عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - Hadi Altkriti

صفحات: [1]
1
الزيف والحقيقة في دعوة حكومة المالكي لعودة المهجرين والمهاجرين  ...!

هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد
 ما انفكت وحتى اللحظة حكومة المالكي ، بشخص رئيسها ، والناطقين باسمها ،تدعو المهجرين والمهاجرين العراقيين ، " للعودة إلى العراق والمشاركة في إعادة بناء ما خربه نظام البعث الساقط " .
الواقع أن  الخراب قد شمل العراق كله ، ولم يبق هناك مرفق في العراق و حياة العراقيين لم يشمله الخراب ،قبل السقوط أو بعده ، وإن تبق َ شيء ما سالما فقد أجهزت عليه إدارة الاحتلال ، ومنظمات التخريب المرافقة له ، ونظام حكم المحاصصة الطائفي حاليا . والانتخابات العامة التي جرت لدورتين ، لم تسفر إلا عن ممثلين فاسدين لا يهمهم إصلاح ما فسد ،قدر اهتمامهم بسرقة مكاسب ضخمة لا يستحقونها  " شرعنوها " لهم ولعائلاتهم ، وصنعوا دستورا وفق مواصفات الإدارة الأمريكية ، لا يعول الشعب عليه في إصلاح ما خربته  قوات الاحتلال ، ولا يحل ما رسخته ، مراكز  القوى الطائفية والعنصرية ، وشخصيات نافذة  ضمن  الحكومات المتعاقبة، من مظالم وعداوات داخلية ،  وفرقة  واحتراب طائفي ـ لازال يعاني منها الشعب والوطن .
فدعوة المهجرين والمهاجرين للعودة ،التي تتبناها وزارة المالكي ،  إن كانت صادقة ، تصطدم بعقبات جمة ، تقع  على الحكومة ومؤسساتها مسؤولية حلها لتذليلها أمام عودتهم ..
بداية السقوط ، وحتى اللحظة ، لم تكن هناك مشكلة في عودة كوادر وعناصر الحكم والسلطة ،من الطائفيين والعنصريين ، فمنذ بدايات توليهم السلطة ، قد عادت غالبيتهم ، ورُدت إليهم كافة الحقوق المسلوبة ، والمضافة ، وأُسندت لهم مراكز مفصلية ومهمة في مؤسسات السلطة لا يستحقونها، ولا يقرها حتى الدستور المشرع ، ولا قوانين الخدمة  العامة ..
 
 أغلب المهجرين والمهاجرين الذين تركوا العراق ، من غير العناصر التي تتقاسم السلطة حاليا، تركوه تحت ضغط ملاحقات النظام الفاشي ،  وتهديد حياتهم وعائلاتهم بالاعتقال والقتل ، وأكثر هؤلاء خرجوا من العراق سرا ، وبأساليب ووثائق غير شرعية ، وبمرور سني الغربة وتعدد الموانئ التي تنقلوا ومروا بها ، فقد الكثير منهم  وثائقه ،  المزورة أو الشرعية ، وربما حتى أسماءهم الصريحة التي كانوا يحملونها في " الوطن " قد تغيرت  ، وأصبحوا في منافيهم و" أوطانهم " الجديدة يعيشون بأسماء جديدة ووهمية ، لأسباب كثيرة ،ولا يخفى على المسؤولين في السلطة حاليا دوافعها ،  منها الخوف من ملاحقات السلطة الفاشية وعملائها ، لهم ولعائلاتهم ، أو لعدم توفر وثائق شرعية تثبت انتماءهم وهويتهم وحتى تحصيلهم الدراسي ، هذه الأسباب وغيرها تقف حجر عثرة، حتى الآن ، أمام عودة من يريد العودة ، وإن استطاع البعض تجاوز عقبات الدخول " بشطارته " فعليه أن يقدم وثائق تثبت عراقيته وفق شروط الحكومة ، وهي كما قال بالنص مسؤول  إحدى دوائر الأحوال المدنية في العاصمة  : " شروط الحصول على بطاقة الأحوال المدنية العراقية المعترف بها رسميا ضروري  حكمها كـ : ـ  أركان الإسلام الخمسة ـ  الواجب توفرها في المسلم  ، وهي : " البطاقة التموينية ، بطاقة السكن ، تأييد المجلس البلدي ، هوية الأحوال المدنية القديمة ، وشهادة الجنسية العراقية " .( وهي فعلا خمسة ،إلا أن شروط الإسلام تبقى أكثر يسرا وتسامحا في ظرفنا الراهن ، من الحصول على  " البطاقة التموينية "  سيئة الصيت والسمعة .)
 إذا ترجمنا هذه الشروط على العائد وألزمناه بها فمعناه : أن الحكومة هي من تعقد وتضع الحواجز أمام الراغبين في العودة  ، وما دعوتها بعودتهم ، إلا من قبيل ذر الرماد في العيون ، والإيحاء بأن عدم توفر الشروط هي مشكلة العائد وليس للحكومة من سبيل لتجاوزها ، فالقانون هو القانون ،كما يقول المسؤولون !!! أما مطالبةُ المهجرِ أو المهاجرِِ بكون هجرته  لأسباب سياسية فهذا أمر يهون دونه تسلق قمم جبلي " قنديل وحصاروست" العراقيتين  ، التي سبق وأن  تسلقها المقاتلون الشيوعيون والديموقراطيون ، من أجل أن تسقط فاشية البعث لتستولي عليها سلطة المحاصصة ...!فالغريب هو أن يُطلَب من الشيوعيين والديموقراطيين الراغبين في العودة  مثل هذا الأمر ، وعليهم أن يثبتوا أن هجرتهم أو مغادرتهم العراق كانت لأسباب سياسية ، وهؤلاء هم من قاتل لإسقاط السلطة الفاشية ،  سياسيا وعسكريا ، وهم الذين كانوا من أشرس، وأكثر القوى التي ناصبت البعث العداء ،وقدمت المئات من الشهداء والضحايا ، رجالا ونساءً ، ورغم كل هذا فهم مطالبون بهوية كونهم سياسيين، أو مغادرتهم الوطن ، يومئذ ، كانت لأسباب سياسية !! المفارقة مضحكة ، وشر البلية مايضحك ..،ولكن أليس من حقنا أن نطالب ، سلطة المحاصصة ،ماهي الأدلة التي قدموها هم وأتباعهم حينما تم اعتبارهم سياسيين ، من أجل أن يُقتدى بهم ...!!     
من أجل إضفاء مصداقية على طلب الحكومة بعودة المهجرين والمهاجرين وبغض النظر عن القومية والدين والفكر السياسي أن تعتمد ما يلي  :
1:تسهيل مهمة إخراج قيد للشخص ( المهجر أو المهاجر ) من سجلات الأحوال المدنية في محل سكناه الأصلي أو القديم ، دون  مطالبته بأية وثيقة طارئة لا علاقة لها  بعراقيته ، كالبطاقة التموينية ، أو بطاقة السكن .( الكثير من رعايا  دول الجوار المقيمين في العراق في عهد النظام الساقط من كان يملك منهما، كما مُنحت لأشخاص غير مقيمين في العراق إلا إنها رافقت دخول القوات الأمريكية ، على سبيل المثال .)
2:اعتماد هوية الأحوال المدنية القديمة ، ومطابقتها مع سجلات نفوسه ..
3:اعتماد  شهادة الجنسية العراقية ، ومطابقتها مع سجلات الجنسية ، فهي الأصل في إثبات عراقية المدعي وعليها التعويل .
4: عدم المطالبة بمطابقة الوثائق العراقية، مع ما يحمل المهجر أو المهاجر ،   من وثائق البلد الذي يعيش فيه ،فعلى سبيل المثال لا الحصر ، وزير المالية الحالي باقر جبر صولاغ الزبيدي ، كان في دولة اللجوء يحمل أسم : المهندس بيان جبر ، والسيد رئيس الوزراء أيضا ، كان اسمه : أبو إسراء المالكي ، وفي منصبه الحالي  يعرف باسم جواد نوري المالكي ،  وقد تقدم شرح أسبابها .
5:إلزام الدوائر المعنية بتثبيت الحقوق، كالتقاعد والوظائف والدراسة ،  اعتماد التأييد أو التزكية السياسية للحزب أو الجهة التي ينتمي لها العائد ..
  ما أطرحه هو مقترح قابل للنقاش والتطوير ، ولأن تتبناه الأحزاب السياسية العراقية ، شيوعية وديموقراطية وقومية ودينية ، إسلامية ، طائفية ، ولأن تضغط باتجاه أن تتبناه الحكومة ومؤسسات الدولة المعنية بشؤون المهاجرين والمهاجرين ، لحل إشكالات  العراقيين العائدين للـ "وطن " عند مراجعتهم لدوائر الدولة المختلفة ، من أجل متابعة  استرداد حقوقهم وأملاكهم ، التي تضررت بسبب مغادرتهم العراق إبان حكم البعث الساقط ، لأسباب كثيرة ومختلفة ، وفي مقدمتها أسباب سياسية وقومية ودينية ـ طائفية ، والمطلوب ألا تبقى المطالبة بالحقوق حكرا على رجال  صالونات السياسة ،يتاجرون بها ويساومون عليها ، دون خروجها إلى العلن للكشف عن المعرقلين لها وفضحهم ، فالزيف فاقع في دعوة الحكومة إن لم تلغ المعوقات ، وتعيد الحقوق لأصحابها الشرعيين ..!!
29 آذار  2009
 

2
ديكتاتورية المالكي  في الطريق ..!!

هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد
 
بعد الفشل الذي حققه المالكي ، رئيس وزراء حكم المحاصصة الطائفي ، في تحقيق نصر ، على ميليشيات جيش المهدي في البصرة ، عاد إلى مقر حكومته وهو يجرجر أذيال الهزيمة وخيبة الأمل ، لعدم تحقق رغبته بالقضاء على " الخارجين على القانون "، ليعلن تنصله عما تم الاتفاق عليه مع مقتدى الصدر ، بشأن وقف القتال وملاحقة عناصر جيش المهدي ، حيث أعلن المالكي ، متوعدا ومنذرا ، " لقد اتخذنا قرارا بأن التيار الصدري لن يحق له المشاركة في العملية السياسية وفي التنافس في الانتخابات المحلية القادمة ما لم يحل جيش المهدي " ..ولكن السؤال المهم أيضا ، لماذا لا يحل هو وشركاه في الائتلاف والحكم مليشياتهم ، ولمن يبقيها ..؟
 
كل العراقيين ، وعلى اختلاف مللهم ونحلهم ، يعرف أن مقتدى الصدر، زعيم وقائد ميليشيات ، جيش المهدي ، شريك أساسي ومهم في قائمة  تحالف " الائتلاف الشيعي " الذي يقود حكم المحاصصة الطائفي، وفي البرلمان أيضا ، والتيار الصدري له نفوذ واسع ، ليس على البصرة لوحدها ، بل على أغلب المناطق الجنوبية ومحافظاتها ، الغنية بثرواتها النفطية ، ناهيكم عن قوته المتنامية في مناطق متعددة من العاصمة بغداد ، وهذا ما يهدد نفوذ حزب الدعوة ، ويقلق قيادة المالكي ،  كما يهدد مستقبل  المجلس الإسلامي الأعلى ، بقيادة عبد العزيز الحكيم ، وبقية قادة الائتلاف ، فكل هؤلاء لديهم ميليشيات مسلحة بإمرتهم ، مارست وتمارس ، منذ سقوط النظام وتشكيل حكومات المحاصصة ،وحتى الآن ، السلب والنهب والقتل والتهريب ، كما تنفذ كل المهام والواجبات المطلوبة منهم ، التي تخدم أغراض هذه الأحزاب ـ الطائفية ،ليس في البصرة لوحدها ، بل وفي عموم العراق . 
 
المطلعون على بواطن الأمور والنوايا المخفية ، يعرفون  أن الهجوم على التيار الصدري ، تحت ذريعة " الخارجين على القانون "  لا علاقة له  بالجرائم المرتكبة من قبل هذا التيار ، فكل المليشيات ، على اختلاف أسمائها ، والقوى التابعة لها ،ارتكبت الكثير من الجرائم ، وهي بدورها خارجة على القانون ، وعلى الحكومة حلها جميعا ، فملاحقة التيار الصدري لوحده ، له علاقة بسعة نفوذ هذا التيار المتزايدة ، واحتمال فوزه في انتخابات مجالس المحافظات الجنوبية ، الغنية بثروات العراق النفطية ، التي ستجري في تشرين القادم ، وهذا ما أفصح عنه علانية السيد المالكي ، بعد فشل هجومه على " الخارجين على القانون " في البصرة ، وهو يعني ، جيش المهدي، وساقها كذريعةً لحله ، وعدم السماح له بـ " المشاركة في العملية السياسية وفي التنافس في الانتخابات المحلية القادمة .." فالسبب الحقيقي هو ليس فقط ،الخشية من تنامي نفوذ وسيطرة هذا التيار على مقاعد مجالس محافظات الجنوب والوسط ، في الإنتخابات القادمة ، وإنما أيضا لترميم سمعة " ائتلافهم" المتردية بين أوساط الناخبين ، الذين لم يحقق الحكم لهم ، ما كان قد وعدهم به ،قبل الانتخابات ، من تحقيق سبل عيش كريمة ، وصيانة أرواحهم وأملاكهم من نفوذ المليشيات وإرهابها المستشري ، كما إن المالكي كان يهدف ، من عملية " الخارجين على القانون " نفي تهمة الطائفية عن حكمه ، بتصديه لمليشيات المهدي "الشيعية"، باعتبارها طائفية الهدف والتشكيل ، وهذا ما أراد أن يوهمنا به ، ويوهم الشعب العراقي  بهذا الرأي،  وزير الخارجية هوشيار الزيباري عندما صرح قائلا :" إن ما حدث مؤخرا من مواجهات بين الجيش العراقي والمسلحين التابعين لجماعة جيش المهدي يدل على أن الحكومة ليست طائفية ، كما كان يتهمها البعض " ..فلو صدقنا هذا الرأي ، وتحقق نجاح في مسعى المالكي بالقضاء على جيش المهدي وتمكن من نزع أسلحته،دون ميليشيات أحزاب الحكم الأخرى ، لانتقل لمرحلة أخرى،يفرض من خلالها حظره على كل القوى السياسية ـ بداية في المنطقة الجنوبيةـ التي تختلف عنه وتخالفه الرأي ،فيما ذهب إليه ، من دون تفويض من مجلس نيابي ، كما فعل مع جيش المهدي ، أو أمر مبرر من قضاء ، متهما إياها بتهم باطلة ، يمده بها مخزون معين لا ينضب ، من أساليب الزيف والتزوير والقمع ،مارستها قبله في المنطقة ، وخارجها ، ديكتاتوريات دينية وقومية ، نكلت بقوى سياسية شريكة لها في تغيير النظام  ، بعد الوصول إلى الغاية والهدف الذي تبغيه.
فشل المالكي  في تحقيق ما ذهب إليه ، أفشل مخططه الذي كان يهدف إليه في المنطقة الجنوبية ، إن لم يكن في العراق كله ، والسبب كان نتيجة   : ـ
1.لم تشمل ملاحقته كل "الخارجين على القانون " من مليشيات الأحزاب المختلفة ، على اختلاف أسمائها وانتماءاتها ، التي مارست ولا زالت تمارس ، كل ما كانت تقوم به مليشيات جيش المهدي من جرائم  .
2.العملية لم تأخذ موافقة البرلمان ، ولم تعرض على كل القوى المساهمة في الحكم . 3.العملية لم تكن مدروسة من قبل الجهات الأمنية المختصة ( الجيش والجهات الأمنية ذات المسؤولية المباشرة ) ،بدليل ما اعترف به وزير الدفاع العراقي ، من أن أسلحة وقوى جيش المهدي كانت متفوقة على ما كانت تمتلكه الحكومة .
4.عدم قناعة بعض ضباط الجيش وأفراده بالهدف المنفذ ضد جيش المهدي ، حيث التحق أكثر من 1500 ضابط وجندي بقوات الصدر .
5.انفراد المالكي بتنفيذ العملية ، دون إخبار أو استشارة القيادة الأمريكية ، وعدم جاهزية القوات العراقية ، للدخول في معركة من هذا النوع ، حيث صرح متحدث باسم القوات الأمريكية في العراق : " إن أعضاء قوات الأمن العراقية لم يكونوا على مستوى المهمة المناطة بهم ، خلال المواجهات الأخيرة بينها وبين مسلحي جيش المهدي في البصرة " .
6. ربما كان دافع العجلة في هذه القضية ، والفشل الذي تحقق جراءها ، كان لإعطاء دعم مبرر لموقف الرئيس الأمريكي بوش ، أمام الكونكرس الأمريكي ، بأن العراق غير قادر بعد للدفاع عن نفسه ، مما يتطلب ليس تمديد الوقت لبقاء قواته في العراق ، وإنما أيضا لزيادتها . 
7 يسان‏‏ ‏08‏
 

3
الكورد الفيلية : خطأ الانتماء ..!!

هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين
 
  الكورد الفيلية ،من أقدم القوميات والشرائح الاجتماعية ،التي عاشت على أرض الرافدين ، والملتصقة بجغرافيته ،منذ أقدم الأزمنة والعصور، وعلى اختلاف الدول والأنظمة التي تعاقبت على حكم العراق ، ساهم الكورد الفيلية ، مع كل الأقوام التي استوطنته ، في بناء الحضارات التي قامت على شاطئيه ..وبعد الحرب العالمية الأولى  ،شاركوا، في  بناء الدولة العراقية الجديدة ، وناضلوا كبقية شرائح المجتمع الوطنية ، ضد الاحتلال البريطاني ، وضد سياسة الاضطهاد والتفرقة العنصرية والطائفية ، التي مارسها الحكم الملكي ، والتي طالت الكثير من  شرائح المجتمع العراقي ، والكورد الفيلية ، نالهم اضطهاد مضاعف ، الأول : كونهم مواطنين عراقيين ،ينتمون لتيارات سياسية ووطنية مختلفة ، معارضة لسياسة الدولة ونهجها غير الوطني ، والثاني : كونهم كوردا من حيث انتمائهم القومي ، وشيعة من حيث انتمائهم الطائفي  ، واحد فقط من هذه الأسباب كان كافيا للاضطهاد ، فكيف إذا اجتمعت كل المحرمات ..؟ هذه الأسباب ، والنقص في حقوق المواطنة ، الذي أقره قانون الجنسية العراقية ، عمق من الوعي الوطني لدى الكورد الفيلية، وجعلهم  ينخرطون في العمل السياسي الوطني ، ضد الحكومات العراقية المتعاقبة ، بكثافة ، أكثر من أية فئة عراقية أخرى،  منذ بدايات تشكيل الحركة الوطنية والديموقراطية ، فنضال الكورد الفيلية الدؤوب ، من أجل إلغاء هذا القانون العنصري والطائفي ،ومن أجل مساواتهم في الحقوق والواجبات مع سائر المواطنين ،جر عليهم سخط وكراهية الحكم الملكي ، وأنظمة الحكم القومية المتعاقبة ، بعد ثورة 14 تموز الوطنية .
 نالت هذه الشريحة الوطنية ، تعاطف ودعم القوى الشعبية الوطنية والديموقراطية ، وخصوصا الحزب الشيوعي العراقي ،  منذ أن  بدأ تهجيرهم بالجملة ، إلى إيران ، تحت ذريعة " التبعية الإيرانية " وكأن الحكومات القومية والفاشية ، المتعاقبة على حكم العراق ، كانت تتباهى وتمجد " التبعية العثمانية " وكلا الدولتين ، قديما وحديثاً ، لا تضمران سوى الحقد والكراهية للشعب العراقي، وهذا سبب آخر يضاف على أسباب الحقد والكراهية التي عانى منها الكورد الفيلية، طيلة عقود طويلة  ، وما يعانونه اليوم ليس استثناء   ..
 
 الحكومات العراقية القومية ، وعلى مدار سني حكمهم ، هجرت آلاف العائلات العراقية ، من الكورد الفيلية ،    وذروة التهجير، وأوسعها  عشية الحرب العراقية الإيرانية ، وأثناءها ، نفذها بكل وحشية وقذارة ،المقبور صدام حسين ، رئيس نظام البعث الفاشي ، بعد أن سلب المهجرين وثائقهم ومستمسكاتهم  التي تثبت عراقيتهم ، مع مصادرة أملاكهم وأرصدتهم في البنوك ، كما نفذ أقذر جريمة  مفجعة في التاريخ العراقي الحديث ،حين احتجز شبيبتهم وغيبهم في سجونه ومقابره الجماعية ، ولم تكن هناك أية تهمة جنائية تسوغ لارتكاب مثل هذه الجريمة ، كما لم يكن هناك  سبب قانوني واضح  يستدعي التهجير..
 
كل القوى السياسية ،وبكل انتماءاتها ، الوطنية والديموقراطية والقومية والدينية /الطائفية ،  وعلى اختلاف المبادئ والأهداف التي تحكمها ،وتناضل من أجلها،  أدانت جريمة تهجير الكورد الفيلية ، عندما كانت في الخارج ، تناضل ضد النظام البعثي/ الفاشي في العراق ، وطالبت بمحاكمة النظام وقادته على جريمته هذه ، حدث هذا ، قبل أن يستخدم النظام الغازات السامة ، في حلبجة ، ضد الشعب الكوردي ، وقبل أن يحكم بالإعدام ، على البعض من أعضاء حزب الدعوة، في قضية الدجيل ، وكذلك قبل اندلاع انتفاضة آذار  1991  ، وهذا يعني أن من أولويات كل القوى، الدينية من الطائفة الشيعية ، والقومية من الكورد ، التي جاءت إلى  السلطة مع القوات الأمريكية ، في العام 2003 ،والتي لازالت تحكم العراق ، باسم الدستور الدائم ، والمجلس النيابي  المنتخب ،  أن تعيد الحق لأهله ، ولكل العراقيين المتضررين من الحكم الفاشي ، بغض النظر، عن الدين والمذهب والقومية والعنصر والطائفة ، إلا إننا نرى ومن خلال الـ " مذكرة إلى السلطات العراقية الموقرة في بغداد / العراق " والمرفوعة من قبل " الاتحاد الديموقراطي الكوردي الفيلي في 8/3/2008"  و كما يقول عنوانها " أرسلت إلى المحترمين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب "  أن القوى التي تحكم العراق حاليا،لا تمثل أي طيف وطني أو قومي أو ديني ،  من أطياف الشعب العراقي ،وإنما فقط ، تمثل شخوص من هم السلطة ،  فليس هناك شريحة عراقية ، تتمثل فيها الوطنية والقومية والطائفية ، مثل الكورد الفيلية ، والكثير من أبناء الشعب العراقي ، كان يعتقد ، أن أول من ستُرَد إليهم حقوقهم ، هم الكورد الفيلية ،  لأنهم كما يقول المثل الشعبي "  هم شيعة وهم كورد " وكل رجال الحكم ، في مناسبة وغير مناسبة ، يتباكى ويستدر الدموع ، على المقابر الجماعية ، ونصف هذه المقابر هي لشبيبة الكورد الفيلية ولرجالهم ، فاين مصداقية رجال الحكم في دعواهم ..؟ عندما يتعلق الأمر بحقوق ومكاسب وامتيازات لهم ، في أي مؤسسة من مؤسسات الحكم ، يجتمعون ، ويقررون في الحال ، تشريع القانون المطلوب ، وهم يعلمون أن أكثر هذه الحقوق لا حق لهم فيها ، أما ما يتعلق بحقوق الشعب العراقي ، وخصوصا الكورد الفيلية ، فالأمر يحتاج إلى دراسات ، ووجهات نظر..
 
الغريب أن " الاتحاد الديموقراطي الكوردي الفيلي " يطالب بالغاء القرار 666 لسنة 1980، إضافة لمطالب كثيرة ، في حين أن هذا القرار يشمل الكثير من غير العراقيين الذين يجلسون حاليا ، في المجلس النيابي وفي الحكومة ، كما يشمل الآلاف الذين يتشكل منهم جيش " قوات بدر " وقادته ، فكيف دخلوا وتربعوا على السلطة ، إن كانت القوانين التي تحكم الكورد الفيلية ، هي نفسها تحكم القوى الأخرى ..؟ أليس غريبا وبعد خمسة أعوام ، لايزال العراقيون المهجرون بالقوة ،  يعيشون في مخيمات طائفية بشعة ، تمارس بحقهم أبشع الممارسات اللاإنسانية ، وتحت علم وسمع حكومة تتكلم باسمهم ، أليس من الجريمة أن تصادر ممتلكات مواطنين ،مورست بحقهم أبشع الجرائم الفاشية ، ليسكنها حاليا قيادات ممن يدعون ويطالبون  بـ " مظلومية الشيعة ، والكورد " ..في البيان تفاصيل، مذهلة لمن يريد الاستزادة ومعرفة حقيقة " المظلومين " فإن كان هناك حقيقة لمظلومين ، فهم الكورد الفيلية ( الأكراد الشيعة  )  ، والظلم المسلط عليهم ، إبان الحكم القومي والفاشي ، والمنَفًذ عليهم حالياً ، هو نتيجة لانخراطهم في خيارات  سياسية ووطنية وديموقراطية ، يعاديها الحكم والأمريكان حاليا،  وبالتجربة ، ليس هناك أكثر من حقد طائفي وعنصري ، عندما يتم التواطئ مع الأجنبي والمحتل ، على القوى الوطنية الديموقراطية والشيوعية، فهل أخطأ الكورد الفيلية في انتمائهم الوطني ..؟!!
 
13/3/2008 

4
الرصافي نصير المرأة ...!

هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد
بمناسبة عيد المرأة ، أقدم قرنفلة حمراء لكل امرأة ناضلت وحازت ما ناضلت من أجله ، ولك امرأة لازالت تناضل من أجل حريتها وتحررها ، وللمرأة العراقية ، المقهورة في داخل وطنها وخارجه ، وهي تناضل ضد الإرهاب والقتلة ، وضد سارقي لقمة عيشها وحقها في الحياة ..
معروف الرصافي أحد الشعراء العراقيين الكبار، الذين ولدوا من رحم المؤسسة الدينية ، أواخر العصر العثماني ،والخلافة الإسلامية ، ففي الربع الأخير من القرن التاسع عشر  ، وتحديدا في العام  1875  كانت ولادته في بغداد ،  حيث  تلقى علومه الدينية وثقافته الأدبية ، على يد علماء ومشايخ وأساتذة زمانه آنذاك ، انفصل عن هذه المؤسسة ، ليدخل ميدان الحياة العامة ، السياسية والإجتماعية ، عن طريق الشعر والأدب ، مستغلا موهبته الشعرية والأدبية ، في عرض أوضاع العراق الإجتماعية والسياسية ، المزرية التي كانت سائدة آنذاك،  والتعريف بها ، خصوصا بعد أن تم انتخابه في مجلس " المبعوثان التركي " ممثلا للعراق في "اسطانبول"  مركز الحضارة آنذاك ، وحاضرة الخلافة العثمانية وعاصمتها ، التي تدير شؤون إمبراطورية ، مترامية أطرافها  ، في قارات ثلاث ، أوربا وأسيا وأفريقيا .

 الرصافي في كل مراحل حياته ،  كان عراقيا ووطنيا ، حتى النخاع  ، عاش هموم شعبه ونضالاته قبل تشكيل الدولة العراقية ، وبعدها ، فكل قصائده التي قد نظمها ، وبغض النظر عن غرض القصيدة ، ومكان أو زمان ، المناسبة التي قيلت فيها ..كان حب العراق نابضا في صدره ، وحياة شعبه  شاخصة أمام ناظريه ، فلا غرابة إن كان يتحسس آلامه  وما يعانيه، من خسف وجور وإذلال ،هاتفا باسمه ومعبرا عنه ،  طالبا تغيير أوضاعه ، الاجتماعية والسياسية ،فلم ترهبه السلطة ولم يغريه منصب أو مال ، مجاهرا برأيه عالياً وحراً ، في كل وقت ومناسبة ،  فهو أي ، " الرصافي الشاعر الوحيد الذي طالب بخلع السلطان عبد الحميد ..كما دعا إلى إسقاط المكية وإلى الجمهورية .."* 
  الرصافي  ، من الشعراء الأوائل والقلائل ، الذين وقفوا إلى جانب المرأة ، مطالبا برفع الحيف والظلم الواقع عليها ، داعيا إلى تحريرها  من قيود الجهل والأمية والتخلف ، معتبرا تعليمها ، هو مفتاح تقدم وتطور المجتمع ، لذا طالب الحكم، بفتح المدارس لتعليمها ،  مدركا ظروف المجتمع ونظرته المتخلفة  تجاه المرأة وتعليمها ،  وبسبب حالة البؤس والفقر التي  كانت تعاني منها أغلبية  الشعب ، فالتعليم آنذاك كان متاحا أمام قلة من الموسرين ، وفقط للذين يملكون المال والجاه ، لذا تنوعت أساليبه في طرح مشاكل المرأة ومعاناتها ،مستخدما أسلوب المحاججة والإقناع ،  تارة ، وأخرى ، سالكا طريق الفضح  ، لمؤسسات دينية متعاونة مع قوى إقطاعية وأخرى ذات نفوذ في مفاصل الدولة ، تقف حائلا أمام تعليم المرأة وتمتعها بحقوقها الطبيعية ،  مستفزا القوى المتنورة ، بحال المرأة عندنا  ، وما هو عليه وضعها في الغرب ، من أجل إصلاحات  تجاري روح العصر ..

فبمناسبة يوم المرأة ، وتذكيرا بمواقف شاعرنا الوطني الكبير معروف الرصافي  ، وتدليلا على أنه كان مناصرا عنيدا لها ، ضد أعدائها ، مطالبا بتحررها ونيل حريتها  ، فمنذ قرن مضى ، وهو ، لايزال متقدما  ، بمواقفه الفكرية والسياسية على الكثير من الشعراء العراقيين في الوقت الحاضر،لسكوتهم عما تعانيه المرأة من اضطهاد وقتل وتشويه ، جسماني وأخلاقي  ،  وإهدار لدمها ، وعدم الإنتصاف من أعدائها  لها ، ودون انتصارهم  لمطالبها  ..

أن أعداء المرأة ، في كل زمان ومكان ، يثيرون قضايا باطلة ومعرقلة للتقدم ،هدفها تشديد الخناق على المرأة وحريتها ، حتى في أمور ، لم تكن ذات بال ، أو لم تكن لها الصدارة في المجتمع الذي عاش فيه الرصافي ، وحتى قبله ، وهذا دليل على أنهم ، في وقتنا الراهن ، يبتدعون أمورا ، ليست بعيدة عن الدين وعن التقاليد ، فقط ، بل إنها غير موجودة أصلا ، غرضهم منها إعاقة التطور والوعي الإجتماعي ،   لإبقاء التخلف العقلي والفكري سائدا ، وساحة يرتعون بها ..

أجتزء بعض مقاطع مختلفة ، من بعض  قصائد شاعرنا الكبير والوطني ، معروف الرصافي  ،  التي ساند فيها المرأة في مجالات وأوقات مختلفة ،داعيا ومحرضا لها ، على نبذ التقاليد البالية ، التي لم تعد تماشي روح العصر وتطوره ..
  ففي قصيدته بعنوان:  "المرأة في الشرق "
ألا ما لأهل الشرق من بُرَحاءِ
يعيشون في ذُلِ به وشقاءِ
لقد حَكًموا العادات حتى غدت لهم
بمنزلة الأقياد للأسراء
                    ****
وما ذاك إلا أنهم في أمورهم
أبو أن يسيروا سيرةَ العقلاء
لقد غمطوا حق النساء فشدٌدوا
عليهن في حبس ٍٍوطول ثواء
قد ألزموهن الحجاب وأنكروا
عليهن إلا خَرجْةً بغطاء
أضاقوا عليهن الفضاء كأنهم
يغارون من نور به وهواء
وقد زعموا أن لسن يصلحن في الدًُنا
لغير قرار في البيوت وباء
أهانوا بهن الأمهات فأصبحوا
بما فعلوا من ألأم اللؤماء
ألم ترهم أمسوا عبيدا لأنهم
على الذل شبًُوا في جحور إماء
وهان عليهم حين هانت نساؤهم
تَحمًُل جور الساسة الغرباء
أيسعد محياكم بغير نسائكم
وهل سعدتْ أرضً بغير سماء
****
أقول لأهل الشرق قول مؤلًبِ
وإن كان قولي مُسخِط السفهاء
لقد مزقوا أحكام كل ديانة ٍ
وخاطوا لهم منها ثياب رياء
وما جعلوا الأديان إلا ذريعةً
إلى كل شغب بينهم وعداء
***
وفي قصيدته :"  نساؤنا "  ...مهداة إلى صاحبة مجلة الخدر
وإني لأشكو عادة في بلادنا
رمى الدهر منها هضْبة المجد بالصدع
وذلك أنًا لم تزل نساؤنا
تعيش بجهل وانفصال عن الجمع
وأكبر ما أشكو من القوم أنهم
يَعُدًُون تشديد الحجاب من الشرع
يقولون لي إن النساء نواقصُُ ُ
ويُدْلون فيما هم يقولون بالسمع
فأنكرت ما قالوه والعقل شاهدي
وما أنا في إنكار ذلك بالبِِدْع
إذا النخلة العَيْطاء أصبح طلعها
ضعيفا فليس اللوم عندي على الطلع
ولكن على الجذع الذي هو ثابتً
بمنبت سوء فالنقيصة في الجذع
             ****
ومن قصيدة " حرية الزواج عندنا "

ظلومكِ أيتها الفتاة بجهلهم
إذ أكرهوك على الزواج بأشيبا
طمِعوا بوفر المال منه فأخجلوا
بفضول هاتيك المطامع أشْعَبا
فإذا رفضت ِ فما عليك برفضه
عارً وإن هاج الولي ً وأغضبا
إن الكريمة في الزواج لحرًة
والحر يأبى أن يعيش مذبذبا
 قلب الفتاة أجلُ من أن يُشترى
بالمال لكن بالمحبة يُجتَبى
بيت الزواج إذا بنوه مجددا
بالمال لا بالحب عاد مخربا
إن الزواج محبة فإذا جرى
بسوى المحبة كان شيئا متعبا
لا مهر للحسناء إلا حبها
فبحبها كان القران محببا
خير النساء أقلُها لخطيبها
مهرا وأكثرها إليه تحببا
وإذا الزواج جرى بغير تعارف
وتحبب فالخير أن نترهبا
         ***
ولقومنا في الشرق حال كلما
زُدت افتكارا فيه زدت تعجبا
تركوا النساءبحالة يرثى لها
وقضوا عليها بالحجاب تعصبا
قل للألى ضربوا الحجاب على النٍسا
أفتعلمون بما جرى تحت العَبا
شرف المليحة أن تكون أديبة
وحجابها في الناس أن تتهذبا
             ***
هل يعلم الشرقي أن حياته
تعلو إذا رَبَى البنات وهذبا
وقضى لها بالحق دون تحكمٍ
فيها وعلمها العلوم وأدبا
فالشرق ليس بناهض إلا إذا
أدنى النساء وقربا
فإذا ادًعيتَ تقدما لرجاله
جاء التأخر في النساء مكذبا
         ****
ومن قصيدته " المرأة المسلمة  "

لم أر بين الناس ذا مظلمة
أحق بالرحمة من مُسلمة
منقوصة حتى بميراثها
محجوبة حتى عن المكرمة
قد جعلوا الجهل صوانا لها
من كل ما يدعو إلى المَاثمه
والعلم أعلى رتبة عندهم
من أن تلقاه وأن تعلمه
ما تصنع المرأة محبوسةًٌ
في بيتها إن أصبحت مُعدِمه
ضاقت بها العيشة إذ  دونها
سُدت جميع الطرُق  المُعلمه
من أي وجه تبتغي رزقها
وطُُرقها بالجهلِ مستبهمه
        **** 
ومن قصيدة له " التربية والأمهات "
 
هي الأخلاق تنبت كالنبات
إذا سقيت بماء المكرُمات
تقوم إذا تعهدها المُربي
على ساق الفضيلة مُثمرات
ولم أر للخلائق من محل
يُهذٍبها  كحضن الأمهات
فحضن الأم مدرسة تسامت
بتربية البنين أو البنات
وأخلاقُ الوليد تقاسُ حسنا
بأخلاق النساء الوالدات
وليس ربيبُ عاليةِ المزايا
كمثل ربيب سافلة الصفات
وليس النبت ينبت في حنان
كمثل النبت ينبت في الفلاة
فيا صدر الفتاة رَحُبْت صدرا
فأنت مَقرًُ  أسنى العاطفات
لأخلاق الصبي بك انعكاس ً
كما انعكس الخيالُ على المِراة
وما ضَرَبانُ قلبك غير درس
لتلقين الخصال الفاضلات
فأول درس   تهذيب السجايا
يكون عليك يا صدر الفتاة
فكيف نظنًُ بالأبناء خيرا ً
إذا نشأوا بحضن الجاهلات
وهل يُرجَى لأطفال كمالٌ
إذا ارتضعوا ثُدِيً الناقصات
أأُمً المؤمنين إليك نشكو
مصيبتنا بجهل المؤمنات
فتلك مصيبة يا أم ُمنها
" نكاد نغص بالماء الفرات "
 تخِذْنا بعدك العادات دينا
فأشقى المسلمون المسلماتِ
بحيث لزمن قعر البيت حتى
نزلنَ به بمنزلة الأدَاة
وعدوهن أضعف من ذباب
بلا جنح وأهون من شذاة
وقالوا شِرعةُ الإسلام تقضي
بتفضيل " الذين على اللواتي "
وقالوا إن معنى العلم شيء
تضيق به صدور الغانيات
وقالوا الجاهلات أعفُ نفساً
عن الفحشاء من المتعلمات
لقد كذبوا على الإسلام كذبا
تزول الشم ٌ منه مزلزلات
أليس العلم في الإسلام فرضا
على أبنائه وعلى البنات
ألم تر في الحسان الغيد قبلا
أوانس َ كاتباتٍ شاعراتِ
وقد كانت نساء القوم قِدْما
يرُحُنَ إلى الحروب مع الغزاة
وكم منهن من أُسرت وذاقت
عذاب الهُون في أسر العُداة
فماذا اليوم ضرٌ لو التفتنات
فهم ساروا بنهج هُدىً وسرنا
بمنهاج التفرق والشتات
نرى جهل الفتاة لها عفافاً
كأن الجهل حصن للفتاة
ونحتقر الحلائل لا لجُرم
فنؤذيهن أنواع الأذاة
ونلزمهن قعر البيت قهراً
ونحسبهن فيه من الهَنات
لئن وأدوا البنات فقد قبرنا
جميع نسائنا قبل الممات
        ****   











 





*ديوان الرصافي ، المجلد الثاني/ دار العودة بيروت /1983

5
حكومة وحدة وطنية ..أم كشكول وطني ..؟!!

 
 هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد
 
شكل السيد نوري المالكي حكومته ، في 20/5/2006 من الكتل السياسية الممثلة في البرلمان ، بعد حوارات ونقاشات  استغرقت وقتا طويلا ، مع  وبين هذه الكتل ، المتناقضة في أهدافها وتوجهاتها السياسية ، وقد تقدم رئيس الوزراء السيد المالكي ، إلى المجلس النيابي ، لنيل ثقة المجلس ، بوثيقتين ، الأولى أطلق عليها " مبادئ وأسس البرنامج السياسي للحكومة العراقية " تضمنت الخطوط العريضة لعمل حكومته ، والتي حوت 34 بندا ، مشيرا عند مخاطبته مجلس النواب ، أن هذا البرنامج " ..يحافظ على وحدة الشعب العراقي بجميع طوائفه وقومياته ، بهدف بناء عراق دستوري وديموقراطي إتحادي تعددي ، يعتمد الدستور ، والقوانين التي تكفل الحقوق والحريات لجميع أفراد الشعب العراقي .." ، والوثيقة الثانية ، التي تقدم بها لنيل ثقة المجلس  النيابي ، أطلق عليها اسم " برنامج الحكومة العراقية " وقد احتوى هذا البرنامج ، كما أعلنه المالكي :"  ...معالجة للجوانب السياسية والأمنية في العراق ، كما يعرض البرنامج الوسائل التي تتبعها الحكومة في معالجة الفساد الإداري والمالي والقضايا الاقتصادية والخدمية المختلفة، " وأردف موضحا " وهذا البرنامج هو جزء من خطة متوسطة المدى وأخرى بعيدة المدى من أجل النهوض بالعراق بما يتناسب ووضعه وإمكاناته البشرية وموارده الطبيعية ..." النقاط التي عددها البرنامج كمحاور للعمل عليها ، ولتنفيذها من قبل حكومته ، بلغت عشرة  أوراق بالبنط الصغير، متضمنة  تسعة محاور ،  وفي كل محور تفاصيل مذهلة ، تتطرق لأدق الأمور ، التي ستعالجها حكومته لاحقا ، ابتداء بالأهداف السياسية ومرورا بالأمنية والاقتصادية وغيرها كثير لتنتهي بـ " تاسعاً : البناء الاجتماعي والعدالة الانتقالية "  التي دخلت بأدق تفاصيل المبالغ المرصدة ،  والمخصصة لتنفيذ كل فقرة من فقراتها ، ولو نفذ  هذا البرنامج فعلا ، لكان العراق واحة مزهرة والشعب العراقي من أسعد وأغنى شعوب المعمورة ، إلا أن " المية تكذب الغطاس  " في بحيرة ملؤها تماسيح عنصرية وطائفية  ..!
 
لا شك أن المبادئ الأولية والبرنامج السياسي ، اللذان طرحهما رئيس الحكومة ، كانا قادرين على تأسيس دولة ، وفق أرقى المعايير الوطنية والديموقراطية ، إلا أنه مشروع  لحكومة محاصصة  طائفية ، قواها مختلفة المصالح ومتناقضة الأهداف ، لا يمكنها أن تحقق تقدما في تنفيذ ما طرحه رئيس الحكومة ، حتى وإن خلصت نية بعض أطراف الحكم ، و صدقت جهودهم    في التنفيذ ، فالأمر يحتاج إلى عمل دؤوب وجهد جماعي  فاعل ومشترك ،وهذا مفقود في مثل هذه الحكومة ..
 
 لما يمضي الكثير من الوقت على تشكيل ما يسمى بـ " حكومة الوحدة الوطنية " وفق ما أطلق عليها البند (1) من " مبادئ وأسس البرنامج السياسي للحكومة العراقية "  ، حتى تعالت أصوات بعض الكتل ، من قومية وطائفية ، من داخل المجلس النيابي ومن داخل الحكومة ، مطالبة بتحسين أداء الحكومة ، فيما يخص أولوية  تنفيذ بنود " المبادئ " ، فكتلة " جبهة التوافق " ترى أن أداء الحكومة لم يحقق لها ،  بعض أولوياتها ،فيما يخص  تنفيذ المادة 142، لتعديل الدستور،وتحرير العراق من القوات الأمريكية ، وضرورة المشاركة في اتخاذ القرار وإدارة الدولة ، والإسراع بتطبيق قانون إطلاق سراح المعتقلين ، والقائمة العراقية ، بقيادة علاوي ، وإن كانت ليست بعيدة عن موقف جهة التوافق ، إلا أنها ترى أيضا أن  الحكومة لم تكن جادة في حل المليشيات الطائفية ، المتسببة بالفلتان الأمني ، فحلها ليس بيد رئيس الوزراء ، إنما هو مرهون بموافقة رئيس اللجنة الأمنية في مجلس النواب ، هادي العامري ، القائد الفعلي والمسؤول الأول عن قوات بدر ، الذراع الفاعل للمجلس الإسلامي ،  وهذا ما يشكل عائقا فعليا ، أمام استتباب الأمن ، وتحقيق المصالحة المنشودة ، وهي / أي القائمة العراقية /   ترى انفرادا في القرارات السياسية من جانب الحكومة ، دون الرجوع إلى الكتل السياسية المشاركة في الحكم ، أو أخذ موافقة المجلس النيابي عليها ،  والكتلة الصدرية والفضيلة ، ترى مثل هذا الرأي  في رئيس الحكومة  ، يخالف ما اتفق عليه ضمن الإتلاف ، فيما يخص بقاء القوات الأمريكية ودورها في العراق ، في الوقت الحاضر ولاحقا ، كما أنها تجد أداءً ضعيفا للحكومة ، فيما يخص الخدمات المقدمة للشعب، يتطلب الأمر إجراء تعديل وزاري يخدم المصالح الوطنية ..
 
أما الكتلة " الكوردستانية " فعلى الرغم من أنها كانت ، ولا زالت ، الحليف الأبرز لكتلة الائتلاف ،  وممثلها رئيس الحكومة ، نوري المالكي  ، إلا أنها ترى أن الحكومة غير جادة في  تنفيذ الخطوات التي أقرتها المادة 140 من الدستور،  بصدد كركوك ، والانتهاء منها بإجراء الاستفتاء في   15/11/2007 ،( تم تمديد العمل بهذه المادة) إضافة لخلافاتها مع الحكومة فيما يتعلق بحقهم التفرد في عقد عقود  نفطية  مع الشركات الأجنبية ، دون إعلام المركز، إضافة لأمور أخرى مالية وعسكرية ، فلهذه الأسباب الظاهرة ، والمخفية ، ترى الكتلة الكوردستانية أيضا ضرورة التغيير في الحكومة ....
 
شكلياً ، توحدت مواقف الكثير من القوى السياسية المختلفة ، التي ترى ضعفاً في أداء الحكومة ،  أو مصادرة لقراراتهم أو تجاهلها  ، و شكلت عنصر ضغط على رئيس الوزراء ، وعلى رئاسة الجمهورية ومكتبها ، لأن يتبنى المالكي مشروعا لتعديل الحكومة ، بإجراء تغييرات وزارية " تتحرى الكفاءة  " حسب تعبيره ، وخصوصا بعد استقالة وزراء جبهة التوافق وانسحاب وزراء  القائمة العراقية من الحكومة ، مما سبب عطلا في أداء الحكومة ، حيث انسحب ما يعادل نصف مجموع الوزراء من الحكومة ، والبعض الآخر سحب ممثليه من البرلمان ، مما تسبب في تعطيل فعاليته في مناقشة وإقرار الكثير من القوانين المهمة ، بعضها لصالح العراق ، والبعض الآخر ما تراه الإدارة الأمريكية  ضروريا ، يمهد لها الطريق لعقد اتفاقات أمنية وعسكرية واقتصادية طويلة الأمد في العراق...
 
    شعار " حكومة وحدة وطنية " يبرز إلى الواجهة من جديد، وكأنما الأمر يتعلق بالشكل وليس بالمضمون،  فهذه الحكومة القائمة فعلاَ أطلق عليها  أصحابها ،زيفا هذه التسمية ، متوخين خداع الشعب ، لما لمدلول الوطنية من معاني حقيقة في ضمير الشعب ،   فالقوى السياسية ، الممثلة في الحكم ،  هي من الأحزاب ،العربية والكوردية /القومية ـ  والإسلامية الطائفية  ، وهي من شكلت الحكومة على أساس المحاصصة ، وليس على أساس من الوطنية والكفاءة المهنية ، والأحزاب هي من تسمي وزراءها ضمن كتلها ، التي تكونها ، وليس رئيس الوزراء هو من يختار ، كما أنه ، رئيس الوزراء ، غير قادر على إستبدال الوزير لأي سبب كان  ، دون موافقة حزبه أو الكتلة التي أسندت إليه المهمة ، ومن هنا يأتي ضعف أداء الحكومة  وفشلها ، وهذه الحالة جزء من " حالة ديموقراطية " بمفهوم جديد ،  يجري تطبيقها في عراق المحاصصة الطائفية  ..
 
تكاد أن تُجمع الكتل السياسية على ضرورة التغيير الوزاري ، إلا أن رؤاها للتغير تختلف من كتلة لأخرى ، البعض يرى أن المحاصصة الطائفية كانت خطأًً والأسلم الإصطفاف الوطني ،والبعض الأخر يرى الخيار في ترميم الوزارة الحالية على أساس المشاركة الوطنية ، يعني استبدال الوزير بآخر من كتلته أو حزبه ، فرئيس التوافق يرى " المصلحة العامة للعراق وللعملية السياسية بملء الفراغات السياسية " ومن" الأدعى الآن الإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية تكون بعودة المنسحبين وأن يكون للتكتلات السياسية التي تمثل جميع أطياف العراق  مشاركة حقيقية في اتخاذ القرارات وإدارة البلاد ولا تنفر طائفة بذلك دون غيرها " ومثل هذا الكلام لا يختلف عما كان عليه وضع الحكومة سابقا ، سوى أنه يعترف بأن الحكومة السابقة ، والتي كانت كتلته تشغل فيها خمسة مقاعد وزارية إضافة لنائب رئيس الوزراء "  لم تكن حكومة وحدة وطنية حقيقية.." فإذا لم تكن كذلك فما هي ؟  صعوبة الاعتراف بأنها حكومة محاصصة طائفية ، لكونه طائفيا حتى النخاع  ..!!
 
القائمة العراقية وعلى لسان المتحدث باسمها ، الشابندر ، " مشروع قائمتنا تعديل مسار العملية السياسية برمتها ، وتحويل مسارها الطائفي إلى حكومة تختار وزراءها ، استنادا إلى عراقية وكفاءة الشخص ، وليس استنادا إلى طائفته أو قوميته .." ولن يعود وزراء هذه القائمة للوزارة "مالم يحدث تغيير شامل ويتم تعديل العملية السياسية ، عند ذاك سنكون مشاركين حقيقيين في هذه الحكومة .." فمن يتفق مع هذا الطرح إن سلمت  نواياه ؟ إن  تحقق سيجر بساط الحكم من تحت أقدام قوى لا مصلحة لها بوحدة العراق وكونه وطنا لجميع مكونات الشعب العراقي ..!
 
أما كتلة التحالف الكوردستاني ، وعلى لسان رئيسها فؤاد معصوم،  فهو يرى أن " مشروع حكومة الوحدة الوطنية قد فشل ...، وكتلته ،  تؤكد على ضرورة تشكيل الحكومة الإتحادية الجديدة على أساس الأحزاب ، وليس على أساس الكتل البرلمانية ، والغاية هو أن الأحزاب تقوم بالمهمات أفضل من الكتل السياسية ، التي تعاني من وضع غير مستقر ، بسبب الخلافات   فيما بينها " السيد معصوم يعتبر الحكومة التي يشارك هو فيها بكتلته ، حكومة وحدة وطنية ، لذا هي قد فشلت ،  وهذا ليس دقيقا ، فالحكومة التي يشارك فيها هي حكومة  محاصصة طائفية / عنصرية ، ولو كانت فعلا حكومة وحدة وطنية لكان أداءها مختلف ، ولا نعتقده يجهل كيف هي حكومة الوحدة الوطنية ، وما هي متطلباتها أو أساليب عملها ، كما أن السيد معصوم ، بما يراه ، يغتصب حق رئيس الوزراء في اختيار وزرائه ،  وفق ما يراه من مهنية وأهلية الوزير للموقع الذي يختاره ، فالوزير المعين من حزبه ، أو من كتلته ،  يبقى خاضعا لقرارهما ،في تحديد الموقع الذي يريدانه ويقررانه ، وليس خاضعا لرأي رئيس الوزراء  ، إلا  أن السيد محمود عثمان ، أبرز نائب في البرلمان عن التحالف الكوردستاني ، يرى أمرا مختلف، حين يعلن : إن على التحالف الكوردستاني أن " يطالب بحقيبة النفط أو المالية بدل الخارجية أو الداخلية ، فالحقيبتان أكثر أهمية للشعب الكوردي .." وليست للشعب العراقي ، وهنا نلاحظ أن المال والسيطرة عليه هي التي تعطي أهمية الموقع ،  لحزب الوزير أو للكتلة أو للطائفة التي يمثلها ، وليس الهدف منها العمل الوطني، وخدمة الشعب العراقي بكل تكوينات وأطيافه ، ولا  أحد يشك في أن مثل هذا الطرح ، كان نتيجة لما أفرزته حكومات المحاصصة الطائفية من فساد ، لم يقدر على معالجته السيد رئيس الوزراء المالكي ، برغم ما ورد في " برنامج الحكومة العراقية " في البند "ثالثا : معالجة الفساد الإداري والمالي "  الذي شخصه  السيد رئيس الوزراء بقوله  "يعتبر الفساد الإداري والمالي الآفة الأكثر فتكا – بعد الإرهاب –بجهود التنمية وتطوير حياة المواطنين .." والذي لم يفشل هو  في معالجته ، فحسب ، بل ساهم فيه عندما منع هيئة النزاهة والدوائر الأخرى ذات الإختصاص ، من ولوج وزاراته لتحري واقع الفساد فيها ، ولأن وزارة المالية والنفط التي يريدها السيد عثمان لكتلته ، بدلا عن وزارة الخارجية والداخلية ، ربما من أجل إصلاحها ،فهي فعلا بؤرةً للفساد ومركزاً للحارمية ..!!
 
الناطق الرسمي باسم الحكومة ، علي الدباغ ، ينهي كل جدل عراقي ، حول تشكيل  الحكومة عندما يعلن :" الواقع الحالي يكشف عن تشكيل حكومة جديدة هو حل مثالي ، وبعيد عن الواقع السياسي وتبقى هذه المسالة حاليا مجرد رغبة ، ليست في متناول اليد ، ما سيتحقق بالفعل هو سد الفراغات الوزارية ليس إلا .." إذن الحكومة ليست حكومة وحدة وطنية،  كما يصفون ، إنما هي حكومة " كشكول وطني "  كما أطلق عليها المبعد عن وطنه ،آية الله الدكتور الشيخ فاضل المالكي ، المقيم في قم ، فك الله أسره .. !!
 
الكل ينتظر ما ستأتي به الأيام ، فرئيس الوزراء أتعبته مناورات ورؤى الكتل التي تشكلها حكومته ، فقرر ترك الساحة تمور بمن فيها وعليها ، ليتوجه إلى بريطانيا ، وهكذا كان يفعل في الأزمات ، نوري السعيد ، عندما يشير عليه ، آنذاك ’ مستشاروه البريطانيون ، ولكن لماذا يتوجه المالكي إلى بريطانية ، ومستشاروه ، هم من الأمريكان ..؟ الله أعلم ..!!
 
27‏شباط‏‏ ‏08‏‏

6
  المثقف .. والوطن ..والسلطة ..!!



هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد

لست بصدد تعريف أو إيجاد تعريف  للمثقف ، بقدر تبيان ما له  ،  من أهمية ودور يلعبه في حياة المجتمع ، فهو الدليل  والهادي لبناء غد أفضل للمجتمع ، على كافة الصعد ، ولا يتقدم عليه في أهميته الفكرية والعلمية أي شخص آخر مهما علت  منزلته السياسية ، أو الاجتماعية . فالمثقفون ، وعلى اختلاف درجاتهم ومستوياتهم ، هم حجر الزاوية في بناء المجتمع، تطويره وتقدمه وازدهاره  ، ومجتمعنا العراقي اليوم  ، بأمس الحاجة لهم  لإعادة  بنائه ، وكافة مؤسسات الدولة ،  الذي خربته الفاشية ونظامها البعثي قبلا ، ولاحقا أكملت خرابه  ، قوات الاحتلال وقوى حكم المحاصصة الدينية / الطائفية والقومية / العنصرية، ولكن أي نوع من هؤلاء المثقفين ، العراق بحاجة لهم ..؟

في كل وقت وزمان ، هناك مثقفون ،  برسم  الإيجار وتحت الطلب ، ولمن يدفع أكثر ، وفي العراق من هؤلاء تواجد الكثيرون منهم ، في الماضي والحاضر ،وأطلق عليهم  اسم  "مثقفي السلطة "،لأن ما يهمهم هو بقاء الحاكم في سلطته ، أطول فترة ممكنة ، باذلين الجهد على ترسيخ نظامه بشتى الوسائل والأساليب المتاحة لهم ، تحقيقا لطموحاته الشخصية ، المتناقضة في أغلب الأحيان ، مع تطلعات وأهداف الشعب ، فهم غير معنيين بمصلحة الشعب ولا حرية الوطن ، بقدر ما يعنيهم نفوذ زائف ، متساوقا مع توجهات الحاكم ونظام حكمه ، يحققون من ورائه كسبا ماديا ، وعيشا رغيدا ، على حساب لقمة عيش المواطن وحريته ..   

الشعب العراقي ، يعيش في وطن محتل ،  متعدد القوميات والأديان والطوائف ، فهو،  يحتاج إلى مثقفين وطنيين وأحرار، يكرهون الاحتلال ويحاربونه ، وينبذون الطائفية والعنصرية ، بعيدين عن السلطة وتأثيرها ، يتمتعون بحرية الفكر والتفكير، والقدرة على المعالجة ، لا رقيب عليهم سوى ضمائرهم ووطنيتهم ، ولا خوف عليهم من مساءلة حاكم أو رقيب ، فيما يطرحون من معالجات جادة وصائبة ، لأوضاع البلد السائدة ،أمنية ، سياسية ، اقتصادية ، اجتماعية، وغيرها من المشاكل ، التي تتطلب حلولا عاجلة ومؤثرة في نتائجها على حياة الشعب ، ووحدة أراضيه،  كما تتطلب جرأة في النقد الصريح للفاسد ، بغية علاجه ، بغض النظر عمن تسبب بهذا الفساد..
   
البعض من المثقفين العراقيين ،وخصوصا مِمَنْ كانوا مِنْ ذوي أصول فكرية ماركسية وشيوعية ، انقلبوا على  أفكارهم وعقائدهم ، لـ " صحوة فكرية "  ( لوثة فكرية ) أصابتهم  باتجاهات بائسة ،  طائفية وعنصرية محضة ، فما عاد  يعجبهم النقد الذي يوجهه بعض الكتاب والمثقفين ، من وطنيين وديموقراطيين وتقدميين ،  في الوقت الحاضر،  لقوات الاحتلال " المتعددة الجنسية "  ولسلطة المحاصصة الطائفية والعنصرية ، الشريك الفعلي ، لقوات الاحتلال ، لما أحدثته طرق ووسائل حكمهم الفاشلة ، من خراب ودمار في البلد ، وطيلة خمسة أعوام من حكمهم ، والمواطن العراقي ،  يئن من ثقل البلوى التي فرضها هذا الحكم ، عن طريق ميليشياته المتعددة الأسماء والانتماءات ، والتي عاثت فسادا في كل شبر من الوطن ، أبسطها التهجير وقتل الأبرياء ،رجالا" ونساء" ، انشغلت عنهم كل الحكومة ووزرائها ، والمجلس النيابي ، وهيئاته ، بنهب ثروات لبلد ، وتقاسم مغانم الحكم ، دون حسيب أو رقيب ،  مع تعطيل شبه كامل لعمل مؤسسات الدولة ..من يتحمل مسؤولية هذا الواقع العراقي المزري ، والخراب الذي شمل كل بيت وحارة ، ومن هو المسؤول عن معالجة هذا الهشيم الذي لم يبقِِ  زاوية في هذا الوطن إلا وطالها اللهب ، منذ أن دخل الاحتلال وحلفاؤه ، الذين تقاسموا أدوار الخراب لوطنهم ؟
 مثقفو السلطة ، من المرتدين عن هويتهم الوطنية  ، إلى طوائفهم وعنصريتهم ، يستغلون اسم شهاداتهم الطويل ، وسمعة الدولة التي منحتهم إياها ،  للتضليل والخداع ، لأنهم ارتدوا عن أفكار ومبادئ الحزب الشيوعي ،  التي اعتنقوها ، يوما ما ، واليوم أصبحوا دعاة طائفية قذرة ،  وعنصرية  حاقدة ، موظفين قدراتهم العلمية والفكرية ، للدفاع عن نهج حكم لتحالفات فشلت  ، حتى اللحظة ، في تحقيق  الأمن ولقمة العيش للمواطن ،ويحاولون كم الأفواه ولجم الأقلام ، عن أية إشارة نقد لفشل السلطة في تنفيذ برنامجها المعلن ، بتحجيم نفوذ المليشيات ، وسحب أسلحتها ، وتدخلها غير المشروع ،  في مؤسسات الدولة ، وهم أيضا يحاولون إخفاء النتائج السلبية لممارسات قوات الاحتلال ، ودورها في تخريب الوطن ، ببناء ميليشيات جديدة ، تأتمر بإمرة مخابراته ، لتنفيذ مخططاتها الإجرامية ، في حالة عدم تحقيق أهدافه كاملة ، عندما تبدأ المفاوضات الثنائية لعقد اتفاقات طويلة الأمد ،  يُعَيُرنا هؤلاء المثقفين ، بنكران جميل هذا المحتل ، وحلفائه في الحكم ،لأنهم كما يقولون ، هم من أنقذوا العراق وشعبه، من حكم فاشي بغيض ، ولولاهم لما تحققت " الديموقراطية " ولا " الحرية " للشعب العراقي ، ديموقراطية القتل والتفجير ، وحرية النهب لثروات وتراث الوطن ،  ..الوطنيون العراقيون ، وكل الشعب العراقي ، يعترف بأن أمريكا وجيشها ، هي من أسقطت النظام ، والحلفاء لها ، هم القابضون على الحكم القائم منذ العام 2003 ، وكل من إدارة الاحتلال ، والقوى العراقية المتعاونة معهم ،  ساهمت في التدمير والخراب والحسم لأموال الدولة ونهبها ،أموالا وأسلحة ومكائن ثقيلة ، وأحدثت خرابا للقصور والمتاحف ، فلم يبق للعراق لا مال ولا ثروات ولا تراث ، والأهم من كل هذا ، التدمير الذي لحق بنفسية المواطن ، جراء إشعال نيران الطائفية والعنصرية، بين مكونات الشعب ،  وتأجيج لهبها ..كل هذه حقائق لا يمكن إنكارها ، ومن الضروري الإقرار والاعتراف بها من قبل الجميع ،والحديث عنها علانية ، أيضا من قبل مثقفي السلطة ،  فالقوى العراقية ، من العرب والكورد ، قوميين وعنصريين ، والأحزاب والقوى الإسلامية الطائفية ، التي تعاونت مع المحتل ، الكل يتحمل مسؤولية ما جرى ويجري في العراق ، بغض النظر عن تسمية للحكومات، والمراحل التي شكلت فيها ، وللتذكير فإن  سقوط بغداد على يد المغول ، لا زال يدمغ العلقمي وحاشيته بالخيانة ،  والتواطؤ مع التتار ، ولم تُبِرئ ساحته ، أو تخليه من المسؤولية ، وجود حاكم غاشم ،مثل المستنصر الخليفة العباسي ، ضعيف وسيئ الخُلق ، ما كان يهمه من أمر السلطة سوى جمع ألوان الذهب ، وهذا ما أودى بدولته للسقوط ،  يشاركه بهذا الولع وهذا المصير ، رئيس النظام الفاشي صدام حسين ، فبناء القصور ، وتزيينها بالذهب ، وكتابة اسمه عليها  ، تدلل على عنجهية مبتذلة وسوء خلق ، ونرجسية تافهة ، محاطا بمداحين ، من " مثقفي السلطة "، اكتشفت فيه داء العظمة ، فغذت فيه شهوة الحكم والخلود ، وهذا  مالا نريده أن يتكرر أيضا ، في عراق اليوم ، لامن قبل الحاكم ،أيا كان ، ولا نحبذه عند المثقفين حوله ..
ما يحتاجه العراق اليوم ، مثقفين وطنيين أحرار يشكلون " السلطة الرابعة" ،يتمتعون بحرية التعبير المطلق ،  لإيجاد حلول على أسس وطنية ، لمشاكل المجتمع، الطائفية والعنصرية ، والكشف عن الفساد والمفسدين، وسارقي الثروات،  في أجهزة الدولة ، ومعالجة ملفاتهم، ومراقبة كل سلطات الحكم ومؤسساته، وعلاقتها الحالية والمستقبلية مع الإدارة الأمريكية ، وقواتها المتواجدة على أرض الوطن العراقي  ..

 
 

7
صفقات مشبوهة ..والقادم أعظم ..!!
هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد

في الأسبوع المنصرم مررت سلطة المحاصصة ، بعد حالة استعصاء ، ومنازلة للي الأذرع ، بين القوى السياسية المسيطرة على المجلس النيابي ، ثلاثة مشاريع داخلية ، يتعلق الأول بالميزانية ، وحصة الكورد فيها ، والثاني  يخص قانون المحافظات وفدرالية " الحكيم " الموسومة فدرالية الوسط والجنوب ، والمشروع الثالث ، قانون المسائلة والعدالة ، إرضاء لأطراف متعددة ، بعثية وإسلاموية وقومانية ، بعض من هذه القوى ممثل في السلطة ، والبعض الآخر ، لا زال يحمل السلاح ،  ضد الاحتلال أولا" وضد الحكومة ثانيا" ، إلا أن فعله الحقيقى ، وضرره المباشر  واقع على جماهير الشعب ، المتضررة من الجميع ، من الاحتلال ومن الحكومة الطائفية وميليشياتها ،ومن قوى الإرهاب ..هذه المشاريع الثلاثة ، وإن كانت لا تخلو من أهمية على أمن وحياة ومعيشة جماهير الشعب ، إلا أنها كانت تحتوى أيضا على إقرار واقع طائفي وعنصري ، تناهضه غالبية القوى الوطنية والعلمانية ، وجماهير شعبية واسعة ، لا مصلحة لها في تقسيم العراق إلى كانتونات طائفية وعنصرية ، ضعيفة وغير قادرة على الدفاع عن نفسها ، تجاه قوى إقليمية ، عربية وأجنبية ، طامعة في ثروات العراق، والأهم ما  تؤسس عليه ،  لفرقة وطنية ، لا تخدم  سوى الاحتلال وأعوانه ، كما تضمنت هذه الصفقة ، إطلاق سراح الكثير من المجرمين والقتلة ، وهذا بالضبط ما أقدم عليه النظام البعثي الفاشي ، قبل سقوطه ،  هذه المشاريع التي مُرِرَتْ ، لم تكن القوى السياسية التي مررتها ، حريصة على الشعب ومصالحه ، بقدر ما كانت حريصة على تحقيق مصالح فئوية ، طائفية وعنصرية، وبذلك أثبت الجالسون في الهيئة التشريعية ، أنهم غير جديرين بتمثيل من انتخبوهم ، كما لا تهمهم وحدة الشعب العراقي ، وغير حريصين على مصالحه ، بقدر ما كانوا شهود زور على تقسيم العراق ونهب ثرواته ، وإبقاء حالة الصراع دائمة وقائمة بين طوائفه  ..

الإدارة الأمريكية ، وقوى الاحتلال، كانت تضغط على الحكومة ، و مجلس الرئاسة ، وعلى القوى الفاعلة في البرلمان ، لتمرير "صفقة" المشاريع ، وبالرغم من أن هذه المشاريع هي داخلية ، إلا أن إقرارها يمثل  خطوة متقدمة لبدء  بتنفيذ الخطوة  الأهم في أجندة الإدارة الأمريكية ، لتقرير بقاء وتواجد قوات الاحتلال وقيادتها، في العراق ، فبعد أن تحققت الموافقة على  تمرير المشاريع الثلاثة ، بصفقة واحدة ومن دون"إضاعة" للوقت في مناقشة بنودها ، سارعت إدارة قوات الاحتلال والسفارة الأمريكية ، على إعلان ارتياحهما بالقول " شعر مسؤولون أمريكيون بشيء من الارتياح لاتخاذ السياسيين في بغداد خطوة تقربهم من الإستقرار السياسي المفقود في البلاد .." والحقيقة أن مبعث هذا الارتياح هو ليس  توافق هذه القوى فيما بينها لمصلحة البلد أم من عدمه ، بل من أجل تهيئة الأجواء الجديدة للبدء في محادثات ثنائية ، بين الجانبين الأمريكي والعراقي ، لعقد اتفاقيات ومعاهدات طويلة الأمد ، والتي سبق وإن أعلن عنها الجانبان ، الأمريكي والعراقي ،تمشيا مع قرار مجلس الأمن الدولي المرقم 1790 في 18 كانون الأول 2007، والذي أُعلن فيه عن انتهاء بقاء قوات " الاحتلال "في العراق ، حتى 31 كانون الأول 2008 ، وهذا آخر موعد ، وآخر طلب من الحكومة العراقية ، لتجديد بقائها في العراق ، لذا تحاول الإدارة الأمريكية ، والحكومة العراقية ، التعجيل بالمباشرة والتفاوض على الشروط والنصوص التي ستتضمنها هذه الإتفاقيات والمعاهدات ،حيث ستبدأ المفاوضات خلال الأيام القادمة ، على أن تتم الموافقة والتشريع ، للاتفاقية ، قبل 31 من تموز القادم ...

من تحصيل حاصل إذا قلنا أن الإدارة الأمريكية ، ستضغط بكل ما لديها من وسائل ضغط ، للتاثير على سير المحادثات ، لأن تكون نصوص ومواد  الاتفاقيات والمعاهدات التي ستبرمها مع الحكومة العراقية ، لصالحها ، مستثمرة ما يمكن أن يحدثه تواجدها العسكري ، على الأرض العراقية، من تأثير على نفسية الوفد المفاوض العراقي  ، كما هي ستستثمر كل العلاقات ، السياسية والاقتصادية والثقافية ، التي أقامتها مع مختلف القوى والفئات القومية/العنصرية ، والدينية /الطائفية ، قبل وبعد احتلالها للعراق ، وما قدمته لبعض هذه القوى من مكاسب سياسية واقتصادية ، لتمارس ضغوطا على المفاوض العراقي  ، من أجل تنازل أو تساهل في حقوقنا الوطنية.. 
 
الشعب العراقي ، وحركته الوطنية العراقية ، لهما تجربة ثرة ، وغنية في أغراض ومرامي حكومات الاحتلال ، فالاحتلال البريطاني ، بداية احتلاله للعراق في العام 1914  أعلن أنه جاء " محررا لا فاتحا  " إلا أنه عندما أبرم معاهدتي  1922 و1930 ، كرس في هاتين المعاهدتين الذل والعبودية للشعب ، وقد حاول الاحتلال البريطاني ، تجديد واستبدال هاتين المعاهدتين ، بمعاهدة " بورت سموث "  أخطر وأثقل قيودا من سابقتيها ، نظرا لانتهاء ظروف الحرب العالمية الثانية ، وبداية مرحلة جديدة من مراحل الصراع في العالم ، تطلبت المصلحة البريطانية عقدها ، على الضد من مصلحة الشعب العراقي ، وطلائعه السياسية ، من أحزاب وقوى قومية وطنية ، وديموقراطية وشيوعية  ، التي عرفت ليس كيف تجهض إبرامها فقط  ، وإنما عرفت أيضا كيف تقبر هذه المعاهدة وإلى الأبد ، بدماء شهداء الشعب، في وثبة كانون المجيدة في  العام 1948 ، ودحرجت رؤوس  منفذيها وفارضيها على الشعب ، في ثورة 14 تموز  1948،  كما وصمت نظام الحكم ورجاله آنذاك ، وكل من حاول إبرامها بالعار والخيانة ..

واليوم الإدارة الأمريكية ، وفي ظرفنا السيئ ، تحاول أن تعيد تجربة وثبة كانون الخالدة في ضمير الشعب ، بمسميات أخرى ،  إلا أن هذه الإدارة ،  تنطق بنفس المفاهيم الاستعمارية آنئذٍ ، وتنطلق من نفس التجربة البريطانية يوم ذاك ، مع اختلاف في الوقت والأدوات  ،  فهل التاريخ يعيد نفسه ، أم نحن نستعيد قراءة أحداثه ونتائجه  ،  مذكرين حكامنا الجدد ، بعد خمسين عاما ، بان التاريخ لن يرحمهم ، ولن يرحم من يفرط بحق من حقوق العراق وشعبه ، بمثل بنود  تلك المعاهدات المقبورة ، وربما سيكون الحكم عليهم أسوء ، ممن سبقهم ، نظرا لتوافق  مفاهيمهم ، الوطنية مع العمالة، وتطابق مقاييس ،السيادة مع الاحتلال ، ومن دون حياء أو خجل ،  يشبك علم الاحتلال ويعانق علمهم ، علم الله أكبر ، في منطقة خضراء ، كانت يوما ، رمزا لسيادة مهزومة ، والآن ،  الحكم والاحتلال ، يتقاسمون غرف النوم والعمل ، وليس من يفرق بين عراقي وأمريكي ، وكثيرا ما يتوهم الأمريكي  ، دخول مقر الرئاسة أو مقر الحكومة، ( دون إحم ولا دستور )   معتقدا أنها سفارته ، أو مكان إقامته ونومه ،  ومن هنا  نتوقع الخطر ، إذا خلط الحكم بين مصلحته الخاصة والمصلحة الأمريكية ..!

المسؤولية الكبرى تقع على عاتق القوى الوطنية والديموقراطية ،الممثل الحقيقي لمصلحة الشعب العراقي ، ليس في التذكير بموعد البدء بهذه المحادثات فقط ، أو إبداء وجهة نظر مقتضبة ، لا تغني عن تبيان خطورة وأهمية الحدث ، كما لا يمكن إلقاء المسؤولية على عاتق الحكومة العراقية فقط ، كما فعلت ( طريق الشعب ) مع توضيح مقتضب لما يتطلب الأمر من " تهيئة مستلزمات تحقيق إجماع وطني تستند عليه في مفاوضاتها القادمة " إن المسؤولية الكبرى والمهمة، هي مسؤولية استنهاض الشعب بكل قواه  ، تتحملها القوى السياسية الوطنية والقومية الديموقراطية ، سواء أكانت ممثلة في البرلمان أم لا ، وعلى الحزب الشيوعي ، وكل اليسار ، بمختلف أشكاله وتنوعاته ، تقع مهمة ومسؤولية  تتبع مسار هذه المحادثات ، ونشر كل خطواتها ، وبشافافية كاملة ، في كل أجهزة الإعلام المتوفرة لهذه القوى ، خصوصا وإن الحزب الشيوعي ممثل في البرلمان ، وله موقع وثقل بين القوى السياسية يفوق عدده ، مع التذكير بأن الشعب العراقي عندما قبر معاهدات النظام الملكي ، لم يكن للحزب الشيوعي ، أو اليسار ،  أي موقع في البرلمان والحكومة ، ومن هنا تتأتى ، مسؤولية الحزب الشيوعي ، وضرورة التعاون مع كل القوى الوطنية ، ومسؤولية هذه القوى كبيرة ومهمة ، في مجال المتابعة وتحشيد الجماهير ، وإطلاع الرأي العام العراقي والعربي والعالمي ،أولا بأول على مسار المفاوضات ، كما أن الظرف السياسي مهيأ لنقلة نوعية في مكانة القوى الديموقراطية بشكل عام واليسار بشكل خاص ، نتيجة لفشل الحكم في تنفيذ برنامجه الذي أعلن عنه ،ورِدَةُ فعل  المرجعيات الدينية / الطائفية ، وأثرها الفاعل على هذا الحكم ، التي بدأت تحذر من ارتهان المفاوضات بين أركان غرف المتفاوضين ، وهي ليست ( المرجعيات ) مع عقد اتفاقية دون تمحيص موادها وبنودها في كل مراحلها .. وهذا الظرف ما يجب أن تستغله القوى الوطنية و الديموقراطية ، للضغط على المفاوض العراقي بأن يعلن عن كل مرحلة من مراحل التفاوض ،  ونشر ما يتم التوصل إليه بهذا الصدد ،تقوية  لمركزه أثناء التفاوض ، خصوصا وأن وزير الخارجية وصف الاتفاقية بأنها " استراتيجية وطويلة الأمد للتعاون بين أمريكا والعراق .."

 كل الدلائل تشير أن الحكم غير قاد على إبرام هذه المعاهدة " الاتفاقية " ، طويلة الأمد والاستراتيجية ،لكونها تحتوي بنودا وأهدافا كبيرة ، تؤثر على حياة ومستقبل الشعب العراقي لأجيال متعددة  ولفترة طويلة ،وتحتاج لحكومة وحدة وطنية حقيقية ، تتمتع بثقة الشعب كله ، وليست حكومة محاصصة طائفية / عنصرية ، تساوم على حقوق الشعب والوطن، من أجل الطائفة أو العشيرة ،  فهذه الاتفاقية إن  أُبرمت ، في ظل الحكومة القائمة  ، فهي صفقة مدانة ومشبوهة .. !!
18 ‏شباط‏‏ ‏08‏

8
هل تُصْلِح المرجعيات الطائفية ..الحكمَ إن فسد ..؟!

هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد
 
عبود الكرخي ، الشاعر الشعبي الكبير ، شهد كل عصور الظلم والجور التي مرت ببغداد ، عاصر الحكم العثماني ، وجور ولاتهم  ومماليكهم ، كما كان شاهدا على جرائم الاحتلال البريطاني للعراق ، وما مارسه المحتلون ،  من فضائع بحق العراقيين ، هَدْرٌ لكرامتهم  ،واستباحةٌ لمدينتهم العريقة ، بغداد  ، كما شهد تنصيبهم لفيصل الأول ملكا على العراق ، مقرونا بزيف وعودهم تارة ، وبالخديعة والتضليل حينا" آخر ، كما واكب عسف وجور الحكومات التي كان يشكلها المندوب السامي وعملاء السفارة البريطانية  ، وتحسس ، الكرخي ، بكل جوارحه  ومشاعره ، وهو الناقد الساخر، ذو الحس المرهف ،  ظلم وفساد أجهزة الحكم الوطني ، وقسوتهم على المواطن المغلوب على أمره ، بتقنين لقمة عيشه ، وبالتضييق على حريته ، وهو الصحفي  الحر ، الذي لا يمكنه أن يعيش ويمارس مهنته دون حرية مطلقة في التعبير ، وإدانته لكل عمل  يراه مجاف لحرية وكرامة الإنسان ، فلم يكن قادرا على السكوت لضيم ، ألم بمواطن ،  محاباة لحاكم من أبناء جلدته ، فكيف إذا كان هذا الحاكم أجنبيا"، جلفا"،   مغتصبا"  لأرضه ، ناهبا" لخيرات بلده ، حارما الشعب حتى من لقمة عيشه ، المغمسة بالذل والهوان..؟
 الفساد قد استشرى على عهد شاعرنا الكرخي ، أيام الإحتلال البريطاني ، كما هو مستشرٍ اليوم ، فلا فرق ، فإن كان الاحتلال  بريطانيا" أيام الكرخي  ، فهو في أيامنا هذه مزدوج ،  أمريكي ـ بريطاني ، إلا أ ن ما يميز عصر الكرخي ، عن واقعنا الطائفي المعاش ، عصره كان عصر وحدة وطنية طاغية ، ولدت جرأة في النقد ، ليس فقط للاحتلال وإدارته، وإنما لأعلى سلطة في البلد ، فقصة الكرخي  وحواره مع بائع السمك ، خير دليل على تعرية الفساد ، والقائمين عليه ،  بلغ ذروته ، ابتداء من رأس الدولة ، ورأس السلطة الموالية للأجنبي  وكل من فيها حولهما ،في مفاصل مؤسسات الدولة ، ولسلطة الاحتلال الإنكليزي وإدارته السياسية ، فالكرخي  عندما بدأ بشم ذيل السمكة ، لمعرفة مقدار الجيفة وأين وصلت ، ومساحة حجم الفساد ، نَهَرَهُ البائع  قائلا : " عمي الناس تشم من الراس مو من الذيل..! " أجابه الكرخي بهدوء الواثق ، وثقة العارف : " آني أدري،  وأعرف الراس جايف ، بس دا  أريد أعرف وصلت الجيفة للذيل لو بعد ... ؟  " وهذا أقسى نقد يوجه لرأس الدولة ، الذي هو الملك آنذاك، ولكل السلطة التنفيذية .. والمجتمع البغدادي تداول هذا النقد ، شفاها وتحريرا ...واليوم هل يجرؤ أيٌ كان على مثل هذا ، دون أن يدفع حياته ثمنا لكلمة حق يؤمن بها، وما أكثر الصحفيين والكتاب الذين دفعوا الثمن غاليا ،تحت علم ومرأى وتدبير أيضا ، من سلطة المحاصصة الطائفية ومليشياتها ، لكلمة كتبوها أو قالوها ، عن العراق وعن الحكم الطائفي ـ العنصري   ..
كل مسؤولي الحكم عندنا ، من حكام المحاصصة ، بدء" من رئيس الوزراء ،ونوابه كافة، ووزرائه على اختلاف انتماءاتهم ، وبقية المسؤولين والمستشارين ، والناطقين باسمه ، في مكتبه  ، وليس انتهاء بمسؤول الأمن الوطني ، كل هؤلاء ، يقرون ويعترفون ، علنا ، أن أجهزتهم فاسدة ، ( إلا إنهم ، طبعا ، غير فاسدين بل معصومين ) وأن فساد الدولة وأجهزة الحكم بلغ مبلغا ، فاق كل ما كان حاصلا ،  من عند  الأولين والآخرين ، من خرق للدستور، وانتهاك مواده  ، وتجاوز على حرية وحقوق المواطنين ، وقتل المئات بل آلاف الأبرياء، من النساء والرجال ،  ..إلا إنهم   جميعا ، يهرولون نحو المرجعية ، طلبا للمغفرة وحسن الثواب ..
   
 رئيس الجمهورية ، الذي كفل له الدستور مقاما ساميا"  في مادته 56 :  " رئيس  الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن ، ويمثل سيادة البلاد ، يسهر على ضمان الالتزام بالدستور والمحافظة  على استقلال العراق ، وسيادة وحدته وسلامة أراضيه ، وفقا لأحكام الدستور ." ليس هناك أكبر منه مقاما ، ومنزلة ورتبة ، والسؤال هو : هل هناك من رئيس للدولة عندنا ، غير رئيس الجمهورية . ؟  يمثل سيادة البلاد ويسهر على ضمان الالتزام  بالدستور..؟  فإذا كانت المرجعية الطائفية هي من يلوذ بها كافة المسؤولين ، في الدولة ، للأخذ بالحلول والمقترحات التي ترتئيها المرجعية ، ألا يعني هذا أن دولتنا هي دولة الإمام الفقيه ، غير المعلنة رسميا ، والمتفق عليها بين قوى الائتلاف الطائفي ، والتي تمثل الأكثرية في مجلس النواب ،  بدليل أن رئيس الجمهورية الطلباني ، ساكت عن هذا الواقع ، بالرغم من المسؤولية التي يتحملها ، باعتبار ما أقلره الدستور ، من أنه يحتل أعلى وأهم منصب قيادي فيالدولة و المجتمع ، إلا أنه  هرع إليها ـ إلى المرجعية ـ كغيره ، متوسلا بها لحل ما يعترض سبيل دولته ، وحكومة الإقليم ،  من مشاكل ، مع حلفائه ، وإلا كيف سيوفق بين موقفه هذا ، وما ينص عليه الدستور بحقه ، وفق المادة الآنفة الذكر.
 
 كيف يسهر الرئيس على ضمان الالتزام بالدستور،و الدستور يخرق في كل ساعة ويوم ،  من قبل كافة هيئات وأعضاء سلطات الدولة، التشريعية والتنفيذية والقضائية ،  وهو غير قادر ليس على مصارحة الشعب بما يحدث ، وإنما غير قادر أيضا ،  على الطلب من الجهات المسؤولة ، لمحاسبة المقصرين ومساءلتهم ، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بردعهم ..! كيف يمكن أن يعالج الالتزام بالدستور ، وهو يرى ويسمع  شكاوى هيئة، وهي ممنوعة من مزاولة عملها ، وغير مسموح لها من متابعة فضائح أزكمت رائحتها أنوف الشعب العراقي ، وليس ، فقط ساكني المنطقة الخضراء بل وحتى ساكني القصور الرئاسية من الأمريكان والإنكليز ..!هذه الهيئة التي أقرها الدستور لمعالجة الفساد ،  غير مسموح لها من متابعة عملها ، للتحقيق في أبسط قضايا الفساد ، في دوائر الدولة الطائفية ، فرئيس الوزراء ، خرق ،ويخرق الدستور ، عندما منعها ، ولا زال يمنعها ،    من ولوج أية وزارة من وزاراته ، للتحقق مما يرد إليها من شكاوى فساد موثقة ، بالصوت والصورة ..! وكيف يمكن معالجة الفساد والنهب لثروات البلاد وخزينتها ، ووزير المالية ، المهندس بيان جبر ، باقر صولاغ الزبيدي ، يضع يده على المليارات من الدولارات ، دون أن يدخلها خزينة الدولة ، ودون أن يضمنها بنود الميزانية ، كما لم يفصح عن الجهة التي ستؤول إليها هذه المبالغ لاحقا ، ولم يكتف بعدم موافقته على دخول هيئة النزاهة  لوزارته ، للتحقيق فيما ورد إليها من  قضايا فساد ، الذمة والضمير، والاختلاسات الحاصلة  في وزارته ، إنما طالب بحلها ، لأن أجور ومخصصات العاملين فيها ، كما يقول ، ترهق ميزانية الدولة ، (هكذا)  أما السرقات بالمليارات ، ( فهي حق جدهم )  ،  يتصرفون بالدولة وبثرواتها على هواهم ، فليس هناك من مسؤول في الدولة ، أو مواطن عادي لم يعلم بما يحدث ويدور ، فمن يعالج الفساد وكيف ..؟    إن لم تكن هناك  مرجعية للحساب والمساءلة ...ألم يعتبروا بما جرى لصدام ونظامه ..
كيف يمكن للرئيس التحقق من عدم خرق القوانين ، ووزراء كتل الائتلاف، وغيرهم من كتل   محاصصة الأحزاب الدينية  ـ الطائفية والقومية ـ العنصرية  ، تعرقل إقرار ميزانية الدولة ، التي تتوقف عليها حياة الشعب المعاشية ،وكل المشاريع الخدمية والصحية والاقتصادية ، التي تضمنها برنامج الحكومة لهذا العام ، دون أن يكون هناك تشخيص للمتسبب في هذا التخريب ..؟
 
سئل يوما ونستون تشرشل، رئيس الوزراء البريطاني إبان الحرب العالمية الثانية ،  عن الفساد في حكومته ، فقال الفساد موجود في ظروف الحرب ، ويمكن معالجته لاحقا ، ولا خوف على الدولة  طالما الفساد لم يصل لمؤسساتنا التعليمية والقانونية ، فإن لحق بهاتين المؤسستين ، حل الخراب ، وسقطت الدولة ...وعندنا هل أفسدت سلطة المحاصصة الطائفية ـ العنصرية هاتين المؤسستين ؟ وهل وصل   لسمع السيد الرئيس ما يجري في المدارس والمعاهد والجامعات ، من فساد قيم وأخلاق ، وبيع وشراء شهادات عليا ، ولكل الاختصاصات ..؟ فمن يحمي الشعب والوطن وثرواته ، إن لم نكن قادرين على حماية الدستور، وخاتمة القول : حكام فاسدون ، ونظام حكم فاسد ، ومرجعياته الطائفية غير قادرة على إصلاحه ..!!
14‏شباط‏‏ ‏08‏20 

9
البعث وشباط الأسود ... والقطار الأمريكي  ..!

هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد

على الرغم من قصر ساعات أيام  شباط ، وقلة  أيامه عمرًا ، مقارنة بأشهر السنة المختلفة ، إلا إنه من أثقل الأيام واشدها حزنًا وبؤسَا ،على الشعب العراقي ، ففي14 شباط من العام 1949، أقدم النظام الملكي العميل ، بتحريض من الدوائر الاستعمارية البريطانية ، على إعدام ثلاثة ، من أصلب رموز قادة الحركة الوطنية العراقية ، المتمثلة بقيادة الحزب الشيوعي العراقي ، فهد وصارم وحازم ، للبدء بتصفية مكاسب وثبة كانون في العام 1948 ، التي ألغت معاهدة بورت سموث ، ولتمرير اتفاقيات لتصفية القضية الفلسطينية المبرمة ،  بين الملك عبدالله بن الحسين ، والحكومة الإسرائيلية ...

لن نـأتي بجديد إن قلنا ، كل المشانق والإعدامات ، التي نفذتها الحكومات العراقية، قبل و بعد ثورة  14 تموز الوطنية ،هي حكومات عميلة للأجنبي ، نُفذت بأمر ومشيئة الحكومة  البريطانية أو الأمريكية ، وهذا التشخيص دلل عليه واقع الحكم الملكي ، والمعاهدتان 1922و1930 التي أبرمتهما بريطانية مع الحكم الملكي،وبموجبهما تم استباحة الأراضي  العراقية ، وسُلبت حرية الشعب ، ونُهبت خيرات الوطن وثرواته  ، وكبلتا الشعب  بقيودهما الثقيلة والمجحفة ، فالمعاهدتان تنطقان  بتفاصيل عبودية وخنوع حكام النظام الملكي ، للمستعمرين الإنكليز ..( فليراجع بنودهما وملاحقهما ، كل من كان عنده شك بما نقول )..!

و8 شباط من العام 1963  يوم آخر من أيام الشهر الكريه " شباط الأسود " ، تحالفت فيه قوى غير متجانسة ، قوميون عرب ـ عنصريون، وبعثيون عفالقة ، وزمر من إسلام ـ سياسي طائفي ، بنوعيه ،آلفت المخابرات  ألـ CIA الأمريكية ، فيما بينهم ، ونسقت مع ، بعض من قوى، غير عربية ، مشكلة من الجميع ، جبهة رجعية واسعة ، لإسقاط حكومة ثورة 14 تموز ،  تحت شعار أمريكي المحتوى والدلالة " يا أعداء ثورة 14 تموز،  ويا أعداء الشيوعية ، اتحدوا"، هذا التحالف الرجعي صادف  نجاحا ، عندما تحقق للانقلابيين ، في 8 شباط ، اغتيال ثورة 14تموز الوطنية ،واستشهاد أغلب قادتها ، المتمثلة بعبد الكريم قاسم ووصفي طاهر وماجد محمد أمين  وفاضل عباس المهداوي وجلال الأوقاتي ، وغيرهم المئات من المقاومين لهذه المؤامرة ، من العسكريين والمدنيين ، وعند اشتداد المقاومة الوطنية والشعبية لهذا الإتقلاب الفاشي ، أصدر الحاكم العسكري العام رشيد مصلح التكريتي ( *الصباغ ) البيان رقم 13 ، سيئ السمعة والصيت ،  وبموجب هذا البيان  تم استباحة دماء كافة العراقيين ، تحت واجهة " إبادة الشيوعيين " حيث تم قتل واغتيال آلاف الوطنيين ، من النساء والرجال العراقيين ،  دون تمييز، كما تم اعتقال الآلاف من المواطنين والمواطنات، في معتقلات كثيرة ومتنوعة ، أشهرها معتقل رقم واحد ، في معسكر الرشيد ، ومعتقل قصر النهاية ، حيث كان مسلخا بشريا حقيقيا، لتعذيب وقتل المئات من قيادة وكوادر الحزب الشيوعي العراقي ، اُرتكبت فيه ، أفظع الجرائم وأقبحها ، تمثل فيها الحقد الشوفيني البغيض ، على الشيوعيين وعلى كل الوطنيين ، عندما أقدم الفاشست ،من القادة البعثيين ، على التمثيل بجسد الشهيد الوطني،  والبطل الخالد ، قائد الحزب الشيوعي ، سلام عادل( حسين أحمد ألرضي) وتقطيع أوصاله ،عضوا ، عضوا ، قبل أن يفارق الحياة ، وبمثل هذا الأسلوب البشع ، تم اغتيال الكثير من قادة الحزب الشيوعي وكوادره وأصدقائه ، تحت التعذيب ..

 ارتباط  قوى 8 شباط  "الأسود" بالمخابرات الأمريكية ، ليس إدعاءً ندعيه ، كما هو ليس من عندياتنا ، فأمين سر القيادة القطرية لحزب البعث العربي الإشتراكي في العراق ، على صالح السعدي ، أعلن عشية انقلاب تشرين في العام 1963 ، قائلاً :" جئنا إلى السلطة ( في 8شباط 1963)بقطار أمريكي " ومثل هذا ما اعترف به ،  طالب شبيب وزير خارجيتهم ، كما قاله  قادة آخرين في حزب البعث..ودليل مادي آخر ، ربما لا زالت تحتفظ به وزارة الدفاع في أرشيفها ، وأرشيف الضباط المحالين على التقاعد في 9 شباط 1963، ما يسمى بـ " قائمة السفير " وهي قائمة الضباط المحالين على التقاعد  ، التي حملها سفير الولايات المتحدة الأمريكية ، وقدمها لمجلس قيادة الثورة، والتي صدرت في 9 شباط  1963، وأُطلق عليها آنذاك " قائمة السفير"الأمريكي ، وهذا دليل على قدم وعمق علاقة حزب البعث بأمريكا  ، وأمريكا هي من جاءت بهذا الحزب مرة أخرى إلى السلطة في العام 1968 ، بعد أن جدد قيادته على الصورة والهيئة التي حكم بها البكر ومن بعده صدام ،وبما يتلائم وأهدافها في العراق والمنطقة ،  حيث نفذ لها الكثير من المهام نيابة عنها في المنطقة ، إلا أنها عملت على إضعاف وزوال حكم البعث ، لأسباب كثيرة ، بعد أن وجدت أنها قادرة على تغيير خريطة الشرق الأوسط ،وفق مخططاتها الهادفة للسيطرة على المنطقة ، سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا ، فاحتلالها العسكري للعراق ، لم يكن مؤقتاً ، وليس لمساعدة الشعب العراقي على قيام حكم ديموقراطي ، وليس ، كما تدعي ، لإقامة أنظمة ديموقراطية في المنطقة ،بل لإقامة منظومة دول تابعة ،تحقق لها بقاءً دائما في المنطقة ، والعراق هو ما بدأت به ، ولن تسحب منه قواتها ، باي شكل من الأشكال ، حتى وإن تحسن الوضع الأمني ، رغم المعارضة المصطنعة التي تبديها قوى عراقية وأمريكية ، ضد سياسة الرئيس بوش ، ومطالبتهم إياه بسحب قواته من العراق ..

الزيارة الأخيرة التي قام بها بوش للمنطقة ، ألهبت وأججت الصراع بين القوى اللبنانية المتنازعة ، كما أفسحت في المجال لإسرائيل بفرض الحصار على قطاع غزة ، وتكثيف غاراتها على قوات حماس ، وإسرائيل ، زادت من تعنتها في مواقفها التفاوضية مع الرئيس الفلسطيني ، عباس ، وبعد إقامة بوش بعض أيام في ضيافة الملك عبدالله ، في الرياض ، " خطفت رجلها " كونداليزارايس إلى العراق ، واجتمعت بساسة سياسيين من عرب وكرد وتركمان ، ورجال صحوة ، في بغداد وكركوك ، إلا انه بعد عودتها ، إزدادت تفجيرات الإرهابيين ،في  كربلاء وفي بغداد وديالى وكركوك والموصل ، إلا أن أشدها وأعنفها كان في  بغداد ، سوق الغزل ، وأحد أسوا ق بغداد الجديدة ، وحتى في الجوامع ، ذهب ضحيتها المئات من القتلى والجرحى ، بعد الإنفجار مباشرة ، كثرت التصريحات عن القائمين بالعملميات ،وتشخيص هوياتهم ، فوزيرة الخارجية ، كونداليزارايس أ، علنت ، وفي وقت واحد تساوقت معها  تصريحات ،لعسكريين ومدنيين  أمريكان ، وأيدها  في الحال ، مسؤولون عراقيون ، بأن منفذي العمليتين كانتا من النساء المعاقتان عقليا ، كما أن التفجير قد تم عن بعد ، وقد عُثر في مكان الانفجار على جهازي الهاتف النقال اللذين استخدما  لتفجير المرأتين  ...!!الإعلام الأمريكي ، والعراقي الرسمي ، لا ينطقان إلا عن الهوى ،خصوصا إذا كان ، هذا ، الهوى أمريكي ، المصلحة والهدف ،  فإذا كانت مخلفات الانفجارين جثث مشوهة واختلطتا لأشلاء مع عشرات أخرى مع بعضها من جثث القتلى ، والحريق أتلف العديد من السيارات التي تبعد عن الحادث عشرات الأمتار ، كيف تم التعرف على أن المرأتين بأنهما معاقتين عقليا ؟ وكيف تم جمع حطام جهازي الهاتف ، النقال ، بحجميهما الصغيرين ، ودقائق محتوياتهما ..؟ الرئيس بوش صرح خلال جولاته الشرق أوسطية والخليجية، " أن أي قرار حول سحب المزيد من القوات ، الأمريكية ،  مرتبط  بالوضع على الأرض ، وبقرار الجنرال ديفيد بترويس ، قائد القوات في العراق .." هذا التصريح يكشف عما تريده الإدارة الأمريكية ، وما تقوم به المخابرات الأمريكية، والمنظمات التي تجندها ، لأن تعمل المستحيل من أجل أن تبقى القوات الأمريكية في العراق ، فالتفجيرات التي ُشخص القائمون بها ، تشخيصا دقيقا ، والواسطة التي تم بهما التفجيران، على صغر حجمهما ،تثيران الشكوك ،وما يؤيد هذه الشكوك ،تطابق تصريحات المسؤولين السياسيين والعسكريين ، الأمريكان والعراقيين ،وفي وقت واحد ، حول الحادثتين ، وهذا دليل لا يقبل الشك ، من أن التفجيرات لم تكن بعيدة عن إعدادات مطبخ المخابرات الأمريكية ، من أجل دعم الحزب الجمهوري في الانتخابات المقبلة ، ولبقاء القوات الأمريكية ،في العراق ،  حتى وإن  تم  إبرام المعاهدات والاتفاقيات التي تريد فرضها  على العراق ، والتي يهيأ لها مكتب الرئاسة العراقي ، ورئيس الوزراء المالكي ، الظروف  الملائمة  لتمريرها ...

أمريكا كان حلمها أن تكون في العراق ، منذ خمسينات القرن الماضي ، فصدام ونظام حكمه ، كانت له علاقات وثيقة مع الإدارة الأمريكية ، وكان رامسفيلد ، وزير الدفاع الأمريكي السابق ، أحد مستشاريه ، إلا أنه لم يكن جريئا ، أو شجاعا ، لأن يعلن عن مثل هذه العلاقة معها ، كما لم يكن قادرا على عقد أية اتفاقية ، أو الإعلان عنها ، إن حصلت ، فتجربته مع شاه إيران ،وموقف الشعب العراقي منها معلوم ، إلا أن حكام المحاصصة ، الطائفيون والعنصريون ، أكثر جرأة وشجاعة من صدام ونظامه ، بإعلانهم الموافقة على عقد معاهدات طويلة الأمد ،وتقديم كل ما يحقق لأمريكا حلمها في العراق والبقاء ، طالما تُحقق أمريكا لهذه التشكيلة من الحكام ، دعما عسكريا وسياسيا ، يضمن لهم ديمومة البقاء  ... حكومة المحاصصة الطائفية ،تلعب بمصير الشعب العراقي على المكشوف ، وستكون هي أول من  حققت لأمريكا ،  المعنى الرائع ،  للمثل الشعبي العراقي القائل " جيرة بكصيرة "** ..
7 ‏شباط‏‏ ‏08
____________________________________________________________-----
*(   مصلح الصباغ "التكريتي "  ربيب خيانة وعمالة للإنكليز، عندما  دخل الجيش البريطاني العراق في العام 1914 كان دليله على بيوت المقاومين لهذا الاحتلال ) والحاكم العسكري " رشيد مصلح التكريتي "  ابنه ، أخذ مهنة الخيانة ، عن أبيه ، البعثيون ، حكموا بالإعدام على رشيد ، بتهمة الخيانة والعمالة ،  بعد مجيئهم للسلطة ثانية في العام 1968 . )
**( الجيرة ، معناها قطعة من القير ، والكصيرة ، تعني القميص أو الثوب الناصع البياض .)

10
هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد

 
لقد هال إحدى زميلاتنا في اتحاد الكتاب العراقيين في السويد ، ما تداولته وسائل الإعلام السويدية عن واقع الطفولة في العراق ، فكتبت رسالة إلى الهيئة الإدارية ، بهذا العنوان " هل نصمت ..إذن نستحق "...؟ مستغيثة ومستحثة زملاء الاتحاد للقيام بما يمليه عليهم الضمير والواجب ،لمعالجة هذا الواقع الخطير ،  والحد من تدهور الأوضاع المعاشية والصحية لحياة للعائلة العراقية  ، والوقوف موقفا جادا من المأساة التي تعاني منها الطفولة ،من  سوء رعاية ، وعدم اهتمام من نظام الحكم ، وهي تباع بالمزاد العلني ،  من أجل لقمة عيش أو حبة دواء  ، وما قالته في بعض فقرات الرسالة " هل نستحق أن نأكل من ثمن بيع بناتنا لأجسادهن على الأرصفة... ؟ " الحقيقة أن هذا الواقع المزري الذي استفز الزميلة  ، وما اشتكت منه ، هو تدهور أخلاقي  وأمني وصحي ومعاشي ، لمئات ، بل لآلاف العائلات العراقية ، منذ قيام سلطة  البعث ، وحتى من بعد سقوطه ،  وكأنه أصبح قدرا نتعايش معه..
 
من المعلوم إن  هذا الواقع لم يكن وليد اليوم ، كما  لم يكن أمرا غير مألوف أو غير معروف ،  في عراق الأمس واليوم ، وليس مجهولا عن أنظار العالم ووسائل إعلامه ، فالنظام البعثي الساقط ، قد أسس وأرسى قواعد التدهور لقيم الشعب العراقي  ،منذ تسلمه السلطة في العام 1968،  وعمق المأساة وزاد عليها ، الاحتلال بما يملك من خبرة ونفوذ في التعامل مع شعوب الأرض ، ومع شعبنا يخوض التجربة  ، من خلال حكام طائفيين وعنصريين ، خلقهم وهيأهم ، لتنفيذ ما جاء بهم من أجله إلى السلطة ، فهم ، أي حكامنا ، باسم الطائفية  والعنصرية، أكلوا منذ احتلال العراق وسقوط البعث في العام 2003،  ولازالوا يأكلون ليس  " من ثمن بيع بناتنا لأجسادهن على الأرصفة " ،  بل من إباحة حرية وكرامة الشعب العراقي بأجمعه ، إلا أن هذا الواقع وحتى اللحظة ، لم يتح  للحكام فرصة تحقيق كامل أهداف الاحتلال الأمريكي بعد ، فالمعركة بكامل أسلحتها لا زالت قائمة ، والشعب لم يستسلم بعد ، لا للاحتلال ولا لحكم المحاصصة ، الغير وطني ، رغم كل خسائر ، وفشل القوى الوطنية والديموقراطية ، التي منيت بها قبل الاحتلال وبعده ..
 
الكثير من الكتاب العراقيين ، من داخل وخارج العراق ، أسهموا بمعالجة هذا الواقع المأساوي ، كما عالجه كثرة كاثرة من كتاب عرب آخرين ،  ومن غيرهم  ..والفضائيات المختلفة قد نقلت أفلاما مصورة عن فضائح وجرائم الأمريكان والحكم ،في العراق ،  فالكل يتذكر فضائح جيش الاحتلال في " سجن أبو غريب " وغيره ، كما فضيحة " دار الأيتام " ببغداد ، عندما سرق ممثلو الحكم الطائفي ، أرزاق وتخصيصات،  اليتامى والمشردين ، رغم  قلتها ، ورداءة نوعيتها ، ولم يتركوهم جياعا فقط ، بل وعرايا ،  مقيدين بسلاسل وحبال ،تعيقهم حتى عن استخدام دورات المياه ،  ناهيك عن المعاملة السيئة والمفرطة في اللا إنسانيتها ، أرتنا إياها عدسات الإعلام المختلفة ، ولم نجد من " نوابنا " الصناديد  و"الغيارى" على الشعب وحقوقه ، في مجلس النواب ،غير السكوت المطبق عن هذه الجرائم  ، كما لم تتحرك " شَعْيرَة " واحدة من شعائر الإيمان ـ الطائفي ، التي يتمشدق بها حكامنا المؤمنون ، أزاء " أحباء الله " الأطفال ، ولم تهز الجريمة المرتكبة  " شَعْرَة " من شوارب أهل النخوة ، عربا كانوا أم غيرهم ، من رجال الحكم  القابضين على مصيرنا ، والمتحكين برقابنا ، والسارقين لثرواتنا.. وهناك جرائم أخرى ،  وغيرها الكثير، أُسدل الستار عليها وعلى مرتكبيها ، كالتي ارتكبت في أقبية جيوش ومليشيات الحكم ،  ولم يجد الحكام  والناطقون باسمهم ، على كافة درجاتهم ،ومستوياتهم ، ما يستوجب التحقيق والإدانة ، رغم وعودهم التي بذلوها ، وتهديد بعض الساسة بالكشف عنها ، دون مصداقية لتهدياتهم ، بالكشف والمصراحة ، لأنهم جميعا في حالة اللاوعي ،" صم بكم عمي " فهم لا يبصرون ،  مبهورين وغير مصدقين بما أغدقه عليهم الاحتلال  ، من جاه زائف ،  ومناصب تافهة ، وثروات مسروقة ، فالشعب ومصير الوطن لا يساوي عندهم ، أكثر مما نثره عليهم الاحتلال من رشاوى ، للتستر على  كل الجرائم التي حدثت ، وتحدث اليوم ، حتى وإن كانت في محيط منطقتهم " الخضراء " التي يتحصنون بها ...!!
 
ما يجب أن نفعله تضامنا مع شعبنا وأطفالنا في العراق ، ليس الإعتصام فقط ، وليس التنديد بالأمم المتحدة المساهمة في جريمة الحصار ، كما ليس مطالبة منظمات حقوق الإنسان ، بالكشف عن كل الجرائم والفضائح المرتكبة والتي تُعرف تفاصيلها من قبل هذه المنظمات  ، وعلينا أيضا وهو الأهم ، أن نعلن براءتنا  علنا  ، من ممثلينا في البرلمان ، ومن كل الحكام ، في مؤسسات الحكم ،  بسلطتيه القضائية والتنفيذية ، ونعلن أيضا أنهم ، غير عراقيين وغير مسلمين ، كما يدعون ، سواء كانوا عربا أم كردا أو تركمانا ...وغير جديرين بأن يمثلونا ، في أي محفل دولي أو إقليمي ،  جراء نهجهم اللاوطني واللاأخلاقي من قضايانا العراقية ، والمغاير لكل مواقفنا وتقاليدنا  الوطنية والقومية ، المعلنة بعض منها في الدستور ، ولسكوتهم عن جرائم مليشياتهم ،عن طريق العنف والقتل وهتك الأعراض ، التي  طالت مختلف النساء والرجال ، من كل  الأديان والقوميات والطوائف، هذه الجرائم تسببت  في تهجير العشرات بل المئات من  العوائل العراقية ، في داخل العراق وخارجه ، وأدت إلى تمزيق وحدة العائلة ، وتفريق شملها ، انعكست آثارها سلبا ، على الطفولة ورعاية الأم والعائلة لها ، فاليتم والتشرد والجوع والحاجة والمرض ، كلها نتائج موضوعية وقاهرة ، لسياسة الحكم ، وللواقع الاقتصادي المزري ، الذي يعاني منه عموم العراقيين ، حصيلته  مآسِ اجتماعية وخلقية لحقت بالأطفال ،  تخلي البعض من الأهل عنهم ، خوفا أو كرها ،  لبيعهم ، وفي الحالتين ، نتيجة إملاق وقهر ومرض ،وكلها  من مسؤولية الدولة و حماية الحكم ، هذا الواقع استثمرته قوى ومنظمات ، في الحكم وخارجه ، تملك المال للمتاجرة بكل شيء ، لتكديس الملايين بل المليارات من الدولارات ، عن طريق شراء وتهريب  هؤلاء الأطفال، ذكورا وإناثا ، واستثمارهم كسلعة ، لمختلف الأغراض والأهداف ، والجنس بالدرجة الأولى ، سوق رائجة لمثل هؤلاء المستثمرين  ، داخل العراق وخارجه ، ينهض به المتاجرون بالرقيق الأبيض ،  في عراق  تحكمه محاصصة دينية ـ قومية ..ولكن السؤال ، هل السلطة قادرة على وضع حد لمثل هذا الواقع البائس لحياة  المواطن العراقي ؟  وهل تتوفر لها  الإمكانية المادية ، لمعالجة النتائج المتدهورة والخطيرة ، لشريحة اجتماعية هي أمل العراق المستقبلي ..؟ وسلطة المحاصصة الطائفية ـ العنصرية ، وهي تسيطر على مداخيل كل الثروات العراقية ، البالغة مئات المليارات من الدولارات ، هل هي  قادرة على معالجة أمر الطفولة ، والحد من الجرائم المرتكبة بحقها وحق العائلة ككل ..؟ نعم هي قادرة ، ليست لمعالجة أمر الطفولة وانتشالها من هذا الواقع المؤسف ، فقط ، وإنما هي قادرة على معالجة كل ما يعاني منه الشعب العراقي من مشاكل ، عن طريق إشاعة الديموقراطية الحقيقة في الحكم ، وإطلاق الحريات العامة ، وعدم الخلط بين السياسة والدين ، وتسليم مقدرات البلد للأكثرية الفائزة ، عن طريق انتخابات حرة ونزيهة فعلا ، تحكم وفق برنامجها ، من خلال ممثلين جديرين بتحمل مسؤولياتهم ،  وترك المجال الحقيقي للمعارضة لآن تقوم بدورها ، في مراقبة السلطة ونهجها ، وإشراك الشعب في مراقبة سلوك وأداء ممثليه في البرلمان والسلطة ،  لمتابعة تطبيق السلطة لبرنامجها الذي تقدمت به للحكم ، دون خلط أوراق  لتقاسم السلطة مع قوى أخرى،  لا تشاطرها المنهج ولا الأسلوب ، تحت أسماء مزيفة بعنوان " حكومة وحدة وطنية " لخداع الشعب ، وليتم التستر على النهب ، وتقاسم السرقات ، على قاعدة"  شيلني واشيلك " التي نعيش نتائجها اليوم ، أوصلتنا لما نحن فيه ، حيث  نعاني من ضعف ونقص  في كفاءة وزراء ومسؤولين كبار ، لا مؤهل يؤهلهم ، لتقلد أدنى سلم وظيفي في الدولة ، ولا قدرة لرئيس الحكومة على استبدالهم أو إقالتهم من مواقعهم ، هذا الواقع هو لب الفساد ، وجوهر ضعف الحكم ، الحلفاء ـ الأعداء ، المتسم بفقدان الثقة فيما بينهم ، وعدم تعاونهم  في البحث عن  قواسم وطنية مشتركة  ، لحل ما استعصى عليهم من  مشاكل يعاني منها الشعب والوطن ..
 
 الشعب العراقي،  يبقى هو صاحب المصلحة الحقيقة لتغيير أوضاع شاذة سائدة ، التي أوجدها الاحتلال الأمريكي ، و قوى حكم متعاونة معه ، فشلت في تحقيق كل ما وعدت به الشعب العراقي ، فلا الاحتلال انتهى ، ولا الأمن استتب ، ولا وئام بين القوى حصل ،  ولا صيانة تحققت لوحدة شعب ووطن ،  وهذا ما يجب أن نجهر به بوجه حكومة المحاصصة ..!
4 ‏شباط‏‏ ‏08‏

11
شهادة الفقر ..والبطاقة التموينية ..!!
 
الدول الاستعمارية الكبرى ، " صنعت " الحرب العالمية الثانية ، وجيوش هذه الدول احتلت أوطاننا ، وحولت ما عندنا من ثروات ، بشرية ومادية ، إلى وقود لحرب ،لا شأن لنا بها ، دامت أكثر من خمسة أعوام ، وحكوماتنا الضالعة في خدمة الأجنبي ، شرعت معاهدات واتفاقيات عسكرية واقتصادية ، أفقرت الشعب ورهنت كل اقتصاده لصالح لشركات أجنبية ، عمقت من نهبها لثروات الوطن ، وجعلت من الشعب فقيرا يلتمس العون والمساعدة من الدول التي نهبته ...ا

لشعب العراقي ، كغيره من الشعوب المستعمَرة ، غني بثرواته ، وُضعت بالكامل تحت تصرف مشيئة إدارة الاحتلال وقواته ، لذا عانى الشعب من شحة في السلع الضرورية المعروضة في السوق ، وساد نظام التقنين الحكومي ، كل مجالات الحياة ، لسد مختلف احتياجاته الأساسية، وقطاع التعليم بمختلف مراحله ، كان يفتقر لكل المتطلبات الضرورية للعملية التعليمية ، من دفتر وقلم وكتاب ، وكل ما له علاقة بهذا القطاع المهم ، لذا كفلت أنظمة وقوانين العهد الملكي ، مجانية التعليم في العراق ، في كل مراحله ، إلا أن الحكام ، ومن ورائهم مستشارو الوزارات البريطانيون ، ابتدعوا أساليب وأوصافا لتحقير وإهانة الشعب ، إمعانا منهم في إذلاله ، وتحقير وطنيته ، عندما كانوا يطالبون الإدارات التعليمية، على مختلف مراحلها ، بعدم تزويد الطلبة بما يحتاجونه من وسائل واحتياجات مدرسية ، دون أن يقدموا وثيقة " شهادة فقر " يتقدم بها كل طالب لإدارة المدرسة ، مختومة بختم وبصمة مختار المحلة ، ومؤيدة بشهادة اثنين من شهود ، مشهود لهم بالغنى ، ومثل هذا ما كان يطالب به المواطن العادي ، أيضا ، لإعفائه من رسوم وضرائب باهظة ، أثقلت ظهر المعدم والفقير ، إضافة لما كان يَنهبه الاحتلال ورجال الحكم من ثروات البلد . كانت هذه " الشهادة " شهادة تحقير للمواطنين كافة ، حيث كان أكثر من 90% من الشعب العراقي ، ملزمين بتقديمها ، ليس لأن البلد فقيرا ولا ثروات فيه ، إنما إمعانا في إذلال وإدامة شعور المواطن بالدونية والمهانة ، تجاه النخب السياسية الحاكمة المتواطئة مع المحتل ، فالمواطن ،بغض النظر عن كل ظروف الاحتلال ، دائما وفي كل عصر ، مستباح وطنه ،ومهدورة كرامتة ...كان هذا أيام زمان ، أما اليوم فعود على بدء..

العراق ، إبان حكم النظام البعثي الساقط ، وبعد احتلاله للكويت ، وخروجه منه مهزوما ، صُودرت ثرواته النفطية ، وتولى إدارتها ، بل نهبها ، مجلس الأمن ، تسديدا للديون المترتبة على حروب صدام وهزائمه ، ونتيجة للحصار الدولي ، المفروض على الشعب العراقي ، تم " اختراع " البطاقة التموينية ، المتضمنة لمواد غذائية أساسية وضرورية لحياة المواطن ، مفردات هذه البطاقة ، يجهزها متعهدو مجلس الأمن ، ويشرف على توزيعها ، نظام حكم صدام وزبانيته ، الذين أوصلوا الشعب العراقي لحالة مزرية وبائسة ، لا زال يعاني منها ، منذ احتلاله في العام 2003 من قبل القوات الأمريكية ، وحتى اللحظة التي تحكم ، وتتحكم بالعراق وشعبه ، قوى المحاصصة الطائفية والعنصرية ، التي أباحت النهب ، ومن جديد رسخت إفقار الشعب العراقي ، ورهنته لمشيئتها ،وخاضعا لقراراتها المجافية للحياة الإنسانية ، وفق مواصفاتها المتخلفة ...

البطاقة التموينية ، بحد ذاتها ، مذلة لكرامة الإنسان ، إلا إنه بحاجة لها ، والحكم يتحايل عليها، للتخلص منها والغائها ، بطرق شتى ، كونها مرهقة لخزينة دولة المحاصصة الطائفية ، المتوجهة نحو العولمة ، بأمر من صندوق النقد الدولي .. فتارة تقلص محتوياتها الأساسية ، رغم رداءة نوعية مفردات موادها المجهزة ، وتارة أخرى يتم تأخير صرف محتوياتها شهورا ، دون حصول المواطن على حصته من تلك المواد ، وللوصول إلى إلغاء أكبر قدر ممكن من المستفيدين من هذه "البطاقة" ، تفتق ذهن وزير المالية ، باقر صولاغ ، عن إذلال آخر ، مستمد من تراث النظام الملكي ، فترة الحرب العالمية الثانية ، حيث اقترح ربط الحصول على البطاقة التموينية ، بضرورة تقديم " شهادة الفقر " السيئة الصيت ، وبدلا من ختمها بختم " مختار واختيارية المحلة " ، كما كان آنذاك ، تختم بختم " مرجعية " الطائفة المعنية في الوقت الحاضر ، ،مع أخذ عهد موثق من رب الأسرة ، بالتصويت لاحقا على القائمة الطائفية ..لدوام الإذلال والخنوع ، والله أعلم ..!!

البطاقة التموينية وربطها بـ " شهادة الفقر" ، ليس الغرض منها إهانة وإذلال المواطن ، فقط ، بل ولتفعيل دور تجسسي يتماشى وحكم المحاصصة ، إلا إنه شكل متطور عن نظام "المختار والاختياريه "الذي كان يمارسه النظام الملكي ، ونظام صدام حسين ، من رقابة على المواطن ، من خلال أجهزة غير شرعية ، تمارس دور الرقيب على خصوصية المواطن وحريته ، حتى في بيته ..الخلاص من هذا الواقع المهين ، فك عرى المحاصصة الطائفية ، وفسخ عقد التحالف ما بين الدين والسياسة ومجيئ حكومة وطنية ـ علمانية ، تأخذ على عاتقها ، إقرار الأمن أولا ، ثم البدء ، ثانيا ، بتنمية مشاريع ، صناعية وزراعية وخدمية ، ترفع من مستوى حياة المواطن المعاشية ، وفق ظروف العصر، وحماية حقوق الأجيال اللاحقة بثروات العراق،ووضع الخطط الكفيلة بصيانة مجمل ثرواته ، وحمايتها أولا وأخيرا ، من نهب قادة ووزراء الحكم ، ورؤساء المؤسسات وزعماء ميليشيات الأحزاب الحاكمة ، وجعل الحساب والمكاشفة ، للجميع ، على الطاولة ، وليس من تحتها ،فوزير المالية ، السيد صولاغ ، بدلا من حماية مالية العراق وثرواته ، بتعزيز المراقبة والمحاسبة ، يرى حل مؤسسة النزاهة ،وكل مؤسسة رقابية ، بحجة التكاليف والمصاريف والرواتب ، ليطلق يد السراق والنهابين ، ممن هو منهم وهم منه ، دون حساب أو مساءلة ، كما يؤيد بالكامل إفقار العراق وشعبه ، عن طريق عولمة النهب ، وسيطرة نهج الشركات المتعددة الجنسية في العراق ، والخضوع لما يقرره صندوق النقد الدولي ، من سياسات مالية ومجالات تنمية اقتصادية تخدم احتكارات الدول الكبرى أساسا ، وهذا بعض أسباب تردي أوضاع العراق الاقتصادية ..فتبديد ثروة العراق سببه فساد من يتولى إدارة الملف المالي والإقتصادي ، كما هو النهب المستشري في أجهزة الدولة والحكم ، وليس في الدعم التافه ، الذي يحصل عليه المواطن ، من بطاقة تموينية ، يتصدق بها عليه "مليونيرية" الحكم حراميته ..!

30/1/2008

12
مجتمع ذكوري ..في دول ديموقراطية ..!

هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد

دأب العراقيون ، والكثير من الجاليات العربية والشرقية ، المقيمة في مختلف الدول الأوربية ، على تأسيس نوادي وجمعيات فكرية وثقافية وفنية ، تمثل توجهاتهم المختلفة ، لتلم شمل جالياتهم،  وتوثق أواصر العلاقة فيما بينهم ، وتمد جسورا للتواصل ،  مع شعوبهم وأوطانهم التي هجروها ، رهبة من  أمن مفقود ،  أو هربا  من حكم جائر  ، أو بحثا عن لقمة عيش أفضل ، وقد وجدوا عند دول اللجوء ، من  حكومات وأحزاب  وجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني ، الكثير من الخدمات والمساعدات المادية والفنية لمنتسبي هذه النوادي ، لتساعدهم على التعايش والاندماج في بيئة المجتمعات الجديدة  ، ذات النظم الاجتماعية ،  والقيم الإنسانية ، المختلفة كليا عن دولهم التي هجروها ،  فمفاهيم الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان ، بين هذه الجاليات ،    بشكل عام تكاد تكون غير واضحة المعالم ، إن لم تكن مفقودة ، فدولهم  تسودها أنظمة حكم شمولية ،متناقضة مع أبسط المفاهيم الديموقراطية ، وذات قيم اجتماعية بالية ، قومية ـ عنصرية ، ودينية ـ طائفية ، متخلفة جدا ،في كل مجالات الحياة ، و ما يخص المرأة في مجتمعاتنا العربية ، حريتها وحقوقها ، فالحديث يطول عن  قهرها  ومعاناتها  ، وغمط  لحقوقها ، وهدر لحريتها وكرامتها ،فالدين والعشيرة والطائفة ، كلهم يناصبونها العداء ، ويجردونها من إنسانيتها وآدميتها ، ويعتبرونها شيئا من أشياء البيت ، وجزء من ممتلكات ومتاع الرجل ، لتلبية حاجاته الجنسية ، تحافظ على نسبه ، وحاضنة لنسله  ،ومتى ما رأى فيها ما لا يسره ، ولم يجد عندها ما يحقق له رغبته ومبتغاه  ، نبذها دونما حق في تعويض ، أو حتى " مكافأة خدمة " ، لفترة عمل قضتها في خدمته ..!!

المرأة الشرقية ، والمسلمة خصوصا ، مسلوبة من كل حق لها ، يقيها شر العوز والفاقة ، على العكس مما هو عليه وضع المرأة في مجتمعات البلدان الأوربية ، التي  أولتها أنظمة الحكم الديموقراطية  ، كل اهتمام ورعاية ، تجسدت بمفاهيم ديموقراطية العلاقة ، في البيت والأسرة ، حمتها قوانين وأنظمة صارمة ، ونظًمتها علاقات اجتماعية متطورة ، وإنسانية متساوية ، ومتوازية مع ما للرجل ، من حقوق وواجبات ، اعترافا بدورها في الهام في  المجتمع ،  وفي تطوير أساليب حياة وتقدم المجتمع ،فقوانين وأنظمة هذه المجتمعات الديموقراطية  ، ألزمت جهات العمل ، مهما كانت  ، على احترام حقوق المواطن ، دون تفرقة في الجنس والدين والمذهب ، فليس هناك ما يحول من تمتعها بحقوقها الكاملة لتتسنم أعلى المناصب وأخطرها في الدولة ومؤسساتها ،إذا امتلكت ذات المؤهلات والشروط المطلوبة لهذا المنصب  ، وليس عضوية وإدارة الجمعيات المهنية والديموقراطية فقط ..
ما دعاني للوقوف على ما تمتلكه المرأة من حقوق في المجتمع ، المتساوية  مع الرجل ، في مجتمعات الدول الأوربية الديموقراطية ، هو ما عايشته يوم 26 ‏كانون الثاني‏‏ ‏08‏ 20 عندما حضرت  اجتماع الهيئة العامة لـ" البيت الثقافي العراقي " في مدينة يوتوبوري ، فبعد أن تمت مناقشة وإقرار مجمل الوثائق  التي  قدمتها الهيئة الإدارية السابقة ، لأعضاء المؤتمر ، أُعلن عن بدء الترشيح لانتخاب هيئة إدارية جديدة ، بدلا عن  هيئته الإدارية السابقة ، المطلوب وفق منطوق ما نص عليه النظام الداخلي  ، سبعة أعضاء ،  وكان المتقدمون للترشيح ثمانية ، سبعة منهم من الأعضاء الذكور ، ما عدا امرأة واحدة ، تم ترشيحها بضغط من النساء وبعض الأعضاء من الحضور الذكور ،و بعد التصويت فاز كل " الذكور " ما عدا المرأة الوحيدة ، فشلت لأنها لم تكن " ذكرا " ..وباعتقادي لو كان الخاسر " ذكرا " لاتُهمت الهيئة المشرفة على فرز الأصوات بالتزوير..فألف مبروك لعقلية الهيئة العامة التي ترسخت فيها مفاهيم الديموقراطية والتقدمية  " للكشر "...!
في هذا الموقف ظهر جليا ما هوعليه واقع المرأة العراقية في عقلية الرجال الذين يتصنعون مواقف التقدمية والديموقراطية ، والإيمان بها وبحريتها ودورها في مجتمع  ، كل ما فيه هو مسموح به له ، وضوء أخضر أمامه  ، و دونها خطوط حمر، وكل الدروب مقفلة  ...!

ديموقراطيونا وهم  يواكبون تطور المجتمع السويدي وموقفه من المرأة  ، غير قادرين على تغيير العقلية الرجولية التي شابوا عليها ، فتأثير الدين وتقاليد المجتمع المتخلف غلفت عقولهم ،  رغم كل ما قرأوه وتثقفوا به ، وتظاهروا به في حياتهم ، من أنهم أنصار للمرأة في إطلاق حريتها وحصولها على حقوقها الكاملة في المجتمع  ، وما يعلنون عنه  بأنهم تقدميون ، وديموقراطيون ، ما هو إلا نكتة يتندرون بها في مجالسهم الذكورية ، ويدارون بها نفاقهم  الزائف في مناصرتهم للمرأة ، و إطلاق حريتها ومساواتها بهم ، وفي قرارة أنفسهم يلعنون كل الظروف التي قذفت بهم وبنسائهم في مثل هذه المجتمعات التي أدخلت عاملا مهما في وعي المرأة ، وعرفتها كيف تعيش النساء في المجتمعات الديموقراطية .

رجالنا " الديموقراطيون " في مثل هذه الواقعة الإنتخابية ،  يدعون أنهم يبحثون عن "ديموقراطية "مفقودة في أوطانهم ، ويطالبون بها لنشاطاتهم ، الفكرية والتنظيمية والسياسية ، إلا أنهم في واقع الحال ( أفندية معكلًه ) ـ بقاف عراقي ـ تآمروا دون اتفاق ، باسم الديموقراطية ، على حجب فوز امرأة رُشحت مع سبعة  زملاء لها لإدارة نادي ثقافي واجتماعي ،  ساهمت فيه منذ تأسيسه وحتى اللحظة ، ولم يفسح لها ، هؤلاء الرجال الديموقراطيون ، في المجال لتبوء مركز خدمة تطوعي،  لمنتسبي النادي ، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بمركز ذي أهمية وعالي المستوى ....؟

 مسكينة هي المرأة العراقية ، إن كان هذا حالها مع الزوج والرفيق والصديق ، من الديموقراطيين والتقدميين ، في بلاد تعطي المرأة كل الحرية والحقوق ، فما حالها اليوم في عراق الطائفية وحكم المحاصصة ، هل هناك وضعها أرحم من وضع هذه  المرأة في بلد مثل السويد ؟ مع الفارق في المجتمع والقوانين والقوى التي تحكم وتقرر ..عليً  ، وعلى كل من يدعي الفهم للديموقراطية ويمارسها ، وعلى كل من يطالب نظريا  بمساواته  مع المرأة وإطلاق حريتها ، علينا جميعا  أن نراجع أنفسنا  ونختبرها هل فعلا نحن  معها ، أم أننا لا زلنا نعيش في مجتمعاتنا " الذكورية " التي انفصلنا عنها رغم  أنفونا ..!!

13
حراك سياسي ..أم صحوة سياسية ..!؟

                         
هادي فريد التكريتي 
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد

منذ أكثرمن أربعة أعوام والسلطة السياسية بيد أقوى تحالف ، ديني ـ طائفي وقومي ـ عنصري ، تحالفوا فيما بينهم ، دون أن يعلنوا عما اتفقوا عليه ، للشعب العراقي ، أو للقوى التي يمثلونها ، وظلت بنود اتفاقهم سر من الإسرار ، في وقت ساد فيه القتل والتفجير والاختطاف والترحيل والتهجير ، كل أبناء وشرائح المجتمع العراقي ، كما شاع النهب والفساد ، كل مرافق الدولة ومؤسساتها ، التي تقاسم سلطتها المتحالفون ، ورغم تعالي أصوات الوطنيين الأحرار والديموقراطيين ، من مفكرين وكتاب وسياسيين ، المطالبين بوضع حد لهذا التدهور، ومعالجة نتائجه ، إلا أن الحكم لم يبذل أي جهد لوقف ما يجري ، من نزف لدماء البشر ، في أغلب المحافظات ، أولمحاسبة المسؤولين عن نهب ثروات البلد ، و منذ ذلك الوقت ، بقي الوضع العراقي ينحدر من سيئ لأسوء ، في الوقت نفسه تحققت لأغلب قادة الحكم ورموزه ، سلطة عريضة وثراء فاحشا ، والشعب العراقي ،الذي كان ينتظر من وعودهم حلا لمأساته ، خرج بخفي حنين ، رغم انتخابه لهم لدورتين متتابعتين ...

بعد فشل هذا التحالف من تحقيق الأمن ولقمة العيش للمواطن ، وتحرر واستقرار الوطن، الذي أرهقه الاحتلال وتدخل دول الجوار، من العرب والعجم ، حاليا ، بدأت كل القوى على الساحة السياسية ،تفتش عن تحالفات جديدة ، لتغيير هذا الواقع ، فاختلطت الأوراق ، حابلها بنابلها ، وتغيرت المفاهيم والإصطفافات ، بين كثير من القوى السياسية ، وانتقلت كتل وقوى قومية وطائفية من مواقع " الفيدراليات " بالمفهوم التقسيمي ، لمواقع مغايرة ومعارضة لهذا المفهوم ، وبدأ حراك ليشمل كل القوى السياسية ، داخل مجلس النواب وخارجه ، من المساهمين في الحكم ومن المقاطعين له ، ودخلت هذا " الحراك " قوى أخرى كانت مهمشة ، أولم يكن لها تمثيل أصلا في كلا المؤسستين ، التشريعية والتنفيذية .

كل القوى السياسية ، بما فيها قوى الحكم ، وبضمنهم ، أولئك الذين انتفخت بطونهم من سرقة أموال الشعب ، اتفقت ، ولأول مرة في تاريخها بعد سقوط النظام ، على إدانة هذا الواقع الفاسد ، مطالبة بتغييره ، من وجهات نظر وزوايا مختلفة ، والكل يدعو إلى إعادة تشكيل الحكومة ، تحت واجهة " حكومة وحدة وطنية " ، وكأن حكومة "المحاصصة " القائمة لم تُطلق على نفسها ، هذه التسمية ، ولم تكن هي المتسببة بهذا الواقع القائم ..
فشل الحكومة في تنفيذ برنامجها ، الذي تقدمت به عند تشكيلها ، كان من الأسباب الجوهرية في نشاط القوى السياسية . فتغيير الواقع العراقي البائس ، وإعادة صياغة التحالفات بين القوى السياسية من جديد ، وعلى أسس وطنية ، داخل مجلس النواب وخارجه ، كان مثارجدل و حوارات بين نخب مثقفين لقوى وطنية وديموقراطية وقومية ،عطل تفعيل كل هذا ، عمل الحكومة المشلول، وتأثيره السلبي على الواقع السياسي ، ومجمل حياة المواطنين ، بسبب مقاطعة كتل " عربيةـ إسلامية ـ سنية وإسلامية ـ شيعية ، " لاجتماعات مجلسي الوزراء والنواب ، وخلافات القوى الكوردية ممثلة ، بالسيد مسعود البرزاني ، رئيس إقليم كردستان ، والسيد جلال الطلباني ، رئيس الجمهورية ، ووزراؤهم في الحكومة المركزية ، ونوابهم الكورد في المجلس النيابي ، مع حكومة المالكي ، وبعض الكتل التي يمثلها ، بخصوص أمور كثيرة ،منها ما يتعلق بتنفيذ المادة( 140 ) من الدستور العراقي ، حول محافطة كركوك ، كما يطالبون بحقهم في التصرف بثرواتهم النفطية ،وعدم عرقلة تنفيذ اتفاقياتهم النفطية التي أبرموها مع الشركات الأجنبية . الحكومة المركزية ، لا ترى حقا لإقليم كوردستان ، في إبرام مثل هذه الاتفاقيات، متذرعة بما ينص عليه الدستور العراقي ـ الذي شرعته حكومة " المحاصصة " وهم ، الكورد ، شريك لهذه الحكومة فيما شرعت ـ في مادته 108 ، التي تقول إن عائدية " النفط والغاز هو ملك الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات .." والمادة 109 نصت على : " تقوم الحكومة الاتحادية بادرة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافطات المنتجة ، على أن تُوزع وارداتها بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع أنحاء البلاد ..." ومن هذه النصوص، استنتجت الحكومة المركزية ، عدم أحقية حكومة كوردستان بالانفراد والإستئثار بالمنتوج النفطي في منطقتهم ، أو في المناطق المختلف عليها ، كما في كركوك ،ولحكومة الإقليم حق فيما ينتج من نفط في باقي مناطق العراق ، ولا يحق لها، لحكومة الإقليم ، إبرام اتفاقيات مع شركات أجنبية ، فعقد الاتفاقيالت مع دول أجنبية شأن من شؤون الحكومة الإتحادية ، وليس من حق الفدراليات ،كما هو منطوق المادة 107 ـ التي نصت " تختص السلطات الاتحادية بالاختصاصات الحصرية الآتية : أولا : رسم السياسية الخارجية والتمثيل الدبلوماسي والتفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية وسياسات الاقتراض والتوقيع عليها وإبرامها ، ورسم السياسة الاقتصادية والتجارية الخارجية السيادية ." كما لا يحق لإقليم كوردستان ( كما تقول الحكومة المركزية ، وميؤيدوها من التكتلات النيابية المختلفة ، قومية عنصرية ـ عربية ، وإسلامية ـ طائفية ) الإستئثار بثروات هي ملك لكل الشعب العراقي ، حتى وإن كانت في أرض الفيدراليات ...هذه الأمور، وأمور سرية ، وعلنية ، مختلف عليها ـ تتعلق باستحقاقات مالية لإقليم كوردستان ، لم يوافق على تنفيذها ، رئيس الوزراء ، وأخرى يؤخر صرفها ، باقر صولاغ ، وزير المالية ، ولدت مشاكل اقتصادية للإقليم ، و خلافات أخرى ، سياسية وحدودية جغرافية ، باعدت في الشقة بين الكتلتين الشريكتين في الحكم ، وبدلا من اللجوء إلى الدستور، الذي توافقت عليه الكتلتان عند تشريعه ، للاحتكام إلى المحكمة الاتحادية العليا ، في حل الخلافات ، بدأت ، هذه، الأطراف المتنازعة ، تُصًعد من لهجة حوارها المنفعل ، داخل الحكم وخارجه ، مما أضعف من تحالفاتهم وفاقم خلافاتهم ، ونزع مصداقية تعاونهم ، وراح كل منهم يبحث عن شركاء لدعم مواقفه ، على حساب وحدة الوطن وأمن وسلامة الشعب .
صراع " لي الأذرع " الدائر حاليا ، بين رئاستي الدولة والسلطة " الإتحادية "، ومن ورائهما القوى الداعمة لحراكهما ، من قوميين وطائفيين،غير مضمون النتائج والآفاق ، وإن اتسع وتجاوز ما رسمه الدستور ، والحوار الودي والديموقراطي ، فلن يحقق أمنا ولا استقرارا للعراق بكل مكوناته ، وتحسبا لما يفرزه هذا الواقع من تعقيد أكثر للوضع السياسي والاجتماعي ، تنادت قوى سياسية وطنية وديموقراطية ، في السلطة وخارجها ، ووجهت " نداء من أجل بناء دولة ديموقراطية مدنية في العراق" لكل قوى المجتمع ، هذا النداء ، يمثل محتواه " صحوة سياسية " ذات أهداف وطنية وسياسية ، تعزز من التوجه الوطني لبناء حياة ديموقراطية ، وتحقق خطوة جريئة لمصالحة وطنية ، يمكن تفعيلها وتطويرها ، لترسخ سلما أهليا ،افتقده المجتمع العراقي طويلا ، بكل طوائفه وقومياته .
العراقيون بكل قومياتهم ومللهم وطوائفهم ، مدعوون لممارسة ضغوطهم ، بكل شكل ووسيلة ، على الحكم وكل فصائله ومكوناته ، لأن يلتزموا تبني هذا النداء وتوجهاته ، لحل كل القضايا الخلافية العالقة بين القوى السياسية ، من ديموقراطية وقومية ودينية طائفية ، والتزام مصلحة الشعب العراقي ، في كل ما يهدفون ويرسمون له ، فإن حققت " صحوة العشائر" نجاحا في حماية أحياء سكنية ومدن معينة ، كما يقول الأمريكان وحلفاؤهم ، فهل سيحقق نداء الوطنيين والديموقراطيين " صحوة سياسية " لكل القوى السياسية ، وبقوى وطنية عريقة ، لتبني عراقنا على أسس عصرية ومدنية ، وتلجم صراعات قومية وطائفية ، سبق وأن اختبرها شعبنا ، ولم يجن منها سوى خرابا ودمارا ، واحتلالا عاث في العراق فسادا ...!!
________________________________________
       
   
http://www.ahewar.org/

14
كركوك والبصرة ...الأخطر في الصراع القومي والطائفي .. ..!        
                               
 
هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد
 
بعد هدوء نسبي شهدته العاصمة العراقية ، بغداد ، ومناطق عراقية أخرى في الوسط والجنوب ، تتوارد من جديد أخبار وتقارير عن تزايد حالات تفجير وقتل في مناطق متعددة من العراق، فكركوك والبصرة ، أصبحتا من أكثر المناطق العراقية توترا ، ومسرحا لممارسة العنف فيها ، نتيجة لانتقال حدة الصراع الذي تقوده " القاعدة " وحلفاء لها من قوى " المقاومة الشريفة " ، من  المنطقة الغربية ، إلى محافظة ديالى في الشرق ، حيث تتشارك هذه المحافظة مع إيران بمناطق حدودية واسعة وطويلة ، تشكل مواقع استراتيجية مهمة . وديالى،  تتمازج وتختلط فيها الانتماءات السكانية ، عرقية ودينية وطائفية مع بعضها ، وتعتبر قاسما مشتركا بين الشمال الجنوب ، حيث تقع  المدينتان العريقتان ، كركوك إلى الشمال ، والبصرة في الجنوب ، وهاتان المدينتان غنيتان ، بثروات نفطية،  وبشرية متعددة  الإنتماءات ، من كل ما في العراق من الوان ، عرقية ودينية ومذهبية وطائفية .
ديالى ، تعتبر منطقة جغرافية ستراتيجية للعراق كما هي  مهمة لإيران ، فحدودها تلاصق المنطقة الكوردية ، حيث كركوك ، بؤرة  النزاع القومي والأثني في العراق ، ولها ـ ديالى ـ  حدود إدارية متداخلة مع حدود الكثير من المحافظات الجنوبية المتصلة بمدينة البصرة ، موضع نزاع آخر، عراقي إيراني ، تدور فيها وحولها  نزاعات دينيةـ دينية وطائفية ـ طائفية، حيث يتشارك السكان مع بعضهم ، في تعدديات مختلفةـ دينية ، ومذهبيةـ طائفية ، وقوميةـ عنصرية ، ولإيران اليد الطولى في تأجيج حدة الصراع وإدارته ، لتدخلها المباشر في إدارة شؤون المدينة الأمنية والسياسية والدينية والمذهبية ، بعيدا عن حماية الدولة العراقية ومؤسساتها الأمنية ، فهذه المؤسسات خاضعة لأحزاب الحكم الطائفي ، الموالية طائفيا وسياسيا لإيران .
 
الحدود العراقيةـ الإيرانية ، تعتبر من أطول حدودها مع دول الجوار ، فهي تمتد من جهة الشرق ، من التقاء نقطة حدود المثلث العراقي ـ التركي ـ الإيراني ، في أقصى الشمال ، وحتى مصب شط العرب في الجنوب ، وبالقياس مع هذه الحدود ، تبدو الحدود  مع  تركية قصيرة في الشمال ، وكذا الحدود الغربية المشتركة مع دول عربية ، سوريا والأردن والسعودية والكويت ،صحراء وقصيرة  .
ما يميز الحدود الإيرانيةـ العراقية عن غيرها ، كثافة سكان مدنها ومناطقها المأهولة ، وتعدد قومياتها وأديانها ، وتنوع الطوائف والمذاهب فيها ، و جغرافية المنطقة ، متنوعة التضاريس ، كثيفة البساتين ، تساعد على الاختفاء وتصعب على المراقبة و الملاحقة العسكرية ، لذا يمكن الجزم بان  نقل الصراع ، الدائر بين " القاعدة " وحلفائها من القوى المناهضة لجيش الاحتلال وللحكومة العراقية ، من الغرب إلى الشرق ، جاء نتيجة اتفاق مسبق  وتعاون عسكري ، بين القاعدة وإيران ، و لم يكن هذا أمرا اعتباطيا ،  كما لم يكن مثلما أشاعته وسائل الأعلام العراقية والأمريكية ، من أن هروب القاعدة ومؤيديها ،من منطقة الأنبار، والخسائر التي لحقت بهم، كانت  نتيجة للضربات التي سددتها فصائل الـ " صحوة  " الأمريكية الصنع والهدف، فما هذا  إلا من قبيل الدعاية البائسة لهذه " الصحوة " التي شكلتها القوات الأمريكية ، من فصائل الجيش الصدامي ـ البعثي ، للوقوف بوجه الحكومة لاحقا ، وعرقلة أية حلول ، لم تمتثل لها  حكومة المالكي ، وفقا للأوامر الأمريكية الواجب تنفيذها في العراق .
 
إيران لا يهمها من أمر "القاعدة" إن كانت سلفية ، سنية ، أو إرهابية تمارس إرهابها ضد الشعب العراقي بكل طوائفه ، وحتى لو كان كل ضحاياها من الشيعة ، أو من غير المتعاونين مع الحكومة أو قوات الإحتلال ، ما يهمها هو أن ما تسعى إليه " القاعدة " من أهداف في العراق ، ينسجم والمخطط الإيراني ، في إبقاء القوات الأمريكية رهينة مواقعها في الدفاع عن قواتها ، دون تحقيق أي نصر يعزز مواقفها أمام شعبها ، ولتحريض الرأي العام الأمريكي ضد حكومته ...فكلما كثرت جثث الجنود الأمريكان العائدة للوطن ، كلما زادت نقمة الشعب الأمريكي على حكومة بوش ، وبذا يخف الضغط والحصار الأمريكي المفروض عليها ، نتيجة تنفيذ مشاريعها النووية ، ويسمح لها بحرية التدخل في الشأن العراقي ، ومنطقة الخليج العربي .
تدخل إيران واضح المعالم في الصراع الدموي وتأجيجه في  كركوك ، حيث تتشارك ميليشيات جيش المهدي، الإيرانية الصنع والتمويل ،  مع عناصر القاعدة وفلول البعث هناك ، في التفجير والقتل، لإرهاب الناس هناك ولوضع صعوبات أمام تنفيذ الحلول الذي تبناها الدستور في مادته 140 ، مستغلة الخلاف بين مختلف القوى السياسية العراقية حول مصيروعائدية هذه المدينة  ، فهي لا تدعم نشاط "القاعدة " ضد الكورد  فقط ، وإنما  تحرض وتدعم كل القوى على الصراع فيما بينها  ، ليبقى العراق ضعيفا مسلوب الإرادة ، ُتحكم سيطرتها فيه ،  وتُملي  إرادتها عليه ، تنفيذا لمخططاتها السياسة والطائفية التي تخدم مصالحها في المنطقة .
 
مدينة البصرة وضعها ليس أفضل من مدينة كركوك ، أو أية مدينة عراقية أخرى تسيطر عليها قوى الإرهاب ، فالحكومة وأحزابها "الشيعية " وفق ما يقوله مسؤول أمريكي ، " فشلت في التصرف بمسؤولية لحفظ الأمن " فالمدينة تتقاسم حكمها قوى طائفية مرتبطة بإيران ، تنظم تصفيات عرقية ودينية وطائفية ، في وضح النهار ، لكل سكان المدينة المناهضين للتوجهات الطائفية ـ الإيرانية ، تمهيدا لفرض " فيدرالية الحكيم " وربطها مستقبلا بالمشيئة الإيرانية .
 
إيران لم تترك العراق يداوي جراحه ، للخروج من الوضع المأساوي والمتدهور الذي أوصلنا إليه الإحتلال أولا ، وحكومة المحاصصة ، القومية ـ الطائفية ، ثانيا ، التي تقود العراق وشعبه إلى المزيد من التدهور ، فكل شريك في حكم المحاصصة الطائفي ـ العنصري  ، يهدف لآن يجعل مؤسسات الحكم ضعيفة ، غير قادرة على حماية العراق وشعبه من التقسيم ونهب خيراته ، ليعطي دليلا زائفا من أن " فيدراليات " ضعيفة وبائسة ، غير قادرة على حماية نفسها ، أفضل من عراق  موحد وقوي  .
 
 في مثل هكذا وضع  قائم في العراق ، ترى إيران في نفسها القدرة على اختراق كل أجهزة الحكم ، في المنطقة الخضراء وبقية المحافظات ، والتأثير فيها وعليها ، لأن تجعل من العراق ، بقعة جغرافية خاضعة لها مع أهلها ، وتبقيه ضعيفا غير قادر على رد اعتداء ، أو استرداد حق له مُغتصب ومُنتزع منه بالقوة  . فإيران في ظل هذا الواقع تحصد النتائج لصالحها ، وتسعى  لتحقيق كل ما تطمع به في العراق ، بكل الوسائل ، فقبل أيام قليلة أعلن رئيس الجمهورية ، السيد جلال الطالباني ، ضرورة إلغاء اتفاقية الشاه ـ صدام ، المعقودة في الجزائر عام 1975 ، احتجت إيران على هذا التصريح ، واعتبرته معاديا لها ، مطالبة إياه  بالاعتذار والتراجع عن هذا التصريح ، ولضعف الحكم ، وتخاذل كل مؤسساته ومكوناته الطائفية والعنصرية ، سرعان ما تراجع واعتذرالسيد جلال الطلباني  رئيس الجمهورية ..! متنازلا عن حقوق أصيلة للشعب العراقي ،  موثقة دوليا ،ليس له الحق في التنازل عنها لأي سبب كان ، بل الدفاع عنها وحمايتها.. كما ينص عليه الدستور ..!
 
 إيران تمارس أجهزتها المخابراتية  ، في البصرة وغيرها من المدن العراقية ، حرية مطلقة في تحريض على العنف والقتل  و ارتكاب الجرائم ، تنفذها ميليشيات طوائف الحكم الطائفي ـ العنصري بكل فصائله  ، المؤتمرة بأمر هذه الأجهزة  ، إلا أن الحكم بكل طوائفه يتغافل عن هذه الجرائم وكأنها لم تقع ، وهذا حصيلة لتقاسم الحكم ، كل يحكم في منطقته على هواه ، وهو ما تسبب في ضعف وهزال الوضع العراقي بأجمعه .
ستبقى كركوك والبصرة مصدرا لنزاع عراقي ـ عراقي ، عرقي وطائفي ، تحرض عليه وتديمه إيران ، وكل القوى التي لها مصلحة في بقاء العراق ضعيفا ومنقسما على نفسه  ، وبغض النظر عن  تدخل دول الجوار ، وإرهاب القاعدة ، والصراع الأمريكي ـ الإيراني ، فإيران ، بالذات،  تريد عراقا ضعيفا ومنقسما، تأمن جانبه ، إن لم يكن خاضعا لها . وحتى تتضح معالم المنطقة التي دخلتها أمريكا منذ أكثر من أربع سنوات  ، ستبقى كركوك والبصرة، بؤرة صراع قومي وطائفي ، خاضعة  لسيطرة إرهاب متعدد الأشكال والصور ، إلا أن إيران هي المؤثر والفاعل الأكبر فيه ..!!
 15 /‏كانون الثاني‏‏ ‏08‏

15
الحرية والديموقراطية ...في العراق ..!! (4) والأخير.

 
هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد

 
كل مؤسسة من مؤسسات الحكم في العراق ، لها فهمها الخاص لمحتوى" الحرية والديموقراطية " فالمجلس النيابي ـ الذي انتخبه المواطنون العراقيون ، تحت طائلة التهديد بالقتل والتفجير والتفخيخ ، من قبل قوى الإرهاب المختلفة ـ غير مكترث لما يعانيه الشعب العراقي من أوضاع ، أمنية متردية ، ومعاشية مزرية ، ومآسي وأحزان القتل والتهجير، التي طالت طوائف مختلف الأديان  والمذاهب العراقية  ، فمعالجة مثل هذه الملفات ،  قد غابت عن اغلب جلسات ومحاضر مجلس النواب ، وحتى اللحظة ، لأنها بالنسبة لمثل هذا النموذج من "نواب الشعب " غير مهمة ، لذا حلت بدلها جلسات " ديموقراطية " تحققت فيها مبادئ الوفاق والاتفاق ، وتلاشت فيها كل خلافاتهم القومية والطائفية ، فتصويتهم  كان بإجماع أصواتهم ، لسن  تشريعات أقروها  ، ُتقرُ  حقوقا  وامتيازات تخصهم ، ضمنت لهم ولعوائلهم حقوقا خيالية ، ومنحتهم عقارات ومكافآت ورواتب ،  وأمورا أخرى  ، غير قابلة للنقض أو المساءلة ، ونصت على توريث هذه الحقوق " القانونية"  لورثتهم ، ومنحتهم ـ للورثة ـ حصانة دبلوماسية  ، تحميهم  من المسائلة لاحقا وتحول دون إمكانية الطعن بها مستقبلا أو ردها ،  فـما توفر لهم من أجواء لـ "حرية " التشريع ، َضِمن لهم حقوقا وامتيازات مفرطة في تنوعها وكثرتها ، لم تتوفر لأمثالهم من أعضاء " المجلس الوطني " البعثي ، المتهمون بتمتعهم بامتيازات وحقوق لا مثيل لها ، فلو صدقت الدعوى لما استبدلها ، نوابنا الغيارى بغيرها ، ليحصلوا على حقوق وامتيازات مفرطة في الكرم ، فاقت في كرمها كل ما ناله أمثالهم ، من دول "الموز " وجمهورياته ، التي اشتهر حكامها  بنهب الثروات ومصادرة حقوق غيرهم ..!
 
أغلب أعضاء المجلس النيابي ،  بما فيهم الرئيس ونائباه ، عطلوا ، ولا زالوا يعطلون ،التئام المجلس ، لمحاسبة المقصرين ، ومساءلة  وزراء الحكم عن تردي الخدمات ، وفقدان الأمن ، وفساد الأجهزة ، كما لازالوا يعرقلون إقرار وتشريع القوانين المهمة المعروضة أمام مجلسهم ، والشعب العراقي بأمس الحاجة لها ، فالرئيس لا يمتلك من مؤهلات تؤهله لقيادة مثل هذه المؤسسة التشريعية المهمة ، وكثيرا ما كانت مداخلاته غير واعية ، ومثيرة للمشاعر ، فإدارته للجلسات السيئة ، تسببت بالإخلال في ضبط نظام المجلس ، وتعطيل انعقاد جلساته بانتظام ، فتصريحاته داخل المجلس وخارجه ، غالبا ما  ُتأزم الوضع السياسي ، وتعرقل العمل ،  بين القوى السياسية في الداخل ، وتربك الحكومة وأجهزة وزارة الخارجية وسفرائها خارج القطر ، وعلى الرغم من شعور أغلب أعضاء المجلس وكتله ، بالحاجة الملحة لتغييره ، وتظافر جهود أكثر من كتلة سياسية وتوافقها على استبداله أو عزله ، لتصحيح مسارات العمل داخل هذه المؤسسة المهمة ، إلا أن الجهود لم تفلح بعزله ، نتيجة إصرار كتلته على بقائه بمنصبه ، مع علمهم بسوء إدارته ، وضحالة فكره ، فنظام الكوته أو المحاصصة المتبعة في تقاسم السلطة ، سبب من أسباب تردي أوضاعنا السياسية والاجتماعية ، وهذا المبدأ من أسوء المبادئ المعمول بها  داخل سلطة الدولة ...
 
الإنقسام القومي ـ العنصري ، والديني الطائفي ، الذي أقره ورسخه رئيس سلطة الاحتلال الأمريكي ، سيئ الذكر بريمر، سن سابقة سيئة وفريدة في الدستورالعراقي ، عندما أقر نظاما طائفيا لتقاسم السلطات ، تجلياتها الأبرز كانت في السلطتين التنفيذية (الحكومة ) والتشريعية (المجلس النيابي) ، وهذا ما عرقل ، و يعرقل ، عمل الأجهزة والمؤسسات التي يتولى أمرها وزراء يمثلون  كتلا سياسية مختلفة ، بعضها معارض أصلا ، لكل توجهات الحكومة ، والبعض الأخر ، نتيجة لخلاف على مواقع سياسية أو مراكز أمنية ،  ترغب فيها هذه الكتلة أو تلك ، كما حصل عندما قاطع عمل الحكومة الوزراء الطائفيون ، الصدريون والفضيلة . القوميون من جبهة التوافق ، مشاركون في السلطة ومعارضون لكل توجهات الحكومة ، ووزراؤهم يقاطعون اجتماعات الحكومة ، دون أن يتمكن رئيس الوزراء من استبدالهم أو استبدال غيرهم من المقاطعين .
وفي مجلس النواب أيضا ، شلل تام يؤثر على  نشاطه ، بسبب الغيابات وعدم اكتمال النصاب القانوني ، فنواب جبهة التوافق وحلفاؤها يقاطعون اجتماعات المجلس  لأسباب سياسية ، ومطلبية صعبة التنفيذ ، تلبية لدعوة كتلهم النيابية ، والمتغيبون  للراحة والاستجمام ،أو لقضاء مصالحهم الخاصة ، ولأسباب أخرى كثيرة ومختلفة.المقاطعة وعدم الحضور المتكرر ، ُتستغل لعدم وجود  ضوابط جادة تعالج مثل هذه الأمور ، وليس هناك من مرجعية يركن لها للتعامل مع المتغيبين ، بسبب سوء استخدام الحصانة التي يحتمون  بها من المسائلة ، كما هو حاصل لأكثر من مئة نائب يؤدون مشاعر دينهم !! عدم اكتمال النصاب القانوني ،حال دون إقرار الكثير من مشاريع القوانين المعطلة ، التي لها مساس كبير بحياة الشعب ، الأمنية والإقتصادية والسياسية ، النواب المتغيبون والمقاطعون ، المعطلون لنصابه ، على حد سواء يتمتعون بكامل امتيازاتهم ولا يمكن المساس بها، نتيجة لضعف في مركز إدارة الجلسات ، وعدم تطبيق مواد النظام الداخلي ، إن كان يحتوي على معالجة هذا الواقع ..، كل هؤلاء ، من الوزراء والنواب ، المعطلون لسير العمل في مؤسساتهم ، أساؤا ، ويسيئون لناخبيهم وللشعب ولكتلهم السياسية ، لعدم شعورهم بمسؤولية الواجب والضمير ، معرضين مصلحة الشعب والوطن للخطر ، فالقصور في التشريع ،  وعدم وجود ضوابط لمحاسبة المقصرين والمسيئين عن عمد وسبق إصرار ،  كلها  من أسباب فساد الحكم ، وتدهور قيم  وأخلاق غالبية أعضاء مؤسسات الدولة ، والقاعدة الفقهية تقول :" من أمن العقاب أساء الأدب " ..! فـ " الحرية والديموقراطية "  لمن يخدم المجتمع ويسعى للحفاظ على مصالحه ، وليس لمثل نواب ووزراء شعبنا  "البواسل"، لتحقيق مغانم وامتيازات لا حق لهم بها ، ولا يستحقونها ..؟ 
 
6كانون ثاني ‏2008‏‏-‏01‏‏-‏06‏         

16
الحرية والديموقراطية...في العراق ..! (3 )


هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد

الفدرالية التي أقرها الدستور العراقي ، لم تكن واضحة المعالم ، بسبب طبيعة النظام السياسي الجديد ، بعد سقوط نظام حزب البعث ،  فقوى الحكم المشاركة في السلطة الجديدة ، كانت تتنازعها مبادئ مختلفة بصدد علاقة الحكم وطبيعته في منطقة كوردستان ،فقوى الإسلام السياسي بكل طوائفها ، والقوى القومية أيضا ، لا تقر ولا تعترف في مناهجها ،  بحكم ذاتي ولا بفدرالية للكورد أو لغيرهم ، والكورد كانوا قد أقاموا إدارة سياسية جديدة لسلطتهم ومستقلة عن نظام البعث ، تمثلت ببناء مؤسسات لدولة ديموقراطية جديدة ، لا يمكن أن يتنازلوا عن إدارتها ، حاليا ، شملت كل المناطق التي انسحبت منها قوى النظام البعثي آنذاك ،  الفدرالية المراد تطبيقها في العراق ، من قبل الأحزاب الطائفية ، فدرالية ، لا تعني الإتحاد ، كما هو مدلولها ، بل تعني الهشاشة والضعف ،  لم تتحدد بضوابط ما هو شائع في العالم من مبادئ للفدرالية ، وهذا ما انعكس على ما شرعه الدستور، الذي أقر مبدأ فدراليات اعتباطية في العراق ، كما  لم يكن واضحا في تشخيص الأسس التي تقوم عليه هذه الفدراليات  ، فدستور إقليم كوردستان ،لا تنسجم بعض مواده ، مع بعض مواد الدستور العراقي ، بسبب تطلعات قومية ، فالسيد مسعود البرزاني ، رئيس اقليم كوردستان ، قد صرح مرارا ، بأن الكورد يطمحون لإقامة دولتهم القومية ، وهذا حق لهم ، إلا أنه  أسس على  عدم ثقة بين الأطراف التي تتقاسم الحكم ، وخلق نزاعا غير معلن ،  بين أجنحته المختلفة   ، نرى بوادره في بيانات التحالفات الجديدة ، التي يقودها الكورد ، نتيجة لعدم توافقهم بهذا الخصوص مع أجنحة حلفائهم في الحكم .

منذ تأسيس الدولة العراقية ، وطيلة الحكم الوطني ، كانت هناك حرية كاملة للمواطن العراقي من التنقل والتملك والسكن في أي منطقة أو بقعة من العراق ، وحتى كان هذا قبل أن يسيطر حزب البعث على الحكم في العام 1968 ، هذا الواقع يجعل إقامة الفدراليات على أساس قومي أو عرقي أو ديني ومذهبي ، ضربا من الخيال ، وإن حصل ، فسيحمل في ثناياه عدم استقرار لفدرالياته  المستقبلية، ولمجمل الأوضاع السياسية والإجتماعية  في كل أنحاء العراق ، فإن لم يبدو النزاع  واضحا وجليا ، كما حصل ، ويحصل،  في الظرف الراهن ، من تهجير وعنف في كل المناطق التي يتشارك في سكنها العراقيون،  نتيجة لعدم استقرار قوى الحكم ومؤسساته ، خصوصا  مؤسسات الدولة ، الأمنية والعسكرية ، فبعد أن يتعافى الوضع ، فالمنازعات المسلحة ستكون هي الطاغية ، ليس بين قوى قومية ـ عنصرية  ودينية ـ طائفية عراقية ، بل سيكون العراق مسرحا لصراع دامي  للقوى الإقليمية والدولية أيضا  ..
يدور نزاع  ظاهر و صريح حاليا ،  بين قوى الحكم بشأن قضية  كركوك ، فالمادة 140 حتى الآن لم يتم تفعيلها ، وهذا مؤشر هام وخطير، على ما سيحصل مستقبلا ، إن انفرد طرف بفرض إرادته والحلول التي يراها ، على الآخرين  ، فكركوك لم تكن منطقة جغرافية ،  تسكنها هذه القومية أو تلك ، بل لأنها منطقة لثروة موضع اهتمام ، ونزاع بنفس الوقت ، ليس للعراقيين فقط بل وللكثير من دول العالم ، ولهذا يتنازعها الحكم بكل أطرافه ،  ففدرالية كوردستان تريد فرض واقع تبعية كركوك لها ، قبل أن ُيبت فيها بشكل رسمي ، لذا أقدمت على إبرام عقود نفط مع شركات أجنبية ، لترسيخ تبعية كركوك للفدرالية الكوردية ، والحكومة المركزية تعارض مثل هذه الخطوة، مهددة بعقوبة كل الشركات النفطية التي تتعامل مع فدرالية كوردستان  ، قبل أن يتم الاتفاق على حدود الفيدرالية ،وقبل أن يتم إقرار وتصديق قانون النفط والغاز ، وقد يأخذ مثل هذا النزاع منحنيات أخرى إن لم يتم حسمها بأسرع وقت ..
" الحرية والديمقراطية " في الواقع العراقي ، لا مكان لها في المنطق السياسي الذي يتبادله أرباب حكم لا يقر الكثير منهم هذا المفهوم ، فكل يفسر هذه المفاهيم وفق رؤاه الشوفينية والطائفية ، وكل هذا نتيجة ضعف صياغة بعض مواد الدستور العراقي الذي أبرمته قوى الحكم المستعجلة على نهب العراق وتقسيمه إلى كانتونات تحت واجهة الفدرالية ..!

17
الحرية والديموقراطية..في العراق...!!(2)

هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد


الحزب الشيوعي العراقي من أقدم الأحزاب السياسية العراقية التي رفعت شعارات "الجبهة" في عملها السياسي ، فشعار " قووا تنظيم حزبكم ، قووا تنظيم الحركة الوطنية " منذ ثلاثينيات القرن المنصرم  ، صاغه مؤسس الحزب الرفيق فهد ، ويعتبر أقدم شعار ترفعه حركة سياسية ، أو حزب سياسي ، للعمل التعاوني والجمعي في الحركة الوطنية ، وخلال سنوات الكفاح وقمع حكومات العهد الملكي ، تعمدت جبهات عفوية بين الجماهير ، أثناء الوثبات وانتفاضات الشعب العراقي ..

 الأحزاب العراقية لم تلتق من أجل عمل مشترك ، رسمي وموثق ، إلا في جبهة الاتحاد الوطني في العام 1957، وإن كانت هذه الجبهة، حصيلة تعاون آني  وموقت ، من أجل انتخابات 1952 و 1954 ، إلا أنها كانت دليلا ملموسا ، على صواب تجميع القوى الوطنية ضد سياسات الحكم الملكي المناوئة لكل القوى الوطنية .
الحزب الشيوعي العراقي ، كان حجر الزاوية في جبهة الإتحاد الوطني ، و كان ممثلا بأكثر من مقعد في هذه الجبهة، إلا أنه لم يمثل في حكومة الثورة ، بعد نجاحها ، فحاله حال" المكرود مسعود في صنع الكبة المصلاوية" أول من يضحي دون أن يحصل على " حرية "  في العمل ، أو تشمله "ديموقراطية " لتمثيل...

توالت الجبهات التي صنعها وساهم بها الحزب الشيوعي ، وفي كل تلك  الجبهات ، كان الأكثر تضحية ،والخاسر الأكبر ، فبعد جبهة الإتحاد الوطني ، والتجربة المريرة لثورة 14 تموز وما أسفرسقوطها عن مأسي ، ساهم مع حزب البعث في العام 1973  في  ( ج . و .د.ت.)" الجبهة الوطنية الديموقراطية التقدمية "، فكانت جبهة قتل واغتيال وتصفية ، لرفاق وكوادر ومنظمات الحزب ، ولم يكن فيها شيء من أسمها ، فـ " الديموقراطية والتقدمية " تعني له دائما في لغة " الحلفاء " القتل والاضطهاد ... فحكمة " لا يلدغ المرء من جحر مرتين " لم تخطر على ذهن قادته ، وفي الممارسة أثبتوا بطلانها، وبرهنوا بالملموس ، أن الحزب على الدوام  ضحية حلفائه ، وما حصل له في جبهاته " جود وجوقد ولجنة العمل المشترك "كان تكرارا لتجارب لم يتم استيعابها  ..!

وبعد احتلال العراق و سقوط النظام في العام 2003،تنكرت له كل القوى والأحزاب ، القومية والإسلامية ، التي عمل معها في " لجنة العمل المشترك "، فـ "الديموقراطية "، لا تعني لهم سوى رضى المحتل عنهم ، و تقاسم الحكم ومناصب الدولة فيما بينهم ، وكأن العراق ضيعة من ضياعهم ...تنكرهم له  شمل حتى ضحايا وشهداء الحزب الشيوعي ،التي أُريق دمها على مذبح حرية الشعب والوطن ، فقادة هذه القوى شغلوا ويشغلون أعلى مناصب الدولة ، ومن بينهم أقرب "الحلفاء " ، وزعوا رحمة "الله"بدون حساب ، على شهداء أحزابهم وقومياتهم وطوائفهم ، وشملت رحمتهم " الواسعة " حتى شهداء أيام زمان ،أمثال : " حسنه ملص" و"عباس بيزه " إلا أنهم حجبوها عن شهداء الحزب " الحليف " ، أعرق حزب وأكثرهم تضحية من أجل تحرر ورفاهية الشعب ، مصيبة حكامنا أنهم لا يحترمون مشاعر شعبنا ،عندما توكل لهم الأقدار مسؤولية الشعب..

التحالفات ، بعد الاحتلال أصبحت من حق الفائزين الكبار ، فكل منهم خطط لتحقيق همه ، القومي ـ العنصري، والإسلامي ـ الطائفي، دون هم العراق وشعبه  ، الذي يكثرون الحديث باسمه ، ولما لم يحقق " كل " مقصده ، بدأ " الكل " يبحث عن حلفاء أو  شركاء  جدد ، فكثر الحديث عن المصالحة ، دون مصالحة ، وتعددت تصريحات " الكل " عن حكومة وحدة وطنية ، وهم يقصدون حكومة المحاصصة  " الطائفية ـ العنصرية " التي تطلق لهم حرية بيع الوطن، بالجملة والمفرق ،  وتكمم أفواه أحراره ، بالجزرة أو بالقازوق  ، وكل ينفذ ويطبق ما يراه ملائما ومنسجما مع واقع " الديموقراطية والحرية " وفق منطقه ، ورقعة  حكمه ، وكل فريق غير معني بما يدور ويحدث في منطقة حكم  الفريق الآخر ،من أحداث تهدد أمن واستقلال العراق ، إلا أن هذا لم يعطل أدواتهم من بحث وتحري ، عن وسائل للضغط على أطراف تحالفه لابتزازهم في تقديم تنازلات أكثر .. لذا كثر توقيع أطراف معلومة ومجهولة، على بيانات خماسية ورباعية ، وآخرها ، بيان ثلاثي ، مع أطراف قومية ـ عنصرية ، مع طرف جديد ، إسلامي ـ طائفي . المعروف عن التحالفات ومناورات أطرافها السياسية ،أنها تبدأ بالثنائي ، مثلا ، ثم الثلاثي ،فالرباعي  فالخماسي ، وهكذا يجري التوسع ،إلا أن ما يجري عندنا فهو عكس الشائع والمعروف  ،فإذا  سَئلَ سائل لماذا ، فجوابهم  : ـ ( بيتنا ونلعب بيه ، شلهَ غرض بينا الناس )...ومن يدري..؟ فربما يخططون غدا لآن يصدر بيان أحادي ، يوقعه طرف واحد فقط ، فـمفاهيم  " الديموقراطية والحرية  " في عراق الطوائف ، دائما تتغير وتتكيف وفق الظرف ، الذي يصنعه اللاعب الأقوى في الساحة العراقية ..!
‏2007‏‏-‏12‏‏-‏31‏

18
الحرية والديموقراطية في العراق..! (1)


هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد

الحرية والديموقراطية مفهومان متلازمان ،فلاحرية بدون ديموقراطية ، ولا ديموقراطية  إذ انعدمت الحرية ، هذا بالطبع في البلدان العلمانية ، ذات النهج الوطني والديموقراطي ، أما في البلدان التي تسيطرعليها أحزاب قومية ، ذات نهج شمولي، أو حكومات" نص نص" كما في العراق، فالأمر يختلف ، كما تختلف المفاهيم، وتتغير كل المسميات المتعارف عليها، في الدول ذات النهج الديموقراطي والبرلماني .
الحكم عندنا  ُيطلق عليه ،اسم "حكم ديموقراطي " ، إلا إنه في الواقع حكما طائفيا وعنصريا ، أحكام الدين صارخة في مواد الدستور ، وعمليأ كل مؤسسات الدولة والحكومة ، تتقاسمها : أحزاب دينية ـ طائفية، وأحزاب قومية ـ عنصرية ، وفق مبدأ المحاصصة ، وكل مسؤول في تشكيلة الحكم ، يمارس نهجا طائفيا وعنصريا ، في المرفق الذي يسيطر عليه ، دون أن يكون خاضعا لمسؤولية مسؤوله المباشر ، إن كان من غير طائفته أو عنصره ، وهذا لا يمت لمبادئ الحكم الديموقراطي في شيء ، ولا يُقوِم خطأ ، إن كانت هناك رغبة في إصلاح فساد في مرفق من مرافق الدولة وأجهزة الحكم ، ولا يعالج آثارالإرهاب ومخلفات حكم البعث الفاشي ، التي طالت كل شرائح ألشعب   .
رئيس الوزراء ، السيد نوري المالكي ، أعلن في برنامجه الوزاري، أنه سيكافح الفساد ، والفساد بلا شك مستشرِِ ، في دوائر سلطة المحاصصة ، والشعب العراقي يدعم الحكومة  بتوجهها هذا ، لما عاناه ويعانيه من سوء إدارة وفساد أجهزة ، لوثت كل مرافق الحياة ، وحتى لقمة عيشه ، وهيئة النزاهة هي جهة مخولة ومسؤولة عن معالجة مثل هذه الملفات ، وفق ما نص عليه الدستور، ورئيس هيئة النزاهة ، كشف عن سرقات للمال العام ، ونهب لثروات البلد وتهريبها، وقبض رشاوى وعمولات عن استيراد مواد حياتية لا تصلح للاستخدام البشري ، قام بها  مسؤولون كبار في الحكم وأجهزة الدولة،  وبنفس الوقت ، أعلن رئيس الهيئة ، عن عدم قدرة هيئته من وضع حد لتلك التجاوزات ، وملاحقة المسؤولين والمتورطين  فيها ، بسبب أمر مباشر وصريح من السيد رئيس الوزراء ، نوري المالكي ، يقضي بمنع هذه الهيئة من دخول "حرم" كل مرفق من مرافق حكومته ، وقد تزامن هذا الاجراء ، بقتل واغتيال أكثر من عشرين موظفا من هذه الهيئة .. نتيجة لهذا الواقع ، هرب رئيس الهيئة إلى خارج العراق بعد أن ُهدد هو وأهله بالقتل ..
هذا بعض ما في دولتنا من مبادئ " الحرية  والديموقراطية "... في دولتنا العراقية : "حرية "المتاجرة بصحة الشعب المنهك ،  فالأدوية الملوثة بفيروس " الأيدز " غزت أسواق العراق ،  بعد اكتشاف هذه الجريمة ، سحب العلاج الملوث من التداول ، إلا أن الطبيب الذي اكتشف هذه الجريمة قُتل ..! من قبل مافيات الحكم المتاجرة بصحة الشعب ، وبذا يبرهن حكامنا، أن الحكم في العراق  ديموقراطيا ، حتى النخاع ...!!
ما تقدم جانب من "حرية وديموقراطية " الحكم ،  التي يتباهى بها نظام حكم المحاصصة الطائفي ، وهناك "حرية وديموقراطية" من نوع آخر، تمارسه " منظمات أخرى" ، من منظمات المجتمع المدني ،  تمارس نشاطاتها بحرية تامة ، وبأساليب ديموقراطية ، عالية التقنية ، على سبيل المثال لا الحصر، قتل " المعموري " مدير شرطة الحلة ، وقتل وتهجير العائلات من الطوائف الدينية والعرقية المختلفة ، أمر شائع في البصرة ، حيث أصبح قتل النساء البصريات، وتشويه أجسامهن ، وبالأخص وجوههن ، جزء من "حرية وديموقراطية " القتل  الموسوم بـ "غسل العار "، وهذه الجرائم لا تقل عن " حرية وديموقراطية " ما ترتكبه وتقوم به ميليشيات الحكم الطائفي من جرائم ، تمثلت في قتل النساء " الكربلائيات " العاملات في المنظمات النسائية ، و استخدام التهديد بالقتل عن طريق " رسائل الطلقة " للصحفيين وللناشطين في منظمات حقوق الإنسان ، التي تعتبر من أكثر الأساليب "  حرية و ديموقراطية  "  في كم الأفواه ، ولجم المعارضين ، وإسكات حملة الأقلام النظيفة ، للتضييق على حرية الرأي،  فبعد أن فشل ائتلاف الأحزاب الإسلامية ـ الطائفية ، والقومية ـ العنصرية ، من تحقيق ما وعد  به ، لجأ  لتطبيق أساليب فاشية ، تضاف لمفاهيم "الحرية والديموقراطية " المتعارف عليها في العراق الجديد...!
29 – 12-2007

19
جرائم الشرف ..عار المجتمع الرجولي ..!!

هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد
 
مثل صيني قديم يقول :"لا تضرب المرأة ولو بوردة "...هذا المثل يعبر عن احترام مطلق للمرأة ، كما أن هناك الكثير من الشعوب ، لا زالت تعبد وتقدس المرأة ، باعتبارها عنصر الخير والبركة ورمز للحياة واستمراريتها ، وقد وصلت لمرتبة الآلهة في ديانات وادي الرافدين القديمة ، كما في اليونانية والإغريقية ..
عرف العرب في جاهليتهم ، وأد البنات ، وكما يخبرنا القرآن ، إن وأدهن لم يكن لجريمة ارتكبتها المرأة الوالدة ، أو البنت المولودة ، إنما نتيجة لفقر العائلة ، وصعوبة الحياة المادية في مجتمع غير ذي زرع ، وحتى مع علة  الفقر، الملازمة لمثل تلك المجتمعات، قبل الإسلام ، لم تكن كل القبائل تئد بناتها ،فالمجتمع المكي المتميز بالتجارة وسيادة ملاك العبيد ، كان سادة القوم وأشرافها أكثر انفتاحا على المرأة ، تسامحا معها مما عليه عرب اليوم ، فأشراف قريش وسادات المجتمع ، كانت تعترف بندية المرأة لهم ، في إدارة شؤون ملكيتها ، من عبيد وثروة وتجارة ، كما كانت تمتلك وتدير أماكن اللهو والراحة ، للتجار والمسافرين عبر مكة ، سواء أكانت المرأة من قريش ، أم من قبائل أخرى ، ولم يحدثنا واقعهم ، آنذاك ، أن شريفا منهم ، أو سيدا ، قتل ابنته أو أمه ، أو أية قريبة له ، غسلا للعار،  كما هو الحال  في مجتمعاتنا " المتطورة " ، وحتى عندما كانت تغزو القبائل بعضها لبعض،  وتتقاتل ، كانت النسوة ، في بعض الأحيان ،  هدفا لهذا الغزو والاقتتال ، وعند انجلاء غبار المعركة ، يجلس المتخاصمون للتفاوض ، لاسترداد ما أخذ منهم عنوة ، وكانت النسوة ، في مقدمة ما يتم التفاوض عليهن واستردادهن ، ولم يذكر لنا التأريخ قتل امرأة قد اسْتُردت ، من هذه القبيلة أو تلك ، نتيجة لشبهة اعتداء أو لاغتصاب وقع عليها ، عند الأسر والإقامة عند الطرف الآخر..كما عرف المجتمع الإسلامي ،شخصيات مرموقة ÷م أبناء سفاح ، كما عرف أنواعا مختلفة  ومتعددة من أشكال الزواج ، منها  تبادل الزوجات بين الأزواج ، أو استئجار أزواج لنكاح زوجاتهم ،  ابتغاء الولد  ، ولم تعتبرها تلك المجتمعات ، رغم قرب معاصرتها للدين الجديد ، انتهاكا لشرف شخصي أو حطا من كرامة المجتمع   ..
 
الثقة بالمرأة آنذاك ، كانت شبه مطلقة ، لأنها كانت تمتلك هامشا أكبر  من الحرية ، مما نحن عليه اليوم ، افتقدته كله ، أو الجزء الأكبر ، منه بعد أن توطدت الدولة الإسلامية وتوسعت ، وكثر المال من ريع البلاد المفتوحة ، وسيطرت على مفاصل الحكم والتشريع عناصر غير مؤهلة لقيادة المجتمع ، تفسر آيات القرآن وسوره المتعلقة بالمرأة ، حسب حاجتها ، لحماية " ما ملك اليمين "  ، من النساء والجواري ، " حيث كانت قصورهم تعج بالمئات ، والبعض منهم كان يجهل العدد، وهذا ما يستوجب حمايته والمحافظة عليه ،  فكان وجود المفسرين الفاسدين " من السلف" ضرورة لتفسير الآيات التي تنتقد مظاهر المرأة ، والتي هي بالأساس موجهة ضد نساء النبي ، تفسيرا يعمم كراهية المرأة ، في المجتمع ، ويحرض على قتلها ، وبنفس الوقت يخفف الجريمة عن القاتل ، إن لم يعتبره ، المفسرون ،  شهما وغيورا يستحق المكافئة ..لذا استغل الكثيرون من الحكام والقتلة ، مقولات غير معروفة مصادرها ، وأحاديث نبوية ،تعتبر : النساء ناقصات عقل ودين ،ولن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ، ونقص في أهليتها وميراثها وحجب ولايتها عن أولادها الصغار..وغيرها من أحكام قرآنية ، وأحاديث نبوية صحيحة ومزورة ، كلها  تصب في التقليل من شأن المرأة وتحقيرها اجتماعيا، والقاء اللوم عليها ، في كل ما يحصل لها وعليها ، من انتهاك وإساءة ، ُتهيأ الرأي العام على تقبل الجرائم الواقعة بحقها ،  حتى لو كان الرجل هو المعتدي ،  ومن قام بها ضدها ، بشكل عامد ومتعمد ..
 
العرب والمسلمون ، هم وحدهم من بين أمم الأرض من يعتقد أن الشرف ، شرف العائلة ، أو شرف العشيرة ،ُينتهك ويلحق بهم العار ، عندما تفض بكارة المرأة الباكر ، اغتصابا أو رضا ، دون عقد نكاح ، ولا يلحق مثل هذا العار الرجل وعائلته ، عندما يعتدي و يغتصب المرأة ، فالقوانين والأنظمة تغض النظر عن مرتكب مثل هذه الجرائم ، لأنها جريمة " الرجل " ، وإن أدين ، لسبب ما ، فالحكم لا يمكن مقارنته بما يقع على المرأة المعتدى عليها ، أو الشريكة بالفعل  .
 إحدى جرائم الشرف، أو غسل العار ، ترتكب بحق المرأة ، من قبل ذويها وأقاربها ،  عند  اتهام الزوج لامرأته بالزنا ، وهو أمر وارد وشائع ، في المجتمعات العربية والإسلامية ، كما الطلاق غير المبرر،  يثير شكوك أهل الزوجة بأخلاق ابنتهم  حين لا يفصح الزوج عن دوافع وأسباب الطلاق ، والقاتل بهذه الحجة لا يتوسع القانون بالتحقيق معه عن الأسباب والدوافع ، لارتكاب جريمة " غسل العار " ، فهماك الكثير من الأسباب والمبررات التي يمكن أن يخفيها القاتل ، لأن القتل قام به مجرمون محترفون ، بعلم وتحريض من السلطة وتحت حماية أجهزتها الأمنية  ،  فنظام صدام الفاشي ، قتل الكثير من الناشطات السياسيات ضد نظامه ، وجير القتل لحساب " غسل العار " ،   وهذا حصل ويحصل في وقتنا الحاضر ، وفق معايير دينية ـ طائفية ، كما في جرائم قتل النساء في البصرة ومدن أخرى من العراق ، وبفتاوى  دينية ـ طائفية  ، تتفق  مع أهداف وتوجهات قوى الحكم القومية ـ العشائرية النزعة، المتحالفة مع القوى الدينية، التي  تعتبر المرأة نجسة ودون مستوى الرجل  " تكرم عن طاريها " ، هذا التحالف هو من يشرع القوانين اليوم التي  تحد من الحريات العامة بشكل عام ، وتبخس حق وحرية المرأة ، وتفرض أحكاما متشددة عليها دون الرجل، بشكل خاص   ..
 
الشرف في مثل أنظمتنا القومية ـ الإسلامية ، يمثله الجهل والتخلف ، فالشرف ، نتيجة لشبق جنسي عندهم ،  يكمن في المرأة فقط وبالتحديد بين فخذيها ،..!وهذه هي مأساتنا ومأساة تخلفنا ..
 
 الشرف الحقيقي ، والذي هو معيار مشترك لكل الأمم والشعوب المتحضرة  والمتطورة ، يحمله ويغار عليه كل مواطن ، رجلا كان أو امرأة ، يكمن في عقله ، في ثقافته وفي وعيه ،  في فكره ووطنيته ، فالتعليم شرف ، وممارسة المهن التي تخدم المجتمع شرف ، والقيام بخدمة الطفل ، تعليمه وتهذيبه لخدمة المجتمع شرف ، وإخلاص الجندي بالدفاع عن وطنه شرف ، وعدم غش قوت المواطن وعدم سرقته  شرف ، ومطالبة المواطن لمجتمعه ، بأن يشرع قوانين تجيز للمرأة ما تجيزه للرجل ، من حرية وحقوق وواجبات ، ومساواة أمام القانون لوظائف الدولة ، أقصى موجبات الشرف ..هل نجد مثل هذا الشرف عند" ميليشيات الطوائف " أيا كانوا ، الذين يحرضون على قتل المرأة دون مبرر أو وازع من ضمير ، بحجة ارتداء أو عدم ارتداء لهذا الثوب أو هذاك ..؟ وهي في غاية الكمال العقلي والخلقي ، مخلصة في عملها متفانية في واجبها نحو شعبها ووطنها ، هل نجد مثل هذا الشرف عند رجال بأيديهم مصير شعبنا ووطننا ، يتعاونون مع الأجنبي ويسرقون  معه  ثروات البلد ويهربونها ، ويشرعون قوانين تمسخ شخصية المرأة وتقيد حريتها وتضيق على حقوقها ..تغيير هذا الواقع يتطلب إشراك المرأة في تشريع كل القوانين ، وخاصة  قوانين الأسرة وتربية الطفل ،ومناهج التربية والتعليم، وتعديل الدستور بما ينسجم وتمتعها بالحقوق الكاملة التي يتمتع بها الرجل ،وبعكسه سيبقى المجتمع متخلفا ، والمرأة تلاحقها سكين قاتلها المتخلف ، تباركه وتحميه ، قوانين " ذكور "  العشيرة والدين..!
وقد شخص لنا ،  شاعرنا الوطني الكبير الرصافي ،داء التأخر والدواء ، ولا زلنا بعد مئة عام نشكو مما اشتكى هو منه :
نرى جهل الفتاة لها عَفافا         كأن الجهل حصن  للفتاة
ونحتقر الحلائل  لا  لجُرم         فنؤذيهن  أنواع   الأذاة
لئن وأدوا البنات فقد قَبْرنا        جميع نسائنا قبل الممات
حجبناهن عن طلب المعالي       فعشن بجهلهن  مُهَتًكات
وتهذيب الرجال أجلً شرط       لجعل  نسائهم  مُتهذبات
 
22كانون أول 2007 


20
الإنفراج الأمني ..ضوء فجر كاذب ...!

 

هادي فريد التكريتي

عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد

 


تحدثت كثيرا أجهزة الإعلام العراقية ، والناطقين باسم حكومة المالكي ، عن نجاحات حققتها الحكومة ، ومن بينها الأكثر أهمية، عودة الأمن والاستقرار ، لبعض مناطق العاصمة العراقية بغداد ، و بعض مدن أخرى كانت مغلقة لقوى الإرهاب والتكفير السلفية ، ولفصائل " المقاومة الشريفة " وضربت مثلا عن هذا التحسن تنقل السيد " عمار الحكيم " ، عبر بغداد إلى مدينة الرمادي والبقاء فيها لمدة ثلاثة أيام بضيافة مشايخ " الصحوة " وقيادة قوات الاحتلال التي أسستها ..
التنقل بين الأحياء والمدن مبعث اطمئنان وأمان للمواطن ، والزيارات المتبادلة بين المواطنيين بحد ذاتها ، تعطي الدلالة على سيادة الأمن والاستقرار في البلد ، إلا أن وسائل الإعلام الحكومية ، تناست أن تخبرنا، بصدق ونزاهة ، كيف يتنقل المواطن العادي في بغداد ، ومن حي إلى حي أو في ضواحيها ، ناهيك عن التنقل بين المدن العراقية ، وهي أيضا ـ وسائل الإعلام ـ لم تخبرنا كم هو عدد المسلحين الذين كانوا في حماية هذا المواطن " السيد " ، وكيف كان تنقله بين " ميليشيات الصحوة " وقوات الاحتلال ، وما سبب زيارة " السيد " المفاجئة لهذه المنطقة ، أهي للمجاملة وللتهنئة بالنجاحات التي حققتها الصحوة ..؟ أم جاءت هذه الزيارة الغريبة عربونا للمصالحة عن فتنة ، أججتها نيران " مرجعيات طائفية " متناحرة من " سنة " و" شيعة " ؟ وربما هي لتقديم الشكر والامتنان لقيادة الاحتلال في الرمادي ، على مبادرتها لتشكيل ميليشيات " الصحوة "، وتقديم التهاني للمشايخ والقادة الجدد لهذه "الميليشيات"، باعتبارهم القادة المنتظرون لإقليم "عراقي" جديد ، ترتيبه الثاني أو الثالث ، أو...( إن تمسك قادة هذه الأقاليم باسم العراق ) حيث ستربطهم بإقليم السيد " الحكيم " المنتظر ، علاقات أمن وسلام ( للكشر) ، إن تحقق مشروعهم ، مشروع مجلس الشيوخ الأمريكي ، بتقسيم العراق إلى أقاليم ثلاثة .

كل الدلائل تشير إلى أن السيد "عمار الحكيم" (خليفة ومبعوث أبيه ، في قيادة المجلس الإسلامي الأعلى ) جاء ليطمئن أولا : إن كان المشروع الأمريكي مقبول من قبل " مشايخ الصحوة وقادة المليشيات " ، بكل فصائلها الممثلة والمشاركة في مجلس النواب والحكومة ، وثانيا ليتأكد: من أن الإعداد لهذا المشروع يجري وفق مواصفات " إعلان مبادئ الصداقة والتعاون الطويل المدى بين جمهورية العراق والولايات المتحدة الأمريكية " التي تمت مناقشتها مع ممثلهم ، المالكي ، رئيس وزراء العراق ، ورئيس الإدارة الأمريكية " بوش" ، في الدائرة التلفزيونية المغلقة بينهما ، دون معرفة بنود هذه المبادئ من قبل الشعب العراقي وممثليه ، في مجلس النواب . ثالثا : جاء" السيد عمار " ليعرض تجربة قيادة الائتلاف وميليشياته المتعددة ، وأساليب سيطرتها على المنطقة الوسطى والجنوبية ، وما يعانيه سكان هذه المناطق من إرهاب وقتل وتهجير ، وللتأكد من أن الأشقاء المتحدثين ( زورا ) باسم الطائفة " السنية"، هم أكفاء له ، قادرين ومقتدرين مثله ، لأن يكونوا أهلا للحكم في مناطقهم ، ويوافقونه على تقسيم العراق ، إلى كيانات وفق عدد الرؤساء الجدد !..

قيادة قوات الاحتلال الأمريكية في العراق ، أعلنت عن تأسيس خمسة عشرة قاعدة كبيرة ودائمة، تم الاتفاق عليها مع حكومة المالكي ، وتم اختيارها من مختلف المناطق العراقية، وبنفس الوقت أعلنت عن نيتها لسحب قواتها من داخل المدن العراقية في العام 2008 ، لتنفيذ مهام وواجبات أخرى تتعلق بمصلحة الأمن القومي الأمريكي ، وهذا يعني أنها ستكون بحاجة لقوات بديلة وموالية بالمطلق لها ، تقوم مقامها بحفظ الأمن والسيطرة على المدن العراقية ، عوضا عن قواتها المنسحبة إلى قواعدها الداخلية في العراق ، أو تلك العائدة إلى وطنها ، لذا أقدمت هذه القيادة ،على تأسيس ميليشيات الصحوة من عشائر محافظة الأنبار، وأناطت بها مسؤولية حفظ الأمن والسيطرة على كل المنطقة الغربية ، دون إشراك أو تدخل من الحكومة العراقية ، أو أجهزتها الأمنية ، عند تنفيذ هذه المليشيات للمهام الموكلة لها ، حتى ولو من باب معرفة الغاية أو الهدف ، وهذا يعني خضوع، هذه المليشيات، وهي عراقية ، بالكامل للقرارات الأمريكية ولتنفيذها ، مع استبعاد كلي للدولة وهي صاحبة "السيادة " على الوطن !! وبالتالي سيكون أمن العراق ومصير مواطنيه رهين هذه المليشيات .

ما تحدثت عنه وسائل الإعلام، من استتباب الأمن في بغداد وبعض ضواحيها ، الذي أدى إلى تضاؤل ، وقتي ، في حوادث التفجير والقتل والاختطاف ، ارتبط بظهور تشكيل جديد من الميليشيات في المناطق " السنية " باسم " فرسان الرافدين " بقيادة المدعو " أبو العبد " تتولى قواته مهام حفظ الأمن في أحياء بغداد الشعبية ، قُدر عدد هذه المليشيات ب 80 ألف مسلح ،َكَونت هذه المليشيات ، وأشرفت على تسليحها وتدريبها وتجهيزها وصرف معاشاتها، قيادة القوات الأمريكية ، وهي ترتدي زيا موحدا ومميزا، عن القوات الحكومية أو الأمريكية ، يقوم " أبو العبد " قائد هذه المليشيات ، بتنفيذ المهام الموكولة إليها من قبل قيادة القوات الأمريكية ، هوية هذا القائد الجديد! والذي تحتل صورته موقعا متميزا إلى جانب صورة الجنرال الأمريكي " ديفيد بتريوس " ، مجهولة و تثير الكثير من التساؤل ، حيث يصف البعض شخصيته " من أنها ليست نقية تماما ، و يشبهه البعض بزعماء المافيا .." إلا أنه يحظى باهتمام وتقدير القيادة العسكرية الأمريكية في العراق ، نتيجة لنشاطه وأدائه المميزين ، وصدق مشاعره المخلصة نحوهم ، وهذا هو المهم ..

الإدارة الأمريكية والقيادة العسكرية في العراق ، جادة في تنفيذ مشروع " المصالحة " وفق رؤيتها وسياستها التي تحقق لها أهدافها في العراق والمنطقة ، وهي ترى : أن حكومة المالكي ، غير قادرة على تنفيذ بيانها الوزاري الذي كان من بنوده الرئيسة ، نزع سلاح كل المليشيات ، وبسط الأمن وحفظه ،وإقرار المصالحة وغيرها ...وبما أن هذه وغيرها من بنود لم يجر تنفيذها ، لعدم الانسجام بين مؤسسات الدولة المختلفة ،من جهة ، وفقدان الثقة المتبادلة بين أعضاء الحكومة ، من جهة أخرى ، ولأن المالكي غير قادر بمفرده على التعامل مع بيان الحكومة وتنفيذه ، دون دعم من شركائه وبما أن أمريكا تستعجل تحقيق أهدافها وحماية مصالحها، في العراق والمنطقة ، والوقت عامل حاسم في تحقيق الهدف ، لذا لجأت إلى تشكيل " ميليشيات " فاعلة ، خاضعة لقيادتها بالكامل ، وموازية ليس لمليشيات القوى والأحزاب المؤتلفة بالسلطة ، وإنما لتضاهي قوة الجيش والشرطة معا ، لأن " ميليشيات صحوة الأنبار " و ميليشيات " فرسان الرافدين " لا مرجعية لها غير القيادة الأمريكية ، في المرحلة الأولى من التأسيس ، على الأقل ، وليس أمام حكومة المالكي ، أو أية حكومة قادمة إلا التعامل مع قيادة هذه " المليشيات الأمريكية "، المخلة بالسيادة العراقية ، وبعكسه يتطلب الأمر حلا عاجلا لا يقبل التأجيل ، إما حل كافة المليشيات ،ونزع أسلحتها ، بما فيها تلك التي تسيطر عليها قوى الحكم ، وإما الخضوع للمخطط الأمريكي بكل بنوده دون اعتراض ، وإلا فالقادم من الأيام سيكون أدهى وأمر على العراق والعراقيين، من كل ما مضى..فما نراه من انفراج أمني ، ما هو إلا ضوء فجر كاذب ، مرهون بتطور الوضع السياسي ، وعلاقة الحكومة اللاحقة مع قوات الاحتلال ، وقراءة الواقع تشير إلى أن حسن الظن بنوايا حكم المحاصصة الطائفي لن يعجل بقدوم ضوء لفجر صادق ، ينعم به العراقيون ..

4 تشؤين ثاني ‏2007

‏‏

21
قانون المساءلة والعدالة : بين الحقد والمصالحة ..!

هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد


منذأربعة أعوام ُشرع قانون  " اجتثاث البعث "، ولم يكن تشريعه نابع من رغبة حقيقية لمعالجة الدمار والخراب الذي أوجده هذا الحزب القومي ـ الفاشي ، في النسيج العراقي ، بقدر ما كان شعارا طائفيا ، حاقدا ومضللا ، لتصفية حسابات طائفية ، لقادة حزب قومي وفاشي ، ورؤوس مجرمة لنظام دكتاتوري ، هذا القانون أشعل جذوة التناحر العنصري والطائفي ، وتستر، بنفس الوقت ، على أشخاص وعناصر بعثية ، عربية وغير عربية ، من قوميات وطوائف مختلفة ، " استبعثت "  لأغراض مختلفة ،  وغيرت جلودها لحظة سقوط النظام ،  لتمتصها تنظيمات حزبية  مختلفة ، فبعض هذه العناصر " المستبعثة "  لجأ ت لأحزاب وقوى مختلفة ، قوميةـ عنصرية ، وإسلاميةـ طائفية ،كلها في الحكم ، حيث شكلت ميليشيات للقتل والتفجير والتفخيخ ، ومنظمات أخرى لاختطاف وإرهاب المواطنين ، هذا بعد سقوط  النظام ، و قبل سقوطه ، احتوى المجلس الأعلى الإسلامي ، الكثير من  الأسرى البعثيين إبان الحرب العراقيةـ الإيرانية،وكانوا بمستويات حزبية  مختلفة، وبعد  غسل أدمغتهم ، أطلقت عليهم إيران اسم " التوابين" ، واصبحوا يشكلون  جزء كبيرا ، من جيش بدر،وحتى الآن ينفذون مهام طائفية ، بقيادة النائب هادي العامري ، القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي ، واسم هذا الجيش ، حتى اللحظة ، يلقي الخوف والرعب  في قلوب ونفوس العراقيين .
ما تقدم من هؤلاء ،  كان بعض من تنظيمات حزب البعث وكوادره ، فيهم من أجرم ونفذ عمليات إجرامية بحق أبناء وبنات الشعب العراقي ، إلا أنه ظل بمنجى عن العقاب أو المساءلة القانونية ،  نتيجة لنزع جلده السابق ، وأيضا لأنه بحماية الحكم ومؤسساته الأمنية والخدمية  ..

قبل الاحتلال الأمريكي للعراق ، وقبل أن يسقط النظام ، كان حزب البعث ،هو الحزب الوحيد الذي يمارس نشاطه السياسي ، ويمسك بمقاليد الحكم  ،  عندما خلت الساحة من بقية الأحزاب السياسية العراقية ، لهجرتها خارج العراق ، بعد أن أوغلت قيادة النظام البعثي في  تصفية الحركة الوطنية العراقية ومنظماتها ، حيث تعاملت مع كوادرها  وأعضائها سجنا وقتلا وتشريدا ، واحتواء البعض ممن نشد السلامة ،حرصا على سد رمق العائلة وعدم تشردها ..

 أعلنت قيادة حزب البعث متباهية بتفردها على الساحة العراقية  ، مزهوة ببلوغ  أعضاء الحزب  ما يقارب سبعة ملايين عضو ،من مجموع الشعب العراقي البالغ آنذاك  حوالي  خمسة وعشرين مليونا ، وكما قال صدام كل : " العراقيون بعثيون وإن لم ينتموا" ...على الرغم من أن إعلان هذا الرقم مبالغ فيه ، إلا أنه في الواقع كان يعبر عن سيطرة مرعبة ومطلقة  لحزب البعث، على أذهان الناس وضمائرهم  ، حيث لوح  بالجزرة لمن يتبعه ومهددا بالعصا لمن يخالفه ، ولأنه يملك السلطة والمال والنفوذ ، والسيطرة المطلقة على كل مؤسسات ودوائر الدولة، الاقتصادية والخدمية والأمنية ، فلا غرابة أن تصبح قيادته وتنظيماته هي المسيطرة والموجهة لكل العاملين في هذه المؤسسات ، ولأن الشعب العراقي تحت سيطرة هذا الحزب لمدة 35 عاما ، فكل ما اعتمد في المجتمع من تنظيمات حزبية ، واتحادات مهنية ، عمالية وفلاحية ، وروابط طلابية وشبابية ونسائية ، ومجالس بلدية وشعبية ، وغيرها من تنظيمات " ديموقراطية"أصبحت بعثية ، شاء من شاء وأبى من أبى ، وكل هذه التنظيمات تقول " نعم " ، للقائد "الضرورة " فهي إذن تمثل كل الشعب العراقي ، وبالمطلق ليس غالبيته ، فأين الغرابة إن ادعت قيادة الحزب بأن كل الشعب العراقي " بعثي  وإن لم ينتمي" أو أن عدد أعضائه جاوز الملايين ، فهي ليست أكذوبة ، إن اعتبرنا بعثيا واحدا في كل عائلة عراقية ، المتكونة من خمسة أنفار ، وإذا استثنينا منهم النصف ،  هم الأطفال ودون سن البلوغ،  فالنتيجة مخيفة حقا ، للحكم الحالي ، ولكل قواه ومن يدعمه من قوات الاحتلال ، فكل هؤلاء  في مأزق مدمر  ، إن لم يتمتع الحكم وحلفاؤه بالحصافة والحكمة ،  لأيجاد وسيلة وأساليب سياسية لحل هذه الواقع واحتوائه ، خصوصا بعد أن فشلت كل حلولهم  التي جربوها ، بما فيها  الحلول العسكرية ...
القسم الأكبر من الأعضاء البعثيين في الحزب ، ظلوا حتى الآن ، خارج تنظيماتهم ، وخارج وظائفهم أيضا ،وهم يشكلون ،  مستقبلا ، قوة احتياطية ، ليس ل " المقاومة الشريفة " و لمن يحمل السلاح من البعثيين والقوميين  ، بل وللمنظمات الإرهابية أيضا، وهذا ما تستشعره القوات الأمريكية وما تعانيه منه ، في العديد من المناطق الغربية والشرقية من العراق ، لذا طرحت الإدارة الأمريكية مشاريع للمصالحة الوطنية  للخروج من هذا المأزق المعطل لكل أهدافها ، التي جاءت من أجلها للعراق .. فالمصالحة لا بد من  تحقيقها  وبأي ثمن ، حتى لو كان الثمن التضحية بحكومة المالكي ومن معه من الحلفاء في الحكم ، فالفشل  في العراق   يشكل هاجسا مخيفا للإدارة الأمريكية ،
لم تحقق  مشاريع المصالحة التي نفذت على شكل مؤتمرات ، نجاحا يذكر ، على الرغم من الدعم الأمريكي لها ، بسبب تمسك أطراف  النزاع ، كل بطروحاته ، المناهضة للسلم الأهلي وحرية الشعب العراقي ، الجناح القومي  البعثي وجبهة التوافق بكل أطرافها ، من جهة ، و الحكم وقوى الائتلاف المتمسك  بمشروع " اجتثاث البعث " من جهة أخرى،  وفي ذهنهم مفهوم خاطئ عن المصالحة الوطنية ،  يتبناه أصحاب مشروع " الاجتثاث "، فهم يرون أن المصالحة تكون  بين مكونات الشعب العراقي ،  وليست بين الخصوم أو الأعداء ، وهذا مفهوم مراوغ ، ولا مصلحة للشعب فيه،  يداعب عواطف العامة و البسطاء من أبناء الشعب ،  لترسيخ الفتنة والتناحر بين مكونات الشعب العراقي  . 
لا أحد ينكر أن النظام الساقط  فاشي النزعة ، وجل قيادته  حاقدة وتكره الشعب  ، تسببت بكل ما جرى  ويجري حاليا في العراق ، وبالجانب الآخر ،على الدولة بكل مؤسساتها أن تعيد بناء العراق المخرب مهما كان الثمن ، لذا  يجب أن تحسم كل ملفات الجرائم التي ارتكبها النظام السابق، وبأقرب وقت وبأقصر طريق ، ولكن كيف ؟ وما هو الوقت اللازم لها ؟ هل نبقى سنين طويلة نفتح ونغلق ملفات لمئات الآلاف من الأشخاص الذين أجرموا وأساءوا بحق الشعب والوطن ،إن لم يكن لملفات الملايين ..؟ ثم أن العراق لم يكن الوحيد والفريد في عالمنا المعاصر ،  بما ابتلي  به ، فأوطان وشعوب كثيرة حكمتها أحزاب قومية وفاشية ، ألحقت بأوطانها وشعوبها الخراب والدمار ، فبما تملك هذه الشعوب من حب لأوطانها ، والقيادات السياسية بما تملك من حكمة في تجاوز الخسائر التي لحقت  بشعوبها ،استطاعت أن تبني، وتعيد البناء من جديد،  متجاوزة للصعوبات عن فهم وإدراك لمسؤولياتها، جاعلة من القانون الفيصل والحل ، لكل  المآسي والأحزان التي ارتكبها الحكام  السابقون ، الحل إذن ، محاكم عادلة  وعقوبات بعمق ما أحدثته الجريمة في المجتمع والوطن ، لتلك  الرؤوس التي تسببت في الجرائم ، فاليابان وإيطاليا وألمانيا وجنوب أفريقيا ، وغيرها من البلدان ، شعوبها عانت من جرائم حكامها ، ففوضت القانون لملاحقة من أجرم ، وأسدلت الستار على تلك الجرائم  وتجاوزتها ، وانطلقت للبناء ، فالشعوب لها تجارب غنية بهذا المجال ، يمكن دراستها واستخلاص العبر منها ...
مصلحة الشعب العراقي ، تكمن في مصالحة جادة وحقيقية ، والتصالح أصبح ضرورة ، لكل هذه الأطراف مع بعضها  ، بعد أن جرب الجميع ،  واستنفذ  كُل طرف ما بجعبته من أسلحة ، لتدمير الوطن  وأساليب لترويع الشعب ، دون أن يحقق أحد  نصرا على الآخر ، الكل فشل في تحقيق أهدافه ، عن طريق الحرب والإرهاب ، وما عليه سوى أن يجرب الصراع السلمي والديموقراطي ، عن طريق البرلمان ، فهو الخيار المجرب والأجدى،  كما هو الأنسب  لتحقيق أهداف  مشروعة يقرها ويدعمها الشعب  ..
 كل القوى الشعبية والسياسية الوطنية تعارض الاقتتال بين الفصائل العراقية  ،مهما كانت طائفتها وقوميتها ، وكل  قوى الشعب  الوطنية ، تدعم التوجه السلمي لتحقيق مصالحة حقيقية ، بين  الفصائل المتناحرة  ، وترى ـ  القوى الشعبية والسياسية الوطنيةـ في مشروع قانون " المساءلة والعدالة " المطروح على المجلس النيابي لمناقشته وإقراره   بديلا مناسبا ، عن قانون "اجتثاث البعث" الذي فشل في تحقيق الأهداف التي  شرع من أجلها، ومشروع القانون الجديد،  يضمن الحد الأدنى لنزع سلاح الإرهاب ، ويمهد لنجاح مصالحة مقبولة بين القوى المتصارعة ،  فتشريعه  أصبح ضرورة ، لإحلال الأمن والسلم والطمأنينة للشعب العراقي ،  ولحصر الجرائم التي ارتكبها النظام السابق ،  بحق الشعب العراقي ، في الرؤوس القائدة والمنفذة لذلك النظام ، ويفسح في المجال  لحل جذري وفعال للاحتراب ، فالخاسر هو الشعب والمواطن ، أيا كانت الضحية ،  والحقيقة التي يقرها كل عاقل ، هي ،  ليس كل من انتمى لهذا الحزب أو من خدم ذاك النظام ، هو مجرم تجب محاكمته أو عزله ، فتسليم الأمر للقضاء ، هو الأجدى والأمثل ،  ويجب  أن يترك التشريع  له فسحة واسعة ، لأن تمارس المحاكم عملها  ، ولتلعب دورها في رد الاعتبار لكل من تجنى عليه حاكم أو مسؤول مهما كان، ولكل من وقع عليه ظلم أو حيف ، أو تجاوز على حقوقه الشخصية ، سواء أكان من  أركان النظام وشخوصه ، أم من  تلك  الأدوات التي أساءت استخدام سلطتها ومعاملتها للمواطنيين ، وليعمل الجميع  من أجل أن يسدل الستار مهما كان الجرح عميقا ، ومن أجل أن يعود الأمن والاستقرار للمواطن وللوطن ، وبدون هذا سنبقى في دوامة العنف ، ويبقى المواطن والوطن هما الخاسران ، في معركة لم ، ولن ،  ينتصر فيها سوى الحقد والكراهية ، وآنئذ سيبقى الوطن محتلا وثرواته منهوبه، والمواطن تتقاذفه أمواج الطائفية وعنفها ، ولا يدري أية مرجعية للإسلام ستهديه سلما وأمانا ، وأي حكومة ستوفر له عملا وقوتا    ...!   
27تشرين الثاني2007

22
بلاغ اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي..!

 (2)

القسم الأخير 


 
هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد


 

  ثلاثة عناوين متفرقة في البلاغ خصصت ل " التوجهات الأمريكية والموقف منها ، رفض قرار بايدن ، والوجود العسكري الأمريكي " لا تضيف هذه الفقرات جديدا إلى موقف الحزب الشيوعي العراقي ، من التواجد الأمريكي الحالي في العراق، فموقفه مناهض منذ تأسيسه ، لسياسات الدول الاستعمارية  ، ومعارضا تدخلها في شؤون الغير ، كان وحتى اللحظة ، على الرغم من محاولات تشكيك المتياسرين ،    بموقفه المعلن والمعارض ، لشعار الحرب على العراق ، وكذا معارضته لإسقاط النظام ، عن هذه الطريق ، فموقفه من الحرب ومن النظام الدكتاتوري ، من قبل أن تدخل القوات الأمريكية الأرض العراقية ، معروف للقاصي والداني ، " لا للحرب على العراق ، لا لسقوط النظام بيد القوات الأجنبية ." معتبرا سقوط النظام شأنا داخليا ، ومهمة الشعب العراقي  ، لا شأن للدول الخارجية فيه ، فدخول القوات الأمريكية والأجنبية إلى العراق ، كان نتيجة لقرار أمريكي صرف ،التقت عليها المصالح ، المصلحة الأمريكية ، ومصلحة بعض القوى السياسية ، قومية ـ عنصرية وإسلامية ـ  طائفية ، اتفقت وتعاونت  معا على إسقاط النظام ، عن طريق الحرب . الحزب الشيوعي العراقي ، ليس من بين هذه القوى ، المؤيدة للحرب على العراق ، بل معارضا لها ، لذا استبعدته ـ أمريكا ـ  من كل نشاط سياسي كانت لها يد في إدارته ..

لجنة العمل المشترك (*)عقدت آخر اجتماع لها في دمشق بمقر حزب البعث ، قيادة قطر العراق ، المناهض للنظام الصدامي ، حضرت هذا الاجتماع أغلب قيادات هذه اللجنة ، كما حضره  السيد مسعود البرزاني ،  القادم ،لتوه ،  من الولايات المتحدة ، حيث أبلغ ، السيد مسعود ، ممثلي أحزاب لجنة العمل المشترك ،المجتمعين ، قائلا : " أن أمريكا قررت دعمها لعقد مؤتمر في( صلاح الدين  )  ، دون موافقتها على حضور حزبين من المعارضة العراقية لهذا المؤتمر.."  كان واحدا من الحزبين المحجوبة عنه نَِعمْ أمريكا ،هو: الحزب الشيوعي العراقي .

  الحزب الشيوعي العراقي ، قد رفض الاحتلال ، فبديهي أن يرفض كل نتائجه ، خصوصا تلك التي يراد منها  تقسيم العراق وتجزئته ، فـمجلس الشيوخ الأمريكي، بأغلبيته الديموقراطية ، تبنى  مشروع ،  بايدن ، سيئ الصيت ، وأصدر قراره بتقسيم العراق  إلى ثلاث  كانتونات قومية ـ عنصرية وطائفيه ، متقاتلة ومتخاصمة ، دون قدرة على حماية نفسها ، ودون إمكانية على اتخاذ قرار وطني و مستقل ، رفض هذا القرار  ويناضل ضده ،  ليس الحزب الشيوعي العراقي لوحده ، بل الكثير من القوى السياسية الوطنية  ، بغض النظر عن انتمائها الوطني والقومي والديني والطائفي   . قرار "بايدن " الأمريكي ،  كان في حقيقته  بديلا للحل الوطني والديموقراطي، الخاص بالقضية القومية في العراق ،  الذي  أطلقه الحزب الشيوعي ، حيث أورد البلاغ عن هذا القرار"رفض الحزب هذا القرار الخاطئ في قراءته ومعالجته ، وفي الوقت ذاته أكد الموقف الذي تبناه الحزب منذ أوائل تسعينات القرن الماضي ، ارتباطا بالتطورات في إقليم كردستان العراق غداة انتاضة آذار 1991 والذي يرى في النظام الاتحادي ( الفيدرالي )الحل الديموقراطي للقضية الكردية في ظروف العراق الملموسة .وفي الوقت نفسه أيد الاجتماع من حيث المبدأ ،  إقامة نظام اتحادي في العراق .."  فالحلول العراقية الوطنية ، المنطلقة من واقع وحاجة العراق إليها ، هي من يجب أن تتوجه لها كل القوى الوطنية والديموقراطية ، وليس ما تخطط له الدوائر الأمريكية والأجنبية ، فليس سوى قصيري النظر ، من يعتقد أن الدول الأمبريالية ( دول العولمة ) هي مخلصة في ما تقدمه من حلول للمشاكل العراقية ، سواء أكانت هذه الحلول للقضية القومية   أم الأثنية ، أو لقضايانا الأخرى من المشاكل الشائكة ،  الاقتصادية والأمنية ،  فعلى قادتنا ورجال حكمنا ، من السياسيين والمنظرين ، قراءة التاريخ العراقي واستيعابه جيدا،  للاتعاظ  بدروسه ومعطياته ، فالاحتلال ليس  دائم الوجود  ،وهو غير قادر على حماية  ودعم القوى التي لا  يعنيها من العراق سوى تقسيمه وتجزئته ،فالعراقي الوطني  لن يبقى ، أبدا ،  منقطعا عن تاريخه أو ماضيه،  مسلوب الإرادة، تتقاذفه أمواج الطائفية الكريهة ، ورياح القوميةـ العنصرية البغيضة ، فالشعب العراقي ، كما يقول المثل  ـ معروف ومجرب ـ لن يظل صابرا ، على ضيم يحيق به ، ولا على ذل يسحقه ، ولن يستسلم لإرهاب  المليشيات الطائفية والقومية العنصرية ، المدعومة بالمال والسلاح ،  من دول ومنظمات أجنبية ، معادية للعراق وشعبه ، تخشى قوت بأسه ،  وعمق وعيه ، فلا بد من صحوة ، وهي بلا شك قادمة ..

 

السؤال الملح ، للحزب الشيوعي العراقي ، ما هي إمكانيات  القوى الوطنية وطاقاتها  الموظفة  في الظرف الراهن على الساحة العراقية لـ "  السير بها قدما على طريق بناء العراق الجديد ، الديموقراطي والفدرالي الآمن وكامل السيادة " ومن هم الحلفاء المعتمدون والداعمون لمثل هذا البناء ، ومن سيعضد  " رفض أي وجود عسكري أجنبي دائم على أرض بلادنا .." ؟  وكل حكم " المحاصصة " وقادته طار رعبا من مقترح  " سحب القوات الأمريكية "  ،  وتناوبوا حط الرحال، سرايا ووحدانا ،  في ساحة البيت الأبيض ، لا فرق  بين طائفي أو قومي عنصري ، كلهم ، حتى الذين كانوا يطالبون زورا برحيل القوات الأجنبية ، سجدوا متضرعين  إدارته ،  بالعدول عن  مثل هذه المقترحات ...

 

  وكثيرة هي المشاكل والقضايا،  التي طرحها البيان ، وكلها  من اختصاصات الحكومة ، والحكومة عاجزة عن الحلول الشافية والناجزة ، نتيجة لعدم النزاهة و فساد أجهزتها المتنفذة ، وبعض ما أورده  البلاغ  يتعلق بتشريع القوانين ، المطروحة أمام مجلس النواب ، برسم المناقشة  والإبرام ، وهي قوانين تمس حرية العراق وسيادته، استقلاله ووحدته  ،كما هي بنفس الوقت  ثروات واقتصاد البلد برمته ، كـ "  قانون النفط والغاز والموارد المالية .."  ومشاكل أخرى تنتظر صدور قرارات توافقية كـ"قضية كركوك " فالتسويف ، وعدم الجدية في المعالجة والبت فيها ، من قبل ذوي الشان  ، تؤدي إلى احتقانات قومية وطائفية وسياسية ، و العراق ليس خالي الوفاض منها ، فالأمر الحكيم يقتضي تجنب العنف أو تصعيده ، كما  المصلحة العامة  ضرورة لحل الجدل الحاصل حول حقوق " صلاحيات الإقليم في توقيع عقود التنقيب والإنتاج ، وحول ،  اعتماد عقود المشاركة .."  العراق كله بحاجة لموارد مادية ترفد خزينته، ليس لنهب المسؤولين وانتفاخ كروشهم ، بل لبناء البلد المنكوب بهم ،  ولإعادة  بناء مشاريع التنمية والبنى التحتية المفقودة  والمخربة ، في كل أنحاء العراق ، فكل ما ذكره البلاغ عن " المعاناة المعيشية والحياتية للشعب ، والمشاريع الاقتصادية الحكومية ، وغيرها من العناوين  ، تحتاج لمعالجات آنية وجذرية من الحكومة ومجلس النواب ، وكلاهما بالوضع  الحالي ،  غير قادرين على الالتئام وجمع  الشمل ، وذلك للخلافات المستعصية بين القوى والفصائل اللذان  يتشكلان منهما ، دون شعور بمسؤولية ضمير أو شرف ،  تجاه الوطن والمواطن الذي أنتخبهم ، وهذه من أعقد المشاكل التي تواجه الدولة بكل مؤسساتها ، فلا بد من حل ، حتى وإن كان اللجوء للعمليات القيصرية ، وإن كانت  خطرة ،  ف الحزب يتحمل المسؤولية أمام شعبه وأمام المواطنيين من حزبه ،  لأن يدفع بهذا الاتجاه .. 

القضايا التي أشار إليها البلاغ أو لامسها ،كلها هامة وضروري حلها ،  إضافة لمشاكل أخرى لم يتطرق لها ،  كقضية السجون والموقوفين ، وهي من المشاكل التي تحتاج إلى حلول عاجلة ومعالجات جذرية ، وبالتأكيد أنها  مسؤولية الدولة بكل مؤسساتها وأجهزتها ، كما هي من مسؤولية منظمات المجتمع المدني ، بقدر ما يتعلق الأمر باختصاصات هذه المنظمات ، والحزب الشيوعي تقع على كاهله مسؤولية أكبر ، حسب ما أعتقد ، على الرغم من أنه أصغر الأحزاب تواجدا، سواء أكان في المجلس النيابي ، أم في السلطة ، إلا  أنه في كل المقاييس ، هو مشارك في الحكم ويتحمل المسؤولية ، أمام شعبه ،وحزبه ،  كما يتحملها أي حزب آخر، إن لم يكن أكثر،  لاعتبارات كثيرة ، فالتعثر في حلول الدولة ومؤسساتها ،والإمعان في عرقلة الحلول ، تتطلب من الحزب ، وهو عين من العيون الوطنية ، في مجلس النواب والسلطة ، أن يعلي من صوته في تشخيص الخلل ومكمنه، والدعوة لعلاجه ، وبدون هذا تتلاشى مصداقيته ، حيث هوـ الحزب ـ في ظرفنا موضع اختبار وتجربة لدعواه في الدفاع عن العراق وشعبه ، وعن حريته ومعاشه وأمنه ، ضد كل من يعمل على إدامة خوفه وسرقة قوته ..

الحزب الشيوعي العراقي ، يتمثل في المجلس النيابي بعدد متواضع من رفاقه  ،العراقيين ،  والكوردستانيين العراقيين ،  وهؤلاء يمثلون  كتلة الحزب الشيوعي في البرلمان ، كان بودي لو حصلت إشارة لنشاط هذه الكتلة ودورها في هذه المؤسسة المهمة ، فالحقيقة لا تبتعد عني إذا قلت ، أن  كل القوى السياسية الوطنية والطائفية والقومية ، تعطي كتلة الحزب دورا كبيرا ومهما ، في نشاطها بهذه  المؤسسة التشريعية ، لما يمتلك الحزب من تراث ومصداقية وطنية ، وما لديه من مؤهلات تاريخية وثقافية ومعرفية ،  مدعومة بفكر تقدمي ،  يمثل شغيلة اليد والفكر ، إلا أن ما نلمسه يكاد يكون  متواضعا جدا ، إن لم يكن باهتا ، أو معدوما ، فهل هذا  ضريبة المشاركة في السلطة ، أم أن كل شيء داخل هذه المؤسسة على ما يرام ..؟ الحزب الشيوعي العراقي مطالب برفع صوته ليس بين جماهير الشعب ، بل في مجلس النواب أيضا ، حيث حيتان القرش والضواري تحكم البحر والبرفي  العراق، ’ملين أن يبرر الحزب الشيوعي ثقة ناخبيه، على أقل تقدير ، مع تمنياتنا لأن يكون أكثر شفافية مع الشعب،  للإطلاع على قراراته المتخذة ، وأن تنضج ،  لتكتمل  صورة الديموقراطية بها ، فالعلانية والديموقراطية والشفافية ، من أكثر الأساليب  فاعلية للمراقبة الجادة في تطوير العمل ،  لتحقيق أمن استقرار البلد، وسعادة الشعب العراقي..  مع خالص التمنيات للجهود المبذولة والهادفة..! 

21تشرين ثاني ‏2007‏‏-‏11‏‏-‏21‏

___________________________________________________

(*) لجنة العمل المشترك ، تجمع سياسي لقوى المعارضة  العراقية ، ضد نظام صدام المقبور ، تشكلت من مختلف الفصائل الوطنية و القومية والإسلامية:عربية وكردية وكلدوـ آشورية واسلاميةـ طائفية ، وقوى ديموقراطية وشيوعية ، عقدت مؤتمرا للمعارضة العراقية في بيروت ،عشية الانتفاضة، في الأول من آذار من  1991   )   

 

23
بلاغ اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي..! (1)


 

هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد


وصلني ، متاخراَ ، بلاغ اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ، عن اجتماعها الإعتيادي الدوري ، المنعقد في 13 تشرين أول 2007 ، وبعد قراءته ، تراءت لي  ضرورة التعليق على بعض من فقرات  ، كانت اللجنة المركزية قد بحثتها وتطرقت اليها ، وإن كان بعد مضي وقت ، إلا أن هذا لم يمنع من إبداء للرأي فيه  إتماما للفائدة ..

" افتتح الإجتماع أعماله باحياء ذكرى الفقيدة د.نزيهة الدليمي .." والفقيدة الدليمي كانت خسارة جسيمة ، للحركة الوطنية و النسوية العراقية ، وللحزب الشيوعي العراقي ، على مدار سني  نضالها ، منذ أكثر من خمسين عاما ، وكان الأجدر بهذا الاجتماع أن يطلق اسم الفقيدة على دورته ..

" بحث الاجتماع مستجدات الأوضاع في البلاد .. " بلا شك أن مستجدات   الساحة العراقية كثيرة ومتنوعة ، لها أول وليس لها آخر ، إلا أن المهم من أين المبتدا وإلى أين المنتهى ، وكل المشاكل التي ُيستوجب طرحها ومناقشتها عويصة وبعضها مستعصٍ على الحل ، وهذا ما ازدحم به جدول عمل هذا الاجتماع ، بحيث كان البلاغ الصادر عنه يتكون من 6 صفحات بالبنط الصغير،  ومجموع كلماته جاوزت الأربعة آلاف كلمة ، والعناوين التي تمت دراستها جاوزت العشرين عنوانا ، فمن هنا أقول مرحى لهذا الاجتماع الذي استوجب صبر الرفاق ، على بحث ومناقشة كل ما ورد فيه ، وآمل أن يكون ذلك البحث و تلك المناقشات الجادة ، وهي بلا شك جادة ، قد خرجت بالنتيجة المرجوة منها .. آملين أن  يكون مثل هذا العرض تقليدا ، في البلاغات القادمة لاجتماعات اللجنة المركزية... 

أولى الملاحظات على هذا التقرير ، أنه لم يبدأ بما عودنا عليه الحزب الشيوعي من  قراءات لنشرياته ومحاضر اجتماعاته ، ابتداء بالداخلي  العراقي ، مرورا بالعربي ـ الإقليمي ، ومن ثم بالخارجي ـ الأجنبي ، إنما في هذا البلاغ ، كان التداخل  بيًنا ، بين ما هو محلي وخارجي وإقليمي مما يربك القارئ في متابعته للحدث ...

البلاغ وضع القارئ أمام لوحة جدول أعماله التي ناقشها ،  أو درسها ، الاجتماع وهذا أمر إيجابي ، إلا أن  ما يؤاخذ عليه،عدم الإشارة إلى الحلول والمعالجات التي تبناها الاجتماع ، فالغرض من عقد الاجتماع  ليس فقط متابعة ما طرحه الحزب في دوراته السابقة ، أو ما تضمنه برنامجه،  في مؤتمره السابق من  حلول للمشاكل العراقية ، الأمنية ، وأزمة البلاد السياسية والاقتصادية ،  وإنما كذلك لتقييم  الأداء الحزبي ، ولدراسة ومعالجة النواقص للفترة المنصرمة ،  ومتابعة تنفيذ قراراته،  ومشاريع الحلول التي وضعها لحل  العقد السياسية ، فعندما يشير البلاغ في عنوانه " التطورات السياسية واحتمالات المستقبل "  يجري الحديث وكأن العراق تتصارع فيه فقط قوى سياسية عراقية ، تريد " العودة بالبلاد إلى نقطة البداية..." وكأن ليس هناك من حلفاء لهذه القوى، من دول  إقليمية وأجنبية تحاول تنفيذ مشاريعها ، لأن يبقى العراق ضعيفا ومجزءَ متقاتلاَ ..أليس من الضروري تعرية تلك القوى الداخلية والخارجية ، لتعم الفائدة ، وليعرف القارئ من هي تلك القوى ..

الكل يفهم ، حتى العراقي البسيط ، الأمي ، الكادح ، والمغيب عن واقعه ،  والمنعزل في البطائح العراقية ، من دون كهرباء ، ولا ماء شرب نظيف،  ومن غير مدرسة ، وبلا علاج له ولأطفاله ، ومن دون أمن كذلك ،هذا المواطن  يعرف " أن العملية تواجه صعوبات جدية واختلالات كبيرة .."إلى بقية الجلجلوتية الواردة في عنوان " العملية السياسية والحاجة إلى إصلاحها " ولكن كيف الخروج من هذا المستنقع القذر الذي انحطت فيه قوى سياسية طائفية وعنصرية ، استمرأت محاصصة السلطة، لتنهب وُتفسد كل مجالات الحياة ،  ولا تريد حلا للمأساة العراقية ، التي يروح ضحيتها يوميا مئات من البشر بأشكال موت متعدد الأشكال والأساليب ، ألا يجدر تسميتها والإشارة إليها ، لتوعية هذا المواطن المخدوع ليعرف في المرة القادمة ، على الأقل  ، أين يضع ورقته الإنتخابية ،إن لم تكن هذه  مسؤولية الحزب الشيوعي ، فهل نطالب الأحزاب الطائفية والعنصرية  الحاكمة  أن تقوم بهذه المهمة ..؟

في عنوان " تحسن الوضع الأمني " إذا كان المواطن يستطيع الخروج من داره في الكرخ إلى أي مكان في الرصافة ، أو حتى إلى دائرته ومجال عمله ، القريبة من سكناه ، دون أن تودعه زوجته ويقبل عيون أطفاله ، كنا نصدق مقولة بأن " شهد الوضع الأمني خاصة في بغداد، تحسنا ملموسا .." ، ولكن كيف هذا والبلاغ يعترف أن "ديمومته و توطده ـ أي الوضع الأمني مرهون ـ بتجاوز التعثر في الميدان السياسي .." ومن هو في الميدان السياسي ؟  غير أكثرية من   قوى طائفية وعنصرية ، متصارعة ومتناحرة ، بعضهم  أعضاء في الحكومة والمجلس النيابي ، وهم ، نفسهم ، من يشعل نيران الحرائق ويؤجج أوارها ، ويدير حلقات القتل والتفجير والتفخيخ  ، من مناطق تواجدهم ،  في إيران والسعودية وعمان وسوريا والقاهره ، وغيرها من بلدان أخرى تحتضن المعادين لتوافق القوى السياسية ، ولكل حل وطني للقضية العراقية ، بحيث أصبح ، من المتعذر أن يعقد المجلس النيابي جلسة بقوام كامل لأعضائه ، أو باغلبية قادرة على مناقشة وإقرار أي أمر يتعلق بأمن وحياة ومعاش المواطن ، ناهيك عن إبرام قانون أو للخروج بقرار" لتفعيل مشروع المصالحة الوطنية .." ، إن محرري  البلاغ يعيشون  حالة رومانسية فريدة ، مع وحوش وضواري ، ما عاد المواطن ، والشأن العراقي أمرا يعنيهم ، وهم جاؤا  للحكم بورقة من هذا المواطن، الحسن النية ، حيث  خدعوه بدينه وطائفته وقوميته .. أن مقومات الأمن والسلم الأهلي بعيدة المنال ، وغير قادرة على تحقيقه  قوى سياسية ، وحكومة من صلبها ، لا تؤمن أصلا ، ب " ضرورة المشروع الوطني الديموقراطي " فهي بالأساس ضد كل ما هو وطني وديموقراطي ،فكيف تؤمن بهذا المفهوم ؟  ومن يقرأ الدستور ويمعن في دلالة  مواده، لا يكذبني فيما ذهبت أنا إليه ، وكل مراهنة على" فتح  حوار بين القوى الحريصة على إنجاح العملية السياسية ،للبحث في إقامة أوسع تحالف سياسي على أساس برنامج وطني وديموقراطي .." (كما جاء في عنوان ضرورة المشروع الوطني الديموقراطي ) هو ضرب من الخيال ،  في ظل حكومة ، لم تنفذ أهم فقرات برنامجها السياسي ، وهي متشكلة من قوى سياسية تتجاذبها مصالح أنانية ضيقة ، ومصالح دول الجوار ، وهي حريصة على الفرقة والتناحر ، أكثر من حرصها على حياة من تحدى الموت ، الذي أوصلهم للحكم ، للتحكم بمصيره البائس ، فأصحاب القرار والحكم  والتشريع في مؤسسات الدولة ، كل يغني على ليلاه ، فالمجلس النيابي غير قادر على إنجاز مهامه المنوطة به ، ومجلس الرآسة غير قادر على التوحد فيما بين أعضائه ، والحكومة غير متفاهمة  مع هذا المجلس  ، فمن سيساهم في " المشروع الوطني الديموقراطي الذي طرحه حزبنا في شهر آب الماضي .." الغرابة في سذاجة هذا الطرح ، لأنه صادر من ، الحزب الشيوعي العراقي  ، حيث يفترض فيه أنه قد خبر كل هذه القوى ، من قبل ومن بعد ، حيث كان حليفا لأغلبها ، ولم يكن جزاءه منهم ، بأفضل من جزاء " سنًمار" الباني لعرش قاتله ، يقول الحكماء :  العاقل من اتعظ بغيره ، فماذا سيقولون لمن لم يتعظ بفعله ..الله يكون في عون العراقيين ..

القسم الأول

19 تشرين أول 2007     

24
   
   المادة 142 من الدستور... عقبة في استقرار العراق ... .!!
               هادي فريد التكريتي
          عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد
 بعد سقوط النظام في العام  2003 ، أعادت  قوات الاحتلال الأمريكي تشكيل الدولة العراقية ومؤسساتها الرسمية ، على أسس طائفية وعنصرية ،  مدركة كل الإدراك  الهدف والغاية من رواء هذا التشكيل ،  وما سيلعبه مستقبلا هذا النظام ، من  ترسيخ نزاع وعدم استقرار ، بين مكونات الشعب العراقي ، و  قيام علاقات اجتماعية  قلقة وغير مستقرة  ،  تخدم الأهداف الأمريكية  ومصالحها ، ليس  في العراق  لوحده  ، بل وفي عموم المنطقة كلها ،لآماد طويلة .
  الإدارة الأمريكية ، لم تدخل العراق بقرار آني وغير مدروس ، نتيجة لما كان يعانيه الشعب العراقي من اضطهاد وقمع،  مارستها ضده  سلطة فاشية ، فأمريكا هي من أتت بصدام ، وهي تعرف طبيعة النظام وفلسفته ، كما تعرف أن رئيسه " المنصور " الذي اختارته و دربته مخابراتها ، فاشي حتى العظم ، عدو ليس لتطلعات الشعب العراقي ، وكل نسيجه الوطني  والقومي ، وإنما   لشعوب وحكومات المنطقة ، أمريكا تعرف هذا مسبقا ،  كما عرفت  مقدار عزلته عن الشعب،بعد أن نفذ لها كل ما أملته عليه من سياسات كانت ليست في صالح العراق وشعبه  ، كتوقيع معاهدة الجزائر مع شاه إيران في العام 1975 التي أباحت له قتل وإبادة الشعب الكوردي ،  وإعلان الحرب على إيران وغزوه للكويت ، وبعد أن حققت ما رسمت له وخططت ، ما عادت تراه مؤهلا لتنفيذ أهدافها اللاحقة في المنطقة ، لذا  أسقطته  لتأتي بحكم بديل ، رموزه طائفية وقومية عنصرية ، مستعدة لتنفيذ مهام المرحلة الراهنة والمقبلة مهما كانت أهدافها صعبة التنفيذ ،  بعض قوى المعارضة لصدام وهم من يقود الحكم حاليا، كانت تدرك  عن يقين  مدى بطلان  صحة  دعاوى" الديموقراطية "التي تتبجح بها أمريكا لتوريدها للشعب العراقي ، ولشعوب المنطقة  ، فلو صدقت المعارضة العراقية ، وقتئذ ،  بهذا التوجه  هذا لما تعاونوا مع أمريكا ،  لأنها أحزاب دينية ـ طائفية ، وقوى قومية وعنصرية ، وهي من حيث الفكر والممارسة، ليست ضد الديموقراطية فقط  ،  وإنما ضد العلمانية، التي هي أوطأ درجة  ، ممارسة ومفهوما ، من أبسط المفاهيم الديموقراطية.. أمريكا لو كانت مخلصة أو صادقة في دعواها: " تخليص العراق وشعبه  من نظام حكم دكتاتوري وشوفيني، ولبناء  مجتمع ديموقراطي "   فعلا ونية ، لما شرعت  ، وهي العريقة في الديموقراطية ، للعراق نظام "  المحاصصة الطائفية والعنصرية "، فهذا النظام  أسوء مما كان عليه الوضع السابق ، فتأسيس نظام على بداية سيئة ، نتائجه اللاحقة لن تكون إلا أسوء من سابقتها ، وهذا ما كان ، وحصل ، منذ أول خطوة خطتها أمريكا في إعادة تأسيس الدولة  العراقية ،فليس هذا خطأ  غير مقصود، من باب الاجتهاد ، كما يحاول البعض من كتابنا ومحللينا  أن يصورونه  ، بلهو أمر  مدروس وعن قصد عمد ، فإدارة بوش وقيادات قوات الاحتلال الأمريكية  لها خبرات واسعة قد تراكمت عبر عشرات السنين ، وهي تعرف جيدا ، خطورة " العنصرية والطائفية " على الديموقراطية ، وتتنافى كليا مع أبسط مبادئها .
   دولتنا العتيدة في كل مؤسساتها الرسمية  :المجلس النيابي ، ورآسة الجمهورية ،  والحكومة ،، اختفت منها مفاهيم الوطنية ،وهي تمارس المظاهر  الطائفية والعنصرية وتجاهر علانية بها  ،  سواء من كان في منصب الرئيس  أو من هو  في منصب نائب الرئيس ،  كل هؤلاء،  وكل  أعضاء  هذه المؤسسات  في المواقع الثلاثة  ،( إلا قلة كالجاموس الأبيض من  بين القطيع ) ، تنكر للقسم الذي أقسمه : لأن يصون مصالح الشعب ويحمي الوطن ، والكل يتناسى المفاهيم والقيم التي كان يرددها و يدعيها أمام أنصاره ومريديه ،ويتعرى دون أدنى حياء أو خجل من مبادئه، ويتناسى مصالح شعبه ، وهموم مواطنيه  و كل  ما  كان يؤمن به ، عندما يلتقي رئيس الإدارة الأمريكية ، أو من يمثلها ، ليضمن البقاء في موقعه ، أو ليحتل  منصبا يليق به في وقت لاحق ، جزاء ما قدم من خدمات وسيقدم  .
  أصحاب الحكم الحالي ، يعلم أن الإدارة الأمريكية لم تقع بحب هذا أو ذاك من المسؤولين العراقيين ،فلم يكن قدومها للعراق واحتلاله من أجل إرجاع "حق تاريخي"  مغتصب، أو لضمان استمرار حكم  هذه الطائفة أو تلك  القومية،  و ليس من أجل بناء الديموقراطية  ورفاهية  الشعب العراقي ، كما قالوا . ما يهمها   استثمار نتائج  غزو جيوشها للعراق وتنفيذ المهام  التي استقدمتها  من أجلها ، في  العراق ، والمنطقة، وللمحافظة على ما تحقق فعلا لها من مواقع  ، وما سيتحقق لها مستقبلا ، و الإدارة الأمريكية تدرك ، أيضا،  أن ديمومة بقاء مصالحها مرتبط  بتوثيق  " الشرعية"  لبقاء  قواتها العسكرية والأمنية ، وفق اتفاقات ومعاهدات عاجلة، تستعجل السلطةَ العراقية  على  إبرامها وتوثيقها قانونيا ، آخذة بالاعتبار مصالحها أولا وأخيرا ، وهذا ما تحدث به صراحة  وعلانية الرئيس بوش من رئيس الوزراء نوري المالكي ، عندما التقاه في نيويورك  في منتصف شهر أكتوبر على هامش الذكرى السنوية لتأسيس الأمم المتحدة ، حيث اقترح عليه " عقد اتفاقية أمنية استراتيجية ، طويلة الأمد بين العراق والولايات المتحدة على غرار الاتفاقيات التي عقدتها الولايات المتحدة مع دول الخليج ، وبالذات الاتفاقية الأمنية الطويلة الأمد مع المملكة السعودية "  ، لأن هذه الاتفاقية وفق تصور بوش " ستكون ملزمة للرئيس حاليا ولرئيس الولايات المتحدة القادم ، كما أنها تزيل القلق السعودي والخليجي الناجم من عدم توقيع العراق لمثل هذه الاتفاقية الأمنية .." ليس هذا فقط ما طلبه بوش من المالكي ، إنما طالبه " سرعة المصادقة على قانون النفط والغاز " وهذا بعض أهداف عاجلة  ، جاء ت قواته من أجلها للعراق ، ومن مستلزمات  ترسيخ التحالف مع الإدارة الأمريكية  ضرورة  إنجاز "  ملفات المصالحة الوطنية ، وحكومة الوحدة الوطنية ، واجتثاث البعث , واستكمال الخطوات التي تتعلق بقضية كركوك  وتعديل الدستور " والمطلب الأخير هو ما يضفي الشرعية على كل ما تريد أمريكا  تحقيقه من أهداف في العراق ،   المالكي كان يصغي بانتباه للرئيس بوش ، فمطالبه أوامر ، ما عدا ما أبداه من  مخاوف  لتسليح عشائر الدليم التي يفهم مغزاها جيدا المالكي ، فربما يؤدي هذا إلى ضياع ما تحقق ، حتى الآن ،  للطوائف ولجيرانهم من مكاسب ،  ـ وهي مخاوف  مشروعة وفي محلها ! ـ إلا أن الأمريكان ، علمتهم تجاربهم عدم وضع البيض في سلة واحدة غير مضمونة البقاء ، ولهذا شرعت قوات التحالف ، تسليح عشائر غرب العراق ، الموالية لهم ،  والتي وثَق الرئيس بوش  علاقاته الشخصية معهم ، وأمدهم بالمهم من سلا وعتاد ومال ، وبكل ما يحتاجونه لتنفيذ الأمريكي الجديد ، دون استشارة الحكومة ، بل قد زارهم  شيوخا وأفردا ،في دورهم ومنازلهم ، سرا وعلانية ، أكثر من مرة ، دون علم أو استئذان من سلطة دولة ،تطلب من الغرير احترامها ، كما  تدعي الاستقلال والسيادة  على الأرض العراقية ..
إدارة الرئيس بوش تدرك جيدا أن كل ما جاءت  من أجله في العراق ،  ربما ، يذهب هباء منثورا ، إن لم تعالج حكومة المالكي ، ومؤسسات السلطة الأخرى ، الملفات التي لم يبت فيها حتى الآن، خصوصا تلك المساعدة على استقرار الوضع العراقي  بشكل عام  ، وهي كثيرة ، أهمها على الإطلاق مسألة تعديل الدستور وفق المادة 142 ، هذه المادة  ُشرعت بالأساس ، لتلافي عدم اتفاق القوى المشاركة في مجلس النواب على نصوص بعض مواد الدستور قبل إقراره، وبما أن الوقت ، آنذاك ،قد استنفذ مداه في مجال  المناقشة دون اتفاق ، وخشية الرجوع إلى نقطة البداية ، وهي في غير صالح حكم"المحاصصة"  شرعت هذه المادة ،لتلافي هذا الواقع،  وهي ملزمة التنفيذ بعد المصادقة عليه ، إلا إن الائتلاف الحاكم لا زال يتهرب ، ومترددا من فتح هذا الملف ، لأن التعديل سيشمل موادا يعتبرها الحكم حقوقا وأحكاما  مقدسة ولا يجوز المساس بها ...و إدارة بوش وخبراء القانون، في البيت الأبيض ،  يدركون:إن كل اتفاق أو معاهدة تبرم مع العراق ،  تعتبر  غير شرعية أو غير دستورية، وعدم التعديل يعطي المعارضة العراقية ، في المجلس النيابي وخارجه ، حق الطعن في شرعية كل القوانين والمعاهدات التي تقدم على إبرامها السلطة  ، الدستور العراقي حتى اللحظة غير مكتمل وينتظر البدء بتنفيذ المادة 142 ، وكل حديث عن أمن واستقرار العراق سابق لأوانه قبل التعديل ..
14تشرين ثاني 2007

25
السيد آرا خاجادور ..بيان محبوس ...وحقد أسود ..!!



هادي فريد التكريتي

عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد


كان السيد آرا خاجادور من الكوادر العمالية النشطة التي واكبت الحركة العمالية
العراقية منذ أربعينيات القرن الماضي ، ولفترة طويلة ، شغل موقعا قياديا في
الحزب الشيوعي العراقي ، كعضو في اللجنة المركزية وأيضا،كعضو في مكتبها
السياسي ، لذا فهو ليس على اطلاع على سياسية الحزب ووثائقه ، وإنما مساهما في
رسمها ومشاركا في تحمل مسؤولية نتائج القرارات التي اتخذها الحزب منذ سبعينات
القرن الماضي ، فليس غريبا منه أو عليه ، أن يكشف عن وثائق لم يعرفها الكثير من
الأعضاء والكوادر في الحزب الشيوعي ، وخصوصا تلك الوثائق التي تتمخض عن
اجتماعات لقوى سياسية مع الحزب ، أو عن قرارات تمخضت عن اجتماعات المكتب
السياسي واللجنة المركزية ، أو هيئات قيادية أخرى لمنظمات الحزب خارج أو داخل
العراق ، باعتباره ممثلا دائميا حينا ، أو شبه دائم حينا آخر،  للحزب خارج
العراق ، إلا أن ما يثير الشبهات حوله ، موقفه المعادي للحزب ، والدوافع غير
النزيهة الكامنة خلف ما ينشره من موضوعات ، تمجيدا لمقاومة مجهولة الهوية ،
وقذفا وتهجما على حزب معروفة أهدافه وتوجهاته الوطنية ، منذ وقبل أن ينتمي هو
إليه ، فموضوعه المنشور ع!
 لى صفحة الحوار المتمدن يوم 11/8/ 2007 الموسوم ب ' البيان المحبوس أحد نماذج
المصالحة الوطنية ' يمثل بعضا من سلوك شائن

الكثيرون من أبناء الشعب العراقي ، وبدرجة خاصة أولاء المهتمين بالشأن السياسي
، يعرفون أن الحزب الشيوعي من الأحزاب الوطنية التي لا يمكن أن تغمز لها قناة ،
في الميدان الوطني ، وكثيرا ما ضحى الحزب بمكاسب حزبية ، هو في أمس الحاجة
إليها ،من اجل أن يحقق مكسبا وطنيا للعراق ، لذا كان الحزب في كل فترات الحكم
الوطني الملكي وثورة 14 تموز عام 1958 ، ومرورا بكل فترات الحكم لقومي ـ البعثي
، تنزع سياساته إلى إرساء مصالحة وطنية بين كل القوى السياسية العراقية ، وما
الجبهات الوطنية التي ابرمها الحزب مع مختلف القوى السياسية العراقية ،وبضمنها
الجبهة مع البعث في سبعينات القرن الماضي ، ما هي إلا شكل من أشكال المصالحة
الوطنية ، تهدف في جوهرها ، إلى إقامة مجتمع مدني لتقدم وازدهار العراق ،
وتعزيز السلم الوطني بين قومياته وأثنياته المتعددة والمختلفة ، والسيد آرا كان
من ضمن قيادة الحزب وكوادره التي وافقت على تلك التحالفات الوطنية ، ولم نعرف
عنه ، موقفا معارضا معلنا ، والحزب في ظرفنا الراهن ، قبل الاحتلال الأمريكي
للعراق في العام 2003 وبعده ، لازال ينحو هذا المنحى في سياسته ، بين فرقاء
الحكم والمعارضين !
 له على حد سواء ، للتخفيف من أعباء ، كان ولا زال ، يعاني منها الشعب العراقي
، شظف في عيشه ، وانعدام أمنه وطمأنينته ، واستشراء إرهاب يعانيه من ' مقاومة
شريفة ' وتكفيريين وميليشيات طوائف ، وحكم محاصصة سيء الإدارة والتمثيل للقوى
الوطنية ، فما الغريب في هذا السلوك ، ليتخذ السيد آرا من موضوع المصالحة مدخلا
للهجوم على الحزب وقيادته الحالية ؟ خصوصا أن السيد آرا حتى المؤتمر الرابع كان
من ضمن قيادة الحزب ، ولو تجددت عضويته في قيادة الحزب في مؤتمره الخامس ،
والمؤتمرات اللاحقة لما أطلق سراح ' البيان المحبوس ' وفق تعبيره ، الذي تستر
عليه لفترة طويلة ، وَلما قرأنا هجومه الذي شنه ، ولا يزال يشنه ، على الحزب
وقيادته الحالية .

 ' البيان المحبوس '  سجًانه وسجنه هما من صنع نفس القيادة التي ساهم
فيها آرا ، طيلة ربع قرن ، وهو مساهم ، وشاهد ، على قيادة تتحمل مسؤولية الكثير
من المآسي التي لحقت بالحزب والشعب على حد سواء ، إلا أن السيد آرا يحاول أن
يبرء نفسه من كل سياسات و قرارات القيادة السلبية ، بعد أن نفذ عسل الخلية
بزوال المعسكر الإشتراكي ، وكأنه لم يكن ، في يوم من الأيام ، من ضمن الفريق
القيادي لذلك الحزب ، لذي يعاديه ويشهر به اليوم ، وهذا دليل على أن السيدا آرا
متستر على الكثير من الأسرار التي تدينه وقيادته آنذاك ، ويحاول أن يجير تلك
الأخطاء ويلصقها بالقيادة الجديدة للحزب الشيوعي العراقي ، المنتخبة وفق شفافية
الناخبين والمرشحين ، وعلانية البرنامج والأهداف ، التي لم تناصر أو تدعم '
المقاومة الشريفة ' ، التي يدعمها ويباركها السيد آرا ، وهو أحد مناصريها
والمهللين لها ، رغم كل ما تلحقه بالشعب من جرائم قتل وتفخيخ ونسف واغتيالات ،
ولم نسمع أو نقر أ من السيد آرا تضامنا مع الضحايا الأبرياء ، أو شجبا وإدانة
لمرتكبي تلك الجرائم ، إنما تهليلا وبشرى بنصر قريب لعودة الفاشية من جديد ،
ولا أحد يستطيع أن !
 يتفهم موقف العداء لمبادئ وأفكار الحزب الشيوعي ، من شيوعي ـ يدعي الشيوعية ـ
وينحاز كليا للموقف القومي والعنصري والفاشي ، إلا من منطلق التستر على عداء
وحقد دفين على الحزب الشيوعي ، بغض النظر عن النهج الذي ينتهجه الحزب حاليا ،
من أجل التوصل إلى حلول توافقية ، تتفق عليها وتتصالح بموجبها كل القوى
السياسية العراقية ، تضميدا لجراح الشعب ، كما هي تضميدا لجراح الحزب ، في واقع
سياسي معقد ،وهذا ما أغاظ السيد آرا ليطلق سراح ' بيانه المحبوس ' ليقول
للمتشككين لا تصدقوا دعوى الحزب الشيوعي فيما يتبناه من مبادئ وأفكار للمصالحة
بين الفئات المتنازعة ، فالتاريخ شاهد حي على هذا الواقع ، و' بيانه المحبوس '
شاهد زور ، لذا يحاول نسجا وتلفيقا وفبركة لبيانه البائس الذي ينسبه للحزب
الشيوعي ، دون أن  يحدد لنا السيد آرا وقتا وتاريخا دقيقا له ، وإني إذ
أضع مقتطفات بين قوسين دون تصحيح لأخطائه اللغوية والنحوية ـ  مقتطعة
للإطلاع على  بعض ما قاله السيد آرا تمهيدا لبيانه العتيد ، الذي ضم كلا
من (   الوسيط الرفيق مكرم الطلباني، وسكرتير الحزب (الشيوعي) عزيز
محمد، والسيد جلال الطلباني ر!
 ئيس الاتحاد الوطني الكردستاني، أما السيد مسعود البرزاني رئيس الحزب الد
يمقراطي الكردستاني فقد اعتذر لأن ظرف خروجه عبر ايران في ذلك الوقت كانت صعبة
جداً، ... وقال السيد البرزاني 'أنا متفق مع كل ما تتفقون عليه ).
(وكان اجتماع براغ مثمراً للغاية، وتوصلنا الى بيان مشترك يحمل تصوراتنا
المشتركة، وأرسل البيان مع الرفيق عبد الرزاق الصافي الى الشام للنشر، حيث جرى
تكليف حزبنا باعداده ونشره، وأعدت النشرة أو البيان المرفق، والذي أرسل مع عبد
الرزاق، وقد أخذ جلال الطالباني نسخة منه، وأرسل الى حدك أيضاً....
مُنع البيان المشترك من الصدور، ولم يصل الى المواطنيين وأعضاء الحزب، وكان
وراء المنع فخري كريم مستغلاً سطوته غير الشرعية على عزيز محمد لأسباب معلومة
على الأقل لكوادر الحزب الشيوعي، ولم يكتفي فخري بالمنع ولكنه وزع محضر اجتماع
م.س. الذي يتضمن دعوتي للمكتب الى تحرير الحزب من القيادات العاجزة والمتخلفة،
وهذا التوزع يستهدف أستخدام الدوافع الذاتية لاعضاء ل.م. من أجل تأليبهم ضدي في
اجتماع اللجنة المركزية في ألمانيا الديقراطية السابقة، ومن المشاركين في
اجتماع م.س. عزيز، كريم، كاظم، عبد الرزاق وأنا. ...)

البيان الذي يتحدث عنه السيد آرا هو من أجل مصالحة بين النظام الساقط والقوى
الوطنية العراقية ، المفروض بعد الاجتماع يصدر البيان كامل الصياغة والتوقيع ،
والسيد مكرم الطلباني ملزم أن يقدم للنظام ، آنذاك ، نسخة من البيان ، كامل
الصياغة والتوقيع ، ولم يكن مقبولا منه أن يعود ، لسلطة البعث ، خالي الوفاض ،
من دون أن يحمل معه نسخة من هذا البيان ، فهل سيقول لهم أن البيان سيتم تحريره
وفقا لرؤية الحزب الشيوعي ..! وهذا غير ممكن ،والمعروف ، أيضا ، عن السيد جلال
الطلباني أنه حذر ودقيق في صياغة البيانات السياسية ، ولن يوافق على إجراء أي
تصحيح لاحق بعد توقيعه ، فهل السيدان الطلباني وممثل السيد مسعود البرزاني
سينصاعان لصياغة لاحقة ، يعدها الحزب الشيوعي في مقره بدمشق ؟ ماذا سيقول السيد
جلال الطلباني الآن لو قرأ ما يدعية السيد آرا  ؟ عمليا في مثل هكذا
اجتماعات ، لا يمكن أن ينفض اجتماع ما دون أن يكون البيان الصادر عنه مكتملا ،
وفي صورته النهائية ، فكل طرف ملزم أمام هيئته الحزبية ، أو جهته التي يمثلها ،
بعرض نتائج ما اتفقت عليه الأطراف ، لنشرها في صحافتهم ، وهذا لم يتم ، وهذه
ثغرة كبيرة في ما!
  يعرضه السيد آرا ، لا يمكن أن تتجاوزها الأطراف المشاركة في مثل هكذا اجتماع
مصيري ، وهذا أمر يثير شكوكا حول صحة بيان المصالحة ، فإن صحت الواقعة ، فلن
تصح العرقلة التي رافقت إعلان البيان ، وبما أن البيان لم يصدر ، فالأمر يحتمل
الاختلاف بين الأطراف ، وربما هناك فبركة عندما يقول ' وأرسل البيان مع الرفيق
عبد الرزاق الصافي ' ،الصادر عن هذا الإجتماع  والرفيق الصافي حي يرزق
عنده حقيقة ما يدعيه السيد آرا ...

الواضح من عرض السيد آرا أنه بصدد تصفية حسابات مع أعضاء من اللجنة المركزية
القديمة ، ومكتبها السياسي ، بدليل أن السيد آرا يعرض قضايا تدينه وتدين
القيادة آنذاك ولا تمت بصلة لموضوع المصالحة الحالية ، التي يتحدث عنها ، حيث
تناول واقعا آخر في كوردستان ، عندما كان مسؤولا عن العمل الأنصاري ، كما تناول
اجتماع برلين والأسلوب غير المبدئي في ترشيح و انتخاب الأعضاء لمختلف المناصب
الحزبية ، بما فيها عدم انتخاب السيد آرا للمكتب السياسي بأمر من السيد عزيز
محمد ، كما تناول أمورا شخصية كقطع مخصصات المعيشة عنه ، ووساطة الحزب الشيوعي
الفرنسي لنقل رسالة السجين طارق عزيز ، وكل هذه الأمور ينتقدها السيد آرا محملا
القيادة الجديدة للحزب الشيوعي نتائجها ، فهل هناك دلالات أبلغ من هذه '
الإنحرافات ' ! ترتكبها قيادة الحزب الجديدة التي يناصبها السيد آرا العداء..!.


السيد آرا لم يكن هدفه من موضوع ' البيان المحبوس ' سوى العزف ضمن جوقة نشاز ،
تتقاسم الأدوار في معاداة الحزب الشيوعي ، فعلى الرغم من أن السيد آرا يعدد
الكثير من خروقات قامت بها قيادة ، كان من ضمنها ، عنصرا قياديا وفاعلا، ليقول
لنا أن مصداقية قيادة الحزب الجديدة يجب أن لا تبتعد في مسارها عما تطرحه من
رؤى ' المقاومة الشريفة ' الوريث الشرعي للنظام البعثي الساقط ، للعودة من جديد
برموز جديدة ، أكثر حقدا على الشعب ، من السلطة التي سبقتها ، لتمارس القتل
والتفجير والتهجير لكل مكونات الشعب العراقي دون تمييز ، وهو متباهيا
بانجازاتها ، وهنا لدينا سؤالا نطرحه على السيد آرا ، عندما كان مسؤولا
عن  'حركة أنصار الحزب الشيوعي العراقي ' إبان الحكم الفاشي ، هل كان يثقف
أنصاره بقتل أبناء الشعب العزل ، من الموظفين والعاملين في قطاعات الدولة
المختلفة ، وهل كان يأمر بهدم بيوت المواطنيين وتدمير ممتلكاتهم كما يفعلون في
سنجار مثلا ؟' السيد آرا على غير المبادئ التي يدعي تبنيها ، يدعو علنا على حرق
العراق بكل ما فيه ، لإفشال أي مسعى سياسي للحزب الشيوعي يخرج العراق وشعبه من
وضعه البائس ، فلمصلحة من يا!
  ' آرا 'كل هذا الحقد الأسود ..؟

26
ما الحل ...عندما يتحول النقد إلى تشهير ..!

هادي فريد التكريتي

عضو اتحاد الكتاب العراقين في السويد


الحزب الشيوعي العراقي منذ تأسيسه ، تميز ، ولا يزال يتميز ، عن باقي الأحزاب
الوطنية والديموقراطية ، بكونه مدرسة للوطنية وقاعدة صلبة لها ، تخرج منها أو
مر بها العديد من قيادات وكوادر الأحزاب العراقية ، بغض النظر عن برامجها
وأهدافها ، أوفلسفتها ، كما هي القومية أو العنصرية ، كما أن الحزب ، منذ
انهيار الإتحاد السوفيتي ، قائد المعسكر الإشتراكي ، تحرر من السيطرة على قراره
وسياسته ، ولأول مره في تاريح الحزب ، تنشر وثائقه للمناقشة العامة ، وهذا دليل
على أن فكره ونهجه السياسي ، وحياة أعضائه الداخلية ، على حد سواء ، ما عادت
سرا ، أو محظورا نقدها أو الكشف عنها ، فمنذ المؤتمر الخامس وحتى المؤتمر
الثامن ، كانت هناك شفافية في النقد والمراجعة وكشف الأخطاء ، وتقديم الكادر
لمختلف المهام ، وانتخابه لكل منظمات الحزب ، تختلف جذريا عما كان عليه الأمر
قبلا ، عندما كانت قيادة المخضرمين ، منذ سقوط جمهورية تموز في العام 1963،
تسيطر على قيادة الحزب ، وتحصر فيما بينها توزيع المهام والمناصب الحزبية في
الداخل والخارج وتتقاسمها ، كما أنها كانت تعد بدقة وبراعة ، صياغة شروط
المندوبين للمؤتمرات ، لتمثيل الم!
 نظمات ، بحيث كانت تعيق وتستثني كل من لم يكن مرغوبا في حضوره ، من '
المشاكسين ' الذين يتمتعون بثقة منظماتهم في مجالات عملهم من خطوط عسكرية
ومدنية ، على الرغم من التزامهم بكل قواعد العمل الحزبي ـ السري ، وبذلك حرمت
هذه القيادات الحزب ومنظماته ، الكثير والكثير ، من أجيال الشباب وكوادر
المناضلين ، وحتى أبعدت ' قسرا ' البعض منهم بحجة ' التطرف'  و'
والتروتسكية ' وبذلك كانت هذه القيادات والموالين لها ، لم تخرق فقط ، بنود
النظام الداخلي ، الذي يعطي الحق للعضو البقاء في الحزب طالما هو ملتزم بساسية
الحزب المعلنة ، ونظامه الداخلي ، وإنما أوقعت ، هذه الأساليب الخاطئة ، الحزب
في أخطاء قاتلة ومميته ، نحن بغنى عن تعدادها ، ولم نسمع آنذاك من هذه القيادات
، والمدافعين عن نهجها حاليا ، احتجاجا أو نقدا لهذا السلوك والتصرف المجافي
لأبسط المبادئ التي يقرها النظام الداخلي ، كما أننا لم نسمع ولم نقرأ حتى
اليوم ، من عناصر تلك القيادات والموالين لها ، الذين يناصبون اليوم الحزب
العداء ، من هو المسؤول ، عن تلك السياسات الخاطئة التي نعيش مأساتها حتى
اللحظة ، ولم نجد حتى شجاعة نقد ، أو تلميحا باعت!
 راف البعض منهم ، في مساهمته برسم تلك السياسات الخاطئة أو الموافقة عليه
ا ، بينما يطالبون  لأنفسهم بحق التشهير بشخوص قيادات وسياسة الحزب ، التي
أقرتها مؤتمراته ، من على منبر الحزب ،وهم خارج صفوف الحزب ، لعدم انطباق مواد
اللائحة الداخلية عليهم التي تنص عليها شروط العضوية

' 1 ـ يقر ويسترشد ببرنامج الحزب ونظامه الداخلي .

2 ـ يعمل في إحدى منظماته .

3 ـ يدفع بدل الإشتراك المقرر .'

وبعد ، هل يحق لمن لا تنطبق عليه هذه البنود من اللائحة الداخلية أن يدعي
عضويته في الحزب ، بغض النظر عن المدة السابقة ، أو السنين الطوال التي قضاها
داخل صفوف الحزب ، أو متابعته لسياسة الحزب دون التزام بالتنفيذ ؟

لوكل شخص ترك الحزب ، لمختلف الأسباب ، أو لم تنطبق عليه بنود النظام الداخلي ،
واعتبر نفسه عضوا ضمن صفوف الحزب الشيوعي حتى اللحظة ، لضاق بهم المقام ، أولا
، ولما وصل بنا الحال على ما هو الحال عليه ، ثانيا ، فالموقع الحقيقي للشيوعي
الملتزم ، وهو الحل كذلك ، ما قاله المرحوم الرفيق زكي خيري ، عضو المكتب
السياسي الأسبق ، في يوم من الأيام ردا على سؤال للخروج من الحزب وتشكيل حزب
شيوعي غير انتهازي ' ..ثقتي بقدرة الشيوعيين العراقيين داخل الحزب من تعديل
سياساته وتحريره من الانتهازية ..' إذن هذا هو الحل وهو الطريق الصائب والصحيح
، التغيير من داخل الحزب وليس من خارجه ، دون التشهير بقياداته المنتخبة ، سواء
ارتضينا بهذه القيادات أم لا ، فهي منتخبة بإرادة المؤتمرين ، وعلينا احترام
إرادتهم وما قرروا ويقررون ، وهؤلاء يتمتعون بثقة الحزب ومنظماته ، أكثر مما
كان أيام وزمان ، على عهد الرفيق زكي خيري ، فهل نتعظ بما واكبنا من قيادات ،
لم تفصح عن أسباب خذلانها لجماهير الحزب والشعب ، على حد سواء ، وعشنا بتاريخ
حزبي ، لم تجرأ قيادة ما على كتابته ، بشكل رسمي ، حتى اللحظة لتضع النقاط على
الحروف ، لتعطي !
 كل فترة اجتزناها ، حقها ، ما لها وما عليها ، على الأقل لتلقم الانتهازيين
والمدعين حجرا ، وتؤشر الحق للمناضلين ، من شهداء وأحياء ..!

8آب 2007

27
مع رابطة الأنصار الشيوعيين في مؤتمرهم الرابع

هادي فريد التكريتي

عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد
انعقد المؤتمر الرابع لرابطة الأنصار " بيشمركة "الشيوعيين العراقيين في أربيل
، عاصمة كوردستان العراقية ، في قاعة نادي الجامعة ،برعاية السيد نيجرفان
بارزاني ، رئيس حكومة إقليم كوردستان ، لمدة يومين ، 5 –6 تموز 2007 ، تحت شعار
: " نناضل من أجل عراق آمن ديموقراطي ، فدرالي موحد ." و " نعمل من أجل تطوير
العملية السياسية وإنهاء الإحتلال في بلادنا "

أعلن عريف الحفل عن افتتاح المؤتمر بالوقوف دقيقة صمت تخليدا لأرواح الشهداء
الأنصار الشيوعين ,وشهداء البيشمركة الكورد ، في كوردستان ، وشهداء الحركة
الوطنية العراقية ، تلتها كلمات للشخصيات الرسمية والحزبية الكوردستانية ، كان
الحضور متميزا لقادة الحزب الشيوعي الكوردستاني ، ولبعض قادة وكوادر ، سابقة ،
من الحزب الشيوعي العراقي ، مع غياب الممثل الرسمي للحزب الشيوعي العراقي .

 أشادت الشخصيات الرسمية و الحزبية الكوردستانية في كلماتها ( السيد عدنان
المفتي ، رئيس البرلمان الكوردستاني ، السيد كريم سنجاري وزير البشمركة ممثلا
للسيد نيجرفان البرزاني ،رئيس الوزراء ، السيد فاضل ميراني ، سكرتير الحزب
الديمقراطي الكوردستاني ، والسيد جعفر حسن ، المستشار الفني لوزير الثقافة ،
نيابة عن السيد الوزير ) بنضال الشيوعيين والحزب الشيوعي ، ودعمه لحركة التحرر
الكوردية منذ بداياتها إبان الحكم الملكي ، وحتى الوقت الحاضر ، كما أشادوا
بشجاعة أنصار الحزب الشيوعي في تصديهم البطولي والشجاع للنظام الدكتاتوري
الساقط ...، تلتها كلمة رئيس رابطة الأنصار ، وعدد آخر من الحزب الشيوعي
الكوردستاني ، إضافة لكلمة عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ، باسمه
الشخصي ، بعدها انتهت جلسة الإفتتاح ليباشر المؤتمر أعماله ..

في اليوم الأول من الجلسة الصباحية الثانية ، أنتخب المؤتمرون ، هيئة رئاسة ،
لإدارة الجلسات ،وهيئات ولجان للمساعدة على إنجاز مختلف شؤونه ، بعد أن حلت
اللجنة التنفيذية نفسها ، فعلى مدى يومين ، وبجلستين صباحية ومسائية ، امتدت
حتى وقت متأخر من الليل ، ناقش خلالها مندوبو الروابط ، الوثائق المطروحة
أمامهم ، ومختلف الأمور والقضايا التي ارتأى المندوبون مناقشتها .، تميزت
المناقشات بالجدية والشفافية ، كما اتسمت إجابات رئيس وأعضاء اللجنة التنفيذية
، السابقة ، وردودهم بالمصارحة ، وتم عرض ما حققوه من تنفيذ لقررات المؤتمر
السابق ، وما اعترض عملهم من مشاكل وملابسات وتلكؤ في التنفيذ ، طالبين من
المؤتمر التوصية للهيأة الإدارية الجديدة درس كل قضية على حدة لإيجاد حلول
سريعة وناجعة لها ، وتذليل المصاعب التي لم يتسن تذليلها أو حلها في الفترة
السابقة ، خصوصا وقد اقر المؤتمر إطالة عمر اللجنة التنفيذية المقبلة ، التي
ستنبثق عن هذا المؤتمر ، لسنتين بدلا من سنة واحدة..

المؤتمر الرابع لرابطةالأنصار الشيوعيين ، حقق نجاحا في إقرارا وثائقه وتوصياته
، تكإد أن تكون بالإجماع ، إلا انه حقق نجاحا أكبر في حضور ولقاء متميزين 
لرفاق السلاح وأصدقائهم ، لم يتسن لهم أن حققوه منذ بداية التحاقهم بالعمل
الأنصاري ، في العام 1979 ، حيث لبوا نداء الحزب ، آنذاك للدفاع عن حرية ورفاه
الشعب العراقي ـ التي ارتهنها لمشيئته الدكتاتور المجرم المقبور ، صدام حسين ـ
فهذا الاجتماع لهذا الحشد الكبير ، له دلالاته ومغزاه في هذا الوقت الذي يمر به
العراق ، حيث قوى الشر من طائفيين وتكفيريين وبقايا النظام الساقط ، وقوى
الإحتلال ، كلها تعمل على إطالة أمد معاناة العراقيين ، بحرمانه من حريته وسلب
حقه من العيش في وطن حر وآمن ، ديموقراطي ومستقر ، لذا كان شعار المؤتمر منسجما
ومعبرا عن إرادة المؤتمرين في توجهاتهم لجعل الرابطة واحدة من منظمات المجتمع
المدني لل " نضال من أجل عراق ديموقراطي فدرالي موحد "...
لم ينس الأنصار الشيوعيين ، وهم في غمرة انعقاد مؤتمرهم الرابع لمناقشة وثائقه
، لم ينس الشهداء من رفاقه الذين بذلوا دماءهم رخيصة من أجل حرية الشعب العراقي
، حيث أوصوا بضرورة الإعتناء بقبور الشهداء ، وتقديم كل عون ومساعدة لعوائلهم ،
وهذا بعض حق وعهد في رقاب رفاقهم ، أكدت عليه وثائق المؤتمر ، كما أكدها
الأنصار بزيارة قبورهم ، في مدينة أربيل ، والتوصية لبناء قبور الشهداء الآخرين
في مناطق استشهادهم .

حقق المؤتمرون نجاحا في مؤتمرهم ، ونجحت اللجنة التنفيذية ، من  تحقيق
برنامج ثقافي متنوع ،في الثامن من تموز ، على قاعة الشعب في أربيل ، ولمدة
ثلاثة أيام ، من مساهمات الرفاق الأنصار وأصدقائهم ، تمثلت بنشاطات وفعاليات
ثقافية ، لمختلف الروابط ، عكست جوانب متعددة ، كانت ولازالت ، تغطي مساحات
واسعة من حياة النصير الثقافية والفكرية ، ملقية الضوء على ما كان يحتاجه
الأنصار الشيوعيون ، عندما تتهيأ لهم ساعة استراحة يجددون بها نشاطهم العقلي
والفكري ، إبان مقاومتهم للحكم الفاشي ، فإلى جانب البندقية بشاجورها على الكتف
، كان الكتاب يحتل حيزا متميزا من حقيبة خبز النصير " البيشمركه " ، وهذا هو
السلاح الثاني ، الذي كان ولا زال ما يخشاه الحكام الرجعيون والفاشيون على
سلطتهم ، فما قدمه الأنصار الشيوعيون في مهرجانهم الثقافي ، شمل كل مجالات
المعرفة والإبداع ، من شعر وأدب وقصة وإعلام ومسرح ورقص وغناء،وفنون تشكيلية ،
كل هذا عكس الجوهر الحقيقي للشيوعي العراقي ، وتفانيه في نضاله من أجل حياة حرة
وسعيدة لشعبه ، بحيث استأهلت منه الدفاع عنها ضد سالبيها ، حتى وإن كلفته حياته
، فواحد من شعارات المهرجان !
 الثقافي الذي تصدر مكان الإحتفال نص على " ثقافة الأنصار الشيوعيين العراقيين
كانت رافدا في دعم مقاومة شعبنا للدكتاتورية" وهذا تعبير صادق وواقعي عن تأثير
الثقافة الحقيقية على صمود الشعوب بوجه قمع واضطهاد الحكومات الجائرة ،
فالثقافة التقدمية بمختلف أشكالها وأنواعها كانت تثير رعب الحكام ، وموضوعة تحت
رقابة ومقص رقيب الدكتاتورية .

 مساء يوم 9تموز وهو اليوم الثاني من مهرجان الثقافية الأنصارية ، تحدث
الرفيق النصير "أبو عايد " رئيس اللجنة التنفيذية لرابطة الأنصار ، وهو واحد من
أبرز شخصيات الأنصار القيادية القدامى ، الذين ساهموا في بناء هذه الحركة ،
مواكبا نشأتها وتطورها ، ملقيا الضوء على تشكلها وسيرورتها ، فبعد أن أسقط
التحالف الفاشي ـ العنصري ـ الرجعي  ثورة 14 تموز في 8 شباط ، بدعم وتنسيق
مع المخابرات الأمبريالية ، تشكلت مقاومة وطنية ضد هذا الإنقلاب ، إلا نها لم
تفلح في تحقيق نصر ما عليه ، نتيجتها غادر الكثير من المقاومين إلى منطقة
كوردستان ، مشكلين نواة للمقاومة الأنصارية، سرعان ما أثبتت قدرتها على مجابهة
وتحدي قوى الإنقلاب وخوض معارك ضارية ، تكللت بهزيمة قوى سلطة الإنقلاب ، خصوصا
تلك المعارك العنيفة التي دارت على قمم وسفوح "كورك" و"هندرين "و"زوزك "وغيرها
من المعارك ، التي أأكد فيها الشيوعيون فيها قدرتهم على الصمود والتصدي للقوات
الفاشية ، بل حتى إلحاق الهزيمة بها ، رغم بساطة أسلحتهم ، وبذلك اختلطت دماء
الشيوعيين العراقيين ، بدماء البيشمركة الكورد دفاعا عن العراق وحرية شعبه ،
وحق الأشقاء الكو!
 رد في نيل حريتهم وتقرير مصيرهم كشعب ، وهذا ما عزز ثقة القيادة الكوردستانية
، وعلى رأسهم القائد المناضل المرحوم الملا مصطفى البارزاني ، الذي قرب
الشيوعيين وأولاهم ثقته واعتمد رأيهم في الكثير من المعارك التي خاضها الكورد
ضد النظام ، وهذا ما ثمنه تثمينا عاليا ، وأكده السيد مسعود البرزاني رئيس
إقليم كوردسان ، في خطابه عند افتتاحه للمهرجان الثقافي يوم 8تموز ، عندما تطرق
للمعارك المشتركة التي امتزجت فيها دماء الأنصار الشيوعيين بدماء أشقائهم
الكورد ضد النظام الفاشي الساقط ، وهي شهادة يعتز بها كل الأنصار الشيوعيين ..

28
الحل سياسي ...نهاية المطاف !!

هادي فريد التكريتي

عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد

منذ أن دخلت القوات الأمريكية العراق ،عن طريق الحرب ، على الضد من رغبة الشعب العراقي وغالبية قواه الوطنية والديموقراطية ، حدث خراب هائل ومدمر على كل صعيد ، ساهمت في هذا الخراب ، ليس فقط أمريكا وقواتها المحتلة مع شريكتها إنكلترا ، إنما كل دول الجوار ، العربية والأجنبية .

القوى لسياسية العراقية ، الإسلامية ـ الطائفية ، والقومية ـ العنصرية ، نتيجة لهذا الواقع دخلت في صراع دموي فيما بينها من أجل تقاسم تركة النظام الساقط ، للحصول على اكبر قدر ممكن من المكاسب السياسية والمادية ، كان يتمتع بها أزلام النظام السابق وأركان حكمه ، وما سمحت بنهبه وحيازته والسيطرة عليه ، قوات الاحتلال ، كان عن طريق شرعنة مبدأ محاصصة طائفية وقومية ، الذي دق إسفينا بين مكونات الشعب العراقي ، وفتح الباب على مصراعيه لنزاع بين هذه القوى ،  والسيطرة بالقوة عن طريق مليشياتها المسلحة ، على ما ليس لهم حق فيه ، من المال العام وممتلكات الدولة ، وحتى الممتلكات الخاصة للأفراد .. إدارة الاحتلال لم تقف عند هذا الحد في تصعيد النزاع بين القوى السياسية ، وإنما راحت تغض النظر عن نزاعات طائفية ودينية وعنصرية ، بين العراقيين في المنطقة الواحدة ، لتهجير الأقليات منها ، ولتكوين مناطق عرقية وطائفية مغلقة ، جوهر النزاع سياسي ، لبسط هيمنة فكرية وسياسية على مناطق مختلفة من المحافطات والمناطق الأخرى ، وبالذات بغداد والمحافظات المحيطة بها ، إضافة لكركوك ، وهذا ما حذرت منه القوى السياسية الوطني!
 ة وفضحت مخطط القائمين به ، من القوى الطائفية والقومية العنصرية ، ومن هم وراؤهم من داخل الحدود وخارجها ، كما كانت الإدارة الأمريكية قد ساهمت في هذا المخطط ، عن وعي وإدراك ، عن طريق قواتها المحتلة التي تجاهلت ما يحدث ، لعدم أهميته حسب تصورها ، وما يحصل هو شأن داخلي بين المتنازعين ، حتى وإن حصل بقوة السلاح . فسقوط العديد من الضحايا .بين أطراف النزاع ، يستوجب تدخل القوات الأمريكية ، لأنها المعنية ، قانونا كدولة احتلال ، مسؤولة أولا وأخيرا عن استتباب الأمن ومكافحة الإرهاب الذي غطي رقعة واسعة من مناطق عراقية مختلفة . فتصاعد النزاع الطائفي المسلح ، أسبابه كثيرة ومتعددة ، ليس من ضمنها تفتيت العراق أمريكيا ، وإنما ما تسعى اليه تشكيلات الإرهاب المختلفة بما فيها القوى التي تطلق على نفسها ' المقاومة الشريفة '، ليس إضعاف حكومة طائفية ـ عنصرية وإسقاطها فقط ، بل إلحاق الهزيمة بالقوى الأجنبية ، بأكثريتها الأمريكيةـ الانكليزية ، عن طريق إلحاق خسائر مادية وبشرية أكثر بهذه القوات ، وهذا ما تحقق في السنتين الأخيرتين ، حيث بدا المشهد يتبلور أمام الشعب الأمريكي ، ولعموم مؤسسات المجتمع المدني الأ!
 مريكية ، كأن القوات الأمريكية تقاتل في فيتنام أيام زمان ، وهي تغوص في
المستنقع العراقي ، بحيث كثرت زيارات القادة السياسيين ، والعسكريون الأمريكان ، على أعلى المستويات للمستنقع العراقي ، محاولين الحد من خسائر ضحاياهم ، والضغط على رئاسة الدولة والحكومة العراقية ، للخروج من المأزق العسكري ، بأي ثمن ، ولإيجاد حل للنزاع الدائر بين قوى ، ظاهرها الإرهاب وباطنها سياسي محض ، وكلما ارتفع عدد ضحايا الجنود الأمريكان ، كلما اتسعت رقعة المحاسبة لإدارة بوش شعبيا ورسميا ، كما تتصاعد المطالبة بانسحاب قواتها ووقف التخصيصات الحربية ، خصوصا بعد أن سيطرت المعارضة الأمريكية على القرار السياسي ، ولم يعد بمقدور الرئيس بوش ، الصمود أمام المساءلة المستمرة له ولأركان إدارته ، سوى الاستعانة بجنرالات جيشه وزجهم في مواجهة السياسيين ، في الكونكرس ومجلس الشيوخ ، ليشرحوا لهم ماذا يعني وقف التخصيصات الحربية أو انسحاب قواتهم من العراق ..!كما هو حاصل اليوم ، نتيجتها اعترف بوش وإدارته ، وكل القوى السياسية الأمريكية ، بأن الصراع الدائر في العراق هو سياسي وليس عسكري ، وهذا ما طرحته القوى الوطنية والديموقراطية العراقية قبل أربع سنوات ، إلا أن قوى الإسلام الطائفي والتيار القومي العنص!
 ري ، الذين هيمنوا على القرار السياسي ، وعلى نهب ثروات العراقيين ، كانوا يدورون في فلك مصالحة وهمية مع أشباح من صنع أيديهم ، وليس مع قوى تنافسهم وتنازعهم على المشاركة في السلطة وعلى إصدار القرار ، فالإعلان الأمريكي بأن الصراع في العراق سياسي وليس عسكري ، يفرض على الإدارة الأمريكية التي تقود الصراع في العراق ، وعلى الحكومة العراقية ، أن تنهي الصراع وفق هذا المبدأ وليس عن طريق السلاح ، وهذا يتطلب إجراء تغيير ليس في الحكم وتشكيلته فقط ، بل يتطلب الأمر تعليق العمل بالدستور ، أو تعديله أولا وقبل كل شيء آخر ، بموجب ما أقرته المادة 142 من الدستور الدائم ، كما يتطلب دعوة الخصوم للحوار ، الذين لاتعترف بهم لجان المصالحة التي شكلتها حكومة المحاصصة الطائفية والقومية العنصرية وهذا ما يتنافى والنهج الذي سار عليه الحكم منذ تشكيل أول حكومة محاصصة وحتى اللحظة ..

نهاية المطاف ..الحل السياسي وليس العسكري ، هو الحل ، ولو طبق هذا المبدأ منذ أربع سنوات ، لما تعمق الشرخ الوطني ، ولما تكبد الشعب العراقي كل هذه الخسائر المروعة ، ولحفظت إدارة بوش هيبة أمريكا بين اللدول والشعوب ، ولصانت دماء جنودها ، ولحفظت ماء وجهها ، ولصدقها العالم أنها تريد بناء الديموقرطية في مثل بلدنا ..!!

29
لحزب الشيوعي العراقي...ضمير وطن ..!

هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد
باقة من الورد الأحمر للحزب الشيوعي العراقي في 31 آذار ، يوم تأسيسه ..
من الصعب جدا أن نجد مثيلا للحزب الشيوعي العراقي بين الأحزاب العراقية ، التي نشأت أو تكونت خلال الحكم الوطني ، وحتى الساعة الراهنة ، كما تصعب المقارنة ، بين أهدافه وأهداف غيره من تلك الأحزاب ، بما فيها الأحزاب الوطنية والديموقراطية ..أغلب الأحزاب العراقية منذ نشأتها وحتى اضمحلالها وتلاشيها ، كانت تنطلق من أهداف ذات منطلقات قومية ـ عنصرية أو دينية ـ طائفية ، وهذان المنطلقان ، تأثيرهما محدود في المجتمع العراقي ، بالحدود التي ينتهي تأثيرهما القومي ـ العنصري ، أو الديني ـ الطائفي ، أما الأحزاب التي كانت تتبنى نهجا وطنيا أو ديموقراطيا ، فعلى الرغم من قلتها ، وضآلة منتسبيها ، وموسميتها في العمل ، كانت محدودة الأهداف ، والبرامج ، تقف عند حد ما يسمح به برنامجها المعلن من إصلاحات ، لا تتجاوز أهداف ومصالح بعض الفئات التي تتشكل منها ، ونشاطها لا يتعدى تحقيق بعض أهداف هذه الفئات ، وأحيانا سرعان ما تتلاشى هذه الأحزاب ، أو تعطل نشاطها السياسي ، حتى قبل أن تحقق أي هدف من أهدافها ، عندما تتعرض لاضطهاد السلطة ، أو عندما تتجاوز الخطوط الحمر ، التي وضعتها السلطة مسبقا لنشاط مثل هذه الأحزاب ، ولو تتبعنا مسيرة تلك الأحزاب ، وقت تأسيس الحزب الشيوعي ، لما عثرنا على اسم واحد منها في الوقت الحاضر ، يمارس نشاطه .
 العراق كان ولا يزال متعدد القوميات والأديان والطوائف ، كما هو مجتمع طبقي ، فلا يصلح له نظام حكم ، يؤسس على نظرية عرقية أو عنصرية أو دينية ، كما هو الواقع في العراق ، والحزب الشيوعي العراقي ، أسس ليشمل كل النسيج العراقي ، المتكون من قوميات وأديان وطوائف متعددة ، فأعضاؤه العاملون في صفوفه ، يتم قبولهم الطوعي للعمل في صفوفه ، وفق أسس ومعايير النزاهة والوطنية والطبقية ، بغض النظر عن انتماء قومي أو ديني أو طائفي ، لأنه يستمد من الفكر الماركسي نظريته في الحكم ، التي تجسد إزالة الفوارق بين البشر ، وتقرالحرية والعدالة الإجتماعية ، والمساواة بين المواطنين أمام القانون ، دون تمييز بين الذكر والأنثى ، ووفق هذه المبادئ اجتذب إلى صفوفه ، النخب المثقفة ، من المفكرين والعلماء والطلبة والمتعلمين ،والمراتب الدنيا من الطبقة الوسطى ، والفئات المسحوقة من المجتمع ، وكل الفئات ، الحالمة بالعدالة ، وبحرية الفكر والمعتقد ، والغد الأفضل ، إضافة إلى طبقتي العمال والفلاحين ، اللتان يشكلان حجر الزاوية في نظرية الحكم ، من أجل بناء مجتمع معاد للقهر والاستغلال .فمبادئ الحزب وصلابة أعضائه وتفانيهم الوطني ، جعلته في فترات مختلفة من الحكم الملكي ،والجمهوري ، من أقوى الأحزاب السياسية ، وأكثرها فعالية على الأرض ، على الرغم من إعدام قادته ، وحبس رفاقه ، وتحريم نشاطه ، وملاحقة السلطة الملكية ، العميلة للأجنبي ، المتحالفة مع الإقطاع وشيوخ العشائر ورجال الدين بكل طوائفهم ، لوحق سابقا ، ويلاحق حاليا ، بسبب مبادئه العادلة وأهدافه المعادية للإستغلال ، التي تفتقر إليها كل الأحزاب القومية ـ العنصرية ، وكل الأحزاب الدينية ـ الطائفية ، حتى اللحظة ، لذا كان الحزب الشيوعي العراقي ، ومنذ تأسيسه ، هدف تكفير واستباحة وقتل ، تحرض عليه ، وتمارسه ، كل هذه القوى .
  الحزب الشيوعي العراقي ، ومنذ بواكير تأسيسه ساند الحركة القومية الكردية ، ووقف إلى جانبها في كل ما تعرضت له من اضطهاد وعسف ، إبان الحكم الرجعي الملكي ، وباقي العهود ، ومؤيدا ليس الاعتراف بحقوقها القومية ، فقط ، بل وحقها في تقرير مصيرها كأمة ، وكشعب ، أقرها في وثائقه ، قبل أن يتبناها أي حزب كردي من قبل.
 ساهم الحزب الشيوعي العراقي في العام 1957 بنشاط وفعالية متميزين ، في جبهة الاتحاد الوطني ، المتشكلة من أحزاب قومية وديموقراطية ضد الحكم الملكي ، وبعد فترة زمنية وجيزة ، من نجاح ثورة 14 تموز ، تلاشت كل تلك الأحزاب واندثرت، وعندما تواطأ القوميون ، والطائفيون من رجال الدين ، مع الأجنبي لإسقاط النظام الجمهوري ، لم يجدوا غير وطنية الحزب الشيوعي في  مواجهتهم ، أثناء وبعد ردة " شباط السوداء " في العام 1963 ، وبذلك فقد الكثير من قياداته وكوادره ومؤيدية ، من أجل حرية الشعب والوطن ، إلا أنه لم يلق السلاح ولم ُيَسلم لهم الوطن ضحية باردة ، قاوم وخسر شهداء من مختلف أطياف الشعب العراقي ، من ضمنهم قيادة مجربة وكوادر لامعة ..أثناء النضال ، وجراء نتائجه ،  وقع في أخطاء جسيمة ، إلا أنه لم يهادن ، أعداء الشعب ، ولم يستسلم ..
عند عودة البعث في العام 1968 ، تم اغتيال الكثير من كوادره المجربة ، وبذا سيطرت قيادة يمينية على الحزب ، قادته لتوقيع جبهة إذعان وخنوع مع البعث ، أبرز نتائجها ، كان ، التخلي عن تنظيمات الحزب في الجيش ، مرورا بكافة المنظمات المهنية والديموقراطية ، تزامن هذا التنازل للبعث ، مع إعلان الحزب موقفا ، مشينا ، مناهضا لقيادة المرحوم الملا مصطفى البرزاني ، في ثورته ضد البعث ، فقرار الحزب كان ملتبسا ، اكتنفه الغموض ، لأنه صادر عن مكتب سياسي ،لحزب شيوعي ،  يقوده كردي مخضرم ، لم ُيبرر مثل هذا الموقف حتى اللحظة . بعد فترة وجيزة من فك تحالف الحزب الشيوعي ، مع الحركة الثورية الكوردية ، بدأ حزب البعث بالهجوم على الحزب اللشيوعي ، وبوشر بتصفية منظماته في كل أنحاء العراق ، فكان الجلاء عن العراق ، وبذا تمكن البعث من الشعب العراقي . ..!!

في الخارج تمت إعادة بناء منظمات الحزب ، وتشكلت منظمة " الأنصار الشيوعيين ": في منطقة كوردستان العراقية ، كما تشكلت جبهات ، " جوقد " و"جود" بين قوى سياسية كورستانية وعربية ، كان الحزب الشيوعي ، رغم جراحه التي لم يشف منها بعد ، محركا لها وفاعلا في نشاطها ، لتمتين العلاقات الوطنية بين أطراف التحالف ، من أجل إسقاط النظام الفاشي ، هكذا كان شأنه ، عملا بوصية قائده الراحل " فهد " : ـ (.. قووا تنظيم الحركة الوطنية..) إلا أن قيادته نسيت الفقرة الأولى من مقولته ( قووا تنظيم حزبكم ..) ...
 تشكلت " لجنة العمل المشترك " في العام 1990، بعد حوارات بدأت في بداية العام 1989 ، بين أطراف من الحركة الوطنية الديموقراطية والقومية ، والإسلامية ـ الطائفية العراقية ، كان الحزب الشيوعي العراقي ، طرفا أساسيا فيها ، بعد سقوط النظام ، القوى المشاركة في " لجنة العمل المشترك " دخلت العراق ، ولم تنفذ بنود الإتفاق المتفق عليه ، لأنها قد حققت ، بموجب مبدأ المحاصصة الأمريكي ، أكثر مما كانت قد اتفقت عليه ، ما عدا الحزب الشيوعي ، فالجميع قد تناسوه ..هكذا هي دائما جبهات المعارضة معه  .
 الحزب الشيوعي العراقي كان من أول التنظيمات العراقية التي دخلت بغداد ، إلا أنه لم يستول على عقار أو ممتلكات مملوكة للدولة أو للأفراد ، كما فعلت حاليا ، القوى القومية والدينية الطائفية ، فمبادئ هؤلاء تقول " ..الحزبي أول من يستفيد وآخر من يضحي .." والشيوعيون مع الكثير من المواطنين الذين ُهٍجروا والذين أُكرهوا على مغادرة الوطن لم تُسترجع لهم ممتلكاتهم حتى كتابة هذه السطور ..هذا هو الفارق بين حزب شيوعي وطني ، وغيره طائفي أو قومي ، من القوى الأخرى ، وسيبقى الشيوعيون يحملون هموم الشعب ، بكل طوائفة وقومياته ، قبل هموم أعضائه ومنتسبيه ..معادلة صعبة الفهم على من يتخندق بحصانة الدين والقومية..!!
 تنظيمات الحزب ،إبان الحكم الفاشي ، داخل العراق وبغداد بالذات شبه معدومة ، نتيجة للقمع والإرهاب ، الذي مارسه النظام الفاشي على الساحة العراقية بحق كل القوى والأحزاب العراقية ، إلا أن ما لحق بالحزب الشيوعي كان الأكثر والأعنف ، من بين كل القوى السياسية ، لأنه كان ضمير الشعب ، والأمل في عيون  المقهورين ، فالتنظيمات الكوردية ، كادت أن تكون سليمة ، عندما انتقلت إلى معاقلها في المنطقة الكوردية ، بعد انتفاضة آذار في العام 1991، وبعد أن فرض مجلس الأمن الحماية الدولية على المنطقة الكوردية ، والقوى الإسلامية تمتعت بحماية الجوامع والحسينيات ، عندما ابتدأ صدام حملته الإيمانية ، بعد انسحابه من الكويت ، وبقي الحزب الشيوعي ، الحزب الوحيد الذي لم يجد له مأوى يقيه تصفيات نظام الحكم الفاشي ضده ، منذ منتصف سبعينات القرن الماضي وحتى سقوطه في العام 2003..
كل القوى القومية والطائفية ، استفادت من مبدأ المحاصصة ، في تقاسمها لإرث دولة البعث ، مناصب وحقوق مسلوبة ، ولم تخسر سوى القوى الوطنية والديموقراطية ، وعلى رأسها الحزب الشيوعي ، بعد أن أشاحت بوجهها عنه ، الكثير من القوى السياسية والقومية الوطنية ، والدينية ، التي تعاون معها على إسقاط النظام ، وخصوصا الحلفاء الكورد ، فالغنيمة يتقاسمها الأقوياء ، وبما يملكون من مليشيات وسلاح ، ومرجعيات طائفية ، جاهزة لإصدار فتاوى التكفير والقتل والتهجير .. إلا إن المعركة لم تحسم بعد ، بين الطائفية والوطنية ، والقوى الكوردية لازالت تحيط بها وبقضيتها ، المخاطر وتحتاج لحليف ستراتيجي ، كالحزب الشيوعي ، فالطائفية بكل أشكالها ، لا تؤتمن ولا تمتلك غير برنامج يتضمن فتاوى الآيات ، إذا ما اصطدمت بالواقع .
 فمنذ أربعة أعوام ، والسلطة بيد القوميين ـ العنصريين وإسلام الطوائف ، وحكومتهم لم تحقق سوى النهب للمال العام وسرقته ، فنوابهم ووزراؤهم منهمكون بالسفر خارج / داخل العراق لضمان أفضل ريع في البنوك الأجنبية ، للأموال المسروقة والمقتطعة من أفواه الشعب ، والشعب لن يصبر على هذا الحال ، فالأمر محال ، أن يستسيغ العيش شعب ، كالشعب العراقي ، على فتاوى طائفية ، لا تسمن ولا تغني من جوع ، فالحياة لا تدوم بوهم وعود لم يصدقها حتى  مطلقوها ، الحياة تستمر وتتواصل وتدوم فقط بالعمل وبالعدل وإقرار الأمن والسلم بين المواطنين ، وهذه مهمة فشلت في تحقيقها حكومة المحاصصات ، ولن تقدر عليها سوى القوى الوطنية والديموقراطية العراقية ، مجتمعة ، المشهود لها بالنزاهة والوطنية والكفاءة ، متحالفة مع حزب شيوعي مجرب في مواقفه الوطنية ، لا يخون حليفه ولا ينقض له عهدا ، خصوصا بعد أن تعافى من مصائب الحكم الفاشي والآثار التي خلفتها ديكتاوريه البعث عليه ، من جديد سينهض ، كما عود الشعب العراقي في كل الملمات ، على تحمل أعباء الشعب وهمومه ، فهو الأمل والمُخٍلص ، من أجل العراق وتحرره ، ورفاهية شعبه وسعادته ، فهو ضمير شعب ووطن ..!.
29 آذار 2007

30
قانون النفط والغاز ...رطانة شهرستانية ..!

هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد

تساوق الكشف عن مسودة قانون النفط والغاز ،  على الرأي العام العراقي ، مع إعلان الإدارة الأمريكية عن موعد سحب قواتها ـ المشكوك فيه ـ من العراق ،بعد أن تسرب خبر رفع حكومة المالكي للقانون إلى مجلس النواب للمصادقة عليه .
 قبل أن تكشف الحكومة عن نص هذا القانون ، تناول بعض الخبراء والكتاب ، عراقيين وأجانب ، مناقشة بعض مخاطر وعيوب هذا القانون ، وما سيلْحقه من حيف وغبن بالشعب العراقي ، وأجياله القادمة ، إن  ُأقر هذا القانون  بالصيغة التي ُنشرت فيه  ، إلا أن أمر إقراره ، أو تعديله أو إلغائه يبقى أمرا" عراقيا" صرفا ، تتحكم فيه موازين القوى التي تتقاسم كراسي المجلس النيابي ، بغض النظر عن انتماآتهم القومية ـ  العنصرية  والدينية ـ الطائفية ، ومدى وطنية ومصداقية كل هؤلاء النواب ،  والتزامهم بالعهود والوعود التي قطعوها لناخبيهم ، في تحقيق الأمن والرخاء لعامة الشعب العراقي ، وهذا يتطلب من المجلس النيابي ، قبل أن يناقش مسودة القانون ، أن يقر تشكيل لجنة من خارج  المجلس،  ذات اختصاص مهني وقانوني ، من كوادر سبق لها العمل في مجال النفط وتسويقه ، ومن خبراء شركة النفطية العراقية ،  لدراسة هذا القانون . منظمات المجتمع المدني ، بكل اختصاصاتها ومجالات عملها ، تتحمل مسؤولية كبرى، أمام الشعب العراقي بكل مكوناته ، القومية والدينية والطائفية ،  للتعريف بهذا القانون ، وشرح وتوضيح كل مادة ومفردة فيه، والمخاطر التي يتضمنها إقراره بصيغته الحالية ، باعتباره أخطر قانون يمس ليس حياة الشعب العراقي ورخاءه فقط ، بل أمنه واستقراره ، ووحدة شعبه ووطنه طيلة العقود اللاحقة  .  مسؤولية أخرى يتحملها مثقفو العراق وكتابه ، وكل نخبه السياسية ، وخبراء القانون والنفط  وكل الكوادر العراقية العاملة في هذا المجال ، لبيان الثغرات " والمطبات " التي بثها مشرعو هذا القانون في مختلف الفقرات والمواد ، بهدف غمط حقوق الشعب ، و تكبيل العراق وشعبه بقيود واتفاقيات جائرة تسوغ ، للشركات الأجنبية ، نهب ثرواته لسنين طويلة ، دون قدرة وطنية على انتزاع هذه الحقوق ، بموجب هذا القانون .
الأسباب الموجبة لهذا القانون كما وردت في المقدمة: " ...ينبغي أن توزع الفعاليات النفطية ...بين هيئات وكيانات تجارية وتقنية ( متعددة ..هـ ف .)رئيسية بما فيها شركة نفط وطنية عراقية ( واحدة ..هـ . ف .) تجارية مستقلة وإعطاء دور للأقاليم والمحافطات المنتجة .." وهذا يعني تجزئة العراق وتجزئة ثرواته وخصخصتها ، وإعطاء مكانة متميزة ومطلقة للشركات الأجنبية ، دون الوطنية ، في استثمار واستغلال النفط والغاز للمناطق التي هي تحت إدارة الأقاليم والمحافظات ، وتوزيع أهم الثروات على كيانات قومية وطائفية مفتعلة ،لا أحد يعلم بعد تكوينها وعددها، وهي غير قادرة على استثمار هذه الثروات وإدارتها ، بما عندها من إمكانيات متواضعة في كل قدراتها، وهذه الثروات ليست من حق قومية ما أو طائفة بعينها ، ولا حتى لكل الشعب العراقي فقط ،  في ظرفه الراهن ، بل هي من حق أجياله القادمة أيضا ، على مدى السنين اللاحقة  ، ولا يحق لحكومة محاصصة ، في دولة ضعيفة المؤسسات ، تتنازعها قوى التكفير والحقد الديني ـ الطائفي  والقومي ـ العنصري  ومشلولة الفعل أن تشرع مثل هذا القانون لنهب خيرات البلد ، وهي تنتظر تعديلا في الدستور ، متفق عليه ، بين القوى السياسية بموجب المادة 142 من الدستور الدائم .
إن ما يناقض ما نصت عليه " الأسباب الموجبة " ، ما تضمنته المادة 1ـ ملكية المصادر النفطية ، من الفصل الأول ـ الشروط الأساسية ، حيث نصت على :ـ " إن ملكية النفط والغاز تعود لكل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات .." وهذا يعني بقاء النفط والغاز في كل مراحله بيد الحكومة ،أي،  بيد  وزارة النفط ، وشركات النفط الوطنية العراقية ، دون استحواذ "أقاليم" ـ لم تتشكل بعد ، ـ ماعدا إقليم كردستان ومحافظات لا زالت تتبع لحكومة مركزية ـ على ثروات البلد .
مسودة القانون المطروحة  للرأي العام بنص عربي ، فعلى المجلس النيابي أن يتمسك بنصوص القوانين بلغتها التي شرعت به ،  وضرورة أن تتمسك بها ، الحكومة ، الآن ومستقبلا ، ولا تقبل أي نص أجنبي آخر ، على الرغم من أن مسودة القانون قد أغفلت هذا الجانب ، لغاية في نفس د. حسين الشهرستاني ، وليست بنفس يعقوب ! وهذا جزء من التجاهل المتعمد ، الذي يلحق ضررا بالغا بالحق العراقي ، إن  أشكلت نصوص مواد هذا القانون وقت  تطبيق مواده على الشركات الأجنبية ، فمسودة القانون المنشورة باللغة الانكليزية لا تتطابق جمل ومفردات الكلمات ، مع المعنى وما يشير إليه النص العربي ، وهذا ما يستوجب التأكيد بالنص في القانون ، على أن النص العربي هو المعول عليه عند حصول الاختلاف ، أو إذا عرض الموضوع أمام لجان التحكيم أو في المحاكم ، التي يحب أن تكون عراقية ، وعلى الأرض العراقية  .
أشار الأستاذ سيار الجميل في موضوع له حول " مشروع قانون النفط والغاز ـ دراسة تفكيكية ومقارنة " المنشور على موقع البديل الألكتروني ليوم 18آذار الحالي  ، حيث أورد الكثير من الأمثلة المفارقة للنص العربي  في مسودة القانون ، عما هو عليه في النص الإنكليزي ، مما يستدعي مراجعة دقيقة للنصوص في كلا اللغتين ، وهذا ما يدعو الحكومة ، التعويل على النص العربي واستبعاد أي نص آخر عند الإختلاف في تطبيق مواد القانون ونصوصه .
تزامن نشر مسود القانون مع إعلان تحديد موعد لانسحاب القوات الأمريكية من العراق ، وهذا ما يؤكد أن صياغة القانون لم تكن عراقية ، إنما صاغتها وهيأتها شركات النفط الأمريكية ، والترجمة لهذا النص كانت مستعجلة ومرتبكة ،  بدت رطانتها المبهمة واضحة المعالم ، ففي الفقرات 17 و18 من المادة 4 يتجلى الخلط جليا ، ويصعب على من له إلمام جيد  باللغة  العربية أن يتوصل لفهم المراد من تعريف العراقي والأجنبي ، وما المقصود بحصص كل منهما ، سواء أكانت أ كثر من  50% أم أقل من 50%، إنها فقرات ملتبسة وأريد منها التدليس على نهب الشركات الأجنبية وتهربها من القواتنين العراقية ، في حالة  إلإلتباس الحاصلة فعلا ، في تسمية وتعريف الشخص العراقي ـ الأجنبي العامل مع الشركات الأجنبية ، أو العراقي المقيم خارج العراق وشراكته مع الأجنبي ، وهذا بعض اختلاف في النص المترجم ، ولست أدري كيف مر هذا التباين في النص على وزير النفط ، عالم الذرة الدكتور حسين الشهرستاني ، وهو الدارس للذرة بهذه اللغة ، أم أن الاستعجال في تمرير القانون ، هو مطلب أمريكي ، لم يدع فرصة للسيد الوزير من قراءته والتدقيق في العبارات واختلالات نصوصها ومفارقتها للنص العربي ، مما يضمن مصلحة الشركات الأجنبية ، ويوقع غبنا فاحشا بالجانب العراقي ، يصعب تعديل أو رفع  هذا الغبن .
الملاحظات السلبية  حول مسودة هذا القانون كثيرة وكثيرة جدا في مختلف الأبواب ، والمواد ، ولا يجب أن يمر هذا القانون من المجلس النيابي ، دون التدقيق في كل مادة ونص ، لضمان مصلحة الشعب أولا وآخرا ، كما أن على القوى السياسية الوطنية والديموقراطية ـ أن تعلن عن رأيها الواضح والصريح ، دون مهادنة ، فالأمر مصيري وخطير ، لما احتواه هذا القانون ، وتمريره قبل أن يعود الأمن والصفاء بين العراقيين ، ليس أقل خيانة للمصالح الوطنية العراقية من معاهدة بورت ـ سموث في العام 1948 التي غسل عارها الشعب العراقي بدمائه ، فالعراقيون سواء أكانوا في المجلس النيابي ، أم في منظمات المجتمع المدني العاملة في العراق ، كما كل المثقفين والكتاب ، الذين يعز عليهم العراق ، موحدا مستقرا  ، و شعبه سعيدا ومرفها ، ليس أمامهم  إلا أن يصارحوا الشعب بما ُتقدم عليه حكومة المحاصصة الطائفية  ، للنضال ضد إصدار هذا القانون برطانته " الشهرستانية " الملتبسة وغير المفهومة  .
ما يثير الشكوك حول عدم نزاهة الحكام العراقيين المتورطين في تشريع هذه المسودة  ، ما كتبته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في عددها الأخير ـ يوم الأربعاء ـ قائلة :ـ " إن قانون النفط الجديد يشمل بندا يضمن لشركات النفط الأجنبية معاملة مماثلة للشركات العراقية ، سواء  خاصة أم عامة .." كما "..لا يجب على الولايات المتحدة أن تجبر العراق على فتح حقوله النفطية أمام الشركات الأجنبية كشرط على إنهاء الإحتلال، وإن إصرار الولايات المتحدة على سن قانون جديد للنفط ليس له علاقة بمصلحة الشعب العراقي .." فهل هناك شهادة أكثر مما شهدت به هذه الصحيفة الأمريكية وهي بالمناسبة ليست صحيفة لحزب يساري أو ماركسي كما لم تكن مناوئة للحكومة العراقية أو للوزير الذي ظلم شعبه ، ويحاول إقرار تقسيم الوطن عن طريق تشريع هذا القانون ، ولكنها رأت تكاثر نهب هؤلاء الحكام العراقيين للمال العام وسرقته ، ما عاد يحتمل نهبا أكثر ، من قبل الشركات الأمريكية المتواطئة مع أصحاب القرار العراقي ..
20 آذار 2007

31
المرأة العراقية ...خيار مستقبلنا  !! 


 

هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد
 باقة قرنفل أحمر للمراة في عيدها
 

المرأة العراقية لا تختلف عن نساء العالم العربي ، المتخلف ، في مكابدة مظالم الأنظمة القمعية والرجعية والنضال ضدها ، ومقاومة شراسة قوى الظلام والتخلف ، المتحالفة مع هذه الأنظمة ،التي تحاول جاهدة وبكل السبل ،حرمان المرأة من كل حق قانوني ومدني يقر آدميتها ويشرع لحريتها ، التي كبلتها قيود أنظمة وقوانين هذه الدول ، التي نزعت عنها إنسانيتها وفرضت حجرا على حريتها ، إلا أن ما يميز المرأة العراقية عن أختها العربية ، أنها عانت كثيرا من نظام فاشي وديكتاتوري أوصل حريتها وإنسانيتها إلى الحضيض ، تدنى وتعمق هذا الواقع المزري لحريتها ، بعد احتلال العراق وسقوط  النظام ،  وسيطرة القوى الدينية ـ الطائفية والعنصرية ، على السلطة ، حيث ُفرضت عليها  قرارات&n! bsp; مناهضة لحياتها، وليست لحريتها فقط , بل ومعادية لكل أمر يتسم بطابع إنساني وحضاري ، نفذته  بالقوة عن طريق ميلشات طائفية مسلحة،وجماعات إرهابية متطرفة، لجماعات " الأمر بالمعروف " سيئة الصيت ، المستوردة من أنظمة دول الجوار الطائفية ،   لاحقتها في كل مجالات عملها وأنشطة حياتها ، وضيقت عليها منافذ حريتها على ضيقها  ، وفرضت عليها أساليب متخلفة في ملبسها ومظهرها الخارجي ،  بأشكال شتى ومختلفة ،إلا أنها لم تستسلم لهذا الواقع المهين  ،الذي أُريد منه إرهابها بخرز شفتيها وقطع لسانها ، إن هي أفصحت عما يمارس ضدها من إرهاب،  مقرون بتمييز اجتماعي ـ جنسي وقانوني  ، أو إن هي جاهرت بما يحيق بها من إجحاف  القوانين لحقوقها المدنية ، ك! ما الدين يحاربها إن تمسكت بكرامتها الإنسانية ،وطالبت بمساواتها بالرجل ، أو دافعت عن حريتها كمواطنة ، لها ما للمواطن من حقوق وعليها من واجبات ، ربما أكثر من الرجل ، تجاه وطنها ومجتمعها وعائلتها ، فالمرأة العراقية ،تعاني الأمرين ، مما أوقعه الإحتلال في بلدها ، من قتل وخراب ونهب لخيرات وتاريخ البلد ، وإرهاب ديني ـ طائفي ، يحصد يوميا عشرات بل مئات الضحايا ، ألقى بكلكله المخيف والمرعب على واقع الحياة ولقمة العيش ، فما عادت المرأة  تنعم بالطمأنينة ولا بالأمن لا على الزوج أو الأخ ولا على  و الولد والوالد  ،وما عاد السلم بين المواطنين متحققا ، نتيجة ما ارتكبته حماقات الحاكمين وخضوعهم لرجال الدين ، اللذين سيسوا القتل وأدلجوه ، وفق مفاهيم أكل الدهر عليها وشرب ، منذ أن تنازع " الأجداد " على قميص عثمان ، وكلا الفريقين  يتقاسمان الإثم بالتساوي، إلا أن إرثهم لنا كان ثقيلا ، ولسنا طرفا في  نزاعهم  ،! ولم نكن  شركاء لهم في مغنم  أو مغرم ، كما لم نكن شهود حق أو زور على ما كانوا يضمرون أو يعلنون عن حقيقة خصومتهم  ، واليوم الحمقى من الطائفتين ،أعلنوها من جديد حربا لن تذر ولن تبقي ، ولن يتحقق نصر إلا لمن يكيد للعراق وللعراقيين ، من قادة دول  جوار ، وللمحتل القادم من خلف البحار .                                                               !

المرأة العراقية المعروف عنها وبالتجربة ، لن تستسلم ، ولم تكن مستسلمة في يوم من الأيام لواقعها المهين الذي اوصلتها أليه ، قوات الاحتلال  والحكومة الطائفية  ومليشياتها والإرهاب الطائفي، كما لم تستسلم يوما ، لحاكم جائر  حاول تكميم فمها ، قتللا " أو سجنا " أو تشريدا" ، فالواقع الذي تعيشه ، والنضال اليومي  الذي تخوضه ، خير برهان على ما أقول، سواء أكانت خارج االمرأة العراقية ...خيار مستقبلنا  !! 

 

هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد
 باقة قرنفل أحمر للمراة في عيدها
 

المرأة العراقية لا تختلف عن نساء العالم العربي ، المتخلف ، في مكابدة مظالم الأنظمة القمعية والرجعية والنضال ضدها ، ومقاومة شراسة قوى الظلام والتخلف ، المتحالفة مع هذه الأنظمة ،التي تحاول جاهدة وبكل السبل ،حرمان المرأة من كل حق قانوني ومدني يقر آدميتها ويشرع لحريتها ، التي كبلتها قيود أنظمة وقوانين هذه الدول ، التي نزعت عنها إنسانيتها وفرضت حجرا على حريتها ، إلا أن ما يميز المرأة العراقية عن أختها العربية ، أنها عانت كثيرا من نظام فاشي وديكتاتوري أوصل حريتها وإنسانيتها إلى الحضيض ، تدنى وتعمق هذا الواقع المزري لحريتها ، بعد احتلال العراق وسقوط  النظام ،  وسيطرة القوى الدينية ـ الطائفية والعنصرية ، على السلطة ، حيث ُفرضت عليها  قرارات&n! bsp; مناهضة لحياتها، وليست لحريتها فقط , بل ومعادية لكل أمر يتسم بطابع إنساني وحضاري ، نفذته  بالقوة عن طريق ميلشات طائفية مسلحة،وجماعات إرهابية متطرفة، لجماعات " الأمر بالمعروف " سيئة الصيت ، المستوردة من أنظمة دول الجوار الطائفية ،   لاحقتها في كل مجالات عملها وأنشطة حياتها ، وضيقت عليها منافذ حريتها على ضيقها  ، وفرضت عليها أساليب متخلفة في ملبسها ومظهرها الخارجي ،  بأشكال شتى ومختلفة ،إلا أنها لم تستسلم لهذا الواقع المهين  ،الذي أُريد منه إرهابها بخرز شفتيها وقطع لسانها ، إن هي أفصحت عما يمارس ضدها من إرهاب،  مقرون بتمييز اجتماعي ـ جنسي وقانوني  ، أو إن هي جاهرت بما يحيق بها من إجحاف&nb! sp; القوانين لحقوقها المدنية ، كما الدين يحاربها إن تمسكت بكرام تها الإنسانية ،وطالبت بمساواتها بالرجل ، أو دافعت عن حريتها كمواطنة ، لها ما للمواطن من حقوق وعليها من واجبات ، ربما أكثر من الرجل ، تجاه وطنها ومجتمعها وعائلتها ، فالمرأة العراقية ،تعاني الأمرين ، مما أوقعه الإحتلال في بلدها ، من قتل وخراب ونهب لخيرات وتاريخ البلد ، وإرهاب ديني ـ طائفي ، يحصد يوميا عشرات بل مئات الضحايا ، ألقى بكلكله المخيف والمرعب على واقع الحياة ولقمة العيش ، فما عادت المرأة  تنعم بالطمأنينة ولا بالأمن لا على الزوج أو الأخ ولا على  و الولد والوالد  ،وما عاد السلم بين المواطنين متحققا ، نتيجة ما ارتكبته حماقات الحاكمين وخضوعهم لرجال الدين ، اللذين سيسوا القتل وأدلجوه ، وفق مفاهيم أكل الدهر عليها وشرب ، منذ أن تنازع " الأجداد " على قميص عثمان ، وكلا الفريقين  يتقاسمان الإثم بالتساوي، إلا أن إرثهم لنا كان ثقيلا ، ولسنا طرفا في  نزاعهم  ، ولم نكن  شركاء لهم في مغنم  أو مغرم ، كما لم نكن شهود حق أو زور على ما كانوا يضمرون أو يعلنون عن حقيقة خصومتهم  ، واليوم الحمقى من الطائفتين ،أعلنوها من جديد حربا لن تذر ولن تبقي ، ولن يتحقق نصر إلا لمن يكيد للعراق وللعراقيين ، من قادة دول  جوار ، وللمحتل القادم من خلف البحار .                                                               

·         المرأة العراقية المعروف عنها وبالتجربة ، لن تستسلم ، ولم تكن مستسلمة في يوم من الأيام لواقعها المهين الذي اوصلتها أليه ، قوات الاحتلال  والحكومة الطائفية  ومليشياتها والإرهاب الطائفي، كما لم تستسلم يوما ، لحاكم جائر  حاول تكميم فمها ، قتللا " أو سجنا " أو تشريدا" ، فالواقع الذي تعيشه ، والنضال اليومي  الذي تخوضه ، خير برهان على ما أقول، سواء أكانت خارج العراق أو من داخله ،  وهي تتجرع مرارة الواقع ، من فقدان أهل وأحبة ،  أو بؤس عيش ، وتدني خدمات ، وفقدان بنى تحتية ، مسؤولة عنها دولة ذات مؤسسات غير نزيهة ولاشرعية ، تديرها سلطة حكومة دين ـ طائفي فشلت في كل الميادين ، وما عاد هم أصحابها  إلا كنز المال العام المنهوب ، و أكل  مال السحت الحرام المعمد بدم العراقيين والعراقيات ،تناصرها مليشيات احزابهم  ـ الطائفية وفصائل إرهاب سلفية و قومية  متطرفة. القهر والإرهاب والقتل العمد ، كل هذا إلارهاب لن يثني  المرأة العراقية ، عن نيل كامل حريتها وتمام  حقوقها ،  طال الزمن أم قصر ، فهي بالغة هدفها لا محالة ، ولها في كل يوم أنصار ومؤيدون  جدد يناصرون قضيتها ويدعمونها ، رجالا" ونساء" ، فقضيتها  قضية الشعب والوطن برمته  ، فليس أقلا م  المناضلات والأحرار  من يناصرها ، إنما بدأت أقلام جديدة لها تدخل ساحة الصراع ، فمن يتابع وسائل الإعلام النظيفة ، والمواقع الألكترونية  التقدمية والنزيهة ، يجد المزيد من أقلام نسائية جديدة  في كل يوم ، وقلم المرأة هو الأكثر مضاء وتأثيرا في النفوس ، لأنه يعبر عن حقيقة واقعها المقهور بصدق وشجاعة ،  بعد أن  ضاق عليها  قمقمها المحشورة فيه رغم أنفها ،  بدأت تحطيمه ، لتساهم في بناء مجتمع ، هي معنية فيه أكثر الرجل ، لتعيد ترميم نسغ الحياة وما تلف منه ،  الذي استبد به القهروالظل! م والعهر الطائفي البغيض، لتعيد له رونقه وألقه ، وهذا ما حدى بمنظمة " بنت الرافدين النسوية " لتأسيس دار نشر خاصة  ومعنية بقلم ونتاج  المرأة ، وما هذا إلا بداية الطريق للمرأة لأن تنتزع حريتها وكرامتها ،لتساهم عن جدارة ومقدرة في بناء مجتمع  مدني ، ديموقراطي حر ومتحرر،فالمرأة خيار مستقبلنا ، وعليها وعلى نضالها لنيل كامل حقوقها،و بناء غد جديد  ،  يراهن كل الشرفاء . 

 7آذار2007

·         لعراق أو من داخله ،  وهي تتجرع مرارة الواقع ، من فقدان أهل وأحبة ،  أو بؤس عيش ، وتدني خدمات ، وفقدان بنى تحتية ، مسؤولة عنها دولة ذات مؤسسات غير نزيهة ولاشرعية ، تديرها سلطة حكومة دين ـ طائفي فشلت في كل الميادين ، وما عاد هم أصحابها  إلا كنز المال العام المنهوب ، و أكل  مال السحت الحرام المعمد بدم العراقيين والعراقيات ،تناصرها مليشيات احزابهم&nb! sp; ـ الطائفية وفصائل إرهاب سلفية و قومية  متطرفة. القهر والإرهاب والقتل العمد ، كل هذا إلارهاب لن يثني  المرأة العراقية ، عن نيل كامل حريتها وتمام  حقوقها ،  طال الزمن أم قصر ، فهي بالغة هدفها لا محالة ، ولها في كل يوم أنصار ومؤيدون  جدد يناصرون قضيتها ويدعمونها ، رجالا" ونساء" ، فقضيتها  قضية الشعب والوطن برمته  ، فليس أقلا م  المناضلات والأحرار  من يناصرها ، إنما بدأت أقلام جديدة لها تدخل ساحة الصراع ، فمن يتابع وسائل الإعلام النظيفة ، والمواقع الألكترونية  التقدمية والنزيهة ، يجد المزيد من أقلام نسائية جديدة  في كل يوم ، وقلم المرأة هو الأكثر مضاء وتأثيرا ف ي النفوس ، لأنه يعبر عن حقيقة واقعها المقهور بصدق وشجاعة ،  بعد أن  ضاق عليها  قمقمها المحشورة فيه رغم أنفها ،  بدأت تحطيمه ، لتساهم في بناء مجتمع ، هي معنية فيه أكثر الرجل ، لتعيد ترميم نسغ الحياة وما تلف منه ،  الذي استبد به القهروالظلم والعهر الطائفي البغيض، لتعيد له رونقه وألقه ، وهذا ما حدى بمنظمة " بنت الرافدين النسوية " لتأسيس دار نشر خاصة  ومعنية بقلم ونتاج  المرأة ، وما هذا إلا بداية الطريق للمرأة لأن تنتزع حريتها وكرامتها ،لتساهم عن جدارة ومقدرة في بناء مجتمع  مدني ، ديموقراطي حر ومتحرر،فالمرأة خيار مستقبلنا ، وعليها وعلى نضالها لنيل كامل حقوقها،و بناء غد جديد  ،  يراهن كل الشرفاء . 

 7آذار2007[/b][/font][/size]

32
بوش والمالكي... فرسا رهان خاسران ..!
[/color]


هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد


السيد نوري المالكي ، رئيس الوزراء العراقي ، منذ تشكيله لحكومة المحاصصة
الثانية ، بعد حكومة الجعفري ، التي تمثلت فيها كل القوى القومية ـ العنصرية و
البعثية ـ وقوى الإسلام السياسي ـ الطائفي  ، ، كان موضع رهان الإدارة
الأمريكية  ، حيث استقبله الرئيس بوش في البيت الأبيض ، باعتباره أكثر
إقداما وجرأة من سلفه الجعفري ، في معالجة الملف الأمني ، والعمل على إحلال أمن
نسبي في العراق ، بتنفيذ مشروعه الحالم الذي وعد به عند إعلان برنامج حكومته ،
ذي النقاط التي تجاوز عددها أكثر من عشرين نقطة ، والذي كان أبرزها حل
المليشيات ..! منذ ذلك الحين وحتى اللحظة ، حياة العراقيين الأمنية والمعاشية ،
تسير من سيئ إلى أسوء ، وعدد القتلى والمختطفين والمهجرين ، في صعود مستمر ،
رغم تنفيذ مختلف الخطط والأفكار الفاشلة ، لوزارتي الدفاع والداخلية ، ومساهمة
مستشاري قوى الإحتلال في هذا الصدد . كل ما خططوا له ووضعوه للسيطرة على أمن
بغداد وباقي المدن العراقية ، لا يختلف من حيث الجوهر ، عما أعدته ونفذته إدارة
نظام صدام ( العبقري ) ، حين الشروع في مجابهة الغزو الأمريكي لاحتلال العراق ،
فإذا كانت الأفكار ال!
 فاشية في الدفاع ، آنذاك ، قد تمثلت بحفر خنادق نفطية وحرقها عند المنازلة مع
أمريكا في العام     2003، فأفكار عباقرة مستشاري الأمن القومي
، من أمثال د.الربيعي ، في حكومة المالكي ، تمثلت ببناء جدران إسمنتية فاصلة
بين الأحياء والمناطق لمدينة بغداد ، شبيهة بما نفذته إسرائيل ، للفصل بين
الفلسطينيين واليهود ، وقد لا يخلو الأمر من حكمة لتقسيم طائفي مستقبلا ! كل ما
خطط له المالكي ، باعتباره القائد العام للقوات المسلحة ، للسيطرة على الأمن
باءت بالفشل ، فهو المسؤول الأول والمباشر عن أمن وحياة العراقيين ، ومنذ أن
تولى أمر الحكومة ، وطرحه لبرنامجه أمام البرلمان وموافقة البرلمان عليه ، كان
المفروض أن يشرع على الفور في تنفيذ ما يحقق توجهه لحل كل المليشيات الطائفية ،
دون استثناء ، ومعالجة جرائمها المرتكبة بحق المواطنيين ، وبنفس الوقت ، التوجه
الجاد لمعالجة  جيوش القوى التكفيرية والبعثية المتحالفة معها ، إلا أن
هذا لم يحصل نتيجة لتراخي وتلكؤ في  تنفيذ القضايا المهمة والمصيرية ،
فرئيس الحكومة ، لم يظهر حزما فعليا في توجهاته لحل مشاكل البلد ، متعللا
بأسباب التأني لانت!
 ظار قرارات الكتل التي تسيطر على هذه المليشيات ، وسيطرة أمراء هذه القوى
 على مراكز إصدار القرار في وزارتي الداخلية والدفاع ، وقد ُاستنفذ الكثير من
الوقت دون أن يرى الشعب العراقي ولو بارقة أمل في تنفيذ ما وعد به السيد
المالكي ، ليس نتيجة لهشاشة ممثلي الكتل السياسية في الحكومة ، وعدم قدرتها على
تنفيذ برنامج الحكومة كلا لما يخص وزارته ، وإنما هادفين تردي الأوضاع الأمنية
والسياسية أكثر فأكثر ، وبهذا فقط يكونوا قادرين على سرقة المال العام ونهب
ثروات البلد ، وليس من مصلحة الحكومة وأعضاء البرلمان معرفة الثروات المنهوبة ،
والأملاك المستولى عليها والمسجلة بأسماء الوزراء وممثلي الشعب في البرلمان ،
وأمراء المليشيات ، وهنا تكمن الأسباب الحقيقة وراء استمرار دوامة العنف التي
تمارسها المليشيات ، والأسباب الحقيقة وراء عدم إمكانية حل المليشيات ومن يقف
وراءها ، من الوزراء ورؤساء الكتل والأعضاء في البرلمان .

 خيبة أمل الشعب العراقي ، بحكومة المالكي ، وبكل جهاز الحكم ، وبالقوى
التي تدعمه وتؤيده ، انعكست آثارها وتأثيراتها ليس على الواقع العراقي فقط ،
وإنما امتدت آثارها السلبية على قوى الاحتلال والإدارة الأمريكية ، فالرئيس بوش
، نتيجة الفشل في فرض سيطرة أمنية لقواته على العراق ، أدت إلى تصاعد عدد
القتول بين قواته ، مما زاد في تصاعد حركة معارضة جماهيرية أمريكية ، ضد تواجد
القوات الأمريكية في العراق ، وبالتالي انحسرت القوى التي تؤيد الحزب الجمهوري
وتدنت شعبيته  ، مما أدى خسارة الجمهوريين للكثير من مقاعد البرلمان وفي
مجلس الشيوخ ، وبالتالي سيطرة الديموقراطيين على القرار السياسي ، وضعف موقف
الرئيس بوش وتأثيره على تنفيذ السياسات العسكرية خارج أمريكا ، وخصوصا في
العراق ، مما أرغم الإدارة الأمريكية على إجراء تعديلات في خططها العسكرية ،
المرتبكة أصلا ، وزيادة ضغوطها على حكومة المالكي ، لتبني سياسات ليس لا تؤمن
بها ، إنما تعارضها أغلب القوى الطائفية الداعمة للحكومة ، وشركائها من القوى
القومية ـ العنصرية ، وهذا أحد أسباب فشل حكومة المالكي وقصورها عن تنفيذ أية
إجراءات فعالة ضد الإره!
 اب ، الذي ازدادت وتيرته ، وتصاعدت  أنشطة القوى المناهضة للحكم ، بحيث
ما عادت جماهير الشعب ، والقوى السياسية الوطنية والديموقراطية ، هي من ينتقد
أداء الحكومة وفشلها في معالجة كل ما جاء في برناجها الوزاري ، وإنما شمل النقد
لهذا الأداء الفاشل ، أعضاء في مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء ، وأعضاء في مجلس
النواب ، وهؤلاء يعتقدون ـ بحق ـ أن الشعب العراقي هو المسؤول عن هذا الواقع
البائس ، لأنه جاء بقوى الإسلام الطائفي ، وقوى قومية عنصرية مختلفة ، غير
حريصة على الشعب ، وليس في اجندتها السياسية سوى الإثراء غير المشروع وسرقة
المال العام ،  ولا فرق إن كان هؤلاء عراقيون في إدارة المالكي ، فهم
نهبوا العراق ولازالوا يمارسون النهب ، أم كانوا أمريكان في إدارة بوش ، فكل ما
خصص للعراق من أموال أمريكية لإعادة بنائه ، نهبته شركات أمريكية بعلم بوش
وإدارته .الرهان على تحقيق نجاحات في العراق بقيادة المالكي وبوش ، هو رهان
خاسر على فرسي رهان متعبين ، تجاوزهما الزمن ، وعلى الشعب العراقي أن يقول
كلمته ..!


21 تشرين أول 2006[/font][/size][/b]

33
مصداقية حق المواطنة في الدستور العراقي ..!
[/b][/color]

هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد


اتسم الفكر القومي العربي بشوفينيته وعدم إنسانيته ، في تعامله مع القوميات
والأثنيات التي تشارك العرب في الوطن الواحد ، فعندما تسلم دعاة هذا الفكر
والمؤمنون به من القوميين والبعثيين السلطة ، في سوريا والعراق ، في ستينات
القرن الماضي   مارسوا قهر واضطهادا لكل القوميات التي لا تؤمن بمفاهيم القومية
العربية ، ولا تخضع لها ، وفق رؤى ساطع الحصري وميشيل عفلق ، فالهوية الرسمية
السورية الممنوحة للمواطن السوري تنص على أن حاملها هو عربي سوري ، بغض النظر
عن قوميته المغايرة لهذا التعريف ، كما أن النظام مازال لا يعترف بوجود الأكراد
كقومية في القطر السوري ، على الرغم من تغني القوميين العرب والبعثيين بالبطل
صلاح الدين الأيوبي ، وهو كردي ، وأيضا لا يعترف بالقوميات الأخرى القاطنة في
الشمال السوري ، كما لا يقر لهم بحقوق المواطنة. وهذا مخالف لكل ما نصت عليه
وثائق ومواثيق منظمات حقوق الإنسان التي أقرتها المنظمات الدولية  .
كل العراقيين الذين لجأوا إلى الدولة السورية ، إبان حكم البعث العراقي ، وبغض
النظر عن الدين والقومية ، ُعوملوا بكونهم عربا ، وفق هويات التعريف الممنوحة
لهم والصادرة من دوائر الأمن السورية ، ولم ُتمنح الجنسية السورية لطالبها ،
رغم مضي أكثر من عشرين سنة على العيش فيها ، وحتى الذين تزوجوا من نساء سوريات
، ُحجبت الجنسية السورية عنهم وعن أولادهم المولودين من أم سورية ، وهذا مغاير
لقوانين التجنس المعمول بها في دول الديموقراطيات الأوربية ، ولا تقره حتى
الدول المتشددة في منح جنسيتها للأجانب . هذا ما عليه نظام البعث في سوريا ،
أما ، شبيهه ، في العراق فالأمر أدهى وأمر ، فمنذ العام 1963 ، حيث تأسس حكم
القوميين العرب المتحالفين مع البعثيين العفالقة ،  عمدوا تحالفهم بعداء سافر
للقوى الوطنية العراقية ، التي تمثلت فيها كل القوميات والأثنيات التي يتشكل
منها المجتمع العراقي ، فخلال حكمهم قاموا بتهجير آلاف العوائل العراقية إلى
إيران ، بحجة التبعية لإيرانية ، أما الذروة لهذا الحقد القومي ـ العنصري
والفاشي ، فهو ما قام به النظام البعثي ، حيث أخذ أشكالا متعددة ، ليس أولها ،
التهجير ورميهم على الح!
 دود الملغومة ، كما لم تكن القبور الجماعية وأحواض التيزاب آخرها ، إنما كانت
هناك أشكال وأساليب أخرى ،متطورة ، في الحقد والكراهية ، حيث الغازات السامة
لقرى الكورد المؤنفلة ، ومجمعات فصلت الأباء عن أبنائهم من صغار السن ، ناهيك
عن حجزهم في الصحارى  .
إذا كانت جرائم النظام الفاشي الساقط تمت وفق دستور مؤقت ، ذي نزعة فاشية ،
أدانها الشعب العراقي وكل قواه السياسية ، على مختلف مبادئها وتوجهاتها الوطنية
والقومية والدينية ، فماذا نقول في إجراءات حالية تصب في نفس الإتجاه ، وترتكب
بحق عراقيين في ظل دستور دائم ، يتباهى به الحكم ، الطائفي ـ العنصري ، فنص
المادة " 18" أولا ، تقر صراحة ( العراقي هو كل من ولد لأب عراقي أو لأم عراقية
.). وثانيا ( الجنسية العراقية حق لكل عراقي ، وهي أساس مواطنته ) . ما بين يدي
معلومات تؤكد أن المواطنة العراقية ( أ. ج ) من مواليد 1952 ، ماجستير علوم في
وزارة الزراعة ، وابنها العراقي ( ي .خ ) طبيب ، مواطنان عراقيان وفق نص المادة
آنفة الذكر ، الزوجة متزوجة من فلسطيني / أردني ، يحمل إقامة عراقية دائمية ،
والعائلة عند مغادرتها الحدود العراقية إلى الأردن ختمت وثائقهم ( بعدم العودة
إلى العراق ) دون ذكر للأسباب ! لماذا وما الهدف من وراء ذلك ؟ وما الفرق بين
إجراءات نظام يدعي شرعية مستمدة من مجلس منتخب وفق قواعد وأصول ديموقراطية ،
أقر دستورا شرعه مجلس نيابي منتخب ، وبين إجراءات نظام فاشي سبق له أن مارس نفس
الحال !
 ، حيث فرق بين كل زوج وزوجة تزوج أحدهما من أجنبية أو أجنبي ، إلا أن
المسؤولين في حكومتنا ، أكثر ظلما وهمجية من النظام الفاشي ، حيث فرقوا بين من
تزوج بعربي أو عربية ، وهذا مالم يقدم عليه النظام الفاشي ..!
نظامنا الطائفي ـ العنصري ، منذ أن كان صولاغ وزيرا للداخلية ، منح الجنسية
العراقية ، لآلاف الإيرانيين ، من قوميات مختلفة ، ولأغراض مشبوهة ، وأسكنهم
المحافظات الجنوبية والوسطى ، التي يطالب الطائفيون إقامة فدراليتهم فيها ،
وحتى اللحظة تجري عملية تجنس غير شرعية ، في حين يحرم المواطن من وطنه ، وهو
يحمل الجنسية العراقية ، كما يحرم المتزوج من عراقية والمقيم منذ ستينات القرن
الماضي ، وفق موافقات رسمية وأصولية ، وهذا ما يتنافي مع نصوص الدستور ومصداقية
نصه " الجنسية العراقية أساس المواطنة " ، وسيبقى الدستور حبرا على ورق .إن لم
تسهر على تنفيذ بنوده أياد نزيهة ومخلصة ..!
2 تشرين ثاني 2006[/b]

34
المنبر السياسي / نمر من ورق..!
« في: 00:06 27/10/2006  »
نمر من ورق..!
هادي فريد التكريتي  *

من يزرع الريح يحصد العاصفة ، وهذا ما يحصل لأمريكا وقواتها في العراق ، بعد أن أسقطت نظام صدام الفاشي ، اعتمدت شعارات سياسية مضللة وخادعة ، باسم الديموقراطية والحرية ، وجاءت بقوى سياسية ، دينية ـ طائفية ، وقومية عنصرية ، ما كانت تحلم بتبوء قيادة المجتمع العراقي ، وقبل أن يستقر الوضع الأمني والسياسي في البلد ، أجرت إدارة الإحتلال الأمريكية انتخابات مزورة ، عارضتها أغلب القوى الوطنية والديموقراطية العراقية ، وشريحة واسعة من خيرة المفكرين والكتاب العراقيين ، وأجانب مهتمين بالشأن العراقي ، حصيلة جولتين من هذه الإنتخابات دستور طائفي ـ عنصري ، يفرق ولا يوحد ، وحكومات هزيلة وضعيفة وفق مبدأ بريمر ، المحاصصة الطائفية والعنصرية .
تشكلت حكومة نوري المالكي ، وفق مبدأ حكومة وطنية ، كما وصفوها ، لتنهي حالة العنف والاحتراب الطائفي ، ووقف التهجير الذي شمل الكثير من الطوائف الدينية والأثنيات العرقية من محلات إقامتهم ، وللحيلولة دون القتل اليومي المتبادل ، للشيعة والسنة ، وللحد من نشاط قوى الإرهاب الإصولي ، ولإجراء المصالحة مع من يحمل سلاح المقاومة " الشريفة " وحل المليشيات الطائفية ، أداة الجريمة والإرهاب ، هذه بعض بنود من برنامج حكومة السيد المالكي ، وعلى الرغم من مرور أكثر من ستة أشهر على برنامجه ، لم يتحقق هدف واحد من هذا البرنامج ، وعلى الضد من هذا ازداد عدد الجثث الملقاة على قارعة الطريق ، كما كثر القتل على الهوية ، وازداد عدد المهجرين ، من الشيعة والسنة ، والمليشيات الطائفية تمارس إرهابا على قوات الحكومة وتتحداها ، في مناطق مختلفة من بغداد والمدن الجنوبية ، وكل الخطط الأمنية التي وضعتها الحكومة بدعم وأسناد من قوات الإحتلال باءت بالفشل ، وعلى الضد من كل الإجراءات الأمنية للتقليل من الخسائر تضاعفت ، ليس عند قوات الأمن العراقية ، من جيش وشرطة ، وإنما كذلك ازداد عدد القتول بين القوات الأمريكية ، وما عادت سيارات الهمر والدبابات الأمريكية المرعبة تشكل حصنا لجنودها ، ولذا كثرت الزيارات للمسؤلين الأمريكان ولبعثاتهم المتخصصة لدراسة الوضع العراقي ، وأسباب الفشل في الحلول والخطط التي أقدمت على تنفيذها حكومة المالكي بالتعاون مع الإدارة الأمريكية .
حتى اللحظة الإدارة الأمريكية ، والحكومة العراقية ، يتجاهلان عن عمد الأسباب الحقيقة لهذا التدهور ، الذي مرغ سمعة الحكومتين الأمريكية والعراقية في المستنقع العراقي ، فالسيد نوري المالكي يترأس حكومة قوامها ، من إسلاميين طائفيين ، وقوميين عنصريين ، لا يعترفون بمبادئ وطنية أو قوى وطنية وديموقراطية ، كما لا يعترفون بوطن عراقي موحد ، فالفدرالية بمفهومهم تجزئة وتقسيم ، يرون فيها العراق ، فطيسة عليهم تقاسم أشلائها وفق القوة التي يتمتع بها كل طرف ، وما تعلنه الحكومة من خطط أمنية ومشاريع إصلاح ومصالحة ، ما هي إلا من قبيل ذر الرماد في العيون ، فالحل بيد قادة المليشيات ، ممثلي " الشعب " في مجلس النواب ، وهؤلاء هم من يدير لعبة " الحرب الطائفية " ونهب ثروات العراق ، ولا خلاص للعراق من إرهابهم ولا استقرار للعراق دون الرجوع إلى معالجة الأزمة وفق ضوابط وطنية صادقة ومخلصة ، فالإنتخابات المتسرعة والمزيفة ، التي تمت بشحن العواطف الطائفية ، وتحت تهديد المليشيات وجرائمها ، أتت بمجلس لا يمثل إرادة الشعب ، شرعت دستورا يفرق ولا يوحد ، وكل ما يعانيه الوطن والمواطن في الوقت الحاضر ، من مآس وأحزان هو نتيجة لهذا الواقع ، والأدارة الأمريكية ، وقواتها ، تتحمل كامل المسؤولية في معالجة هذا الوضع ، الذي أصبح كابوسا يهدد بجرائم إبادة للشعب العراقي ، ليس بأقل مما أقدم عليه النظام الفاشي قبل سقوطه ، فحل المجلس النيابي وتعليق العمل بالدستور ، وتشكيل حكومة تكنوقراط قوية ، تأخذ على عاتقها حل المليشيات ، وتنفيذ برنامج حكومة إصلاح وطني ، تنشر الأمن والسلام ، وتعالج الفساد وتحل مشاكل الشعب ، هو الطريق المفضي إلى عراق ديموقراطي وفدرالي ، وبدون أن تقدم الولايات المتحدة على إصلاح ما ارتكبته من أخطاء بحق الشعب العراقي ، ستغوص أقدامها أكثر فأكثر في المستنقع الذي صنعته للشعب العراقي ، ولقواتها ، وستفقد هيبتها وجبروتها بين دول العالم ، مبرهنة لشعبها ، ولشعوب الأرض أنها فعلا نمر من ورق .

 * عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد[/b] [/size] [/font]

35
وثائق مؤتمر الحزب الشيوعي العراقي ..جرأة وحياء / الفسم الثاني والأخير
هادي فريد التكريتي
2006 / 9 / 25

المقدمة التي تتصدر الوثيقة البرنامجية ، تتحدث وكأنما العراق والشعب العراقي ، يعيشان في عالم آخر ، تسوده ظروف آمنة ومستقرة ، النظام والقانون هما الفيصل في حياة الناس ، وحرية الفرد الشخصية والعامة مصانة ، وبأيدي مخلصة وأمينة ، والقوى السياسية العراقية ، بمختلف ألوانها وفصائلها ، غير متناحرة بقوة السلاح ، وتنتظم فيما بينها بعلاقات ودية وسلمية ، ومتفقة على الدستور بكل بنوده وتفاصيل مواده ، والديموقراطية هي الأسلوب الوحيد السائد بين هذه القوى لحل الخلافات فيما بينها . شيء جميل أن يحلم المواطن العادي بوطن فيه كل ما تقدم ، ولكن السياسي الملتزم والمسؤول ، أمام ضميره وأمام الفكر الذي يحمله ، والناس التي يدعي خدمتها ، عليه أن يدقق في رؤية الواقع الذي يعيشه ، وكما هو على الأرض دون رتوش ، وعليه أن يجد الحلول الواقعية والمنطقية ، لتفاصيل معيشة وحياة الناس بكل تفاصيلها وتعقيداتها ، في ظل ظروفها الآنية دون تجاوزها ، فالاحتلال والإرهاب ، والقتل الذي تمارسه الميليشيات ، والجيوش ، على الهوية وبدونها ، وانعدام الحريات الخاصة والعامة ، وغياب القانون ودولته ، ودستور على الرف ، ومجلس نيابي مزيف ، كل هذا كان على معد الوثيقة البرنامجية أن يراها ، وبوضوح ، فهي ما تؤسس لهذه الفترة التاريخية الفريدة والعصيبة في التاريخ العراقي الحديث ، حيث خضوع العراق بكامله ، لسيطرة القوات الأجنبية ، الأمريكية والبريطانية، التي أسقطت النظام البعثي الفاشي ، وفي ظل هذا الواقع ، وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات ، يتوجه الحزب الشيوعي العراقي ، لعقد مؤتمره الثامن .
ملامح وسمات هذا الوضع تتطلب بالدرجة الأولى وضع وصياغة برنامج غير عادي ، برنامج لمرحلة تحرر وطني يستنهض قدرات وطاقات كل مكونات الشعب العراقي ، لإعادة بناء اللحمة الوطنية للشعب ، والبنى التحتية لعموم العراق ، التي خربها النظام القومي ـ الفاشي الساقط ، وتعمق هذا الخراب بسبب جرائم قوات الاحتلال ، وأجهزت على البقية الباقية من هذه البنى ، قوى الحكم ، الدينية ـ الطائفية ، والقومية ـ العنصرية ، في مثل هذا الظرف القاسي والمعقد ، من الصعب جدا رسم برنامج سياسي واقتصادي متكامل وناجح ، يعده حزب ما ، لفترة لاحقة ، مهما كانت قدرة وسعة هذا الحزب ، في ظل ظروف الاحتلال ، وإرهاب فرق الموت الأجنبية ، ونشاط فرق الذبح التكفيري ، الدينية ـ الطائفية ، ، ومليشيات الأحزاب الدينية والقومية الحاكمة . تجاهل هذا الوضع ، في صياغة البرنامج ، لن يساعد على تنفيذ أي بند من بنود هذا المشروع ، والمطلوب من معدي البرنامج أن يأخذوا بنظر الاعتبار العوامل المؤثرة عند تشريعه ووضعه موضع التنفيذ ، مع الأخذ بنظر الإعتبار ملاحظات غابت عن المشروع .
القسم الأخير من الصفحة الأولى للمشروع ، تتطرق إلى فدرالية كوردستان ، " ويدعو إلى تعزيزها .." فإذا كان هذا صائبا فما وجه الصواب في " ...واعتمادها في مناطق العراق الأخرى وفقا لاحكام الدستور .." الحزب الشيوعي العراقي يعلم جيدا أن الدستور قد صيغ واسُتفتي عليه في ظروف غير اعتيادية ، حين زورت إرادة الناخبين ، تحت وطأت القتل والتهديد به ، وضد الحزب ورفاقه ومؤيديه مورست مثل هذه الجرائم ، حيث حرقت مقراته وقتل الكثير من رفاقه ومؤيدية ، كما حصل لغيرهم من الأحزاب الأخرى ، وهذا دليل على أن لا حرية لناخب أو ُمستفتي ، ثم أن الدستور رهن لتغيير وتعديل بعض فقراته بموجب المادة 142 ، ومن ضمن ما هو مطلوب تعديله ، ومختلف عليه ، بين القوى السياسية العراقية ، قضية " الفدرالية " سواء أكانت في الجنوب أم في الوسط . وهل يقر الحزب الشيوعي الفدرالية على أساس طائفي ؟ وهل في الفكر الماركسي والإشتراكي تشكيل فدراليات من هذا النمط ؟ إن مجارات الفكر الديني و الطائفي ، في تحقيق أهداف طائفية ، معادية لتطلعات الشعب العراقي الوطنية ، لا يخدم الحزب الشيوعي في توجهاته الفكرية وأهدافه الوطنية التي يسعى لتحقيقها ، ولا يغير من نظرة هذه القوى العدائية تجاهه ، فهي تحاول جاهدة أن تستعدي عليه كل قوى المجتمع ، كما تسعى بكل السبل ، لاستخدام الدستور ونصوص مواده المقيدة للحريات ضده ، ولمنع نشاطه ، وفق نص المادة" 2" ـ أ ـ من الدستور " لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام " وكما هو معلوم كل الحكومات الدينية والرجعية ، في المنطقة ، تحرم نشاط الحزب الشيوعي ، والعراق ليس استثناء من هذا التوجه مستقبلا.
المرأة في المجتمع العراقي ، نتيجة للأوضاع التي سادت إبان الحكم الفاشي وسيطرة القوى الدينية على الحكم ، تعاني من التمييز القانوني والديني ، وبما إنها نصف المجتمع ، على أقل تقدير ، فعليها يقع عبء كبير ، أسوة بالرجل ، في بناء وإعادة بناء المجتمع ومؤسساته ، "..في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والإجتماعية .." كما ورد في نهاية الصفحة الأولى ، وهذا يحتاج إلى توثيق لحقوقها المدنية والسياسية في قوانين وتشريعات ، قابلة للزيادة وليست قابلة للنقض ، كما حصل عندما انفردت القوى الدينية في مجلس الحكم وحاولت إلغاء قانون الأحوال الشخصية للعام 1959 ، ومن هذا المنطلق ، أرى عدم التطرق للوضع المأساوي الذي تعاني منه المرأة على مختلف العهود ، وخصوصا في الظرف الراهن ، نتيجة لسيطرة القوى الطائفية والعنصرية على الحكم ، لا يعطي المصداقية في التعويل على المرأة في إشراكها بعملية البناء ، في كل مجالات الحياة ، إن لم تحصل المرأة على كامل حريتها وتحررها من كل القيود التي تشدها إلى عصر الحريم ، ولا يمكن تحقيق أي تقدم للمجتمع ، إن كان نصفه معطل ، بسبب قيود قيم رجعية ، وفرض نصوص دينية مجانبة لعصرنا ، لتكبيل المرأة بها .
المرأة تستحق تفصيلا في حقوقها ، وإغناء لحريتها ، أكثر بكثير مما تناولته الوثيقة . والطفل وهو ما يعول عليه مستقبلا ، لا يستحق من برنامج الحزب الشيوعي ، أكثر من ذكره بكلمة مفردة ، مقرونة بالمرأة ، كما ورد في أخر فقرة من الصفحة الأولى " ..وضمان الالتزام بجميع المواثيق الدولية المتعلقة بحماية حقوق المرأة والطفل " مسكين هذا الطفل وأمه ! بحيث لم يدلنا البرنامج أين هي حقوق المرأة أمه ؟ وما هي حقوق الطفل في برنامجه ؟ وهل سيصون الحكم الطائفي ـ العنصري هذه الحقوق ، وكيف ؟ ألم يترسخ في ذهن معدي هذه الوثيقة ، شيئ من الحقوق التي كانت تتمتع بها المرأة والطفل في المعسكر الإشتراكي السابق ، وهل لم يسمع المعدون للوثيقة ، شيئا عن ضمانات الحقوق ، للمرأة وطفلها في الدول التي تحترم الإنسان ؟

الوثيقة حسبما تنص عليه في بداية الصفحة الثانية " إن حزبنا يولي اهتماما بالشبيبة .." لا تعتمد في وضع حلولها على إحصائيات ، شأن كل المجالات التي يتحدث عنها التقرير ، وهذا ما يجرده من الواقعية والعلمية في المعالجة ، ولكن ما هي سبل ووسائل هذه الإهتمامات ؟ الشبيبة ، من كلا الجنسين ، قطاع واسع ومهم ، ومجالات نشاطاتهم تغطي كل مجالات الحياة ، العملية والتأهيل العملي لمختلف الاختصاصات ، والعلمية ، دراسية وثقافية ورياضية وفنية وسياسية ، وغيرها الكثير ، اختصرها البرنامج ب" ضمان تمتعهم بالحقوق والحريات المكفولة دستوريا .." دون توجيه أي نقد للحكم القائم ومسؤوليته عن التردي الفعلي الحاصل آنيا لأوضاع الشبيبة ، الأمنية والاقتصادية والاجتماعية ، واستفحال الجريمة بينهم ، وانخراطهم في منظمات إرهابية لقتل الأبرياء ، لقاء ثمن بخس وبائس ، نتيجة للفاقة والعوز ، جراء البطالة والحالة المنية المتدهورة .
المليارات التي يتم نهبها وسرقتها علانية من خزينة الدولة ، وتهريبها خارج الحدود ، تحت علم ومسؤولية رجال الحكم وأزلامه ، دون حساب أو مساءلة من أحد ، هي من أحد الأسباب الرئيسية في تدني حياة المواطنين المعاشية .بالأمس اعترف السيد رئيس الجمهورية ، جلال الطلباني ، في رسالة موجهة للشعب الأمريكي ، نشرت على موقع المكتب الصحفي لرئاسة الجمهورية في 20 أيلول ، اعترف متباهيا بما تحقق من ازدهار في العراق فهو يقول " إن الازدهار المالي والاقتصادي يمكن ملاحظته في المناطق الأكثر أمنا في العراق ، حيث يوجد في مدينة السليمانية باقليم كوردستان العراقي أكثر من 2000 مليونير ( نعم الرقم صحيح ألفين مليونير في مدينة واحدة ) مقارنة مع 12 قبل التحرير .." والرقم بالدولار لأن السيد الرئيس يتحدث للأمريكان وهم لا يعرفون غير الدولار عملة متداولة ، هذا هو الازدهار الحقيقي في العراق ، الذي أطبق فمه عنه التقرير ، ولم يتحدث عنه وعن ماهية القطاع الذي أنتج آلاف المليونيرية بمدينة واحدة، فلمصلحة من السكوت عن هذا الواقع ؟ وأين هي جرأة الشيوعي في عدم المهادنة . منذ الاحتلال الأمريكي ومرورا بالحكم الطائفي القومي ، وخلال بضع سنين ، تزايد عدد المليونيرية في مدينة واحدة ، وإحصائية الرئيس مضبوطة حتما ، لأنه عارف بما حوت السليمانية وضمت بنوكها ، إلا أنه لم يعرف عدد العوائل التي خربها واحد من المليونريه ، وحبذا لو اعتمدت الوثيقة البرنامجية على إحصائيات مماثلة لما عليه الوضع حاليا في بغداد وكربلا والنجف ، وباقي المدن التي يسيطر عليها الطائفيون ، أمثال عزيز الحكيم وولده المبجل عمار ، ومسؤولو المليشيات ، في بدر وجيش المهدي وحزب الله وحزب الفضيلة ، وغيرهم من الجيوش ، التي تقاتلت في البصرة والعمارة والديوانية وغيرها ، على المال العام ، وعلى نسب الثروة المسروقة والمنهوبة من النفط الخام المصدر ، وعلى ما اُستورد من مشتاقات نفطية ، وصلت السوق السوداء ، وتحولت لأرصدة في حساباتهم البنكية الإسرائيلية الأكثر أمنا ، تحت سمع وعلم الحكومة ومنظمات المجتمع المدني الساكتة عن كل هذه الجرائم .
المرجعيات الطائفية ستتولى الدفاع عن كل " الآيات الحرامية " المعممة ومن هو سائر في ركابهم ، من آكلي مال السحت الحرام ، وستقنع بسطاء الناس أن هذا حق قديم لنا منهوب نسترده ، ولكن من سيعصم الحزب الشيوعي العراقي ويدافع عنه ، عندما يعرف حقيقة ما يجري ويسكت عنه ، لا عاصم له سوى الجماهير التي يضع أمامها كل الحقائق الخافية عنه ، خصوصا وهو مساهم في البرلمان ، والسلطة ، ويعرف دقائق الأمور وما يجري في الدولة وسلطتها من ارتكاب لجرائم بحق الشعب .
بناء الدولة والنظام السياسي والمهام والأهداف التي يناضل من أجلها الحزب ، رغم أهميتها وشرعيتها ، وضرورة تحقيقها للنهوض بالعراق في بناء مؤسسات الدولة المختلفة ، لا يمكن أن تتحقق في ظل الأوضاع الحالية ، فقوات الاحتلال عائق أساسي أمام تحقيق هذه المهمة ، حيث تسبغ حمايتها على حكم ديني ـ طائفي ـ قومي عنصري ، يجسد المحاصصة الطائفية في كل مجالات الحكم ومؤسسات الدولة ، لذا كان الواجب أن يأخذ هذا الهدف الصدارة في الفقرة 1 من " يناضل حزبنا في سبيل "والفقرة " 7 " الخاصة بحل المليشيات ، تحل في التسلسل " 2 " .
.
الفقرات ، سياستنا الاقتصادية ـ الإجتماعية والقطاعات الاقتصادية والخدمية .. وغيرها من الفقرات التي عالجت الوضع الإقتصادي وسبل النهوض به ، تبقى كلاما غير دقيق ، لما قبل الإحتلال وأثنائه وما تم أو ينتظر تنفيذه من عمر الحكم الحالي ، فما يطرحه الحزب من معالجات سياسية واقتصادية واجتماعية ، يكاد لا يختلف فيه عن أي برنامج آخر ، لقوى مغايرة في العقيدة والفكر ، تضع برامجها لحل المهام المطروحة أمامها ، إلا أن ما يميز برنامج الحزب الشيوعي ، عن غيره من برامج الأحزاب الأخرى ، حتى الدينية منها ، هي العلمية في الدراسة ووضع الحلول الرصينة لها ، المستندة على الوقائع الموثقة بالأرقام والإحصائيات والجداول البيانية ، لسير العملية الأقتصادية ، متزامنة مع تطور الوضع الأمني والسياسي ، والحالة الاجتماعية للعائلة العراقية ، ونمو القدرة السكانية ونسبتها في المجتمع ، ومعرفة ما يرصد من أموال لسد احتياجات كل القطاعات ، مع ما يتناسب من دخل الفرد السنوي ، وقدرته الشرائية ، ومقدار العوائد من الثروة الطبيعية ، بمختلف أشكالها ، وبالتالي الإحاطة بمجمل الدخل العام ، وهذا يتطلب إعدادا خاصا من كوادر متخصصة ، وليس مشروع عمل تعده وتنفذه كوادر حزبية أو سياسية .
البرنامج تجاهل معالجة أمور كثيرة تشغل اهتمام وتطلعات الكثير من قطاعات الشعب العراقي ، فالرياضة والرياضيون لهم مجال واسع وحيز كبير شغلوه في ساحة الحزب ، وقدموا أرواحهم وهم يدافعون عن قيم الحزب الشيوعي ، ما كان لمعدي البرنامج إغفال هذا القطاع المهم في حياة العراقيين ، وعدم الإهتمام به ، خصوصا وأنه مجال واسع لعمل الشبيبة والإحتكاك بها ، في منتصف السبعينات التقيت بكادر من كوادر الحزب الشيوعي البلغاري ، وعند الحديث عن الأوضاع سياسية ، أبدى جهلا فضيعا في سياسة بلده ، وعندما انتقدت فيه هذا الجانب ، قال أنا كادر متخصص في العمل بالمجال الرياضي بين الشبيبة ، ولا شأن لي بسياسة الحزب والدولة في الأمور السياسية ، وهذا ما يجب أن يكون عند الحزب مثله ، هناك أمر آخر تجاهله التقرير ، الفنانين والمثقفين من الشعراء والكتاب ، على مختلف صور وأشكال إبداعاتهم ، واختصاصاتهم وطبقاتهم ، لهم دورهم الريادي في المجتمع ، بإمتاع الناس وإغناء ثقافتهم ، وتربية الذوق والطبع فيهم ، خصوصا في هذه الفترة التي يكثر فيها التحريم للفن والفكر الحر ، فالموسيقى والرقص والغناء والتمثيل والكتابة بالقلم والريشة ، لم نجد لكل هؤلاء حقلا في البرنامج ، يهتم بتطوير قدراتهم الأبداعية ، أو الاعتناء بهم ، وتوفير مستلزمات تطور هذه الفنون ، من بناء دور عرض للسينمائيين لعرض نتاجاتهم ، ومواكبة التطور العلمي والتقني لفنونهم ومعارفهم ، وبناء معاهد وكليات متخصصة لهذه الفنون ، وبناء الدور لرعاية الموهوبين الصغار والاهتمام بطفولتهم ، والكبار في شيخوختهم ، وحمايتهم من العوز والضائقة المعاشية ، بتشريع يكفل لهم حياة آمنة ومستقرة ، بعيدا عن التمسح للسلطة ومسايرة فكرها و نهجها ، وتوفير كل مستلزمات الحياة لمواصلة عطاءاتهم للشعب وللمجتمع ، وهذا كله أغفله التقرير ، أغفل التقرير أيضا الأطفال والاهتمام بهم ورعايتهم ، في دور الحضانة والتعليم ، وصونهم من الإنحدار في الجريمة ، وبناء المؤسسات التي تحتضنهم وترعاهم . ما أغفله التقرير أيضا ، المكتبات والمتاحف العراقية ، ذاكرة الحضارة لشعب وادي الرافدين ، منذ آلاف السنين وحتى الوقت الحاضر ، صيانتها ، وتجديد أبنتها ، ومطالبة قوات الإحتلال برد ما سرق ، وإصلاح ما تلف منها ، وتهيئة الكوادر العلمية والمهنية للعمل على صيانة وحفظ هذا التراث .
في نهاية هذا العرض للوثيقة البرنامجية ، استفزتني بصدق عبارة النهاية التي اختتمت بها هذه الوثيقة " أيها الشيوعيون وأصدقاؤهم وحلفاؤهم ! يا أبناء شعبنا العظيم ! لنناضل سوية من أجل : وطن حر وشعب سعيد ! " وتكاد أن تتفجر من مآقي الدموع ، على الحال التي نحن فيها وعليها ، ففي صفحات التقرير الأربعة عشرة ، لم أجد حرفا واحدا عن الأصدقاء والحلفاء التي اختتمت الوثيقة النداء لهم في النضال من اجل قاسم مشترك واحد يجمعهم ، فكيف نريدهم أن يناضلوا من أجل شعار شيوعي خاص بالشيوعيين ، أعتقد أن المفارقة الكبرى كانت في نهاية التقرير ، وهي التي وضعت الأصبع على الجرح ، كان المفروض أن ُيفرد كاتبوه حقلا خاصا لمعالجة وضع القوى الشيوعية والإشتراكية والتقدمية في العراق وضرورة توحدها على برنامج يحقق الحد الأدنى من القواسم المشتركة لهذه القوى ، من أجل عراق علماني وطني وديموقراطي ، ويفتح حوارا مع الجميع ، والتنازل عن كل المعوقات للجميع ، فإذا كان العمل سابقا ممكنا مع القوى الطائفية ، ألا يمكن العمل مع القوى الوطنية والعلمانية ، و الشخصيات الوطنية والمناضلين الذين يستفزهم ما آل العراق إليه ، من احتلال دنس كل القيم الوطنية والدينية ، ووضع أمني واجتماعي متدهور وبائس ، نتيجة تشرذم لقواه الوطنية ، بسبب مقنع أو غير مقنع .البارحة قرأت على صفحة الحوار المتمدن نداء إلى القوى والأحزاب الماركسية في الوطن العربي للقاء ، من أجل وضح حد لتدهور هذه القوى ، وللوقوف بوجه التحديات التي تواجه مصيرها ، وقعته أحزاب وشخصيات عربية ، شيوعية وماركسية ، إلا أني لم أجد توقيعا للحزب الشيوعي ، أو اسما لمن يمثله ، ضمن هذه المجموعة التي أطلقت النداء ، وهو الذي عودنا وعود الأحزاب الشيوعية أن يكون سباقا لمثل هذه اللقاءات ، أوصى الرفيق فهد حزبه بوصية ستبقى أبدا منارا هاديا للشيوعيين ، نراها اليوم تنحسر في بطون الكتب دون تفعيل لها أو تسليط الضوء عليها ، " قووا تنظيم حزبكم ، قووا تنظيم الحركة الوطنية " فلا انفصال بين قوة الحزب وقوة الأحزاب الوطنية ، إلا أن الواقع الحالي يسير باتجاه مقلوب ، ومغاير لوصية الباني الأول فهد ، فوثيقة البرنامج ، لم تربط بين قوة الحزب في تنفيذ برنامجه ، وضرورة التعاون مع الأحزاب الوطنية وتقويتها ، لتنفيذ هذا البرنامج أو أي برامج أخرى يمكن الإتفاق عليها ، وبغض النظر عن بعد هذه الأحزاب أو قربها من فكر الحزب الشيوعي ، فالمرحلة التاريخية ، هي مرحلة تحرر وطني ، تقتضي التعاون مع كل حزب وشخصية وطني ، يهمها أمر العراق وشعبه ، لذا يقتضي إعادة النظر بهذه الوثيقة وتلافي ما أهملته ، أو لم تتراءى لها أهميته ... وستبقى عيوننا شاخصة تجاه العملاق الذي تبحر سفينته وسط لجة من الأمواج العاتية ، وهي تقاوم غيلان الشر في البحر والبر ، مع كل الأمنيات والتمنيات القلبية بالنجاح ..!

24 أيلول 2006



36
وثائق مؤتمر الحزب الشيوعي العراقي ...جرأة وحياء ..!/ القسم الأول
هادي فريد التكريتي  *
ـ النظام الداخلي ـ
ما هو متعارف عليه في العمل السياسي العراقي ، أن تطرح الأحزاب السياسية برامجها للنقاش ، على أعضائها ومؤيديها ، وفي بعض الأحيان ، نشرها في صحافتها ليس للنقاش ، بقدر ما هو من باب ممارسة العلنية والعلم بالشيء ، أما النشر العلني للوثائق وعلى نطاق واسع ، للنقاش العام ، فهذا ما يتميز به اليوم ، الحزب الشيوعي العراقي ، وهو في غمرة توجهه لعقد مؤتمره الثامن . علنية النشر لم تتناول الوثيقة البرنامجية فقط ، بل وللائحته التنظيمية الداخلية ـ النظام الداخلي ـ أيضا ، التي تعتبر شأنا داخليا ، محضا ، للحزب ، وهذه إشارة عميقة الدلالة على قطع الصلة بينه وبين العمل السري ، وقراره بالافتراق ، إلى غير رجعة ، عن منهجه المركزي القديم ، وما اعتاد عليه سابقا ، من طرح ونقاش وتشريع لوثائقه وإقرارها ، التي كانت تتم في أضيق الحلقات ، وربما كانت ُتقر قبل أن ينتهي الأعضاء من نقاشها . ما هو قائم الآن خطوة إيجابية وديموقراطية تسجل له ، وغير مسبوقة في التداول حتى على ساحة الأحزاب ذات النهج الديموقراطي .

مشروع النظام الداخلي ، بدأ بمقدمة قصيرة وغير دقيقة ، أيضا ، عن تأسيس الحزب الشيوعي ، في 31 آذار من العام 1934 ،عندما اعتبر التأسيس ناتج ' عن تطور نضال الشعب العراقي ..' كما جاء مثل هذا القول في مقدمة البرنامج ، ' تعبيرا عن إرادة أبناء الشعب من الكادحين ..,'والحقيقة تكمن في الوعي المتقدم الذي اختزنته ذاكرة أبناء حضارات وادي الرافدين على مر العصور ، التي أسست وشيدت وبنت ، حضارات ازدهرت ، وأنتجت مدارس فكرية ، بعلومها ومناهجها وطرقها المختلفة ، ولا زالت مدرستا البصرة والكوفة ، والأعلام من مفكري أرض الرافدين ، تتصدر لوائح شرف المساهمة في بناء إرث البشرية الحضاري ، ذلك المخزون من الوعي المتقدم لدى الإنسان العراقي ، هو الذي أسس للحلقات الماركسية ، والرواد الأوائل هم الذين زرعوا بذور الفكر الإشتراكي والماركسي في أرض الرافدين ، منذ عشرينات القرن الماضي ، ، فتلك الفترة تعتبر الأساس الحقيقي للتأسيس ، وليس منتصف الثلاثينيات ، فشعب أرض الرافدين رفد الحضارات التي قامت على ضفتيه بمفكرين وقادة عظام ، على امتداد تاريخ نشوء الحضارة على ضفاف هذا الوادي ، وهؤلاء الرواد بحلقاتهم الماركسية ، تواصلوا مع المخزون من ماضيهم وربطوه بحاضرهم ، لتنمو بذرة التأسيس وتزهر حين أنظم لتلك الحلقات الرفيق فهد ، الذي ارتبط التأسيس باسمه ، أقول كان من الممكن التوسع في المقدمة عن نشوء الحزب وبدايات تأسيسه ، ونضالاته التي ارتبطت بتاريخ ميلاد الدولة العراقية الجديدة ، فالنظم القومية ، التي جاءت بعد ثورة 14 تموز الوطنية ، حاولت طمس تاريخ ونضالات الحزب ، وخصوصا تلك الفترة الحالكة من قيام الحكم القومي الفاشي منذ 1963 وحتى سقوطه في العام 2003 ، حاول النظام البعثي أن يمسح من ذاكرة الشعب العراقي ، كلمة الشيوعية والحزب الشيوعي ، وعلى امتداد أربعين عاما ، كانت الحكومات القومية ، تضرب حصارا مقيتا على الحزب ورفاقه وأصدقائه ، وعلى عموم الشعب ، تمت خلالها عملية غسل لذاكرة الشعب العراقي ، ولكل مؤسسات المجتمع ، بمختلف الأشكال والصور ، وحذف كل مفردة تقترن بكلمة شيوعي في العراق ، وهذا ما كان ع! لى محبري الوثيقة الداخلية ، أن يعيروا انتباههم إليه ، ويعطونه حقه في ا لشرح والتوضيح لما عاناه هذا الحزب منذ ولادته وحتى اللحظة ، فأكثرية الشباب في المجتمع العراقي ، وفي ظرفنا الراهن ، تجهل تاريخ هذا الحزب ، الذي امتلأت به رفوف المكاتب الأمنية ، في العهد الملكي ، حيث وثقتها ملفات التحقيقات الجنائية ، وكتب عنه الكثير من المؤرخين ، والباحثين ، ورجال السياسة في مذكراتهم ، كما تعرض للموت والسجن والتشريد آلاف العراقيات والعراقيين ، وهم يدافعون عن شعبهم وحزبهم ، دون العثور على قبور رفاتهم ، ناهيك عن إفاداتهم أو قرارات الحكم ضدهم ، وهذا كله جدير بأن يأخذ مكانة في هذه الوثيقة .

وما يؤخذ على هذه الوثيقة ، والوثيقة البرنامجية ، عدم تطرقهما ، لا إيجازا ولا إسهابا ، عن الحرب والغزو الأمريكي للعراق ، وموقف الحزب من هذه الجريمة التي ألحقت بالعراق ، خسائر مادية وبشرية لا يمكن تعويضها ، فالتقييم لوثائق المؤتمر ، لا يبتعد عن التقييم الموضوعي للفترة التاريخية الراهنة ، والترجمة الأمينة والصادقة للوضع الاجتماعي والسياسي والأمني السائد في البلد ، وشكل الحكم والقوى التي بيدها مقاليد الأمور ، وهذا لم نجده في سياق الوثائق ، والعراقيون الذي غيب النظام الفاشي ذاكرتهم ، يعتقدون أن الحزب الشيوعي ، مؤيد لجيش الاحتلال الأمريكي وجرائمه المتكبة بحق العراق والشعب العراقي ، وهو لا يختلف عن قوى المعارضة العراقية المتحالفة مع القوى الأمريكية الغازية ، كما هو شريك في حكم طائفي ـ عنصري ، يتحمل مسؤولية ما يجري للعراق وشعبه ، وهذا ما يستوجب التعرض له ...

الوثيقة الداخلية ، تؤسس لتنظيم حزب شيوعي جديد وفق مبادئ ديموقراطية ، ، نص المادة ' 1 '، والمبادئ الديموقراطية تتنافى مع تقسيم المختلفين في الرأي والتقييم ، في منظمة واحدة على أنهم ، أقلية وأكثرية ، والبديل لهذه التسمية ، مخالف ومؤيد ، والكل ينتظمون في حزب يجمعهم لعمل موحد باتجاه ما تقره الوثيقة البرنامجية ، والأسس الديموقراطية تتنافى مع الوحدة الفكرية ، فالوحدة هي في العمل السياسي والتنظيمي ، وليس في الوحدة الفكرية كما ورد في الفقرة '2' .

الفقرة' 6ـ هـ '( ..والتخلي عن التنسيب إلى المراكز الحزبية إلا في الحالات الإضطرارية ..) (التنسيب ) مبدأ غير ديموقراطي ، ألحق ضررا بالغا فيما مضى بالحزب ، يجب تجنبه ، وإذا كانت هناك ضرورات فيجب حصرها وتعدادها ، فالخرق والغبن يكمن في إطلاق ' الضرورات ' وقرار ' الهيئات المختصة ' يجب تسميتها كذلك ، فالعودة إلى المركزية ، وانتهاك حقوق الآخرين تأتي من هذه التسميات المبهمة .

الفقرة ' 7 ' غامضة ما معنى المؤشر الأقليمي ـ الإداري ، يجب الوضوح في التسميات والدلالة ، الغموض يجعلنا نقر بما يفرضه علينا من تقسيمات وتسميات للعراق ، وفق المنطق الطائفي والعنصري ، الذي يحاول أن يغير مسميات الأشياء، ويزيف المفاهيم ، ويزور التاريخ ، ويرسخها في عقول الناس ، كحقائق ، تماما كما فعل النظام الفاشي .

العضوية في الحزب .المادة ' 2 'شرؤط العضوية الفقرة '1 ' حذف كلمة يسترشد ، فالاسترشاد هو في : القبول بالبرنامج والنظام الداخلي. فالأنظمة الداخلية السابقة ، كانت تنص في شروط العضوية ، للمنتسبين الجدد ، على فترة زمنية للترشيح ، ورغم أن هذه الفترة ضرورية ، إلا أني لم أجد لها أثرا ، على الأقل في الظرف الراهن ، فهل هذا من باب حسن النية بالمنتسبين الجدد ؟ التدقيق في طالب الانتساب ، والتحقق من الدوافع الكامنة وراء طلبه ضروري ، وهذا يتطلب فترة زمنية كمرشح للعضوية قبل أن ينالها .

المادة ' 3 ' حقوق عضو الحزب الفقرة ' 5 '، ' يمارس مسؤوليته الحزبية في حدود صلاحياته ..'ما هي صلاحيات العضو ؟ وفي كل المراكز الحزبية تجب تعداد هذه الصلاحيات ، ابتداء' بالعضو البسيط وانتهاء بالسكرتير وكل المنظمات ، فالنظام الداخلي يفتقر إلى تبيان وتعداد صلاحيات الهيئات والأعضاء على حد سواء ، وهذا يشكل خللا وتداخلا في حقوقهم وواجباتهم .

المادة ' 4 ' واجبات عضو الحزب الفقرة .2. ' يسعى إلى تطوير مداركه بالمعارف الماركسية ...' ضرورة إلحاق ' والإشتراكية ' فهي الشكل المكمل للمعارف الماركسية ، كما يستوجب الأمر النص على إغناء مداركه العقلية والمعرفية ' بالتاريخ العربي ـ الإسلامي '

المادة '5 ' الاستقالة من الحزب ، الفقرة ' 3 ' الديموقراطية منافية ' للمركزية ' لذا يجب استبدال عبارة ' اللجنة المركزية ' باللجنة التنفيذية ، وهذا ينطبق على الوضع الديموقراطي في الحزب ، فالتجمع الديموقراطي العراقي الذي تأسس في بداية الثمانينات ، كان تنظيما ديموقراطيا ، ولجنته العليا سميت ب' اللجنة التنفيذية ' ، فالتسمية تدلل على الممارسة .

المادة '6 ' : إجراءات الانضباط الحزبي ، الفقرة ' 2 ' فصل العضو ... ومصادقة الهيئة الأعلى منها ، ويعرض قرار فصل عضو اللجنة القيادية المنتخبة على الهيئة التمثيلية التي انتخبته .' عبارة مرتبكة وغير مفهومه ، تتطلب إعادة صياغة

المادة ؟12 ' منظمات الحزب في الخارج ، الفقرة '3 ' تقرر اللجنة المركزية ( التنفيذية ) شكل قيادة وطريقة ارتباط منظمات الحزب في الخارج بها .' .المفروض بالنظام الداخلي هو من يرسم شكل وطريقة الارتباط ، وليس اللجنة المركزية ، ف ' اللجان المركزية ' لم تكن كلها على مستوى واحد في الفهم والأدراك في كل مراحل عملها ، وهذا ما يترتب عليه تغيير أنماط العمل والأرتباط ، وفق الهوى والمزاج والارتياح الشخصي ، مما يؤثر سلبا على عمل هذه المنظمات ، فالنظام الداخلي هو خير من يحدد آليات وضوابط هذه المهمة .

المادة ' 13 ' ' الحزب الشيوعي الكردستاني ـ العراق. الفقرة ' 1 ' : هذه المادة تبرير لواقع خارج نطاق السيطرة ، وربما هي المادة الأكثر إثارة للجدل والنقاش ليس بين الشيوعيين العراقيين فقط ، بل بين كل المواطنين الديموقراطيين ، من عرب وكورد وطوائف وقوميات عراقية مختلفة ، تشكل نسيج المجتمع العراقي ، فعراق فدرالي ، معناه عراق متحد ، إلا أن المضمون الواقعي والفعلي هو عراق مجزء ، فعلى النطاق الأداري ' فدرالية ' كوردستان تتمتع باستقلال ' غير ' معلن عن باقي الدولة العراقية ، فالدستور الكوردستاني والتشريعات الكوردستانية ، لا تدلل أن هناك علاقة ما بين الحكومة القائمة في كوردستان والحكومة المركزية في بغداد ، غير الحصص المالية ، والعلاقة المؤثرة على الواقع العراقي ، هي القوى الكوردستانية في كل مجالات حياة الدولة العراقية ، وممارسات الحكومة العراقية ووظائفها ، وهذا الواقع الإداري الغير منطقي ، على ما يبدو ، انعكس على العلاقة بين الحزب الشيوعي العراقي والكوردستاني ، برضا وتأييد كاملين من قيادة الحزب الشيوعي العراقي ، على الرغم من أن الفقه الماركسي لا يجيز ، مطلقا، تأسيس حزب شيوعي على أساس قومي ، وخصوصا أن هذا يتم في جزء من فدرالية لا زالت دستوريا ' متحدة ' مع الوطن الأم ، إلا أن التقسيم حاصل حتى بالنسبة لأعضاء الحزبين ، خارج الوطن ، بموجب الفقرة ' 2 ' ، فما عادت هناك وحدة تنظيمية ولا وحدة سياسية ، وإنما تقسيم على أسس قومية وعرقية ـ جغرافية مخالفة لكل القيم التنظيمية السابقة ، ليس للحزب الشيوعي العراقي فقط ، وإنما في أحزاب دول العالم أيضا .

الحزب الشيوعي العراقي ، ليس له أي تأثير على الحزب الشيوعي الكوردستاني ، إنما العكس هو الصحيح ، بدليل منطوق الفقرة '4 ' من المادة ' 13 ' ، التي تنص :' يتمتع الحزب الشيوعي الكردستاني ـ العراق بالإستقلالية في رسم سياسته وخططه وتطبيقها في مختلف المجالات والقضايا الكوردستانية .ويعقد مؤتمره وينتخب قيادته ويضع برنامجه ونظامه الداخلي على وفق المنطلقات العامة للوثائق البرنامجية للحزب الشيوعي العراقي وعلى أساس التحليل العلمي لواقع المجتمع الكردستاني ' وهذه الاستقلالية الكاملة للحزب لا علاقة لها بالحزب الشيوعي العراقي ، وما عبارة ' ..وفق المنطلقات العامة للوثائق البرنامجية لحزب الشيوعي العراقي ..' إلا من قبيل جبر الخواطر ، فبعد أن كان مجموع الحزب الشيوعي العراقي ، قبل سقوط النظام الفاشي ، تحت تأثير قيادة الأحزاب القومية الكوردية ، تم ارتهان مصير الحزب الشيوعي الكوردستاني لحكومته القومية ، لممارسة التأثير عليه ، بعد انتقال الحزب الشيوعي العراقي إلى مكانه الطبيعي منذ سقوط الفاشية ..

لا يعتقد البعض من حسني النية ، أن العلاقة بين الحزبين تنتهي إلى هذا الحد ، فالمادة ' 15 ' : المؤتمر الوطني للحزب الفقرة '2 ' نصت :ـ يتألف المؤتمر الوطني من : ( ب) : ' المندوبين المنتخبين في مؤتمر أو كونفرنس منتخب عام للحزب الشيوعي الكوردستاني ـ العراق وحسب النسبة العامة لكل منظمات الحزب .' فهذا أولا وثانيا وفق الفقرة التالية ، ( ج ) ـ القائلة :ـ ' أعضاء اللجنة المركزية للحزب ـ وأعضاء اللجنتين المركزية والرقابة للحزب الشيوعي الكردستاني ـ العراق .' ـ وكل هؤلاء من الحزب الشيوعي الكوردستاني ـ سيحضرون المؤتمر الوطني للحزب ، فإذا أضفنا لهم المدعوين من الكوردستانيين وفق صلاحية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ، فسيكون العدد مساويا ، أو أكثر ، لما سيحضره من تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي ، وفي هذه الحالة ستكون كل القرارات مصبوغة بالصبغة الكوردستانية ، ومقرونة بموافقتها ، ولكن في المقابل أين تمثيل رفاق الحزب الشيوعي العراقي ( من العرب وغيرهم المتواجدين على أرض كوردستان العراقية ) في قيادة التنظيم ومؤتمرات الحزب الشيوعي الكوردستاني ؟ لا تمثيل ولا وجود لهم ، فالكوردستانيون هم من سيؤثر في رسم توجهات الحزب الشيوعي العراقي ، والكوردستانيون لهم مطلق الحرية في توجهاتهم ، بغض النظر إن اتفقت مع الخط العام للحزب الشيوعي العراقي أم لم تتفق ، خصوصا إذا ما أضفنا للحضور الكوردستاني ما تقرره (ز ، ح ) في الفقرة '4 'من المادة 15 ، وهكذا سيكون الحزب الأم ، تابع للوليد في رسم سياسة الحزب للأعوام القادمة من نشاطه ، وهنا تظهر العلاقة غير المنطقية وغير المتكافئة ، ولا نقول الكارثية إن صح منطوق الفقرة ' 2 ' من المادة ' 16 القائل ' يتكون المجلس الحزبي العام من أعضاء اللجنة المركزية للحزب ومندوبين من اللجان المحلية وهيئات الإختصاص المركزية ومنظمات الخارج والحزب الشيوعي الكردستاني ـ العراق . ' أي مجموع الحزب الشيوعي الكوردستاني ، وهذا غريب إن لم يكن هناك خطأ مطبعي .. كل ما يخص العلاقة بالحزب الشيوعي الكوردستاني ، تستوجب الضرورة ، مناقشتها ووضع حد فاصل بين المزاوجة مع الحزب الأم والاستقلالية المطلقة عنه ، التي يتمتع بها الحزب ا لكوردستاني ...

المادة ' 16 ' والمادة ' 17 ' بخصوص تسمية اللجنة المركزية ، طالما أقرت الفقرة ' 1 ' من المادة ' 17 ' بأن اللجنة المركزية ( هي الهيئة القيادية والتنفيذية العليا للحزب ) فهي ' لجنة تنفيذية ' بموجب الفهم والمبادئ الديموقراطية ، وليست مركزية ، والفهم الجديد ألغى 'تسمية مركزية ' . والمادة '17 ' مكانها يسبق المادة ' 15 'وفق تسلسل المنظمات .

المادة ' 18 ' لا ضرورة لمكتب سياسي ، طالما العمل وفق ضوابط ديموقراطية ، وفي دولة ذات مؤسسات ديموقراطية ، ويستبدل ب ' مكتب سر ' من ثلاثة أعضاء برئاسة عضو لجنة تنفيذية ' مركزية ' يهيئ التقارير وتقديمها لاجتماعات الهيئة أو اللجنة التنفيذية ..

الضرورة الفكرية والسياسية والتنظيمية تقتضي إشراك كامل الجهاز الحزبي في العملية السياسية ، وفسح المجال أمام طاقات وقدرات معطلة عند الرفاق الشباب ، أناثا وذكورا ، لأخذ مكانتهم في العمل القيادي ، ويستوجب هذا النص : استبدال نصف أعضاء اللجنة التنفيذية في كل مؤتمر ، ولا يجوز الاحتفاظ بهذا الموقع لأكثر من دورتين ، كما ينطبق هذا على السكرتير العام ، فما حصل في السنوات السابقة ، من الباب للمحراب ، أضر بالحزب كثيرا ، وعطل قدرات وطاقات كوادر خلاقة، احتلت مكانها عناصر لا مؤهلات قيادية لها ، أودت بسياسات خاطئة وفاشلة ، كبدت العراق وشعبه والحزب الشيوعي العراقي خسائر فادحة ، ولا زلنا ، كشعب وكحزب شيوعي نعاني منها ..

وأخيرا ألا يحتاج الرفيق الحزبي توصية توصيه بصيانة لقب الرفيق ' الشيوعي ' من كل شائبة ودنس يدنسه ، لخدمة شعبه ووطنه ، كما فعل الرفيق فهد ، أيها الرفيق صن لقب الرفيق ..، عند إقراره لأول نظام داخلي للحزب ، أم سننحدر إلى الجانب المتوحش من عالم العولمة ، بحيث نطلق العنان للرفيق الشيوعي أن يمارس ' التقية ' أسوة بأقرانه من التنظيمات الطائفية والعنصرية ، التي جسدت النهب والسرقة في شعارها ' الحزبي أول من يستفيد وآخر من يضحي ..!'

وللبحث صلة .

* عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد [/b] [/size] [/font]

37
العلم العراقي..والسيد مسعود البرزاني ..!
هادي فريد التكريتي  *

بعد وفاة القائد الكوردستاني ، الملا مصطفى البارزاني ، في المنفى ، أعاد ابنه ، السيد مسعود البرزاني ، تشكيل الحزب الديموقراطي الكوردستاني ، وفصائل المقاومة الكوردستانية ، ولقد امتاز السيد مسعود ، بين فصائل المعارضة العراقية ، بهدوء الطبع ووضوح الرؤية والتزامه بما وعد ، وتنفيذ ما اتفق عليه معهم من قرارات ، وهذا ما أكسبه مصداقية الخصوم قبل الحلفاء والأصدقاء ، وظل وفيا لتحالفاته وعهوده المبرمة مع الفصائل والقوى العراقية المعارضة .
بعد سقوط النظام والاحتلال الأمريكي للعراق ، وتشكيل حكومة كوردستان وفق صيغة التحالف مع القوى والأحزاب الكوردية ، تغير الحال ، بعد أن أصبح السيد مسعود رئيسا لإقليم أو فدرالية كردستان ، حيث اصبح له مستشارون سياسيون وغير سياسيين ، ليس من كوادر الحزب فقط ، بل ومن خارج الحزب أيضا ، يشيرون عليه تنفيذ خطوات ما للوصول إلى هدف أكبر لشعبه ، وهذا حصيلة تغير الظرف والمسؤوليات المنوطة به تجاه شعبه وتجاه حلفائه ، فمسؤوليات المعارضة غيرها في الحك! م .

حقق السيد مسعود نجاحات كبيرة في بناء كوردستان قوية وآمنة ، وخصوصا بعد الإنتخابات ، الأولى والثانية ، من خلال تحالف القوى الكوردستانية مع القوى الإسلامية ، وبعض الفئات القومية ، حيث تم تشريع دستور دائم للبلاد ، ضمن حقا للشعب الكوردي في إقامة حكم فدرالي ، مسارب الإنفصال فيه ، أكثر من الطرق المؤدية للوحدة ، ولا ضير في هذا ، فقد أقرت الحركة الوطنية والديموقراطية ، وخصوصا الحزب الشيوعي العراقي ، ومنذ عهود طويلة حق تقرير المصير للشعب الكوردي ، بما فيه حق الأنفصال ، وطيلة الفترة التي مرت بها مرحلة تشكيل حكومة إقليم كوردستان ، قبل سقوط النظام وبعده كان العلم العراقي ـ البعثي مرفوعا على كافة دوائر الدولة ، ومن ضمن هذه الدولة حكومة الأقليم ، وقد أقر الدستور الجديد ـ الدائم ، ، إعادة النظر ، ضمن أمور أخرى ، في تشكيل وصياغة النشيد الوطني والعلم العراقي ، وهذا الأمر لم يجد معارضة ما حتى من الأطراف القومية ، كما لم تكن كافة الأطراف المشاركة في الحكم ، ومن ضمنها القوى الكوردستانية ، قد طرحت بجدية أمام المجلس النيابي ، أو طلبت تنفيذ ما أقره الدستور بصدد الكثير من القضايا ، ومن ضمنها العلم والنشيد الوطني ، باعتبار الأمر قضية مستعجلة .
إثارة عدم رفع العلم العراقي على إقليم كوردستان في مثل هذا الظرف السياسي والأمني السيئ ، الذي يمر به العراق ، ودون مقدمات ، وضع القوى الديموقراطية ، الصديقة للكورد في موقف لا تحسد عليه ، لذا يستوجب الأمر ، النظر ، والتدقيق في المبررات التي ساقها السيد مسعود البرزاني رئيس إقليم أو فدرالية كوردستان في إثارة مثل هذا الأمر .
يقول السيد مسعود أن هذا العلم هو علم البعث ، كما هو في نفس الوقت ، العلم الذي تمت في ظلاله تنفيذ الجرائم ضد الكورد في الأنفال وغيرها ، وكل جرائم الحرب الأخرى على إيران والكويت ، لذا تقرر العودة على رفع علم ثورة 14 تموز الوطنية ، ورغم المفارقة في هذه الحجة ، فعلى المرء أن ُيذكر بداية ، أن الحزب الديموقراطي الكوردستاني بقيادة المرحوم الملا مصطفى ، قد ساهم في إسقاط حكم ثورة 14 تموز الوطنية في العا 1963 ، وهذا الأمر مناقض للدعوى التي يطلقها السيد مسعود ، برفع علم ثورة 14 تموز ، إلا إذا تم تصحيح الموقف وهذا ما لم يعلن عنه رسميا ، وحتى إن تمت إدانة حكم 8 شباط ، بشكل ما ، فهذا لا يسجل رفضا للعلم البعثي ، حيث تم استدعاء قوات الجيش العراقي ، في منتصف تسعينات القرن الماضي ، من قبل السيد مسعود البرزاني لنصرته على قوات الإتحاد الوطني الكوردستاني ، وظل العلم ـ البعثي مرفوعا ، حتى لحظة التوجه الجديد ، في مناطق كوردستانية عراقية . ! ;

علم البعث ، علم كل القوميين ـ الذين تآمروا على جمهورية 14 تموز ، وهذا ما يدعوهم للدفاع عنه ، كما يدافع عنه الإسلاميون بكل فصائلهم لآنه يحمل ' عبارة الله أكبر ' ، على الرغم من أنهم يكرهون صدام ونظامه ، وكل البعثيين ، والقوميين أيضا الذين ساندوا صدام في جرائمه ، هذا العلم منذ شباط 1963 لحظة سقوط الجمهورية الوطنية الأولى ، كان معاديا لكل القوى الديموقراطية ، وخصوصا الشيوعيين ، وحزبهم الشيوعي ، حيث ُقتل الآلاف من جماهير الشعب ، ومن الشيوعيين وأصدقائهم ، وهؤلاء إذ ناضلوا من أجل إسقاط النظام البعثي ـ الفاشي ، إنما كانوا يناضلون ، أيضا ، إسقاط هذا العلم الذي تستر على جرائم كثيرة وفظيعة مرتكبة بحق أبناء الشعب العراقي ، فالقوى الديموقراطية وجماهير الشعب ، طالبت استبداله ، بعلم ثورة 14 تموز ، إلا أن أغلب مكونات مجلس الحكم السابق ، ومن ثم أعضاء المجلس النيابي في مرحلتية الأولى والثانية ، من القوى الإسلامية والقومية ، الحاقدة على تلك الثورة الوطنية ، لم ترفض عودة العلم السابق فقط ، إنما قامت بالسطو على منجزات تلك الثورة باستبدال أسماءها ، وفرض أسماء جديدة عليها .
كل ما تقدم لا يستوجب ما أقدم عليه رئيس إقليم كوردستان ، السيد مسعود البرزاني ، والأنفراد برفض العلم العراقي ، طالما هناك دستور أقره ويخضع له السيد مسعود ، حيث ساهم هو ومواطنوه الكورد في التصويت عليه ب 'نعم ' ، وهو يمثل منجزا من منجزات التحالف الكوردي مع القوى الإسلامية ـ الطائفية ، فالقوى القومية بمجملها ، عارضت هذا الدستور ، والقوى الديموقراطية ومنظمات المجتمع المدني ، لها ملاحظات على الكثير من مواده ، ولولا الكورد لما فاز في الإستفتاء ، فالعملية الديموقراطية ، تفرض نتائجها على الجميع ، وبغض النظر عن نتائجها ، تستوجب الإلتزام بها ، ومن خلال المجلس النيابي ، وعن طريق الدستور ، أيضا ، يجري ديموقراطيا تغيير واستبدال الكثير من الأمور التي لا تتماشى مع الوضع الجديد ، أو التي لا تنسجم مع التوجهات الق! ومية الكوردية ، وهذا ما كان على السيد مسعود ان يلجأ إليه . ماذا سيقول السيد مسعود لرئيس الجمهورية وللوزراء الكورد وهم يضعون على مكاتبهم العلم الذي يرفضه ، وأي علم سيرفعه رئيس الجمهورية والوزراء الكرد عندما يزورون الدول الأخرى ؟ .
الأسلوب الذي يفرضه السيد مسعود البرزاني ، يتنافى مع مصداقية الالتزام بما أقره المجلس النيابي العراقي ، الذي شارك ، هو ، و ممثلو الإقليم في تشريعه ، فخرق مبادئ الدستور ، لأي سبب كان ، يمثل سابقة يمكن أن يبني عليها الخارجون على النظام ، بما فيهم المناوئون للحكم الكوردستاني ، إلا إذا كان ما أقدم عليه السيد رئيس إقليم كوردستان ، خطوة أولى لإعلان جمهورية كوردستان ، وهذا من حقه ، ولكن كان عليه أن يكون جريئا وصادقا مع نفسه ومع القوى الكوردية ، في طرح المبررات الحقيقية والمقنعة ، التي تكمن وراء إجرائه هذا ، ومن دون اتخاذ العلم ذريعة لموقف لاحق ، سيفقده الكثير من الأنصار والحلفاء الذي يكرهون هذا العلم ومن كون ألوانه ، ومن خط العبارة عليه .، .!

6 أيلول 2006

* عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد [/b] [/size] [/font]

38
' معا إلى الأمام ' ..إلى أين ..؟!!
هادي فريد التكريتي  *

الفشل الذي صاحب المرحلة الأولى من خطة أمن بغداد ، التي نفذتها قوات وزارتي الداخلية والدفاع ، مشاركة مع قوات الاحتلال ، استدعى البدء بالمرحلة الثانية من الخطة ، التي يشرف عليها شخصيا ، كما هو معلن ، السيد نوري المالكي ، رئيس الوزراء ، وعلى الرغم من ملاحظة التقلص في عدد السيارات المفخخة ، والأحزمة الناسف ، الذي ترافق مع هذه المرحلة إلا أن التهجير الطائفي المتبادل ، من المناطق المختلطة ، لازال مستمرا ، كما أن عدد الضحايا لم يتناقص ، إن لم يكن في ازدياد ، كما هو واضح من الإحصائيات المعلنة والصادرة عن الطب العدلي ، أما التقلص في عدد التفجيرات للسيارات المفخخة ، في بغداد من قبل مختلف قوى الإرهاب ، فليس إلا من قبيل ' استراحة محارب ' كما سماها أحد المسؤولين الأمنيين .

اتجاهات الحملة الجديدة ، والخطط والأساليب التي ستنفذها الأجهزة الحكومية وقوات الإحتلال في المرحلة الثانية من الخطة ، التي ُأُطلق عليه ' معا إلى الأمام ' نراها في تصميم المالكي على تجاوز أخطاء المرحلة الأولى من الخطة ، وتوظيفها في نجاح لاحق لتحقيق الأمن ، ومن خلال تصريحاته ، ونشاطاته التي ترافقت مع ' مبادرة المصالحة ' التي أطلقها ، وبهذا لا يسع المرء إلا أن يثني على حرصه وجهده المبذول ، للخروج من دوامة العنف التي تلف الوطن ، ولتهيئة ظروف أفضل لعيش وحياة المواطن .

كل الخطط والمبادرات التي أطلقها ويطلقها ، المالكي ، تحتاج إلى تنفيذ من قبل حكومته ، والمفروض بهذه الحكومة المشكلة من قوى المحاصصة الطائفية والقومية والعنصرية ، والتي يتكون منها مجلس النواب أيضا ، أن تكون فاعلة ومؤثرة في مكافحة النشاطات الإرهابية على مختلف أشكاله وألوانها.
إلا أن الواقع يقول غير ذلك ، فقادة الإرهاب وإمراء المليشيات ، من مختلف الملل والنحل الإسلامية والقومية وطوائفهما ، يتصدرون القرار والتشريع في مجلس النواب ، وهم ، نفسهم ، من يقرر نوع وشكل الارهاب ، والقتل بعد انفضاض جلسات المجلس ، وهم كذلك في مجلس الوزراء ، وزراء يمثلون قوى الإرهاب ، من ميليشيات طائفية معلومة ومعروفة ، لها وزراء يمثلونهم ويسبغون حمايتهم على أنشطتها الإرهابية ، ولها كوادر ترتع في أجهزة وزارتي الداخلية والدفاع ومخابراتهما ، لتشكل بعد الدوام الرسمي ' جيوشا ' تأتمر بأوامر سادة وصبيان ، ومشايخ وأمراء للإرهاب ، وجنرالات سابقين من النظام الفاشي ، يعتمدها الحكم حاليا في تنفيذ مهام أمنية ، غاية في السرية !.
وكل هؤلاء ، هم من يسرب ويحبط خطط الحكومة ، المنوي تنفيذها ، ضد قوى الإرهاب والمواقع التي ينطلقون منها ، وخير دليل نسوقه ساعة إعداد هذه المداخلة ، انفجار سيارة مفخخة عند مدخل وزارة الداخلية وهي تحتضن اجتماعا للقوى الأمنية ، نتيجته ستة عشر قتيلا ، ومواجهة في الديوانية بين قوى أمنية عراقية ، وقوات من ' جيش المهدي ' الممثل في الحكومة التي ينوي من خلالها المالكي القضاء على الإرهاب ، نتيجته 25 قتيلا من القوات العراقية.

كل خطط رئيس الوزراء ، نوري المالكي ، التي أعلنها في خطابه الوزاري ، غداة تشكيل الحكومة ، قبضة ريح في يوم قائظ ، لن تنجح في معالجة الوضع الأمني ، لأنه مقيد بضوابط ورؤى القوى التي تتألف منها حكومته ، وهذا ليس ما يضعفها ، فهي ضعيفة بذاتها ، ومنذ تشكيلها ، بل سيؤدي في نهاية المطاف إلى فشلها. وإذا كان السيد المالكي حريصا على سمعته ، وعلى تنفيذ الوعود التي قطعها أمام الشعب العراقي وممثليه في المجلس النيابي ، عليه أن يختار أحد حلين للخروج من المأزق الذي هو فيه ، إما الاستقالة ، احتجاجا على الضغوط والممارسات الواقعة عليه من قبل القوى التي يمثلها ، بعدم تنفيذ وعوده بحل المليشيات ، وعدم التعرض للجرائم والانتهكات التي يقوم بها قادة وأمراء المليشيات وقوى الإرهاب الأخرى ، من قوام حكومته ، وبهذا ُيعلن فشل حكم المحاصصة الطائفية والقومية ، وإما الإقدام على حل مجلس النواب ، وتشكيل حكومة تكنوقراط ، مركزية وقوية ، بعيدة عن الميول الطائفية والعنصرية ، تنفذ مشروعا وطنيا للعراق كله ، تأخذ على عاتقها تنفيذ خطة ' معا إلى الأمام ' حقيقية وجادة للخروج من المأزق الذي يحاصر كل القوى على الساحة العراقية ، بما فيها قوات الإحتلال ، التي تتخبط في مستنقع أمني عراقي ، غير قادرة على الخروج منه ، أو السيطرة عليه ، وبين قرارات إدارة بوش التي تتآكل شعبيته ، نتيجة لفشل ما وعد به من ' إقامة الديموقراطية في العراق ، وشرق أوسط جديد في المنطقة ' ..

لا خيار أمام المالكي ، إن أراد الوفاء بوعوده وتعهداته ، سوى اختيار أحد هذين الأمرين ، وكلاهما بالنسبة له مر .

 * عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد [/b] [/size] [/font]

39
الأنفال مجزرة الحقد العنصري ..!
هادي فريد التكريتي *

' الأنفال ' أسم سورة قرآنية ، وكلمة ' الأنفال ' الواردة في الآية الأولى من هذه السورة ، تعني الغنائم التي يتم الحصول عليها في الحرب ، وكيفية تقاسم هذه الغنائم بين المسلمين المساهمين في الحرب ضد قريش ، والمنتصرين عليها ، ( يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين )
لقد اتخذ النظام الفاشي ، وقيادته البعثية ، هذا الإسم ، ' الأنفال ' عنوانا لجريمة العصر المرتكبة في ربيع العام 1988 ، بحق الشعب الكوردي ، ولم أجد رابطا يربط بين اسم هذه الجريمة ، ' الأنفال ' ، وتقسيم الغنائم ، فهي لم تسفر عن غنائم ، إلا بالمفهوم المجازي ' للغنائم ' ، حيث أسفرت عن قتل أكثر من 100ألف مواطن عراقي ـ كوردي ، وُدفن آخرون أحياء في مقابر جماعية ، توزعت على مناطق مختلفة من العراق ، لم يسلم منها حتى الطفل الرضيع ،كما صاحبت هذه الجريمة المروعة ، استباحة لحرمة شرف الكثيرمن النساء الكورديات، وُعزل الأطفال عن أمهاتهم ، والرجال عن عائلا تهم ، مع تدمير آلاف القرى ا! لكوردية ، وتهجير آلاف المواطنين من مناطق سكناهم إلى مناطق صحراوية متاخمة للحدود الأردنية والسعودية ، وهذا السبي هو النتيجة المنطقية لمفهوم ' الأنفال ' الفاشي والعنصري ، باركها كل القوميون والعنصريون العرب ، والكثير من المشايخ و' العلماء ' المسلمين ، الذين أنزلوا صدام الفاشي ، آنذاك ، منزلة الأنبياء وأضفوا عليه هالة النبوة والقداسة ، وكل ما احتوته سورة ' الأنفال ' من صفات أودعها الله في نبيه ، ألصقوها زورا بصدام الفاشي .

إضفاء الطابع الديني والقومي ، على هذه الجريمة النكراء ، محاولة لم تنطلِ على الشعب العراقي ، الذي يعيش مأساة الحكم الفاشي آنذاك ، منذ إعلان الحرب على إيران ، إن لم يكن قبل هذا الوقت ، إلا أنها جازت على الكثير من الشعوب العربية والإسلامية ، نتيجة لتضليل ديني ، وإثارة لمشاعر قومية ـ عربية ـ عنصرية ، فلا رأس النظام هو البديل عن النبي محمد ، ولا الكورد هم المشركون المناوئون للدعوة الإسلامية ، إنما هي محاولة لتزييف الأسباب والدوافع الكامنة وراء ارتكاب الجريمة ، وأن ُيظهروها بمظهر الحرص على الإسلام ووحدة أراضي العراق ، المحكومة بنظام قومي ـ فاشي ، وهذا الأمر! لم يخلُ من فبركة مستشاريه ، القوميين والإسلاميين ، الطامعين بالمال وا لجاه ، المحيطين بهذا النظام ، من أجل كسب عطف وتعاطف القوى القومية والإسلامية ، دولا ومنظمات وأفردا ، في شتى بقاع الأرض ، وهذا ما حصل ، نتيجته ، سكوت مطبق على هذه الجريمة ، ليس على عدم إدانتها عربيا ودوليا فقط ، وإنما عاونتها دول ومنظمات دولية ، للحيلولة دون طرحها على مؤتمرات المنظمات الدولية ، وهيئة الأمم المتحدة ، وهذا الواقع لم يكن بعيدا عن مساهمة الدول العربية وجامعتها المؤيدة للنظام الفاشي ،والدول الغربية ، وأمريكا ، التي كانت داعمة النظام في حربه ضد إيران ، وأمدته بكل أنواع الأسلحة ، حتى المحرمة دوليا ، التي استخدمت في هذه المجزرة .

القوة والعسف والإرهاب ، لن تجِدي ِ نفعا في غمط حقوق الشعوب المناضلة من أجل حريتها واستقلالها ، فوسائل القهر والبطش والتضليل ، ربما تؤخر بعض الوقت من الإنتصار ، إلا أن النتيجة المحققة ، في نهاية المطاف ، ظفر الشعوب بما ناضلت من اجله .
فمن بين ركام الحرائق والخراب ، والقتل الذي شمل آلاف الضحايا ، مجهولين ومعلومين ، ولما تمض بعد على مجزرة الأنفال بضع سنين ، تحققت للشعب الكوردي بعض أهداف نضاله ، بقيام سلطة وطنية كوردية في العام 1992، ! والنظام الفاشي لم يزل قائما ، وهو يشاهد اندحاره في معركته العنصرية ، على الرغم من جبروت آلته العسكرية ، وما تسببت فيه من جرائم ، راح ضحيتها آلاف الأبرياء والشهداء من الشعب الكوردي .
مسيرة الشعب الكوردي ، تتعمق يوما بعد آخر ، ولازالت تغذ السير باتجاه تطوير أساليب عملها ، لتجذير ممارساتها الديموقراطية التي حصلت عليها ، فتقديم الأفضل مرتبط بوعي الجماهير وتطويره ، واستجابة نظام الحكم لمطالبها مرتبط بالفهم الحقيقي لحاجات هذه الجماهير ، والنهج الذي تنتهجه وتمارسه القوى القومية الكوردية التي قادت ، وتقود حاليا ، نضاله السياسي ، مرتبط ، أيضا، بتجاوز أخطائها المرتكبة في الماضي والحاضر ، بحق القوى السياسية القومية الوطنية والديموقراطية العراقية وفي كوردستان ، سواء أكان هذا بالتضييق على الحريات العامة ، وخاصة حرية رأي الكتاب والمثقفين الكورد ، أو باتخاذ مواقف شوفينية من القوى القومية الأخرى ، فبدون إطلاق حرية المواطنين ، صاحبة المصلحة في التطوير والتقدم ، لم تتعزز انتصارات هذا الشعب ، كما ، ودون تفعيل مبادئ التضامن والكفاح المشترك مع القوى الوطنية والديموقراطية العربية العراقية ، ! الذي آلت نتائجه لما نراه اليوم من واقع لازدهار كوردستان العراق ، تبقى انتصارات الشعب الكوردي مهددة بالإرتداد وبالسقوط ، إذا ما تسلمت الحكم قوى قومية ، أو إسلامية ، تنزع نهجا غير وطني وغير ديموقراطي ، فالنضال المشترك الذي خاضته القوى الوطنية والديموقراطية العراقية بشكل عام ، والحزب الشيوعي العراقي بشكل خاص ، إلى جانب هذا الشعب ، ومساندته لكفاحه ونضاله ، منذ أقدم عهود الحكم الوطني ، كان ولا يزال ضمانة حقيقة لتقدم وازدهار فدرالية كوردستان ، وتمتع شعبها بالحرية والأمن والسلام ، فظرفنا الراهن ، والعراق يمر بمفترق طرق ، يفرض على القوى الكوردية ، بمختلف فصائلها ، وعلى القوى الوطنية والديموقراطية العربية ، وقوى الإسلام السياسي المعتدلة ، التعاون فيما بينها ، والتضامن مع بعضها ، من أجل إحلال السلم الأهلي بين الطوائف الدينية ، شيعية وسنية ، والقوميات والأديان ، التي تتعرض للتصفيات ، من قبل غلاة الإرهابيين والمتطرفين التكفيريين الإسلاميين ، وميليشياتهم التي تلاقي الدعم والتأييد من دول الجوار ، ودول أخرى كثيرة داعمة للإرهاب ، لها مصلحة حقيقية في بقاء الوضع الراهن العراقي ساحة للقتل والدمار ، وهذا الواقع لن يجعل كوردستان ـ العراق وشعبه الكوردي بمنجى ، عما ! تخطط له الدوائر الإقليمية والدولية ، من إعادة الوضع الكوردستاني إلى سابق عهده ، فتجارب الحركة الكوردية ، في الماضي ، كثيرة وغزيرة ، حيث تمت التضحية بنضال الشعب الكوردي ، نتيجة لتوافق المصالح الأجنبية ، مع ضرورة حفاظ الدول الإقليمية على أمنها ,وتركيبتها السكانية ، التي ُتَشِكل القومية الكوردية مساحة وكثرة ، أكثر مما هو في العراق عددا ومساحة ، وبعبارة أخرى ، تلاحم نضال القوى الوطنية والديموقراطية العراقية ، بكل إثنياتها الدينية والطائفية والقومية ، وتعاونها الدؤوب ، في البرلمان وخارجه ضرورة وطنية ، وصمام أمان ، في عدم عودة فاشية جديدة ، قومية أو دينية لحكم العراق .

الفكر والعقيدة القومية ، بغض النظر عن المنشأ والعنصر ، على مختلف العهود ، هي السبب في المجازر التي حدثت للشعوب ، في مختلف المراحل التي مر بها تاريخ هذه الشعوب ، وهي أيضا ، العقيدة القومية ، التي تسببت في مجزرة الأنفال بحق الكورد ، وحلبجة والقبور الجماعية ، والمجازر الأخرى التي ارتكبها النظام الفاشي العراقي ، بحق الشعب العراقي ، بمختلف قومياته وطوائفه ، فلا تجب إدانتها فقط ، لعدم تكرارها مستقبلا من حاكم أو حك! ومة ، وإنما الضرورة تستوجب تثقيف الشعب العراقي وأجياله القادمة ، بهذه المجازر ، أسبابها ومسبباتها ، والنتائج التي تمخضت عنها ، وتدريسها في كل المراحل الدراسية ، وإدخالها في كل مناهج مراحل المدارس العراقية ، وحتى أعلاها شأنا ، بوضع جوائز تقديرية لتشجيع البحوث المتميزة ، ولشهادات الدكتوراه التي تعالج عنصرية الفكر القومي وجرائمه ، ولما أصاب الكورد أكثر من غيرهم من هذه جرائم هذا الفكر ، ولأنهم يشغلون مواقع متميزة في الحكم ، واتخاذ القرار ، فعليهم تقع هذه المسؤولية ،التي تتناول معالجة هذا الفكر المنتج لهذه الجرائم ..على الأجيال أن تتذكر جريمة العصر ، ' الأنفال '...!

22 آب 2006

* عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد [/b] [/size] [/font]

40
نقد الذات ..وصراحة المسؤول ..!
هادي فريد التكريتي  *

الشعور بالمسؤولية ، جزء لا يتجزأ من شخصية الإنسان ، بغض النظر عن موقعه في المجتمع ، إلا أن هذا الشعور يزداد ويتعاظم ، عندما يشغل الشخص المعني موقعا مسؤولا ، عاما ومؤثرا في حياة المجتمع ، فحينئذ تكون المراجعة والتقييم ليست ضرورية فقط ، لكل مرحلة اجتازها هذا المسؤول في موقعه ، وإنما لمراقبة كل خطوة خطاها ، ومدى تأثيرها على حياة الناس ، سلبا أو إيجابا ، ولا عيب أو ضررا إن جاهر ، هذا المسؤول أو ذاك ، في نقد ذاته إن كان قد أخطأ ، أو أساء التقدير ، في هذا الموقف أو ذاك ، فالنقد للذات ، والإعتراف بالخطأ ـ وهو فضيلة كما يقولون ـ دليل عزم على تصحيح مسار ونهج خاطئ ، ما كان له أن يكون . .

السيد عدنان الباجه جي ، أحد السياسيين والمسؤولين العراقيين ، الذين ساهموا في حكم العراق بعد سقوط النظام ، من خلال مجلس الحكم الذي أقامته إدارة الإحتلال الأمريكي ، يوجه نقدا جريئا لنفسه ـ في جريدة الشرق الأوسط اللندنية ليوم 12 آب ـ إذ يقول ' كان مجلس الحكم قائما على أساس طائفي ، وقد حذرت وقتذاك من موضوع المحاصصة الطائفية ، ثم اختاروا لعضوية المجلس الأحزاب السياسية الطائفية التي قامت على أساس طائفي ، بل وتعتمد على الطائفية لبقائها ونموها ، وأنا شخصيا ألوم نفسي لعملي في مجلس الحكم ، بالرغم مما قدمته من نصائح وملاحظات وتحفظات واعتراضاتي على بعض القرارات ، وكنت أعتقد باني سأستطيع أن أخدم البلد من داخل المجلس ، لكن وجودنا نحن التيار الوطني التحرري الديموقراطي الوسطي نشكل أقلية داخل المجلس ..'..الجرأة التي يتحلى بها الباجه جي ' بلوم نفسه ' بنقده لمشاركته في مجلس الحكم ، وهو شخص فرد ، يفتقر لها الكثير من قادة الأحزاب ، وأحزابهم الوطنية والديموقراطية ، التي تؤمن ! بمبادئ النقد والنقد الذاتي ، في الكشف عن الأخطاء التي مارسوها خلال هذه الفترة ، وخاصة المشاركة في مجلس الحكم ، بإدارته الأمريكية ، ولاحقا بمساهمتها في تشكيلة الحكم الحالية ، الطائفية والعنصرية ، من خلال ' لملوم ' قومي ـ ديموقراطي غير متجانس ، فيه حتى قتلة رفاقهم ، مما أفقدهم مصداقية شعاراتهم الوطنية والسياسية التي يرفعونها ، وبالتالي تخلى الكثير من قطاعات الشعب عن دعمهم ومؤازرتهم ، وحتى بعض رفاقهم وأصدقاءهم .

إذا كان السيد عدنان الباجه جي جريئا وصريحا في نقده لذاته ، لمشاركته في ' مجلس الحكم ' ، الذي أقامته إدارة الإحتلال الأمريكية ، وللحكم الحالي باعتباره طائفيا ، فرئيس مجلس النواب ، السيد محمود المشهداني ، يشارك الباجه جي هذا الرأي ، إلا أنه أكثر جرأة وصراحة في تبيان حقائق ، لم يعلن عنها مسؤول غيره بهذه الصراحة بعد ، وتسميته للأشياء بمسمياتها ، على غير ما عهدناه به ، خلال مراسيم تسميته وتنصيبه رئيسا لمجلس النواب ، عندما كان يتحدث وكأنه في مقهى ' 14 رمضان ' ، كريهة الاسم والمحتوى ، أو في أحد مضارب عشيرة من عشائر الدليم ، ولكن ِلَم العجب ، فالمنصب والمكان والاختلاط بالغير ، المغاير والمشابه ، ُيََغٍِير ليس الهيئة والهندام ، وإنما يهذب المنطق والتفكير ، وهذا ليس غريبا علينا نحن العرب ، فشاعرنا العباسي ، علي بن الجهم ، ابن بيئة قاسية المناخ ، بدويا ، خشن الطبع ،غليظ اللفظ ، وحشي المعنى ، يستمد شعره ومعانيه من بيئته ! ومحيطه ، فعندما مدح المتوكل الخليفة العباسي قائلا : أنت كالكلب في حفاظك للود ، وكالتيس في قراع الخطوب. انتقده سامعوه ، لتشبيهه الخليفة بالكلب ، والتيس ، وهي ألفاظ نابية ، وغريبة على سمع من يسكن حاضرة العلم والتمدن ، بغداد ، ولا تقال في حضرة خليفة المسلمين ، وقد حاول ، البعض أن يستعدي المتوكل عليه ، لمزاحمته لهم ، أو مشاركته إياهم بعطاء الخليفة . قال المتوكل : اسكنوه قصرا مطلا على دجلة ، وقريبا من الجسر ، وأحيطوه بكل وسائل الترف والعيش الهني ، وما هي إلا أسابيع انقضت ، حتى وقف هذا الشاعر ثانية ، ليقول شعرا ، في حضرة الخليفة ، ألطف من نسيم النهر معنى ، وأعذب من ماء دجلة لفظا :

        عيون المهى بين الرصافة والجسر      جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري

وهذا هو حال رئيس هيئتنا التشريعية ، بعد أن تسلم زمام الأمور ، واختلط بالدبلوماسيين ، وزار رؤساء الدول ، من عرب وأجانب، تغيرت الأحوال ، فعندما تحدث عن الوضع السياسي العراقي ، كان صريحا وواضحا في تشخيصه ، دقيقا وصائبا في تحليلاته ، أكثر من أي مسؤول آخر ، فإذا كان البعض يعتقد أن حل المشاكل الأمنية والمعاشية التي يعاني منها الشعب العراقي ، بيد الحكومة الحالية ، والحل هو كما يعتقد أرباب الحكم تكمن في ' توحيد الخطاب السياسي العراقي من جميع الكتل والشخصيات السياسية وعدم مهاجمة الأجهزة الأمنية ..' التي تتكون من وزارة الدفاع والداخلية ، فالمشهداني له رأي آخر ، يتطابق مع واقع الحال ، لكونه يعيش الأجواء التي ترسم وتخطط للمعاناة العراقية ، فهو يعتقد أن ' حل المليشيات يعني حل وزارتي الداخلية والدفاع ..وحل الجهات التي تمول المليشيات فعليا في الوزارتين ، والتي مقرها (هذه الجهات ) بالمطار وليس في المنطقة الخضراء ..والعملية السياسية في العراق في خطر بسبب الإحتقان الطائفي والذي هو أجندة أجنبية 100%...' حتى الآن لم يسمعنا مسؤول في الحكم أو معارض ، مثل هذا القول الصريح والواضح ، فالمليشيات قيادة وتمويلا أمرها خارج نطاق السيطرة ، وقياداتها ، كلها ، دون استثناء ، خاضعة لقيادة الإحتلال الأمريكي ، التي يأتمر بأمرها قادة المليشيات الشجعان ، من كل القوى التي تساهم في حكم العراق ، وتغذي الاقتتال بين مكونات شعبه ، وهذا القول ليس رجما بالغيب وإنما قول مسؤول مطلع ، تمر كل القرارات عبر مؤسسته ، التي يشارك فيها كل أمراء الإرهاب .

14 آب 2006

* عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد [/b] [/size] [/font]

41
عشتار وتموز ..وقصة الخلق العراقية ..!
هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد

ليس غريبا أن يجد المرء في أربع جهات العالم ، مدنا تعج بنشاط الفنانيين العراقيين ، وحضور عراقي ، لافت للإنتباه ،لنشاط هؤلاء الفنانيين ، الذين ضاق بهم وطنهم ، وهم يروون قصة المأساة ، للآخرين ، التي حلت بالعراق ، منذ أن استولى طاعون البعث ـ الفاشي على العراق ، وحتى اليوم ، بعد سقوط النظام .
في  4 آب بمدينة " لينشوبنك " السويدية ، وعلى إحدى صالات مكتبتها ، الفارهة في السعة والجمال والتصميم ، وبما حوته صالاتها من كتب وأعمال فنية للكثير من المبدعين ، المحليين والعالميين ، أقام الفنان العراقي ياسين الزا ملي ، المقيم في هذه المدينة الجميلة ، معرضا تشكيليا لأعماله الفنية ، رسم ونحت ، تميز بحضور جمهور كبير ، تفتقر له بعض المدن الأكبر ، والأكثر حضورا للجالية العراقية ، وبعد تبادل للكلمات بين ممثل السفارة العراقية ، الذي دشن افتتاح المعرض ، وممثل بلدية المدينة التي استضافت المعرض في مكتبتها ، ألقي الفنان كلمة قصيرة ، عبر فيها عن شكره وسروره للحاضرين ، موجها دعوته للإصغاء إلى صوت أغنية حزينة ، ربما كانت بصوت الفنان نفسه ، الذي جسد شخصه المتكرر ، بدلالات مغرقة بحب الذات والتباهي بالأنا، ظهرت صريحة وواضحة ، أسفل جدارية استغرقت من المساحة أكثر من ثلاثة أمتار مربعة ، وهو يمسك بعود يعزف عليه ، ليروي لنا مأساة العراق والعراقيين ، التي حلت ولا زالت قائمة ، مهددة بتقسيم العراق أرضا ، وتبديد وحدة شعبه ، وحصيلة مسيرته ، ثقافة وحضارة وتاريخا .
الفنان الزاملي ، أنجز ، لمعرضه ، أكثر من سبعة عشر عملا فنيا ، تراوحت بين جداريات رسم ، ونحت ، ولوحات فنية ، تميزت من بينها جدارية الرسم ، التي ُأشرت إليها ، استخدمت كخلفية للاحتفال . أما جدارية النحت ، المتكونة من قطع متعددة ، تميزت بدلالات واضحة ، كل قطعة تحكي عهدا عن حضارة وادي الرافدين ، وبمجموعها تجسد تعاقب الحضارات ، على هذا الوادي منذ سبعة آلاف عام ، ولا زال المشهد مفتوحا ، تقدما وانحطاطا ، وفق قدرة وأهداف القوى المتصارعة ، على هذا الوادي ، ليخط ، الغالب ، كل ما يريد قوله ، حقيقة أم زيفا ، فالتاريخ يكتبه القائد المنتصر ، صَدقت الشعوب رواتها ، أم لم تصدقهم ، هذا هو الواقع ، والحقيقة هي أن الغالب سيد الموقف ، والقوة تملي إرادتها على المغلوب ، أيا كان تاريخه .  تلي هذه الجدارية مباشرة ، تمثالان متقابلان ، عشتار وتموز بحجميهما ، كحقيقة تاريخية قائمة ، كجزء من تاريخ وادي الرافدين ، ملتصقة به دون إنفصام أو إنفصال ، عصية على الإنكار أو التجاوز ، ومهما قيل فيهما أو عليهما ، فهما ، شاهدان يرويان هذا التاريخ لكل الأجيال ، منذ أن عرف إنسانه الكتابة ، وحتى الساعة . أما باقي أعماله!
  الفنية الأخرى فقد تراوحت بين رسم ، لرقص تعبيري ، احتلت المرأة فيه حيزا لافتا للإنتباه ، ولوحات تشكيلية مختلفة .
فناننا الزاملي ، ومن خلال هويته الشخصية ، مواليد الديوانية ، للعام 1960 ، بدأ ، وأنهى ، دراسته الأكاديمية في بغداد خلال عشر سنوات ، 1979 ـ 1989 ، وهذا يعني أنه من جيل الحرب العراقية الإيرانية ، ليغادر بعد انتفاضة آذار 1991 إلى السعودية في العام 1992 ، لتبدأ معاناته ، وهي معاناة كل العراقيين ، الذين شردهم النظام البعثي الفاشي ـ الساقط في أنحاء مختلفة من المعمورة .
 جدارية الرسم ، أرادها الفنان أن ترسم مسار تاريخه ، لنشأته وتكوين حياته الإنسانية والفنية ، كانت مزيجا بين الصورة  الفوتوغرافية الملصقة ، واللون الرمادي والقاتم ، الذي طرزت به ريشة الفنان خلفية هذه اللوحة له دلالاته على أجواء الجدارية ، الموشاة بشعر من شعراء العراق ، باللهجة الدارجة ، والفصحى ، عزيز السماوي ، عندما يهلل بالحبيب القادم ، خطار عدنه الفرح ..، ومظفر النواب ، وهو يتغزل بالعراقية : يل عينك أوكح من ليل ..  والسياب وهو يهتف بأعلى صوته ، عراق ..عراق ..عراق ، وهاشم جعار وهو يحاول تضميد جروح شعبه ، .. والجروح البيك كافي ..!،هذه وغيرها الكثير ، من أقوال الشعراء العراقيين ، وشاها الفنان بحروف جميلة أضفت على العمل مسحة فنية جميلة ومعبرة ، حملت في ثناياها الألم والمعاناة ، يحسهما الشاعر والفنان في آن معا ، عما حل بالعراق ، قبل مجيء البعث وبعده ، إلا أن اتساع اللوحة ـ جدارية الرسم ـ للغير ، كان حيزا صغيرا جدا ، مقارنة بما شغله الفنان وعائلته مساحة وحيزا للتعليق والحديث الموثق بالصور الملصقة ، فمن حليب حلمتي ثديي أمه تشكل نهران ، كونا دجلة والفرات ، ومن باقي صور الجدارية الم!
 زدحمة برموز العائلة ، أراد القول ، أنا وعائلتي ، تاريخ هذا الشعب ، وما عاناه من ظلم وقهر ، طيلة عهود الحكم الوطني والقومي ـ الفاشي .
في حديث مقتضب مع الفنان ، لم ينكر نرجسيته الطاغية على عمله ، وعبر بالقول ، " أريد أن يعرف العالم من أنا .."  لا شك من حق كل إنسان وبغض النظر عن موقعه في المجتمع ، أن يحتل المكانة التي تؤهله الظهور فيها ، وتسليط الأضواء عليها ، ولكن هل يجب عليه أن يكون هو الصورة الفريدة في مرآة   يحملها ، ولا يرى فيها غير صورته ؟ التي هي في الحقيقة والواقع ،لن تمثل إلا جزء صغيرا" من تلاوين     المجتمع وخطوطه التي لونت مساراته وخطت تاريخ انتصاراته وانكساراته ، وحفرت حضارته وثقافته على مختلف العصور والعهود..
إذا تجاوزنا سعة اللوحة الذاتية للفنان ، التي جعلها الأرأس في معرضه ، إلى جدارية النحت ، التي تحمل التاريخ العراقي منذ أقدم عصوره ، والتي احتلت مكانا متميزا من حيث السعة وتعدد المشاهد التي تروي تاريخ وادي الرافدين وتطوره ، نجد أنفسنا أمام آلهة الخصب والنماء ، القوة والبقاء ، عشتار وتموز ، إلهان يعيشان بيننا ومعنا ، على امتداد تاريخنا بكل ما فيه من أفراح وأتراح ، وعدل وظلم ، يستوقفنا هذا الخلق والإبداع للفنان ياسين الزاملي ، لنشاهد بل نسمع حوارا صامتا بين عشتار وتموز ، يسمعه كل من يحاول معرفة التاريخ ، وحقيقة وادي الرافدين وانسانه المكافح ، من أجل غد واعد ، وإذ يبوح تموز لعشتار بسر انكسارت شعب وادي الرافدين ، يعد بالنصر والحرية للشعب ، رغم كل الهزائم  التي مني بها ، وعانى منها على امتداد فترات القهر والذل ، وهذا ما ينوء بهما ثقل الدلالات التي حفرها الفنان ، ليس على جسديهما فقط ، بل وما يجول في داخل رأسيهما ، وما يحملان فيهما ، من مبادئ وأفكار تعد بالخلاص  ..
  لوحات المعرض تستحق تقييما وتدقيقا ونقدا ، أكثر مما قدم قلمي ، المتواضع ، من تعريف بما حوته بعض الأعمال المعروضة ، للفنان ياسين الزاملي ، فالبحث بين إشاراته ورموزه ، وما استخدم من إيماءات ، ضرورة فنية في عمله الرائع والجميل ، لعلنا نهتدي أو نعثر على الأسباب والدوافع وراء تغييبه حقيقة ، المآسي التي عانى منها الشعب الكوردي ، منذ تشكيل الدولة العراقية ، وطيلة الحكم الوطني العراقي ، وخصوصا الفترة التي سادت فيها فاشية العنصرية ـ العربية ، خلال الحكم البعثي ، التي أطلقت يد النظام ومؤسساته الأمنية ، في القتل والتدمير ، لكل مكونات الشعب الوطنية ، وقومياته ، التي شكلت على مر العصور الوحدة الصلدة للوحدة العراقية ، فمأساة حلبجة والأنفال ، وتهجير الكورد ، جديرة أن تحتل مكانا متميزا ، في عمل الفنان ، أي فنان ، يحاول أن يرسم معاناة الشعب العراقي ، وتطلعاته المستقبلية ، فاكتمال رسم صورة العراق ، بماضيه وحاضره ومستقبله ، تتم فقط عبر تلاحم نضال كل قومياته وأثنياته التي شكلت عراق الرافدين ، ، منذ أقدم عصوره وحتى اللحظة الراهنة التي جسدها الزاملي في عمله..!
لينشوبنك
5 آب 2006

42
أمريكا عدوة الشعوب ..!
هادي فريد التكريتي  *

أمريكا عدوة الشعوب !، هذا الشعار رفعه الحزب الشيوعي العراقي ، رأس الرمح في الحركة الوطنية العراقية ، منذ خمسينات القرن الماضي ، ولا زال يحتفظ بصحة المعنى والمبنى على أرض الواقع ، ليس على الأرض العراقية بل وعلى المنطقة العربية برمتها . فأمريكا وبعد أكثر من ثلاث سنوات ، من حربها على العراق وإسقاط نظامه الفاشي ، أسست لحكم طائفي ، مطبقة بإبداع شعارا استعماريا قديما " فرق تسد " ، ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن الفتنة الدينية ـ الطائفية والقومية ـ العنصرية " مزدهرة " وفي تصاعد مستمر بفضل حصيلة التوظيف لتجاربها المختلفة في أقطار مختلفة من العالم ، حيث قد أسهمت في تشكيل وإدارة منظمات عسكرية بلباس مدني ، لقتل واغتيال القادة النشطين والمقاومين لسياساتها ، فأمريكا الجنوبية تشهد على " مآثرها " في هذا الخصوص ، ولها في كل بلد من هذه المنطقة فضائح سجلها تاريخ رؤسائها ، على مختلف توجهاتهم ، كشفها ورواها مديرو ال C.I.A. الذين تعاقبوا على إدارة هذه المؤسسة .
ما حصل في أمريكا اللاتينية ، حصل ، ولا زال يحصل ، في بلدان وحكومات جنوب شرق أسيا ، فحركات التحرر الوطني فيها ، عانت من حروب وتدخلات عسكرية مباشرة ، ساندتها ودعمتها مختلف الإدارات الأمريكية ، ولما أعيتها أساليبها العسكرية ، من تحقيق أهدافها المتمثلة بإسقاط حكومات بعض الأنظمة الثورية ، أو حرفها عن اتجاهاتها ، بواسطة الانقلابات ، لجأت إلى تشكيل وتأسيس منظمات سرية شبه عسكرية ، وشبكات إرهابية رديفة لقواتها ، تمارس القتل السري والعلني ، لكل المناوئين السياسيين والمعارضين لمشاريعها ، وتدير أساليب التآمر والتجسس والتخريب ، تحت واجهات مختلفة ، سياسية وتجارية وثقافية وصحافة ، وحتى جمعيات خيرية وحقوق إنسان .
ما سلكته أمريكا للوصول إلى أهدافها في معظم بلدان العالم ، يجرى في العراق ، ولا زالت أمريكا ومنظمات سرية حليفة ومتعاونة معها تمارس العنف لتحقيق أهدافها ، دون معرفة الوقت المحدد لانتهاء أهدافها المعلنة أو السرية ، نتيجة لأخطاء ارتكبتها الإدارة الأمريكية ، قبل الحرب وبعدها ، أدت إلى تعثر بناء مشروعها المعلن ( الديموقراطية ) عن طريق حكم حالي ، مبدؤه الأساس محاصصة طائفية ـ قومية ، تسبب في احتدام صراع ديني ، طائفي ـ طائفي ، وقومي ـ عنصري ، أداته مليشيات طائفية وتنظيمات شبه عسكرية تقوده قوى حزبية ، أغلبها مساهم في السلطة ، وما زاد في حدة هذا الصراع وتأجيجه انخراط شبكات إرهابية من خارج القطر ، إسلاموية تكفيرية ، تحت واجهة المقاومة " الشريفة " و" مجلس شورى المجاهدين " التابع لتنظيم القاعدة ، ساهمت هذه التنظيمات مع منظمات أجنبية شبه عسكرية ، إيرانية وإسرائيلية وأمريكية ، ودول أخرى ، متصارعة مع بعضها ، في خلط أوراق المتصارعين ، أدت في النتيجة ليس فقط إلى تعثر تحقيق أهداف المشروع الأمريكي في العراق ، وإنما أيضا صعوبة الخروج بمشروع " شرق أوسط جديد " ، وفق المخطط الأمريكي .
لدى الإدارة الأمريكية أساليب كثيرة تمتلكها للتغطية على فشلها ، لذا أقدمت على توسيع ساحة الصراع ، وإشراك إسرائيل ، أكثر دول المنطقة عدوانية ، بالهجوم على لبنان ، متذرعة بتحرير الجنديين المختطفين من قبل حزب الله ، وقبلها حاصرت ولا تزال تحاصر غزة ، بقصف الدبابات والطائرات بحجة إطلاق سراح جندي اختطفته حماس ، فمنذ أكثر من أسبوعين تشن إسرائيل ، بدعم ومساعدة أمريكية ، حربا قاسية ومدمرة ، مستخدمة كل ما لديها من أسلحة دمار ، المباحة والمحرمة دوليا ، ليس ضد حزب الله ، وإنما ضد الشعب اللبناني المسالم ، وتدمير كل البنى التحتية ، ومرافق الحياة الأساسية فيه ، مما اعتبر لبنان " بلدا منكوبا " .
الموقف الأمريكي الداعم لهذه الحرب ، إن لم يكن مساهما في التخطيط لها ، عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا ، يقف ضد أية إدانة لإسرائيل ، وحائلا دون رغبة المجتمع الدولي لوقف الحرب وإطلاق النار ، قبل أن تحقق إسرائيل أهدافها ، وأهدافها كحدودها غير معروفة وغير معلومة ، مانحا إسرائيل وقتا أكثر لتدمير الشعب اللبناني وركائز اقتصاده ، ومقدما بسخاء مساعدات مادية " متنوعة " لهذا العدوان ، تمثلت بقنابل فراغية وعنقودية ، وصواريخ " ذكية " وكل ما تمتلكه الترسانة العسكرية الأمريكية من أسلحة فتاكة .
هذا الدمار في العراق وفلسطين ولبنان ، والبقية تتبع ، هدفه استباحة المنطقة ومصدره " أمريكا عدوة الشعوب ".

* عضو اتحاد الكتاب العراقين في السويد [/b] [/size] [/font]

43
الكورد الفيلية.. والمحكمة الجنائية العراقية العليا..!
هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد

أُكلت المحكمة الجنايات الأولى ، المتفرعة عن المحكمة الجنائية العراقية العليا ، أمر النظر في أول قضية جنائية ضد أقطاب النظام الفاشي ُأطلق عليها أسم " قضية الدجيل " ، وهذه القضية عُرضت بالتزامن مع تسمية الدكتور الجعفري ، رئيسا للوزراء ، ممثلا لحزب الدعوة الإسلامية ، في قائمة الائتلاف الشيعي .
لا يخلو أمر افتتاح أول محكمة جنائية لمحاكمة أقطاب النظام الفاشي ، بقضية كقضية الدجيل ، من دعاية وترويج لمبادئ طائفية صرفة ، بإظهار المتصدين للنظام ، بغض النظر عن عددهم أو حزبيتهم ، أن الشيعة فقط هم المقاومون ، وهذا مخالف للواقع ، الغرض منه تسويق موضوعات طائفية وتاريخية، يراد ترسيخها طائفيا ، والبناء عليها في أحقية الحكم ، دون أهمية للبرنامج السياسي ، أو الأخذ بالإعتبار لكفاءة الأشخاص وإخلاصهم وفق معايير المصلحة القومية والوطنية .. جريمة الدجيل التي ارتكبها النظام الساقط ، بحق بشر وبيئة ، بشكل متسرع ، ودون تدقيق في معطيات القضية وملابساتها ، أدت بالنتيجة إلى إعدام 148 إنسانا ، وفق إجراءات مستعجلة لمحكمة صورية ، خلال بضعة أيام ، بعض الضحايا ، كان بريئا باعتراف أجهزة الحكم آ! حينذاك ، والبعض الآخر مات تحت التعذيب ، و مورست قسوة بحق عوائل بريئة لم تكن لهم أية علاقة بحادث محاولة الاغتيال ، تم نفيها إلى صحراء " ليا " ، حصيلة هذه الجريمة بكل مفرداتها ، تعتبر من جرائم الإبادة الجماعية المقصودة ، لتبرير التنكيل الذي تمارسه الفاشية البعثية ضد المعارضة العراقية وقواها السياسية ، ولإخافة وإرهاب الشعب العراقي ، وفرض خنوع وإستسلام مطلقين ، على كل إجراء لاحق يقدم عليه الحكم الفاشي ، بحق الشعب والوطن ، إلا أن ما يثير التساؤل : الأسباب الكامنة وراء دفع قضية الدجيل للواجهة ، ولأن تتصدر الدعاوى التي ستنظر فيها لاحقا مثل هذه " محكمة الجنايات الأولى " ، فعلى الرغم من أن إجراءات هذه المحكمة منذ بدايتها ، حاولت إن تظهر أن القضية جنائية وليست سياسية ، إلا أن مجريات المحكمة ، من شهود وأدلة ووثائق ، عكست الجانب السياسي المخفي للمحاكمة ، وأظهرت جلساتها ، الغرض الحقيقي الذي أريد توظيفه من هذه القضية دون غيرها ، من أن تتصدر محاكمة النظام ورموزه ، ذات مغزى ، كون القائمين والمنفذين المتصدين لموكب رئيس الحكم الفاشي آنذاك ، هم من حزب الدعوة الأسلامي ـ الشيعي ! ، لاضفاء صبغة الطائفية على الحكم ، وبأنه حارب طائفة بعينها ، وليس كل القوى الوطنية والديموقراطية ، التي تنازعه إصلاح الحكم وتثبيت حقوق الشعب ،ووفق هذا التحليل الخاطئ نستنج ، أن كل من تم التنكيل بهم من معارضة ، سواء قبل أو بعد ، المحاولة الفاشلة للإغتيال ، هم من الشيعة ، وكأن باقي القوى الوطنية والديموقراطية ، التي ناضلت وحملت السلاح ضد النظام الفاشي ، هم جزء تابع لهذا الفهم ، هذا ما أراد أن يقوله القائمون على الحكم حاليا ، بمختلف توجهاتهم الإسلامية ـ الطائفية ، وهذا أمر ينطوي على مخاطر كثيرة محدقة لاحقة .

الواقع الفعلي ، يشير إلى أن هناك جرائم جنائية ، أكثر دموية وأكثر وحشية ، ارتكبها النظام ضد شرائح وطنية و قومية وطائفية كثيرة ، أبرزهذه الجرائم ، وأكثرها عنصرية وشوفينية كانت بحق الكورد الفيلية ، وهي تقدم حججا وبراهين أكثر ، وأقوى مما ُقدم في محاكمة الدجيل ، إلا أن الجرائم المرتكبة بحق الكورد الفيلية ، قد تم تجاهلها عن قصد ، والتجاهل هذا لا يخلو من كره لموقف وطني قديم ، وهو بحد ذاته تمييز طائفي ، على الرغم من ضحايا هذه الشريحة هم أيضا من الشيعة ، إلا أن شيعيتهم ما كانت وفق التقسيم الطائفي الحديث ، بحيث لم تطغِ على توجهاتهم الوطنية التي عرفوا بها إبان النضال ضد الإستعمار البريطاني والنظام الملكي ، والتي لا زالت ، حتى عند البعض الذي تنكر لها ، يحن لها ، وتسري في دمائه بهدوء ورفق .الضحايا الذين يتم تجاهلهم ، وتغييب الجرائم التي ارتكبها النظام بحقهم ، كما أسلفت ، هم من الكورد ، الشيعة ، الفيلية ، وأهلهم وذويهم هم من تلقى المأساة رغم عمقها ، بصمت وصبر ، من دون محكمة ، كمحكمة الثورة ، أو حاكم مسخ ، كعواد البندر ..!

المصائب التي تعرض لها الكورد الفيلية والجرائم المرتكبة بحقهم ، طيلة سنوات الحكم الفاشي ، تشكل دليلا صارخا لإدانة النظام وأركانه ، لوضوح الجريمة والفاعل معا ، ليس للعراقيين وحدهم ، بل وللعرب والعالم أجمع ، لما لهذه الجرائم من شهادة موثقة ، ومعترف بها على كل مستويات الدولة البعثية الساقطة ، ومؤسساتها ، العسكرية والأمنية والتعليمية والتجارية والإقتصادية ، إضافة لأرشيف النظام الحزبي البعثي ، كل هذه المؤسسات تقر : من أن النظام الفاشي قد ارتكب مجازر فاقت باساليب مرتكبيها كل الجرائم الموصوفة بالإبادة الجماعية ، أو الجرائم الموسومة بضد الإنسانية ، ولم يكن لها من نضير ، حتى في جرائم الحرب ، هذه الجرائم ارُتكبت بحق الفيلية الشيعة ، أو الفيلية الكورد ، أو الفيلية الوطنيين ، فهم في النهاية ، عراقيون ، وما ارتكبه النظام الساقط ، بحقهم من جرائم فاقت ما ارتكبته الفاشية النازية ضد أبناء شعبها ، لا لكونهم من طائفة شيعية ، حسبما يريد البعض أن يلوي حقائق التاريخ ، وإنما ، وفق ما تقول وتعترف به مؤسسة (شفق ) للأبحاث "..الهوية العامة تاريخيا لأبناء شريحتنا الفيلية ، هي الهوية القومية الوطنية ، فل!
 ا يخفى على احد مشاركة الكرد " الفيليون " في مجمل نضالات الحركة الوطنية العراقية ، ودفاعهم عن الخط الوطني العراقي وما وقفه الكورد " الفيليون " في وجه فاشية حزب البعث عام 1963 إبان ملحمة عكد الأكراد دفاعا عن مكاسب ثورة تموز دليل واضح على عمق وعيهم الديموقراطي الوطني .." وهذا الإعتراف هو بعض حقيقة أدت إلى استبعاد الملف الفيلي من أعمال أول محكمة ، تحاكم تاريخيا نظام حكم فاشي ، على جرائمه ، إلا أن ما تحاكم عليه حاليا ، لا يرتقي إلى عمق وسعة الجريمة ن التي ارتكبها النظام الفاشي ، بحق فئة قومية ووطنية ، واكبت نضال الشعب الوطني والديموقراطي ، طيلة سني نضاله ضد القمع ، ومن أجل ترسيخ حريات دستورية في العراق ، وضمان لحقوق الإنسان ، فالإنسان المنصف المتابع لمجريات الإضطهاد الفاشي االبعثي سيجد أن ما تعرض له الكورد الفيلية من جرائم مرتكبة بحقهم ، منذ بداية الحرب العراقية الإيرانية وحتى سقوطه ، سيجد حصيلتها كما روتها " مؤسسة شفق المار ذكرها، على موقع ، وطن للجميع " ليوم 25 /6

" 1 تسفير المواطنين ( الفيليون ) وحجز أبنائهم ممن كانوا في الخدمة العسكرية ، لدى دوائر الأمن .

2 إعدام جميع الشباب ( الفيليون ) المحتجزين في سجون ومعتقلات البعث وكان عددهم حوالي 12000 شاب .

3 إعدام 2500 شاب عن طريق الخطأ ..." وأمور أخرى تتعلق بنهب وسلب ممتلكاتهم ، والتضييق على كافة أفراد هذه الشريحة ، في كل مجالات الحياة .

من هذا الواقع ، تتجلى بوضوح جرائم التميز القومي والوطني التي لحقت بالكورد الفيلية ، وهي شريحة عراقية أصيلة في منبتها وامتداد جذورها ، كانت تتطلب الصدارة في أول قضية تنظر بها محكمة بعد سقوط النظام ، لاسترداد حقوق مسلوبة ، وحريات منتهكة ، فمن حيث الشكل والمضمون ، تجسدت في هذه الشريحة ما كانت تعانيه كل القوى السياسية الوطنية والديموقراطية العراقية ، على مختلف عهود الدكتاتورية القومية والفاشية ، من تمييز عنصري وانتهاك حقوق وحريات . وفي الظرف الراهن ، تتعرض شريحة الكورد الفيلية ، حاليا أيضا ، إلى تجاهل لمطاليبها ، بعدم جدية استرداد حقوقها المهدورة ، وأملاكها المصادرة وأموالها لمنهوبة ، من مواقف حكم ، يدعي احتضانه لهذه الشريحة طائفيا وقوميا ، إلا أنه لم يرد لها حتى وثيقة عراقيتها ، التي هي تحصيل حاصل بعد أن سقط النظام .

ستبقى هذه الشريحة الوطنية ، الكورد الفيلية ، وباقي الشرائح العراقية، العريقة في وطنيتها ، أسوة بباقي شرائح المجتمع العراقي ، تخوض النضال ، ضد التمييز القومي والطائفي ، وتقاسي ما يقاسيه كل أبناء العراق الوطني ، من أجل بناء عراق آمن ، فيدرالي ، وطني ، متحرر ، وديموقراطي .[/b][/size][/font]

44
من الذي شبك سيار الجميل ..؟؟
هادي فريد التكريتي  *

إنشغل ، الأستاذ الدكتور سيار الجميل ، بالهم العراقي منذ أمد طويل ، فكانت كتاباته التاريخية والسياسية والنقدية ، وآراؤه ، جريئة وصائبة عن مجتمعاتنا وأنظمة الحكم فيها ، لذا حظيت أفكاره ، وتحظى ، باهتمام ومتابعة الكثير من السياسيين والمثقفين العراقيين ، والعرب والأجانب ، وبما عرف عنه من جرأة في الطرح والمعالجة ، تعرض لهجوم من عناصر متطرفة ورجعية ، قومية ـ شوفينية ودينية ـ طائفية ، فكلاهما ينهجان ، باتجاه إقامة أنظمة قمعية استبدادية وشمولية ، لا يعترفان بحرية الرأي والديموقراطية وحقوق الإنسان ، وسيبقى قلم الأستاذ الجميل ملاحقا ومهددا بالكسر ، طالما بقي راهنا قلمه لكشف حقيقة المتاجرين بالدين والقومية ، وداحضا نهج وفكر القائمين على تزييف التاريخ والواقع .
طمس الأسباب والدوافع لحقيقة الصراع الدائر بين مكونات المجتمع العراقي ، لا يخدم الحلول المنطقية والواقعية السليمة التي يسعى إليها الشعب العراقي ، كما لا يخدم مسعى المخلصين من القادة الوطنيين ، والحريصين على وحدة وسلامة العراق أرضا وشعبا ، وتخليصه من مآسي القتل والتهجير والتدمير ، الذي طال دون تفريق كل الطوائف والقوميات ، فرد أسباب هذا الصراع ، كما يحلو للعنصريين والطائفيين ، على التنوع لمكونات الشعب العراقي ، أمر مفتعل ، خدمة لأغراض تقسيمية ، سعت وتسعى إليه منذ وقت طويل ، دول الجوار ، والدول الكبرى ، الطامعة في السيطرة على موقع العراق الجغرافي ، لما يتمتع به من ثروات طبيعية مختلفة ، ولأهميته الإقتصادية والعسكرية ، ولا أعتقد أن الأستاذ الجميل ، يجهل أجوبة التساؤلات التي أوردها في مقالته الموسومة " واللي شبكنا ايخلصنا .." فتساؤلاته تحمل دلالات على خلل وطني ، تفشى في المجتمع العراقي ، بعد سقوط النظام وسيطرة قوات الاحتلال الأمريكي على كل مرافق الحياة ، فالحرب كانت الوسيلة الوحيدة لتحقيق أهداف السياسة الأمريكية ، المرسومة سلفا ، ونجاح إدارة قوات الاحتلال في مهمتها بعد سقوط النظام ، تقتضي إلغاء وتعطيل الوعي الوطني للشعب العراقي ، وإحلال صراع مفتعل بين كل الطوائف الدينية والمكونات القومية ، وهذا ما حصل ، فما يتساءل عنه السيد سيار الجميل من قيم ل " .. الوطنية وعلاقات المحبة والروابط التي ربطت بين العراقيين على مختلف العهود... " هي قيم أصيلة ، بين مكونات هذا الشعب ، رسختها صروف الدهر ومحنه ، ووثقت عراها منازلات وطنية ، لم تفرقها تعدد طوائف ومذاهب المساهمين فيها ، على طول مدى سني النضال ، منذ ثورة العشرين ، ومرورا بما يسمى بالحكم الوطني ، وحتى بعد أن تسلم القوميون الفاشست مقاليد الحكم ، كانت المنازلة قائمة بين قوى وطنية ونظام حكم فاشي وعميل للدولة التي أسقطته جيوشها ، وحصيلة هذا الحكم الذي دام أربعين عاما ، تشويه للحياة الاجتماعية العراقية ، طال حتى حقائق التاريخ والجغرافيا ، وأفرز علاقات هجينة ، غير أصيلة ، بين مكونات الشعب العراقي ، نتيجة لغياب قسري للقوى التي تمثله فكريا وسياسيا، في ظل هذا الواقع ، وليس بعيدا عن إرادة ورغبة الاحتلال وإدارته ، جرت انتخابات لدورتين ، غير نزيهة وغير متكافئة ، وسط مظاهر افتعال وتجييش لمشاعر طائفية وعنصرية ، أسس لها النظام الساقط ، واستغلتها بشكل بشع قوى طائفية ، لم تتردد عن ارتكاب كل المحرمات والسفالات التي تأباها قيم الإنسان السوي ، ناهيك عن الدين الذي حرم ما هو دونها ، وهذا هو حقيقة السر الذي أفرز عناصر حكم وممثلي شعب ، كان المواطن البسيط ، أكثر شجاعة منهم في تحديه للإرهاب ، أثناء التصويت لهؤلاء الذين تساءل عنهم الأستاذ سيار الجميل في مقالته " ..كيف يأتي كل هؤلاء النواب ورجال الحكومة بمثل هذه النسبة العالية من إرادة العراقيين ..وهم ليسوا باستطاعتهم أن يمشوا طلقاء لخمس دقائق في شوارع بغداد .." لا أعتقد أن السيد الجميل يجهل أسباب هذا التردي المؤسف لحالة النواب ، ممثلي الشعب ، المحصنين بالحماية البشرية والحديدية ، فالمفروض بهؤلاء النواب والحكومة المنبثقة منهم ، أن يوفروا الحرية والحماية لعامة الشعب العراقي ، المستباح دمه من قبل قوى تكفيرية إرهابية متعددة الولاءات ، وميليشيات مختلفة تمثل أحزاب الحكم الطائفي ، فقادة الحكم وعناصره ونواب ( الشعب ) ، على مختلف انتماءاتهم ، تحتمي بالمنطقة الخضراء وحراب المحتل ، ألا أنهم لم يسلموا من قتل وخطف المليشيات لمختلف أجنحة الحكم ، وفي كل الأحوال ، يبقى المواطن العادي والبسيط ، ضحية صراعات اللاهثين وراء الجاه والسلطة ، التي تحركها إرادات أجنبية في كل الاتجاهات ، وهي السبب في تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية ، التي يعاني منها الشعب ويفتقدها من حكومته ، فالأمن وسلامة العامة والخاصة ، هي مسؤولية الحكم بالدرجة الأولى ، قوات احتلال أم حكم وطني ، والشعب العراقي في كلا الحالين ، لم يكن مسؤولا عما حصل ويحصل الآن ، فالخلل ليس في قيم الشعب الوطنية ، بل في الحكم نفسه ، الذي يمثل أهداف ومصالح المحتل بالدرجة الأولى ، والمحتل نفسه هو وراء كل الخراب الذي يعيشه العراق ، فكل الخطوات التي نفذتها إدارة الاحتلال ، مع ما يمارسه السفير الأمريكي ، منذ سقوط النظام ، هي تدخل سافر في الشأن الداخلي العراقي ، تتناقض كليا ومبادئ الديموقراطية ، التي ترغب إقامتها الإدارة الأمريكية في العراق . الحصيلة للسياسة الأمريكية ، في العراق وفي المنطقة ، تؤكد تردي في الأوضاع التي نعيشها ونشاهدها ، عندنا ، وفي فلسطين وسوريا ، وأخيرا الحرب الإسرائيلية على لبنان ، كل هذا نتيجة لمخطط دموي تمارسه أمريكا في المنطقة ، بدعمها الصريح لإسرائيل وإطلاق يدها ، في السر والعلن ، لتخريب كل جهد وطني في العراق وغيره ، وهذا لم يعد سرا ، أو خافيا حتى على المواطن البسيط .
أمريكا هي من " شبك " الكثير من كتابنا ومثقفينا ، وأسر لبهم ، باعتقادهم أن أمريكا هي المنقذ من عسف واضطهاد أنظمة الحكم الرجعية ، وهي من سيؤسس لنا حكما ديموقراطيا بديلا ، نستظل الفيء بظلاله ، وإذا به حكما طائفيا ، معمدا بالخوف والرعب والدماء النازفة على مدار الساعة ، ولسان حالنا يتمثل المثل الشائع : ( كالمستجير من الرمضاء بالنار )هذا الواقع لا أعتقد إن السيد سيار الجميل ، لا يعرف حقيقته ، وهو من سبق له في مناسبات عديدة ومتكررة ، أن شخص الداء والدواء ، فهو إذ يعلن في مقالته " اللي شبكنا يخلصنا " ويقول " ..كم دعونا إلى ترسيخ الثقة بين العراقيين ، كم دعوناكم إلى تأسيس حكومة طوارئ والمرور بفترة نقاهة تاريخية .." السيد سيار الجميل قطعا لم يوجه نداءه للبسطاء من الناس أو لعامتهم ، فهؤلاء في شغل همومهم الأمنية والمعاشية ، تشغلهم عن قراءة الصحيفة أو متابعة ما يكتب على الأنترنيت ، إنما المعني بخطابه هم الصفوة ، من سياسيين ومثقفين وقادة أحزاب ، ورجال دين مسيسين ، وتكنوقراط حاصلين على شهادات عالية ، تقود سلطة الدولة بكل فروعها وأقسامها ، والمفروض ابتداء ، أن تتوفر بكل هؤلاء صفات التفاني لخدمة شعبهم ، متحلين بالصراحة مع من انتخبوهم ، وبالصدق والنزاهة والأمانة والاخلاص والعدالة والترفع عن الابتزاز والمتاجرة ، بالقومية والعنصرية، وبالدين والطائفية وبالعواطف والمشاعر ، واقع حال الكثير من هؤلاء ، تنقصهم كل ، أو بعض ، هذه الصفات، وتأيد هذا المذهب نتائج التحقيقات التي توصلت إليها المفوضية العليا للنزاهة .النخب السياسية هي من يتحمل المسؤولية ، افتراضا ، في قيادة وحكم الشعب العراقي ، ولهم يوجه الخطاب ، إلا أنهم في واقع الحال غير قادرين على معارضة نهج إدارة الإحتلال ، فهي من جاءت بهم ، ولا قرار يعلو على قرارات سلطة الاحتلال ، وهي من أراد أن تجري مظاهر ديموقراطية زائفة ، تبطن الفرقة بدلا عن الوحدة ، بتشريع دستور سلقت مواده سلقا ، يلغي ويعلق ، كل نهج ديموقراطي ، و يحول دون ممارسة أي حق عام أو خاص ، يتعارض مع حكم الإسلام ، هذه هي الديموقراطية التي ترضي الطائفية وتوافق عليها أمريكا .. من يقرأ مقالة " اللي شبكنا يخلصنا " ويتمعن في مفرداتها ومدلولات جملها وما تعنيه ، يتوصل إلى أن السيد الجميل يريد الحديث بصدق وبصراحة ، إلا إنه كمن يجد في فيه ماء ، فهو غير قادر على قول الحقيقة ، لسبب لم يفصح عنه ، وإن كان عنوان المقالة "اللي شبكنا يخلصنا " يشير إلى أن المتسبب هي أمريكا ، في كل المصائب التي حاقت ، والمحيقة بالشعب العراقي ، من قتل وتفجير وتفخيخ ، وتهجير للطوائف والاقليات الاثنية والقومية ، وربما القادم أدهى وأقسى . كل ممارسات الجرائم تؤكد دلالاتها لصناعة أمريكية ، تنفذها أيادي منظمات ، عميلة ومأجورة ، تتعامل بالجملة والمفرد ، مع من يدفع أكثر . أمريكا وليس هناك غيرها من " شبكنا " وأوقعنا في أسر شباكها ، وبالتالي يحق للمرء أن يتساءل : هل أمريكا قادرة على خلاصنا ، بعد أن َعَقدت علينا ، وعلى نفسها ، طريق الخروج من شباكها ..؟


20 تموز2006

* عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد [/b] [/size] [/font]

45
في الذكرى الثامنة والأربعين لثورة 14 تموز ..!

هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في لسويد

وهج ذكرى ثورة 14 تموز 1958 ، لن يطفئه دخان الحرائق المشتعلة ، في العراق ..! فلثورة تموز ولشهدائها المجد والخلود ، ولبقاياهم الأحياء التحية..!

ما كانت ثورة 14 تموز حدثا عابرا في حياة العراق والعراقيين ، لكونها انطلقت من إرادة موحدة على التغيير ، نتيجة ما أصاب الجميع من ذل في العيش ، وهوان في المعاملة ، مارسه نظام حكم عميل ، رهن العراق وشعبه ، لخدمة الدوائر الأمبريالية البريطانية ، وتحقيق مصالحها السياسية والإقتصادية في العراق والمنطقة كلها . فسرعة نجاح الثورة ، منذ اللحظات الأولى لسماع البيان الأول ، أذهل الأصدقاء قبل الأعداء ، على الرغم من اقتضاب هذا البيان ، واختصاره  للأهداف التي يسعى لتحقيقها ، فالتأييد الشعبي العارم للثورة ، كان دليلا على عمق التغيير الذي ستحدثه هذه الثورة في العراق الجديد ، وبنفس الوقت كان عامل إحباط وهزيمة ، أسقط في أيدي الأعداء الداخليين ، شل من قدرات تحركهم في إبداء أية مقاومة ، ولد ردة فعل آنية ومستعجلة ، لدى الدوائر الأمبريالية كافة ،بأن أعلنت وقوفها ضد الثورة والقائمين عليها وفيها ، كما أعلنت إرادتها في التحرك لإعادة القديم إلى قدمه ، قبل أن تعطي الوقت الكافي لدوائرها المختصة في قراءة متأنية للبيان الأول للثورة ، ومعرفة الخلفية الفكرية والسياسية للرجال القائمين بها .

نجاح الثورة ، في بداية إعلانها ، ارتبط بمسارين مهمين ، لا يمكن تجاوزهما عند البحث عن أسباب النجاح أو الفشل .
الأول :ـ المسار الوطني . هذا المسار كان بعيدا" عن أي تأطير فكري أو سياسي ، عنصري أو طائفي ، للثورة أو للرجال القائمين بها ، وما يدعم هذا الرأي ، العلاقة التي كانت قائمة آنذاك ، بين بعض رموز من جبهة الإتحاد الوطني ، المتكونة من كل القوى والتيارات السياسية الوطنية ، الديموقراطية والقومية ، المعارضة لنظام الحكم ، وبين بعض العناصر الفاعلة والمؤثرة في قرارات " منظمة الضباط الأحرار " .
المسار الثاني : ـ المسار الخارجي ، العمل على تحرير العراق ، من دائرة التبعية الأجنبية ، والبدء بتنفيذ سياسة وطنية مستقلة ، في القطاعين الأقتصادي والسياسي .
هذان العاملان كانا وراء نجاح الثورة ، قابلها تصعيد من حالة العداء ، الذي أعلنته الدوائر الأمبريالية على الثورة وقيادتها ، في محاولة لحرفها عن اتجاهاتها المخطط له ، بالشكل الذي يفرغها من محتواها الاجتماعي والوطني ، ويفقدها قاعدتها الشعبية ، ويعزلها عن الجماهير صاحبة المصلحة الحقيقة في التغيير ، لاستعادة الوضع وفق ما كان عليه قبل الثورة ، أو بإجراء تغييرات شكلية لا تؤثر على جوهر الظلم والإستغلال الذي كانا سائدين ..
في مجرى الصراع الذي استحدثته الثورة ، في الداخل ، وفق المسار الأول ، ولخطورة ما باشرت به الثورة وقيادتها الوطنية ، من تشريع وتنفيذ لقوانين تغير من العلاقات القائمة في المجتمع ، لصالح أكثريته المطلقة ، المتكونة من الفلاحين ، بإصدار قانون الإصلاح الزراعي ، وتشريع  قانون الأحوال الشخصية ، حيث أقر حقوقا للمرأة ، تساعد على بناء مجتمع مدني ، والتأسيس لبناء مجتمع ديموقراطي ، تساهم مكوناته في هذا البناء ، وفق نظام علماني ، دفع بالقوى المتضررة من الثورة داخليا ، إلى تعزيز التحالف والتعاون مع المؤسسة الدينية ، بكل طوائفها ، وبقايا الإقطاع .
عمل كل المتحالفين ، باتجاه إيجاد حليف داخل قيادة الثورة ، لإجهاضها والقضاء عليها من الداخل ، وهذا ما كان ، ليس بعيدا عن التعاون مع القوى الأمبريالية ، التي تضررت مواقعها من الثورة وتشريعاتها الوطنية ، التي ألحقت ضررا بالغا في كل المجالات التي كانت تمارس فيها وعليها نشاطاتها ، فإلغاء حلف بغداد ، وتحرير العملة العراقية من ارتباطها بالجنيه الإسترليني ، وتشريع قانون شركة النفط الوطنية ، الذي جرد شركات النفط من هيمنتها على 5 , 99 % من أراضي التنقيب والآبار غير المستثمرة ، وعودة إدارتها للسيادة الوطنية ، هذه الإجراءات مجتمعة ، مع أخرى غيرها، حققت لقاء في المصالح والأهداف ، وبالتالي إلى تحالف بين مسارين ، رجعي داخلي ، وأمبريالي خارجي ، أديا في نهاية المطاف إلى إسقاط ثورة 14 تموز ، دون القدرة على إسقاط تأثير أهدافها من واقع الحياة  لغالبية الشعب العراقي ، ومن برامج وأهداف الحركة السياسية ، الوطنية والديموقراطية ، رغم وحشية الانقلابيين وإجراءاتهم القمعية ، وعداءهم لكل الإصلاحات التي رسختها ثورة 14 تموز في المجتمع العراقي ،  منذ شباط 1963 وحتى سقوط النظام في نيسان 2003 .
 الغزو الذي قادته الأمبريالية الأمريكية ، متحالفة مع إنكلترا الأكثر تضررا" من ثورة 14تموز ، وبتعاونهما  مع أكثرية القوى الرجعية التي ساهمت في تحالفها السابق ، لإسقاط الثورة وأهدافها ، هي ما سعت وتسعى إلى تنفيذه ، كل هذه القوى مجتمعة ، في الوقت الحاضر ، بغض النظر عن توجهاتها الدينية ـ الطائفية ، والعناصر القومية ـ الفاشية ، المتناقضة في أهدافها السياسية والاجتماعية ، والمتحاربة فيما بينها على أسس طائفية ، تتماها مع مخططات وأهداف قوات الاحتلال القريبة والبعيدة ، ليس على إلغاء المكتسبات الوطنية التي شرعتها ثورة 14 تموز فقط ، وإنما على تدمير وتعطيل كل البنى التحتية ، والمؤسسات الثقافية والمدنية ، التي شرعت لها ورسختها في المجتمع ثورة 14 تموز ، ولإعادة تأسيس وبناء دولة ضعيفة ، متناقضة ومتحاربة طائفيا ، تحقق أهداف قوى الاحتلال ومصالحها بالدرجة الأولى ، وفق رؤية هيمنة القطب الواحد ، لا تتعارض تشريعاتها مع المصالح الأجنبية ، حتى وإن تعارضت مع كل القيم التي أقرتها الأمم المتحدة ومواثيقها  في الوقت الحاضر .
خروج العراق من هذا الواقع البائس والمظلم ، مسؤولية كل القوى الوطنية والقومية والديموقراطية ، تتمثل بإعادة بناء الوحدة الوطنية ، التي شوهتها الطائفية والعنصرية ، وضرورة تعزيز سلطة الدولة الوطنية ، بترسيخ التوجهات الديموقراطية في الحكم ، ونبذ الطائفية والعرقية وعنفهما ، المستخدم في تصفية الخصوم ، وحل كل مليشيات الأحزاب ، المساهمة في السلطة بمختلف ألوانها وتشكيلاتها ، أولا" وقبل غيرها ، لتعزيز سلطة الدولة داخليا وإقليميا ، والتوجه الجدي من قبل كل أطراف السلطة ، لدعم مبادرة المالكي في المصالحة الوطنية ، فالأمن هو المدخل الحقيقي والأساس لكل ما يعاني منه العراق والشعب العراقي ، هذه الإجراءات لا بد من تماهيها مع تقليل الظهور المكثف والعلني لقوات الاحتلال ، في المدن وشوارعها ، وتقليص مهام هذه السلطات في معالجة الواقع الأمني الداخلي ، أو التدخل في شؤون الحكم وإدارته ، وهذا لن يتم قبل أن تتحقق وحدة الموقف والقرار الوطني العراقي ...
13 تموز 2006.[/b]

46
الكورد الفيلية ضحية حكم عنصري وفاشي ..!
[/color][/size]


هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد




في مسلخ قصر النهاية ، وبعد أن اعتلى الفاشيون سلطة 8 شباط في العام 1963، تقدم مني صبي ، في الرابعة عشرة من عمره ، على أكثر تقدير ، معصوب الرأس ، بشاش طبي ، وآثار تعذيب على وجهه ، ودماء متيبسة على ملابسه ، وسألني ألست أنت فلانا ، قلت بلى ، ولكن من أنت ، قال أنا ، جيرانكم ' ابن ناظم ' ، قلت وما أتى بك إلى هنا ؟ أجابني بزهو وخيلاء ، أنا وصديق لي بعد أن رأينا جريدة الحزب ( يقصد طريق الشعب ، جريدة الحزب الشيوعي العراقي ) قد تعطلت بعد نجاح مؤامرة شباط ، وما عادت للصدور سرأ' قمنا بتحريرها وإصدارها ، وأثناء التوزيع ألقي القبض علينا .. .

تذكرت أبو ناظم جارنا الكوردي ـ الفيلي الطيب ، حيث ارتبطت أسرتانا بعلاقة جيرة ، صادقة وحميمة ، كان الهم العراقي هو الهم المشترك بين العائلتين ، ولم يدر بخلد أفرادهما ، الكبار أو الصغار ، أن يسألوا بعضهما ، إن كانوا شيعة أم سنة ، أو من أي قومية أو دين ، فهذا أمر لا يغير من إقامة علاقات محبة وود ، بين المواطنين العراقيين ، مبنية على احترام متبادل ، أساسه الأخلاق الطيبة والسمعة الحسنة .

الكورد الفيلية من الشرائح الفاعلة والمهمة في المجتمع العراقي ، عريقة في تواجدها على الأرض العراقية منذ أقدم العصور ، ولا يمكنني إضافة شيء ذي أهمية تذكر ، في هذا المجال ، لما تطرق إليه وأغناه بحثا الكثير من المؤرخين والكتاب العراقيين والأجانب ، متناولين أصلهم و' فصلهم ' والأرض التي ولدوا عليها ، أو جاءوا منها ، قديما ، وسكناهم وامتداداتهم حديثا ، والأدوار التي لعبوها في المجتمعات التي عاشوا فيها ، ومن يريد الاستزادة سيجد الشيء الكثير عند من كتبوا .

ما يهمني في الظرف الراهن ، أن أساهم في بلورة وتبيان حقيقة بعض هذا الحيف والظلم ، الذي وقع ويقع على هذه الشريحة العراقية والوطنية ، ربما أكثر من غيرها من شرائح المجتمع ، البعض يرد أسباب الجرائم والأنتهاكات التي وقعت على هذه الشريحة من قبل الحكم القومي ـ الفاشي ، على أساس التمييز الطائفي ، على اعتبار أنهم شيعة علي بن أبي طالب وولاؤهم لأهل بيته ، وهذا الأمر ليس ما يورده الإسلاميون الطائفيون ، بعد أن سيطر القوميون والعنصريون الفاشيون على الحكم ، بل شاركهم فيه ، حديثا ، البعض من الكتاب التقدميين ، والذين كانوا إلى عهد قريب ممن يؤمنون بالفكر الماركسي ، والمنتمين للحزب الشيوعي العراقي خصوصا ، وبالطبع لا يمكن لهؤلاء أن يقدموا دليلا منطقيا وعقلانيا على هذه الدعوى ، على الرغم من أن هؤلاء الكتاب ـ التقدميين ـ يضعون الأسباب السياسية ، أحيانا ، نتيجة لحضور الحقيقة في أذهانهم ، وراء هذه الاضطهاد ، وهو باعتقادي سبب مهم وأساسي ، في الكثير من معاناة الكورد الفيلية ، من قتل وتهجير وسلب لكل ممتلكاتهم وحقوقهم .

المتتبع للوضع السياسي والاجتماعي العراقي منذ تكشيل الحكم الوطني الملكي ، وحتى سقوط جمهورية تموز ، يجد أن الكورد الفيلية ، كانوا يتمتعون بحريات عامة وخاصة ، حالهم حال بقية قطاعات المجتمع ، في تشكيل النوادي الرياضية والجمعيات ، وكان لهم ظهور ملحوظ على ميدان الحركة السياسية العراقية ، الوطنية الديموقراطية ، والقومية ، كقادة وكأعضاء ، كما أن الكثير من مثقفيهم وكتابهم ، يمارسون إبداعهم لخدمة القضية الوطنية ، ونتيجة لهذا الواقع دخل الكثير منهم السجون والمواقف العراقية ، ليس على أساس معتقد طائفي ـ شيعي ، ولكن على أساس معتقداتهم السياسية وتوجهاتهم الفكريه التقدمية والوطنية ، وحتى من حوكموا على انتمائاتهم للحزب الشيوعي ، أو للأحزاب القومية الكوردية ، لم تصدر الأحكام عليهم كونهم كوردا ، بل كمواطنين عراقيين ، لحساسية القضية الكوردية في المجتمع العراقي آنذاك ، ولعدم تكوين انطباع عن الدولة من أنها تمارس قوانين عنصرية على مواطنيها .

الحكم القومي الفاشي ـ البعثي ، ومبادئ حزب البعث قومية وعنصرية بحتة ، وما كان يضمره من كره وحقد على الكورد أمر مسلم به ولا يحتاج لبرهان أو دليل ، كما هو عداؤه للحزب الشيوعي ، المتبني لكل الحلول والشعارات القومية الكوردية ، وبما ان الكورد الفيلية هم كورد وشيوعيون في وقت واحد ، ومواقفهم من مقاومة 8 شباط لا يمكن أن ُتنسى ، على الضد من الفتاوى التي مارستها بعض من أقسام المؤسسة الطائفية لصالح الفاشست ، وبالضد من مشاعر ووطنية هذه الشريحة ، كل هذه أمور لا يمكن أن تتجاوزها العقلية القومية ـ العنصرية ـ الفاشية ، ومن هنا نتبين أن الإضطهاد والقمع والقتل والتهجير له أسبابه ودوافعه السياسية ، المبررة وفق منظور عنصري ـ فاشي ، وليس على أساس طائفي ، يستمد من قوانين الجنسية العنصرية سندا' قانونيا' التجأ إليه ، والذي اتخذه ذريعة للتهجير ، من منطلقات عنصرية ، مستندا على التمييز بين : التبعية الإيرانية ، وتفسيرها بأنها أجنبية ، والتبعية العثمانية ، بأنها وطنية سواء أكانت عربية أم كوردية ..!

واقع الحال يؤيد الرأي القائل أن أسباب التهجير ليست طائفية ، والأسباب كثيرة : الأول لم يشمل التهجير العناصر الحزبية المنتمية لحزب البعث ، فكثير من الكورد الفيلية الشيعة الأعضاء ظلوا يمارسون مسؤلياتهم في مؤسسات الدولة والحكم ، على الرغم من أن أشقاءهم واخوتهم قد شملهم التهجير ، لكونهم إما مستقلين سياسيا أو منتمين لأحزاب وطنية معادية للنظام ، السبب الثاني : تهجير النساء والأطفال وكبار السن قسرا والقائهم على الحدود ، مع الاحتفاظ بالشباب ، هذا الإجراء اقتضته تداعيات نية التفكير بالحرب ، وإلقاء تبعة مشاكلها على إيران ، وتعقيد مجمل الأوضاع التي تعاني منها الثورة الإسلامية.. السبب الثالث ، اقتصادي صرف ، بالاستيلاء على الأموال التجارية والمؤسسات الإقتصادية ، وكافة ممتلكات المهجرين ، لدعم المجهود الحربي .



قوى الإسلام الطائفي ، إتخذت من قضية الكورد الفيلية والمحنة التي هم فيها ورقة للمتجارة ، ولابتزاز العواطف الطائفية ، طيلة صعود الفاشية إلى الحكم ، وبعد سقوط النظام ، كثفت من استثمار محنتهم التي هم فيها ، للحصول على أصواتهم في الانتخابات ، وبعد أن فازت بأصواتهم وتربعت على دست الحكم والمسؤولية ، نسيت كل وعودها وعهودها لهم ، ولا زالت مشاكلهم كما هي ، فلا حقوقهم في الجنسية قد عادت إليهم أو حصلوا عليها ، ولا الأموال والممتلكات قد ردت لهم ، ولا أحد من الحكام قد أجهد نفسه ، وقطع بعضا من وقته للبحث عن فلذات أكبادهم التي إحتجزها البعث ، وغيب قبورها ، ولم يستدل دليل ليدلهم على شاهدات قبور شهدائهم.! السلطة بيد شيعة علي الآن ، الذين يدعون أن الكورد الفيلية منهم ، دون بقية الشرائح ، فماذا ينتظرون ، فهل ُُحلت مشاكل هذه الشريحة التي لا يعرفها الحكام إلا وقت حاجتهم إليهم ؟ وأولئك الذين لازالوا يقبعون في معسكرات الحكم الإسلامي ـ الشيعي الإيراني ، الذين سمعنا صرخات استغاثتهم في الشتاء القارص ، دون منقذ أو مساعد ، هل لازالوا محاصرين تحت خيام لا تقي حرارة شمس ولا تحول دون عصف !
ريح ؟ وهل تم الاعتراف بهويتهم الوطنية ليعودوا إلى موطنهم ، الذي سقوه بدموعهم ودمائهم ، وبنوه لبنة فوق أخرى ، وفي نهاية المطاف يموتون في خيام المنافي ، وعيونهم ترقب طريق عودتهم الذي أغلقه حكامهم الطائفيون بوجوههم . هل ُتصدق جماهير الكورد الفيلية في انتخابات ثالثة أن الطائفية هي الحل ؟ أم انهم جربوها في معسكرات لجوء الدولة الإسلامية ، ولم يجدوا عندها سوى الإذلال والإهانة ، وعند الحكام الذين منحوهم ثقتهم ، غير بيعهم للمليشيات المتناحرة على سرقة خيرات البلد ولتسليم الدولة لولاية الفقيه ..! ليس لي غير سؤال أهمس به ، بأذن كل الضحايا من الكورد الفيلية ، هل يلدغ المرء من جحر مرتين ؟؟؟! ولست مستعجلا لسمع الجواب ، أنتظره بعد الإنتخابات القادمة ..إن كتب الله لي ولكم العمر المديد..![/b]

47
خاطرة عن / حسن سريع ..وقطار الموت ..!!

 هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد


تحصيل حاصل ، إن قلت ، إن ما يعاني منه الشعب العراقي ، في الوقت الحاضر ، من جرائم قتل وموت بالجملة ، هو حصيلة لجريمة فاشية بشعة ، تمثلت في نجاح تحالف حزب البعث الفاشي العراقي ، والقوميين العرب ، مع المخابرات الأمريكية ، وشركات النفط ، في 8 شباط الأسود من عام 1963 ، لإسقاط النظام الجمهوري ، على الرغم من المقاومة الباسلة التي أبداها الشارع الوطني ، وتخلي الحكم عن الجماهير ، بعدم مدها بالسلاح للدفاع عن وجودها ، وعن المكتسبات التي حققتها الثورة لهذه الجماهير .
سقط نظام الحكم ، إلا أن الجماهير الشعبية ، رغم كل ما خسرته من قيادة وكوادر مجربة ، لم تهزم وبقيت روح المقاومة تسري كالنار تحت الرماد . السجون والمواقف المدنية غصت بالمقاومين الموقوفين ، أعدادهم كانت تثير الرعب في أفئدة الحرس القومي الفاشي وقياداته ، لذا كانت التصفيات الجسدية للموقوفين ، في النوادي الرياضية ومراكز الشرطة  حمامات دم أخرى ، نفذتها بوحشية ، لا وصف لها  قيادة الانقلاب الفاشية ، إضافة للمجزرة التي حصلت صبيحة يوم تنفيذ الإنقلاب . أما ما كان يجري في المواقف والسجون العسكرية ، فحدث ولا حرج ، فالفاشست اقتادوا الموقوفين ، من زنازينهم ، ليلا ، ومن بين رفاقهم واصدقائهم ، " للمواجهة " أو " للتحقيق " إلا أنهم لم يعودوا لمواقفهم مرة أخرى إلى " سجن رقم 1 العسكري " أو إلى " معسكر الهندسة " ، عندما كان يلعلع صوت الرصاص فجرا" ، " من ميادين الرمي في " معسكر الرشيد " ، مخترقا أجساد الضحايا الشهداء . هؤلاء الشهداء كثر ، يصعب عليً ذكر كل أسمائهم ، فالذاكرة عطلتها سنوات المنفى والقهر , وإن إنحفرت أسماء البعض منهم في عمق الذاكرة والوجدان ، أمثال العقيد خضر حسين الدوري ،!
عضو محكمة الشعب ، والملازمين المدفعيين المقاومين ، من مدفعية الفرقة الثالثة في معسكر سعد / بعقوبة صلاح ، ومجيد ، فهم عنوان شجاعة وصمود ، لكل من تلقى الرصاص بصدره وهو يهتف بحياة الشعب . ومسؤولية حفظ أسمائهم وتخليد ذكراهم ، هي مسؤولية الأحزاب والقوى السياسية التي انتمى إليها هؤلاء الشهداء الأبطال ، وبالذات الحزب الشيوعي العراقي ، لأن اغلبهم من عناصره وأصدقائه الذين لبوا نداء المقاومة ..!
صمود الموقوفين ، العسكريين والمدنيين ، في أماكن اعتقالهم مَثل موقفا" متحديا" ، للإنقلابيين الفاشست ، أثار في الشارع العراقي الوطني ، موقفا متضامنا مع المعتقلين ، وخصوصا موقف ضباط الصف والجنود الوطنيين ، الذين كانوا بتماس مباشر مع المعتقلين ، ومع قادة الانقلاب ، بحكم كونهم كوادر لقيادة الدبابات المستخدمة للتنقل إلى / من مقرات المسؤولين ، وإلى بقية المراكز الحيوية الأخرى ، وهم يلاحظون المعاملة المشينة التي كان يمارسها الانقلابيون ضد المعتقلين الوطنيين ، المعروفين بوطنيتهم وإخلاصهم ، وانحيازهم للجندي وضابط الصف في تحسين أمور حياته العسكرية والاجتماعية . بفترة قصيرة تشكلت ، وأُعيد تشكيل ، تنظيمات عسكرية ، ومراكز انقلابية متعددة ، ومنفصلة عن بعضها ، للإطاحة بقادة شباط الأسود وحكومتهم ، وبمبادرة شجاعة وغير مسبوقة ، أقدم عليها في 3 تموز 1963 العريف " الوطني " حسن سريع ، كادت أن تعصف بالنظام ، وهو يحمل على دبابته الرؤوس العفنة ، متوجها بها إلى " سجن رقم واحد " لإبدالهم بمن فيه من الوطنيين ، لولا " لمسات ومشاعر إنسانية " ما كان يعرفها جبناء 8 شباط ، كان يتحلى بها هذا القا!
ئد ، حالت دون تنفيذ ما صمم عليه ، وبالمقابل أدت إلى فشل انتفاضته ، ليكون رأسه ورؤوس رفاقه ثمنا لأحاسيس نبيلة ، يفتقر إليها َمنْ حاكموه ورفاقه ، الذين حكموا على الجميع بالإعدام رميا بالرصاص لينفذ بالحال ..
انتفاضة معسكر الرشيد ، الموسومة باسم قائدها ، العريف حسن سريع ، كان هدفها ، "سجن رقم واحد " العسكري لتحرير أكبر تجمع عسكري ـ مدني ، قادر على قيادة السلطة الجديدة ، وهذا ما كان الانقلابيون غافلون عنه ، وبفشلها تنبه قادة "شباط الأسود " أن كيانهم مهدد بالسقوط ، في كل لحظة ، طالما تحتضن العاصمة في قلبها أكبر تجمع للكوادر العسكرية في" معسكر الرشيد " وبداخل هذا المعسكر في " سجن رقم واحد " تربض قيادات ورتب عسكرية تحضى باحترام وتأييد قطاعات واسعة من الجيش ، لم يحسم ولاؤها للإنقلابيين ، وهذا ما قرروا أن يحتاطوا ويستبعدوا خطره ....
عندما وصلت دبابات الانتفاضة باب السجن ليلا ، وامتزج هديرها بلعلعة الرصاص ، اختلط الأمر على كل من في داخل هذا السجن ، فقائد السجن ، الرائد حازم الصباغ ، الملقب بالأحمر ، كان واحدا من أحقر الجلادين الفاشست الجبناء ، انتحر في الحال ، لاعتقاده أن الشيوعيين قادمون ، وهو فقط من كان يعرف كيف كان يتعامل معهم ، بكل خسة ، وجبن ونذالة ، لذلك فضل إلا يقع بأيديهم ويسومونه سوء العذاب ، والمعتقلون خلف قضبان زنازينهم الحديدية ، لا يسمعون سوى صوت الدبابات ولغط الجنود وأزيز الرصاص ، طيلة الليل ، وكل النهار بعد فشل الإنتفاضة ، لم يقترب أحد ما منهم ، ولم تفتح أبواب زنزانات المجموعات ، دون ماء أو زاد .أدرك جميع الموقوفين داخل هذا السجن ، نتيجة لهذه الإجراءات المتشددة ضدهم ، أن ما كانوا قد وعدوا به ، وما كان يصلهم من أخبار أثناء المواجهات العائلية ، من أن ساعة الخلاص آتية ، قد تلاشى وتبدد ، ولم يكن هناك من يعرف حقيقة ما يجري ، بعد أن اسُتبعدت كل طواقم الحراسة القديمة . الكل يحلل ويتكهن ، دون خبر يقطع الشك باليقين ، بعد غروب شمس الثالث من تموز ، تجمهرت كتل ، لم يرها المعتقلون من قبل ، يقال عنها بش!
رية ، مكفهرة الوجوه ، غائرة العيون ، لا ينطق لها لسان ، بغير كلمات حقيرة وبائسة ، أخرجوا كل مجموعات المعتقلين من زنازينهم ، تحت التهديد والوعيد والضرب بالعصي على الرؤوس والأعناق ، وفي صف طويل ، توجهوا بهم إلى سيارات حمل عسكرية ، بعد أن أوثقوا يد كل معتقل بيد رفيق له ، وعصبوا العيون بقماش اسود ، وكل من يسأل إلى أين ؟ تنهال عليه عصي غليظة من أيادي قوم أجلاف ، لاضمير ولا شرف ولا كرامة لهم ، يتساءل المعتقلون همسا" فيما بينهم إلى أين ؟ الجواب كان واحدا" : ربما إلى ميدان الرمي للإعدام .، .الرعب هو المسيطر على الموقف ، حتى تلك الوحوش الكاسرة كانت مرعوبة وخائفة ، أي بادرة أو إشارة من المعتقلين ُتفهم خطأ" منهم ، تؤدي إلى كارثة ، فسلاحهم يرتجف بين أيادٍ قلقة ومضطربة ، والإصبع على الزناد ..! تحركت القافلة ، وبعد مسير ليس طويلا ، توقفت السيارات في مدخل محطة قطار البصرة ، تنفس المعتقلون الصعداء ، إذن ليس إلى ميدان الرمي ، إنما لعربات حمل جديدة ، لا تصلح لنقل الحيوانات ، ُحشر في كل عربة أربعون معتقلا ، على أقل تقدير ، ومن داخلها فاحت رائحة غازات سامة تثير الغثيان ، نتيجة لحرارة شمس!
تموز اللاهبة وتفاعلها مع مواد نفطية طليت بها قاع وجدران عربات القطار
، في وقت سابق ، دقائق معدودة وتلاشت حاسة الشم عند الجميع ، كما هي حاسة النظر ، حيث أغلقت على الجميع رتاجات هذه الحاويات ، لينطلق بهم قطار ، أطلق عليه لاحقا ، " قطار الموت " لأن نتائجه كانت مدروسة بشكل دقيق ، من قبل القيادة الفاشية ، من أن الحمولة ( من المعتقلين ضحايا البعثفاشي )لا يمكنها بالمطلق ، مقاومة السموم المستنشقة ، المنبعثة من داخل الحاويات المحكمة الغلق ، التي ستشعلها حرارة شمس تموز بعد فترة وجيزة من شروقها ، لم يخطر ببال هتلر ونظامه محرقة متنقلة ك " قطار الموت " هذا ، ولم يكن هو ونظامه فقط من استخدم محارق الغاز ضد مواطنيه ، فالعراقيون عرفوا محارق غاز متطورة ومتنقلة ، على عهد نظام البعثفاشي ، إلا أن ضحايا هذه المحرقة عاش أغلبهم ، ليشهدوا على المجرم وجريمته ، وهم يروون أحداث انتفاضة ، قادها عريف عراقي وطني وشهم ، اسمه " حسن سريع " فشلت انتفاضة قادها ، بسبب إنسانية ومشاعر هذاالقائد ، وسيصف الأحياء لأحفادهم مشاعرهم وأحاسيسهم ، ليس مدة التوقيف أو السجن ، ولكن فقط مسار ليلتين عاشوها في رعب لا مثيل ، له إحداها في ليلة الانتفاضة ، في زنازين " سجن رقم واحد العسك!
ري " والأخرى في قاع " قطار الموت " الملوث .
ستقرأ الأجيال القادمة بتمعن ما سجله تاريخ العراق المعاصر من مآس ، لسيرة نظام فاشي ، انطلق في 8 شباط 1963 ، ولم يتوقف حتى اليوم التاسع من نيسان 2003، لتكنسه وقيادته ، نفس القوة التي جاءت به، إلى مزبلة قذرة ، لا زال هو وأعوانه يعيشون هوانها بذلهم وعارهم ..!

3 تموز 2006[/b]

48
علمانية الدولة ضمانة للديموقراطية ..!

هادي فريد التكريتي
عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد


مفهوم العلمانية ، عن قصد ، شوهه وحرفه المتعصبون من دعاة الحكم الديني ، لاستغلال مشاعر وعواطف المؤمنين من عامة الناس لأنه لا يخدم أغراضهم في الهيمنة على شؤون الدين والدنيا في وقت واحد ، بالرغم من أن العلمانية لا تسيء للدين في شيء ، بل تضعه في موقعه الذي يستحقه من القدسية في قلوب وأفئدة المؤمنين بالله ، وتصون مبادئه ، وتحمي أحكامه ، من متاجرة المتاجرين به ، من رجال دين مزيفين ، وسياسيين يسخرون الدين والطائفية ، أداة فرقة لتحقيق أغراضهم ، وأشباه هؤلاء كثير ، من العابثين بمصير الوطن ، الذين يلهثون خلف المال والزعامة ، هؤلاء ، كلهم ، لا تهمهم قيم الدين إن علت أو سفلت ، بقدر ما تهمهم تحقيق أغراضهم عن طريق الحكم الذي يحقق لهم حياة مترفة وعيش هني ، على حساب كدح ومعاناة الجماهير ، هذا ما كان ، عند تواطؤ رجال الكنيسة واللاهوت مع قياصرة وأمراء دول أوربا، في القرون الوسطى ، وما يحصل عندنا في الوقت الحاضر بعد زوال الدكتاتورية في العراق ، حيث ُتَسًعر الطائفية بشقيها ، الحقد والكراهية ، بين اتباع الدين الواحد ، في المجتمع العراقي ، فالدين والرب قد اختطفهما  المتاجرون بهما  ، وارتهنوهما  في!
 ما بينهم لمن يدفع فدية أكثر .
العلمانية كمفهوم يحرر الدين والرب من آسريه ، ويطلق حرية المؤمنين بأن يعبدوا الله بالشكل الذي يجب , وتحول العلمانية دون تدخل مؤسسات الدولة في انتهاك هذه الحرية ، كما هي ، أي العلمانية ، َتفِصل ، أو ُتفِرق ، بين علاقة المؤمن بربه ، وما عليه لله من حقوق ، وبين علاقة المواطن بدولته وماله من حقوق أيضا ، دون أن تتداخل هاتان العلاقتان مع بعضهما ، عن طريق وسيط في الدين أو في السياسة ، وهي كذلك ، أي العلمانية ، تمهد أرضية لنشوء حكم ديموقراطي حقيقي ، يضمن المساواة والحرية لكافة أفراد المجتمع ، على اختلاف طوائفهم ومعتقداتهم الدينية ،  وفئاتهم الاجتماعية ، وفوارقهم الجنسية ، لنيل الحقوق على أساس المواطنة ، وليس على أي شيء آخر .
الدين الإسلامي والخلافة الإسلامية منذ نشأتهما في الجزيرة العربية ، وانتقال الخلافة ، بعدئذ إلى الشام في العهد الأموي ، وإلى العراق في العهد العباسي ، كانتا متداخلين فيما بينهما ، فالخليفة هو الحاكم المدني ، كما هو القيم والمنفذ لأحكام الشرع ، فلا حرية  لفكر ولا حرية لمفكر ، خارج إطار الفقه والشريعة الإسلامية ، ما عدا بعض فترات ترف ، أو مرض ، معلومة من حياة بعض الخلفاء ، يتنازل فيها عن حقه لبعض الفقهاء في إمامة المسلمين ، أو الجلوس للقضاء ، وبعد أن اتسعت حركة نقل كتب العلوم والطب والفلسفة وعلم الكلام ، وازدهار ترجمتها من السريانية واليونانية والإغريقية واللاتينية إلى اللغة العربية ، أعطت مردودا لحركة فكريا وثقافية لم تعهدها عصور الخلافة من قبل ، كما هو الحال في عصر المأمون ، نتيجة لرخاء مادي وثقافي ، في هذا الوقت ، ازدهرت حياة الترف لخاصة الناس من القادة والأمراء ، وبعض الفئات القريبة من القصر والحاشية ، وعاشت الخلافة العباسية فترة مزدهرة في كافة جوانبها ، أفسحت في المجال ، أو قل أغضت الطرف قليلا عن التشدد، فبرزت تيارات فكرية وفلسفية وأدبية ، لم يكن مسموحا لها أن تنتعش وتزدهر!
  ، لو لم يكن الخليفة نفسه مشجعا له أو منخرطا فيها ، فتحرر الفكر نوعا ما من رقابة الدين ، ولفترة قصيرة ، إلا أنها كانت كافية لأن تبدأ بشحذ أذهان الكثير من المفكرين وتحررهم من هيمنة الدين وسطوة رجاله ، في التحليل والتحريم ، فبرزت أفكار لجماعات فكرية ، كثيرة ومتعددة ، تتعارض وتتناقض في طرحها وفهمها ، عما ورد في القرآن والسنة من رؤى الخلق ، والنشر والميعاد ، والجنة والنار ، وغيرها من منطلقات ما كان لها أن تبرز ، لولا هذا التلاقح الفكري الذي أوجدته حركة الترجمة والنقل ، والحرية الفكرية ، النسبية ، التي أطلقها عصر المأمون ، وما كان يمكن ، أيضا ، أن تنوجد الكثير من المدارس الفقهية والفلسفية والعلمية  من طب وفلك ورياضيات وموسيقى وغيرها من علوم ، أغنت حياة الناس آنذاك ، وكانت أساسا لتطور الكثير من العلوم في أوربا  ..
 بعض تراخ في سلطة الدين وسيفه المسلط على رقاب المفكرين والمبدعين ، لفترة زمنية قصيرة نسبيا ، وكفه عما كان يمارسه من ضغط وإكراه ، على حرية الفرد وتحرره الفكري ، أدى إلى تنوع وازدهار حضاري ، لم تر المنطقة له مثيلا من قبل ، فكيف الحال لو رفعت عنه نهائيا ، وانشغل كلٌ في تطوير قدراته ورؤاه لخير المجتمع وتقدمه ؟ بالتأكيد كان يمكن أن تعود على الدين وعلى المؤمنين ، وعلى كافة المؤسسات الثقافية والعلمية وباقي مجالات الإبداع الأخرى ، بالإزدهار والتآخي ، بدلا" عن الإحتراب والتكفير بين أصحاب الدين والمذهب الواحد ، وبعد أن عادت سلطة الدين تمارس دورها الرقابي في الممنوع والمسموح ، واتهام المفكرين والمبدعين بالشعوبية والزندقة والتكفير ، تلاشى ألق المعرفة والعلم ، التحضر والبغددة من أرض الرافدين ، ليعم المنطقة كلها ظلام التجهيل والخرافة والشعوذة ، وهذا نتيجة لحكم الدين والدنيا في آن معا ، منذ زوال ما يسمى بالعصر الذهبي للدولة العباسية ، وطيلة سيطرة الحكم العثماني ، وحتى سقوطه ، كان العراق يعيش في مأساة التخلف والجوع والحرمان ، وإذ لاحت في الأفق حياة أفضل أمام العراقيين بتشكيل حكومة مدنية ، و!
 سن دستور مدني في بداية عشرينات القرن الماضي ،اتسم بطابع علماني خجول ، أقر ببعض الحقوق المدنية للمواطن ، من حريات خاصة وعامة ، إلا أن الدين وما طرأ عليه من تشوهات طيلة 1400عام كان يمارس دوره ، و تأثيره بارز ومشهود على مؤسسات المجتمع ، وفي مجالات كثيرة ومتعددة ، في التعليم والقضاء ومؤسسات المجتمع المدني ، بالرغم من تواضعها ، والموقف من المرأة وَتَمْيز الرجل عنها ، والانتهاك الفاضح لحقوقها ، والموقف من القوميات والأديان والطوائف غير المسلمة وعدم الإعتراف بحقوقها ، كل هذه الأمور وغيرها كان الدين يمارس سلطة القمع والتحريم عليها ، مما أعاق تنفيذ برامج التنمية الاجتماعية ، وحال دون تطور حياة مجتمع متعدد الديانات والطوائف والقوميات ، بشكل طبيعي وسليم .
التطور اللاحق بعد سقوط الملكية ، أثر سلبا على حياة المجتمع ومؤسسات الدولة ، فمنذ ثورة 14 تموز ومرورا بالانقلابات التي جاءت بحكم القوميين والبعث ، خلقت أوضاعا سياسية في العراق ، سيئة وغير مستقرة ، وعاش المجتمع بدساتير مؤقتة، وكثيرا" ما تم خرقها وإبطال مفعولها بقرارات استثنائية ، نتيجة لعدم وضوح رؤيا الحكم في شكل الدولة التي يسعى لتأسيسها ، لذلك كان نظام الحكم يمارس التضييق على الحريات العامة ، والخاصة ، مستعينا بالمؤسسة الدينية ،  منتهكا  حقوق المواطن ، فلا انتخابات حقيقية ، ولا حرية للرأي ، ولا يسمح بتشكيل أحزاب سياسية تمارس عملها خارج خيمة الحكم ورغبته ، وهذا ما أدى إلى نشوء دكتاتورية مطلقة بقيادة حزب البعث ، أشعلت نيران حروب داخلية وخارجية ، دمرت كل ما بناه الإنسان العراقي طيلة عشرات السنين ، ليسقط هذا النظام بغزو أمريكي ، يدمر كل مرافق الحياة العراقية ، التي لم يكن النظام الفاشي قادرا على تدميرها ، تحت شعارات زائفة وغير حقيقية ، بما فيها " بناء الديموقراطية في العراق " ، وبعد تجارب متعددة لأشكال الحكم ، وإجراء أكثر من عملية انتخاب برلمانية ، تمت صياغة دستور دائم ، أقره ال!
 شعب العراقي عن طريق استفتاء عام ، نال موافقة أكثرية الشعب العراقي ، صاغت مواد هذا الدستور وأخرجته بشكله النهائي ، هيئة مشكلة من قوى في الجمعية الوطنية ، يغلب عيها النهج الديني ـ الطائفي ، لذلك جاء متوافقا مع اتجاهات هذه الهيئة ، حيث أُعتبر" الإسلام مصدر أساسي للتشريع  .. " و ( ـ أ ـ لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام ) هذان النصان أحكما الحلقة حول نظام الحكم واستبعاده من أن يكون نظام حكم علماني ، يسعى لتحقيق الديموقراطية ويحقق الحرية لإقامة مجتمع مدني متطور ، وبعبارة أخرى ، توجهات هذا الحكم باتجاه فرض حكم ديني ـ طائفي ، يغلق منافذ الحرية والديموقراطية والمساواة ، أقوى احتمالا من التوجهات الديموقراطية المقيدة بعدم التعارض مع ثوابت أحكام الإسلام ، وهي كثيرة وتكاد ومتعددة الأشكال والصور ، وهذا يعتبر نكسة خطيرة وتراجعا عن المفاهيم الديموقراطية وحقوق الإنسان ، قياسا على ما كان عليه أول دستور للحكم الوطني قبل أكثر من ثمانين عاما ، والدساتير المؤقتة التي صيغت بعد سقوط الملكية ، خصوصا عندما تكون النزعة الطائفية على أشدها ، وتساندها مليشيات طائفية مسلحة ، خاضعة لقوى وأحز!
 اب دينية ـ طائفية ، تأتمر بأمرها ، و تمارس الإرهاب والقتل كما هي عليه
الحال في الوقت الحاضر .
 الدستور نص على الحريات الديموقراطية ، وحق تشكيل منظمات المجتمع المدني ، وحق ممارستها يصونه الدستور للمواطن ، وفق الضوابط الإسلامية !، إلا إنه يطلق الحرية لوزير الدفاع الحالي ( ربما وفق هذه الضوابط )، بأن يهدد بالقضاء على الشيوعية ، على الرغم من أن الحزب الشيوعي العراقي له ممثلين في البرلمان ومشارك في الحكم بوزير ، لكنا لم نجد من يحاسب هذا الوزير أو يسائله عن تصريحه هذا والأسباب الموجبة له ، ويقول له :  موقفك هذا ينتهك الدستور ومواده ، التي ضمنت حقوق المواطنين المدنية ، وحرية منظمات المجتمع المدني ، بما فيها الحزب الشيوعي العراقي..!.
الدستور ومؤسسات الدولة كلها ، بما فيها ، هيئة الرئاسة ، والمجلس النيابي والسلطة القضائية والتنفيذية ومؤسسات المجتمع المدني كلها على المحك في هذا الموقف ، وهذا أول امتحان لهذه المؤسسات لتبيان موقفها من هذه القضية المعادية لصلب الديموقراطية التي ضمنها الدستور ، التي ينتهكها الوزير ، عضو في اللجنة التنفيذية ..!

لا يصلح نظام حكم للعراق غير الحكم العلماني ، لتعدد دياناته وطوائفه ، فأن لم يكن الأمر كذلك ، فكل حديث عن ديموقراطية ومساواة المواطنين أمام القانون ، يعتبر باطلا . الدستور يقر حق أي مواطن ، بالمطلق ، رجلا كان أم امرأة ، دون تحديد لدينه أو معتقده أو قوميته ، أن يعتلي أعلى منصب في الدولة ، وفق حيازته على المؤهلات المطلوبة ، فهل يحق للمواطن الغير مسلم أو للمواطنة العراقية أن تتسنم منصب رئاسة الدولة ؟ فإن كان القول نظريا بنعم ، فهل ُيَجوُز الإسلام هذا ؟ لا شك أن الضوابط "الإسلامية " التي تقيد حقوق المواطن ، تعتبر انتهاكا لهذه الحقوق ، وعلى المدى البعيد تشكل هذه الضوابط بؤر احتقان في المجتمع ، تراكماتها تعود بنا القهقرى لظهور دكتاتوريات من نوع جديد .

 العراق ، كالكثير من الدول العربية لها دساتير تشرع لضمان الحريات الخاصة والعامة في المجتمع ، وبعضها تدعي علمانية الدولة ، إلا أن الواقع هو غير ذلك ، فالعلمانية تتطلب فصل الدين عن الدولة ، فعلا لا إسما ، وعدم تدخل الدين في شؤون الدولة ، وهذا غير موجود ، فكثيرا ما يهرول الحكام إلى مرجعيات الدين ، طالبين فتاواهم ومباراكاتهم وإضفاء صفة الشرعية الدينية على انتهاكهم  لحقوق مواطنيهم ، والتغاضي عن خرق مبادئ ومواد الدستور ، من أجل أن يستبدوا في مناصبهم والبقاء في كراسيهم لأطول قترة ممكنة ، فالتعاون قائم على قدم وساق بين مؤسسات الدين ومؤسسات الحكم وقواه الأمنية ، وكل منهم يحتاج الآخر لفرض سلطته وديمومة تأثيره ،  لهذا لم نر تقدما وازدهارا لهذه المجتمعات ، على الرغم من وفرة الثروات الطبيعية  ، وتواجد العقول والأيادي العاملة ، إلا إن الواقع يؤشر على قمع سياسي بالغ الخطورة ، وتضييق على الحريات العامة والخاصة ، أدى إلى تزايد هجرة هذه العقول والأيادي إلى خارج أوطانها ، ليس طلبا للرزق فقط ، بل طلبا للحرية وللأمان المفقود في هذه الدول ، واستغاثة من جور حكامها وظلم أنظمتها ، في القمع السياسي و!
 الفكري ، ولجم الصحافة وحرية التعبير ، والتهديد بالقتل للمفكرين وأصحاب العقول العلمية ، فالتضييق على مجمل حريات المجتمع المدني ، كلها أمور تساعد على تدهور الحالة الاجتماعية والمعاشية للمواطنين وتزيد من بؤس الحياة العامة ، الحاضنة الأساسية لقوى الإرهاب ، الساعية لتدمير المجتمعات ، عن طريق فرض أفكارها المشحونة بالتطرف الديني والطائفي البغيض ، والدولة بكل مؤسساتها الحاكمة ، لن تكون بمنجى عن هذا الواقع الذي ساهمت وتساهم في خلقه ، عن طريق الخلط بين مؤسسة الدين والسياسة ..!

25 حزيران 2006[/b]

49
ثورة العشرين ..وواقعنا الراهن ..!

هادي فريد التكريتي

(من اتحاد الكتاب العراقيين في السويد )


احتلال العراق من قبل القوات البريطانية ، أثناء الحرب العالمية الأولى ، كان نتيجة لاندحار القوات التركية وتراجعها أمام القوات البريطانية ، وطيلة فترة الحرب وتواجد قوات الاحتلال البريطانية على الأرض العراقية ، كانت الحكومة البريطانية تنشر وعودها ، على مختلف المستويات الوطنية والدولية ، بتصميمها على تشكيل حكم وطني للعراق ، ومنحه استقلالا سياسيا . بعد انتهاء الحرب ، نكثت كل دول الحلفاء ، ومن ضمنها بريطانيا ، بعهودها التي قطعتها لشعوب المنطقة العربية ، فكانت ثورة العشرين هي الرد الحاسم على قوات الاحتلال البريطاني

إن الميزة التي تميزت بها ثورة العشرين ، كون قادتها رجال دين وشيوخ عشائر ، لم يعلنوا عن هوية لهم ، غير الهوية الوطنية العراقية ، وساهم في إدارة الصراع ، قبل الثورة وبعدها ، شخصيات عراقية وطنية ، مساحة حركتها مثلت العراق كله ، بكل أطيافه وتقسيماته ، القومية والدينية والمذهبية ، وعندما فشلت الثورة ، كان جزاء الثوار والداعمين لها السجن والنفي والإبعاد ، دون تفريق أو تمييز بين شخصية وطنية وأخرى دينية ، على أساس قومي ـ عنصري ، أو ديني طائفي ، فالكل عراقيون ووطنيون ، ساهموا من اجل حرية واستقلال الوطن . فشل ثورة العشرين وعدم تحقيق أهدافها الوطنية التي قامت من أجلها ، لم يكن سببه عدم كفاءة الثوار وقيادتهم ، مقارنة بعدد ومقدرة ، ما كان عليه جيش الاحتلال الإنكليزي ، من تسليح وتجهيز ، فرغم أهمية هذا الواقع على أرض المعركة ، إلا أن الثوار كانت لهم انتصاراتهم على جيش الاحتلال ، في مواقع كثيرة ومتعددة ، تشهد عليها الرارنجية وأرض الدليم ، التي جسدتها أهازيج الثوار ، من بعضها ' الطوب أحسن لو مكياري ' و ' جلينا من ذبح الصوجر ' كما فشلها لم يكن نتيجة خطابها السياسي ، فعلى العكس من هذا تم!
 يز خطاب الثورة والثوار الموجه للعراقيين بالوطنية ، دون أدلجة فكرية وسياسية ، ولم يكن معبرا عن توجهات قومية ـ عنصرية أو دينية ـ طائفية ، وهذا ما حقق للثورة إجماعا وطنيا تفتقر إليه الكثير من ثورات القرن الماضي ، الخلل ونقطة الضعف التي أدت إلى الفشل ، هو عدم قدرة الثوار على صياغة برنامج وطني ـ سياسي يؤسس لتشكيل دولة حديثة ، يكون بديلا عما تريده وتفكر به إدارة الاحتلال .

التاريخ يسطر ما جرى في الماضي ، ويترك الدراسة والتحليل لعبره ونتائجه للأجيال اللاحقة ، وما يحصل لنا في عراق ثورة العشرين ، من مآس رهيبة ، وجرائم فضيعة ، وويلات خربت البلد ودمرت الشعب ، بعد أكثر من ثمانين عاما من تلك الثورة الواعية والحكيمة ، رغم فشلها ، قادت الشعب إلى وحدة حقيقة ، أذهلت إدارة الإحتلال وقيادته ، فتجاهل التاريخ ، وجهل قراءته ، قراءة واعية ، أو عدم قراءته أصلا ، يفسر الفشل الذي أحاق بالقوى السياسية العراقية المتصدرة لحكم العراق ومعالجة التردي الحاصل ، فما غاب عن ثورة العشرين وقيادتها الوطنية آنذاك ، تغيبه قسرا دولة المحاصصات الطائفية والعنصرية ، إلا وهو المشروع الوطني البديل لحكم النظام الفاشي ، وبديله المنفذ حاليا ، هو مشروع طائفي متخلف يحقق للمحتل كامل أهدافه التي توخاها من احتلاله العراق ، وحقق للعراق وللعراقيين ، فتنة طائفية سوداء ، عجزت عن تحقيقه قوات الإحتلال البريطانية ، أثناء احتلالها للعراق ، وحتى بعد فشل ثورة العشرين . وليس مصادفة أن تناط مهمة بدء احتلال العراق وحماية جنوبه بالقوات البريطانية ، فهي لتذكير العراقيين ، بأن أسباب فشل الاحتلال البري!
 طاني للعراق ، ما عادت هي الأسباب نفسها التي تؤرقهم ، فالطائفية التي عجزت قوات الاحتلال البريطاني عن إشعال أوارها آنذاك ، تؤججها اليوم وتغذيها ، وتنفذها ، قوى قومية ودينية عراقية ، ومشاريع المصالحة الوطنية يجري تفريغها من محتواها الوطني ، وهدفها الإنساني ، فبين العراقيين تاريخيا ـ وثورة العشرين شاهد على هذا ـ لم يكن هناك تناحر طائفي ، بل على العكس ، سلم ووئام ومحبة ، وإلا ما كانت هناك علاقات حب وزواج عادية ، وصداقات وشيجة ، وعلاقات إنسانية أخرى كثيرة ومختلفة ، تحققت بين شيعة وسنة ، ولما كان هناك من سكن وتنقل مواطنين للعمل ، جري آنذاك ، وفي كل العهود من الحكم الوطني ، بكل حرية في كل المناطق المختلفة من العراق دون تمييز ، يجري ترحيلهم اليوم إلى مناطق اغتراب إنسانية ، وفق مخططات طائفية مصحوبة بفتاوى لقيادات غبية وجاهلة .العراق وشعبه لا يحتاج لمصالحة بين مواطنيه ، المجبولين ، بداهة، على المحبة وعمل الخير ، ما يحتاج المصالحة ويفتقر إلى صحوة الضمير ، هم قادة الحكم الطائفي بشقية ، السني والشيعي ، المتعطشة للسلطة وللجاه وللإثراء السريع ، وهي نفسها تقود هذه المليشيا!
 ت المتناحرة باسم القومية ـ العنصرية والدينية ـ الطائفية ، المتسببة في
الحالة البائسة والمتردية التي يشهدها العراق ، والضحايا هم أبناء الشعب العراقي الذين;يقع عليهم القتل والدمار .

السيد المالكي ، رئيس الوزراء ، يفرغ مبادرته من أي إطار لتحقيق نجاح ما : ـ أولا ، بسبب معارضة أغلب عناصر كتلته البرلمانية على هذه المبادرة ، أسوة بما هو عليه الحال من مؤتمر الوفاق ، الذي عقد في القاهرة ، وثانيا : لم تطرح هذه المبادرة على مؤتمر عراقي ، يضم مختلف القيادات السياسية والكتل العراقية الوطنية والقومية والدينية ، بمختلف طوائفها ، والقوى المستقلة الأخرى ، المساهمة في السلطة أو من خارجها ، لمناقشتها وللإستماع إلى ردود أفعال الحضور والمشاركين ، إنما أوكل الأمر وفق ما أعلنه المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء : ( ' للهيئة الوطنية العليا ' لإدارة مشروع المصالحة والحوار الوطني وللقوى السياسية أن تقدم وجهات النظر والآراء والمقترحات للمساهمة في إنجازها ) دون أن يعلمنا عن قوام هذه الهيئة وتشكيلتها ، سوى اسم السيد أكرم الحكيم ، الذي هو لا يخرج عن طور ومقاسات الطائفية ، ورؤيتها للمصالحة وفق منظور يتماشى مع الكتلة التي جاءت بالسيد المالكي إلى رئاسة الحكومة ، والسيد أكرم الحكيم إلى الوزارة ، ورئيسا لهذه الهيئة . وثالثا : التعتيم على القوى التي ترغب بالمصالحة ومكوناتها ، وهذا ما يلحق ضر!
 را كبيرا بمصداقية المبادرة ، ويجعلها حوارا بين شياطين وأشباح لتهديد الشعب العراقي وإلحاق الرعب في قلبه ، من أجل تنفيذ مخططات طائفية لاحقة . كشف الحوار ورفع اللثام والأقنعة عن المتحاورين ومطاليبهم والأهداف التي يرمون إليها هو السبيل إلى مصالحة حقيقة وليس العكس ..

رابعا ، ما يجب ان تبدأ به ' المصالحة ' وقبل كل شيء ، هو إنهاء أي دور وأي قدرة لنشاط المليشيات الطائفية ، من أية جهة كانت . فالسيد المالكي ، وضع يده على الجرح الحقيقي الذي يعاني منه الشعب العراقي ، وشخص بوضوح وشجاعة ، الدور الذي تمارسه المليشيات في عدم استقرار الأوضاع الأمنية في العراق ، فهو خير من يخبرنا ، لأنه من أهلها ، عندما قال ' لا نتصور استقرارا أمنيا مع وجود المليشيات ..' فعلينا أن نصدقه ، وهي فعلا العقدة الحقيقة لاستقرار الوضع الأمني والمعاشي للشعب العراقي ، وبدون هذا يبقى الحديث يدور في حلقة مفرغة ، عن كل المشاكل التي تحيط بالعراق وأهله ، والتي تجاوزتها ثورة العشرين بدهاء وفطنة ، ونفاذ بصيرة ، وعمق وطنية قادتها الأبرار ، رضوان الله والخلق عليهم ..

30 حزيران 2006[/b]

50
لحية العنزة ..والسروال الشرعي ..!
[/size]

هادي فريد التكريتي

الإرهاب الذي يجتاح العراق ، لم يبق للمواطن ، مساحة حياة اعتيادية يمارسها ، فيها بعض فرح أو سرور ، فجرائم القتل على الهوية ، والتفخيخ والتفجير ، تجري على قدم وساق ، في كل مكان ، وفي كل وقت ، بحيث لم تترك مجالا للشك ، من أن القائمين بهذه الجرائم ، قد فقدوا كل إحساس بالقيم الإنسانية ، ناهيك عن قيم الدين والمذهب الذي ينتمون إليه ، فهؤلاء القتلة ، تجردوا من كل مشاعر بشرية تربطهم بالمحيط الذي ينتمون إليه ، نتيجة غباء وجهل ذاتي من جهة ، وتوجيه ديني منحرف ، متخلف ومضلل من جهة أخرى ، فاختلطت على هؤلاء القتلة باسم الدين والشرع ، مفاهيم وقيم الحياة ، ومفردات السلوك اليومي مع الآخرين ، فما عادوا يفرقون بين الإنسان والحيوان ، في فرض وإلزام أحكام شرع الله على الآخرين ، بدعوى مسؤولية تنفيذها نيابة عن الله ونبيه ، ففي خبر مؤكد نقله صديق تلفونيا ، بأن فراش مدرسة ابتدائية للبنات ، في إحدى القرى التابعة لمحافظة ديالى ، قتل من قبل عناصر إسلاموية ـ طائفية بعد أن أنذروه ، لسوء سلك متعمد وفاضح .لعنزتين يمتلكهما .! والقضية كما روتها مديرة المدرسة كالآتي : " الفراش من سكنة القرية ، متزوج وله طفلتان ، يعيش هو وعائلته بالقرب من المدرسة ، لحماية وخدمة المديرة وأحدى المعلمات ، هذا الفراش يمتلك عنزتين جميلتين ، يسد بحليبهما حاجة بنتيه والمعلمات ، يطلق سراحهما ترعيان في المنطقة القريبة من المدرسة ، وفي أحيان كثيرة يلهو الصغار معهما ، وكان سعيدا بمرح ولعب الأطفال وهو يرقبهم مع عنزتيه . قبل قتله بأربعة أيام ، جاءني مرتبك الحال ، بين ضاحك ساخر ، ومرتبك خائف ، وهو يحمل رسالة ترتجف في يده ، قائلا : هل تصدقين أم ستسخرين مني ؟ قلت ما الأمر ؟ قال وجدت هذه الرسالة معلقة برقبة إحدى العنزتين ، وفيها تهديد بقتلي إن لم ..؟ قلت أكمل إن ماذا ؟  قال لا أستطيع ...أمر مخجل أن أتحدث معك به ..أخذُت الرسالة من يده وبدأت بقراءتها ، تسمرت عيناي على كلمات تهدد بالقتل " ننذرك خلال ثلاثة أيام ، عليك إن تتدبر حفظ عورة العنزتين وتلبسهما سراويل شرعية ، وإلا سنقتلك ." ضحكت من هذا الطلب ، وقلت إن في الأمر مزحة من تلاميذ المدرسة ، فهل من المعقول أن يصل الهوس الديني إلى الحيوانات ..؟ فقلت له ماذا أنت فاعل ؟ قال وهل من المعقول أن أفعل هذا ، إن فعلت ، سيقول الناس عني أصابه مس من الجن ، وسأكون موضع سخرية واستهزاء رجال القرية ونسائها ، وحتى الأطفال سيعتقدون بأني قد جننت ..! بعد أربعة أيام تسللوا ليلا لفراشه وقتلوه ، فهل من يصدق هذا ..؟ "

البارحة كنت أتصفح ما تكتبه المواقع الألكترونية من أخبار ومقالات على مواقعها ، وقرأت مقالا طريفا للسيد مهدي قاسم ، بعنوان " ومضات خاطفة ، العقلية العربية ولحية العنزة " المقال باختصار ، حوار حول العقلية العربية وإمكانية تطورها ،  يدور بين فيلسوف وحكيم ، يتمخض عن رهان بينهما ، فالفيلسوف يراهن على إمكانية التغيير ، منطلقا من قدرة العقل على استيعاب المعلومات المعرفية عن طريق التعليم " ومنجزات المعارف والعلوم والثقافة والفن .." والحكيم قد أصدر حكما بعدم قدرة العقلية العربية على التطور لمواكبة ما يجري في العالم ، منطلقا من مبدأ الواقع والمعايشة ومدى تقبل العقلية العربية ، أو رفضها ، للآخرين والتفاعل معهم " بحكم خبرته وتجاربه وثقب نظرته العميقة والنفاذة ، قد أبدى شكه الكبير في إمكانية حدوث تلك المعجزة ، معجزة تغيير العقلية العربية الراسخة بثوابتها المتكلسة .." في نهاية المطاف تتحقق شكوك الحكيم ، المبنية على التجربة ,ومتابعة الواقع ، الموسوم بتخلف العقلية العربية وعدم مسايرتها للتطور ، ويخسر الفيلسوف الرهان ويقر بهزيمته لانشداد العقلية العربية لماضيها ، المتمثل ب " بلحية العنزة " ، وعاطفيتها ـ العقلية العربية ـ المتمثل بالبكاء بحرقة على فراق عنزته ، وعدم قدرة " تلميذ الفيلسوف " على تجاوز ماضيه أو نسيانه للفترة التي قضاها مع عنزته ..!
سبحان الله ، هل تبقى " العنزة " قدر هذه الأمة ، التي يقال عنها ( خير أمة أخرجت للوجود ) ..! فإذا كانت العقلية العربية ، بحد ذاتها ،  ميؤوس من تطورها ، رغم كل القدرات المادية والعلمية المتاحة لتطورها ، وإمكانيات العصر المتوفرة لانتقالها إلى مواقع انسانية أفضل ، فكيف الحال إذا ما أضفنا لهذه العقلية ـ العربية ـ ما أسبغه وأشاعه حملة الفكر الإسلاموي ـ التكفيري المضلل ، والعقلية الطائفية التي ترفض العيش والحياة ، إلا بالعودة لما قبل أكثر من 1400عام ، بكل ما في هذه الحقبة من ممارسات شائنة ، على عقلية المجتمعات العربية والإسلامية ، من شعوذة وضلالات وتزوير وبهتان وكذب وتزييف وتدليس ، ليست لأجيالنا ولعصرنا يد في صنعها ، ولسنا قادرين على التخلص منها ، لأن القائمين على هذه العقلية المتخلفة ، بيدهم مقاليد الأمور ، ويصرون على معاكسة منطق الحياة والتطور ، ويجهدون أنفسهم ، بإصرارهم على تغيير حياة الناس وقناعاتهم ، ومحاولة غسل أدمغتهم ، وإقناعهم بالقوة والإكراه ، أن التحرر سبة ، وحرية العقل جريمة لا تغتفر ..! هل من المعقول ، أيها القائمون على الدين ومذاهبه وطوائفه ، أن  ُيقتل إنسان لأن عنزته ، تسير مختالة ، كما خلقها الله وأراده لها دون " سروال " شرعي ، والبشرية تغذ السير نحو مستقبل دون حدود لتحرره وحريته وديموقراطيته ، ما يريده منا الإسلاميون والتكفيريون وطوائفهم من دعاة " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " في " بلاد العرب أوطاني " أن ننحدر إلى مهاوي التخلف والانحطاط ، أكثر مما نحن عليه وفيه في ظرفنا الراهن ، لتسود عقلية الراعي المتخلف الذي تستفزه جنسيا " عنزة " في مجتمعه خلقها الله حرة ! ولله في خلقه شؤون ..!

20 حزيران 2006 [/b]

51
الحكومة وخططها  الأمنية ..والمليشيات ..!
[/color][/size]

هادي فريد التكريتي
تجتاح العراق بعد مقتل الزرقاوي ، موجة من العنف ، في مناطق مختلفة من العراق ، كما في كربلاء والعمارة والبصرة والأعظمية وبغداد وكركوك وبعقوبة والمقدادية ، وكثير من مدن عراقية أخرى ، ويعتقد البعض ، من رجال الحكم ، كالسيد موفق الربيعي مستشار المن القومي ( ..أن مقتل الزرقاوي نهاية تنظيم القاعدة في العراق ..) ، وكأنما الإرهاب ، وكل ما يمارس في العراق من جرائم قتل وتفجير وحرق وتفخيخ ، هو من عمل الزرقاوي وتنظيمه ، ويسكت عن الإرهاب وأدواته التي تمارسها قوى تستظل بظل الحكومة والأحزاب الحاكمة ، فالقتل وإشعال الحرائق في مدن عراقية كانت آمنة نسبيا ، حتى وقت قريب ، يثبت خطل وخطر هذه التصريحات على العراق والوحدة العراقية ، لأنها تصريحات مضللة ، تتستر على قوى لا تختلف في جرائمها ، عما أحدثته ، وتحدثه فصائل الزرقاوي وفصائل " المقاومة الشريفة " من أتباع النظام الفاشي الساقط ، وجماعات حارث الضاري وبعض العنصريين من القوميين العرب ، وعندما يسأل السيد موفق الربيعي عما بحوزته من وثائق تكشف عن نهاية " تنظيم القاعدة " عثر عليها في المنزل الذي قتل فيه الزرقاوي ، يقول " الحكومة العراقية عثرت على وثائق كثيرة ، وإنها ستقوم ـ أي الحكومة ـ بالكشف عن هذه الوثائق في وقت لاحق .." والسيد الربيعي وهو مستشار الأمن القومي ، يتعمد التضليل ، ويتجاهل عدم ثقة الشعب بوعود رجال الحكم ، وهو يعرف أن هذا الكشف الذي يعد به لن يحصل ، بدليل ما سبق من عدم تنفيذ لما وعدوا به ، فمنذ عهد الجعفري ، تشكلت لجان للتحقيق في أمور تسببت في جرائم خطيرة وكثيرة ، وحتى اللحظة لم يكشف عن نتائجها ، ولن تكن هناك قدرة من حكم طائفي يعتمد المحاصصة الطائفية والعنصرية في تركيبته الكشف عن مثل هذه الجرائم ، لأنها وبصراحة ، جرائم عناصره ، ولأنها تتعلق بمليشيات ألأحزاب التي تشكل مفردات الحكم ، وكل ما ارتكب من جرائم فضيعة هي من صنع هذه المليشيات ، والسيد الربيعي لا يجهل هذا الواقع ، إلا أنه غير قادر على لوك الحقيقة ، ناهيك عن كشفها ..! وتأسيسا على هذا الواقع ، يمكن القول : أن مصير وثائق الزرقاوي والكشف عنها ، ليست بأفضل حال من نتائج اللجان التي شكلها الحكم .!

السيد رئيس الوزراء ، نوري المالكي ، أثناء ترشحه لرآسة الوزراء ، كان قد شخص بشكل صائب ، سبب فلتان الحالة الأمنية في العراق ، لأنه كان يعرف الحقيقة ، وعن قرب ، سبب الداء وأين يكمن الدواء ، لأنه جاء من رحم تشكيلة أحزاب الحكم الطائفية ، ويعرف حقيقة الأسباب المغيبة وراء فشل حكومة ، زميله الجعفري ، في معالجة الملف الأمني العراقي ، فهو الشخصية الثانية في حزب الدعوة ، ومن أقرب العناصر إلى رئيس الوزراء السابق ، ومثلما يقول المثل الشعبي ( يعرف البير وغطاه ) ، لذلك أعلن قبل تشكيل حكومته ، عن رغبته الجادة في حل كل المليشيات الحزبية ، ولا سلاح غير سلاح الدولة ، وكل الأسلحة الأخرى حرام ، إلا أن هذا الشعار قد ُغيب بعد تشكيل حكومته ، وخطاب تشكيل الحكومة وبرنامجها السياسي قد خلا من حل المليشيات ، مما أضعف خطابه ، وأضفى ضبابية على مصداقيته ، على الرغم من أنه أعاد الطرح ، مؤخرا على استحياء ، في معالجة هذا الملف ، الذي حضي ، ويحضى ،  بمعارضة قوية من أمراء المليشيات الطائفية وقياداتها المؤثرة في الحكم وتشكيلة الدولة ، إلا أن أحداث البصرة ، التي فجرها صراع المليشيات المسلحة فيما بينها ، على خلفية السيطرة والاستحواذ على منافذ تهريب النفط ، والتي كادت أن تودي بفتنة طائفية بين هذه الفصائل ، وإمكانية سحب الصراع على كثير من مناطق تسيطر عليها هذه المليشيات ، مما استدعى ضرورة سفر السيد المالكي إلى البصرة لتهدئة الموقف ، والسعي لإيجاد حل لهيبة الحكم مع المليشيات ، التي أذلته وعرت فصائله ورموزه ،  بصراعها المكشوف على النهب وسرقة ثروات البلد ، وهذا ما ألقى بضلاله المعتمة على العلاقة بين فصائل الحكم الطائفية ، وما يجري حاليا في كربلاء : كما أوردته بعض المواقع الألكترونية ، ليس بمعزل عن هذا الواقع ، فاعتقال عقيل الزبيدي رئيس مجلس محافظة كربلاء ، وبنفس الوقت مسؤول اللجنة الأمنية ، وينتمي لحزب الفضيلة ، أحد الفصائل المساهمة في حكم الإئتلاف الشيعي ، ُيعتقل بتهمة دعم الإرهاب ، باعتباره قائدا بارزا لشبكة إرهابية ، وأصدر أوامره باغتيال مواطنين عراقيين ، وتقديم دعم مالي لمنظمات إرهابية ، وجهزها بعبوات ناسفة ..  كيف يستقيم أمر حكم إذا كان أعلى سلطة في المحافظة ، حاميها حراميها ؟  ومن هنا برز على الواجهة من جديد شعار حل المليشيات ، حيث كتبت  صحيفة كوردستان ـ تايمز الألكترونية يوم 16 حزيران  " وعد المالكي أيضا بحل المليشيات التي ينظر إليها العراقيون على نطاق واسع على إنها أقوى من قوات الأمن التابعة للدولة ذاتها  " ، وتصريحه هذا يؤكد من جديد أن لا أمن ولا استقرار للعراق ومواطنيه دون حل المليشيات .
 السيد وزير الداخلية الجديد جواد البولاني ، كان جريئا بعض الشيئ ، عندما وعد " بانه لن يكرر أخطاء الماضي عندما ربط عراقيون كثيرون سلفه بفرق الموت التابعة للمليشيات ...وإنه سيعيد تقييم ما حدث وأن وزارته لديها خطط سريعة لعلاج الأخطاء التي حدثت في أوقات وأماكن معينة ." فنقده كان صريحا ، ويحمل بين ثناياه إقرار تهم حقيقية لارتكاب جرائم ، قام بها سلفه ، لارتباطه بفرق الموت ، وهذا ما يستوجب التحقيق مع الوزير باقر صولاغ ، على الجرائم التي قامت بها هذه الفرق ، التي مارست الموت بحق العراقيين .
 العراقيون لن يأخذوا على محمل الجد تصريحات السيد الوزير الجديد ، جواد البولاني ، قبل أن يروا بأم أعينهم الإجراءات التي سيقدم عليها هو ووزاته من علاج ل " الأخطاء التي حدثت "   ومعالجة أصل الجرح النازف ، جراء الجرائم التي اقترفتها ومارستها المليشيات الطائفية سنية وشيعية ، حيث تعهد البولاني " ..بحل المليشيات القوية المرتبطة بالأحزاب السياسية .." سنرى والغد فجره لقريب ، آملين ألا يتراجع السيد الوزير عن تصريحاته أمام ضغوطات أمراء وقادة الإرهاب والموت . الخطط الأمنية للحكومة المزمع تنفيذها في بغداد أولا ، وعموم العراق ثانيا ، مهما كانت حصيفة ومحكمة ، مصيرها الفشل إذا لم ُتعَمد بحل كل مليشيات الطوائف ، التي تمارس إرهابها على المكشوف ، دون قانون يردعها ، أو سلطة تحاسبها..!..

 16 حزيران 2006   [/b]

52
المليشيات ..ووعود المالكي ..!!
هادي فريد التكريتي

اتسمت التشكيلة الحكومية ، منذ سقوط الحكم وحتى اللحظة ، بضعفها وعدم قدرتها على حكم وإدارة البلاد ، على الرغم من تواجد قوات الاحتلال وما قدمته من مساعدات ودعم لهذه الحكومات ، وبغض النظر عن الرؤية الأمريكية في كيفية التعامل مع الواقع العراقي ومشاكله ، إلا أنها كانت تصب في خلق واقع يتيح لقواتها وإدارتها في العراق ، التفرغ لتحقيق الهدف الذي جاءت من أجله ، إلا أن هذا لم يتحقق لها ، بسبب تعارض رؤيتها لتحقيق أهدافها مع مصالح الشعب العراقي ، أولا ، وبسبب تعدد وجهات نظر مراكز القرار العراقي ثانيا ، حيث تشكلت حكومات غير متجانسة ، لا شكلا ولا موضوعا ، مما أفقد رئيس الحكومة سيطرته على أداء حكومته ، وهذا ما ينطبق على رئيس الدولة ومكتب الرئاسة ، الشريك في رسم وتنفيذ سياسة السلطة التنفيذية ، مما أوجد حالة من عدم التفاهم والتناقض في تنفيذ القرارات التي سبق وان تم التفاهم عليها ، هذا الواقع أوجد خللا واضحا في أداء الحكومة ومعالج! تها للمشاكل التي اعترضت الحكم للفترة السابقة.

من أبرز المشاكل التي عانى ، ولا زال يعاني منها الشعب العراقي ، تفشي الإرهاب ، في مناطق مختلفة من العراق وإشاعته من قبل منظمات إرهابية قومية ـ عنصرية ، وإسلاميين تكفيريين من دول عربية وإسلامية ، تدعمهم قوى دولية عربية وإسلامية ، ومنظمات استخبارية لها مصلحة في زعزعة الوضع العراقي . الدولة فشلت في معالجة هذا الملف واحتوائه ، لأسباب كثيرة ، منها المزاوجة بين قوات الجيش وقوات الشرطة في وزارة الداخلية ، في التصدي للإرهاب ، وإشراك مليشيات الأحزاب العنصرية والطائفية في معالجة هذا الملف ، مما عمق من حالة الفلتان الأمني ، واطلق يد المليشيات بشكل رسمي في إشاعة الإرهاب في مناطق مختلفة من العراق ، فاصبح الصراع بين المواطن والميليشيات إلإرهابية ، بكل إنتماءاتها المتعددة ، والأشكال المختلفة لتسمياتها ، حيث التفجير والقتل المتبادل على الهوية ، دون محاسبة أو رقيب ، وتحت مظلة الدولة والحكومة ، التي انتمت مؤسساتهما المغتصبة بالإكراه لأحزاب طائفية ، وتتقاسمهما ميليشيات هذه الأحزاب ، التي هي بدورها تتنافس على مناطق النفوذ ، مما ضجت شكوى المواطن من هذه الجرائم في مناطق مختلفة من العراق ، دون قدرة من الدولة بشكل عام ، والحكومة بشكل خاص ، من على وضع حد لما يحدث ، سوى الإعلان عن تشكيل لجان للتحقيق ، لذر الرماد في العيون ، ولامتصاص غضب المواطن ، وهذا ما لم يعلن المسؤولون على الشعب العراقي شيئا عن النتائج التحقيقية لهذه اللجان ، التي أمرت بتشكيلها أعلى مستويات السلطة والحكم ، كما حصل في أحداث جامعة البصرة ، وجسر الأئمة وملجأ الجادرية وليس أخيرا تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء ، وهذا ما تتحمل مسؤوليته السلطة التشريعية السابقة ، والسلطتان التنفيذية والقضائية لعدم متابعتها للنتائج وإعلانها على الشعب العراقي .

بعد الانتخابات الأخيرة ، وقرار تكليف السيد نوري المالكي بتشكيل الحكومة ، أعلن المرشح الجديد :ـ أن من أولويات حكومته المزمع تشكيلها معالجة الحالة الأمنية ، والفساد المالي والأداري المستشري في البلد .واعتبر السيد المالكي حل الميلشيات لكل أحزاب القوى السياسية المساهمة في السلطة أو خارجها ، وتجريدها من السلاح ، أمرا من أولويات حكومته ، وهو المدخل الحقيقي لإشاعة الأمن ، وإحلال السلم الأهلي ، والقضاء على الإرهاب ، من منطلق أن السلاح لا يجب أن يكون خارج سلطة الدولة وقواتها المسلحة ، هذا الموقف من السيد المالكي ، جعل أغلبية الشعب العراقي تراهن على نجاحه في قيادة العراق ، والبدء بحل مشاكله التي يعاني منها ، تبدأ بأمن المواطن ، وشعوره بمتعة الحرية التي تحققت بعد انقضاء عهود الظلم والديكتاتورية ، إلا أن هذا الأمل بدأت تتلاشى مشاعر الإحساس به ، من قبل المواطن العراقي . لحظة الإعلان عن تشكيل الحكومة وقراءة السيد المالكي لبرنامج حكومته ، حيث عدد الكثير من النقاط التي تزمع حكومته القيام بها ومعالجتها ، إلا أنه أغفل حل المليشيات ومعالجة ملفاتها ، التي كانت مدار حوار مع السيد المالكي وتصريحاته السابقة ، هذا التراجع نأمل أن لا يكون السيد رئيس الوزراء الجديد ، المالكي ، حصل نتيجة لاستجابة ضغوط قادة المليشيات وأحزابها ، والأمر بصرف نظر حكومته عن معالجة أمر هذه المليشيات ، وغلق ملفات جرائمها ، التي ستحدد نجاح أو فشل المالكي في تنفيذ المهام التي تضمنها البيان الوزاري لحكومته ، فالحالة الأمنية التي يعيشها العراق عامة ، والبصرة خاصة ، التي استوجبت تشكيل لجنة للتحقيق برئاسة نائب رئيس الجمهورية ، عادل عبد المهدي ، لمعرفة أسباب التردي والصراع الحاصل هناك بين المليشيات . فلقاؤه ـ السيد عادل عبد المهدي ـ بمسؤولي منظمة بدر ، مؤشر له علاقة وثيقة بصراع هذه المليشيات الحزبية المتعددة الولاءات والإتجاهات الحزبية ، في السيطرة على المنافذ المتعددة لتهريب النفط من المنطقة الجنوبية ، وتقاسم عائداته بعيدا عن علم الحكومة وسيطرتها ،! فالنجاح والفشل في معالجة أمر المليشيات ، قبل غيرها من القضايا ، هو بح د ذاته أمر يحدد ويحسم قوة الحكومة وقدرتها على معالجتها للفساد المستشري بالبلد ، الذي اقر به المالكي قبل وبعد مجيئه للوزارة ، فهل هو قادر على تجاوز طائفيته ، ليحكم باسم العراق كله ، أم سيبقى رهين منصبه .؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة ، ومن يعيش سيرى ...! [/b][/size] [/font]

53
أمجاد نعاديها ..!
هادي فريد التكريتي

يتباهى كل العراقيين بكونهم ينتمون لأعرق بلد وجدت عليه أقدم الحضارات ، وبأنهم ورثة شعوب سومر وأكد وبابل ، التي تجذرت قومياتها بالآشورية والسريانية والكلدانية ، فمنذ سبعة آلاف عام ، وحتى الوقت الحاضر تحتضن هذه القوميات ، الوطن الأم ، وتضخ دماءها في أرض الرافدين ، وتتوارثه الأجيال منهم ، حيث أعطت للبشرية ، منذ ذلك التاريخ ، أول حرف ، وصاغت أول شريعة لقانون حضاري ، ينظم حياة مدنية لمجتمع متطور ومبدع ، وأبدعت هذه الشعوب فنونا إنسانية مختلفة ، من موسيقى ورقص ورسم ونحت ، وغيرها من فنون وعلوم العصر ، التي طبعتها بطابعها المميز ، الذي لا تفاخر به شعوب العراق فقط ، بل مثار إعجاب شعوب الأرض قاطبة .
شعوب العراق الأصلية ، المتمثلة بمختلف قومياتها القديمة ، وطوائفها الدينية المختلفة والمتعددة من صابئة 'مندائية ' وإزيدية وشبك ، هي أول من استوطن وعمًر أرض الرافدين ، وقدمت ولازالت تقدم الكثير من التضحيات لهذا الوطن ، فهل أنصفها الحكم الطائفي والعنصري ' الديموقراطي ' ؟ الأشوريون والكلدانيون ، إضافة للقوميات التركمانية والكورد الفيلية ، وباقي الطوائف الدينية المار ذكرها ، يشكلون نسبة كبيرة من شرائح المجتمع العراقي ، التي لحق بها اضطهاد قومي وديني ، على مختلف عهود تاريخ الحكم الوطني العراقي ، وكانت تلوذ بمقاومتها لهذا الاضطهاد في التوجه نحو الحركة الوطنية والديموقراطية العراقية ، المناهضة بطبيعتها للتمييز القومي ـ العنصري أو الديني والطائفي ، والانتماء سياسيا لأحزاب تعبر عن طموحات وأهداف وطنية مشتركة لكل شرائح المجتمع ، مع ضمان تحقيق حقوق متساوية لكل مواطن منتسب لهذه الأحزاب ، ولهذا السبب ، كانت الأحزاب السياسية ، القومية على مختلف توجهاتها والإسلامية بمختلف طوائفها ، تفتقر في تنظيماتها لأعضاء ينتسبون للقوميات الكلدانية والسريانية والآشورية والتركمانية والكورد الفيلية.
وكذلك الحال من طوائف الديانات غير المسلمة ، مسيحيين ويهود وصابئة مندائيين وإزيديين وشبك وغيرهم من الأثنيات الأخرى ، فعلى الضد من الأحزاب القومية والدينية ، كانت الأحزاب السياسية الوطنية العراقية، اليسارية والديموقراطية ، قد شرعت المجال واسعا أمام هذه القوميات والطوائف ، واستقطبتها في تنظيماتها ، لعدم تفرقتها بين قومية وأخرى ودين وآخر ، أي لم تجعل الانتماء القومي أو الديني والطائفي هو المعيار للإنخراط في هذا الحزب أو ذاك ، وإنما من شروط عضويتها للرجل والمرأة على حد سواء ، المواطنة والبلوغ ومناهضة الأفكار العنصرية والشوفينية والطائفية ، والإقرار بأهداف الحزب أو التنظيم التي تتضمنها وثائقه.
لذا نرى في تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي ، تتمثل الفسيفساء الوطنية بأجلى مظاهرها ، فمنذ بداية تشكيله ، كان يمثل كل القوميات والأديان والمذاهب ، وبنسبة أقل كانت تتمثل في التنظيمات الحزبية التي تنحو منحى ديموقراطيا ، ومن هذا المنطلق المتحيز والمجحف ، أقدمت حكومة المحاصصة العنصرية ـ الطائفية على تعديل قانون الانتخاب .
كان العراق عند أول انتخابات للجمعية الوطنية ، دائرة واحدة ، ساهم ، إلى حد ما ، في حماية الأقليات القومية والأثنية ، من جبروت سلطة واضطهاد القوى القومية ـ العنصرية والدينية الطائفية ، وأتاح الفرصة أمامها لجمع شملها ، وتوحيد كياناتها الصغيرة المتناثر ، على مساحة العراق كله ، في اختيار من يمثلها في المجلس النيابي الجديد.
إلا أن التعديل الذي ُأجري على قانون الإنتخابات ، بعد تجربة الإنتخابات الأولى ، جعل العراق دوائر مغلقة ، وبهذا أعاد السيطرة والتحكم للقوائم القومية ـ العنصرية والدينية ـ الطائفية على المناطق الإنتخابية مما ألحق خسارة وحيفا سياسيا بكل القوميات والطوائف ذات النزعات والتوجهات الوطنية والديموقراطية ، فقانون إدارة الدولة ، كان أكثر رحمة بهذه الشرائح من الدستور الدائم ، حيث نصت المادة الثلاثون ـ ج من قانون إدارة الدولة على : ( تنتخب الجمعية الوطنية طبقا لقانون الانتخابات وقانون الأحزاب السياسية ، ويستهدف قانون الانتخاب تحقيق نسبة تمثيل للنساء لا تقل عن الربع من أعضاء الجمعية الوطنية ، وتحقيق تمثيل عادل لشرائح المجتمع العراقي كافة وبضمنها التركمان والكلدوآشور والآخرون .)
أما الدستور الدائم فقد أغفل هذه الشرائح ولم يعد لها ذكر ، بل جعلها مساوية للكيانات القومية الكبيرة ، مما جردها من كل ما كانت يمكن أن تحصل عليه وفق قانون إدارة الدولة ، حيث نصت المادة 48 ـ أولا ، من الدستور الدائم ، ( يتكون مجلس النواب من عدد من الأعضاء بنسبة مقعد لكل مائة ألف من نفوس العراق يمثلون الشعب العراقي بأكمله يتم انتخابهم بطريق الاقتراع العام السري المباشر ، ويراعى تمثيل سائر مكونات الشعب فيه ) فالدستور الدائم حذف النص على تلك الشرائح واعتبرهم كباقي مكونات الشعب الكبيرة ، التي تتقاسم السلطة وفق مبادئ قومية عنصرية ودينية طائفية.
ولهذا أقدمت القوى الطائفية والعنصرية ، المتنفذة في مناطقها ، على تهجير غير الموالين لهم من الشرائح الأثنية والقومية الصغيرة ، من مناطق سكناهم ، كما حصل في البصرة والموصل ، وكما يجري من تهجير في الوقت الحاضر من مناطق أخرى ، تحسبا للمستقبل ، ولذلك ُزورت الانتخابات الأخيرة في الكثير من المواقع التي تتواجد فيها هذه الشرائح الوطنية الغير مضمونة الولاء .
أسباب هذا العداء لهذه الطوائف مرتبط بماضيها وانتماءاتها السياسية اليسارية ، الشيوعية والديموقراطية ، المناهضة للعنصرية وللطائفية ، فديموقراطية الطوائف خزين من الحقد لا ينضب ، والقادم أعظم ..!
حكم المحاصصة الطائفي ـ القومي وهو يخوض غمار تشكيل الحكومة ، وتوزيع الحقائب ، أدرك أن الفضيحة تلاحقه من تغييب شرائح وطنية مهمة ساهمت في بناء العراق ، وقدمت تضحيات جسيمة من أجل إسقاط النظام الفاشي ، إلا أنه لم يستدع ، أو لم يُشرك في الحوار لتشكيل الحكومة أيا من يمثل هذه الشرائح ، وحتى لم يتبادل الكبار ، الرأي مع أي عنصر من عناصر الكلدوآشوريين أو من الكورد الفيلية ، وهؤلاء هم من الذين قاوموا النظام وفاقت ضحاياهم ، أو لم تقل ضحاياهم عن أي فصيل آخر قدم ضحايا ضد النظام الساقط ، وكذلك الأمر بالنسبة للتركمان وللمندائيين والإيزيدية.
ولهذا في نهاية مطاف تشكيل الحكومة ، يصرح رئيس الوزراء المكلف السيد نوري المالكي بانه ، ' ستمنح وزارات للتركمان والأكراد الفيلية والمسيحيين في إطار الإستحقاق الوطني ' إلا أن الواقع يقول هل أبقى التهجير والقتل والتزوير إطارا للإستحقاق الوطني ؟
فلولا الخوف من فضائح خرق الدستور والإستهانة به ، وحبره لم يجف بعد ، لما تذكر المرأة وطالب القوى السياسية بتمثيلها في محاصصاتهم ، وهي التي َمْن تم تجاهلها ، ولم يكن لها من حضور وسط محادثات الذكور الكبار لتشكيل الحكومة ، فالواقع هي في نظرهم ، فضلة من سقط متاع ، يتذكرونه عند الحاجة له ، فالسيد المالكي كثًر الله من أمثاله : ' ..شدد على تمثيل المرأة بنسبة جيدة في التشكيلة الحكومية ، مشددا على القوائم المشاركة بضرورة ترشيح نساء لمناصب وزارية ..'
هذا الواقع ، ُيََذِكِر المرأة المنسية أن لها حقا بربع المجلس النيابي ، وبربع التشكيلة الوزارية ، فهل استشيرت المرأة بحق من هذه الحقوق ، وكيف ومتى ؟ والشرائح الوطنية من قوميات وطوائف غير كوردية أو عربية أو إسلامية ، بعد أكثر من خمسة أشهر من المداولات على تقسيم المناصب ، هل لهم من مكان يشغلونه وسط محفل مجالس القرش لتقاسم الحصص ؟ أمر لا يبشر بخير إن تغنينا بأمجاد نعاديها .![/b][/size][/font]

54
الطبقة العاملة .. و طموح حزبها السياسي ..!
[01-05-2006]
هادي فريد التكريتي

تحتفل البشرية التقدمية ، سنويا في كل أرجاء العالم ، بعيد الطبقة العاملة ، في الأول من أيار ، الذي أسس بداية وحدتها وصمودها أمام استغلال راس المال ، ووحشيته التي تميز بها ، على امتداد تاريخ صراعه الدامي ، بينه وبين الطبقة العاملة ، وبهذه المناسبة نزف للطبقة العاملة في كل مكان ، وللعربية على وجه الخصوص ، التهاني متمنين لها ، ولحلفائها ، وللأحزاب التي تنطق باسمها التوحد والتآخي ، لتحقيق ما تهدف وتطمح له وإليه .

ما كان للطبقة العاملة في أي مكان من العالم ، أن تحرز تقدما في نضالاتها ضد سلطة رأس المال المحلي ، ومؤسسات سلطة الدولة القمعية الممثلة له ، لو لم تبادر إلى تأسيس حزبها السياسي الذي يجسد أهدافها ويقود نضالاتها ، ليس من أجل تحقيق شروط افضل في ميدان العمل ، بل من أجل إقامة نظام حكم تتسيده ، وسلطة عمالية واعية بمسؤولياتها أما المجتمع ومؤسساته ، تقضي على كل استغلال تتعرض له . تحقق للطبقة العاملة الروسية هذا الهدف ، بثورة أكتوبر الروسية ، وتسنم الحزب الديموقراطي الاشتراكي الروسي قيادة المجتمع ، بقيادة لينين ، وتأسيس أول دولة عمالية ، تتبنى فكر وأهداف الطبقة العاملة . كانت التجربة رائدة ، ولأول مرة في التاريخ البشري ، يتحقق حلم لطبقة عاملة ، متحالفة مع طبقات المجتمع الفقيرة والمسحوقة ، بإقامة دولة للعمال والفلاحين ، كابدت البشرية قبلها آلام الظلم والقهر المليئة بالأحزان .

انتصار ثورة أكتوبر بقيادة حزب عمالي ، يتبنى الفكر الاشتراكي والماركسي ، مناهضا لرأس المال وجبروت دولته الاستعمارية ، وداعما لحركات التحرر العالمية ، من أجل نيل شعوب المستعمرات حريتها واستقلالها ، ساعد هذا الموقف على تأسيس أحزاب شيوعية في بلدان مختلفة ، تبنت أهدافا وطنية ، تنسجم ومرحلة تطورها ، وقدرتها على حسم الصراع مع الاستعمار ، من أجل استقلالها وتحررها الوطني .

في بداية العشرينات من القرن الماضي ، وعلى هدى ثورة أكتوبر ، تأسست أحزاب شيوعية ، في المنطقة العربية ، فلسطين ومصر وسورية ، تنطق باسم الطبقة العاملة ، متبنية النظرية الماركسية ، فكرا وأسلوبا ومنهجا ، في نشاطها الفكري والسياسي ، بغض النظر عن حجم وسعة الطبقة العاملة وتأثيرها الفعلي ، التي كانت آنئذ في بدايات تشكلها ونهوضها ، باستثناء مصر التي سبق وأن تأسست فيها مؤسسات صناعية ، وتنظيمات لنقابات عمالية سبقت الدول العربية ، كما تأسس الحزب الشيوعي العراقي في فترة متأخرة بعض الشيء ، عن بدايات تأسيس هذه الأحزاب .

الهدف البعيد ، غير المعلن ، من تأسيس أحزاب شيوعية باسم الطبقة العاملة ، هو بناء سلطة باسم الطبقة العاملة وتطبيق برامج حكم اشتراكية ثم شيوعية ، هذه هي الرغبة والطموح ، إلا أن الواقع الفعلي للنضال فكان يتمحور حول تنفيذ إصلاحات ديموقراطية تتمثل ، بجلاء الجيوش الأجنبية عن الوطن ، والتأسيس لحكم وطني ، وإقرار دستور يضمن حقوق المواطن وحريته ، ويقر الحريات الديموقراطية ، بما فيها تشكيل الأحزاب السياسية ، وتحقيق الاستقلال الناجز ، وإلغاء المعاهدات الاستعمارية غير المتكافئة ، وقد صاغ الحزب الشيوعي العراقي شعاره العتيد ، والذي لا يزال يتصدر جريدته المركزية ، " وطن حر وشعب سعيد " ملخصا أهدافه المرحلية التي يناضل من أجلها ، وفق ظروف آمنة ومستقرة ، إلا أن كل الحكومات المتعاقبة على دست الحكم ا! لعراقي ، لم يكن يعنيها أمر من حرية الشعب واستقلال الوطن ، بقدر ما كان يعنيها تحقيق مصالحها الفئوية الضيقة ، المرتبطة بدوام الأجنبي وتحقيق أهدافه ومطامعه الاقتصادية والسياسية .

تحقيق الاشتراكية والشيوعية ، لم يكن هو ما يشغل بال هذه الأحزاب في الظروف الحالية ، خصوصا بعد فشل التجربة السوفيتية ، وتفتت الأحزاب الشيوعية ، وظهور الكثرة من المنظمات التي تدعي تمثيلها للطبقة العاملة ، فما يشغل بال الأحزاب الشيوعية العريقة والقديمة ، وما تريد تحقيقه الآن ، هوالعودة على بدء الأيام الأولى لتشكيلها ، بعد الانكسارات والهزائم التي لحقت بالمجتمعات العربية ، جراء أنظمة حكم غير ديموقراطية ، قومية وطائفية ، قادتها ، ولا زالت تقودها ، بإمعان اضطهادها للحركة السياسية الوطنية عامة ، والشيوعية خاصة . فما تناضل من أجله الأحزاب الشيوعية حاليا ، يتمثل بإنجاز الثورة الوطنية والديموقراطية ، وتنفيذ برنامج وطني ، تساهم فيه كل القوى السياسية ، الوطنية والديموقراطية ، يقوم على رسم وتطبيق خطط وطنية طموحة ، كفيلة بتحرر المجتمع اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا من تبعية الأفكار الق! ومية ـ العنصرية والشوفينية ، وغلو أفكار التخلف الدينية ـ الطائفية ، التي أوجدتها برامج تلك الأنظمة المعرقلة لأي تطور أو تقدم .

الأحزاب الشيوعية العربية ، وخصوصا الحزب الشيوعي العراقي ، منذ ولادته وظهوره على المسرح الوطني والسياسي ، ناهضته حكومات معادية لكل تقدم وتطور ، وتحالفت ـ هذه الحكومات ـ مع فئات قومية ـ عنصرية ودينية ـ طائفية ، رجعية وعميلة للاستعمار ، سلطت عليه سطوة إرهابها ، فقمعت كل نشاط علني له ، ديموقراطي وسلمي ، وحرمت أعضاءه من كل حرية وحق ، وشوهت إعلاميا أفكاره ومبادءه وأهدافه السياسية والوطنية ، وأقدمت على إعدام مؤسسيه ، وطاردت قياداته وكوادره ، وأوغلت في جرائمها ضده ، بأن هاجمت حتى السجون التي يقبع فيها العزل من أنصاره ومؤيديه ، لذا نشأ حزب شيوعي مقموع ، ملاحق ومضطهد ، يحمل هموم مجتمع متخلف على كل صعيد ، ويتبنى فكرا سياسيا طموحا ، لطبقة عاملة وليدة ، لما تكتمل بعد ملامح نشأتها ونضجها ، لتشكل طبقة عاملة وفق المفهوم الماركسي ، من حيث عدم اتسامها بسمات الوعي الطبقي ونضجه سياسيا ، وعدم تبلور شعورها بالمسؤولية التاريخية الملق! اة على عاتقها ، وضعف تقبلها للتنظيم الواسع والمركز ، ورخاوة انضباطها لحداثة تشكلها ، فظروف نشأتها ، وحزبها الذي يمثلها ، لم يمرا بمراحل طبيعية للولادة والنشوء والتطور ، ولم تتح أمام الكثير من كوادرهما القيادية فرصة لتلقي تعليم عام ، حتى بالمستوى الابتدائي ، ناهيك عن دراسة نظرية متخصصة ، أو ممارسة عملية في العمل والتنظيم ، ولم ينعما طيلة فترة الحكم الوطني والقومي بهبة ريح من رياح الديموقراطية ، ولم تخرج قياداتهما ، الملاحقة والمطاردة من قبل السلطة ، من مخابئهما السرية ، إلا لقيادة فعاليات سياسية أو نقابية معارضة ، أو مقبوضا عليهما ليستقرا في غياهب السجون والمنافي . هكذا كانت هي النشأة الأولى لكليهما ، بعد أن سُدت دونهما منافذ العمل العلني والقانوني ، والحيلولة دون ممارسة أي نشاط ديموقراطي سلمي وسوي ، وبدلا من هذا كله ، مارست السلطات المتعاقبة ، أساليب قمعية وإرهابية وحشية ، أثرت سلبا على نشوء وتربية الكادر ، النقابي والحزبي ، وتدرجهما السلمي والعلني والديموقراطي ، في القيادة وتحمل المسؤوليات ، مما كرس أوضاعا شاذة في تربية الكادر وتدرج القيادة ، وأساليب اتخاذ القرارات ، يتربع! عليها شخص واحد لعشرات السنين ، تؤيده وتحيطه شلة وفق معطيات عنصرية ـ ا نتهازية وغير مبدئية . هذا الوضع تشترك فيه وتتشابه كل أحزاب دول المنطقة ، مما ألقى بظلاله ، على قراراتها السياسية ، ومواقفها الفكرية التي اتسمت بالانعزالية واليسارية والمتطرفة حينا ، والانتهازية اليمينية والذيلية حينا آخر ، مما أجج صراعات دموية مع أنظمة الحكم المحلية ، ومع القوى القومية والوطنية والديموقراطية الأخرى . هذه الصراعات أثر سلبا على سياسة هذه الأحزاب ، الشيوعية ، وبنيتها التنظيمية ، بحيث جاءت برامجها وأهدافها المرسومة التي تناضل من أجلها ، مرتبكة في توجهاتها ، وغير واقعية في قراراتها ومواقفها ، ولا تعبر عن روح الظرف الذي يمر به البلد المعني أو المنطقة .

إعلان الحرب الأمريكية على العراق واحتلاله ، جريمة إنسانية بكل المقاييس ، على الرغم من أنها أودت بسقوط نظام قومي ـ فاشي ، مكروه من قبل كل الشعب العراقي ، فأمريكا بجريمتها ، أعادت الصورة البشعة في الذاكرة العراقية لاحتلال العراق من قبل القوات العسكرية البريطانية قبل أكثر من تسعين عاما ، إلا أن الاحتلال الأمريكي ، هو الأكثر بشاعة وتخريبا للعراق من سلفه البريطاني ، لذا فالمهام النضالية المطروحة أمام الشعب العراقي بكل فصائله وقواه السياسية ، وبضمنها الحزب الشيوعي العراقي ، تتمثل من جديد بمهام مرحلة تحرر وطني ، إقامة حكومة وحدة وطنية عراقية ، قوية وفاعلة ، من كل الأحزاب الوطنية والديموقراطية ، دون محاصصة طائفية أو قومية عنصرية ، تأخذ على عاتقها إقرار سلم وطني واجتماعي لمكونات الشعب العراقي ، والبدء بتوفير الحد الأدنى من العيش والكرامة والحرية للمواطن ، وبناء وإعادة بناء ما! خربه النظام الساقط والاحتلال ، للبنى التحتية ومؤسسات الدولة ، والتعجيل بإنهاء الاحتلال للعراق في اقرب فرصة ممكنة ، وخروج القوات الأمريكية والقوات المتحالفة معه ، بأسرع وقت ، ومقاومة ضغوط الشركات الأمريكية ، والمتعددة الجنسيات لعقد اتفاقيات جائرة مخصصة لنهب ثروات العراق الطبيعية .

الحكم القومي الفاشي الساقط ، نتائجه كانت مدمرة لمؤسسات المجتمع ، والاحتلال الأمريكي عمق شكل الخراب في الوطن ، وقوى الإرهاب ، من قومية ـ عنصرية ، وتكفيرية دينية إسلامية متشددة ، وإسلام طائفي ، شيعي ـ سني ،تقود وتؤجج ، الصراع القومي ـ الطائفي على السلطة ، كل هذه القوى مجتمعة ، تسببت في تخريب المجتمع وحياة المواطن ، وهددت ولازالت ، تهدد أمنه وسبل عيشه وحياته ، والكثير الكثير من الحقوق ، والمطالب الإنسانية والمعاشية اليومية ، تراجعت نتيجة لهذا الواقع ، مما اضطر الحزب الشيوعي ، لأن يتراجع عن الكثير من منطلقاته الفكرية وبرامجه السياسية التي أقرتها مؤتمراته السابقة ، فحماية المواطن ، حياته وأمنه ، وتوفير لقمة عيشه ، أصبحت مطلبا ملحا ، وشعارا رئيسيا يناضل الشعب والحزب من أجله ، مطالبين سلطة المحاصصة الطائفية والقومية ، وقوات الاحتلال الأمريكي وحلفاءه ، العمل على إنهاء هذا الواقع اللاإنساني الذي يعيشه المواطن العراقي ، ! فشعار حياة المواطن وحريته طغت على كل شعار وهدف ..! [/b] [/size] [/font]

55
الشخص المناسب في المكان المناسب ..!
هادي فريد التكريتي

بعد معاناة معمدة بدماء المئات من ضحايا العراقيين ، وبعد محنة عاشها العراق وشعبه ، كادت أن تودي بحرب أهلية ، ما كان لأحد ما أن يتكهن بنتائجها ، انفرجت أزمة انعقاد المجلس النيابي ، ليصار إلى اتفاق بين القوى الطائفية والعنصرية على تقسيم الغنائم ، وفق ما رسخه قانون إدارة الدولة من محاصصة ، رئاسة مجلس النواب للعرب السنة ، ورئاسة الدولة للكورد ، ورئاسة الحكومة للعرب الشيعة ، أما الأطياف الأخرى من العراقيين ، من قوميات ومذاهب ، وقوى سياسية وطنية وديموقراطية ، فلا وجود لها وفق عرف وفهم أقطاب الطوائف الذين تقاسموا العراق ، عادت " حليمة " لممارسة نهجها القديم ، ولا أحد يدري لم إذن كل هذه الضحايا المغدورة ، وشظف الحياة وقسوتها التي عاشها العراقيون .

الحمد للشعب الصابر على أفعال ونهج ساسته ، الذين لم يكن بينهم حكيم ، يستشرف حدود غضب الشعب ، حين يعصف بكل من في المجلس النيابي الجديد ، وبكل ما سيقدم عليه من خيارات قادمة ، وهي لن تكون بأفضل مما تمخض عنه أول اجتماع له باختيار الرئيس ، ف " ممثلي الشعب " من أرباب الطوائف والعشائر ، باتفاقهم على تسمية الدكتور محمود المشهداني رئيسا للمجلس ، ليس لم يكن موفقا ، بل وجه استهانة كبرى لوعي الشعب وقواه السياسية ، فالرئيس الجديد ومنذ النظرة الأولى عليه ، وهو يسبح بمسبحته ، لا بارك الله له فيها ، يدلل على أنه شيخ عشيرة فاشل ، ورث قيادتها وهو لم يستوعب بعد أعراف عشيرته ، ولم يمارس قبل الآن إصدار أوامره على أزلامه وخدمه ، وفق روح العصر الذي اختلت فيه المقاييس والقيم ، فخطابه الذي ألقاه بعد تسميته رئيسا لهذا المجلس المنكوب ، لم يستوعب ظروف المرحلة واستحقاقاتها ، وما يريده الشعب منه ، كما لم يبدر منه ما يدلل على أنه " ثقيل " في ! تصرفاته ، فكل ما بدر منه في هذه الجلسة ، يدلل على أنه في مقهى شعبي من مقاهي جسر الشهداء في الكرخ ، بين شلة تتبادل حديثا فجا وتعليقات هابطة وسط ضجيج الرواد . لا يمكن أن نلقي باللوم على كل الكتل الطائفية والعنصرية التي وافقت على ترشيحه ، إنما كل المسؤولية تتحملها الكتلة "السنية " التي رشحته وفق نصيبها من الحصة " التموينية " الإنتخابية .

السيد رئيس المجلس النيابي ، الدكتور محمود المشهداني ، محكوم بالاعدام سابقا ، وخفف الحكم برشوة مدفوعة لرئيس محكمة الثورة ـ وهذا يعني مستقبلا التعامل وفق هذا المبدأ ، ولا حاجة لهيئة النزاهة ـ هذا كل ما ُعرف عن الرئيس لهذا المجلس ، بغض النظر عن كونه طبيبا عسكريا ، لا ندري إن كان فاشلا أم ناجحا في مهنته .؟ السؤال المهم ، هل المبرر لتوليه مثل هذا المنصب فقط كونه محكوما بالإعدام من قبل النظام البعثي ؟ إن كان هذا السبب الذي دفع لترشيحه من قبل كتلته ، فهذا الأمر بائس ولا يستحق تسميته لمثل هذا المنصب المهم ، فكثيرون هم الأحياء الذين حكم عليهم بالإعدام نتيجة لاشتراكهم الفعلي في عمل لإسقاط النظام ، إلا إن هذا لا يبرر تسنمهم لمنصب قيادي في مؤسسة تشريعية ، أو حتى غيرها . من خلال بعض ما بدر منه ، والمخفي أعظم ، من تعليقات على أسئلة النواب أو النقد الموجه لخطابه ، أن " الرئيس " الج! ديد للمجلس ذو وزن " خفيف " لا يتمتع بالرصانة والحكمة ، التي تحتاجها قيادة لمثل هذه المؤسسة التشريعية ، فتعليقاته عندما كان طبيبا عسكريا ، التي أودت بحكم الإعدام عليه، هي على شاكلة تلك التي سمعنا نموذجا منها خلال جلسة التنصيب ، كأن تكون قد لامست ُهزأ وسخرية بشخصية سيده القائد ، وربما ادعاءاته كدعاوى " خلف بن أمين " ، نقلها الرفاق الوشاة ، فكانت السبب وراء الحكم عليه بالإعدام . منصب رئيس المجلس النيابي ، أو أي منصب رفيع في الدولة ، يتطلب في شاغله ، توفر مواصفات العلم والحكمة والمقدرة والصبر ، إلى جانب قوة الشخصية ومؤهلات القيادة الأخرى ، وهذه كلها ، ابتداء ، بقراءة شخصية السيد محمود المشهداني غير متوفرة فيه ، وستنعكس سلبا على المجلس النيابي القادم ، وجلساته التي ستكون عاصفة نتيجة ما هو مطروح أمامها من تشريع للقوانين التي تجسد نصوص الدستور .

سيعاني العراق وشعبه كثيرا من نهج المحاصصة اللاوطني ، وفق مبادئ طائفية ـ عنصرية ، فتغييب القوى الوطنية والديموقراطية واستبعادها عن مركز اتخاذ القرار ، ينفي عن الحكومة القادمة صفة " حكومة وحدة وطنية "، وهذا ما سيلقي بظلاله السلبية على مسيرة المجتمع اللاحقة ، فما يحتاجه العراق اليوم وغدا ودائما ، هو أن يحل الشخص المناسب في المكان المناسب ، بغض النظر عن الدين والطائفة والقومية والجنس ، وهذا ما لم يتوفر حتى الآن في لوحة الدولة .[/b][/size][/font]

56
الديموقراطية والواقع في العراق ..!
هادي فريد التكريتي

الديموقراطية التي أرادت استجلابها الولايات المتحدة للعراق ، لم تكن وفق المفاهيم السائدة في بلدها ، كما لم تكن من عينة الديموقراطية التي تمارسها الدول الأوربية ، فالديموقراطية المشرعة أمريكيا للعراق  تتناسب والمصالح الأمريكية ، فليس هناك ديموقراطية حقيقية في العالم ، تشرع دستورا يقر الطائفية والعنصرية ، فالدستور العراقي المشرع بمشورة وموافقة أمريكية ، أقر المحاصصة والطائفية ، وهذان المبدءان يتنافيان مع كل حرف يتكون منه النهج الديموقراطي والممارسة الديموقراطية ، فأينما وجدت المحاصصة ، تواجدت المليشيات والمافيات ،وتنحت جانبا المساواة بين المواطنين ، بين الرجل والمرأة ، وبين ما هو مسلم وغير مسلم ، وعندما ُيرسخ الدستوُر الطائفية ويقرها ، تتلاشى المفاهيم الوطنية وتتضاءل الحقوق المدنية ، ليس بين الطوائف والأعراق المختلفة ، وإنما بين أصحاب الدين الواحد، وهذا ما هو حاصل فعلا ، بعلم وموافقة أصحاب الطوائف ، وبمباركة من شرعة الاحتلال الديموقراطي .
الديموقراطية مفهوم مناقض لتشكيل الأحزاب على أسس دينية أو عنصرية ، وهذا ما تقره وتعترف به الإدارة الأمريكية ، إلا أنها عن قصد هادف ، وسبق وعي بنتائجه ، جعلت من الأحزاب الدينية ،  سمة مميزة في النشاط السياسي العراقي ، ورسختها بفاعلية عندما شرعت قانون إدارة الدولة ، سيئ الصيت ، وتماهيا مع الممارسة والتأثير الأمريكي ، جاء الدستور ُمِجذرا لأسباب الفرقة بين مكونات الشعب العراقي ، ومعمقا للمبادئ الطائفية والمذهبية والعنصرية ، التي أغدقت بحقوق مثالية على الأحزاب الدينية ـ الطائفية ، لم تحلم بعشر معشارها في ظل حكم ديمقراطي حقيقي ، فسياسة الحكم المنتهجة حاليا ، والقائمة على التمييز الديني و الطائفي والعنصري ، تحقق للولايات المتحدة الأمريكية ، أهدافها القريبة والبعيدة ، وتبقي الشعب العراقي ، شعبا ضعيفا ، مجزءا ، منقسما على نفسه ، تعصف به قوى الإرهاب الطائفي ـ السني والشيعي ، وغير قادر على تشكيل حكومته منذ أربعة اشهر .
 الشعور الوطني معدوم كليا ، عند القوى المتصارعة على المناصب ، نتيجة لتغليبهم المصلحة الطائفية والعنصرية ، على مصلحة العراق وشعبه ، والمأساة أن كل هؤلاء السياسيين ، يتحدثون باسم الشعب ، والشعب ومصالحه الحقيقة ، لا تساوي عندهم أكثر من المنصب أو الكرسي الباحثين عنه ، متجاهلين عشرات الضحايا المتساقطة من أبناء الشعب ،  يوميا برصاص أمراء الميليشيات المنفذة لأوامر الكتل المتحاورة
 بعض مواد الدستور تلقي الضوء على كيفية تشكيل الحكومة ، إلا أن أطراف الإسلام السياسي، من الطائفتين الشيعية والسنية ، والقوميين العنصريين من العرب والكورد ، يتجاهلون هذا الدستور بل يخرقون مواده ، ولم يجف بعد الحبر الذي ُكتب فيه ، وهم الذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها عند إقراره ، فالصراع محتدم على رآسة الوزراء ، والجعفري حتى اللحظة هو المرشح الرسمي للائتلاف ، وهو سبب أساسي في تعطيل القدرة على تشكيل الحكومة ، لرفض الكتل البرلمانية   المتحاورة له ، إلا إنه وائتلافه ، لم يعيرا أهمية لمصلحة الشعب وضحاياه المتساقطة نتيجة لهذا التعطيل ، فالجعفري متمسك بقرار الائتلاف ، الناتج عن مبدأ المحاصصة الطائفية والعنصرية ، الذي أعطى رئاسة الوزراء للشيعة ، متجاوزين مبادئ الدستور وأحكامه في تشكيل الحكومة .الشيخ خلف العليان يعترف بأن " المناصب الرئيسية في الحكومة وزعت على أساس تكويني طائفي ، رغم تأكيدنا المستمر على أن يكون توزيع المناصب على أساس الكفاءات ضمن حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع ..إن جبهة التوافق لم تعترض على تولي الدكتور أياد علاوي منصب نائب رئيس الجمهورية لتحفظها على شخصه وإنما لأن هذا المنصب مخصص للعرب السنة حسب الاتفاقات التي سبقت عملية البحث في المناصب .." هذا التصريح إدانة لكل من يساهم في خدع الشعب والتجاوز على الدستور ، فالمناصب تجري وفق المحاصصة والاتفاق ، وليس وفق مبادئ الدستور ، أين الديموقراطية إذن أيها السادة ؟
رئيس الجمهورية السيد جلال الطلباني ، أعادت الكتل البرلمانية ترشيحه لهذا المنصب ، وفق مبدأ المحاصصة، أيضا ، وليس وفق مبادئ الدستور إلا أن الائتلاف والجعفري ، ينتقدون هذا الترشيح ، ل " إحجام العرب السنة عن الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية ...وتركه للأكراد.." المفارقة في هذا الموقف ، هو أن الشيعة  شركاء للكورد في إقرار مبدأ المحاصصة ، وهم من أسس تقاسم حكم العراق وفق منهج غير وطني ، فلم الانتقاد والسيد جلال الطلباني يتقدم لهذا المنصب دون معارضة ما ، ويتحقق فيه  شرط الدستور " أن يكون عراقيا " دون تخصيص لقوميته أو دينه ، فهل هذا نقد لمن يتقدم للمنصب وفق مبدأ دستوري ، أم هو تحريض على نزاع جديد بين العرب السنة والكورد ، ولإطالة أمد معاناة الشعب ؟ كل كتل الإسلام ـ الطائفي والكتل القومية ـ العنصرية ، تتحمل المسؤولية في إطالة أمد الفراغ السياسي ، الذي عمق من أزمة الشعب العراقي ، وما يعانيه من إرهاب وجوع وبطالة ونقص في الخدمات ، والسبب الحقيقي وراء هذه الأزمة المستعصية هو غياب النهج الديموقراطي ، وعدم تفعيل مواد الدستور رغم قصورها ، التي ترسم المبادئ لتشكيل رئاسة الدولة ، والحكومة وشغل المناصب الوزارية ، وكأن العراق وشعبه فقط عربا وكوردا ، شيعة وسنة ، دون مكونات وطنية وأثنية ، من قوميات وأديان أخرى ، لها توجهات فكرية وسياسية وديموقراطية مخالفة للنهج العنصري والطائفي ومبادئهما الغير وطنية ، هذه المكونات عراقية أصيلة ، والمنتمون لها لهم الحق في عراقهم ، والعيش فيه وتولي المسؤولية كغيرهم من المواطنين ، وعندما يوجه النقد لمواد الدستور وقصورها بهذا الخصوص ، يحتج الطائفيون والعنصريون بما هو وارد من عبارات بلهاء بخصوص الديموقراطية ، إلا أن هؤلاء لم يدلونا أين تكمن ديموقراطيتهم وهذه الديموقراطية ، وهم يتحاورون فيما بينهم خلف غرف مغلقة وآمنة ، بحماية أمريكية ، ولم يقولوا لنا إن كانت حواراتهم تشمل أطرافا علمانية ووطنية ، وإن كان كذلك لماذا يلصقون صفة الطائفية بالعلماني ، عندما يترشح لمنصب يتنازعه الطائفيون ، والعكس صحيح أيضا ، إنه الكيل بمكاييل كثيرة ومتعددة الأحجام والأوزان ، كل هذا وهم ـ من بيدهم القرار ـ  يتبجحون بالديموقراطية ، إلا أنهم يستبعدون المرأة عن كل حوار ، وعن تسنم أية مسؤولية وفق حجمها الفعلي ، وحتى وفق مانص عليه الدستور ، إنها مجرد ديكور يتباهون بها عند المحاججة ، هذه ديموقراطية الطوائف . في العراق أديان وقوميات ، غير الإسلام وغير العرب والكورد ، لماذا يغيبون من الحوارات ، وهل هم يشغلون حجمهم الحقيقي في المجلس النيابي ، وهل سيتبوؤن مناصب الدولة والحكومة ، كوزراء ونواب لمناصب الرآسة والحكومة والبرلمان ؟ الديموقراطية ليست كلمات ، إنها واقع ونهج فأين هي منه الكتل الفائزة ؟

18 نيسان 2006 [/b] [/size] [/font]

57
الذاكرة العراقية ..!
هادي فريد التكريتي

قرأت يوما ما عن سيرة موجزة لحياة مناضل شيوعي عراقي ، وقع بيد بهجة العطية ، جلاد التحقيقات الجنائية أيام حكم نوري السعيد ، ورغم ما عاناه هذا المناضل من تعذيب جسدي ، وضغوط نفسية ، مورست عليه ، لم تفلح معه حتى بانتزاع اعتراف منه باسمه الحقيقي ، وبينما هذا المناضل قابع في زنزانته ، تعرف عليه أحد المستخدمين في هذه المؤسسة ، وبعد تحيته لهذا المناضل عرض عليه أية خدمة يمكن أن يقدمها له ، أجابه هذا المناضل شاكرا موقفه ، مع الرجاء بعدم الإدلاء عنه بأية معلومة يعرفها حتى لو كان اسمه ، وعده هذا المستخدم خيرا ، وانصرف لتوه باتجاه أرشيف التحقيقات ليستخرج إضبارة هذا المناضل ، فوجدها مليئة بمعلومات وتقارير مرفوعة عنه وعن نشاطاته السياسية المعارضة للسلطة الملكية ، لو قدمت ضده كأدلة إدانة ، لحكم عليه بالسجن ، سنوات طويلة ، فقرر أن يتلف كل ما كتب عن هذا المناضل ، وُيبرأه من كل تهمة ، ، فألقى بإضبارته الشخصية في نهر دجلة ، من خلال شباك غرفة الأرشيف المطل على النهر ، وبعد أن تخلص من الإضبارة ، وتأكد من أن مياه دجلة ابتلعتها ، عاد إلى زنزانة المناضل ليخبره أن لا خطر عليه بعد الآن ، وبإمكانه أن يعترف باسمه الحقيقي، فإضبارته الشخصية بقضها وقضيضها تقبع في قعر النهر ، وبدلا من شكر هذا المناضل للمستخدم على صنيعه ، قابله بوجوم وعدم ارتياح ، وصفق يدا بأخرى قائلا ' ليش يا أخي فإنك قد ألقيت بكل تاريخي في النهر ، والآن أصبحت ، أنا ، من غير تاريخ ولا ماضي ..' هذا المناضل كان على حق ، فتاريخه النضالي وذاكرته كلها في هذه الإضبارة ، وها هي قد مسحت من التاريخ السياسي العراقي ، وما عادت لتلك الشخصية من ذاكرة مكتوبة في أرشيفه أو أرشيف الدولة من وجود .

أغلب العراقيين الذين تعرضوا لملاحقة الشرطة لنضالهم السياسي ، إن كان أيام الحكم الملكي ونوري السعيد ، أم في باقي العهود القومية وحتى سقوط النظام الفاشي في العام 2003 ، كانت دورهم معرضة للتحري والتفتيش ، وكل ما تجده العناصر الأمنية لهذه الأنظمة ، من كتب ووثائق ومقتنيات شخصية لهذا المناضل أو المشتبه به ، تتم مصادرتها بأعتبارها دليلا جرميا ، حتى وإن كانت قصة أدبية أو قصيدة غزلية أو رسالة غرامية ، وحتى وإن كانت خاطرة عابرة مرت بخاطره فدونها ، ولا تعاد تلك المواد المصادرة لصاحبها ، إن ُحكم عليه أو ثبتت براءته ، هذا الواقع حال دون إقدام الكثير من الناس في مجتمعنا العراقي ، متعلمين ومثقفين ومهنيين أوغيرهم ، وخصوصا العاملين في الحقل السياسي المعارضين للنظام ، من كتابة مذكراتهم أو مشاهداتهم اليومية ، بعكس من يعيش في مجتمعات آمنة ومستقرة ، حيث لم نجد فقط الشخصيات السياسية والثقافية والمهنية وغيرهم من هواة الكتابة ، يمارسون تسجيل مذكراتهم ، أو ما يحدث ويدور في محيط مجتمعاتهم والعالم ، بل حتى الأطفال منذ بداية وعيهم في المدرسة يمارسون الكتابة وكتابة المذكرات وتسجيل مشاهداتهم اليومية ، الموثقة بالساعة واليوم ، وهكذا تنمو وتكبر معهم ذاكرتهم الموثقة ، يرجعون إليها عند تقدم السن بهم ، أو عند الحاجة لتوثيق فترة ما مروا بها ، لذا فالخطأ عند الكتابة عن فترة زمنية مروا بها يكون معدوما أو شبه معدوم .

الكثير من الكتاب والمثقفين عندنا ، على مختلف اختصاصاتهم ، والمناضلين على مختلف توجهاتهم السياسية والفكرية ، كتبوا مذكراتهم ، عن حياتهم وعن مجتمعاتهم ، بعد أن تقدم العمر بهم ، معتمدين على ما علق بالذاكرة ، التي أتعبتها سنون النضال والمنافي ، وجراء هذا الواقع فاتتهم الكثير من التفاصيل المهمة ، خصوصا ما يخص النشأة والتاريخ والمكان وحتى الشخوص ، وبين أيدينا الكثير من هذه الكتابات ، أطلق عليها أصحابها تسميات تدلل على أنها مستلة من الذاكرة فقط ، فجاء السرد للحوادث مشوشا وغير دقيق ، وفيه الكثير من الخلط والإرباك ، وليس هذا بقصد منهم ، بل نتيجة لكر الجديدين المؤثر على ذاكرتهم ، وللظروف الأمنية والسياسية القاسية التي عاشوها والتي مروا بها .

حال الذاكرة الشخصية ، الفكرية والثقافية والسياسية ، لكتابنا ومثقفينا ، هي الأفضل بما لا يقاس مقارنة مع ما آل إليه حال الذاكرة الرسمية للمجتمع ، والدولة العراقية ، ومؤسساتها من مكتبات ودور بحث ومتاحف وغيرها من المؤسسات العلمية والفنية والأدبية ، بعد سقوط النظام ، فالذاكرة الشخصية قد أرهقها وأتعبها إرهاب الأنظمة والحكومات المتعاقبة ، إلا أنها قاومت ، لحد ما ، الخراب والتدمير ، أما الذاكرة الرسمية للتاريخ والواقع العراقي ، فحالها مختلف كليا ، فقد تعاونت على إتلافها ومسحها قوى متعددة ، خارجية وداخلية ، مختلفة الأغراض والمقاصد ، إلا أنها جميعا قد حققت غرضا واحدا ، هو تجريد الشعب العراقي من كل تاريخه الموثق ، والموروث منذ سبعة آلاف عام ، وحتى سقوط النظام الفاشي ، على يد الاحتلال الأمريكي ، ففي لحظة دخول هذه القوات المدن العراقية ، وخصوصا العاصمة بغداد ، انطلقت عناصر لمنظمات أجنبية من على الدبابات الأمريكية ، كانت تحملهم جنبا إلى جنب جنودها المقاتلين ، مدربة على النهب والحرق والتخريب ، توجهت هذه العناصر ، لتنفيذ أهدافها وفق ما تحمل من مخططات أقدمت على تنفيذها رفقة قوات الاحتلال ، البعض منها هدفه المتاحف التي تحوي تاريخ العراق بل تاريخ البشرية الأولى التي صنعت الحرف والقانون ، لتنهب ما خف حمله وغلا ثمنه ، وتتلف ما استعصى عليهم نقله أو إخفاءه ، وبعضها الآخر هدفه حرق أرشيف دوائر الدولة . في الساعات الأولى من دخول قوات الاحتلال ، ُنفذت جرائم سرقة وحرق ثأرية ، فمثلما أقدمت على فعله قوات الاحتلال الفاشي الصدامي في الكويت عندما احتلته ، في العام 1990 ، من نهب لممتلكات الدولة وأرشيفها ، والسطو على مكتباتها وما حوت من نفائس كتبها ومخطوطاتها الثمينة ، وحرق لدوائرها وما تحويه من سجلات ووثائق ، حدث شئ مماثل في دوائر الدولة العراقية ومؤسساتها ، كما ساهمت في جريمة محو الذاكرة العراقية ، منظمات حزب البعث الفاشي ، التي أطلق عنانها رأس النظام ، بندائه ل ' الحواسم ' من أعضائه ومن المجرمين الذين أطلق سراحهم قبل سقوط نظامه ، وحدد لهم أهدافهم ساعة دخول القوات الأمريكية بغداد ، بأن تنهب وتحرق وتخرب كل ما تطاله أيديهم ، فهؤلاء ، ' الحواسم ' أتموا ما لم تقدر على تنفيذه قوات الاحتلال ومنظمات الجريمة المنظمة الدولية ، للتغطية على جرائم ارتكبها النظام الفاشي بحق الشعب العراقي ، ومحكمة الجنايات التي تحاكم صدام وزمرته بجريمة الدجيل ، خير دليل ، حيث تعذر على هيئة الإدعاء العام ، ليس فقط استحضار إضبارة الدعوة التي حوكم بموجبها ضحايا جريمة الدجيل ، وإنما لم تتوفر أية وثيقة من وثائق محكمة الثورة التي حاكمت صوريا آلاف العراقيين ، نتيجة للحرق الذي شمل أرشيف كل دوائر الدولة ومؤسساتها ، وهذا لم يكن بعيدا عن مساعدة قوات الاحتلال التي حمت هؤلاء المجرمين . قوات الاحتلال نفسها ساهمت في نهب وإتلاف الذاكرة الرسمية العراقية ، وهي نفسها ، قوات الاحتلال ، اعترفت بأنها سرقت مئات الأطنان من وثائق الدولة العراقية ونقلتها إلى الولايات المتحدة ، إلا أننا لم نجد أيا من حكامنا من طالب باسترداد هذه الوثائق ، رغم اعتراف الولايات المتحدة رسميا باستيلائها على هذه الوثائق ، فالاحتلال لم يتمثل على أرض الواقع العراقي ، بأهداف اقتصادية وعسكرية ، وإنما بالسيطرة على أرشيف الدولة العراقية ، بما يحويه هذا الأرشيف من بحوث علمية وعسكرية واقتصادية وفنية وغيرها من مجالات ، حصيلة نتاج أكثر من ثمانين عام من عمر الدولة العراقية .

ما تعرض له العراق من إتلاف لتاريخه وذاكرته ، لا يمكن تعويضه ، إلا أن ما ُنهب وُسرق من جهات دولية ومنظمات معلومة ، لم نر أية جهود حكومية مبذولة لاسترداد بعضا من هذه الذاكرة المستباحة ، مما يضع المسؤولية ، ليس على عاتق الحكومة ومؤسساتها الثقافية والأمنية فقط ، بل وعلى عاتق منظمات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني ، للعمل على المطالبة باسترداد مانهبته قوات الاحتلال والإدارة الأمريكية والمتعاونين معها . المواطنون العراقيون ، بمختلف اهتماماتهم ، الذين أدمت محاجرهم الجرائم المرتكبة بحق العراق وتاريخه ، مطالبون بالعمل والمساعدة على إعادة بناء ذاكرة العراق ..! [/b][/size] [/font]
 

58
الأئمة من قريش..!
هادي فريد التكريتي

السيد ابراهيم الجعفري ، رئيس الوزراء العراقي ، منذ عام وهو يقود الحكومة العراقية ، المؤتلفة بين القائمة الكوردستانية وقائمة الائتلاف الشيعي ، ورغم أن حكومته لم تكن قادرة على ترسيخ الأمن والإستقرار في البلد ، نتيجة لتشكيل الحكومة ، وفق مبدأ المحاصصة وتقاسم السلطة ، من الأحزاب والقوى المؤتلفة بين القائمتين من جهة .
ومن جهة أخرى دفع كل حزب بممثليه إلى الحكومة دون أن يكون هناك حق الاعتراض للجمعية الوطنية أو لرئيس الوزراء على هذا الوزير أو ذاك ، إلا أن التفاهم والاتفاق بين القائمتين ، الكوردية و الشيعية ، قد انصب على إطلاق يد كل قائمة بالمنطقة التي تحكمها دون رقيب أو محاسبة.
ولم يكن هناك أي دور للجمعية الوطنية في محاسبة الحكومة ، على ما كان ، ولا زال يحدث من جرائم وانتهاكات في عموم العراق ، ولست هنا في معرض الخوض في هذا المجال ، وإنما أردت التعقيب على بعض ما ورد في المؤتمر الصحفي الذي عقده يوم 11 نيسان ، السيد رئيس الوزراء على خلفية ترشحه لمنصب رئيس الوزراء ، والمعارضة الرافضة لهذا التوجه ، من بعض قوى ائتلافه ، ومن القوى السياسية الأخرى ، حيث قد أعلن أنه يتمسك بحق ' قانوني وشرعي ، والدعوة لتنازله لا تكون على حساب الديموقراطية.
وإن الاختيار ـ لرئاسة الوزارة ـ ليس اختياره وإنما اختيار الشعب العراقي ' وعلى الرغم من أن ترشيح السيد الجعفري لم يكن عن طريق ممثلي الشعب في البرلمان ، وإنما عن طريق البعض من ائتلافه.
إلا أن المنطق والفهم الإسلامي هو ما يتحلى به السيد الجعفري ، والغالب في دلالات وإشارات حديثه في هذا المؤتمر الصحفي الذي عقده ، على طريقة ' وما رميت إذ رميت ولكن الله قد رمى ' فوفق هذا المنطق تحولت إرادة بعض قوى الائتلاف الشيعي إلى إرادة الشعب بكامله ، كما هي إرادة الجعفري إرادة الشعب كذلك.
وهذا منطلق خطر ، يصدر من شخصية في الحكم يؤشر إلى مسار فاشية إسلامية جديدة قادمة . كما حاول السيد الجعفري ، أن يكشف ويمرر في مؤتمره الصحفي هذا معلومة ـ ذات دلالة إسلامية ـ غير معلنة أو معروفة عنه ، سبق له ، كما يقول ، أن قالها للسيد جلال الطلباني ، رئيس الجمهورية ، ' من أنه لا يستحق هذا المنصب ' ، ليس من منطلق الكفاءة أو المقدرة وإنما من منطلق أحقية السنة به.
وبالرغم من أن هذا الرأي يجسد مبدأ المحاصصة المناهض للمبادئ الديموقراطية ، إلا أنه ينسجم تمام الإنسجام مع منطق وفكر الجعفري المؤمن بالمبدأ الإسلامي المستند على الحديث النبوي القائل ' الأئمة من قريش ' وبما أن قريش ، لها شرف السيادة على كل ما خلق الله من أقوام .
فالغرض من تسريب هذه المعلومة في مثل هذا الوقت ، ليس لإقرار حق للسنة ، بقدر ما هي إشارة إلى أن السيد جلال الطلباني هو ليس من هذه السلالة التي اختارها الله ، المكتوب لها أن تسود وتقود الآخرين ، فهو إذن لا يستحقها من منطلقات ومبادئ إسلامية يسعى الجعفري التأسيس لها ، ولست أدري إن كان السيد الجعفري من السلالة القرشية ـ العلوية أم لا.
فما يطمح له هو أن يحقق هذا المبدأ الذي يعتقده ويؤمن به ، المناقض لدعواه المعلنة ، بتمسكه بالنهج والمبدأ الديموقراطي ، ومن هنا يتضح للعراقيين النهج الخطر الذي يحاول انتهاجه السيد الجعفري ، بتمسكه بمنصب رئاسة الوزارة ، على الرغم من معارضة أكثرية الكتل البرلمانية لعودته لهذا المنصب ، على خلاف قوله ' إن الإختيار! ليس اختياره وإنما اختيار الشعب العراقي ' فوراء هذا الإصرار ما وراءه من مخاطر يحاول السيد الجعفري أن يرسي الحكم على قاعدة ' الأئمة من قريش ' ، وآنذاك َمْن ِمن الساسة يستطيع أن يثبت نسبا متصلا بقريش ؟ يومئذ سترتفع بورصة سوق مريدي ، في مدينة 'الصدر ' و الكل سيتوجه إلى هناك !. [/b][/size] [/font]

59
الدستور هو المشكلة ..!!
هادي فريد التكريتي

ما يعانيه العراقيون من سفك دماء بالجملة ، ليس فقط من قبل قوى الإرهاب القادمة من خارج الحدود ، كما هو ليس فقط من قبل أتباع النظام الساقط ، و قوى الاحتلال ، إنما تساهم في هذه المجازر أيضا ، قوى سياسية عراقية ، بعضها الآن في السلطة ، كانت معارضة للنظام الفاشي ، ومتحالفة مع بعضها قبل سقوط النظام ، وحتى بعده ، فقدت الثقة ببعضها ، أثناء حكم بريمر ومجلس الحكم ، نتيجة لممارسات قومية وطائفية خاطئة ، استهدفت أن تحقق لها مكاسب وهي في الحكم ، على حساب حقوق لفئات وقوى أخرى من المجتمع ، لم يحصل عليها اتفاق مسبق ، كما أنها لم تجسد مشروع حكم وطني وديموقراطي حقيقي لكل قطاعات الشعب.
وهذا ما ظهر جليا في الدستور ، الذي تمت ولادته ، دون أن تكتمل له المقومات الوطنية والشروط الأساسية ، لأن يكون القاسم المشترك للمجتمع العراقي بكل قومياته وأديانه وطوائفه.
فإقراره المتسرع والمتعثر والمليء بالنواقص ، أودى بهذا الواقع المزري الذي يعاني منه حاليا الشعب العراقي ، وحال دون قدرة القوى السياسية مجتمعة ، على تشكيل حكومة وطنية تمثل الشعب العراقي ، بعد مرور أربعة اشهر من انتهاء الانتخابات ، مما أوجد فراغا دستوريا للدولة ، بسبب إصرار من بعض القوى السياسية العراقية بأكثريتها البرلمانية ، القومية ، من عرب وكورد ، والدينية ، من سنة وشيعة ، على تحقيق أهداف مختلف عليها ، تكون قنابل موقوتة لتفجير نزاعات عرقية وطائفية ، لم يسلم منها مستقبلا من يعتقد أنه آمن منها في الظرف الراهن .
ظروف البلد الصعبة التي أوجدتها سياسة الاحتلال ، والنشاط المدمر لميليشيات الأحزاب ، وقوى الإرهاب المتعددة الأسماء ، التي تغذيها دول الجوار ، وحرية نشاط مخابرات الدول المختلفة ، التي تريد دولها عراقا ضعيفا ومنقسما على نفسه ، هذه كلها حالت دون الخروج من المأزق الذي تتنازعه إرادات أغلبها غير وطنية ، تنهج نهجا غير وطني وغير ديموقراطي ، في تشكيل الحكومة وفق منظور لا يمثل المصلحة الوطنية ، ولا تشاركه فيه الرأي أكثرية القوى ، مستغلا الظروف غير الطبيعية التي يجتازها العراق ، معرقلا أي مسعى ! للحل ، محاولا فرض مفاهيم غير وطنية ، تنسجم مع توجهاته ، تحقق في محتواها مبادئ المحاصصة العنصرية والطائفية ،على الرغم من أن الدستور ـ الجديد ـ ينحو منحى ديموقراطيا في تشكيل الحكومة ، بكل هيئاتها ، بغض النظر عن القومية أو الدين أو الطائفة ، وهذا تسبب في إستعصاء دستوري لتشكيل الحكومة حتى اللحظة .

تم افتتاح مجلس النواب ، بالتحايل على مبادئ الدستور ، ولكن دون أن يتم الالتزام بالسياق الدستوري المحددة لتشكيل الحكومة ، وهذا الخرق لا زال مستمرا متسببا في الأزمة التي تحول دون تشكيل الحكومة ، والدستور لم ينص على كيفية تجاوز الأزمة ، مما يؤشر على خرقه لاحقا مرة ومرات ، نتيجة الإستعجال في إقراره ..

السلطات الثلاث ، التشريعية والتنفيذية والقضائية ، مسارها الرسمي والفعلي دستوريا ، يبدأ باجتماع مجلس النواب لانتخاب رئيس له ، حيث نصت المادة 52 على مايلي ' يدعو رئيس الجمهورية مجلس النواب للإنعقاد بمرسوم جمهوري ، خلال خمسة عشر يوما من تاريخ المصادقة على نتائج الإنتخابات العامة ، وتعقد الجلسة برئاسة أكبر الأعضاء سنا لانتخاب رئيس المجلس ونائبيه ، ولا يجوز التمديد لأكثر من المدة الذكورة آنفا .
وبما أن هذا المجلس في اجتماعه المشار إليه في المادة 52 لم يطبق سوى ما يتعلق بانعقاد المجلس برئاسة أكبر الأعضاء سنا ، وتم تجاهل انتخاب رئيس دائم ونائبيه الذي لم يتم وفق منطوق المادة 52 المشارة إليها آنفا ، وهذا خرق واضح للنص الدستوري يمارسه المجلس النيابي.
كما تجاهل المجلس النيابي الجديد ، تعليق عمله دون تحديد وقت ، وحتى اللحظة دون مبرر ودون نص دستوري ، وهذا ما أدى إلى مخالفة العمل بنص المادة 53 من الدستورالتي قالت :ـ' ينتخب مجلس النواب في أول جلسة له رئيسا ، ثم نائبا أول ونائبا ثانيا بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس بالإنتخاب السري المباشر ' فعدم تفعيل هذه المادة شكل خرقا صريحا للدستور ، وهو في بداية تطبيقه.
وارُتهن الدستور لرغبة قوى وضعت نفسها فوق الدستور ومصالح الوطن ، مشترطة أن يتم الإتفاق على صفقة قبل الذهاب إلى البرلمان لتسمية المراكز الثلاثة ، رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء ، وهذا الأمر مناقض للمبادئ الدستورية والديموقراطية التي تعطي الحق لمجلس النواب الحق في تسمية هذه المناصب وفق آلية الترشح والتصويت.
ولا يحول هذا دون أن تتم تسويات ومساومات قبل الذهاب إلى المجلس النيابي ، وهذا الأمر يجب أن لا يعطل عمل المجلس النيابي وممارسته لصلاحياته ، ولا يحول دون تفعيل الدستور والخضوع للتراتبية التي حددتها المواد الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية وتكليف رئيس الوزراء بتشكيل الحكومة ، فالمادة 67 ، من الدستور نصت على :ـ'
أولا ، ينتخب مجلس النواب من بين المرشحين رئيسا للجمهورية ! بأغلبية ثلثي عدد الأعضاء .
ثانيا إذا لم يحصل أي من المرشحين على الأغلبية المطلوبة فيتم التنافس بين المرشحين الحاصلين على أعلى الأصوات ويعلن رئيسا من يحصل على أكثرية الأصوات في الاقتراع الثاني ' فانتخاب رئيس للجمهورية مرهون بترشح أكثر من طرف للمنصب ، للتنافس عليه ، وهذا المبدأ لم ُيفعَل ، وإنما يراد له أن يكون محصورا بالكورد.
وفي هذه الحالة تكون المحاصصة هي المبدأ السائد ، وهذا تجاوز للمبادئ الديموقراطية ، ويشكل خرقا لنص صريح في المادة الدستورية المذكورة ، التي جعلت الإنتخاب من بين ' المرشحين ' وليس عن طريق التخصيص .

أما ما يتعلق برئيس الوزراء فقد نصت المادة :ـ 73 ' أولا : يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية ثانيا يتولى رئيس الوزراء المكلف تسمية أعضاء وزارته خلال مدة أقصاها ثلاثون يوما من تاريخ التكليف .
ثالثا : يكلف رئيس الجمهورية مرشحا جديدا لرئاسة مجلس الوزراء خلال خمسة عشرا يوما عند إخفاق رئيس مجلس الوزراء المكلف في تشكيل الوزارة خلال المدة المنصوص عليها في البند ثانيا من هذه المادة .
رابعا : يعرض رئيس مجلس الوزراء المكلف أسماء أعضاء وزارته ، والمنهاج الوزاري على مجلس النواب ، ويعد حائزا ثقته عند الموافقة على الوزراء منفردين والمنهاج الوزاري بالأغلبية المطلقة .
خامسا : يتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشح آخر لتأليف الوزارة خلال خمسة عشر يوما في حالة عدم نيل الوزارة الثقة.' إذا كانت هذه المادة صريحة في تشكيل الوزارة ،  كما هي المواد المتعلقة بانعقاد المجلس النيابي .
فلماذا لم تتم حتى اللحظة دعوة المجلس النيابي ، لتتم الخطوات الأخرى اللاحقة ، إن كان هناك خلل داخل القائمة الكبيرة ، فلماذا تغلب مصلحة هذه القائمة على مصلحة الشعب العراقي ، ولماذا لا يكون هناك تنافس بين القوائم والتكتلات البرلمانية ، على اشغال المناصب الثلاثة بمعزل عن المحاصصة ، التي هي ليست من الديموقراطية والوطنية ومبادئهما في شيء ، بل تجسد الطائفية والتقسيم ، التي لم تكن في يوم من الأيام منذ تشكيل الدولة العراقية ، نهجا للقوى السياسية الوطنية القومية والديموقراطية . مسؤولية خرق الدستور والسكوت عن هذه الخروقات تقع على عاتق قوى الإسلام الطائفي والقومي العنصري ، بما فيهم العرب والكورد.
هذه القوى تحاول أن لا تذهب إلى المجلس النيابي قبل أن تفرض أجندتها السياسية الخاصة ، وتحقق مصالحها التي لا يجمعها جامع مع الوطنية ووحدة العراق.
فالديموقراطية التي يحاول البعض التمسح بها والتمترس خلفها ، يتم تصويرها وكأنها فقط حكم الأكثرية ، بغض النظر عن رأي البرلمان في تشكيلة الحكم ، والبرنامج الذي يطرح في معالجة المشاكل التي يعاني منها الشعب العراقي ، فالتمسك بتشكيلة سياسية فاشلة ، على المستوى الأمني والخدمي ولقمة عيش المواطنيين ، تتعارض والمصالح الوطنية للشعب العراقي ، فالحكومة الحالية ، مسؤولة مسؤولية مباشرة عن تردي مجمل أوضاع العراقيين.
وبغض النظر عن كون الحكومة هي حكومة تصريف أعمال ، إلا أن السيد الجعفري وقائمة الائتلاف تحاول عرقلة تشكيل الحكومة ، وإطالة أمد العذاب الذي يعاني منه العراقيون ، والقوائم الأخرى تساهم في إطالة أمد المعاناة ، عن قصد أو دونه ، عندما تتجاهل تطبيق نص الدستور وخرق أحكامه ، أو الإحتكام إلى المجلس النيابي ، في حالة الخصومة على أمر يعتقده البعض حقا لهم ، وينازعهم عليه آخرون .
المشكلة هي في الدستور ، كما هي مسؤولية القضاء والمؤسسات المنوط بها مراقبة تطبيقه . الغموض يكتنف الكثير من مواد الدستور ، ولم تتوضح مواقفه من القوى التي تتعمد تعطيله وخرقه ، وهذا هو المأزق الحقيقي للحكم ، وللقوى السياسية العراقية بكل تلاوينها ..![/b][/size][/font]

60
[03-04-2006]مصداقية ساستنا ..ووطنيتهم ...!!
هادي فريد التكريتي

من أسباب فقدان زعماء الأحزاب ، أو قادة القوائم والتكتلات الإنتخابية ، ثقة الناخبين ، هو عدم متابعة هؤلاء الساسة لتصريحاتهم أو عدم تنفيذ وعودهم التي يطلقونها هنا وهناك ، وهي ليست بالأمر المستحيل أو صعبة التحقيق ، ربما لاعتقادهم أن جماهير الشعب لا تمتلك الذاكرة ، أو مصابة بداء النسيان ، وهذا أمر خطير ينزع الثقة بهؤلاء القادة ، حتى من أقرب قواهم التي يمثلونها ، أو من الجماهير التي منحتهم الثقة ، على أساس وعودهم ، التي أطلقوها قبل وبعد حصولهم على مراكز الحكم ، كما أن الوعود غير المنفذة ، تعرض هؤلاء الزعماء، للمساءلة حتى وإن كان بعد حين ، لعدم اهتمامهم وجديتهم في معالجة المشاكل وأسبابها.
فعلى سبيل المثال لا الحصر ، ُشكلت لجنة برآسة نائب رئيس الوزراء ، برهم صالح ، من قادة التحالف الكوردستاني ، للتحقيق عن فضيحة وزارة! الداخلية في مركز سجن الجادرية السري والإنتهاكات التي مورست فيه بحق المعتقلين ، وقد وعد السيد مسعود البرزاني رئيس إقليم كوردستان، بإعلان ونشر نتيجة التحقيق قبل إجراء موعد الانتخابات التي جرت في 15/12/ 2005 ، إلا أن نتيجة التحقيق ، وحتى اللحظة لم ُتعلن ، والسيد مسعود البرزاني حتى لم يراجع نفسه ويعتذر عن عدم قدرته على تنفيذ وعد قطعه مختارا على نفسه ، و السيد نائب رئيس الوزراء برهم صالح ، بدوره ، لم َيكشف عن هذه الجريمة ، كما هو حال الحكومة الممثلة بالسيد الدكتور الجعفري رئيس الوزراء ، لم ُتعلن عن نتائج التحقيق ، مستغلة الوضع الناشئ عن حكومة تصريف أعمال ، وما رافقها من فوضى حكم ، فلا برلمان لمحاسبة حكومة ولا من ُيعقب نتائج تحقيق ، فجيفة الحكم وفساده بلغت الذرى.
وخلال هذا الوضع السئ والمتدني لعمل أجهزة الدولة ، أطل علينا وزير الداخلية ليقول ، أن لا جريمة في الجادرية ، إنما القضية قد ُضخمت أكثر من اللازم ، وفقط سبعة أشخاص هم من مورست ضدهم ! انتهاكات لا تستحق الذكر ، وسواء تستحق هذه الجريمة الذكر أم لا ، فالسيد رئيس إقليم كوردستان ، هو شريك فعلي في الحكم يتحمل مسؤولية ماجرى ويجري ، وحتى اللحظة ، هو ُمطالب بالإيفاء بوعده بنشر التحقيق أو على الأقل نتيجته ، التي تبيض جبين وزير الداخلية وتخليه من مسؤولية ما حصل ، أما السيد الجعفري ، رئيس الوزراء ، فلا وزر عليه فهو مشغول بأمر شعبه الذي استعصى عليه أمر قيادته للسنوات الأربعة القادمة ، مسكين هو هذا الشعب كم من يتكلم باسمه وهو يسعى لقتله .

لجنة أخرى ُشكلت لغرض التحقيق في استكشاف أمر الجريمة ، التي لامست ضمير ووجدان كل العراقيين ، على اختلاف معتقداتهم وأديانهم وطوائفهم ، تفجير مرقد الإمامين الهادي والعسكري ، في سامراء ، والتي لم تكن سهلة التنفيذ دون تواطؤ جهات داخلية مع قوى خارجية ، فهذه القضية أيضا ، قد شرب عليها الجعفري وحكومته ألتارا من الماء السلسبيل ، أثناء سفره إلى تركيا ، وكاد العراق أن ينخرط في حرب أهلية ، وكأن السفرة إلى أنقرة هي مفتاح الفرج وليس ' تهران ' الغالية ، ونتيجة التحقيق في هذه الجريمة كما هو حاصل في الجادرية ، تعذر الوصول إلى الفاعل ، لحراسة المليشيات مكان الجريمة ...!! ..

ثالثة الأثافي ما حصل في حسينية المصطفى ، ، والجريمة المروعة التي حصلت فيها ، واتهام الحكومة ، وجيش المهدي ، وحزب الدعوة ، والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية ، للقوات الأمريكية بارتكاب الجريمة وانتهاك حرمة الحسينية ، وكادت أن تنفلت ردة طائفية ، فلولا عقلاء القوم لفلت الزمام ، عندها، تنطح للقضية أكثر من طرف للتحقيق فيها ، فالسيد رئيس الجمهورية جلال الطلباني أعلن عن تشكيل هيئة تحقيق برآسته لمعرفة الجناة وملابسات القضية ، والحكومة أعلنت عن تشكيل هيئة للتحقيق ، وكأن الهيئة الاولى برآسة رئيس الجمهورية لم تكن حكومية ، وربما لم تطلع حكومة الجعفري عليها ، أو ربما لا ثقة متبادلة بين الهيئتين.
وحتى هنا ليس هذا هو المهم ، المهم ما هي النتائج ، أين الحقيقة ؟ ليس في هذه القضية ولكن في كل القضايا التي جرى ويجري فيها التحقيق . هناك مبدأ توصلت إليه الحركة السياسية والحكومات المتعاقبة ، يقول إذا أردت أن تطمس سرا أو نتيجة لقضية ما فشكل لها لجنة للتحقيق ، وهذا المبدأ قد أحسنت فعله وأجادته القوى السياسية المتصدية للحكم في العراق ، فليس المهم إظهار الحقيقة ، بقدر ما هو قتلها والتستر على الجناة المتجلببين بجلباب مليشيات الطوائف الحكومية ، وإرباك الوضع السياسي في العراق ، وغسل أدمغة الشعب العراقي من استذكار وتذكر وعود الحكام . مأساة الشعب العراقي ، هي ما يلهو بها ويتلاعب هؤلاء الحكام .، ومن ينكر علي قولي هذا فليدلني ، الُمنِكر ، على مصداقية سياسيينا.وهم يمارسون مع الشعب العراقي ، منذ أربعة أشهر ، الكذب والخديعة والتضليل ، باسم الوطنية والديموقراطية ، وكأن هذين المبدأين هما من المتناقضات .
الحقيقة هما صنوان فلا وجود لأحدهما دون الآخر ، تتمثل فيهما مصلحة الشعب ، الذي أذاقه ، ويذيقه ، الإرهاب المنفلت يوميا العشرات من القتلى ، كلهم ضحايا حكام ماتت ضمائرهم ، يتكالبون على مكاسب شخصية ، ألبسوها لباس الحرص على القومية والدين والطائفة ، كذبا وزورا ، فما مصلحة كل هذا بما يجري ، فرئيس الوزراء المنتهية ولايته ، الدكتور إبراهيم الجعفري ، مرشح لرآسة الحكومة من قبل قائمته التي لم تنل أغلبية المقاعد في المجلس النيابي ، لتشكيل حكومة تحظى بموافقة الأغلبية ، ناهيك عن أدائه السئ طيلة الفترة المنصرمة ، فلماذا يتمسك بهذا المنصب ؟ أين الديموقراطية بل أين الوطنية ؟
وهذا الموقف هو ما أعاق تشكيل الحكومة كل هذا الوقت ، ونتيجته يتعرض الشعب العراقي للمخاطر والمصايب .
ربما قد نسي أو تناسى السيد الجعفري أن المرشح لهذا المنصب ، يجب أن ينال موافقة القوائم الأخرى التي تشكل الأكثرية ، فالمنصب هو رئيس وزراء لشعب العراق كله ، من شماله لجنوبه ، وليس رئيس وزراء لكيان طائفي أو فدرالي مستقل عن وحدة العراق ، ثم أين هي الوطنية عندما يحاول فرد ، أو حتى مجموعة ، أن تفرض إرادتها دون مسوغ قانوني أو وطني ، على أكثرية ممثلي الشعب ، هل أُصيب الجعفري بعدوى التمسك بالمنصب ، وما هو حاصل في مصر ، اليوم ، وبعض البلدان العربية الأخرى ؟ لا ! ندري كيف لو تمكن الجعفري من نيل الأغلبية لوحده في البرلمان ، هل سيفرض علينا دكتاتورية ولاية الفقيه ؟!
فالسيد جواد المالكي يتجه بالعراق إلى دكتاتورية دينية مقيتة عندما يعلن ' إن رئيس الوزراء الموقت لن يتنحى ولن يتخلى عن ترشيح نفسه لفترة ولاية ثانية رغم دعوات أعضاء في قائمة الإئتلاف كي يتنحى ، وإنه لن يتنحى بكل تأكيد وإنه المرشح الوحيد وإنه سيمضي حتى النهاية ' ولا نعرف إلى أين سيمضي بنا الجعفري حتى النهاية ، إلى الحرب الأهلية أم إلى إعلان ديكتاتورية الدعوة الإسلامية ، خصوصا وهو يعترف بوجود المليشيات ويريد ضمها إلى الجيش ..!! بقليل من المصداقية ، ياحكامنا الجدد ، وبقليل من الوطنية نصل وإياكم إلى بر السلامة ، فقط صارحونا بما تضمرون لهذا الشعب الذي أعطاكم ثقته ، ولم تعطوه سوى التعالي والفشل ..!

3 نيسان 2006[/b][/size][/font]




61
باقة من الورد ..للحزب الشوعي العراقي في عيده ..!

هادي فريد التكريتي
[29-03-2006]

في مطلع كل ربيع تتجدد الذكرى العطرة لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي ، وفي ذكرى التأسيس ، الثانية والسبعون ، تنتصب شامخة هامات ، الرجال والنساء ، الرفاق والرفيقات الأوائل ، الذين أقدموا على وضع اللبنة الأولى في بناء هذا الصرح العملاق ، فكرا وتنظيما ، وهم الذين عمدوا مسيرته بتضحيات هانت دونها الدماء ، لتبقى أفكاره ومبادُئه منارة ضوء شامخة تهدي الطامحين لغد التحرر والحرية .
في مثل هذا الوقت من كل سنة ، تضج بيوت الشيوعيين ، بالهلاهل والزغاريد ، رغم ما تعانيه من أحزان ، على الشهداء الذين طرزوا درب المسيرة بدمائهم ، وفي مثل هذا اليوم تصدح أغاني الشعب ، على ضفاف وشواطئ أنهار الوطن ، كما في سهولة وأهواره ، في وديانه وجباله ، موشاة بألحان وموسيقى مكونات شعبنا ، حيث تمتزج لغات الوطن ولهجاته ، بشفافية وعذوبة مع بعضها ، كلدانية ، آشورية ، كوردية ،عربية ، تركمانية ، مكونة بانسجام تشكيل نسيجها ، الديني والقومي والطائفية ، دون أن يتعب تشكيلها البصر ، أو يخدش لحنها أذن مستمع .
في مثل هذا اليوم العظيم ، تسمو وتتعالى مشاعر وأحاسيس الجميع ، الأمهات والآباء ، الأبناء والبنات ، الأحفاد والأسباط ، فوق معاناة الواقع وآلام جراحه ، وتتشابك اراداتهم المثابرة في عزم وتصميم لتتجاوز مثبطات الظرف الراهن ، لمواصلة الجهد واستكمال خطى الدرب ، التي بدأها رواد الحزب الأوائل ، والذين ساروا على هديهم ، من الرجال والنساء ، العمال والفلاحين ، الكتاب والشعراء ، المثقفين والفنانين ، الطلبة والشباب ، التجار والكسبة ، الجنود والضباط ، شغيلة الفكر واليد ، وغيرهم الكثير من بني الشعب العراقي ، الذين ساهموا في شق مجرى نهر ثالث للعراق ، أسموه " الحزب الشيوعي العراقي " ليروي ضمير وفكر الشعب ، التواق للعدل وللحرية والمحبة .
منذ اثنين وسبعين عاما ، والحزب الشيوعي ، يحث الخطى باتجاه التأسيس لحكم وطني ديموقراطي ، وفق دستور يضمن الحرية للجميع ، ورغم كل ما ناله وأصابه من عسف وإرهاب ، من أنظمة حكم رجعية فاشية وعميلة ، لم تتزعزع ثقته بالشعب ، ولم يكل نضاله أو تفتر عزائم رفاقه ، من اجل تحقيق شعاره العتيد " وطن حر وشعب سعيد " .
وسيبقى الحزب نخلة شامخة في أرض الوطن ، يحظى بعطف ومحبة كل العراقيين الوطنيين ، بمختلف قومياتهم وأديانهم ومذاهبهم .سيبقى الحزب الشيوعي ، طودا شامخا ، وبناء راسخا ، تتحطم على صخرة صموده ووحدته رغبة الأعداء في النيل منه ، وأمام جبروت مقاومته ، فكرا وإرادة ، تلاشت ، وتتلاشى ،كل محاولات الأعداء لاقتلاعه من تربة الوطن ، أومن قلوب أبناء الشعب ، لنهجه الوطني ، وانحيازه الكامل لجانب الشعب ، في الدفاع عن مصالحه الوطنية ، وتحسين أوضاعه الأمنية والمعاشية ، لذا فهو يثير حفيظة الأعداء عليه ، من أعداء التقدم والحرية والعدالة ، ويحظى بحقد وكراهية كل أعداء الشعب والوطن ، من عملاء وقوى حاقدة ، رجعية وطائفية وعنصرية .
الحزب تعلو قامته وتنغرس جذوره في أعماق ذاكرة الشعب ،وهو يفاخر بنهجه ، نهج تحرر وتحرير الشعب ، وخلاص وطنه من كل أجنبي من على أرضه .
لا خوف على هذا العملاق وهو يبحر ، بعد إثنين وسبعين عاما ، وسط رياح عاتية شوهاء ، تهب عليه من اتجاهات متعددة ومختلفة ، محاولة تمزيق أشرعته ، وتحطيم دفة قيادته ، فمنذ انطلاقته ، وهو قد خبر أحوال المحيط وأهله ، وتمرس في عراك الخصوم ، وكثيرا كانت معاركه ، وفي كل منازلة كان يخرج مرفوع الهام منتصرا الفكر ، بالرغم من جراح أدمت أعضاء من جسمه ، فكل معركة لم تصب منه مقتلا ، تغيض أعداءه ، وتمنحه عزما أشد وأقوى لمواصلة المسيرة ، وحتما سيحقق الظفر ، طالما هو بين مكونات شعبه يحيا ويتنفس ، يستمد منهم قوته وقدرته على مصارعة الموج ، ومقاومة رياح السموم الغادرة ، وستتكسر حتما كل نصال البغي والحقد والزيف ، على وحدته وتماسكه ، من أي جهة أتت ، وسيبقى صوته مع صوت الجماهير ، هادرا بنشيد سنمضي إلى ما نريد ، يرعب أعداء الوطن والفكر التقدمي الحر ..!
عاشت ذكرى انبعاثه متجددة كل عام .
المجد والخلود لشهدائه ، شهداء الشعب !

29 آذار 2006[/b][/size][/font]


62
لتتضافر كل جهود المخلصين والوطنيين من أجل حرية الدكتور أحمد الموسوي !!
هادي فريد التكريتي
[24-03-2006]

أقدمت قوى الإرهاب والجريمة والتخلف في العراق ، المعادية لكل القيم الإنسانية ، على اختطاف الشخصية الوطنية والناشط الحقوقي ، رئيس جمعية حقوق الإنسان في العراق ، الكتور أحمد الموسوي ، إن اختطافه يعد جريمة كبرى ، ترتكبها قوى الظلام ، تتطلب من القوى السياسية ، ومنظمات المجتمع المدني العمل الجاد والفوري ، وعلى كل المستويات للعمل من أجل إطلاق سراحه ، فالموسوي لم يكن شخصية وطنية ومناضلا من أجل حقوق الإنسان فقط ، وإنما إنسانا يتمتع بقيم إنسانية عالية المواصفات ، سعت لعمل الخير وتقديم المساعدة لكل طالب لها ، دون تمييز أو موقف معين ..

اختطاف الدكتور أحمد الموسوي ، يمثل إهانة كبرى لقيم المجتمع العراقي ، الأخلاقية والإنسانية ، وتحديا لكل فئات ومنظمات المجتمع المدني ، ومؤسسات الدولة الرسمية وغير الرسمية . الدكتور الموسوي شخصية وطنية ونزيهة ومعروفه على المستوى الوطني والرسمي ، واختطافه وعدم إطلاق سراحه يمثل وصمة عار في جبين الجميع . لتتضافر كل الجهود المخلصة والحثيثة وبالسرعة القصوى لرد الحرية للدكتور أحمد الموسوي ، الناشط الحقوقي ورئيس الجمعية العراقية لحقوق الإنسان في العراق .

هادي فريد التكريتي
24 آذار 2006 [/b] [/size] [/font]



63
المقاومة ...والدفاع عن الوطن .....!! (2/2)

هادي فريد التكريتي
[24-03-2006]
القسم الثاني


من المسلمات به في العمل السياسي ، بأن أي فكر أو نهج سياسي ، غير قادر ، مهما كانت قدرته على الإقناع ، بزج أية فئة أو مجموعة من أتباعه في عمل ما ، دون أن تكون مقتنعة فيه ، وإن حصل كرها ، أو ضد إرادتها ، فلن تحقق نجاحا ، هذا في المجال السياسي ، فكيف إذا كان هذا العمل يتوقف عليه مصير بلد وحياة الكثير من أبناء الشعب ؟ ف ' المقاومة ' قناعة واختيار ، ولا يمكن إجبار أو إكراه أحد من الناس ، أو فرضها على مجموعة منهم ، دون أن تتوفر أسباب مقنعة للمقاومة ، وتجربة الأنصار بهذا الشأن في كوردستان غنية النتائج ، عندما أُجبر البعض على خوض التجربة .

شعبنا وأغلب قواه السياسية ، بعد سقوط النظام ، رفض كل دعوى للمقاومة ، وهذا خيار شعب يجب احترامه ، بدليل ليس عدم انخراطه فيها ، وإنما خاض متحديا هذه ' المقاومة ' بتجربتين ناجحتين لانتخابات عامة ، لاختيار ممثليه في الجمعية الوطنية والمجلس النيابي ، وثالثة باستفتائه على الدستور ، ونهجه هذا كان دليل رفض وإدانة لهذه ' المقاومة ' ، كما هو دليل واضح على انعزال لأصحاب نهج المقاومة ، والمحرضين عليها ، من بعض من يدعي حرصه على الشعب والعمل في سبيله ، وكذا لا يحق لعاقل يدعي الوطنية أن يقف مع هذه القوى ونصرتها ، أو يطلق عليها مسميات شرف ووطنية ، وهي فاقدة لهذه الصفات والمسميات ، على ضد من مصالح الشعب ، ورغبته في خياره واختياره للنهج الذي يسلكه .

'المقاومة ' تقرن دائما بالوطنية ، لما توظفه من آليات عمل شريفة ونزيهة لخدمة مجتمعها الذي تعيش فيه وتدافع عنه ، ومن البديهي ، أن تكون لهذه المقاومة مقومات فكرية واضحة المعالم ، وأهداف وطنية معلنة ومعروفة ، تجمع عليها أغلبية من مكونات الشعب ، مفروض بها أن تمثلها مرجعية معروفة من الرموز الوطنية ، الغير ملثمة ، وأساليب عملها شريفة تنسجم مع أهدافها الوطنية . فهل تتوفر مثل هذه الصفات فيمن يحمل سلاح ' المقاومة ' ويدعيها ، وهو يفجر عبواته الناسفة على الطرق ، تصادف طفلا أم عاجزا ، ومفخخاته وسط الأسواق ودور العبادة تزهق أرواح أطفال ونساء وشيوخ أبرياء ، وتفجر أجساد عمال تبحث عن لقمة عيش لعائلاتها ، كما تستهدف الجندي وقوات الأمن والشرطة ، الذين هم أبناء لهذا الوطن ، يبغون لقمة عيش شريفة ، ورهنوا أرواحهم حماية لأمن وطمأنينة المواطن ، وبالتالي لو قارنا بين ضحايا الشعب الذين استه! دفهم إرهاب ' المقاومة ' وبين ضحايا الاحتلال ، لتأكدنا من أن هذه ' المقاومة ' موجهة ضد أبناء الشعب العراقي وليست ضد الاحتلال ، لكثرة ضحايا الشعب ، مقارنة بما عند قوات الاحتلال . ولنا أن نسأل المدافعين عن نهجها ، هل بإمكانهم أن يدلونا على مرجعيتها و من يمثلها ؟ وماهية الأهداف التي يرومون تحقيقها ؟ وهل تتماهى أهدافهم ، إن كانت ' شريفة ' ، مع أساليبهم في الذبح والخطف والتفجير وانتهاك أعراض المحصنات من النساء ؟ وغيرها من وسائل سافلة ارتكبوها في دور عبادة ومقدسات الشعب ، أجمع على حرمتها كل مكونات ، المجتمع بدياناته وأعرافه وتقاليده المختلفة ، فهل هناك من يجهر علنا ، ويسفر عن انتمائه من ارتكب ونفذ تلك الأهداف ؟ ولماذا ؟.

لقد عانى الشعب العراقي كثيرا من النظام الفاشي ومن جرائمه ، فبعد مغامرته المجرمة في الكويت وهزيمته منها ، تفجرت إنتفاضة الشعب في العام 1991 وسيطر المنتفضون على 14 محافظة من مجموع 18 ، وكادت أن تطبق الانتفاضة على النظام كله ، لولا التدخلات الخارجية ودعم القوات الأمريكية للنظام ، هذا الواقع دلل على كره الشعب لهذا النظام وقادته ، الذين أذلوه وجوعوه ودفنوا أبناءه في قبور جماعية ، وبددوا ثرواته على بناء قصور لمجد كاذب ، وشكلوا جيوشا لحماية عرش منهار ، هرب قائدها قبل أن تنهزم هذه الجيوش ، وسلم بغداد وبقية المدن لأسياده ، لينجو بنفسه كجرذ مرعوب ، قبل أن يخرجوه من حفرته القذرة التي اختبأ فيها ، هذا الواقع بحد ذاته يمثل إدانة للرأي المساند ' للمقاومة ' وينزع أي شرعية وطنية عنها وعن القائمين بها ، ومن يحاول أن يجد تبريرا لمثل هذه ' المقاومة ' وشرع! يتها لِمَ لِمْ يطرح مبرراته وبنفس الوقت لِمَ يتجاهل رأي غالبية الشعب المعارض لهذا التوجه ؟.

في غمرة الهجوم الأمريكي ودخول بغداد ، لم نر مواطنا واحدا دافع عن هذا النظام ، فالشعب قد هلل لسقوط النظام والطاغية ، إلا أن فرحته قد شابها الحزن والأسف ، لسقوط النظام بيد وفعل قوى أجنبية وليس وطنية ، فالشعب العراقي بفطرته الوطنية ، يناصب كرهه للمحتل ، إلا أن سقوط النظام ، بغض النظر عن القوى التي ساهمت في سقوطه ، يعني أن مرحلة جديدة قد بدأت في حياة الشعب ، برغم الدمار الهائل الذي أحدثته قوات الاحتلال ، وأعداء الحضارة والتقدم من الأجانب ، وأعوان النظام الساقط ، وما تسبب فيه كل هؤلاء ، من حرق ونهب لمؤسسات الدولة ، ولتراث العراق في متاحفه ومكتباته ، وما رافق المرافق الخدمية من تخريب ودمار . كل خراب أحدثته هذه القوى سيعاود شعب العراق الجبار ، بناءه وإعادته بأفضل ما كان ، من سابق عهده ، ولكن ليس قبل أن ي! حقق نصرا على قوى الإرهاب ، ويكنس قاذورات أفكارهم الهمجية والمتخلفة التي أطلقت عنانها قوى الردة ، من التكفيريين وأعوان النظام الفاشي التي يطلق البعض عليها اسم ' المقاومة ' ، فخلاص الشعب العراقي من قوى الاحتلال والإرهاب مرهون بحكومة وطنية تمثل الشعب ،وتمتلك السيادة واستقلال القرار ، وهذا ما ستحقق بارادة ونضال شعبنا . أما الخلاص من قوات الاحتلال ، فهو أيسر ألف مرة من احتلال داخلي عنصري وفاشي ، أحرق الحرث والنسل ، ووطن نفسه للبقاء مئات السنين كاتما لحرية الشعب ، تتداول الحكم فيه سلالة حقد وكراهية ، من رعاع وسوقة ، متخلفين وهمج ، بعضهم ُقبروا ، والبعض الآخر لا زال يرينا وقاحته متنمرا ، ويحلم بعودته منتصرا ، إن انتصرت مقاومتهم ( لابارك الله فيهم ولا بمن ينصرهم بالقول أو بالفعل ). خلاصنا من الاحتلال ، حتمي بمختلف أساليب النضال السلمية والعسكرية ، وكل شأن مرهون بوقته وبظرفه ، ولكن ليس قبل أن يستتب الأمن في عموم الوطن ، واستعادة لحمة التآخي لقوميات وطوائف شعبنا وهي تتفادى حربا أهلية وشيكة الوقوع ، تساهم في إشعالها قوى الظلام والرجعية والت! طرف ، وما تسمى ب ' المقاومة ' وفي حقيقتها هي قوى لإرهاب طائفي وقومي عن صري أعمى ، تناضل ضدها كل جماهير شعبنا التواقة لغد أفضل وأسعد ..

لا يجوز لقوى تدعي التقدمية والوطنية أن تتحدث عن مجهول لا تعرف كنهه وطبيعته ، تدعمه وتسنده ، بما يخفي وبما يعلن عن جرائم يرتكبها بحق الشعب ، ولا يحق لها أن تمنح القائمين بكل هذا ثقتها ، عن حسن نية ودون تبصر ومعرفة أكيدة ، فحسن النية كثيرا ما تودي بصاحبها إلى مأزق ، ومأزق المثقف والمفكر ، وخيم النتائج ، لأنه يجر خلفه الكثير من الواثقين بمذهبه إلى الهلاك ، وهذا ما يدعو إلى مراجعة المواقف الخاطئة ، فالخطأ والصح مرهون بنتائجه على واقع شعبنا سلبا أم إيجابا ، والتحليل السليم البعيد عن المواقف المسبقة ، الذاتية والمتشنجة ، هو ما يقودنا ويدلنا على أن من فقدوا امتيازاتهم هم من أتباع رئيس وقادة النظام السابق ، وهم من يقود هذه ' المقاومة ' ، أدواتهم بقايا جيوشه التي شكلها للدفاع عن عرشه وسلطانه ، وما استجلب من قوى دينية تكفيرية ، متطرفة في نهجها وظلاميتها ، من بقايا الأفغان العرب وحكم طالبان وابن لادن ، وكل هؤلاء يسعى لإ! عادة ظلم وقهر الأمس ، ضد إرادة شعبنا وحريته وأمنه واستقراره ورفاهيته ، ضد تطوره وتقدمه .

تاريخ الشعوب إبان الحرب العالمية الثانية وقبلها ، عرف الكثير من أنواع المقاومة ومارسها ضد المحتل ، ففي إسبانيا كانت مقاومة الشيوعيين وأنصار الجمهورية ضد الجنرال فرانكو الذي اغتصب الجمهورية في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي ، وأثناء الحرب العالمية الثانية عندما غزت النازية الألمانية الاتحاد السوفيتي ، والمقاومة الوطنية الألمانية ضد دولة هتلر النازية ، كيف تعاملت مع احتلال حررها وأسقط حكم هتلر .؟ وكذلك كانت هناك مقاومة وطنية فرنسية ضد النازية ، وضد حكومة فيشي العميلة ، وضد فاشية موسليني في إيطاليا ، ( كل أوطان هذه المقاومات حررتها قوى أجنبية ) وغيرها الكثير في اليونان وبلغاريا ويوغسلافيا والصين ، كل هذه الأنواع من المقاومة ، كانت لها أهداف ، ومرجعيات معلومة ومعروفة ، على مستوى الوطن ، وحتى الخصم كان له اطلاع ومعرفة برموزها وقياداتها وأهدافها ، كانت هذه ' المقاومات! ' تخدم أهداف شعوبها في التحرر والخلاص من المحتل الفاشي والنازي ، هدفها هو المحتل تطارده وتوقع خسائرها في قواته ، أما أرواح أبناء وبنات الشعب فكانت أمانة بيد المقاومين ، وملكية الشعب ومرافقه المدنية كانت تحميها وتحرسها المقاومة من تخريب المحتل ، وما كانت تمارس لا قتلا ولا خطفا لأبناء شعبها ، فأين هي من كل هذا ' مقاومة ' كتاب ومثقفين معادين للنهج الوطني ..؟

(انتهى)
24 آذار 2006[/b][/size][/font]


64
المقاومة ..والدفاع عن الوطن ..!! 1ـ 2

هادي فريد التكريتي
[23-03-2006]
القسم الأول

 
منذ أن أسقطت ثور ة 14 تموز النظام الملكي العميل لبريطانيا ، في العام 1958 ، والعراق عرضت للتدخلات الدولية في شؤونه الخاصة ، سواء أكان هذا التدخل من دول الجوار ، كما حصل في العام 1959 ، عندما ساهمت الجمهورية العربية المتحدة ، عن طريق سوريا ، في إمداد المتآمرين البعثيين والقوميين العرب ، من المساهمين في مؤامرة الشواف ، بالسلاح والعتاد لإسقاط ثورة 14 تموز ، أوعندما تدخلت حكومة شاه إيران ، في مد حركة رشيد لولان الكوردية المناوئة للثورة بالمال والسلاح.
كما انخرطت وتعاونت عناصر عراقية ، قومية عربية وكوردية ، ودينية ـ شيعية وسنية ، مناوئة للحركة الوطنية العراقية ، مع أجهزة مخابراتية للدول الأمبريالية الكبرى ، لإسقاط الحكم الوطني بعد ثورة 14 تموز ، سواء بإصدار فتاوى التكفير ضد القوى الوطنية ، أو بمساهمتها الفعلية في تنفيذ الثورة المضادة كما حدث في العام 1963.
وظل العراق منذ ذلك التاريخ عرضة للتدخل في شؤونه الداخلية من قبل الدول الأجنبية ، وعلى كل المستويات حتى سقوطه بيد القوات الأمريكية في العام 2003! ، حيث تعاونت ، ولا زالت تتعاون ، الكثير من القوى السياسية العراقية ، الوطنية والعميلة ، على حد سواء ، عربية وكوردية وتركمانية وآشورية ، ليبرالية ودينية ، من الشيعة والسنة ، مع تلك القوات ، وخاضعة لهيمنتها وتوجهاتها ، على الرغم من معرفة واطلاع كل هذه القوى على الأهداف والنشاطات التي تهدف لها وتمارسها القوات الأمريكية والبريطانية ، من أنشطة عسكرية وسياسية واقتصادية على الساحة العراقية.
وأصبح العراق بلدا مفتوحا ومنتهك السيادة ، من قبل مخابرات كل دول العالم ، تمارس أجهزتها نشاطاتها بحرية ، وتعمل ما يحلو لها وما تهدف . هذا واقع معروف ومعترف به من قبل أركان الحكم والمليشيات ، لأن أمريكا هي من أسقطت النظام البعث ـ فاشي ، وهي من ' حررت ' الشعب العراقي من حكم يهون ويتضاءل أمامه الاحتلال وجرائمه .
كل القوى السياسية العراقية ، وعلى مختلف توجهاتها الفكرية والسياسية والدينية ، القومية والطائفية ، كل هذه القوى وبنسب مختلفة ، ساهمت في خلق ودعم وتكوين نظام البعث ، وترسيخ حكمه ، على مختلف المراحل التي مر بها العراق بعد سقوط ثورة 14 تموز.
وكان هذا النظام البعثي ، منذ ذلك الحين ، وهو يح! ظى بدعم ورعاية القوى الأجنبية ، وخاصة الإنكليزية والأمريكية ، التي ساه مت في تكوينه ، ودعمه بكل ما يوطد حكمه ، طيلة أكثر من أربعين عاما ، فالنظام ورموزه ، وبتوجيه من وكالات المخابرات الصديقة له ، كان ينفذ سياساتها المرسومة له ، في الداخل والخارج.
كما كانت هذه الدول ، وخاصة أمريكا ، تساعده على أحكام قبضته على الشعب العراقي ، بسكوتها عن جرائمه أو تكذيب عما يفتضح بالنشر في صحافتها، وإطلاق يده في قمع كل مظهر من مظاهر ' فتات ' الديموقراطية ، فأمريكا هي من تعاونت مع البعث وصدام بالذات ، على تصفية الحركة الثورية الكوردية في العام 1975 ، وبالتنازل عن نصف شط العرب ، تحقيقا لأهدافها ومصالحها الحيوية ، آنذاك ، المرتبطة بنظام الشاه .
وبذات النهج أعلن الحكم عمليا عن تصفية آخر مظهر من مظاهر ديموقراطيته الزائفة ، عندما أقدم على تنفيذ جريمته الفاشية المتمثلة بإعدام 34 شيوعيا دفعة واحدة ، بدعاوى ملفقة ، ممارسة نشاط شيوعي في القوات المسلحة ، الهدف من ورائه فرط عقد الجبهة والتحالف غير متكافئ ، بين الحزب الشيوعي والبعث ، ولينفرد النظام وقيادته بكل ما من شانه رسم سياسة العراق الداخلية والخارجية ، وفق ما يحقق لأمريكا من مصالح وأهداف حيوية في المنطقة .
أغلب! قيادات القوى السياسية ، من القومية والديموقراطية والدينية، الكردية والعربية ، هجرت مواقعها في بغداد وبقية المدن الأخرى ، توجه البعض منها إلى منطقة كردستان بشكل عشوائي ، بعد أن أقدم النظام على تصفية تنظيماتها في الداخل ، وخصوصا عناصر الحزب الشيوعي العراقي ، رغم عدم التهيؤ أو التخطيط المسبق لهذا الوضع من قبل قيادته ، التي لم تكن قد هيأت نفسها لمثل هذا الموقف ، نتيجة للصراع الدائر ضمن المكتب السياسي ، حول وطنية السلطة ، وعدم بلورة رأي موحد ، أو الاتفاق على موقف وسط ، بصدد فك شراكة الجبهة مع البعث.
فجريمة الإعدام التي طالت 34 رفيقا عمقت الصراع ، وبرزت على السطح آراء في المكتب السياسي واللجنة المركزية ، ذات توجهات قومية عربية ، وأخرى كردية ، ترى ضرورة تمتين عرى الجبهة مع البعث ، أو على الأقل عدم تصعيد الخلاف ، رغم كل ما اقترفته أياد حزب البعث وقيادته ، من جرائم قتل وتصفيات جسدية لرفاق الحزب وأنصاره ، في الشوارع قبل المواقف والسجون ، وانتهاكات أخلاقية وفق منظور قومي وتقدمي ل ' أمة عربية واحدة ' مورست البشاعات بحق الرفاق والرفيقات في معتقلات ' من المحيط إلى الخليج '.
دار الصراع داخل الحزب في أعلى سلطة ، دون حسم لأي قرار ، انعكس سلبا على منظم ات الحزب القاعدية ، أربكها وعطلها عن اتخاذ أي قرار واضح ، بصدد ما تعانيه من ملاحقة وإرهاب السلطة ، وعَقد الأمر نزوح أغلب القيادة إلى خارج القطر دون قرار سابق ، وترك الباب مفتوحا أمام رفاق الحزب للهرب ، زاد من تراكم عدد الرفاق المتواجدين في الخارج .
ولم يبق أمام القيادة المنقسمة على نفسها ، سوى قرار التوجه إلى كردستان ، وتشكيل قوات ' الأنصار ' دون أن توفر هذه القيادة الحد الأدنى من المستلزمات المادية لهذه الخطوة ، وما عقد الوضع وزاده سوء ، أنيطت مسؤولية الأنصار والكفاح المسلح بعنصر من المكتب السياسي لا يؤمن بهذا التوجه.
وهذا بعض ما عرقل استيعاب العدد الضخم من المتواجدين خارج العراق ، خصوصا في سوريا ولبنان ، وتركهم دون هدف أو مخطط عملي للإفادة من قدراتهم وكفاءاتهم إلى حين إعادة تجميعهم في كردستان العراق .
التوجه إلى كوردستان أفرز حالة تميز واستعلاء قومي كوردي ، لدى عناصر المنظمة الكوردية ، عزز من هذا الشعور وعمقه ، تواجدهم في المنطقة قبل قرار تشكيل قوات فصائل الأنصار ، وبحكم طبيعة المنظمة وعملها ، كانت السيطرة للعناصر الكوردية ، التي تصدرت الدور القيادي بعقلية عنصرية ، للعمل ' الأنصاري ' من دون كفاءة أو تأهيل.
هذا الواقع كانت تدعمه عناصر قيادية كردية في قيادة الحزب ، ذات نفس قومي ، أمر كهذا حال دون تحمل الرفاق العرب لمسؤولياتهم وفق استحقاقاتهم الحزبية وحتى العسكرية ، بحجج مختلفة منها جغرافية المنطقة ، وعدم معرفة العرب لعادات وتقاليد ولغة أهلها ، على الرغم من أن هذه الحجج لم تصمد أثناء الممارسة ، فالأدلاء كانت أكثريتهم من العرب ، كما أتقن العرب اللغة الكوردية ، والكفاءة القتالية كانت قاسما مشتركا بين الجميع ، لم تكن في عنصر دون آخر .
التمييز كان قائما والحزبي الجيد ، ـ من العرب طبعا ـ ' كما قال أحدهم 'هو من يعمل بأي مكان يسند إليه دون استحقاقه وتدرجه الحزبي ، كلمات حق لتحقيق باطل .
هذا النهج هيأ أسسا مستقبلية لانفصال الشيوعيين الكورد ، بتأسيس حزبهم الشيوعي القومي ال ' كوردستاني '، خلافا للنهج الشيوعي ـ الأممي ، ليضع نفسه لاحقا ، تحت تأثير الحزبين الكورديين القوميين ، كل في منطقته ، ليمارس هذا الحزب ، دور تجربة الحزب الأم في سياسة الخضوع للنهج القومي ، وفق مفهوم الجبهة الكوردستانية ، وهذا ما نراه على الواقع ، فلا صوت لهذا الحزب خارج هيمنة الأحزاب القومية، ولا صوت يعلو على صوت المعركة القومية.!!
الحرب العراقية الإيرانية جاءت لاستكمال وتعميق الأوضاع الفكرية و الماديةالصعبة التي يعيشها الحزب الشيوعي العراقي ، ولتزيد من الإرباكات في مواقفه الضبابية عن الوطن والمقاومة ، كيف ومتى وأين ، وما زاد الطين بلة في تشعب المواقف والتنظير لها ، تواجد أعداد غفيرة من الأعضاء والكوادر القيادية والمثقفة ، في منطقة كوردستان ، عاطلة عن العمل وتلتقي دائما ، دون مهام حقيقية غير الثرثرة .
هذا الواقع ساعد على الشللية وتسقط أخبار القيادة ، الغير منسجمة مع بعضها ، والتشويش على ما يدور بينها من نقاش والتعليق عليها ، فشعار ' الدفاع عن الوطن ' ، الذي بعثت فيه الحياة عناصر من أتباع الفكر الجبهوي اليميني ، جاء تتويجا للخلافات المستعصية في القيادة ، كما هو امتداد لموقف خلافي عن الفاشية والدكتاتورية .
يتم طرح هذا الشعار ' الدفاع عن الوطن ' في وقت لا وطن لمن يطرحه ، سوى عراء يلفه الخوف والرعب ، وطن لنظام فاشي ، تحوي زنازين سجونه ومواقفه آلاف المواطنين الأحرار ، دون أن يطلق سراح أي منهم ، رغم حاجة النظام لوقود بشري لحربه.
كما لم يقدم النظام على أية خطوة تدلل على تغيير نهجه المعادي للشعب ، أو توقف أجهزته عن ملاحقة وقتل وإعدام المئات من المناضلين والمناضلات ، وحتى الناس العاديين ، فالوطن بمجمله مستباحا ، والمواطن لم يعترف النظام له بمواطنته ، إنما هو من رعايا النظام ، عليه واجبات يؤديها دون حقوق .
' الدفاع عن الوطن ' ُرفع هذا الشعار تحت ضغط التشرد والتشرذم ، وحياة مادية صعبة وغير انسانية يعيشها رفاق واعضاء الحزب.
ومن دون تدقيق في الواقع الذي يعيشه الوطن والمواطن ،وبمعزل عن دراسة ظروف السلطة ، جوهرها وماهيتها وواقعها ، ودون البحث في مستلزمات بعث الحياة في هذا الشعار ، كل هذا ، كان دليلا ومؤشرا على أزمة فكر عند حاملي هذا الشعار ، وهوة تفصل بين تنظيرهم وواقعهم المعاش ، لا يمكن جسرها ، أو تلافي نتائجها المستقبلية على حياة الحزب ، وتطوره اللاحق .
فبدون استحضار الأسباب والدوافع لهذه الحرب ومن هو وراءها من الدول الأجنبية ، والغاية التي تستهدفها ، والتعتيم على نتائجها ، يكون الأمر ملتبسا ، وهدف أصحاب هذا الشعار هو تضليل المواطن وحرمانه من معرفة مواصفات ' الوطن ' الحر الذي سيدافع عنه ، وحقوق المواطن الذي سيرخص دمه لهذا الوطن، وماهية حاكم هذا الوطن وتوجهاته ، الذي قتضت الضرورة أن يغير الشيوعيون والوطنيون اتجاه بنادقهم عنه ، إلى ' الدفاع عن الوطن '.
ولم يخبرنا أنصار هذا الرأي ِلَم َلم يدافع الشيوعيون البلغار عن وطنهم ، إبان الحكم الفاشي ، وإنما عملوا على إسقاطه أولا . الدفاع عن نظام فاشي ، تمارس مؤسساته الأمنية كل الجرائم المنكرة بحق المواطن والوطن ، بما فيها أحواض الأسيد .
هذا بحد ذاته جريمة ترتكب بحق الشعب العراقي ، والحرب المعلنة على إيران ، ضحيتها الشعب العراقي ودمار وطنه ، وهي حرب نيابة عن أمريكا وحلفاءها ، كما صرح رئيس النظام ، فلا مصلحة للشعب العراقي فيها بالمرة ، فكيف سيدافع حزب شيوعي عن مثل هكذا وطن ، قبل أن يجد رفاة رفاقه من الشهداء .
لا يمكن فهم موقف مؤيدي ' المقاومة ' والمدافعين عنها حاليا ، دون فهم أسباب ومغزى ، طرحهم شعار ' الدفاع عن الوطن ' وتبنيهم له ، أيام الكفاح المسلح في كردستان العراقية.
فهؤلاء هم أنفسهم من يجاهر اليوم بدعم ' المقاومة ' بعد سقوط النظام الفاشي ، من منطلق مقاومة المحتل فقط ، ومن دون تبيان الأسباب الأخرى الكامنة وراء هذا الموقف .
بدأ يمكن القول ، أن المقاومة الوطنية هي حق مشروع ، لكل الشعوب ، ولكل القوى السياسية الوطنية أن تلجأ إليها ، عندما تتعرض أوطانهم للإحتلال ، كما هو بلدنا في الظرف الراهن ، ولكن ما هي ظروف وقدرات الوطن حاليا ، التي خلفها النظام الساقط وراءه ؟
وما هي مواصفات هذه المقاومة ؟ ومن يقودها ؟ وما هي أهداف هذه المقاومة ؟ عندما خاض الشيوعيون الأنصار ، تجربة الكفاح المسلح ، كان النصير الشيوعي ، يحمل مع بندقيته جعبة عتاده ، وفيها يتواجد برنامج وأهداف الحزب ، كما كان الكتاب ملازما له ، والنصير المقاوم ، يعي الهدف والغاية من مقاومته ، وحتى الوسيلة التي يتوسلها للوصول إلى هدفه ، ولا يخفي انتماءه للحزب الشيوعي العراقي ، أو للجهة التي ينتمي لها .
وعندما يتواجد بين الجماهير ، يكون سافر الوجه وغير ' ملثم ' ، ومفارز الأنصار تتمتع بصداقة حقيقة وعميقة مع جماهير الناس ، كما تقدم كل خدمة أو مساعدة يحتاجها المواطن الكوردستاني ، وبالأخص الخدمة الطبية ، بغض النظر عن العمر أو الجنس ، وهناك الكثير من الحالات التي أنقذ بها أطباء المفارز ، نساء حوامل من الموت ، كما عالجوا جرحى النظام عندما يسقطون بأيديهم.
ومع حلقات تعليم استخدام السلاح ، أسس الأنصار الشيوعيون مدارس للأطفال في محيط نشاطهم ، وبذلك توطدت عرى وثيقة بين المقاوم النصير والمواطن ، ولم يفكر النصير أو مفرزته المسلحة ، حتى في حالة الدفاع عن النفس ، من إطلاق طلقة ضد خصمه ، عندما يعتقد أنها ستصيب إنسانا مسالما أو طفلا ، ـ رومانتيكية أليس كذلك ؟
 ـ وعلى الرغم من قدرة الأنصار على تفجير مؤسسات الدولة ، والقتل العشوائي ، لزعزعة الأمن ، وإشاعة الرعب بين المواطنين ، إلا أنهم لم يقدموا على عمل مثل هذا ، طيلة فترة نشاطهم الأنصاري المسلح ..! هذه هي بعض صفات النصير أو المقاوم الوطني .
فما هي مواصفات ' المقاومة ' الحالية ، ومن هم شخوصها وقيادتها ، ومن هي الجهة الممولة لنشاطها في اللحظة الراهنة ؟ وهل تمتلك ' المقاومة ' الحالية من المقومات والمواصفات الوطنية والأخلاقية ، ما تملكته مقاومات أخرى من مبادئ عبر تاريخنا الحديث ؟ وهل من غطاء وطني لهذه ' المقاومة ' يمكن أن يهمس به المؤيدون والداعمون ؟
(نهاية القسم الأول )
23 آذار 2006[/b][/size][/font]



65
الصب تفضحه عيونه ..!
هادي فريد التكريتي

منذ سقوط النظام في العام 2003 وحتى اللحظة ، طالب ، ولا زال يطالب ، العراقيون على مختلف توجهاتهم السياسية والفكرية وحتى الطائفية ، على إلغاء المليشيات الحزبية والطائفية ، نتيجة ما أحدثته هذه المليشيات من إرهاب وفزع وخوف بين أفراد الشعب وأعضاء التنظيمات المعارضة للتوجهات الطائفية والعنصرية ، من تنفيذ لجرائم قتل على الهوية ، سواء أكانت هذه الهوية طائفية أم قومية أو سياسية ، ألمهم أن هذه الهوية لا تعجب قادة أفراد المليشيات.
 وكانت منظمة بدر ، التابعة لقيادة المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق ، بقيادة السيد عبد العزيز الحكيم ، في مقدمة هذه المليشيات التي شاع ذكرها واستفحل فعلها ، وعمت قتولاتها واتسعت ، بحيث لم يسلم منها مناوئ لنهج محتمل ، فالقتل يحصل على الشبهة ، ولأغراض شخصية كذلك .
تعالت أصوات العراقيين على إدانة هذه الجرائم المرتكبة ، والمطالبة بوضع حد لها ، إلا أن المسؤولين في الحكومة ، وعن هذه المليشيات! ، أعلنوا أكثر من مرة أن هذه القوات ، قوات بدر ، قد تحولت إلى منظمة سياسية ، كما تم استيعاب العديد الكبير منهم في وزارة الداخلية .
واقع الحال يكذب كل ما قالوه ، وخصوصا ما كان يصرح به وينفيه هادي العامري ، النائب في الجمعية الوطنية ، والفائز في الدورة الجديدة للمجلس النيابي ، كما أن السيد وزير الداخلية باقر صولاغ الزبيدي ، قد أنكر أي وجود فعلي لميلشيات بدر ، كما نفى علمه بأي جرائم مرتكبة لهذه المليشيات ، كما أنكر تواجدها كتنظيم عسكري مسلح ، السيد عبد العزيز الحكيم ، والسيد رئيس الوزراء الجعفري.
ولست أدري هل كان كل هؤلاء السادة ، يجهلون أن حبل الكذب والتضليل قصير ، وسرعان ما سيفضح أهله ، فالوقائع والشواهد ، على كذبهم ونفي تواجد المليشيات ، كثيرة أكثر من الهموم المتراكبة والتي راكمها الحكم على صدور العراقيين ، فلن أشير إلى القتولات ذات السمة المحددة ، بربط الأيادي وطلقة في الرأس من الخلف.
ولن أدلل على تلك الجرائم المتشابهة ، بالفعل وبالمكان ، حيث تراكمت مئات الجثث في حوض المياه الثقيلة في الرستمية ، القريبة من مواقع قوات بدر ، بل سأضع بين يدي القارئ مستمسكا صادرا من :ـ ' الأمانة العامة لمنظمة بدر/ الدائرة السياسية / العراق ـ فرع الدورة ، العدد 186 / م ك ، 2006 ، التاريخ 22 / 2/ 2006 . إلى الدائرة السياسية المقر العام . سري .' يدلل هذا الكتاب بأن منظمة بدر لا زالت تمارس نشاطها الإرهابي ، رغم الدعاوى الكاذبة ، الصادرة من الجهات التي تنتمي إليها هذه المليشيات ، بان هذه المنظمة قد تحولت إلى العمل السياسي.
وهذا ما يجعلنا ، ليس أن لا نصدق بأي حال من الأحوال ، تصريحات النفي التي ينفيها هؤلاء المسؤولين عن جرائم هذه المنظمة ، بل دليل قاطع على انزلاقهم وتورطهم في الجرائم المرتكبة في انحاء شتى من العراق ، وكما حدث في سامراء ، لازال يحدث في مناطق أخرى من تخريب وقتل ، هدفه إشعال فتنة الحرب الطائفية ، هو جزء مما تقوم به هذه المليشيات ـ الطائفية والحكومية بنفس الوقت ، ودون حل هذه المليشيات ، ومحاسبة المسؤولين عنها ، سيبقى العراق ساحة قتل لمواطنيه ، وخير دليل مانقدمه .

نص الكتاب كما هو بأخطائه :ـ { السلام عليكم
بعد الاعتداء السني الوهابي الكافر الذي حصل على مرقد الامام الهادي علية السلام وتنفيذا للتوجيهات الصادرة من الامانة العامة لمنظمة بدر وحسب الامر الصادر قامت سرايا مالك الاشتر باعادة الحق الى اهله بعدما ضلت الطغمة الفاسدة تسيطر عليه لعشرات السنين حيث تم استعادة المساجد التي يستخدمها الوهابيين الكفرة الى اهلها الشرعيين من ابناء علي والحسين عليهما السلام

نسخة منه
مكتب السيد عبد العزيز الحكيم دام ظله ... للتفضل بالاطلاع .
الامانة العامة لمنظمة بدر / الدائرة السياسية ... للتفضل بالاطلاع .
وزارة الداخلية / وكالة العمليات الخاصة ..... للتفضل بالاطلاع
دائرة الوقف الشيعي تأشير المساجد ضمن الوقف للتفضل بالاطلاع

التوقيع / ' موقع '
مسؤول فرع الدورة
عبد السلام كريم الزبيدي }

وقد ُختم الكتاب فوق علم الله أكبر ، بختم :( جيش محمد رسول الله ).

هذا دليل على ممارسات مجرمة تقوم بها هذه المليشيات ، لتوسيع محيط النزاع الطائفي ، باتجاهات الفرقة والحرب الأهلية ، فما تقوم به هذه المليشيات يتنافى مع قيم الإسلام ومبادئ أهل البيت ، التي يتمشدق ويتمسح بها وزراء وأرباب نفوذ في الحكم والدين ، فالحقيقة بطبعها عارية ، تفضح من يتستر عليها ، والصب تفضحه عيونه ، مهما حاول أن يداري ، وقديما قال شاعر حكمته :ـ


ومهما تكن عند امرئ من خليقة         وإن خالها تخفى عن الناس ُتعَلِم [/b][/size][/font]


66
المرأة العراقية ... والديموقراطية ..!
قرنفلة حمراء للمرأة في عيدها !
هادي فريد التكريتي
[04-03-2006]

المتصفح لمواقع الصحافة الألكترونية ، يلاحظ تزايدا في عدد أسماء النسوة الناشطات اجتماعيا وسياسيا ، وهذا ما يفرحني بأن أجدهن كاتبات على هذه المواقع ، في مختلف المجالات الأدبية والثقافية ، من مقالات وبحوث وشعر وقصة ، كما في السياسة والاقتصاد والفن ، فإن دل هذا على شيء ، إنما يدل على أن المرأة ، تخيرت طريق حريتها ، وهي ليست بأقل من إمكانيات وقدرات أخيها الرجل ، إذا ما نجحت في انتزاع حقوقها ، وُأتيحت لها الفرص المتساوية لممارستها في كل مجالات الحياة ، وأقر لها المجتمع بحقوق المواطنة المتساوية ، وضمنت لها القوانين السائدة بهذه الحقوق ، اختيارا وممارسة وتعبيرا ، عن وجهة نظرها بحرية كاملة ، في كل ما يخص الشؤون الحياتية للمجتمع الذي تعيش فيه ، سياسيا واجتماعيا ، وأهمها المشاركة في العمل السياسي واتخاذ القرار ، باعتبارها عضوا فاعلا ومؤثرا في المجتمع .

منذ سنوات الحكم الأهلي ، وبواكير تأسيس منظمات المجتمع المدني ، أحزابا ومنظمات اجتماعية ومهنية ، على قلة أعدادها ومحدودية نشاطها ، حاولت المرأة العراقية أن تساهم وتنشط ضمن الأطر المتاحة لهذه التنظيمات آنذاك.
إلا أن الدستور ، رغم توصيف النظام الملكي للدولة بأنها دستورية وديموقراطية ، لم يفسح في المجال للمرأة بالنشاط السياسي ، انتخابا وتمثيلا في المجلس النيابي ، وحتى في المجالس البلدية ، وجردهن من حق المساهمة في صنع القرار .
هذا ما جعل نصف المجتمع الذي تشكله المرأة ، مشلول التأثير ومعطل الفعل ، رغم القدرات والإمكانيات الجمة التي تتمتع بها المرأة العراقية ، فالمؤسسات التعليمية ، مدارس وكليات ، على قلتها ومحدودية فروعها ، لعبت دورا فعالا في بث الوعي المعرفي بين نساء المدن الكبرى ، وخلقت بعض أجواء للمطالبة ، في أوساطهن بحرية العمل والمساواة ، والتمتع بحقوق سياسية كاملة أسوة بالرجل .

معوقات النظام الملكي التي وضعها أمام المرأة ، كثيرة ، وبنتيجتها خسر المجتمع ، كمًا كبيرا من أعضائه عن مساهمته في بنائه وتطويره ، ولعلنا نجد نموذجا لنصفه المغيب ، في امرأة لعبت دورا عفويا ، لكنه متميزا في تشخيص الوضع السياسي القائم آنذاك ، من خلال مراقبتها للحالة الاجتماعية والاقتصادية السائدة ، وهي محجوبة عن كل مشاركة في أي نشاط اجتماعي أو سياسي.
فقبل أكثر من ستين عاما ساهمت هذه المرأة من ' خلف الكواليس ' كزوجة لسياسي ، أو كمراقبة عاطلة عن العمل ، في نقد سياسة بلدها ، العراق ، متمتعة بوعي عال وكفاءة سياسية ومهنية يقل تواجدها بين رجال العهد الملكي آنذاك ، فالسيدة منَور الهاشمي تكتب لزوجها ، المنفي سياسيا في استنبول ، الفريق طه الهاشمي ، وزير الدفاع العراقي الأسبق ، رسالتين مؤرختين على التوالي 12 كانون ثاني و 5 أيار 1943 ، عن الوضع السياسي والاقتصادي السائد في البلد لتلك الفترة ، وكأنها تكتبها اليوم عن العراق ! ، أتي عليها حنا بطاطو ضمن كتابه { العراق ، الكتاب الثاني ص130 } .
تقول السيدة مَنور في رسالتها الأولى :ـ ' ليس عدلا أن تبقى في استنبول بعد تلقي الأذن ( بالعودة ) . أرجوك أن تأتي بلا تأخير . النصائح المخالفة التي تلقيتها إنما أتتك من أناس لا يريدونك أن تأتي إلى هنا لأنهم يخافون أن تصبح عقبة في وجه سرقاتهم إذا ما أصبحت وزيرا .
الفئران تتكاثر بسرعة وإلى درجة أن عدد القطط لم يعد كافيا ...والناس الذين كانوا في السابق يركبون عربات تجرها الثيران صاروا يقودون اليوم السيارات وجيوبهم ملأى بأوراق اللعب .والذين لا يرغبون بمجيئك هم هذا النوع من الناس ، وبينهم الكثير من الأصدقاء والأقارب ...'

الرسالة الثانية :ـ'...عزيزي ، الحياة مكلفة جدا . لقد أصبح الدينار بقيمة الفلس ...حتى الخيار صار ب 300 فلس ، والقماش القطني المطبوع يباع ب 250 فلسا للذراع ..، يمكنك أن تتكهن بالحالة المزرية ... سألت أحمد شوقي إن كانت الحكومة ستتخذ أية إجراءات وقائية ..رد بالقول :ـ ( ليس لنا أي حق بالتدخل لأن التجارة حرة ويمكن أن يبيع بضاعته بالسعر الذي يرغبه ) .
إني أستغرب لماذا يبقى أمثال هؤلاء الجهلة في المدينة ' هاتان الرسالتان تصوران بصدق واقعا لوضع اجتماعي تعيش فيه امرأة عراقية ، تعبر عن رأي قطاع كبير من النساء يحيون حياتها ومثلها وهي تتلمس واقع العراق ، إلا أنهن لم يجدن الوسيلة للتعبير ، نتيجة لأوضاعهن الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المتخلفة والسائدة في البلد ، تتحكم فيهن عوائق لنظام حكم رجعي ـ إقطاعي ، بتقاليد وقيم اجتماعية عشائرية متخلفة ، ودين يضع حواجز أمام المرأة ، تحول دون ممارستها لحقوقها في حياة طبيعية كالرجل ، ك! ل أو بعض من هذه الأسباب حالت دون مشاركة المرأة ورغبتها في بناء الوطن .

النظام السياسي والاجتماعي السائد ، سلبها حريتها وحقها من أن تمارس أي نشاط سياسي أومهني ، وحولها إلى إنسانة معاقة أو قاصرة مجردة من أهليتها في المشاركة بحياة طبيعية لعضو كاملة العقل وصحيحة البدن ، وفرض عليها قيودا صارمة حتى على خروجها من البيت ، فهي لا تخرج إلا مرتين ، مرة من بيت وليها لزوجها ، والثانية منه إلى القبر ، وبين هذا وذاك لا خروج إلا بصحبة محرم ، حتى وإن كان هذا المحرم جاهلا أو معتوها أو طفلا ، في ظل مثل هذه الأوضاع هل يرجى للمرأة من مخرج ؟ .

. إذا كان الدستور ، رب القوانين ، قد أنكر وتجاهل كل حق للمرأة ، فعلى شاكلته تكون كل قوانين البلد الأخرى ، وهي تستمد من الدين والقيم العشائرية المتخلفة أحكامها وموادها ، فحقوقها منقوصة ، في أهليتها وميراثها ، وحريتها الشخصية معدومة ، حتى في البيت تعاني من عسف الزوج وإهانته ، حتى عندما يناديها فلا يناديها إلا بصفات مهينة ، وكل فعل تمارسه مرهون بوصاية الرجل عليها .
هذه القيود جعلت من هذه المرأة وغيرها ، يعشن خلف أبواب موصدة ، في حين كان ، ولا زال ، المجتمع وقوانينه الذكورية تفسح في المجال لأمثال 'أحمد شوقي ' الذي استغربت هذه السيدة ـ منور ـ أن يبقى أمثاله من الجهلة والقاصرين ، فكرا ووعيا يحكمون البلد ، وهذا واقع كان على المرأة أن تجد البديل له . والبديل هو المواجهة والتحدي لانتزاع حريتها وحقوقها المهضومة .

تجاهل حقوق المرأة دستوريا ، والتحديدات الاجتماعية التي فرضها المجتمع ، بتقاليده وأعرافه المتخلفة ، ُأريد منها حجب مساهمة المرأة العراقية عن النشاط العام ، في كل مجالات الحياة ، إلا أنها لم تفلح ، لسببين :ـ

الأول ـ نتيجة لتزايد وعيها بأهمية دورها في بناء المجتمع ، ودأبها المثابر على مطالبتها وبإصرار ، على تمتعها بأهلية كاملة في المجتمع وأمام القانون وضرورة التخلص ، أو التخفيف من ثقل القيود المفروضة على حريتها ، والمعيقة لتطورها وتقدمها .

الثاني ـ يتعلق بتطور العملية الديموقراطية السياسية العراقية ، وبدعم ومساعدة منظمات المجتمع المدني للمرأة من أجل نيل حقوقها دستوريا ، التي لعبت دورا إيجابيا وفعالا ، على مختلف العهود ، في نضالها من أجل أن تحقق للمرأة ما يمكن تحقيقه ، من حقوق سياسية ومدنية ، ارتباطا بالنضال السياسي العام ، والمسيرة الديموقراطية في البلد ، وما تحقق فيها من نجاح أو فشل ..

دخول المرأة ساحة المعترك السياسي عن طريق التنظيمات الحزبية ، عزز من مكانتها ودورها الفاعل في المجتمع ، باعتبارها عنصرا مهما في تنميته ، وتسريع وتائر تقدمه اقتصاديا وثقافيا وسياسيا ، من خلال مشاركة المرأة الفعلية ، في توجهاتها نحو ديموقراطية سياسية ، تنتزع من خلالها حقوقها كاملة .

الحزب الشيوعي العراقي ، وهو يسعى لتغيير بنية المجتمع سياسيا ، وعلى كل المستويات الاجتماعية الأخرى ، كان له السبق في تنظيم المرأة سياسيا وإشراكها في رسم سياسة الحزب ، وتأهيلها لقيادة الكثير من قطاعات المجتمع منذ العام 1941 ، حيث شغلت المرأة مركزا متقدما في صفوفه ، وأصبحت أمينة الرحال ، أول امرأة عضوا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي.
وهذا السبق للمرأة ، على الرغم من ضآلة تمثيله في الهيئة القيادية للحزب آنذاك ، إلا أنه يعتبر خطوة كبيرة ، ونقلة نوعية متقدمة للمرأة نحو الديموقراطية السياسية ، وبذا يعتبر الحزب الشيوعي ، أول مؤسسة سياسية عراقية ، يعترف عمليا بمساواة كاملة للمرأة ، ويضعها في هيئة إصدار القرار السياسي الحزبي ، قبل أن تظهر أية تنظيمات مهنية للمرأة بأكثر من عشر سنوات .

نظام الحكم الملكي القائم آنذاك ، ودستوره ، لم يقرا للمواطن الذكر بحق الانتخاب المباشر للسلطة التشريعية ، إلا في خمسينات القرن الماضي ، أما المرأة فلم يعترف لها بأي حق من الحقوق الديموقراطية ، ومن ضمنها حق المساهمة في أختيار ممثلي المجتمع إلى المجلس النيابي ، وشعورا منها بغبن يقع عليها كمواطنة ، وضرورة الدفاع عن حقوقها ، انخرطت في النضال الوطني والسياسي ، لتأكيد ذاتها ، ومن أجل نيل حقوقها ، جلب عليها غضب النظام الملكي ، فصدرت عليها الأحكام بالسجن .

فثورة 14 تموز الوطنية في العام 1958 ، أسقطت نظاما ملكيا رجعيا وعميلا ، وأسقطت معه الكثير من القوانين المقيدة للحرية ، وهي من حررت المرأة ، وأعادت لها حقوقها التي كانت تطالب بها ، بتشريع قانون الأحوال الشخصية المرقم 188للعام 1959 ،كما أطلقت سراح السجينات السياسيات من النساء ، وأعادت لهن حريتهن وحقوقهن المدنية والسياسية .
كما أقرت للمرأة حق المساهمة بالقرار السياسي ، من خلال إسناد أول منصب وزاري ، ربما في عالمنا العربي آنذاك ، للسيدة نزيهة الدليمي ، رئيسة رابطة المرأة العراقية ، فكانت هذه أول خطوة باتجاه الديموقراطية للمرأة.
إلا أن النواة الجديدة للسلطة الديموقراطية ، وحقوق المرأة وطفلها ، والمواطن ، قد أتى عليها الطاعون القومي ـ البعثي ، منذ العام 1963 وحتى نهايته في 2003 ، فاصبح كل شيء مرهون بمؤسسات غير دستورية ، ووفق رغبة الحاكم الفرد ، الذي عبا السجون والمواقف ، بالمرأة وطفلها ، وبمن يمت لها بصلة من الرجال! ، وأصدر أحكاما جائرة عليها بما فيه الإعدام ، وما عاد الحديث عن حقوقها إلا من قبيل التهكم والسخرية ، بالوحدة والحرية والاشتراكية .

المرأة العراقية كانت قد شخصت ، بوقت مبكر ، من أن تحقيق حريتها ، و مساواتها بالرجل ، يتطلب مساهمتها الجادة والفاعلة ، لتغيير قناعات خاطئة عن المرأة وقصورها العقلي ، ترسخت في المجتمع وجسدها القانون .
فتحقيق حقوقها وإقرارها دستوريا ، مرهون بنضالها وقدرتها على المشاركة في تغيير الظرف السياسي ، واستبداله بواقع آخر ، يقر ليس فقط بما لها من حقوق ، بل ولتطويرها ديموقراطيا ، والدفاع عن حقوق الشعب أمام السلطة وانتهاكاتها ، وسلبها حرية وحقوق المواطنين أيضا.
وهذا ما فعلته عندما ساهمت مع فصائل الأنصار من مقاتلي الحزب الشيوعي العراقي ، في نهاية سبعينات القرن الماضي ، عندما رفعت السلاح بوجه النظام الفاشي ـ البعثي ، دفاعا عن حريات الشعب ومؤسساته الديموقراطية ، وحق المواطن في حقوق متساوية ، والعيش في وطن آمن .

بعد إسقاط النظام البعثي ـ الفاشي في العام 2003 ، تم تعزيز دور المرأة في مجلس الحكم ، وأقر لها الدستور الجديد بحقوق سياسية كاملة ، في الانتخاب والترشيح للمجلس النيابي والتمثيل في مجلس الوزراء.
إلا أن حقوقها المكتسبة بفضل وعيها ونضالها والمحافظة على هذه الحقوق ، مرهونة بمدى يقظتها والمثابرة على تطوير ما حصلت عليه ، وإبداء كل مقاومة للمحاولات التي ستبذلها القوى الدينية ، بكل طوائفها ، المناهضة لهذه الحقوق ، كما فعلت بقانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 عندما حاولت الغاءه ، وستعاود الكرة مرة أخرى ، لأن تعيد المرأة أسيرة البيت ، منقوصة الحق والحقوق ، بالالتفاف على ما تحقق وتحجيم دورها من جديد .

تفعيل دور المرأة ، وحشد النساء للمشاركة بفعالية في تطوير حقوقهن ، مرهون بالواقع السياسي والوضع الأمني السائد في البلد ، الذي يحول دون المساهمة في نشاطات المرأة خارج البيت ، لحشدهن في المطالبة بترسيخ وتطوير ما توصلت إليه من حقوق أقرها الدستور ،هذا الواقع ، بدوره أدي إلى تدني المشاركة الفعلية في إزالة المعوقات التي تقف أمام المرأة ..
المعوقات المعرقلة للمرأة ومساهمتها في تطوير قدراتها ، كثيرة ومتعددة ، البعض أمني ، ما أسلفت ، نتيجة لعدم قدرة المرأة على الوصول إلى المكان الذي تريد وترغب فيه ، وبعضها ثقافي ، حرمها من المشاركة الجادة والفاعلة ، نتيجة لتقاليد متخلفة ، من قيم طائفية وعشائرية ودينية ، كما هو نتيجة حرمانها من ممارسة نشاطات ديموقراطية ، محليا وعالميا ، أدت إلى انعدام في الخبرة والتجربة ، كما هو يكمن في تبعيتها الاقتصادية للرجل ، وعدم توفر فرص العمل لها.
كل هذه الأمور تتطلب معالجتها ، ووضع الحلول المناسبة لها ، ليس من قبل المرأة لوحدها ، ولا بمساهمات جادة من قبل منظمات المجتمع المدني فقط ، بل ويلعب النظام السياسي السائد دورا مميزا في توفير متطلبات الحياة الآمنة والمستقرة ، لممارسة حياة ديموقراطية سليمة وآمنة .

التجربة الماضية / الحالية تحققت فيها للمرأة فرصا لتسنم مناصب وزارية ، ولإشغال مواقع رفيعة في مؤسسات اجتماعية واقتصادية ، كما وإن نسبتها في المجلس التشريعي كانت ما يعادل 25% ، إلا أن دورها السياسي كان ضعيفا ومهمشا ، وهذا ناتج عن كوتا المحاصصة الطائفية والعنصرية ، وتبعية المرأة لتنظيمات سياسية ـ طائفية ، يقودها رجال ممن لا يؤمنون أساسا بعمل المرأة سياسيا ، جيء بها كديكور تنفيذا لنص دستوري ليس إلا ، وهذا ما يجب النضال ضده ودون تحقيقه ، لأنه يؤثر على سمعة عملها وكفاءتها ، وضرورة المساهمة من واقع الكفاءة والمواطنة والمساواة ، من أجل بناء العراق الجديد.
ولتلافي هذا التدني في الكفاءة ، ينبغي العمل على معالجة أسباب وظروف التخلف وإيجاد السبل الكفيلة بتسريع مكافحة الجهل والأمية ، ليتسنى بناء مؤسسات ديموقراطية حقيقية ، تكون فيها المرأة صاحبة قرار واعي ومؤثر ، للنهوض بمجتمع يعاني أكثر من نصفه إعاقات اجتماعية وسياسية ، على مستويات مختلفة .

في الجمعية الوطنية ، السابقة ، كان عدد النساء الناشطات في المناقشة واتخاذ القرار عن وعي وإدراك بمصالح البلد ، لم يتجاوز حضورهن الفاعل ، عدد أصابع اليد الواحدة ، أغلبهن كان محسوبا على أجنحة ليبرالية وديموقراطية .
وفي المجلس الجديد لم يكن الحال أفضل من سابقه ، أغلبهن من تنظيمات دينية ، لا تؤمن بالمرأة وحقها في الحرية والمساواة بالرجل ، وإنما وفق ما يقره الدين ، مع الإقرار والتسليم بمبدأ ' النساء ناقصات عقل ودين ' و' لا خير في رأي تراه امرأة ' كما تقر بنقصان أهليتها ' للذكر مثل حظ الأنثيين ' .
ففي مثل هذا الحال تكون المرأة تابعا لما يخططه لها الرجل ، أو بما يبديه تجاهها من حسن نية ، في أحسن الأحوال ، وللحيلولة دون أن يتحقق هذا كله ، يتطلب الأمر كفاءة ومقدرة من المرأة على العمل ضمن النساء ، لرفع مستوى وعيهن بخطورة تولي نسوة ينكرن حقوق المرأة ، بالعمل على إبعاد كل من لم! يؤمن بحقوق المرأة من تمثيلهن ، ليس في المجالس النيابية فقط بل وفي أي مجال مهني آخر .
كما تجدر الإشارة إلى أن الكثير من مواد الدستور لا زالت بحاجة ماسة ، للتعديل فيما يخص المواد المتعلقة بحقوقها وحقوق الأسرة والطفل ، وضرورة ربط هذه الحقوق بتشريعات قانونية ، وتوثيقها دوليا بالإقرار والتصديق عما يصدر عن المنظمات الدولية وحقوق الإنسان فيما يتعلق بهذا الجانب .

في الجانب الأخر ليس صحيحا ، أو واقعيا ربط كل ما ينتقص من الحقوق ، الديموقراطية والسياسية للمرأة ، بالتشريعات الدستورية المشرعة ، إنما قصور المرأة وتراخيها ، وعدم متابعتها للنشاطات السياسية والثقافية والأقتصادية في البلد ، تلعب دورا كبيرا من انتقاص في حقوقها وتشريعها ، ويؤثر على إثبات قدراتها السياسية والإدارية ، وأهليتها على نيل الحقوق المساوية للرجل .

على المرأة اختراق وتحطيم الكثير من الحواجز المصطنعة والمتخلفة التي تعيقها وتمنعها من تمتعها بحقوقها المدنية ، وتلك التي تحد من نشاطها ومشاركتها الجادة ، في الحياة السياسية والديموقراطية ، فالأمية متفشية بين أفراد المجتمع ككل ، والقيود الإجتماعية والدينية لا زالت تفرض على الفتاة وتكبلها ، في الكثير من المناطق الريفية البعيدة عن مراكز المدن ، وتحول دون تعليمها في مدارس مختلطة ، إن استمر هذا لفترة طويلة ، فسيؤثر على المسار الديموقراطي في المجتمع.
فالمرأة هي ركن أساسي من أركان تطور العملية الديموقراطية ، وبدونها لا يمكن تحقيق نجاحات ، حتى وإن ضمنت التشريعات حقها في ذلك ، فالممارسة هي ما يغني العملية ويطورها ويجعلها متسقة مع واقع التشريع ، ولتجاوز التخلف في المجال التعليمي ، ضرورة المطالبة بتخصيص المزيد من التخصيصات في الميزانية للتعليم وتطويره ، وخصوصا في المناطق الري! فية والنائية

النظام الملكي ومؤسساته الرجعية والقمعية من جهة ، وسياسات الدولة القومية ـ الفاشية ، للنظام السابق من جهة أخرى ، لعبت دورا أساسيا في تخلف المرأة العراقية وإبعادها عن كل نشاط سياسي يؤثر في تطوير اتجاهات ديموقراطية للمجتمع ، على الرغم من أن هذه الأنظمة كانت علمانية في قوانينها وتوجهاتها ، إلا أنها رجعية في إجراءاتها.
وما يحصل عندنا اليوم هو العكس ، بعد سقوط النظام الفاشي ، فالدستور بسمات دستورية ديموقراطية ، يقر حقوقا متقدمة للمرأة إلا إنه يقيدها بقيود إسلامية ـ طائفية ، مازجا بين قيود الدين وأحكامه ، وتقاليد القبيلة والعشيرة المتخلفة ، جاعلا من الدستور في جوهره مناقضا لكل الأنظمة واللوائح التقدمية والديموقراطية التي أقرتها الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان ، التي سبق للعراق أن إعترف بها ، وبذلك ُتجرد فقرات الدستور من دلالاته الديموقراطية ، وتبعده عن كل ما هو إيجابي في نص مواده ، وهذا ما يتطلب من المرأة جهدا متواصلا ، وضغطا مستمرا على السلطة التشريعية ، بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني العراقية ، وحقوق الإنسان العالمية ، لتصحيح مسار الدستور فيما يخص القيود الدينية المفروضة على مواده ، وتشريعات منظمة الأمم المتحدة .

على المرأة أن تقنع المجتمع بأهميتها ، في تطوير كل مجالات الحياة ، كما عليها أن تدرك ، أن لا حياة ديموقراطية فاعلة دون وعي بأهمية مشاركتها ، ومساهمتها في العمل والقرار السياسي ، وتحقيق حقوقها وتطويرها مرهون بنضالها ، إن أرادت أن تشغل الموقع الذي يجب كإنسان متحضر ومتمدن ....!!

4 آذار 2006 [/b] [/size][/font]



67
غلطة الشاطر قاصمة ..!
هادي فريد التكريتي
2/ أذار / 2006

وصف تقرير إخباري زيارة ، رئيس الوزراء الجعفري ، الأخيرة إلى تركيا ، بأنها ' القشة التي قصمت ظهر البعير ' وعلى الرغم من أني لا أعرف على أية حال كانت صحة ذلك البعير ، البائس ، الذي قصمت ظهره قشة ، ربما كان خلي الظهر أهزله المرض ، وربما كان صحيحا ، إلا أن ظهره قد ناء بحمل أثقل من الجندل أو الحديد ؟
بحيث كانت القشة المضافة قاصمة قاتلة ؟ لو كان ذلك الحيوان ، ناطقا لاشتكى من ثقل حمله ، ونجى ! وإن كان الصبر بعض صفاته ، وهي صفة قاتلة ، أيضا ، في أحيان كثيرة .
ربما أحد كان يعرف ، سر القشة ، وكتمها عنا ، وربما كذلك لا أحد يعرف ! أقول لو كان الجمل في وقتنا هذا لتم عرضه على بيطري ، ولعرفنا حقيقة الأمر والنتيجة ، كما يحصل لأنفلونزا الطيور حاليا ، إلا أن الجمل مات مع ما حمل ، وأخذ السر الذي قتله معه .
فزيارة الجعفري لم تكن قشة ، بل مهمة وسرا وهو لها ، كما أن الجعفري لم يكن بعيرا ، بل زعيم حزب ، ورئيس وزراء عن قائمة الائتلاف الشيعي ، وإن كانت الأمثال تضرب للدلالة والاعتبار فلماذا تشبيهه بهذا المثل ؟.
قانون إدارة الدولة ، قانون بريمر طيب الذكر ، لا يزال ساري المفعول ، وحتى انعقاد الدورة الجديدة للمجلس النيابي الجديد ، ينص في بابه الخامس ' السلطة التنفيذية الانتقالية ، المادة الخامسة والثلاثون ، تتكون السلطة التنفيذية في المرحلة الانتقالية من مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء ورئيسه ' .
وبموجب هذا النص الدستوري ، لا يحق لرئيس الوزراء أن يغادر إلى دولة ما لغرض رسمي ، لقاء دولي أو عقد مباحثات مع أطراف خارجية، من دون معرفة وموافقة مجلس الرئاسة على المهمة ، المراد المشاركة فيها، وبما أن رئيس الجمهورية من ضمن مجلس الرئاسة.
فكان من الواجب أن يتم الاتفاق مسبقا على هذه الزيارة ، والتباحث بشأنها قبل أن يقرر السفر ويحط رحاله في تركيا ، فالزيارة من حيث المبدأ تمثل خرقا للدستور ، كما تمثل إحراجا للدولة العراقية ومؤسساتها ، من حيث قيام رئيس الحكومة بزيارة دولة دون علم رئيس الدولة ، ومن دون أن تكون هناك أسباب وأهداف معلنة لهذه الزيارة المفاجئة ، فبيان رئاسة الجمهورية قال ' ليس له ـ أي للجعفري ـ أي حق في الدخول في محادثات أو مناقشات مع الدول الأخرى ..' .
فما صدر من رئاسة الجمهورية بهذا الخصوص هو بحد ذاته دليل على عدم ثقة وعدم اطمئنان ، ليس بين طرفين من أطراف السلطة التنفيذية ، رئاسة الدولة ورئيس الحكومة ، وإنما بين طرفين حليفين يتقاسمان الحكم ، وإعلان بيان الرئاسة بحد ذاته فضيحة حكم ، تتم في ظرف دقيق وحرج يمر به الشعب العراقي. فالحكومة لازالت غير مشكلة ، والعنف يضرب أطنابه بالبلد ، والمواطن ينتظر انفراجا للوضع المتوتر الذي هو فيه ، بعد جريمة تفجير المراقد ، وأن ُيسِرع الأطراف المتحاورون على الإتفاق فيما بينهم لتشكيل الحكومة.
إلا أن هذه الزيارة جاءت دليلا قاطعا على أن الحكومة ومن تمثلهم سياسيا لا يهمهم أمر الشعب ، ولا ما هو فيه الآن من محن ومآسي ، بقدر ما يهمهم توتير الأجواء السياسية لتضييع الفرصة على تشكيل حكومة وحدة وطنية فاعلة ، .
الظرف العراقي غير عادي ، وحتى لو كان ما يمر به العراق وضعا طبيعيا ، والحكومة وضعها طبيعي كذلك ، وليست حكومة تصريف أعمال ، لما جاز لرئيس الوزراء القيام بأية مهمة خارج العراق قبل أن يتم الإتفاق على تشكيل الحكومة ، وهو مرشح لها ، فلم العجلة ؟

لا أعتقد أن الزيارة جاءت من دون موافقة الأطراف التي يمثلهم في قائمة الائتلاف الشيعي ، رغم أن لا أحد يعرف الغاية منها سوى من خطط لها ، على عجل دون الأخذ بالاعتبار الحالة السيئة التي يمر بها البلد ، ولما كانت هذه الزيارة تثير رئاسة الجمهورية ، والطرف الكردي ، وأطراف دولية ، عليها لو تمت وفق إعلان رسمي لها وعن أسبابها ، واستصحب رئيس الوزراء معه أصحاب العلاقة المسؤولين ، ربما كان من بينهم وزير الخارجية ، إن كانت تتعلق بأمور سياسية وديبلوماسية ، أو وزير الداخلية إن كانت لمعالجة ملفات أمنية ، على سبيل المثال .
الزيارة المستعجلة تدلل على أن أمرا' طارئا قد حدث أو أوشك على الحدوث ، ولا مجال لآن يناقشه حتى مع أقرب المستشارين المختصين والقريبين إليه في وزارته ، إلا أن هذا لم يحدث ! السيد رئيس الوزراء المنتهية ولايته ، قام بهذه الزيارة وهو يعرف أن صلاحياته قد انتهت منذ بدء الانتخابات ، وانتهاء الصلاحية تعني كل إجراء خارجي يعتبر باطلا ، ولا حق له في إبرامه أو عقده ، وهذا ما يؤكد عليه السيد المالكي الشخصية الثانية في حزب الجعفري ، يقول ' الزيارة خاطفة ، ولن تتضمن عقد اتفاقيات ..
وهي حكومة تصريف أعمال ، وكونها زيارة عادية وفق هذه المهمة ' على الرغم من اعترافه بأن الزيارة لن تتضمن عقد اتفاقيات ، وإن الحكومة حكومة تصريف أعمال ، إلا أنه لم يفصح عن سبب هذه الزيارة الخاطفة ، كما لم يوضح عن ماهية ' المهمة ' التي تتم وفق هذه الزيارة العادية .
وفي مكان آخر يصرح ' إن بعض الشركاء في تشكيل الحكومة لا يريد لها أن تتشكل ويحاول اختلاق الحجج لتأخيرها أو يريدها بناء على رغبته وأغراضه الخاصة ..' وهذا بعض إيضاح ، مغلف ، من أن الزيارة لها علاقة بالكورد وكوردستان وكركوك .
وحتى اللحظة الأخيرة من مغادرة الجعفري أنقرة إلى بغداد لم يرشح عن أسباب الزيارة سوى ما صرح به في مطار أنقرة ' قمت بزيارة شرعية مطابقة للقانون إلى تركيا وأنا مرتاح لنتائجها ، علاقتنا الثنائية أصبحت اليوم أكثر متانة ..' لن يجد السيد الجعفري صعوبة في تفسير ' زيارة شرعية مطابقة للقانون ..' فالقانون ' يعزف عليه الكثيرون وكل حسب ' المقام ' الذي يؤديه ، إلا أن الزيارة ، هل كانت شرعية ؟
ولماذا لم يعلن السيد رئيس الوزراء عنها ، ولم كانت ، وما هي أسابها؟[/b][/size][/font]

68
أين الحقيقة ...يا حكومة !!

هادي فريد التكريتي
[26-02-2006]

هناك إجماع شعبي ووطني ، كامل من قبل كل القوى السياسية الوطنية العراقية في بياناتها ، على إدانة للتفجير الذي أستهدف مرقدي الإمامين علي الهادي والحسن العسكري ، ولكل الجهات التي تقف ورائه ، على الرغم من عدم إعلان أية جهة عن مسؤولتها لهذه الجريمة ، وهذا بحد ذاته أمر مريب.
إلا أن البيانات الصادرة من قوى الإسلام السياسي ـ الطائفي ومرجعياته ، بشقيه ، الشيعي والسني ، قد تفاوتت في توجهاتها ، ولم تكن بمستوى واحد من الدعوة لضبط النفس وتفويت الفرصة على المجرمين ، من عدم تمكينهم من تحقيق ما يهدفون إليه من زعزعة للأمن ، وإشعال نار حرب طائفية ، بعد أن فشلت كل المساعي والجرائم المرتكبة سابقا من قبلهم لتحقيقها .
هذه الجريمة تأتي نسفاا لكل الجهود وما تحقق من نجاح بين مختلف الأطراف العراقية وتوجهاتها السياسية ، وهي على وشك أن تحقق اتفاقا لتشكيل حكومة منتخبة ، قبل جريمة تفجير المرقدين في سامراء بأيام .
وبحجة تفشي الإرهاب وعدم قدرة الحكومة على ضبط الأمن ، ( الغريب أن هذا حاصل منذ أمد طويل فلم التهديد ؟) هددت بعض المرجعيات الدينية على إنزال ميليشيات من " المؤمنين " لحفظ الأمن والأماكن المقدسة ، في حال عجز الحكومة عن منع أعمال العنف التي يقوم بها السنة.
الشعب كله كان يجأر بالشكوى ، من هذا الوضع المتدهور ، فقد حذر منه الكثير من المثقفين والكتاب العراقيين وغير العراقيين ، كما اقترحوا حلولا ومعالجات لما يحصل ، إلا أن الحكومة ومؤسساتها الأمنية ، وحتى المرجعيات ، كانت منشغلة بأمور أخرى بعيدة عن مصالح الشعب اليومية وهمومه ، وما ينبض به الشارع والوطني من شكاوى أمنية وغيرها ، ولم تعر كل هذه الجهات اهتماما لما يجري وكأن الأمر مخطط له أن يتفجر في سامراء ، وفي مرقد الإمامين الذي أثار حفيظة الشيعة ضد السنة.
لا أبالية المواقف وتساهل الحكومة في إجراءاتها الأمنية المتخذة ، قبل تنفيذ الجريمة لا يخلو من موقف ملتبس ، كما أن قوى الإرهاب الطائفي ـ السني والسلفي ، المتحالفة مع القوى البعثية الصدامية ، ربما هي قد شاركت فعلا ، في ارتكاب الجريمة من خلال اختراق عناصرها لمواقع مسؤولة في أجهزة الشرطة ، التي سبق وأن أعلن عنها السيد وزير الداخلية ، قد سهلت أو تسترت ، على تفعيل هذا العمل الجبان ، كما لا يمكن استبعاد أجهزة أمن وميليشيات حزبية طائفية لوحدها ، أو متعاونة مع استخبارات دولية ، وربما الأخيرة تعمل مستقلة أيضا ، وكل طرف يسعى لتحقيق غاياته وأهدافه من وراء تنفيذ هذه الجريمة .
أغلب لأطراف الشيعية ، قيادية في الحكم وخارجه ، ألقت بمسؤولية تردي الأوضاع الداخلية على تدخل السفير الأمريكي ، زلماي زاد ، في الشأن العراقي ، واعتبار محاولاته المبذولة لتشكيل حكومة وطنية ، يصب في مصلحة السنة بشكل خاص .
ربما يعتقد البعض أن ، احتمال ، إقدام ميليشيات القوى الطائفية ، بنوعيها ، على تفجير المراقد المقدسة عمل مستبعد ! ربما ، ولكن علينا هنا أن نفرق بين أخلاقيات السياسة وأخلاقيات المبادئ ، فالمليشيات ، بأنواعها وإن اختلفت تسمياتها والجهات التي تنتسب إليها ، ترتكب يوميا أبشع الجرائم ، وأبشع هذه الجرائم هي قتل الإنسان ، الذي حرم الله قتله والتمثيل بجسده ، فهل انتهت هذه القوى الملثمة والمسخرة لتطبيق الدين وتنفيذ أوامره ، عن ارتكاب جرائمها وهي تعرف هذه الحقيقة ؟
كما أن المليشيات بكل أشكالها وأنواعها تنفذ رغبة سياسية ، وعندما تصطدم هذه الرغبة بمقاومة من معارضة ما ، فالأمر يقتضي إزالة هذه المعارضة عن الطريق ، مهما كان الثمن ، ولا يهم شكل ونوع العمل الذي يستخدم لإزاحتها ، لو نظرنا إلى الواقع العراقي والمشاريع التي يراد تنفيذها طائفيا ، والصعوبات التي تقف أمام هذه المشاريع لا يمكن تجاوزها دون انفراد بالسلطة ، أو دون استبعاد الطرف المعارض أو المناهض ، بأي شكل كان.
وهناك الكثير من الأمثلة التاريخية التي قامت بها في عالمنا الراهن ، قوى قومية ودينية وطائفية للوصول إلى أهدافها وتحقيقها ، ولولاها لما استطاعت أن تحقق ما هي تحلم به من مشاريع ، فعلى سبيل المثال ، ألمانيا والحزب النازي ، ألم تحرق فرق الحزب النازي الرايخشتاغ وُيتهم هتلر الشيوعيين بحرقه ليقيم سلطته الفاشية.؟
والصهيونية ألم تفجر أماكن عبادة اليهود في دول كثيرة لتجبر اليهود على الهجرة إلى فلسطين ؟ وألم تفجر فندق الملك داود في القدس وفيه مناصروهم ومؤيدوهم من القادة الإنكليز ؟ ومن فجر مقر حزب جمهوري إسلامي الإيراني ؟ وفيه 72 شخصية من أبناء الثورة حيث كان المستهدف آيت الله بهشتي ، لقمع أية معارضة وإرهابها ، لتسيطر فئة الملالي المتشددة على كل مفاصل الدولة !
وعندنا من فجر الصحن الحيدري في كربلاء الذي استهدف شهيد المحراب وصحبه ، آية الله محمد باقر الحكيم ، لدق إسفين بين طوائف الشعب العراقي ، والجريمة لا زالت مجهولة الفاعل ، وإن كل العراقيين يعرفون منفذها !، إلا إنه لم يتم الإعلان عن الجاني ، ونتيجة التحقيق حتى الآن مجهولة ، وربما قد طواها النسيان ؟
عدم تشكيل الحكومة حتى الآن ، من قبل أكبر القوائم ، أوقعها في مأزق دستوري ، لا تستطيع تجاوزه ، دون معجزة تنقذها من هذا الواقع ، بعد أن اقترب موعد افتتاح البرلمان ، وهي تعلم عدم حصولها على النسبة التي تؤهلها أن تتجاوز بها نتائج تصويت البرلمان عليها ، من دون مساهمة شريك لها ، وهذا الشريك المرغوب فيه ، هو الطرف الكوردي ، الذي يرغب في تشكيل حكومة وحدة وطنية ، تضم كل أطراف القوائم الفائزة .
هناك من يعارض هذا التوجه ، فالصقور " المتطرفة " من مليشيات بدر ، إيرانية المنشأ والتدريب والتجهيز وتنفيذ الأهداف ، التابعة لقائمة الائتلاف الشيعي ، في البرلمان وفي وزارة الداخلية ، والمتهمة في ارتكاب جرائم قتل واغتيالات للكثير من المعارضين ، سنة وعلمانيين ، لا مانع لديها من تنفيذ جرائم أبشع من تفجير المراقد ، فكل السبل عندهم مشروعة ، إن كانت تحقق لهم أهدافهم الطائفية والسياسية ، أو تحول دون مساهمة أو عرقلة مشاريع الخصوم ، وهذا الواقع ينطبق ، بنفس الدرجة ، على القوى الطائفية السنية ، من البعثيين ـ الصداميين ، والجماعات التكفيرية المتحالفة مع هذه القوى ، فلا شيء مقدس ، ولا شيء يحول ، مهما عظم ، دون الوصول إلى الغرض الذي من أجله ارتكبوا جرائمهم السابقة ولازالوا يرتكبونها ، قبل وبعد نتائج الانتخابات .
فالمعارضة الشديدة لإقامة حكومة من كل القوائم الفائزة ، وفشل محاولة تشكيلها دون مساهمة الفائزين ، أفرزت واقعا حله يتطلب إجراء عملية قيصرية ، إلا أنها مطروقة من قبل ، ولا يمكن تجاهل التاريخ أو تجاوز حوادثه وكوارثه ، وهذا ما حصل .
بيان وزارة الداخلية الذي أصدرته بخصوص تفجير المرقد ، منشور على موقع رئاسة الجمهورية ـ المكتب الصحفي في 22 شباط والموضوع على موقع " صوت العراق " الألكتروني ليوم 25 شباط ، يقول :" في كل يوم يبرهن الطائفيون والتكفيريون والإرهابيون ومن يقف وراءهم بأنهم أعداء الله والإنسانية فقد قامت مجموعة إرهابية مساء الثلاثاء 21 / شباط في الساعة السابعة وخمسين دقيقة أحدهم يرتدي ملابس عسكرية مرقطة وثلاث يرتدون بدلات سوداء وسيطروا على ضريح الإمامين علي الهادي والحسن العسكري عليهما السلام وقاموا بوضع عبوات ناسفة داخل الضريحين المقدسين .
وفي الساعة السادسة و40 دقيقة صباح هذا اليوم 22 / شباط تم تفجير العبوتين مما أدى إلى هدم القبة بشكل كامل وجزء من الجدار الشمالي للضريح وعلى الفور تحرك لواء المغاوير في سامراء إلى محل الحادث وتمت السيطرة على الموقف . وتود وزارة الداخلية أن تبين أن قوة حماية الضريح تبلغ 35 عنصر من قوة حماية المنشآ إننا في الوقت الذي نستنكر فيه مثل هذا العمل الجبان الذي استهدف مقدسات المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ندعو الجميع إلى توخي الحذر في تصرفات هؤلاء الطائفيين التكفيريين الذين يحاولون الإساءة إلى العراقيين الشرفاء والنيل من الوحدة الوطنية وعلى الفور شكلنا لجنة تحقيقة للوقوف على مجريات الحادث وسيتم إشعاركم بالإجراءات "
بغض النظر عن رداءة أسلوب وصياغة البيان ، إلا أنه يورد معاومات دقيقة ومهمة ، دون أن يشير إلى مصدرها ، ولا أحد يستطيع أن يدلي بمثل هذه المعلومات دون أن يكون مساهما في التنفيذ أو التخطيط ، أو مخبرا شاهد عيان ، إلا أن البيان يتجاهل الكثير من التساؤلات ، ولم يوضح البيان أيضا إن كان هناك منفذون تم إلقاء القبض عليهم أم لا ؟
فإذا كان شاهد عيان ، فلماذا تأخر بإخباره السلطات حتى ما بعد التنفيذ ؟ هل هو من الجماعة المنفذة ، وإذا كان كذلك لماذا لم ُتعلن هويته ومن معه ؟ الأمر الآخر ، أن الفرق بين السيطرة على المرقد ووضع العبوات الناسفة وتفجيرها ، استغرق 11 ساعة ، وهذا الوقت ، هي الفترة الزمنية التي استغرقها تحضير وتجهيز المواد وإعدادها ، وحتى لحظة التفجير .!
الوزارة تذكر في بيانها أن 35 عنصرا هم قوة الحماية ، إلا أن معلومات أخرى قالت أن 3 عناصر فقط هم من كان في الموقع ، وعلى الرغم من هذا الفرق ، كيف جرى التعامل مع القوة المنفذة للعمل وقوة الحماية البالغة 35 عنصرا ؟
العمل استغرق كل الليل وأطراف من النهار في موقع الجريمة ، وموقعها وسط المدينة ؟ هل كان المنفذون يستخدمون الكهرباء لإنارة عملهم الذي يقتضي الدقة والنور الجيد ، ـ لأنه يتم عن طريق ربط أسلاك بحشوات لمواد شديدة الإنفجار ـ ، استخدام الكهرباء أو الضوء ألا يجلب اهتمام المواطنين ؟ ـ الذين يعيشون في ظلام منذ زمن طويل ـ أوقوى الأمن على الأقل ؟
هذا العمل أدى إلى تدمير سطح المرقد بالكامل ، معناه أن المجرمين المنفذين عملوا على السطح مكشوفين للمارة ، ومن مسافة بعيدة . العمل استغرق كل هذا الوقت ، وعدد المنفذين ربما جاوز العشرة عناصر ، ألم يثر شبهة لدى لواء المغاوير المرابط في سامراء ؟
ألم تكن هناك دوريات لهذا اللواء ؟ كيف يحفظ الأمن في المدن العراقية ، من قبل المغاوير ياسيادة الوزير؟ إن كانت مثل هذه الجريمة تقع وسط المدينة ولمرقد مقدس ، المفروض فيه أن تكون قد وضعت عليه وتحته عشرات الخطوط الحمر ، فكيف "بمراقد " المواطنين البؤساء المنسيين في وطنهم ، هل تتذكرونهم وهل ستحميهم مغاويركم ؟ أم أن مغاويركم لحماية القتلة والتستر على المجرمين ؟
في مؤتمركم الصحفي يوم السبت 25 شباط أعلنتم عن اعتقال ستة من المجرمين المنفذين ، نتمنى أن نرى ونسمع نتائج تحقيقاتكم ، وهل ستكون نتائجها كنتيجة التحقيق مع شريككم في الائتلاف الحاكم قائد جيش المهدي ، مقتدى الصدر ، عندما ارتكب جريمة قتل الخوئي ، أو كما آلت إليه نتيجة التحقيق عند تفجير موكب شهيد المحراب ، محمد باقر الحكيم ، وهل هناك من لا يزال يطالبكم شخصيا بمصير التحقيق ونتائج سجن الجادرية السري ؟
أنتم مطالبون بالإعلان عن النتائج وإلا أنتم من نفذ ، تخلصا من استحقاقات حكم شعب ووطن ، أنتم غير قادرون على تنفيذها مع شركاء لكم يخالفونكم في توجهاتهم الوطنية ! والشعب سيحاسبكم عليها إن سنحت له الفرصة يوما !

26 شباط 2006[/b][/size][/font]


69
تفجير المراقد المقدسة ..والقادم أدهى وأمر ..!
هادي فريد التكريتي 
 2006 / 2 / 23

تفجير مرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري ، في مدينة سامراء ، عمل بشع ومدان ، فهذا المرقد ، كغيره وعلى مر العصور ، من مراقد الأئمة المقدسة ، عند كل الطوائف العراقية ، أقدمت على تفجيره صباح هذا اليوم ، فئة حاقدة وحقيرة ، من قوى التكفير والضلالة ، قادمة من خلف الحدود ، حدود الحقد والكراهية والتخلف ، ارتكبت ، هذه الفئة ، جريمتها البشعة مدفوعة بهوس ديني ـ طائفي ، أعمى وحاقد .
هذا العمل الخسيس والجبان ، الذي أريد منه وله ، إشعال فتنة طائفية ، بين أكبر الطوائف المكونة للشعب العراقي من الشيعة والسنة ، لم ولن يكتب له النجاح ، وإن كان قد خلف ندوبا مؤسفة ، إلا أنه لن يحقق لهم غرضهم وما يرمون إليه ، فوحدة طوائف الشعب العراقي قديمة وراسخة ، تستمد من تراث العراق الوطني ، تماسكها وصمودها ، ومقاومتها لعوامل الفرقة والخلاف ، ولن تستطيع أية قوة مجرمة ، ومهما كانت قدرتها على القتل والتدمير ،لن تنجح في اختراق نسيج وحدة تماسك الشعب العراقي .
ولم يقدم هؤلاء المجرمون والقتلة ، على مثل هذه الجريمة النكراء ، إلا بعد أن فشلت كل جرائمهم السابقة التي اقترفوها ، بحق أبناء الشعب العراقي ، عن طريق القتل والتفجير والتفخيخ ، والتي لم تحقق لهم أغراضهم الدنيئة وما كانوا إليه يهدفون ، من إشعال حرب طائفية .
سبقت هذه الجريمة المنكرة ، جريمة تفجير مرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري ، جرائم متعمدة لحرق الكنائس وتفجير الحسينيات والجوامع ، ومراكز عبادة ، لكل الطوائف والملل العراقية ، ولم تكن قادرة هذه الجرائم من فك عرى وحدة العراقيين ، لأنهم ، أصلا ، متمسكين بوحدتهم الوطنية التي هزمت المستعمر البريطاني قبلا" ، عندما حاول أن يشعل حرائق الخلاف الطائفي ، لما استعصى عليه ترويض العراقيين ، وفشلت جهوده المبذولة ، آنذاك ، في أن يجد ثغرة ينفذ إليها لإشعال مثل هذا الفتيل القذر .. 
هذه الجرائم وغيرها ستبقى مشروع تجربة متاح أمر تنفيذها لكل أعداء شعبنا ووحدته ، وتكرارها مستقبلا ، فشلا أو نجاحا ، يتوقف على مقدار وعينا ، ويقظتنا بما يخطط له أعداء شعبنا ، وعلى مدى قدرة تماسكنا فيما بيننا ، وتمسكنا بوحدة وطننا ، وإيماننا بمبادئ وحدتنا الوطنية ، المعادية لقوى الإرهاب ، سلفيين متعصبين ، وتكفيريين ـ طائفيين ، وإرهابيين ـ قوميين ، وبعثيين ـ صداميين ، وإسلاميين متشددين ، وحتى قوات الإحتلال .
سيبقى مسلسل القتل والذبح والتفجير ، قائما فينا ، طالما لم نملك قيادات سياسية عاقلة وحكيمة ، تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار ، وسيبقى العراق كريشة تتقاذفها رغبة الجيران وأهواؤهم ، إذا لم تتجاوز هذه القيادات أطر العنصرية والطائفية الضيقة في تعاملها مع قوى شعبنا ، وتزيل من قواميسها مفاهيم الخطوط الحمر ، على أبناء الوطن ، ووضعها على هذه الفئة أو تلك . الخطوط الحمر ، نشددها ، على الأجنبي وعلى كل من يتدخل في شؤون الوطن الداخلية والخارجية ، نضعها على أعداء شعبنا بكل أطيافهم وتوجهاتهم ، قولا وفعلا .
العراق على مفترق طرق وكل قواه السياسية وقياداتها ، من خارج أو داخل الحكم ، مسؤولة عما يحصل له اليوم من كوارث . العروة الوثقى العاصمة لوحدتنا المجربة ، هي التمسك بوطنيتنا العراقية ، ونبذ التعامل فيما بيننا ، أوالتوصيف لبعضنا ، في كل لفظ مفرق ، يدلل على لون ديني ـ طائفي ،أو قومي ـ عنصري .
ما نعانيه ، نحن أبناء الشعب العراقي ، هو نتيجة غرور أحمق ، واعتقاد كاذب بحرية واستقلال القرار العراقي ، أو التمسك بالمصلحة الوطنية أو القومية عن غير إيمان ، من بعض القادة في الحكم. وحقيقة أمر هذا الموقف ، بعضه ، ناتج عن كره وحقد شخصي ، بغض النظر عن أسبابه ، غير مبرر وطنيا ، فعدم رغبة البعض منهم ، على التوافق والتوحد ، لتشكيل الحكومة القادمة ، يضر بالمصلحة الوطنية العراقية ، ويعرقل ما ينتظره الشعب من حلول لأزماته الخانقة ، الأمنية والمعاشية وغيرها من أزمات ، فلا من فاز بالأكثرية ، ولا من لم يحصل عليها ، قادر على تشكيل الحكومة.
ومنذ أكثر من شهرين ، والعراق دون حكومة شرعية ، قادرة على اتخاذ قرار ما يخفف عن الشعب معاناته ، فالقيادات السياسية ، تدور حول نفسها ، كثور ناعور أبكم ، فلا هي قادرة على تجاوز خلافاتها المفتعلة ، وتبدأ بالحل ، ( في حين كانت متوافقة قبل سقوط النظام ) ولا هي قادرة على التسليم بالأمر الواقع ، والاعتراف بأن الأمر ليس بقرار منها ، وإنما القرار بيد من سلب العراق سيادته ، وانتهك قراره ، وما هي ـ القيادات السياسية ـ إلا كبيادق شطرنج ، غير قادرة على تخطي.ما هو مرسوم لها ، فلا هي تنفذه ، ولا هي ترفضه ، ففي كلا الحالين الفضيحة أعظم (بجلاجل ).
أيها السادة القرار كما تعرفون ، لقوات الاحتلال وقائدها السياسي ، السفير خليل زاد ، فالأكثرية والأقلية لعبة مصطنعة ، توهمها خطأ البعض منكم ، وجازت على البعض الآخر ، من القوى الطائفية والقومية ـ العنصرية ، بأنها ناتجة من علو قامتها وسمو أهدافها ، وتناست أن من فتح الأبواب للجميع هي أمريكا ! فمثلما فتحته ، هي قادرة على إعادته سيرته الأولى ، وكما وضعت ، أمريكا ، قواعد اللعبة ، فعلى كل أطرافها أن تنسجم ، وترضخ ، ( إذا قالت حذام فصدقوها ! عن حق أو باطل ) وإلا لن يخرج العراق من هذا النفق البائس في ظلمته ، بل هناك المزيد ، فأمريكا هي من ورائه .
أيها السادة حكامنا الأشاوس ..! لا تتنمروا ضراوة وتكالبا علينا ، فلا تطيلوا معاناتنا ، توافقوا وانهوا مأساتنا ..! ولا تنسوا فأمريكا هي من خلقتكم ، فلم تكونوا شيئا بدونها ، وشعبكم في كل الأحوال هو الضحية ، وانتم أعرف منه بسوء العاقبة والمنقلب ، والقادم أدهى وأمر ..!

hadifarid@maktoob.com[/b][/size][/font]



70
عمرو موسى ..وعذر أقبح من ذنب ....!!
هادي فريد التكريتي

الرعب يجتاح العالم نتيجة تفشي الوباء الجديد ، افلونزا الطيور ، وبما انه يصيب الطيور وينتقل عن طريقها إلى الإنسان ، فخطره داهم ، يهدد البشرية بتفشي الوباء ، لكونه يتخطى الحدود ، فلا توقفه الحواجز الدولية ، ولا مفارز رجال الأمن والجوازات ، نتيجة لهذا الخطر ، عاش العالم ، وحكوماته التي تحترم الإنسان ، وتحرص على حياته ، في حال من القلق والذعر الشديدين ، فمختبرات العالم البيولوجية ، والبيطرية ، في حالة إنذار فعالة لفحص الحالات التي يشتبه بها ، ولقاحات المرض تنتقل بأقصى سرعة ممكنة ، من مصادرها المنتجة لها ، إلى البلدان التي تحصل فيها الإصابات ، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ليس فقط من بني البشر ، ولكن أيضا من أجل تلك الطيور النادرة المهددة بالانقراض .
لا شك في أن الخسائر المادية والبشرية التي لحقت بالدول التي أصابها الوباء كبيرة ، وخصوصا تلك الدول الفقيرة في أسيا وأفريقيا ، التي تربي وتنتج تلك الطيور ، لا لأكلها واستهلاكها محليا ، فغالبية شعوب هذه الدول ، تحلم بأكلة دجاج في العام ، إن كان العام عام خير وبركة ، لذا فهي تنتج لغيرها من الدول الغنية أو ذات الدخل المناسب لمواطنيها ، فالوباء حل على هذه الدول والشعوب بمثابة الكارثة ( سونامي الطيور ) التي لا يمكن تعويضها ، وهو كارثة بالمقابل على دول الشمال الغنية ، فعلى الرغم من أن الخسارة المادية التي لحقت بهذا الصنف من الحيوانات عندهم كانت هي أيضا كبيرة ، إلا أن ما يخيفهم هو أن يتحول هذا الوباء إلى وباء يهدد الإنسان عندهم .
الدول الأوربية وحكامها ، حريصون على تحقيق أقصى عناية ، وأفضل رعاية للإنسان المواطن عندهم ، واهتماماتهم بصحة وراحة شعوبهم فاقت كل الحدود والتصورات ، التي يحملها حكامنا ، وحتى ما يتخيله حماة البيئة عندنا ، عن حياة نظيفة وكريمة للإنسان.
لذا كانت هذه الدول حريصة على نظافة بيئتهم ، وخلوها من كل مرض ، بما فيها الطيور وباقي الحيوانات الأخرى ، باذلين كل جهد لوقف الوباء ، وعدم انتشاره ، وحصره في المنطقة التي يظهر فيها ، ومحاولة القضاء عليه ، والحيلولة دون أن ينتقل إلى مكان آخر.
لذا كانت إجراءاتهم سريعة ، على كل المستويات ، لتطويق المرض وحصر الخسائر بأقل ما يمكن ، حيث تم عقد اجتماع طارئ لوزراء الزراعة والصحة في هذه الدول ، لمناقشة ما يمكن فعله من إجراءات عملية وفورية ، لوقف انتشار هذا المرض ، أو التقليل من تأثيره على صحة شعوبهم ، وانعكاسات تأثيره على بيئتهم وتضرر اقتصاد بلدانهم.
كما عقدت ندوات على مختلف المستويات والاختصاصات ، لإفهام المواطن وتوعيته بحقيقة هذا الفيروس وكيفية الوقاية وتوخي الحذر منه ، وتحصينه عما هو متداول من إشاعات ، غير حقيقية عن هذا المرض ، وبذلك يتم حفظ أمن المواطن وسلامته ، ليس عن طريق إجراءات مادية وعلاجية ، وإنما عن طريق التوعية الصحية للفرد كذلك .
المرض في منطقتنا العربية ، من آسيا وأفريقيا ، قد ظهرت بوادره ودلالاته منذ فترة ليست بالقصيرة ، كانت ، ولا زالت ، هناك خسائر بشرية ، ناهيك عن الخسائر المادية ، إلا أن المكافحة الجادة ، على مستوى كل قطر ، ضعيفة أو تكاد معدومة ، إن لم تبادر الجهات الصحية المسؤولة ، في هذا البلد أو ذاك ، عن تصريح كاذب ،بخلو البلد ونظافته من هذا المرض ، بدلا من القيام بحملات وقائية مستعجلة ، وفعلية لكشف المناطق الموبوءة ومكافحتها ، وإتلاف الطيور النافقة والمصابة ، وعلاج المصابين من المواطنين ، والقيام بحملات توعية ، لتحصين المواطن ووقايته .
إن ما يجري عندنا يعكس حالة التخلف التي يعيش فيها ومنها المواطن ، نتيجة لإهمال المسؤولين وعدم اهتمامهم به ، على كل المستويات ، فالمواطن ضحية حكامه المتخلفين حضاريا ، فلا مصارحة ولا شفافية فيما هم مقدمون عليه ، والمواطن يجهل ما يحصل حوله ويدور ، فأمن وسلامة غذائه معدومة ، والعناية بصحته أمل وأمنية ، بظهر الغيب ، وتوعيته بمخاطر ما حوله تتولاها أدعية الصالحين !، وعلاجها تمائم وأحجية المتخلفين .
أرباب الحكم والمسؤولين ، على مختلف مستوياتهم ، وعلى نطاق الوطن العربي ، هم آخر من يفكر بالمواطن العادي وحمايته من مرض أو آفة ، وإن حصل فبعد فوات الأوان ، وهذا بالضبط ما يحصل عندنا ، فإصابات المرض ، انفلونزا الطيور ، قد ظهرت في المنطقة منذ أكثر من ثلاثة أسابيع ، إلا أن أية إجراءات جدية ، على مستوى القطر الواحد ، لم تتخذ من قبل أي مسؤول عربي ، للتصدي لهذا المرض والوقاية منه ، وكأنما الأمر لا يعنيه ولا علاقة له به طالما الوباء بعيد عن بلده أو عنه شخصيا.
وعندما يقترب ، أو يتفشى ، بعد محاولات التستر الخائبة عليه ، يتم التداعي لمكافحته بعد فوات الأوان ، أو إجراء ما يلزم ، عندما لا يلزم لعلاجه شيء، وحتى في مثل هذه الحال ، لم يكن عامل الوقت والزمن ، عندهم له حضور أو قيمة ، على عكس ما هو حاصل في الدول المتطورة التي تغالب الزمن في إجراءاتها ، فالسيد عمرو موسى ، رئيس الجامعة العربية ، وبعد أن تفشى المرض في بلده ، مصر ، وأصبحت السيطرة عليه خارج القدرة الوطنية ، يطلب المساعدة عندما أعلن أن :ـ " ..الاتصالات تجري الآن لتوفير الأمصال اللازمة لمواجهة مرض انفلونزا الطيور ، والتنسيق بين الدول العربية لمواجهة هذا الخطر ...
إننا توقعنا هذا الخطر ولذلك اتخذنا إجراءات وقائية إتفق عليها المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة العرب ، في اجتماعه الطارئ منذ قرابة أسبوعين .." لا أجانب الحقيقة والواقع عندما أقول أن الإحساس بقيمة الوقت عند حكامنا أمر معدوم ، أو كإحساسهم بما تعانيه شعوبهم من ظلمهم وقهرهم ، وهذا بعض مأساة تخلفنا .
فمنذ قرابة الأسبوعين ، كما يقول عمرو موسى ، قد أتفق وزراء الصحة الميامين على اتخاذ الإجراءات الوقائية ، ولكن ومن بعد أسبوعين أيضا ، لا زالت الاتصالات تجري لتوفير الأمصال اللازمة ، ( ولا أحد يعلم َمْن يتصل بَمْن ؟ أو على أي البعران ، من بلد العربان ، قد جرى تحميلها أو شحنها ) ولا ندري هل الأمصال هي للطيور أم لبني البشر ؟ سواء أكانت للطيور أم لبني البشر ، فالأمر سيان ، فلن نجد من بين المصابين أحياء بعد كل هذا الوقت المهدور في الإتصالات .؟
( أتمنى لو كانت الأمصال لهؤلاء الوزراء ) الغريب في الأمر أن السيد عمرو موسى ووزراءه العرب ، لا زالوا أحياء ولم يصابوا بالمرض ، وهم من كانوا قد توقعوا هذا الخطر ، فلو لم يكن قد توقعوه ماذا كان سيحصل آنئذ ؟ عندما يكون حكامنا والمسؤولين عن أمننا وحياتنا بهذا الوعي المتدني ، يكون عذرهم أقبح من ذنبهم ، وليس هناك من يحاسبهم.على قباحاتهم .؟؟ [/b] [/size] [/font]

71
صح النوم ..يا سيادة الوزير..!

هادي فريد التكريتي

أطل علينا ( الإطلالة على الأعم الأغلب ما تكون جميلة ..!) السيد وزير الداخلية ببيان ُمَوًقع في 14 شباط باسم باقر جبر الزبيدي ، وقد وضع بتاريخ 17 شباط على موقع " صوت العراق " الألكتروني " ، ولا أدري هل هو نفس الوزير المسمى " بيان باقر جبر صولاغ الزبيدي " أم هناك غيره ، فإذا كان هو نفسه ، فِلَم يضع القارئ ، أو السامع لبيانه في ورطة ولجة من الشك ؟
فنحن نعيش في وضع مستقر وآمن تحرسنا مليشيات الطوائف ! وزمن الحياة في المنفى والخوف من النظام الفاشي الساقط ، قد ولى إلى غير رجعة ، آنذاك كان المناهض للنظام يعيش خلف أسماء مستعارة ، كأبي محمد ، أو بيان ، أو ما شابه ذلك ، فهل السيد الوزير ، باقر جبر الزبيدي ، لا زال يعيش تحت هاجس خوف المعارض من التصفية الجسدية ، حتى وإن كان وزيرا لداخلية العراق ؟
فإذا كان "أبو محمد ، بيان باقر جبر صولاغ الزبيدي " ، هو " نفسه " وزيرنا رغم تعدد التسميات فِلَم َلْم ُيزل الإشكال ؟ ويتم توحيد الإسمين ويجري التصحيح في سجلات مديرية الأحوال المدنية ، وهي أحدى الدوائر التابعة له ، والقادرة ليس على تصحيح الأسماء فقط ، بل حتى منح وإعطاء الجنسية للكثير من طالبيها ، من غير العراقيين ، بأسماء جديدة أو حتى مستعارة ، للأشقاء في الطائفة من دول الجوار .
وبذلك يزيل الحرج عن مسؤوليته في إغراق وزارته بالخبراء وضباط المخابرات من الذين تم تعيينهم في وزارته ، سواء أكان هذا بأمر منه ، أو بأمر من قائد " مليشيات " قوات بدر .
بيان وزير الداخلية ، رغم قصره وإيجازه ، تميز برداءة في الصياغة ، وركاكة في الأسلوب ، وهذا أمر بحد ذاته ، يثبت أن من قد صاغه هو واحد من الخبراء المستوردين من الجارة الشقيقة ! البيان ُيوقع البعض في إشكالية عدم فهم أسباب صدوره ، وهو يتحدث عن جرائم قد وقعت ، في فترة تسنم السيد وزير الداخلية لمنصبه قبل سنة تقريبا ، عندما أطلق العنان لإرهاب مليشياته الطائفية ، المستوعبة في وزارته ، حيث قد ضج المواطنون بالشكوى منها ، فشخصوها ، وأعطوا أوصاف ومواصفات القائمين بها ، وما يستخدمون من أدوات لتنفيذ جرائمهم.
وبيان السيد الوزير يعيد إلينا تشخيص المواطنين بعد الكثير من الدماء التي أهدرها الجناة ، ودون جريمة أو ذنب مرتكب من قبل ، " حماة أمنه البواسل " الذين يأتي على ذكرهم في بيانه ، فيعترف :ـ " ظهرت في الآونة الأخيرة بعض الحالات السلبية الخطيرة والمتمثلة في ارتكاب جرائم قتل للآمنين والأبرياء من أبناء العراق وقد ارتدى هؤلاء زي رجال الداخلية والدفاع واستقلوا عجلات مشابهة لعجلاتهم ..". سبحان الله نفس المواصفاة !
الحقيقة التي لا تقبل الشك والجدل أن هؤلاء هم من مليشيات الطوائف ، وفق تطابق التوصيف لتنفيذ الجرائم ، التي استخدمتها وزارتك في تصفية الخصوم ، أيها السيد الوزير .
الكتاب والمثقفون الوطنيون ، ومنذ بواكير بروز الظاهرة ، وبوسائل كثيرة ومتعددة ، عالجوا الأسباب والمخاطر ، والحلول لهذه الظاهرة الإرهابية ، التي يشكو منها السيد وزير الداخلية في بيانه الصادر بتاريخ 14 شباط 2006 ، إلا أنه ليس لم يبد تفهما لمعالجتها فقط ، بل نفى حدوثها واعتبرها من نسج الأعداء ، كما أنكر تورط عناصر من وزارته في مثل هذه الجرائم .
واليوم يعترف بها ويؤكدها في بيانه حيث يذكر :ـ :" وجود بعض ضعاف النفوس من الذين تسللوا إلى الأجهزة الأمنية في بادئ الأمر دون تدقيق أو تمحيص .." المواطن دائما على حق أيها السيد الوزير ، لأنه ليس هناك أحرص منه على أمنه وحريته .
بيان السيد الوزير ، وكأنه في بداية تسلمه زمام هذا المفصل الأمني المهم ، وليس في وقت يشارف على البدء بتشكيل حكومة جديدة ، حيث تسعى وزارته " وزارة كل العراقيين إلى تحقيق الأمن والنظام في كل أرجاء العراق .."
وهو يعرف جيدا أن النظام والأمن في العراق لم يكن متحققا على عهده ، وإلا ماذا كان عن القتل والتشريد والاعتداء على حرية العراقيين ، قبل وأثناء الانتخابات ، في البصرة والناصرية والعمارة والنجف وسوق الشيوخ وبغداد وسلمان باك وغيرها من مدن العراق ، وما قضية المياه الثقيلة في الرستمية التي أصبحت مسلخا وقبرا تطفو عليه أكثر من مئة ضحية ، من هو غيرك قادر على كشف هذا السر أيها السيد الوزير ؟.
الكثير من القتول حصلت في مدن ومواقع كثيرة ومتعددة ، دون أن يجري التحقيق أو الكشف عن تلك الجرائم ، ولم يعرف العراقيون ، ولا حتى الشركاء في الحكم ، من هم المسؤولين عنها ، كما لم يعلمنا السيد الوزير صولاغ ، أو ينشر حتى اللحظة ، ما آلت إليه نتيجة التحقيق لما جرى في سجن الجادرية .! فهل سيكشف عن كل هذه الجرائم المجلس النيابي الجديد ، وهل سيعترف السيد الوزير بمسؤوليته بكل هذا ، وهل سيبدي اسفه لما قد جرى ؟
أم أن بيانه هذا مدسوس عليه ؟ أم هو صحوة ضمير متأخرة ، إذا كان كذلك فليتقبل قولي " صح النوم أيها السيد الوزير .."

17 شباط 2006[/b][/size][/font]

72
خطوط حمر ...تصبح بِيضَا ..!!

هادي فريد التكريتي
[15-02-2006]

بعد إعلان النتائج النهائية للانتخابات ، حصلت قائمة الائتلاف الشيعي ، على أغلب مقاعد المجلس النيابي الجديد ، الذي يؤهلها تشكيل الحكومة الجديدة ، وبعد حسم تسمية رئيس الوزراء الجديد ، المتنافس عليها بين أطراف قائمة الائتلاف ، كثرت تصريحاتهم ، وخصوصا السيد عزيز الحكيم والجعفري ومن قيادي المجلس وحزب الدعوة ، عن الخطوط الحمراء التي يضعونها على الكتل أو الشخصيات النيابية ، في حالة الإقدام على تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وقد تركزت هذه الخطوط وُشِدَدت ضد القائمة الوطنية العراقية ، بقيادة الدكتور أياد علاوي ، والتي تتألف من تنظيمات وطنية ديموقراطية وشيوعية ، كانت ترتبط مع القوى الاسلامية ـ الطائفية ( من المجلس والدعوة ) بتحالفات فيما بينها قبل سقوط النظام ، وبعده كذلك في مجلس الحكم .
الموقف الجديد ، وخطوطه الحمراء ، لقائمة الائتلاف الطائفي ، لا يحظى بمواقف مؤيدة من عموم القوى السياسية العراقية ، فيما يخص تشكيل حكومة وحدة وطنية ، وخصوصا القائمة الكوردستانية ، التي ترى في الائتلاف الشيعي ، شريك حكم غير موثوق به ، من منطلق التجربة السابقة في الحكم ، فحكومة الجعفري ، التي يمثل وزراءها الأكثرية من قائمة الائتلاف ، قد همشت الوزراء الكورد وتجاوزت على صلاحياتهم.
كما تجاهلت نص الفقرة ج من المادة 58 من قانون إدارة الدولة ، فيما يخص قضية كركوك وحلها ، وبالمجمل لم ينفذ رئيس الحكومة ، على مدار فترة الحكم السابقة ، الإتفاق المبرم بين الشريكين ، بغض النظر عن المسؤولية التي يتحملها الكورد في الحكم لعموم العراق ، حيث اتسم موقفهم ـ الكورد ـ بالضعف والمهادنة طيلة حكم سنة من التحالف ، نتيجة لتجاهل دورهم ، أولا ، كشريك عراقي ، فاعل ومسؤول ، وثانيا ، إستئثار وهيمنة حكومة الائتلاف على ما تراه من شأنها في حكم العراق العربي ، بتنفيذ سياسة طائفية ، ضد كل مكونات الشعب العراقي ، من القوى السياسية الوطنية والديموقراطية ، وبقية الطوائف ، كل هذه ، انسحبت نتائجها السلبية على مصداقيـتهم ـ الكورد ـ وشراكتهم الوطنية ، في وطن موحد وواحد.
بعد إعلان النتائج الانتخابية ، تغيرت الخريطة ، واختلفت المواقع للقوى السياسية ، فالقوى القومية والسنية ، إضافة للقائمة الوطنية العراقية ، إذا ما ائتلفت وتوحدت في برنامج سياسي ، أصبحت تشغل المرتبة الثانية في سلم القوائم بعد ائتلاف القوى الطائفية ـ الشيعية ، مما أفسح في المجال للقائمة الكوردستانية أن تناور ، لتحقيق مطالب أكثر ، وتهدد حليفها السابق في الحكم ، فيما إذا تمسك بخطوطه الحمراء ، خصوصا على القائمة الوطنية العراقية ، لهذا كان الرئيس جلال الطلباني صريحا وواضحا في معارضته لهذه الخطوط ، التي يضعها الائتلاف على القائمة الوطنية العراقية ، معتبرا " وجود خطوط حمراء على القائمة العراقية ، يعني خطوطا حمراء على التحالف الكوردستاني .."
وهذا يعني أن خيارات أخرى مطروحة أمام الكورد للتحالف مع غير الائتلاف الشيعي ، في تشكيل الحكومة القادمة ، مما أدى إلى تراجع سريع ، ومسح كل الخطوط مهما كان لونها ، ومن أي كان مصدرها ، على لسان رئيس الوزراء المنتهية ولايته ، الجعفري ، حيث أعلن " لا خطوط حمر بالسياسة وإنما قناعات ، وتدرس حسب الاستحقاق الدستوري ، كل من في البرلمان له حق المساهمة في الحكومة ، ولا فيتو على أحد .."
أما السيد الحكيم عبد العزيز فليس إعلان تراجعه بأقل سرعة من الجعفري ، حيث اعتبر " الخط الأحمر هو قضية الدستور واجتثاث البعث والموقف من الإرهاب والحرية والمساواة .." ولا أحد يدري من انتهك الدستور والحرية والمساواة ؟
أما اجتثاث البعث ، فحتى الآن لم تصدر فتوى بحق الجابري ، فهل كانت " الفضيلة " بعثية ، أم أنها تأسلمت وفق الظرف والحاجة ..!.
حكومة الوحدة الوطنية ، إن تحققت بكل مكونات المجلس النيابي القادم ، يضع الائتلاف الشيعي أما مفترق طرق ، فالجابري ، رئيس حزب الفضيلة ، ( وهو من العناصر البعثية الموالية للنظام السابق ، له تنظيرات وآراء في تطوير حكم وقيادة صدام ) يرى أن حزبه " سيكون خارج تأييد حكومة الجعفري في حالة عدم تطبيق مشروع الإنقاذ الوطني الذي طرحه حزبه أثناء فترة ترشيحه لرئاسة الوزراء ، المتضمن معالجته للاحتقان الطائفي ، وإشراك مكونات الشعب العراقي في الحكومة القادمة " ، في حين يرى مقتدى الصدر أنه لا يعطي ثقته لحكومة تساهم فيها القائمة الوطنية العراقية ، هذه المواقف المتباينة من مكونات الائتلاف الشيعي تهدد بتصدعه ، والإطاحة به .
فعدم الاتفاق على تسمية مرشح رئيس وزراء للقائمة ، كادت أن تحدث شرخا بين مكونات الائتلاف ، المنسجم داخليا في مواقفه وتوجهاته السياسية ، وكاد أن يعصف به لولا التنازلات الباهضة التي قدمها حزب الدعوة ثمنا لترشحه لمنصب رئاسة الوزراء ، فكيف الحال إذا ما شكلت الحكومة من قوى لم توافق عليها مكونات البعض منه عليها ؟
خصوصا وأن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ، تعني عدم تنفيذ البرنامج السياسي الخاص بالائتلاف ، وإنما يتضمن تعديل الدستور ، وعدم تنفيذ الفيدراليات الحلم الذي لم يتحقق .
قال السيد عزيز الحكيم في وقت سابق ، " انفراد الائتلاف بالحكم فرصة لم تتكرر ولا يمكن تعويضها ، فعلينا أن نستغلها لتحقيق مطالبنا وأهدافنا " ضاعت الفرصة ، وما كان يخشاه قد تحقق ، فمن يتحمل مسؤولية الفشل .؟
وإذا ما رفض الائتلاف الطائفي ـ الشيعي ، من تشكيل حكومة وحدة وطنية ، تشارك فيها قائمة أياد علاوي ، فلن تنال ثقة المجلس الجديد ، وسيتحقق تحالف جديد بين القائمة الكوردستانية والقوى القومية والطائفية ـ السنية ـ إضافة للقائمة الوطنية العراقية ، وربما قوى أخرى من قوى الأئتلاف الشيعي نفسه ، تكون أكثريته النيابية من 143 نائبا ، قادرة على تشكيل أكثرية برلمانية ، تضع الائتلاف في موقف صعب ، أمام خياراته وبرنامجه المعد للتنفيذ .
حكومة المشاركة بين الائتلاف الطائفي ـ العنصري أَخلًت كثيرا بالوحدة الوطنية ، ولم تستطع أن تحقق للعراقيين الأمن والاستقرار واستحقاقاتهم الحياتية ، حتى الضرورية منها ، كما أنها لم تحقق للكورد ما تم الإتفاق عليه بينهما .
وهي من ألحقت أضرارا جسيمة بالوحدة الوطنية ، من خلال إطلاق العنان لإرهاب المليشيات الحزبية ، وقيامها بتصفيات سياسية للقوى القومية والوطنية المعارضة للنهج الطائفي ، كما أنها خربت اقتصاد البلد بسياسات غير مدروسة ، أبرزها السياسة النفطية وزيادة الأسعار ، والفساد يضرب أطنابه في عمق مؤسسات الدولة دون معالجات ، ودون الرجوع إلى الجمعية الوطنية ، وحتى اللحظة ، هي لم تقدم حسابا لما أقدمت عليه من عقد صفقاتها التجارية ، واتفاقاتها السياسية مع إيران خصوصا . فهل سيتكرر السيناريو ، أم أن حقبة جديدة قد بدأت ، وما عادت ظروف الأمس هي من يحكم غدا ..

15 شباط 2006[/b][/size][/font]

73
مليشيات العشائر ..!
هادي فريد التكريتي

فشلت قوات الاحتلال الأمريكية ، في مكافحة الإرهاب ، وتحقيق الأمن والاستقرار للعراق ، منذ أن أسقطت النظام وحتى الوقت الحاضر ، نتيجة لأخطاء كثيرة ارتكبتها هذه القيادة ، المدنية والعسكرية ، جراء عدم فهم طبيعة الشعب العراقي ، لذا لجأت إلى تجريب أسلوب آخر ، بعد أن جربت حلولها العسكرية ، لعله ينجح هذه المرة ، في ضبط الحدود والمنافذ التي تتسلل منها عصابات قوى الإرهاب ، هذا الأسلوب سبق للدولة العثمانية في العراق أن استخدمته ، في مراحلها الأخيرة ، عندما كانت تمر بظروف مشابهة لما تمر به القوات الأمريكية في الوقت الحاضر .
فعدم القدرة على ضبط الحدود ، واتساع نشاط العشائر المناوئ لحكومة العراق العثمانية ، وتمكنها من فرض سيطرتها على طريق القوافل الحكومية والمدنية ، المتوجهة من العراق إلى بقية الولايات المجاورة ، وعدم توفر الإمكانيات للحكومة ، على تسيير حماية عسكرية كافية لهذه القوافل ، دفع ولاة الولايات العثمانية لأن تعقد صفقات ، على مبالغ مسماة ، مع شيوخ العشائر التي! تمر هذه القوافل بأراضيهم لحمايتها وعدم التعرض لها ، وعند الإخلال بتنفيذ الاتفاق من جانب الولاة العثمانيين ، أو عدم تسديد المبالغ المتفق عليها في الوقت المحدد، تتعرض القوافل مرة أخرى للنهب والسلب .

هذا الأسلوب بعينه ، هو ما تم الاتفاق عليه بين قوات الاحتلال الأمريكية ، ورؤساء العشائر العراقية ، التي تقع تحت سيطرتهم الطرق المؤدية إلى سوريا والأردن والسعودية ، عن طريق صفقة تتشكل بموجبها قوات عسكرية ، و شبه عسكرية ، تكون مسؤولة عن حماية الطرق والمناطق الحدودية المتاخمة للعراق ، تكون إدارتها وقيادتها خاضعة لتوجيهات شيوخ العشائر ، أو لمن يفوضونهم نيابة عنهم .
هذه الخطوة ( الاتفاقية ) ، تحقق بعض الأمن لقوات الاحتلال الأمريكية ، إلا أنها تحمل مخاطر جسيمة للشعب العراقي ، للأسباب التالية :ـ

.1 ـ تشكيل قوات عسكرية ، وفق اتفاق أمريكي ـ عشائري غير معلنة بنوده ، بغض النظر عن التسمية ، ( شرطة وجيش ) ، من منطقة معينة ، قوميا وطائفيا ، خاضعة بالكامل لإدارة وأشراف شيوخ العشائر ، وبعيدا عن سيطرة وإشراف الدولة ومؤسساتها ، يعني تشكيل ميليشيات طائفية ـ عنصرية جديدة ، لمواجهة مليشيات قوات بدر وجيش المهدي وميليشيات حزب الدعوة ، التي تقوم بالانتهاكات الأمنية والقانونية التي كثرت في مناطق متعددة من العراق ، وانعكاس نتائجها السلبية على القوات الأمريكية ، باعتبارها مسؤولة عن الأمن في العراق .

2 ـ تمكين هذا النمط الجديد من المليشيات العشائرية ، لفرض سيطرتها على المنطقة ، ووضع الطرق الداخلة والخارجة إلى / ومن العراق تحت سيطرتها ، خطوة تؤسس لبقاء العراق وأمنه مرتهن بيد قوى غير مسؤولة ، عن قصد وتصميم أمريكي ، لإبقاء حالة التوتر الطائفي ـ العنصري قائمة في العراق ، لتقسيمه لاحقا .

3 ـ هذا الأسلوب الذي لجأت إليه إدارة الاحتلال ، يمثل هروبا من اعترافها بالفشل في مواجهة قوى الإرهاب ، وإلقاء تبعة ذلك لاحقا على قوات الأمن العراقية ، تبريرا لاستمرار تواجد القوات الأمريكية خارج وطنها . .

4 ـ الهروب والتنصل من كل الالتزامات التي تفرضها المواثيق الدولية على قوات الاحتلال ، من مسؤولية إحلال الأمن والسلم بين مواطني البلد المحتل .

الحلول الأمريكية ، وفق منظور المصلحة الأمريكية ، قاصرة عن وضع حلول ناجعة للمشاكل التي تفرزها قوات الاحتلال ، في بلاد الغير ، وليس من حل ، أمام الشعب العراقي ، إلا الحل الوطني ، المتمثل بإلغاء كل المليشيات الحزبية ، وليس ببناء وتشكيل ميليشيات عشائرية جديدة وفق الرؤى الأمريكية ، تزيد من مشاكلنا وتعقد فرص حلها ، ،خصوصا ونحن على أبواب فترة حكم دستورية جديدة ، يكون العراقيون ، والأمريكان ، قد اكتسبوا خبرات وتجارب من الفترة المنصرمة ، التي عانى الشعب كثيرا من مآسيها ، ولا زالت أمامه الكثير من المشاكل التي يطالب بحلها ، وهذا ما يجب أن نناضل جميعا ، من أجل إيجاد حلول اكثر واقعية للكثير مما نعاني من الهموم وما نشكو منها .

12 شباط 2006[/b][/size][/font]

74
الدم العراقي المهدور في شباط الأسود ..!
هادي فريد التكريتي
 
ثلاثة مناسبات حزينة ، اجتمعت على الشعب العراقي ، في شهره هذا ، شباط الأسود ، أولاها ، أقدمها وأقدسها وأكثرها حرمة ومأساوية ، هي ثورة الشهيد الحسين ، على سلطة مغتصبة وجائرة ، مورست في قمعها قوة مفرطة بالوحشية ، لم يسلم منها حتى الطفل الرضيع ، في ظروف غير مواتية ، ودون تناسب في القوى ، فخلدها التاريخ منذ 1400  لأنها طرحت قيما سامية أمام المقهورين ، في مقاومة الظلم وسلطة البغي ، خارج إطار العدد والكم ، فعاشت في فكر وقلوب المغلوبين والمقهورين.
وظلت معاني وقيم هذه الثورة العظيمة بدلالتها ، المريرة والقاسية بنتائجها ، لا تمد بتجربتها العراقيين فقط ، بل أصبحت ملكا لكل من اكتوى بعسف سلطة الدين المطلقة ، وجور سلاطين الدين والمتاجرين به وفيه .

المأساة الثانية في هذا الشهر ، في الرابع عشر من شباط عام 1949 حين أقدمت السلطة الملكية العميلة للإنكليز ، على إعدام قادة الحزب الشيوعي العراقي ، فهد وحازم وصارم ، انتقاما منهم للنجاحات التي حققها الحزب ، في توحيد الحركة الوطنية العراقية ، التي هيأة ظروفا وطنية ملائمة ، لنجاح وثبة كانون الثاني الوطنية ، في العام 1948 ، حيث أسقطت معاهدة بورت سموث الخيانية ، التي ضمنت حقوقا إضافية ومطلقة للإنكليز ، والتصرف بالشأن العراقي ، أرضا وشعبا ، وارتهان اقتصاد البلاد ، وخصوصا النفط ، تحت إدارة ونهب الشركات النفطية البريطانية لأجيال قادمة .
حاول النظام الملكي العميل ، وحكام خونة من أمثال نوري السعيد وصالح جبر ، فرض هذه المعاهدة على الشعب العراقي بديلا عن معاهدة 1930 الجائرة ، إلا أن وثبة كانون الثاني ، أفشلت مسعى الحكام الخونة ، وألغت المعاهدة ، معمدة بدماء الكثير من شهداء الشعب العراقي ، فنتيجة لحقد هذا النظام ، على الحركة ! الوطنية العراقية ، وبالذات على الحزب الشيوعي العراقي أقدم على إعدام قادته .

والمناسبة الثالثة ، جريمة كبرى ، حزينة وقاسية ، تحل بالشعب العراقي في هذا الشهر ، يسجلها التاريخ العراقي المعاصر  في 8 شباط من العام 1963 ، بحق خونة من القوميين العرب والبعثيين ، متواطئين مع شركات النفط ، والمخابرات الأمريكية ، على إسقاط ثورة 14 تموز ، كان نتيجتها التأسيس لحكم قومي ـ فاشي ، وسقوط آلاف الضحايا من شهداء الشعب العراقي ، نساء ورجالا ، في  شوارع المدن والحواري الشعبية المقاومة للمؤامرة ، ولم تخلُ السجون من الضحايا الشهداء .
لم يفرق القتلة بين شخص وآخر ، فكل أبناء الشعب هم مشروع قتل طالما لم يكونوا متآمرين منهم ، ظل العراق شهور عدة ، وهو يعيش في مأتم كبير وحزن عميق ، ورغم الضحايا التي فاقت كل تصور ، وبرغم أن الشهداء كانوا من كل القوميات والأديان والطوائف العراقية ، إلا أن الوطنيين والشيوعيين كانت حصتهم الأكبر ، من! هذه الوليمة الفاشية ، المتحالفة مع المخابرات الأمريكية ، بقيادة رئيس البعثة الأمريكية آنذاك.

ضحايا الشعب ، كانوا أكثر مما يمكن عدهم وحصرهم ، قادة وكوادر وطنية ، مدنيين وعسكريين ، رجالا ونساء ، ناهيك عن كل قيادة ثورة 14 تموز الوطنية ، وأغلب قادة الحزب الشيوعي ورفاقه ، كان شهر شباط شهرا أسودا ،  داميا وحزينا ، إلا أن الشعب العراقي لم يلق السلاح ولم يستسلم للنظام الجديد وميليشيات الحرس القومي.
فما هي إلا أشهر حيث تهاوى التحالف الفاشي ليسقط النظام العميل ، معترفا بعمالته قادته قبل غيرهم ، لينهض الشعب العراقي لاعقا جراحه ، محاولا إعادة بناء ما يمكن .الخسارة كانت عظيمة وقاسية بكل المقاييس ، ولم يجد الشعب حوله من يعينه على البلوى غير أبنائه .

 ما يعانيه العراق والشعب في ظرفنا الراهن ، من مشاكل على مختلف الأصعدة ، ليس بمعزل عما أورثنا إياه الحكم الفاشي الساقط ، ولم تكن نتائج ذلك الحكم بعيدة عن تواطئه وتعاونه ، مع القوى الأجنبية ، وخاصة أمريكا ، التي أسقطته ، فالعراق ومنذ غابر الأزمان منطقة تحظى باهتمام القوى الكبرى ، ليس فقط لأنه ضمن منطقة استراتيجية ، وموقعه الجغرافي الرابط بين الشرق والغرب ، بل وأيضا لأنه آخر معين ناضب من الطاقة التي يتكالب عليها العالم اليوم ، فأمريكا لم تقدم على إسقاط النظام الفاشي ، من أجل حرية وبناء ديموقراطية للشعب العراقي ، كما يدعي البعض.
فأمريكا،  كانت على الدوام شريكا للنظام في كل الشرور التي ارتكبها ، ليس بحق دول الجوار فقط ، بل ما كان قبلا من تضييق على حرية الشعب العراقي ، وقمع قواه الوطنية ، وحتى الحرب الداخلية مع الكورد ، كانت هي ! وراء جرائمه تلك ، فإضعاف الحركة الوطنية والديموقراطية والتضييق عليها ، في أي مكان غير بلدها ، أمرمرغوب فيه وُيََسهل عليها أمر الحصول على ما ترمي إليه وتريد من أي نظام .
لو كانت ، أمريكا ، فعلا ترمي لبناء الديموقراطيات في المنطقة ، ومن ضمنها العراق ، لما أقدمت على تحطيم الدولة العراقية ومؤسساتها ، ولما فتحت الحدود أمام قوى الإرهاب ، ولما سمحت بتأسيس الحكم وفق مبادئ المحاصصة الطائفية والعنصرية ، ولما تدخلت ، حتى اللحظة ، في الشأن العراقي .

أمن العراق ، سيبقى ملتبسا ، والدم العراقي ، سيبقى نازفا ، طالما كان قرار تلاقينا أو تباعدنا ، خصومتنا أو تصالحنا ، مرهونا بالقرار الأمريكي ، وطالما قادتنا السياسيون ، بكل طوائفهم وقومياتهم ، وبغض النظر عن معتقداتهم وأفكارهم السياسية ، يهرعون طالبين النصح والمشورة من عميد السفارة الأمريكية ، زلماي خليل زاد ، لحل ما يعاني منه الوطن ، ويشكو منه الشعب العراقي.  من يبغي مشورة ونصحا من عدو فلن يجد سوى المأساة ، والمأساة هي أن نلجأ لتجربة المجرب الفاسد .
قضيتنا التي نشكو منها عراقية بكل تفاصيلها ومفاصلها ، والحل عند العراقيين أنفسهم وبيدهم ، من غير أن يجتمع عقلاء العراق وناصحوه فيما بينهم ، ويتدارسوا الحلول الوطنية الواجب الاتفاق عليها وتنفيذها ، فلا حل ولا اتفاق ، ولن يكون الوفاق حاصلا بين طوائفه أيضا .
العراقيون ، فقط ، وحدهم القادرون على إيجاد حلول ناجعة لقضاياهم ، قادة ! العراق ، إن أخلصوا النية له ، قادرون على إرساء الأمن والاستقرار ووحدة الشعب.
أما الأجنبي فلن نجد عنده سوى مبادئ فرقة وخلاف ، نتيجتها مجربة وملموسة ،  مآس وأحزان جديدة ، تشمل الشعب وكل قواه دون تمييز ، وليس مهما إن حصل هذا يومئذ ، في شباط أم في كانون فالأمر سيان ..!

7شباط 2006[/b][/size][/font]


75
الاستحقاقات...والمحاصصات ..!
هادي فريد التكريتي
3 شباط 2006

حتى اللحظة لم تعلن نتائج الانتخابات النهائية ، رغم مرور أكثر من شهر ونصف ، وهذا يضيف برهانا جديدا ، على أن الانتخابات ليس لم تكن نزيهة فقط ، وإنما تعني أن الحكومة الجعفرية ، لم تكن قادرة على حماية أمن المواطنين وصناديق الانتخابات ومراكزها ، كما وإن المفوضية العليا ' المستقلة 'للإنتخابات في مأزق حقيقي ، نتيجة لتدخلات القوائم الكبيرة في تغيير النتائج الانتخابية ، الله وحده ، والراسخون في العلم ، وحدهم القادرون على التكهن متى يمكن الخروج من هذا النفق الذي دخلته الانتخابات ونتائجها ، وانعكاساتها على الوضع العراقي البائس..
هذا المأزق يعتبر أحد الأسباب المهمة التي حالت دون اجتماع المجلس النيابي الجديد لممارسة صلاحياته ، ولهذا السبب تعذر على القائمة الفائزة تسمية رئيس الوزراء القادم ، وإن كان الاختلاف بين قوى الائتلاف الشيعي ، على تسمية المرشح لهذا المنصب ، ما زال قائما أيضا.
هذه الإشكالية تعتبر من إفرازات ضعف الحكومة السابقة ، وفشلها في تحقيق المطالب الأساسية التي تعاني منها أكثرية الشعب العراقي ، وهنا ، لا يمكن إقصاء الخلافات الجدية التي شابت أعلى هرم الدولة ومؤسساتها، بين التحالف الطائفي ـ الشيعي ، والقومي ـ الكوردي ، فالخلافات بينهما هيمنت على أداء الحكومة السابقة ، وحالت دون إصلاحات حقيقية لأجهزة الدولة ، وأسلوب عمل هذه الأجهزة ، مما انعكس لاحقا على تعثر العلاقة بين الأطراف المؤثرة في تشكيل الحكومة الجديدة ، وعموم الساحة السياسية والقوائم التي تمثلها ، بحجة ترتيب الأوضاع الداخلية للمتحالفين فيما بينهم ، وهذا ما حال دون الشروع في تشكيل الحكومة الجديدة حتى اللحظة .

الأوضاع الأمنية العراقية ، والحالة المعاشية والاقتصادية ، متدهورة ، وتتدهور أكثر، يوما بعد آخر ، كان هذا منذ أن تشكلت حكومة الجعفري في العام الماضي ، وبوجود الجمعية الوطنية ، أما الآن فالعراق يعيش في البرزخ ، فلا جمعية وطنية ولا مجلس نيابي ، والحكومة ورجالها بمنجى عن الحساب أو المتابعة ، سواء عن أدائها للسنة الماضية ، أم عن الفترة التي انتهت بها ولايتها ، فحكومة تصريف الأعمال الحالية ، هي نفسها حكومة الجعفري ، لم يتغير منها سوى اسمها.
أما الأداء ففي انحطاط وتدني ، وشخوصها تشغلهم عن الشعب والوطن ، هموم المواقع والمراكز في تشكيلة الحكم الجديدة ، للحصول على مواقع تنسجم مع نضالاتهم ، في الحكومة السابقة ، ومركز سيادي جديد يتبوءونه ، تحت الشمس العراقية ، التي لم تعد تلهب الضمائر ' الوطنية ' ، كسابق عهدها ، نتيجة للخرق الحاصل في طبقة الأوزون ' الطائفي والعنصري ' ، والمتعذر رتقه على راتق في تشكيلة حكم طائفية ـ عنصرية ، وفق مبدأ المحاصصة ، فشلت حتى الآن في توفير أمن ، نتمنى أن نراه ، كما هو عليه الحال في الصومال أو دارفور .

الدعم الذي تبذله السفارة الأمريكية ، ونصح رئيس هيئتها زلماي خليل زاده ، للمعنيين ، بتشيكل حكومة ' وحدة وطنية ' وفق المقاسات التي وضعها ، طيب الذكر بريمر ، واعتلى عرشها ' المرحوم مجلس الحكم ' لا زالت قيد اجتماعات ومناقشات ، ورحالات مارثونية ، بين بغداد وعاصمة الإقليم الكوردي ، وبين مقرات وسكن أقطاب الحكم في المنطقة الخضراء ، جعجعة دون طحن ، وابتسامات لا تغني ولا تدلل عن تذليل ما يعترض طريق الاتفاق من صعوبات ، خصوصا وكل طرف من الأطراف الزاحفة نحو السلطة ، له مطالبه وفهمه الخاص لحكومة الوحدة الوطنية.
كما لكل منهم اشتراطاته على من سيدخل في هذه الحكومة ، فبغض النظر عن عدم اتفاق الجميع على مفهوم واحد لهذه الحكومة ' الوطنية ' إلا أن الفائزين الكبار يرون أن أي اتفاق على هذه الحكومة ، يجب أن لا يخرج عن الاستحقاق الإنتخابي ، كما أن الاستحقاق الانتخابي يجب ألا يتعارض مع مفهوم الاستحقاق الوطني.
وهذه معادلة يصعب فهمها ، دون الرجوع إلى مبادئ المحاصصة الطائفية والقومية التي تأسس عليها مجلس الحكم ، ومن هنا يتضح أن حكومة الوحدة الوطنية ، هي نسخة طبق الأصل من مفهوم الحكومة السابقة ، التي أطلق عليها السيد الجعفري ، عند تشكيلها اسم حكومة وحدة وطنية ، فالسيد فؤاد معصوم صرح بأن رئاسة الجمهورية للكورد ورئاسة الحكومة للشيعة ورئاسة البرلمان للسنة .
ويبقى حال نواب الرئيسين كما كان عليه الحال السابقة . وهناك اشتراطات أخرى لأطراف لا تقبل المساومة ، بغض النظر عن وجود الأكفأ أم لا .
فمثلا الجانب الكوردي يقول على لسان مفاوضه السيد فؤاد معصوم لم يتم حتى الآن تحديد الحقائب ولمن ستمنح ، لكننا واضحون في مطالبنا بوزارة الخارجية كوزارة سيادية ..' أما الوزارات الأخرى كالتخطيط والنفط والمالية والداخلية والدفاع ، فهي موضع تقاسم وتوزيع مع الائتلاف الشيعي ، والأخير تعتبر مطالبه حدية وواجبة النفاذ بالنسبة لهذه الوزارات السيادية ، التي يطالب بها.
ولا يمكن التنازل عنها . هذا ما سيكون عليه حال حكومة الوحدة الوطنية ، التسمية تمثل فخا للقوى السياسية خارج إطار التحالف الكوردستاني والائتلاف الشعي ، إذا ساهمت بالحكم وفق هذا المنطق ، خصوصا إذا علمنا أن هناك اشتراطات أخرى ، تمثل نكوصا عما اتفق عليه قبل إقرار الدستور في مرحلته الأخيرة . ت
وزيع المناصب وتقاسمها وفق ما تقدم ، لم ولن يخرج عن إطار المحاصصة الطائفيةـ العنصرية التي رسمه الاحتلال الأمريكي ، وما سينفذ بهذه الصيغة لن يحقق مصلحة الشعب والوطن .
فنجاح أي محاولة لإشراك القوى السياسية الأخرى في الحكم ، يعتبر شهادة زور وتحميلها مسؤولية ماسيحصل لاحقا ، الهدف منها تجميل الواجهة الاحتفالية ، وديكور تزين بها واجهة القرارات المصيرية التي سيتم تقاسم العراق بها ، عن طريق إضفاء طابع التوافق أو الإجماع الوطني .
الحديث عن حكومة وحدة وطنية بهذا الشكل ، ما هو إلا من قبيل ذر الرماد في العيون ، وترضية لغرور البعض ممن وصلوا إلى موقع المساومة ، الغرض الحقيقي هو تغطية لفرض واقع تقسيم وتجزئة العراق ، في ظروف غير اعتيادية يمر بها الوطن ، مغيبة فيه مصلحته العليا .
حكومة الوحدة الوطنية ، في الظرف العراقي الراهن ، تعني حكومة ائتلاف قوية ، لقوى سياسية وطنية متعددة الاتجاهات ، كما تعني حكومة تصالح وإنقاذ وطني ، تعلن وتنفذ برنامجا سياسيا متفق عليه مسبقا ، هدفه إصلاح ما أفسد البلد وإعادة الأمن والاستقرار إليه ، دون اشتراطات لهذه الفئة أو تلك ، في شغل هذا المنصب أو ذاك . ما يضع العراق على طريق بداية صحيحة لحل مشاكله ، هو تشكيل حكومة تكنوقراط غير مسيسة ، مسؤولة أمام المجلس النيابي الجديد..[/b][/size][/font]




76
ليوم الشهيد ..تحية وسلام ..! - بمنايبة يوم الشهيد الشيوعي
هادي فريد التكريتي
hadifarid@maktoob.com
 2006 / 2 / 2
" دمُ الشهداء أنت أعُز ملكا وقاعُك أشرفُ الدنيا بقاعا " (الجواهري )

كل الشعوب على امتداد تاريخها النضالي ، قدمت الكثير من الشهدء " الضحايا " ، وصارت دماؤهم الزكية ، المراقة على دروب النضال الوعرة ، زيتا يوقد مشاعل الحرية ، لإنارة تلك الدروب ، " فلا نصب ولا أعلام " ، للمناضلين السائرين في هذا الدرب غير دمائهم ، ترشدهم لتحقيق أهدافهم الوطنية ، وفق مبادئهم السامية ، من اجل شعوبهم . ..
الحركة الوطنية العراقية ، قدمت الكثير من الشهداء ، على مختلف العهود ، ثمنا باهضا لتحرير الوطن من الأجنبي واستقلاله ، كما خسر العراق الكثير من مناضليه على يد حكامه "الوطنيين " ، إلا أن الحزب الشيوعي العراقي كان له النصيب الأوفى والأوفر " حظا "من الشهداء ، من واقع العداء للشيوعية ، الذي قرره حكام العراق غير الوطنيين.
فالكثير من قادة الحزب الشيوعي ، تم إعدامهم دون ما جريمة مرتكبة ، سوى فكرهم وحبهم لشعبهم ، وإنهم وطنيون ، قبل أن يكونوا شيوعيين ، حرموا من حق تشكيل حزب خاص بهم ، ولم تمنح له فرصة للعمل السياسي العلني أسوة بالآخرين ، على الرغم من دعاوى نظام الحكم الملكي ، بأنه حكم دستوري وديموقراطي .
14 شباط هو يوم الشهيد الشيوعي ، سياسية ففي هذا اليوم من العام 1949 تم إعدام الرفيق فهد ، سلمان يوسف ، سكرتير الحزب وقائده ، والرفيقين محمد الشبيبي وزكي بسيم ، حازم وصارم ، عضوا المكتب السياسي ، وفي العام 1963 ، عام ردة شباط الفاشية ، تمت تصفية الرفيق سلام عادل ، حسين أحمد الرضي ، سكرتير الحزب ، تحت التعذيب ، كما تم قتل وإعدام المئات من الشخصيات الوطنية ، من قيادة ثورة 14 تموز الوطنية ، عبد الكريم قاسم ووصفي طاهر والمهداوي وعبد الكريم الجدة وماجد محمد أمين وغيرهم ، إضافة للعديد من أعضاء اللجنة المركزية وكوادر الحزب وأعضائه وجماهير الشعب.
ومابين شباط 1963 وحتى العام 1975 ، سقط الكثير من كوادر الحزب وقياداته مضرجين بدمائهم ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ الرفاق ستار خضير والخضري وغيرهم ، شهداء غدر وخيانة " الحزب الحليف " ، كما شملت التصفيات العديد من الكوادر والقيادات ، لأحزاب ومنظمات سياسية أخرى ، ومن أقطاب حكم لفترة سابقة ، مناهضة لحكم البعث .
أما شهداء الشعب العراقي ، من الحزب الشيوعي العراقي ، ومن القوى السياسية الأخرى للفترة اللاحقة للعام 1975 وحتى سقوط الحكم الفاشي في العام 2003 ، بما فيهم شهداء الأنفالات والمقابر الجماعية ، فهم كثر ولا يمكن حصرهم وتسميتهم ، فالشهداء كلهم مواطنون عراقيون ، ومن قوى سياسية وشخصيات وطنية مختلفة ، ناضلوا واستشهدوا ، ضد سلطة فاشية ودكتاتورية ، ومن أجل بناء عراق حر وديموقراطي خال من كل قهر واستبداد.
فاحتراما لشهادة من أرخص دمه للوطن ، وقدسية لهذا اليوم العظيم ، وعدم تجزئته تحت تسميات مختلفة ، الأحرى تسمية هذا اليوم باسم " الشهيد الوطني العراقي "، أسوة بتسمية "الجندي المجهول " ، على سبيل المثال ، فهو للوطن وليس لحزب أو تنظيم أو فئة مهما كانت ، فالكل ساهم والكل أرخص دمه ، فلا ينبغي أن تتفرق وتتكاثر أيام الشهداء ، بل ينبغي توحيدها .إن كنا صادقين وجادين في مسعى لوحدة الوطن ، ووحدة شعبه.
يتطلب إعادة النظر ، فيما أقدمت عليه الحكومة ، وما انفردت به من توقيت وتسمية ليوم الشهيد ، ب " شهيد المحراب "، ولا يخفى من مغزى ودلالة طائفية لهذه التسمية ، الأجدى لها دلالة الوطنية .
فما فرضته من موقع السلطة ، فيه إنكار لشهداء كل مكونات الشعب العراقي من القوى السياسية الوطنية والديموقراطية ، التي تخالف الحكم في وجهة نظره ، وهذا الإنفراد من جهة واحدة بالتسمية ، لن يوحد الشعب ولا أيامه ، ولا يحول دون أن تطلق القوى الأخرى أسماء تخصها ، أو تغير ما لم توافق عليه ، إن لم يكن اليوم فغدا .
تعدد قومياتنا وأدياننا وطوائفنا ، وتعدد أحزابنا وقوانا السياسية ، تفرض علينا أن نعمل جاهدين ، بكل ما نملك من قدرة وسلطان ، على وقف نزيف دماء أبناء الوطن ، التي تهدر بغزارة في كل يوم ، فلسنا بحاجة بعد لشهداء آخرين ، فلدينا ما يكفي منهم ، وعلى الجميع ، كل القوى ، أن يتوجهوا، لتكريم الشهداء عن طريق بناء وحدة حقيقية للوطن ولمواطنيه ، وبذل العطاء ، وبسخاء لعوائلهم ، وترسيخ تقاليد إقامة أواصر علاقات وطنية صادقة وحميمية بين عوائل الشهداء ، بغض النظر عن القومية أو الدين أو الطائفة، ودون أي اعتبار للفكر السياسي أوالتنظيم الحزبي.
فكل الشهداء الضحايا ، هم من الشعب العراقي ومن أجله ، وعلينا تكريم هذا اليوم ، بما ينسجم والحالة المقدسة للشهادة ، التي وحًدت بين الشهداء ، على مختلف قومياتهم وطوائفهم ومعتقداتهم الفكرية والسياسية.!

1شباط 2006 سياسية [/b][/size] [/font]

77
الانتخابات ...وتقرير البعثة الدولية لمراقبتها...!

هادي فريد التكريتي

انتهت البعثة الدولية لمراقبة الانتخابات العراقية ، من وضع تقريرها النهائي ، وتم نشره ، إلا أن الحديث عن الانتخابات ونتائجها ، لا زال محورا للنقاش والأخذ والرد ، ليس بين أصحاب القوائم فقط وإنما شمل الكثير من الكتاب والمراقبين ، عراقيين وعرب وأجانب . فالحديث عن حدث مهم في حياة العراقيين ، سيتولى إدارة شؤونهم ، لفترة أربع سنوات لاحقة ، جدير بالدراسة والتحليل وتسليط الأضواء عليه وعلى نتائجه ، ومن هذا المنطلق يجب التسليم بالحقائق التالية : ـ

1ـ أن الانتخابات ، قد جرت بإقدام شعبي منقطع النظير ، لم تشهد له مثيلا ، حتى الدول العريقة في الديموقراطية ، حيث بلغت نسبة المساهمين فيها ما يقارب 70% من عدد الناخبين ، متجاوزين كل التهديدات التي أطلقها الإرهابيون ..

2 ـ العملية الانتخابية ، وبكل مارافقها ، من تزوير وانتهاكات ، وتدخلات من الحكومة ومن خارجها، لا يمكن إعادتها ، كلا أو بعضا منها .

3 ـ اعترفت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ، بوجود تزوير وانتهاكات ، ليس في داخل العراق فقط ، وإنما في الخارج أيضا ..

4 ـ اقرت البعثة الدولية لمراقبة الانتخابات العراقية ، من خلال أعضاء فريق التقييم ، بوجود تزوير وانتهاكات مختلفة ألأشكال والصور ، وهذا ما أدى إلى  ' ..إبطال نتائج عشرات الصناديق التي شهدت مخالفات جسيمة ..'

إن تقييما منطقيا لهذا الحدث التاريخي والكبير في العراق ، يتطلب تقييما ونقدا لكافة جوانبه ، كما الإجراءات المتخذة من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ، وكذلك أساليب الحماية المتخذة من قبل الحكومة ، علما أن الحكومة وأجهزتها الأمنية ، بكل مؤسساتها ، كانت غير محايدة ، مما أدى إلى وقوع حوادث قتل وحرق وتجاوزات على القوائم المنافسة لقوائم الحكومة ، بشقيها الطائفي والقومي ـ العنصري ، وهذا ما ألقى بضلاله السلبية على مجمل سير العملية الانتخابية ونتائجها ، وكل إغفال لهذا الواقع وعدم النظر إليه باعتباره عاملا مؤثرا على سير العملية ، وشفافية الإجراءات المتخذة حيال القائمين به ، يصب في طمس حقيقة وقائع هذا الحدث ، وتزييف للنتائج المستخلصة منه ، وهذا ما وقع به البعض من كتابنا المثقفين ، المراقبين لهذا الحدث الكبير ، من مدخل دعواهم المتمثلة في : ـ

أولا ـ أن العراق والعراقيين حديثو عهد بتجربة ديموقراطية تتنافس فيها أعداد كبيرة من القوائم الانتخابية .

ثانيا ـ أن التشكيك بنزاهة الانتخابات ، هو سلاح الفاشلين في تحقيق فوز لقوائمهم .

ثالثا ـ التزوير يحصل حتى في بعض الدول المتطور ديموقراطيا ، وما حصل لن يؤثر على النتائج النهائية ، لعدم اتساع رقعته، ومحدودية تأثيره ..

مهما حاولنا تجاوز واقع الظروف التي جرت فيها الانتخابات ، والنتائج التي أفرزها هذا الواقع ، فالطعونات الكثيرة التي وجهتها القوى السياسية ، التي لم تحقق ما هو مأمول منها أن تحققه ، لا يمكن تجاهلها ، كما لا يمكن القفز على حقيقة اعترافات المفوضية العليا للإنتخابات ، حيث أقرت بالكثير من هذه الطعون ، وفي هذا الإطار أيضا لا يمكن تجاهل تقرير البعثة الدولية لمراقبة الانتخابات العراقية ، حيث ورد فيه ما يؤيد المذهب الذي ذهبت إليه القوائم الطاعنة حيث يقول :ـ '..لسوء الحظ لم يحافظ عدد من موظفي المفوضية الميدانيين على استقامتهم المهنية ...وإن عددا غير محدود من 220 ألف موظف اقتراع التابعين للمفوضية انخرط في ممارسات مشكوك فيها وغير قانونية ' ماذا يمكن أن تقول فقرة تتهم جهة ما أكثر من هذا ، وهل بالضرورة أن يحصل التزوير والممارسات غير القانونية من كل أطراف الهيئة أو من كل موظفيها ؟ يكفي العشرات منهم في مراكز مختلفة ، في عدة محافظات ، لأن يغيروا الواقع ويغلبوا قائمة ما عل! ى أخرى ، فكيف إذا كان العدد غير محدود من هؤلاء ؟ فهم كالوباء إذا استشرى ، فقليله مؤثر كما هو كثيره ، وليست فقط هذه هي الفقرة الوحيدة التي أشار إليها تقرير الهيئة المارة الذكر ، إنما أشار إلى عامل آخر ، أثر في الجو الإنتخابي وألقى بظلاله على المقترعين ، وهو عامل الإرهاب ، حيث وردت الفقرة التالية ' تمكنت هذه الكيانات ( الكيانات السياسية ) من تأليف لوائح من عدد من المرشحين وإجراء حملات انتخابية على الرغم من وجود أعمال عنف خطيرة ، من ضمنها اغتيال عدد من هؤلاء المرشحين ومؤيديهم ..' ألا تكفي هذه الفقرة من توضيح ما كانت عليه أجواء الانتخابات ، في مناطق معينة تسيطر عليها مليشيات طائفية متعددة الولاءات ،  وأجهزة أمن حكومية تأتمر بأمر القادة المسيسين ، بحيث يستحيل على الُمصِوت أن يملأ استمارته الانتخابية بسرية ويلقيها في الصندوق ، دون أن يحيط به مثل هؤلاء الموظفين الفاسدين ، وفي جو ُيقتل فيه المرشحون   ومؤيدوهم ، وعلى الرغم من أن الفقرة لم توضح لنا من هم! الضحايا ، ولأي القوائم ينتسبون إلا أننا نعرفهم ، ويعرفهم موظفو المفوض ية العليا للإنتخابات ، كما يعرفهم الناخب ، الذي لم يجرأ أن يصوت خوفا من أن يدفع رأسه ثمنا لمجازفته ، فهل المطلوب أكثر من هذا في تقرير لهيئة دولية تخاطب قارءها بدبلوماسية ورهافة حس ، وهل بالضرورة أن تسمى من هي الجهات المستفيدة من مثل هذه الجرائم ، واللبيب من الإشارة يفهم ؟ وهي لجنة لإطفاء الحرائق وليس لإشعالها ؟ أم أن هذا لا يمكن أن يسمى تزويرا بعرف بعض كتابنا ، لأنه في عرفهم مجال مسموح به ، ولأننا شعب حديث عهد بمثل هذه الممارسات الديموقراطية ، التي لا يمكن لها أن تمر دون قتل أو حرق ، من أجل أن  يصل إلى الحكم ، حاكم عن طريق البلطجة والقتل وحرق المقرات.!

هل كان من الأجدى على القائمة الضحية أن تسكت ، ولا تتقدم بشكوى تنصفها ، وتصرف النظر عن المطالبة بالتحقيق من منظمات دولية ؟ ولو لم يكن هذا ، هل كان للمفوضية العليا المستقلة ، أن تعترف بكل التجاوزات وحالات التزوير وإلغاء الصناديق في الداخل والخارج ؟ وهل كان يريد المنتقدون أن تبقى حالات التزوير عراقية ، وعدم نشر الغسيل القذر للمزورين ، حكام الغد ؟

وباللغة ذاتها تحدث تقرير البعثةالدولية لمراقبة الانتخابات عن الهيئة المستقلة للإنتخابات ، حيث ورد في الصفحة الخامسة  من التقرير ' وأوجدت ( الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات ) نظاما للشكاوى ...سمح بإبطال نتائج عشرات الصناديق التي شهدت مخالفات جسيمة ...ونتيجة لهذا النظام تم إلغاء ما يقارب من نصف الأصوات التي قضى بإلغائها ، وتم إلغاء النصف الآخر بناء على الشكاوى المقدمة . غير انه توجد نواقص في إدارة العملية الانتخابية ، فالمخاوف الأمنية تسببت في اعتماد عدد غير ملائم من مراكز الاقتراع وتوزيع غير مثالي لهذه المراكز في بعض مناطق البلاد . وعانت بعض المراكز من نقص في أوراق الاقتراع ، كما كانت هناك بعض المشكلات في سجلات الناخبين . وحصلت عمليات تزوير وانتهاكات أخرى ...وربما لم يمكن رصد بعض الانتهاكات . لكن على رغم ذلك ، فإنه يتعذر تحديد مدى اتساع نطاق هذه الانتهاكات في ظل الظروف الحالية.' على الرغم من أن الفقرات المجتزأ! ة من التقرير لا تظهر الحقيقة كما هي ، وتحاول أن تخفف من مسؤولية الهيئة العليا الملقاة على عاتقها، والتقصير المتعمد من قبل بعض موظفيها وعدم نزاهتهم ، الذي أخذ أشكالا مختلفة ، ومنها عدم إيصال القوائم والصناديق إلى المراكز الانتخابية أو تغيير محلات التصويت إلى أماكن بعيدة ومن دون إعلام مسبق ، وحتى عدم وجود نقاط دلالة للمراكز الجديدة ، ليتسنى للناخب أن يتوجه إليها ، وهذا منتهى القصد من تزوير  فاضح تفتقت عنه أذهان موظفين فاسدين ، ضالعين في التزوير بأشكال مختلفة ومتنوعة ، وهذا يعني أن التزوير كان عميقا ومؤثرا ، لصالح كيانات معينة ، مدعومة بقدرات حكومية وميليشيات حزبية ، ضد كيانات أخرى تفتقر لهذه القدرات ..وحسبما ورد في تقرير الهيئة الدولية لمراقبة الانتخابات ص4 ، اعتراف صريح بأضرار لحقت بقوائم كانت ضحية للمزورين  ' الانتهاكات القانونية التي حدثت دفعت المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات في العراق إلى إلغاء الإقتراع في 227 صندوق إقتراع من أصل 30 ألف صندوق ، وقد أدى هذا الأمر إلى إبطال قسم كبير م! ن الأصوات المزورة ، ولكنه أدى في الوقت نفسه إلى إبطال أصوات العديد من العراقيين الذين اقترعوا بشكل صحيح .من المؤسف جدا إلغاء نتائج صناديق الاقتراع من دون الدعوة إلى إعادة الانتخابات في المناطق المعينة ، في ظل نظام انتخابي يعتمد على التمثيل النسبي للقوائم ، حيث يختلف عدد الأصوات المطلوبة للفوز من محافظة إلى أخرى ومن مقعد إلى آخر ' لا أعتقد أن بعد هذه الفقرة هناك ما يمكن قوله من انتهاكات تؤثر على انتخاب المرشحين ، فربما إبطال محتويات بضعة صناديق تؤثر على فوز الكثير من المرشحين ، وفق ما أشارت إليه الفقرة السابقة ، وبالنتيجة يتساوى في العقوبة الجاني والضحية ..وعندما يعيب البعض من المثقفين والكتاب على القوائم التي طعنت بالانتخابات ،طلبها بالتحقيق الدولي ، هل كانوا يعتقدون أن المفوضية العليا للإنتخابات ستبادر وتعلن كل ما أعلنت عنه من حالات التزوير ؟  وهل تم ضبط كل ما هو حاصل ؟ أم أن التزوير كان كجبل من ثلج في محيط ، الظاهر منه لا يمثل إلا جزء من أجزاء متوارية في الأعماق . ...  وهل كان للمفوضية أن تحدد نقاط الضعف التي احتوتها العملية الانتخابية ، حيث أشارت إليها ا! لبعثة الدولية في تقريرها ؟ إن ما كان على ، البعثة الدولية ، أن تفعله هو أن تقرر ضرورة حرمان المزورين من نتائج التزوير التي حصلوا عليها ، إلا أن هذا ما تجاهلته ، وما كان عليها أن تفعل  ...!

 إن خلط الأوراق من قبل بعض كتاب ومثقفين ، بدعوة القوائم الخاسرة على تقبل النتائج بروح رياضية ، قبل التأكد من صحة اعتراضاتهم أو عدمها ، أمر تكتنفه عدم مصداقية المعالجة ، لنواقص وسلبيات عملية التصويت ، إنما النقد الصريح لكل جوانبها ، وإظهار حقيقة ما جرى ، هو الطريق الرادع مستقبلا ، لتكرار أساليب متدنية ومهينة ، للوصول إلى مراكز شريفة ، فالوقوف إلى جانب المزورين ، مهما كانت هوياتهم واتجاهاتهم ، بحجج مختلفة ، لن يخدم العملية الديموقراطية ، بل يعزز من التوجهات الطائفية والشوفينية السائدة في البلد ، والتي ستؤدي بنا ، حتما ، إلى فاشية دينية ـ طائفية أقسى وأكثر ظلامية مما عانيناه  من النظام البعثي ، وبالمقابل ، ألم نوجه النقد لأساليب النظام البعثي في تزويره لإرادة الشعب التي أنتجت لنا ديكتاتورية وفاشية كلنا ذاق همجيتها ؟  فلم إذن ن! تستر على جرائم تقودنا لذات الطريق ..؟ الجريمة واحدة ونتيجتها الخيانة وعدم الأمانة ، سواء أكان التزوير يمثل مانسبته 1% أم 50% أو اكثر ، لا فرق في لغة الوطنية ، فالأمانة لا تتجزء والخيانة كذلك ، إذن كيف سيحكمنا غدا مزور ؟ وما صيغة القسم التي سيؤديها ؟

في نهاية المطاف ، اعترضت بعض الكيانات الكبيرة على نتيجة توزيع المقاعد التعويضية ، عندما خصصت المفوضية مقعدا واحدا لكل كيان من الكيانات الصغيرة ، التي لم يحالفها الحظ بلوغ نسبة الأصوات المقررة ، إلا أن سمك القرش ، القوائم الكبيرة ، لم يهدأ لها بال قبل أن تطحن بأسنانها المنشارية السمك الصغير ، فاعترضت ، وطالبت بهذه المقاعد لنفسها ، محاولة حرمان  كيانات الأزيدية والكلدوآشورية والتركمانية ..وغيرها من تمثيل كياناتها .

الكيانات الكبيرة لم تأخذ بنظر الاعتبار ما صاحب العملية الانتخابية من تزوير، نتيجته الضرر ، الذي لحق بالكيانات الصغيرة ، آلت نتيجته مكاسب للكبار ، بحصولهم على أغلب المقاعد في المجلس النيابي الجديد ، كما أنها ـ القوائم الكبيرة ـ لم تعر اهتماما لقرارات اللجنة الدولية والهيأة العليا المنظمة للإنتخابات ، بخصوص الانتهاكات الموثقة ، وكأن لم يكن هناك ما يستحق التوقف عنده ، ولا يعنيها شيء ما ، من قريب أو بعيد ، وهي من زور ودلس ، فراحت تطالب بمقاعد تعويضية من أجل أن تفرض سيادتها وسيطرتها على المجلس الجديد ..!

إنه عالم العولمة العراقي الجديد، لا يستقيم الأمر له مع وجود منافس ، أو معارض مهما كان صغيرا .. هذه ديموقراطيتنا في ظل الاحتلال والحكومات الطائفية ـ العنصرية ، بمباركة من بعض الكتاب ، بدأت بمحاصصة طائفية وعنصرية وانتهت بديموقراطية التزوير وطمس الحقائق .. فسبحان الله ، ولله في خلقه شؤون ..!

24 كانون ثاني 2006[/b][/size][/font]


78
أيها العراقيون ..لا زال العراقي الفيلي ُمهَجرا" ..!
هادي فريد التكريتي

يالبؤس العراقي الغافل عن حقائق لازالت محجوبة عنه ، ويالبؤس الحكومة العراقية وهي تتاجر باسم شعبها ، وتخفي الحقائق عنه . من كان يعتقد أن العراقيين من الكرد الفيلية ، هذه الشريحة الوطنية من المجتمع العراقي ، التي هجرهم النظام الفاشي بعد أن سلبهم أموالهم وعقاراتهم ، لازالوا خارج وطنهم ، يقاسون الذل والهوان ، في مخيمات تفتقر لأبسط مقومات الحياة ، بعد ما يقارب ثلاث سنوات من سقوط النظام .
هل لم يتناه لسمع الحكومة ـ بشقيها الطائفي ـ الشيعي والقومي الكوردي ـ حتى اللحظة خبر معسكرات اللاجئين في الجمهورية ' الشقيقة ' إيران ؟ والفائزون بالانتخابات من قوائم الائتلافات ، الشيعية والكوردية ، ألا يتذكرونهم ؟ ألم يفوزوا بأصوت هؤلاء ' المنسيين ' في مخيم ' أزنا ' الإيراني ، وفي المخيمات والمواقع الأخرى من الجمهورية الإسلامية ؟

الضرورة الوطنية تقتضي معالجة سريعة لواقع هذا المخيم ، خصوصا وان هذه الفترة من الشتاء تتميز بانخفاض متميز في درجات الحرارة ، لتساقط الثلوج ، مع انعدام وسائل التدفئة والطبخ ، وعدم توفر النفط  والنفط اسود ، وباقي الاحتياجات الأخرى ، لتتضافر كل الجهود الوطنية والحكومية لإغاثة هؤلاء المواطنيين المنسيين في المخيم الإيراني ...

شرف العراقيين ووطنيتهم يدعوهم لتلبية النداء الذي وجهته الدكتورة بيان الأعرجي ،( الموضوع على الأنترنيت صفحة صوت العراق ، ليوم 21/1/2006 ) بخصوص تقديم كل عون ممكن لهؤلاء المنكوبين بوطنهم وأموالهم وعوائلهم ..!!

النداء الموجه للحكومة ، المتمثلة برئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ، وكذلك الموجه للسيد عبد العزيز الحكيم ، لتقديم المساعدة لهذه الشريحة البعيدة ـ القريبة من الوطن ، يدلل أن الحكم ، يتمثل بمن وجه إليهم النداء ، هم سبب المأساة ، ليست لهذه الشريحة من وطني الكورد الفيلية فقط ، بل سبب مأساة كل العراقيين المتواجدين في الخارج ، والذين لم تتهيأ الظروف الملائمة لعودتهم إلى الوطن ، نتيجة للتعامل الطائفي ، والنظرة الحزبية والعنصرية ذاتها ، التي كان يمارسها النظام السابق ، ضد الوطنيين والقوى السياسية المعارضة.
فدور سكناهم المصادرة من قبل نظام الحكم البعثي ، ولقمة عيشهم التي حرموا منها ، ووظائفهم التي فقدوها ، كلها كانت نتيجة ملاحقات النظام ، لم ترجهعا لهم الحكومة الحالية ، ولا زالت الكثير من مشاكلهم دون حلول ، فالحكومة هي من تتحمل مسؤولية وتعقيد ما يعانون ، علما أن كل عناصر الحكم ، والشخصيات المقربة من الحكومة ، وأحزابها وأعضاء هذه الأحزاب ، التي صادر النظام السابق حقوقها قد استعادتها ، واكثر منها ، أموالا ووظائف وعقارات ، أما من هم خارج السلطة فلم يستعيدوا من حقوقهم شيئا ..!

الحقيقة تكمن في عدم قدرة الحكومة ، الطائفية والقومية ، بكل أشكالها وأقسامها ، من تقديم حلول جذرية وعادلة لمشاكل الشعب العراقي التي يعاني منها ، ومشكلة ' مخيم أزنا الإيراني ' خير دليل . فنتائج الجرائم المرتكبة بحق الشعب العراقي ، التي خلفها لنا النظام السابق ، والتي زادت عليها وعمقتها قوات الاحتلال ، وحكومات المحاصصة الطائفية والقومية العنصرية ، جعلت من الصعب جدا أن تنفرد بالمعالجات والحلول جهة سياسية ، غير محايدة ، في نظرتها للمشاكل المستعصية التي يعاني منها الشعب العراقي .
التركة التي خلفتها هذه الجهات ، تقتضي حلولا جذرية ، تعالج كل ما أفرزته من نتائج سلبية تلك السياسات ، وفق مبدأ الشفافية ، وإشراك كل القوى السياسية الوطنية والديموقراطية ، ومنظمات المجتمع المدني الأخرى ، وجمعيات حقوق الإنسان ، لمعالجة كل الأضرار التي لحقت بفئات المجتمع المختلفة ، الناتجة من العهود السابقة.
بدون إيجاد حلول سريعة وعادلة لكافة المهجرين والمهاجرين ، وإنقاذهم من الأوضاع السيئة في دول اللجوء ، وخصوصا في إيران والدول العربية والإسلامية ، ستبقى نداءات الاستغاثة تتوالى ، وهي تحمل في ثناياها أدلة تقص وإدانة للحكومة ، لعدم رعاية مواطنيها .وتذليل صعوبات عودتهم للوطن .!


23 كانون ثاني 2006[/b][/size][/font]

79
عندما يتحول البغض إلى حب ..!
هادي فريد التكريتي

من كان يفكر قبل 20 أو 10 أو 5 سنوات أن شيلي ستنتخب امرأة رئيسة لها ' بهذه العبارة صرحت مبتهجة السيدة طبيبة الأطفال ميشيل باشيليت ، المعارضة النشطة للجنرال بينو شيت ، الذي سجنها وأمها ، وقتل أباها تحت التعذيب ، في أحد السجون ، إبان انقلابه الفاشي ، على حكومة الرئيس ، المنتخب ديموقراطيا في العام 1973 إليندي سفادور. ، والتي شغلت منصبي وزارة الصحة ووزارة الدفاع على التوالي في العام 2000 ـ 2005 في الوزارة التي شكلها تحالف يسار الوسط .
الظروف السياسية التي عاشتها شيلي منذ إنقلاب بينو شيت وحتى العام 1990 ، تكاد تكون نفس الظروف التي عاشها العراق ، تحت الحكم الفاشي البعثي ، من حيث أسلوب الحكم وطبيعته ، والنهج الذي انتهجه ، مع فارق واحد ، وهو أن بينو شيت كان وجها بارزا ، صريحا ، وواضحا في عمالته لأمريكا ، منذ اللحظة الأولى لانقلابه ،بينما النظام البعثي في العراق منذ انقلاب العام 1963 كان عميلا لها ، بكافة رموزه ، إلا أنه كان يتمسح بمفاهيم تقدمية وقومية زائفة ، لنتيجة واحدة ، اضطهاد الشعب ، وسيادة المفاهيم الفاشية والحكم الدكتاتوري ، التي أودت بتدهور الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لحياة الشعبين الرازحين تحت حكم متشابه في المحتوى والنتائج.
لم تكن مسيرة الشعب الشيلي ومقاومته لحكومة بينو شيت بالإمر الهين أو السهل ، على الرغم من التضامن العالمي ، ووقوف حركة التحرر العالمية ، والحركة الديموقراطية في أمريكا اللاتينية ، إلى جانب الشعب الشيلي ، حيث تحققت له انتصارات جزئية في العام 1990 ، بتشكيل ' حكومة وفاق ' من قوى سياسية وطنية مختلفة التوجهات ، وبمشاركة من أتباع حكومة الجنرال بينوشيت ، وبذا تحققت بداية حقبة زمنية مواتية لانفراج سياسي ، استغلتها وأدارتها بذكاء سياسي ، القوى السياسية الشيلية على مختلف توجهاتها ، بعد حكم فاشي دكتاتوري دام 17 عاما.
فرضت هذه الحكومة ( حكومة الوفاق ) ضمانات وتعهدات بعدم المساس بحقوق وامتيازات أركان النظام السابق ، وعدم مساءلتهم عن الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الشيلي ، وعلى رأسهم الجنرال بينوشيت الذي بقي متمتعا بكل امتيازاته وحقوقه وأملاكه التي حصل عليها أثناء حكمه للبلاد ، وبحصانة دبلوماسية تبعده عن كل مساءلة قانونية لجرائمه التي ارتكبها بحق الشعب ..
رغم كل هذا فالشعب الشيلي ، وكل منظماته وأحزابه السياسية ، بما فيها اليسار ، لم يصب بخدر أو ينسى أن حقوق الشعب واجبة الأداء ، والجرائم المرتكبة من قبل أركان الدكتاتورية ، بحق الشعب والوطن ، لا بد وأن يقدم لها وعنها الحساب في يوم من الأيام ، وهذا ما هو حاصل اليوم ..!
إن مواصلة النضال ، دون كلل ، وتعبئة الجماهير للوصول إلى حكم ديموقراطي حقيقي ، يحقق لها السيادة الوطنية في اتخاذ القرار ، والتمتع بالمساواة الكاملة في الحقوق والواجبات بين كافة أفراد الشعب ، وإطلاق الحريات العامة ، وتحقيق العدالة الاجتماعية ، والظفر بحياة أفضل ، يمر فقط عبر حق تنظيم هذه الجماهير ، والإدراك الواعي لمصالحها الحقيقة ، الكامن في وحدتها وتمسكها بما تطرح من مطالب مشروعة بظرفها الراهن ، وتعبئة قوى الشعب بكل فئاتها بهذا الإتجاه ، والتصعيد في مطالبها اليومية والعامة ، هو مايحقق للشعب الظفر بالحرية والرفاه ، وخصوصا الطبقات الكادحة والفقيرة التي أنهكها الحكم الفاشي ، وهذا بعض ما تحقق ، أثناء ، ومن ، خلال حكم ' حكومة الوفاق ' الذي دام 12 عاما .
خاض الشعب الشيلي خلال هذه الفترة التي تميزت بحريات ديموقراطية نسبية ، أربع انتخابات رئاسية ، في النهاية ، تحقق فيها الفوز لتحالف قوى اليسار حكم ، تعتلي قيادته امرأة ، وقد تضمن برنامجها ا! لانتخابي وعودا بإصلاحات للوضع الاجتماعي عامة وللنساء خاصة ، بجعل نصف وظائف الدولة للنساء ، بما فيها تشكيلة مجلس الوزراء القادمة ، وتحقيق المساواة الاجتماعية المتوازية للشعب الشيلي ، وحل المشاكل الحدودية مع جيرانها ، البيرو وبوليفيا ، التي تهددها وجيرانها الحرب ، فإرساء السلام الدائم مع هذه الدول ، خدمة لشعوبها ، ولشعوب المنطقة ، كما هو خدمة للسلام العالمي بين الشعوب ..
ما تقدم كانت بعض فقرات من برنامجها الذي ألزمت به نفسها ، والحركة السياسية التي تمثلها ، فهل ستنجز ما وعدت ؟ وأمريكا ، ألا يضيق ذرعها بما تشاهده دائرا في محيط فنائها الخارجي ؟
وربما لم تعد قادرة أن ترى انهيارا ل' إمبراطوريات موزها ' التي أقامتها واحدا بعد الآخر ، وليس بوسعها أن تحتمل انهيارها ، الواحد بعد الآخر أيضا ، ، وقيام المزيد من الأنظمة البديلة ذات النهج اليساري ، جيرانا لها في القارة اللاتينية . كيف ستنظر للتطور السياسي الحاصل في المنطقة ؟
فكوبا واحدة لازالت شوكة تدمي خاصرتها وتذكرها بالحكم الشيوعي ، فكيف بها إن تكونت مجموعة من ال ' كوبات ' المتماثلة نسبيا في! الحكم ؟ وهل تتقبل إشاعة حكومات ديموقراطية تعيش وتتنفس وتنمو رغما عنها بالقرب منها ؟ هل دعاوى الديموقراطية لحكم الشعوب ، التي أطلقتها أمريكا دعاوى حقيقية ؟
وهل ستتعايش مع الحكم الجديد ، للنساء ، الذي يكتسح مواقع القيادة في القارة اللاتينية .؟(ثلاث نساء يحكمن في دول أمريكا اللاتينية ). أم سيغلب الطبع على التطبع ، وتعود حليمة لعادتها القديمة ؟ الأيام كفيلة بتمزيق كل الدعاوى الزائفة ، ولابد للحقيقة من ظهور ..
فوز السيدة ميشيل يعتبر نصرا للحركة السياسية الوطنية ، اليسارية والديموقراطية ، ليس في منطقة أمريكا اللاتينية لوحدها ، بل لكل حركة التحرر العالمية ، والعراق جزء من هذه الحركة ، وفوزها كامرأة برئاسة الدولة ، في مثل ظرفنا العراقي هذا ، تعبير واضح عن ضرورة انخراط النساء في النضال من أجل تغيير نظرة المجتمع وقوانين الدولة تجاه المرأة ، وتحفيز لهن للعمل بجد أكثر من أجل نيل كامل حقوقهن ، ولصنع عالم أفضل لأسرهن ، بتغيير الواقع القسري الذي تفرضه قوانين جائرة تقيد من حريتها وتحد من حقوقها .
فسيرة ميشيل باشيليت ، تشابه الى حد كبير ظروف المرأة العراقية ، وما أحاق بها خلال الحكم الفاشي العنصري ، فالقتل والقمع والتشريد ومحاربة الحريات ، كانت القاسم المشترك ، ألا أن ما ع! ندنا مختلف بعض الشيء في الشكل وليس المحتوى ، فعلى الرغم من سقوط النظام أمريكيا ، إلا أن الدستور الجديد يحمل بين مواده بقايا عصور التخلف تجاه المرأة ، وتسود الأفكار الدينية ـ الطائفية والـقومية ـ العنصرية ، على تشريع مواده ، التي تحد من تطور المجتمع ، باتجاه مجتمع مدني متطور ، تحكمه نظم وقوانين ديموقراطية وفق مفاهيم العصر وقيمه ..
ومهما كان واقع الحكم العراقي في الظرف الراهن ، فلن يكون نهاية المطاف ، فالتجربة الشيلية تفتح أمام القوى السياسية ، ملف تجربة جديدة ، جدير بنا دراسته بعناية المتأني ، وخصوصا المرأة ، التي لحق ، ويلحق ، بها حيف وتمييز ، باعتبارها أكثر من نصف المجتمع ، وتحملت نتائج كل الكوارث التي ألحقها النظام الساقط بالمجتمع ، كما تتحمل اليوم ، أسوة بقوى المجتمع الأخرى ، نتائج قوى الإرهاب السلفي والقومي العنصري ، وما تلحقه هذه القوى في الوطن والشعب من خراب ودمار من الصعب توصيف نتائجه ، في ظل حكومة طائفية عاجزة عن تحقيق السلم والأمن للمواطن .. كل قوى الإرهاب ، قومية ـ عنصرية ، إسلامية ـ سلفية ، إسلامية ـ طائفية ، غير قادرة ! على تبني فحوى العبارة التي أطلقتها ، المرأة الرئيسة لشيلي عشية فوزها ' ..
إن العنف الذي خرب ما أحبه دفعني لتكريس حياتي لقلب مجرى الأمور ، وتحويل البغض إلى حب ..' ما تقدر عليه هي فقط المرأة العراقية ، ذات القلب الكبير التي ذاقت مرارات فقد أحبتها في الحروب العبثية ، في المقابر الجماعية ، في أنفالات الحقد والكراهية وغازات حلبجة ، وما تعايشه اليوم من تفخيخ وتفجير وذبح على الهوية لفلذات كبدها ، وما تقترفه ميليشيات أحزاب الحكومة الملثمين ، من اختطاف وقتل في الليل والنهار لأبناء شعبها..فهل عندنا من النسوة من يحول البغض إلى حب ، كما قالت المرأة باشيليت من شيلي ..؟![/b][/size][/font]


80
حفل التأبين ...وشهداء الحزب الشيوعي ..!
هادي فريد التكريتي

قبل أيام حضرت حفلا تأبينيا بمناسبة مرور عام ، على استشهاد  المناضل الشيوعي والكادر النقابي هادي صالح "أبو فرات " ، الذي غدرت به أياد قذرة في مطلع العام 2005 بداره في بغداد ، وقد تناوب المؤبنون على ذكر صفات وسجايا هذا المناضل الشهيد البطل ، فمهما قالوا فيه ، فلن يوفوه حقه ، ولن تبلغ الكلمات شأو شجاعته وإقدامه على التضحية وهو يعرف أبعاد مخاطرها ، ويبقى الخطباء ، مهما أجادوا ، قاصرين عن وصف ما قدمه ، هذا المناضل من تضحية خدمة لشعبه وطبقته العاملة . كثيرة هي كلمات الخطباء ، وكثيرة هي أيضا المنظمات التي مثلوها في هذا الحفل ، منظمات مهنية وحزبية ، كلمات التأبين ، لم تكن تخلو من عبارات التهديد والوعيد والثأر للشهيد ، والانتقام له ولعائلته من القتلة المجرمين ، ومهما طال الوقت فلن يفلت الجناة من العقاب .  لا شك أن عبارات مثل هذه تخفف ، آنيا ، من آلام مصاب أهله ورفاقه ومحبيه ، إلا أنها لم تسُم في يوم من الأيام إلى واقع الحقيقة والتنفيذ ، فالمناضل أبو فرات لم يكن هو أول شهيد شيوعي يسقط غيلة ، بيد مجهولين ـ معلومين ـ مضرجا بدمائه ، فقد سبقه كثيرون ولا مجال لتعدادهم هنا ، كما قد لحقه رفاق آخرون ، خروا صرعى رصاص حاقد ، نتيجة للغدر الطائفي والعنصري ، وهمجية الأفكار الظلامية والشوفينية. فعلى مختلف المراحل الزمنية للحكم وظروفه ، كان كل شهداء الحزب الشيوعي ، رفاقه وأصدقاءه ومؤيديه ، قد استشهدوا واقفين ، وهم يؤدون واجبا وطنيا تجاه شعبهم ووطنهم ، ولن يقف شلال دمهم ونزفهم هذا ، طالما كان هناك حقد وكراهية يسعره أعداء التقدم والمدنية والحضارة ، ضد حاملي رايات الحرية ، وحياة العيش الأفضل للإنسان العراقي . كانت ولا زالت عبارات التنديد بالقتلة ، التي يطلقها الحزب الشيوعي ومنظماته ورفاقه ، هي ، هي ، لم تتغير ، رغم تغير الظروف وتبدلها ، ورغم مجيء حكام وذهاب آخرين ، فلم نر قصاصا من مجرم قتل شيوعيا ، وهنا تكمن ضعف مسؤولية الحزب الشيوعي ، سواء أكان هذا عن طريق المحاكم ، أم عن طرق أخرى ..! كما لم نر يوما أن الحزب الشيوعي قد شكل لجنة من حقوقيين ، أو ما شابههم ، تأخذ على عاتقها إقامة الدعاوى في المحاكم على المجرمين الذين قتلوا أو تسببوا في قتل واغتيال الكثير من الشيوعيين ، لرد الاعتبار للشهداء وتعويض عوائلهم المنكوبة بهم . فبعض دروس مستخلصة من محاكمة رموز النظام السابق ، الجارية حاليا ، عندما تقدم الشهود للشهادة في قضية الدجيل ، أثار المتهمون والمحامون ، أيضا ، عند مناقشتهم للشهود سؤالا في منتهى الأهمية وهو :ـ " هل أقام الشهود الدعوى على من تسبب في قتل الضحايا ، أو المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم ..؟ " وأنا هنا أتساءل هل تقدم الحزب الشيوعي ، نيابة عن كل الشهداء وعوائلهم ، بدعاوى أمام القضاء ضد النظام السابق لرد اعتبار الشهداء وتعويض عوائلهم عما لحق بهم من خسائر مادية ومعنوية ، كما الذين غيبوا والذين أصابتهم أضرار السجن والفصل ، وما شابه من أمور يترتب عليها حقا ماديا أو معنويا ، ومثل هذا الأمر ينطبق على كل الشهداء ، الذين راحوا ضحية الحقد الطائفي والقومي العنصري منذ سقوط النظام وحتى اللحظة .بدون إقامة الدعاوى ضد مرتكبي هذه الجرائم ، وفضح أسبابها ومسبباتها ،  ستبقى شلالات دماء الشيوعيين والوطنيين تنزف ، دون أن  تخفف منها أو تحد من مرتكبيها كلمات التأبين وعبارات الثار ، التي لا تسمن ولا تغني . فالحزب الشيوعي ، كما هي منظمات حقوق الإنسان ، مطالبة بالكشف عن مثل هذه الجرائم ومرتكبيها ، بحق كل الضحايا ، ومساءلة الحكومة عنها ، والنشر العلني على الملأ ، لكل ما له علاقة بالتحقيق في مثل هذه الجرائم ، وإقامة الدعاوى على السلطة التنفيذية في كل ما للضحايا من حقوق ، باعتبار أن السلطة هي المسؤولة عن أمن وحياة كل المواطنين ، والكشف عن كل المجرمين ، هو بعض ، من واجباتها واختصاصها ، وتعويض المتضرر يعتبر من بديهيات مسؤوليات الدولة ومؤسساتها .
من حق كل منظمة أو حزب أن تحمي نفسها ورفاقها ، فيما تراه من إجراءات حماية ووقاية ، خصوصا في مثل ظرفنا الراهن ، حيث الفلتان الأمني ، والقتل على الهوية تمارسه كل أجهزة الإرهاب ، والملثمون من المليشيات المختلفة ، طائفية وعنصرية ، تثير الرعب ليلا ونهارا بين المواطنين ، وحرمة الدار مستباحة أمام مقتحميها ، نتيجة لضعف في أداء الأجهزة الأمنية الحكومية ، وعدم حياديتها ، وفعالية القضاء تكاد تكون شبه معدومة ، إن لم تكن غائبة فعلا ، لذا نرى الكثير من المنظمات  والأحزاب تقيم وسائل حماية خاصة بها لأعضائها وكوادرها ، ولها أجهزة أمن وقائية ومليشيات تقوم بتنفيذ اغتيالات للقوى المناهضة لها ، وهذا ما كان جليا في الانتخابات الأخيرة ، حيث تم اغتيال العديد من رفاق الحزب الشيوعي وأحزاب أخرى ، وهذا ما يعطي المبرر والحق للحزب الشيوعي أن يكون قادرا على الرد ، وحماية نفسه ورفاقه ، والتصدي لكل من تسول له نفسه ارتكاب أي جريمة مشابهة ، كما حصل في السابق ، فمن أجل هذا ، وحتى لا تبقى كلمات التأبين جوفاء تكرر نفسها ، نجترها في مناسبات حزننا ، يكون الرد بحزم هو أفضل الطرق ..! 

11كانون ثاني 2006 

81
المليشيات والحكومة والوضع الأمني ..!
هادي فريد التكريتي

الجرائم المروعة المرتكبة في كربلاء والرمادي وكركوك وبغداد ، وغيرها من المدن العراقية ، راح ضحيتها المئات من الأبرياء خلال أسبوع واحد . ورغم كل الإجراءات المزعومة ، لا زالت لحكومة قاصرة عن معالجة هذا الوضع ، وستبقى غير قادرة على الحد من هذه الأنشطة الإرهابية ، طالما أنها لم تضع حدا للمليشيات الطائفية المنفذة لهذه الجرائم .
  فجرائم التفخيخ والتفجيرات لم تقم بها عناصر إرهابية ، قومية ـ دينية ـ سلفية قادمة من خارج الحدود فقط ، بل هنالك مليشيات عراقية من نوع مختلف ، عما هو معروف عن مليشيات بدر وجيش المهدي ، قوى قومية وطائفية انتحارية تنفذ مثل هذه الجرائم ، وهذا ما أثبتته تفجيرات عمان ، حيث كان المنفذون عراقيين ومرتبطين بأحزاب وقوى عراقية ، على الرغم من دعاوى ارتباطهم بأبي مصعب الزرقاوي ، فمظلة الزرقاوي ، حمايته وتوفير أجواء آمنة وملائمة لنشاطه وجرائمه المرتكبة ، هي إجراءات من قوى عراقية خالصة مائة % ، وهذا ما أثبتته انتخابات الخامس عشر من كانون أول الماضي ، حيث تعطلت الفعاليات الإرهابية بالكامل في كل أنحاء العراق ، وهذا ليس نتيجة إجراءات الحكومة ونشاط أجهزتها الأمنية ، بقدر ما هي توجيهات من قيادات الأحزاب القومية والقوى الطائفية المشاركة في الانتخابات ، وتجديد هذه الهجمات بهذا الشكل الواسع والمؤثر دليل قاطع على ما أزعمه ، ويصب في خانة ضغط هذه القوى للحصول على مواقع أفضل في الحكومة القادمة ، بغض النظر عن النتائج الانتخابية واستحقاقاتها ، .مستغلة ضعف الحكومة وتخبطها في الحلول للمشاكل التي يعاني منها الشعب ، وخصوصا الوضع الأمني الذي يحظى بالأولوية ، ويتصدر ما يطالب به الشعب من حلول ، هذا ما تعرفه الحكومة وتدركه كل القوى السياسية العراقية أيضا . الحكومة المؤقته ـ المنتخبة ـ حتى الآن فشلت أولا ، في تحقيق أي انفراج لمطالب الشعب الخدمية ، و ثانيا لم تنجح في إيجاد حلول ناجعة للإرهاب ، للقضاء عليه أو تحجيمه ، على الرغم من استخدامها لكل الأساليب الشرعية والعلنية ، كما استخدمت ، وتستخدم ،  جاهدة بسرية تامة ، ميليشياتها الطائفية ، لمجابهة الأنشطة الإرهابية ، بإطلاق يد قوات بدر وجيش المهدي وتشكيلات حزب الدعوة السرية ، لتمارس نشاطات في الخفاء حصيلته تصفية الكثير من معارضيها وخصومها السياسيين ، أو من الذين تعتبرهم ضالعين في العمليات الإرهابية ، من القوى القومية والطائفية ، ومن المناهضين لتوجهاتها ومشاريعها الطائفية والسياسية ، هذا الأسلوب ، عًقد التوصل إلى حلول ممكنة ، ليس مع هذه القوى الرافضة فقط وإنما مع تلك المنخرطة في العملية السياسية منذ بدايتها ، وأصبح الإرهاب ليس نهجا للقوى التي ناصبت التغيير منذ أول لحظاته ، وإنما أصبحت الحكومة تمارسه علانية وفي وضح النهار ، عن طريق مليشياتها الملثمة ذات الأردية السود ، معتقدة أنها الطريق السوي للخروج من دوامة العنف والعنف المضاد الذي يجتاح العراق كله.. المتابع للوضع الأمني يجد خلال شهر واحد ، مقتل أكثر من عشرين شخصا ، تسعة منهم في يوم واحد ، يوم 5/1 /2006 ، استخدم إرهابيون ( مجهولي الهوية )، أسلوبا واحدا في تصفية خصوم " مجهولين " طلقة في الرأس ، الأيادي مقيدة ، والجثث ملقاة في مشروع معالجة المياه الثقيلة في منطقة الرستمية ، تكرر هذا السيناريو لأكثر من ثلاث مرات في مكان واحد ، وفي منطقة تسيطر عليها بالكامل قوات الشرطة والحرس الوطني ، كما تشغل منظمة بدر حيزا معلوما في هذه المنطقة ـ الكرادة الشرقية ـ ، فإن لم تكن الحكومة وأجهزتها مسؤولة عن هذه الجرائم فمن هو يا ترى ؟ عندما تتماهى أجهزة الأمن الحكومية مع المليشيات التابعة لها ، وُتمارس الجريمة علنا أو خفية ، فاقرأ على الأمن السلام ..  الحكومة تحاول الخروج من أزماتها الخانقة والمحيطة بها من كل جانب ، عن طريق الإرهاب ، وإشاعة الرعب بين الناس ، إلا أنه لن ينقذها هذا السلوك ، ولن يخرجها من أزمتها ، فبالأمس مظاهرات واعتصامات للجماهير الغاضبة ، ضد تسعيرة النفط ومشتقاته ،  من البصرة وحتى أقصى مدينة في الشمال ، ومقتل أربعة مواطنين والعشرات من الجرحى في الناصرية ، نتيجة مصادمات بين المطالبين بالعمل والشرطة ، تسترت عليها الحكومة ، ودون تغطية إعلامية رسمية لهذه الجريمة . الناس لن تأكل من المشاريع الطائفية سوى البطالة والجوع والقتل ، وحبل الكذب قصير جدا ، خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بأمن الناس وخبزها .
 فضائح الحكومة الطائفية طالت حتى حجاج بيت الله الحرام ، وسرقة ما دفعوه من رسوم حج وقيمة جوازات وبطاقات سفر ، فالمئات من الحجيج حرموا من ممارسة شعائرهم والوصول إلى بيت الله الحرام لهذا العام ، نتيجة فساد الجهاز الإداري والأجهزة الأمنية ، فلم يكفهم ما سرقوه من خزينة الدولة فوجدوا الفرصة ملائمة عند حجاج بيت الله ، حيث قد زورت جوازات السفر وبيعت موافقات الحج لأشخاص سفروا على الخطوط الجوية قبل غيرهم من المستحقين ، وحرمت من السفر أسماء المئات من الحاصلين على الموافقة الرسمية ، وهم ينتظرون دورهم في العراء لأيام عدة ، يقاسون البرد وسوء الأحوال الجوية ، دون ماء وطعام ومرافق صحية ، فمن يا ترى المسؤول عن جريمة مثل هذه ؟ وكيف حصل التزوير في الموافقات الرسمية ليتطابق مع المئات من المغادرين بجوازات السفر المزورة ؟ هذا التوافق نتيجة عمل منظم ومشترك بين أجهزة رسمية مسؤولة في الحكومة ، تطال مسؤوليته رئيس الحكومة ، يتطلب الكشف عنه بشفافية كاملة بمشاركة من منظمات المجتمع المدني . الغريب في الأمر أن رئيس الوزراء بدلا من محاسبة الأجهزة المساهمة في هذه الجريمة ، يتوجه بإلقاء اللوم على الجانب السعودي وبلهجة لا تخلو من تهديد صريح ، وهو المشهود له بالهدوء ، ولم نعهد له موقفا مماثلا مع دول أخرى " شقيقة " تتدخل بشكل مكشوف بأمور العراق وأمنه ، وهل من الحكمة تهديد السعودية ونحن في ظرف نحتاج فيه لكل مساعدة تعيننا على البلوى ، التي أوصلنا إليها الاحتلال الأمريكي ومن ثم شريكه الحكم الطائفي ؟. هل من المنطق والحكمة أن يقول السيد رئيس الجعفري في مؤتمره الصحفي يوم أمس " ... الطرف السعودي لم يكن واضحا في موقفه رغم أننا لا نريد الخلط بين المسار السياسي ومسار تعاطي السعوديين مع موسم الحج ، ولكن أقول لهم أنني لم أصبر على تعاملي معهم بهذه الطريقة ...على السعوديين أن يفرقوا بين فعل مجموعة شواذ قاموا بتزوير جوازات سفر وبين شعب أصيل ...وليتعاملوا ( أي السعوديين ) مع الموقف كما تعاملنا معهم عندما كان ولا زال السعوديون يتصدرون قائمة الإرهابيين الذين يأتون إلى العراق ليقتلوا أبناءه .." بالرغم من كل ما يحويه هذا الخطاب من توتير للعلاقات العراقية السعودية ، أقول ِلَم ُنحمل السعوديين مسؤولية استخدام جوازاتنا المزورة  ؟ لماذا لا نسأل : كيف تم مرور آلاف الحجاج المغادرين بجوازات سفر مزورة من المطار أو من المنافذ الحدودية دون تدقيق ؟ أليس هذا ما يدلل أن الأجهزة الأمنية مخترقة وغير أمينة على مصلحة العراق والعراقيين ؟ ألا يعني أن الإرهاب لا زال يمر عبر بوابة أجهزتنا الأمنية ؟ وهل فقط السعوديون يعبرون حدودنا لقتل أبنائنا ؟ وغيرهم من الحدود الشرقية ، " أشقاؤنا " وهم حلفاء لسوريا ، ألا يحملون الموت لأبناء العراق ؟ سواء أكان هذا الموت تفخيخا وتفجيرا أم سما قاتلا ، وهو في النهاية أدهى واخطر من القتل  ؟ على كل حال تصريف الأزمات وإلحاقها بالغير لا يحل ما يعاني منه العراقيون من مشاكل أمنية وخدمية ولقمة عيش ، الحل هو سلوك النهج الوطني في التعامل مع كل فئات المجتمع ،وحل المليشيات ، وتنظيف الأجهزة الأمنية ودوائر الدولة من المرتزقة والفاسدين ،  وإسناد مناصب الخدمة العامة وفق الكفاءة وعلى أسس وطنية وليست طائفية ، وبدون هذا يبقى العراق مستباحا ، والدم العراقي مباحا ...

7 كانون ثاني 2006
 

82
أين الديموقراطية ..؟
تضامنا مع سجين الفكر والرأي د. كمال سيد قادر

هادي فريد التكريتي

ليست الديموقراطية كلمات نلوكها ، أو شعارات ، قومية ، كاذبة نختبئ وراءها ، ولن تكون مقاسات نفصلها ، وفق أهواء هذا الحاكم أو ذاك ، إنما هي إيمان بقدسية الكلمة ، الحرة والنزيهة ، الهادفة لتغيير واقع فاسد ، يقولها المثقف الحر ، المتجرد من موالاة السلطة ، وغير الطامع فيها بمنصب أو مال .
لهذا المثقف كل الحرية أن يبدي رأيه في بناء دولته وخدمة شعبه وفق رؤاه ، وله الحق الكامل والمطلق أن ينتقد ما يراه من ممارسات خاطئة تمارسها سلطة أو حاكم ، تؤثر سلبا على حياة المواطن وحريته ، وتحد من آفاق تقدم وتطور شعبه .
أي انتهاك لحرية الكاتب المثقف ، المنزه عن القصد والغرض السيئ ، هو انتهاك لمعايير الحرية التي ننشدها ، وسخرية بالمبادئ الديموقراطية التي نتوق لترسيخها في مجتمعاتنا ، مثل هذه الأساليب ، تجب مقاومتها ، إدانتها ، والوقوف ضدها ، بكل حزم ، دون مداهنة أو تزلف للحاكم وسلطته ، مهما كان وأينما تواجد ، فما هو حاصل للكاتب والمثقف الدكتور كمال السيد قادر ، يتنافى مع القيم الديموقراطية التي تدعيها السلطة الكردستانية في أربيل.
فليس هناك من مبرر للحكم عليه ، سوى قلمه ورأيه ، الذي وظفه لخدمة شعبه وفق ما يراه كمثقف ، سواء أكان هذا يتوافق مع رغبة الحاكم أم يناهضها ، وإلا أين هي الديموقراطية ، إن لم تكن في الرأي الآخر ، نتقبله ونناقشه ، إن كنا لا نشعل الشموع إلا للحكام والحوشية المتزلفين ، فلن نكون قد اتعظنا بالحكم القومي الفاشي ، كما يعني أن الأوضاع في كوردستان قد تسير بذات النهج ..

على كل الشرفاء الذين تعز عليهم الديموقراطية ، والكلمة الحرة الشريفة ، كما تعز عليهم نجاح التجربة الفدرالية ' الاتحادية ' في كوردستان أن يدينوا الحكم الصادر بحق هذا الكاتب والمثقف التقدمي ، د. كمال سيد قادر ، والمطالبة بإطلاق سراحه فورا ، والاعتذار له ولعائلته ، مع التعويض على ما أصابهم من ضرر.
أما المناشدة بالعفو ، والإحسان لمن أساء ، الصادرة من بعض الكتاب ، فما هي إلا التماهي مع العسف الواقع على المثقف وتكميم فمه وكسر قلمه ، وإرغامه على تسخير هذا القلم بأتجاه منافي لحرية الرأي والمعتقد ، وللديموقراطية وحقوق الإنسان ، فالحكم بسجن مثقف كل ' جريمته ' رأي وفكر لا يرضى عنه الحاكم ، يعتبر أمرا مناهضا للديموقراطية وحرية الرأي ، يجب أن يتوقف حالا ، وعلى كل المثقفين إدانته تضامنا مع الدكتور كمال سيد قادر ..! [/b][/size] [/font]


83
الشعب العراقي جدير بالديموقراطية ..ولكن ..!
هادي فريد التكريتي

 شغلت الانتخابات العراقية ، ولا زالت تشغل اهتمامات الرأي العام العالمي والعربي والمحلي ، بممارساتها ونتائجها . وعن جدارة انتزع الشعب العراقي ، بمختلف طوائفه وقومياته ، إعجاب العالم عندما توجه نحو صناديق الاقتراع ، للإدلاء بصوته ، بشجاعة نادرة ، وكثافة غير معهودة ، حتى في الكثير من دول العالم المتقدم ، على الرغم من التهديد بالقتل والتفجير ، من قبل السلفيين والوهابيين وبعض أجنحة " المقاومة الشريفة " ، لكل من يحاول الوصول إلى المراكز الانتخابية .
إن ما أنجزه العراقيون ، بكل طوائفهم وتوجهاتهم ، عبر عن إيمانهم العميق والمطلق بالوحدة الوطنية ، وتصميمهم المسبق على حسم خياراتهم باتجاه نبذ العنف والطائفية ، والتمسك بالديموقراطية نهجا وممارسة ، لتقرير مصيرهم ، وجعل الورقة والقلم هي الطريق الأفضل والأسلم ، للوصول بأمان ، إلى صناديق الاقتراع وقبة البرلمان ، لصراع الأفكار والقيم والبرامج ، بديلا عن عنف البندقية والرصاصة ، المجربة ، بعدم حلها لمشاكل الشعب الداخلية ، كانت هذه قناعة غالبية الشعب ، حتى الفصائل التي كانت تنحو نهجا مغايرا ..
كان هذا التقييم ما أجمع عليه المثقفون والكتاب والمراقبون والمحللون السياسيون ، عراقيون وأجانب ، بكل توجهاتهم السياسية والفكرية والطائفية ، إلا أن البعض اخذ الجانب الإيجابي والظاهر ، وهو إقبال الشعب العراقي على ممارسة حقه في التصويت ، ليعتبر العملية الانتخابية ، ديموقراطية وناجحة ، دون النظر إلى المكونات والعوامل الأخرى المساعدة لنجاح العملية ، والمتمثلة في :ـ
1ـ الحكومة وإجراءاتها المتخذة لتوفير الأمن ، وحيادية أجهزتها الأمنية ، بالوقوف على مسافة واحدة من كل القوى المتنافسة ، على مقاعد المجلس النيابي الجديد ، وحماية المواطنين والمقترعين ، وضمان عدم الاعتداء على حريتهم ، ومراقبة من يحاول تخريب العملية الانتخابية .
2 ـ المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ، ودورها المتمثل في الإشراف على حسن التنظيم والإعداد لجهازها الإداري ، ولكل ما له علاقة بالناخب والاستمارة وحتى الفرز وتوقيت إعلان النتائج ، إضافة للمراقبة والإشراف على سير الانتخابات ، نزاهتها ومراقبة تنفيذ تعليماتها المبلغة للكيانات السياسية ، بما فيها الوقت المحدد للدعاية .
3 ـ سلوك الكيانات السياسية وممثلو القوائم .
عند تقييم العملية الانتخابية ، بحيادية ودون انحياز طائفي أو قومي ، من الضروري الأخذ بنظر الاعتبار العوامل الثلاثة ، دون تجاهل لبعضها أو اجتزاء جزء منها ، وبدون هذا نكون متعسفين بإصدار الحكم على أن العملية ناجحة أو فاشلة .
الكل يعلم أن الحكومة لم تكن حيادية في موقفها ، فهي طرف في المنافسة ، حكومة ائتلاف طائفي شيعي ـ عنصري كردي ، وما أطلق عليها بوقتها أنها حكومة وحدة وطنية ، تجاوز على الواقع ، وتحميل الكلمات معان لا تحتملها . وعلى ضوء هذا االواقع ، كانت الشرطة وقوات الأمن الأخرى ( حرس وطني وجيش ) وقياداتها خاضعة بالكامل لتوجيهات قياداتها من حكومة الائتلاف.
ولم تستخدم هذه القوات ولاءها الوطني لخدمة كافة القوائم ، بل كانت منحازة ، وهذا ما أثبتته الوقائع ، بعدم حماية المتنافسين ، عندما تم اغتيال عناصر من الحزب الشيوعي والوفاق في مدينة الثورة والعمارة ، وحرق مقري الحزب الشيوعي والوفاق في مدينة الناصرية ، كما قتل رئيس قائمة قومي ، كل هذا حدث دون تدخل من قوات الشرطة والأمن ، علما أن الحكومة هي للشعب العراقي كله وليست لطائفة دون أخرى . فالأمن للجميع لم يكن متوفرا للناخبين ، وخصوصا عند مداخل ومقرات المراكز الانتخابية ، وهذا ما جعل العملية بأسرها ، خاضعة لابتزاز وتزوير كيان واحد أحد معروف . نجاح أي عملية انتخابية في مثل ظرفنا الحالي ، مرهون بفعالية ونشاط قوى الأمن وحيادها، فهل نستطيع القول أن الأمن كان للجميع ؟
أما بالنسبة للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات ، فلم تطبق قانونها وتعليماتها ، فهي أول من خرق القواعد التي رسمتها للآخرين عندما أعلنت أن النتائج لن تعلن قبل الأسبوع الأول من كانون الثاني ، إلا أنها فاجأت الرأي العام العراقي والعالمي ، عندما أعلنت عن أكثر من 80 % من النتائج النهائية ، خصوصا في المنطقة الوسطى والجنوبية ، فماذا يدلل هذا ، إن، لم يكن هذا مساهمة في التزييف والتزوير ، ولمصلحة جهة واحدة معينة ، فما هو التزوير إذن ؟
المفوضية لم تكن مستقلة بدليل الانتماءات السياسية لبعض رموزها المتنفذة في الهيئة ، والتي أثبت الواقع بدلائل مختلفة ، أنها لم تكن حريصة على تنفيذ القواعد التي شرعتها ، هي نفسها ، حرصا على سلامة ونزاهة الانتخابات . لم تعترض على تعليق القرآن عند باب الدخول للمركز الانتخابي ، وكمسلمين يمارس هذا الفعل ضغطا على حرية الناخب .
وقد ُمنع الكثير من ممثلي الكيانات المناهضة للقوائم الطائفية من الدخول إلى المراكز الانتخابية ، إلا بعد أن امتلأت الصناديق بأوراق مزورة ، وقد اعترف السيد حسين الشهرستاني ، نائب رئيس الجمعية الوطنية ، والعضو البارز في الائتلاف الطائفي ، حين قال " لاحظنا بعض التجاوزات وحددنا نوعية ووقت التجاوز ، لكن هذا لايعني التشكيك في عمل المفوضية ، وإذا كان هناك تشكيك في صندوق الاقتراع فيمكن الغاؤه " هذا اعتراف خطير ، رغم محاولة تهوين الأمر والتقليل من نتائجه .
عندما يتواجد ممثلون لكيان معين بشكل طاغي ، يكون من الصعب مراقبته من قبل الكيانات السياسية الأخرى ، إن وجدوا ، فتجربتي الشخصية ، كان هناك مدخل واحد للدخول وآخر للخروج من المركز الانتخابي الذي صوت فيه مدينة " يوتوبوري " السويدية ، وعندما أنهيت التصويت وتوجهت نحو الباب الثاني المعد للخروج ، التقيت وجها لوجه بعناصر تدخل ، ولما سألت لماذا تدخلون من هنا ؟ أجاب المسؤول إنهم مرضى ، تفرست بوجوههم الملتحية ، كانوا كلهم من الشباب المفتول العضلات ، على الرغم من تسهيلات قدمت للمرضى من باب الدخول الرئيس ، فكم من مثل هؤلاء َصًوت ، وكم مرة بين غاد ورائح .؟
أثبتت الجماهير العراقية الشعبية ، أنها أكثر شعورا بالمسؤولية وحرصا على نجاحها، وأكثر تحضرا ووعيا وحفاظا على قواعد السلوك الاجتماعي ، وتقبلا للممارسة الديموقراطية ، وانضباطا لشروطها ، من بعض الشخصيات وممثلي الكيانات السياسية ، لتقيدها ، بشكل عام بتوجيهات المسؤولين عن العملية الانتخابية ، وعدم خرق قواعدها .
أما القادة السياسيين ، من قادة الكتل السياسية والكيانات الطائفية ، فهم على الأغلب من اتصفوا بمستوى جيد من الثقافة والتعليم ، وعلى قدر من التحضر والسلوك المدني ، والبعض منهم من قد أقام ودرس في الخارج واطلع على تجارب الأنظمة الديموقراطية في تلك البلدان ، وربما مارس الكثير من الفعاليات السياسية فيها.
إلا أن واقع الانتخابات أثبت أن البعض منهم كان وراء الكثير من الانتهاكات والخروقات التي حدثت في الكثير من المدن ومراكز التصويت ، في القتل والتحريض عليه ، ودفع البعض للقيام بأعمال مخلة ومؤثرة على سير العملية ديموقراطيا وتزوير إرادة الناخبين ، وخرق حرمة الدستور ـ الذ ي صنعوه ـ وانتهاك مواده ، انتهاك حرمة المواطن وحريته ، وحتى قتله ، أو تهديده بالقتل ، وتهديد عائلته ، والضغط عليه في تغيير قناعاته ، بوسائل شتى ، ودفع بعض ضعاف النفوس ، عن طريق الرشوة والابتزاز على ارتكاب أفعال مخلة بكل القيم والمفاهيم الإنسانية .
فمن حرض وزور وزيف وتستر هم القادة ، وليسوا أناسا بسطاء ، فلابد من عقاب قاس ومضاعف ، وإلا كيف يمكن أن تكون الدولة وشكلها ، إذا كان حكامها مزورون ومحرضون على كل جريمة ، بما فيها القتل أو التحريض عليه. أما أن نتستر على مثل هذه الجرائم والانتهاكات ، ونزعم أنها ناجحة ،أو ندعي أنها البداية لممارسة الديموقراطية ولا بد من وقوع مثل هذه الأفعال ، ولابد من تجاهلها ..
أقول نعم هذا صحيح يحدث مثل هذا ، ومثل هذا يحدث أيضا ، من ٍقَبل أعداء الحرية والوطن ، ولكن ليس بدون عقاب ، وعقاب رادع وليس بالتساهل والتغاضي ، وليس قبل أن يحرم المستفيد والمنتفع من مثل هذه الخروقات والجرائم ، عملا بالقاعدة الفقهية " من تعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه " ، كما وليس قبل أن ينال الجاني عقابه ، وتعويض المتضرر .
إن أردنا أن نبني أسسا لمبادئ ومفاهيم ديموقراطية ، علينا أن لا نتجاوز أي خرق قبل أن نحاسب القائمين به وعليه ، لينالوا جزاءهم ، مهما علا مركزهم ، ومهما سما شأنهم ، وبلغ بهم المقام ، فليس هناك أعلا مقاما من الشعب وحريته ، ولن يسمو أحد،فوق سمائه ، وإلا فلن نكون قادرين على تجاوز الفساد والمفسدين مستقبلا ، وسنعود للمربع الذي كنا فيه مع النظام الفاشي ، لنؤسس لفاشية أدهى وأمر ، ولم يكن قد تغيرت فيه سوى الوجوه .
وسيعشعش الفساد من جديد أكثر مما كان وما هو كائن فعلا ، وسيتسع خرق الدستور إن لم يستبدل بغيره ، ويتعطل كل حل على الشعب العراقي ، ولن نكون قادرين على إصلاح من أمرنا شيئا.. مع اعتذاري لكل الديموقراطيين والمنظرين الذي اصطفوا طائفيا مع المزورين والقتلة ، بذريعة أن تجربتنا الديموقراطية وليدة ولا بد أن ترافقها أخطاءها .
نعم ، ولكن لا بد من دفع الثمن ، من قبل مشوهي تجربة الشعب العراقي ، فالشعب العراقي جدير بالديموقراطية والعيش بكنفها ، ولكن ليس قبل إدانة مرتكبي الجرائم .[/b][/size][/font]


84
البصرة تتونس وكركوك تدفع الخاوة ..!
هادي فريد التكريتي

هذا المثل الشعبي العراقي ، الذي جعلته عنوانا لموضوعي، حاولت أن أحرف كلماته، مع الإبقاء على الغرض الذي يقصده، وأخفف من تجاوز حروفه على الذوق العام ، التي تخرز عين القارئ بما فيها من قبح ، إلا أن الحقيقة هي دائما وعرة الهضم على من يحاول أن يجانبها بتعسف.
فليعذرني القارئ إن استخدمت كلمة ' يتونس ' خفيفة الظل ، والجميلة عندما تنطلق ، باللهجة العراقية ' المتبغددة ' بعذوبة وعفوية من بين شفاه العراقيين والعراقيات ، صغارا وكبارا على حد سواء ، عندما يطلقونها على لهوهم ، أو عندما يحاولون قضاء وقتهم في تسرية نفوسهم المحاصرة بالهموم.
فهنا ألبست هذه الكلمة وحملتها معاني الكلمة القبيحة ، التي يخدش صوتها أذن سامعها ، وتجرح حياء العذارى , وعين من يقرأها ، ولكن أملي أن أجد من القارئ عذرا ، فالأمثال تضرب للدلالة على الهدف والمضمون ، وليس على الحقيقة الحرفية للمثل.
ومأساتنا نحن العراقيين عصية على الحل في مثل وضعنا الراهن . أقول ، الفساد قد عم واستشرى بين رجال الحكم والمسؤولين ، وحديثي ليس عن النظام السابق ورجاله فهذا شأن قد استغرق عشرات السنين من النهب و' السلبطة ' على حقوق الآخرين ، إلا أني أتحدث عن عصرنا الأمريكي ، الطائفي والقومي ، الجديد.
فخلال السنتين والنصف المنصرمة ، تشكلت طبقة مترفة ومتخمة الغنى ، وأصبحت تمتلك ملايين ، إن لم تكن مليارات الدولارات الأمريكية ، وليس الدنانير العراقية ، نتيجة لنهب المال العام السائب ، والتهريب الذي شمل كل السلع ، من العراق إلى الدول المجاورة الشرقية والغربية ، وإلى العراق من هاتين الجهتين ، وخصوصا النفط ، لو تعقبنا طريق خروجه خاما ، وعودته مشتقات نفطية مختلفة ، لوجدنا الإشراف على تهريبه ، علنا ، يتمركز بيد أمراء المليشيات وقادة الأحزاب الحاكمة والمتنفذة في الوزارات والمؤسسات الأمنية ذات الارتباطات المشبوهة علانية ، بجهات إما أن تكون إيرانية أو عربية أو أمريكية.
وهذه الجهات الثلاث ليس من مصلحتها استقرار العراق ، ولا ازدهار حياته الاقتصادية ، وبالتالي تسعى ، هذه الجهات ، متواطئة مع الحكومة ومراكز اتخاذ القرار ، لأن يبقى الشعب العراقي بعيدا عن استغلال ثرواته بمختلف الأشكال والصور ، يعتاش على صدقات المتصدقين والدول المانحة ، وعلى ما يقدمه البنك الدولي بشروطه الجائرة ، وبفوائد عالية ، على القروض وعلى الديون ، التي بذمة العراق وفوائدها المتراكمة للدول الدائنة ، مثل الشقيقة إيران.
وما تطالب به هي من تعويضات للحرب بمبالغ طائلة واجبة الدفع ولها الأولوية ، خصوصا إذا كانت حكومتنا هي من تتصدر المطالبة قبل أن تطالب بها الشقيقة ، وهكذا تبقى الخزينة على الدوام فارغة ، وليس من يملأها غير فرض ضرائب جديدة ، مباشرة وغير مباشرة على السلع الاستهلاكية.
وهذا ما أقدمت عليه الحكومة الحالية ، وقررته عندما رفعت تسعيرة الوقود ثلاثة أو أربعة أضعاف على ما كانت عليه ، وهذا ما يؤثر بشكل مباشر ومحسوس على مستوى حياة العائلات الفقيرة والشعبية ، لاستخداماتها الكثيرة والمتفاوتة لهذه المادة الهامة يوميا ، في الطبخ والتدفئة والتنقل ، وما يترتب على هذه الزيادة من رفع في الأسعار لكافة السلع ، المصنعة محليا والمستوردة على حد سواء ، وهذا ما وحد الشارع العراقي بوجه الحكومة الطائفية ، أكثر مما لعبت هي على فرقته وترسيخه أثناء الانتخابات ، فانطلقت الجماهير الشعبية يوحدها الدفاع عن مصالحها ضد إجراءات رفع الأسعار التعسفية في مظاهرات واعتصامات من شمال العراق لجنوبه ، لمقاومة هذا الهجوم على لقمة العيش .
إن الحكومة تتذرع بذرائع واهية وغير منطقية عندما تحاول تبرير الزيادة في الأسعار ، فالعراق بلد منتج للنفط ، والنقص الحاصل في مشتقاته ، يمكن تلافيه خلال أشهر قليلة لو كانت الحكومة حريصة على حل مشاكل الشعب ، حيث كان بالإمكان بناء أكثر من مصفى خلال الفترة المنصرمة ، وهذا ما يحول دون وقوع أزمات.
وبنفس الوقت يخفف من أزمة البطالة وتنتفي الحاجة لاستيراد ما يحتاجه العراق من المنتجات النفطية إلا إن الفساد المستشري داخل أجهزة الدولة ، واعادة تهريب ما هو مستورد يدر أرباحا مضاعفة وأسرع وبعيدا عن كل إشراف للدولة وأجهزتها فيما لو بوشر في البناء بمصاف جديدة ، خصوصا عندما تكون الفترة الزمنية للوزراء قصيرة في موقع النهب ، ولا أحد يتكهن بظروف بلد وضعه السياسي غير مستقر ، فاليوم لي وغد بظهر الغيب .
إن الاموال المسروقة والمنهوبة من قبل الوزراء والمتنفذين في الدولة ، ومن قادة المليشيات وأمرائهم وعصابات التهريب الرسمية وغير الرسمية يدفع الشعب استحقاقاتها من لقمة عيشه وعلى حساب أمنه وتعليم اطفاله وصحة وعلاج مرضاه .
سنشهد استمرارا لتدني أوضاع الجماهير المعاشية لفترة الحكم اللاحقة ، فتشكيلة الحكومة القادمة هي من نفس النسيج السابق إذا ما نهجت نهج سلفها في التغاضي عن الوضع المعاشي المزري لعموم العراقيين وتسترت على بؤر الفساد والرشوة والتهريب.
فالقادم من الأيام يؤشر على المزيد من البؤس والحرمان ونقص في الخدمات وغلاء للأسعار والمحطة اللاحقة من نهج الحكومة إلغاء البطاقة التموينية على الرغم من قصورها في معالجة الأوضاع المعاشية للجماهير المسحوقة وهذا ما سيفسح في المجال للقطط السمان الجدد لأن تعبث باقتصاد البلد وأمنه ولا من يدفع الثمن غير الضحية الشعب العراقي لا غيره ، وآنئذ تنطبق حكمة المثل الشعبي العراقي على واقعنا في ظل الحكومة الطائفية القادمة ( البصرة ' تتونس ' وكركوك تدفع الخاوة ) .مع تسجيل الإعتذار لكلا المدينتين الرائعتين ..!! [/b][/size][/font]

85
الفساد .. وفضح الحرامية ..!
هادي فريد التكريتي

انتهت الانتخابات ، بعد أن وقعت الكثير من المخالفات والانتهاكات، وبعد أن تبادلت القوائم الانتخابية ، الكثير من الاتهامات أيضا ، وعلى الرغم من عدم قيام أجهزة السلطة الحكومية ، بواجبها بحيادية ونزاهة ، تجاه المرشحين وممثلي القوائم ، حيث سقط العديد من القتلى كما في العمارة ، والكثير من حوادث العنف وقعت ، في الناصرية ، بتوجيه من مسؤولي بعض القوائم الطائفية ، وبمشاركة الميلشيات التابعة لها ، انتهت بحرق مقرات لأحزاب وطنية ، غير طائفية ، ونهب محتوياتها ، حصل هذا تحت علم وسمع ، إن لم يمكن بمشاركة ومساهمة أجهزة الدولة الأمنية ، من شرطة وحرس وطني وجيش .
انتهت الانتخابات ، وقد أكد سياق العملية الانتخابية ، أن المفوضية العليا للانتخابات ، كانت عديمة الجدوى ، إن لم تكن عاملا إضافيا في المساعدة على التزوير والتستر عليه ، وعدم قدرتها على إدارة العملية بشفافية وكفاءة ! ، ناهيك عن عدم نزاهة بعض أعضائها ، وانعدام استقلالية الرأي والقرار المتخذ في معالجة الانتهاكات والخروقات ، حيث كانت منحازة بالكامل لجهة دون أخرى ، وهي ترى وتسمع وتقرأ ، كل ما يحصل من تجاوزات على القوائم ، دون القدرة على الردع ، أو اتخاذ التدابير التي تحد من غلواء التزوير .
فالضغط قد حصل على الناخبين والتأثير عليهم بمختلف الأشكال والصور ، وهذا ما أيدته تقارير المراقبين ، وقامت هذه المفوضية بأدوار ليس من مهامها ، وليس لها من مصلحة فيما أقدمت عليه ، إلا من جهة تبرئة المتورطين في تزوير العملية الانتخابية ، عندما أخذت على عاتقها ، نفي ما أعلنت عنه الشرطة من إلقاء القبض على سيارة ، ودخول سيارات أخرى ، محملة بأطنان من الاستمارات الانتخابية ، إضافة على سكوتها عن كل حالات التزوير التي حصلت في مناطق كثيرة وموثقة .
أقول بغض النظر عن كل هذا ، فالفائزون ، أغلبيتهم هم حصيلة هذا الواقع ، إن كان عن طريق نزيه وشريف ، أم عن طريق التزوير والتزييف ، فكلهم سيدخلون المجلس النيابي الجديد ، ويتحدثون باسم الشعب ، الذي ما استطاع أن يمارس حقه في حرية اختيار ممثليه ، أو يدلي بصوته بحرية كاملة وتامة ، بعيدا عن الضغط والخوف من الاغتيال أو التهديد بالقتل . الحكومة ستتشكل من الجهة التي حازت على أكثرية المقاعد إلى قبة البرلمان ، وكل ما نتمناه ، على نواب الأكثرية المطلقة ، أن تمارس أساليب نظيفة وشريفة ، في إدارة الحكم ، غير تلك التي مارستها وأوصلتها إلى موقع المسؤولية واتخاذ القرار .
الحكومة الجديدة وبغض النظر عن القوى التي تدخل في قوام تحالفاتها ، وبغض النظر عن دعاوى التزوير ، فهي ستمثل الشعب العراقي بأجمعه ، وتتكلم باسمه ، بكل أطيافه وملله ، والمفروض بقراراتها أن تصدر لمصلحة كل الشعب العراقي ، وليس باسم من صوت لها وأتى بها إلى موقع المسؤولية فقط ، ومن هذا المنطلق ، منطلق المصلحة الوطنية العليا ، ستكون مساهمة ممثلي القوائم والكيانات السياسية ، التي لم يحالفها الحظ لأن تكون في موقع اتخاذ القرار ، مساهمة فاعلة في التوصل إلى القرارات التي تحقق رغبات وأهداف كل الشعب ، ومعارضة ما تراه غير ذلك.
فاللعبة الديموقراطية هي أن يسعى الفائز ، أيا كان ، لأن يحقق المصلحة الوطنية لكل الشعب ، من خلال مفاهيمه ومنطلقاته الفكرية ، وبرنامجه الذي طرحه قبل أن يصير في الحكم . تمرير القرارات أو عدم الموافقة عليها ، من قبل المعارضة ، يعتمد على مدى صواب هذه القرارات ، ومدى ما تحظى به من تأييد شعبي ، ويقظة النواب الذين هم في موقع المعارضة ، تلعب دورا مهما في المجلس النيابي الجديد . فالحكومة الجديدة ، أية حكومة كانت ، ومهما تمتعت بنفوذ سياسي وشعبي أوصلها لموقع إصدار القرار ، تبقى خاضعة لرقابة المعارضة في المجلس.
ويبقى الشعب ومنظمات المجتمع المدني يراقب أداءها ونهجها في خدمة البلد والشعب ، ككل وليس لفئة دون أخرى ، والتأشير على الخلل ، ومحاولة درأه قبل وقوعه واستفحال ضرره . من خلال تجارب شعبنا العراقي ، وتجارب الشعوب غير العربية ، التي تمارس الديموقراطية في المجيء إلى السلطة ، لم نر حكما لحزب أو زعيم يدوم ، مهما كان تاريخ وعراقة هذا الحزب أو ذاك الزعيم الذي يقوده ، إن حاد عن طريق الإصلاح ، وتجاهل رغبات وتطلعات شعبه في حياة أفضل ، أو أصبح غير قادر على تقديم شروط أفضل لحياة شعبه أو أكثريتهم ، أو ما عاد يمثل ضرورة تاريخية للمرحلة التي هو فيها .
يريد معرفة المزيد ، فتاريخ الكثير من الشعوب بين أيدينا ، فعلى سبيل المثال لا الحصر ، في بريطانيا حزب المحافظين ، تشرشل و تتاشر ، وفي ألم انيا الحزب الديموقراطي المسيحي ، هلمت كول ، وفي فرنسا الجنرال ديغول والإشتراكي متيران ، وأمريكا كلينتون الديموقراطي وبوش الجمهوري ، وغيرهم كثيرون ، فعلى الرغم من أن قادة هذه البلدان وأحزابها حققت الكثير من المكاسب والانتصارات لشعوبها ، على مختلف المراحل الزمنية التي حكمت فيها ، إلا إنها تبقى محكومة بفترة زمنية محددة ، معتمدة على ما لديهم من قدرة لتحقيق المزيد من الرخاء والرفاه.
وارتهنت فترتهم بتقديم الأفضل والأحسن لشعوبهم ، لتغادر مسرح الحكم ، محترمة إرادة الشعب ورغبته ، بانتخاب الحزب البديل ، الأكثر إقناعا للشعب في المعالجة وقدرة على تحقيق مطالبه ، وما لديه من حلول للمشاكل التي يعاني منها .
حتى وإن كان البديل ، هو النقيض لمن سبقه ، في الفكر والتوجه ، فالشعوب تنظر لمصلحتها ولمصلحة أوطانها وأجيالها القادمة ، وليس هناك ما هو مقدس عندها غير الوطن والشعب ، وهذا ما سيحصل عندنا لاحقا ، إن تمسكنا بخياراتنا الديموقراطية ، وآمنا بقدسية وطننا ، واحترمنا إرادة شعبنا .
إلا أن ما يجب الاهتمام به حاليا ومراقبته عن كثب ، أداء الحكومة القادمة وأولويات أهتماماتها ، نتيجة لظروف شعبنا الصعبة ! ، والتباس الأمور واختلاط أسبابها بمسبباتها على الكثيرين منا ، لأننا نعيش في مرحلة انتقالية صعبة ، لا يمكن الفرز والتمييز بسهولة ويسر ، بين صالح وطالح ، نتيجة بداياتنا في بناء دولة تنحو منحى ديموقراطيا غير واضحة معالمها ، على أنقاض دولة تعاون على هدها ودمار مؤسساتها النظام الفاشي والاحتلال الأمريكي ، تتجاذبها قوى مختلفة الرؤى والتوجهات .
فالنظام السياسي القديم ، كان قد أوجد وضعا مأساويا في سياساته الشوفينية ، اتسم بدكتاتورية ـ فاشية ، أوجدت عدم ثقة بين مكونات الشعب العراقي ، الدينية والقومية ، الطائفية والأثنية ، أصابت المجتمع بضرر بالغ ، خربت بنيته الوطنية وأتلفت نسيجه الاجتماعي ، وهذا ما استغلته تيارات الإسلام ـ الطائفي ، والقومي ـ العنصري بعد سقوط النظام ، في نبش خلافات دينية ـ طائفية و عرقية ـ عنصرية تاريخية ، وأعادت إنتاج نتائجها وفق رؤى ظلامية موغلة في الحقد والكراهية ، بين سنة وشيعة ، طوائف وأعراق أخرى ، تحاول توظيفها في إحتراب أهلي مف! تعل ، ضحاياه هم كل الأبرياء من كافة طوائف المجتمع ، على اختلاف أعمارهم من الرجال ونساء ، لمصلحة سياسية ـ طائفية لا تخدم الشعب العراقي .
من حيث المبدأ ، لا خوف من أن تتسلم السلطة حكومة ( منتخبة ) ذات أفكار دينية ـ طائفية ضمن استحقاق انتخابي لفترة زمنية ، ُتحترم فيها إرادتها ورغبتها لتنفيذ برنامجها السياسي والاجتماعي ، من أجل إيجاد حلول جذرية لمشاكل حقيقية يعاني منها الشعب ، إنما الخوف والخطورة تكمنان في توظيف الديموقراطية للوصول إلى السلطة ، ثم عدم تكرار التجربة مرة أخرى ، لتتم مصادرة كافة الحريات التي أقرها الشعب في الدستور ، وفرض البديل الديني ـ الطائفي ، المتمثل في حكم ولاية الفقيه ، والسير على النهج الإيراني .
هذا ما يرفضه الشعب ، ومن هنا تنهض مهمة القوى السياسية الوطنية والديموقراطية ، من داخل المجلس النيابي الجديد ، متعاونة مع مؤسسات المجتمع المدني ، ولجان الدفاع عن حقوق الإنسان ، في مقاومة هذا النهج ، وشحذ يقظة جماهير الشعب واستنفار حذره ، لمجابهة أية خطوة تشكل خطورة على الوطن ووحدة الشعب العراقي ، فتفعيل القوى الشعبية وزجها في أعمال وفعاليات جماهيرية ، للدفاع عن حريتها ومصالحها الوطنية والقومية ، هو الأسلوب الأمثل لفضح كل الأساليب والمن! اورات الهادفة لتمزيق العراق ، وفرض توجهات وسياسات تجهض خيارات الشعب الديموقراطية ، وتسلبه حقوقه وحريته من العيش في وطن آمن ومستقر .
إن تحقيق مطالب الشعب الآنية وحماية مصالحه الحيوية ، هو المعيار الحقيقي في وطنية الحكومة ونزاهة رجالها ، فإن كانت حكومات الفترة التي أعقبت سقوط النظام ، اتسمت بكونها حكومات مؤقته ، أو انتقالية ، غير كاملة الصلاحية ومنقوصة السيادة ، لم تستطع أن تحقق للشعب العراقي الأمن والسلم والعمل ، علاوة على ما يعانيه من نقص وعوز ، في الخدمات الضرورية لحياة الإنسان ، فليس لكونها غير قادرة على ذلك ، لقلة في الرجال أو المال ، بل لكون هذه الحكومات كانت تنقص أغلب رجالها الوطنية والنزاهة ، فانشغلت بالنهب والتهريب .
فسرقة المال المخصص للبطاقة التموينية ، وما خصص لتجهيز المشاريع الخدمية والأمنية ، تم تحويله لأرصدة وحسابات هؤلاء المسؤولين في الخارج ، والبعض من هذا المال المسروق تم إنفاقه على بناء الفضائيات التلفزيونية ، وشراء الذمم ، فالفساد قد استشرى في كل المجالات ، وهذا ما لا يجب أن يغيب عن اهتمامات القوى الوطنية والديموقراطية ، مهما كان عددها ، في المجلس النيابي الجديد ، فالمطالبة بفتح ملفات الفساد وفضح الحرام! ية وسراق أمنه وخبزه.ضرورة وطنية وملحة .[/b][/size][/font]

86
المنبر السياسي / فرهود ..!
« في: 03:27 16/12/2005  »
فرهود ..!
هادي فريد التكريتي
hadifarid@maktoob.com
2005 / 12 / 16

كلمة فرهود ، كلمة عراقية بحتة ، يستخدمها العراقيون عندما تتعرض الأموال الخاصة أو العامة ، للنهب والسرقة العلنية ، من قبل ضعاف النفوس ، والحرامية المعتاشين على المال الحرام ، عند غياب السلطة ، أو عندما تغض السلطة النظر عن جرائم النهب والسرقة التي يمارسها الأتباع والأشياع . حصل الفرهود في العراق على عهد النظام الملكي في العام 1947ـ 1948 ، عندما أسقطت الحكومة العراقية الجنسية عن اليهود ، وأجبرتهم على مغادرة العراق ، فتعرضت أملاكهم وممتلكاتهم إلى النهب.
وقد اقترنت لفظة " الفرهود " باليهود ، (فرهود مال يهود ). كما حمل هذا الإسم رئيس الوزراء العراقي ، إبان الحكم البعثي ـ القومي ، طاهر يحيى ، عندما استشرى الفساد المالي والإداري في الدولة العراقية ، وكثر النهب والسطو على المال العام .
كما حصل الفرهود عندما احتل الأمريكان العراق ، حيث تعرضت ممتلكات الدولة ، وممتلكات النظام ورجاله للنهب ، ليس من قبل المواطنين فقط ، بل من قبل الاحتلال وجنده ، والعراقيين ، من الأحزاب والمليشيات الحزبية ، حيث قد ُفِكَكت المؤسسات والبني التحتية الإقتصادية ، من معامل ومحطات كهرباء ونفط وغيرها ، وتم نقلها إلى خارج الحدود وبيعها في إيران وتركيا والأردن وسوريا.
كما استولت الكثير من الأحزاب والقوى العراقية ، المتواجدة في السلطة ، وخارجها الآن ، وشخصيات قيادية فيها ، وميليشيات حزبية ، على أموال وممتلكات رجال النظام السابق ،ولا زالت تهيمن على تلك القصور والممتلكات الأخرى ، من بيوت ومزارع ، وقد استحدث اسم رديف ، جديد للفرهود ، هو " الحواسم " ، تيمنا بالإسم الذي أطلقه صدام إبان هروبه من المواجهة .
للحقيقة وللتاريخ ، أقول على الرغم من أن الفساد والنهب للمال العام والخاص كان مستشريا ، إلا أنه لم يبلغ آنذاك ـ زمن طاهر يحيى ـ ما بلغه في عهدنا هذا ، عهد الحكومات التي جاء بها الاحتلال الأمريكي ، وخصوصا حكومة قائمة الائتلاف الطائفي ورموزها ، من أمثال السيد عبد العزيز الحكيم ، وقائد مليشيات بدر ، هادي العامري ، وغيرهم الكثيرون الذين استحوذوا على المال العام والخاص ، مما يجعلنا نقر أن اسم أبو فرهود لا ينطبق بالكامل على المرحوم طاهر يحيى ، وعهده ، بل على آخرين ، جدد ، جعلوا من طاهر يحيى ( كيس تتن ) في أحزمتهم ، وهذا بفضل التوجهات الموسومة بالمظلومية ـ الطائفية ، وقيادة الحكم فعليا ، من قبل أناس لا يهمهم من العراق وشعبه سوى النهب والإثراء والفرهود ..!
في مقالات سابقة ، ومنذ الانتخابات الأولى ، عالج الكثير من المثقفين والكتاب نزاهة وحيادية المفوضية العليا للإنتخابات ، حيث أُعتبر البعض من أعضائها ، غير محايدين وغير نزيهين كذلك ، إلا أن أغلبية من كتب في هذا الشأن ، آنذاك ، لم يتطرق إلى نزاهة بعض أعضائها ، وتجاوزهم على المال المرصود إنفاقه على ما تتطلبه الإنتخابات من مستلزمات.
فربما كان هذا بسبب أن الإنفاق كان يجري عن طريق موظفي مفوضية الهجرة الدولية ، التي أشرفت على الصرف والإنفاق لكل العملية الإنتخابية ، في الداخل والخارج ، والتي لم تعلن بشفافية عن مصروفاتها وإنما فقط مجمل الإنفاق الذي بلغ 18 مليون دولار ، والذي أعتبر في وقتها مبلغا مبالغا فيه ، لما كانت تتميز به الأجور المدفوعة للعاملين من هدر ، سواء أكان هذا ، للموظفين ، أوللمستلزمات الأخرى ، من مبالغ للإيجارات والنقل ولقضايا تكميلية أخرى ، احتاجتها أو لم تحتجها العملية الإنتخابية.
إلا أن "الفرهود " الجديد هو ما طال المفوضية ـ غير المستقلة ـ العليا للإنتخابات ، حيث بلغت تكاليف ميزانية هذه الهيئة 56 ستة وخمسون مليون دولار أمريكي ، رغم تخفيض أجور العاملين في المراكز الإنتخابية، أي بأكثر من ثلاثة أمثال ما كانت عليه ميزانية الإنتخابات السابقة ، والتي صرفتها مفوضية الهجرة الدولية ، والتي وصفت آنذاك ب "البذخ " ، فالمقارنة بين حرص المفوضية العليا للإنتخابات (العراقية ) وسلفها ، مفوضية الهجرة الدولية ، تبدو غير واردة إطلاقا ، فالسيدة حمدية الحسيني عضو لجنة المفوضية العليا ، مسؤولة الإنتخابات في الخارج ، تتصرف بأربعة ملايين فقط كنفقات دعاية ، فهل هذه حقيقة ؟
كما تتصرف بما وضع تحت تصرفها لإدارة العملية الإنتخابية في الخارج ببذخ بالغ ، تحسده عليها حتى الدول الغنية ، فأجور يوم واحد لحمايتها الشخصية بلغ 7300 سبعة آلاف وثلثمائة دولار في اليوم الواحد ، أي ما يقارب لنصف مليون دولار للفترة المقررة أن تقيمها في خارج العراق مدة 46 يوما ، وشراء سيارة لاستخدامها بلغت قيمتها 134 ألف دولار ، فهل هذه نفقات حقيقية لحمايتها ؟ أم فرهود جديد ؟ ناهيك عن أن النفقات والمخصصات الأخرى ، التي قد تبلغ نصف ما هو مخصص لإدارة انتخابات الخارج ، التي حرم منها الكثير من العراقيين المتواجدين في أقطار أخرى ، لم تتواجد فيها مراكز اقتراع بحجة عدم توفر الإمكانيات المادية لتغطيتها ، ولقلة النفقات المخصصة لهذا الغرض ؟
وهنا أذكر فقط أن الميزانية المخصصة لهذا العام هي أكثر من ثلاثة أضعاف ما خصص للانتخابات الأولى ، فأي " فرهود " أكثر من هذا الفرهود الذي تمارسه عضو واحد في هذه المفوضية ، فما هو إجمالي المبالغ التي تتعرض للفرهود من قبل عموم أو أكثرية اللجنة ؟ برسم الإجابة من السيد فريد أيار بالتحديد ، الناطق الرسمي باسم الهيئة .
الممارسات التي قامت بها السيدة حمدية الحسيني ، لم تكن في نهب المال العام وتبذيره ، ولم تكن كذلك بما هو واقع في ممثلية لندن وتعيين موظفيين من لون معين لإدارة العملية الانتخابية هناك ، بل في مخالفتها لتوجيهات الهيئة العليا ، عندما رفضت هذه اللجنة ترشيح السيد رضا الشهرستاني ، شقيق السيد حسين الشهرستاني ، نائب رئيس الجمعية الوطنية العراقية ، عضو الائتلاف الشيعي ، لأن يكون مسؤولا عن مركز الانتخابات في أبو ظبي ، إلا أن السيدة حمدية الحسيني ، قامت بتعيينه مستشارا لها ومنحته صلاحيات قانونية ومالية واسعة ، يتصرف بكل المال الموضوع في بنك هذه الإمارة .
وعندما ُوضعت كل هذه الحقائق والخروقات أمام السيد فريد أيار ، لم ينكر مثل هذه الممارسات ، وعد بدراستها واتخاذ إجراءات بحق من يخالف التعليمات ، والسؤال هو متى وكيف ؟ وهو يعمل وفق الحكمة الهندية " لا أرى ، لا أسمع ، لا أنطق " !..
.؟ يوما بعد آخر تتكشف عدم مصداقية هذه اللجنة وتتجسد عدم استقلاليتها ، وحقيقة انيحازها لجهة دون أخرى ، ومساهمتها بشكل عملي وجدي ، في عملية " الفرهود " الجارية في العراق أسوة بما ( ُيَفرِهُده ) رجال الحكم والضالعون بركبه حاليا ، فلا بارك الله بمن يسرق فلسا واحدا ، من مال الشعب العراقي الذي هو بأمس الحاجة إليه ، ولا بارك الله بمن يتستر على حرامية الفرهود .. !

15 كانون أول 2005[/b][/size][/font]


87
َمْن يستحق تمثيلي غدا' ..؟!
هادي فريد التكريتي

التنقل بين القوائم الانتخابية ، وقراءة شعارات القوى المتنافسة من الكتل والأحزاب والشخصيات ، أمر بحد ذاته ممتع ، ودلالة على البدء بمشوار جديد ، لتقبل الرأي والرأي المنافس ، بين القوى السياسية العراقية ، ورغبة أغلب هذه القوى ، على تأسيس عهد جديد يتسم بمفاهيم أولية للديموقراطية ، تعتمد الحرص على نجاح التجربة الثانية للانتخابات . فتعميق مبادئ التوافق والاتفاق ، على نهج ' اختلاف الرأي ' ، مبدأ لا يفسد تلاحم مكونات الشعب ، بل ، يعزز من قدراتها على تحدي الصعاب ، لبناء عراق مخرب ، يساهم الكل في بنائه .
وعندما تتوجه أغلب القوائم الانتخابية ، والكيانات السياسية ، للمنافسة السلمية في كسب ثقة المواطن ، ستعمل جاهدة على محاربة الإرهاب ، والإرهاب المضاد ، أيا كان شكله ومن أي كيان انطلق ، لتبديد ما يعانيه المواطن من خوف اللحظة التي هو فيها ، فانفجار سيارة يقودها ' بهيمة ' ، وانحشار ' دابة ' مفخخة بين الجمع أمر احتماله وارد ، وقد دحرته رغبة الجماهير وتحديها له في الانتخابات الأولى ، إلا أن ما يزيد من حالات الخوف والقلق بين الشعب ، الظهور المكثف للملثمين من المليشيات الطائفية والعنصرية ( بأشكالها المختلفة ) التي صعدت من فعالياتها الإرهابية خلال هذه الفترة ، نتيجة لغياب مقصود لقوى الأمن الحكومية ، المسؤولة عن توفير الأجواء الأمنية للناخبين ، وحفظ حياة كل المواطنين ، قبل وبعد الانتخابات .
ما نراه من حالات انفلات أمني يطال اليوم جهة سياسية معينة ، وقائمة بعينها ، بهدف التأثير على حرية المواطن والحد من اختياراته ، ففي الغد سيطال الإرهاب ، وسيشمل كل المناوئين للجهة التي تمارسه ، إن لم تظهر في الأفق معارضة جادة وإدانة فاعلة ذات تأثير ملموس ، ليس من قبل القوى السياسية فقط ، بل من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ، والهيئات المشرفة على الانتخابات ، وكافة منظمات الدفاع عن الحقوق المدنية ، ومنظمات حقوق الإنسان ، وتحذير الحكومة من تساهلها إزاء! أي موقف يشجع أو يساند انتهاك حرية الناخب أو تزوير إرادته ، أو يعرض حي اة ممثلي القوائم للخطر ..

ضمان حريتي وسلامتي كناخب ، يفسح في المجال أمامي لأن أساهم بفاعلية جادة ، في استعراض قوائم القوى المتنافسة على شغل مقاعد الجمعية الوطنية ، وأن أختار ما يتلائم مع أهدافي وتطلعاتي المستقبلية ، ومن تجربة الانتخابات السابقة ، وما حصده المواطن من خيبة أمل ، نتجت عن :ـ

أولا تبعثر القوى الوطنية والديموقراطية ، ومقاطعة بعض المحافظات للانتخابات .
ثانيا ، قصر مدة التمثيل ، تسبب في عدم تمحيص وتدقيق ، طبيعة أهداف وبرامج القوى السياسية والطائفية المتحالفة .
ثالثا ، انحياز المرجعيات الطائفية في مساندتها لجهة دون أخرى .
رابعا ، ضعف أداء المفوضية العليا للإنتخابات في معالجة حالات التزوير ، وتغاضيها عن الانتهاكات الحاصلة في الكثير من المواقع الانتخابية. هذه مجمل الأسباب السلبية في التجربة السابقة ، جعلتني أطيل التدقيق في كل القوائم التي أعلنتها القوى المتصارعة للفوز بثقة المواطن ، لتمثيله غدا في الجمعية الوطنية ، أو في المجلس النيابي القادم ، وقد تمثلتها بشكل عام . القوائم التالية : ـ
1ـ .القائمة القومية الكوردية .
2ـ. القائمة (الطائفية ) السنية المتحالفة مع العنصريين العرب ، بغض النظر عن تعدد قوائمهم ! ، فهدفهم طائفي ـ عنصري .
3ـ . القائمة ( الطائفية ) الشيعية ، بغض النظر عما أفرزته من قوى علمانية ، فهذا فقط محاولة لكسب الناخبين ، الشيعة من العلمانيين ، وعدم توجههم لقائمة علمانية أخرى . فممثلو هذه القائمة ، من العلمانيين ، أعلنوا أنهم سينظمون ، متحالفين ، بعد الفرز مع القائمة الطائفية ـ الشيعية .
4 ـ قوائم منفردة ، وهذه القوائم بشكل عام لا تمثل قوى سياسية ذات أهداف سياسية أو اجتماعية ، إنما تمثل أشخاصها ودورهم ، في العشيرة والمدينة ، وما شابه . 5ـ القائمة الوطنية العراقية ،هي ذات طبيعة جبهوية ، تمثلت فيها كل القوى الوطنية العراقية ، بمختلف مشاربها وتعدد أفكارها وتوجهاتها السياسية.

على الأغلب ، القوى السياسية التي تخوض الانتخابات ، هي من كل الموزائيك العراقي ، المتعدد الأشكال والألوان ، وتقييمي لأدائها هو من منظور ومفهوم شخصي بحت، وكل ناخب ، حتما ، سيختار الجهة التي يرى فيها القدرة على تمثيله ، وتحقيق أهدافه ، إما من خلال مفهوم المصلحة العامة ، التي هي المصلحة الوطنية العليا ، أومن خلال المصلحة الشخصية.

1) القائمة القومية الكوردية ، محسوم أمرها أنها تمثل الكورد ، بمختلف فصائلهم وتباين أفكارهم ، ومن هذا الواقع رفضوا الدخول في أي تحالف عراقي مهما كان ، حتى وإن كان الحزب الشيوعي العراقي ، الذي دافع عن الكورد وكوردستان ، منذ بدايات نضاله ، ولا يزال ، أكثر مما دافع عن القضية العراقية نفسها ، بل يرى إن تحققت للكورد مطاليبهم ، سيتحقق للعراق الحكم الديموقراطي الحقيقي .
وقد أعلن الكثير من قادتهم أنهم يخدمون بالدرجة الأولى الكورد والقضية الكوردية ، وهذا شأنهم كفصيل حركة تحرر قومية ، إنما الأكثر من هذا أن السيد مسعود البرزاني رئس إقليم كوردستان ـ العراق ، أعلن : '.. لو حصلت حرب أهلية بين العراقيين ـ العرب ، فسيعلن انفصال كوردستان عن الكيان العراقي ..' على الرغم من مشاركة الكورد في الحكم ، متمثلين برآسة الجمهورية ، وباقي الوزارات السيادية ( كما يطلق عليها ) والمهمة .
فعليهم تقع مقاسمة مسؤولية ما حصل في العراق من مظالم ، نتيجة مشاركتهم الحكم ، مع قوى الائتلاف الشيعي ، وهذا ما تمثل بغض النظر عن الانتهاكات التي حصلت ، وإطلاق يد الحكم الطائفي في الشأن العراقي ، دون أن يتدخل الشركاء الكورد في وقفها أو المطالبة بإجراء التحقيق فيها.
وربما ، هذا الموقف هو من ضمن اتفاق سري مبرم بين القائمتين قبل تشكيل الحكومة ، وكثيرا ما طالب بتنفيذ بنوده الأخوة الكورد عندما تتوتر العلاقات بين الشريكين ، فالموقف الخاطئ ، تخليهم عن حلفاء الأمس ، مهما كان الثمن ، لن يحقق للكورد أهدافهم المستقبلية ، فالحلفاء الوطنيين والديموقراطيين ، رغم كل سلبيات الكورد اتجاههم في هذه الفترة ، لا زالوا يعتبرون أنفسهم حلفاء لهم وعلى الدوام ، ولن يتحقق للعراق ، الكوردي والعربي والتركماني وكل الفصائل الأخرى ، الحرية والتمتع بالحقوق المتساوية للمواطنة ، دون وطن حر وديموقراطي لكل قومياته وطوائفه المتآخية .
من كل هذا أقول لن أصوت للقائمة الكوردستانية ، في هذه الجولة ، لعدم فسحها في المجال لأمثالي ، وخيرها بغيرها كما يقول المثل .

2 ) القائمة الطائفية ـ السنية المتحالفة مع القومية ـ العنصرية، هي تجمع لكل المعادين للقيم والمفاهيم الوطنية والديموقراطية ، فأغلب عناصرها هم من البعث ـ الفاشي ( الذين شوفونا نجوم الليل في عز الضحى ) الذين تسببوا بكل مآسينا ، ولا زالوا ، من قتل وتشريد وإسقاط جنسية وإعدام ، بماذا نبدأ من الجرائم المقترفة وبأي فصل من فصول مأساة العراقيين نختم ، هذه الزمر ، هي بعينها التي صنعت هذا التاريخ المخزي بحق العراقيين الشرفاء ، هل نقول أنهم لم يساهموا في القتل والتعذيب للوطنيين العراقيين ، نزلاء سجونهم المعروفة والمجهولة ، وهم أنفسهم لا ينكرونها بل يتبجحون بها لأنهم أبطال وفرسان القائد ' المهزوم ' ، هل ينكرون مساهمتهم في جرائم النظام المرتكبة بحق الكورد ، من غازات سامة وأنفال ، وتهجير وإبادة الآلاف منهم ، وضحايا الحروب العبثية، هل يدينون قائدها وال! نظام الذي أوقد نارها ؟
وهل سمعنا منهم من وقف وقال لا لدخول الكويت ، إن كان من أحد قالها فما أبقاه ' المهزوم ' حيا ، والمقابر الجماعية هل يستنكرونها ، أو يدينون القائمين بها ؟
وبعد سقوط النظام الفاشي ما هو موقفهم منذ هزيمة ' القائد' وحتى اللحظة ، فهم يقودون ويمارسون القتل والخطف والتفخيخ والتفجير ، تحت أسم ' المقاومة الشريفة ' فهل فعلا هي شريفة مثلما يدعون ؟ وهي تحصد الطفل والعاجز والمرأة والعامل ، ولم نسمع منهم كلمة إدانة واحدة ، لما يتعرض له لشعب العراقي على يد هؤلاء الإرهابيين ، المتأسلمين والقومانيين ، حتى وهم يحضرون مؤتمرا للمصالحة في القاهرة ..!
التصويت لهم ، يعني المطالبة بعودة النظام بكل رموزه من القتلة والسفاحين ، والموافقة على كل جرائمهم ، وهذا لن يوافق عليه أي عراقي مهما كان مجردا من القيم الوطنية ..

3 ) القائمة الطائفية الشيعية ، بالتأكيد لن أصوت لها ، لأن منطلقاتها دينية ـ طائفية بحتة، لا تقر بمبدأ المواطنة ، لا في الحقوق ولا في الواجبات ، وتجعل المرأة ذات حقوق متدنية عن الرجل ، لأنها ناقصة دين ، وهذا نتفهم أسبابه ، ولكن لماذا ناقصة عقل ، وكوندا ليزا رايس تقود سياسات بلدان كثيرة ، ومن ضمنها العراق ، الذي يحكمه الائتلاف بكل سادته ومشايخه ، الذين يقرون بولاية الفقيه ، وهذا الولاية ، ألا تتناقض مع إيمانهم وتوجيهات وزيرة الخارجية الأمريكية التي تحكم العراق ؟ فالحكم يقر بنقيصة عقل المرأة وتخلفه ، وأنا شخصيا لا أعبد ما يعبدون لأنهم متناقضون ، ولم يؤمنوا لا بعقل ولا فكر رصين ..!
قوى الائتلاف الطائفي ، خلال حكمها ، لم يظهر لها برنامج سياسي أو اقتصادي لإدارة العراق ، ولم تنفذ الحكومة ، ما أعلنه رئيس ! الوزراء الجعفري من وعود ، التزم بها أمام الجمعية الوطنية ، بل خدم بعض طائفته ، من السادة الوزراء ' ونبلاء ' الجمعية الوطنية ، فزاد النهب والفساد ، ولم يف بقسمه ، خدمة العراق وشعبه ، ولم يحقق للمواطن علاجا لمشاكله الحياتية والمعاشية التي يشكو منها ، بل زادت ساعات انقطاع الكهرباء ، ونسي العراقيون ، طعم الماء الصالح للشرب ( اللي يتذكر يرفع أيده )، ولم يعد المواطن العادي ، شيعي أو سني ، يطبخ أو يتدفأ على مشتقات البترول ، من نفط وغاز ، حيث يحترق في مكانه ، والبنزين نستورده من الدول التي تهربه ميلشيات الحكم إلى الشقيقة إيران وسوريا وتركيا .
وفي كل أزمة أو مصيبة ، تهرول الحكومة وقادة الائتلاف ، إلى المرجعية لإنقاذها ، فما وجدت عندها من حل لأمور دنياها ، فهذا شأن السياسيين . زاد الإرهاب ، ليس إرهاب ' المقاومة الشريفة' ، بل إرهاب المليشيات الطائفية ' قوات بدر ، سيئة الصيت ، وجيش المهدي ، من حثالات البعث ، وجمعيات الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف الإيرانية ..' فهذه المليشيات تسيطر وتدير مناطق مختلفة من العراق ، وبعلم الحكومة وحمايتها ، عشية التحضير للانتخابات ، تم اقتحام مقر الحزب الشيوعي العراقي ، في مدينة ا لثورة من قبل ملثمي المليشيات ، وتم اغتيال عنصرين دون جريمة ، سوى جريمة الفكر التي تناهضها الحكومة الطائفية .
فالمليشيات الطائفية تفرض سيطرتها وإرهابها على كل مواطن يخالفها الرأي والعقيدة ، جأر المواطنون بالشكوى ، من الظلم والتدخل في الصغيرة والكبيرة من حياة المواطن ، دون جدوى ودون تحقيق من قبل أصحاب الشأن ، وأصحاب الشأن هؤلاء ، هم من يأمر بالقتل والاعتقال والتعذيب ، والمصيبة الكبرى أن هذه الجرائم تديرها وتنفذها أياد غير عراقية ، تعذيبا وتحقيقا ، وهذا ما بدا في سجن الجادرية السري ، آخر الفضائح التي ارتكبها الحكم ..!
فمن يجرؤ على التصويت لمثل هذه القائمة مرة أخرى ؟ إن أخطأ المواطن مرة ، فهل يلدغ المرء من جحر مرتين ، أعتقد جازما ، لا الله ولا رسوله ولا وليه ولا أيا من المعصومين ، يرضى بتكرار مثل هذا مرة أخرى ..!

4 ) القوائم الشخصية ، فلا شأن لي بها ، فهي شخصية بحتة ، ولا تمثل أيا من رموزها اتجاهات سياسية أو وطنية معينة ، فأنا بصدد القوائم التي تمثل نهجا سياسيا ، له تأثيره على مستقبل العراق ، وإن كان ممثلي هذه القوائم الشخصية أو المنفردة ، في نهاية المطاف ، يلجأون لعقد صفقات مع هذه القائمة أو تلك ، المرشحة للحكم ، وفق ما تحققه لهم من مكاسب شخصية ، ( ُهمً وشطارتهم )..!

5 ) القائمة العراقية الوطنية ، هي ما تهمني وهي التي سأصوت لها وأدعو كل عراقي وطني ، وغيور على مصلحة العراق ، أن يصوت لها للأسباب التالية :

أ ـ هي ائتلاف من قوى سياسية مختلفة الاتجاهات والأفكار والقيم ، تقر بالولاء للشعب وللوطن ، ولا ولاء لغيرهما ، يجمع بين عناصر هذه القائمة ، معيار الوطنية ، المناقض للمفاهيم الطائفية والعنصرية، وهو المعيار الأساسي والمهم في بناء العراق ، تتبناه هذه القوى في المرحلة الحالية ، فالعراق تبنيه كل القوى العراقية الوطنية ، فلا الطائفية ولا العنصرية ، وفق مفاهيمهما القاصرة قادرة على بناء العراق .

ب ـ الأمن والسلم الوطني من ضروريات الحياة ، وهو هام جدا في ظرفنا الحالي ، وهذه القائمة تلزم نفسها بتحقيق هذه الاهداف ، كما تتعهد القائمة العراقية الوطنية ، بالقضاء على الإرهاب ، وإلغاء المليشيات الحزبية ، فهي الشر المستطير ، التي تسببت في الكثير من الجرائم ، ولا زالت حتى اللحظة تمارس جرائمها ، بعلم من الحكومة الطائفية الحالية ، كما تتعهد ببناء مؤسسات أمنية لحماية أمن الشعب الداخلي ، وبناء جيش يحترم الشعب ومؤسساته وتنظيماته الديموقراطية ، يكون قادرا على حماية الوطن ، بالتزامن مع تنظيم انسحاب للقوات الأجنبية.

ج ـ برنامج كل حزب، من قوى القائمة العراقية الوطنية ، على حدة ، يقر ويهتم بتأمين مقومات الحياة الأساسية للمواطن العراقي ، فإذا اتفقت هذه القوى جميعا على تنفيذ برنامج مشترك يتضمن هذه الاحتياجات ، فهذا يعني اتفاق مصداقية الجميع ، على تحقيقه . فالماء والكهرباء والوقود ، وباقي الضروريات الأخرى ، هي ما تعمل له هذه القائمة وعلى توفيره للمواطنين كافة .

د ) تتفق قوى هذه القائمة ، على احترام الدين ومؤسساته ، وحفظ مكانته السامية في قلوب المؤمنين، وعدم زجه في القضايا السياسية ، التي لا تؤمن بالحلال والحرام .

هـ) القائمة العراقيةالوطنية ، تقر مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة ، فالمرأة صنو الرجل وشريكته في كل مشوار ، تشاركه وتقاسمه مهمات بناء البيت والأسرة والوطن ـ العراق ، وبدون الإقرار بحقوقها كاملة نبني عراقا متخلفا وكسيحا ...فالأم مدرسة إذا أعددتها ...أعددت شعبا طيب الأعراق

و ) الفساد المستشري ، أهدر الكثير من حقوق المواطنين ، وهذا ما أكدت على محاربته هذه القائمة ، وعودة الحقوق التي صادرها النظام السابق لأصحابها الشرعيين ضرورة وطنية ، والتعويض للمتضررين نتيجة للأعمال الإرهابية ، وضمان عوائل الشهداء ..
وهناك الكثير من الإلتزامات التي تعهدت بتنفيذه القائمة الوطنية ، يمكن للقارئ مراجعتها ، فهي تتميز عن كل ما ألفناه من عمل وفضائح وتصريحات الحكومة الحالية ، لأنها قائمة للقوى التي تؤمن بالوطنية معيارا ، ولا معيار لها غيره ..

لماذا أصوت لهذه القائمة ؟ لو جاء الحزب الشيوعي أو أي حزب اشتراكي أخر ، وطرح برنامجا مستقلا لبناء العراق وفق أفكاره ، في مثل هذا الواقع المخرب الذي يعيشه الشعب والوطن ، كونوا على ثقة لعارضته ، ولأعطيت صوتي لمن يعمل على بناء العراق وفق المفاهيم الوطنية ، أي وفق هذه القائمة ، وليس للحزب الشيوعي أو الاشتراكي ، لأنهما لم يكونا صادقين ولا قادرين على تحقيق ما يدعون له ، فللبناء له ظروفه وله أدواته كذلك ، وهذه غير متوفرة حاليا ، أما إذا توفرت مستقبلا شروط أفضل ، فلكل حادث حديث ..ورحم الله امرؤا عرف قدر نفسه ، و' مدد رجليه على كد غطاه .'

كلمة أخيرة لابد من قولها قبل أن أختم مداخلتي لصالح القائمة العراقية الوطنية ورقمها 731 ، هو أن البعض من أصدقاء الحزب الشيوعي ، والكثير من مناوئيه ، يثيرون قضايا مختلفة ، منها أن بعض القوى المؤلفة لهذه القوى هم من البعثيين ، وعلى سبيل المثال الدكتور علاوي ، فهو يعترف ولا يزال يقر بأنه كان بعثيا ، وتحمل مسؤولية المشاركة والمساهمة في حزب البعث منذ العام 1963 وحتى بعد أن تسلم السلطة في العام 1968 ، وبعدها في أواسط السبعينات من القرن المنصرم ، تخلى عن نهج البعث ، وقد تعرض للكثير من محاولات التصفية التي أمر بها القائد ' لا فك الله سجنه ' صدام ، وقد مضى على انفصاله من حزب البعث أكثر من ربع قرن .
السؤال هل يحق للشيوعي الذي تخلى عن حزبه ، ما يقارب هذه المدة ، التي قضاها علاوي خارج حزبه ، وتعرضه للكثير من مح! اولات التصفية من حزبه مثلا ، أن يقول أنا شيوعي ؟
أو هل يقبل ، هو ، أن يقول عنه البعض أنه شيوعي ، أو حتى أن ُيطلق عليه كلمة ' رفيق ' فربما يعتبرها إهانة له ؟ وهل سيحاكمه الآخرون على أنه شيوعي ، ويحملونه وزر الحزب الشيوعي للسنوات التي هو خارج عنها ؟
أنا لا اعتقد ، من الحكمة أن نطبق مثل هذا المعيار على أحد من أي اتجاه كان . ولو تفحصنا قيادات ، لأحزاب قومية ، كردية أو عربية ، وأحزاب أخرى إسلامية ، كم من الشيوعيين سنجد بينها ، تتحمل مسؤليات قيادية ؟ سواء بالحكم ، حاليا ، أم بالمناصب الحزبية ، فهل تعاملهم أحزابهم ، والآخرين ، على اعتبار ما كانوا ، أم على ما هم عليه من قيم وأفكار يدينون بها في الوقت الحاضر ؟
السؤال لماذا يبقى علاوي يطارده شبح البعث ، ويتحمل الحزب الشيوعي وزر التعامل مع جلاد بعثي ؟ خمسة وعشرون سنة ، أفكار جيلين لماذا لا نصدق أن مثل هذا الزمن كفيل بأن يغير العقول والأفكار ، على أرض واقع جرت فيه الكثير من المآسي والفواجع ، دعونا من الحقد غير المبرر ، ولنسم الأشياء بأسمائها ، وكونوا مع الوطن لترميمه ، وإن لم تكونوا قادرين ع! لى بنائه مع الخيرين ، فلا تكونوا متناقضين مع قيمكم وأفكاركم ، وصوتوا ، معي ، لمن يستحق تمثيلنا غدا لبناء عراق وطني وديموقراطي جديد ، للقائمة العراقية الوطنية رقم 731..![/b][/size][/font]

88
الشهداء والقتلة والحكومة ..!

هادي فريد التكريتي

أصدر المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي يوم 22 تشرن ثاني تصريحا صحفيا يعلن فيه استشهاد اثنين من رفاقه ، أثناء تنظيم فعالية انتخابية في مدينة الثورة ، استهدفتهم  زمرة حقودة ، قامت بقطع الطريق المؤدي إلى مقر الحزب ، وقتلت الرفيقين ، وغطت انسحابها بنيران عشوائية من أسلحتها ، وُُيَحمل التصريح الجهات الحكومية مسؤولية عدم توفير الحد الأدنى من الحماية ..
هذا بإيجاز ما صرح به الحزب الشيوعي عن جريمة استهدفت قتل رفاقه في أحد مقراته بمدينة الكادحين ، مدينة الثورة . ليس غريبا أن يكون الحزب الشيوعي مستهدفا من قبل القوى الظلامية والرجعية ، العنصرية والطائفية ، إنما الغريب أن لا يكون كذلك ، وشهيدا الحزب في هذا اليوم لم يكونا أول من استشهد ، ودفع حياته ثمنا لمبادئه وأفكاره الوطنية ، ولن يكونا آخر من يستشهد ، ويروي أرض الرافدين العطشى ، للمبادئ الوطنية الصادقة والحقيقية ، فلقد سبقتهما قوافل من الشهداء الشيوعيين ، عمدت دماؤهم الزكية دروب النضال وأنارتها لكل عراقي وطني.
فالجريمة ، هي جريمة حقد وكراهية على هذا الحزب ، وهي إذ تقترف في مثل هذا الوقت الذي يتهيأ فيه كل العراقيين لخوض معركة انتخابية ، فلأن مرتكبوها والآمرون بها يعرفون جيدا أن الوقت لم يعد لصالحهم نتيجة زيف ادعاءاتهم وجرائمهم المروعة بحق الشعب ، ولابد من القيام بعمل يرهب الجماهير ويحد من نشاطها وتعاطفها مع هذا الحزب الذي خبروه وعرفوه ، بأنه معهم وإلى جانبهم ، ليس في وقت الرخاء والسلم ، بل في اصعب الأوقات وأردأها ، لم يبخل بتضحية وفداء ، من اجل العراق وشعبه ، ومهما عزت وغلت التضحيات.،.
فقتلة سعدون هم نفسهم قتلة الرفيقين عبد العزيز جاسم حسن وياس خضير حيدر ، والأسباب هي هي لم تتغير ، وطنيتهم وحرصهم على وطنهم والدفاع عن مواطنيهم ، وهي عين الأسباب التي استشهد من أجلها الرفاق قادة الحزب ، فهد وسلام عادل ..والمئات من رفاق ومناضلي الحزب الشيوعي ، فهو عن حق وجدارة ،حزب شهداء الشعب العراقي الوطني ، رغم أنف كل المتربصين به ، وكل من عاداه ، وكل من اضطهده وغدر به .
كل هؤلاء ، وعلى مر العصور والأزمان ، كان مصيرهم مزبلة التاريخ ، وسيلحق بهم من ينتظر ، واليوم رغم تكاثر الأعداء ، مافيات و ميليشيات ،وآخرون ، تعددت وتشابكت أهدافهم وأغراضهم ، لقهر هذا الصرح أو إزاحته عن الطريق ، فلن يحققوا هدفهم ، ونقول لهم أخطأتم العنوان ، فالحزب باق وسيبقى مرفوع الراية . " باق وأعمار الطغاة قصار.".

الاغتيالات والقتل العمد ، في البيوت أو المحلات العامة كثرت وتعددت ، والسلطة تقف موقف المتفرج ، وفي أحسن الأحوال تعلن عن عدم معرفة هوية الضحية وكذلك الجناة ، وإن عرفت هوية الضحية يبقى الجاني مجهولا . الكثير من المواطنين يعطون أوصافا هي للشرطة ، والبعض الآخر يتهم المليشيات الإسلامية ، بدر أو جيش المهدي ، إلا أن وزارة الداخلية تنفي دائما ما يقوله المواطنون ، والنفي هذا لا يرفع التهمة عن وزارة الداخلية وأجهزتها ، فهي مسؤولة عن حفظ الأمن وحياة المواطن ، والمتسبب في فقدان الأمن وكثرة الجرائم المرتكبة يوميا ، هو دمج المليشيات بالشرطة.
إلا أن أوامرها وتعليماتها تصدر من قيادات هذه المليشيات التي تتربع على قمة مراكز السلطتين ، التشريعية والتنفيذية  ، وهذا ما حصل في محاولة اغتيال مدير شرطة النجف ، الجزائري ، وقتل ولديه ، وحصل مثل هذا في محافظة البصرة وفق ما أعلنه محافظها ، من أن المليشيات الطائفية هي وراء الكثير من الاغتيالات والسرقات وتهريب السلاح والمخدرات ،  التي حدثت في المحافظة ..
فإن استطاع وزير الداخلية السيد باقر صولاغ ، أن يقنع البعض بما يحصل من قتولات واغتيالات أنهم أشخاص مجهولي الهوية والفاعلين كذلك ، فكيف يقنعنا بأن ما حصل ـ يوم 22 تشرين ثاني الحالي ، وهو نفس اليوم الذي تم فيه اقتحام مقر الحزب الشيوعي العراقي في مدينة الثورة ـ من أن اغتيال مدير دائرة المرور العام اللواء مهدي قاسم ، وكذلك مدير معمل البطاريات راضي إسماعيل عبود ، وهما من الشخصيات الرسمية المهمة.
أن هذه الجرائم لم تكن من عمل المليشيات الطائفية التابعة لوزارة الداخلية ؟ كل الجرائم من هذا النوع  تتم وفق منهج وبرنامج عمل طائفي ، تنفذه أجهزة خاصة ، ترتبط مباشرة بقيادات عليا من الأحزاب الطائفية ، تتمركز في السلطة وفي الجمعية الوطنية . فالسيد عادل عبد المهدي نائب الرئيس يقول " الحكومة هي الوحيدة التي تستخدم السلاح ، واستخدام العنف ليس حق يعطى لأي كان ، هذا حق تتمتع به سلطة شرعية .."
إذا كان ما يقوله السيد النائب صحيحا ، وهو فعلا واقع ، فلم إذن لم تبادر الحكومة وتتحمل مسؤليتها وتعاقب هؤلاء القتلة الذين يستخدمون سلاح الدولة لقتل الأبرياء ، لا لجريمة سوى عدم إيمانهم بما يؤمن به قادة الائتلاف والمليشيات الطائفية ورئيس الوزراء ووزير داخليته ، الذي يتستر على الكثير من الجرائم الحاصلة لمناوئيهم من القوى السياسية ، ومن ضمنهم رفاق الحزب الشيوعي الذي تم اقتحام مقرهم بالأمس .
فالسيد بيان جبر صولاغ وزير الداخلية يعترف صراحة " مسؤولية حفظ الأمن والدفاع عن البلاد هي مسؤولية الحكومة وهي الجهة الوحيدة المخولة بحمل السلاح .." إذا وزارة الداخلية بالذات تتحمل مسؤولية كل دم يسفك ، إن لم تشخص الجهة التي ارتكبت الجريمة ، وحتى الآن لم يكشف عن الكثير من الجرائم التي حصلت في أسبوع مضى ، وليس في أشهر ماضية .
وهذا ما يدلل أن وزارة الداخلية والمليشيات التي بإمرتها ، هي الجهة الوحيدة التي تقوم بتصفية الخصوم السياسيين ، وخصوصا أن الانتخابات على الأبواب ، وسمعة الائتلاف الطائفي تتدهور يوما بعد آخر ، ليس نتيجة لعدم قدرتها على حفظ الأمن فقط ، وإنما لفشلها من توفير الحد الأدنى من مستلزمات الحياة اليومية للمواطن ، وهذا ما أعلنته مرجعية السيد علي السيستاني .
فمن منطلق الفشل وخيبة أمل الجماهير فيهم ، يمارسون إرهابا أسودا معمدا بالدم ، على عموم المواطنيين والمناوئيين من أجل أن يعودوا مرة أخرى للتحكم بالبلاد والعباد ، وهذا لن يكون ، فالمواطن بحاجة لمن يرفده بالأمن والسلم والحرية ، وتلبية احتاجاته المعاشية ، وتوفير مستلزمات حياته الضرورية ، من ماء وكهرباء ووقود ، والعناية بعائلته وأطفاله وحمايتهم من القتل وشرور المليشيات التي استشرى داؤها ، فإذا كانت الحكومة هي الداء ، فمن أين للمواطن دواء..؟!

23 تشرين ثاني 2005[/b][/size][/font]

89
هل مؤتمر الوفاق بداية الحل ..؟
 
هادي فريد التكريتي

( 1 )

لا أحد ينكر أن لقاء ، أو مؤتمر، القاهرة ، بين القوى السياسية العراقية ، ذات التوجهات المتقاطعة ، والفهم المغاير ، لما يجري على الساحة العراقية ، وإن جاء متأخرا ، فهو خطوة إيجابية وفي الاتجاه الصحيح . إلا أنه لم يكن حلا للمشاكل التي يعاني منها الشعب العراقي ، الكثيرة والمتفاقمة ، كما لم يضع حلا نهائيا لموضوع الوفاق الذي استدعى تدخل الجامعة العربية لعقد هذا المؤتمر ، وعلى الرغم من أن أننا لم نتعرف بشكل كامل أو تفصيلي على كل وجهات نظر القوى السياسية المشاركة في هذا الاجتماع ، إلا أن البيان الختامي ، حاول أن يقدم بشكل عام ، رؤيا مشتركة لوجهات النظر المتباينة .

العبرة ليست فيما احتواه البيان المشترك ، بقدر ما تسعى إليه الأطراف المشاركة ، والمتعارضة في الفهم والرؤيا ، بعد عودتها واللقاء بالقوى التي تمثلها ، من تجسيد لروح ورؤيا هذا البيان والعمل على تحقيق ما ورد فيه من خطوات ، كانت نتيجة للجهد مشترك ، وحتى يحين موعد انعقاد المؤتمر العام لكافة القوى ، سنرى مصداقية الأطراف في العمل على تذليل الصعوبات التي تعترض تنفيذ ما اتفقت عليه من بنود .

القوى السياسية ، المشاركة في مؤتمر القاهرة ، لم تكن كلها منضوية في الاتجاهين المتناقضين ، فبين اتجاه من يريد فرض المقاومة ، بحجة الاحتلال ، واتجاه آخر يناهضه ، تتوزع بينهما أطراف أخرى ، لها وجهات نظر تقترب أحيانا ، وتتقاطع أحيانا أخرى ، مع هذين المحورين المختلفين ، ُغيبت إعلاميا ، ولم نر أولم نسمع لها وجهة نظر أو موقف بين المواقف المعلنة، أو التي سلطت عليها الأضواء.

فالظاهر للعيان ، كان هناك متحاوران رئيسيان ، الطرف الحكومي ، ممثلا بالسيد رئيس الوزراء الجعفري ، ومن خلفه التيار الطائفي الشيعي ، موحد فيما يطرح من رؤيا طائفية بحتة .
كان على رئيس الوزراء أن يبتعد عن الطرح الطائفي الذي تمثله كتلة الائتلاف الطائفية بشكل خاص ، ويتمسك بالطرح الحكومي ، باعتباره يمثل السياسة العراقية ومصلحة الشعب بصورة عامة ، وهذا ما كان يعطي الحكومة مجالا أوسع للمناورة ،وتعرية المتعاطفين مع الإرهاب ، وقطع الطريق على المحاور الرئيسي الثاني ، المتمثل بهيئة علماء المسلمين ، وممثله الشيخ ضاري ، الذي تحدث باسم مقاومة عراقية بشكل عام ، وليس باسم فئة قومية أو طائفة دينية بعينها ، بهدف تضليل الرأي العام العربي وإسباغ مشروعية وطنية 'لمقاومته ' وبنفس الوقت حاول مصادرة ، وتزيي! ف ، مواقف القوى الوطنية العراقية المقاومة للمحتل ، وللإرهاب بكل أشكاله وفق منظور لا يتفق مع نهج الشيخ ضاري والجماعات التي يمثلها أو يتحدث باسمها .

الطرفان ، الائتلاف بشقيه الحكومي والطائفي الشيعي ، و' المقاومة ' بشقيها الطائفي السني والقومي العنصري ، في كلمات ممثليهم تناسوا عن عمد توجهاتهم الطائفية والعنصرية لخداع أغلبية الشعب العراقي ( ومن يريد التأكد عليه الرجوع إلى كلمات الافتتاح لممثلي هذه القوى )، وتحدثوا بمفاهيم ومعايير وطنية ، عن المواطنة والوطن ، وهذا ما لم نسمعه عنهم سابقا ، عندما كان الحوار يدور على مسودة الدستور .
وما ثُبت في الدستور من مواد صارخة تنطق بالطائفية والعنصرية والمحاصصة ، ُُيَكذب إيمانهم بهذه القيم ، و تصريحاتهم ومقابلاتهم الصحفية والتلفزيونية ، خالية تماما من أي حديث عن حقوق المواطن أو الوحدة الوطنية أو عن الاتجاهات الوطنية العراقية ، ولم نسمع من خطبائهم من على منابرهم في الجوامع والحسينيات ، غير شح! ذ التوجهات الطائفية ، وجعلها هي الأساس في العلاقة بين المواطنين ، ومنطلقاتهم الفكرية وممارساتهم اليومية بعيدة كل البعد عن المبادئ الوطنية ، ولو كانوا هم كذلك لما وصلنا لمثل هذه الحال .

على الرغم من كل الملاحظات السلبية التي يمكن أن للقارئ أن يستخلصها من مواقف هذه القوى ، التي ساهمت إلى حد كبير في خلق هذا الواقع ، البائس والمزري ، الذي يعيشه الشعب العراقي طيلة الفترة المنصرمة من سقوط النظام ، إلا أن ما تضمنه البيان الختامي ، يعتبر نقلة نوعية بالنسبة للقوى السياسية العراقية على الطريق الصحيح ، لوضع ما يعاني منه الشعب العراقي ، من مشاكل على طاولة البحث والنقاش ، وإيجاد الحلول الجذرية والناجعة للمشاكل التي ورثناها من النظام السابق ، والتي عمقتها قوات الاحتلال ، وزادت في معانات العراقيين ، قوى الإرهاب الدينية ـ الطائفية وتحالفها مع فلول النظام السابق معها ، بما يطلق عليه اسم ' المقاومة ' ، فالخلافات بين مكونات الشعب الواحد ، أيا كانت رؤاها واتجاهاتها ، لا يمكن أن تحلها البندقية بما تمثله من عنف وإرهاب .
كما لا يمكن أن تحد منها خطب أمراء وشيوخ المنابر في الجوامع والحسينيات ، حتى وإن كانت تتسم بمبادئ التسامح والصفح بين أفراد الطوائف ، فهي غير قادرة على إنجاز السلم والأمن بين مكونات الشعب ، إن لم تجلس معا على طاولة الحوار، لتتحاور قيادات القوى السياسية المختلفة ، وجها لوجه ، وتطرح ما تراه من مشاكل تعترض طريق التفاهم والتواصل ، والعمل الجاد للتوصل إلى حلول ترضي جميع الأطراف ، وكل محاولة لفرض حلول غير واقعية عن طريق القوة أو الإقصاء أو التهميش أو التزوير ، وترتب مكاسب طائفية أو عنصرية لهذه الطائفة أو تلك على حساب الآخرين ، لن تُكَوِن حلا مجديا ، فالحلول الجذرية ، تؤسس لها المفاهيم الوطنية ، التي ترى في المواطن ، أيا كان دينه أو مذهبه أو قوميته أو معتقده الفكري والسياسي ، هو حجر الزاوية في البناء ، كما هو المعني بتوفير كل ما يحقق له الأمن والحرية والعيش الكريم .
وما نطمح له من غد أفضل ، لا يمكن أن تحققه قومية معينة ولا طائفة بعينها ، بل كل قوى الشعب وبكل مكوناته ، في ظروف ملائمة للنشاط الإنساني في البناء وممارسة الحياة العادية لمواطن ، وه ذا لن يتم دون حرية كاملة للمواطن ، وسيادة حقيقية للشعب على وطنه ، تتعاهد كل الأطراف على ضمانتها وصيانتها من تجاوزات الآخرين .
العراق حاليا منقوص السيادة بسبب الاحتلال ، الذي استجره النظام الفاشي الساقط ، ومقاومته تتم عن طريق رسم سياسة اتفاق ووفاق وطني ، وليس عن طريق مشبوه يسعى لإعادة النظام الفاشي أو تأهيله من جديد ، فممارسة الإرهاب ضد الشعب بحجة الاحتلال ، أمر مرفوض هو ومن يمثله ، ولن يحقق هذا المسعى خروج قوات الاحتلال ، والحل هو ما توصلت له القوى السياسية في مؤتمر القاهرة ، فما اتفقت عليه يشكل بداية حسنة ونقلت نوعية باتجاه التفاهم بين الحكم والقوى السياسية المناهضة للإرهاب من جهة وبين من يتمسك بمفهوم ' المقاومة ' وخروج المحتل .
فما يعاني منه الشعب العراقي من ودمار وخراب ، على كل الأصعدة ، قد أشار له البيان الختامي ، على أمل أن تتضافر جهود جميع القوى في مؤتمرها القادم لوضع الحلول النهائية موضع التطبيق لكل المشاكل العقدية التي تعصف بالشعب ، وتهدد الوطن وشاغليه بالتشرذم والانقسام . وقبل أن يحل موعد انعقاد هذا المؤتمر ينتظر الشعب من مختلف القوى السياسية ، بما فيها الحكومة ، والقوى الطائفية المسيطرة على الميليشيات ، وعلى القوى الطائفية والعنصرية التي تمارس تأثيرا على ما يسمى ب' المقاومة ' أن تبادر إلى نزع أسلحة عناصرها ، أو على الأقل في هذه الفترة ، عدم القيام بأية أعمال إرهابية ، حتى يتم الاتفاق على كل ما سطره البيان الختامي لمؤتمر القاهرة ، فصناديق الانتخاب ستكون هي الفيصل والطريق الأسلم المفضي لأن يأخذ كل ذي حق مقعده في مجلس نيابي يمثل الشعب عن جدارة واستحقاق .

( 2 )


وانا بصدد مؤتمر القاهرة ، لي بعض ملاحظات على خطابات بعض الرموز العراقية ، أوردها كما دونتها آنئذ .
بداية ، بعض القوى المدعوة للمشاركة في المؤتمر ، لم تحضر لأسباب مجهولة ، وبعض من حضر كان مترددا في حضور هذا اللقاء ، و قبل أن تغادر العراق كانت مشحونة بمواقف عدائية لكل وجهة نظر ، غير ما تؤمن هي به من أفكار وحلول .
ففي جلسة الافتتاح ألقيت من قبل بعض الساسة العراقيين كلمات متشنجة ، كادت ، إن لم أقل ، أرادت عن عمد تخريب المؤتمر ، فالسيد رئيس الوزراء الجعفري ، وهو يمثل العراق ، وليس حزبه أو حلفاءه ، كان عليه أن يلقي كلمته مكتوبة ، فما يطرحه ليس في مؤتمر صحفي.
كما أنه ليس مداخلة حزبية ، ولا تعقيبا على قضية طارئة ، إنما هو موقف باسم الحكومة العراقية والشعب العراقي الذي يمثله ، وعن قضية مصيرية وهامة ، ليس هناك ما هو أكثر أهمية منها ، فهي تؤسس بداية لحل مشكلة كلفت العراق والعراقيين آلاف الضحايا ، فكان عليه أن يدون المطالب والحلول التي تراها الحكومة العراقية ، جديرة بأن تحقق للعراق وللعراقيين كافة ، الأمن والسلم والوحدة ، والعيش المشترك في عراق خال من الإرهاب والعنف.
وليس واردا أن يتحدث بفهم الائتلاف الذي يمثله ، فهناك الكثيرون غيره ، ممن حضروا يمثلون هذا التوجه ، وكاد خطابه أن يفسد المؤتمر ، متباهيا بما للعراق من مزايا السبق على مصر ، بالثقافة والمعرفة ، وبأصالة العروبة العراقية دون المصرية ، والموقف يتطلب مناقشة هادئة بالحجة الدامغة وليس بالعاطفة المتأججة ، ومصر ليس طرفا بالموضوع الذي يلتئم من أجله هذا المؤتمر .

تغيب عن حضور هذا المؤتمر السيد عبد العزيز الحكيم ، رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية ، ورئيس قائمة الائتلاف الشيعي ، وما كان عائقا لحضوره ، لا يرتقي لأهمية المسؤولية التي تتطلب تواجده في مثل هذا المحفل الدولي ـ العربي ـ العراقي لحل المشاكل المستعصية للقضية العراقية ، فعدم حضوره سجل نقطة سلبية عليه وعلى عدم قدرته على المواجهة والمصارحة ، وفسحة للتنصل لاحقا من كل حل أو اتفاق لا يلائمه أو لا يوافق عليه ، وكلمته في المؤتمر ألقاها نيابة عنه الدكتور همام حمودي ، حيث أشار إلى أن ' الانتهاء من المعادلة القائمة على الاضطهاد الطائفي والقومي ...!
ما هي صورة العراق الذي نريده ؟
1- العراق لكل العراقيين مبدأ لا نتنازل عنه والعراق لا يبنى إلا من خلال الشراكة الوطنية ، نرفض التهميش والابعاد .
2 - الحرية لكل العراقيين وعلى مختلف الأصعدة .
3 - الحكم الدستوري ، العراق يقف على منطلق جديد بعد إقرار الدستور .

الإرهاب في العراق يساهم في تعطيل نيل الاستقلال ..' هذه وغيرها من أمور قرأها الشيخ همام حمودي في كلمة السيد عبد العزيز الحكيم ، وكل من يعرف توجهات السيد الحكيم ، منذ أن جاء إلى مجلس الحكم وحتى بعد أن تشكلت الحكومة الانتقالية الثانية بأغلبية من ائتلاف طائفي ، لا يؤمن بكلمة واحدة مما وردت فيما قاله ممثله ، فلو كان كما يزعم أن العراق لكل العراقيين ، ولا يبنى ألا من خلال المشاركة ، لما كان مزهوا ب ' الفوز الساحق ' ولتم تشكيل حكومة وطنية حقا من كل القوى السياسية ، لأنها حكومة تؤسس للعراق الجديد ، ولو كان مؤمنا ، حقا ، بالشراكة الوطنية لما فاجأ القاصي والداني ، بطلبه بتشكيل فدرالية للجنوب ، وهو يعلم أن العراق العربي وحدة قومية وتاريخية وجغرافية وأثنياته تطرز كل المساحة العراقية ، فلم المطالبة بفدرالية لا مقوم لها سوى الطائفية ؟
كما أن كلمة ' الوطنية ' لم ترد في يوم ما على لسانه ، فهو لا يعترف بغير الطائفية والمظلومية التاريخية التي لحقت بالشيعة ، و! حدهم دون سواهم من الشعب العراقي ، وكأن بني أمية أورثوا وزرهم للشعب الع راقي ، أو أنه هو من يتحمل نتائج سقيفة بني سعادة ، الذي تجتر الطائفية ذكراها على الرغم من اختلاف الأقوام والعصور المتعاقبة على هذا الشعب ، والشعب العراقي بمختلف ملله ونحله كان ضحية الظلم والاضطهاد ، واليوم مليشيات السيد الحكيم تمارس إرهابا مكشوفا ، وتوقع الظلم والاضطهاد على كل من لم يؤمن بمعتقده أو يقول بقوله ..!

أما السيد حارث الضاري في كلمته ، فقد تجاوز كل ما حصل للعراق وشعبه من جرائم على يد النظام الفاشي ورئيسه ' لا حفظه الله '، من حروب ومقابر جماعية وغازات سامة ، وسجون وغيرها من أنفالات قذرة ارتكبها رئيس وأركان النظام المقبور ، وقوات الاحتلال ما دخلت العراق ، بإذن من الشعب العراقي ، بل نتيجة لغطرسة ' القائد الفلته ' وتوهمه أنه فعلا ' الضرورة ' ، وليس هو أداة أمريكية قذرة لتنفيذ أوامر الأسياد ، الذين صنعوه ودعموه وأوصلوه ه لهذه العنجهية التي مارسها على شعبه الأعزل وعلى شعوب المنطقة . ليس مهما بالنسبة للسيد الشيخ الضاري المقدمات وإنما عليه فقط بالنتائج ، ولا ندري هل بمثل هذه المنطق ، يفتي الناس إذا استفتوه في قضية تهم أمور دينهم أو دنياهم ؟ ، بئست الفتوى وبئس المفتي ، إنه الضلال بعينه .
والشيخ الضاري لم يتفوه بكلمة واحدة تدين مرتكبي المآسي ضد العراقيين ، ويغض النظر عن كل جرائمهم المقترفة بحق الشعب والوطن ، ويعتبر ما يصيب الشعب من هذه ال ' مقاومة ' من ضحايا وأضرار نتيجة طبيعية لمقاومة الاحتلال ، وهو إذ يطالب بانسحاب قوات الاحتلال ، فلأنه أصل المشكلة في العراق ' على حد تعبيره ، ويتناسى الضاري أن الشعب العراقي خاض نضالا لأكثر من ربع قرن ضد هذا النظام لإسقاطه ، دون أن يفلح نضاله ، وبسقوطه من قبل أمريكا ، تحقق له زوال هذا لنظام ، وبزواله ستزول كل بؤر التوتر ، بعد أن يتحقق للعراقيين القضاء على التداعيات التي أوجدها النظام ثم الاحتلال ، والعنف والعنف المضاد . فهل كان يعتقد الشيخ ضاري ، أن الشعب العراقي سينحاز لقاتله ويحمل السلاح دفاعا عنه أو لعودته مرة أخرى ؟
إن كان يعتقد هذا ، فهي عبودية ، إذن ، نسعى لها ويقودنا باتجاهها الشيخ ضاري. والشيخ ضاري إذ يرى في الاحتلال أصل المشكلة في العراق ، وليس النتيجة ، فهو يرى من الطبيعي أن تقوم بوجهه المقاومة ، وبهذا المنطق يحاول أن يشوه مفاهيم المقاومة الوطنية ، ليتربع هو ومقاومته ' الشريفة ' على تقاليد شعبنا الوطنية وعداءه للمحتل ، أيا كان ، طيلة ما يسمى بالحكم الوطني ، ويفرض علينا أسلوبه المختار للمقاومة ، وبما ينسجم مع ما يفكر هو به ، بعيدا عن دراسة الواقع ، وتجاهلا لكل مقومات هذا العمل ، بما فيه تكافؤ القوى ، والحالة الراهنة التي تعيشها جماهير الشعب ، واستنفاذ كل الوسائل السلمية والقانونية لتحقيق جلاء المحتل ، ومعالجة كل النتائج التي نعاني منها جراء ما خلفه النظام الفاشي والمحتل والإرهاب ، وهذا ليس قبل التأكد من زوال الظروف والمسببات التي كانت تقف أمام تحقيق الشعب لحريته الشعب ، وفرض إرادته ، وترسيخ مؤسساته الديموقراطية ، وعودة الأمن والاستقرار لربوع الوطن .[/b][/size][/font]

90
سياسات غير وطنية ..!

هادي فريد التكريتي

[17-11-2005]
كل الأخبار والتقارير المرفوعة ، والواصلة ، عن العراق ، تشير إلى تدهور الأوضاع في كل المجالات ، مما ينعكس سلبا على حياة المواطن العراقي ، وعلى مستقبل العراق ، وكلها لا تبشر بخير ، إنما تنذر بمخاطر جدية .
فلو تناولنا مواقف حكومة الائتلاف الطائفي ، التي جاءت إلى الحكم عن طريق دعم المرجعيات الشيعية لها ، دون برنامج سياسي تطرحه أمام المواطن الناخب ، سوى تمسكها بالمظلومية ، التي مورست ضد أكثرية الشعب العراقي ، من قبل أنظمة الحكم المتعاقبة طيلة فترة الحكم الوطني ، وهذا صحيح ، ولكن ماذا حققت للجماهير من عدالة مناقضة للمظلومية ، بعد وجودها في السلطة طيلة ! هذه الفترة المنصرمة ؟
لن أسوق ما عندي من براهين على عجز هذه الحكومة وفشلها في تحقيق ما جاءت من اجله ، بل سأترك في المجال للجهة التي سوقتها للفوز في الانتخابات السابقة ، وما ستقوله عنها بهذا الصدد، فالسيد السيستاني حذر حكومة الجعفري ' مغبة فقدان الكثير من رصيدها في انتخابات كانون أول القادم في حال عجزها عن توفير الخدمات الأساسية للعراقيين ' كما صرح ممثل السيد السيستاني في كربلاء الشيخ عبد المهدي الكربلائي قائلا :
الطبقة المعدومة لا تزال تعاني من وضعها المعاشي لا سيما الغذاء والمسكن ، والحكومة المشكلة حاليا من بعض الكيانات السياسية ، عجزت عن توفير هذه الخدمات ( وهذا الوضع ) أصاب قطاعات الشعب بحالة من اللامبالاة وعدم الرضا عن هذه الحكومة ..'
هذا موقف مرجعية آزرت ودعمت قوى الإسلام الطائفي طيلة فترة حكمها ، على الرغم من الموقف المعارض لكثير من القوى السياسية الوطنية المستقلة والحزبية ، لهذا الموقف ، حرصا منها على سمعة المرجعية ، ورغبتهم أن تكون المرجعية غطاء ومرجعا للجميع ، وليست لفئة دون أخرى ، لما سينعكس سلبا على المرجعية إن فشلت قوى الائتلاف الطائفي في تحقيق أهداف الشعب ،!
وهذا ما قد حصل فعلا ، مما استدعى تغيير موقف الكثير من المرجعيات ، وبض منها مرجعية السيد علي السيستاني ، والإعلان عن موقفها الجديد ، والصائب ، بعدم دعم أي قوى سياسية في الانتخابات القادمة ، إضافة لعدم استقبال السيد علي السيستاني لأي شخص من الحكومة أو من الكيانات السياسية طيلة فترة الإعداد للانتخابات .
إلا أن بعض القوى الطائفية ، التي لا زالت تلجأ لاستثارة العواطف الدينية والطائفية ، بدلا من تقديم برنامج وطني وسياسي يحسن من وضع الجماهير الأمني والمعاشي والاجتماعي ، تلهث خلف فوز من جديد في الانتخابات لهذه القوى ، بغض النظر عن كامل الفشل الذي حققته في هذه المجالات كافة .
فما يطالب به الشيخ محمد الحيدري ، من المجلس الإسلامي الأعلى للثورة الإسلامية ، عندما يخاطب الجماهير الشيعية بعدم الاهتمام بمعاناتهم اليومية ويرى ' أن الواجب الشرعي يحتم عليكم ـ على الجماهير التي لا تملك شروى نقير ـ أن تصوتوا لصالح الخط الذي رسمته المرجعية الدينية ' والشيخ الحيدري يتجاهل ، بل ُيزور عن عمد رأي المرجعيات بما يقوله عن الخط الذي رسمته المرجعية ، بما فيها رأي مرجعية السيد السيستاني ، ويطلب من الذين أضناهم الجوع والعطش ، وفقدوا الأمن أن لا يقولوا ' ماذا فعلت لنا هذه الحكومة لكي نعيد انتخابها ..؟
وعندما لا يجد الشيخ الحيدري مطلبا واحدا ، حققته حكومة الجعفري ، لما يبرر إعادة انتخابها مجددا ، يلجأ إلى التضليل الطائفي ' التمسك بالواجب الشرعي ..' ولا ندري هل الواجب الشرعي يقر الموت للمرء جوعا ، واستبدال أمنه خوفا ، من أجل أن تبقى راية الطائفية عالية ، والإمام علي ، الذي ُينظِِر بعضهم باسمه قال ' لو كان الجوع شخصا لقتلته ..' فهل سيقاتل الحيدري الجوع أم الجماهير الجائعة ؟
. رحماك ، أبو فرات ، وأنت الجواهري ، المبدع القائل في رائعتك ' تنويمة الجياع '
نامي على تلك العظا ت الغر من ذاك الإمام
وتعوضي عن كل ذ لك بالسجود وبالقيام
خيبة أمل هذه المرجعيات بهذه الحكومة ، هي جزء من خيبات أمل الشعب العراقي الكثيرة ، التي تمارسها وزارات ومؤسسات دولة الائتلاف ، فبدلا من إصلاح الفساد المتوارث ، والابتعاد عن ممارسات ما ارتكبه الحكم الفاشي من جرائم ، نجد المساهمين في حكومتنا ، وفي دوائر الدولة المختلفة ، ميليشيات طائفية ، تمارس الكثير من الجرائم والمظالم بحق الشعب ، بعلم من الحكومة أو دون علمها ، إلا أن ما يعلمه الشعب هو غيض من فيض ، وما يرتكب من جرائم في الخفاء .
حيث تواترت أنباء حكومية وغير حكومية ، عن العثور ' على سجناء في زنزانة تحت الأرض بالقرب من مجمع وزارة الداخلية في منطقة الجادرية ، وبدا على الكثيرين منهم سوء التغذية وآثار ضرب ، وقال رئيس الوزراء العراقي إبراهيم الجعفري انه ُأبلغ بان كان هناك 173 محتجزا في سجن لوزارة الداخلية ، وبدا عليهم سوء التغذية وإن هناك بعض الحديث عن تعرضهم لنوع من التعذيب ..
وقال نائب وزير الداخلية ، حسين كمال ، رأيت آثار انتهاكات جسدية عن طريق الضرب الوحشي ، كان هناك معتقل أو اثنان! مصابان بالشلل ، إن هذا أمر غير مقبول ، وإن الوزير والجميع في العراق يدينونه ..' هذا ما قاله رئيس الوزراء إبراهيم الجعفري ، وما تحدث به أيضا نائب وزير الداخلية ..
هذه جريمة كبرى مرتكبة في ظل حكومة الائتلاف ، توازي في سريتها وكتمانها عن الشعب ما كان يرتكبه النظام الفاشي ، في زنازينه ومعتقلاته ، فهل استبدلنا فاشية بفاشية أخرى أدهى وأمر ؟ إن كانت جرائم البعث ترتكب باسم القومية والعنصرية ، فهل هذه الجرائم ترتكب بواجهة الحكم الديموقراطي ، أم باسم الدين والطائفة ؟
المكان المرتكبة فيه هذه الجريمة ، يعود في الوقت الحاضر لوزارة الداخلية ، وهو مكان قريب من مقر تشغله قوات بدر ، إن لم يكن هو المكان نفسه ، والرجال القائمون به هم من هذه القوات ، فهل من المعقول أن يكون فيه هذا العدد من السجناء ، من دون أن يصل مسامع السيد وزير الداخلية ، السيد باقر صولاغ ؟
وإذا كانت مثل هذه الجريمة وبهذه السعة لم تبلغ علم السيد رئيس الوزراء ، فكيف ستبلغه هو والسيد وزير الداخلية ' عمليات صغيرة ' كالاغتيالات المنفذة بحق المعارضين في الكثير من المدن والمواقع العراقية ؟
إن فضيحة كبيرة كهذه تلحق بحكومة الجعفري ، تستحق منه تضحية ، لأن يثبت مصداقية نزاهته ، ونزاهة حزبه ، أن يضع في الحال استقالة حكومته بين يدي رئيس الجمهورية . فهل من الديموقراطية والشفافية أن تبقى الحكومة تمارس عملها وسط هذه الفضيحة .؟
وإذا كان سيستمر ، فما هي إجراءات السيد رئيس الوزراء ضد وزير الداخلية وضد الذين صنع! وا هذه الجريمة ؟ هل سيجري تحقيق في الموضوع لمعرفة الانتماءات السياسية والمذهبية لهؤلاء الضحايا ؟ وهل سيعلن السيد رئيس الوزراء نتيجة التحقيق عملا بمبدأ الشفافية ، التي كثيرا ما يرددها في لقاءاته الصحفية ؟
جريمة يجب عدم السكوت عنها ، وهذا ما يستوجب أن تحقق فيها الجمعية الوطنية أيضا ، لمعرفة الفاعلين ومن هم وراء هذه الجريمة ، على الرغم من أن الآمرين والمنفذين للجريمة ، هم من يشغل مقاعد في هذه الجمعية . .!!
على ما يبدو أن الجرائم المرتكبة بحق العراقيين كثيرة ، وهذا من سوء حظ حكومة الائتلاف ، ففي تقرير للأمم المتحدة بعنوان < وضع حقوق الإنسان في العراق للفترة من الأول من سبتمبر ، أيلول ، لغاية 31 أكتوبر ، تشرين أول ، الماضي > يقول التقرير :ـ

' الهجمات الإرهابية وعمليات الاغتيال المستهدف وحالات الإعدام التي تمت خارج نطاق القانون ، أدت إلى قتل وجرح مئات المدنيين ..العمليات الأمنية الكبيرة التي تشنها القوات الخاصة والشرطة العراقية ما زالت تتجاهل التعليمات التي أعلنها وزير الداخلية ..' .
لا شك أن الكثير من الجرائم ترتكب في الوقت الحاضر ، ورغم افتضاح أمرها للملأ ، إلا أن الحكومة بالذات ، وخصوصا وزارة الداخلية تجري تعتيما على هذه الجرائم ، وتسجلها الدوائر القضائية والأمنية ضد مجهولين ، إلا أن الحقيقة هي غير ذلك ، فالقتلة هم معروفون ومشخصون ووزارة الداخلية ، بشخص وزيرها ، تغض النظر عنهم ، والضحايا هم أيضا ، ليسوا مجهولي الهوية أو غير معروف انتماءهم الفكري والسياسي أو الطائفي ، فميليشيات الأحزاب الطائفية التي استوعبتها وزارة الداخلية لممارسة جرائمها علنا ، تعرف هويات الضحايا ، وهي تنفذ مخططا طائفي! ا تمت الموافقة عليه ، لقتل واغتيال وتهجير كل عنصر معارض لتوجهات الأحزاب والحكومة الطائفية ، وكل عنصر عراقي مناهض للتواجد الإيراني تحت أية واجهة كان ، هو مستهدف ومشروع قتله ، من وجهة نظر الحكم .
وإنكار الحكومة للقيام بمثل هذه الجرائم ، لا يبرؤها بالمطلق ، فليست هناك قدرة لأي تنظيم حزبي أو طائفي لأن يمارس عمله الإجرامي ، بهذه الإمكانيات ، وليس عنده البأس والقدرة على تجاهل سلطة الدولة ، وفي وضح النهار ، دون غطاء من مؤسسة في الدولة أو الحكومة ، وهذا ما يشير إليه تقرير الأمم المتحدة الآنف الذكر ، حيث يقول ' إنتشار المليشيات المسلحة والمنظمات الإرهابية والإجرامية التي تعمل في مأمن من العقوبة يشكل ، تحديا رئيسيا للقانون والنظام وتهديدا لأمن المواطنين ...
إن بعض هذه الجرائم قد اُرتكبت من قبل أشخاص يرتدون زي الشرطة والجيش ويستخدمون المعدات والأجهزة الخاصة بهما ، والعنف الطائفي ، في بعض المناطق ومن ضمنها بغداد ، يهدف إلى زعزعة التعايش السلمي الذي كان وإلى وقت قريب السمة المميزة للعلاقة السائدة بين مكونات المجتمع ..' فالعنف قد شخصه هذا التقرير من أن ممارسيه يعملون في جو من الحرية والأمان من العقوبة ، وَمنْ يعمل في مثل هذه الأجواء غير التشكيلات الحكومية، والمليشيات الطائفية التي أسبغت عليها الحكومة الصبغة الرسمية ..؟
النتيجة المنطقية ، لتردي الأوضاع الأمنية ، هو الإرهاب الموجه ضد القوى المناهضة والمعارضة للتوجهات الطائفية ، وفرض حالة أمنية غير مسيطر عليها ، وقت إجراء الانتخابات تكون نتائجها لغير صالح القوى الوطنية والديموقراطية ، وهذا ما ألمح إليه الناطق باسم الحكومة ، ليث كبه ، عندما قال ' إن الانتخابات القادمة ستكون هي مفترق الطريق الحقيقي ' .
فماذا سيحصل إن لم يحقق الائتلاف فوزا في الانتخابات القادمة ؟ هل سيتوجه العراق الجنوبي نحو إيران ؟ علينا متابعة بعض ما نشرته جريدة الرأي العام عن اجتماع مغلق عقده المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران علي خامنئي مع قادة فيلق القدس المعروف بنشاطه في الأراضي العراقية ' .
تفيد التقارير التي اطلع عليها مراسل ـ الرأي العام ـ بأن السياسة الإيرانية في العراق تعمل بخطين متوازيين أحدهما ميداني والآخر سياسي ، وأوضحت أن الخطين يخدمان بعضهما البعض وصولا إلى تعزيز النفوذ الإيراني في العراق . وجرى خلال الاجتماع تحديد النشاط للفيلق بمواصلة زعزعة الأمن والسعي لإجبار قوات التحالف على الانسحاب من المدن عبر تنفيذ هجمات إرهابية ، وقال مسؤول في < فيلق القدس > خلال الاجتماع .
إن زمام المبادرة في يد فيلق القدس والجماعات المحلية العراقية التابعة له ، ومن بين الأهداف المحددة ، لفيلق القدس ، تحريض أهالي الجنوب عبر حملات دعائية تقوم بها المجموعات التابعة لإيران على طرد الأمريكيين من العراق في أسرع وقت ممكن ، على اعتبار أن الشعب العراقي لا يستطيع أن يتحمل بقاء الأمريكان في العراق طويلا ..' وهذا ما قد حصل فعلا في مناطق مختلفة ، بين قوات التحالف وبعض الجماعات المسلحة التابعة لميلشيات الأحزاب في المنطقة الجنوبية ، فما تمارسه الحكومة الإيرانية ليس بخاف على القوى الوطنية العراقية ، وعموم الشعب العراقي ، ويجري بالضد من مصلحة كل العراقيين ، على الرغم من إنكار قوى الائتلاف لهذا الدور التخريبي .

إن ما تمارسه الحكومة الجعفرية ، عن طريق دوائرها الرسمية ، ومليشياتها في وزارة الداخلية والدوائر الأمنية الأخرى ، والمتواجدة على عموم المنطقة الوسطى والجنوبية ، وبالتعاون والتماهي مع ما تقوم به السلطات المحلية في تلك المناطق ، لا يخدم مسيرة الائتلاف بكل رموزه ، والقوى الداعمة له والمنضوية تحته ، كما هو افتعال لخلق أجواء غير مستقرة في العراق ، عشية انعقاد مؤتمر للوفاق العراقي في القاهرة .
وهذه الأجواء تساعد على نشاطات تخريبية إيرانية ، ضد المصالح العراقية بشكل خاص ، ونتائجها سلبيةعلى عموم المنطقة بشكل عام ، وربما هذا الوضع قد استشعرته المرجعيات الدينية في كربلاء والنجف ، وأدركت خطورته عندما أقدمت على سحب غطائها من دعم لهذه القوى في الانتخابات القادمة .فهل يدرك الائتلاف وعقلاؤه مسؤولية ما ينتظر العراق جراء سياساتهم الغير وطنية ؟

16 تشرين ثاني 2005
hadifarid@maktoob.com[/b][/size][/font]

91
بانوراما.عربية !
هادي فريد التكريتي
hadifarid@maktoob.com

في أواسط ستينات القرن الماضي ، كانت تعرض من على شاشة التلفزيون العراقي مسلسلات مصرية طويلة ، كالقط الأسود والساقية ، كما كانت تعرض أحيانا برامج ترفيهية ذات ظل خفيف ومرح ، لا زلت أذكر واحدا منها ـ إن لم تخنِ الذاكرة ـ كان بعنوان " بانوراما " ، وكنت أطلق عليه أنا (سو لاري ..ولاري ) لأن محور هذا البرنامج أغنية بهذا الاسم ، يعالج هذا البرنامج مستقبل وتكنولوجيا الاتصالات ، وما سيطرأ على التلفزيون من تطور ، لاستقبال كل محطات البث العالمية ، وما يسمى بالوقت الحاضر ب " الفضائيات " ، حيث ستتاح الفرصة أمام المشاهد ، أيا كان موقعه ، أن يتنقل بين الفضائيات العالمية ويشاهد كل البرامج التي تبثها ، والمشاهد الجالس في بيته ، بعد عناء وكدح يوم عمل متواصل ، يود الراحة والاستمتاع بمشاهدة برنامج خفيف ، ينسيه واقعه المر والقاسي.
إلا أن البرنامج المعروض من على قناة بلده ، كان أغنية صاخبة ، ومملة ، كأغاني زماننا الرديء هذا ، بلازمة من كورس نشاز الصوت ، يردد مقطع أغنية كلماتها نشاز أيضا :ـ " سو لاري ولاري ..ولاري سو " ولا شيء غير هذا المقطع ، مما يستدعي المشاهد النزق ، لأن يغير القناة لاستقبال إرسال دولة أخرى ، إلا إنه يفاجأ بنفس الأغنية يرددها نفس الجوق ، ولم تختلف سوى الملابس الفلكلورية لذاك البلد ، فينتقل لقناة بلد آخر ، فيتكرر المشهد.
ورغم تعدد المحاولات لم يعثر المشاهد على غير هذا البرنامج ، المستفز للمشاعر ، والمثير للغضب على تقنيات العصر ، والنتيجة تتسبب في انهيار عصبي لهذا المسكين ، وخسارة مادية بتحطيم التلفزيون . وهذا ما كان قبل نصف قرن تقريبا ، أما اليوم فالمصيبة أشد وأعظم ، فعلى الرغم من تعدد الفضائيات التلفزيونية وكثرتها ، إلا أن البرامج واحدة ومكررة ، فقط الوجوه هي المتغيرة.
وزاد في سعة المساحة لمستخدم التقنيات الحديثة ، الأنترنت والكومبيوتر واستخداماتهما المتعددة المجالات والأغراض ، مما جعل الإنسان يستقبل ويودع ، يحاور ويناقش ، يتحدث ويستمع ، للكثير من الأحبة الأصدقاء ، كما المكروهين والأعداء ..
في بداية كل صباح أذهب لبريدي الألكتروني فأجد فيه الغث والسمين ، من الرسائل ، بين قادح ومادح ، وهذا أمر طبيعي لمن يعمل في شأن عام ، يهم كل مواطن ، وخصوصا في ظرفنا الراهن ، حيث تتعقد الأمور وتتشابك المفاهيم مع بعضها وتختلط الأوراق ، وربما مجرد الإسم الذي تذيل به عملك ، أو سؤالك ، يثير البعض ويستفزهم ، سلبا أم إيجابا .
فبعض الرسائل تحمل أحيانا ، اقتراحا من قارئ، فيقول كان من الأفضل لو حذفت لقبك من المقالة لكانت المعالجة ووقعها على الآخرين أكثر قبولا ، وآخر يقول إنك تكتب باسم مستعار ، وتوقيعك باسم منسوب ل " تكريت " هو مجرد إغاظة واستفزاز للآخرين . إن كان هذا أو ذاك فلا يغير من واقع وحقيقة معالجتي في شيء ، إلا أن بعض ما يصلني من رسائل ، هو ذلك السب المقذع ، والتوصيف المخجل في نفس الوقت ، لكوني " تكريتيا " ، وكأنما " تكريت " لم تكن حالها حال أي مدينة عراقية يتواجد فيها ، الخير والشر ، الكره والحب ، الحقد والود ،وليس آخرها الوطنية والعمالة ، فهذه الصفات تتقاسمها مدن العالم كله ، فليس المدن العراقية لوحدها ، وليس تكريت إنوجدت فيها هذه الصفات دون غيرها ، إن كان هذا حاصلا في كل بقاع الأرض ، أين المشكلة إذن ؟
هل لأن صدام ذلك الفاشي والعميل المأجور من تكريت ؟ فالفاشيون حملتهم أرحام مدن أيضا ، أم أن تكريت لوحدها منبع للشر ؟
ألم يتقاسم آخرون مع صدام جرائمه ، من عرب وغير عرب ، وهم نتاج مدن عراقية ، من الشمال والجنوب ؟ كثيرون هم الذين شاركوا في جرائم ، من مدن غير تكريت ، ارتكبها صدام وحزبه ونظامه ضد الشعب العراقي ، فهل بالضرورة كل من كان من هذه المدينة منتسب لهذا الشر ، ولهذه الخيانة ؟
لنقرأ بعض حقائق عن هذه المدينة ضحية المجرمين من أهلها :ـ في أربعينيات القرن المنصرم كانت الحركة الوطنية ، وبالذات الشيوعية ، تعبر عن نفسها بكتابة شعاراتها على الجدران ، كما في توزيع النشرات والكتب.
وهذا ما كان يحصل في شوارع تكريت ومحلاتها العامة ، وحمل مبادئ الحركة الشيوعية في تكريت مثقفون وشباب كثر ، قبل أن تتعرف المدينة على الفكر البعثي بسنين طويلة ، فإن مسح البعث من ذاكرة التاريخ العراقي أمرا ما ، فما أظنه قادرا على مسح اسم المحامي والصحافي الوطني ـ الشيوعي ، سليم طه التكريتي ، صاحب الترجمات الوفيرة عن الحرب العالمية الثانية ، والمحرر في جريدة " الأهالي " ، وكاتب المقالات الوطنية فيها ، وصاحب جريدة " العصور " الشيوعية التي صدرت في أواخر الأربعينات من قرننا المنصرم ، عشية نهوض الحركة الوطنية العراقية.
وكان معه الكثير من شخصيات شيوعية ووطنية معروفة في تكريت والمنطقة ، لا يتسع المجال لتعدادهم هنا ( ومن أراد المزيد فليراسلني على عنواني ) ، وقبل أن يتسلق حزب البعث وصدام السلطة بسنوات عدة ، أقدم هذا المجرم القاتل ، على اغتيال القائد الشيوعي ، مسؤول منظمة مدينة تكريت ، الحاج سعدون حمود الناصري .
كما اغتال البعث الفاشي وبتحريض من صدام ، الشخصية الشيوعية عضو نقابة المعلمين المركزية ، الشهيد الرفيق ممدوح سيد حسني الآلوسي ، وبنفس الفترة اغتالت عناصر البعث الفاشي في تكريت ، المسؤول الشيوعي لهذه المدينة ، الرفيق شريف حاج نصيف الحلاق ورفيقه غازي صبري الحاج حمادي ، هؤلاء وآخرون كانوا الثمن الذي قدمه الحزب الشيوعي العراقي قبل أن تسقط تكريت بأيدي الفاشيين ، تحت سمع وبصر العراقيين ، وهذا ما قدمته تكريت ثمنا لدفاعها عن المبادئ الوطنية ، قبل أن تتحقق مصادرتها من قبل صدام وحزبه الفاشي ونظامه الديكتاتوري .
وربما كان هذا الثمن سابقا لأي مدينة أخرى في العراق . وهناك العشرات من المناضلين الذين تبرؤا من نسبتهم لهذه المدينة ذات التاريخ الوطني ، عن قصد ، طيلة عهود السيطرة البعثية ، فهل من حقهم أن يستردوه بعد أن زال اللبس ؟ أسوة بما استرد الآخرون من حقوق ، على الرغم من حقوق كثيرة لنا ، لا زالت مصادرة .
وقد أيدت حكومة الجعفري مصادرتها ، فالتقى النقيضان ، البعث وحكم الإسلام الطائفي ـ القومي ، في نهب حقوق ليست لهم ، وفي مصادرة حقوق الوطنيين الديموقراطيين والشيوعيين ، .فهل بعد هذا الإيضاح ستصلني بذاءات وشتائم لكوني تكريتي ..؟
كثيرا ما أقرأ على صفحات الأنترنيت أخبارا يكاد أن يكون مصدرها واحدا ، على كل المواقع ، ولم تختلف إلا من حيث التبويب أو تقديم هذا الخبر أو تأخيره على ذاك ، وبعض الصفحات تختلف عن غيرها في تصميم الصفحة والخط .المقالات كثيرا ما تكون لنفس الكتاب على كل المواقع الألكترونية ، بعض المواقع الحزبية تنشر ما يتلائم مع وجهة نظرها وإهمال ما يتعارض مع نهجها ، وبعضها تحذف ما تراه غير ملائم لتوجهاتها ، دون احترام للكاتب ورأيه ، ودون الرجوع إليه ، فيما إذا كان موافقا أم لا.
أقرأ لكثير من الكتاب مقالات رائعة على المواقع المختلفة تعالج المأساة العراقية ، بل حتى تعليقات الآخرين عليها ، رغم أن الكثير من هذه التعليقات ، هابطة بمحتواها ، فهي لا تجيد غير الشتم والشتيمة ، معبرة بوضوح عن انحطاطها في الزمن الرديء .وهي جزء من بانوراما العصر العربي المتقيح .
على بعض المواقع ، أجد كتابات لبعض الكوادر القيادية السابقة ، في الحزب الشيوعي العراقي ، كان لهم حضور فاعل وتأثير مباشر على قراراته ، ولسبب ما انفصلوا وابتعدوا عنه ، باتجاهات قومية ـ شوفينية ، عربية أو كوردية ، وهنا تكمن المأساة ، وكم كنت أتمنى لو عاد هؤلاء ، كما هو حاصل للبعض ، إلى ما قبل تبنيهم للفكر الماركسي أو المبادئ الشيوعية ، كشخصيات وطنية ذات إرث نضالي ، يعتزون بتاريخهم ، ولن ينحدروا للمواقع التي هم فيها.
فما يكتبونه اليوم تبريري وغير مقنع ، لخلوه من المصداقية أولا ، ودلالاته الحالية غير وطنية أيضا ، وهؤلاء لا تهم ، الشعب العراقي ، كتاباتهم فهي كتابات بائسة لغرض نفعي ..
يهمني ويهم غيري ، كتابا لازالوا ، على ما يبدو من كتاباتهم ، يؤمنون بالمبادئ الماركسية والشيوعية ، إلا أن كتاباتهم ملتبسة ، وغير واضحة العناوين والدلالات ، لما يجري في العراق ، فهم يعتبرون القوى التي تقترف الجرائم بحق العراقيين ، من ذبح وقتل وتفجير وتفخيخ ، مقاومة للمحتل ، إلا أنهم لم يقولوا لنا مم تتشكل هذه القيادة ، وما هي هذه القوى السياسية المقاومة وما هي أهدافها وأغراضها ، وما هو البرنامج الذي تطرحه للقوى السياسية الوطنية ؟
الكل يعلم وهؤلاء الكتاب نفسهم يعلمون أن هذه " المقاومة " هي قوى بعثية خالصة ، تتعاون مع قوى سلفية ـ طائفية وتعمل من أجل عودة النظام السابق بكل جرائمه ومجرميه . ، هؤلاء الكتاب ، أسوة بغيرهم من ضحايا النظام الفاشي ، من القوى الوطنية والشيوعية ، قاومت النظام بقوة السلاح ، ولم تكن ممن أيدت الحرب الأمريكية على العراق ،علما أن للاحتلال الأمريكي أجندته وحساباته ، تعاونت معه قوى سياسية عراقية ، قومية ودينية ـ طائفية ، لها حساباتها كذلك .
فهل هناك قدرة للحزب الشيوعي أن يقاوم كل هذه القوى ، ليعيد تأهيل البعث و جرائمه من جديد إلى السلطة ، وهل يلدغ المرء من جحر مرتين ؟ ألم يبق المحتل البريطاني محتلا للعراق طيلة نصف قرن تقريبا ، لماذا لم يدع الحزب لمقاومته عسكريا ؟
أليست هناك إمكانية سلمية لإخراج القوات الأمريكية بعد أن يشفى العراق من جرائم البعث أولا ومن جرائم حليفه الاحتلال ثانيا ؟ وما تقترفه " المقاومة " ثالثا ؟ ثم أية مقاومة هذه التي تخرب ما بناه العراق طيلة عقود ، وبمليارات الدولارات ؟
أية مقاومة تقتل الطفل والمرأة والشيخ والشرطي والجندي قبل أن تصل إلى الجندي الأمريكي ؟ هل الهدف هو المواطن العراقي ، أيا كان ، أم المحتل ؟ منذ أن دخل المحتل أراضينا ضحاياه ، حتى اللحظة ، لا تزيد على ألفي جندي أمريكي ، وما خسره العراقيون نتيجة لهذه " المقاومة " جاوز مئات الآلاف ، ولا زال الذبح على الهوية من قبل كل طوائف ، والإرهاب جار على قدم وساق ، فأين أنتم من هذا ؟ عودوا لوطنيتكم الحقة ، فالشعب ينتظر مؤازرتكم لا تحريضكم على ذبحه .! ..

أخبار العراق على الفضائيات لها وقع مختلف ، فانفجار مطعم قدوري في بغداد أول أمس ضحيته 33 عراقيا ، وكذلك في مدينة الشعب ، ومدينة تكريت ، عشرات الضحايا ، من شهداء وجرحى ، ارتكبته قطعان الإرهاب ، ما تناقلته الفضائيات العربية ، والإعلام الأردني ، ومحللوه السياسيون ، كان عملا من أعمال المقاومة ، وانفجارات عمان الجبانة ، التي أطفأت شموع الفرح ، وحولت الهلاهل إلى عويل ، والعرس إلى مأتم ، ضحاياه عشرات القتلى ومئات المصابين ، كان عملا إرهابيا .
وأنا إذ أقر بهذا ، أتقدم لأسر الضحايا بالتعازي الحارة متضامنا مع الشعب الأردني الشقيق بما أصابه ، ولكن ِلَمَ يسمي العرب ، والأردنيون من ضمنهم ، الجرائم المرتكبة من قبل الإرهاب ، في بغداد والعراق ، عملا ل " مقاومة " ضحيته أطفال ونساء وشرطة ، دون جندي أمريكي واحد ؟ مجرد سؤال أذكرهم به .!
التلفزيون والفضائيات كان لها حضور في هذه البانوراما العربية المأساة.
فالأمير الحسن أدلى بدلوه في جرائم عمان ، وكان للأمير حضوره في تبيان أسباب ومسببات هذه الجرائم ، نحترم رأيه ، ولكن ِِلمَ ِلِِمْْْ ُيسأل الأمير عن القوى الدينية والسلفية التي كانت تحضى برعايته وعنايته ، إن كانت وراء هذه العملية الجبانة ؟.
كما لم ُُيسأل الأمير عن السبب وراء عزله من ولاية العهد ، فالملك الحسين بن طلال كان على فراش الموت في مستشفيات أمريكا ، إلا أن الأمريكان كانوا يعرفون الدور الذي لعبه الأمير الحسن في إعداد وتدريب وتمويل القطعان الوهابية والسلفية في الأردن ، لذلك لم يكن ملائما لهم أن يتولى العرش الحسن بعد أخيه ، فأعطوه جرعة الحياة للعودة إلى عمان لعزله ، وبعد مراسيم العزل بيومين توفي الملك .!
البانوراما العربية لا زالت مستمرة ، وعلى كل الفضائيات والمحليات العربية ، ينقل خطاب الرئيس بشار الأسد من على مدرج جامعة دمشق ، كانت له قدرة عجيبة على التحليل والتنظير القومي ، مضحك ومبكي ، بنفس الوقت وبنفس المقدار ، والعشرات من أساتذة الفكر والقانون والفلسفة والعلوم ، يصغون بانتباه واهتمام كبيرين ، ويهتفون وقوفا بالروح بالدم نفديك يا بشار ، بئس الفكر وبئس القوم .
في بلاد الديموقراطيات ، الحاكم الملك ، أو الحاكم الرئيس ، هو من ينحني للعلم وللعلماء ، وعندنا الكل يذهب للجحيم ليعيش القائد الفلته ، لم كل هذا العدد الضخم من الكفاءات يكون فداء للحاكم الذي يقود شعبه ووطنه للموت وللدمار ؟ من اجل أن يبقى هو مشدودا على كرسي الرئاسة ، من المهد إلى اللحد ، بئست أمة لا تجيد غير الهتاف !
كان الأجدى لو شغل منصبا في الجامعة ، أو مديرا لمعهد قومي للتنظير الحزبي والقومية العربية ، بدلا عن المرحوم العثماني ، ساطع الحصري ، قدرة هذا الرئيس عجيبة ، على لوي الحقائق ، والتماهي مع الجريمة ، يكاد المريب أن يقول خذوني ، عندما يرفض أن يرسل المتهمين باغتيال الشهيد الحريري للتحقيق ، يهاجم فرنسا وهي البلد الأقرب له والمدافع عنه ، في أوقات سالفة .
ويسخر من السنيوره وهو لم يهاجمه ، يهاجم أمريكا ورئيسها ، ويسخر من التهم الموجهة لنظامه ، وهو يعلم جدية الاتهام وخطورة النتائج ، فوطنه محاصر و شعبه مهيأ للذبح ، إلا إنه لم يستوعب الموقف ، جراء ما ارتكب نظامه من جرائم ، وما عاثت به مخابراته وقواته على مدى أعوام وعقود من الزمن في لبنان ، ورغم هذا الموقف المعلن " الشجاع " ففي نهاية المطاف سيسلم كل شيء لأمريكا ولكن بعد فوت الأوان ، والسعيد من اتعظ بغيره !.
يتزامن خطابه مع الجريمة المرتكبة بحق الأردن ، إلا إنه لم يقل كلمة تعزية للشعب الأردني على الرغم من أن أحد أبرز المخرجين العالميين السوريين وابنته من ضمن الضحايا ، أية رداءة لهذا العالم العربي ؟
وعلى الطرف الأخر من العالم ، تتناقل كل الفضائيات خطاب بوش وتهديداته لسوريا ، وهو في موقفه هذا ، لم ينس الشيوعية فينالها من شواظ سهامه الشيء الكثير ، فهل من إشارة يبعثها بوش للعراقيين المتحالفين مع الحزب الشيوعي العراقي ، مع وزيرته للشؤون الخارجية كونداليسا رايس ؟
وهل يحمل كوفي عنان خيرا في جعبته للعراق المتزامنة زيارته مع وزيرة الخارجية الأمريكية ؟ أم هناك ما يستوجب أن يقوله لحكومة الجعفري وقائمة الائتلاف بخصوص عقد مؤتمر الوفاق الوطني العراقي في القاهرة ؟ غدا تتكشف كل الحقائق ، ولا شيء يبقى مستورا في عالم بانوراما العربية ، وأغنية : سو لاري ..ولاري سو ، ستدوي من جديد ![/b][/size][/font]


92
هل من ضرورة لتحالفات وطنية ..؟!
(القسم الأول)
هادي فريد التكريتي
hadifarid@maktoob.com

عندما توجهت الملايين من أبناء الشعب العراقي ، في الانتخابات الأولى للإدلاء بأصواتها ، لم يكن يدور في خلد المواطن ، أيا كان ، سوى هدف واحد ، وهو أن يصوت ب " لا " للنظام الفاشي الساقط ، و" نعم " للعراق الجديد ، بغض النظر ، عمن سيحقق الفوز ، أو كيف ستكون تركيبة الحكومة الجديدة وتوجهاتها ، وما هو البرنامج الذي ستنفذه ؟
من منطلق أن الفترة ، هي فترة انتقالية وتحتاج إلى اتفاق وطني ، إن لم يكن إجماعا وطنيا ، تتفق عليها وحولها القوى السياسية العراقية ، خصوصا وأن المهام التي تعترضها ، تؤسس لمرحلة بناء جديد لمؤسسات الدولة ، لا يمكن أن تنفرد بها جهة سياسية ما ، مهما كان حجمها ومهما كانت قدرتها على تخطي الصعاب ، إن لم يكن ، من البدء ، تنفيذ خطوات رصينة يساهم فيها الجميع ، فلن تكون الخطوات اللاحقة تساعد على استقرار البلد ، وتوطيد الأمن فيه ، ومعالجة ما يعانيه المواطنون من احتياجاتهم المعاشية .
فتشريع مسودة الدستور ، والاستفتاء عليها ، ضمن ما هو مثبت في قانون إدارة الدولة ، يشكل حجر الزاوية في ضمان الأمن والاستقرار للبلد ، بكل مكوناته القومية والدينية والطائفية . هذه المهام لا يمكن تحقيقها ، دون أن يكون هناك اتفاق وطني بين مكونات قوى الشعب كافة ، وهذا ما كان يتحسسه ، على الأقل ، هاجس القوى الوطنية والديموقراطية وتشخيصها للصعوبات التي يمر بها الشعب العراقي في هذه المرحلة .
بعد انتخابات كانون ثاني 2005 ، كان من المتوقع ، أن يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية ، من كل القوى السياسية العراقية الفاعلة في المجتمع العراقي ، بغض النظر عن موقعها في الجمعية الوطنية ، لوضع حجر الأساس لاستقرار البلد ، وتحقيق حالة سلم وطني دائم بين مكونات الشعب العراقي ، وإيجاد حلول سريعة للمهام العاجلة ، والمشاكل الآنية ، التي يعاني منها الغالبية العظمى من مكونات الشعب العراقي قبل وبعد سقوط النظام .
فتواجد قوات الاحتلال على الأرض العراقية ، أحدثت خرابا ودمارا مدمرين للشعب وللوطن ، وقد أورثت هذا الخراب والدمار للحكومات العراقية المتعاقبة ، وإصلاحه هو فوق قدرة أي حكومة لوحدها ، في الظرف الراهن ، ضمن الواقع المضطرب . فإعادة بناء ما تخرب بفعل الحرب والإرهاب ، وعدم تعويض المتضررين من السكان ، راكم المشاكل وعقدها أمام أي حكومة قادمة .
فما عاناه ، ويعانيه ، الشعب والوطن من هموم ومشاكل كثيرة ، حلها يطول إن لم يستعص على حكومة بكامل الدعم المالي والاقتصادي من مجموع شعبها ، فكيف الحال والوضع كما هو معلوم ومعروف حاليا ، إرهاب متعدد الأشكال والطوائف ، ومليشيات تستبيح كل المحرمات ، وخزينة الدولة يجري نهب مدخولاتها وتقاسمها ، على الرغم من الشكوى في قلة مواردها المالية ، وإدارة مؤسسات وأجهزة حكم فاسدة ومرتشية ، يطغي عليها شعور طائفي ذي اللون الواحد ، المشحون عاطفيا ، بعقدة المظلومية والتهميش ، طيلة ما يسمى بالحكم الوطني ، والشركاء في الحكم من القائمة الكوردستانية ، هم أيضا يعانون من الشعور ذاته ، الذي يعاني منه حلفاؤهم ، طيلة الفترة المنصرمة نفسها.
وهذا ما جعلهم ينصرفون لترتيب أوضاعهم الكوردستانية الجديدة وتحصينها ، وما عاد يعنيهم ـ وهم الشركاء في حكم العراق كله وليس كوردستان لوحدها ـ كثيرا ما يجري في العراق العربي ، بقدر ما يعنيهم الاستجابة لتحقيق مطالبهم وأهدافهم ، التي تفاوضوا عليها مع ممثلي قائمة الائتلاف الشيعي ، بعيدا عن الأضواء ، وبسرية ، وبعد أن تمت الموافقة عليها ، دخلوا بموجبها في تشكيلة الحكومة ، دون أن تنشر ، في وقتها تفاصيل الاتفاق ، ليطلع عليها الشعب العراقي.
وهذا ما ساهم مساهمة كبيرة في انفراد قائمة الائتلاف الشيعي ، في ترتيب أوضاع حكم وفق توجهاتها الطائفية ، دون مراعاة لكونها حكومة انتقالية ، للعراق كله ، ولها شركاء في السلطة ، وهناك شعب يهمه ما يجري في العراق كله ، ما أوجد لاحقا حالة من عدم الاتفاق والاختلاف على الكثير من قضايا الحكم ، استوجبت حلولا مبتسرة ، آنية ومستعجلة ، ولم يتم حسمها ، لصالح غالبية الشعب العراقي.
على الرغم من وجود الجمعية الوطنية ، التي هي الأخرى ، انشغلت بترتيب أمور تخص أعضاءها ، أكثر مما تخص الشعب العراقي ، الذي فوضها في اتخاذ كل ما يلزم من إجراءات لإحلال الأمن والسلام بين أبناء الشعب الواحد ، وقطع دابر الإرهاب ، ومعالجة ما يعاني منه المواطن ، من فقدان لضروريات الحياة ، كالماء والكهرباء والوقود ، وتوفير العمل للغالبية العظمى من أبناء الشعب الذين فقدوه نتيجة لتردي الأوضاع الأمنية ، التي عمقتها تخبط الإجراءات الطائفية ، في اقصاءات لكوادر مهنية بحجج مختلفة ، وتعيينات جديدة دون كفاءة أو مؤهل ، غير بطاقة المرور الطائفية أو الحزبية أو القرابة .
وحرصا منها على تحقيق نجاحات طائفية محققة ، في الانتخابات القادمة ، أقدمت الحكومة على تمرير تعديل لقانون الانتخاب ، السابق ، الذي جاء بها إلى السلطة ، بما ينسجم والفكر الطائفي ـ المناطقي ( قوى الإسلام السياسي بكل فصائلها وتوجهاتها السياسية ، تستخدم ما تتيحه النظم الديموقراطية من أساليب للوصول إلى الحكم ، وبعد أن يتحقق هدفها ، تلغي أو تعدل كل القوانين التي تقر التعددية وتداول السلطة وحرية المواطنين ، وما أجرته حكومة الائتلاف من تعديل على قانون الانتخاب يصب في هذا الاتجاه ) بحيث يضمن لها مركزا متميزا ، بعيدا عن الإلتزام بأي برنامج للحكم اللاحق.
وبغض النظر عن محتواه وما يتعهد به ، سياسيا واقتصاديا ووطنيا للمجتمع ، فبدلا من أن تسعى الحكومة الانتقالية الجديدة إلى توسيع قاعدة الممارسات الديموقراطية ، وترسيخ نهج المشاركة الجماهيرية في الانتخابات ، لجميع فئات الشعب ، دون هدر لصوت أي ناخب ، في أي مكان بالعراق ، ولتشمل كل الطوائف والمذاهب والقوميات ، التي شتتها السياسات العنصرية والفاشية والطائفية بعيدا عن أماكن تواجدها الحقيقي ، أقدمت على هذا التعديل الذي يحقق لها حكما طائفيا ، وهذا ما شكل تراجعا عن موقف متقدم ، أقدمت عليه هذه الحكومة ، وبذلك دللت أنها غير حريصة على ما تم الإجماع عليه فيما أقره ، قانون إدارة الدولة ، أولا ، وثانيا ، في ما تضمنته مسودة الدستور الدائم ، التي أقرت التعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة .
وإجراء كهذا ، أضر بكل القوى السياسية ومكونات الشعب العراقي ، خصوصا في المناطق الجنوبية والوسطى التي يشكل فيها إرهاب المليشيات السمة البارزة في الحياة العامة ، لفرض الرأي الواحد واقتلاع الفكر المخالف ، ففي الجنوب من العراق حيث الميليشيات الطائفية ، جيش المهدي وأتباع حزب الفضيلة ، من هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وميليشيات بدر .
كل هؤلاء يمارسون كل ما شأنه قهر المواطن وإذلاله ، والتأثير على حريته في ممارسة كل شأن من شؤون طقوسه الدينية والمذهبية والفكرية ، وحتى التدخل فيما يلبسه وما يتجمل به ، وفرض الحجاب على كل النساء ، وإشاعة تقاليد غريبة عن المجتمع العراقي ، واتخاذ إجراءات عقابية قاسية بحق المواطنين غير المنصاعين لأوامرهم ، بما فيها التهجير والقتل والتهديد به والسيطرة على أموالهم بالقوة .
ويوضع في هذه الدائرة ، كل من يخالف توجهاتهم الطائفية أو عدم الإيمان بما هم يؤمنون به ، وبأساليب لا تقل قسوة وفاشية عما كان في نظام البعث الفاشي المقبور ..
أما في المناطق الوسطى والغربية ، فالوضع أدهى وأمر ، وحياة المواطن ، تتقاذفها إجراءات المحتل ، وسلطته الغاشمة والمدمرة ، و غياب كل أثر لسلطة الدولة وهيبتها ، غير سلطة الإرهاب الطائفي ، المتبادل ، يشكل واقعا لا يمكن إنكاره ، فتفخيخ السيارات وتفجيرها ، وقتل المواطنين بالأحزمة الناسفة وذبحهم على الهوية ، واختطافهم من بيوتهم وأماكن عملهم في وضح النهار ، ورميهم بالرصاص في كل شارع وحارة ، والتمثيل بجثثهم ، أصبح أسلوبا مألوفا ، لتصفية حسابات ثأرية ، في الكثير من المدن .
ولم يعد هذا الأسلوب حكرا ـ كما كان ـ على القوى الإرهابية ، بشقيها الطائفي والفاشي إنما أصبح نهجا تقوم به كل المليشيات الطائفية ، بشكل رسمي ، بعد أن استوعبتها وزارة الداخلية ضمن عناصرها ، حيث صرح عضو الائتلاف الحاكم ، نائب رئيس الوزراء د. أحمد الجلبي ، " ..أكبر أخطاء الائتلاف تعيين باقر صولاغ وزيرا للداخلية التي حولها إلى مركز شرطة يتولى عمليات الاعتقالات الكيفية ومطاردة الناس بالشبهات .." هذا الواقع جعل العمل السياسي في محنة حقيقية .
فالشخصيات والقوى من الأحزاب الوطنية والديموقراطية والليبرالية ، التي تناهض الحكم لتوجهاته الطائفية ، لا تستطيع أن تنتقده من على صفحات جرائدها ، كما أن هناك مناطق في العاصمة العراقية ، التي هي مقر الحكومة ، يحرم على المواطنين دخولها دون هوية دخول موقعة من قائد هذه المليشيات أو تلك ، فكيف بممثلي هذا الحزب أو ذاك المناوئ ، إن ارتأى ضرورة عقد لقاء جماهيري ، لشرح أهداف حزبه أو لطرح برنامج قائمته ، وهذا الواقع لم يكن دون علم الحكومة ، إنما بدعم منها ومساعدتها ، حيث ممثلي هذه القوى يحتلون مواقع متميزة في الجمعية الوطنية وفي الحكومة ، وهم ويراهنون على عودتهم لموقع الحكم ، بزخم أكبر واكثر فاعلية في الانتخابات القادمة .
وهذا ليس ممكنا فقط ، بل ومؤكدا حصوله ، نتيجة لغياب سلطة محايدة تجري الانتخابات وتشرف عليها ، و تؤمن حياة المواطن وتضمن حريته ، بغض النظر عن عقيدته أو طائفته أو دينه .
فنتيجة لمثل هذا لواقع ، يصبح الدستور ، حبرا على ورق ، تشهره الحكومة الطائفية بوجه منتقديها .. والمفوضية العامة للإنتخابات ، ولوائحها التي تنص على تنظيم هذه الانتخابات قد تتجاهل مثل هذه الممارسات ، كما تجاهلتها في الانتخابات السابقة ، رغم دعاوى المفوضية من اكتسابها الخبرة في معالجة الأخطاء والنواقص ، ولكن ماذا ستجدي تجربة المفوضية في معالجة حالات التزوير ، والضغط على الناخبين ، والتدخل في سير العملية الانتخابية ، إن هذا ـ التزوير ـ حقق فوز مرشحي قوائم بعينها ، هل ستكتفي بتغريم المخالفين بضع دولارات ؟
إن معالجة مثل هذه الأمور ووضع حد لها يتطلب صرامة في العقاب ، لا يقل عن إلغاء كل الأصوات التي حصلت عليها هذه القائمة التي يجري التدخل لصالحها ، وبدون تطبيق وتنفيذ إجراءات عقابية رادعة ، يبقى مسلسل التزوير قائما ، والوصول إلى الجمعية الوطنية سهل المنال وبأرخص الأسعار ..!
لتصحيح مسار الفترة السابقة ، وما أفرزته سيطرة القوى الطائفية على الحكم ، ومعالجة لنتائجها السلبية الخطيرة على الساحة العراقية والمنطقة ، عقد " مؤتمر الوحدة الوطنية " ، بين قوى وشخصيات سياسية عراقية ، وطنية ديموقراطية وليبرالية ، تم تقييم لمواقفها السابقة ، منفردة ومجتمعة ، واتفقت على البدء بمعالجة ما تم تشخيصه من أخطاء وممارسات في المرحلة المنصرمة ، لا بد من تجاوزها ، والعمل على تشكيل قائمة انتخابية ، تضم مختلف الأحزاب والقوى السياسية ، على أساس المواطنة وبرنامج عراقي وطني ، وليست على أسس طائفية أو عرقية وقومية ، لتلافي المخاطر التي تهدد العراق من كل حدب وصوب ، وهذا ما سأعالجه في القسم الثاني من هذه المداخلة.

(القسم الثاني والأخير)

خاضت القوى الدولية ، الإشتراكية والرأسمالية ، المتعارضة في أهدافها وتوجهاتها ، الحرب العالمية الثانية، بجبهة موحدة متحالفة مع بعضها ضد دول المحور ، من أجل هدف واحد لا غير ، هو إنقاذ العالم من النازية والفاشية ، التي كانت تهدد أمن واستقرار العالم أجمع ، بأساليب حكمها اللاإنسانية ، وبنظريتها العرقية التراتبية ، وبعد الانتصار ، ذهب كل معسكر يخطط لما يسعى ويهدف إليه ..
وعندنا في الوقت الحاضر ، تدعو الحاجة الوطنية ، إلى قيام تحالف انتخابي ، من قوى سياسية مختلفة ، شيوعية وديموقراطية وقومية وليبرالية ، تتقاسم الفهم في نظرتها للإنسان والوطن ، تقر مبدأ الوطنية والمواطنة في توجهاتها ، لتشكيل كتلة سياسية برلمانية ، تسعى لتحقيق برنامج وطني ديموقراطي ، كما تهدف لمعالجة السياسات الخاطئة التي مارستها الحكومة " الجعفرية "نتيجة انفرادها بالحكم ، ووسمها مؤسسات الدولة بسمة طائفية ، بعيدا عن أي نهج وطني أو مسعى ، موحد لقوى الشعب ومكوناته ، وبالضد من تقاليد الشعب العراقي ونضالاته الوطنية ، حاولت قيادة الدولة ومؤسساتها نحو تأسيس حكم ديني ـ طائفي ، ينحو منحى دكتاتورية فاشية بصبغة دينية ، لا تقل نتائجه ، لو تحقق لها ذلك ، عما أسفر عنه حكم البعث الساقط من نتائج كارثية عمت العراق والمنطقة والعالم .
تهدف الانتخابات القادمة وتهيئ لفترة حكم مستقر ودائم ، يستوجب حل الكثير من المعضلات التي تتطلب حلولا وطنية وديموقراطية ، عجزت عن حلها حكومة الائتلاف الطائفي ، والضرورة تقتضي حلها لصالح جماهير الشعب ، بكل توجهاته الفكرية والسياسية والدينية والقومية ، بعيدا عن الحزبية والقومية والطائفية .
أسفرت نتائج الانتخابات السابقة ، عن نتيجة مؤسفة للقوى اليسارية والديموقراطية والليبرالية بشكل عام ، وللحزب الشيوعي العريق بجذوره الوطنية بين مكونات الشعب العراقي بشكل خاص ، نتيجة لتبعثر القوى الوطنية المتعددة الاتجاهات ، وتشرذم التيار الديموقراطي واليساري .
تميزت الأوضاع الحالية ، منذ تشكيل الحكومة الانتقالية الثانية ، بالتردي على كل الصعد ، السياسية والأمنية والمعاشية ، وبرزت الحاجة ماسة لتشكيل تحالف جديد ، يخوض الانتخابات القادمة ، بقائمة موحدة ، مناهضة للتوجهات الفاشية ، سواء أكانت قومية أم دينية ، من أجل حل المشاكل القائمة ، التي فشلت في حلها الحكومة السابقة ، والمتمثلة في توفير الأمن والاستقرار للبلد ، نتاج تصاعد العمليات الإرهابية والطائفية ـ الشيعية والسنية على حد سواء ، وضرورة الحد من نشاطاتها بداية ، والقضاء عليها لاحقا ، ومعالجة أزمة الماء والكهرباء والوقود والبطالة ، ثم معالجة النواقص والثغرات التي تبنتها مسودة الدستور ، من تعديل لبعض مواد تتعلق بالحريات العامة ، وحقوق الإنسان ، والمرأة ، ومساواتها بالرجل في كامل حقوقه ، وتحجيم الغلواء الطائفي ، وإبعاد الدين عن المعترك السياسي ، وضمان ممارسة الحريات الدينية لكل الطوائف والأديان ، وغيرها الكثير مما احتواه الدستور ذي النفس الطائفي .
وبعبارة واحدة ما يطلبه الشعب العراقي :هو أن يعيش العراقي كمواطن له ما لغيره من حقوق في المواطنة الحقة ، وعليه ما على غيره من واجبات ، في مجتمع متآخي يسوده الأمن والسلم ، متمتعا بخيرات بلده ، ومساهما في بنائه ، بما يملك من قدرة وطاقة ليعوض ما خسره البلد ، خلال ثلاثة عقود أو أكثر ، من حكم قومي فاشي سابق ، وقومي ـ طائفي آني ..
كما تقع على عاتق هذا التحالف العمل على إنهاء تواجد قوات الإحتلال بصيغة تضمن أمن واستقرار البلد .
لا شك أن دخول الحزب الشيوعي العراقي في قائمة تحالف انتخابية هي " القائمة العراقية الوطنية " يثير الكثير من النقد والتساؤلات ، من منطلقات كثيرة ومختلفة ، وقبل أن نخوض في أي حديث عن الحزب الشيوعي ، أهدافه ، برامجه ، والآفاق التي تحدد مسيرته ، علينا أن نقر ونعترف أن العراق خربته الفاشية ، بكل ما تعني هذه الكلمة .
ثم أن العراق لا زال محتلا ، وقوات الاحتلال ، ( تلعب بالبلد شاطي باطي )كما تقول الحكمة الشعبية ، ولمستشاريه القول الفصل في كل الوزارات والمؤسسات السيادية وغير السيادية ، وزادت من خراب البلد ، شركاته المتعددة الجنسية ، التي ساهمت بنهبها للمليارات التي ُقدمت كمساعدات لإصلاح بعض ما خربته هذه القوات ، وما عادت للعراق حتى مؤسسات دولة بالمفهوم الواقعي ، فكل شبكات البنى التحتية مخربة ، و الركائز الاقتصادية التي يديرها مئات العمال والفنيين ، من صناعة وزراعة وخدمات عامة، ما عادت تصلح للعمل نهائيا ، فالبطالة إذن تضرب في العمق ، وهذا ما يعيق تنفيذ أي برنامج للحزب الشيوعي آنيا ولاحقا..
من كل ما تقدم أقول ، أن الحزب الشيوعي ليس واردا في نضاله أن ينفذ أي برنامج إصلاحي ، وليس حزبيا ، لوحده في الظرف الراهن ، مهما كان قصير الأجل ، فعليه إذن أن يفتش عن حلفاء من حوله يشاركونه بعض توجهاته في الإصلاح ، وللبدء في معالجة الخراب الذي يضرب في عمق الواقع ، ولا حليف له سوى القوى التي تتبنى المفاهيم الوطنية ، بدلا من العنصرية والطائفية ، من أي اتجاه كان .
إذا كانت هذه هي آفاق عمل الحزب ، فمن أي شيء نخاف على مبادئه وبرامجه ، نعم هناك خوف واحد أساسي ومصيري على الحزب ، وعلى كل قوى اليسار والديموقراطية والوطنية ، أن يحذروه ، وهو مجيء الطائفية بكل ثقلها وتنوعها إلى الحكم ، لتفرض الفاشية والديكتاتورية من جديد ، ومن أجل أن لا نرى مثل هذا اليوم ، تصبح التحالفات الوطنية ، قصيرة الأمد أو الطويلة ، ضرورة وطنية ، وعلى اليسار ، كل اليسار بمختلف توجهاته ، عليه أن يدعم هذا التوجه ، وليس الهجوم عليه .
فإذا ما سيطرت فاشية قومية ـ عنصرية ، أو دينية ـ طائفية ، مسلحة بالإرهاب ، وبمليشياتها الظلامية كيف سيتعامل هذا اليسار ، الخارج من رحم الحزب الشيوعي والذي يسعى لأن يكون البديل في تحقيق شعاراته ؟ هل سيحمل السلاح ، وقد جرب هذا في ظروف أفضل وفشل في تحقيق غرضه ، فكيف به الآن ؟ وهل عند هذا اليسار من بديل في الوقت الحاضر ، لصد الهجمة الطائفية بشقيها ؟ وإذا عادت الفاشية مجددا ، يحملها الإرهاب المتعدد الأشكال والصور ، كيف سيتصرف هذا اليسار الرافض لكل الحلول ؟ وحتى اللحظة لم يقدم أي حل بديل غير كلمة " لا " للتحالفات بكل أشكالها المختلفة .
إن التحالفات في الوقت الحاضر بين القوى السياسية الديموقراطية والوطنية ، أيا كان نوعها ، تهدف إلى تحقيق هدف وطني مشترك ، وإشغال مواقع في جهة إصدار القرار ، يخدم توجهات وأهداف المتحالفين ، فهم غير قادرين على تحقيقه بشكل مبعثر لقواهم ، ولن تتوفر لهم إمكانية المناورة مع الغير المختلف ، لو ساهمت في العمل بصورة منفردة ، لظروف شتى ، كالحال الذي عليه الحزب الشيوعي ، على الرغم من سعة وتأثير أفكاره وبرنامجه على الواقع الإجتماعي ، كما أن كل التحالفات لا تشكل واقعا ثابتا ومستديما للقوى المساهمة فيها ، إنما هي متغيرة ومتحركة ، مرهونة بظرفها ، فإن تحققت شروط أفضل في ظرف آخر يحقق أو يؤسس لواقع متقدم ، لا بد من الانتقال إليه وتأسيس تحالف جديد ، على أسس جديدة وبرنامج جديد يخدم التوجهات المستقبلية .
كل تحالف مرهون بظرفه ، ولا يمكن القفز على الواقع ، وحرق مراحله ، أو الإنشداد إلى تجارب سابقة ، ونتائجها سلبية كانت أم إيجابية . فالحياة متغيرة واحتياجات الناس ومطالبها متغيرة كذلك ، وعلى ضوء هذا الواقع تتغير الأفكار والمواقع ، والانغلاق على الذات وعدم التفاعل مع الواقع ومكوناته تتجاوزه الحياة . فنجاح قوى التحالف الجديد ، في تحقيق مواقع متقدمة في الانتخابات القادمة ، مرهون بمدى صدقية المتحالفين وحرصهم على تنفيذ البرنامج المتفق عليه ، وعدم التدخل في الشأن الداخلي لهذه القوى .
عندما فشل الحزب الشيوعي ، في احتلال مواقع أفضل في الانتخابات السابقة ، أثار الكثير من الجدل ، وتوجهت للحزب ولقيادته الكثير من الانتقادات ، من أطراف عدة صديقة وعدوة ، باعتقادي أن كل هذا ، هو ظاهرة إيجابية ، لصالح الحزب ، لما يتمتع به من سمعة وطنية عالية بين جماهير الشعب ، والشعب هو رصيده ، وهو المعني بكل ما يقدم عليه من خطوات في المعترك السياسي ، وكل ما يحققه من نجاحات هو بفضل دعم الشعب له وتمسكهم به وبتاريخه النضالي على مر العهود ، وفشله وانكساراته في الماضي والحاضر ، تمثل خيبة أمل للشعب كذلك ، ومن هذا الواقع تتوجه الأنظار إلى الحزب ، من الخصوم قبل المؤيدين والأنصار .
والحزب في كل تاريخه النضالي والوطني سعى , ويسعى ، لأن يحقق الوحدة الوطنية بعيدا عن المكاسب الضيقة ، وما كان يفكر بتحسين أوضاعه المادية ، وتحقيق مكاسب لرفاقه في الحزب ، كما هو حاصل اليوم لقوى الحكم ، على حساب أي فئة من فئات الشعب ، فمقولة : أول من يضحي وآخر من يستفيد ، تنطبق عليه بالكامل . فدخوله لهذا التحالف ، ليس على نمطية ونهج التحالفات السابقة ، التي انتهجها الحزب في الماضي ، فبعضها كان تحالفا مع السلطة ، وهذا ما أضر كثيرا بالحزب وسمعته على امتداد عقود ، وتسبب في خسائر جسيمة .
إلا أن ما يميزه في هذه المرة ، أنه تحالف لقوى سياسية ، في داخل العراق ، ذات طبيعة وطنية لمرحلة بناء العراق المخرب ، تحالف هذه القوى من خارج السلطة ، تسعى لغرض محدد ضمن فترة محددة ، أيدت هذا التوجه ، كما يقول سكرتير اللجنة المركزية للحزب " ..غالبية مطلقة تؤيد خيار الحزب بشأن الائتلاف العريض ، ...ولا ندخل في تحالفات لآفاق بعيدة المدى بل لدينا مشتركات لمرحلة آنية ".
نعم هناك ضرورة وطنية ، ولها القول الفصل في هذا التحالف ، فليقدم كل منا ما يقدر عليه من دعم لهذا التوجه ، فهناك الكثير مما نخسره إن عادت الفاشية مرة أخرى بأطر وأشكال جديدة ..![/b][/size][/font]


93
مجرد شك ..! يا سيادة الرئيس
هادي فريد التكريتي
hadifarid@maktoob.com

ماذا لو وجه السيد رئيس الجمهورية ، جلال الطلباني ، أو السيد رئيس الوزراء ،الدكتور الجعفري ، نداء لكل المصابين العراقيين بأمراض خطيرة ، أو التي لا يمكن الشفاء منها أن يسجلوا أسماءهم ، للحصول منهم على معلومات ، عن طبيعة أمراضهم وتاريخها ، وما يعانون منها حاليا ، وما تلقوه من علاج ، سواء أكان هذا قبل سقوط النظام أم بعده ؟
لا شك سيكون العدد كبيرا وهائلا ، وخصوصا تلك الأمراض الناتجة عن استخدام الغازات السامة ، كما حصل في كوردستان العراق مثلا ، أثناء الحكم الفاشي ، أو نتيجة استخدام أسلحة اليورانيوم المنضب ، سواء ما نتج من استخدام تلك الأسلحة في الحرب مع إيران ، وتحديدا في المنطقة الجنوبية من العراق ، أم أسلحة الدمار الشامل التي كان النظام يجري عليها تجاربه ، والتي أتهم بامتلاكها واستخدامها ، أو نتيجة لتلك التي استخدمتها القوات الأمريكية عند طرد النظام وقواته من الكويت في حرب الخليج الثانية ، .فجريمة النظام الساقط كانت مروعة فيما أحدثته من أمراض راح ضحيتها الآلاف من العراقيين ، ولا زال يعاني منها الكثيرون ، وكل هؤلاء الضحايا ، من العراقيين ، عربا وكوردا ومن القوميات والطوائف العراقية الأخرى ، فهل توفر لكل هؤلاء العلاج ؟ سواء أكان هذا قبل أو بعد سقوط النظام ؟
فقبل سقوط النظام ، كانت الجهات المعنية تقر بهذا الواقع وتعلق أسبابه ونتائجه على الحصار ، كذبا وبهتانا ، وهذا مفهوم ..! إلا أننا بعد سقوط النظام ، لا من قبل قيادة الاحتلال ولا من قبل الحكومات العراقية " الوطنية " المتعاقبة ، لم نسمع أو نقرأ عن اهتمامات المسؤولين بهؤلاء الضحايا المرضى ، بل على العكس نقرأ في الصحافة ، ونسمع من الجهات ذات العلاقة ، أطباء ومسؤولين ، وكذلك تعايشنا مع مرضانا ، كشف عن كثرة الشكوى ، من عدم الاهتمام مما يعانون منه ، وقلة الرعاية وتدنيها ، وعدم توفير الأدوية ، وتزايد حالات الوفيات ، وهي نتيجة منطقية لهذه الأسباب .
كل ما تقدم لم يكن جديرا بالتفاتة من مدير مستشفى أو طبيب ، مثلا ، ناهيك عن مسؤول أعلى منزلة ، وهؤلاء المرضى الضحايا ، هم من الشعب العراقي ، الذي يتكلم المسؤولون في السلطة باسمهم ، وهؤلاء ، هم وعائلاتهم ، من أعطوا الشرعية للحكم ، عندما غادر المريض ، بمرض خطير ويصعب الشفاء منه ، فراش مرضه ، والمقعد ، والمعوق ، من ضحايا القادسيات ، نقلتهم عربات " زبالة " لمراكز التصويت ، متحدين الموت ، ليعطوا الحكم وقيادته شرعية لم تنلها حكومة عراقية أو عربية ، لا من قبل ولا من بعد . أليس هؤلاء هم الأجدر بالإهتمام والعلاج من مجرمين وقتلة ، كل مرضانا وكل شهدائنا ، هم من ضحايا زنازينهم في الأمن العامة والمخابرات ، وضحايا القبور الجماعية ، وأنفالات الكورد العراقيين ومختبرات أحواض التيزاب ، وغيرهم كثر ، كلهم من ضحايا هؤلاء المجرمين الذي يتجاوب بعض المسؤولين لندائهم "من منطلق إنساني وحقوق الإنسان .." ؟
أليس الأجدى تقديم العلاج والدواء والرعايا للضحايا ، من هذا الشعب الجبار ، فهؤلاء هم مفخرة شعبنا ، وليس المجرمين الذين أذلوا شعبنا ، وشردونا في المنافي ، وأعاقوا تطورنا وبناء وطننا ، عشرات السنين ، ونحن بلد الحضارات وبلد العقول ، ونحن من يمتلك الثروات ، إلا إننا لا زلنا نمتهن التسول في موانئ غريبة ، ولم يُعِدْ بعد المسؤولون ، حاليا ، حقوقنا المسلوبة حتى الآن !
من حق رئيس الجمهورية ، السيد جلال الطلباني ، باعتباره رئيسا لكل العراقيين بما فيهم مجرمي النظام السابق ، أن يتجاوب مع مناشدة مريض يطالب بالعلاج ، رغم جرائمه ، فهذه حالة إنسانية تسجل له ، ولكن ، هل سيتعامل السيد الرئيس ، بالمثل ، مع من يناشده من عامة العراقيين الشرفاء ؟ وهل لو كان الجواب بالإيجاب سيكون هذا عن طريق وسائل الإعلام ؟
ألم يكن هذا الموقف يستفز الشعب الكوردستاني العراقي ، قبل الشعب العربي العراقي ، وهناك آلاف المصابين بحالات مرضية جراء قصف حلبجة ، وآلاف القرى العراقية الكوردستانية ، بالكيمياوي وغاز الخردل والأسيد ، ولا زال الضحايا الكورد يعانون بصمت في كوردستان العراق ، وآلاف غيرهم في مناطق مختلفة من العراق ؟
برزان التكريتي ناشد رئيس الجمهورية لإخراجه من السجن للعلاج ، والسيد رئيس الجمهورية تجاوب ، بسرعة ، مع هذه المناشدة من منطلق إنساني وعلاقات تاريخية بين العائلتين ، واحتراما لصداقته الشخصية ، وهذا شأن خاص به ، فالمواطن ، كائن من كان ، له الحق في أن يقيم علاقات مع من يشاء ، والشعب العراقي غير معني ، بهذه " العلاقات التاريخية التي ربطت عائلتيهما مع بعض " كما لا شأن له بصداقات السيد الرئيس أكان هذا الصديق برزان التكريتي أم غيره ، إنما ما يعنيه هو مناشدة السيد الرئيس ل " دولة رئيس الوزراء لاستعمال صلاحياته لإخراج المواطن برزان التكريتي من السجن وادخاله مستشفى للمعالجة من السرطان " والتجاوب السريع من السيد رئيس الوزراء الجعفري حيث قال " سيلقى برزان الرعاية الطبية كمريض بالسرطان حيث أن كل المحتجزين لهم الحق في العلاج " وليس هناك من يعترض على علاج الموقوف أو المحتجز ، ولكن كيف ؟ وأين ؟
السيد رئيس الجمهورية في مناشدته لرئيس الوزراء استخدم عبارات لا تنم عن علاجه ، لبرزان التكريتي ، في داخل المستشفيات العراقية ، وإنما جعل المستشفى في حالته النكره ، ( وإدخاله مستشفى للمعالجة )، فهذا فيما يعنيه ، ليس بالضرورة أن يكون العلاج في العراق ، كما ليس بالضرورة ، أيضا ، أن يكون خارج العراق ، إلا أن ما يدعوني للشك بأن العلاج سيكون خارج العراق هو عند المناشدة لرئيس الوزراء استخدمت العبارة التالية المصاحبة للعلاج " لاستعمال صلاحياته لإخراج المواطن برزان التكريتي من السجن..."
فالعبارة صيغت بإحكام ف ،" إخراجه من السجن " تعني إطلاق سراحه ،وسيكون العلاج خارج القطر ، وهذا ما تبادر إلى فهم السيد رئيس الوزراء الجعفري ، وتداركه عندما قال " مع ترك القرار بخصوص وضعه القانوني للقضاء " وهنا يحتمل أيضا أن يطلق سراحه ضمن تكييف قانوني يلجأ إليه رئيس الوزراء لاحقا ..
هل هناك ما يدعو لهذا الإهتمام الزائد بالسيد برزان ، وهناك الكثير من المرضى من أعمدة النظام الفاشي ، الموقوفين ، ومن ضمنهم صدام حسين نفسه، وربما ، سيصابون بالسرطان إن لم يكن كذلك ، فِلم لا يعاملون بالإهتمام الذي يلقاه برزان ؟
لا شك إن برزان كان محل ثقة أخيه غير الشقيق صدام ، على الرغم من كثرة الشائعات التي تناولت العلاقة بين الأخوين ، فالدم لا يصير ماء ، كما يردد القومانيون ، وبهذا المبدأ يؤمن صدام وأخوه ، فعندما أُرسل برزان إلى سويسرا كممثل للعراق في منظمة الأمم المتحدة بجنيف ، كان يقوم بإدارة الأموال المنهوبة ، البالغة عشرات المليارات من الدولارات ، وإيداعها في البنوك السويسرية وغيرها بأسماء مستعارة ، من ضمنها 5 % حصة كولبنكيان المصادرة ، من شركة نفط العراق المؤممة ، إضافة إلى القصور والعقارات في مختلف الدول الأوربية ، ولا أحد يستطيع تحريكها أو استخدامها غير برزان الموقوف حاليا ، والمحال للمحكمة .
فصدور الحكم عليه يعني ضياع هذه الأموال ، وبما أن المناشدة لم تشمل رئيس الجمهورية السيد جلال الطلباني لوحده ، وإنما شملت رئيس الولايات المتحدة جورج بوش ، ورئيس الوزراء البريطاني بلير وغيرهم من الرؤساء والقادة عربا وغير عرب ، حسبما ذكر موقع الجيران الألكتروني ، فمن هنا تتضح خيوط اللعبةـ الصفقة ، فالسيناريو والإخراج هو من إعداد ال ) C.I.A مع الإعتذار لمن لا يؤمن بالمؤامرة ) والمطلوب هو أن يطلق سراح هذا المجرم والتمهيد لهذه الجريمة ، يأتي من العراق ، بحجة مرض لا يرجى الشفاء منه .!
من مصلحة الشعب العراقي ، أن يتعاون رؤساء دول العالم على إعادة ـ وليس إعادة نهب ـ الأموال العراقية المنهوبة من قبل النظام العراقي ، قبل تدخلهم في مساعي " إنسانية " لإخراج المجرم للعلاج ، وبرزان التكريتي هو المفتاح لهذه الأموال.
والشعب العراقي ليس بحاجة للاحتفاظ برأس مجرم عفن كرأس برزان ، فعنده منها الكثير ، ومبادلته بكل الأموال المنقولة وغير المنقولة في الخارج ، التي يعرفها هذا المجرم ، أمر مقبول ، ومتعارف عليه دوليا ، يحقق للعراق حق استرداد بعض ما نهبته هذه العائلة من أموال الشعب ، و" إخراجه للعلاج " ليس قبل أن يتسلم البنك المركزي العراقي كامل الحسابات التي يديرها هذا الرأس العفن ، وآنئذ لا تعنينا الصداقة الشخصية والعلاقات التاريخية التي ربطت بين عائلتي السيد رئيس الجمهورية ، جلال الطلباني ، وبرزان التكريتي .، فهذا شأنهما ، وإن كان هذا أمرا يهم الأكراد قبل العرب ..![/b][/size][/font]


94
أنتم أعلم بأمور دنياكم ..
هادي فريد التكريتي
hadifarid@maktoob.com

عندما هاجر النبي محمد من مكة إلى المدينة ، في بداية تأسيس دولته ، رأى أن القوم هناك يقومون بتلقيح نخيلهم ، فأصدر أمره بعدم تلقيح النخيل ، لأن الله يتولى ذلك ، فنادى المنادى بهذا الأمر ، وأمتثل أهل المدينة لهذا الحكم الذي أصدره النبي ، وبعد عدة شهور لاحظ القوم ، وجل عيشهم على ما تحمله النخيل من تمر ، أن النخيل لم تثمر ، وإن نخلهم لهذا الموسم قد " شاص " ، فجاءوا النبي محتجين ، على هذا الحكم الذي أفسد عليهم موسمهم من التمر ، فلم يجد النبي ما يقوله لهم سوى " اذهبوا فأنتم أعلم بأمور دنياكم " ..
هذا الموقف يدلل ، دلالة قاطعة ، من أن فتاوى الدين إذا دخلت حياة الناس ، وشؤون معيشتهم وأمورهم الخاصة ، أفسدتها . وتنظيم حياة المجتمع ، في كل مجالاتها ، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، يقتضي أن يتولاها من لهم الخبرة والكفاءة ، وأصحاب الاختصاص عن علم ويقين ، وليس عن طريق الصح والخطأ ، أو تجريب هذا بدل ذاك ، وبالنتيجة يكون المتضرر من الخطأ هو المواطن ، في أمنه وحياته ومعيشته .
تسلمت مقاليد الحكم عندنا منذ عدة شهور ، قاربت السنة ، حكومة يقودها ائتلاف ديني ـ طائفي ، جل وزرائه من دين وطائفة واحدة، إلا أن انتماءاتهم لموزائيك مرجعيات متعددة ، ولاتجاهات مختلفة الرؤى من هذه الطائفة ، وهذا بحد ذاته إشكالية حكم سلبية ، تجلت في مواقف كثيرة ، تناقض في أهدافها ، وأوجدت حتى صراعا مسلحا داخليا بين مكوناته ، كان الضحية هو المواطن .
هذا الوضع جاء نتيجة لعدم انسجام مكونات الحكم فيما بينهم ، وغياب مفهوم المصلحة العامة عن الفهم الطائفي ، عند تشكيل قوام الحكومة ، وعدم الاعتراف بآلية وضع الشخص المناسب في المكان المناسب ، لحل المشاكل التي يعاني منها الشعب العراقي ، فوزير الداخلية مهندس ، ومجال اختصاصه الهندسة والتكنولوجيا ، وليس له علاقة بالمرة بحفظ الأمن ومكافحة الجريمة المستشرية في البلد ، ووزير الثقافة شرطي ، كان يمكن أن يكون وزيرا للداخلية مثلا ، فهذا الفساد في شغل المناصب الوزارية ، هو نتيجة صراع على كراسي المسؤولية ، وهو ما فرضته المحاصصة الطائفية والعنصرية ، وشللية الانتماء لهذا الحزب أو تلك الكتلة ، دون أن تراعى فيه مصلحة البلد أو المواطن .
كما لو أن الحكم الحالي ، أراد أن يعود بنا لحكم يشبه حكم البعث ، عندما وضع الثقافة بيد جهلة وأميين ، والدفاع والداخلية بيد عريف أو سائق دراجة ، مع الاحترام لأصحاب هذه المهن . فهذا الارتباك وعدم التجانس في إسناد المهام الرسمية ، هو ما زاد في حالة التردي للوضع الأمني والمعاشي لحياة المواطنين ، بحيث لم تستطع هذه الحكومة ، منذ أن جاءت إلى السلطة ، وحتى اللحظة ، لم تكن قادرة من حل جل المشاكل التي عانى ، ولا زال يعاني ، منها الشعب العراقي ، بل عمقتها ، نتيجة لتجاهلها للأسباب الحقيقة الكامنة وراء هذا الفشل ، وعدم رغبتها البدء في حلول جذرية وجدية وواقعية للمشاكل ، مما أفقد المواطن البسيط ثقته بمثل هذه الحكومة .
فبدلا من الحل الفاعل والمجدي ، تلوذ الحكومة بالمرجعية وتتمترس خلف الدين والطائفية لتغطي قصورها وإخفاقها في تنفيذ برنامجها الوزاري ، دون أي اهتمام بما يجب ، وما ينبغي لها ، أن تقدمه للمواطن الذي تحدى الإرهاب ، من قتل وتفجير ، ليدلي بصوته للمنادين بمظلوميته ، فإذا به كالمستجير من الرمضاء بالنار .
فبدلا من التأسيس لحكم بديل عادل ، يرفع الاستغلال والظلم والحيف عنه ، وينصفه في حريته دون انتقاص منها ، أو دون تمييز بين رجل وامرأة ، في الحقوق والواجبات ، نجد رجال الحكم والمسؤولين عنه ، من أعضاء في الجمعية الوطنية ، ومن وزراء ورؤساء دوائر ومؤسسات ، يرسٍخون الظلم ويمارسونه عليه ، ويزيدون ، بتجاهل معاناته اليومية ، وعدم تحقيق مطاليبه الحياتية، بمساهمة هؤلاء المسؤولين في سرقة ثروة البلد والمال العام ، المرصود لتحسين حياة المواطن ، ويتناسون تضحياته عندما صوت لهم وجاء بهم وأجلسهم على سدة القرار ، لتكون قراراتهم تشريعات لقوانين ، تضمن دوام مصالحهم الشخصية ، دون وجه حق شرعي ، بتخصيص رواتب مجزية ، والتمتع بحقوق لا حق لهم فيها ، وما كانوا يحلمون بها ، نتيجة شيوع الفساد والثراء غير المشروع ، والتستر على القائمين به ، وابتلاع أراضٍ وأملاك وعقارات الدولة ، والاستيلاء ليس على قصور أركان النظام السابق فقط ، بل وحتى أملاك المواطنين المصادرة من قبل النظام السابق ، نتيجة للتهجير أو المواقف السياسية ، لتسجل باسمائهم وأسماء زوجاتهم ، فهل من أجل هذا كانت تضحيات الشعب العراقي .؟ وهل سيشارك المواطن العادي ، بتكرار الخطأ الذي ارتكبه في التصويت ، لمثل هذه القوى الطائفية ، التي لم تحقق له استقرارا وأمنا في حياته ؟
تجربة هذه الحقبة من الحكم الطائفي ـ العنصري المتعدد الولاءات كانت مرة وقاسية ، على عموم الشعب ، وشكلت خيبة أمل لمرجعية السيد آية الله علي السيستاني ، كما بقية المرجعيات الأخرى ،التي آزرت ودعمت قوى الائتلاف الطائفي في الانتخابات السابقة ، مما أفرز موقفا جريئا وجديدا للمرجعيات ، وخصوصا مرجعية آية الله السيستاني ، حسبما تناقلته وسائل الإعلام ، بعدم منحه الثقة والتأييد لأي من القوائم الطائفية المتنافسه مع القوى الأخرى ، وتوجيه مكاتب وخطباء الجمعة لممثلياته في المحافظات بالتزام موقف الحياد بين الكتل المتنافسة ، وعدم تكرار الخطأ الذي ألقى بظلاله على مصداقية حياد المرجعية ، وكونها لجميع المواطنين ، وعدم السماح بحصوله مرة أخرى .
إن هذا الموقف يشكل نقلة نوعية لمرجعية السيد علي السيستاني ، إن تحققت صحته ، والتزمت به المرجعية حتى النهاية ، بوقوفها على الحياد دون دعم أو انحياز لأية جهة كانت من أحزاب الإسلام الطائفي ـ السياسي ، والإيمان بحق المواطن وحريته في أن يختار الجهة التي تمثله وفق البرنامج السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يعتقد فيه تحقيق أمنه وحريته والعيش بأمن وسلام ، بعيدا عن تدخل الدين أو المذهب أو الطائفة ، وما كان لهذا الموقف أن يرى النور ، لو لم يكن السيد آية الله السيستاني ، قد رأى وسمع وتلمس الاعتداءات الظالمة ، والقهر الذي وقع على المواطنين ، في مناطق ومدن كثيرة من العراق ، وخصوصا في المناطق التي تتميز بحكم وأغلبية قائمة الائتلاف التي دعمها وباركها السيد السيستاني ، فيما مضى .
فالقتل والتهديد به ، وتهجير المواطنين ، والاستيلاء على ممتلكاتهم ، مسلمين ومسيحيين وصابئة ، إضافة لطوائف أخرى ، والاعتداء على الحريات الشخصية للمواطنين ، فيما يتعلق بالمظهر الخارجي من ملبس وحلاقة شعر ، وغلق صالونات التجميل والحلاقة النسائية ، وفرض الحجاب بالقوة على المرأة المسلمة وغير المسلمة ، وانتهاكات أخرى كثيرة ، كالاعتقال والسطو والسرقة والتهريب وترويج المخدرات بين الناشئة ، كل هذا قامت به ، ميليشيات الأحزاب الطائفية ، تحت علم وتوجيه مسؤولي الحكومة التي باركتها المرجعيات سابقا .
هذه الجرائم قد تحققت ، بفضل سياسة الحكومة الطائفية ، المؤيدة لإطلاق يد المليشيات في تنفيذ مخطط طائفي لصالح قوى محلية وأجنبية ، مما أبعدها عن تحقيق مطالب المواطن اليومية ، وعدم معالجتها لهمومه التي يشكو منها ، مما انعكس سلبا ليس فقط على مرجعية آية الله السيستاني ، بل على كل المرجعيات المذهبية ، وحقيقة دعاوى التزامها ، الحق ، جانب المواطنين .
الموقف الجديد للمرجعية قد ثمنته ، الكثير من القوى السياسية العراقية ، الوطنية والديموقراطية، وتأمل ، هذه القوى ، أن يعمق آية الله السيد علي السيستاني وبقية المراجع ، مواقفهم هذه بفتوى صريحة وواضحة تلتزم بها مكاتب المرجعيات ، والوكلاء ومقلدوهم في سائر المحافظات ، تبعد الدين ، ونبل أهدافه وقيمه الروحية ، عن المناورات السياسية وأساليبها المناقضة لمفاهيم القداسة وقيم التسامح والتآخي ، التي تدعو لها مبادئ الدين بين المواطنين ، والنأي عنها بمن يشينها ويسئ إليها عملا بالحديث النبوى " أنتم أعلم بأمور دنياكم ".
وبدون هذا تبقى الشكوك تساور المخلصين والوطنيين ،من عدم جدية المرجعيات في معالجة فساد و تردي الأوضاع التي تمارس باسمهم ، لن يكون الخاسر فيها ، فقط ، جماهير الغالبية العظمى من الشعب العراقي ، بل المرجعيات نفسها ستفقد سمعتها ، وتأثيرها الروحي على مقلديها .[/b][/size][/font]

95
العراق.. وجامعة الدول العربية .. وعمرو موسى.!
[/b][/size][/font]
هادي فريد التكريتي
hadifarid@maktoob.com

بعد الحرب العالمية الثانية تأسست الجامعة العربية ، بمسعى من الدول التي تهيمن على المنطقة العربية ، بريطانيا وفرنسا ، لطبخ وإنضاج القرارات السياسية ، المراد فرضها على شعوب المنطقة ، وعلى الرغم من أن الشعوب العربية تدخل ضمن هذه التسمية ـ الدول العربية ـ ، إلا أن حقيقة الأمر الشعوب كانت ولا زالت مغيبة ، ولم تمثل في هذه المنظمة ، وكان بالأحرى تسميتها " جامعة الحكومات العربية " لأن كل القرارات كانت تتخذ باسم الحكومات ، والمساعي والحلول المتخذة كانت على الإطلاق ، لمصلحة الحكام ، وضد مصلحة هذه الشعوب .
ومنذ تأسيس هذه الجامعة لم يتخذ أي قرار ، ملزم بالإجماع ، ضمن الجامعة لمصلحة شعوبها ، عدا قرارات اجتماعات وزراء الداخلية العرب ، لما فيه من مصلحة لصيانة أنظمة الحكم العربية والمحافظة عليها من حركات المعارضة الشعبية المناوئة لهذه الحكومات ،وما حدث في العراق بعد ثورة 14 تموز عام 1958 خير دليل على هذا ، حيث اصطفت كل الحكومات العربية ضد الثورة ، التي اكتسحت النظام الملكي العميل لبريطانيا .
وظلت هذه الجامعة ، الخاضعة للتأثير المصري ، زمانا ومكانا وقيادة ، مناوئة لحكم 14 تموز في العراق ، رغم شعبيته ودعم حركات التحرر العربية والعالمية له ، إلى أن تم إسقاطه في العام 1963 ، من قبل فئات قومية وطائفية ، بتمويل وتشجيع من حكومات هذه الجامعة ، ومخابرات دول أجنبية . وعلى مدى سني حكم القوميين ـ الفاشي ـ البعثي ، كان الشعب العراقي ، بكل مكوناته ، تحت حكم دكتاتوري ، ساقه لمجازر وحروب رهيبة ، داخلية وخارجية ، فالتهجير الطائفي والعنصري ، شمل آلاف العائلات ، و الغازات السامة استعملت لإبادة الشعب الكوردي ، والمقابر الجماعية للمعارضين دون حساب ، وخصوصا أثناء وبعد انتفاضة آذار 1991 .
هذه الجرائم وغيرها الكثير ، جرت تحت علم ومرأى ، إن لم نقل دعم و مساندة ، من الجامعة العربية ، ورئيسها الحالي عمرو موسى الذي كان ولا يزال من المناصرين والمؤيدين للنظام البعثي الفاشي ، ولم يحض العراق والشعب العراقي ، طيلة حكم صدام حسين الساقط ، بدعوة من رئيس الجامعة لعقد أي مؤتمر ، مثلا ، لمعالجة الوضع المأساوي الذي يعيشه الشعب العراقي ، والحصار المفروض عليه .
وكثيرا ما طالبت القوى السياسية الوطنية وأحزاب المعارضة العراقية ، الجامعة العربية ورئيسها ، الحالي ، للتدخل ووقف الجرائم المرتكبة بحق الشعب العراقي ، من قبل النظام الدكتاتوري البعثي ، إلا أن تلك الدعوات تجابه بالرفض بحجة عدم التدخل في الشأن الداخلي .
إلا أن هذه الحجة سقطت عندما سقط صدام ونظامه ، حيث احتضنت الجامعة العربية ، ورئيسها عمرو موسى ، عناصر النظام البعثي وقدمت لها كل دعم ومساندة ولا زالت تقدمه .. ومنذ أكثر من سنتين ، على سقوط النظام العراقي ، وحتى اللحظة ، لم يعلن عمرو موسى أي قول ، لا تلميحا ولا تصريحا ، يشجب أو يدين الممارسات الإجرامية التي ارتكبها النظام البعثي بحق الشعب العراقي ، رغم كل ما نشر من وثائق ووقائع في وسائل الإعلام العالمية المختلفة ، ولم يشجب القتل والتفخيخ والتفجير الذي يزرعه ويمارسه الإرهابيون ضد الناس الأبرياء في العراق ، منذ سقوط نظام البعث ، كما لم يدع لعقد أي اجتماع لمعالجة تدفق الإرهابيين من حدود دول الجوار ..
واليوم إذ يصل السيد رئيس الجامعة العربية ، إلى العراق ، بقرار من وزراء خارجية الدول العربية ، من أجل التوصل إلى حلول تساعد على إنهاء حالة الإرهاب في العراق . فزيارته هذه لم تكن بمعزل عن الموقف الأمريكي ، وفتح الضوء الأخضر لهذه الزيارة ، نظرا لما تعانيه الإدارة الأمريكية وقواتها في العراق من مشاكل وخسائر ، تعتبرها الكثير من القوى الأمريكية المعارضة داخليا لإدارة بوش ، نتيجة لتورطه في المستنقع العراقي .
فالإدارة الأمريكية وقواتها ليس لم يحققا الأهداف المعلنة في إقامة نظام ديمقراطي في العراق والمنطقة ، بل حققا فشلا أمريكيا في هذا المسعى ، لجنوح الحكم العراقي الحالي نحو الطائفية ، وإقامة حكم ديني ـ طائفي موالي لإيران ، وعدم قدرة القوات الأمريكية ، والقوات متعددة الجنسية من معالجة الموقف أو الحد منه ، لما له من تأثير سلبي على عموم المنطقة ، وهذا ما استدعى الزيارة التي يقوم بها عمرو موسى للعراق .
نتائج مباحثات زيارة الأمين العام للجامعة العربية ، التي أجراها ، يقال عنها حتى الآن إيجابية ، مع القيادات العراقية الرسمية والزعامات السياسية والحزبية المختلفة بما فيه الجانب الطائفي ـ السني ، ولقاءاته مع المراجع الطائفية ـ الشيعية ، وسفره إلى المنطقة الكوردية ولقاءاته مع القيادات هناك ، رئيس الجمهورية جلال الطلباني ، ورئيس إقليم كوردستان ، مسعود البرازاني ...
فعمرو موسى ، كما يقال " قد نجح إلى حد كبير في تقريب وجهات النظر تمهيدا لعقد أول مؤتمر للمصالحة من نوعه في العراق بين مختلف الكتل والمكونات منذ سقوط نظام صدام حسين ، وإن المباحثات قد أفضت إلى اتفاق على الخطوط العامة للمؤتمر " ..
فأيا كانت نتائج هذه الزيارة ، فهي ، وكل هذه اللقاءات ستكون موضع دراسة وتقييم لقمة ، كوردستانية ـ أمريكية في واشنطن ، بين السيد مسعود البرزاني وجورج بوش ، في الخامس والعشرين من تشرين أول الحالي .
وعلى ضوء نتائج هذه القمة سيتقرر ، سلبا أم إيجابا ، مصير عقد المؤتمر لهذه المصالحة العراقية ، الذي حدد له السيد عمرو موسى موعدا لانعقاده في 15 تشرين ثاني المقبل ، على الرغم من الشروط التقليدية ، المتشددة ، التي حددتها هيئة علماء المسلمين كشروط للمصالحة الوطنية ، والتي تخفي وراءها أهدافها في إعادة تأهيل البعث على المسرح السياسي من جديد ، إلا أن عمرو موسى لم يعتبرها شروطا " إنما هي شرح لمواقف محددة من مختلف الأطراف ..وليست شروطا تعوق الحركة باتجاه المبادرة العربية .
فهي موضوعات سيطرحها الإخوان وسنعمل على تحقيقها .."والخطورة تكمن في أن السيد عمرو موسى سيعمل على تحقيق هذه الشروط ..! كيف ؟ هذا ما يضمره كمفاجأة عند انعقاد المؤتمر ..
لا شك أن أي مؤتمر أو لقاء بين قوى عراقية ـ عراقية ، أو عراقية ـ عربية ـ أجنبية ، يشكل منحى إيجابيا ، إذا كان هدفه تحقيق السلم والاستقرار للعراق ، يتوجب على كل القوى العراقية بكل توجهاتها ، دعمها وتوفير كل ما يلزم من قدرات ، لتحقيق أقصى ما يمكن من نجاح لهذه المساعي .
وعقد مؤتمر للمصالحة ، الذي يزور العراق من أجله رئيس الجامعة العربية ، عمرو موسى ، بتكليف من وزراء الخارجية العرب ، ربما سيحقق بعض النتائج الإيجابية التي يرجوها ويتطلع لها الشعب العراقي ، في الحد من الإرهاب الطائفي المنفلت وتوفير أجواء آمنة لحياة العراقيين ، وبإلزام دول الجوار بتشديد المراقبة على حدودها مع العراق ، للتقليص من حجم وعدد المتسللين ، وغلق مراكز استقبالهم وتدريبهم على أراضيها ، وقطع مساعدات التموين والحماية لهم .
إلا أن عقده خارج العراق ، لن يساهم بشكل فعال وجدي في تحقيق الهدف المرجو من هذا المؤتمر ، لأنه سوف لن يحقق حضورا فاعلا للقوى السياسية العراقية بكل تلاوينها ، التي يهمها الوصول إلى نتائج إيجابية تحقق الهدف من عقد هذا المؤتمر ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى، ستفرض الجامعة بشخص رئيسها حضور أطراف بعثية لا زالت تمارس الإرهاب ، قتلا وتفجيرا ، بحجة المقاومة ، وبدورها ستطرح مشاريع وحلولا تعجيزية ،بهدف إفشال المؤتمر ، لن تحوز رضا وموافقة أغلبية الحضور العراقي ، لذا من الضروري أن يتم الاتفاق المسبق مع الجامعة العربية على :ـ
1 ـ عقد المؤتمر داخل العراق وليس خارجه
.2 ـ تسمية المؤتمر ب " مؤتمر للوفاق الوطني العراقي " وليس مؤتمر المصالحة ، فلا مصالحة مع القتلة والأرهابيين ، قبل أن يدينوا جرائمهم المرتكبة بحق الشعب العراقي
3 ـ الاتفاق مسبقا على تسمية القوى التي ستحضر ، مع ذكر أسماء المدعويين والجهات التي يمثلونها .
4 ـ شجب وإدانة الإرهاب بكل أشكاله وصوره ، من قبل الحضور .
إن أرادت الجامعة العربية ، فعلا ، أن تسعى للقيام بدور فاعل ومؤثر على الساحة العراقية ، وتكسب ثقة الشعب العراقي ، عليها أن تكون حازمة ، وتتخلى عن الكيل بمكيالين في تسمية الإرهاب بالمقاومة ، وتعمل على محاربته وإدانته بكل أشكاله وصوره ، القومي ـ الفاشي ، والديني ـ الطائفي بمختلف توجهاته ، الذي يرى في الساحة العربية ، وليس العراق وحده ، مشروعا لتغيير الأنظمة القائمة ، بإقامة أنظمة جديدة ، لا حدود ولا ضوابط لها ، غير ما يراه ويرسمه الخليفة أو الولي الفقيه أو الأمير الجديد...!



96
الديموقراطيون الجدد ..!
هادي فريد التكريتي
hadifarid@maktoob.com

 لدى البعض من المثقفين العراقيين والديموقراطيين الجدد ، أحكاما جاهزة ونعوتا حاضرة ، لكل من يخالف وجهة نظرهم ، فيما يكتبونه أو يعتقدونه أنه الرأي الصائب والصحيح ، وعلى الآخرين أن يمشوا وراءهم ويصفقوا لهم ، فإن خالفوهم بطرح وجهة نظر مغايرة ، وهي كثيرة ومتنوعة ، أولم يقروا لهم برأي مثلوم ، يغضبون ، ويتناسون من فرط غضبهم أنهم ينتمون لمعسكر الديموقراطية والعلمانية أو الليبرالية ، ويؤمنون بالرأي والرأي المغاير أو المعارض ، وأكاد أجزم لو أن هذا الصنف من المثقفين ، كان يمتلك السلطة والحكم ، لكان نصيب من عارضهم أو خالفهم الرأي ـ حتى وإن كان من المؤمنين بالديموقراطية والعلمانية ـ لا يقل عما كان يتخذ بحقهم من إجراءات عقابية ، في العهد الديكتاتوري .!
القضية المختلف عليها ، هي قضية التصويت على مسودة الدستور ، بنعم أو لا ، فالسيد حمزة الجواهري ، بمعالجته للموضوع المنشور على موقع "صوت العراق " ليوم 15تشرين أول تحت عنوان < الرافضة للدستور ، هم الرافضة لخروج المحتل > ، بكلمة واحدة وقبل أن يشرع في سوق أي مقدمة لمعالجة الموضوع المختلف عليه ، فهو يحكم لكل رافض للدستور ،بالموالات للمحتل لأنه لا يريد له أن يخرج من العراق، ولا أريد أن أقول يحكم بالعمالة للمحتل ، خشية أن يغضب السيد الجواهري أكثر ، لأني سأكون متقولا عليه ، لما لم يقل ، وإن كان قد قال أكثر ، فكل مصوت بلا على الدستور هو إما أن يكون بعثيا أو سلفيا.! يا لبؤس المثقفين من هذا النوع ، أين حرية الرأي التي يطالب بها ؟ أين حرية واحترام الرأي المخالف والمعارض ؟ أين الوحدة في التنوع والاختلاف ؟ أي ديموقراطية يتبنى مثل هؤلاء ؟ كيف سيتعاملون مع المناهضين لبرنامجهم ، إن لا قدر الله وفاز فكرهم بموقع الحكم في الانتخابات القادمة ...
كتب الكثير من الكتاب السياسيين والمثقفين عن الدستور ، وعن معالجات لمواده وبنوده ، ولم تبق مادة أو فقرة إلا وسلط عليها الضوء ، وقد دللت النتائج وواقع الحال ، أن المسودة طائفية وعنصرية بالكامل ولم تمثل تنوع قوى الشعب ، والذين صاغوا هذه المسودة في ظروف غير مستقرة وغير آمنة بالمرة ، لم يتحقق فيها أي اتفاق وطني .
فالطائفيون والعنصريون أرادوا فرضها بأي شكل كان لأنها تحقق لهم مآربهم الآنية ، الظاهرة والباطنة ، فالوضع ملائم لفرض ما يريدون تحت حراب الاحتلال وإرهاب السيارات المفخخة والمليشيات الطائفية ، الملثمة والسافرة ، ولن تسنح لهم فرصة أخرى أفضل ، لتحقيق ما هم مقدمون عليه ( ومن يريد المزيد فعليه مراجعة تصريحات السيد عزيز الحكيم وآخرين ممن سيطروا على لجنة الصياغة )..!
وقداعترف البعض بهذا الواقع ، إلا انهم قالوا سنصوت بنعم ، فلا خلاف ، ولا بأس فلهم منطلقاتهم ، وعليهم تقع مسؤولية اجتهادهم ولم نجد من يصفهم بالطائفية أو موالاة المحتل ، فحرية القرار للجميع ، وليس لهذا دون ذاك .
والسيد كاتب المقال لا يرى ضرورة لأن يرسم أي مواطن ما للدستور " بكلمة ( لا ) أو الدعاية والترويج لرفضه ، والدستور ما زال تحت الكتابة وسوف يعاد النظر بجميع فقراته بالكامل .."
وحتى هذا اليوم يوم الاستفتاء عليه ، لم تكتمل بعد كتابته ، ولم يحظ بعرضه على ممثلي الشعب وطليعته في الجمعية الوطنية لمناقشته ، ناهيك عن الموافقة عليه ، إذن فعلى أي دستور سيستفتي الشعب العراقي الذي لم يطلع عليه بعد ، نتيجة لعدم طرحه كاملا ، وللأمية البالغة سبعين بالمائة من الشعب العراقي ـ والحمد لله ـ ، وكما لم تتوفر لهم فرصة استخدام تكنلوجيا المعلومات لمتابعة تعديلات ما يجري على الدستور مثلما نحن عليه ! فهل مثل هكذا دستور ، وضمن هكذا واقع ، يراد منه وبه أن يكون حاميا للمواطن والشعب والوطن .؟ والسيد حمزة يعترف ب" أن العراق سوف يكون افضل فيما لو كان الدستور على غير ما هو عليه الآن .."
إذا كان الأمر ، كذلك ِلم العجلة إذن ، وِلم لَم ننتظر ونعطي للعراقيين فرصة التفكير بما هو حاصل لهم نتيجة لهذا الإرهاب ولهذه الطائفية التي ذر قرنها في البلد ، خصوصا ونحن متفقون على سيادة (قانون إدارة الدولة ) ، فهل هذه العجلة رغبة أمريكية لترسي تشرذم البلد وتجزئته ، أم رغبة طائفية ـ عنصرية تخشى أن تفقد فرصتها في توصيف وتفصيل دولة أو دول على مقاسها إن تأخر الأمر لبعض الوقت ؟ وعندما يضرب الكاتب لنا مثلا ببوش ورغبته في تغيير بعض فقرات دستور بلاده ، وهذا جيد ، فهل يجهل الكاتب كم من السنين استغرقت كتابة الدستور الأمريكي لديهم ، قبل أن ُيشرع وُيقر كدستور للبلاد .؟
وإذ يجيب الكاتب على هذا التساؤل بقوله "..هذا شأن جميع الدساتير الديموقراطية التي جاءت لأجل التوافق بين مكونات شعب يفتقد التجانس بين مكوناته ، فما بالك والحالة في العراق أعقد بكثير كنتيجة لأزمة الثقة المستحكمة بين هذه المكونات، وهذا ما لا يحتاج إلى توضيح ولا إثبات ."
فإذا كان هذا ما يعرفه ويقره السيد حمزة ، فلم إذن هذا التشنج ضد المعارضين والقدح بهم ووصمهم بالبعثيين والسلفيين عندما يعترضون على طائفية ورجعية مواد وفقرات الدستور ، وعدم صلاحيته لهشاشة مبادئ التمسك بوحدة العراق وشعبه ، وعندما لا يقره البعض ، فلأنه في توجهاته ضد المرأة وحقها في الحرية والمساواة بالرجل ، ولأنه لم يقر المواثيق والمعاهدات الدولية التي ألتزم العراق بها ، والتي أقرتها الأمم المتحدة والعراق عضو فيها ، لما فيها من مبادئ وأحكام من شأنها حماية المواطن من قهر السلطة وانتهاكها لحقوقه التي أقرتها .
فالسيد الجواهري إذ يعترف بأن الدستور " لا يرتقي للطموحات " يهمهم الكاتب بعبارات مبهمة وغير مفهومة ومناقضة للواقع عن هذه الوثيقة / الدستور ، الغير مكتملة بعد ، لا في صياغتها ولا في مدلولاتها فيقول : " فإنه ، وبعد التعديلات الأخيرة عليه ، كأن لم يكتب لحد الآن حيث سوف تتم مراجعته على مدى أربعة أشهر من قبل هيئة منتخبة يفترض ( وإذا ما انتفى هذا الافتراض ماذا ستكون النتيجة ؟)
أنها تمثل جميع مكونات الشعب العراقي ، تليها تعديلات لمدة ثمانية سنوات متواصلة ( دورتين انتخابيتين ) لعدة أبواب منه ومن ثم بعد دورتين سيكون الجزء الآخر عرضة للتغيير أيضا ، فهو إذن ما زال في مرحلة الكتابة والتي يجب أن تستمر إلى إثني عشر سنة متواصلة ولكن على مراحل ." بارك الله فيك وفي هذا الطلسم أقول : رحم الله امرؤا أدرك مغزى ومعنى هذه الفقرة وفسرها بما يرضي الله ! وذلل لنا فهمها الذي استعصى.
فلو عرضت هذه الفقرة وكل ما كتبه الكاتب ، هنا ، على لجنة جائزة نوبل في القانون لفازت بالجائزة ، كونها عصية على الفهم أولا ، وثانيا لأنها تشرع دستورا يبقى مشرعا للكتابة " إثني عشر سنة " وخلال هذه الفترة ، أراهن على عدم بقاء بلد في الخارطة إسمه عراق ، لا واحدا ، ولا موحدا، إنما طوائفا ونتفا من إمارات ، البعض منها ، فاشية عنصرية للبعث , وأخرى إسلامية ـ سلفية للأمير الزرقاوي وهيئة علماء المسلمين ، وأخريات بعضها ملحق بدولة الولي الفقيه قدس الله مرقده ، ومثلها يلحق بجيش المهدي ، عجل الله قدومه ، وما تبقى تنهض من عمق التاريخ الصفوي ( بشيل إرمق وقزيل إرمق )أو دولة : الخروف الأبيض والخروف الأسود ..
وفي نهاية المطاف يوصلنا الكاتب إلى نتيجة منطقية من مقدماته الخاطئة والمرفوضة فيقول " فإن الجهات الرافضة للدستور حاليا ( من بينهم الكثير من الكتاب الوطنيين والمثقفين الديموقراطيين والتقدميين يشملهم هذا التعميم .) لا يمكن أن تكون جزءا من النسيج العراقي بأي حال من الأحوال .."
لماذا هذا التعميم المضلل والمجانب للحقيقة ، فبعض من يعارض هذه الوثيقة الطائفية والعنصرية هم من النسيج الوطني الصلب المقاوم للتجزئة ، عراقيون ووطنيون وديموقراطيون حتى النخاع ، ناضلوا ضد كل احتلال ، إنكليزي ، فارسي أو أمريكي ، وضد كل سلطة رجعية وديكتاتورية ، وضحوا هم وعوائلهم ، ولا زالوا يقدمون بسخاء، من اجل عراق وطني ( ليس طائفيا ولا عنصريا ) ديموقراطي وموحد ، يحقق لكل فئات الشعب ومكوناته الحرية والرخاء . فإن فقدنا حريتنا ووحدتنا ، يوما ، فلن يكون إلا بفضل تنظير مثقفي الطوائف الديموقراطيين الجدد.، لا بارك الله فيهم .!

16 تشرين أول 2005[/b][/size][/font]


97
لا... لمسودة الدستور الطائفي ..!
هادي فريد التكريتي

 تطرح مسودة الدستور العراقي الجديد للإستفتاء ، فما هو الموقف الصائب من هذه المسودة /الدستور ؟

 الدستور ، فيما يعنيه أم الدساتير ، أو المرجع لكل القوانين التي ستشرع ، ولاغيا لكل القوانين المشرعة سابقا والمناقضة له ، والغرض منه ، بعد زوال النظام الفاشي ، التأسيس لكيان عراقي جديد ، والمفروض في هذا الكيان أن تظهر ملامحه الأصيلة التي غيبتها دكتاتورية الأنظمة القومية ، منذ العام 1963 وحتى اللحظة .
والمطلوب من الدستور الجديد أن يخطط لتوجهات العراق المستقبلية ، ليدوم عشرات السنين ، محافظا على وحدته وتماسك نسيجه ، وهذا يعني أن تؤسس له قاعدة صلبة للبناء اللاحق ، أي أن يكون هناك اتفاق وطني على إعداده وصياغة مواده وفقراته ، التي تجمع الشمل العراقي ولا تفرقه ، فالمجتمع العراقي متعدد الملل والنحل ، مختلف الأعراق والأديان والمذاهب ، ولا بد من أن يشكل هذا محور اهتمامات الدستور الجديد ، بعد تجربة مرة ، مر بها الوطن والشعب العراقي ، منذ الحكم العنصري الدكتاتوري ـ البعثي، مرورا بالاحتلال الأمريكي، المؤسس للطائفية الجديدة ، وتولي مجلس الحكم قيادة البلاد وفق ما أقره قانون إدارة الدولة .
وسارت على نهجه الحكومة الانتقالية الأولى، والثانية التي جاءت بها انتخابات شرعية، إلا إنها غير نزيهة ، عبر إرهاب فاشي وطائفي، حال دون إشراك قطاعات واسعة من الشعب العراقي، مما أفرز برلمانا طائفيا ـ عنصريا بمجمله ، لم يمثل الشعب العراقي ومكوناته الوطنية كما هو واقع ، وهذا ما انعكس سلبا على تشكيل لجنة صياغة الدستور ، وتشريع مواد المسودة ، التي أهملت عن عمد ، التاريخ الوطني العراقي ، وتناست تقاليد التآخي والتسامح بين طوائف الشعب ، بحيث جاءت المسودة معبرة عن نهج طائفي ، ومرسخة له ، على الضد من رأي القوى الوطنية والقومية المشاركة في لجنة الصياغة ، التي عارضت أو تحفظت على مواد أو فقرات تؤسس لنزاع طائفي أو عنصري لاحق ، ومواد أخرى تقيد حرية الفرد وتحد من نشاطه وإبداعه ، أو تنتهك حقوق المرأة الأساسية وحريتها ، عندما تخضعها لقيود الدين التي لا تنسجم مع العصر الذي نحن فيه .
وصياغة المسودة قد تجاوزت الفترة الزمنية والمدة التي حددها قانون إدارة الدولة ، إن لم تكن قد انتهكت الوقت المحدد لتقديم المسودة إلى الجمعية الوطنية لإقرارها ، والكل ي عرف أن المسودة لم يحصل عليها اتفاق بعد ، حتى كتابة هذه السطور يوم 10 تشرين أول ، ولا زال هناك تباحث حول إجراء تغييرات اللحظة الأخيرة ، ولم تنته صياغة بعض موادها والمتحاورون عليها لا زالوا في شد وجذب ، على الرغم من تسليم النسخة المعدة للاستفتاء لممثلي الأمم المتحدة .!

كثيرة هي الدساتير التي صيغت للعراق ، إلا أن أي دستور ، موقت أو دائم ، لم يحظ باهتمام العراقيين كما حظي به من اهتمام مثل هذا الدستور الذي سيصوت له أو عليه الشعب العراقي في الخامس عشر من تشرين أول ، وهذا دليل على ما لهذه الوثيقة من أهمية في حياة الشعب ، عليها يتوقف كل مستقبل العراق كله ولعشرات السنين ، فهل عالج هذا الدستور وحدة وحرية الشعب العراقي من منطلقات وقيم حضارية ، وفق مفاهيم العصر الحديث ؟ هل أخذ بمفهوم المواطنة وجعلها أساسا في تحمل الواجبات ونيل الحقوق والتمتع بهما ؟ أم ارتكز على المبادئ الطائفية المفرقة للصف الوطني وأعتبرها بديلا عن كل القيم الأخرى ؟
هل أقر مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في كل المجالات ؟ أم قيدها وفق مبادئ الدين وطوائفه المختلفة ، التي لا تقر لها بالمساواة في الأهلية والتمتع في الحقوق والواجبات . هل يصون الدستور الجديد ويحمي المواطن وحقوقه المدنية والقانونية المشروعة ، من قهر واستبداد السلطة الدينية التي أسس لها هذا الدستور ؟ لم الخوف من المادة 44 الواردة في الصياغة الأولى لمسودة الدستور ، والمتضمنة " التمتع بكل الحقوق الواردة في المعاهدات والاتفاقات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والتي لا تتنافى مع مبادئ وأحكام هذا الدستور " ليتم حذفها من آخر مسودة مقدمة للاستفتاء ؟

ديباجة مسودة أي دستور ، هي العنوان المعبر عن المحتوى ، كما هي المؤشر عن الهدف والغاية التي يرمي المشرع لها ، وكما يقال الرسالة يحمل دلالاتها العنوان ، وعنوان الدستور الجديد ، وديباجته كانت طائفية مئة بالمئة ، لا تصلح لأن تكون في مقدمة دستور جديد عانى شعبه من المآسي الطائفية والعنصرية الشيء الكثير ، وعلى امتداد تاريخه الوطني ، فهل حقيقة جاء هذا الدستور استجابة " لدعوة قياداتنا الدينية والوطنية وإصرار مراجعنا العظام وزعماء مصلحينا " أم جاء نتيجة لتدخل أمريكي مسلح أسقط أعتى دكتاتورية عرفها الشعب العراق ، فإذا كان ما يستوجب أن يقال ( لا ) لهذا الدستور فهو من أجل هذه الديباجة المضللة والكاذبة .
الحقيقة المغيبة في هذه الديباجة هي وطنية ونضال الشعب العراقي ، ووحدته على امتداد تاريخه السياسي الحديث، في مواجهة الأنظمة الديكتاتورية وقهرها ، وأمله في بناء عراق حضاري وديمقراطي قولا وفعلا ، تسهم فيه كل قوى الشعب ، على اختلاف اتجاهاته ومكوناته الوطنية ، القومية والديموقراطية ، ووحدته الوطنية كفيل بخلاصنا من المحتل وإشراف مستشاريه على كل مؤسسات الدولة ، وتنظيف عراقنا من أزلام النظام الفاشي وقوى الإرهاب الظلامية من السلفيين والمتعاونين معهم من دول الجوار ، وكل قوى الإرهاب الملثم على اختلاف توجهاتهم ، وتنوع ميليشياتهم الطائفية .

لا شك أن الكثير من القوى الوطنية القومية والديموقراطية ، حرصا منها على وحدة العراق وخلاصه من نفق الحكومات الانتقالية ، ورغبة منها في التأسيس لحكم برلماني مستقر ، أقدمت على تأييد مسودة الدستور رغم اعتراضها على بعض المواد وتحفظها على البعض الآخر ، ودعت مؤيديها للتصويت ب ( نعم ) عليها ، من منطلق توفر ظروف أفضل في المستقبل لمعالجة وتعديل المواد التي رأوا التباسا في تفسيرها أو التي لم تحض بموافقتهم ، كما هو وارد في المبادئ الأساسية من الباب الأول ، والباب الثاني ـ الحقوق والحريات ، وهذان البابان وموادهما ، من أخطر الأبواب في الدستور الحاصل عليهما الاختلاف ، والتي تستوجب دراستهما بعناية والتدقيق في محتوياتهما ومدلولاتهما .
وهناك مواد أخرى تحمل في ثناياها نزوعا طائفيا ، تساعد على ترسيخ مجلس مشرف على مجلس النواب ، رقيب عليه ، يعتبر خطوة متقدمة لبناء دكتاتورية دينية ـ طائفية أو عنصرية ، ووظائفه مبهمة ، كما الحال في مجلس الاتحاد ، والمحكمة الاتحادية التي تتألف عناصرها من عدد مجهول ، سواء القضاة أم رجال الفقه والشريعة ، وهذا ما يشكل خطورة غير مسبوقة بتشكيل محكمة من هذا النوع ، إضافة على المادتين 114 و115 التي تؤسس لحكم الأقاليم بعد مدة قصيرة من انعقاد مجلس النواب الجديد ..
القوى السياسية التي راهنت على إمكانية تعديل بعض مواد الدستور المختلف أو المتحفظ عليها ، من منطلقات عاطفية ، تتجاهل عن عمد أو عن حسن نية ، واقع القيود التي وضعتها لجنة صياغة المسودة على التعديل لاحقا ، فإن كان إقرار المسودة تم عن طريق أخذ جرعات مفتتة للخلاف في أوقات مختلفة ، وبعيدا عن موافقة الجمعية الوطنية ، وبشكل غير أصولي وغير مبدأي ومخالف لنص قانون إدارة الدولة .
فإن التعديل لم يمر بمثل ما أقر ، فقد وضعت المادة 122 أولا وثانيا ، قيودا من الصعب تخطيها للوصول إلى تعديل ما ، مهما كان بسيطا ،فتعديل ، كل أو بعض مواد ، المبادئ الأساسية الواردة في الباب الأول والحقوق والحريات الواردة في الباب الثاني لا يتم " إلا بعد دورتين انتخابيتين متعاقبتين ، وبناء على موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب عليه وموافقة الشعب بالاستفتاء العام ومصادقة رئيس الجمهورية .." وتعديل لأي دستور وفق هذه الضوابط يعتبر مستحيلا في ظروف العراق الحالية ، ولعشرات السنين ، إن بقي الشعب العراقي مكافحا من أجل وحدته ، فهذا من شانه تكريس كل النواقص والسلبيات التي تضمنتها المسودة ، والتي من شأنها أن تلحق ضررا بالغا في العلاقة بين مكونات الشعب العراقي ، أما إذا ضعفت قدراته على المقاومة والصمود ، فهذا يعني نهاية ما يسمى بالعراق الموحد ، أرضا وشعبا ، وستبتلعه تقسيما وتجزءة دول الجوار .

من كل ما تقدم وحرصا على وحدة العراق أرضا وشعبا ، ورغم كل السلبيات التي يعاني منها الفرد العراقي حاليا ، وعودة لواقع يقودنا إلى المربع الأول من الحكومات الانتقالية التي هي أقل ضررا من واقع سلطات دولة وحكم وفق دستور طائفي دائم ، تسود فيه قوى الائتلاف الطائفي ، لا أحد يعلم ما تخطط له ، وإن كان المواطن العراقي بدا يتلمس بداية أفق مظلم ، مقارنة مع قانون إدارة الدولة ، المشرع من قبل بريمر ، الذي هو أرحم ألف مرة بالعراق والعراقيين ، رغم ما اتصف به من نزوع طائفي ومحاصصة بغيضة ، إلا انه يبقى قانونا انتقاليا لفترة زمنية مؤقتة ، يفسح في المجال للقوى المغيبة قسرا ، والمعارضة سلميا ، من الدخول في العملية السياسية ، لتغيير واقع الحال الطائفي السائد ، وتشريع مسودة لدستور جديد أخرى أقل ضررا ، إن قلنا ( لا ) ! لمسودة الدستور المستفتى عليها يوم 15 تشرين أول .[/b][/size][/font]


98
الحكم لا زال بيد أمريكا أيها السادة ..!!

هادي فريد التكريتي
04-10-2005

لم تكن الخلافات بين شركاء الحكم ، الائتلاف الشيعي والقائمة الكوردستانية ، جديدة العهد ، والخلاف على من يمثل العراق في الجمعية العمومية ، بين السيد جلال الطلباني رئيس الجمهورية والسيد رئيس الوزراء ، الذي طفا على السطح ، لم يكن إلا ما يشبه ظهور القيح الذي تفرزه دمامل المرض ، وليس هو المرض الذي استفحل ، إنما علاجه ما عاد قادرا عليه ، طبيبه ،إلا باعلانه للملأ ، فالمادة السادسة والثلاثون من قانون إدارة الدولة صريحة في هذا الخصوص ، حيث نصت على ' تنتخب الجمعية الوطنية رئيسا للدولة ونائبين له يشكلون مجلس الرئاسة التي تكون وظيفتهما تمثيل سيادة العراق ولإشراف على شؤون البلاد العليا .'
إذن سيادة العراق وتمثيلها منوط بمجلس الرئاسة ، أي أن رئيس الجمهورية ونائبيه هم من يمثلون السيادة العراقية في الداخل والخارج ، وما رغبة السيد رئيس الوزراء الجعفري في تمثيل العراق ، إلا إظهار بعض تمرد على المادة الخامسة والثلاثين التي تنص على ' تتكون السلطة التنفيذية في المرحلة الانتقالية من مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء ورئيسه ' التي طالب بها رئيس الجمهورية أن توضع موضع التطبيق وأن لا ينفرد السيد الجعفري في رسم وتنفيذ سياسة الحكومة وفق ما يريد ويشتهي .
فرئيس الوزراء ، الجعفري، يرى في إشراك مكتب الرئاسة وبالذات رئيس للجمهورية ، قيدا ثقيلا يحد من توجهاته الطائفية ويحجم من ممارساته التي يريد لها أن تكون بلا قيود طالما هو مدعوم من أكبر كتلة برلمانية ، وهذا ما تمثل بزيارته إلى إيران ، وإبرام اتفاقات لغير صالح العراق ، والتي لم تحض بتأييد ليس من شركاء الحكم في القائمة الكوردستانية فقط بل من غالبية الشعب العراقي التي ترى بالإتفاقيات المبرمة تفريطا بحقوق العراق ووضع ثرواته ، من ماء وبترول تحت تصرف الحليف الطائفي ، بل رب نعمة وسند كل الفصائل الطائفية ومليشياتها التي لا زالت تقبض أجورها وكل ما هي فيه من نعيم من إيران ومؤسساتها المخابراتية .
كما أن إقدام رئيس الوزراء ، الجعفري ، ووزير داخليته جبر صولاغ ، على إطلاق سراح المئات من السجناء الإيرانيين ، المحكومين بمدد مختلفة نتيجة لارتكابهم جرائم عادية ، تهريب مخدرات وأسلحة ، والقيام بنشاطات تخريبية وتجسسية تمس أمن ووحدة وحرية الشعب العراقي ، دون الرجوع إلى أخذ موافقة الرئاسة ، ودون الرجوع إلى المجلس التشريعي لاستصدار قانون بهذا الخصوص .
كما أن السياسة الطائفية التي يتعرض لها الشعب العراقي في مدنه الجنوبية ، على أيادي المليشيات ، قوات بدر وجيش المهدي ، والتدخل الإيراني السافر في الشأن العراقي ، الذي نبه وأشار إليه الغالبية العظمى من الكتاب والمثقفين والمنظمات السياسية والحزبية ، ومنظمات حقوق الإنسان ، العراقية والأجنبية ، أثار كل هذا نذر خلاف وعدم ثقة ، ناهيك من أن التحالف الكوردستاني يتحمل مسؤولية سياسة الحكومة في كل شأن يخص العراق ، ويخضع لحق مساءلة العراقيين الوطنيين له ، عن الإنتهاكات التي يتعرض لها العراق وشعبه .
فالكورد ليس هم شريك مساومات لحكم المنطقة الكوردية فقط ، وإطلاق يد للمنظمات الطائفية في التحكم بباقي العراق ، بل شركاء أصلاء في المسؤولية في كل ما يحدث في العراق وما يصيب المواطن ، والتحالف الكوردستاني ، مطالب بوضع حد للانتهاكات والخروقات التي تحدث في العراق ، من قبل القوات غير النظامية وغير الشرعية ، وكل ما يحدث في العراق من انتهاكات للمواطن وحريته هي من نتاج هذه القوات التي تتمتع بحماية الدولة ، بشقيها الطائفي الشيعي والقومي الكوردي.
فتصحيح هذا الواقع ، والوقوف بمواجهة هذه الإنتهاكات التي يتعرض لها المواطن ، وما يتعرض له الوطن ، من إخلال في سيادته من قبل المخابرات الإيرانية ، وفتح الحدود أمام المواطنين الإيرانيين بهدف تغيير الواقع السكاني للعراق ، كل هذا جزء من هذا الخلافات الحاصلة ، بين السيد رئيس الجمهورية والسيد الجعفري رئيس الوزراء ، ولا يمكن للقائمة الكوردستانية المشاركة في الحكم ، أن تكيل بمكيالين عندما لا توافق على فتح أبواب كوردستان أمام العرب أو القوميات الأخرى للسكن وتغيير الواقع السكاني في كوردستان ، وتغمض العين عن تهجير مئات العوائل من البصرة ، على أساس ديني أو طائفي ، وغيرها من المدن العراقية الأخرى ، ليحل محلهم مئات الآلاف من الإيرانيين لتغيير الواقع السكاني في العراق ، لصالح إيران ، ولرغبة طائفية مقيتة تفرض بالإكراه ، أو التهديد بالقتل ، خصوصا وإن التصويت على الدستور والانتخابات القادمة على الأبواب .
كل هذا يتطلب قمعا للمواطن ، وانتهاكا لحريته ، ومسؤولية تريد أن تعتم عليها حكومة الجعفري والتهرب من استحقاقات المساءلة والحساب عما قدمت وما نفذت من بيانها الوزاري ،، ولا ترى حقا للتدخل من جانب رئاسة الجمهورية ، ولا باقي الحكومة المتمثلة بالوزراء ونواب رئيس الوزراء ..

ما يعانيه الجعفري من خلافات مع الكورد ، وبالذات مع رئاسة الجمهورية ، ليس مصدره رغبة تفرد الجعفري وإطلاق يده في الحكم بالعراق العربي فقط ، بل وأيضا نتيجة أزمة بين وزرائه من قائمة الائتلاف ' الطائفية ' من جهة ، ومن الجهة الأخرى عدم فهم أو استيعاب هؤلاء الوزراء أن لكل منهم اختصاصاته التي لا يحق له تجاوز حقوق أو اختصاصات وزارات أخرى ، مهما كان شاغلها ، قومي كوردي أم عربي طائفي ، أو غيره من الراطنيين بالعربية .
فعندما تشعر دول الجوار ، وبغض النظر عن نظام الحكم فيها ، كالسعودية مثلا ، عن تهديد مصالحها نتيجة ما يجري في العراق ، فينتقد وزير خارجيتها ، أو يحذر الدولة أو الدول ذات الشأن في العراق ، كأمريكا مثلا ، التي لا زالت تراقب أداء الحكم الطائفي وانفتاحه على إيران في كل اتجاه ، وقواتها تجوب الأراضي شرقا وغربا وشمالا وجنوبا ، وعلمها يرفرف على أعلى صارية في الموقع السيادي العراقي وهو القصر الجمهوري ، ويقول وزير الخارجية السعودي بفم ملآن لأمريكا ، إنك تعرضين العراق وشعبه لمخاطر التجزئة والاستباحة الإيرانية ..!
فبغض النظر عن صواب أو خطأ ، هذا النقد والتحذير ، وهل يعتبر تدخلا أو لا تدخل في الشأن العراقي ، فهناك من هو مسؤول عن هذا الأمر ويتحمل مسؤولية الرد أو السكوت عنه ، فليس من حق وزير الداخلية ، المهندس بيان باقر جبر صولاغ الزبيدي ، أبو محمد ، ان يرد عليه سلبا أم إيجابا ، و يتدخل في أمر هو ليس من اختصاصه ولا مطلوب منه معالجته ، وغير مسؤول عنه بالمرة ، عليه أن يعالج أمر وزارته وأن يأمن حماية المواطن العراقي ، الذي تدنى أمنه وتقلصت حريته أكثر فاكثر منذ أن تولى مسؤولية وزارة الداخلية .
فقد ازداد عدد الملثمين من قوات بدر وجيش المهدي ، التي تجوب الشوارع والساحات ، وأصبح القتل يجري علنا من قبل هذه المليشيات وهي تلبس الزي الرسمي ، ودون مساءلة ، فإذا كانت قوى الإرهاب الطائفي وأنصار النظام الساقط ، وقوى العربان المتأسلمة الفاقدة لكل القيم .
إذا كانت هذه القوى تقتل على الهوية ، فإن الفساد المستشري في أجهزة الحكم بكل مفاصله ، ولا نستثني منه، ما يجري في وزارة الداخلية التي يحكمها السيد بيان جبر ، يساهم في قتل الناس وتجويعهم على الهوية أيضا , بحرمانهم من وظائفهم ، وعدم استردادهم لحقوقهم المغتصبة على مر العهود الديكتاتورية ، والتي يساهم في اغتصابها الحكم الطائفي الحالي ، من مصادرة لممتلكاتهم ليستولي عليها أزلام الطائفية ..
كان على السيد وزير الداخلية أن لا يهرب إلى الأمام في مهاجمة الآخرين ، لغرض في نفسه ، وللتخلص من مسؤولياته بعدم قدرته على معالجة هموم المواطنين المسؤولة عنها وزارته وفيما هو قادر عليه ، ودون الدخول في تعقيد خطوات الحلول التي يساهم فيها المجتمع الدولي ، فالسيد صولاغ ليس من حقه التهجم على السعودية وبكلام رخيص ، ليحرج وزير الخارجية العراقي في موقعه بين ممثلي الدول العربية في جدة ، الساعية لإيجاد حلول تساعد على إنهاء الإرهاب أو التقليل منه ، ليعتذر عن حماقة غيره حاول الإساءة للعراق بدفاعه عن إيران وتدخلاتها في الشأن العراقي التي لم تعد سرا على العالم أجمع ، وإن لم يصدق السيد صولاغ فليذهب إلى البصرة ليرى بأم عينه ..
ما كان هناك من مبرر أخلاقي أو مهني من استخدام عبارات جارحة بحق السعوديين ، فهل هو عار إن ركب السعوديون الإبل أو يحلبونها ؟ ألم يسمع بقول الشاعر : ( أنتم خير من ركب المطايا..) فالعربان كلهم ، إن كان صولاغ واحدا منهم ، في سابق عهدهم ، يركبون ويحلبون الإبل ويقتنونها ، ولا زالوا ، يفاخرون بها فهل من عيب في هذا ؟ ، وهل يتذكر السيد بيان جبر موقعه عندما كان في دمشق ، قبل أن يتسلق مركز المسؤولية لتمثيل المجلس ؟ وهل دفاعه عن إيران كان بدافع طائفي أم بدافع قومي أم عن كليهما ، أم هناك أسباب أخرى نجهلها ؟

العراق بمجموعه لا زال من مسؤولية أمريكا والقوات المتعددة الجنسيات ، والحكم بكل تشكيلته خاضع لمسؤولية ورقابة المستشارين الأجانب في كل الوزارات والمؤسسات المهمة ، ومن يريد معرفة المزيد ، مراجعة التقرير الذي أعده الشخصية الثانية في حزب الدعوة الإسلامية السيد جواد المالكي ، أبو إسراء ، رئيس لجنة السيادة في الجمعية الوطنية فسيرى دور المستشارين الأمريكان أو الإنكليز في السياسة العراقية أو القرار العراقي !
فلا تصح المزايدات الطائفية أو الوطنية على واقع لم نملك من أمره شيئا ، فكل شيء بيد قوات ' الاحتلال ' والقوات المتعددة الجنسية ، فلا السيد رئس الجمهورية ولا السيد رئيس الوزراء ولا أي من غيرهما قادر على تغيير النهج والمخطط الذي ترغب بتنفيذه الأجندة الأمريكية ، فالصراع في أجهزة السلطة والحكم ، لا يحله لا الجعفري ولا السيد عزيز الحكيم ولا حتى السيد رئيس الجمهورية الطالباني ، الحل بيد الإدارة الأمريكية ، والولايات المتحدة ربما تسترشد بما يقدمه لها الخبراء والمستشارون من مقترحات ، إلا أن رأيها هو المعول عليه ، ورأيها اليوم أن السيد عادل عبد المهدي هو من تراهن عليه في الفترة الزمنية اللاحقة عندما تحين فرصة انسلاخه من المجلس الأعلى للثورة الإسلامية ، ويشكل حزب' العدالة ' المرتقب.
وليس غريبا على أمريكا أن تلعب على كل الحبال،كما وليس غريبا كذلك أن يقع على السيد عادل عبد المهدي الاختيار ، وهو من تنقل بين كل الأحزاب السياسية العراقية ، فقد جرب حزب البعث والحزب الشيوعي والحركة الإسلامية الطائفية ز
ولا مانع من أن يجرب التعامل المباشر مع الأمريكان ، وهم راغبون فيه ، وهو راغب فيهم ، وخصوصا إذا علمنا أن الجعفري قد احترقت ورقته وما عاد تحالف الحكم القديم ممكنا بوجود الجعفري، فقد سئمت أمريكا حكما طائفيا ـ إيرانيا ، فاقعا ، في العراق يتوطد يوما بعد آخر ، ينزع مصداقيتها في إقرار توجهات ديموقراطية في العراق والمنطقة ، وهي لا تريد هذا ! فعلى الحكم وأركانه أن يتذكر أن امريكا لازالت تحكم العراق ..!!

4 تشرين أول 2005
hadifarid@maktoob.com[/size][/font][/b]

99
هل من علاقة بين التصعيد في البصرة والتحالفات الجديدة ..؟
هادي فريد التكريتي
hadifarid@ maktoob.com

افتعلت القوى التي تحكم البصرة ، إلقاء القبض على جنديين بريطانيين بملابس مدنية ، وأيا كانت الأسباب ، فالشرطة أولا هي المسؤولة عن اعتقالهما ، والقضاء ثانيا هو الجهة التي يبت بأمرهما ، ولا يستحق الأمر كل هذا التصعيد والتحريض ضد القوات البريطانية ، وقد تناست قوى الحكم لطائفي في البصرة ، أن القوات البريطانية ، المتعاونة مع القوات الأمريكية ، هي التي ساعدت على تحرير العراق وتسنم هذه القوى مقاليد الحكم والسيطرة على المدينة ، ولولاهم لظل حتى اللحظة العراق كله ، يرزح تحت حكم الطاغية والنظام الساقط ، ولظلت هذه القوى كذلك حتى اللحظة حبيسة معسكراتها في إيران ، إيران التي تدعم وتحرض وتمد مثيري الفتنة بكل وسائل القوة والإستقواء على العراقيين .
لقد نبه الكتاب الوطنيون ، والمنظمات الحزبية والمهنية ، ومنظمات حقوق الإنسان ، الحكومة في مختلف مراحلها على خطورة الوضع ، وما يجري في العراق بشكل عام ، والبصرة بشكل خاص ، مدللين بالوقائع على التدخل الإيراني في كل شؤون المدينة ، من خلال سيطرة رجل المخابرات والكوادر العسكرية الإيرانية على تنظيمات ما يسمى ' بجيش المهدي ' و' قوات بدر ' ، إلا أن الحكومة لم تكن قادرة على فرض سيطرتها ، ليس على البصرة لوحدها ، بل على كثير من مدن العراق الأوسط والجنوبي ، التي هي خارج سيطرة عصابات البعث والقوى الإسلامية المتطرفة من وهابيين وزرقاويين ، وذلك بسبب تداخل سلطة الحكومة مع سلطة ونفوذ المشرفين على هذه المليشيات والتي هي أكثر فاعلية ومضاء من كل الحكومة وأركان الحكم ، بشقيه القومي الكوردي والطائفي الشيعي .
فهذه المليشيات ، مهمتها بالأساس منذ تشكيلها وحتى اللحظة تنفيذ المخطط الإيراني في العراق للسيطرة على مياهه ونفطه ، وفي اللحظة التي نحن فيها ، ترمي السياسة الإيرانية إلى إفشال كل ما له علاقة بالعملية الديموقراطية التي ستجري يوم 15 تشرين أول بالاستفتاء على الدستور ، والتحضير للانتخابات القادمة ، التي تتهيأ لخوضها كل قوى الشعب العراقي، وهذا ماسيغير الكثير من الوقائع العراقية على الأرض ، والتي لن تصب في مصلحة إيران ولا لمصلحة القوى التي تعمل لمصلحة إيران .
كما تكون بالمقابل لغير مصلحة الحكومة الحالية التي أثبتت عدم قدرتها على معالجة الوضع المتدهور ، أمنيا واقتصاديا واجتماعيا ، في المدن الخاضعة بالكامل للسيطرة التي يحكمها الائتلاف الشيعي ، والتي تثير ميليشياته الصعوبات ضده ، مفضلين المصلحة الإيرانية ، في إبقاء الأوضاع المتدهورة في العراق تزداد سواء ، غير عابئين بالنتائج السلبية التي ستلحق بحكم الائتلاف ، طالما هذا يخلق صعوبات بوجه القوات ـ متعددة الجنسية ـ الأمريكية والبريطانية.، التي تراهن عليها السياسة الإيرانية في مواجهتها لإفشال سياسة هذين البلدين في العراق والمنطقة .
عشية أحداث البصرة المفتعلة الأخيرة مع القوات البريطانية ، أعلنت قوى سياسية عراقية عن تشكيل ' تحالف القوى الوطنية والديموقراطية ' يهدف هذا التحالف إلى صياغة موقف موحد من الدستور والاستفتاء عليه ، كما يهدف بدعوة القوى الوطنية والديموقراطية لتأييد مشروعه ، وتوحيد المواقف فيما بين هذه القوى بشأن الانتخابات القادمة ، والمساهمين في هذا المشروع ، الحزب الشيوعي العراقي ، والحزب الوطني الديموقراطي ،والحركة الاشتراكية العربية والتحالف الوطني الديموقراطي والتجمع القاسمي الديموقراطي ، إضافة للقوى الكوردستانية ، المتمثلة بالاتحاد الوطني الكوردستاني، والحزب الوطني الديموقراطي الكوردستاني ، حليفا قائمة الائتلاف الشيعية في الوقت الحاضر .
وهذا ما سيؤثر إيجابا على التشكيلة البرلمانية اللاحقة ، لصالح القوى الوطنية والديموقراطية ، وبما أن القوى التي سيضمها هذا ' التحالف ' ذات تاريخ وطني عريق على الساحة العراقية ، فستكون نتائجه ذات تأثير مباشر وفاعل في تحجيم القوى الطائفية ، التي يعتورها اليوم التمزق وعدم خضوع من يمثلونها في المحافظات لقرارات الحكومة.
ما يميز هذه الفترة التي تسبق الإستفتاء والانتخابات ، هو تنوع وكثرة اللقاءات بين أعداد كثيرة ومختلفة من القوى السياسية الوطنية والديموقراطية والليبرالية والقومية والدينية ، من الطائفتين الشيعة والسنة ، هدفها تشكيل جبهة عريضة بوجه الائتلاف الشيعي ، وستعقد كل هذه القوى مؤتمرا لها يوم 25 أيلول ، الهدف منه ' تجاوز المرحلة التي تمر بها البلاد وتداعياتها الخطيرة التي أوجدت انقساما طائفيا ومذهبيا في العراق ' وقد صرح السيد توفيق الياسري أحد رموز هذا المؤتمر بالقول ' المؤتمر نتاج فهم مشترك بين الحركات والأحزاب السياسية التي تلتقي مع علاوي في دائرة واحدة ، هي دائرة التيار الليبرالي لإيجاد وعاء تلتقي به الأطراف التي تشترك في الرؤى والتوجه ..' وقد أُطلق كذلك تسمية ' كتلة الوسط والآعتدال ' على هذا المؤتمر لأنه كما قال السيد هاشم الشبلي وزير العدل السابق وعضو الحزب الوطني الديموقراطي ( الجادرجي )' دعوة إلى التوازن السياسي لا سيما أنها وسط بين بين كتلتين إحداهما تمثل التطرف العرقي والأخرى تميل إلى التطرف الديني ' .
وقد علق السيد جواد المالكي ـ أبو اسراء ـ عضو كتلة الائتلاف والشخصية الثانية في حزب الدعوة ' أن فاعلية كتلة الوسط والاعتدال تتوقف على عوام مهمة تتمثل في مدى الدعم الشعبي الذ ستحضى به ' إلا انه لم يخف قلقه من أن هذه التحالفات إن استطاعت أن تتجاوز همومها ومطالبها الذاتية ، وتطرح الهم الوطني وما يحيط بالبلد من مخاطر نتيجة للسياسة الطائفية وتوجهاتها نحو إيران، ستسحب البساط من تحت أقدام الائتلاف الشيعي الذي يراهن عليه السيد المالكي حيث يقول لجريدة الحياة ' إن الاستقطاب الطائفي والعرقي بات أمرا واقعا وله امتدادات لدى السنة والشيعة والأكراد على حد سواء ، ونظام المحاصصة والتخندق مثل الحلول الطافية على السطح ، والتي من الصعب اختراقها ومعالجتها ، ...
والكتلة ـ الوسط والاعتدال ـ ستبقى محدودة المساحة إذا ضمت عناصر سلبية وبعثيين سابقين ..' والسيد المالكي ينسى أو يتناسى أن المحاصصة والتخندق وتقسيم العراقيين إلى شيعة وسنة وطوائف وأعراق وقوميات ، كانت كلها حبال فتلها حزب الدعوة طائفيا منذ تأسيسه ، ولاحقا لعبت عليها قوى الأسلام الطائفي المتحالف معها ، والتي لم تستطع تقديم البديل الأفضل والأمثل لحل المشاكل العراقية ـ وحزبه يساهم في قيادة الائتلاف في البرلمان والحكومة ـ وعندما تطرح على السيد الجعفري الأزمة التي تفتعلها ( حكومة البصرة ) مع القوات البريطانية ، يصدر بيان الحكومة متجاوزا الأزمة ، كما يتجاوز واقع البصرة منذ اشهر وهي خاضعة لحكومة الفقيه الإيرانية ليقول ' ليست هناك أزمة سياسية بين الحكومة العراقية وحكومة المملكة المتحدة ، كما يشاع في وسائل الإعلام ، بل هناك حوارا مباشرا بين الحكومتين ، وهناك تحقيق جاري من قبل وزارة الداخلية العراقية بشأن تلك الأحداث ..'
أي حوار يعني السيد الجعفري ، هل هو حوار حرق ' دبابات الحلفاء ' التي جاءت بكم إلى الحكم ؟ أم حوار اعتقال الجنود البريطانيين من قبل الشرطة وتسليمهم إلى المليشيات التي تأتمر بأمر إيران وجهاز مخابراتها ؟ والتي أثبت الواقع أنكم غير قادرين على تعيين شرطي أو عزله أو نقله من مكانه أن لم توافق إيران ؟ وهل يعتقد السيد رئيس الوزراء أن السيد بيان جبر صولاغ وزير الداخلية ، قادر على فهم ما وراء اللعبة التي افتعلتها شرطة ' حكومة البصرة ' وما تهدف إليه ، لذلك وقبل أن يسأل ، إن كان قادرا على توجيه سؤال لمسؤول في البصرة ، أو أن يحقق مع أي كان ، يسارع بالإجابة السيد الوزير ، فيقول لا فض فوه ، عن قناعة وثقة ' لا أصدق الرواية البريطانية بشأن ما حدث في البصرة ؟؟' طيب إذا كنت لم تصدق الرواية البريطانية فما هي الرواية الإيرانية التي تصدقها وتريد أن تسمعنا إياها ؟
استقرار العراق وتحسن أوضاعه الأمنية ، وما ستكشف عنه نتائج الاستفتاء على الدستور والانتخابات القادمة ، إن تكللت بنجاح ، فمجيء حكم عراقي وطني ، يتمتع بثقة الشعب العراقي بعيدا عن الطائفية والمحاصصة ، وهذا ما يثير المخاوف الإيرانية ويزيد من قلقها ، مما يعجل بأن تدفع بعناصرها المتواجدة بكثافة في البصرة وبقية المدن الجنوبية ، على التشدد ضد كل مظهر من المظاهر الديموقراطية ، و ضرورة إبقاء المشاكل الأمنية والحياتية ، التي يعاني منها المواطنون قائمة ، لإطالة أمد الإرهاب وإضفاء حالة دائمة من القلق تسود الشارع ، والخوف من القتل والتهجير مهيمنا ، كما حصل سابقا في البصرة نفسها ، وكما يحصل الآن من توتير للعلاقات مع القوات الدولية البريطانية .
الغرض منه زعزعة الثقة بهذه القوات ومن ثم المطالبة برحيلها ، كما هو واقع فعلا ، ليخلو الجو للمخابرات الإيرانية وقواتها العسكرية في دعم ومساندة المليشيات الطائفية ، من قوات بدر وجيش المهدي ، لأن تمارس إرهابها ضد المواطنين تمهيدا لأجواء تزوير الانتخابات القادمة، التي تضمن لها غلق المنطقة بوجه القوى الوطنية والديموقراطية ..
فالطائفية ومن ورائها إيران ، لا يقلقهما مثلما هو وجود قوى سياسية تتنافس ديموقراطيا على نيل ثقة المواطن ، وفق برنامج وطني يحقق للشعب مطالبه العاجلة التي يشكو منها ، ويوفر أجواء الأمان والطمأنينة للمواطن ، وهذا ما سينعكس سلبا على الحكم الإيراني الذي يفرض هيمنته بوسائل التضليل والتزوير على مناطق عربستان المحرومة من حقوق المواطنة الحقة التي يتمتع بها أبناء القوميات العراقية والتي ضمنتها لهم مسودة الدستور رغم كل عيوبها .. [/b] [/size] [/font]

100
تخبط ومحاولة تقسيم ..!
هادي فريد التكريتي
hadifarid@maktoob.com

منذ أسبوعين والدم العراقي ينزف بغزارة ، والضحايا كلهم من الباحثين عن لقمة العيش ، والأجهزة الأمنية الحكومية المعنية بمكافحة الإرهاب ، غير قادرة على وضع حد أو للتقليل من هذه لعمليات الإرهابية المجرمة رغم الوعود الحكومية بضرب الفاعلين ، بيد من حديد ، والنتائج كانت ولا زالت في تدن وتراجع ، نتيجة لتخبط هذه الأجهزة في رسم خططها الأمنية وتنفيذها ، فما أن تشرع في تطبيق خطة أمنية ما ، حتى تسارع إلى إلغائها والبدء بوضع خطة جديدة ، كما تبدأ باستبدال وعزل هذا المسؤول أو ذاك ، إن هذا الارتباك يدلل أن القائمين على القيادة غير واثقين مما يخططون له ، من جهة ، ولنقص في معلوماتهم الاستخباراتية الحاصلين عليها ، التي تُبنى عليها هذه الخطط من جهة أخرى .
وبغض النظر عن هذا التخبط الحكومي في خططه لمكافحة الإرهاب والحد منه ، فالإرهابيون ، على مختلف توجهاتهم الفكرية والعقائدية ، وقياداتهم المسؤولة عن التخطيط والتنفيذ لأعمالهم الإرهابية ، فهم على الغالب ، يتمتعون بسرعة الحركة ، والقدرة على تغيير مناطق تواجدهم ، وتغيير أساليب عملهم ، كما يتمتعون  بكفاءات قتالية عالية ، وانضباط في القيادة العسكرية ، يفتقر إليها قادة وموظفو الأجهزة الأمنية الحكومية ، فمنفذو العمليات الإرهابية من بينهم ضباط عراقيون كبار، مارسوا العمل العسكري ، التعبوي والاستراتيجي واللوجستي ، قبل سقوط النظام ، وقد ُدربوا كذلك على تنفيذ عمليات حرب مدن وشوارع ، في العراق وخارجه ، تحسبا لسقوط النظام الذي كانت تتوقعه القيادة البعثية منذ وقت طويل وكما هو معترف به من قبل الأرهابيين ، كما لا أحد يخامره الشك من أن أغلب قوى الإرهاب ، وقياداتهم العسكرية والمدنية ، هم من البعثيين العراقيين سنة و شيعة ، وقوميين عرب وإسلاميين وهابيين .
فالنظام السابق لم يكن طائفيا بقدر ما هو قومي عنصري وفاشي ، لذا فقد حوت تنظيمات جيش المهدي الشيعية كوادر عسكرية ومدنية بعثية موالية للنظام السابق ، ولا زالت تعمل لصالحه في هذا المجال أو ذاك ، وهذا ما يوفر مصدر معلومات مهمة لقوى الإرهاب على مختلف انتماءاتها ويجعلها تحقق نجاحات في عملياتها الإرهابية ، ولم تكن هذه العمليات تستهدف الشيعة فقط ، كما تريد أن توهمنا الحكومة ، فعملياتهم  تضرب في كل الاتجاهات دون تمييز ، على الرغم من التصريحات المنسوبة للزرقاوي بإعلان حرب إبادة ضد الشيعة ، إلا أن هذا ليس كل الحقيقة ، فتتمة هذه الحقيقة ، هو أن الحكم العراقي هو حكم طائفي ، متعاون مع طرف قومي كردي ، إلا أن هذا الطرف لا يهمه ما يجري في العراق العربي من طائفية بغيضة ، تمارس تضليلا ، على الشعب العراقي ، باسم الشيعة أو باسم الأكثرية في الجمعية الوطنية .
فالعراق الشيعي ليس كله طائفي أو يدين بالولاء للطائفية ، ففيه قوى وطنية عريقة تنبذ الطائفية بكل أقسامها وأبعادها ،كما فيه مناضلون شيوعيون وليبراليون ، وديموقراطيون مستقلون وقوميون ، أطباء ومهندسون ومحامون وأساتذة وعلماء جهابذة بنوا مؤسسات علمية رائدة ، , وغيرهم من عمال وفلاحين ونقابيين .
والكثير الكثير علمانيون لا يقرون بغير المواطنة للعراق ، وهم من مختلف النحل والطوائف والأديان ، إن كان كل هؤلاء من المذهب الشيعي ، فهم لا يعترفون بالطائفية وعاء سياسيا لهم بل يرفضون أن يمثلهم تيار إسلاموي طائفي يتاجر بهم ، كما يرفضون أن يدخلوا ضمن هذا التقسيم الطائفي قسرا وبالإكراه ، لذلك يقتلون علنا وغيلة ، في مدنهم وبيوتهم .
وآخرون معرضون للقتل والاغتيال والتهجير ، العشرات من الجثث المجهولة الهوية التي تعلن عنها الحكومة يوميا وباستمرار ، دون أن تعلن جهة إرهابية ما مسؤوليتها عن هذه الجرائم ، في مناطق شيعية وسنية ، لا فرق ، فهل تأكدت الجهات المعنية عن أسباب قتلهم برصاصة أو رصاصتين في الرأس وهم معصوبو الأعين وملقاة جثثهم في النهر أو في الساحات العامة ، ولِمَ لم تكشف الحكومة عن اسمائهم وهوياتهم ومجالات عملهم ، ومن بين هؤلاء القتلة من هم ينتمون لميليشيات طائفية تحتضنها أجهزة حكومية وأمنية ، لأنها باعتراف مسؤولين تقع في مناطق تسيطر عليها قوى و أحزاب طائفية متنفذة، وميليشيات يعاد الحديث عنها لإضفاء طابع قانوني عليها، وإذ نتابع الوقائع يتضح لنا مايلي :ـ

قبل شهرين تقريبا ، التقى السيد رئيس الوزراء الجعفري بشيوخ ووجهاء محافظة ديالى ـ وليس بممثلي المنظمات والأحزاب السياسية والوطنية ـ وطرح عليهم قضية الإرهاب ومكافحته وكيفية علاجه ، ومن ضمن ما طرح ، تشكيل لجان شعبية مسلحة في المدن والأحياء ، لمواجهة الإرهاب ، وعقب بحياء على مقترحه " إن هذا مجرد مقترح لم يتبلور بعد "، لم طرحه إذن ؟
ولم يعاود طرحه مرة أخرى ، لسبب مما ، ربما لأنه لم يكن مقتنعا به ، وربما لعدم وجود ميليشيات لحزبه تماثل ما للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية ، كقوات بدر ، أو لما يمتلكه مقتدى الصدر من جيش ، كجيش المهدي ، إلا أن هذا الطرح يتصدر الواجهة مرة أخرى ، ويطرح بقوة من جهات أخرى ، حيث ورد على صفحة < صوت العراق > الألكترونية يوم 18 أيلول ( ان وزارة الدفاع بصدد دراسة اقتراحين من الجمعية الوطنية يتعلق الأول ب " قانون مكافحة الإرهاب " الذي قدمته بعض القوى في الجمعية الوطنية .
فيما يذهب الآخر إلى " إنشاء قوة حماية شعبية تحت إشراف وزارة الدفاع " وهو مشروع تبنته كتلة "الائتلاف " الشيعية ) .
وأضاف الخبر المنشور ، تصريحا للسيد عبد الهادي الدراجي لجريدة الحياة قال فيه " إن جيش المهدي بدأ فعلا بحماية مدينة الصدر باستخدام الأسلحة الخفيفة ، إذ لابد من أن يحمي السكان منطقتهم من الدخلاء ...ولا وجود للزرقاوي بل هو أداة لتقسيم العراق ..
وان جيش المهدي يحمي المدينة منذ انتهاء الحرب الأخيرة من دون تنسيق مع وزارة الداخلية ، لكن لا مانع من العمل مع أجهزة الأمن الحكومية لتامين الحماية في مناطق أخرى." .
وبالتساوق مع هذا الخبر وتضمنه نفس المعنى ، نشر الموقع :ـ " أكد السيد رضا جواد تقي القيادي في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية ، أن ميليشيات منظمة < بدر> مستعدة لتلبية نداء الحكومة إلى القوى الشعبية للمساهمة في تامين الوضع الأمني في بغداد ، وكان عناصر< بدر> ساهموا سابقا في تأمين مدينتي كربلاء والنجف ...مؤكدا أن قوات بدر بانتظار قرار الحكومة رغم أن المجلس الأعلى قدم هذا الاقتراح قبل وقت طويل .." من كل ما تقدم نفهم:

 1ـ أن وزارة الدفاع تنسق مع قيادات الكتل الشيعية على إضفاء طابع رسمي لتنظيمات سكانية طائفية مسلحة ، سبق وأن اقترحها رئيس الوزراء ، كما سبق وأن قدم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية هذا المقترح قبل وقت طويل ، كما يقول االسيد تقي ، فالسيد عزيز الحكيم عندما كان في مجلس الحكم ، هدد بنزول 150ألف مسلح لحماية بعض المدن.

 2ـ إن مليشيات " جيش المهدي وقوات بدر " كانتا ولا زالتا تمارسان نشاطا ، غير معلن ، في مناطق مختلفة من العراق ، والحكومة عالمة به ، إلا أنها متجاهلة لهذه الممارسات ، بالرغم من أن الحكومة وقيادات المليشيات قد أعلنوا، في وقت سابق ، نزع الأسلحة والدخول في العمل السياسي ، كما أن الكثير من هاتين المنظمتين قد تم استيعابهما في قوات الأمن ، من شرطة وجيش .

 3ـ نفى الناطق باسم التيار الصدري عبد الهادي الدراجي وجود الزرقاوي عندما قال " لا وجود للزرقاوي بل هو أداة لتقسيم العراق ".ومن المعروف أن جيش المهدي يرتبط ، وقائده مقتدى الصدر ،  بعلاقة ودية مع هيئة علماء المسلمين السنية .

لوجمعنا وحللنا كل ما تقدم ، لتوصلنا إلى نتيجة أن التصعيد الطائفي لم يكن مصدره التصعيد الطائفي السني فقط ، وعملياته الإرهابية المدانة ، إنما هناك تصعيد آخر تخطط له التنظيمات الطائفية الشيعية وتنفذه بتسارع واستفزاز ، لإيجاد المبررات الانفصالية ، وهذا ما نراه متزامنا مع تحويل قناة الفضائية " العراقية " بالكامل للنهج الطائفي ، بالضد من جعل الأعلام وطنيا لكل العراقيين ومستقلا خارج سيطرة الحكومة ، وسيناريو إعادة تشكيل المليشيات المسلحة " قوات بدر وجيش المهدي " لممارسة أدوار إرهابية أكثر فاعلية في الأحياء السكنية ، بحجة المقاومة للإرهاب، وإضفاء الطابع الرسمي والشرعي على أعمال القتل و الخطف والتهجير لمعارضي النهج الطائفي في مناطق كثيرة من العراق ، بما فيها المنطقة الغربية ـ حسب التسمية الطائفية الجديدة ـ .
وكل ما اقترفته هذه الميليشيات من جرائم في الخفاء لم يتم الإعلان أو الكشف عنها ، كما لم يعلن عن هوية القائمين بها ، مع التعتيم الكامل على ظروفها .الضحايا هم عراقيون ، والحكم بكل طاقمه ، بما فيه الجمعية الوطنية ، مسؤول عن كشف ظروفها وملابساتها ، وإلا ما معنى حكومة وجمعية منتخبة ؟

حقائق الأمور ، رغم الضبابية ، بدت تتكشف ، والتشريع لإضفاء طابع قانوني على عمل المليشيات ، يقف وراءه من لهم مصلحة في تقسيم العراق ،  في وقت يعلن من هو عليم ببواطن الأمور أن "لا وجود الزرقاوي بل هو أداة لتقسيم العراق "   فمن هم هؤلاء الذين يسعون لتقسيم العراق يا عبد الهادي الدراجي ؟! [/size]

101
متى يتم الافراج عن الدستور ..؟!
هادي فريد التكريتي
hadifarid@maktob.com
2005 / 9 / 14
منذ أن عدلت الجمعية الوطنية المادة الواحدة والستين الفقرة (و) ، في آخر لحظة من يوم 15 آب ، وتمديد مهلة إقرار المسودة لمدة أسبوع ، لم يتم تجاوز العقبات المختلف عليها ، رغم من أن تمديدا آخر تم ، لمدة ثلاثة أيام ، أخرى لتلافي ما لم يتفق عليه وحتى اللحظة ..
قانون إدارة الدولة ، الذي وضعته إدارة الاحتلال ، كان مدركا للصعوبات التي تعترض سن دستور دائمي للبلاد ، نتيجة للتنوع العرقي والديني والطائفي ، إضافة للمسألة القومية الكوردية ، التي لم ينتهِ حلها بعد ، لذا ، قانون إدارة الدولة ، وضع خيارا لطلب الوقت لاستكمال كتابة الدستور بموجب المادة الواحدة والستين الفقرة (و) التي نصت على " عند الضرورة يجوز لرئيس الجمعية الوطنية وموافقتها بأغلبية أصوات الأعضاء أن تؤكد لمجلس الرئاسة ، في مدة أقصاها 1 آب 2005 إن هناك حاجة لوقت إضافي لإكمال كتابة مسودة الدستور ، ويقوم مجلس الرئاسة عندئذ بتمديد المدة لكتابة مسودة الدستور لستة أشهر فقط ، ولا يجوز تمديد هذه المدة مرة أخرى " .
ونظرا لوضوح النص في هذه الفقرة ، وللحق المقر في طلب التمديد لمدة ستة اشهر ، إلا أن المجلس ، ومن ورائه أركان الحكم ، قد خالفوا منطوق الفقرة وحكمها ، من حيث أن رئيس المجلس لم يتقدم في المدة القصوى ( 1 آب ) لطلب الوقت الإضافي لاستكمال كتابة الدستور ، وهذا من حقه إذا كان الدستور جاهزا لطرحه للناقش ولإقراره داخل المجلس ، وبما أن المسودة لم تقدم في وقتها ، ورئيس المجلس لم يتقدم بطلب لوقت إضافي تحديدا ، في 1 آب ، من مجلس الرئاسة ، فهذا يعني أن المسودة جاهزة ولجنة إعداد المسودة قد أكملت عملها .
وهنا يمكن القول أن صلاحية المدة للتمديد التي ضمنتها الفقرة (و) من المادة الواحدة والستين قد انتهت ، والتعديل الذي تم في الدقيقة الأخيرة من يوم 15 آب ، بتمديد المدة لسبعة أيام ، يعتبر غير دستوري ، عملا بأحكام الفقرة (ز) من المادة نفسها ، التي تقول " إذا لم تستكمل الجمعية الوطنية كتابة مسودة الدستور الدائم بحلول الخامس عشر من شهر آب 2005 ولم تطلب المدة المذكورة في المادة 61 ( و) أعلاه عندئذ يطبق نص المادة 61 (هـ )أعلاه ." !
والمادة 61 (هـ ) تنص على مايلي :" إذا رفض الاستفتاء مسودة الدستور الدائم ، تحل الجمعية الوطنية ، وتجري الانتخابات لجمعية وطنية جديدة في موعد أقصاه 15 كانون الأول 2005، إن الجمعية الوطنية والحكومة الانتقالية الجديدتين ستتوليان عندئذ مهامهما في موعد أقصاه 31 كانون أول 2005وستستمران في العمل وفقا لهذا القانون ، إلا أن المواعيد النهائية لصياغة المسودة الجديدة قد تتغير من أجل وضع دستور دائم لمدة لا تتجاوز سنة واحدة ، وسيعهد للجمعية الوطنية الجديدة كتابة مسودة لدستور دائم آخر " .
بغض النظر عن كل التبريرات والتأويلات التي يدفع بها المتجاوزون عن سلامة وشرعية موقفهم من التعديل والتمديد ، فالجمعية الوطنية والحكومة وحتى اللحظة يراوحون مكانهم في عدم القدرة على تجاوز خلافاتهم ، بتشريع مسودة تحظى بموافقة الجميع ، على الرغم من كل الدعاوى التي أطلقها ويطلقها ممثلو القوائم المتحاورة ، من أن القضايا العقدية انتهت والمتبقي هي الصياغة فقط ..!
وهذا كله محض هراء ، ولا يدلل على أنهم أهل لمثل هذه المسؤولية في صياغة أهم وثيقة دستورية تنظم علاقات المواطن فيما بينه وبين مؤسسات المجتمع لأجيال عديدة ، وثيقة تشرع لوحدة شعب ووطن ، ليس للظرف الراهن بل لعشرات ومئات السنين ، فالخلافات الجوهرية لازالت هي هي ، ولم تكن عابرة أو تتعلق بالصياغة كما يريد أرباب الحكم أن يوهموا المواطن ، إنما هي تتعلق بوحدة ومصير العراق كوطن وهوية وثروات شعب ، وكل واحد من هذه القضايا يؤسس الخلاف فيها ، إن استعصى حله ، إلى فرقة وصراع لا يعلم أحد نهاية له .
فالضغوط التي مورست على الجمعية الوطنية لقبول المسودة كانت خطأ فاضحا ، قبل أن تنجز ، ودون اتفاق على حلول وسط وقواسم مشتركة ترضي كل الأطراف ، وإجراء رئيس الجمعية الوطنية هذا ، لم يساهم في تقريب وجهات النظر ، بل أدى إلى تعقيد وتطرف في الطرح عند من يدعون تمثيل السنة ، رغم دعاوى المعارضين لهم ، من قائمتي الإئتلاف الشيعية والكوردستانية ، من أنهم قدموا تنازلات تجاوزت خطوطهم الحمراء .
هذا الفشل في إقرار المسودة ـ حتى اللحظة ـ وعدم وضعها في الوقت المناسب بين يدي المواطن ليقول رأيه فيها والاستفتاء عليها في منتصف الشهر القادم ، جاء نتيجة لاستعجال تحقيق مكاسب قومية وطائفية على حساب الوطن والمواطن ، سعت إليها وعملت لها كل الأطراف القومية والطائفية التي صادرت القرار الوطني ، وحولته إلى مساومات رخيصة ، للاستحواذ على حقوق الآخرين ، وتحقيق مكاسب شخصية غير مشروعة ، كما هو حاصل في النجف وكربلاء ، والكثير من المدن العراقية .
فالسيد عزيز الحكيم قد استولى على أراض بشكل غير شرعي ، مسجلة باسم أمانة السر لحزب البعث ، والمعروف أن كل عقارات المواطنين المصادرة من قبل النظام السابق سجلت باسم هذه الأمانة ، فلم لم تعاد لأصحابها ؟ أم أن رجال الحكم الحالي أمثال عزيز الحكيم وحاشيته هم الوارثون ؟
ولمن يريد معرفة المزيد من النهب الموثق ، عليه الرجوع إلى موقع (كتابات ) ليوم 28 آب ، فالعراق تسلمته حكومة انتقالية لا تشبع بطنها من أكل السحت والمال الحرام .
أوضاع شاذة تسيطر على القرار العراقي ، سواء ما حصل في الجمعية الوطنية من قبول المسودة قبل إقرارها ، وعدم التقيد والالتزام بما شرعه قانون إدارة الدولة ، والتنكر للمبادئ الوطنية التي تعهد الحكم بها ، والفساد المستشري في الوزارات ، والتجاوزات على المواطنين وحقوقهم ،واستياء الناس من الأداء السيئ للحكم وأجهزته ، وغياب الخدمات الضرورية لحياة المواطن.
كل هذا انعكس سلبا على العلاقة بين الحلفاء في تقاسم السلطة ، وبدأ الصراع الدائر بين أقطاب الحكم يخرج للعلن ، فالسيد رئيس الجمهورية جلال الطالباني يتهم رئيس الوزراء الجعفري بالسعي للهيمنة على الأمانة العامة لمجلس الوزراء ، والهيمنة المنظمة على وسائل الإعلام ، حيث قد وجه رسالة إلى السيد رئيس الوزراء الجعفري ، يحاسبه فيها على تعيينات مهمة كان الجعفري أعلنها " داخل وزارات الدولة من دون الرجوع إلى مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية ، وحتى دون استشارتهما ... .
فتعيين ليث كبه ، المعروف بمواقفه الشوفينية المعادية للشعب الكوردي ومعارضته للفدرالية وتصريحاته الاستفزازية في أمريكا ضد حقوق الشعب الكردي التي اقرها قانون إدارة الدولة .." كما وأضاف محتجا السيد رئيس الجمهورية على " تحويل نواب رئيس الوزراء إلى وزراء عاطلين عن العمل كالسيد نوري شاويس " وبرهم صالح ، وقد اعتبر الطالباني هذا الاجراء " اعتداء على حقوق ممثلي الشعب الكوردي وعلى التوافق الوطني " .
وسيطفو على السطح المزيد من هذه الخلافات وستتعمق أكثر فأكثر كلما مر وقت أطول على ممارسات غير شرعية بحق المجتمع من قبل فئات محسوبة على هذه الطائفة او تلك ، طالما لم تتم معالجة هذه المشاكل والصعوبات داخل المناطق العربية والكردية بشكل قانوني سليم ، نتيجة للمحاصصة ، فسكوت رئيس الجمهورية عن التجاوزات الحاصلة في مدن مثل البصرة وكربلاء والنجف وغيرها من المدن العربية باعتبارها تخص قائمة الائتلاف ، والعكس صحيح أيضا كما هو حاصل في مدن كردية .
كل هذا مؤشر غير سليم على ما يعانيه الشعب الذي يتحدثون باسمه ، فالتجاهل للمواطن ومشاكله الأمنية والحياتية والمعاشية يعمق من أزمة الحكم ، ويرسخ المفاهيم الانعزالية لدى الشعب ، ويجذٍر طائفية الحكم وعدم عدالته ، وسعي بعض رموزه لتجزئة الوطن إلى كانتونات ومقاطعات خاضعة لهذه الطائفة أو تلك ، كما هو الآن في الجنوب والوسط ، مما يوفر بيئة ملائمة للنشاطات الإرهابية وحماية لكوادرها وعناصرها الناشطة في مناطق مختلفة من العراق ، وخصوصا المنطقة الغربية ، وهذا مما سيؤثر سلبا على استحقاقات المرحلة القادمة فيما يخص الدستور والاستفتاء عليه ، والتحضير للانتخابات القادمة ، التي تتطلب مناخا أمنيا يشعر فيه المواطن بحرية الحركة والتعبير ، أكثر مما كان عليه الحال في الانتخابات الماضية ، لأنها ستؤسس لجمعية وطنية ولحكومة دائمتين ، إن تم إقرار الدستور المنتظر ، وأفرجت الجمعية عن نسخة متفق عليها دون اكراه أو تعسف ، آنئذ سيقول الشعب كلمته وربما بالموافقة عليه ، وبدون هذا يكون من الصعب الحديث عن استفتاء ناجح أو عن استقرار يأتينا بجمعية وطنية منتخبة عن حق وحقيق ..!
13 أيلول 2005[/size]

102
من يتحمل مسؤولية مأساة جسر الأئمة ..؟!
هادي فريد التكريتي
hadifarid@maktoob.com

رغم  إدانة شعبنا الشاملة ، على مختلف المستويات ، لقوى الإرهاب لجريمتهم البشعة ، على جسر الأئمة ، التي  أودت بحياة المئات من المواطنيين الأبرياء  ، وكلهم من بسطاء  شعبنا وفقرائه، غداة تأديتهم طقوس الزيارة ، لوفاة الإمام جعفر الصادق في الكاظمية ، إلا أن الإدانة وحدها لا تكفي ، من دون معرفة ملابسات الجريمة وأسبابها ، فالمسؤولين ، على مختلف مقاماتهم ومراتبهم ومراكزهم الرسمية ،  صرحوا وأدلوا بتصريحاتهم ، التي تدين الإرهاب والمتعاونين معه والداعمين له .
إلا إننا لم نجد ، من هؤلاء المسؤولين ،  من يدلنا عن المسؤول عن هذا الخلل الأمني ، الحاصل في ترتيبات حماية هذا الحشد الهائل من المواطنين ، الذي قدر تعداده بأكثر من مليوني إنسان ، وحشده في معبر وحيد ،  ولا منفذ لعبور هذا الحشد ، بعد اجتياز ساحة عنتر ،  غير جسر الأئمة ، وجسر الأئمة هذا كان مغلقا (حسب روايتين لوزير الدفاع الأولى أنه كان مغلقا قبل ثلاثة شهور والثانية قبل شهرين )  بوجه كافة وسائط النقل والمشاة ، ويحرس هذا الجسر من كلا جانبيه ، الأعظمية والكاظمية ، قوات من وزارة الدفاع .
ومساء يوم الجريمة 31/ آب ، ظهر على الفضائية العراقية ،  مؤتمر صحفي عقده معا ، وزيرا الدفاع والداخلية ، وعلى مرأى ومسمع مئات الآلاف ، إن لم يكن الملايين ، من الشعب العراقي ، وأنا واحد منهم ،  أدان  المتحدثان قوى الإرهاب ، وهذا أمر مفروغ منه ، وهي البسملة التي تسبق كل جريمة تقع على أرضنا العراقية ، ولم يعلقا بشيء عن مسؤولياتهما في حفظ الأمن ، في مثل هذا الوقت ، وبمثل هذا العدد الضخم ، الذي حشدت له كل أطياف البيت الشيعي واستنفرت  قواها للتباهي  في ظرف غير ملائم . ¨
وقد  صرح وزير الدفاع ، لا فض فوه ، بعد أن تبادلا الثناء والمديح لبعضهما، قائلا :ـ ' كان الجسر مغلقا منذ ثلاثة أشهر لوجود ما يستوجب غلقه أمام المركبات والمارة إلا أن إلحاح وتوسلات بعض المسؤولين  << العزيزين عليً >> ـ حسب تعبير الوزير ـ جعلني أوافق على فتحه... ' وكأن الغلق والفتح ،  لم تكن لأسباب جوهرية اقتضتها ظروف البلد .
وبغض النظر عن صحة أو عدم صحة هذه الأسباب التي استوجبت غلق الجسر ، كان المفروض ألا يسمح  وزير الدفاع لنفسه بفتحه ، مهما كانت توسلات البعض ، سواء أكانوا ' عزيزين عليه ' أم لا ، دون الرجوع إلى الهيئة أو الجهة التي قررت غلقه  ، وهو واحد من جهات عديدة عليمة بأسباب الغلق . من يدري  فربما كان فخا منصوبا ، من قبل الإرهابيين ، لبلاهة السيد الوزير ، إذا ما علمنا أن كل أجهزة الدولة ، وخصوصيا الأمنية  مخترقة من قبل النظام السابق والمتعاونين مع الإرهاب وفصائله  ..! 
وفي نفس يوم المأساة  ، يوم 31 آب صرح وزير الصحة ، الصدري ،  قائلا :' أحمل زملائي في الداخلية والدفاع مسؤولية ما حدث ... أطالب زميلي في الداخلية والدفاع ، إما تحمل المسؤولية كاملة أو الاستقالة..' لا شك أن هذا الوزير عنده ما يكفي من الأدلة لتوجيه هذا الاتهام للوزيرين ، ولا ندري ماذا تعني عبارة ' تحمل المسؤولية كاملة '  هل تعني وضع نفسيهما تحت إمرة القضاء للتحقيق معهما، أم تعني أن يشرب كل من الوزيرين والوزارة بأجمعهاأقداحا من الماء الزلال على أرواح الضحايا الأبرياء ..!

التصريحات المتناقضة للسيد وزير الدفاع تجعلنا في شك من مصداقيته ولما يقوله ، كما تجعلنا لا نثق بالمرة بكل تصريح يقوله أي مسؤول في هذه الحكومة ، طالما التصريح لم يؤسس على واقع ، وطالما يراد منه طمس الحقيقة أو تحويلها على من هم دونه مرتبة أو منزلة ، وطالما هذه التصريحات لا تحترم المواطن ومقدرته العقلية على الفهم والتحليل ..!
لنر ما صرح به السيد وزير الدفاع لجريدة الشرق الوسط يوم 6 أيلول :' تمكنت قواتنا من تفجير ثلاث سيارات مفخخة وثلاثة إرهابيين مدججين بالأحزمة الناسفة ، فجروا أنفسهم خارج محيط الكاظمية ..' تمهيدا لامتصاص غضب المواطن وحزنه على الضحايا يبدأ السيد الوزير بهذا الخبر ، ومما لا شك فيه أن بعض  هذه الأخبار صحيحة ، ولكن البعض الآخر منها مفتعل وغير صادق ،  يساق للتغطية على العجز وعدم  القدرة على  توفير الأمن والطمأنينة للمواطنين ،  وللقارئ أن يتصور ، الوضع البشري في الكاظمية المزدحمة بأهلها ، فكيف  يوم الزيارة ؟
كما لم ينقل أي موقع للأخبار،  مسموع أو مرئي في يوم 31 آب ،  خبرا عن تفجير قوات الجيش لثلاث سيارات مفخخة ، وثلاثة إرهابيين مدججين بأحزمة  ناسفة في الكاظمية  ’ الوزير مغرم بالثلاثيات ’ وقد تم التفجير، في الحالتين ،  في منطقة  غير مأهولة بالمارة وبدون ضحايا ..! يا محاسن الصدف ..! وسؤالنا هل كان في ذلك اليوم شبر من أرض في محيط الكاظمية لم يكن فيه بشر ؟  وِلَم يفجر الإرهابيون أنفسهم بأحزمة ناسفة وخارج محيط الكاظمية ؟ حدث العاقل بما يعقل يصدقك العقلاء  !

 ما قاله السيد وزير الدفاع في مؤتمره الصحفي يوم 31 آب ، مع وزير الداخلية ، تناقضه تصريحاته لجريدة الشرق الوسط يوم 6 أيلول ، كما هو يسهب في تفاصيل لا علاقة للمواطن بها ، كما أنها شأن وظيفي للوزارة وباقي المسؤولين الذين ينفذون المهام الملقاة على عواتقهم ، والسيد الوزير ليس كلي القدرة وباب للعلم ليحيط بكل كبيرة وصغيرة ، فلا شك هناك الكثير من المستشارين والخبراء في مختلف الاختصاصات لوضع أية خطة يراد منها حماية المواطنين أو مرافق الدولة .
فتقسيم الأعظمية والكاظمية إلى قطاعات ، وتشكيل لجان أمنية مع قوات أخرى ، وإشراك المجالس البلدية في الخطط الأمنية ، لا تعني للمواطن شيئا بقدر ما تعنيه الحصيلة النهائية من هذه الإجراءات  والنتائج النهائية التي يتمخض عنه الواقع ، فهل مرت المواكب بسلام أم كانت النتيجة وبالا ؟ أليس ما  توصلت إليه خطط الخبراء  وقرارات اللجان ذهبت أدراج الرياح  نتيجة لقرار السيد الوزير الخاطئ ،  بفتح الجسر ،من دون الرجوع إلى الخطة الأمنية الموضوعة من قبل الهيئات في  وزارته ،ودون الأخذ بنظر الإعتبار لأسباب ومسببات قرار غلقه ؟ 
يقول السيد الوزير ' الجسر كان مغلقا منذ شهرين لأسباب أمنية ..' وهذا ما يناقض قوله السابق يوم الفاجعة من أن غلقه كان ' منذ ثلاثة أشهر ..' وما  ساقه السيد وزير الدفاع آنفا يوم 31 آب ، من أن فتح الجسر كان نتيجة لتوسلات المسؤولين ومن أجل عيون ' العزيزين علي' لم يكن صحيحا ، بدليل الحوار الذي جرى بينه وبين آمر اللواء الأول المسؤول الأمني عن اللجنة الأمنية . والتبريرات التي ساقها من كون ' الزوار يعتبرون عبور جسر الأئمة واحدا من شعائر الزيارة المستحبة...
وأن للزوار طقسا محببا آخر في هذه الزيارة وهو الانتظار عند الجسر والانطلاق ما بين الساعة الحادية عشرة والنصف ومنتصف النهار ، وهذا ما أدى إلى تكدس عشرات الآلاف من نساء وأطفال ورجال من مختلف الأعمار...  ' يتحدث هنا الوزير وكأنه واحدا من  الملالي في جامع أو تكية ، أو أحد الروزخونية في مقام أحد الأئمة ليلة عاشوراء ،  وليس مسؤولا عن أرواح بشر، أؤتمن ـ سهواـ  على حياتهم ! فمنذ متى كان  عبور جسر الأئمة واحدا من شعائر الزيارة ؟ أين قرأها ، وأية مرجعية أفتت بها ؟
وهل أن جسر الأئمة قد ثبتت علاقته بمن دس السم للسيد جعفر الصادق ؟ كأن سار عليه ، مثلا ، ؟  فالحوار الذي تم بين السيد وزير الدفاع ومسؤول اللواء الأول ، حول فتح الجسر ، يدلل على أن اللجنة الأمنية ومقرها في الكاظمية ، التي يترأسها آمر اللواء الأول ، لم توافق على فتح الجسر ، كما هو واضح من تصريح السيد الوزير لجريدة الشرق الأوسط ، يقول السيد الوزير : ' أخبرت آمر اللواء الأول إذا وجدتم أن هناك إمكانية أمنية لفتح الجسر ، اتصلوا بنا ، لكن آمر اللواء لم يتصل ... ويبدو أنه لم يحصل اتفاق على فتح الجسر ' فإذا كانت النتيجة  عدم موافقة اللجنة الأمنية على فتحه ،  كيف وافق السيد الوزير على فتحه حسبما اعترف هو  في مؤتمره الصحفي يوم 31 آب ؟
وهل عيون المسؤولين العزاز على قلبه ونفسه والذي خرق كل الاحتياطات الأمنية وما قررته اللجان من أجلهم ، وألقى  بعلمه ومعرفته في متاهات غيبية تتناقض وفهمه عن ' العقل الجمعي ' ، هل عيون هؤلاء المسؤولين ، هي أغلى من  مئات  الضحايا الذين تسبب في قتلهم  السيد الوزير أثناء تجمعهم في هذا الوقت ؟ أيهما أجدى أن يمنع المحتشدين  ويحفظ أرواحهم أم يوافقهم ويسلبهم حياتهم ؟  الضحايا من مدينة الثورة ، مدينة الكادحين ، فهم دون البشر !  ودليلنا أنهم دون مرتبة البشرية ، حتى وقت متأخر من الكارثة لم نجد مسؤولا واحدا في موقع المأساة للتعرف على ما حصل ، ولم نر أحدا منهم  متفقدا هذا الكم الهائل من الضحايا ، فالحكومة كانت متخلفة في  أدائها وفي كل مواقعها واجراءاتها .
وعلى الرغم من كل هذا ينفي السيد وزير الدفاع المسؤولية التقصيرية عن نفسه فيقول للشرق الأوسط ' ..هناك لجنة قضائية تحقق في الموضوع مع المسؤولين مباشرة عن الجسر، أنا وزير دفاع ولست حارسا على الجسر ، ولي مسؤولياتي والمقصر ينال عقابه ، أما هذه المطالبة بالتحقيق معي أو استجوابي من قبل الجمعية الوطنية فهذه فرضتها تقاطعات سياسية تطالب برأس فلان وعلان ، أنا لا أعيش حياة مترفة ، كوني وزيرا للدفاع ، فأنا لم التق عائلتي منذ ستة أشهر ، ولم أكن ساعيا للوزارة ...كما أني لست طرفا مباشرا في القضية حتى أكون مقصرا فيها أم لا ..'     
الغريب في أمر وزرائنا   أنهم لا يريدون أن يتحملوا مسؤولية ما يخططون له أو نتيجة أعمالهم ، فهم كالمجتهد في محرابه ، إن أصاب فله أجرين وإن أخطأ فله أجر ما اجتهد ،  لو أن السيد الوزير أعطى كل ذي حق حقه لما حصل الذي حصل ، أي لو لم يتدخل في القرارات والتوصيات التي سبق وأن وافق عليها ، لما حصلت هذه المأساة  بهذا العمق ، ولو كانت هناك مرونة  في معالجة ' المواقف الطارئة ' كما يقول السيد الوزير، لتغيرت صورة الكارثة ، وربما انعدمت ، فعلى سبيل المثال كان القرار:غلق الجسر من الجانبين ، إلا أن واقع الحال يقول ،عكس ذلك ، وإلا كيف تواجد هذا الكم الهائل من البشر عليه إذا  كان مغلقا ؟
و بعض الروايات تقول ، عندما انطلقت إشاعة الشخص ذي الحزام الناسف ، التقى القادمون من طرفي الجسر مع بعضهم ، فلو كان الجسر مفتوحا من جهة الأعظمية إلى الكاظمية فقط لما وقع هذا العدد من الضحايا ..! هذه أخطاء قاتلة ومميته أودت بحياة المئات من الضحايا فهل يريدنا السيد وزير الدفاع تجاوزها ..؟ المطالبات بالتحقيق مع  السيد الوزير كما يقول ' ..فرضتها تقاطعات سياسية  ' أي أنها لا تستهدف كشف الحقيقة بقدر ما هي مناورات لأطراف سياسية في الجمعية الوطنية هدفها تصفية حسابات أو ما شابه ذلك ! وينسى السيد الوزير أن مثل هكذا حدث يتطلب الدقة والموضوعية في تحديد مسؤولية كل طرف ساهم في صنعه ، ولمعرفة أسبابه ومسبباته ، لتوخيها مستقبلا ، ولوضع الشخص المناسب في المكان المناسب ، وليس لملئ شاغر في هذا الموقع أو ذاك على أساس المحاصصة ، طائفية أم قومية ، وكثيرا ما تكون ، كما هو حاصل فعلا ، هذه على حساب الإخلاص والكفاءة والوطنية .
وإذا كان السيد الوزير يرى أنه متفضلا على العراقيين بقبول كرسي الوزارة التي حرمته عائلته ولم يلتق بها منذ ستة أشهر ، فما عليه إلا أن يرحل ، ولكن ليس قبل أن يجيب عن أسباب وقوع الكارثة التي حصلت في قاطع وزارته ، والإدلاء بكل ما يعرف عنها ، والكشف عن تفاصيل الضغوط التي مورست عليه  ، ومن هم الذين مارسوها عليه ..! إن حصلت مثل هذه الكارثة في بلد من البلدان ، حتى المتخلفة ، ناهيك عن الدول الديموقراطية أو التي تحترم نفسها ، لشمل الحساب ليس الوزير المعني فقط بل لخضعت  كل الوزارات ، وأولهم رئيس الوزراء ، لمساءلات تقصير وتوضيح ما هو مخفي .
وبما أننا نخضع لنظام الكوته السياسية والمحاصصة الطائفية ، فلا حساب عن أخطاء  أو تجاوزات الوزراء ، ولا محاسبة عما نفذه  رئيس الوزراء من  برنامجه الحكومي المقدم أثناء تشكيل الوزارة ،  لذا نجد رئيس الوزراء الدكتور الجعفري يغض النظر عن هذه الجريمة المأساة متجاهلا ما يعانيه العراقيون ، في كل مناحي حياتهم ، ليقول في 2/9 ' إن المرحلة المقبلة ستشهد تحولا نوعيا في استراتيجية التصدي للإرهاب والإرهابيين ..' مؤكدا على  ' توجيه ضربة قاصمة لكل من يحاول العبث بأمن العراق ، وإن المحاولات والخطط الخبيثة لن تثني أبناء الشعب العراقي عن مواصلة بناء بلدهم وإنجاز العملية السياسية في العراق الجديد.. .'
قبل ان تحيلنا ،ايها السيد رئيس الوزراء ،  إلى المرحلة المقبلة دعنا نرى ما حققت لنا من المرحلة الماضية أو التي نحن فيها ؟ فلا الأمن  ولا الغذاء، ولا الماء النقي أو الملوث ولا الكهرباء ولا الوقود في متناول يد المواطن ، ولا أي شيء قد تحسن، منذ أن شكلت الحكومة وحتى اللحظة كل شيء لم  يتحسن ، بل في تراجع مستمر ، فالأمن كما تراه وتسمعه وتقرأ عنه ، تراجع في تراجع ، وآخر مآتمنا هو مآتم جسر الأئمة ، فالأمس كان أحسن من اليوم ، أما الغد فمجهول ،  وبظهر الغيب علمه عند  من  يخطط له من الإرهابيين ، ومن مختلف الصنوف ، ما تعلمه وما تخفيه ، والبطاقة التموينية قد انخفض أداؤها وتدنت نوعيتها ، فعن أي مرحلة تتحدث ، بعد مرحلتكم  الطائفية هذه ؟
أم ماذا ؟ ومتى نرى توجيه الضربة القاصمة والإرهاب يوجه لنا الضربات ، بحيث أصبحنا من تلاميذ عيسى عليه السلام ، كلما ضربنا الأرهاب في موقع أخلينا له مواقع ! ألم تسمع بجمهورية القائم الإسلامية على ضفاف الفرات .؟ وما هو حاصل في تلعفر؟ والبصرة والنجف .!
والمظاهرات التي تحمل صور الطاغية !إلى متى سيبقى هذا الوضع أيها السيد رئيس الوزراء؟ وملفات الفساد في  حكومتك وأجهزت الدولة اكثر من هموم المواطنين ! وفي الختام : من يتحمل مسؤولية مأساة  جسر الأئمة .؟! [/size]

103
الجعفري وعقدة الحزب الشيوعي ..!

هادي فريد التكريتي
 
عند ما شكل الدكتور الجعفري حكومته ألقى خطابا أمام الجمعية الوطنية ، تحدث فيه عن أمور كثيرة ، تهم الوطن والمواطن وهمومهما ، ولم ينس وهو في موقفه التاريخي هذا ،أن يوجه التحية للشعب العراقي وشكره على النتيجة التي جاءت به إلى الحكم ، كما لم ينس ، وهو في غمرة النصر ، أن يوجه التحية " للشهيدة " حفصة العمري ، وبذلك أساء لكل الشهداء الذين تضمنهم خطابه ، وحسنا فعل عندما تجاهل شهداء وطنيين ومناضلين عراقيين ، شيوعيين وديموقراطيين ومستقلين وطنيين ، خالدين في ضمير الشعب العراقي ، فهؤلاء لم يشرفهم أن يقرنوا مع من خانوا وطنهم وباعوا ضمائرهم ليؤسسوا فرقة بين أبناء الوطن الواحد ، أمثال " حفصة " .
كانت رسالة رئيس الوزراء الدكتور الجعفري آنذاك موجهة عن قصد ، ومختارة من قبله بعناية ، لكل الحلفاء القدامى يذكرهم : بأن التحالف القديم ، لكل القوى الرجعية بكل تلاوينها بعد ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 لا زال قائما ، وما التحالفات الإسلامية ـ الطائفية ، وحزب الجعفري من ضمنها ، مع أغلب القوى القومية والوطنية الديموقراطية والسياسية العراقية ، والحزب الشيوعي العراقي واحد منها، قبل أن ُيسقط الأمريكان صدام من عرشه ، ما هي إلا تكتيك عابر اقتضته المصلحة ، ومن هنا جدد السيد الجعفري هجومه الجديد على الحزب الشيوعي العراقي عندما اجتمع بوجهاء من عشائر الموصل ، مذكرا" هؤلاء الوجهاء" بشهدائهم " ومحرضا إياهم للعمل من جديد لإحياء التحالف الذي وقف بوجه  "المد الشيوعي "  بعد عام 1959...
إن كان ترتيب اللقاءات بين السيد رئيس الوزراء الجعفري ووفود من هذه المحافظة أو تلك معروفة أغراضها ومراميها ، بسبب قرب انتهاء عمر هذه الحكومة ، والبدء بإجراء انتخابات تشريعية جديدة ، ولترميم سمعة الائتلاف بسبب فشل الحكومة في تنفيذ ما وعدت به الشعب العراقي ، أقول إن كان السبب في اللقاءات تحشيد القوى العشائرية والطائفية للإنتخابات الجديدة ، فما سبب الزج باسم الحزب الشيوعي وكأنه بسملة الكتاب ، عند كل عثرة صغيرة أو كبيرة تصطدم بها هذه القوى في مسيرتها تتذكر الحزب الشيوعي ؟
والحزب الشيوعي لا يحتل في الجمعية الوطنية سوى مقعدين فهل هذا ما يخيف الأكثرية " الساحقة" أو يعرقل أعمالها ؟ إن الحزب الشيوعي ومكوناته هم من هذا الشعب ، ولم يكونوا من الطارئين عليه أو المشكوك في وطنيتهم أومن العاملين لحساب جهات أجنبية ، فتاريخهم وطني ومشٍرف ، ودفاعهم المستميت ، حد الشهادة ، عن مصالح العراق وحرية شعبه يعرفه القاصي قبل الداني .
وهذا ، هو الذي جعل الجعفري ومن قبله صدام حسين والعهد الملكي أن يقفوا كلهم موقفا واحدا ومتشددا تجاه الحزب الشيوعي ، فليس هذا الموقف وما اتفقت عليه كل هذه الأطراف يأتي مصادفة ، بل نتيجة ملموسة لوطنيته ولعدم التهاون في الدفاع عن حقوق ومصالح الشعب وحريته ، تقدمه وتطوره وفق منظور واقعي وتخطيط علمي ، بعيدا عن أوهام الخرافات والغيبيات والطائفية والعنصرية والفاشية .
إن السيد رئيس الوزراء ، الجعفري، ومن ورائه القائمة المؤتلفة على أساس طائفي ، يعرفون أكثر من غيرهم أن ليس ما يغيظهم الحزب الشيوعي لوحده ، بل كل الوطنيين الشرفاء الذين يرون في النهج الطائفي دمارا وخرابا للبلد ، إلا أن هناك أولويات يجب البدء بها ، فحزب البعث منذ أن جاء للحكم في العام 1963، ومرورا بكل الفصائل القومية المتعاقبة ذات النهج العنصري ،  ثم عودة البعث مرة أخرى في العام 1968 ، بعهدية البكر فصدام حسين ، كانت  بداياتهم ، كلهم ، محاولة استئصال أو تحجيم الحزب الشيوعي ، لأنهم جميعا ، بصدق ، كانوا يرون فيه رأس رمح للحركة الوطنية ، الأكثر عنادا والأطول نفسا في النضال وعدم المهادنة ، إن تم قهره وإسكاته تحقق لهم طول البقاء في السلطة ، والتمكن من رقبة الشعب ، يعني ، تمكنهم من ثروات العراق ونهب أمواله وخيراته وتوزيعها على المحسوبين والمنسوبين والتكرم بها لكل من هب ودب إلا للوطنيين العراقيين .
فلبس عباءة الجلاد ، كما هو حال حكامنا اليوم ، تنسيهم ما عايشوه وكابدوه بالأمس من ظلم وإجحاف لحق بهم ، نتيجة لتسلط الدكتاتورية وغياب الحريات وانكفاء الحركة الوطنية ، وإلا لم هذا التحريض على الحزب الشيوعي ، ومسودة الدستور ، التي دبجتها أناملهم ولم يمض عليها بعض وقت ، هل سيتنكرون لها ؟  وهي في بعض فقرات موادها أقرت بعض حريات لبعض مكونات الشعب العراقي .!
وهم يعرفون بل واثقون وفي دواخلهم يقرون ، ومن ضمنهم السيد رئيس الوزراء ، من أن لا حركة سياسية فاعلة ، ولا ديموقراطية حقيقة بدون حزب شيوعي ، وإلا لم التأليب المسبق وتهيأة أجواء إحتراب جديدة ضد الحزب الشيوعي ؟ هل هي عقدة لدى السيد الجعفري " إسمها الحزب الشيوعي " يتجاهل شهداؤه ودوره في الحركة الوطنية حينا ، ويحرض عليه حينا آخر ؟ كان بودنا لو نرى رد الحزب الشيوعي العراقي على موقف رئيس الوزراء هذا .
المفارقة هي أن الحزب الشيوعي يناله ما ينال الشعب العراقي ككل من نصيب في الإرهاب والخطف والقتل لرفاقه والحرق لمقراته ، فهل الظرف ملائم للتوجه بالتحريض ضده ؟ وهل العراق والشعب العراقي بحاجة اكثر لما نراه ونشاهده من تدفق لدمائهم المهدورة في المدن والقصبات والحواري ؟
فضحايا شعبنا من الشهداء معروفة بعض الجهات المجرمة التي تقف وراءها ، عربية هذه الجهات أم أجنبية ـ طائفية ، والبعض الآخر تشابه علينا فعله وفاعلوه، عراقيون ، نسيجهم متشكل من بقايا النظام ، ومن عائدين إلى وطنهم بعد نفي وتهجير ، تدفقوا عند فتح الأبواب لهم ولسلاحهم ، فتم خلط الأوراق بمهارة محترفي مخابرات دولية ، تمارس عملها بكل حرية ، مع آخرين أرباب سوابق وإجرام ، من كل حدب وصوب ، تحت علم وسمع محتل همه أن يدوم تواجده .!
أما كان الأجدى بالسيد الجعفري ، وحكومته ، أن ينصرف لمعالجة هذا الواقع لتخفيف ما يعانيه هذا الشعب المظلوم تاريخيا ؟ أما كان الأجدى بالجعفري وكتلته وشركاه في الحكم ، الانصراف لتمتين عرى الوشائج الوطنية بين جماهير الشعب ، بدلا من دق إسفين بين بعض مكونات هذا الشعب ؟ والعمل على تحسين ظروف الناس المعاشية من أمن وماء وكهرباء ووقود وعمل  بدلا من تأجيج نار حقد طائفي تارة وتأليب قوى ضد أخرى أحيانا أخرى ؟
فترة الحكومة المؤقتة قاربت نهايتها ، وحتى اللحظة ليس لم ير المواطن انفراجا في حياته ، رغم الوعود الكثيرة ، على كل المستويات ، لم ير انفراجا بل  تأزما وترديا ، فجريمة اليوم على جسر الأئمة النكراء ، التي ذهب ضحيتها المئات من الشهداء غرقى ومثلهم نتيجة التدافع ( قارب عددهم الألف ) ومئات أخرى جرحى .
يتساءل المرء أما كان بالإمكان الحد من الغلواء الطائفي وهذا التحشيد العاطفي لمثل هذه المناسبة ، في مثل هذا الوضع الأمني المنفلت الذي لم تستطع حتى الآن أن تضع له حدا حكومة الجعفري ، بل على العكس زاد واستشرى ، لعدم كفاءة أجهزتها الأمنية المخترقة من الإرهابيين ومن قبل دول الجوار الطائفي التي لا يهمها بالمطلق استقرار الأوضاع عندنا أولا .
وثانيا ، نتيجة لإغراق أجهزة الأمن والشرطة والجيش بعناصر فاسدة وغير مؤهلة لخدمة الشعب ، ليس همها حفظ أمن ودماء العراقيين قدر همها جني مكاسب مادية على حساب راحة وأمن وحرية المواطن!. حزننا وعزاؤنا لكل الشعب العراقي ولعوائل الشهداء ضحايا هذا الحادث المؤسف والأليم ، الذي تسبب فيه الإهمال وعدم مسؤولية المسؤولين .!
 كان بودنا أن نرى رئيس جمهوريتنا ورئيس حكومتنا وباقي أعضاء الحكومة ، كلهم يهرعون إلى مكان الحادث لمشاركة أبناء شعبنا وعوائل الشهداء والمنكوبين حزنهم وألمهم بفقدان هذا العدد المفجع من الضحايا ، وللوقوف على كفاءة أجهزتهم الحكومية وقدرتها على تقديم الخدمات في مثل هذا الظرف المأساة ، إلا أن هذا لم يحدث ، مؤكدين حرصهم على الشعب بالقول دون الفعل ، حيث اكتفى الجميع بتصريح أو بيان لا يسمن ولا يغني وهم في مكاتبهم المسورة والمحمية ، دون الوصول لأي منهم إلى مكان الحادث لمعاينة ما جرى .
فتحقيق الكفاءة والتحقق من الخدمات المقدمة للشعب ليس مطلوبا فقط في الظروف الاعتيادية ، وإنما في الظروف الطارئة ، وهو انعكاس لكفاءة الحكومة وأداءها وقدرتها على معالجة الصعوبات ، وهذا ما افتقدناه في حكومة الجعفري وكل أجهزتها .
لقد اعترف وزير الدفاع بأن الجسر كان مغلقا منذ ثلاثة اشهر لوجود ما يستوجب غلقه أمام المركبات والمارة ، إلا أن إلحاح وتوسلات بعض المسؤولين " العزيزين عليًَ " ، حسب قوله ، جعلتني أوافق على فتحه ! أي هراء هذا ؟ ومن هم هؤلاء المسؤولين عديمي المسؤولية ؟ إنها فضيحة أيها السيد رئيس الوزراء الجعفري ، تستحق منكم التضحية ، فهل انتم فاعلون  ؟
31 آب 2005
hadifarid@maktoob.com[/size]

104
وعلى  الجرفين عظمان ..!

هادي فريد التكريتي

 دارت معركة ستالينغراد عام 1943 بين الجيوش الألمانية النازية الغازية لأراضي الاتحاد السوفيتي وبين الجيش الأحمر ورديفه الشعب السوفيتي ، تكللت المعركة بدحر وإبادة الجيوش الغازية ، كانت المعركة بين غزاة فاشست  وشعوب من أجل  قيم إنسانية عليا ناضلت من أجلها، تحرر أو استعباد ، حرية أم عبودية ، تقدم أم تخلف .
وقد أبدع  شاعرنا العظيم الجواهري في تبيان جوهر العدوان النازي وهزيمته بقصيدة خالدة أسماها " ستالينغراد " ، ولو استعاض عن هذه القصيدة ببيت شعري واحد من هذه العصماء لأدرك القارئ المغزى العميق لهذه المعركة ولهذا النصر الذي ساهم في خلاص البشرية من عبودية لا يمكن التكهن بما كان عليه حال البشرية اليوم لو حقق النازيون نصرا":
            وعلى الجُرفين "عظمان " هما        رمز عهدين انحطاطا وارتقاءْ
 وهذا بالضبط ما يدور عندنا حاليا ، بين مختلف القوى السياسية العراقية وأطيافها ، من معركة لصياغة الدستور بين جناحين لا ثالث لهما ، كما هو الحال  في معركة "ستالينغراد " فأما تقدم وتحرر،  في "جرف " دلل عنه عظم من قاوم الغزاة سالبي حرية البشر ، وإما تخلف وتدهور في "جرف " آخر، يقابله ،  دل عليه عظم نازي ،  يملأ الحقد قلبه وكل كيانه على الناس أجمع .. 
إلا أن الصراع عندنا ، بدايته كانت سلمية بين الكتل الانتخابية والقوى السياسية  في الجمعية الوطنية ، قبل أن يخرج إلى الشارع ليأخذ مسارا عنفيا يسقط فيه ضحايا تضاف إلى الجرائم التي يلحقها بنا الإرهابيون القتلة ، وهذا ما حذر منه الكثير من الكتاب الوطنيين والمثقفين العراقيين .
إن العمل على صياغة دستور وفق عامل زمني حدده قانون إدارة الدولة دون الأخذ بعين الاعتبار الواقع الموضوعي لبلد ، منتهكة حريته وسيادته من أطراف عدة ، ويتحكم فيه الإرهاب العربي والإسلاموي ـ الطائفي ،  قتلا وتفخيخا وتفجيرا ، وسلطة محاصصة ، قومية طائفية ،  لم تنجز بعض ما وعدت به المواطن ، من أمن وعمل و ماء وكهرباء ووقود وغيره ، كل هذه أمور معوقة وغير مساعدة على تنفيذ أمر، أو استحقاق أجنبي ،  صاغته أياد غير عراقية ، وهو محاولة لتطويع الظرف العراقي لأجندة أمريكية غير مهتمة بنتائجها كثيرا ، أكثر من اهتمامها بصورية التنفيذ في بلد " تحتله " قواتها بمساعدة قوات دولية أخرى ، لتظهر أمام العالم أنها ملتزمة بما تعهدت به !.
ولنا أن نتساءل هل تم رسم  وتنفيذ الدستور الأمريكي ، أو الكثير من دساتير العالم ، خلال سنة أو اثنتين بل وحتى بعشر سنوات وفي ظروف سلمية وحكومات منتخبة بحرية وإرادة غير خاضعة لابتزاز أو خوف أم في ظرف كما هو حاصل عندنا ؟
إذن لم كل هذا الإصرار على تنفيذ الوقت المحدد الذي تضمنه قانون إدارة الدولة لصياغة وإقرار دستورنا الجديد ؟ 
إذا كانت الحجة هي ضرورة تنفيذ ما التزمت به القوى السياسية العراقية والتي تضمنها ما يسمى " قانون إدارة الدولة "، فهذا القانون يمكن تعديله أسوة بما هو حاصل من تعديل ، كما قد خالفته مواد  وبنود الكثير من المواد التي تضمنتها مسودة الدستور الذي سيقر، وربما الذي أقره المجلس دون مناقشة أو حتى قراءة أولى ، ولم يلتزم المشرعون لهذه المسودة بالأحكام التي شدد عليها "قانون إدارة الدولة " في الكثير من مواده ..
ولطالما اعترف السيد الحسني رئيس الجمعية بتسلم المسودة ،  وهي غير مقرة من مجلس  ترأسه ، وتجاوز النص على تلاوتها ومناقشتها ، فهو قادر،  من خلال  الجمعية الوطنية ، على إصدار تشريع ، طالما الجمعية منتخبة ، بتمديد العمل ب "قانون إدارة الدولة " لفترة يتفق عليها ، كما  يؤجل تشريع الدستور لوقت آخر اكثر ملائمة ، يتم فيه حوار منطقي هادئ وموضوعي بين الأطراف السياسية ، بعيدا عن الضغوط الأمريكية وفرض تنفيذ رغباتها المقلقة ،  والمخلة ـ في نفس الوقت ـ بتعهداتها في بسط الديموقراطية وأحكامها ، ليس في العراق بل في منطقة الشرق الأوسط .
وها نحن نرى أنها تخلت عن برنامجها هذا ، موافقة على إقامة حكم إسلامي  طائفي يعزز من مواقع إيران في المنطقة بدلا من محاصرتها ، وهذا الأمر  ليس غير مفهوم فقط بل إجراء مشبوه يدلل على فشل في كل ما أقدمت عليه في العراق وفي المنطقة ، إن لم يكن هناك ما هو متفق عليه بين الحكم الطائفي ـ القومي ـ الأمريكي ، من وراء ظهر الشعب العراقي ، ويتم تنفيذه وفق سيناريوهات متفق عليها بين الأطراف الثلاثة المذكورة .     وإلا كيف لنا أن نصدق الموقف المتشدد للكورد، وبالذات السيد مسعود البرزاني رئيس إقليم كوردستان من حق تقرير المصير ، فبدلا من أن يكون تجاوزه خطا أحمر ، أصبح الشطب عليه  بالخط الأحمر بديلا ومطلبا ! والعاصمة المقبلة للدولة الكوردية كركوك ترحل ، ليؤول بها الحال تأجيلا إلى سنة 2007 ، والموقف من البيشمركة يسدل عليها الستار وكأنها لم تكن بالأمس قوة الدفاع عن الإقليم ومؤسساته ؟ ، والفدرالية وحدودها وضرورة تثبيتها اليوم قبل غد يتنازل عنها الجميع ! وعائدات النفط لم تعد ما يشغل البال بها أحد ؟ وفصل الدين عن الدولة ، هل ابتلعته العنقاء ؟
كيف يمكن لنا أن نتصور أن المجلس الوطني الكوردستاني يعلن دعمه لمسودة الدستور المقترحة وهي لم تتم صياغتها بعد بل مختلف على الكثير من بنودها وموادها ، وكيف يمكن التأكيد على إنها ـ المسودة ـ إنجاز كبير للأكراد في هذه المرحلة المهمة في التاريخ العراقي ، كما يقول السيد عدنان المفتي رئيس المجلس ، أبكل هذه البساطة تقلب الحقائق وتزور الوقائع ؟ 
كل هذه الأمور عليها علامات استفهام مطلوب الإجابة عنها ، وتدلل على أن أمرا خطيرا يبيت للعراق وللعراقيين ! إلا إنه لن يمر ، إن مروا بالأمس من هنا وخُدعنا بهم فاليوم وغدا لن يمروا ، ولن ينتهي تاريخ العراق وصناعه الوطنيون لا زالوا يتنفسون هواءه الملوث بعار المساومات ،  ويتفيأون ظلاله رغم الألغام المتفجرة بينهم في كل مكان ، إلا أن المتآمرين على العراق  ومخططاتهم  لن يمروا ، وسنرى الفشل مكللا بعارهم ..
 إن محاولة فرض صياغات بنود ومواد في مسودة الدستور من قبل الطرف الطائفي ، والتشدد الذي أبداه ، لتعزيز موقعه ، موقف مرفوض ،  لم يحض بإجماع ولا حتى بأغلبية المتحاورين ، والدستور هو حالة دائمة لمجتمع في وضع مستقر،  يتطلب بعد نظر ورؤية صائبة تحقق العدالة والاستقرار للشعب ، وهذان  الأمران  لم يكونا ضمن تصور وآفاق الجهة التي هيمنت على الصياغة ، حيث كان الهدف من صياغة المسودة تثبيت حقوق ومكاسب لفئة على حساب أغلبية الشعب العراقي ، وهذا ما تسبب في عدم القدرة على اتفاق يرضي أطراف الصياغة و حصر الخلافات ضمن إطارها ، رغم التأجيل الذي صاحب إقرار المسودة أكثر من مرة ، ورغم تنازل القوى الكوردستانية عن بعض مطالبهم المهمة .
وكذلك فعل بعض ممثلي الطائفة السنية الذين أبدوا ليونة وتراجعا عن بعض مواقفهم السابقة ، حرصا منهم على عدم التسبب في فراغ سياسي ، كما يدعون ، وتأكيد رئيس الجمهورية السيد جلال الطلباني ، "على ضرورة تلبية مطالب العرب السنة الذين يعترضون بشكل خاص على مبدأ الفدرالية " أي أنهم قد قلصوا مطالبهم وحصروها في الاعتراض على فدرالية طائفية للجنوب والوسط . وأكدالسيد الطلباني " أن استقرارا سوف لن يتحقق إلا بالتوافق بين المكونات الثلاث للشعب العراقي " يعني الشيعة والكورد والسنة ، وأضاف السيد الطلباني " يجب ان نلبي مطالب العرب السنة ، فالدستور لخدمة الجميع وليس لخدمة فئة معينة من المجتمع العراقي .." إنه يقصد  بالفئة ـ الطائفية ـ .
إن هذا التصريح للسيد رئيس الجمهورية وهو المطلع والحصيف بأحوال المعارضين لبعض بنود وصياغات الدستور، يدلل على أن التشدد هو ما  تبديه أطراف من قوى الائتلاف الشيعي ، للحصول على أكبر قدر من المطالب التي يسعون لها دون وجه حق ، على اعتبار أنهم يمثلون أكثرية الشعب ، وهذا ما دللت على عدم صحته ، المستجدات الحاصلة على الواقع الشيعي ـ الشيعي ، وعدم إقرار أطراف شيعية أخرى بهذا الفهم الخاطئ .
فالمواجهة الجارية حاليا بين أنصار مقتدى الصدر و قوات بدر المؤيدة للسيد عزيز الحكيم، ألحقت ضررا بالغا في البيت الشيعي ، وأدت إلى سقوط قتلى وحرق مكتب السيد الصدر في النجف ، وشددت من  سورة العنف في بغداد والنجف والسماوة  والديوانية ،  ومهدت لامتداد و تصاعد آثارها لمناطق أخرى في العراق ، تكون من أولى  نتائجها فرط عرى التحالف ـ وأن كان في الأصل غير متين ـ  بين فصيلين يمثلان مركز قوة في الحكم وخارجه .
إن هذه الأحداث الجارية تدلل على أن الطائفة الشيعية ليس غير موحدة فقط ، بل ومتناقضة مع بعضها في الفهم الوطني والمصالح الطائفية ، يتطلب من القوى الوطنية والديمقراطية أن تعمل جاهدة لتفكيك بذور الاتجاهات الوطنية الكامنة لدى بعض عناصر التيار الصدري  وفصلها عن الفهم الطائفي المعادي لمصالح الشعب العراقي ، وهذا ما يضعف قائمة الائتلاف وموقعها في الجمعية الوطنية و في الحكومة ، وبالتالي يلحق ضررا بالغا في تأثيرها على المجتمع العراقي ، خصوصا أن لمقتدى الصدر 21 نائبا في الجمعية الوطنية و3 وزراء في الحكومة وكلهم علقوا عضويتهم في هذه المؤسسات ، مما يقوي جانب المعارضين ، سواء أكان المعارضون لنهج الحكومة الطائفي أم لصياغة الدستور،  وهذا بدوره يسحب البساط من تحت أقدام الائتلاف ، ويحدث خللا في تحالفاتهم ،  ويقلل من دورهم باعتبارهم الكتلة المقررة في أغلب أمور الحكم والجمعية الوطنية .
إن تمت المصالحة بين الطرفين وتلافي ما أقدمت عليه قيادة السيد عزيز الحكيم وقوات بدر من خطأ قاتل تجاه الصدريين، أم لم تتم ، فهذا السلوك أظهرهم على حقيقتهم في هذا لظرف ، كونهم لا يجيدون الحوار بعيدا عن السلاح حتى مع حلفائهم الأقربين ، فكيف بامناقضين لهم بالفكر والتوجه ؟
وكيف لنا أن نصدق ما قيل عن " حقوق ديموقراطية لا  تتنافى مع مبادئ وقيم الإسلام ". الموقف سيتدهور أكثر فأكثر، ولا بد من اصطفافات وطنية جديدة على كل الصعد ،  للوقوف بوجه من يريد أن يخدعنا بدستور طائفي  زائف ، لا يحقق للشعب العراقي سوى قيود  جديدة أكثر مرارة وقسوة من  ديكتاتورية عنصرية ساقطة .
 25 آب 2005
hadifarid@maktoob.com

105
استلمنا المسودة ..لكن !

هادي فريد التكريتي

"استلمنا مسودة الدستور ولكن ...هناك بعض النقاط العالقة ، ولا بد أن تعالج خلال الثلاثة أيام القادمة .." بهذه العبارة افتتح السيد حاجم الحسني رئيس الجمعية الوطنية حديثه مخاطبا أعضاء الجمعية وكبار رجال الدولة والحكومة ، ليرفع الجلسة على أمل أن تجتمع الجمعية الوطنية ، بعد ثلاثة أيام ، لمعالجة نقاط الخلاف التي لازالت عالقة ، إلا انه لم يعلن ماهية هذه النقاط التي مازالت تحول دون الاتفاق على إقرار المسودة ، رغم أن الكثيرين من أعضاء الجمعية ومن أعضاء صياغة المسودة قد أدلوا بتصريحات متناقضة ومتباينة حول ماهية هذه الخلافات.، وهذا يعني أن المسودة تصاغ بعيدا عنهم جميعا ، . ومن خلال قراءة آخر مسودة نشرت على بعض المواقع الالكترونية ، لم نقرأ ما كان يطالب به الكورد من مطالب ، وهذه كانت تعتبر من الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها وأخرى لا يمكن التفريط بها ،فليس أول هذه الخطوط " الإسلام مصدر أساسي للتشريع " وليس آخرها " إقليم كوردستان وحق تقرير المصير وتقاسم الثروة والبيشمركة  " التي غيبت ، ولا ندري ما ثمن هذا التنازل ؟
البعض يقول أن دخول الأمريكان ضاغطين ومطالبين إبداء التساهل أزاء المطالب الطائفية ، بموقع الإسلام المتميز في التشريع ، ولا ندري لم هذا الكرم الأمريكي والغزل مع الطائفية ، وهم يعلمون النتائج الخطيرة التي يؤدي إليه مثل هذا الموقف ، لما له من انعكاسات تؤثر على الموقف الإيراني والصراع الدائر بينهما في المنطقة ، كما أن المواقف الكوردية من مجمل قضايا تخصهم كانوا متمسكين بها ، قد أغفلت وتم تجاهلها في الظرف الراهن ، ولم يتضمنها الدستور في مسودته الراهنة .
هذا كله يدعونا للتساؤل هل وراء كل هذه المواقف مجتمعة طبخة مساومة تعد من وراء ظهر الشعب العراقي ؟ بيع وشراء للعراق وشعبه بين هذه القوى مجتمعة ، القومية الكوردية والطائفية وقوى الاحتلال الممثلة بالسفير الأمريكي خليل زاد ؟
لا شك ستظهر الأيام القادمة ما هو مخفي من الأمور والذي أدى لأن ينفرد "الائتلاف الشيعي " ويحقق كل ما رغبوا به في هذه المسودة ، والتي اكتنفها غموض بحقوق المواطن الديموقراطية ، وأنكروا فيها حقوقا أساسية لنصف المجتمع العراقي ، ولم يسلموا لها ، للمرأة ، بحق مساواتها مع الرجل ، في الكثير من حقوقها التي تقرها المواثيق الدولية ومبادئ حقوق الإنسان ، فهل سيشرع الكورد في إقليمهم قوانين تخالف الدستور ، والقوانين والمواثيق الدولية ، الذي هم موافقون عليه .؟
 مسودة الدستور ، ولكن ...المؤجل إقرارها ثلاثة أيام ، مهدت الطريق لتفكيك العراق وتجزئته على أساس طائفي بحت ، بحجة عدم الموافقة على المركزية التي من شأنها إنتاج الديكتاتورية ، وهذا إلى حد ما صحيح ، ولكن هل الإسلام بكل طوائفه ومذاهبه ، المتنوعة والمتعددة ، قادر على إنتاج "مفاهيم ديموقراطية " وهل ما هو قائم في بعض دول الإسلام ! له علاقة بالمفاهيم أو الحقوق الديموقراطية أو حتى الإسلامية ؟ وهل تحظى بإجماع المسلمين ؟
التناقض في الدستور خطرة عواقبه ، ولا يجوز أن تثبت مادة أو فقرة غير واضحة أو ملتبس فهمها ، فقد نصت المادة الثانية أولاـ "الإسلام  دين الدولة الرسمي ، وهو مصدر أساسي للتشريع ، ولا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابته وأحكامه ." ثانيا ـ " لا يجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديموقراطية ولا مع الحريات الأساسية الواردة في الدستور " من يستطيع أن يوضح ويفسر هذه المادة ؟ كيف لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابته وأحكامه " الإسلامية ، وثانيا المارة الذكر التي تنص على عدم سن قانون يتعارض مع مبادئ الديموقراطية ؟
فكل حكم ديني وطائفي تعارض مبادئه المبادئ الديموقراطية ، وكل المبادئ الديموقراطية معارضة لتعاليم كل دين ، ولا جامع يجمع الإثنين في مكان ما ! لفك هذا اللغز نحن بحاجة لمن يوضح لنا كل الثوابت والأحكام الإسلامية التي تنص عليها هذه الفقرة ، منعا لتأويل المتزمتين من الفقهاء ، الذين سيضمن لهم الدستور الجديد موقعا في المحكمة الدستورية ، ويمنحهم حق تفسير القوانين وما استعصى فهمه ! كما الحاجة تقتضي أن تسطر المبادئ الديموقراطية ، والحقوق والحريات الأساسية التي يرغب الدستور في صيانتها للمواطن ،منعا لتجاوز وتعدي المنكرين لحقوق الغير عليها ، ولا يجوز أن تعهد لقانون سيشرعه مشرع طائفي أو عنصري وفق هواه ، كما هو حاصل في المحافظات التي يحكمها الإسلامويون الجدد ! فإذا كان الدستور إسلاميا ، والإسلام شيعا وطوائف ، فمن يا ترى سيكون له السبق في التشريع وتحديد ما هو إسلامي من غيره وفي النهاية ليس لنا سوى ، طاعة أولي الأمر منكم !
أما ما يخص الفدرالية ، فالطائفيون ، يعتقدون بل يصرون على أن الجنوب له خصوصيته ، في مظلوميته ، وسبب مظلوميته هو وقوف الشيعة إلى جانب أهل البيت ، علي بن أبي طالب وأولاده وذريتهما من بعدهما وحتى اللحظة مدافعين عن حق تاريخي ، وهذا الحق هو حكم مسلوب منذ مئات السنين ، والذي يطالب به ورثة يقولون انهم الوارثون ! ولكن لم يخبرنا أحد هل أن الإسلام كان هو السبب في تجريد علي وأهل بيته من الحكم أم لا ؟
إذن فمنذ أكثر من 1400عام ، أي من بعد موت النبي محمد ، وعدم تشخيصه الصريح ، وغير المتفق عليه ، لمن يتولى الأمر من بعده ، وحتى اللحظة لم يطبق الإسلام ، وكل خليفة عادل أم جائر ، طبقه وفق رؤاه وتصوره ، حتى وإن تعارض مع نص الآيات الصريحة ، ومن تعاقب على حكم العراق باسم الإسلام اضطهد كل الشعب العراقي ، بكل طوائفه وقومياته وليس الشيعة وحدهم ، فلم هذا الحق  والخصوصية والمظلومية التي يطالب بها الطائفيون ؟
هذا أولا ، وثانيا هل يعتقد أتباع الإمام علي ، لو افترضنا أنهم موحدون فيما يذهبون إليه ، وهذا افتراض باطل ، هل بعد كل هذا التاريخ هم قادرون لأن يعيدوا للإسلام روحه ورونقه بعد أن أسس أمثال لهم حكما أغرق البلاد في مشاكل لها أول وليس آخر ، ليس أولها إنكار حقوق القوميات ولا آخرها طمس الحريات ؟  فإن كان نموذجهم إيران ، فمشروعهم في العراق فاشل وعليهم أن يفتشوا عن طريق آخر ! قائمة الائتلاف الشيعي ، الطائفية ، لو طرحت مشروع الفدرالية في العراق على أساس تاريخي ، جغرافي وحتى قومي ، أسوة بفدرالية كوردية ، لكل العراق العربي ، لظهرت بمظهر أكثر وطنية وحرصا على العراق من غيرهم ، ولسحبت البساط من القوى المناوئة لها ، ولقلنا ولقال غيرنا ، إنها من يسعى لوحدة عراقية حقيقة .
   
أما وقد تبنى قادتهم ، سلخ الجنوب لإقامة فدراليات بحجة عدم عودة الدكتاتورية ، وهي حجة باطلة تفوح منها رائحة النفط ، فهم سيقيمون دكتاتورية أدهى وأمر ، ولظهروا ، كما هو الواقع اليوم ، أنهم غير معنيين بالعراق وبشعبه ، وسيزيدون من معاناته ومأساته ، فصدام لم يكن قد اضطهد الشيعة ولا الكورد ـ الكثير من هؤلاء دعموه وآزروه ـ بل اضطهد كل الوطنيين العراقيين الذين وقفوا ضد عنصريته وطموحه غير المشروع ، من السنة والشيعة والكورد وغيرهم من الطوائف والقوميات ، فبسبب وطنيتهم تم الاضطهاد والقتل والظلم ، وليس بسبب طائفي أو قومي كما يريد أن تصوره لنا الطائفية ، وفي هذه اللحظة يتم تهجير الشيعة من تلعفر إلى مناطق أخرى من بغداد وغيرها ، فهل هذا هو الحل الطائفي ـ القومي لمشاكل العراق ؟
 
أن المشاكل ستتعدد وتظهر تباعا ، فكما ظهرت مسألة تقاسم الثروة ، التي يعتبرها الطائفيون ملكا لهم لأنها في  جنوب بلد يسمى العراق ! تظهر حاليا مقاسمة المياه ، فإن سيطر العرب السنة والكورد على مياه العراق ، وحجبوها عن الجنوب فما العمل ؟ هل سيبادلون النفط بالماء ؟
وسيزول آنذاك شط العرب وتصبح الحدود واحدة مع الجار والشقيق الطائفي ، وسيتحقق آنذاك مشروعهم الوحدوي الساعون له والذي تتضمنه أجندتهم الطائفية ، التي بدأ الاعلان عنها شيئا فشيئا ! أليس كذلك ؟ لا ، هذا لن يكون ، فثروات العراق ، يا سادة العراق الجدد ، من نفط وغاز وماء وكبريت وغيرها من الثروات التي لا تحصى ولا تعد ، هي ملك للعراق ، وبالتالي كل مواطن عراقي في الشمال أو الجنوب ، وفي أي مكان كان من العراق له حصة فيها ، وهي ملكه ، وسيدافع عنها ، ولا يمكن لأحد كان من كان وبأي شكل كان ووفق أية ذريعة أن يجرد العراقي من حقوقه ، ويوزعها حصصا وفق نظرية آخر زمان :ـ "برميل إلك برميل إلي " إنها أحلام قصيرة الأجل ، فإن تحققت بعضها نتيجة لظروف أوجدتها الدكتاتورية العنصرية ، ولما أضافت عليها قوات الاحتلال ، وللإرهاب الذي نتج عن المشروع الأمريكي ، الداعي لنقل مقاومة الإرهاب بعيدا عن الساحة الأمريكية ، والطائفية التي ذر قرنها وبدأت بطرح شعاراتها المظللة مستغلة الواقع المزري للمواطن العراقي ، الذي هو جزء من واقع أوجدته وهي في السلطة، فهذا كله أمر لن يطول ، قصر أو طال ، وستعود الحياة لمجاريها ، ولم يبق في الوادي إلا الحجر الوطني المقاوم لكل المشاريع المشبوهة ، عربية كانت أم طائفية ، فارسية أم أمريكية ، فالعراق لكل العراقيين وستفشل كل مشاريع التجزئة كائنا من كان وراءها ! وسيسن دستور عراقي على أسس وطنية خال من كلمة لكن ..!
23 آب 2005
hadifarid@maktob.com[/size]

106
المفوضية العليا للانتخابات .!

هادي فريد التكريتي
hadifarid@maktob.com

 التجربة العراقية السابقة للانتخابات لم تدلل بحق أن المفوضية العليا قامت بواجبها بحيادية ، كما تقول تامة ، لأنها قد تجاهلت عن عمد ، الكثير من الاعتراضات المقدمة لها من قبل قوى سياسية وأفراد ، وخروقات أقدم عليها ممثلو قوائم انتخابية معينة في مناطق كثيرة ومختلفة من العراق ، تحت علمها وسمعها .
كما أن الحكومة ، آنذاك، قد تدخلت قواتها من شرطة وجيش في التأثير على سير الانتخابات ، كما شاركت ميليشيات علنية وسرية في تهديد بيوت وعوائل ، وقد أقرت المفوضية العليا بهذه الخروقات ودون أن تتخذ إجراءات عقابية بحق مقترفيها، كما اعترفت بحرمان مناطق متعددة من التصويت لعدم وصول صناديق الاقتراع إليها، ولعدم وصول الاستمارات الانتخابية لناخبين في مناطق أخرى لأسباب شتى ، وحصلت ملابسات تجاهلتها المفوضية ، أثرت بالنتيجة على المحصلة النهائية لنتيجة الانتخابات .
ورغم كل ما اعتور هذه العملية الانتخابية من قصور وأخطاء ، فاللجنة لا زالت تمارس أعمالها ، ولم يتضح من أنها قد عملت على تجاوز الأخطاء لاحقا ، كما وعدتنا بشفافية إجراءاتها عند بداية عملها ! ورغم كل الادعاءات وما قيل عن استقلالية هذه اللجنة ، فهي غير مستقلة في عملها وغير حيادية كذلك ، لأنها مرشحة من قبل رئيس الحكومة لصالح جهات طائفية، ولأنها لم تكن بعيدة عن التعديل الذي جرى على قانون الانتخاب بتغيير العمل بالدائرة الانتخابية الواحدة للعراق ، والذي لم يقر الإشراف الدولي على الانتخابات لتضييق فجوة التلاعب والتزوير والتأثير على المقترعين لحظة التصويت خارج وداخل المراكز الانتخابية ، كما لم يرشح من خلال التصريحات والمقابلات التي أجريت مع بعض أعضائها ، أن القضاء سيدخل ضمن هذا الإشراف .
وهذه كلها من سلبياتها في المرة الماضية والتي لم تعمل على تعديلها أو النص على معالجتها حاليا ، وهذا ما يصب في مصلحة الحكم حاليا وتشكيلته الطائفية ، كما لم تكن اللجنة بعيدة كذلك عن استبعاد الناخبين في الخارج من الاستفتاء على الدستور الذي سيجري في منتصف تشرين أول من هذا العام ، بعد إقراره ـ إن تم الاتفاق على المسودة المختلف عليها حاليا ـ ، فمن له حق انتخاب أعضاء الجمعية الوطنية ألا يكون له الحق بالاستفتاء على الدستور ؟.
وبالمقابل أليس من حقه الطبيعي كناخب أن يراقب أداء وعمل ممثليه في الجمعية الوطنية ؟ والدستور هو أهم وثيقة يساهم في صنعها ممثلوه ، فمن حقه إن أتيحت له فرصة الحكم على ممثليه بالاستفتاء فعليه أن يفعل ، فلم استبعادهم ؟ في مقابلة أجرتها " العالم الآن " موضوع على صفحة عراق الغد الالكترونية ، أجاب عن هذا التساؤل ، رئيس المفوضية العليا للانتخابات السيد عادل اللامي ، قائلا " الجمعية الوطنية أصدرت قانون الاستفتاء ولم ترد فيه إشارة إلى إجراء عملية الاستفتاء خارج العراق "
وقد ربط السيد اللامي بين هذا الاستبعاد ومادة في قانون إدارة الدولة قائلا ".. إذا رفض ثلثا الناخبين في ثلاث محافظات فان عملية الاستفتاء ستفشل ، وبالتالي تحل الجمعية الوطنية . ولأجل ذلك يتطلب أن يتواجد الناخبون أو المصوتون في محافظات معينة بالذات ، أما الذين يسكنون خارج العراق فهم لا ينتسبون إلى تلك المحافظات فعليا.."
ولكنه لم يشر إلى نتيجة تصويت الأغلبية على الاستفتاء ، سلبا أم إيجابا ، والمتواجدون في الخارج هم جزء من كل ، لهم حق الاستفتاء على الدستور! ورئيس اللجنة ينظر للأمر بمنظار مادي صرف إذ يقول " حتى في الانتخابات السابقة كان عدد الناخبين العراقيين الذين صوتوا بالفعل هو بحدود 290 ألف ناخب ، غير متناسب مع كلفة تلك العملية .." إذن فالمقياس هو كم كَلَفَت الانتخابات وكم سيكلف الاستفتاء  ؟
ناسيا أو متناسيا أن حقوق المواطن لا تقاس بكلفتها المادية ، بل بمدى احترام الدولة للمواطن وحقه في أن يبدي رأيه في ممارسات أجهزتها وخصوصا السلطة التشريعية ، التي تستمد الحكومة منها شرعيتها !
والمواطن العراقي المزروع في الخارج لم تكن هذه هي رغبته ، ولم يترك العراق بوثائق عراقية صريحة ونظامية ، إنما هرب ناجيا بجلده ، وهذا ما يعرفه الحكم بكل تلاوينه ، وأغلبهم كانوا كذلك ، فعلى الدولة ليس أن تضمن حقه في الانتخاب والاستفتاء فقط ، بل بتعويضه ماديا وترد له كافة حقوقه التي خسرها جراء جرائم الحكم السابق ، لابتأييد لغمط حقوقه من الحكم القائم ، و هذا الحق ـ الانتخاب ـ ليس منة من الحاكم أو من أحد أيا كان بل حق شرعي أقرته مواثيق الأمم المتحدة وشرعة حقوق الإنسان الدولية .
مما يثير الدهشة والاستغراب من عمل الجمعية الوطنية المنتخبة من قبل الشعب ، قبل الحكومة والمفوضية العليا للانتخابات ، هو تشريع قانون الانتخاب الجديد الذي أصدرته جمعيتنا الوطنية ذات الأغلبية الطائفية " الساحقة " الذي سلب حق المواطنين في الخارج من حقهم الانتخابي في الدورة القادمة ،بسبب كلفته الباهضة كما قال السيد عادل اللامي ، رئيس المفوضية ، ولم تحاسب الجمعية الوطنية رجال الحكم لإهدارهم المال العام ليس فقط لذهابهم بأربع طائرات للتعزية إلى السعودية بدلا من واحدة وإنما كذلك لفساد أجهزة الدولة والوزارات ونهبها لميزانيات البنى التحتية التي ائتمنوا عليها ، ونقص وعوز في خدمات المواطنين الذين يتضورون جوعا وألما من فقدان الطاقة الكهربائية والماء الصافي والبنزين والبطالة ولا نقول فقدان الأمن والقتل المفخخ وغير المفخخ !
لنقرأ ما يقوله السيد عادل اللامي  " قانون الاستفتاء الذي أصدرته الجمعية الوطنية ، قبل بضعة أيام ، لم يشر من قريب أومن بعيد إلى مسألة إجراء الانتخابات في خارج العراق .." أي بصريح العبارة أن الحكم قد سلب الملايين من حقهم الانتخابي ، بحجة الكلفة المادية ، وليس بتقصير من الحكومة والمفوضية العليا ؟ التي لم توفر في كل دول اللجوء ما يضمن للمواطن العراقي وصوله إلى المراكز الانتخابية ، القليلة العدد والمتباعدة المسافة ، معتقدة أن كل المواطنين في الخارج ، هم من أصحاب الملايين أو العاملين في التجارة ولهم القدرة على السفر والوصول إلى المركز الانتخابي متى يريدون ووقتما يشاءون ، ومن المأساة عدم إدراك : أن من هم في الخارج أغلبهم وكثرتهم الساحقة غير قادرة على السفر من مدينة لأخرى وليس من بلد لآخر .

 على الجمعية الوطنية أن تعيد النظر في موقفها من قانون الانتخاب وما احتوى من ثغرات تؤثر على مجرى الانتخابات اللاحقة ، نزاهتها وشفافيتها ، وإعادة تشكيل المفوضية العليا للانتخابات على أسس جديدة ، بعيدة عن ترشيح رئيس الحكومة ، فالهيئة ، بتشكيلتها ونظمها الحالية ، لم تكن مؤهلة وغير قادرة لأن تشرف على انتخابات قادمة ، هي على الأبواب .
كما أن إجراء انتخابات تشريعية جديدة ، تتطلب إعادة الحق المسلوب من مواطني الخارج ، والإكثار من مراكز الاقتراع في بلدان اللجوء، واستقالة الحكومة وتشكيل حكومة حيادية ومستقلة تحظى بإجماع وطني ، تجري وتشرف على انتخابات ديموقراطية ونزيهة ، بإشراف دولي ومنظمات حقوق الإنسان ، العراقية والدولية.[/size]

107
المنبر السياسي / المأزق . .
« في: 03:30 17/08/2005  »
! المأزق . .




هادي فريد التكريتي

حكومات العهد الملكي أكثر ديموقراطية وأكثر جرأة من حكومتنا الحالية ، المُشًكَلة
من ائتلاف طائفي شيعي وائتلاف قومي كوردي ، فعندما أبرمت حكومة صالح جبر
أعلنت عنها في وسائل إعلامها ، صحافة 1948 المعاهدة البريطانية العراقية عام
وراديو ، ولم تحاول أن تخفيها أو تتستر عليها ، كلا أو جزء ، على الرغم من
أن هذه المعاهدة كانت ضد مصلحة الشعب العراقي بالكامل ، والقوى الفائزة
، فوزا ساحقا ، بأغلبية المقاعد في بداية هذا العام ، عقدت اتفاقا مكتوبا
وموقعا من عناصر قيادية من كلا القائمتين ، قائمة الائتلاف الكوردستاني
( قومية ) وقائمة الائتلاف العراقي الشيعي الموحد ( طائفية ) ، إلا أن الفريقين
لم يعلنا للملأ ما حواه هذا الاتفاق ، رغم مطالبة الكثير من الكتاب بإعلانه
، لمعرفة بنوده وما تم الاتفاق عليه . وعندما يتلكأ الجانب الطائفي من الحكومة
المتمثل برئيس الوزراء السيد الجعفري ، من تنفيذ بعض ما يخص الكورد من مطالب
، يطالبون بتنفيذ ما هو مكتوب ومتفق عليه، والشعب العراقي هو المعني بما
اتفق عليه الطرفان إلا انه يجهله ، وهدد الكورد، أكثر من مرة ، على لسان
السيد مسعود البرزاني رئيس إقليم كوردستان ، بالانسحاب من الائتلاف الحكومي
، ولولا الاستعصاء الذي حصل مؤخرا في مسودة الدستور، والمأزق الذي هدد بفك
عرى التحالف ، لبقي هذا الاتفاق حبيس الائتلافين ، حيث بادر موقع الحزب الديموقراطي
! الكردستاني بنشر الاتفاق مشكورا
الاتفاق ينص: أولا الإلتزام بقانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية بكل
بنوده بوصفه المنظم والمرجعية لعمل الحكومة والجمعية الوطنية والسلطة القضائية
واعتبار أن مهمة المرحلة الانتقالية هي إعداد الدستور الدائم
هذا البند صريح وواضح لا لبس فيه ، فقد اعترف الطرفان أن قانون إدارة الدولة
هو المرجعية لكل السلطات ، إذن لم الخلاف على صياغة مسودة الدستور وعلى الفدرالية
التي يطالب بها الكورد ؟
القوى السياسية العراقية عندما كانت في المعارضة أقرت للكورد بالفدرالية ،
وبعض القوى السياسية من ديموقراطيين وشيوعيين منذ قديم الزمان ، يحملون ،
حق تقري المصير للشعب الكوردي ، هذا المطلب على ظهورهم ، صخرة سيزييف ،وكانوا
هم الحليف الوحيد للكورد الذي يتقدمهم بمسافات زمنية بما يطرحه من مطالب
لهم ، وقد عانى ما عانى نتيجة موقفه هذا ، حتى اللحظة ، ربما لعدم توثيق
تحالفاته كما يصنع البعض في الظرف الراهن ، ولربما انشغاله بهموم الوطن أكثر
من الآخرين الذين لا يرون في الوطن إلا ثروات يجب تقاسمها ، وسلطة يجب أن
تدوم لهم ، حتى وإن كان الثمن تمزيق العراق وزجه في حرب أهلية ، تلتهم الأخضر
واليابس ، وإلا لماذا في هذا الظرف يصر الطائفيون على وضع العصي في عجلة
ما هو متفق عليه ؟ فكل ما أثير ويثار في مسودة الدستور من قبل قوى الإسلام
الطائفي هو مخالفة صريحة لقانون إدارة الدولة ، الذي وافقت عليها كل الكتل
والتنظيمات التي ساهمت في مجلس الحكم ، وعليها الالتزام بما قرر، فإذا نصت
المادة الرابعة من قانون إدارة الدولة على أن نظام الحكم في العراق جمهوري
اتحادي فيدرالي( ديموقراطي) تعددي . . . فلم مخالفة هذه المادة الصريحة
واستبدالها بنظام حكم إسلامي ؟ أليس هذا يعني الخروج على ما أتفق عليه ؟
والعمل على تأجيج صراع لا يعلم أحد نتائجه ، إضافة لما يسود العراق حاليا
من أعمال عنف وتقتيل ، . ولِمَ المطالبة بقيام إقليم لكل الجنوب والوسط على
أساس طائفي ؟ والكل يعلم أن الفدراليات تقام على أسس جغرافية تاريخية وليس
على أسس طائفية ، والعراق دون كردستان ، وحدة جغرافية وتاريخية ، وشعوب متآخية
، من قوميات وديانات متعددة منذ اقدم العصور والأزمان ، وقانون إدارة الدولة
بموجب منطوق المادة الرابعة حرم قيام فيدرالية : على أساس الأصل أو العرق
أو الإثنية أو القومية أو المذهب فلم لم يؤخذ بنظر الاعتبار هذا الواقع
؟ كان الأحرى بالقوى الطائفية التمسك بوحدة العراق لعزل القوى التي تطالب
بالانفصال من أي كان ، أما بموقفهم هذا فقد بانت نواجذهم عن شر مستطير يضمرونه
للشعب وللوطن ، للالتحاق بولاية الفقيه الإيرانية ، والكورد حتى بموقفهم
المطالب بحق تقرير المصير الذي لا يقرهم عليه البعض ، هم أكثر تمسكا بوحدة
العراق ، أرضا وشعبا ، فعندما يصرح السيد عزيز الحكيم رئيس قائمة الائتلاف
الطائفية أن الفرصة مواتية ، وربما لن تعود، في تشكيل إقليم تتوفر له كل
مقومات الانفصال ، كان يعول على موقف تساومي مع الكورد في تحقيق هدفه الانفصالي
هذا ، إلا أن الكورد كانوا عراقيين أكثر من القوى الطائفية التي يمثلها الحكيم
، حتى وإن بدت مطالبهم للبعض متشددة ، بسبب السياسات القومية العنصرية للحكومات
العراقية المتعاقبة التي اضطهدت الشعب الكوردي وسلبته حقوق المواطنة الحقة
، تلك السياسات أضرت بوحدة وتلاحم الشعب العراقي مع باقي مكوناته القومية
. ، التي لم يجن منها الشعب العراقي سوى الآلام والدموع
وإذا كان قانون إدارة الدولة قد نص في المادة السابعة على : أـ: الإسلام
دين الدولة الرسمي ويعد مصدرا للتشريع ولا يجوز سن قانون خلال المرحلة الانتقالية
يتعارض مع ثوابت الإسلام المجمع عليها . . فلماذا تتضمن مسودة الدستور
الطائفية اعتبار الدين الإسلامي . . هو المصدر الأساسي للتشريع . . مخالفة
صريح المادة السابعة الفقرة أ التي اعتبرته مصدرا للتشريع وليس المصدر الأساسي
، وإذا شرعت هذه المادة لا يجوز سن قانون خلال المرحلة الانتقالية يتعارض
مع ثوابت الاسلام . . فهي نفسها قد نصت على عدم سن قانون يتعارض . . مع
المبادئ الديموقراطية والحقوق الواردة في الباب الثاني من هذا القانون

وعلى الرغم من أن الحكم بشقيه هو المستفيد من صياغة هذه المسودة لما تضمنته
من حقوق رتبتها لتركيبة طائفية ـ قومية كردية على حساب المواطنة والوطن
، إلا أن مطالب الفئة الطائفية المتعسفة والغير منطقية والتي لا يعارضها
الكورد فقط بل غالبية القوى الوطنية الديموقراطية والقومية العراقية ، كما
تتعارض مع مبادئ قانون إدارة الدولة ، والتي يحاول أن يفرضها ، الائتلاف
العراقي الموحد ـ على الجميع ـ لصالحه دون وجه حق ، باعتبار أن الفرصة سانحة
في الظرف الراهن ولن تعود مرة أخرى ، هي التي حالت دون الاتفاق على مسودة
الدستور ، وأدت إلى استقطاب هدد بحل الجمعية الوطنية ، وهذا لغير صالح الحكم
، مما دفع بهذه الأطراف أن تتفق على تعديل فقرة من فقرات قانون إدارة الدولة
، تبيح بتمديد تقديم مسودة الدستور للجمعية الوطنية لمدة أسبوع ، ولكن هل
هذه الفترة كافية لحل العقد والإشكالات القومية ـ الطائفية التي لم يكن بالإمكان
التغلب عليها خلال الوقت المنصرم ؟ المتابع لسير كتابة المسودة لاحظ أن الكتلة
الطائفية كانت تصعد من مطاليبها كلما مر وقت ، متناسية أن الدستور يؤسس لمستقبل
وطن وأجيال ، ضرورة أن ترتبط عناصره بعلاقات وطنية يسودها السلام والإخاء
، وهو ليس قسمة بين أقلية وأكثرية ، إنما شراكة غير قابلة للقسمة بين مواطنين
في وطن واحد ، دون تفريق ، لذلك يقتضي أن يعكس حقوق الجميع ، رجالا ونساء
، وعلى قدم المساواة والتكافؤ بين كل الأديان ، والقوميات والطوائف والمذاهب
، إلا أن هذا قد غاب ، بقصد متعمد ، عن وجهة نظر الكتلة الطائفية ، معتقدة
أنها هي التي حررت العراق وشعبه من دكتاتورية صدام القومية ـ الفاشية ، ولها
الحق في أن تقيم نظاما سياسيا طائفيا وتشرع دكتاتورية دينية على هواها ،
ولتقتطع من العراق ما تريد لتلحقه بمن تريد ، وحسنا فعل رئيس الجمهورية السيد
آب ، لتمديد فترة صياغة مسودة 15 جلال الطلباني ، في الجلسة الليلية ، من يوم
الدستور التي حضرها السفير الأمريكي ، حين ألقى كلمة مختصرة شكر فيها الأصدقاء
الذين حرروا العراق ، ولولاهم ما كان بالإمكان أن يعقد مثل هذا الاجتماع
لجمعية وطنية في العراق ، إشارة ذكية ذات قصد ومغزى لمن أراد أن يغلب مصالح
! فئة على مصلحة شعب ووطن ، ويوقع العراق في مأزق لا زال قائما
2005 16 آب
hadifarid@maktob. com
_________________________________________________

108
الدستور العراقي . . وطني أم طائفي . . !؟


( 2 )
[/b]

هادي فريد التكريتي

07/08/2005
 
المادة التاسعة ، من الباب الأول ـ المبادئ الأساسية : كان المفروض أن تكون هذه المادة في الباب الثاني ـ الحقوق السياسية والحريات العامة ، وإلحاقها . بالمادة السادسة التي تعالج الحقوق الأساسية للمرأة ، لأن الأسرة أساس المجتمع . . كما تقول المادة التاسعة ، والمرأة في واقعنا العربي والمحيط الإسلامي تعتبر هي الحاضنة الأساسية للأسرة ، وعليها ينصب الجزء الأكبر والمهم في تكوين وتنشئة أفرادها ، فحقوقها هي من الحقوق الرئيسية في الأسرة ، وأي انتقاص من حقها في أي مجال يؤدي إلى إرباك وتدهور للأسرة .
ومن هنا يتطلب الأمر البدء بتربية المرأة تربية وطنية قبل أي اعتبار آخر، فالوطن ومعرفة تاريخه وجذوره ، وما له وما عليه من حقوق وواجبات تجاه المرأة والرجل والطفل ، هو الذي يعزز القيم العليا في شخصية المواطن والمواطنة ، وبدون القيم الوطنية وغرسها في محيط الأسرة تنتفي كل القيم الأخرى سواء أكانت أخلاقية أم دينية ، فالوطن الواحد يحتضن مختلف الديانات والطوائف ، الدين لله والوطن للجميع ، مقولة ناضجة وصحيحة ، وقد تعايش المواطنون العراقيون ، وعلى امتداد تاريخهم فيما بينهم ومع الجميع بمودة وحب ، والدين خاص لمن هو مؤمن به ، ويرتبط بعلاقة ثنائية بين العبد والمعبود .
وإذا أردنا أن نفصل اكثر نرى أن الدين وطوائفه تعزز الفرقة والتناحر في المجتمع ، كما هو حاصل اليوم ، إن جعلناه هو القاسم المشترك بين مجتمع متنوع الديانات والمعتقدات ، وهذا جلي وواضح فيما نرى ونسمع ، ولا سبيل سوى الاعتراف به كواقع ، دون توظيفه أساسا للتربية ومصدرا لنيل الحقوق ، فنحن نحتاج لمبدأ يوطد العلاقة بين جميع مكونات الشعب المختلف دينيا ومذهبيا .
وليس هناك ما هو أفضل من تنمية الشعور بالحس الوطني والتأسيس على مبادئه التي تنمي قيما ُيجمع عليها الشعب بكل مكوناته ، ولا تقيم وزنا للعزل الطائفي، الذي تغذيه الطائفية وتحاول أن تجعله مبدأ من مبادئ أصول الدين لا يمكن أن تعيش بدونه .
لو رجعنا إلى أربعينات وخمسينات القرن الماضي عندما كانت المبادئ الوطنية هي القيم الطاغية والسائدة في العلاقات بين أفراد المجتمع العراقي ، لرأينا تلاشيا للقيم الطائفية ، وما كان يجرؤ المرء أن يسأل زميله في المدرسة أو العمل ، إن كان هو سنيا أم شيعيا أو لأي دين أو قومية هو ينتمي .
أما اليوم بعد التردي الذي حصل منذ أن سيطرت الفاشية القومية وحتى سقوطها ، على يد القوات الأمريكية ، تولتها طائفية مقيتة تنفخ بمنفاخ الفرقة لتأجيج الصراع بين طوائف المجتمع ، عن قصد متعمد ليسهل عليها نهب ثروات البلد وتسخيرها لمصالحها الشخصية البحتة ، وهذا ما يراه ويتحدث عنه القاصي والداني من الأجانب قبل العراقيين .
فالفساد قد استشرى والنهب لملايين الدولارات يتقاسمه الوزراء والمسؤولون الكبار مع الشركات متعددة الجنسية ، والشعب العراقي مشغول عنهم بهموم حياته التي ما عادت تشبه حياة البشر ، فلا ماء ولا كهرباء ولا أمن ولا عمل ، فقد أشغله الحكام الجدد بسؤالهم له ما هو دينه هل هو شيعي أم سني ؟ وإلى أن يعي شعبنا اللعبة القذرة ، التي يمارسها الطائفيون بحقه ، يكون  قد نفذ فيه أمر آخر يشغله عما حدث له . .
الترابط واضح ومنطقي بين الأسرة وحقوق المرأة ، إلا أنها بحاجة لرفع القيود من الباب الثاني ـ الحقوق الأساسية والحريات 6 الإسلامية الواردة في المادة العامة ، فهذه المادة تقول تكفل الدولة الحقوق الأساسية للمرأة ومساواتها مع الرجل في كل الميادين كافة طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية وتساعدها على التوفيق بين واجباتها نحو الأسرة وعملها في المجتمع لولا أحكام الشريعة الإسلامية هذه لكانت المادة واضحة في المساواة بالحقوق بين الرجل والمرأة ، و لولا هذه قبيحة الشكل والمحتوى تفيد دائما التعجيز وتثبيط الهمم .
لهذا فنحن بحاجة لدستور يقر حقوقا للمرأة وللأسرة يتماشى مع التطور ومع الحاجة لبناء مجتمع متماسك ، فهذه المادة قد ساوت حقوق المرأة بحقوق الرجل ، وهذا جيد ، إلا أن هذه الحقوق سلبت عندما ربطت بما يقره الإسلام ، كان على المشرع أن يدلنا على الحقوق الثانوية و غير الأساسية ، التي تتمتع بها المرأة في الإسلام ، قبل أن يتحدث عن الحقوق الأساسية لها ، والتي هي وهم وخيال.المرأة دائما في الاسلام  ناقصة  عقل  ودين ومنقوصة الحقوق ولا تتمتع حتى بهذا المنقوص .فهي لاتتولى قضاء ولا ولاية عامة ، لاعن نفسها ولا عن غيرها ، وإذا أرادت الشهادة على جريمة أو قضية ما ، فامرأتان فاضلتان ( وربما تحملان أرقى الشهادات ) مقابل رجل معتوه ومتخلف ، وإن طالبت بميراث مورثها ، فلها نصف ما للذكر حسب ما تصرح به الآية القرآنية للذكر مثل حظ الأنثيين وإن أرادت الزواج وهي العالمة والمعلمة فليس لها الحق أن تختار ، أو أن تقول لا لوليها الذي يريد أن يبادلها بامرأة له ، وفق المنظور العشائري الذي تريد أن تحييه الطائفية وتعيد له الحياة ، وإذا أرادت قضاء حاجة خاصة بها لأمر ما عليها أن تصحب وليها متخلفة عنه خمسة أمتار ، لأن العار يلاحقه إن سار بجنبها أو معها .
فكيف الحال إن تحدث معها أو لامسها فربما ينقض وضوءه نتيجة الملامسه ( معاذ الله ،) وهي مكممة ومجللة من أعلى رأسها لأخمص قدميها بدثارها ، تتعثر بأذيال خيبتها التي فرضتها عليها القيود الدينية ، وإن طالبت بفسخ زواج غير موفق ، أو رفضت العيش مع زوج أجبرت عليه رميت بالنشوز ، أليست هذه هي الحقوق التي أقرتها الشريعة الإسلامية ، كيف لامرأة تملك كل هذه الحقوق ! قادرة على    بناء أسرة فاضلة متماسكة على أسس دينية متينة ؟
وأنا أستمع البارحة يوم  5 آب إلى شيخ طائفي يعظ من على الفضائية العراقية ، التي أصبحت بوقا للطائفية ، يقول ماذا تريد المرأة ؟ هل تريد أن تتساوى مع الرجل في الزواج بأربعة رجال ؟ هكذا يعالج الدين ودعاته الوعاظ حقوق المرأة دون خجل من كذب ودون حياء من تزوير فاضح ، وكأن المرأة لا هم لها سوى الجنس وممارسته وما وجدت إلا له ، إن هؤلاء المشايخ ـ وكل إناء بما فيه ينضح ـ بفضل الدين ، قد حطوا من قدر المرأة وشوهوا خلقتها وأخلاقها وأنزلوها منزلة متدنية ، حتى دون منزلة الحيوان الأعجم ، إذا كان هذا هو ما يعتقدونه بها ، ويعتقده ويشرعه لها الدين ، كيف يتسنى لهم الوثوق بالمرأة لأن تنشأ جيلا صالحا وفق ما يؤمنون به ؟
هل يسمحون لها لأن تتبوء منصبا قياديا يكون الطائفي بعض العاملين بإمرتها ؟ أي حقوق نريد للمرأة ؟ نريد أن ُينظر إليها كإنسانة كاملة الأهلية أولا وقبل كل شيء ، قادرة على قيادة نفسها والآخرين ، نريد لها أن تتعلم دون حدود ، وأن تشغل نصف ملاكات وظائف الدولة ، من أعلاها لأدناها ، دون تمييز ، طالما هي نصف المجتمع ودرجة تعليمها تؤهلها لهذا ، نريد لها حرية الاختيار، في كل أمور حياتها وحياة أسرتها ، فيما تعتقد وترى أنه الصح والواجب العمل ، نريد لها ألا ينعق الغربان خلفها كلما تحدثت عن حريتها وخياراتها وكأن الحرية مبغى والاختيار جريمة مخلة بشرفها ، نريد لها أن تتساوى في الميراث والشهادة والولاية مع الرجل ، نريد لها أن تسترد حريتها المصادرة باسم الدين أو العرف العشائري المتخلف .
إن كان هناك فساد يحيق بالمرأة فهو فساد التربية والقيم التي تسود المجتمع والتي يؤسس له الطافيون ويسعون إليه في قوانينهم وأنظمتهم التي يسنونها ، وبحجب المعلومات والتعليم عنها ، وإرهاقها بقيود الحلال والحرام التي تكبلها في البيت وخارجه ، وفساد القيم هو ما يفسد المرأة والرجل على حد سواء ، هل العار يلحق بالمرأة فقط إن انحرفت ولا يلحق الرجل إن انحرف ؟ الدين لم يعط حقا للمرأة بل رتب عليها واجبات الخضوع للرجل ، للزوج الذي له كل الحق في اضطهادها وحرمانها من التعليم والوظيفة والتمتع بحياتها كامرأة وإنسان ، صلاح المرء ، رجلا كان أم امرأة هو من صلاح أنظمة المجتمع الفاسدة  والسائدة بحجة الدين ، فهل فيما صلح لمجتمع قبل 1450يصلح لما بعد هذا التاريخ؟
القوانين التي تحكم البشرية متطورة ، وفق سنن التطور الذي يعم الكون كله ، فإن تخلفت النظم والقوانين عن مسايرة مثيلاتها في العالم ، سيعم التخلف ليس المرأة بل الرجل كذلك ، وبالنهاية المجتمع في كل مجالات حياته وأنشطته ، والطائفيون المتخلفون القائمون على الحكم ، يتحملون المسؤولية كاملة إن حصلت هزات في المجتمع تطيح بهم وبما يعتقدون ، فالشعب لم يُقدم آلاف الضحايا من الشهداء لأن يتخلص من فاشية لتتسلمها قوى طائفية ـ قومية لتقيم فاشية  ظلامية أدهى وأمر من سابقتها !
المادة الحادية عشرة : يحظر فكرا وممارسة تحت أي مسمى كان كل فكر يتبنى العنصرية والتكفير والإرهاب أو( يحرض أو يمجد أو يمهد أو يروج له ) وبخاصة البعث الصدامي ولا يجوز أن يكون ذلك جزء من التعددية السياسية في الدولة كل فكري قومي ومهما كان هو عنصري ويمهد لنشوء الاضطهاد لفكر يخالفه ، وهو بؤرة تحتضن الفاشية ، وكل فكر ديني هو طائفي وتكفيري لغيره في الوقت ذاته ، وواضعي هذه المسودة من ضمنهم ! ألا يكفر الطائفيون المساهمون في وضع هذه المسودة طوائف تدعي الإسلام ؟ أليس البعث الصدامي هو قومي وبالنتيجة عنصري ، وفي المجتمع والسلطة أحزاب قومية ؟ من هو الحكم في مثل هذه الحالة ؟
ألا تشمل كلمة تكفير الأحزاب العلمانية والأحزاب الشيوعية وهي تمارس عملها ضمن الواقع العراقي ، وهذا ما ينعق به الدعاة الطائفيون الشيوعية كفر وظلال ! هل سيشملهم الحظر وفق المنطوق الطائفي السائد حاليا إن تمكنوا مستقبلا مما يخططون له ؟ هذه المادة ، سلاح ذو حدين لا تصلح لتنظيم حياة سياسية ديموقراطية  سليمة ، أسوة بكثير من مواد هذه المسودة .
المادة الثالثة عشرة : تلتزم الدولة العراقية بالمعاهدات الدولية بما لا يتعارض مع أحكام هذا الدستور فإذا كان الدستور إسلاميا كيف سيكون الحال !؟
يجب أن تكون هذه المادة كالآتي : تعلق( أي مادة في الدستور وأي قانون كذلك ، إن تعارضت مواده مع ما تقره مبادئ الأمم المتحدة ) هذا الدستور إسلامي ـ طائفي وأغلب المعاهدات المبرمة مع الهيئات الدولية والحكومات مناقضة للدين وللطافية ، فهل سنلغيها ونغلق الأبواب علينا خشية هبوب رياح التغيير التي يخشاها واضعو المسودة ؟ أيها الغلاة الطائفيون : اتقوا الله في نفوسكم وفي شعوبكم لا ترجعونا للعيش في كهوف تورا بورا سيئة الصيت !
المادة الرابعة عشرة : القوات المسلحة العراقية بكل أشكالها والأجهزة الأمنية جزء من الشعب العراقي وتماثله في تكوينه القومي والديني والمذهبي . . .
هذه المادة تجسد محاصصة طائفية بغيضة في القوات المسلحة ، وتحرم الشعب العراقي من الكفاءات الوطنية في مجالات تحتاج مؤهلات عقلية وعملية عالية ، فالكفاءة لا تنحصر في دين أو طائفة ، وخدمة البلد مباحة لكل أبناء الشعب ولمن يمتلك القدرات والمؤهلات التي تبيح له أن يشغل هذا المنصب أو ذاك ، الطائفيون يريدون أن يحرموا الوطن والشعب من كفاءات وطنية وقدرات عقلية وجسمانية تمتلكها القوميات والطوائف العراقية التي يتشكل منها الطيف العراقي ، ويريدون أن يجعلوها محاصصة وفق نسب طائفية بائسة تعيق الخلق والإبداع والتطور ، إذن أين المساواة في الحقوق والواجبات التي تنص عليها المادة الثالثة من الباب الأول ، كما تتناقض من الباب الثاني ـ الحقوق الأساسية والحريات العامة .
على مايبدو ان واضعو المسودة لا يقرأون ما يكتبون ! ! أيها الطائفيون: احذفوا القيود المفروضة على الكفاءات ، فأن توفرت لكم القدرة على المنافسة لا خوف على مناصبكم .
المادة الخامسة عشرة للمرجعية الدينية استقلاليتها ومقامها الإرشادي كونها رمزا وطنيا ودينيا رفيعا هناك( تحفظ من البعض) بدء نقول هذه المادة ناقصة الصياغة ، كما أود أن أصحح وأقول أن المرجعيات لم تكن دائما وطنية ـ بالإنتساب إلى الوطن العراقي ـ ومن يعمل للوطن هو العراقي فقط ويدخل في قائمة المواطنيين ، وهنا لا أحد يقرر إضفاء الرمزية عليه سوى عمله وخدمته ومسعاه للوطن ، التي تجعله كباقي العاملين في المجال الوطني ، عرضة للنقد والانتقاد . .
يجب استكمال نقص الصياغة بالآتي: وعليها( ـ على المرجعية ـ عدم التدخل في الشؤون السياسية تلميحا أو تصريحا واختصاصاتها تتحدد وفق العمل الديني وفي أماكن العبادة المخصصة فقط ) لا أدري أي نوع من الاستقلالية يريد الطائفيون أن يضمنوه للمرجعية ؟ وهل هناك مؤسسات في الدولة ، وعلى الأرض العراقية ، تكون مستقلة وغير خاضعة في أنشطتها للقوانين المعمول بها في البلد ، وهل هذا الحق يشمل كل الطوائف والجماعات الدينية والمذهبية العراقية ؟ بل وحتى الأجنبية ، باعتبار أن المرجعيات الطائفية ، بعضها ، تكون أجنبية ، كمرجعية السيد السيستاني ، في الوقت الراهن هي شخصية إيرانية ، وربما هناك مرجعيات أجنبية لطوائف أخرى فهل سيشملهم هذا ؟
إنها الفوضى الذي تسعى إلى تثبيته في الدستور لجنة صياغة الدستور الطائفية ، وتريد أن تقودنا إلى حكم ولاية الفقيه الحاكم الفرد المطلق ، دون أن تصرح بهذا، ودون أن يحاسب على عمل أو قول أخطأ فيه ، قولوا إن المرجعية معصومة عن الخطأ ، وعلى الشعب السكوت حتى وإن دمرت البلد. .
المادة السادسة عشرة : للعتبات المقدسة في الدولة العراقية شخصية قانونية . . . ألخ كان المفروض أن تلحق هذه المادة بما سبقها باعتبارها تعالج أمرا واحدا . . .
أتساءل قبل مناقشة هذه المادة : هل تشمل تسمية العتبات المقدسة ، للأماكن المقدسة لكل الطوائف الدينية والقومية العراقية ، أم أن الأمر محصور في ما تقدسه الطائفة الشيعية ؟ فعلى سبيل المثال لا الحصر ، هناك ما هو مقدس عند أهل السنة الدوريين ، محمد الدور ، في مدينة الدور ، مدينة عزة الدوري ، وهناك في تكريت أضرحة مقدسة بما يسمى بالأربعين ومحمد البدر ، وهناك ما هو عند الإيزدية شيخ عدي ، و هناك غيرهم مسيحيون ويهود وصابئة مندائيين ، كيف نتعامل مع هذا الواقع ؟
ما المقصود بالشخصية القانونية ، هل يعني أنها خاضعة لرقابة الدولة وتقدم كشف حساباتها ، كما تقدم الشركات في نهاية كل عام كشفا حسابيا بما لها وما عليها من مداخيل وأوجه صرف ؟ أم أنها خارج هذا الإطار ؟ الدولة لها حق مسائلة كل القيمين على الأماكن العامة ، و حتى الخاصة في ظروف معينة ، والأماكن المقدسة تدخلها سنويا بلايين الدنانير كخمس وزكاة ، لتنفق على الصيانة وعلى المحتاجين، والتصرف بمثل هذه المبالغ ، التي تماثل خزينة دولة ، تتطلب الإشراف المباشر والفعلي عليها ، ومعرفة أوجه صرفها وسبلها ، لا أن تترك لرغبة هذه المرجعية وتلك وذلك السيد أو ذاك ، ففي هذه الأموال حق معلوم للسائل والمحروم ، كما تنص الآية القرآنية ، ومن هذا الواقع يجب أن تخضع لرقابة الدولة وفق قوانين تحد من التصرف العشوائي للمسؤولين عن هذه الأماكن ووارداتها. . فالمال مفسدة إن ترك دون رقابة وإشراف ، والوطن يجب أن يُحصن من المفسدين وضعاف النفوس .[/size]


109
الدستور العراقي . . وطني أم طائفي ؟؟ القسم الأول



هادي فريد التكريتي


شرعت الكثير من الدساتير للعراق منذ بداية الحكم الوطني ، منها الدائم ومنها
وآخرها مسودة ما هو بين أيدينا ، الذي ساهمت 1924، المؤقت ، كان أولها دستور
في صياغته لجنة مختلطة ، غالبية أعضائها من الجمعية الوطنية والبعض الآخر
من خارجها ، وكانت أكثرية التشكيلة المقررة للصياغة هي من التحالف القومي
الكوردي والإسلامي ـ الطائفي ، الذي يقود السلطة السياسية ، وهذا ما طبع
مسودة الدستور بوجهة نظر هذه التشكيلة ، على الرغم من معارضة بعض المساهمين
في الصياغة للكثير من هذه المواد وخصوصا المبادئ الأساسية لهذه المسودة ،
وكان بودنا لو أرفق نشر هذه المسودة بملاحظات المعترضين وانتماءاتهم القومية
والدينية والطائفية والفكرية والسياسية ، ليط! لع الشعب العراقي على وجهات
نظر كل من ساهم في مناقشة وصياغة هذه المسودة المهمة ، باعتبارها الوثيقة
الأساسية والأهم المنظمة للحياة المدنية والمستقبلية للشعب ، وبمقدار
ما تتماشى مع تطور العصر والتقدم العلمي ، وما تتضمنه هذه الوثيقة من حقوق
لكل مكونات الشعب العراقي ، تضمن استقرار وتقدم المجتمع العراقي ورفاهيته
، وبعكسه تسود حالة قلق وعدم استقرر تدمره وتعيق تطوره وتقدمه وتؤثر على
بنيانه ونسيجه الاجتماعي ، وبالتالي تؤدي إلى انتكاسات خطرة تجعله فريسة
سهلة للطامعين ، وما أكثرهم في ظرفنا الراهن ، نتيجة لامتدادات التنوع الطائفي
والقومي الذي يتسم به المجتمع العراقي،والذي تحاول أن تستغله لصالحها بعض
. الدول المجاورة ، حتى وإن كانت فيه المصائب لشعبنا
إن ابتداء مقدمة الدستور بعبارة نحن ممثلي شعب العراق بإرادة الله ورغبة
الشعب الحرة . . . لتحقيق الأهداف الآتية إقامة العدل على أسس راسخة لضمان
حق كل إنسان ومواطن . . . وحتى نهاية الديباجة ، تضفي طابعا إلهيا على
هؤلاء الممثلين ، وهذا ما يكرس المرجعية الإلهية للسلطة وليس مرجعية ا! لشعب
، التي له ومن أجله تشرع الدساتير والقوانين وأنظمة الحكم ، وم ن هذه العبارة
يفهم ، أيضا ، أن المجتمعين يعملون على تأسيس نظام حكم إسلامي ـ طائفي ،
وهذا ما يخالف وجهة النظر، المعلنة ، التي تستبعد إقحام الدين في السياسة
، ليس للقوى الكوردستانية الشريك في الحكم ، بل حتى لليبراليين من ضمن قائمة
الائتلاف الطائفي التي تعارض زج الدين في السياسة ، كما يفهم كذلك أن
المجتمعين قد صاغوا محتويات مسودة الدستور وفق رأي الأكثرية الطائفية ،
وليس وفق القواسم الوطنية المشتركة ، كما أشاعوا قبل البدء بالصياغة ، وعبارة
حق كل إنسان ومواطن المصاغة بصيغة المذكر تعني تجاهل المرأة واعتبارها
كما مهملا لا حقوق لها ، وإلا لم الصياغة بصيغة المذكر دون أن ينص كذلك
على حق كل مواطن و مواطنة إن تجاوزنا لفظة الإنسان واعتبرناه مجازا يشمل
. المرأة الإنسان على هذا الحق
هذه المسودة ُتشَرع ، كما أعلنت الجمعية الوطنية ، تنفيذا لقانون إدارة
الدولة الذي يتضمن المبادئ الديموقراطية لشكل نظام الحكم ، وقد نصت المادة
الأولى من مسودة الدستور : الجمهورية العراقية ( الإسلامية الاتحادية )
دولة مستقلة ذات سيادة ، نظام الح! كم فيها جمهوري ديموقراطي اتحادي ( فيدرالي
) . فهذه المادة تحمل التناقض بين ثناياها ، فإن كانت ديموقراطية فلن تكون
إسلامية ، وإن كانت إسلامية فهي غير ديموقراطية بالمرة ، فمبادئ الإسلام
لا تقر ولا تعترف بالديموقراطية ، كما أن كل المفاهيم الديموقراطية في العالم
لا تتبنى صيغا دينية للحكم ، بل تعتبرها مناقضة لكل أشكال الديموقراطية ،
التي هي علمانية في واقعها ولا تقر الدين اسلوبا من أساليب الحكم ، ثم حصر
الإسلامية( الإتحادية ) بين قوسين تعني فيما تعنيه أنها البديل لعبارة (
جمهوري ديمقراطي اتحادي ( فيدرالي ) ، كان المفروض بلجنة الصياغة أن تكون
. أكثر شجاعة وتفصح وألا تتردد فيما تريد أن تثبته منعا للالتباس
المادة الثانية : الإسلام دين الدولة الرسمي ، وهو المصدر الأساسي للتشريع
، ولا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابته وأحكامه ثوابته( المجمع عليها ) ويصون
هذا الدستور الهوية الإسلامية لغالبية الشعب العراقي ( بأكثريته الشيعية
وسنته ) ويحترم جميع حقوق الديانات ألأخرى . هل بعد هذا القول يمكن الحديث
عن حقوق قومية وديموقراطية للف! رد أو للمجتمع ؟ كان المفروض بعد هذه المادة
أن يقفل باب الخطاب وتت م صياغة مواد الدستور وفق حكم القرآن وما يقرر ،
فكل ما هو قادم معلوم ومعروف أهونه قطع الرقاب ، والعودة بنا إلى عهود ما
طبق فيها الإسلام من بعد النبي محمد ، فكل من جاء بعده من الخلفاء طبقه
وفق رؤيته وفهمه للدين ، حتى وإن تعارض مع النص الصريح للآيات القرآنية
، وهذا ما تسبب في الويلات التي لا زال البعض يجترها وينوح لها ، ولا أعتقد
أن علماء الدين ، من شيعة وسنة يجهلون هذا ، فكيف بمن جاء للحكم بعد عشرات
القرون وقد امتلأت صحفهم بكل حق وباطل ، مغاير ومخالف ، لما يدعيه أطراف
آخرون وليس طرفا واحدا ؟ فالشيعة فرق وطوائف والسنة والسلفية والوهابية مثلهم
، وكلهم يختلفون فيما بينهم على الحكم الواحد ، والبعض يكفر البعض منهم ،
فأي طائفة لها القول الفصل والحكم الصحيح في الإسلام ؟ اختلفت طوائفهم
عام فهل هم قادرون على التوحد الآن ؟ إذن ليتوحدوا أولا وليتحدثوا 1400 منذ
باسم الإسلام ثانيا ، ومن لم يصدق ما أقول فليرجع إلى كتاب الملل والنحل
،للشهرستاني وسيرى العجب العجاب من الفرق والطوائف الإسلامية وكلها تقول
بالشهادة وكلها تؤمن بالق! رآن وما حوى ، وكلها تقاتل بعضها وتنكر عليها إيمانها
، فهل أصحابنا غير هؤلاء ؟ ومسودة الدستور وما تحدثوا به في المادة الثانية
، عن الشعب وهويته الإسلامية و . . أكثريتة الشيعية وسنته . . لا ينازعهم
فيها منازع ، وما ذكر هذه العبارة إلا من باب الغلو في الطائفية والتبجح
بها ، فهم ( الطائفيون ) غير مصدقين أنهم أغلبية الشعب دون يثبتوا في الدستور
أن الشيعة هم أكثرية الشعب ، وهذا لعمري هو العجب العجاب ، نحن الآن في
عصر لا يحترم فيه الإنسان إلا لإنسانيته وقدرته على خدمة المجتمع الذي هو
فيه ، وما يقدمه للبشرية من جهد لتحقيق المحبة والتآخي بين الشعوب والقوميات
، وليس على إيمانه بهذا الدين أو المذهب الذي يزرع الموت والدمار لكل كائن
فعرب وين وطنبورة الطائفية \ حي ، ونحن العراقيين نحصد منه يوميا بالعشرات
مع( الاعتذار لطنبورة لاقحامها في أمر ليس من شأنها .) \. وين
ففي الفهم المغاير لمنطوق هذه المادة ـ المادة الثانية ـ لا يحق لغير المسلم
، مواطن أو مواطنة ، تولي أي حق من الحقوق التي نص عليها الإسلام للمسلم
، لأن الحقوق هن! ا بنيت على أساس الإسلام الطائفي وليست على أساس المواطنة
، وهذا ما يؤسس عليه الواقع العراقي حاليا ، وبناء على هذا يبقى المواطن
غير المسلم ناقص الحقوق ، وهذا ما يتنافى مع المبادئ الديموقراطية والمساواة
في الحقوق والواجبات وتكافؤ الفرص في التعليم وتسلق الوظائف العمومية والتمتع
بخيرات البلد ، وكل ما أقرته مبادئ الأمم المتحدة وشرعتها ومواثيقها ومعاهداتها
التي أقرت بحقوق الإنسان وكفلت مساواته مع غيره من البشر ، بعيدا عن المعتقد
والفكر والدين والقومية والجنس ، والتي وقعها العراق باعتباره عضو مؤسس لهذه
المنظمة ، وما يصرح به منطوق المادة الثالثة من أن قوميات ومذاهب وطوائف
الشعب العراقي . . . يتساوون كلهم في حقوق وواجبات المواطنة يتناقض
كليا مع المادة الثانية ، التي أوجبت أن يكون الإسلام هو المصدر الأساسي
للتشريع ، ولا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابته وأحكامه ، فالمسلم هو فقط
من يتمتع بهذه الحقوق ، وهذا ما يشطب على كل حقوق الإنسان وشرعة الأمم المتحدة
ومواثيقها إن لم تكن منسجمة مع الإسلام ، إذن أين المساواة بين المواطنين
المختلفين في العقيدة أو الدين ، وما هو الحكم لمن لا يؤمن بدين ما ؟ وهم كثر في ظرفنا الراهن ! وما هو موقف العراق من المعاهدات والمواثيق التي
وقعها مع الأمم المتحدة والملزم بتنفيذها ؟ وهل ما تنص عليه المادة الثانية
بكل قيودها سيجعل منا سرب غربان ينعق في صحراء قاحلة ، أم شركاء للإنسانية
في واحة التقدم والتطور. . !؟
مسودة الدستور في المادة الثالثة ، تعرضت لذكر القوميات ، وأغفلت ذكر قومية
الكرد الفيلية ، وكما هو معروف لدى العراقيين قاطبة أن الكورد الفيلية شريحة
وطنية واسعة ، مهمة ومؤثرة في المجتمع العراقي ، ولعبت أدوارا نشطة في الإقتصاد
والصناعة والثقافة والسياسة والحركة الوطنية العراقية والكثير من المجالات
الأخرى ، وقدمت الكثير من الضحايا لهذا الوطن ، فلم يكن وجودها عابرا في
أرض العراق ، بل متجذرا أكثر بكثير ممن أراد أن يتجاهلها أو ينسبها لغير
قوميتها ، ولم يكن الحكم القومي ـ العنصري بمختلف أدواره ، مناهضا لهذه الشريحة
لأنها شيعية أولا وكردية ثانيا ، ولكن لأنها أولا وأخيرا كانت عراقية ، متمسكة
بتربة هذا الوطن ، ووطنية حتى النخاع ، ومنحازة للفكر اليساري منذ بدايات
الحركة الوطنية ا! لعراقية ، لأنها كانت تشعر بظلم وقهر التمييز القومي والطائفي
الواق ع على كل العراقيين ، وهي جزء من هذا النسيج ، ومن هذا الباب يدخل العداء
لهذه الشريحة الوطنية ، الذي لا زال يحمله لها الكثير ممن هم في الحكم حاليا
، وممن هم في لجنة صياغة الدستور تحديدا ، ومن هذا المنطلق تم تجاهلهم وتجاهل
تاريخهم وتضحياتهم ، لينكأوا جراحهم التي لم تندمل بعد جراء تهجيرهم وتشريدهم
، ولم تشفع لهم عذاباتهم التي عايشوها وشهدائهم حين تفجرت الأرض حمما تحت
أقدامهم ، وهم يجتازون حدود الوطن باتجاه المجهول ، بعد أن ُسلب منهم كل
ما يملكون ، وبعد أن ُجردوا من كل ما كانوا يخفون من وثائق عراقيتهم العزيزة
عليهم ، وشبابهم الذين دفنوا أحياء في المقابر الجماعية ، والتي تسول عليها
حكامنا ، الحاليون ، طائفيا وقوميا بالأمس لنيل أصواتهم ، تنكروا لهم جمعيا
، ليصمهم البعض بالفارسية ، ولا عيب في هذا إن كانوا كذلك ، فالفرس كانوا
أصحاب مجد تالد ، ولكن الكورد الفيلية ، شريحة عراقية تعتز بوطنيتها وبقوميتها
، تستحق منا كل حب وإكبار ودعم لنيل حقوقهم وتبوء للمقام الذي يستحقون وفق
مبدأ المواطنة دون النظر لأي اعتبار آخر ، فإذا كان حال ! الوطنيين العراقيين
اليوم غمطا لحقوقهم ، قبل أن يتمكن الحكم الطائفي ـ القومي من ترسيخ مواقعه
في الدستور ، فكيف سيكون الحال إن حققوا ما يخططون له ؟ لذا من أجل ألا يحقق
أعداء الوطنية هدفهم بالنفاذ إلى نسيج مكونات الطيف العراقي يقتضي حذف كلمة
الفرس)( الموضوعة بين قوسين في مسودة الدستور، واستبدالها بالكورد الفيلية
،أسوة بما ذُكر من القوميات والطوائف ، مع تحريرها من الأقواس البغيضة ،
. باعتبارهم نسيجا وطنيا أصيلا من المكونات القومية للشعب العراقي
أما المادة السادسة : السيادة للقانون ، والشعب مصدر السلطات ، يمارسها
بالاقتراع العام السري المباشر أو بالانتخاب والاستفتاء السري المباشروعبر(
مؤسساته الدستورية .) . فهي مادة غير واضحة المعالم والقصد ، كان المفروض
أن تحل محلها المادة الخاصة بإجراء الانتخابات العامة ، والنص على كيفية
إجرائها ، فالدستور وحده له الحق في تسمية الانتخابات وشكلها ، لا أن تخضع
لقرار هيئة ما ، و تقدم للجمعية الوطنية دون تهيئة الوقت اللازم لدراستها
من قبل الكتل البرلمانية المختلفة ، وعرضها على الجمعي! ة لمناقشتها ، دون
اكتمال النصاب القانوني للمجلس ودون حضور رئيس ال جمعية الوطنية ، وهي من
القضايا المهمة التي تتطلب الحضور الكامل والمساهمة الجادة في مناقشتها ،
لا كما هو حاصل فعلا حيث كان حضور الأعضاء أقل من النصف ، وهذا يعتبر استغفال
للجمعية الوطنية ، وقرصنة تمارسها كتلة تتمتع بالأغلبية ، في أعلى سلطة
137 تشريعية ، وهذا الفعل سبق أن مارسته نفس الكتلة عندما مررت القرار رقم
الذي تم بموجبه إلغاء قانون الأحوال 2003 في نهاية شهر كانون أول من العام
. وهذا ما يدلل على أن الحكومة بأغلبيتها 188للعام 1959 الشخصية المرقم
الساحقة تحاول دائما التدليس وانتهاز الفرص من المعارضين لتمرير قوانين
تخدم غرضها الطائفي ، لعلمها أن الشعب العراقي يمقت الطائفية ، وإنها ما
وصلت إلى السلطة نتيجة برنامجها السياسي أو الاقتصادي ، إنما نتيجة التلاعب
بالمشاعر والعواطف الطائفية ، واستغلال اسم المرجعية التي يمثلها السيد السيستاني
. أبشع استغلال ، إضافة لأساليب قذرة أخرى لم تخل من التهديد والوعيد .

. للموضوع تتمة
2005 5 آب
hadifarid@maktob. com

110
عبد الكريم قاسم وثورة 14 تموز الوطنية..!
القسم الأول
[/b]



هادي فريد التكريتي

كل من كتب أو سيكتب عن ثورة 14 تموز في العام 1958 لا بد من أن يتعرض لشخصية قائدها عبد الكريم قاسم ، تلك الشخصية التي بدت غامضة للكثيرين ، على الرغم من أن أسرار الثورة لم تعد أسرارا ، حيث تناولها الباحثون والبعض من المشاركين في الثورة ، على قدم المساواة ، سردا وأشبعوها تحليلا وتمحيصا ونقدا ، ورغم كل ما كتب ، بقى الجزء الأكبر والمهم من الأسرار في صدور الكثير من الشخصيات ذات الصلة الحميمة بقائد الثورة ، وأصدقائه الذين منحهم ثقته ، والقريبين من بعضهم في الحلم والفكر والتنظيم والتخطيط ، لأن يساهموا في رسم الصورة الواضحة عن عبد الكريم قاسم ، وعن الكثير من دقائق الأمور وملابساتها قبل تحديد ساعة الصفر للثورة أو بعد نجاحها ، ولم يتسن لهؤلاء ، المقربين والقريبين منه ، الوقت ولم يمتد بهم الأجل لأن يفصحوا عما يعرفونه من أسرار ، وما تضمره شخصية عبد الكريم قاسم والنخبة المحيطة به لمستقبل العراق ، لأسباب كثيرة ، وأهمها أن الفاشية في 8 شباط قد اغتالت أغلب العناصر العليمة بالأسرار اللصيقة بعبد الكريم قاسم ، وعبد الكريم قاسم ، هو نفسه ، مصدرا مهما للمعلومات باعتباره مركز الثقل لمنظمة قادت التغيير في العراق ، وشأنه شان الكثير من الثوار وقادة الحكم ، في أوضاع حكم ديموقراطية ، بعد اعتزالهم الحكم أو العمل السياسي ، يكشفون عن الكثير من الأسرار التي لا يعرفها غيرهم ولا يمكن أن يتوصل إليها محلل أو منظر للحدث.، فجريمة 8 شباط أضاعت الكثير من هذه الأسرار ودفنتها في صدور أصحابها ..
 والشخصيات التي عايشت الثورة وساهمت فيها ، اختلفت فيما بينها بعد نجاحها في التغيير ، لاختلاف في الرؤى وتعدد في توجهاتهم الفكرية والسياسية ، وانحياز بعضهم للمعسكر المناوئ الذي ناصب الثورة العداء ، والبعض من هؤلاء كتبوا عن الثورة وعن قائدها والشخصيات المساهمة معه من منطلقات غير محايدة بل معادية ، طمسوا الكثير من الحقائق التي تدين سلوكهم التآمري ، قبل وبعد انقلاب شباط الدموي ، لأنهم وانقلابهم قد فشلوا في تحقيق كامل الأهداف التي أعلنوها تبريرا " لثورة " الردة واغتيال الثورة وقائدها ، وإن كان البعض منهم كتب بحياء ، منتقدا النهج التآمري وسلوك الأطراف القومية وارتباطاتها بالدوائر الاستعمارية والرجعية ، ومعاداتها للأهداف الوطنية العراقية ، التي خططت لها ونفذت بعضا منها الثورة وقيادتها الوطنية ، فما هذا سوى صحوة ضمير متأخرة لبعض من كتب ، ومحاولة لرد الاعتبار لبعض المساهمين في وأد التجربة الوطنية ، وتنصلا عما ألحقوه بالعراق وشعبه من أذى ، وبالتالي محاولة اعتذار بائسة عن الجريمة المنكرة التي زلنا نعيش مأساتها ..
ورغم مضي ما يقارب نصف قرن على ثورة تموز ، فلا زال هناك العديد من الشخصيات التي عايشت الحدث وكانت قريبة من قيادة الثورة قبل وبعد الثورة ، من العسكريين ، قادة فرق وضباط أركان ، يحتفظون بأسرار كثيرة ، لم يفصحوا عنها لأسباب كثيرة ، ليس اقلها ، خشية التعرض للأذى من قبل العناصر البعثية التي ساهمت في تشويه أهداف وأشخاص ثورة 14 تموز .
أغلب ، إن لم يكن كل ، الذين تعرضوا لثورة 14تموز وأسباب نجاحها أغفلوا الدور الكبير والفعال الذي قام به الضباط ونواب الضباط الاحتياط ، قبيل الثورة وبعدها ، فالنظام الملكي حاول أن يحجم هذه الفئة من الطلبة ككل ويبعدهم عن هموم ومشاكل الوطن ، لتشخيصه الصائب أن الطلبة والمثقفين هم طلائع الشعب ومصدر قوته في الدفاع عن الشعب وحقوقه ، فأعاد فتح كلية الاحتياط لتستوعب كل الخريجين ، لترويضهم ولينأى بهم عن المساهمة في الساحة السياسية العراقية في ظروف عربية وداخلية معقدة ، أججها العدوان الثلاثي الذي تعرضت له جمهورية مصر العربية ، ومحاولة إبعاد الشعب العراقي عن المشاركة في نصرة الشعب المصري ونضاله من أجل تحقيق سيادته الكاملة على وطنه ، ووطنيا تحقيق ظروف حياة إنسانية أفضل للشعب ، فالبطالة المتفشية وانعدام الحريات السياسية ، وسياسات حلف بغداد العسكري الهادفة لتأجيج النزاعات العسكرية وتطويق حركة التحرر العربية ، وعزل العراق عن محيطه العربي ، ومحاولة شل نشاط القوى السياسية الوطنية المتعاظم نفوها في المنطقة ، وتحجيم دورها ، وأسباب أخرى كثيرة ، كلها عوامل مباشرة أدت إلى احتقان الوضع السياسي الداخلي ، وهذا ما زاد في حدة الصراع بين نظام الحكم الملكي وبين القوى الوطنية ، ليتفجر بحدث فريد على الساحة ، حيث شهد معسكر الرشيد في مطلع ربيع 1957 أكبر واضخم  مظاهرة عسكرية صاخبة ضد نظام الحكم ساهمت فيه كل قوى الخريجين والطلبة من كلية الاحتياط ، والتي توجت بتنفيذ مطالب المتظاهرين الآنية ، إلا أنها لم تنزع العداء للحكم الذي أججته جبهة الاتحاد الوطني التي أصدرت بيان الاتفاق الجبهوي بين القوى السياسية الوطنية العراقية  ... وبدلا من أن تساهم كلية الاحتياط ، وفق حسابات نوري السعيد ورجال الحكم الملكي ، في حجز حرية النشاط الوطني وتقليص الدور السياسي لهذا العدد من الخريجين ، أفسحت في المجال لهم وللنشطاء من الأحزاب السياسية الوطنية والديموقراطية العراقية ، لأن تلتقي في أكبر تجمع لها مع عدد كبير من العسكريين لم يحدث نظير له من قبل ، ضباط وضباط صف وجنود ، في ظرف ملتهب سياسيا ووطنيا ، لتدور حوارات ونقاشات وطنية وسياسية علنية في مثل هذا المعسكر ، ولأول مرة في التاريخ العراقي المعاصر...وهذا ما حقق صدق مقولة " غلطة الشاطر بألف.."
التحق هذا العدد الكبير من الضباط الاحتياط بوحداتهم العسكرية المتوزعة على مختلف المناطق العراقية ، وقد مارس هذا العدد دورا تثقيفيا في كل مجالات المعرفة ، بين الوحدات بشكل رسمي وعلني ، من منطلق كونهم أمراء فصائل ، وحتى في بعض الأحيان أمراء سرايا ، نتيجة للنقص الحاد في عدد الضباط المحترفين ، وهكذا زال رسميا المحذور الذي كانت تخشى منه وتشدد عليه سياسة الحكومة ،  من عدم اختلاط السياسيين بالعسكريين ، وأصبحت اللقاءات بين الضباط الاحتياط وأمثالهم من المحترفين تتم على مدار الساعة دون رقيب ـ عدا عيون ضباط الاستخبارات حيث كانوا مكروهين من الجميع ـ  كما أصبح الجنود وضباط الصف أكثر قربا والتفافا حول التشكيلة الجديدة من هؤلاء الضباط التي عاملتهم معاملة لم يألفوها من قبل أقرانهم المحترفين ، وعمليا إنوجدت علاقات احترام إنسانية متبادلة جديدة مع جماهير الجنود ، متنت من عرى.العلاقات بين الضابط والجندي ،  ومما زاد في توثيق العلاقة ، المحاضرات الرسمية ، التي كان يلقيها هؤلاء الضباط التي لم تكن تدور عن قضايا عسكرية أو اجتماعية فقط ، وإنما دخلت عليها المفاهيم الوطنية والقومية للجندي الذي هو " سور للوطن "، وتبيان حقيقة الظلم الذي تعاني منه أغلبية الشعب العراقي ومنشأه ، والفساد المستشري في أجهزة الدولة وحقوق العراقيين المنهوبة ، ودور الحكومات الرجعية والعملية في هذا النهب ، وغيرها الكثير من القضايا التي كانت محرمة عليهم الاستماع إليها ، وهذا ما خلق ولاء جديدا في وعي الجنود وضباط الصف ، وعزز من مبدأ الطاعة العسكرية المقرونة بالفهم الوطني ، تهيأة للخطوة اللاحقة ، ومثل هذا كانت تجري حوارات أيضا بين الضباط المحترفين وأقرانهم الاحتياط مما عزز الثقة الوطنية بين الطرفين ، وقد وجد الكثير من الضباط المحترفين المنتمين إلى  "حركة الضباط الأحرار " في الضباط الاحتياط مشروعا وطنيا للعمل السياسي المشترك معهم ، لما لمسوه فيهم من وطنية صادقة وحماس لتغيير الأوضاع التي يعملون لها ، وهذا ما روجوا له بين الضباط الاحتياط للاستمرار في الخدمة ، خدمة للعمل الوطني ـ السياسي ، وقد تحقق نجاح في هذا المضمار حيث انتظم العديد من هؤلاء الضباط الاحتياط في الخدمة وتركوا أثرا لا يمكن نكرانه ،  والكثير من الأحياء الذين ساهموا في ثورة 14 تموز ، سواء أكانوا من الضباط المحترفين أو الاحتياط ، يحتفظون في ذاكرتهم الكثير من القضايا والأمور عن دور الضباط الاحتياط ومساهماتهم في صنع 14 تموز ، وعلى الباحثين عن أسرار هذه الثورة ، التي غيرت مجرى التاريخ السياسي العراقي ، عدم إغفال دور كلية الاحتياط في تلقيح الفكر الوطني وتمتين العلاقة بين الجناح العسكري المحترف وغير المحترف من القطاع المدني السياسي ، الذي أسس له خطأ استراتيجي ارتكبه النظام الملكي وحكومة نوري السعيد ، عندما زاوج  بين السياسة والعسكر ووضعهم في معسكر واحد ، وتناقشوا تحت سقف خيمة واحدة .كانت النتيجة اتفاق على إسقاط الحكم الملكي بكل رموزه وهذا ما كان يوم 14تموز ..
تاريخ هذه الثورة الوطنية العظيمة لم يكتب كما يجب ، كما لا يمكن أن يكتبه بصدق وموضوعية شخص واحد ، خصوصا ، وكما أسلفت ، أن الكثير من رجال هذه الثورة لم يمتد بهم العمر ليكتبوا مذكراتهم أو لم يجر الحوار أو الحديث معهم لتبيان خط مسار الثورة وهي تجابه ، كما هو حال الكثير من الثورات الوطنية والتحررية، الكثير من الصعاب مما يجعلها تنحرف عن خط مسارها المتفق عليه أو الذي كان من الواجب أن تسير عليه ، لذا فمن الضروري أن يساهم في كتابة تاريخها ، كل من يعرف سرا لها أو شاردة منها ، من كل المواقع الجغرافية التي ساهم فيها صناع الحدث ، وسمع أو رأى منه ما يفيد أو يدلل على فعل للثورة من خلال رجالها ، وسيجتمع من خلال هذا سفر عظيم يمكن للباحث والمؤرخ أن يغوص في هذا اللج من المعلومات ليستخلص للتاريخ الوطني العراقي حقيقة مقاربة لهذا الحدث العظيم ورجالاته الذين نفتقد لأمثالهم في ظرفنا الراهن من حيث وطنيتهم وتفانيهم ونزاهتهم ، لقد استشهدوا من أجل بناء وطن حر خال من ظلم ومن قهر وعوز ، استشهدوا ولم يخطر على بال أحد من حكامنا الجدد ، من المتنابزين بشهدائهم أن يتذكرونهم ، محاولين مسحهم من الذاكرة ، كما مسحت آثارهم من كل متاع غال أو رخيص ، حتى ما عدنا نعثر لهم على ملك أو عقار أو حساب في بنك يحمل اسمهم ،  بلى حتى لم نعثر على قبورهم بعد  !
للموضوع بقية ..
9 تموز 2005
 hadifarid@maktob.com


111
انتفاضة معسكر الرشيد وحسن سريع وقطار الموت والظرف الراهن ..!
[/b]

هادي فريد التكريتي

في 3 تموز من العام 1963 وقبل أن تجف دماء الشهداء الضحايا ، أبطال المقاومة العراقية الوطنية ، التي أراقها الفاشست أبطال " عروس الثورات " العاهر ، في شوارع بغداد والكاظمية وعكد الأكراد والشيخ عمر والثورة ، انطلقت دبابتان على متنها ثلة من غيارى جنود الجيش العراقي ، لتغسل العار الذي ألحقه بالشعب ، قوميون وبعثيون أوغاد ، في الثامن من شباط الأسود ، وكاد قائد الانتفاضة العريف الشهم ، حسن سريع ، أن يحقق الهدف عندما لملم زبالة الحكم وقادته ، واتجه بهم إلى السجن العسكري رقم 1 ، في معسكر الرشيد ، ليستبدلهم بالمناضلين الوطنيين من أطباء ومهندسين وضباط ومحامين وغيرهم من الكفاءات العلمية ، الذين تم إيداعهم هذا السجن ، بعد نجاح مؤامرة 8 شباط ، لم يحقق قائد الانتفاضة حسن سريع الهدف ، لاختلاف قي توقيت ساعة الصفر ، ولخلل في ترتيب أولويات تنفيذ الانتفاضة ، ولأنه ثائر حالم ، كان يحلم بمحاكمة علنية وعادلة للمجرمين أمام الرأي العام ، ردا على الجريمة الكبرى التي ارتكبها قادة شباط غداة اغتيال قائد ثورة 14 تموز الوطنية ، عبد الكريم قاسم ورفاقه وهم أسرى عندهم ، ما كان أروعك يا حسن سريع  لو قلت " واحدة بواحدة والبادئ أظلم " ونفذت بهم إرادة الشعب ثأرا للشهداء ، وقمت بتصفيتهم ، واحدا واحدا ، في صباح ذلك اليوم من تموز العراق ، بدلا من الحوار الذي استدرجوك إليه والعهد الذي قطعوه لك ، والأيمان المغلظة التي أقسموا بها من أنهم سيطلقون سراح كل السجناء والموقوفين ويعيدوا النظر بكل قراراتهم ومعالجة ما اقترفت أيديهم من جرائم .. نسي هذا القائد الحالم أن العملاء الجبناء لا عهد لهم ، ولا ذمة أو ضمير ، اغتالوه في الحال ، وهو يفاوضهم واغتالوا أحلامه بغد تموزي يشيع الحرية والعدالة للجميع ..إنتهى الحلم ، على أبواب سجن رقم واحد ، وهو على بعد خطوات معدودة من تحقيقه ، ورفاقه البالغ عددهم أكثر من 400 مناضل ، ينتظرون ، داخل زنازينهم وأعناقهم مشرئبة إلى سمائها لا ترى سوى حيطانا إسمنتية ، وآذانهم ملتصقة بالكوى الضيقة لمعرفة مصدر واتجاه أصوات زخات الرصاص ، رفاق حسن سريع ، أمل الشعب ، هم أيضا ضاعت أحلامهم ، عندما شدد الفاشست الحراسة عليهم ، وضيقوا الخناق حتى على قضاء حاجاتهم الإنسانية ، وجمَعوا كل المعتقلين ، في الساحة الضيقة ، وهم في أسوء حال ، نتيجة للإرهاق وللمعاملة أللا إنسانية ، المفعمة بالضرب والسب والشتم والعبارات السوقية القذرة ، وما رآه المعتقلون من حقد جسدته عيون الجلادين ، تمثل لهم المصير المجهول الذي ينتظرهم ، وتقدم إليهم جلادون قساة متمنطقين أسلحتهم وبأيديهم عصائب سود لعصب عيون الموقوفين ، وحبال من ليف قاسية ، لشد أيديهم إلى الخلف ولربط كل اثنين معا ، حشروهم في عربات نقل لا منفذ لهواء لها ، ووسط الزعيق والشتائم انطلقت الحافلات إلى المصير المجهول ، والضحايا يتهامسون بصوت خافت ، وكل يسأل صاحبه إلى أين ؟ وبعد مضي وقت قلق ظنوه الدهر كله ، توقفت سيارات الشحن لتفرغ حمولتها  من أغلى القيم وأعلاها شأنا ، هم كل مستقبل العراق وثروته ، خمن الضحايا المكان الذي هم فيه من خلال زعيق مكائن الديزل ، غدوها ورواحها ، إنها محطة قطار ، ولكن أي محطة هي؟ سُمِع لغط كثير ، وأوامر تصدر من هنا وهناك ، إلى الخلف ! أبعدوا هؤلاء أولاد القحبة إلى العربة الثانية ! لا تحاولوا أن تفكوا عصابة أحدا منهم ، وإلا، أولاد الزنا سنضعكم بدلهم إن انتم خالفتم أمرنا ! هيا حركوهم إلى الداخل ! أغلقوا العربات ! هل قد تم تجهيزها كما يجب ؟ نعم سيدي قد جهزناها كما طلبتم ، أرضية العربات وجدرانها مطلية بالقار والنفط الأسود ، وكل العربات قد أخرجناها من المرآب إنها جديدة سيدي ..! والضحايا تسمع دون أن ترى شيئا ودون أن تفهم إلى أين سيكون المصير ..! تقدم شخص ما من العربة وقال بصوت هامس : " إنهم مجرمون سيقتلونكم نتيجة حرارة تموز وسيدفنونكم في الصحراء " ..! ولكن أين نحن ؟ تسائل الرفيق النقيب رشيد أبو خلدون ؟ أجاب ذلك الشخص المجهول هامسا : " أنتم الآن في محطة قطار البصرة ، الساعة العاشرة مساء، وكل رجال الحكم هنا ، عارف والبكر والحاكم العسكري العام رشيد مصلح الصباغ التكريتي وطاهر يحيى التكريتي ، كلهم ، كل أعضاء مجلس قيادة الثورة ، من الرئيس إلى مدير السكك العام ، كلهم هنا يشرفون على نهايتكم فرحين ! سينطلق القطار بكم بأدنى سرعة له الساعة الخامسة صباحا ، وبعد أقل من ساعة ستشرق الشمس عليكم وستموتون اختناقا بالغاز المتولد من القار والنفط الأسود المتفاعل مع حرارة شمس تموز ، أتمنى لكم النجاة وسأحاول أن أوصل خبر القطار لمن أعرف ! حظا سعيدا لكم " ..! غادرنا بعد أن أغلق الباب ، نزعنا العصائب من أعيننا ، بعد أن تعاونا على فك الحبال ، لم نعد نسمع كلاما ، سوى أصوات الرفاق المرتبكة داخل العربة ، والرؤيا ظلام في ظلام ، فنحن في عربات حمل مصفحة ، حُشر أكثر من أربعين شخصا في العربة الواحدة ، ولا منافذ للتهوية فيها.. ! " الفاشست الألمان كان أرحم من هؤلاء الخونة بضحاياهم " ! قال الدكتورالجراح رافد صبحي أديب ..أجابه العميد إبراهيم الجبوري :"  صانع الأسطة أسطة ونص " ، دار حديث ولغط كثير وما عاد أحد يفرق بين الأصوات ، فالأوكسجين بدأت كمياته بالتناقص داخل العربة المطلية بالنفط الأسود ، ليدخل البعض في غيبوبة ، وتحفظ البعض عن الكلام غير المجدي توفيرا للطاقة ومقاومة للواقع المستنزف للحياة ..وساد سكون لم يعد أحد يسمع فيه غير حشرجات موت وآهات ألم ، في قطار حديدي محكم الإقفال ، ساد صمت عميق في كل عربات شحن " قطار الموت ".. ولم يعرف أحد منا الوقت الذي غادرنا فيه المحطة  .! قالوا لنا بعد أن أسعفنا أهل السماوة الشرفاء، الحمد لله على السلامة ، إن من أنقذكم هو سائق القطار حيث جاوز السرعة المرسومة لقطار حمل ، كما جاوز هذا المواطن الأوامر التي صدرت إليه بتحديد السرعة .. لقد استشهد المواطن الرائد التركماني يحيى نادر ، وآخرون نقلوا إلى المستشفى للعلاج ، ليضم هذه النخبة الخارجة من الموت المحقق ، سجن نقرة السلمان الصحراوي ، ليعيش ويحكي كل من نجا لأحفاده قصة " قطار الموت " ، وفق ما وقع له وعايش وحدث..! " قطار الموت " كان وصمة عار أبدية لدعاة الأمة العربية الخالدة ، دعاة الحقد والكراهية ،ولكل من ساهم في أعداده وأشرف عليه وسيره في 3 تموز من العام 1963 ، قطار كانت حمولته المئات من أفضل العقول التي أنتجتها قوميات وأديان وطوائف هذا الوطن ، من العراقيين الوطنيين والديموقراطيين والشيوعيين  ...
؟
كانت على الدوام القوى الوطنية وجماهير الشعب ، من مستقلين ويموقراطيين وشيوعيين ، رأس النفيضة في مواجهة المخططات اللاوطنية الهادفة لإلحاق الأذى بالوطن وبالشعب ، والثمن كان الكثير من الضحايا والشهداء ، على مر العصور والعهود ، منذ تشكيل الحكم الوطني وحتى اللحظة ، أين حقوق كل هؤلاء الرجال ؟ هل تذكرها أعضاء الجمعية الوطنية عندما طالبوا بحقوقهم أولا وقبل أن يفعلوا أي شيء.للشعب وللوطن ؟ أين حقوق هؤلاء الضحايا وعوائلهم ؟ هل الحقوق لمن هم في الحكم فقط ؟ وحقوق دماء الشهداء التي عبدت الطريق لهذا اليوم ؟  هل ضاعت في مجرى المزايدات والمحاصصة ؟ متى يصدق العراقيون أن عهد الفاشية ولى ولن تكون فاشية جديدة تستكمل مقوماتها في الطريق قادمة إليهم ؟
لن ينتهي الألم عند هذا اليوم الذي نحن فيه ، فستسير قطارات أخرى أكثر دموية ، وستدمر حلبجات نجهلها اليوم ، غير حلبجة الكورد ، وستحفر جرارات الطائفية مقابر جماعية تهون أمامها ما حفرته الجرارات القومية الفاشية ، ولن يستقيم الأمر دون أن تترسخ مبادئ العدالة والديموقراطية والمساواة ، قولا وفعلا ، بين العراقيين كافة ، والإقرار بالحريات العامة والخاصة واحترامها من الجميع ، والسهر على تطبيقها ، للرجل والمرأة ، ولكل مواطن عراقي ، من أي دين أو قومية أو مذهب كان ، وجعل التعددية الفكرية والحزبية والممارسة لهما سمة من سمات الدولة العصرية ، فما يحصل الآن في الكثير من مناطق العراق العربي ومدنه ما هو إلا شكل جديد من فاشية تلبس لبوس الإسلام الطائفي تسير باتجاه إلغاء كل المظاهر الحضارية والمدنية التي عرف بها الشعب العراقي ، تحت عِلْم وبصر ومعرفة الدولة والحكومة ورجالاتهما ومؤسساتهما ، دون أن نرى أو نسمع ، من الجهات ذات العلاقة والمرجعيات الطائفية ، إجراءات تحد من هذه الأنشطة وتوقفها ، مما يدلل على وجود تواطؤ مسبق للقائمين بهذه الممارسات ، ومَن ذكرنا مِن جهات ، مع قوات الاحتلال ، لإطالة معاناة العراقيين ، وفرض واقع يحقق السيادة لأمريكا وديكتاتورية طائفية للعراق  .. إن الحديث عن الديموقراطية وسن الدستور وصياغة فقراته ، سيكون حديث خرافة ، وسط أجواء هدر الحقوق وسلب الحريات ، والتدخل في شؤون الناس ، وحتى أمورهم الخاصة جدا ، فمتى ما استتب الأمر لهذه الفاشية الجديدة فستلغي ليس الدستور وهيئة صياغته ، وإنما كل مظهر من مظاهر المجتمع المدني ، وسنعود من جديد لعهود انحطاط الطوائف ، وآنذاك سيسود الظلام وعلى الشعب العراقي السلام  ...  !!
الأول من تموز 2005
hadifarid@ maktob.com
 

112
ثورة العشرين وحقوق الأمة!!
[/b]


هادي فريد التكريتي

 ثورة العشرين هي أول وأعظم حدث في التاريخ العراقي الحديث ، بعد حكم ديني مباشر ـ طائفي ـ عنصري غير عربي ، دام أكثر من 400 عام ، وقيامها ليس هو فقط الرد على مظالم القوات البريطانية وانتهاكها لحرمة المدن العراقية المقدسة ، بل وكذلك المطالبة بخروج هذه القوات من كل الأراضي العراقية ، وتشكيل حكم وطني بديل لقوات الاحتلال ، ولم يكن توقيت قيامها من مدينة الرميثة ، عند نجاح إطلاق سراح الشيخ شعلان أبو الجون من سجن المدينة ، في 30 حزيران ، إلا ساعة الصفر لهذه الثورة التحررية  ، ولم تكن عفوية أو ردة فعل لموقف بريطاني .، إنما هي ثورة هادفة ، نضجت ظروفها الموضوعية والذاتية وتشكلت قيادتها عبر مجرى الصراع ، حيث ابتدأ التحضير لها والعمل على تدارك  مستلزمات قيامها ونجاحها ، منذ أن اندحرت القوات التركية أمام القوات البريطانية في العراق ، تصدرت المقاومة الوطنية العراقية مجابهة قوات الاحتلال ، فظهرت الحاجة الفعلية لقيام حكم وطني عراقي ، وتشكيل حكومة وطنية ، وبعد إعلان نتائج مؤتمر  سان ريمو عام 1920 التي  وضعت العراق تحت الانتداب البريطاني ، ابتدأت الإحتجاجات وشملت العراق من أعلاه إلى أقصاه بقيادة شخصيات سياسية حزبية ووطنية ، أمثال جعفر أبو التمن ، وغيره من رجال الدين الخالصي والصدر والشيخ ضاري والشيخ محمود الحفيد ، اندلعت الثورة تتصدرها فتوى الشيرازي بوجوب القتال ضد الأنكليز ـ قبل وفاته ـ  .
 الوضع الدولي آنذاك كان من العوامل المساعدة والمحرضة على قيام الثورة العراقية ، فانتصار ثورة أكتوبر العظمى في روسيا ونداء السلام الذي أطلقته على أساس المساواة بين الشعوب الحرة  وحق تقرير المصير لكل الشعوب ، كل هذه الشعارات يومئذ ألهبت مشاعر الثوار وشدت من عزائمهم ،  كما أن عصبة الأمم نادت ، كذلك ، بهذا الحق مما حفز الثوار على الثورة لتحقيق مطالبهم .
كانت انطلاقة ثورة العشرين من جنوب العراق " الشيعي " ، بمبادرة من رجال دين وشيوخ عشائر شيعة قادوا هذه الثورة ، ضد أحدث جيش وأعتى إمبراطورية استعمارية ، وأحرزوا انتصارا تاريخيا عليها ، ولم يتحقق هذا النصر بالسلاح المثيل لما عند المحتل ، فسلاح العراقيين الفعال دائما هي إرادتهم و" الفاله والمكوار " عنوان لهذه الإرادة ، وسلاح المحتل المتمثل بالمدفع والطائرة لم يحقق دائما النصر له ، ويحدثنا التاريخ عن هزيمة الإنكليز في معركة الرارنجية التي خسروا فيها أفضل وحداتهم ، عندما وقف العراقي وبيده سلاحه " المكوار " على المدفع الذي كان يحصد الثوار ، لينطلق بأهزوجته المشهورة  " الطوب أحسن لو مكواري " ، فسر النجاح والتحدي للقوة كان مبعثه الخطاب السياسي الوطني ، وليس الطائفي ، الذي استخدمه هؤلاء القادة الوطنيين العظام ، فشعورهم بمسؤولية بلد تتعدد قومياته وأديانه وطوائفه ،  تطلبت خطابا عراقيا ، وطنيا ، لا لكنة طائفية مفرقة فيه ، وهذا ما كانت تعاني منه قيادة قوات الاحتلال طيلة وجودها في العراق ، حيث تقول مس بيل :" من الصعب علينا اختراق الوحدة الوطنية بين المسلمين الشيعة والسنة .."  والإنكليز والحكومات الملكية المتعاقبة استخدموا مبدأ ، فرق تسد ، السيئ الصيت إلا انهم فشلوا في تحقيق أهدافهم عن هذا الطريق طيلة مدة بقاءهم في العراق ، حتى ثورة 14 تموز الوطنية ..فعلماء الدين اليزدي والشيرازي والأصفهاني والخالصي ومحمد الصدر والشخصيات الوطنية ، مثل جعفر أبو التمن والشيخ ضاري والشيخ محمود الحفيد لعبوا أدوارا مهمة وفاعلة في ترسيخ الوحدة الوطنية ، عندما أجمعوا ، مطالبين  بدولة عراقية ملكية دستورية مستقلة من الموصل إلى الخليج . ووثيقة الشيرازي من كربلاء ، تجسد هذه الوحدة حيث ورد فيها : "..بعد مداولة الآراء وملاحظة الأحوال الإسلامية وطبقا لها تقرر رأينا بان نستظل بظل راية عربية إسلامية فانتخبنا أحد أنجال سيدنا الشريف حسين ليكون أميرا عربيا علينا مقيدا بمجلس منتخب من أهالي العراق لسن القواعد الموافقة لروحيات هذه الأمة وما تقتضيه شؤونها  " ..  كما ورد في وثيقة النجف الأولى حيث جسدت مطالب العراقيين "   انتدبنا بعض علمائنا وأشرافنا ووجهاءنا ... لأن يمثلونا تمثيلا صحيحا قانونيا أمام حكومة الاحتلال في العراق وأمام عدالة الدول الديموقراطية ، والتي جعلت من مبادئها تحرير الشعوب ، وقد خولناهم أن يدافعوا عن حقوق الأمة ويجهدوا في طلب استقلال البلاد العراقية بحدودها الطبيعية ، العاري عن كل تدخل أجنبي في ظل دولة عربية وطنية ، يرأسها ملك عربي مسلم مقيد بمجلس تشريعي ، وهذه رغبتنا ولا نرضى بغيرها ، ولا نفتر عن طلبها ..". كل الخطابات التي وجهتها قيادة ثورة العشرين ، قبل الثورة وأثناءها ، وبعد أن دخلت في مفاوضات سلمية مع قوات الاحتلال ، كانت مطالبهم واضحة لا لبس فيها ولا تطرف ، حقوق العراقيين كل العراقيين ، تتمثل في حكم وطني عربي ( ليس إسلاميا ) برغبة وإرادة وطنية عن طريق ملك قد اختاروه مقيدا بدستور ، لم نجدا نصا صريحا أو مؤولا يشير إلى همٍ طائفي بعينه ، فالحديث والبيانات هي لكل العراقيين وباسمهم ، وتجسيدا للحكم العربي ، قرر قادة الثورة ـ وأغلبهم من الشيعة ـ على اختيار ملك للعراق من الهاشميين السنة ، ( أي مفارقة نعيش الآن ) وهذا دليل واضح من انهم وما ينتهجون للعراق لم يكن مؤسسا على عقدة دينية ـ طائفية ـ طائفية ، كما أن هؤلاء القادة ، وهم من المراجع التي لا يمكن الطعن بعلمها ومبادئها ، بقدرتها ومكانتها ، رغم قصور وسائل الاتصال آنذاك ، كانت متفتحة الذهن على الحدث وفهمه ، ومواكبة  لسيرورة الفعل وما يجري في العالم من تغيرات ، فثورة أكتوبر الروسية لم تكن غائبة عنهم وكان لها تأثير كبير على مجريات الصراع في العالم وفي منطقة الشرق العربي ، وخصوصا على الشعوب المستعمرة والتابعة ، حيث فضحت ثورة أكتوبر المعاهدات والأتفاقات الدولية التي تم  بموجبها تقسيم العالم..وهناك من يرى ، كما يذكر بعض المؤرخين ، علاقة واتصال بين قادة الثورة العراقية وقيادة الثورة البلشفية التي فجرها لينين في روسيا ، وما أشارت إليه وثيقة النجف (... أمام عدالة الدول الديموقراطية ، التي جعلت من مبادئها تحرير الشعوب..) يصب في هذا الإتجاه ..
إن الافتراق الذي حصل بين قيادة الثورة والملك فيصل الأول الهاشمي الذي اختارته ، تم بعد إبرام معاهدة 1922 التي لم تتضمن المبادئ الأساسية التي ناضلت من أجلها الثورة ، كما أن الملك قد نَكَلَ عن وعوده التي قطعها للثوار عند المجيء به ملكا للعراق ، وانحاز لإدارة الانتداب في تعسفها بنفي المناوئين إلى خارج العراق، ولم يف بالقيم العربية التي يلهج بها ، فإبعاد قادة الثورة من العراق كان لإصرارهم على رفض إبرام معاهدة تنتقص من استقلال العراق وتشرعن بقاء قوات الاحتلال تحت مسميات أخرى ، كما إصرارهم عدم الموافقة على قيام انتخابات والمساهمة فيها ، الغرض منها قيام برلمان يصادق على المعاهدة ويضفي الشرعية على اقوات الأنتداب ، وهذا ما ذهبت إليه فتاوى المرجعية ، بل أفتت بتحريم المساهمة في السلطة وتحريم الدخول في الجيش .. حصيلة الخلاف بين قيادة الثورة والملك من جهة والثورة وإدارة الانتداب من جهة أخرى ، أن جرت انتخابات تأسيسية في العام 1924 حيث أبرمت المعاهدة التي كرست الاحتلال من جهة ، ومن الجهة الثانية أعلنت المرجعية سحب بيعتها للملك ، الذي تنصل من كل مواقفه ووعوده التي أعطاها لقيادة الثورة عندما جاؤا به ملكا للعراق ..
برهنت قيادة الثورة العراقية في كل ممارساتها بأنها لم تكن للطائفة بل للعراق كله ، وذلك عندما اتفق الرأي حول اختيار الأمير فيصل أحد أنجال الشريف الحسين ، ملكا للعراق ، وهو سني ، فهل كان انتخابهم له واقع تحت إكراه من أحد ؟ على سبيل المثال من مجموعة ضغط سنية ، تتمتع بموقع نفوذ في هيئة إصدار القرار لقيادة الثورة ؟ بالمطلق هذا الأمر لم يكن موجودا ، لأن قيادة الثورة كانت شيعية بالكامل ، وقد تساوى لديهم الأمر طالما هو مسلم وعربي ، وهم أعرف من غيرهم بحقيقة الخلاف التاريخي ولا تجوز المزايدة على علمهم ،  فطالما هو من بني هاشم ، وبني هاشم من قريش ، والحديث النبوي قد نص على أن " الأئممة من قريش " ، ولأن قيادة الثورة قد تجاوزت عقدة الطائفية وما عاد هذا الأمر يشكل عقبة أمام مستقبل الأمة والوطن ..! فهل نجد مثل هذا الفهم في يومنا هذا الذي تعصف به الطائفية من كل جانب وتريد تحويل العراق إلى تابع ذليل مجردا من قيمه وتاريخه الوطني ..؟
لقد خسر الوطن والشعب ، الشيء الكثير عندما ابتعدت قيادة ثورة العشرين الوطنية عن الملك والحكم ، وأخلت الميدان للإنكليز وللانتهازيين وغلاة القومية ، أن يحكموا العراق على هواهم ، ويشرعوا الدستور وفق مقاساتهم ، ويسنوا القوانين المتوافقة مع عنصريتهم الشوفينية ، دون رادع ،  وهذا ما أسس على انتهاك الحقوق ومصادرة الحريات ، فكل ما حل بالشعب العراقي من دمار على مدى الحكم القومي ، كان نتيجة لهذا الخطأ السوقي ، في التعبير العسكري ، فهل سيتكرر الخطأ ذاته في ظرفنا الراهن ؟ عندما تنحاز " الطائفة "، وتساوم المحتل ، القوات الأمريكية، على البقاء في الوطن دون أجل مسمى  ليبقى الدمار والخراب يلاحقنا ؟  فالطائفية ـ بنوعيها ـ اليوم تمارس معالجة أخطاء الماضي ، كل من موقعه ووفق رؤيته ، بأخطاء فاضحة باعتبار أن كلا منهما يمثل الشرعية التي افتقدها في يوم من الأيام ، دون الأخذ بنظر الاعتبار موقف الشعب وقواه السياسية ، وما يعتمل في الظرف العراقي والدولي ، فما كان يصلح في وقت مضى لم يعد صالحا الآن ..! وإن اعتقد البعض من المتمسكين بالمظلومية التاريخية ، أن من حقهم مصادرة حقوق الآخرين وإيقاع الظلم بهم ، نتيجة ظرف شاذ أوصلهم لسدة الحكم ، اختلت فيه القيم وتواطأت المصالح المتناقضة ضد الوطن والمواطن... إن القيم المتخلفة التي كانت سائدة في العهد السابق قد تهدمت ، ولن يسمح الشعب مرة ثانية لعودة قيم أخرى أكثر تخلفا وقهرا تعود به إلى عصر ما قبل ثورة العشرين الوطنية  ..
المذهل هو الاختلاف بين مرجعياتنا آنذاك واليوم ، ففي ثورة العشرين كانوا هم الأمة والوطن واليوم هم الطائفة والقرية ، في ثورة العشرين كانت لهجتهم فصيحة أما اليوم فرطانتهم أعجمية ، فسبحان الله مغير الأحوال ! آنذاك وقبل أكثر من ثمانين عاما ، خطاب المرجعية الموجه للعراقيين ، قد تجاوز زمن وقوع الحدث بما لا يقاس عما يحدث عندنا الآن ، فالأفكار الوطنية والمتحررة من النفس الطائفي  التي صاغتها قيادة ثورة العشرين وأغلب رجالها من مرجعيات دينية ، كانت متقدمة على أفكار الكثير من القادة السياسيين ، ناهيك عن المرجعيات الطائفية في الظرف الراهن ، وهذا ما يجعلهم ـ قادة ثورة العشرين ـ في مصاف الثوار العظام الذين نفتقر إليهم اليوم في محنتنا حيث العراق وشعبه في خطر ، فبدلا من أن تساهم مرجعياتنا الدينية ( من الشيعة والسنة على حد سواء ) في درء الخطر عن الشعب ،وتتحسس هَمْ المواطن وحاجته ، ومحاربة الفوضى ، ولجم من يتحدث باسم الدين والطائفة عند ما يتجاوز على حرية المواطن وحقوقه ، وعلى القانون وشرعيته، فبدلا من المساهمة في هذا كله ، تراجعت المرجعية وانكفأت على نفسها وما عادت تهتم بالوطن والأمة بقدر اهتمامها بنصرة طائفة على طائفة ، وتغليب الباطل على الحق والعدل ، وشرعنة السرقة ومصادرة أموال المواطنين ، وكأن الدين وأصوله ناطقان بالمقولة البائسة : أنصر أخاك ظالما أو مظلوما ، ليتقدم الجاهل الخبيث على العالم الجليل ، بالنصح والمشورة ، فتلاشت القيم الحقيقية للدين وضاع جوهر العقيدة والتبس أمرها على الناس ..! وضاعت حقوق الأمة التي طالب بها قادتنا الوطنيون العظام ، الذين وحدوا العراق خلفهم ، في يوم من الأيام ، دون اللجوء إلى طائفية أو عنصرية ..
28 حزيران 2005   
hadifarid@maktob.Com

113
خلط الأوراق .. لمصلحة من في المنطقة؟



هادي فريد التكريتي

ما يجري في منطقتنا ، من قتل وتفجير سيارات مفخخة ، لم يعد مصدره جهة واحدة ، كما لم يكن الهدف منه إخراج القوات الأمريكية من العرق ، التي ما عادت هذه الجرائم تستهدف القوات الأمريكية بقدر ما تستهدف أناس أبرياء ، البعض منهم يؤدون واجباتهم تجاه وطنهم ، من شرطة و جيش ، والبعض الآخر وهم الكثر من مواطنين أبرياء ، أطفال ونساء وبطالة تبحث عن لقمة عيش، فإذا كانت هذه الأعمال هي ما تتهم بها مجموعات الإسلام المتطرف التي شرعت لها قوات الاحتلال الأمريكي فتح الحدود اعتقادا منها استدراج الإرهاب إلى العراق والقضاء عليه ، وهذا هو الغباء بعينه ، بحيث اتسعت رقعة هذه المجموعات الإرهابية بتحالفها مع قوات النظام البعثي المنهار ورموزه لإعادة القديم إلى قدمه ، وهذا ما لن يكون بالمطلق .. القوى الظلامية من طائفية وبعثية ، استفادت من العداء الذي أججته السياسة الأمريكية ضد كل من سوريا وإيران ، قبل أن تحقق أمريكا أهدافها في العراق ، وهذا ما ساهم في اتساع رقعة المجابهة ورفد القوى الإرهابية العاملة على الساحة العراقية ، بالمزيد من الدعم المادي والعسكري ، إضافة إلى الرجال المتسللين عبر حدود هذين البلدين ، فمساهمتهما في تصعيد العمليات الإرهابية في العراق مفهومة الدوافع والأغراض ، ولن تنتهي هذه دون أن تحقق أمريكا كامل أهدافها في المنطقة .. و سوريا لعبت وتلعب الدور الأكبر والأهم في هذا الصراع ليس على الساحة العراقية فقط ، بل وعلى الساحة اللبنانية التي أثرت  فيها تأثيرا كبيرا ومباشرا ، نتيجة لحضور قرارها السياسي والعسكري وتأثيرهما الضاغط على مختلف القوى السياسية اللبنانية ، وتواجدها هذا كان منذ أكثر من ربع قرن على الأراضي اللبنانية ، بطلب لبنانيي أول الأمر ثم بموجب اتفاق الطائف الذي لم ينعقد بعيدا عن الموافقة الأمريكية ، مما أهل سوريا ، آنذاك، لأن تعقد تحالفات سياسية مع قوى قومية ووطنية لبنانية مختلفة ، وتدخل في تحالفات متينة وستراتيجية ، وحتى اللحظة ، مع تنظيم حزبي طائفي لبناني  ذي علاقات وأبعاد طائفية مع حليفتها إيران ، الممول الرئيس بالرجال والسلاح والمال لهذا التنظيم عبر سوريا... وسوريا معنية بشكل مباشر بالصراع العربي الإسرائيلي لكون أراضيها لا زالت محتلة من قبل إسرائيل منذ العام 1967 ، وإسرائيل قد أعلنت ضمها من طرف واحد ودون موافقة دولية ، إلا أن السياسة الأمريكية متوحدة مع السياسة الإسرائيلية ضد سوريا ونهجها المطالب بعودة  أراضيها المحتلة .. وسوريا ، لا زالت تتواجد على أراضيها مئات الآلاف من الفلسطينيين يعيشون في مخيمات موزعة على كل المدن السورية ، ونتيجة لهذا الواقع تتواجد العشرات من مكاتب المقاومة الفلسطينية التي تمثل مختلف أطياف الواقع الفلسطيني والتي لها امتدادت داخل العمق الفلسطيني ، ومن ضمنها حماس والجهاد الإسلامي التي أدخلتهما أمريكا ضمن المنظمات الإرهابية والتي تريد إزاحتها من على الواقع السوري ، هذا الواقع الشائك والمعقد تساهم فيه سوريا وتنوء تحت ثقل نتائجه السياسيه ، خصوصا بعد أن طبًعت إسرائيل علاقاتها مع الكثير من الدول العربية ، وبعد أن زال الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية ، خسرت سوريا حلفاء معتمدين سياسيا ، وفقدت ما كانت تحتاجه من سلاح لإدامة مواجهتها مع إسرائيل على أقل احتمال ..  هذا الواقع الذي تغوص فيه سوريا قد عقدَه وضع داخلي مرتبك على مختلف الصعد ، بعد رحيل الرئيس حافظ الأسد القائد الاستراتيجي لسوريا والمؤثر الفاعل في المنطقة ، وانفراد قادة سيئون بالرئيس الجديد ، بشار الأسد ،  خططوا لسياسات ضيقة الأفق لا تخدم المصلحة السورية ولا مصلحة الجيران ، بقدر ما تخدم مصالح قصيرة المسار ، هدفها منافع ذاتية وشخصية ، مستفيدة من بقاء قواتها العسكرية والأمنية في لبنان ، الغير مرغوب فيها على الأراضي اللبنانية ، من أقرب الحلفاء لها ، لتدخلها في الشان الداخلي ، وفرضها سياسات أثارت انقسامات حتى في المعسكر الموالي لها ، لخطورتها على الواقع السياسي والأمني اللبناني ، ولبعدها عن أي نهج وطني أو قومي ، مما كون جبهة واسعة وعريضة معادية لها أدى في النهاية إلى تدخل القوى الدولية ، وخصوصا أمريكا وفرنسا، ومطالبتها برحيل قواتها من على كل الأراضي اللبنانية ، وعشية الانسحاب تم اغتيال الشخصية الوطنية ورئيس الوزراء السابق رفيق الحريري الذي لم يكن هو ، ونهجه ، من المعادين لسوريا ، بقدر ما كان مطالبا بإصلاح العلاقة التي تسببت القوات الأمنية السورية في تدهورها ، ولما يمضي سوى وقت قصير على تفجير سيارة الحريري ومقتله والكثيرين من مرافقي موكبه حتى تم تفجير سيارة الكاتب اليساري سمير قصير ، ومصرعه أيضا ، وربما لم تجف بعد ، دماء الشهداء الضحايا لهذا العنف المروع ، حتى تفجرت سيارة أخرى بالقائد الشيوعي البارز وعميد المقاومة اللبنانية في الجنوب ، جورج حاوي  الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني ، واستشهاده كان بنفس الأسلوب الذي أودى بحياة الصحفي التقدمي سمير قصير ، كما كانت هناك محاولة سابقة ، فاشلة ، لاغتيال مروان حماده من الحزب التقدمي الاشتراكي ، الغريب في الأمر أن كل هؤلاء المغدور بهم ، أُتهمت بهم سوريا ، ولم يكونوا ، بالمطلق ، من المعادين لسوريا ، بل كانوا حلفاء لها ، إلا انهم من منتقدي  سياسات العهد الجديد ، لبشار الأسد ورهطه ، التي مارسها رجال المخابرات السورية ، وتدخلهم الفض في الشأن الداخلي الذي أضعف الجبهة السورية ـ اللبنانية كثيرا ، وشرًع الباب مفتوحا أمام تدخلات خارجية في الوضع الداخلي اللبناني ، تهدد سوريا ولبنان معا ... يحصل كل هذا وسوريا في موضع الدفاع عن النفس ، فموقفها من العراق كما أوضحتُ ، متورطة فيه ، وهذا لا يحتاج الى دليل أو برهان ، وأمريكا لا زالت مصممة على تنفيذ ما هو مرسوم من مصير لسوريا ، ووضعها الداخلي السيئ يزداد سوء على كل المحاور .. أصابع الاتهام توجه نحو سوريا لكل ما يحصل في لبنان ، فهل الحكومة السورية في وضع يتيح لها أن تقترف كل هذه الجرائم في وقت قصير ، ولما يمض على انسحاب قواتها من لبنان سوى أشهر معدودة والتهديدات الأمريكية تلاحقها لتورطها في العراق ؟ ربما ! وتبقى سوريا ليس الطرف الوحيد ، من مجموع أطراف كثيرة ومتعددة ، لها مصلحة في تعقيد الوضع اللبناني وتأجيجه ضد سوريا لغاية ما ، كما أن قوى محلية ودولية من مصلحتها حصول فرقة طائفية وسياسية في لبنان .. الغريب في الأمر أن كل المغدور بهم هم من القوى الوطنية والعلمانية المناوئة للطائفية بكل أشكالها ولإسرائيل أيضا ، .كما أن هناك قوى سياسية وطائفية من ديانات مختلفة لها مصلحة فيما يحدث ، ليس أولهم المليشيات المسيحية كما ليس آخرهم  قوات حزب الله الطائفية ، من منطلق الفتنة الداخلية والوقوف بوجه المد الوطني المناوئ للطائفية في لبنان  . بعد كل هذا هل من مصلحة سوريا تأجيج هذا الوضع ضدها وهي الملاحقة والمحاصرة دوليا ؟ التحقيق النزيه والبعيد عن كل موقف مسبق ، هو الذي سيحدد من هو القائم بهذه الجرائم ؟  ومن هو الطرف المستفيد من كل هذا التدهور الذي يحصل في المنطقة ؟ وخلط الأوراق الغاية منه إطالة أمد المعاناة التي تعاني منها شعوبنا ، في ظل أوضاع إرهابية وتدخلات دولية ، وتبقى سوريا لاعبا أساسيا في تحالفها مع إيران فيما يحدث بالعراق لإضعافه ، وتأجيج صراع طائفي يلتهم المنطقة كلها ..
 hadifarid@maktob.com
 23 حزيران 2005


114
الجمعية الوطنية العراقية والقضايا الساخنة  ..!
[/b]




هادي فريد التكريتي
الجمعية الوطنية ، أو البرلمان ، في كل بلدان العالم هي المكان الملائم لممثلي الشعب ، من مختلف الإتجاهات  والأفكار السياسية لأن يتحدثوا بصراحة ، ومعالجاتهم للقضايا الساخنة وغير الساخنة تتم بعد مناقشتها بعيدا عن الإنفعال والغضب والتهديد ، وما رأيت من واقع جلسة للجمعية الوطنية الوطنية ، يوم 19 حزيران 2005 ، وهي تناقش مختلف القضايا ومن ضمنها ما كان قد سمي." بالقضايا الساخنة "، أمرا" يثير الاستغراب ، من أحد المشايخ أعضاء الجمعية ، عندما طلب الكلام وتحدث بانفعال وغضب واضحين عن قضية سبق لإحدى أعضاء الجمعية أن أثارتها بخصوص الاغتيالات للضباط الطيارين العراقيين ، الذين ساهموا في الحرب العراقية الإيرانية، والجهة التي وراء هذا العمل .. لقد هدد هذا الشيخ النائب زميلته بأن هذا الاتهام يكلفها حياتها إن لم تقدم الأدلة الثبوتية لذلك .. وحقيقة الإتهام كما أوضحه الشيخ النائب أن السيدة العضو في الجمعية الوطنية قد اتهمت منظمة بدر بهذه الاغتيالات بتحريض من إيران ، انتقاما منهم لقصفهم القوات الإيرانية ..وبما أن منظمة بدر هي بريئة ، كما يدعي هذا النائب ، من هذا الاتهام إن لم تقدم النائبة الدليل ، وبعكسه فإن حياتها هي مسؤولة عنها .. بعد هذا قامت النائبة محتجة على هذا التهديد الصريح والواضح بقتلها ( وسنكون شهود على الجريمة فيما إذا تمت تصفيتها من قبل هذا الشيخ النائب ) ، وأفادت أنها قد قدمت للسيد رئيس الجمعية الوطنية كل الدلائل والقرائن الموثقة بالزمان والمكان والجهة المنفذة التي قامت بهذه الجرائم ، وقد أيدها رئيس الجمعية في دعواها ، إلا انه لم يجد فهما لتهديد حياتها من قول الشيخ النائب ، على الرغم من وضوح التهديد ومباشرته ، وهذا ما يؤشر على أن من يترأس الجلسة السيد ( وهو د.الشهرستاني ) لم يكن حياديا في حكمه وخصوصا أن الشيخ هو من ينتمي  لكتلة السيد الشهرستاني .. كنت أعتقد أن رجال الدين ومشايخهم، أنهم حقا رجال سلام ودعاة خير وموعظة ، وبعيدون عن العنف أو التحريض والتهديد بالقتل على رؤوس الأشهاد ، وأين ؟ في المكان الذي يفترض فيه أن تصان عنده حقوق الشعب قبل الأعضاء المتواجدين في الجمعية الوطنية ، أو كما يقال سابقا تحت قبة البرلمان (المهجوم )، كان المفروض من رئيس المجلس أن يظهر حياديته ، الطائفية ، الشكلية على الأقل ويدين هذا التهديد لا أن يدافع عنه ، كما كان عليه أن يتعامل مع ما أثارته السيدة العضو من واقعة الاغتيالات بجدية ويحيل الأمر للتحقيق لا أن يهمله وكأن شيئا لم يحدث..إنها أرواح الناس يانائب رئيس مجلس الشعب ، ياشهرستاني !!  ..
الكل يعرف أن منظمة بدر ، هي منظمة عسكرية إيرانية بكل معنى الكلمة ، يعني أن القتل والتخريب بعض أهدافها ،وأنها  قد ُأسست في إيران ومن قِبَل إيران نفسها ، وكانت قيادتها منوطة بشخصية إيرانية كما أن أغلب ضباطها والمشرفين عليها هم كذلك ، حتى اللحظة ، على الرغم من أن قيادتها قد آلت لرآسة المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق ، بعد أن وجهت انتقادات عراقية وغير عراقية لهذه الإدارة ، فرواتب منتسبيها واحتياجاتها ، وحتى اليوم تسدد من قبل الجهات الإيرانية ، وحتى أعضاء الجمعية الوطنية المنتمين إلى هذه المنظمة ، وعناصرها ، لا يزالون يتقاضون رواتبهم ومكافآتهم من إيران ، وهذا ما أثاره وزير الدفاع السابق ـ فلمن إذن يكون الولاء ـ ؟ وبعد تشكيل الحكومة الجديدة تمت صفقة ! بين القوى التي تتقاسم هذه الدولة والحكومة على استيعاب عناصر هذه المنظمة في وحدات الجيش العراقي ودوائر وزارة الداخلية الأمنية ، وهذا كله يتنافى مع ابسط مبادئ الوطنية والسيادة ، فالحكومة الحالية تعتقد أن من حقها استيعاب هذه المنظمة وغيرها من الميليشيات المنسجمة مع أهدافها وأفكارها في المكان الذي يحقق لها الغرض الذي ترمي إليه ، ومنظمة بدر ، رغم استيعابها في أخطر الأجهزة العائدة لدوائر الدولة الأمنية العراقية ( وهذه ليست مقرات للأحزاب الحاكمة ) ، يبقى ولاءها لمن أنشأها وكونًها ولا زال يرعاها ، وهذا ما يتناقض مع أبسط مفاهيم السيادة والوطنية ، اللهم إلا إذا كان في نية حكومتنا الطائفية ، بعد عقد صفقة مع حلفاءها ، على إعلان وحدة مع إيران ، باعتبار أن الحكومتين إسلاميتين لطائفة واحدة ... وهذا ما يجب أن تفضحه الأحزاب والقوى الوطنية والديموقراطية العراقية ، لا أن تسكت ويمر مرور الكرام وكأن لم يكن ما يبرر القول أو الحديث ، واتهام الآخرين بتضخيم الأمور وتحميلها أكثر مما تحتمل لمن يتطرق لهذا الواقع ..!
إن ما يتعرض له العراق من قتل وتفخيخ وتفجير وتخريب لم يكن قادما من سوريا أو الأردن فقط ، بل من كل دول الجوار وكذلك إيران ، فهذه الدولة الجارة ليس من مصلحتها أن يتعافى العراق وشعبه ، ولن يدخل السعادة على قلبها وجود عراق يمتلك السيادة ويتعامل معها الند للند ، كما أنها حليف لسوريا ، المتهمة بما يحدث في العراق ، وإيران شريك لسوريا في الموقف من العراق والتصدي للسياسة الأمريكية ومشاريعها المستقبلية لإجراء التغيير المعلن عنه في منطقة الشرق الأوسط ، وإيران وسوريا مشمولتان بهذا التغيير ، وأمريكا وجيشها ، في العراق ، الوسط بين الدوليتين ، فهل تترك إيران أمريكا ، وهي في الساحة العراقية ، تنفذ مخططاتها بحرية ودون أن تربك برنامجها على الأقل ، ولو لبعض الوقت ، رغم دعاوى الحكومة الإيرانية من أن أمن واستقرار العراق يهمها وهو ما تعمل وتهدف إليه .. إن الأقوال لا تتطابق مع الأفعال أولا لما يحدث في البصرة وغيرها من المدن الحدودية ، من أعمال منافية للوحدة العراقية سواء أكان هذا بين الكيانات السياسية ، أم بين الطوائف الإسلامية أم بين الديانات والعرقيات الأخرى ، ثم أن الفضائح التي أعلن عنها مسؤولون عراقيون بخصوص تهريب النفط من العراق وتهريب المخدرات والأسلحة إلى العراق ، كل هذا يتم بعلم ومعرفة الدوائر الأمنية الإيرانية وبالتعاون مع قوى خاضعة لقوات بدر والتنظيمات الموالية لها في هذه المدن ، وتتستر عليها قيادات عراقية مسؤولة في أجهزة الحكم ..
ولعل ما يؤكد أن منظمة بدر مكتوب لها أن تلعب دورا إيرانيا ، بعلم الحكومة وضمن أجندتها ، ما تقدم أعلاه ، من استيعاب الحكومة لمنظمة بدر في دوائر وزارة الداخلية ووزارة الدفاع ، ودلالة عقد مؤتمرها الأول في العراق ، والذي يكاد يكون شبيها لمؤتمر دولة رسمي ، لحضور قادة كل مؤسسات الدولة والحكومة الرسمية . واللهجة المتعالية التي يصرح بها قادة هذا التنظيم ، والذي لم يخلُ من التهديد لمن لا يذعن ، كما لا يغيب عن البال أن ما أقدم عليه وزير الداخلية قبل رئيس الحكومة الجعفري ، من خرق للقوانين عندما أطلقا سراح كل السجناء والمعتقلين الإيرانيين ، دون مبرر ، سوى الخنوع للرغبة الإيرانية ، هو ما يؤكد الدور الإيراني في العراق والتدخل الصريح والواضح في اختراق للسيادة العراقية برضى الدولة  وبعلمها ، وهذا مؤشر خطر على أن القادم على العراق أدهى وأمر مما كان عليه الحال مع حكومة النظام العفلقي الفاشي الساقط .. هذا الواقع يترافق مع الاتهامات بالتواطؤ لحكومة د. أياد علاوي المنصرفة وأجهزتها مع قوى إرهابية بعثية وتعيينها في الدوائر ألأمنية ، والتي تم طردهم وإحلال أعضاء من منظمة بدر مكانهم ، وكأن العراق ملك طابو لمن يحكمه ، دون أن ُيُستدعى أعضاء تلك الحكومة ، وهم أعضاء في الجمعية الوطنية ، لمساءلتهم عما ارتكبوه من خروقات ، وفق اتهامات الخصوم ، على الرغم من الكثير من الجرائم المرتكبة آنذاك ، وخصوصا حوادث سلمان باك ، كانت اتهامات وزير الداخلية السابق موجهة ضد منظمة بدر .. الخلاصة من كل هذا أن منظمة بدر تقوم بدور إيراني واضح في العراق ، ويدور حولها حديث كثير ، وما أفادت به السيدة عضو الجمعية الوطنية إتهام خطير يجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار ويتم التحقيق فيه من قبل لجنة محايدة ، فالعراق ليس ملكا لحزب ما أو لطائفة مهما كانت كبيرة أم صغيرة ، فالعراق هو ملك لكل العراقيين ولا يجب التفريط بحقوق شعبه لا للشيعة ولا للسنة ، ولا لمن هم في إيران أو لمن هم من بلدان أخرى ومهما كانت هذه البلدان ، فالكل أجنبي والكل لهم مصالح في العراق لأن يبقى ضعيفا ومخترقا من قبل منظمات أُنشئت برعاية دول أجنبية الغرض منها تفتيت العراق وشعبه .
..!
19 حزيران 2005
hadifarid@maktob.com

115
المرحلة المنصرمة ..ودروسها ..!


هادي فريد التكريتي
شكلت هزيمة اليسار والديمقراطيين في أول انتخابات برلمانية بعد سقوط النظام صدمة عنيفة ليس لكل القوى اليسارية والشيوعية  بل ولكل لقوى الديموقراطية والعلمانية ، والحقيقة أن هذه القوى باجمعها كانت تعيش على أمجاد تاريخية سابقة ، ولم تدرس بشكل واع واهتمام كبير للمرحلة التي ابتعدت عنها خلال حكم البعث عن الساحة العراقية ، وما أحدثته هذه الفترة من تحولات في الواقع العراقي ونفسية الشعب ، كما أن هذه القوى لم تمارس عملا سياسيا ، عندما كانت تعيش بالمنفى ، بالمفهوم العملي للمعنى السياسي مع القوى المعارضة العراقية ذات الاتجاهات الفكرية المتناقضة ، والمختلفة الأهداف ، التي كانت تعمل معها في جبهة موحدة من أجل اسقاط النظام ، فبمجرد سقوط النظام ، إنفرط عقد هذا التحالف الهش ، والغير مكتوب في أكثر الأحيان مع أغلب هذه القوى ، وما كانت قد وضعت ثقلها عليه في تحالفاتها الستراتيجية مع القوى القومية الكوردية كان قد انهار قبل غيره مع القوى غير العلمانية والطائفية ، عندما فضلت القوى الكوردية في الانتخابات الانفراد بقائمة قومية كوردية ، والتي لم تكن تحلفاتها ، آنئذ ، معها سوى وحدة المصاب وشمولية الظلم الذي مارسه النظام السابق والذي ألحقه بكل القوى السياسية العراقية ، علمانية أم دينية  منذ بداية تبلور النهج الشوفيني لحكم البعث .. السياسة فن اقتناص الظروف الملائمة للوصول إلى الهدف ، وهذا ما كانت عليه كل قوى المعارضة العراقية ، ما عدا الحركة الديموقراطية واليسارية بشكل عام والحزب الشيوعي بشكل خاص ، فهو من بين كل القوى الوحيد الذي كان يحمل الهم الوطني العراقي ولا يزال ، متجاوزا عن موقعه الحقيقي والمتخلي عن مكانته للآخرين ، سواء أكان هذا قبل قيام النظام البعثي كما كان قبل سقوطه ، وعند سقوط النظام ، والبدء باقتسام المغانم ، الكل أشاح بوجهه عنه وتخلى عنه أقرب الحلفاء ، القوميون العلمانيون والديموقراطيون ، فكيف الحال بمن يختلف عنهم في الرؤيا والفكر والإيمان .. وقبل دخول قوات الاحتلال الأمريكية العراق كما هو الحال بعد دخولها ، كانت أمريكا قد عارضت تواجد الحزب الشيوعي ضمن المعارضة العراقية ، وهذا الواقع أكده السيد مسعود البرزاني ،عند عودته من أمريكا ، أمام آخر اجتماع للجنة العمل المشترك قبل انفراطه في دمشق ، وتأسيس مؤتمر صلاح الدين بديلا عنه ، لذا كان التأكيد على الطائفية وإبعاد الحركة السياسية العراقية وتاريخها عن فقرات قانون إدارة الدولة ، وإحلال المحاصصة الطائفية بديلا عن الحركة الوطنية والديموقراطية العراقية ، لكون الحزب الشيوعي ، وعموم الحركة اليسارية والديموقراطية ، العمود الفقري للحركة الوطنية العراقية والأكثر عداء لأمريكا ولعموم القوى الإمبريالية من أي حركة سياسية أخرى في العراق والمنطقة منذ بدايات ظهور الحزب الشيوعي على المسرح السياسي ...من هنا تأتي أهمية وحدة أو تقارب الحركة الديموقراطية واليسارية والشيوعية في إعادة تقييم كل السياسات التي مارستها هذه القوى مع بعضها ، و مع الحلفاء والخصوم على قدم المساواة واستخلاص العبر والنتائج لصياغة ستراتيجية أخرى ، على ضوء حركة المجتمع الفعلية والمتغيرات العالمية ، بعيدا عن الجمود والصيغ الكلاسيكية والجامدة ، فالماركسية لم تكن نظرية لقرن أو لزمن ما ، كما لم تكن نصوصا مقدسة ومنزهة لا يحق لجهة ما اغناءها أو تجاوز نص من نصوصها ، إنما هي مرشد علمي لقراءة الواقع ورسم الآفاق للمستقبل الذي يحقق للإنسان حريته ورخاءه ، فامتلاك الرؤية الواقعية على ضوء واقع متجدد ومتطور ومتغير باستمرار ، هي ما يجب توظيفه في دراسة المجتمع ووضع الحلول الناجعة للمشاكل التي يعاني منها الفرد والمجتمع على حد سواء ، والتي هي متغيرة ومتطورة كذلك ، فتحقيق تقارب ومصالحة بين قوى التيار اليساري خاصة والعلماني عامة هي ما تعيد لهذا التيار تأثيره وموقعه بين الشعب وبين القوى السياسية العراقية ، فالشعب العراقي بمختلف طبقاته الاجتماعية وقومياته وفئاته يلتف حول القوى الواعدة التي تتبنى همومه في حياة إنسانية وعصرية ، تحقق له الأمان والرخاء والسلم ، كما تضع أمامه قوانين تحميه وتجسد له مبادئ دستور ديموقراطي وعلماني وتعددي يقر بحقوق الإنسان ، يهتم بصفة المواطنة وحقوقها ، قبل أن يعطي الحق للطائفة أو للدين أو للقومية ، مع الاحترام الشديد لكل القيم التي يتمسك بها المجتمع العراقي ، إن الجرائم التي اقترفها النظام السابق ، بحق المواطن العراقي ، هي نتيجة لدستور تضمن وتمسك بمبادئ وأفكار قومية عنصرية وشوفينية وطائفية ، دمرت حياة الإنسان وشوهتها ناهيك عما ألحقته من خراب باقتصاد وثروات البلاد ، وهذا ما يتطلب من القوى العلمانية ، على الرغم من اختلاف رؤاها في تحقيق أهدافها الخاصة في تطوير المجتمع ، والتي رفضت ما انتهجه البعث الساقط ، أن تقف موحدة ، تجاه المسعى الطائفي في رسم دستور يخل كثيرا في المبادئ التي تؤمن بالإنسان وبقدرته على الخلق والإبداع ، فالطائفية في المحصلة ، ذات نهج دكتاتوري ، لم تكن رؤاها غائبة عن رسم ملامح ديكتاتورية طائفية بديلة ، في النتيجة تهدف لصياغة دستور معاد لكل القيم الحضارية والمدنية التي يتطلع لها شعبنا في إعادة بنائه من جديد ، وفق أسس وقيم حضارية ، تتماشى مع التطور الهائل لتقنيات الحياة ، تعيد للمواطن العراقي ، ذكرا أم أنثى ، كرامته وثقته بنفسه وقدرته على العطاء .. فتضافر جهود كل العلمانيين من أجل إقرار دستور علماني ، يبعد الدين عن السياسة ، هو الطريق المفضي إلى بناء العراق الذي ينشده الشعب العراقي ، يكون أساسا في وحدته وتلاحم أطيافه وهذا هو الهدف الأول من تقارب وتوحد القوى المتماثلة في خلاصها من زج الدين بالحكم ، والموسومة بالعلمانية ..
ضرورة أخرى قادمة لقيام تحالف آخر ، من ضمن مكوناته بعض القوى العلمانية ، هو تحالف قوى التيار اليساري والديموقراطي العراقي ، من أجل خوض الانتخابات القادمة وتصحيح نتيجة الخسارة المذهلة التي لحقت بهذا التيار ، والتي أبعدته عن التأثير الفاعل في مجرى الحياة السياسية ، والمشاركة في رسم سياسة البلد لمرحلة هي من أصعب المراحل التي تؤسس لعهد ونظام جديدين ، فالفشل في الانتخابات السابقة أسبابه كثيرة ومتنوعة ، وقد تعرض لها الكثير من الذين أحزنتهم النتيجة ، من أحزاب وقوى وشخصيات ديموقراطية ويسارية ، وقد ساد شبه إجماع في الرأي من أن التشتت والفرقة هي من أهم الأسباب التي أدت إلى هذه النتيجة ، والرغبة والتمنيات لم تجسد وحدها الوحدة والتقارب والتلاقي بين القوى اليسارية والديموقراطية ، وإنما التحرك الجاد والنشط بين هذه القوى لتفعيل أفكارهم وتوحيد قواهم على ارض الواقع ، وطرح برامجهم ومبادئهم للنقد والنقاش وللتغيير أيضا ، ثم صياغة برنامج موحد متفق عليه ، يتضمن الحدود الدنيا لبرنامج العمل المشترك اللاحق لهذه القوى ، يتم فيه التنازل عن الكثير من الأهداف التي لم تعد هي ما تشغل الناس ، وهموم جماهير الشعب في هذا الظرف ، بقدر ما هو برنامج الحد الأدنى من توفير الأمن والعمل واحتياجات الناس لضرورات الحياة اليومية من الماء والكهرباء والحرية الشخصية ، مع أخذ النظر بالواقع للوضع السياسي والأمني والاقتصادي للبلد وحياة الشعب ، هكذا برنامج في قائمة موحدة ، للديموقراطيين واليساريين والشيوعيين ، لخوض الانتخابات نتائجه مشجعة لأن تلتف حوله شرائح المجتمع التي تحاول الطائفية خداعها في خلاصها من هموم الدنيا بالاستسلام للغيبيات ، في مرحلته الحالية ذات الأفق المرتبك.. كما يشكل التواجد الفعلي لقوات الاحتلال الأمريكي ، رغم التسميات القانونية ، هما كبيرا يعاني منه الشعب العراقي ، في كل مناحي حياته ، والسمات الوطنية التي عرف بها التيار الوطني الديموقراطي ، الشيوعي واليساري ، طيلة حياته السياسية ، تتطلب التصدي لمعالجة تواجد هذه القوات لفترة أكثر مما انوجد فيها ، كما أن عقد اللقاءات والاجتماعات بجماهير الناس وطرح البرنامج المتفق عليه عليهم ، والاستماع إلى ملاحظاتهم ومطالبهم ، هو الإجراء الأمثل لتفعيل قوى الشعب المختلفة وزجها في النضال للدفاع عن مصالحهم ، قبل وبعد الانتخابات ، وبشكل مستمر لكسب القوى الشعبية التي هي صاحبة المصلحة الحقيقة في تحقيق ظروف حياة أفضل لهم ولعائلاتهم ، أما أن نكتب ونقول خلف أبواب مغلقة وبعيدا عن تجمع وحياة الناس فهو ضرب من الخيال إن تحقق شئ من التغيير تجاهنا وتجاه ما نطمح إليه . وسنخسر مرة ثانية وثالثة ورابعة ..، وكلما تبعثرت جهودنا نتبعثر ونتشرذم أكثر فأكثر ونحصد من الهزائم الشيء الكثير ، وحتى اللحظة لم نجد من يقر ويعترف بخطأ كرره أو تحمل مسؤوليته بشجاعة ويرحل ، والتجربة أكبر برهان ..إن الوضع الداخلي للقوى الديموقراطية واليسارية ، سلبا أو إيجابا ، وحدة أو تقاربا ، تشرذما أو تباعدا ، ينعكس على الوضع في المنطقة كلها ، فالعراق منذ القدم مركز ثقل للعرب وللمنطقة ، فتحقيق نجاحات للقوى الديموقراطية واليسارية على الساحة العراقية يعطي زخما فاعلا ومؤثرا للقوى المثيلة في أي بلد في المنطقة ، والعكس صحيح أيضا ، وما نشاهده فعليا في عموم المنطقة يؤثر على الواقع العراقي بكل تجلياته ، وهذا ما يتطلب تحركا مستمرا ونشاطا فعالا من القوى والأحزاب الوطنية والديموقراطية واليسارية الشيوعية والعمالية ، مع مثيلاتها في المنطقة لشرح واقع حالنا وضرورة مؤازرتهم لنا ولنهجنا ، ولكبح جماح التحريض والتفجير ضد شعبنا ، فالظروف تكاد أن تكون واحدة والهموم متشابهة ، وما تعانيه كافة شعوب المنطقة من غياب للديموقراطية وترسيخ لحكم الفرد أو الحزب ، حيث انعدمت الفوارق بين أنظمة الحكم الملكية عن الجمهورية ، والشعوب مغيبة وقوانين الطوارئ بديلة عن الدستور الديموقراطي ، والانتخابات مزيفة ومزورة تتم بالنسب المعهودة 99،99%، وهذه كلها علامة مميزة لمجتمعاتنا العربية والإسلامية ، التي تتطلب دراسة معمقة للخروج بحلول توفر المبادئ الأساسية والضرورية لمعالجة ما تعانيه مجتمعاتنا من مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية ، وأزمة حكم ضحيتها الجماهير التي لم تجد حلا لأزمتها ، لغياب وتشرذم القوى القادرة على التغيير من ديموقراطيين ويساريين ، فتشابه الظروف في مجتمعاتنا لها تشابه وتشابك في الحلول ، أنتجت وستنتج وضعا مشابها للذي نحن فيه ، وكل هذا يستوجب في ضرورة التقارب أو الوحدة في التنظيم وأساليب الكفاح ... ومما لا شك فيه أن خير سبيل لمجابهة المشاكل المتشابهة ، التي تنهض أمام القوى المتقاربة في فهمها ونهجها ، وتعينها على تحقيق توجهاتها هي الحلول المتشابهة أو المتقاربة التي تبدأ  من الفهم المشترك للمبادئ الديموقراطية وحقوق الإنسان ، وتنطلق بالأساس من مبدأ التساوي في المواطنة ، كما هو التساوي في الحقوق والواجبات ، بدأ بمساواة المرأة بالرجل ، ومساواة المواطنين أمام القانون في الحقوق ، كما هي المساواة بين كافة القوميات والأديان والطوائف ، التي نعمل من أجل أن يقرها دستور علماني جديد لبلدنا ذي توجهات  ديموقراطية ،  يقر بالفدرالية ( رغم تعدد الفهم لهذا المبدأ ) والتعددية الفكرية والسياسية وحق تداول السلطة ، وضرورة التشديد على عدم قيام الظروف الحاضنة والمنتجة للدكتاتورية ، أيا كانت ، قومية أم طائفية أم حزبية ، وضرورة صياغة قيود على الحاكم قبل المحكوم ، فترسيخ المؤسسات الديموقراطية وتفعيل أنشطتها تحول دون أن يمارس الحاكم حكما على هواه بعيدا عن رقابة الشعب ومؤسساته ، حتى وإن كان حزبه هو صاحب الأكثرية في البرلمان ،فعلى سبيل المثال عندما أصدر السيد رئيس الوزراء د. إبراهيم الجعفري أمرا بإطلاق سراح كل السجناء والموقوفين الإيرانيين ، تصدت له الكثير من مؤسسات المجتمع المدني ، من أحزاب وقوى سياسية ، وحتى من رئاسة الجمهورية التي نفت علمها بهذا الإجراء أو المصادقة عليه ، رغم أننا حتى اللحظة لم نعرف إن تم الرجوع عن هذا القرار أم لا ، وكذلك فعل وزير الداخلية ، فالخروقات والمخالفات القانونية الحاصلة تجب مقاومتها ومحاسبة القائمين بها ، بغض النظر عن مركز القائمين بها وموقعهم الرسمي ،  وهذا ما حدى بقوى سياسية قومية وديموقراطية بأن تتوحد في شجبها لمثل هذه القرارات المفرطة بحق الشعب في تجاهله وعدم توضيح الحقيقة ، كما هو تجاوز على الصلاحيات القانونية المحددة للمسؤولية في جهة إصدار القرار ، والمتجاوزة على الصلاحيات المخولة قانونا ، وعلى مبدأ فصل السلطات  ... فقيام تقارب بين قوى سياسية ليبرالية وديموقراطية ويسارية وشيوعية ، قارب عددها أو تجاوز 22 تنظيما بادرة أمل على طريق تقارب نهجها في المساهمة برؤى مشتركة لصياغة الدستور ، توافقى ، علماني وعلى خوض انتخابات بقائمة مشتركة لهذه القوى ، دليل على حرص هذه القوى على مستقبل ووحدة العراق وشعبه ، كما هو مساهمة على إعادة بناء العراق وفق أسس جديدة ضمن منظور الواقع والممكن .. فالمصائب توحد بين بني البشر وتوحد الحلول لدرء هذه المصائب ..والعراق لا زال يعيش المأساة التي تتطلب الوحدة ، قبل كل شيئ ، بين أصحاب الهم المشترك .. 

116
الحقوق المصادرة .. والعهد الجديد..!

هادي رجب حافظ

إلى أنظار المسؤولين المحترمين : السيد جلال الطلباني رئيس هيئة رئاسة الجمهورية العراقية  .
                                         السيد حاجم الحسني رئيس الجمعية الوطنية .
                                         السيد إبراهيم الجعفري رئيس الوزراء .
                                         السيد راضي الراضي رئيس مفوضية النزاهة.
                                         السيد علي عبد الأمير علاوي وزير المالية .
                                         السيد المهندس بيان محمد باقر صولاغ جبر وزير الداخلية .
                                         السيد رئيس لجنة النزاهة في الجمعية الوطنية .

الكل ، وأنتم قبل غيركم ، يعرف الجرائم التي أرتكبها النظام الفاشي بحق الآلاف ، بل مئات الآلاف من أبناء الشعب العراقي ، حيث لم يكتف النظام الساقط بإسقاط عقوبة واحدة على المواطنين المعارضين للنظام ، بل إلى جانب إصدار الحكم ، سجنا أو إعداما ، تتم مصادرة أملاك المحكومين ، والطرد من الوظيفة أو الإحالة على التقاعد ، وإسقاط الجنسية العراقية ، عنهم ،  مع  سحب جوازات سفرهم ،  لمن صدرت بحقهم أحكام غيابية ، وأنا المواطن الفقير لله ، هادي رجب حافظ ، المكنى ب " أبو انتصار " قد حصل لي كل هذا ... وفي بداية العام 2004 ، حين تسلم العراقيون الحكم من قوات الاحتلال ،  شددت الرحال للعودة إلى الوطن بعد غياب ربع قرن ( حيث غادرت العراق ـ هاربا ـ في بداية العام 1979 ) وأول ما بدأت به ، بعد زيارة المقابر، البحث عن داري الكائنة في بغداد ـ حي أور في منطقة جميلة ، المشيدة على القطعة 6 | 2139 | م5 الصليخ ، وأثناء مراجعتي لدائرة السجل العقاري في الأعظمية ،  علمت أن الدار قد تمت مصادرتها من قبل مكتب أمانة السر لمجلس قيادة الثورة ، وقد شغلته منظمة حزب البعث  في المنطقة آنذاك ، وبعد سقوط النظام البعثي، عادت الدار إلى ملكية الدولة ( وزارة المالية ) ، ومن حسن حظي ، هكذا قال لي ،  موظفو السجل العقاري ، يومئذ ، أن الدار لم يتملكه شخص آخر .. وعلى الفور قدمت طلبا إلى دائرة  أملاك الدولة الكائن في بغداد ـ الرصافة ( في بناية الأموال المجمدة سابقا ) ..ونظرا للظروف السائدة آنذاك ، أُخبرت أن الأمر يتطلب بعض الوقت ، وبما أني لم أجد دارا للسكنى قفلت راجعا ، بعد مراجعات عقيمة دامت أكثر من شهرين ، حيث أنا حاليا في السويد ، بعد أن وكلت ، السيد طارق رجب حافظ ، على متابعة الموضوع ..
أيها السادة المحترمون : بعد مرور أكثر من سنتين وأنا أنتظر، ليس ردا لداري الوحيدة فقط ، وإنما لكافة حقوقي التي سلبني إياها النظام السابق ، ولكن دون جدوى ، واليوم إذ أخبرني وكيلي أن الدار سيبقى مصادرا ومسجلا باسم وزارة المالية ، بحجة أن العقار لا زال ـ شكليا ـ أرضا زراعية ،  كما أخبرته : هيئة دعاوى الملكية العقارية ـ مكتب الرصافة الأولى ، اسم حاكمها طارق ، أجهل اسم أبيه . وممثل وزارة المالية واسمه أسعد ، الذي أخفى حقيقة وضع الدار عن هيئة الدعاوى. 
لقد وجهت هيئة دعاوى الملكية كتابها المرقم 1383 في 24 آذار 2004 إلى وزارة الداخلية ، الوزارة التي كانت تنتمي  لها دائرتي ، قبل تركي للوظيفة ، طلبت الهيئة في هذا الكتاب إضبارتي الشخصية ، كما أشارت الهيئة ( هيئة دعاوى الملكية ـ مكتب الرصافة ) إلى أن مراسلتها تستوجب الإشارة إلى الرقم 1591 في 29 أيار 2004 ، عند مخاطبة الهيئة ،  بشأن هذه الدار...
بعد كل هذا ألا يحق لي أن أتسائل ، هل حكومتنا الجديدة ، برآسة السيد الجعفري ،  جادة في رد حقوق المواطنين التي استلبها النظام السابق ؟ وإذا كانت جادة في هذا الأمر ، لم كل هذا التعقيد في رد حقوق المواطنين التي استلبتها السياسة الشوفينية للبعث الفاشي ؟ وبعد تشكيل مؤسسات الدولة ، ما موقف الحكومة من إجراءات النظام السابق التعسفية التي ألحقها بالمواطنين ؟ ألا يحق للمواطن أن يتساءل : إن كان الملك المصادر لم يرد لصاحبه حتى الآن رغم وضوح الحجة  في سند الملكية وقرار المصادرة بالاسم ، وبعد ما يقارب السنتين من المطالبة الرسمية والركض في شوارع غير آمنة ، لا يزال الملك  مسجلا باسم وزارة المالية ، حاليا ، وهو ما لم تطرأ عليه معاملات بيع أو شراء تُعَقِد من إجراءات إعادته لصاحبه ، فكيف الحال بمن ترتبت على عقاره أو ملكه حقوق للآخرين ، فكم من السنين سينتظر بعد رحلة العمر المضنية هذه ؟ ثم ألم تر وزارة الداخلية وهيئة مفوضية النزاهة ، أن وراء الأكمة ما وراءها عندما طلبت هيئة دعاوى الملكية الإضبارة الشخصية ، للموظف مالك الدار، للتحقق عن ماذا ، من وزارة الداخلية ؟ وما علاقة الإضبارة الشخصية للموظف بمصادرة الدار ، وهل اقتنعت الهيئة أن هذا الموظف من المضْطَهدين منذ انقلاب شباط عام 1963 كما هو مسجل في الإضبارة ؟ ولو كان الأمر هذا مع مواطن آخر ،  كيف سيتم التعامل معه ؟  وإذا كان الدار لا يزال وصفها أرضا زراعية ، كما ادعى ممثل المالية ، فهل هذا الأمر يحول دون إعادة الأرض الزراعية إلى صاحبها ؟ وكثيرا ما نسمع من تصريحات المسؤولين برد الاعتبار للشهداء وتعويضهم عن كامل حقوقهم ، وهذا واجب وحق لعوائلهم ، فكيف نصدق هذا والأحياء قد يعجزون عن استرداد حقوقهم المهضومة وهم يلهثون وراءها ؟
كان السيد رئيس الوزراء ، الدكتور إبراهيم الجعفري ، قد أشار في خطاب حكومته إلى مكافحة الفساد المستشري في دوائر الدولة ، ألا يعتبر ما أنا بصدده مؤشرا على فساد ذمم، وعرقلة لرد حق مهضوم  ، يمارسه من أشار إليهم السيد رئيس الوزراء  ؟ ألا يستدعي هذا الأمر تدخلا لرئيس مفوضية النزاهة في أمر يهم عشرات الآلاف من المواطنين الذين يعانون مما أعاني منه ؟
أيها السادة المسؤولين : إنني إذ أعرض أمامكم قضية فردية يعاني منها من استلب حقه ، فهي نموذج حي وواقعي للمئات من الحالات التي تجري المساومات عليها في دوائر الدولة ، فتتلاشى  حقوق أصحابها ،  والتي تتطلب ليس التحقيق الفوري والعاجل فقط ،  بل ومعالجة حقوق كل المواطنين ، التي استلبها النظام البعثي ، فليس كل المواطنين المستلبة حقوقهم لهم القدرة على مخاطبتكم أو الوصول إليكم،  لعرض واقع حالهم وما يعانون ، وهنا يضيع الحق ، والكلام عن الفساد ومعالجته ، ورد حقوق المواطنين ، الشهداء والأحياء ، لن يشبع جائعا ولن يحقق عدلا ، إن لم تتحققوا مما يقال ويكتب ، وأنتم خير من  يتعقب الظلم ـ لأنكم في السلطة ـ حيث يشير إليه المظلومون .. أتمنى عليكم ألا تنسوا أنكم كنتم يوما تناضلون  من أجل رد حقوق هضمها نظام فاسد ، فلا تكونوا من الظالمين ، وتلبسوا عباءة الجلادين ..! فهل أنتظر تصحيح حق مسلوب ؟ أم أنتم ...!
9 حزيران 2005
hadirajab@maktob.com       

117
زرعوا فأكلنا ..فماذا سنزرع  ..؟!
[/b]


هادي فريد التكريتي
منذ أقدم العصور العراقية والهموم التي يشكو منها الوطن ، هي نفسها هموم المواطنيين اليومية والعادية ، وما كان المرء آنئذ  يفرق أيهما له الأولوية قبل الآخر ، وليس هذا ناتج عن سوء فهم وتقدير المواطن ، وإنما عن فهم جدلي للحياة ، فالعراقي منذ أن انزرع في هذه الأرض ، منذ آلاف السنين ، وهو يبني ويعمر ويزرع من أجل اعمار وطنه وإسعاد شعبه ، ويحمل السلاح مدافعا إذا ما هدد هذا البناء وهذا الزرع أجنبي ما ، ويرى حقه في الحياة ، ولذة العيش ، من خلال حق الآخرين ومشاركتهم له ، لذا فقد اشتدت وترسخت أواصر المحبة والألفة بين العراقيين، حتى إذا ما حل الطاعون البعثي الأسود ، كثر لبس الحرائر للسواد ، في أرض السواد حتى تغيرت الصورة ، وانقلبت المفاهيم ، وما عاد الهم موحدا ، نتيجة للظلم الذي توزعت نتائجه الكارثية على الوطن والمواطنين ، قبل أن تعم وتشمل دول وشعوب الجوار .. وعندما أسقطت قوات الاحتلال النظام ، زال كابوس ، ما عرف الشعب على مر عصور الطغيان أثقل وأبشع منه . ورغم كل ما حصل من قوات الاحتلال من دمار وخراب ، وما يحصل الآن من تدمير وتخريب للوطن ومنشآته ، وقتل جبان يومي للمواطنين بالجملة ، من قبل قطعان النظام المهزوم المتحالفة مع الظلام السلفي ، رغم كل هذا فأملنا ، كان ولا زال ، معقود على وحدة شعبنا ووعيه أولا وثانيا في تجاوز ما يعانيه ، أما قياداتنا التي أوصلها هذا الشعب الشجاع والصبور إلى سدة الحكم ، فلم تكن ، مع الأسف الشديد ، على مستوى الحرص والأمانة في تحمل المسؤولية لإنهاء الوضع المأساوي الذي نعيش فيه ، فبعد كل هذا الوقت ، منذ ظهور  نتائج الانتخابات ، أثبتت بما لا يقبل الشك أنها غير قادرة على تجاوز خلافاتها ، المتميزة بضيق الأفق ، قياسا بما يحيق بالوطن والأمة .. فتضافر جهود البعض ، ممن هم في سدة الحكم ، على حصد أكبر المنافع الشخصية أو الطائفية أو القومية العنصرية على حساب المواطن والوطن ، قد أوجد بعض حالات تصدع في بنيان التحالف الطائفي ـ القومي الهش وبدأ البعض في نشر ، الغسيل النظيف والوسخ ، على كل الحبال ، وتبين أن المواطن كان مخدوعا ومغيبا عن كل ما تم الاتفاق عليه بين القوائم الفائزة ، بعد ظهور نتائج الانتخابات ، فالسيد جلال الطالباني ، رئيس مجلس الرآسة ، يقول :" ... هناك تلاعب في الاتفاقات التي عقدها التحالف الكوردستاني مع الائتلاف العراقي الشيعي والتي بموجبها تشكلت الحكومة ..".. كل اتفاق ما خلا موافقة الشعب العراقي باطل ..والشعب حتى الآن لم يقرأ ولم يسمع ولم يشركه أحد لمعرفة نصوص وما كتب في هذه الاتفاقات التي عقدت بين التحالف الكوردستاني والائتلاف الشيعي ..ولا ندري هل قد استبدلنا نهجا بعثيا مدانا ، بنهج جديد لتحالفات طائفية ـ قومية ، غير معلنة أكثر قبحا في مصادرة الإرادة من النظام السابق ، واعتبار العراق ملكه وساحته لوحده دون مشاركة الآخرين ؟ وهل يجوز أن توقع اتفاقات بين قوى سياسية لاقتسام العراق وجعله مناطق نفوذ ومنافع ومصالح دون أن يعرف الشعب العراقي ماهية هذه الاتفاقات ..؟ هذا خلل كبير في العمل السياسي العراقي ، فالعراق لكل العراقيين ومن حق الشعب أن يعرف كل شيء يدور حوله قبل أن يدب الخلاف ويتهم كل طرف للآخر ، فهل ستنشر هذه الإتفاقات لمعرفة بنودها ، وما تم الإتفاق عليه .؟.. فالتلميحات عن بعض ما يوجه للسيد الجعفري رئيس الوزراء ، من قبل الأخوة الكورد ، يشكل نهجا خطيرا في سياسة الحكومة على الوضع العراقي ، فالتجاهل المتعمد ، في برنامج الحكومة الجديدة ، للمادة 58 من قانون إدارة الدولة لتطبيع الأوضاع في كركوك وعدم الإشارة للمجلس التشريعي لكوردستان والتعاون معه ، في وقت يشير إلى تعاون مع الجمعية الوطنية العراقية وإدارة المحافظات.، وما يثار من تجاهل متعمد لممثلي الشعب في الجمعية الوطنية العراقية والقضاء والقانون في إصدارات العفو عمن أجرم بحق العراق من الأجانب دون الرجوع إلى المؤسسات ذات العلاقة أمر خطير ومؤشر على بداية نهج مدان .. هذا الإغفال للقضايا، القومية ، الحساسة والمصيرية وتجاهلها ، عن عمد أو سهو ..سيؤدي بنا إلى نزاع يعيدنا إلى نقطة البداية ، ليس إلى ما قبل تشكيل الحكومة ، بل إلى ما كان عليه الأمر مع الحكم الفاشي ... فالحكم الطائفي ـ القومي ، حكم القوائم الفائزة ، قد انشغل منذ البدء ، في تشكيل الحكومة على أسس تؤسس لحكم طائفي ، فتوزيع الحصص والمناصب على القادة والمريدين تم على هذا الأساس ، ومنذ ذلك الوقت وحتى اللحظة لم يلمس المواطن فرقا في أسلوب عيشه وتحسنا في أمنه، عما كان عليه الحال قبله ، ويساهم القائمون على الحكم في نسف الجسور التي تربط بين مكونات الشعب العراقي ، فقضية الدستور وتشريعه أوجدت حالة من الاصطفاف المتنافرة نتيجة لتصريحات غير مسؤولة يراد منها التأثير على اللجنة المشكلة لهذا الغرض ، على الرغم من أن هذه اللجنة قد كرست الحالة الطائفية والعنصرية في أمر تشكيلها ، وتجاهلت النخبة من علماء القانون والتشريع العراقي والمثقفين ، ووضعتهم في خانة المتلقي لأوامر وتوجيهات لمن هم دون مستوى الفهم المهني لصياغة وثيقة ترسم توجهات العراق المستقبلية وتحدد مساره العلمي والعملي ، ومما يزيد في تعقيد الوضع ويربك اللجنة ـ رغم قصورها الذاتي  ـ التصريحات التي يطلقها البعض بغرض التأثير على صياغة مسودة الدستور ، فالفدرالية العراقية قد أوضحها قانون إدارة الدولة ولا يتطلب الأمر المزيد من التصريحات المربكة ، والمخالفة للفهم الواضح من صياغة الفقرة بهذا الخصوص ، وإذا كان هناك ما يتطلب توضيحه فلجنة إعداد الدستور ستقوم بهذا ، أما بخصوص الدين فالشروط التي يضعها السيد الحكيم فهي تنسف كل ما ورد في قانون إدارة الدولة ، فالمبادئ الديموقراطية ومساواة العراقيين في الواجبات والحقوق أمام القانون ، تعني فيما تعنيه حق الأديان الأخرى في ممارسة طقوسها بحرية كاملة كما هو عليه الدين الإسلامي ، لا فرق ، كما أن مبادئ المساواة والديمقراطية تفسح في المجال لآن ينتخب المسيحي لرآسة الدولة والحكومة ، فما يشترطه السيد الحكيم يتنافى مع هذا المبدأ، لتي وافق وصادق عليها ليس السيد عزيز الحكيم فقط بل كل أعضاء  مجلس الحكم ..
إن العراقيين بكل ممللهم ونحلهم يتحملون مسؤولية مستقبل العراق ، فإن كانت الأنظمة العراقية السابقة قد شرعت قوانينها العراقية والكثير من موادها ألحقت ضررا بوحدة الشعب العراقي وتآخيه ، فعلى الحكومة الجديدة ولجنة صياغة الدستور أن تغلق كل النوافذ القانونية التي تشكل هاجسا محتملا لطغيان فئة على أخرى ، تعيد لنا " أمجاد البعث " الفرقة والتناحر القومي والطائفي ، وإذا أردنا أن نؤسس لعراق حر وديمقراطي يعيش مواطنيه في أمن وعيش كريم ، ووطن موحد متآخي القوميات والطوائف ، فلنبدأ من جديد لتأسيس هذا الوطن ، على أساس " الدين لله وحده والوطن للجميع ،... فهم زرعوا ، فأكلنا حنضلا وعلقما ، ونحن ما ذا سنزرع لأجيالنا ليأكلوا...؟
 4 حزيران 2005
hadifarid@maktob.com

صفحات: [1]