عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - الأب ألبير هشام

صفحات: [1]
1
اطفال بغداد يعملون ويعلّمون الرحمة في سنة الرحمة

شاهد الفيديو
http://www.ankawa.org/vshare/view/9678/baghdad/
الأطفال يعلّمون الرحمة عندما يقومون بها ويتكلمون عنها ببساطتهم وبراءتهم المعهودة. هذا ما حدث يوم الجمعة الثالث عشر من شهر أيار عام 2016، في كنيسة مريم العذراء سلطانة الوردية ببغداد، بمناسبة يوبيل الرحمة، وتحت عنوان "اذهب فاعمل أنت أيضًا مثله"، إذ التقى أكثر من مئة طالب تعليم مسيحي من المراحل الابتدائية المنتهية من كنائس: مار توما الرسول، مار إيليا الحيري، انتقال مريم العذراء، الصعود، مار يوسف خربندة، سلطانة الوردية، ليقوموا بعمل رحمة للأيتام والمرضى وكبار السنّ من خلال أعمال بسيطة قدّموها كهدية بسخاء قلوبهم الصغيرة للنزلاء في بيت عنيا لرعاية المرضى والمهشين ولأطفال دير مرسلات المحبة لراهبات الأم تريزا.

خلال اللقاء تذكّر الأطفال أعمال الرحمة البسيطة التي قاموا بها في المدرسة وفي الشارع.

ولكن هل نستطيع أن نعمل الرحمة الآن إذا انضمّ إلينا شخص محتاج إليها؟

نستطيع أن نقوم بعمل الرحمة. بهذه الثقة تقسّم الأطفال إلى ثلاثة مجاميع: تدربت المجموعة الأولى على تمثيل مشهد السامري الصالح، وقامت المجموعة الثانية بتلوين صور ليسوع الرحيم وللعذراء مريم وللسامري الصالح وكتبوا عليها صلوات وأدعية بالشفاء للمرضى وكلمات محبة لأخوتهم من الفقراء والمهمشين. وقامت المجموعة الثالثة بأعمال يدوية بسيطة من صنع الأسوارات الملونة، وتحمّس الأطفال بمساعدة معلماتهم، إذ صنع كلّ واحد منهم أكثر من أسوار ولوّنوا أكثر من صورة.

وعندما قدّمت المجموعة الأولى مشهدها المسرحي، وقف السامري الصالح ليعلن عن حاجته للمساعدة لكي يستطيع بدوره مساعدة هذا الجريح، فهبّ الأطفال جميعًا ليعطوا ما صنعوه في صندوق زجاجي صغير وُضِع أمام المذبح. فعاش الأطفال كلمات يسوع عندما أنهى مثل السامري الصالح، وقال لسامعه: "اذهب فاعمل أنت أيضًا مثله".

وفي قداس احتفل به الأب فوّاز فضيل في دار بيت عنيا صباح يوم الاثنين، السادس عشر من أيار، بمناسبة عيد حلول الروح القدس على التلاميذ، وزّع الأب فوّاز هدايا الأطفال على النزلاء الحاضرين في القداس، وعلى النزلاء الباقين في البيت الذين أعربوا عن شكرهم وامتنانهم للأطفال ولأهاليهم ولمن علّموهم عمل الرحمة.

2
تقريرً إخباريً مصور عن زيارة وفد من مؤمني كنائس بغداد الكلدانية إلى مدينة أور الأثرية

http://www.ankawa.org/vshare/view/9631/or-city/

3
المنبر الحر / مع التحية
« في: 16:57 07/06/2013  »
حضرة السيد Masehi Iraqi المحترم

تحية طيبة وقلبية بالربّ يسوع
أشكرك جدًا على رسالتك البنّاءة والمفيدة، قلّما اليوم نجد من أمثالها.
كما أشكرك على ملاحظتك على موقع البطريركية الكلدانية
واسمح لي حضرتك أن أوضّح ما يخصّ هذه الملاحظة...
نحنُ في صدد تحميل كل المعلومات الخاصّة بكل الأبرشيات تباعًا وفي المستقبل القريب
لحدّ الآن حمّلنا عن أربع أبرشيات، وستنزل الأبرشيات الأخرى الواحدة تلو الأخرى
فنحن لا نميّز بين أحد بل نحن كنيسة واحدة تجمع كل الأبرشيات تحت ظلّها

أشكر حضرتك مرة أخرى وأتمنى أن ترفدنا دومًا بملاحظاتك القيّمة
وربنا يباركك ويحفظك

أخوك
الأب ألبير هشام
مسؤول إعلام البطريركية

4
الأخ العزيز موفق هرمز المحترم،

تحية طيبة وسلام الرب يسوع،

أنقل إلى حضرتك، وإلى الكثيرين ممن تساءلوا ولا زالوا يتساءلون عن "شيخ الكلدان"، التصريح الرسمي للبطريركية الكلدانية الذي تؤكد فيه عدم وجود أي شخص يمثّل الكنيسة غير بطريركها وأساقفتها وكهنتها. وإليك نصّ البيان المنشور على الموقع الرسمي للبطريركية الكلدانية:

 
الأب ألبير هشام
مسؤول اعلام البطريركية

نود اعلام جميع الجهات الكنسية والحكومية والمدنية أن من يمثل الكنيسة الكلدانية هو بطريركها واساقفتها وكهنتها، وليس  هناك  شيخ او شخص مخول من قبلها ان يتكلم باسم الكنيسة. فنرجو الانتباه الى ذلك.


المصدر:
http://www.saint-adday.com/index.php/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1/4350-%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D8%B1-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%86%D9%8A%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%84%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%AE%D8%B5%D9%88%D8%B5-%D9%85%D9%86-%D9%8A%D9%85%D8%AB%D9%84%D9%87%D8%A7.html

5
حضرة السيدة كاترين المحترمة

شكرًا جزيلاً على رسالتكِ الموجهة إلى غبطة البطريرك. شكرًا على تحليلكِ واقتراحاتكِ.

البطريركية تهتم بما يُنشر لأنه مفيدٌ لها لمعرفة آراء الناس واقتراحاتهم وانتقاداتهم لتطوير عملها. المزعج هو أسلوب البعض الذي يفتقر إلى اللياقة الأدبية والأخلاقية. مثلاً من أين يعرف شخص جالس في بلد أوروبي ما حدث في السينودس الانتخابي الماضي، وكيف يعرفون موقف البطريرك من انتخابه؟ وكذلك بالنسبة للسينودسات البطريركية... الأمور تُناقش بحرية تامة بين الآباء الأساقفة وما يدور في السينودس يبقى سريًا ويُنشر عمومًا بعد خمسين سنة أو أكثر.

والردود التي يقوم بها اعلامُ البطريركية ليس مجرّد ردّ وانما فرصة سانحة لتوضّح الكنيسة، والبطريركية بصورةٍ خاصّة، موقفها من موضوع معين أو من عدّة مواضيع. فالكنيسة تريد أن توصل رسالة من خلال ردّها على مقال كاتبٍ ما، وتريد أن تستغل كل الفرص لتعبّر عن موقفها المسيحي المبني على روح الانجيل.

الأب ألبير هشام
مسؤول اعلام البطريركية

6
الأب ألبير أبونا، في الذكرى الستّين لرسامته الكهنوتية



الأب ألبير هشام - روما
يحتفلُ اليوم الأب ألبير أبونا بالذكرى الستّين لرسامته الكهنوتية (17 حزيران 1951)، الأبُ الذي يعرفه الجميع، ليس بمؤلّفاته وكتبه العديدة فحسب، بل قبل كلّ شيء بروحيته وعطائه لكنيسته وشعبه. هذا الكاهن الذي قدّم، ولا زال يقدّمُ الكثير لكنيستنا الكلدانية ولكنيسة العراق بأكملها، في خدمةٍ لم تتوقف مسيرتُها حتّى هذه اللحظة، على الرغم من ضعف قواه الجسديّة.
جعله تنوّعُ خدمته خلال ستّين عامًا من كهنوته، راعيًا للأنفس ومؤلّفًا متميّزًا ومرشدًا روحيًا، فكرّس جميعَ مواهبه لرسالةٍ سامية عاش من أجل تحقيقها، ولا يزال يحققها دون تراجع، لا إرضاءً لأحد بل خدمةً للجميع دون استثناء.

الأب ألبير أبونا ...
صلاتُنا نرفعُها في هذا اليوم الذي تحتفلُ به بستّين عامًا من العطاء، أن يمنحكَ الربّ الصحّة والقوّة ...
ونشكرُ الله على جميع النِعم التي منحها لكنيستنا وشعبنا من خلال خدمتك ومحبتك ...



7
سلامٌ لمسيحيي العراق من ساحة مار بطرس في روما

بعد تلاوته لصلاة التبشير الملائكي وفي تحيته باللغة الإيطالية، استدعى قداسة البابا بندكتس السادس عشر ظهرَ هذا اليوم، الأحد 14 نوفمبر، نعمةَ السلام للعراق، محييًا الجماعة العراقية الحاضرة في ساحة مار بطرس. وتقدّم الحضور المونسنيور فيليب نجم، الممثل البطريركي لدى الكرسي الرسولي، وعدد من الآباء الكهنة الدارسين والأخوات الراهبات وعدد من العراقيين المتواجدين في روما. ورفعَ الجميعُ الأعلامَ العراقية وصورًا  لشهداء مجزرة كنيسة سيدة النجاة ولافتاتٍ تنددُ بالاعتداءات التي يتعرّضُ لها مسيحييونا وخاصةً في الفترة الأخيرة، وتدعو إلى السلام في العراق، كما تطلبُ معونة الكنيسة الجامعة لإغاثة شعبنا الجريح.
ووصلَ أولَ البارحة إلى مستشفى "جيميلي" في روما، 26 جريحًا من بينهم ثلاثة أطفال كان قد أصيبوا في الاعتداء الذي طال كنيسة سيدة النجاة في الحادي والثلاثين من أكتوبر الماضي. ويتلقّى الجرحى العلاج والعناية اللازمة إلى جانبِ آخرين وصلوا قبل عدّة أيامٍ إلى فرنسا للغرض ذاته.
وتستمرُ في هذه الأيام وفي أنحاءٍ عديدة من العالم حيث تتواجد الجماعة المسيحية العراقية، مظاهراتٍ سلمية تدعو للسلام وتندد بالهجوم على مسيحيي العراق وتطالبُ العالمَ بالتدخّل لإنقاذه.
 
الأب ألبير هشام نعّوم
الأحد 14-11-2010 / روما


 

 
  
 

 

 

8
مَنْ نكونُ نحنُ مسيحيو العراق؟


شهداءُ كنيسة أمِّنا "سيدةِ النجاة" عرّفوا العالمَ مرةً أخرى مَنْ نكونُ نحنُ، مسيحيو العراق، وانضمّوا إلى قافلة شهداء كنيستنا ممّن ضحّوا بأرواحهم ليقدّموها للمسيح ربّنا الذي علّمنا أن نشهدَ للقيامة، للحياة، للغفران، للمحبة، للرجاء، للإيمان، للفرح. دماءُ شهدائنا الأبطال تصرخُ للعالم وللإنسانية جمعاء وتدعونا نحنُ مسيحيي العراق أينما كنّا لكي "نبشّر" العالمَ بالمسيح المتألم والقائم الذي يعيشُ في أرضنا المجروحة.

مسيحيو العراق اختبروا بعمق معنى الحياة لأنّهم عاشوا فرحها بعدَ أن جرّبوا غمّ حزنها؛ عاشوا رجاءها بعد أن اختبروا قوّة مأساتها؛ عاشوا ضحكتها بعد أن ذرفوا غزارة دموعها؛ عاشوا ابتسامتها بعد أن كسرَ العنفُ إرادتهم فيها. هؤلاء هم حقًا مسيحيو العراق

أتريدون مثالاً عن كلّ ذلك؟!

ستتولى كنيسةُ سيدة النجاة الأمرَ وستنطقُ باسم مسيحيي العراق أجمع وتعطيكم أمثلةً مكتوبةً بدمِ شهدائها. فهل سمعتم كيفَ وبأيّ طريقة استشهدَ الأبوان الشجاعان ثائر سعد الله ووسيم صبيح في هذه المجزرة؟! هل عرفتم أنّهما دافعا عن المؤمنين وحاولا الحفاظ على حياتهم وقدّما أنفسيهما بدلاً عنهم منذ اللحظة الأولى لدخول القتلة إلى الكنيسة؟!

هل عرفتم أن أبًا حمى حياة ابنه الصغير في الكنيسة بأن غطّاه كليًا بجسمه وهما ممددان على الأرض، فقُتِل الأبُ بوابلٍ من الرصاص ليبقي ابنه على قيد الحياة؟!

هل سمعتم أن القتلة الأشرار قتلوا طفلةً عمرها أربعة أشهر وكذلك شابةً كانت قد تلقّت يوم استشهادها أجملَ بشرى وهي حملها لطفلٍ في بطنها، وجاءت إلى الكنيسة لتشكرَ الربّ على هذه النعمة؟!

فهؤلاء هم مسيحيو العراق يا شعوبَ العالم، فاسمعوا واشهدوا جميعًا بذلك !

وأنتم يا مسيحيو العراق، إن كانَ الحزنُ يسودُ نفوسَكم الآن وقد حجب عن عيونكم رؤية المستقبل، فانظروا إلى فوق، إلى ربّ السماء والأرض، واعلموا جيدًا مَنْ أنتم وعرّفوا العالمَ به.
فليشهد أصحاب الضمائر الإنسانية بما يحدثُ لنا، لكي يسمعَ من صمّ أذنيه وينطقَ من سدّ فاه بمَن هم مسيحيو العراق !



http://www.h2onews.org/arabian/137-events/224447094-news_id_3131.html

9
فليعرفْ الجميعُ من هو ثائر سعد الله ووسيم صبيح !

هل يعرفُ كثيرون من هو ثائر سعد الله ووسيم صبيح؟! هل كانت السيرةُ الذاتية لكليهما كافيةً لتسليط الضوء على حياة هذين الكاهنين الشابين الشهيدين؟! لا أعتقدُ على الإطلاق، فهناك جوانب عديدة في حياتهما يعرفها فقط من عاشَ معهما واختبر عمقهما. واسمحوا لي، وليسمحا لي هما أيضًا، أن أكتبَ هذه الأسطر بعد سنين من إخوّةٍ وصداقة لن يمحيها الموتُ بل سيخلّدها لتبقى حيّةً. وأعلمُ مسبقًا أن أسطرَ مثل هذه تنحرجُ أمامهما وتُصابُ بالخجل أمام دمائهما البارّة، ولكنها تبقى مع ذلك تعبيرًا من الأعماق لأنها تنبع من عمقِ مَن يعرفون حقًّا مَن يكونا، وهي رسالةٌ فلنوجهها إلى العالم أجمع ليعرفَ الجميعُ الحقيقة وليس غيرها.
مَن يعرفُ هذين الشهيدين؟! أجزمُ وبقوّة أن الفقراءَ، ليس في الكرّادة فقط بل في مناطق أخرى من بغداد الجريحة، يعرفون جيدًا مَن هو ثائر سعد الله، إذ لم يكونوا قد نسوه لحظةً، لا بل أن استشهاده سيحفرُ اسمه في ذاكرتهم وقلوبهم إلى الأبد. واجزمُ أيضًا أن الشبابَ يعرفون جيدًا مَن هو وسيم صبيح، ولم ينسوا ولو للحظةٍ ابتسامتَه المشرقة وروحَه المرحة، وقد أحزنهم استشهاده الآن والذي كان مثل غيمةٍ سوداء حلّت على جميعنا، ولكنه سيعطيهم معنىً لحياة الشباب. أؤكدُ وبثقةٍ كبيرة أن صورتيهما ستظلّ تدورُ في مخيلة الأطفال الذين كانا يلعبان معهم، وفي كبار السنّ الذين كانا يعتبرانهم مثل والديهم، وفي الناس البسطاء الذينَ يعلمون الكثير عنهما. ويكفي أن يكونا مَلكين في قلوب مثلَ هؤلاء الناس وذائعي الصيت عندهما، فهكذا كانَ يسوعُ أيضًا ... !
بكلمةٍ واحدة أقول إنّهما لم يصبحا شهيدين يوم الأحد الماضي 31 أكتوبر، بل كانا شهيدين منذ أن أصبحا كهنة وخدما الناس بكلّ محبّة وغيرة وتفانٍ. فقد أحبّا الناس وأحبّهم الجميع إلى درجة أننا نسمعُ عن طيبة قلبيهما وكيف ساعدا المحتاجين، وأصغيا إلى مَن كان بحاجةٍ للإصغاء وأرشدا كلّ من كان بحاجةٍ إلى إرشاد ... تجدونهما يطيران كالحمام في أرجاء الكنيسة ليلتقيا بالجميع ويلبّيا حاجةَ الكلّ، حتى يَصعبُ أحيانًا وجدانهما، كما وجدَ مريمُ ويوسفُ صعوبةً في إيجادِ يسوع عندما كان صبيًّا صغيرًا !
هكذا عرفَ الناسُ شهيدانا الأبرار. أليست هذه شهادة؟! إنّها شهادةُ حياةٍ ليست بأقلّ قيمةٍ من شهادة الدمّ التي قدّماها، لا بل أن هذه الأخيرة كللت أرواحهم بحيث لا أستطيعُ تخيّلهم الآن سوى ملائكة في السماء، وهناك لن تستطيع من بعد أيّ يدٍ أن تمّسهما لأنّهما يحلّقان في سماء ربّنا وينظران إلينا ويرعيانا بهذه النظرة من فوق ... !
فيا ريتنا نصلّي من أجلهما في يوم استشهادهما، كما يصلّيان هما أيضًا من أجلنا، ليعرّفا هذان الشابان الجميعَ كيف يعيشُ المسيحيُ في هذا البلد المسكين، وماذا يريدُ وما نوعيةُ قلبه. ليعرفَ الجميعُ من خلال بضع سنين من كهنوتيهما ما معنى الخدمة والصلاح وحبّ الأرض التي عاشا فيها. وليعرفَ الجميعُ من خلال استشهاديهما كم المحبةُ غالية ولا تقدّر بثمنٍ وكم الكراهية بغيضة ولا تساوي فلسًا. ليعرفَ الجميعُ من خلال شبابهما كم العالمُ بحاجةٍ إلى رجاء الشباب الواسع وإلى فرح الأطفال غير المحدود وإلى الحبّ المستعد للتضحية بالذات. فلتصحَ الإنسانيةُ من نومها الذي تغطّ فيه ولتسمعْ صوت دمائهما وهي تسيلُ في أرضِ الشهداء، وليعرفْ الجميعُ مَن هو ثائر سعد الله ووسيم صبيح ... !
الراحة الأبدية أعطهما يا ربّ ولجميع شهدائنا الأبرار، والتعزية والصبر لجميع ذويهم وأعزّائهم. آمين.

الأب ألبير هشام نعّوم 
1/11/2010

10
مشكلتُنا في "الخوف من العُزلة"

أودّ في مقالي هذا، أن أقدّم للقرّاء بصورةٍ مقتضبة ومبسّطة، نظريةَ باحثةٍ ألمانية تُدعى أليزابيث نيومان والتي وافتها المنية في مارس الماضي عن عمرٍ تجاوزُ التسعين، ونظريتها بعنوان: "لولبُ الصمت" (The Spiral of silence)، وهي تكشفُ بطريقةٍ فريدة كيفية تشكيل "الرأي العام" (Public Opinion) والعوامل التي تؤثر فيه، وبالإمكان تطبيقها ليس على الحياة السياسية فحسب، بل على الاجتماعية بمعناها الأوسع. وأعتقدُ أنّ بالإمكان إيجاد علاقةٍ بين هذه النظرية وواقعنا اليوم، ولهذا السبب بالذات رغبتُ بالتطرّق لهذا الموضوع. لنرَ أولاً علامَ تقومُ هذه النظرية.
أثبتت نيومان في نظريتها أن هناك علاقة بين "الرأي العام" وبين الطبيعة الاجتماعية (وكذلك النفسية) للبشر من ناحية أهمية شعور الإنسان بالقبول من المحيط الذي يعيشُ فيه، وخوفه من العزلة الاجتماعية. يعملُ هذا الخوف على تغذية الضغط الذي يمارسه "الرأي العام السائد" على جميع الأفراد والذين يميلون بالتالي للتعبير بحريّة عن آرائهم الخاصّة فقط عندما يشعرون بأنها تتوافقُ مع آراء الأغلبية، وعلى العكس يحافظون على صمتهم المطبق عندما يشعرون بأنها تضادد آراء البقية. وهذا التناقضُ بين حرية التعبير والصمت، يصبحُ على شكل "لولب" تصبحُ فيه الأفكارُ الأقلّ تداولاً بين الأغلبية غيرَ معبرٍ عنها، بغضّ النظر عن قيمتها، وتتحولُ إلى صمتٍ يدورُ في لولب.
فالمصطلح الأساسي في هذه النظرية هو "الخوف من العزلة" (Fear of isolation) لأنّه القوة النابضة التي تحرّكُ لولبَ الصمت، كما تدفع الأفراد لمراقبة الأجواء المحيطة بهم، بانتباهٍ شديد وبصورةٍ مستمرة، لمعرفة كيف تفكرُ الأغلبية وإلى ماذا تميل في قراراتها وأي مواقف تتّخذ من أجل اتّباعها. علمًا أن رأي "الأغلبية" هذا، لا يعبّر بالضرورة عن رأي أغلبية الناس، ولكنه يصبح كذلك نتيجة خوف الأفراد من العزلة فيجعلون منه بالتالي رأيًا عامًا يتبعه الجميع (وفي هذه الحالة يمكنُ لفئةٍ محدودة أن تتسلّط على الرأي العام من خلال قيامها بتنمية هذا الخوف بمختلف الوسائل، وتشرحُ نيومان هنا دور وسائل الإعلام ومن يتحكّم بها، من وراء الأضواء، في هذا المجال). ومع هذا فإن الأفراد، بحسب نيومان، يعرفون جيدًا كيف يميزون بين الآراء الحقيقية وتلك السائدة نتيجة الخوف، ويحاولون أن يصيغوا آراءهم الخاصة على هذا الأساس، ولكنهم غير مستعدين للتعبير عنها لخوفهم من العزلة، وبالنتيجة، يلجأون إلى الصمت كأهون الشرّين.
هناك من أرادوا، بحسن نيةٍ أو بدونه، أن يحرّروا العراق من الخوف الذي كان يرتابه في زمن النظام السابق وأن يخرج من عزلته التي وُضِعَ فيها ومن انقياده القسري لفكرٍ واحد، وقد نجحوا في مهمتهم هذه. ومع هذا، فالعراق لم يتحرر بعد من خوفه، ولكنه يعاني اليوم من خوفٍ من نوعٍ آخر: إذ لا يوجدُ اليوم من بعد خوفٌ من عزلة نتيجة معارضة الرأي العام الذي كان سائدًا على الجميع بالقوّة، ولكن يوجدُ اليوم خوفٌ من عزلةٍ أخرى تمسّ الهويّة، إذا صحّ التعبير، لا بل انّه تحوّل إلى أزمة لابدّ من الخروج منها. إنها أزمة "فراغٍ" لم يُملأ بطرقٍ صحيحة، بل بأمورٍ بعيدة عن الخير العام، فأدّى بالنتيجة إلى معالجة الخوف من العزلة هذا بطرقٍ خاطئة لا زالت تهدد بعواقب سلبية على الجميع. إنها حقيقة يعلمها ويعيشها الجميع، عن قريبٍ أو بعيد، ولكنها بحاجة للتعمّق فيها ... !
وفي إشارة إلى مسيحيينا الذين يشكّلون مكوّنًا أساسيًا من هذا البلد، أودّ أن أشير أولاً إلى فقرتين من وثيقة العمل الخاصة بسينودس أساقفة الشرق الأوسط، والذي سيُعقَد في روما من 10-24 أكتوبر القادم، حول موضوع "الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الأوسط: شركة وشهادة". وهما يشيدان بدور المسيحيين في بلداننا الشرق أوسطية، ولكنهما يحذّران في الوقت ذاته، من خطر العزلة هذا، إذ تقول أولهما: "وحتّى اذا كان المسيحيّون أقلية ضعيفة في جميع بلاد الشرق الأوسط تقريبًا، إلا أنهم في كل مكان يعملون بحيويّة، ديناميكيون، ومُشرِقون، حيث يكون ذلك ممكنًا اجتماعيًا وسياسيًا. ويكمنُ الخطرُ في الإنطواء على الذات والخوف من الآخر. فيجب في الوقت نفسه تقوية إيمان وروحانية مؤمنينا، وتدعيم الرباط الاجتماعي والتضامن فيما بينهم، من دون أن نقع في حالة الخندقة" (فقرة 28).
وتضيفُ الفقرة الأخرى، وهي تشرح الواقع الحالي لبلداننا: "إزاء هذه الوقائع المختلفة (من الصراعات السياسية في بعض بلدان الشرق الأوسط)، يظلّ البعض راسخين في إيمانهم المسيحيّ والتزامهم في المجتمع، متقاسمين كافة التضحيات، ومساهمين في المشروع الاجتماعي المشترك. وبعكس ذلك، ييأس البعضُ الآخر، ويفقدون الثقة في مجتمعهم وفي قدرته على أن يوفّر لهم المساواة مع كلّ المواطنين. ولهذا يتخلّون عن كلّ التزام، وينسحبون إلى كنيستهم ومؤسساتها، ويعيشون في جزرٍ منعزلة، بدون تفاعلٍ مع الكيان الاجتماعي" (فقرة 35).
هاتان الفقرتان لا بل مضمون وثيقة العمل لهذا السينودس تدعو المسيحيين في بلادنا وفي الشرق الأوسط ككل، لاكتشاف هويتهم ورسالتهم فيه وتهدف لمساعدتهم على عيشها، هم الذين يعانون من خوفٍ من العزلة، حاولَ كثيرون منهم معالجته بالهجرة تاركين البلاد، وآخرون بطرقٍ أخرى ليست كفيلة. ويعودُ السببُ في ذلك إلى فقدانهم لمعنى وجودهم الأساسي والبحث عن طرقٍ أخرى علّها تساعدهم على إيجاده، إنهم بحاجة إلى من يسندهم ويكشف لهم عن أهمية وجودهم ومعناه، وبحاجة إلى من يجمعهم ويوحّدهم ويقوّي عزيمتهم وثباتهم ويكون معهم. وهذه الحقيقة تدعو كلّ من يهمهم الأمر للتفكير بجديّة في هذا الأمر واكتشاف الداء الحقيقي من أجل معالجته ومن أجل رفع مستوى بلدنا وشعبنا.

الأب ألبير هشام
26-9-2010   / روما

11
عيشُ حياةٍ أخرى وهمية في شبكة الانترنت

سأذكرُ في البداية حدثًا واقعيًا سيساعدُ على توضيح ما أبغي توصيلُهُ من خلال مقالتي هذه...
عام 1999، قامَ أحدُ روّاد شبكة الانترنت بتصميم موقعٍ فيها، يهدفُ إلى تقديم خدمةٍ جديدة لزائريه، وهي تقديمُ أراضٍ في عالمٍ وهمي – لا وجودَ له في الواقع سوى على شبكة الانترنت – وتشجيعُ كلّ من يقتني واحدةً منها على بناءِ منزله الخاص عليها، وتصميمه على مزاجه وذوقه، فيستمتع به ولكن، في شبكة الانترنت فقط! بعد مرور أربعة سنواتٍ فقط، أي عام 2003، تطوّرت فكرةُ هذا المشروع في موقعٍ آخر، يمكّن صاحبَه هذه المرة من أن يعيش "حياةً أخرى، ثانية"؛ إذ يسمحُ له باختيارِ شخصيةٍ أخرى "افتراضية" أو "وهمية"، وبأن يضعَ بنفسه ملامحَ هذه الشخصية، الجسدية منها: كلون الشعر والعينين، الطول والوزن... والنفسية: كالمزاج والحياة الاجتماعية... كما يمكنُ أن يعطي لنفسه إسمًا جديدًا، وأن يختارَ البلدَ الذي يعيشُ فيه، والعمل والدراسة التي يرغبُ فيهما، والأشخاص الذين تربطهم به علاقة حب أو صداقة... الخ. فهذه التقنيّة باختصار تعطي المرءَ حريّة وإمكانية عيش حياةٍ ثانية، عادةً ما تكون مختلفة عن تلك الواقعية، يبدأ بممارسة نشاطاتها وعيشها حصريًا على الانترنت، ولها من الخصائص الأخرى ما لا يمكن حصرُهُ هنا في أسطرَ قليلة.
نعلمُ أن الانترنت مبنيٌ في الأساس على مبدأ "الافتراضية" (Virtual) وهي مرحلةٌ من التطور وصلتْ إليها التقنيةُ الحديثة لإيصال المعلومات ونقلها، وهي تقنيةٌ رائعة جدًا يمكنُ الاستفادة منها اليوم لأغراض البحث والدراسة أو التسلية وتبادل المعلومات بكلّ سهولة وفي كلّ مكان، والتي توفّرها لنا اليوم شبكة الانترنت الضخمة في حجمها وتنوعها. حتّى أن الكنيسة في وثائقها تشجّعُ على استخدام هذه الشبكة ليس من أجل نقل بشرى الخلاص فحسب، بل من أجل استغلالها في جميع المجالات التي تعمل على نموّ الإنسان وتقدّمه... إلا أن هذا المثل المذكور أعلاه، يعكسُ لنا وجودَ خطرٍ كبير، يكمنُ في سوء فهم هذه الوسيلة الافتراضية، ويتمثّلُ بالعيش في هذه الافتراضية ذاتها، أي باستخدام الانترنت كوسيلةٍ للهروب من عالمنا، والدخول في عالمٍ آخر أهمُّ ما يميّزُه هو الوهمية وعدم الواقعية.
حتّى أهمُ مقومّات الإنسان وهي علاقاته الإنسانيّة مع إخوتِه البشر، يحاولُ البعضُ الهروبَ منها في الواقع ليلجأ لخلقِ علاقاتٍ جديدة محصورةٍ بشبكة الانترنت لا تمسّ أرضَ الواقع، تساعده في ذلك برامجُ "التواصل الاجتماعي" المتعددة على الشبكة. إذ يتمُّ استخدامها من قِبلِ البعض لعيش علاقاتٍ وهمية، غير حقيقية، مبنيةٍ على فراغٍ عاطفي وإنساني واجتماعي، بينما وُضعِت هذه البرامج في الأساس  لتحافظ على "تواصل" العلاقات التي بدأت وترعرعت في الواقع، وتعملُ على تعزيزها وتقويتها بالرغم من بعد المسافات بين البشر. فهي إذًا تقدّم خدمةً لا غنى عنها لكل مستخدميها اليوم، ولكن البعض أساء فهمها واستخدامها، وهنا يكمنُ الخطر.
يبقى السؤال الذي لابدّ ان يُطرَح: لماذا يهربُ المرءُ من العالم؟ يجدُ الكثيرونَ منّا رغبةً في ذلك، ربما بسبب أعباء الحياة الثقيلة ومشاكلها وتعقيداتها، أو لفشلٍ في عيشِ حياةٍ يحلمُ بها المرء في داخله ويتعثّر في تحقيقها في الواقع، ... وتتعددُ الأسباب لتبقى الرغبةُ واحدة: الهروبُ من هذا العالم والبحث عن عالمٍ آخر يضمن فيه الراحة والأمان والاستقرار، وذلك من خلال البحث عن وسائل معاصرة تساعدُ في هذا الهدف. وهنا تصبحُ شبكة الانترنت المكان الذي يستطيع المرءُ من خلاله تحقيق جميعَ احلامه غير المحققة في الواقع، سواء في الماضي أو في الحاضر، وسواء كانت هذه الاحلامُ شهرةً اجتماعية أو علاقاتٍ شخصيّة أو الحصولَ على منصبٍ ما... الخ. وأعتقدُ أننا كلنا معرّضين لهذه التجربة...!
من يقرأ قصة لقاء يسوع بنيقوديموس في إنجيل يوحنا (3: 1-13)، يجدُ ربّنا يتكلّمُ عن "ولادةٍ ثانية"، كما تترجمها بعضُ طبعات الإنجيل. ولكنه يجدُ ايضًا أن نيقوديموس لم يفهم هذه الولادة بمعناها الصحيح الذي أراده ربّنا، بل يفهمها بمعنى "بدءِ حياةٍ أخرى" إذ يتسائل قائلاً: "كيفَ يمكنُ للإنسانِ أن يولَدَ وهو شيخٌ كبير؟ أيستطيعُ أن يعودَ إلى بطنِ أمِّه ثانيةً ويولَد؟!". يُلتَمسُ من خلال هذا القول رغبة في البحث عن حياةٍ أخرى ثانية بعدما أثقلت الشيخوخة كاهل حياته الأولى، رغبةٌ دفعته ليتسلل ليلاً من دون أن يراه أحد، ليلتقي بيسوع المعلّم. ولكن يسوع الربّ يوجهه نحو حياةٍ "روحيّة" من شأنها أن تجدد حياته الأرضية "نفسها"، ولا يدعوه بتاتًا، مثلما لا يدعونا نحنُ أيضًا، إلى نبذ هذه الحياة وعيش حياةٍ أخرى مختلفة عنها. فالأبدية هي إكمالُ مسيرة الحياة التي بدأت في الأرض، وربّنا نفسه عاش حياتنا الأرضية هذه، تلك التي غالبًا ما نحاولُ التهرّب منها، وجرّب فيها أقسى ظروفها وحالاتها، وصليبه شاهدٌ على ذلك.
لابدّ إذًا من قراءةٍ مزدوجة: قراءةٌ معمقّة للـ"واقع" المعاصر الذي يحاولُ البعضُ التهرّبَ منه باستخدام وسائل عدّة كالانترنت، وقراءةُ معمقةٌ أيضًا للإنجيل واكتشاف "الحقيقة" من خلاله، لنصلَ بهاتين القراءتين إلى عيشِ "الحقيقة" في "الواقع"، وعدم البقاء أو العيش في "أوهام" لا جدوى منها سوى أنها تعبثُ بحياتنا وتوصلها إلى نهايةٍ مسدودة.
إيمانُنا يدعونا لنحبّ عالمنا هذا، لأن الله يحبّه لا بل ضحّى بذاته من أجله، فهو الذي خلقه ووضع فيه الحياة. أما العالمُ "الافتراضي" فلم يصنعهُ الإنسان ليعيشَ فيه ويجعل منه مسكنًا، بل ليستخدمه فقط للخير الخاص والعام. فمن الخطر الالتجاء إليه ظنًّا أنه يحققُ السعادةَ ويخلّصُ من هموم الحياة التي نشتكي منها دومًا، لأنه في الحقيقة يقودُ في النهاية إلى حياةٍ فارغة، لا معنى لها بتاتًا، لأنها بكلّ بساطة: "غيرُ واقعيّة". والواقعُ وحدُه هو الموجود، وهو ما يجبُ أن نعيشهُ ونقبله، ونقبل وجودَنا فيه لا بل أن رسالتنا هي أن نشارك مع ربّنا في بناء هذا الواقع إنسانيًا وروحيًا متخطّين جميع الصعوبات والنقوصات والاخفاقات التي غالبًا ما تطبعه.
الأب ألبير هشام
روما



12
روعةُ "رسالةِ كاهنٍ إلى جريدة نيو يورك تايمز"

على أثرِ أحداث التحرشات الجنسية بالأطفال من قبل بعض رجال الدين والتي سمعنا وقرأنا عنها في وسائل الاعلام، قابلت جريدة نيو يورك تايمز الامريكية بنوعٍ خاص هذه الأحداث بنوعٍ من التهجّم على الكنيسة الكاثوليكية خلال الفترة القليلة الماضية. ردًا على ذلك، كتبَ أبٌ من الرهبنة السالزيانية من بلادِ أنغولا الافريقية، رسالةً إلى هذه الجريدة، فيها يعرّف عن نفسه وعن رسالته الكهنوتية، ويعرضُ جانبًا من حياة الكاهن اليومية وذلك عن طريق ما يرويه من خبراته الشخصيّة وخبرات غيره من أخوته الكهنة في بلاده، والتي قد تكون مخفيةً، بل بالأحرى تلك التي يخفيها الاعلام في كثيرٍ من الأحيان، ليبحث فقط عن الفضائح ونقاط الضعف مهاجمًا من خلالها الكنيسة. بينما توجدُ جوانبٌ في حياة كاهن اليوم، والتي يفصّلها كاهننا السالزياني في رسالته، تستحقُ كلّ الاهتمام وأن تُؤخَذَ بنظرِ الاعتبار لتكون عبرةً روحيّة للجميع.
إنّ ما يتكلّم عنه هذا الأب هنا، ليس هو مجرّد "ردّة فعل" على ما كتبته الصحافة العالمية، وجريدة نيو يورك تايمز على وجه الخصوص، حول أحداث التحرشات الجنسية بالأطفال من قبل بعضِ الكهنة، ولا هي أيضًا دفاعٌ متعصّب عن هؤلاء الكهنة المتورطين بهذه التحرشات (يظهرُ بالعكس تمامًا لأنه يدينهم في مستهلّ رسالته)، وإنمّا يقدّم في العمق صورةً عن الكاهن، لا توجدُ في بلاده فحسب، بل يستطيعُ المرء أن يجدها ويكتشفها ببعض الإرادة والنيّة الصالحة في كل مكانٍ من عالمنا اليوم، صورةً تستحقُ الاحترام فعلاً.
إنها درسٌ أيضًا لكل وسائل الإعلام اليوم بكلّ أنواعها، ولكلّ من يعمل أو يساهم فيها بمشاركةٍ أو رأي، في كيفية استخدام الاعلام بنزاهةٍ وموضوعيّة، وفي كيفية استخدام قلم الكتابة لأهدافٍ تبني الآخرين وتساعدهم، وليس لهدفِ تدميرهم وتهميشهم...!
لروعةِ وواقعية وموضوعية وقوّة هذه الرسالة، أودّ أن أنقل لجميع قرّاء موقع عينكاوة الأعزّاء نصّها نقلاً عن موقع Lex moris  الالكتروني (المشار إليه في الرابط أدناه)، وقد ترجمها إلى العربية الأب بيار نجم، وتناقلتها بعض المواقع الالكترونيّة الآخرى. وأتركُ للقرّاء الكرام أن يستلهموا من هذه الرسالة "روحها"، طالبًا إليهم أن لا يبقوا عند قشورها، أو على مستوى الأحداث التي دعت لكتابتها، بل أن يعتبروها بالأحرى كفرصةٍ دفعت هذا الكاهن أن يكتبَ رسالته الرائعة هذه عن الكاهن اليوم. مع الشكر.

نصّ الرسالة:
أخي الصحافي، أختي الصحافّية

أنا كاهن كاثوليكيّ بسيط، وأنا سعيد وفخور بدعوتي. أحيا كمرسل في أنغولا منذ عشرين عاماً.
يؤلمني جدّاً هذا الشر الكبير، أن يكون الأشخاص الّمدعوّوين لأن يكونوا علامة حبّ الله، قد أضحوا خنجراً في حياة الأبرياء. لا توجد كلمات يمكنها أن تبرّر أعمالاً كهذه. وممّا لا شكّ فيه أن لا يمكن للكنيسة إلاً أن تكون الى جانب الضعفاء، وغير المحميّين. وبالتالي فإن كافة التدابير التي يمكن اتّخاذها في سبيل حماية كرامة الأطفال وصونها تبقى دوماً أولويّة مطلقة.

أشاهد في الكثير من وسائل الإعلام، وبنوع أخصّ في جريدتكم، توسّعاً مَرَضّياً لهذا الموضوع، باحثين بالتفاصيل في حياة بعض كهنة إعتدوا على أطفال. وهكذا ظهر واحد في مدينة من مدن الولايات المتّحدة، في سبعينيّات القرن الماضي، وآخر في إستراليا في الثمانينيّات، وهكذا دواليك حتى حالات أكثر حداثة... لا شكّ أنّها كلّها حالات مدانة. لا شكّ أنّنا نجد تحقيقات صحافيّة موضوعيّة ومعتدلة، وأخرى مبالغة، مملوءة أحكاماً مسبقة، وحتّى حقداً.

عجيبة ضآلة الإعلام، وعدم الإهتمام بأخبار الآلاف والآلاف من الكهنة الّذين يبذلون ذاتهم في سبيل الأطفال والمراهقين، والفقراء في أربعة جهات العالم! أفترض إن لا يهم وسيلتكم الإعلاميّة حقيقة أنّني كنت أنقل شخصيّاً، عام ٢٠٠٢، وعبر طرقات مزروعة بالألغام العديد من الأطفال يعانون من سوء التغذية من كانجومبي لغاية لوينا في أنغولا، لأن الحكومة لم يكن الأمر يعنيها، والمنظمّات غير الحكومية لم تكن تملك الأذن بالتحرّك. لا يعنيكم أيضاً أنّ وجب عليّ إن أدفن العشرات من الأطفال الموتى من بين النازحين بسبب الحرب، ومن بين أولئك العائدين. لا يعنيكم أنّنا أنقذنا حياة الآلاف من الأشخاص في موكيكو من خلال المركز الطبّي الوحيد في مساحة ٩٠،٠٠٠ كلم مربّع، وعبر توزيع الغذاء والحبوب. لا يعنيكم أنّنا أفسحنا إمكانيّة التعليم لأكثر من ١١٠،٠٠٠ طفل في غضون السنوات العشرة هذه... هو ليس أمر مثير للإهتمام أن قد كان علينا، بمعيّة كهنة آخرين، أن نعين حوالي ١٥،٠٠٠ شخص خلال الأزمة الإنسانيّة في مخيّمات المقاتلين، بعد استسلامهم، لأنّ المواد الغذائيّة من قبل الحكومة ومن قبل المنظّمات غير الحكوميّة لم تكن تصل. هو ليس خبر مثير للإهتمام أن كاهناً في الخامسة والسبعين من العمر، الإب روبرتو، كان يجوب شوارع لواندا ليعتني بأطفال الشوارع، يحملهم الى بيت ضيافة، لكيما يعالج إدمانهم على الكاز، أو أنّهم أزالوا الأمّية بين آلاف المساجين. وأن كهنة آخرين، مثل الأب استيفانو، يديرون بيوتاً تأوي الأطفال المعنّفين، المساءة معاملتهم حتى الإغتصاب، والّذين يفتّشون عن مأوى. ولا يعنيكم أيضاً الأخ ماياتو، أبن الثمانين عاماً، يدور من بيت الى بيت، يعزّي المرضى والفاقدي الرجاء. هو ليس خبر يستحقّ النشر أن ٦٠،٠٠٠ ألفاً من بين ال ٤٠٠،٠٠٠ كاهن ومكرّس، قد تركوا أرضهم وعائلتهم ليخدموا إخوتهم في مشفى للبرص، في عيادات، في مخيّمات لاجئين، في مياتم تأوي أطفالاً أبناء أشخاص متّهمين بالشعوذة، أو أبناء أهل قضوا بسبب السيدا، وفي مدارس مفتوحة لأفقر الفقراء، في مراكز نتشئة مهنيّة، في مراكز عناية بأشخاص إيجابيّي المصل... ولكن بنوع أخصّ في رعايا وإرساليّات، يحفّزون الشعب على الحياة وعلى المحبّة.

هو ليس خبر مثير للإهتمام، أن الإب ماركوس أوريليو، لكيما ينقذ مجموعة شبّان خلال حرب أنغولا، نقلهم من كالولو الى دوندو، وفي طريق العودة الى مركز إرساليّته، تمّ إطلاق النار عليه في الطريق؛ وأنّ الأخ فرنسيسكو ومعه خمسة سيّدات تعلّمن التعليم المسيحيّ، قضوا جميعاً في حادث سير فيما هم ذاهبون لمساعدة الناس في الأماكن النائية؛ وأنّ عشرات المرسلين في أنغولا قد ماتوا بسبب نقص الإسعاف الصحّي، بسبب مجرّد ملاريا؛ وأنّ آخرين قد تطايروا في الهواء بسبب لغم أرضيّ بينما هم ذاهبون لافتقاد ناسهم. في مدافن كالولو موجودة قبور أوّل كهنة وصلوا الى المنطقة، ولا واحد منهم تخطّى سنّ الأربعين.
هو ليس خبر مثير أن ترافقوا كاهن "عاديّ" في حياة كلّ يوم، في مصاعبه وأفراحه، يبذل حياته في سبيل الجماعة التي يخدمها.
ولكن الحقيقة هي أنّه لا يهمّنا أن نصبح خبراً، ما يهمّنا فقط هو أن نحمل الخبر السّار، هذه البشرى التي بدأت ليلة الفصح دون ضجيج. فشجرة تسقط تخلق ضجيجاً أكبر من غابة تنمو.

لا أبتغي الدفاع عن الكنيسة وعن الكهنة. الكاهن ليس بطلاً ولا هو مريض نفسيّ. هو رجل عاديّ، بإنسانيّته يفتّش عن اتّباع يسوع وعن خدمة أخوته. فيه مآس وفقر وضعف كما في كلّ كائن بشريّ، وفيه أيضاً جمال وطيبة كما في كلّ خلائق الله...
إن الإصرار بطريقة مهووسة ومضطَِهدة على موضوع، وفقدان الصورة الشاملة، يخلق صورة هزليّة ومهينة للكاهن الكاثوليكيّ، صورة أشعر عبرها بأنّني مهان.

أسألك فقط، صديقي الصحافيّ، أن فتّش عن الحقّ، وعن الجودة وعن الجمال. فهذا يجعلك نبيلاً في مهنتك.

بالمسيح،
الأب مارتين لازارتي الساليسياني
أنغولا- أفريقيا

الأب ألبير هشام
روما
مصدر الرسالة:
http://www.lexamoris.com/historia/epistulaadnewyorktimes.html


صفحات: [1]