن ، ترضية لهم  .
اضف الى ما سبق ، تنص المادة 41 من الدستور النافذ على ان " العراقيون احرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية ، حسب دياناتهم او مذاهبهم او معتقداتهم او اختياراتهم " و يبدو النص ، كالعادة ، و كأن العراقيون هم بالفعل احرار ، الا ان الواقع يثبت ان ادق تفاصيل امور الزواج و تنظيم الاسرة ، قد نظمت في المادتين 17 و 18 من قانون الاحوال الشخصية ، حسب الديانة الاسلامية ، دون ايلاء اي اعتبار للديانات الاخرى كالمسيحية او الايزيدية او المندائية او البهائية .
و مما يزيد الطين بلة ، ان المادة 42 تؤكد على ان " لكل فرد حرية الفكر و الضمير و العقيدة " وكأن الامر هو كذلك بالفعل ، بينما الواقع يثبت ان كل هذه الحريات تذهب ادراج الرياح في ظل دخول ابسط متغير على الحياة الزوجية ، ان حرية الفكر و العقيدة موجودة نعم ، لكنها مشروطة بشرط ان تصبح مسلما ، وهنا نشير الى احد التناقضات التي لا عدَ لها الموجودة بين ثنايا الدستور النافذ ، فبينما  تأتي المادة 46 من الدستور ، لتعطي غطاء شرعيا لتقييد ممارسة الحقوق و الحريات المذكورة في الدستور ، متى تم ذلك بموجب الدستور ، فأنها تقيد  ذلك بضرورة " ان لا يمس ذلك التحديد و التقييد جوهر الحق او الحرية " وهذا ما لا نفهمه ، اذ من البديهي ان اي مساس بممارسة حق او حرية ، حين يتعدى حدود التنظيم القانوني له ، فأنه بالتأكيد يمس جوهره و يفقده محتواه ، هل ان شرط ان تختار الاسلام دينا ، في بلد متعدد الاديان ، لا يمس جوهر حرية الدين او المعتقد ؟                     

ونعتقد ان المشكلة الاكبر ،  تبرز الى الوجود ، حين نجد ان مشروع دستور الاقليم لعام 2009 ، ليس بأفضل حال من دستور العراق النافذ  .
اننا نتوجه اليكم يا رجال الشريعة و الفقه الاسلامي الجزيلي الاحترام  ، المتشددين منكم قبل المعتدلين ،ان كان السائد في الاقليم ، ان المكونات الاقل عددا تخضع لأرادة الاغلبية ، فضعوا انفسكم مكاننا لبضع دقائق ، و اشعروا بالشعور الذي ظل يعترينا على مدى عشرات السنين ، لكي تستطيعوا  انصافنا  ، و كلي امل انكم ستحكمون بالعدل حينها  .
و نتوجه اليكم يا رجال القانون و حقوق الانسان ،في الاقليم ،  ان كانت المادة 106 من القانون المدني رقم 40 لسنة 1951 تنص على ان " سن الرشد هي ثماني عشرة سنة كاملة "وان كانت الاهليه تكتمل مع بلوغ سن الرشد ، فأننا نتسأل عن النص القانوني الذي يسمح بزواج القاصر بأقل من العمر المحدد في المادتين 7 و 8 من  قانون تعديل تطبيق قانون الاحوال الشخصية النافذ  ، ام ان النص القانوني مرهون بكون الزواج يخدم ديانة معينة ام لا ، فأن كان سيزيد عدد المنتمين للدين الاسلامي ، فلا بأس ان نركنه على الرف .
يا ممثلي شعبنا في البرلمان ، ان كنتم قد قدمتم مذكرات بخصوص منع اسلمة القاصر (اي ما يخص المادة 18 من قانون الاحوال الشخصية ) ، في الدورات السابقة ، فأني ادعوكم الا تغضوا الطرف عن المطالبة بتعديل المادة 17 / احوال شخصية ، انها مسؤولية في اعناقكم ،  فحسب علمنا ان نظام الحكم في  العراق  ، جمهوري نيابي ( برلماني ) ديمقراطي – وفق المادة 1 من الدستور النافذ - ، والديمقراطية متى وجدت ، لا بد ان تكون لها ركائز و معطيات ، و اما الحل الاخر ، الذي نطرحه للتخلص من هذه المشكلة ، فهي تعديل المادة 14 من الدستور النافذ ، لتنص صراحة ، على ان العراقيون غير متساويين امام القانون ، وان حقوقهم تختلف بحسب انتماءاتهم الدينية ، و للمسلمين الاولوية ، بلا نقاش .
يا اعضاء السلطة التشريعية ، في كوردستان ، الموقرون ، اننا بحاجة الى اثبات حسن نيتكم ، تجاه الاقليات الدينية المتعايشة معكم ، من خلال اعادة النظر في النصوص التي تميز بين مواطني الاقليم ، لأي سبب كان ، و نتمنى ان نحتفل العام  القادم بيوم المرأة ، في اجواء من السلام و الاستقرار و العدالة الاجتماعية و الضمير الانساني ، كبشر و كمواطنين ،  و ليس كمجاميع  دينية .
و للحديث بقية


22
قراءة نقدية في قانون اللغات الرسمية في اقليم كوردستان – العراق رقم 6 لسنة 2014

د. منى ياقو


في اليوم العالمي للغة الام  ، نستذكر  لغتنا السريانية العريقة ،التي اعتبرت احدى اللغات الرسمية المحلية ، وفقا للدستور ، تلك اللغة التي تعد احد الاركان الأساسية لوجودنا القومي الكلداني السرياني الآشوري ،   و نحاول في هذه القراءة ، القاء الضوء على بعض النقاط ، ايجابية كانت ام سلبية ، على قانون اللغات الرسمية النافذ  في اقليم كوردستان – العراق  ، و فيما يلي ابرز تلك النقاط : -
1-   جاء عنوان القانون ، و كأنه لا يتضمن سوى الاقرار باللغات الرسمية ، و اما اللغات المحلية ، فلا يوحي العنوان بها ، بأي شكل ، اضف الى ذلك فأن الفصل الاول الذي جاء تحت عنوان " التعاريف و المصطلحات " و الذي تكون من مادة واحدة فقط ، قام بتعريف اللغات الرسمية في الوقت الذي اهمل فيه تعريف اللغات المحلية . علما بأن قانون اللغات الرسمية رقم 7 لسنة 2014 الصادر عن مجلس النواب العراقي قد عرف اللغة الرسمية المحلية في المادة 1 / ثانيا منه ، بوضوح ، و كنا نتمنى لو احتذى به المشرع الكوردستاني ايضا .
2-   من الناحية الشكلية ، فأن كون مواد الدستور مقتضبة و غير قابلة للتقسيم الى فصول ، كان يفرض الاعتماد على التقسيم الى مواد و فقرات ، لأن من غير المعقول ، ان يتضمن فصل كامل ،  مادة واحدة او مادتين ، وهذا ما جرى في القانون محل الدراسة .
3-   تنص المادة (1) / ثانيا من القانون ، على ان " اللغات الرسمية : هي تلك اللغات التي تم الاعتراف برسميتها بموجب الدستور العراقي الدائم " ، ما نلاحظه هنا ان :
أ- من المفترض ، و نحن في اطار نص قانوني ، ان تكون كل عباراتنا واضحة و دقيقة و هادفة ، و اما الاشارة الى الدستور العراقي بشكل عام ، فهو لا ينسجم مطلقا مع الصياغة المفترضة في القوانين ، و عليه كان الاجدر الاشارة الى نص المادة (4) بفقرتها الخمس ، من الدستور، وبحسب متطلبات النص   .
ب-  كثيرا ما يحدث الخلط و الالتباس بين مفهوم (اللغات الرسمية ) و ( اللغات المحليه ) ، و هذا الخلل هو ما وقع فيه ايضا قانون اللغات الرسمية  الصادر عن مجلس النواب العراق ، و لكن الغريب ان مشرعي هذين القانونين ، لم ينتبها الى انه و منذ 1931 كان قد صدر في العراق ، قانون يسمى ب ( قانون اللغات المحليه رقم 74 لسنة 1931 ) ، هذا مما يعني ان المكتبة القانونية العراقية قد اجادت في التمييز بين هذين المفهومين قبل عشرات السنين و اغفلت ذلك اليوم ، فالدستور العراقي لم يعتبر كل اللغات التي جاء على ذكرها رسمية ، بل اعتبر اللغتين العربية و الكوردية فقط هما اللغتان الرسميتان في العراق . 
ج-  صحيح ان دستور 2005 هو دستور العراق الدائم ، و اننا نعتز كثيرا بكلمة ( الدائم ) ، لأننا عانينا و من بعد صدور القانون الاساسي العراقي عام 1925 ، و الذي هو – و كما هو معروف – اول دستور صدر في الدولة العراقية الحديثة – من كلمة (المؤقت ) التي لازمت معظم دساتير العراق ، اعتبارا من دستور 1958 المؤقت ،دستور 1964 المؤقت ، دستور 1968 المؤقت ، دستور 1970 المؤقت وصولا الى قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لعام 2003 ، الا ان ذلك لا ينفي ضرورة اعتماد الحقيقة القانونية ، التي تملي علينا استخدام كلمة ( النافذ ) بدل (الدائم ) ، بعد ان مر على صدور الدستور حوالي تسع سنوات .
4- جاء الفصل الثاني بعنوان " الاسس و الاهداف " و عند التمعن في المادتين 2 و 3 اللتين تكون منهما الفصل المشار اليه ، فنجد انهما لا تعبران مطلقا عما يهدف اليه القانون ، رغم كون الاهداف تمثل ركنا اساسيا لا غنى عنه في أي تشريع ، لا سيما وان الغاية من تشريع اي قانون تكمن في جملة اهداف يوضحها المشرع ، بشكل لا لبس فيه .
5- نصت المادة 2 من القانون على ان " اللغتان الكوردية و العربية رسميتان في جميع انحاء العراق ، و تعد اللغة الكوردية في كوردستان – العراق اللغة الرئيسة " ، و بحسب معلوماتنا المتواضعه ،  ان اللغة اما ان تكون رسمية على مستوى الدولة ، او ان تكون لغة محلية ، بمعنى انها رسمية في اطار جغرافي محدد ، اما ان يتم تقسيم اللغات الى : رئيسة و فرعية ، فهذا ما لا نعلمه ، لا سيما و ان ذلك يتناقض مع دستور العراق الدائم ، الذي لم يفضل ، في المادة 4 منه ، بأي شكل ، اللغة العربية على اللغة الكوردية ، كما وانه يتناقض مع اكثر من مادة من مواد هذا القانون ( كالمواد 1- 8 – 10 – 12/ اولا ) .
6- تنص المادة 3 من القانون على ان " تعد لغة المكونات الاخرى ( التركمان و السريان و الارمن ) في وحداتهم الادارية و عند الحاجة ، لغة رسمية في كوردستان – العراق الى جانب اللغة الكوردية " ، هنا لدينا الملاحظات التالية على هذه المادة :
أ- الملاحظ ان دستور العراق كان حريصا على الصيغة التي يشير بها الى اللغة السريانية ، كون هذا المصطلح قد يخلق نوعا من التداخل بين السريانية كلغة و السريان كأحد تسميات شعبنا الكلداني السرياني الاشوري ، و ان هذا الخلط لم يعره المشرع الكوردستاني اي انتباه ، اذ كان الاجدر به ان يعدد اللغات كالآتي  (  التركمانية و السريانية و الارمنية ) ، لا سيما و انه في اطار صياغة قانون للغات .
ب- اكثر ما نخشاه في القوانين ، هو استخدام عبارات مطاطية ، تسمح لسلطات او جهات معينة ، ان تتعسف في استخدام حقها و تمنع استفادة الطرف الاضعف من امتيازات حصل عليها بموجب قانون ما ، وهذا ما نلاحظه في هنا ، حيث ان عبارة ( عند الحاجة ) ليس لوجودها ما يبرره ، لا سيما و ان هناك قيد اخر ورد على نفس الامر بموجب المادة 22 من  القانون نفسه  .
ج- كون المكون الصابئي المندائي هو احد مكونات العراق الاصيلة ، و كون الدستور قد اغفل الاشارة الى لغة هذا المكون ، فأن قانون اللغات الرسمية الصادر عن مجلس النواب قد تلافى ذلك بذكاء ، و ادرج اللغة المندائية ضمن  اللغات المحلية للمكونات العراقية ،- المادة 2 / خامسا من قانون اللغات الرسمية الصادر عن مجلس النواب العراقي - ، الا ان المشرع الكوردستاني لم يحذو حذو المشرع العراقي ، رغم ان معظم المندائيين يتمركزون حاليا في محافظات الاقليم .
7- اكدت المادة 5 منه على ان " تنشر القوانين و القرارات في الجريدة الرسمية في الاقليم باللغة الكوردية و العربية و النص الكوردي هو المصدر و الاساس " ، اعتقد انه تماشيا مع احكام الفقرات ( اولا و ثانيا و ثالثا ) من المادة 4 من الدستور ، كان يفترض ان تحذف الفقرة الاخيرة من هذا النص ، و في حالة الابقاء عليها فأن من الافضل اضافة عبارة " في حالة التعارض " لكي نستدل بذلك ان المقصود بالعبارة الاخيرة،  هو فقط تعيين النص الذي سوف يعول عليه في حالة التعارض و ليس تفضيل لغة على اخرى .
8-ان كلمة ( اتفاقيات ) الواردة في المادة 9 من القانون ، تثير الالتباس ، لأن الاتفاقيات تعقد بين شخصيات القانون الدولي ، و ليس بين الاقليم و ( الجهات الخارجيه ) التي وردت في نص المادة المشار اليها ، و يرجح ان المراد هنا هي ( الاتفاقات ) و ليس ( الاتفاقيات ) و الفرق كبير بينهما ، و لا مجال لتوضيحه هنا ، هذا مع ضرورة اخذ احكام المادة 110 /اولا من الدستور النافذ بنظر الاعتبار .
9- نصت المادة 11 من القانون على ان " تجب على كل مؤسسة حكومية و غير حكومية عراقية و اجنبية تتعامل مع مواطني الاقليم ، ان تستعمل اللغة الكوردية في استماراتها و محرراتها " ان نلزم المؤسسات العراقية بأستعمال اللغة الكوردية ، في التعامل مع مواطني الاقليم ، فأن ذلك و ان بدا امرا شبه مستحيل عمليا  ، الا انه امر دستوري لا غبار عليه ، اما ان نلزم المؤسسات الاجنبية بذلك ، فأرى انه ضرب من الخيال ، فالقانون الداخلي لا يمكنه ،بأي حال من الاحوال ، الزام المؤسسات الاجنبية بأمر كهذا ، اضافة الى كون ذلك مستحيل عمليا ، هذا من ناحية ، ومن ناحية اخرى ، فأن مواطني الاقليم قد يكونون المتضرر الاول من هذا النص ، في حالة عدم تطبيقه من قبل الجهة الاجنبية .
10- بينما لم تغفل المادة 10 / اولا من القانون ، الاشارة الى مراعاة استخدام لغة المكونات في لوحات المؤسسات و الدوائر الحكومية ، فأن المادة 12 / اولا ، لم تراع مطلقا استخدام لغة الاقليات  في اللوحات الدالة على الشوارع و الارشاد الى الاماكن ، رغم اهمية الامر  .
11- تناقض واضح وقعت فيه المادة 13 من القانون ، اذ انها غير دستورية بموجب الفقرة ( د ) من المادة 4 من الدستور النافذ . كما ان المادة قد اغفلت الاشارة الى حق ابناء المكونات الاخرى في تعليم ابنائهم بلغتهم الام ، استنادا الى نص المادة 4/ اولا من الدستور النافذ .
12- اعتقد ان المادة 15 من القانون تخالف تماما ، ما نصت عليه المادة 14 من الدستور النافذ ، و التي تؤكد على ان " العراقيون متساوون امام القانون دون تمييز بسبب الجنس او العرق او القومية او الاصل او اللون او الدين او المذهب او المعتقد او الرأي او الوضع الاقتصادي او الاجتماعي " ، فلا يفترض في اي نص قانوني ، و مهما كانت الاسباب ، ان يقر او يشجع على توفير فرص عمل لفرد دون اخر ، بل المفروض ان يترك ذلك لظروف العمل و متطلباته دون التحييد عن المبدأ الاساس الذي يفرض المساواة بين المواطنين  ، لكي لا تتسم القوانين بالعنصرية .
13- اعتقد ان كون اللغة الانكليزية ، هي لغة عالمية بلا نقاش ، فأن الزام شركات الاغذية و الادوية بترجمة التعليمات الى اللغة الكوردية ، هو امر ابعد مما يمكن لقانون داخلي ان يفرضه ، و ماذا لو رفضت تلك الشركات الترجمة ، كون ذلك امر صعب عليها ، هل سنقاطع استيراد تلك الادوية ؟؟
14- بينما جاء الفصل السابع تحت عنوان " لغة المعاجم و الثقافة " فأن المادتين 20 و 21 اللتين تكون منهما الفصل ، جاءتا خاليتين من الاشارة الى اي امر يخص المعاجم ، و لا ندري ما علاقة العنوان بالمحتوى .
15- بعد ان اشارت المادة 3 من القانون ، الى لغة المكونات ، عادت المادة 22  لتشير الى ذات الموضوع ، وهذا ما تم ايضا في قانون اللغات الرسمية الصادر عن مجلس النواب العراقي ، حيث تخلل الحديث عن نفس الموضوع ، نصوصا خاصة بمواضيع اخرى ، و من ثم يعود المشرع ليفاجئنا بأنه لم يكمل معالجته للموضوع الاول .
 اضف الى ذلك ، فأن الفصل الثامن الخاص ب " لغة المكونات القومية " جاء مقتضبا الى حد انه لم يشر الى الكثير من الامور المهمة بالنسبة الى ابناء المكونات الصغيرة ، كحق انشاء كليات او معاهد او مراكز ثقافية او مجامع علمية تخدم تطوير لغتها و ثقافتها و تراثها ، على غرار ما فعله قانون اللغات الرسمية الصادر عن مجلس النواب . هذا مع الاشارة الى ان المعيار الذي اعتمده المشرع كان نفسه معيار ( الكثافة السكانية ) رغم  ما تعرض له هذا المعيار من انتقاد ، كونه مطاطي ،  و كان الاجدى بالمشرع ان يعرفه في الفصل الخاص بالتعاريف ، لكي لا يبقى فضفاضا و قابلا للأستخدام السلبي لصالح مكون على حساب مكون  اخر .
هكذا نجد ان المشرع الكوردستاني قد اختصر كل الحقوق الثقافية للمكونات الصغيرة بالتعليم .
16- كان يفترض اضافة نص اخر الى المواد الختامية للقانون ، تخول جهة معينة يتم تحديدها بالاسم ، بأصدار تعليمات لتسهيل تنفيذ القانون .
17 – اما الاسباب الموجبة للقانون ، فقد تم صياغتها بأسلوب غير مقنع ، اضافة الى كونها ركيكة لغويا ، وعلى سبيل المثال فأن عبارة " و زيادة احترام جميع مكونات كوردستان ..." اجدها عبارة تفتقر الى الصياغة القانونية المحكمة ، حيث كان من المفترض الاشارة الى التنوع و الى ضرورة الافتخار به و العمل على صيانته بكل السبل ، كما كان يفترض ان تتم الاشارة الى الصكوك الدولية التي وضعت اللبنة الاولى لحماية هذا الحق لابناء المكونات الصغيرة تحديدا .
18- من المعلوم ، ان الدستور حين يقر بأي حق او حرية ، و يترك امر تنظيمه لقانون ، فأن القانون الذي سيصدر ، لا يمكن بأية حال ان يقلل من شأن ذلك الحق اوتلك الحرية ، او ان ينفي وجودها تماما ، و اما وضع القيود عليها بحدود معقولة و مقبولة قانونا ، فهو امر جائز ، متى وجدت مبررات للتقييد ، و ما فعله هذا القانون ، ان اهمل تماما نص الفقرة خامسا  من المادة 4 من الدستور التي تؤكد على ان " لكل اقليم او محافظة اتخاذ اية لغة محلية اخرى ، لغة رسمية اضافية ، اذا اقرت غالبية سكانها ذلك ، بأستفتاء عام " ، وهو ما اكدت عليه كذلك المادة 11 من قانون اللغات الرسمية الصادر عن مجلس النواب العراقي ، و هذا ما يعني بالتالي ان القانون لم يفلح في تفسير كل تفاصيل النص الدستوري ، بالشكل المطلوب .
و اخيرا ، فأن ما اشرنا اليه من ملاحظات ، لا تقلل بأي حال من اهمية القانون و من القيمة المعنوية التي يعكسها ، بخاصة لدى ابناء المكونات الصغيرة  ، و نتمنى ان يحظى  ،   بالاحترام من قبل كل مواطني الاقليم ،  وان يتم ازالة كل المعوقات التي تعيق تفعيله داخل الاقليم .
 

صفحات: [1]