عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - حبيب تومي

صفحات: [1] 2
1
الأستاذ ابرم شبيرا والكلام المكرر وامثاله التهكمية الهزيلة لم تكن في محلها                                                                            
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
في الحقيقة تفاجئت واستغربت من المقال الذي سطره الأستاذ ابرم شبيرا والذي بدا وكأنه يخاطبنا من برجه العاجي ، فهو يتعامل معنا بعقلية تفوقية ويدرج بعض الأمثال التهكمية السقيمة ويحاول ألصاقها بنا ، بجهة اعتقاده انه يملك الحقيقة ومعاني النضال وأسباب الوحدة ، والأخرون على باطل ويعملون على تمزيق الأمة ، وعليهم اعلان التوبة لكي يعودوا الى طريق الحق والخلاص الذي يمثله الكاتب شبيرا والحزب الذي يدعمه الذي يجسد آمال الأمة .
كنت اتوقع شخصياً من الأستاذ ابرم شبيرا ان يكون ارقى وأسمى من هذا الأسلوب المتعالي في مخاطبة الآخرين ، لكن ما لاحظته انه لم يخرج ايضاً من دائرة الشخصنة في مقاله عن حبيب تومي فلم يختلف عن الذين سبقوه في الكتابة بالتركيز على الأسم والأستهداف الشخصي بل ذهب ابعد منهم حينما استعمل اسلوبه التهكمي في عنوان مقاله الغريب (عندما يفلس التاجر يبحث في أوراقه القديمة ... د. حبيب تومي نموذجاً  ) والبعيد عن الكياسة الحوارية بين المثقفين المختلفين رأياً ناهيك كما يدعي شبيراً اننا ابناء شعب واحد .
بتقديري كان يجب ان يكون اسلوبه ارفع من هذا المستوى في مخاطبة الآخرين المختلفين عنه في الراي ، وأن يتلافى اسلوب ايجاد شحنات التهم والرجوع على امور قد اكل عليها الدهر وشرب ، وكنت اتوقع بأنه سوف يختلف عن الآخرين ويلوج في حديث ملؤه مقارعة الحجة بالحجة والفكرة بالفكرة  بدلاً من الأسلوب التهكمي الأستهجاني بالآخرين والذي يلجأ اليه بعض المقنعين تحت اسماء مستعارة . لكن اسقط في يدي مع الأسف حيث ان الأستاذ ابرم شبيرا قد جسد ذلك الأسلوب وزاده شحنة .
لقد تسلسل في نفس الخطاب القديم من قبيل : شيوعي قديم وتحوله الى الجانب القومي ، الكلدان توجهوا الى العمل القومي بعد 2003 فأين كنتم قبل هذا التاريخ ؟ وغير ذلك من الفقرات التي حفظتها لمدة عقد من السنين  ولم نلاحظ اي تغير في مضمونها ، والأخ الكاتب المعروف ابرم شبيرا لم يزد حرفاً على ما سمعناه وقرأناه طيلة هذه الأعوام من الأخوة مؤازري الزوعا الذين هم الوحيدين الذين لا يقبلون اي نقد مهما كان هادئاً ، وسأناقش بعض الأمور في هذا المقال :
اولاً : في مقالي عن الزوعا : (هل ساهمت زوعا بتفريق صفوف شعبنا؟)
نعم الزوعا خلقت مثل هذه التفرقة فقبل رواج خطاب الزوعا (الإقصائي = الوحدوي جداً ) لم يكن جدل التسمية موجوداً ، ولا احد يهتم بهذا الجانب  لأن كل انسان يعرف اسمه ويعي انتمائه القومي وليس بالضرورة الإعلان عن هذا الأنتماء بلافتة إعلانية . لكن بوجود الزوعا ، وتنحيتها التسميات الأخرى والعمل على ابقاء التسمية الآشورية هو الذي خلق هذا الأنقسام بين ابناء الشعب المسيحي الواحد ، وخلقت جدلية التسمية لتضيف مشكلة تضيفها الى مشاكل هذا الشعب المسكين .
لقد اوضحت ذلك في علاقة المرحومين توما توماس وهرمز ملك جكو ، وكذلك في مرحلة وجود العوائل الآثورية في القوش عام 1933 ، وأضيف على ذلك انني شخصياً كنت عضو الهيئة الإدارية في نادي بابل الكلداني قبل خروجي من العراق سنة 1999 وبنفس الوقت كنت عضو في جمعية آشور بانيبال الثقافية ، وقدمت عدة محاضرات في الجمعية كما قدمت مسرحية الخمار التي كنت انا كاتبها ومنتجها  وعرضتها في النادي لمدة يومين وفي الجمعية 3 ايام ، ولم نتطرق يوماً الى مسالة الكلداني والاشوري ، هكذا عملت بمهنية وتجرد دون اي دوافع سياسية او قومية او مذهبية  ، كان الأحترام المتبادل بين الكلدان والآثوريون هو سيد الموقف .
 لا احد يريد ان ينظّر للاخر او يكون وصياً عليه ، الكلداني هو كلداني والآشوري هو آشوري ولم يكن ثمة اي افكار إقصائية بين الطرفين ، وكان يسود الأحترام والتعاون ، وهذه حقيقة لا تريدون الأعتراف بها ، لأنكم لا تقبلون بأي نقد ، وقد جعلتم من طروحات حزب الحركة الآشورية وكأنها طروحات مقدسة لا يجوز المساس بها . وأنت نفسك اخي  شبيرا سلكت نفس السبيل في دفاعك عن الزوعا ولم تختلف قط عما يعرضه الآخرون .
ثانياً : في الفقرة التالية يكتب الأخ شبيرا :
(معظم ما يكتبه يتركز على معاداته المستميتة لوحدة شعبنا والتسمية الأشورية وحتى للتسمية الوحدوية "الكلدانية السريانية الاشورية" وإصراره العنيد على تفريق شعبنا وتمزيقه معتمداً على أسس خاطئة ومفاهيم لا وجود لها إلا في ذهنه أو إهانته لأحزابنا السياسية خاصة الحركة الديموقراطية الآشورية (زوعا) .. الخ) انتهى الأقتباس .
اقول :
ثمة شئ اسمه المقارنة ، لكي نرى الخير يجب ان نشير الى الشر ونقارنه معه ، فالشر ضروري لأثبات الخير ، ولكي يثبت الأخ شبيرا انه وحدوي فيجب ان يكون في الساحة انفصاليين وانقساميين ، فهو والحزب الذي يؤيده يمثلون الوجه الوحدوي للمعادلة، فعلى الجانب الأخر من المعادلة ثمة من لا يؤيد الحزب الضرورة وطروحاته يعتبر معارض للجانب الوحدوي ، وهكذا يطرح الأستاذ شبيرا بأنه وحدوي والزوعا هي الحصن الحصين للوحدة ومن يعارضها او ينتقدها فهو من المفرقين ، فهو يمثل الحق ومن لا يقول لهم سمعة وطاعة ، فهو على باطل، انهم يبنون ونحن نهدم . وهذا منطق نحن وهم ..
المشكلة مع الأخ شبيرا انه يعاملنا بعقلية القطيع ، فهو يصدر الأوامر والتوجيهات الرشيدة ونحن علينا طاعتها ويمنع علينا الأعتراض ، ان الحركة هي الملهم المعجزة التي جاد بها الزمن علينا ، ممنوع علينا ان نحتج او نعترض إنها قرارات عليا من فوق واعتراضنا يعني الإخلال بتوازن وحدة الأمة ، لا شك باعتراضنا نسلك سلوك الأنفصالين والأنقساميين .
يا اخي انا مع وحدة شعبنا المسيحي واحترم التسمية الآشورية ، كما احترم الذين يؤمنون بالتسمية المركبة ، لكن يا اخي انا اؤمن بأن قوميتي كلدانية ، فلماذا تجبرني ان اغير قوميتي ، الموقف السياسي يتغير وفق المناخ السياسي ، اما الدين والقومية ، فهي من المبادئ الأساسية التي يعتز بها الأنسان ،  فلماذا تطلب من غيرك ان يبدل دينه وقوميته التي ورثها عن ابائه وأجداده ، اليس ذلك اجحافاً بحق الأنسان ؟
  انا شخصياً لا اقبل بالأنسياق القطيعي وراء الأحزاب وما تقرره بشأن الأسم القومي الذي هو موروث اجتماعي ، الكوردي يؤمن بأنه كوردي ولا يستطيع الحزب الديموقراطي الكوردستاني او اي حزب كوردي ليس له صلاحية تبديل الأسم الكوردي ، وهذا ينطبق على الأسم العربي والأرمني والتركماني والآشوري والكلداني والسرياني ، فليس من حق الأحزاب السياسية ان تغير اسم شعوبها . لا اقبل منك ان تضعني في خانة العداوة مع الأخوة الآشوريين او الأحزاب الآشورية او الزوعا ، انا احترم كل هذه الجهات ، لكن لا اتفق معها مع بعض الطروحات ، وهذا لا يعني انني عدو لها ، إن تفسيرك خاطئ من اساسه .
اما الأسم الثلاثي والذي اشتهر بالتسمية القطارية ، فأنا في الحقيقة لا اؤمن بها .  في بغداد كنت احتفظ بكتاب عنوانه اثنوغرافية الشعوب ، وكان فيه اسماء لجميع الشعوب على الأرض ولم اعثر بينها شعب له ثلاثة اسماء ، وانت والأحزاب الآشورية تريد ان تجبرنا على القبول بالأسم ومن لا يقبل به تطلقون عليهم بأنهم انفصاليين ، وانت ايضاً مع الأسف تجيد لصق هذه التهمة بغيرك .
انا لا اتفق معك ان الأنسان لكي يكون سياسياً محنكاً ان يبدل مبائه واسمه القومي وفق الظروف ، هذا ليس ذكاء انها انتهازية بعينها ، إحد ابناء شعبنا كان عروبياً خالصاً ، ثم تحول الى كلداني قح ويمتدح الأمة الكلدانية والتاريخ الكلداني في كل مناسبة ، ثم تحول الأخ الى جبهة الكلداني السرياني الآشوري ، ولم يمكث طويلاً في هذه المحطة حيث انتقل بسرعة صاروخية الى  الأمة الآشورية ، فهل تحسب هذا ذكاء سياسي ام انتهازية مفضوحة ؟
ثالثاً : كتاب ابرم شبيرا
في هذه الفقرة إن كنت انت من المؤسسين او من المنظرين او من المفكرين للزوعا ، فذلك لا يعتبر تلفيق او تهمة لصقنها بك يا اخ شبيراً نحن نتكلم عن كتابك الذي يتناسق فكرياً مع المنطلقات الفكرية لزوعا ، وهذا لا يحتاج لإثارة العاصفة على هذا الزعم ، وبعد ذلك ترشدني الى موقع الزوعا ، فما دام العم كوكول موجود فليس مشكلة للوصول الى الهدف في البحث ، ولكن اعجبني قولك : (.. او يمكنك ان تطلبه ، إذا تجرأت من احد اعضائها ..) .
يا رجل انا في حياتي لم يتسلل الخوف الى نفسي ، لسبب واحد هو انني أخاف الموت ، فلم ينتابني الخوف في لحظة من حياتي ، ولكن تحذيرك هذا يجبرني ان احتاط كثيراً حينما اقابل احد هؤلاء الأعضاء ، لا ادري إن كنت تقصد انهم من الشقاوات ام ماذا ؟ فهذه الجملة اثارت استغرابي .
بالنسبة الى كتابك المعنون : الآشوريون في الفكر العراقي المعاصر ، ووصفته بالكراس لم تكن المسألة مقصودة ولم اهدف الى التقليل من الدراسة ، لكن ما يهمني الفكرة الفكرة التي يدور حولها الكتاب ، وانت الغيت الكلدان والسريان وجعلت منهم كيانات مذهبية تابعة للقومية الآشورية وفي عدة مناسبات ، وانا ركزت على هذا الزعم الذي تشبثت به ودافعت عنه ومن يشك في قولي يمكنه مراجعته ليرى كم فيه فكر اقصائي بحق الكلدان والسريان .
لقد ورد في مقالك هذا المقطع :
( صحيح هو ما ورد في هذا الكتاب من إشارة إلى التسمية الآشورية ولكن هذه التسمية لم ترد إعتباطاً ونحن نتكلم عن زمن عمره أكثر من عقد ونيف. إستاذنا الفاضل، يظهر بأنه لا تعرف حتى أبجدية السياسة التي هي  فكر وممارسة وبهذه الممارسة يتطور الفكر عبر مراحل زمنية فإذا لم يتطور يصبح دوغما وفكر جامد لا مكان له على الواقع. وكما نحن نعرف أيضا بأن السياسية هي فن الممكن .. الخ ) انتهى الأقتباس
لقد رديت في على هذه الرؤية في فقرة سابقة وهنا اضيف ان الأسم القومي لا يتغير وفق المناخات السياسية في الزمكانية ، وإذا لم يتطور يصبح دوغما وفكر جامد .. اي انك كنت تنادي بالآشورية ، قبل عقد ونيف من الزمن واليوم تنادي بالكلدانية الآشورية السريانية ، وهذا رأيك انا لا اتفق معك والكل لا يتفق معك لأن الأسم القومي لا  يتغير مع التحولات السياسية .
 لقد عمل كمال اتاتورك لخلق مجتمع متجانس بإلغاء الأسم القومي للمكونات وحصرها في الهوية التركية ، ومنهم الأكراد ، الذين اطلق عليهم اتراك الجبال ، والى اليوم تعاني تركيا من هذه المشكلة ومنذ ذلك اليوم يعمل الأكراد الى استعادة وجودهم القومي الكوردي في هذه الدولة التركية . بنفس السياق ، فإن الأتحاد السوفياتي السابق ، بعد 75 سنة من إلغاء القوميات وصهرها في بودقة الأنتماء السوفياتي ، لكن رأينا النتيجة كانت مع  تفكك هذه الدولة العظيمة  الى دول قومية مستقلة ، فلا يمكن تبديل الأسم القومي بما تفرضه السياسة ، انا لا اتفق مع زعمك هذا ، والقرائن كثيرة .
نحن الكلدان لا يمكن ان نبدل اسمنا القومي ولا يمكن ان نكون ذيل للأحزاب الآشورية ونكون رهن اشارتهم في تبديل اسمنا القومي ، كما تقتضي مصلحة الزوعا او غيرها من الأحزاب ، فالأسم القومي ثابت ، ومن يزعم غير ذلك فإنه يخدع نفسه ويخدع الآخرين ، فابرم شبيرا او يونادم كنا ، حين سؤالهم عن قوميتهم سوف لا يجيب اي منهم بأنه كلداني سرياني آشوري بل سيقول انه آشوري وليس غير ذلك ، وانا سوف اقول قوميتي كلدانية ، وخلاف ذلك سيكون من قبيل النكت التي لا تضحك احداً .
إذا كانت الأحزاب قررت ان يكون اسمنا كلداني سرياني اشوري او سورايا ، او كلدوآشوري ، او ارامي او.. او.. . نحن كلدان فقط والأشوري آشوري فقط والسرياني سرياني  فقط ، ولا داعي للتنظير والتعب ، الصورة واضحة وجميلة امامكم فلا تعملوا على تشويهها بخطوطم وإضافاتكم وتحويراتكم ، كل منا له اسمه التاريخي ونعتز ونفتخر بكل هذه الأسماء ، وانا في مكاني وأنت في مكانك يا جاري ، ونحن اخوان .
رابعاً :
يبدو ان الأخ شبيرا لا يريدنا ان نخرج عن النص الذي يريحه ، ولا يحق لنا ان نختار طريقنا بمنأى عن الأملاءات وتعليمات الأحزاب الآشورية التي  تدعي انها تمثل التيار الوحدي ولهذا تفوز في الأنتخابات وفق رؤية شبيرأ ، ناسياً ان المال هو العنصر الفعال والمؤثر الأول في ايصال هذه الأحزاب او اشخاص الى مبنى البرلمان وليس الكفاءة .
للسيد شبيرا معاييره لقبولنا ، ويطرح نفسه ككاتب معتدل لا يفرق بين ابناء الشعب الواحد وهو يستطيع ان يلعب دور حمامة السلام بين الفرقاء المتنافسة ، لكن العكس هو الصحيح فالسيد شبيرا منحاز كلياً لأنتمائه الآشوري ، وطرح التسمية الهجينة هي مرحلية لسد الطريق امام الآخرين لا سيما الكلدان لكي لا يرفع اسمهم القومي الكلداني بشكل مستقل  فهو يقول :
(.. قبل عام 2003 من كان يجرأ أن يقحم أسم الكلدان في السياسية القومية أو تضمين التسمية الكلدانية كقومية في الفكر القومي ؟؟؟ كم حزب سياسي كلداني كان موجوداً قبل تلك السنة؟؟؟ وهل يستوجب أن نشير إلى إحصاء نفوس العراق لعام 1977 عندما كتبوا معظم الكلدان "عربي أو كردي" في حقل القومية في إستمارة الإحصاء وأولهم بعض من إقربائي الذين كنت ألح عليهم أن يكتبون كلدان أو الناطقين بالسريانية وليس أثوري،  ولكن كان ردهم "خلينا مستورين على خبزنا". واقع الحال في تلك الفترة كان يفرض على كل إنسان وكاتب موضوعي أن يتناول التسمية الكلدانية كما كانت معروفة كتسمية طائفية بل كان عليه إحترامها كما هي وكما كان يرغب أتباعها أن توصف ومن دون "توريطها" في السياسة ..) انتهى الأقتباس .
الأخ ابرم شبيرا : انا كنت في احصاء سنة 77 في البصرة وكنت مكلفاً في عملية الأحصاء ، وكنت في منطقة يسكنها الأجانب ، لكن بيتنا كان تابع لأحد اصدقائي اسمه حسين وهو مكلف في عملية الأحصاء ايضاً ، ويوم ملئت استمارتي وسلمتها له ، نظر الى حقل القومية فيها ( الكلدانية ) قال لي : اخ حبيب انت تعرف التعليمات افضل مني ففي حقل القومية تكتب كردي او عربي ، وانت كتبت كلداني ، فقلت له انا كتبت ما اريده وأنت حر بما تفعل وسلمت له الأستمارة  . ولكن اسأل الأخ شبيرا كم آشوري كتب في حقل القومية آشورية ؟
الأخ شبيرا اختصر الشعب الكلداني العريق ببعض كلمات كلمات لاقربائه حينما قالوا له :
(خلينا مستورين على خبزنا". ).
يا اخي حينما هاجر الكلدانيون التلاكفة ، وهم رواد المهاجرين الكلدانيين ، منذ العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي الى اميركا ،افصحوا عن اسمهم القومي ( CHALDEAN) بمعنى كانوا واعين لأسمهم القومي .
 في اوائل القرن التاسع عشر ، ذهب رجل من عائلتنا ( تومي) وزوجته وهي من بيت (كولاّ) الى القدس ، وبعد ذلك استقرا في الأردن ، واتخذ لقباً له ( كلداني ) وفي الأردن ( في مدينة مأدبا ) حالياً عائلة من بيت تومي تطلق على نفسها لقب كلداني ، واحدهم هو الاب حنا سعيد كلداني مؤلف كتاب : المسيحية المعاصرة في الاردن وفلسطين . ويقول لقد اتخذ الأب الأول لقب كلداني لكي لا يضيع مع الأسماء ألأعتيادية مثل هرمز وتومي وكوركيس .. الخ  فاسم الكلداني كان تعبيراً عن هويتهم .
وزيادة للاخ ابرم شبيرا لكي لا يستشير احد اقاربه حينما قال له ( .. خلينا مستورين على خبزنا ) الذي اعتبره الكاتب شبيراً كمصدر رئيسي للتاريخ الكلداني ، فأقول له :
بعد ان اسدلت الحرب العالمية الأولى اوزارها ، كان احد نتائجها عقد معاهدة سيفر في 10 / 8 /1920 حول تصفية تركة الدولة العثمانية . وكان ما يتعلق بضمان حقوق  الأقليات المواد 62 و63 و64 ، وورد في المادة 62 ضمان حقوق الأكراد إضافة الى الأقليات الأخرى كالاشوريين والكلدانيين ، وكان ذلك استجابة لوفد كلداني قدم الى سيفر ،قرب باريس ، يطالب بالحقوق القومية للشعب الكلداني ،وكان ايضاً ثلاثة وفود آشورية . فأرى ان ترجع الى المصادر افضل مما تعتمد على قريبك الذي يقول : (خلينا مستورين على خبزنا ).
اما بشأن قبول شعبنا المسيحي بالتسمية القطارية ، وكما تقول :
(.. أفرزت فوز الأحزاب السياسية المتبنية للتسمية الوحدوية "الكلدانية السريانية الآشورية أكثر من مرة وهزيمة الأحزاب المتبنية للتسمية المفردة الكلدانية أو الآشورية أكثر من مرة لهو دليل قاطع على قبول شعبنا لهذه التسمية الوحدوية ونحن نعرف بأن هذه الإنتخابات هي المعيار الوحيد المتوفر حالياً في العراق في معرفة شعبية أحزابنا سواء قبلنا ذلك أم رفضنا فهذا لا يغير من الواقع شيئاً...) انتهى الأقتباس
فأنا اقول ان الناخب لا ينظر في كل الأحوال الى الكفاءة ، وبشكل خاص الأنتخابات فإن المال يلعب دوره ، وكم من المال السياسي يصرف في وقت الأنتخابات ، إن كان صرفه  على الدعاية الأنتخابية او الى توظيف الأعلام من ملصقات ومختلف اشكال الأعلام ، المكتوب والمرئي والسمعي ، إضافة الى شراء البطانيات والصوبات والولائم الباذخة وهذه كلها تحتاج الى المال ، فالمال السياسي الذي يوظف في الأنتخابات هو الذي يقرر النتيجة وليس علم المرشح وكفاءته  وعلومه ، يقول الكاتب المصري الراحل انيس منصور :
رأيت الناس قد ذهبوا الى من عنده ذهب
                                         ومن ليس عنده ذهب فعنه الناس قد ذهبوا
يا اخ اعطني ربع الأموال الذي خصصها المجلس الشعبي مثلاً للأنتخابات وأنا اعطيك ثلاثة نواب كلدان .
لكن لتوخي المصداقية مع القارئ ومع نفسي ومعك ، فأقول ان معظم  الأصوات التي تحصل عليها الزوعا من الآشوريين فهي اصوات مؤمنة بقضيتها وليس نتيجة المال السياسي .
يقول الأخ شبيرا في سنة 2000 كنت اشد المعارضين للتسمية المركبة وبعد ذلك اقتنعت بالتسمية المركبة ، وهذا شأن يخص الأخ شبيرا فلماذا نكون ملزمين بقناعاته ؟ وإن اقتنعنا نحن بهذه التسمية هل يقبل بها قداسة البطريرك مار دنخا الرابع الذي يجعل من الكلدان والسريان مذاهب كنسية تابعة للقومية الآشورية ، فكيف نمزج بين القومية والمذهب الكنسي اخي شبيرا ؟ فلماذا تستخدم قناعتك لحبيب تومي وللكلدان ، لماذا لا تستخدمها مع الطرف الآخر وانا متأكد انك لا تستطيع إقناع واحداً منهم .
لقد كتبت الكثير عن التسمية وذلك تماشياً مع ما توسعت وأسهبت به ولكني اريد ان اعلق على فقرة وردت في نفس السياق تقول :
(..الأنتقال من التسمية المفردة إلى التسمية الوحدوية "الكلدانية السريانية الآشورية" هو إنتقال داخل الحدود التي تحدد وجود أمتنا ضمن مقوماتها القومية المعروفة وهو ونوع من التطور وإستيعاب الواقع، أما الإنتقال والتحول من أيديولوجية ماركسية شيوعية إلى التطرف القومي الضيق مقرونً بالطائفية المقية فهو أمر قد يوصف بالإنتهازية.) انتهى الأقتباس
تقول ان انتقال من اديولوجية ماركسية شيوعية الى التطرف القومي الضيق .. فهو امر يوصف بالأنتهازية . حسناً اخ شبيرا ، المرحوم ابرم عما كان من ضمن مجموعة الهيئة المؤسسة للحزب الشيوعي العراقي حين تقديم الطلب لأجازة الحزب في عهد عبد الكريم قاسم ، وبعد مدة ترك المرحوم ابرم  الحزب الشيوعي وانتقل العمل القومي الاشوري ، ولا تقول ليس من مؤسسي الزوعا ، فهل تقبل ان نطلق على المرحوم صفة الأنتهازية ، وكذلك اعرف في القوش من النشيطين وفي قيادة الحزب الشيوعي في القوش والمنطقة وكنت على علاقة حزبية معهم  ، وبعد ذلك تحولوا الى العمل القومي في الزوعا ، فهل تقبل ان نطلق على هؤلاء انتهازيين ، الأمر متروك لك اخ ابرم شبيرا .
خامساً :
فيما يتوسع به الأخ شبيرا بشأن تسمية الحركة الديمقراطية الآشورية ، لا اريد ان اصرف وقت عما هي الحركة السياسية والحزب السياسي والنقابة والنادي الرياضي وما الى آخره ، انا انتقد فكرة الغاء الأخر والتنظير له والوصاية عليه ، هذا هو جوهر كلامي ، وهذه الحالة بدأت بين ابناء شعبنا حينما طرحته الحركة الديمقراطية الآشورية وكتاب يروجون لها الفكر وأنت واحد منهم ، وكتابك الآشوريون في الفكر العراقي المعاصر يجسد هذه الحالة الإقصائية ، فتستهله بالفقرة الواضحة :
يعد من نافلة القول والإطناب تكرار التأكيد في كون الآشوريين هم ، من الناحية القومية، تقيباً ، معظم ابناء الطوائف الكلدانية والسرياني والمشرقية النسطورية في العراق ، فبغنى عن التسمية الاشورية العامة والشاملة لجميع هذه الطوائف ..
يا اخ شبيرا نحن لا نحكم على النيات نحن امامنا نص مطبوع ونعلق عليه .
تقول في مقالك :
ويظهر من سطحية تفكير د. حبيب تومي في التاريخ وإصراره على كون هذه التسمية عنصرية غير أن الكثير من علماء الأثار والتاريخ وعلم الآشوريات أثبتوا بالدليل القاطع بأن الآشوريين لم يكونوا يشكلون عنصراً أو عرقاً مستقلاً بحد ذاته بل أن تسميتهم الآشورية هي تسمية حضارية مرتبطة بتاريخ حضارة بلاد مابين النهرين، وهي الحضارة التي كانت تشمل عدد من الشعوب والأعراق... انتهى
اولاً انا تفكيري سطحي في التاريخ ، وانت فيلسوف زمانك ، بارك الله فيك ونتعلم منك .
 ثانياً انت لم تدرج مصدر تاريخي تعتمد عليه يبين بأن الآشورية تسمية حضارية .. وهي الحضارة التي كانت تشمل عدد من الشعوب والأعراق .. ولكني بدوري سوف اثبت لك بأن الكلدان هم اكثر حضارة وعلماً ، وليس من باب السباق ، فالشعوب الرافدينية القديمة كلها ساهمت ببناء الحضارات العراقية ، لكن كل امة لها ذكرها في التاريخ بما تركته ، والآشوريون عرف عنهم انهم كانوا يجيدون صناعة الحرب ، ولا اريد ان انقل لك ما كتبه المؤرخون امثال وول ديورانت في قصة الحضارة والعالم المؤرخ ارنولد تونبي في دراسته للتاريخ عن الآشوريين لأنه سوف يزعجك كثيراً . وأكتفي بما كتبه المؤرخون عن الكلدان  سوف احيلك الى قاضي صاعد بن احمد الأندلسي ، في كتابه : التعريف بطبقات الأمم . إذ يقسم الأمم في زمانه الى سبع طبقات ويقول ص 143 والأمة الثانية هم الكلدانيون : وهم السريانيون والبابليون وكانوا شعوباً منهم الكربانيون والآثوريون والأرمنيون والجرامقة ، وهم اهل الموصل والنبط وهم اهل سواد العراق .. الخ
اما تقسيم الأمم حسب اهتمامها بالعلوم فيقول ص 164ان الأمة الثالثة المهتمة بالعلوم هم الكلدانيون .. وكان من الكلدانيين علماء جلّة ، وحكماء وفضلاء يتوسعون في في فنون المعمار ومن المهن التعليمة والعلوم والرياضيات .. الخ
لكن الأخ شبيرا سوف لا نبقى اسرى الماضي وعلينا بالحاضر وما يحمله الراهن من افكار وحريات وحقوق التعبير والعقيدة ، فاليوم من حق الإنسان ان يفكر كما يريد ويجاهر بهويته بكل حرية وأن يكون له حرية المعتقد واستعمال شعائره .
لقد مضى في التاريخ محطات كثيرة قرأنا عن مظالم كثيرة باسم الوحدة والأنسجام والتجانس المجتمعي وهذا ما اراده حزب البعث بصهر الجميع في بودقة العروبة من اجل الوحدة من المحيط الأطلسي الى الخليج العربي ، وهذا الفكر كان سبب تفكيك يوغسلافيا وكذلك جيكوسلوفاكيا  والأتحاد السوفياتي طبعاً ، والزوعا تجرب حظها اليوم فباسم الوحدة القومية ( على الأقل في الأسم ) تعمل على إلغاء القومية الكلدانية تحت مبرر خلق تجانس قومي .
اخ ابرم شبيراً نحن بحاجة الى تفاهم لوضع اسس لتفعيل التعاون في كل معارج الحياة ، انا شخصياً لست ضد الآثوريين ، زوجة ابني اثورية ، ونحن نحبها وهي تحبنا ، والزيجة تمت بموافقتي ومباركتي لهم ،فلماذا تستخدمون مصطلح العداوة وكأننا نتقاتل في جبهة عسكرية او نتخاصم على حلبة مصارعة ، حل المسألة جذرياً يكمن في الأحترام المتبادل للمشاعر القومية للطرفين لا اكثر .                   
سادساً : بشأن المرحوم المناضل  توما توماس
يقول السيد ابرم شبيرا بشأن المرحوم توما توماس ان حبيب تومي لا ينصفه مظهراً وكأنه كان كلدانياً طائفياً  ويعادي الآشورية وأحزابها السياسية خاصة زوعا ... انتهى
اولاً ان قومية المناضل توما توماس هي القومية الكلدانية العراقية الأصيلة ، والقومية الكلدانية هي قومية عراقية مذكورة في الدستور العراقي وسوف تذكر في الدستور الكوردستاني والكلدانية ليست انتماء طائفي كما تزعم  ،
وإن كنت تحضر في كل زيارة الى دمشق في مقر زوعا مع المرحومين توما توماس ابو جوزيف وسليمان بوكا ابو عامل  لعدة ساعات ، فأنا كنت من 1963 الى 1968 مرافقاً لتوما توماس كظله اي منذ ان كان عمري 20 سنة الى 25 سنة اي خمس سنوات تخرجت فيها من كلية الحياة ،فانا والصديق صباح ابو ليلى ، باستثناء عدة اشهر كنت مع المرحوم الشهيد هرمز ملكو جكو الى وقت استشهاده في في 30/ 11 / 1963 م  وأرجو ان تنظر الى الصور التي تعكس الواقع . وانا وصباح لم نفترق بعد استشهاد هرمز حيث كنا مرافقين لتوماس باستمرار .
 
الواقف الأول من اليسار كاتب هذه السطور صديقكم حبيب تومي ، والثاني البطل الشهيد هرمز ملك جكو وهو يعتمر في رأسه ما يعرف بـ ( كوسيثا)، والباقين اعرفهم نسيت اسمائهم باسثناء الثاني من الجالسين على اليسار هو صبحي يوسف من عنكاوا والصور في خريف عام 1963  وهذه الصورة منشورة في كتاب الرئيس مسعود البارزاني الموسوم : البارزاني والحركة التحررية الكردية الجزء الثالث
 
الى اليمين صباح توماس ابو ليلى والى اليسار كاتب هذه السطور حبيب تومي الملقب ( حبّا)

انك يا اخ شبيرا حتى الرفيق الكلداني ( فهد) يوسف سلمان يوسف مؤسس الحزب الشيوعي جعلت منه أشورياً وسالت في المقال السابق من اي عشيرة آشورية هو ولم اجد عندك الجواب .
وعن 1933 يقول الأخ شبيرا بأن حبيب تومي يذكرنا بهذا الحدث دائماً ، نعم ان اذكر هذا الحدث حينما تأتي مناسبة لذكره ، وان هذا جزء من تاريخنا الحديث ، وقد سمعنا من أبائنا الكثير حول الموضوع وأنا ذكرت بعض تفاصيله في كتابي عن القوش .
اما ما يقول حسب ما قلت جدته الله يرحمها بأنه رد الدين حيث كان اعضاء من الجيش الليفي الآشوري سمعت هذه الملحمة من جدتي الألقوشية التي ولدت قبل الحرب الكونية الأولى وعاشت أكثر من مائة عام ومات في السبعينيات القرن الماضي فكانت تروي لنا هذه الملحمة التي عايشت أحداثها بموضوعية أكثر من روايتك ..
ويستطرد :
ففي بداية العشرينيات من القرن الماضي كان الحاكم العثماني صقيلي يفتك بأبناء{ وبنات }ألقوش
يا اخي شبيرا احترامي الكبير لمثوى جدتك ، ولكن ان الدولة العراقية تأسست في اوائل 1921 وكان التداول بشأن مشكلة الموصل ، وأن مشاكل صقلي او سقلي كما يقال في القوش كان في مطاوي اعوام الحرب وليس بعده وإن أشارتك ( يفتك بأبناء {وبنات} القوش غير صحيحة ، لأنهم لم يكن يفتك بيده بل دوره كان في ايام الحرب حيث يلقي القبض على الشباب ( وليس البنات فلا تذهب بعيداً) لأرسالهم الى جبهات القتال حيث اثبتت التجارب المريرةان ذهابهم كان دون رجعة .
فاحترامي الكبير لمعلوماتك ان احداث 1933 لم يكن موقف القوش كردة الفعل لأنهم خلصوا القوش من الحاكم الظالم ( سقلي التركماني ) وإن الذين اجهزوا على سقلي هم اربعة شباب اثنان من الأثوريين من قرية بدرية القريبة من القوش واثنان من شباب القوش ، واسماء اثنان منهم : كليانا زورا وكليانا رابا ، اما الآخران فقد غابا من ذاكرتي .

في فقرة يريد الكاتب ابرم شبيرا يهمس في اذني حول الشهادة التي سعيت اليها وأقول له ولكل من يحاول تسقيط الآخرين لأمور شخصية لا داعي للهمز بل تكلم بصوت عالي فأنا لم اسرق او اقوم بعمل ناقص لكي استحي منه .
انا يا استاذ ابرم شبيرا بدأت من جامعة بغداد لأدرس العلوم السياسية ، لكن تعثرت بسبب احوال المعيشة والأوضاع السائدة ،  وفي الخارج بعد ان تخطيت عتبة الـ70 سنة من عمري وأنا في  طريقي الى مرحلة الثمانين  وفي هذه المرحلة لم يكن بمقدوري الجلوس على مقاعد الدراسة فراسلت عدة جامعات التي لها برامج تدرس عن بعد  وفعلاً سجلت في جامعية عربية في هولندا ، وبعد مرحلة قصيرة كانت هنالك إشكالات ادارية فانتقلت الى الجامعة المفتوحة لشمال امريكا ، وسعيت وتعبت وأنا في هذه المرحلة من العمر ولم اكن انوي الأعلان عن ذلك في وسائل الأعلام ، لأن الموضوع كان شخصي بحت في التحدي مع نفسي لا اكثر ، ولكن بعضهم بهدف شخصي واسلوب التسقيط الهابط  قال احدهم انه سوف تنزل الكوارث على شعبنا المسيحي بسبب حبيب تومي لحصوله على الشهادة بهذه الطريقة ، والغريب ان وراء حصولي كان ايضاً من ابناء شعبنا ممن حصل شهادات مماثلة بطريقة الدراسة عن بعد ، ولكن صاحبنا الحريص جداً على مصلحة  شعبنا لم يتفوه بحرف واحد بل كان من المهنئين ، وهكذا كانت المسألة شخصنة مقيتة وعملية تسقيط شخصي لا اكثر .
 انا لا اتبجح بتحصيلي العلمي او بعملي السياسي ، انا تركت العمل السياسي في الحزب الشيوعي قبل حوالي خمسين سنة وانا رجل مستقل كل هذه المدة ال اليوم ومع ذلك لم انكر تلك السنين القليلة في الحزب الشيوعي ،فأنا لم اكن في قوات الأمن او المخابرات لكي اخجل ذلك الماضي . كما اني لم ابحث عن اي منصب في اقليم كوردستان او غيرها  ، إن ما اكتبه باعتقادي هو لخير الناس ، فانا ما اكتبه يتحمل الخطأ ويتحمل الصواب ، ولكن ما اكتبه هو ان ضميري مرتاح وهذا هو المهم .
 لدي ثلاثة كتب مطبوعة  وهي :
1ـ كتاب القوش دراسة انثروبولجية اجتاعية ثقافية يقع في ( 400) صفحة وقد راجعة كل من الأستاذ بنيامين حداد والأستاذ نوئيل شكوانا ، ووافقت على طبعه وزارة الثقافة والأعلام قبل سقوط النظام ،وطبع بمطبعة الديوان في بغداد عام 2003 .
2 ـ كتاب (معجم الألفاظ المحكية المشتركة ) بين العربية والكردية والفارسية والتركية والآرامية بلهجاتها السريانية والكلدانية والآشورية ، ولغة القوش المحكية نموذجاً .
 الكتاب يقع في (476 ) صفحة ، طبع من قبل دار آراز للطباعة والنشر سنة 2011 اربيل .
3 ـ كتاب ( البارزاني مصطفى قائد من هذا العصر ) ويقع في ( 768) صفحة قدم له الأستاذ المرحوم فلك الدين كاكائي ، وفي اللغة الأنكليزية قدمه الأستاذ طاهر شوشي، وفيه فصل عن مساهمتي ورفاقي في ثورة ايلول التحررية ، وطبع من قبل دار آراز للطباعة والنشر في اربيل سنة 2012 .
ولدي مئات المقالات منشورة في الموقع الألكنرونية ومنها منشور ببعض الصحف . ارجو ان اكمل مشواري مع اشتغالاتي في بعض الكتب التي وضعتها ببرنامجي لإكمالها في ما تبقى من العمر .
انا لا أتباهى بعملي انا إنسان بسيط وأحب كل الناس وليس لدي اعداء في حياتي ، انا معجب بقول ارسطو حينما يقول : انا اعترف بأنني لا اعرف شيئا .
اجل الإنسان يبقى يتعلم الى آخر يوم في حياته .
الأخ شبيرا اقول صراحة بأن مقالك كان بعيداً عن الكياسة الأدبية وفيه الكثير من محطات التشفي وبعد ذلك كثير من مظاهر التفكير الأديولوجي المتسم باحتكار الحقيقة ، وأنا اقول إن تمسكي بالحوار الحضاري الراقي بين المثقفين من المتعلمين والدارسين او من الذين يتمسكون بأبسط ا قواعد الأحترام المتبادل  ، فسوف لا ابدأ مقالي بالتاجر المفلس كما بدأت مقالك ولا بمثلك في ان الطيور على اشكالها تقع كما ختمت مقالك ، بل سوف اقول لك يا ابرم شبيرا دمت بخير صديقاً واخاً عزيزاً .
د. حبيب تومي / اوسلو في 06 / 02 / 2015

2
ما هي الرسالة التي اراد الرؤساء الثلاثة تمريرها للبطريرك الكلداني بمغادرتهم قاعة مؤتمر الأديان قبل كلمته؟
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
ملاحظة ذكية اشار اليها الزميلين سيزار ميخا هرمز في مقاله المعنون : خروج العراق من كأس أسيا بالمركز الرابع .. وخروج الرئاسات الثلاثة قبل كلمة البطريرك ساكو حسب الرابط :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,771607.0.html
ومقال الزميل زيد ميشو المعنون :غبطة أبينا البطريرك... الكثير لا يفقهون وحسب الرابط :
 http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,771649.0.html
وكلاهما يشيران الى حالة واحدة وهي خروج الرؤساء الثلاثة قبل بدء البطريرك الكاثوليكي الكلداني بإلقاء كلمته .
إن اي مراقب او محلل سياسي سوف يستنتج بأن المسألة مقصودة ومدبرة ، فليس من المعقول ان تكون الشخصيات الثلاث مرتبطة بوقت واحد بمواعيد مسبقة وهم السادة رئيس الجهورية الأستاذ فؤاد معصوم ، ورئيس الوزراء الأستاذ حيدر العبادي  ورئيس مجلس النواب الأستاذ سليم الجبوري ، فاحتمال خروجهم كاحتجاج على موقف معين ، وارد وغير مستبعد .
لقد كان مؤتمر الوئام بين الأديان  الذي نظمته مؤسسة الحكيم الدولية  من المؤتمرات المهمة إذ شهد المؤتمر  حضور الرؤساء الثلاثة في القيادة العليا العراقية بالأضافة الى عدد من الوزراء وعلماء الدين من مختلف الملل والنحل العراقية .
الرؤساء الثلاثة هم المعنيين اكثر من غيرهم عن مصير ابناء العراق بكل اطيافهم في المقدمة هم مسؤولين عن المسلمين من سنة وشيعة على السواء ، وبعد ذلك هم مسؤولون قانونياً وأدبياً وأخلاقياً عن مصير المكونات الصغيرة وبشكل خاص المكونات الدينية اللاإسلامية التي يطالها مختلف انواع العنف ، بحيث وصل الغلو ال حد اسر وسبي نساء هذه المكونات وبيعها في سوق النخاسة في مدينة الموصل العراقية ، وبعد ذلك يجري الأستيلاء  على بيوتها وممتلكاتها ، وتباع الأثاث والأمتعة المنهوبة من بيوت المسيحيين التي جرى الأستيلاء عليها في سوق الموصل فقد افتتحت عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية  سوق خاص باغراض منازل المسيحيين اضافة لمحتويات الكنائس المصادرة وقد اطلق على السوق المفتتح مؤخرا سوق (غنائم النصارى) . راجع الرابط ادناه :
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=771535.0
من المؤكد ان البطريرك الكلداني كان يتطرق الى هذه الحالة التي وصلت اليها احوال المسيحيين والمكونات الدينية الأخرى فالرؤساء الثلاثة لا يريدون سماع مثل هذه الأخبار فآثروا مغادرة القاعة بدلاً من سماع تلك الأخبار .
لقد استهل البطريرك الكلداني كلمته بتأسفه على خروج الرؤساء الثلاثة :
في البداية أود ان أعرب عن عتبي على الرؤساء الثلاثة الذين انتظرناهم ساعة، فجاءوا واسمعونا ما يريدون وخرجوا من دون ان يسمعوا ما نريد. هذا مؤسف حقا.

 
اماكن المنسحبين خالية
هنا يطفو على السطح تساؤلات : هل كان ضيق الوقت ؟ وبهذه الحالة لا يمكن لثلاثتهم ان يكون نفس المواعيد كان لا بد ان يمكث احدهم على الأقل لسماع ما يقال ، لماذا هم قالوا كلمتهم ولم يسمعوا الى كلمة ألاخرين ؟ ان جوهر دولة القانون ان تسري القوانين والأنظمة على المواطن العادي وعلى رئيس الجمهورية وبقية المسؤولين .
ورأي آخر يقول ان خروجهم بحسب قناعتهم ان مقررات وتوصيات المؤتمر عبارة عن حبر على ورق  وليس لها تأثير على الواقع ، ولماذا يصرفون من وقتهم الثمين على سماع كلمات لا تحمل اهمية في سير الأحداث فالمغادرة افضل .
ولكن برأيي المتواضع ان المغادرة الجماعية للرؤساء الثلاثة في وقت واحد وقبيل مباشرة البطريرك الكلداني لكلمته ، كانت بمثابة وقفة احتجاج على تصريحات غبطة البطريرك في بعض المناسبات السابقة ، حيث ان غبطة البطريرك لا يجامل احداً إذ يشير الى مواضع الخلل مباشرة ودون مجاملة من خلال كلمته التي القاها في المؤتمر الذي نظمه المركز العراقي لادارة التنوع
 في احدى المناسبات يقول البطريرك الكلداني :(ICDM(
 (ان  التهديد الاكبر ليس ارهاب داعش وغيرها فحسب، بل هو منظرو هذا الفكر التكفيري ودعاتُه ومروّجوه. وكذلك بعض القوى المتنافسة على السلطة  التي توظفّ الدين.  .
 ربما مثل هذا الكلام المباشر الصائب لا يوافق عليه بعض الساسة او رجال الدين .
كما ان للبطريرك ساكو كان قد زار في 9 / 1 السفارة الفرنسية ببغداد لتقديم تعازي الكنيسة الكلدانية  على الاحداث الارهابية التي راح ضحيتها 12 شخصا وعددا من الجرحى، واعرب عن تضامن الكنيسة مع الشعب الفرنسي وعائلات الضحايا.
في مساء الثلاثاء 13/1 قام بزيارة البطريركية الكلدانية امين عام منظمة التعاون الإسلامي السيد أياد أمين مدني ، وفي الوقت  الذي أكد البطريرك ساكو على ضرورة الركون إلى السلام وتخليص الخطاب الديني من كل تطرف، وخصوصا تنقية المناهج الدينية فهي التي تربي الاجيال وترسم المستقبل . في مقابل ذلك أشار السيد أياد أمين مدني إلى ضرورة أن يفهم الغربيون خطورة الاساءة إلى الرموز الدينية، فكما أن لديهم خطوطاً حمراء، لدى المقابل أيضا الشيء عينه .
قد يكون ما يطرحه غبطة البطريرك من حلول جذرية لمكافحة الأرهاب ، فالعنف والأرهاب لم تكون بدايته بقدوم داعش ، فالعمليات الإرهابية ضد المسيحيين كانت قبل داعش وبعدها ، فالدولة العراقية لم يكن لها اي دور في ايقاف هذا الأرهاب بسبب الأختلاف الديني ، وإن خطاب البطريرك ، لا يجامل اي مسؤول ، وهكذا كانت مغادرة المسؤولين قبل بداية غبطته في إلقاء كلمته ، وبتصوري كانت مغادرتهم للقاعة خارج نطاق المألوف في هذه المواقف . إن غبطة البطريرك يمثل الشعب الكلداني الأصيل والمسيحيين في العراق بشكل عام وكان يتعين على المسؤولين في الدولة ان يسمعوا على ما يقوله بصدد هموم شعبه  ، فحضورهم كان كان لإسماع الآخرين رأيهم ، وكان يجدر بهم البقاء لسماع رأي ألآخرين .
إن احتمال ان يكون خروجهم لتمرير رسالة احتجاج على موقف البطريرك وارد واتمنى ان اكون مخطئاً في تقديري .
د. حبيب تومي / اوسلو في 02 / 02 / 2015

3
الحملة الإعلامية ضد المطران سرهد جمو وتعقيب على عنوان مقال ليون برخو
        ج3 وهو الأخير                                                                     
بقلم: د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
الجزء الثالث من المقال ينطوي على ما يسطره الأخ ليون برخو ، وكان آخر مقاله تحت عنوان مثير للجدل وهو : المطران سرهد جمو يهدم بيته على رأسه ورأس اصحابه ، باعتقادي ان الصحيح لغوياً ( على رأسه ورؤوس اصحابه ) ، ومسالة الرأس والرؤوس سنعود اليه في فقرة لاحقة من هذا المقال .
المقال الذي اجتذب الاف القراء لغرابة عنوانه لم يكن إلا مقالاً غايته الإثارة وجلب القراء لا اكثر ، وهو على هذا الرابط :
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=762635.0
يقول في فقرة :
.. وأين صارت النهضة الكلدانية التي نادى بها؟ الم يحولها الى عداء وفرقة بين الكلدان انفسهم؟
أقول :
ان مؤتمر النهضة الكلدانية يعتبر اول مؤتمر كلداني كان يهدف مناصرة الفكر القومي الكلداني وتحريك العمل القومي والسياسي والأجتماعي والثقافي  الكلداني بهدف تعزيز المشاعر القومية لدى شعبنا وكان برعاية المطران الجليل سرهد جمو . وباعتباره المؤتمر الأول يرى بعضهم انه شابه بعض الأخطاء ، وهذا شئ طبيعي ، فإن من لا يعمل لا يخطأ ، وهكذا في المؤتمر اللاحق في ديترويت والذي كان برعاية المنبر الديمقراطي الموحد ، كان اكثر شمولاً ويمكن اعتباره خطوة مكملة او ثانية نحو الأمام وبالأستفادة من اخطاء الماضي ، فالقضية الكلدانية لم تمت وهي باقية ، فنحن في بداية الطريق ، ونتأمل في الأجيال اللاحقة ان تكمل المسيرة .
يقول الأخ ليون برخو :
منذ اليوم الذي سمعته وهو يتحدث ومعه القس الذي في معيته في مدينتنا في مؤتمر لنهضتهم  قلت إن القائمين على النهضة لا علاقة لهم بالكلدان ولا بقضيتهم وهمهم تبجيل انفسهم على حساب اقرب المقربين إليهم ومنهم القوميون الكلدان الذين ظهر كم كانوا مخطئين في تشبثهم به كرمز لنهضتهم ووضع كل بيضهم في سلته.
لقد كان السيد برخو حاضراً الأجتماع في مقر نادي بابل الكلداني في يونشوبنك ، وقبيل بداية الفترة المخصصة لطرح الأسئلة والنقاش ، خرج السيد برخو ، وأنا في الحقيقة لم اعرف الرجل الذي خرج ، وبعد هنيهة اخبرني احدهم انه الرجل الذي خرج هو ليون برخو ولو عرفته لأوقفته وسلمت وتعرفت عليه مباشرة ، ولا ادري سبب خروجه ، لكن في اليوم التالي كتب مقالاً عن الجلسة ، وكان يجب ان يطرح ما طرحه في مقاله عبر النقاش المباشر وقبل ان يكتب ما كتبه لاحقاً .
إذا كان المطران سرهد جمو يقوم بواجباته الدينية على اكمل وجه وله انجازاته الكنيسية والثقافية ، فهل يمكن اعتبار اعتزازه وافتخاره بهويته القومية على انها خطيئة مميتة ؟
فيما اورده السيد ليون برخو في بقية المقال حول الطقس الكنسي واللغة لست مهتماً بمناقشته لأن ذلك لا يدخل في اختصاصي ، وفي الحقيقة اردت مناقشة العنوان المثير للمقال فقط .
رأس ورأس
يكتب الأخ برخو مقالاً تحت عنوان : المطران سرهد جمو يهدم بيته على رأسه ورأس اصحابه
ويكتب مقال آخر يقول في عنوانه : الشيخ عوض القرني : اقبل رأسك
يقول في مقاله هذا : قد يتساءل قرائي الكرام ما الأمر الذي يدفع الكاتب إلى توجيه شكر وتقدير إلى داعية إسلامي بهذا الشكل؟.. تقبيل الرأس إشارة العرفان بالجميل. والمرء في البلاد العربية يقبل رأس والديه.
وقد يتساءل القراء هل يعني الكاتب ما يقول؟ أي لو التقى الكاتب الشيخ القرني في مؤتمر علمي يحضره كبار أساتذة السويد، فهل سيقبّل رأسه، ولماذا؟
نعم. لو صادف وأن التقيت الشيخ الفاضل هذا لقبلته على رأسه في أي مكان في الدنيا. ..
للمزيد افتح الرابط ادناه :
http://www.aleqt.com/2011/11/04/article_595822.html
وأتساءل لماذا تقبل بهدم بيت المطران على رأسه ورؤوس اصحابه ، بينما تقبّل رأس الشيخ عوض القرني ، وهذا الموقف دفع برجل الدين السعودي عوض القرني ان يشكره ففي صحيفة الأقتصادية السعودية نقرأ :
ليون برخو يشيد بالإسلام والقرني يشكره .
الدكتور ليون برخو الذي تقول عنه الصحف النصرانية أنه "متطرف له اجندة لقلب الحقائق التاريخية، القومية والطائفية وتزويرها. وله اسلوب ماكر فهو يضرب من اسفل الجدار"، بسبب مواقفه المتشددة تجاه بعض مذاهب المسيحية، يشيد بدور الإسلام في التجارة والصيرفة الحديثة، ويقر بفضائل الإسلام التي جعلت الإقتصاد الإسلامي يدرس في جميع كليات الإقتصاد في العالم كثاني أهم مادة اقتصادية.
يقول برخو في أحد مقالاته علي موقع الإقتصادية السعودية "قد لا يصدقنا البعض عندما نقول إن الإسلام في حقيقته لا يقبل الكثير مما نلاحظه من سلبيات في الدول والمجتمعات التي تدين به، وأكثر ما يعارض الإسلام كفكر ونعمة للبشرية هو العنف غير المبرر ضد الآخرين المختلفين عنه فكريا ومذهبيا وطائفيا ودينيا.
حسب الرابط : http://www.masress.com/moheet/253202
الجدير بالذكر ان الشيخ عوض القرني رجل الدين السعودي  يعد أحد أبرز الدعاة الإسلاميين السعوديين وقد أسلم على يديه رئيس الاتحاد العالمي للبرمجة اللغوية العصبية، الدكتور وايت ود سمول، وأعلن اعتناقه الإسلام.
الشماس ليون برخو يوظف قلمه لخطابين : الأول كيل المديح للدين الإسلامي وإبرازه كدين متسامح ومنفتح على قبول الآخر . والثاني هو النيل من الكنيسة الكاثوليكية وهي ام المصائب في التاريخ ولها وجه استعماري . في نفس السياق  يكيل التهم للكنيسة الكلدانية باعتبارها تابعة لكنيسة روما وفي هذا السياق ايضاً لا ينسى السيد برخو ان يصب جام غضبه على القوميين الكلدان ( الأنفصاليين) ، إنه شديد في احكامه لا يتساهل مع ابناء شعبه من المسيحيين الكاثوليك الكلدان لا سيما من يحملون بذرة القومية الكلدانية في خطابهم .
ومقابل ذلك يبدو الشماس برخو  في غاية المرونة واللطافة والمسامحة والمجاملة مع الأخ المسلم ، بل لا يرد حتى على الإساءات  التي تلحق به ، فمثلاً احدهم يصفه بالكويتب إذ يكتب :
.. وبشكل عام، فإن من يتابع مقالات كويتب صحيفة الاقتصادية السعودية، المدعو “ليون برخو .. حسب الرابط ادناه :
 https://deedat.wordpress.com/2010/01/02/leon02/
إن السيد برخو لا يرد على الكاتب بحرف واحد بينما يصول ويجول في مواقعنا وكأنه وحده يمثل الحقيقة ورأيه هو الراجح ، وقد ذهب احد الأخوة وهو اخيقار يوخنا بأن يرشحه كشخصية 2014 ، وباعتقادي ان الأخ احيقار يوخنا يرشح الأخ برخو بسبب اتفاقه معه في معاداته الدائمة للكنيسة الكاثوليكية في روما والكنيسة الكلدانية والقوميين الكلدان وهذا ما يوافق طموحات وأهداف السيد اخيقار يوخنا في حياته ولهذه الأسباب كان ترشيحه .
سوف اضع نفسي محاوراً ، مع رجل ، لا اقول انه مسلم بل رجلاً يدافع بشكل مستمر عن الدين الإسلامي ، وهنا احيط الأخ برخو علماً بأني لست ضد الدين الإسلامي او ضد المسلمين فلنا علاقات اجتماعية عائلية ، ولدينا اصدقاء اوفياء من المسلمين إن كان في الدراسة او العمل ، وهناك مليار مسلم لا يمكن ان اكون ضدهم . فأرجو ان لا تضعني بكفة معاداة الإسلام . خاصة وانك تدعي في صحيفة الأقتصادية على الأقل بأنك محارب من قبل المسيحيين لأفكارك النيرة وفي مواقفك ، فلا يوجد من يحاربك فأنت حر فيما يسطره قلمك .
الشماس المسيحي الكاثوليكي الكلداني الاخ ليون برخو يعتبر الغرب مجرد حالة امبريالية استعمارية لمساعدة الصهيونية العالمية ولظلم الاسلام المتسامح ، كل كتابات ليون برخو تسير بهذا الأتجاه ، إن كل ما يصدر عن الإسلام اليوم هو خروج عن روح الأسلام الصافية ، وبعض الأقتباسات مما يكتبه توضح زعمي هذا .
ليون برخو المسيحي المتمسك باللغة وهو مهموم على المسلمين إذ يتساءل في مقال له تحت عنوان : كيف نواجه الخطاب المعادي للإسلام؟
حسب الرباط : http://www.aleqt.com/2009/10/30/article_294602.html
ولم نقرأ للشماس برخو مقالاً يقول : كيف نواجه الخطاب المعادي للمسيحيين وهم في وطنهم وفي عقر دارهم ، إنه يخاف على الأخوة المسلمين في الغرب الذين لهم حقوق افضل من حقوقهم في بلدانهم الإسلامية .
في مقال آخر يقول الشماس برخو :
الإسلام والإعلام.. العرب والمسلمون استنبطوا خطابا اعتذاريا يضعهم في قفص الاتهام رغم براءتهم . وادناه رابط المقال :
http://www.aleqt.com/2010/01/29/article_341237.html
وفي فقرة يقول : والمسلمون الذين يعيشون في المجتمعات الغربية في وضع لا يحسد عليه.. الخ 
وهل كلامك صحيح يا سيد برخو لو كان الأمر كذلك لماذا يتزاحم المسلمون امام سفارت الدول الغربية المسيحية ، وهل تقبل الدول المسلمة اللاجئين إن كان لجوء سياسي او انساني ؟ وماذا عن مصير المسيحيين في الدول الإسلامية ، هذه دول عربية اسلامية معتدلة الخطاب ولا اتكلم عن الخطاب المتشدد لمنظمات القاعدة او داعش او بوكو حرام او جبهة النصرة او .. او .. لماذا يهاجر المسيحيين من بلدانهم وهم السكان الأصليين ، لماذا يهاجرون او يهجرون وهم تحت اي شريعة وتحت احكام ومواد اي دستور ؟ ( ايتو بليما ومحكي عدولا)
يقول ليون برخو : في مقاله المعنون : من يقود بوصلة النص الديني؟
حسب الرباط ادناه :
http://www.aleqt.com/2010/06/25/article_411253.html
ويقول في متن المقال :
 القرآن هو حصتنا في هذه الأرض، منحه الله لنا من خلال رسوله، فبأي حق يأخذه الآخرون منا. كل واحد منا يملك القرآن برمته، لأنه يمثل الرحمة الإلهية. كل مؤمن بهذا الكتاب يملكه.
ويستطرد برخو :
 أنا أستغرب كيف يتنازل الناس عن أغلى وأعظم وأقدس شيء يملكونه في هذه الدنيا للآخرين ولا يتنازلون عن مقتنيات شخصية قد يأكلها العث وتعبث بها عوادي الزمن. عندما نقبل أن يقرأ الآخرون لنا القرآن أرى ذلك - من وجهة نظري المتواضعة - أننا نمنحهم حصتنا في هذه المعجزة وندير ظهورنا لما كنا سنكتشفه لأنفسنا من أمور أعظم شأنا وأكثر استجابة لمتطلباتنا في الدنيا والآخرة لو اعتمدنا على ما منحنا إياه الله سبحانه وتعالى من مقدرة عقلية على التمييز والقراءة والتفسير ولا سيما في عصرنا هذا. كلنا نقول إننا سنأخذ بما يوافق القرآن ونتنحى عما يعارض كتاب الله. هذا قول صحيح لا غبار عليه. القرآن نص مقدس ويجرم من يحاول العبث بالنص. النص أتى ليبقى بقاء الكون. لكننا قلما نشعر أننا بالتشبث بقراءة مستقاة من آليات سلطوية ومعرفية نغير بوصلة النص لأغراض محددة وأننا بذلك نجرم بحق النص مثل الذي يحاول تحريفه. النص الديني المنزل هو بمثابة الكعبة التي نصوب بصرنا نحوها، والله منحنا العقل، البوصلة التي بإمكانها قيادتنا إليها. المشكلة هي أننا لا نثق ببوصلتنا ونمنح القيادة للآخرين. ماذا يحدث عندما نرمي بوصلتنا جانبا ونتبع بوصلة الآخرين في دأبنا للوصول إلى الجهة التي يحددها لنا النص؟
اقول عزيزي الشماس ليون برخو وماذا عن كتابنا الأنجيل المقدس ؟ وحتى المسلمين يحترمون انجيلنا لكن يبدو ان تفاعلك وانسجامك مع قراءاتك قد انساك ان ثمة كتاب اسمه الأنجيل المقدس .
لا اعتقد ان اي شماس او رجل دين مسيحي يقبل بالكلام الذي تقوله فلدينا كتابنا المقدس والأنجيل ونؤمن به والقرآن هو كتاب المسلمين الذين يؤمنون به ونحترمهم ، ولكن نحن المسيحيون لنا كتابنا المقدس  ، فأنت تتكلم كأي مسلم او انك ملكي اكثر من الملك نفسه  .
وفي مقال للسيد برخو وهو يقدم نفسه كأكاديمي وعالم ، وفي مقال تحت عنوان : القراءة قد تختلف.. أما النص المقدس فلا يتبدل تبديلا
حسب الرابط ادناه :
http://www.aleqt.com/2010/07/02/article_414330.html
ويقول في متن المقال :
وشخصيا استفدت كثيرا من هذا العلم، ولا سيما عند قراءتي القرآن، الكتاب الذي إن فاتني يوم ولم أقرأ آيات منه أعد ذلك اليوم غير محسوب من عمري على هذه الأرض. والقرآن نص مكتوب نزل شفويا على رسول اصطفاه الله على سائر البشر كي يبلغ بني قومه به ومن خلالهم سائر الدنيا .
وسؤالي للسيد برخو وماذا عن الأنجيل ؟ هل اهملت امره ولم يعد لك وقت لقراءته ؟
في مقال آخر عناونه : كيف أصبحنا لا نميز بين الجهاد و«الجهادية»
حسب الرابط ادناه :
http://www.aleqt.com/2010/11/12/article_468430.html
يقول الشماس المسيحي الكاثوليكي الكلداني  الاخ ليون برخو:
نظرتي إلى الإسلام تنبع من واقع عشته لعقود طويلة، ومن قراءتي كتابه، ومن اطلاعي على تاريخه. الإسلام دين عظيم، دين يأوي الآخر ويحتضنه، دين الإحسان والتسامح والجهاد في سبيل الخير ومقارعة الظلم والظالمين. هذا الدين العظيم يحتل أوسع مساحة جغرافية على وجه الأرض بالنسبة إلى عدد أتباعه من أي دين آخر، حتى المسيحية التي يبلغ عدد أتباعها نحو ثلاثة مليارات نسمة، أي نحو ضعف عدد المسلمين. هذا الدين صار اليوم هدفا لهجمة شرسة، والدليل وجود جيوش أجنبية جرارة مدججة بأفتك وأحدث أسلحة تقاتل المسلمين في أراضيهم، في فلسطين، وفي العراق، وفي أفغانستان. المسلمون ليس لديهم جندي واحد يقاتل في أراضي غيرهم. هذه حقيقة لا يختلف عليها اثنان.
يا اخي العزيز ليون برخو اسألك : لماذا هربت من وطنك وتركت بيتك وأهلك ، ولماذا هجر المسيحيون مدنهم وبيوتهم في البصرة وبغداد والموصل وبعد ذلك هربوا من تلسقف وباطنايا وتلكيف وبغديدة ، لماذا لم تتحدث لنا عن الأحسان والتسامح وجهاد في سبيل الخير ومقارعة الظلم والظالمين ؟
في مقال له تحت عنوان : هل نسي العرب تسامح دينهم ؟
يقول :
عندما غزا الصليبيون فلسطين بناء على فتوى من واحد من كبار رجالات دينهم واحتلوا القدس، منحوا جنودهم الحرية لثلاثة أيام متتالية قتلوا فيها من الأطفال والنساء والشيوخ من قتلوا وعاثوا فيها فسادا وفتكا.
بعد نحو 200 سنة مكن الله العرب والمسلمين من تحرير مدينتهم المقدسة. وبناء على فتوى من قائدهم حرموا استخدام السلاح بعد دخولهم المدينة، لا بل إنهم سمحوا للصليبيين وقادتهم ورجال دينهم مغادرتها بسلام مع كل مقتنياتهم من الذهب والفضة والمال وغيرها رغم أفعالهم الشنيعة التي اقترفوها بحق العرب من مسلمين ومسيحيين.
حسب الرابط : http://www.aleqt.com/2011/10/28/article_593660.html
سوف اترك هذا المقال بدون تعليق .
المسلمون يرفعون الأذان للصلاة في السويد
حسب الرابط : http://www.aleqt.com/2013/06/14/article_763098.html
يقول برخو :
كنت سعيدا جدا عند سماعي نداء الله أكبر وحي على الفلاح وحي على الصلاة من جامع حي الفتية - حي شعبي غالبيته من المسلمين - أثناء وجودي في استوكهولم الشهر الماضي...
حسناً ايها الشماس يمكنك ان تعود الى بلدك حيث سيرفع الأذان وسوف تكون سعيداً جداً جداً خاصة هذه المرة سوف يرفع من الكنائس والأديرة التي اصبحت من ممتلكات الدولة الإسلامية الذي تقبل التسامح والتعايش وأيواء الآخر ..
ويستمر السيد برخو في نهجه فهو خائف على الأسلام حيث يكتب في الأقتصادية
لا تسمحوا لهم أن يخطفوا الإسلام ونصوصه
حسب الرابط : http://www.assakina.com/news/news1/51004.html
يقول :
الإسلام الذي نعرفه براء من هكذا مجاميع شريرة وهكذا أعمال وممارسات غير إنسانية. العرب والمسلمون عليهم قبل غيرهم محاربة كل من يفسر النصوص على هواه لتحقيق غايات سياسية وغيرها. هذه مهمة أخلاقية وإنسانية وإسلامية أيضا لأن من يشوه سمعة الإسلام بالقول والفعل والساكت عنه وأقواله وأعماله يشارك هذه المجاميع تشويهها للإسلام كفكر نير ونعمة للبشر ..
شكراً لك ايها الشماس لكن هل تتفضل وتشرح لنا هذه الآية ؟
قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بالله وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ الله وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ 29 (التوبة9: 29)
وانت خبير اللغات اكيد تدرك ماذا تعني لفظة (صاغرون) ، ( وأما قوله : ( وهم صاغرون ) ، فإن معناه : وهم أذلاء مقهورون .) ام انت ترى خلاف ذلك .
وباعتقادي فأغرب ما قرأته للشماس برخو هذا المقال فحتى المتزمتون من الكتاب المسلمين لن يبرروا احداث سبتيمبر عام 2001 حيث راح ضحيتها اكثر من 3000 إنسان برئ ، والسيد برخو يجعل من هذه الجريمة بأنها وصمة على على جبين الأمريكان وحلفائهم .
يقول : هل أصبح ما بعد 11 سبتمبر وصمة عار على جبين الأمريكان وحلفائهم؟
ويوم 11 سبتمر 2001 أخرجت أحداث 11 أيلول (سبتمبر) كل الحقد الدفين والضغائن والكره الذي يحمله الغرب للعرب والمسلمين واتخذوا من أحداث أيلول (سبتمبر) ذريعة لإذلال العرب والمسلمين لدرجة أن سعادتهم وغبطتهم تزداد بزيادة التدمير والأذى الذي يلحقونه بهم. والقرآن يحذر من أمثال هؤلاء البشر بأية تجمع وتختصر ما أتى به الفلاسفة من مفاهيم ونظريات لدراسة مكنونات الشر لدى الإنسان: "أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم" (محمد).
للمزيد راجع الرابط ادناه :
http://www.aleqt.com/2011/09/16/article_580953.html
في مقال آخر يتساءل برخو : هل هناك قراءة مقدسة لنص مقدس؟
هذا سؤال مهم، وأهميته ذات دلالات كبيرة ومؤثرة. لماذا؟ لأن البشر يضفون القدسية على أمور كثيرة، وإن كان النص المقدس يرفض ذلك رفضا قاطعا. والقرآن النص المقدس الوحيد الذي لا يقبل لا من قريب ولا من بعيد إضفاء خاصية القدسية الربانية على أي نص خارج الوحي أو على بشر مهما كان شأنه أو مقامه ومن بينهم الرسول الكريم: "وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل" (آل عمران). وعيسى بن مريم، الذي يؤلهه المسيحيون، "قال إني عبد الله أتاني الكتاب وجعلني نبيا" (مريم). وبعض المسيحيين من الكاثوليك مثلا يضفون خاصية القدسية على مريم بنت عمران ويذهبون بعيدا لدرجة الاعتقاد أن ولادتها، كولادة عيسى، كانت بلا دنس.
ويضيف
إن كان أصحاب النصوص المقدسة من المسيحيين واليهود يضفون القداسة على الأشخاص والقراءات، فإن ذلك مرده لأن النصوص التي بين أيديهم قد تمكنهم من ذلك. انظر إلى الهالة "المقدسة" التي يسبغها المسيحيون الكاثوليك على حامل منصب بابا روما في الفاتيكان، مثلا، وكيف أن قراراته وأقواله لها عصمة تفرض قبولها وكأنها منزلة رغم أننا في العقد الثاني من القرن الـ 21.
حسب الرابط : http://www.aleqt.com/2010/08/06/article_426680.html
اخي الشماس إن تحليلك تحليل اسلامي بحت ومن منظور ما جاء في كتاب واحد وهو القرآن الكريم لا غيره من الكتب المقدسة . ومع ذلك نهنئك على هذا الأكتشاف .
اقول :
لا اريد إدراج المزيد والأستفاضة  لكن اقول للشماس الكاثوليكي الكلداني  العزيز ليون برخو  هل قرأت احاديث ابن تيمية وهو شيخ الإسلام واحاديث ابن عثيمين وهل قرأت احكام اهل الذمة لأبن قيم الجوزية ؟ من المؤكد انك قرأتها ، وسؤالي الم تقرأ بها معاني الظلم وإهانة المكانة الأنسانية للآخر والذي يطلق عليه مصطلح الكافر ، وانت تعرف من يقصدون بالكفار اخي الطيب ليون برخو .
 
انا اقدر ظروفك ككاتب في صحيفة سعودية وحضورك لمؤتمرات ومن المؤكد تستلم اجور كتاباتك ، وكل ذلك يخصك ، لكن الذي لا نقبل به ان تجعل من نفسك نموذجاً مثالياً لنا إن كان في الأمور الكنسية او في الأمور القومية وحتى في الأمور اللغوية ، وتمسك بيدك عصا وتسلطها على من لا يوافق طروحاتك  فتدعو علينا بتهديم بيتنا على رؤوسنا ، لأننا لا نقبل بآرائك .
وأخيراً اقول : ربما يكون مناسباً  اخي ليون برخو ان تسأل في المؤتمرات التي تحضرها كم من الجوامع بنيت في اوروبا المسيحية ؟ وكم كنيسة بنيت في الدول الإسلامية ؟  ولماذا لا يوجد كنيسة واحدة في السعودية رغم وجود مليون ونصف مسيحي ؟ ولماذا يعتبر اقتناء كتاب الأنجيل جريمة في هذه الدول . ولماذا يبشر المسلمون بدينهم في اوروبا بكل حرية بينما لا يستطيع المسيحي مزاولة طقوسه الدينية ( ناهيك عن التبشير ) بالدول الإسلامية ؟ والأسئلة موجهة لك ايضاً .
ودمت بخير
د. حبيب تومي / اوسلو في 28 / 01 / 2015





4
هل ساهمت زوعا بتفريق صفوف شعبنا ؟
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
في الحقيقة انا شخصياً لا احبذ الكتابة بهكذا مواضيع ، حيث لم نستفيد منها سوى التفرقة وخلق خصومات نحن في غنى عنها ، لكن يبدو ان الأخوة مصرين على الأستمرار بنفس النهج ، وهذا المقال بمثابة الرد على الأخ يوسف شكوانا ، فيبدو انه مكلف بالرد على ما يكتبه حبيب تومي او هو متطوع للرد حيثما يكون المقال يخص زوعا ، وليس لنا اعتراض على ذلك فهذا امر يخصه إن كان بتكليف من حزبه او بتطوعه شخصياً فحرية التعبير يجب ان تكون من حصة الجميع  .
 الأخ شكوانا يقول : لا يوجد نص في النظام الداخلي الذي يعكس الجانب الشوفيني للحركة . وسوف احاول في هذا المقال ان اقتبس من ادبيات الحركة الديمقراطية الآشورية ما يخص تركيزها على اعلاء الشأن الآشوري وتبخيس التسميات الأخرى ( الكلدانية والسريانية )  ولا احسب نفسي ملزم في المستقبل للرد على ما يكتبه السيد شكوانا او غيره ، فالكاتب له رأيه يسطره في مقاله والقارئ له رؤيته يسطرها في اعتراضه او مداخلته على المقال ، وفي حالة عدم تطابق الآراء فكل جانب يحتفظ برأيه ، وهذا معناه التعددية الفكرية على ان لا تنسحب الى تخوم الإساءة او العنف اللفظي او اليدوي .
الحركة الديمقراطية الآشورية حزب سياسي قومي آشوري ، اتخذ اسم الحركة على اعتبار انه كان حركة مسلحة الى جانب الثورة الكوردية  ، ولكن بعد 2003 كانت مظاهر الحزب السياسي اكثر وضوحاً بجهة افتتاحه مقرات سياسية في بغداد وبعض المدن ومنها المدن  المسيحية ، وعلى اعتبار انه حزب سياسي يعمل في الساحة العراقية  هنالك من يرضى بمسيرته ، وآخرين لهم اعتراض او نقد على بعض مواقفه ، وهذا حال اي حزب سياسي او قومي يعمل في الساحة ، ولكن يبدو ان الزوعا لا يقبل اي نقد او اعتراض على مسيرته وعلى مواقفه ، فهو الوحيد الذي يدافع بأمانه عن وحدة شعبنا ، وكل من يجادله او يعترض او يوجه نقد له  فهو ضد مصلحة شعبنا وهو انفصالي وهو عدو ، لا بل هو خائن ، كل ذلك لأنه لا يؤيد كل مواقف الزوعا كما يريدها الأخوة الموالين للزوعا .
إذا حللنا وضع الحركة فإنهم يسعون الى تشكيل البنية التنظيمية بالأستناد الى تمتين البنية العسكرية والسياسية والفكرية التي تدور حول المحور الفكر القومي الآشوري حصرياً ، لكن الحركة اخفقت في الجانب العسكري لتتحول الى حزب سياسي يعمل لخدمة الجانب القومي الأحتوائي هدفه تبخيس الجانب القومي للسريان والكلدان الذي يمثلون غالبية مسيحيي العراق . وهكذا دأبت  الحركة الديمقراطية الاشورية تستند على فكرة احادية لا مجال لوجود مفهوم المعارضة او حتى الحياد فهي لا ترى في العالم سوى ذاتها ، وتفسر الآخرين على رؤيتها الخاصة للامور والمواقف . وبذلك تلتقي مع الفكر الأديولوجي الأقصائي بحق الآخر .
ان تاريخ الحركة ( زوعا ) حينما كانت مسلحة في الجبل لم تترك بصماتها على اي واقعة او معركة عسكرية اشتهرت بها ، ربما الخمول العسكري كان يلفها ، فما هو معروف لمن يحمل السلاح ضمن ثورة شعبية يترتب ان يكون له افعال ومواقف عسكرية منظورة ، يشتهر من خلالها   فنحن حينما كنا في الجبل برفقة المرحومين هرمز ملك جكو وتوما توماس في قاطع بهدينان التابع لحسو ميرخان ، كان لنا معارك واضحة مسجلة بالتاريخ والنتائج إما لوحدنا او الى جانب قوات البيشمركة .
ما بعد 2003
 إن كانت الحركة الديمقراطية الآشورية متقوقعة في الجانب العسكري فإنها تفوقت في المجال السياسي بعد سقوط النظام في 2003 ، لكن المؤسف إن نشاطها السياسي وتبشيرها بالفكر القومي ارتكز بنشاط دؤوب لفرض التسمية الاشورية على شعبنا الكلداني ، فبدأت تزرع الشكوك في تسميته وكرست جل نشاطها في تثبيت الأسم الآشوري كأسم قومي شامل لكل المسيحيين في العراق والأسماء الأخرى ( الكلداني والسرياني ) مجرد اسماء مذهبية كنسية تابعة للقومية الآشورية ، وجرى ترويج هذه الفكرة الأقصائية لهدف نبيل هو ( وحدة شعبنا ) . وكل من يعترض عليها هو انفصالي لا يريد وحدة شعبنا ( كذا ) .
في عام 1933 حينما لجأ الى القوش لفيف من الأخوة الآثوريين ، كانت ثمة رابطة مسيحية دينية ، ولم يجادل اهل القوش او الأخوة الآثوريين بموضوع التسمية ، فالكلداني هو كلداني والآثوري هو اثوري ولكن ثمة تعاون عميق يصل الى حد التضحية بالنفس من اجل ذلك التعاون ، فالفرمان الفاشي كان يقضي بإبادة الآثوريين وهكذا طلبت الحكومة والعشائر المتعاونة معها من القوش الكلدانية إخراج العوائل الآثورية ، وإن كانت القوش آثورية كانت ضربت بالسيف لوجود الفرمان بذلك .
المهم لم يكن ثمة اي جدل على الأسم ، كان ثمة تعاون مثمر فحسب ، وهذه الحالة تنطبق على تعاون الفصيلين العسكريين توما توماس الكلداني وهرمز ملك جكو الآثوري ، ولم يكن في يوم من الأيام الى جدل حول التسمية القومية .
الحركة الديمقراطية الآشورية هي التي  خلقت موضوع التسمية وإشكالاتها ، فقد طرحت موضوع القومية الواحدة للمسيحيين وهي القومية الآشورية والدلائل كثيرة ، لا ادري إن كان سيقتنع السيد يوسف شكوانا واعضاء وموالي الزوعا ام لا . وسوف اعتمد على ثلاثة مصادر آشورية : اولاً :منظر الزوعا والفكر الآشوري السيد ابرم شبيرا ورسائل واوراق توما توماس  وثانياً :  النظام الداخلي الذي يشمل المنهاج السياسي وثالثاً : اقتباسات من مكتب التنظيم لزوعا .
اولاً : ـ
نبدأ بالكاتب ابرم شبيرا الذي ينادي (اليوم) بالتسمية القطارية الحزبية ( كلداني سرياني آشوري ) في مقالاته حيث ان هذه التسمية المشوهة طبخت بمطابخ حزبية وفي المقدمة الحركة الديمقراطية الآشورية .

في كراس لأبرم شبيرا عنوانه : الآشوريون في الفكر العراقي المعاصر ، دار الساقي سنة 2001 يستهل الفصل الثاني ص15 بهذه العبارة :
يعد من نافلة القول والإطناب تكرار التأكيد في كون الآشوريون هم ، من الناحية القومية ، تقريباً ، معظم ابناء الطوائف الكلدانية والسريانية والمشرقية " النسطورية " في العراق . فبغنى عن التسمية الآشورية العامة والشاملة لجميع الطوائف ، سواء اتفقنا معها او اختلفنا ... الخ
وعلى نفس السياق في تعظيم الآشورية كقومية وتقزيم الكلدانية كمذهب كنسي يكتب شبيرا ص21 :
إن الحزب الشيوعي تبنى مجاملة وتطييب خاطر الطوائف الآشورية على حساب وحدة تسميتهم القومية بحجة ان تبني مثل هذه التمسية المركبة هو استجابة للواقع الموضوعي لمطالب ابناء الطوائف الآشورية المنتمية الى الحزب الشيوعي ومناصريه ..
ولا ينسى الكاتب شبيرا ان يحرف كل الحقائق من اجل تمشية نظريته الشوفينية في اقصاء الآخر فيقول صفحة 34 :
.. إن الكثير من الآشوريين كان (كانوا) ينتمون او يتعاطفون مع الحزب الشيوعي العراقي ، لا بل وكان بعضهم اعضاء مراكز قيادية ويكفي ان نذكر ان المؤسيين الأوائل له ، أمثال بيتر باسيل ويوسف سلمان يوسف ( فهد) كانوا آشوريين .
ولم يذكر السيد شبيرا هل ان هما من تياري السفلى ام تياري العليا ؟
وفي صفحة 22 ينتقد الكاتب شبيرا مسعود البارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني لخطابه المتلفز سنة 2000 بمناسبة الذكرى 45 لتأسيس الحزب عندما أشار الى حقوق اخواننا التركمان والآشوريين والكلدان ..فقد ( زعل ) الأخ شبيرا لأن الرئيس مسعود البارزاني ذكر الكلدان كقومية عراقية . بينما الكاتب يذكرنا بموقف حزب البعث على لسان مؤسسه ميشيل عفلق حينما يقول : .. ان تشعر الاقليات العنصرية بأنها مهددة بوجودها امام مثل هذه القومية لذلك كان هناك رد فعل على القومية المتعصبة من الاكراد والآشوريين والأرمن ..
إن الفكر الشوفيني كان مع فكر الزوعا منذ تبنت الفكر الأقصائي للاخرين ( الكلدان والسريان ) وجعلتهم طوائف مسيحية تاربعةللقومية الآشورية ، لقد سبب مثل هذا الفكر الغريب  ضرراً كبيراً في مسالة العلاقة الأخوية بين ابناء شعبنا المسيحي بسبب فرض الاشورية على الكلدان والسريان دون رضاهم ، وقد كانت ردة فعل من شخصيات مهمة وفي مقدمتها المناضل المرحوم توما توماس الذي اراد تبني علاقات اخوية شفافة مع الزوعا وغيرها حيث يكتب توما توماس في اوراقه ورسائله يقول :
يقول المرحوم توما توماس الشخصية العراقية المعروفة :
إن من هم كلدان لا يمكن تبديلهم بجرة قلم الى آشوريين كما يحلو للاخوة الآشوريين ذلك ، إنه تعقيد العمل القومي والوحدة وإنه امال البعض بإحداث الأنقلاب في التاريخ
نعم ان الكاتب شبيرا وغيره يريدون احداث انقلاب في التاريخ .

ثانياً : ـ المنهاج السياسي للزوعا
إن هذه الرؤية من قبل ألأحزاب القومية وبالأساس من قبل الزوعا ، قد خلق واقع الجدل ، الذي بدا وكأنه الجدل البيزنطي ، وقبل نظرية زوعا في التسمية كان كل طرف يعرف اسمه ولا يحتاج الى تنظير .
 في اوائل السبعينات اصدر مجلس قيادة الثورة العراقي بلائحة حقوق سماها حقوق الناطقين بالسريانية من الكلدان والسريان والآثوريين ، ولم يعارض هذا القرار اي طرف لأن الفكر الأقصائي لم يكن مستفحلاً بين ابناء الشعب المسيحي الواحد ، فكل يعرف تاريخه واسمه وقوميته ويحترم رؤية الآخر دون اقصاء او تنظير او تدخل في شؤون الآخرين ، لكن النقاش حول التسمية كان من اختراع الزوعا تحديداً ، فهل كان قبل زوعا مثل هذا الجدل ؟
 كلا لم نسمع بهكذا جدل قبل الزوعا ، ربما كان اختلاف او جدل كنسي بين عامة الناس على سبيل المثال في عام 1933 وقت لجوء الآثوريون كان بعظهم يردد ان الألاقشة ارادوا منهم ان يصبحوا ( بابايي) اي كاثوليك ، وغير هذا الحديث لم نسمع شيئاً عن القومية وما هو الأسم القومي ؟ وما هي تبعاته ؟ فبدأ حزب الزوعا يختزل الأسم القومي بالأسم الاشوري وهذا تجاوز على الحقيقة والتاريخ وهكذا بدأ الجدل حول التسمية والى اليوم ، وهذه بعض المحطات من هذا الفرض .
 مؤتمر الزوعا في شقلاوة سنة 2001 جاء في المادة الثانية : إن حركتنا تنظيم ديمقراطي وطني قومي قائم على اسس ثورية  واتحاد طوعي بين الأفراد يتميزون بنكران ذات وينتمون الى مختلف فئات وطوائف الشعب الآشوري ..
للمزيد يرجى مراجعة المادة الثانية والثالثة والخامسة المستنسخة في الصور المرفقة في نهاية المقال .
ثالثاً :ـ
 لقد اقتبست من كراس مكتب التنظيم للحركة الديمقراطية الآشورية والذي يوضح الجانب الأقصائي للحركة وادناه بعض الفقرات ، لكن قبل ذلك ينبغي ان الزوعا قد بينت بجلاء هويتها الآشورية : باسمها الحركة الديمقراطية الآشورية ، وكذلك فضائيتها المعروفة بقناة آشور ، وكل ذلك لا يهم ، لوم لم تكن للحركة افكار التفوق والتكبر على الأخر والآخر هم الكلدان والسريان .
وفي والنظام الداخلي عن مكتب التنظيم للحركة الديمقراطية الآشورية سنة 2001   
1ـ       
جاء بعد المقدمة ، فقرة عنوانها الحركة الديمقراطية الآشورية ـ تعريف بالأسم وورد ص3 من الكراس :
.. وهذا يتوافق مع الظرف النضالي الذي يمر به شعبنا ( الآشوري ) وواقع الأضطهاد الذي يعيشه ..
2 ـ
في نفس الفقرة ورد : وبعد مناقشة وافية ان تسمية الحزب لتنظيمنا قد تكون ملائمة في ظروف الديمقراطية في الوطن وقيام المؤسسات الدستورية التي تقر بالحقوق المشروعة لشعبنا ( الآشوري ) ..
3 ـ في نفس الفقرة ورد :
.. وما يفرزه هذا الخط الفكري من تقييم الموضوعي اشعبنا ( الآشوري) .. ورد في نفس الفقرة ص6 :
..وهذا يتجلى في شعار حركتنا (( عراق ديمقراطي حر والإقرار بالوجود القومي الآشوري)).
وفي نفس الفقرة ورد ايضاً :
.. وعلى صعيد ساحتنا ( الآشورية ) فإن حركتنا ...
4 ـ وفي ص7 ورد ان اسم الحركة الديمقراطية الآشورية فهي التسمية التي تعبر عن هوية اعضاء التنظيم .. وإن تبني التسمية الآشورية هو لكونها امتداد سياسي دام لأكثر من قرن ونصف من النهضة القومية ..
5 ـ
وفي فقرة عنوانها : لماذا زوعا ؟
ورد  ص7:  .. جاء انبثاق زوعا كضرورة موضوعية تاريخي حتمها التطور الطبيعي للمسألة القومية ( الآشورية ) في الوطن ... ويمكن الإحاطة بموضوعة التاريخ (  الاشوري) المعاصر من خلال ...مقدمة وثيقة المنهاج السياسي ...بالإضافة الى مصادر وبحوث تحتويها المكتبة الآشورية .
6 ـ

ورد ص 12 في فقرة وطنياً :
.. من الإمعان في إنكار الوجود القومي ( الآشوري ) ... وغموض المسألة ( الآشورية ) لدى شرائح واسعة من فئات الشعب العراقي ــــ اشرت على ذلك في الفقرة اولاً  بالأقتباس من كتاب ابرم شبيرا :  الاشوريون في الفكر العراقي المعاصر ..
.. لقد توصلنا الى استبيان صورة حقيقية ولكنها مريرة ومؤلمة لحال الشعب ( الآشوري ) ..
7 ـ
تميز نهج زوعا بما يلي ص13 :
الأعتماد الكامل على الجماهير( الآشورية) ..
استقلالية الموقف والقرارا للحركة المرتبط دائماً بمصالح الشعب ( الآشوري ) .
إعتبار الأقرار بالوجود القومي (الآشوري) ضرورة حتمية .

شموله على كل فئات الشعب ( الآشوري ) ومذاهبه وتغطية كافة ساحاته جغرافياً .
موضوع بعنوان زوعا واسس نضاله السياسي ص15 وما يليها :
8 ـ
ورد يعتبر العمق التاريخي للوجود ( الآشوري ) كشعب ...ويتجلى ذلك من خلال دور الإنسان ( الآشوري ) في بناء ...إن المحافظة على الوجود القومي ( الآشوري ) ...
9 ـ
ورد فقرة تقول : الأنقسام الكنسي الذي انعكس بشكل مباشر على الجانب القومي وتقسيمه الى مذاهب متعددة ( كلدان ـ سريان ـ نساطرة ) ومن ثم إحلال اسماء هذه المذاهب محل الأسم القومي لشعبنا ..
اقول يا كتاب ومفكري الزوعا ،كيف اخترعتم المذهب الكلداني ومن ثم المذهب السرياني ، ارى من الضروري مراجعة دروسكم  في المذاهب الكنسية .
هناك المزيد المزيد من هذا الفكر في ادبيات الزوعا ولا يمكن اخفائها فالوثائق تتحدث بنفسها .
انا متأكد سوف لا تقتنع حينما اقول ان زوعا هي آشورية ، وطرحها اسم الكلدان والسريان هو ذر الرماد في العيون ، وهي تعتبر الجنس الآشوري جنس متفوق وينبغي على الآخرين الخضوع ، ونحن ( الكلدان ) لا نقبل بهذا الأستخفاف بقوميتنا الكلدانية الأصيلة ، وأنت إن قبلت بذلك  يا اخ يوسف شكوانا ربما بسبب ارتباطك  حزبياً مع الزوعا فنحن لسنا ملتزمين بقبول ذلك ولسنا ملزمين بقبول تنظيرها حول شعبنا الكلداني والسرياني ولا نريد ان تكون الحركة وصياً على مقدراتنا ، نحن نحترم الحركة كحزب سياسي لكن لا نقبل بتنظيراتها القومية الإقصائية .
 اتمنى ان تسود بيننا الشفافية وروح التعاون والأخوة على اسس من التعامل الندي والتفاهم والحوار الديمقراطي الحضاري وليس خلافه .
د. حبيب تومي / اوسلو في 23 / 01 / 2015







 

 
 

5
الحملة الإعلامية ضد المطران سرهد جمو وتعقيب على عنوان مقال ليون برخو الأستفزازي
                                     (ج2)
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com

في البداية احيي الزملاء الذين كانت لهم مداخلات على الجزء الأول من المقال إن كانت هذه التعليقات مؤيدة او معترضة على بعض فقرات المقال ، ولابد من الإشارة للزميل عبدالأحد سليمان بولص في مقاله الموسوم : حوار حول مقالة الأستاذ حبيب تومي عن الحملة الاعلامية ضد المطران سرهد جمّو..
وتعليق الأخ كوركيس اوراها منصور وبقية التعليقات كما احب ان احيي الزميل يوحنا بيداويد لمقاله المعنون : رسالة مفتوحة  الى الاخوين الكاتب حبيب تومي والكاتب عبد الاحد سليمان . وكم كان بودي التعقيب على المقالين ومداخلات الزملاء ، لكن يبدو ان سيف الوقت امضى ولا يرحم وسوف (احاول) الكتابة والتعليقات على اراء الزملاء الواردة في المقالين . فاحترامي وتقديري لهم جميعاً .
في هذا الجزء اعود الى عنوان المقال وأقول :
 ان غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو كان شعاره في البداية ولا زال : الإصالة ، التجدد ، الوحدة ،  في شعار الوحدة خطا البطريرك الكلداني خطوات جريئة نحو الوحدة ، ومن جانب واحد ، مع الكنيسة الآشورية ، ومن هذا المنطلق نرجو ان تكون وحدة الكنيسة الكلدانية وتعزيز البيت الكلداني من ضمن نفس شعار الوحدة ، والبيت الكلداني أولى  بتطبيق هذا الشعار ( الوحدة ) ، من اجل كينونة وديمومة الكنيسة الكلدانية كبنيان متراص . لهذا نرجو ان يرفع غبطة البطريرك شعار مهم وضروري وهو :
 تصفير الخلافات مع ابرشية مار بطرس الكلدانية في امريكا ومع ابنائه وأخوانه من المثقفين الكتاب المهتمين بشان قوميتهم الكلدانية . فثمة خطوات تسوية الإشكالات مع سيادة المطران مار سرهد جمو وسيادة المطران مار باوي سورو ، وإنهاء قضية الكهنة والرهبان . لا يمكن ان نفكر بمنطق الأنتصار والأنكسار والغالب والمغلوب ، وأنا كشخص علماني قرأت كلمات رائعة في الأنجيل المقدس تقول :  وسمعتم انه قيل ، تحب قريبك وتبغض عدوك ، اما انا فأقول لكم ، احبوا اعداءكم ، وباركوا لاعنيكم ، واحسنوا معاملة الذين يبغضونكم ( متي 5 : 43،44 ) ، وينبغي الإشارة هنا ، ان ابنائكم واخوانكم في ابرشية مار بطرس الكلدانية في امريكا  ليسوا اعدائكم بل اخوة لكم .
نحن الكتاب الكلدان وأنا واحد منهم ، حينما نناقش مع البطريركية ونشير الى مواضع الخلل ، حسب رأينا ، يكون ذلك من باب الحرص على مؤسسة البطريركية ، ومن باب الحفاظ على البيت الكلداني ، ولا نريد ان ينظر الى هذا الجدل وكأنه يرمي الى النيل والأنتقام من مؤسسة البطريركية ، بل انا شخصياً انظر اليه وكأنه حوار بين الأبناء والأب بغية التوصل الى افضل السبل للحفاظ على هذا البيت .
نحن نتحاور مع غبطة البطريرك والمطارنة الأجلاء ، حول الأمور الحياتية لشعبنا الكلداني والمسيحيين بشكل عام ، وهذا الحوار هو من باب التفاهم بين النخبة المثقفة من العلمانيين والقيادة الدينية ، ونحن في العشرية الثانية من القرن الواحد والعشرين يتعين علينا التفاهم بالحوار الديمقراطي الحضاري ، ولا يمكن ان يصار الى التعامل معنا بمنطق (القطيع) .
 نعم في الأمور الدينية والكنسية واللاهوتية نقول لرجل الدين سمعة وطاعة ، ولكن بشؤون الحياة الأخرى نتحاور  ونختلف ونتفاهم مع رجل الدين بمحبة وبمنطق الحوار الحضاري للوصول الى ما هو في صالح شعبنا .
لقد قرأنا  توضيحات وبلاغات وبيانات الكنيسة وفيها بعض المصطلحات ، اقل ما نقول عنها بأنها (قاسية ، بل ليست مناسبة ) في مخاطبة الآخر ، وكمثل غير حصري لتلك المصطلحات التي وردت في إعلام البطريركية نكتفي بمصطلح ( القومجية ) فنحن المهتمين بالشأن القومي الكلداني إخوانك وابنائك ولسنا (قومجية)  بل نحن مثقفين قوميين كلدان نفتخر بقوميتنا الكلدانية دون تعصب ، ونحترم الآخرين من كل المكونات الدينية والقومية والأثنية ، وليس لنا مفهوم إلغاء الآخر ، وما كنا نسلك الطريق القومي لو ان شعبنا الكلداني قد نال حقوقه في وطنه ، نحن نعمل من اجل توحيد الصف الكلداني ليكون متراصاً ومسانداً للمكون المسيحي في العراق ومن اجل إعلاء شأن العراق وإحلال السلام في ربوعه ليكون واحة خضراء مزركشة بمختلف المكونات العراقية الجميلة .

غبطة البطريرك إن القوميين الكلدان هم اخوانك وأبنائك ويدافعون عنك وعن الكنيسة وهم مستعدين للتضحية ونكران الذات ، ولكن مع الأسف ثمة من يحاول دق اسفين التفرقة بين البطريركية وأبناء شعبه من النخبة المثقفة المخلصة والحريصة على حقوق شعبنا الكلداني والمسيحيين بشكل عام والمخلصة للكنيسة ولمؤسسة البطريركية الموقرة بالذات ، فيجب ان لا تنطلي تلك المحاولات بل يجب إفشالها  لأنها تعمل على تمزيق لحمة الكنيسة الكلدانية والإيقاع بين البطريركية وأبنائها المخلصين من المثقفين الكلدان .
الموقر غبطة البطريرك
الكاتب مهمته تشخيص مناطق الخلل وتسليط الأضواء عليها ، واستخدام منظومة النقد ، ومسألة السمع والطاعة تتنافى مع فلسفة الأختلاف وتعارض مفهوم القطيع فنتساءل
 اولاً :
ومن باب تشخيص الخلل لا ادري إن كان بمقدورنا ان نسأل عن مصير الفساد المالي في مؤسسة البطريركية الذي اشير اليه في بداية تسنم غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو المسؤولية ، ولم نسمع بعد ذلك عن اي تحقيق او نتائج التحقيق فما هو مصير الفساد المالي ؟ لماذا تراجعت البطريركية بإدراتها الجديدة عن الخوض في غمار هذه المشكلة ؟ هل كان السكوت عنها بمبدأ : عفا الله عما سلف ام ان قدرات الفاسدين اقوى من قدرات الكنيسة ؟
ثانياً :
 ولم يكن ثمة اي توضيح من الكنيسة حول الموضوع بينما كانت هناك العديد من التصريحات والتوضيحات والقرارات بشأن الكهنة والرهبان المخالفين حسب رؤية البطريركية  الموقرة ، وبصدد المخالفات الإدارية للرهبان والقسس كانوا يقومون بواجبهم الكنسي في مكان آخر ولم يرتكبوا مخالفة دينية او لاهويتية او يرتكبوا هرطقة ، لقد المت بهم ظروف صعبة وهم جزء من هذا الشعب الذي ترك بيوته وأمواله وهربوا الى ارض الله الواسعة وهؤلاء الكهنة والرهبان بشر مثلنا ، هاجروا من كنائسهم ووطنهم ، وإن كانوا ارتكبوا مخالفة إدارية فليست خطيئة مميته ولا تستحق الطرد والأنتقام . فسبق لغبطة البطريرك نفسه مع مجموعة من المطارنة الأجلاء ان امتنعوا عن حضور السينوس الكلداني لعدة سنوات الذي كان يدعو له البطريرك المرحوم عمانوئيل دلي ، ولم تصدر اي عقوبة لهذه المخالفة الإدارية .
نحن نؤيد القانون والنظام في جسم الكنيسة ، لكن ليس بالضرورة ان يكون لهذا النظام قوة لتطبيقه على امور قد مضى عليها سنين ، فهنا حسب رأيي المتواضع يكون صالحاً ومفيداً مبدأ :
عفا الله عما سلف لتنقية القلوب ولكي تجري المياه الصافية بمجاريها ، ولنقلب الصفحة ونبدأ بصفحة جديدة ناصعة .
ثالثاً :
في نفس السياق نسأل عن مصير الرابطة الكلدانية ، وربما كانت الظروف القاسية التي ألمت  بشعبنا الكلداني في تشريده من بيوته في مدنه سبباً في تأجيل الفكرة ، لكن لم يكن اي توضيح بهذا الصدد من مؤسسة الكنيسة .
رابعاً :
لقد تم إقصاؤنا نحن الكتاب الكلدان من الموقع الذي يتكلم باسم بطريركية الكلدان ( سانت ادي ) ، وهذا ينطبق على موقع كلدان اوروبا ، الذي كنا ضمن مؤسسيه ، وبعد فترة قصيرة كان إقصائنا من الملعب في موقع كلدان اوروبا ليكون الموقع خاص لما يقرره رجل الدين فحسب ، بينما كان من المقرر ان يكون الموقع مناصفة بين العلمانيين الكلدان ورجال الدين ، فكان طردنا من الملعب حتى دون علمنا . وإن كان اسم الموقع كلدان اوروبا فهل كلدان اوروبا هم رجال الدين فحسب ؟ ولا ندري لمن نقدم شكوانا ؟
بالنسبة لموقع البطريركية كتب في صدر صفحتها الرئيسية هذه العبارة :

 

وفي الحقيقة ان بعض المقالات المنشورة في موقع البطريركية ( سانت ادي ) ليس مطابقاً لما ورد في هذه الملاحظة .
في ملاحظة اخيرة عن عنوان المقال في الحملة الإعلامية على المطران سرهد جمو ، انا شخصياً لدي تحفظ على بعض مواقف المطران الجليل مار سرهد جمو ، لكن هذه التحفظات لا تمنع من ان اقف الى جانب الحق حسب قناعتي ، فمن وجهة نظري ان سيادته  بادر الى رعاية مؤتمر النهضة الكلدانية ، ويوم مقابلة الرئيس مسعود البارزاني وأنا شخصياً كنت ضمن الوفد الذي كان يرأسه المطران ابراهيم ابراهيم والمطران سرهد جمو كان المطران جمو متكلماً لبقاً ومفاوضاً شجاعاً .
 وبعض مسيرته تفيد انه ولادة  بغداد  سنة 1941 اكمل الأبتدائية في بغداد والثانوية في المعهد اللاهوتي للكلدان  في الموصل وبعدها انتقل الى روما وكان عمره 17 سنة ، ودرس في السنوات ما بين 1958 و 1964 في الجامعة البابوية في
أوربانيانا، نال فيها شهادة الماجستير في الفلسفة وألاهوت .و واصل دراساته في المعهد
البابوي للدّراسات الشّرقيّة حيث حصل على شهادة دكتوراه في الدّراسات الشّرقيّة الكنائسيّة
برسالته الموسومة: تركيبة الطقس الكلداني .
 بعد إكمال دراساته في روما، عاد إلى بغداد حيث عُيِّنَ راعي كنيسة مار يوحنا المعمدان من
  1969 إلى 1974 خلالها تم بنا كنيسة جديدة و بيت لراعي الكنيسة . في عام 1974
اصبح عميدا للمعهد اللّاهوتي البطريركي الكلدانيّ و الّذي خدم فيه الى عام 1977 . وبعد
ذلك سافر الاب سرهد جمو إلى الولايات المتّحدة و عُيِّنَ كقسّ مساعد لكنيسة ام الله في
سوثفيلد، وبعدها انتقل إلى تروي - ميتشيجان ليصبح راعي كنيسة مار يوسف حيث
خدم هناك لمدّة عشرون سنة . واثناء خدمته هناك، بنى قاعةً احتفالات جديدة و قاعة
للاجتماعات ومجمّع مكاتب و بيت جديد للقسّيس و كنيسة جديدة . في 1991 تم تعينه نائب
عام للأبرشيّة الكلدانية في الولايات المتّحدة.
في عامي 1984 و 1985 حاضر في جامعة نوتردام، و في عام
1987 حاضر في الجامعة الكاثوليكية في واشنطن العاصمة. و منذ 1993 تم تعينه أستاذا
جامعيا لللاهوت الشّرقي في المعهد الشّرقيّ البابويّ، حيث يحاضرهناك فصلا دراسيّا واحدا
في السّنة. اما في مجال توحيد كنيسة المشرق، ففي عام 1979 أصبح عضو الجنة
الاستشارية لمؤتمر الأساقفة الكاثوليكيّ، للحوار بالكنائس الأرثوذكسيّة الشرقية. كان لعمله
باتجاه الوحدة عامل مهم في إعلان البيان المسيحي المشترك في عام سنة 1994 بين الكنيسة الأشوريّة الشرقية و الكنيسة الكاثوليكيّة، في 1995 عُيِّنَ عضوا في اللّجنة المشتركة للحوار اللّاهوتيّ بين الكنيسة الكاثوليكيّة و الكنيسة المشرق الأشوريّة، و في 14 اب 1997 اصبح واحدا من سكرتيري للجنة المشتركة للتّوحّيد بين الكنيسة الكلدانية الكاثوليكيّة و الكنيسة المشرق الأشوريّة. وقد ادى عمله في هذه اللّجان في اصدار وثيقة الكرسيّ البابويّ سنة 2001 حول العلاقة المتبادلة بين الكنيسة الكلدانية الكاثوليكيّة وكنيسة المشرق الآشورية.
للمزيد عن سيرة المطران سرهد جمو راجع الرابط :
http://www.chaldeansonline.org/umtha/umtha2/umtha2_p8.pdf

يتضح من سيرة المطران سرهد جمو ، انها سيرة طيبة وبرأيي المتواضع ان الهجمة الإعلامية على الأرجح هي نتيجة مواقفه القومية الصريحة بجانب قوميته الكلدانية ، ويتضح ذلك من الأقلام التي سطرت المقالات لمهاجمته .
غبطة البطريرك لويس ساكو الكلي الطوبى :
لا ريب انكم تتحملون العبئ الأكبر من المسؤولية في قيادة الكنيسة وشعبها ، وإن تصليح الخلل في جسمها يقع على عاتقكم ، وإن حدث خلل ما او ارتكب خطأ ما من قبل فرد من الأكليروس  إن كان اسقفاً او كاهناً او راهباً فمسؤولية الإصلاح منوطة بسيادتكم ، وانا لست مبحراً في الشؤون الدينية الكنسية  لكن لدي المعلومات العامة وما تعلمناه في التعليم المسيحي ومن خلال بعض القراءات ، ولو فرضنا ان ابناء كنيستك هم في اسوأ الأحتمالات من الهالكين لا سامح الله  او من الخطاة فإن ابن الأنسان جاء لكي يخلص الهالكين ، ما ريكم في إنسان كان عنده مئة خروف فضل واحد منها ، افلا يترك التسعة والتسعين في الجبال ويذهب ويبحث عن الضال ، الحق اقول لكم ، إنه إذن وحده ، فإنه يفرح به اكثر من فرحه بالتسعة والتسعين التي لم تضل ، وهكذا لا يشأء ابوكم الذي في السموات ان يهلك واحد من هؤلاء الصغار ( متي 18 : 11 ـ 14 ) .
لقد قدم الزميل صباح دمان مقترحات جميلة وواقعية بتشكيل لجنة من العلمانيين تقوم بالمساعي الحميدة لرأب الصدع بين البطريركية وبين ابرشية مار بطرس الكلدانية في اميركا . او يمكن ان تكون بمساعي حميدة من الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان .
لكن مقترحي الشخصي : ان تؤلف لجنة من ثلاثة مطارين  لتكون اكثر قبولاً ، وأطرح اسماء المطارين الأجلاء لتكوين لجنة هدفها رأب الصدع هذا ، والمطارنة الأجلاء هم :
المطران ابراهيم ابراهيم ، المطران انطوان اودو ، المطران شليمون وردوني
.

اجزم ان غبطة البطريرك ساكو يتشوق ويعمل جاهداً للمحافظة على الكنيسة كحرصه ومحافظته على حدقتي عينيه  ، وإن التضحية في سبيل مصلحة الكنيسة يشكل هدفه الرئيسي ، وإن وحدة بنيان الكنيسة هو غاية نعمل جميعاً لتكريس هذا البنيان وتقويته ، والمسالة تحتاج التضحية ونكرات الذات من الجميع ، سيادتكم تتحملون الجانب الأكبر من الثقل في هذه المهمة الدينية والإنسانية والله يكون في عونكم .
ودمتم بخير ومحبة المسيح جميعاً .
يليه الجزء الثالث  )وهو الأخير )
د. حبيب تومي اوسلو في 16 / 01 / 2015

6
الحملة الإعلامية ضد المطران سرهد جمو وتعقيب على عنوان مقال ليون برخو الأستفزازي
                                                  (ج1)
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
الحملة الإعلامية الأخيرة على المطران سرهد جمو قد اتخذت منحى جديداَ ، فيه وتيرة الشدة ظاهرة لا سيما من الكتاب الذين لهم تاريخ في محاربة اي فكر قومي كلداني ، ويرحب بما يكتبون في مواقع الأحزاب التي تعمل لتقويض الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية اولاً ، والإجهاز على اي فكر قومي او نهضة كلدانية ثانياً ، وهذه الجهات  معروفة لا داعي لذكر اسماءها ، وبتقديري ان الإجهاز على الفكر القومي الكلداني  تلقى القبول والأرتياح من مؤسسة البطريركية الكاثوليكية الكلدانية حسب ما هو ظاهر للعيان ، وأرجو ان اكون مخطئاً في تقديري هذا . وسوف اتناول الموضوع بشئ من التفصيل ولهذا سوف يليه الجزء الثاني لكي لا يكون طويلاً على القارئ الكريم .
مقدمة عن الأسم القومي الكلداني
غبطة البطريرك لويس روفائيل ساكو ، له مكانة سامية لعلمه الغزيز وثقافته الراقية وبعد ذلك  تبوئه لقمة الهرم في مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية في العراق والعالم كبطريرك للشعب الكلداني حيث كان قد اطلق اسم الكنيسة الكلدانية تيمناً بشعبها الكلداني ، وكان اللقاء الأول بين نساطرة قبرص في عهد الحبر الروماني  بندكتس الثاني عشر وحضر فيه رؤساء اللاتين واليونان والأرمن والموارنة والنساطرة واليعاقبة ، فأبرز النساطرة صورة الأيمان المستقيم وأقروا برئاسة الحبر الروماني على كل الكنيسة ، وطلبوا فقط على الأبقاء على طقوسهم الأبوية التي لا تشين الأيمان وكان ذلك سنة ( 1340 ) ( للمزيد راجع القس بطرس نصري الكلداني في ذخيرة الاذهان م2  ص76  دير الاباء الدومنيكيين ، الموصل سنة 1913) .
 اما اللقاء الثاني فكان سنة 1445 حين الأتحاد مع روما في عهد البابا اوجين الرابع ( 1441 ـ 1447 ) . حيث اختار اسقف نساطرة قبرص المطران طيماثاوس الكلداني  الذي ابرم وثيقة الأتحاد ، اختار الأسم القومي للكنيسة الكاثوليكية في بلاد النهرين اسم الكنيسة الكلدانية كهوية قومية لهذه الكنيسة اسوة بالكنيسة الأرمنية او الفرنسية او اليونانية او اي كنيسة قومية وطنية اخرى ، ولم يختار الأسم الآثوري لهذه الكنيسة لأن الشعب الذي تنتمي اليه هو الشعب الكلداني ، فعرفت بالكنيسة الكلدانية وفق السياق الذي يتمشى مع تاريخ هذا الشعب العريق في بلاد ما بين النهرين ( العراق ) .
اليوم يمثل الكلدان غالبية مسيحيي العراق ، وهو مكون عراقي  اصيل يدين بالديانة المسيحية ويسلك المذهب الكاثوليكي ويحمل اسم القومية الكلدانية العراقية كانتماء قومي وطني ويتشرف برآستها اليوم غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى والوقار .
 إن الشعب الكلداني معروف تاريخه قديماً وحديثاً ، فمنذ ولادة الدولة الوطنية العراقية الحديثة في سنة 1921 تميز هذا الشعب وقيادته الدينية بمساندة ودعم تأسيس تلك الدولة وساهم ببنائها وتطورها وتقدمها ، وكانت القيادة الدينية المتمثلة بغبطة البطريرك المرحوم عمانوئيل الثاني توما (1900 ـ 1947 ) . كانت ممثلة بمجلس الأعيان وكان البطريرك الكاثوليكي الكلداني عضواً في مجلس الأعيان الى ان وافاه الأجل عام 1947 وكان هذا المجلس يتكون من 20 عيناً يتم اختيارهم من الملك مباشرة من وجهاء القوم وعقلائه ومدبريه .
وتمشياً مع ذلك السياق فإن غبطة البطريرك اليوم له منزلة سامية فالكلدان شريحة مهمة من المكونات العراقية الأصيلة ، وينبغي ان يكون للبطريرك شخصياً احترام كبير لأبناء شعبه من كتاب ومن رواد ومدافعي عن مؤسسة الكنيسة وعن القومية الكلدانية والتاريخ الكلداني  ، البطريرك الموقر يحمل ثلاث صفات فهو مسيحي ، من الكنيسة الكاثوليكية ، ومن القومية الكلدانية التي يحملها شعبه الكلداني بلغته القومية الكلدانية ، فلا يمكن للبطريرك ان يشك في انتمائه القومي ولسنا بحاجة الى اي دراسات او مؤتمرات لنعرف اسمنا القومي ، وأتساءل كيف يشك غبطة البطريرك ساكو في اسمه القومي وهو رئيس الكلدان ومسؤول عنهم امام المسؤولين في العراق وفي المنطقة وفي المحافل الدولية .
إن اي مسؤول : رئيس حزب ، رئيس دولة ، رئيس ديني مثل البطريرك ، الملك ..  او اي مسؤول رفيع مسؤول عن دولة او جماعة او طائفة .. ينبغي ان يتميز بالحنكة والعلم والمعرفة ، وبعكس ذلك نشهد انهيار الدول والأمم ، وأهم مراتب المعرفة ان تصغي الى الرأي العام والى ابناء شعبه ، وأهم من ذلك ان يكون الحاكم او المسؤول الذي اشرنا اليه ان يكون اميناً على شعبه وعلى حقوقه ومبادئه ومصالحه وتاريخه وعلى  ومشاعر هذا الشعب .

 


لقد تألمنا للزيارة التي قام بها غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو لقداسة البطريرك الآثوري مار دنخا الرابع  وللمنظر المؤلم الذي ظهر سيادة البطريرك الكلداني وهويقبل يد البطريرك الآثوري والأخير غارق في نوبة من الضحك، إنه موقف مؤلم ليس الى نسيانه سبيل .
 ناهيك عن بروتوكول الزيارة الذي لم يكن مناسباً لاستقبال سيادته ، هل هو التواضع.. ؟ كلا وألف كلا هذا الموقف ليس له علاقة بتواضع المسيح .
 الوحدة التي اردتموها مع البطريرك مار دنخا الرابع تحديداً ليست في صالح شعبنا المسيحي ، فكان ان تبذلوا نفس الجهود مع البطريرك الكنيسة المشرقية القديمة ومع بقية البطاركة ، وبعد كل ذلك تتم الوحدة بقبول كلا الجانبين وحينما يتنازل احد الطرفين او احد الأطراف لمصلحة الوحدة ينبغي على الطرف الآخر او الأطراف الأخرى ان تتنازل بنفس المقدار وتخطو نفس الخطوات للوصول الى الوسطية الذهبية ، ولكي لا يهيمن مفهوم المنتصر والخسران .
في شأن الوحدة ايضاً نعود لمقال المطران الجليل ( البطريرك لاحقاً ) لويس روفائيل ساكو سنة 2005 حيث يكتب في موقع عنكاو مقالاً تحت عنوان : المسيحيون في العراق الى اين؟ وبشأن التسمية ورد في متن المقال هذه الفقرة :
(( ما نحتاجه اليوم  ويقرر مصيرنا  كفريق متجانس هو  الاتفاق على تسمية واحدة ، حتى ولو في هذه المرحلة الهامة. هناك ضرورة على التوافق: تبني تسمية واحدة كأن تكون  " كلدو اشوريين " كتسمية قومية أو  " سوراي"  أو " السريان"  أو الاشوريويين  أو الكلدان.. )) .
المقال حسب الرابط ادناه :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,962.0.html
لقد جرى اقتراح هذه الصيغة سنة 2005 وما قبلها ، كانت ثمة طروحات كثيرة ، وبشكل عام لا يمكن ان يتخذ بها لأنها صيغة غير عملية ، الأحزاب المتنفذة وفي مقدمها الزوعا طرحت موضوع التسمية للنقاش ولكنها تمسكت باسمها القومي الآشوري وفضائيتها كانت اسمها قناة آشور ، ولكنها طرحت اسم كلدوآشوري خصيصاً لأحتواء الكلدان وتفريغ اسمهم من محتواه القومي الذي يعتزون ويفتخرون به .
ولو سلمنا ان الأسم القومي الكلداني بدأ سنة 1445 فيكون قد مضى عليه ما يقارب 6 قرون من السنين ، فهذا يكفي لأن يفتخر هذا الشعب باسمه ، بينما الأسم الآشوري لم يمض عليه سوى قرن واحد ومع ذلك يعتز الأخوة الآشوريين باسمهم القومي ولا يمكن ان يتنازلوا عنه .
 انا لدي ثلاثة اولاد ولكل منهم اسمه يعتز ويفتخر به وليس بينهم اي خلاف او صراع ، وسيكون عكس المنطق ان يكون لهم اسم واحد ، انهم ثلاثة اخوة متحابين متضامنين والأسماء المختلفة لا تفرقهم ، وفي مسألة شعبنا المتكون من السريان والآشوريين والكلدان يكوّن شعب مسيحي  واحد ، فلماذا نصر على ان يكون لنا اسم واحد ؟ إنه تنظير قومي شوفيني بأن يكون هذا الأسم هو الأسم الآشوري وبقية المكونات الكلدان والسريان عبارة عن اسماء كنائس وهي تابعة للاسم الآشوري الواحد هذا هو الهدف من ان يكون لنا اسم قومي واحد ، فالحل الأمثل غبطة البطريرك ان تبقى اسماؤنا الثلاثة ، وهو الحل العقلاني الصائب  لموضوع التسمية ، ومن غير المنطقي ان نخضع للأحزاب القومية الآشورية لإلغاء اسم الكلدان والسريان والأبقاء على الأسم الآشوري كاسم قومي لمكونات كنسية لا اكثر فهذه لعبة حزبية لا تعبر على شعبنا الكلداني .
اكتفي بهذا القدر في هذا الجزء من المقال .
يليه الجزء الثاني حيث سأتناول فيه مسألة الفساد المالي وموقف الكنيسة من الكتاب الكلدان ، وموقف المطران سرهد جمو ، واعقب على عنوان مقال السيد ليون برخو الأستفزازي : المطران سرهد جمو يهدم بيته على رأسه وعلى رأس اصحابه .
د. حبيب تومي / اوسلو في 07 / 01 / 2015

[/b]

7
الزوعا المستفيد الأول من النزاع داخل الكنيسة الكلدانية . كيف ولماذا ؟
بقلم : د. حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
 الزوعا ، او الحركة الديمقراطية الآشورية ، حزب قومي آشوري علماني ، طرح شعارات قومية آشورية وتبنى في نظامه الداخلي مواد تطرح المكون الآشوري كمكون قومي وحيد يمثل كل المسيحيين ، وله من المنظرين القوميين يكتبون بهذا الأتجاه وكان في مقدمتهم الكاتب ابرم شبيرا ، الذي كتب عن الآشوريين في العراق وهو الذي عاتب السيد مسعود البارزاني لأنه يذكر المكون الكلداني بنفس الدرجة التي يشير الى المكون الآشوري ، ويعاتب الحزب الشيوعي العراقي ايضاً لأنه يشير في أدبياته الى المكون الكلداني والسرياني كإشارته الى المكون الآشوري ، والذي أراده السيد شبيراً ان يشار الى القومية الآشورية والبقية يشار اليهم كمذاهب كنسية تابعة للقومية الآشورية  وإن ذلك واضح في تنظيراته السياسية والقومية الذي نشره في كتيب تحت عنوان : (الاشوريون في الفكر العراقي المعاصر : دار الساقي سنة 2001)، وفيه يوجه الكاتب الى صهر الكلدان والسريان في البودقة الآشورية وكانت حجته ، توحيد الكلمة وخلق تجانس قومي مسيحي على المقاسات الأيدولوجية الحزبية للحركة المذكورة ، بجهة احتواء المسيحيين الآخرين في الرداء القومي الآشوري ، كما يمكن مراجعة النظام الداخلي للحركة الديمقراطية الآشورية الذي يعكس هذا الجانب الشوفيني بكل وضوح .
الحركة الديمقراطية الآشورية ومنظريها وكتابها ارادوا من الكلدان ان يكونوا فلاحين في الحقل الآشوري ، لأن الآشوريين في المدن العراقية اعدادهم محدودة قياساً بالمكون الكلداني وكذلك السرياني .
ارجو ان لا يفسر هذا المقال النقدي على انه موقف معادي من الحزب المذكور ( الحركة الديمقراطية الآشورية ) ، فيمكن مناقشة ما يورد فيه بمنطق مقارعة الحجة بالحجة والفكرة بالفكرة ، وليس في كيل التهم وإرسال الشتائم .
 الحركة الديمقراطية الآشورية بفضل سكرتيرها يونادم كنا ذو الباع الطويل في السياسة ودعم كامل من قبل الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر ، فقد افلح الحزب المذكور في كسب عدد كبير من ابناء الكلدان والسريان الى صفوفه لا سيما بعد 2003 ، وقد حاول الحزب المذكور استمالة مؤسسة الكنيسة الى جانبه معترفاً بمكانتها ، واستمالتها الى جانب خطابه يعني تحييدها في الشأن القومي .
بفعل حدسها السياسي ايقنت قيادة الحركة الديمقراطية الآشورية ، ان المكون الكلداني يعاني من ضعف التنظيم السياسي والقومي ، وإن للكنيسة الكلدانية مكانة مهمة في تمثيل هذا الشعب ( الشعب الكلداني ) ، فتوجهت قيادة الزوعا نحو البطريرك المرحوم عمانوئيل دلي ، طارحة تسمية ( كلدوآشور) مغيبّة المكون السرياني عن المعادلة ، وفعلاً استقبلت البطريرك بحفاوة ونظمت مؤتمراً في فندق بغداد  سنة 2003 ، الهدف إبرام صفقة مع البطريرك عن التسمية المختلطة يقبل بها الكلدانيون ، لكن في نهاية الأمر ، لم تنطلي اللعبة الحزبية على البطريرك الكلداني المرحوم عمانوئيل دلي وأدرك ان الأمر يتلخص في احتواء المكون الكلداني ، وقد تبينت اللعبة بجلاء حالما افلحت قيادة الحركة في إبعاد المكون الكلداني عن مجلس الحكم ، بحجة اننا شعب واحد ، فتنحوا انتم الكلدان جانباً ونحن نكون في الواجهة ، وكل من عارض ذلك فله تهمة جاهزة إنه انفصالي  ، ولحد اليوم يجري تمرير هذه الفلسفة التعبانة .
بصراحة الحركة الديمقراطية الآشورية تبارك كنيسة آشورية مهتمة بالشأن القومي الآشوري ، وبنفس الوقت تبارك كنيسة كاثوليكية كلدانية لكن هذه يجب ان تكون بعيدة عن الشأن القومي الكلداني ، وهذا محور استراتيجيتها في المرحلة السابقة والى اليوم .
قادت الحركة الديمقراطية الآشورية حملة إعلامية ضد البطريرك الكلداني يومذاك ، واستمر النهج المعادي ضد مؤسسة الكنيسة ورئيسها البطريرك ، الى وقت رحيل البطريرك الكاردينال المرحوم عمانوئيل دلي . وإمعاناً في السخرية من التاريخ الكلداني الأصيل ، كان تصريح السيد يونادم كنا لأحدى وسائل الأعلام في تعريفه للكلدان قوله : كل آشوري ينتمي الى كنيسة روما يصبح كلداني  (كذا) ، لقد كان تصريحاً سطحياً ساذجاً بحق شعب بيثنهريني اصيل ، هو الشعب الكلداني .
في الحقيقة ان الحركة الديمقراطية الآشورية لا تريد ان تقوم قائمة للفكر القومي الكلداني ، لأنه يخالف فكرها القومي الإقصائي ، ولهذا تريد ان تكسب الكنيسة الى جانبها ، لاسيما حينما تطرح الكنيسة مقولة عدم التدخل بالشأن السياسي وتوجه ذلك ان عدم التدخل بالشأن السياسي يعني عدم التدخل بالشأن القومي ايضاً ، بينما الحقيقة ان الفرق كبير بين العمل السياسي والعمل القومي يرجى مراجعة مقالي حسب الرابط : http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,758597.0.html
بعد انتخاب غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو ، تبدلت الأمور وتحسنت العلاقات بين قيادة الزوعا ومؤسسة البطريركية ، فكان الإعلام يظهر السيد يونادم كنا سكرتير الحركة ووزير البيئة السابق السيد سركون لازار الى جانب البطريرك في مناسبات كثيرة ، حتى ان غبطة البطريرك ساكو في معرض اجابته على سؤال لعنكاوا كوم حول التمثيل المسيحي في الحكومة العراقية ، كانت إشادة غبطة البطريرك بالوزير لازار بقوله :
(... إنني لم أسمِ اي شخص لشغل الوزارة فهذا ليس من شأني ويبقى هذا الاستحقاق مهم بالنسبة لنا وأتمنى من أي شخص كان بهذا الموقع أن يعمل لشعبنا وهنا أشيد صراحة بموقف وزير البيئة السابق السيد سركون لازار، لقد عمل كثيرا من اجل شعبنا، والحق يقال لنا أو علينا !).
الجدير بالذكر ان الوزير المذكور  قد طاله الكثير من النقد اللاذع من معظم اوساط شعبنا المسيحي بسبب تأييده غير المشروط  للقانون الشيعي للأحوال الشخصية ، فكان الأمتعاض من السيد الوزير ، لكن غبطة البطريرك كان له رأي آخر بالإشادة به .
إن هذه المواقف والتصريحات تصب في خانة مصلحة الحركة الديمقراطية الآشورية تحديداً فتصريحات غبطة بطريرك الكلدان في العراق والعالم له مكانته السامية في الأوساط السياسية في العراق وفي المنطقة وتصريحاته لها وزنها .
نحن مع الجهود الخيرة التي يبذلها غبطة البطريرك لويس روفائيل ساكو مع قداسة البطريرك دنخا الرابع رأس الكنيسة الآشورية بالرغم من اعتراضنا على طريقة الأستقبال التي لم تكن مناسبة بمقام ومنزلة غبطة البطريرك مار لويس ساكو ، وبعد ذلك ينبغي ان تكون جهود الوحدة مبنية على تضحية الطرفين وتنازلهما بما يفيد الوحدة وأن يخطو كل فريق نحو الوسطية الذهبية ، فلا يكون مكان لعقلية الغالب والمغلوب او القوي والضعيف ، هكذا نفهم الوحدة بين طرفين متكافئين ، ولهذا كان اللقاء غير مناسب من الناحية البروتوكولية ، فمبادرة غبطة البطريرك الكلداني لم تقابل بنفس الروحية من قبل البطريرك الآشوري ، فالأسقبال لم يكن مناسباً لمكانة ومنزلة غبطة البطريرك الكلداني ، ونحن ابناء الشعب الكلداني لم يروق لنا هذا الأستقبال .
 . هذا اولاً وثانياً ان تبذل نفس الجهود مع قداسة البطريرك مار ادي الثاني راس الكنيسة الشرقية القديمة كما بذلت مع البطريرك مار دنخا الرابع .

إن كان البطريرك الكلداني قد بذل جهوداً استثنائية مع الكنيسة الآشورية (تحديداً) ولم تقابل جهوده بنفس الحماس ، اليوم مطلوب من البطريرك الكلداني ان يتوجه لتماسك لحمة بيته الكلداني المتمثل في امور الكنيسة وفي شأن شعبه الكلداني الذي تعرض للإرهاب والتهجير والأبتزاز .
نقرأ للكتاب الكلدان المقربين والموالين للحركة الديمقراطية الآشورية والذين تنشر مقالاتهم في صدارة مواقع الزوعا قد اصبحوا بين ليلة وضحاها المدافعين عن البطريركية ، وطالما هؤلاء حاربوها في الماضي ، اليوم دأب هؤلاء يدافعون عنها ويخافون عليها من الوقوع في شباك القومية ، الغريب انهم يشجعون ويناشدون المؤسسة الكنسية في الأبتعاد عن الشأن القومي الكلداني ، بذريعة عدم التدخل في السياسية علماً ان السياسية شئ والحقوق القومية للشعب شأن آخر ، انهم يصبون الزيت لكي تتوسع هوة الخلافات بين البطريركية وبين ابرشية مار بطرس الكلدانية في كاليفورنيا . إن ذنب هذه الأبرشية لها توجهات قومية كلدانية .
 لقد كان لآبائنا في العقود الماضية  ومن العشرينات والثلاثينات والعقود التالية من القرن الماضي حينما هاجروا الى العالم الجديد ،جاهروا بهويتهم القومية الكلدانية ( CHALDEAN ) والى اليوم ، ولم يكونوا في شك من هويتهم ، كانوا واثقين من هويتهم ، والى جانب ذلك جاهر الآشوريون بهويتهم الآشورية ، ولحد اليوم ، ولهذا يجب ان يكون للبطريركية الكلدانية موقف ايجابي من طموحات شعبها الكلداني القومية ، كما هو موقف الكنيسة الآشورية بموقفها الصريح والداعم لطموحات شعبها القومية .
مع احترامنا للحركة الديمقراطية الآشورية كحزب سياسي لا يمكن ان يكون مخلصاً وداعماً للكنيسة الكلدانية وللبطريركية الكلدانية بقدر ما يكون ابناء هذه الكنيسة مخلصين وداعمين لكنيستهم ولغبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى .
علاقة الحركة الديمقراطية الآشورية بكل الأطراف بما فيها البطريكية الكلدانية هي علاقة مصلحة حزبية ، بينما علاقة ابناء الكنيسة من الكلدان ان كانوا من مهتمي بالشأن القومي ، او غير مهتمين انهم  المدافعون الحقيقيون عن كنيستهم ، ولا يهدفون الى تحقيق اي مصالح ذاتية او حزبية في هذه العلاقة الروحية الأبوية .
وبالنسبة الى الإشكالات مع ابرشية مار بطرس الكلدانية في ساندييكو ومع الرهبان والكهنة الموقوفين ، فيجدر بالبطريركية ، ان تحل هذه المشكلة بمحبة وتسامح ، وبمنأى عن الطرق الإجرائية الحكومية والحزبية المعهودة ، فنحن امام شأن إداري ، وليست ثمة انتهاكات عقائدية  او خلافات لاهوتية او هرطقة دينية ، لقد حلت مسألة الفساد المالي بهدوء وروية ، بعيداً عن نشر الغسيل على حبال الشبكة الألكترونية ، ولكن مسالة الرهبان والكهنة ، تطورت واتسعت بفضل نشرها على وسائل الأعلام بالرغم من الفساد المالي هو اخطر من الخلاف الإداري .
اقول مخلصاً :
حفاظاً على وحدة شعبنا الكلداني وكنيستنا الكاثوليكية الكلدانية ننتظر بفارغ الصبر المبادرة المباركة من لدن غبطة البطريرك ومن حكمته وكارزميته ، وباعتباره المسؤول الأول عن الشعب الكلداني وعن كنيسته التاريخية ، لكي يضع الحلول الناجعة لكل مشاكل الإدارية الكنسية ، وان يقف مع هموم شعبه الكلداني ومع وجوده وكينونته في وطنه ، ومع حقوقه الوطنية  والقومية التي يستحقها كمكون عراقي أصيل .

د. حبيب تومي / القوش في 25 / 11 / 2014

8
هل يصبح حيدر العبادي نيلسون مانديلا العراق ؟
بقلم : د. حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
اجل العراق لم يكن متعافياً وكان ولا يزال يعاني من مختلف الأمراض والعلل ، ويحتاج الى الطبيب الحكيم الذي يشخص هذه الأمراض والعلل وبعد ذلك استخدام الأدوية الناجعة لمعالجة تلك الأمراض المستعصية . فهل يكون العبادي ذلك الحكيم ؟ وهل يكون رجل المرحلة لأنتشال العراق من واقعه المأساوي ؟ البدايات كانت سليمة وضرورية ، التخلي عن الجنسية الأجنبية البريطانية ، والأبقاء على الجنسية العراقية وعدم التشبث بالدفاع عن مفهوم الجنسيتين ، وهذه خطوة مهمة في المجتمع العراقي ، كما كان إلغاء الألقاب التمجيدية في التخاطب ، والأكتفاء بالأسماء المجردة وعنوان الوظيفة ، وبتصوري ، هذه خطوة مهمة للقضاء على الثقافة السائدة في مجتمعات العالم الثالث ، وشعبياً تعرف بثقافة ( تعرف  ويّا من دتحجي ؟ ) اي هل تعرف مع من تتكلم ؟ . وفي هذه الثقافة تجاوز فظيع على هيبة القانون والإستخفاف به ، فسيف القانون يجب ان يكون مسلطاً على رقاب الجميع دون محاباة او تمييز .
النقطة الأخرى التي التفت اليها رئيس الوزراء الجديد ، عدم تعليق صور رئيس الوزراء في الدوائر والشوارع والمباني ، كما كان لجوءه الى اختيار الوزراء من ذوي الكفاءة والخبرة وهي نقطة مهمة لوضع الشخص المناسب في المكان المناسب ،  ولكن شئ واحد سيكون عصياً  على الحل امام رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي وهو معرفة وقياس عنصر الإخلاص لدى الوزير، فالإخلاص هو الركن الأساسي للقيام بالواجب بشكل مهني سليم ، والإخلاص متوقف على ضمير الأنسان لإداء واجبه بشكل سليم دون ربط ذلك بدافع المنفعة الشخصية او الحزبية ، فالواجب هو واجب ينبغي القيام به بمهنية وتجرد  بمنأى عن اي غايات او فوائد او مصالح .
لقد ورث العبادي من عهد المالكي تركة ثقيلة من المشاكل الكبيرة التي تمس سيادة الوطن وهيبة الدولة وتمزق اللحمة المجتمعية العراقية ، وتعقيد العملية السياسية ، وخلق الصراعات والعداوات بين الطبيقة السياسية .
 نتيجة هذه السياسة الطائفية الفاشلة تمزق الوطن الى كتل طائفية متناحرة ، واليوم  ثلث مساحة العراق ومدن مهمة مثل الموصل وتكريت .. خارج سيطرة الدولة العراقية . كما ان تعددية المجتمع العراقي الدينية والمذهبية والعرقية اصبحت نقمة ، وباتت المناطق المختلطة طائفياً نقاط ساخنة ومحل انتقام وقتل وتهجير . امام هذا الواقع المرير ينبغي ان يعمل العبادي على انتشال العراق من واقع التمزق والأنشطار ، لكي يعود محور الألتفاف حول الهوية الوطنية العراقية ركناً اساسياً لكل العراقيين على اختلاف اديانهم ومذاهبهم وقومياتهم وقبائلهم وأحزابهم ومدنهم ومناطقهم ، إنها مهمة تدور في فضاء المستحيل إذا بقيت الرؤية الى الأحداث بهذه العقلية الطائفية . والمعضلة المعقدة الأخرى هي تطهير الأراضي العراقية من سيطرة الدولة الإسلامية التي باتت معضلة اقليمية ولها امتدادات عالمية ، فهل سيفلح العبادي بالخروج من الورطة ؟
جوابي على هذا السؤال : ممكن الخروج بشرط ان يدعم الشعب حكومة العبادي وشخصية العبادي ، وهنا اريد التركيز على الكارزمية الشخصية في الوضع العراقي ، إن العراق وكل دول العالم الثالث يكون للقيادة الكارزمية اهمية كبيرة ، تجارب كثيرة امامنا وليس اقلها كارزمية مهاتما غاندي والتفاف الشعب الهندي حوله ، والثمار كانت استقلال الهند ، وبعد ذلك تجربة جنوب افريقيا حينما نجحت شخصية نيلسون مانديلا الفذة ، في تحقيق الأستقلال ووضع اسس راسخة لدولة ديمقراطية على انقاض دولة عنصرية مقسمة بشدة تقسيماً عرقياً . وتجارب الشعوب كثيرة لا مجال لسردها .
إن التفاف الشعب حول القيادة لا يمكن تحقيقه بتلك السهولة لا سيما في الظروف السياسية العراقية الشائكة ، وثمة ازمة ثقة بين مختلف المكونات ، وهنالك كثير من الشعور بالمظلومية ، كل فريق يظن انه مهمش وحقوقه مسلوبة في وطنه ، وهو يستحق اكثر مما يناله حالياً  ، لكن الحكومة تظلمه وتهضم حقوقه ، فثمة الأقليات الدينية وفي المقدمة الكلدان وبقية مسيحيي العراق والتي كانت والى الآن لا زالت مظلومة وحقوقها مهمشة ، وثمة السنة الذين فقدوا ناصية الحكم واليوم هم يشعرون بغبن شديد ، والأكراد لهم نفس المشكلة مع المركز ، اما الشيعة فلا زالوا يتصرفون وكأنهم معارضين للحكم ، فكل طرف يسحب النار لخبزته ولا احد يضحي بشئ من الحطب لإدامة شعلة النار في التنور لكي يستفيد منها الأخرون . الكل مظلومون ويطالب العراق بإنصافه وهكذا نبقى في جانب تقويض الدولة التي تظلمنا .
نحن نريد من منظف الشارع ان يكنس الشارع لكن نحن لا نساهم في عدم رمي الأوساخ في الشارع ، إن عملية التنظيف وكل مسألة كبيرة او صغيرة تتطلب تعاون الشعب مع الدولة ومؤسساتها ، إن العراق وهو بهذه الأوضاع يحتاج الى معجزة لكي ينهض من كبوته ، وهذه المعجزة تكمن في ابناء العراق ، في إخلاصهم في تفانيهم ، وعلى الجانب الثاني تبقى المهمة الملقاة على عاتق الحكومة من تقديم الخدمات وحفظ النظام وتحقيق الأستقرار .
إن تحقيق دولة مؤسساتية تفرض النظام والأستقرار وتكافح الفساد وتقضي على البطالة وتقدم خدمات جيدة للمواطن إن مثل هذه الدولة تبدو في الوقت الحاضر كالمدينة الفاضلة التي تكلم عنها افلاطون اي انها خيالية اكثر مما تكون واقعية وهذا الأستنتاج متأتي من الواقع المرير الذي يعيشه العراق وكما قلت يحتاج الى معجزة . لكن البداية بالسير نحو هذا الهدف يبدو ممكناً إذا توفرت النيات الحسنة ، وإذا اجاد العراقيون بالتضحية ببعض مصالحهم وخفظوا من سقف مطالبهم ، إن كانت هذه المطالب مرفوعة من قبل الأكراد او التركمان او السنة او الشيعة ، فكل جانب من هذه المكونات يشعر بأنه مغبون ، وكل منهم يكافح من اجل نيل حقوقه التي يعتبرها مشروعة ، وإن حقق بعض منها فهو في مثابرة دائمة من اجل نيل المزيد .
 لا احد يفكر بعراق متماسك وقوي ، إنه يريد كل شئ من العراق وهذا حقه ، اما واجب المواطنة والتضحية فقد اهمل امرها ، لا احد يريد ان يتطرق اليها .
برأيي المتواضع واستناداً على ما ينشر في الإعلام فإن بصيص الضوء بات يلوح في نهاية النفق ، فالدول المتنفذة والمؤثرة في وضع العراق : امريكا ، ايران ، السعودية ، تركيا ، باتت هذه الدول وغيرها متفقة على ضرورة ان تعيد الدولة العراقية هيبتها ، فهناك اتفاق ضمني بين هذه الدول . كما ان القوى السياسية العراقية باتت على يقين ان الدولة المدنية العلمانية هي الحل الوحيد لضمان وحدة العراق الأتحادي ، والدولة المتماسكة القوية هو الضمان الأفضل للقضاء على داعش وعلى اي صيغة اخرى للإرهاب .
إن رئيس الوزراء حيدر العبادي ، قد بدأ بداية سليمة في حلحلة الأوضاع المعقدة في العراق ، ويمكن له ان يستمر في الطريق لقيادة العراق الى بر الأمان ، وعلى القوى الأخرى التي تخلص للعراق ان تقف الى جانبه لتنظيف العراق من التطرف الديني والمذهبي ، اجل نستطيع ان نصنع من شخصية حيدر العبادي ، نيلسون ماندلا العراقي وهذا يصب في مصلحة الوطن العراقي والمنطقة ، لكي يعم ويسود السلم والأستقرار والتعايش في ربوع العراق  العزيز ، ويمكن الأقتداء بتجربة اقليم كوردستان في مسألة التعايش المدني بين كل المكونات ، إنها ثقافة التعدد وقبول الآخر ، تحت قيادة مدينة علمانية حكيمة لضمان عراق ديمقراطي مستقر ومتطور .
د. حبيب تومي / القوش في 18 / 11 / 2014

9

مناقشة هادئـة مع غبطة البطريرك مار لويس ساكو حول ترتيب البيت الكلداني
بقلم : د. حبيب تومي / القوش
habeebto71mi@gmail.com
habeebtomi@yahoo.no
في اخر ما سطر غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو على شبكة الأنترنيت ، حول ترتيب البيت الكلداني يقول : ترتيب البيت الكلدانيّ مسؤوليّةُ الجميع ، وهو يقف في رأس الهرم التنظيمي لمؤسسة الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية العراقية في العراق والعالم ، ولا ريب ان انتشار ابناء الشعب الكلداني في دول المهجر في اوروبا وأمريكا واستراليا وكندا قد افرز وضعية التوسع والتشعب وبات ترتيبه يتطلب جهوداً اضافية لا سيما في ظل استمرار الأوضاع الأستثنائية بما يتعرض له هذا الشعب الأصيل ( الشعب الكلداني ) الى جانب بقية المسيحيين ، من تهجير وقمع واضطهاد وتفجير كنائس وشتى ضروب الإرهاب ، فامست مهمة الحفاظ على لحمة هذا الشعب من المسؤوليات الكبيرة ، وطفق الحفاظ على البيت الكلداني مهمة صعبة ، فهي مسؤولية الجميع هذا ما صرح به غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى . راجع الرابط ادناه :
http://saint-adday.com/index.php?news=6694
وأود ان اعلق على بعض الفقرات في هذا المقال فقد ورد فيه :
اسلوبي شخصانيٌّ وتلقائيٌّ،  قد  يجد فيه البعضُ شيئاً  من القساوة، أقرّ بها، وطبعي  سريعُ  الانفعال خصوصًا  امام التركةِ الثقيلةِ التي ورثتُها، والاحداث المتسارعة التي لا تُتيح مجالاً للتفكير والتخطيط، ورغبتي الصادقة في ترتيب الكنيسة واستعادة دورها وهيبتها، وخدمة الناس بأفضل ما لديّ.  احّس انها دعوتي ورسالتي " الان وهنا". عمومًا  ألجأ الى أُسلوب الكتابة لأني  أَجدُه  اقرب  وسيلةٍ للتوجيه والتوعيّة والتنشئة، واعدّه فرصةً لي، ولمن اتوجه اليهم للتعمق والتقييم والتجديد.
تعليقي :ـ

 اقر بأن الكنيسة الكاثوليكية الجامعة استطاعت ان تصمد عبر الزمكانية  بفضل تظامها الهرمي ومركزيتها الشديدة ، وكنيستنا الكلدانية جزء من هذا التنظيم وتتبع نفس الصيغة الإدارية المركزية ، واستطاعت ان تحتفظ بكينونتها وديمومتها واسمها ولغتها وطقسها الكلداني عبر تاريخها في منطقة يكتنفها لغة العنف والأنتقام . لكن في كل الحالات ينبغي مراعاة الظروف المستجدة في كل مرحلة على نواحي الحياة الأجتماعية والسياسية والثقافية ، إذ لا يمكن للكنيسة ان تهمل او تغض النظر عن الظروف الموضوعية وما يدور حولها في البيئة الأجتماعية والسياسية وتبقى في وعائها القديم ، بل عليها ان تجاري الحياة وما يدور حولها من التطور والحداثة والأفكار ... إن عجلة الكنيسة ينبغي ان تسير مع نهر الحياة لكي لا يجرفها التيار .
وأنا شخصياً اختلف في الرأي مع سيادة البطريرك في الرأي حينما يقول :
طبعي سريع الأنفعال خصوصاً امام التركة الثقيلة التي ورثتها ، والأحداث المتسارعة التي لا تتيح مجالاً للتفكير والتخطيط ..
فحسب رأيي المتواضع يترتب على المسؤول ( الزعيم ، القائد ، الرئيس ، البطريرك ، رب الأسرة ، وزير ... الخ ) ان يتخذ قراراته بمنأى عن اي تسرع او انفعال ومهما كان الحدث جلل ، فالقرار السليم يكون نتيجة منطقية للتفكير الهادئ ، وأزيد على ذلك ان يكون ثمة مستشارين يمكن استشارتهم ، وهو يقول :
.. أرسل ما أكتبه الى اشخاص مختلفين لإبداء الرأي  وأغيّر ما يَلزم تغيرُه!
وهذه حالة صحية تندرج في باب الأستشارة والأستئناس برأي الآخرين في مجال الكتابة ، وحبذا لو يصار الى استشارة الآخرين في مجال اتخاذ القرارت المهمة ايضاً ، وينبغي ان تكون الأستشارة مع ذوي الخبرة والأختصاص ( التكنوقراط ) ، وليس مع من يجيدون لغة المدح فحسب .
ورد في مقال غبطة البطريرك ساكو هذه الفقرة :
كنيستنا كان لها دور الريادة  في الانفتاح والمثاقفة والمناداة بإيمانها  (Kerygma) علنيّة وبقوّة،  ونقلته الى شعوب عديدة في بلدان الخليج وايران وتركيا  وافغانستان والهند والفيليبين والصين!   لذا لا يمكن لكنيستنا المجيدة ان تكون قوميّة منغلقة بالمعنى الذي يسوقه البعض  الذين ينادون بـِ " كنيسة  على حدة" خارج الحدود البطريركية! هذا محضُ وهمٍ!
تعليقي :
كنيستنا الكاثوليكية الكلدانية لا يمكن ان تكون منغلقة قومياً بدليل انفتاحها ايمانياً وثقافياً نحو الشعوب الأخرى : بلدان الخليج ايران تركيا وأفغانستان والهند والصين .. الخ لكن هذا الأنفتاح لا يعني إلغاء القومية والخصوصية الكلدانية ، وبعين الوقت ان الوجود القومي الكلداني لا يمكن تفسيره بالأنغلاق ، فثمة موازنة قائمة ، بين الوجود القومي المشروع وبمنأى عن منظومة الأنغلاق والتزمت او التعالي القومي ، فالوجود ضمن الحدود حق طبيعي لكل المكونات ، على الا يشوبه التدخل او التنظير للاخرين او محاولة احتوائهم تحت اي ذريعة ،  يقول البابا الراحل يوحنا بولس الثاني بهذا الشأن :
لكل امة حق في ممارسة حياتها وفقاً لتقاليدها الخاصة ، من خلال حظر اي انتهاك للحقوق الأنسانية الأساسية وخاصة اضطهاد الأقليات . إن مشاركة الأقليات في الحياة السياسية هو ( دليل على مجتمع ناجح اخلاقياً ، وهو يكرم البلدان التي يكون فيها المواطنون جميعاً احراراً في المشاركة في الحياة الوطنية في جو من العدالة والسلام ) ـ جوزيف ياكوب ، ما بعد الأقليات ص95
بعد اندحار نابليون في معركة واترلو 1815 وسقوط امبراطوريته ونفيه ، اعيد ترتيب الخارطة السياسية لأوروبا ونشأت دول قومية ، فأعادت الشعوب اكتشاف ماضيها القومي وتقاليدها وثقافتها وعكفت على تعلم لغتها القومية وتوحيد لهجاتها ، وكتب الكرواتي لجودفيت كاج :
 ان شعباً بلا قومية مثل جسد بلا عظم .
وبعد سقوط جدار برلين سقطت المنظومة الأشتراكية ، والأتحاد السوفياتي السابق بعد اكثر من 70 تفكك الى دول ( قومية ) مستقلة ، وانطبق ذلك على جيكوسلوفاكيا ويوغسلافيا ، فالنعرة القومية كانت كالجمر تحت الرماد ، اشتعلت حين هبوب رياح الحرية .
في العراق بعد سقوط النظام في 2003 تربعت المعارضة العراقية انذاك على مقاليد الحكم ، وكانت المعارضة الفاعلة تتكون من الأحزاب الدينية والقومية ، فتأسس مجلس الحكم على اسس طائفية والى اليوم ، ومن بين المكونات العراقية الأصيلة كان الشعب الكلداني ، الذي قرر الحاكم الأمريكي السفير بول بريمر ، تهميش تمثيله للمكون المسيحي في مجلس الحكم يومذاك وإحلال محله ممثل المكون الآشوري الذي يمثل اقلية مسيحية صغيرة قياساً بالمكون الكلداني .
المكون الكلداني يفتقر الى احزاب سياسية قومية فاعلة بعكس المكون الآشوري الذي يمتاز بتوافق وانسجام الرؤية القومية بين الأحزاب السياسية والمؤسسة الكنسية ، وهذه الحالة ضرورية ومطلوبة في مكون صغير ديموغرافياً ، لكن الأمر مختلف في المكون الكلداني ، فالتعاون والتفاهم  والتنسيق مفقود في المكون الكلداني ، إذ ان الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية في العراق ( حالياً ) ، تنأى بنفسها عن هموم شعبها الكلداني القومية ، وأرى من الضروري ان يكون ثمة رؤية مشتركة الى المسألة القومية بحيث تسود ارضية الأنسجام والتفاهم  في الرؤية بين الكنيسة واحزاب وابناء شعبها من المهتمين بالحقوق السياسية والقومية ، وربما كان تأسيس الرابطة الكلدانية على اسس راسخة يندرج في هذا الطريق ، ولحد الآن لم نجد ولادة هذه الرابطة .
 على وجه العموم ، فإن انحياز القائد لطموحات شعبه ليس اثماً ، إنما ذلك شرفاً له وهو واجبه .
كانت هناك مذكرة من البطريرك الكلداني المرحوم عمانوئيل دلي الى الحاكم الأمريكي لتثبيت الحقوق القومية الكلدانية في الدستور العراقي ، والذي افلح في تدوين اسم القومية الكلدانية في الدستور ، وكانت هناك ايضاً مذكرة من المطارنة الأجلاء في السنودس المنعقد سنة 2009 لتدوين اسم القومية الكلدانية في مسودة اقليم كوردستان ، وقد رأيت في نفس الفترة زيارة وفد كلداني قادم من اميركا وفي مقدمة الوفد كان المطران الجليل ابراهيم ابراهيم والمطران الجليل سرهد جمو وكنت انا شخصياً من ضمن الوفد حينما قابلنا الرئيس مسعود البارزاني .
 في نهاية المطاف انتصرت إرادة القوى الخفية حيث جرى رفع اسم القومية الكلدانية بشكل مجحف من مسودة الدستور الكوردستاني وهذا الأجراء المجحف لا يتناسب مع الأنفتاح الكوردستاني على المكونات العراقية كافة ، ونأمل ان تبذل البطريركية الكلدانية الموقرة اليوم جهودها الخيرة لتثبيت حقوق الشعب الكلداني في مسودة دستور اقليم كوردستان .
العمل القومي بمعزل عن العمل السياسي
ثمة إشكالية الخلط بين الحقوق القومية ومسألة التدخل بالسياسة ، فالعمل القومي هو ما يشمل الحفاظ على التراث والتاريخ واللغة والأسم والأوابد والثقافة والفولكلور .. هذه هي الخصائص القومية لأي شعب يعمل على المحافظة عليها وحينما نقول الطقس الكلداني نحن نشير الى معنى وتراث قومي كلداني ، فالقداس يمكن سماعه بكل اللغات لكن نحن نتوقى الى سماعه بلغتنا الكلدانية ، ولهذا سميناه القداس حسب الطقس الكلداني واستطاعت كنيستنا المحافظة على هذه التراث عبر الزمكانية ، فنحن في اوسلو ننتظر 4 مرات في السنة لكي يأتي الينا القس الكاثوليكي الكلداني ويقدس لنا بلغتنا الكلدانية ويعمذ اطفالنا ويبرخ شبابنا وفق الطقس الكلداني ، ورغم وجود كنيسة كاثوليكية في هذه المدينة لكن ننتظر قدوم كاهن من كنيستنا الكاثوليكية الكلدانية  لكي نصلي بلغتنا القومية الكلدانية .
إن ملابسنا القومية ومطبخنا القومي وأغانينا وأمثالنا وطقوس كنيستنا وعاداتنا وتقاليدنا في الزواج والتعازي وتراثنا العام ولغتنا واسمنا القومي كل هذه العناصر تشكل وجودنا القومي الكلداني ، وإن العمل على المحافظة عليها يعتبر جزء من العمل القومي .
هناك العمل السياسي الذي تتزعمة الأحزاب السياسية والمهتمين بالشأن السياسي من ابناء الشعب من الحزبيين ومن غير الحزبيين . العمل السياسي يهدف الى تحقيق المصلحة الوطنية والقومية ، يقول ثعلب السياسة الدولية المخضرم الدكتور هنري كيسنجر بأن الدبلوماسية أداة للسياسة الخارجية في إطار استراتيجية حماية المصلحة القومية.
فالحفاظ على السمات القومية جانب مهم من وجود الشعب وضمان عدم ذوبانه في كؤوس الآخرين ، اما العمل السياسي فهو ركوب موجة الصراع والأشتراك في الأنتخابات والتحالفات في تحقيق المصالح الذاتية والحزبية ، ولكن حتى في السياسة يمكن سلوك السبيل الأخلاقي في تحقيق المصالح المشروعة .
يجب ان لا يكون للكنيسة اي شكوك حول اسمنا القومي الكلداني التاريخي الذي اختاره ابائنا وأجدادنا ، ويجب ان نتبنى جميعاً مظلومية شعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق ، وإن صفة الكلدانية ليست طائفية ، يجب ان يكون الكلدان الى جانب المكونات المسيحية الأخرى ونشكل صفحة ناصعة من التعددية الجميلة في البنية المجتمعية العراقية ، ونشكل  زهرة جميلة عطرة في الحديقة العراقية .
مع الأسف لمؤسسة كنيستنا الكلدانية اليوم ولبعض الكتاب من ابناء شعبنا الكلداني موقف سلبي من الشأن القومي الكلداني ، في حين نجد بقية المكونات إن كانوا رجال الدين او من الكتاب العلمانيين لهم مواقف ايجابية من شعبهم ويفتخرون بهوياتهم الخاصة ويجاهرون بها  ، إن كانوا من العرب او من الأكراد او التركمان او الآشوريين او غيرهم . 
إن بناء وترتيب البيت الكلداني يزدهر حينما يكون تنسيق وتناغم بين الكنيسة وشعبها ، فالمكون الكلداني وبقية مسيحيي العراق لا يفتقرون الى الحرية الدينية في وطنهم ، بل انهم يكافحون من اجل الأمان والتعايش والحقوق القومية والوطنية ، ويتشكون من المعاملة الفظة التي عوملوا بها في الآونة الأخيرة تحت ظل احكام الشريعة الإسلامية  التي تبنتها دولة الخلافة الإسلامية التي عرفت بداعش .
اناقش غبطة البطريرك في الأمور الحياتية العلمانية بروح اخوية طافحة بالأحترام والوقار ، وذلك لثقتي العالية بالثقافة السامية والروح العالية لغبطة البطريرك ساكو في قبول الرأي الآخر ، ويمكن استشفاء ذلك من المواضيع التي يطرحها غبطته عبر شبكة الأنترنيت . وهذا يشجعني ويشجع الآخرين على الكتابة والحوار البناء لما يفيد شعبنا ، وفي حالة التوافق او الأختلاف في الرأي نتمنى ان لا يفسد في الود قضية ، هدفنا الحوار الحضاري البناء مع غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الجزيل الأحترام .
وهناك مواضيع اخرى يمكن طرحها في قادم الأيام .
د. حبيب تومي / القوش في 9 / 11 / 2014

10
غبطة البطريرك بتقديري ان الوقت غير مناسب لإثارة الاحتراب الداخلي 
بقلم : د. حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
من باب الحرص على تماسك لحمة  بيتنا الكلداني  ومنعه من الأنهيار اشترك بنقاش اخوي مع غبطة البطريرك مار لويس ساكو الكلي الأحترام ، والنقاش ليس في الجانب اللاهوتي ، فأنا بعيد عن من مثل هذه النقاش الذي ليس من اختصاصي ، لكنه نقاش في الجانب الوضعي من امور قومية وإنسانية وسياسية وتنظيمية بشأن مؤسسة الكنيسة وأحوال الشعب الكلداني ، فهذه ليست ايقونات ممنوع الأقتراب منها بالنقد ، بل نحن نتطرق ونناقش امور زمنية قابلة للصواب والخطأ ، ومن الحصافة ان يسود مبدأ الأحترام المتبادل في الحوار الحضاري ، وأن تبقى ارضية المودة سائدة في حالة الأختلاف في وجهات النظر .
ألمت بالعراق ظروف قاهرة منذ عام 2003  وكانت الأقليات الدينية هي المتضرر الأول من سيل الأضرار والنكبات التي طالت كل المكونات دون تمييز : الأكراد ، العرب ، الكلدان، الأرمن ، السريان ، الآشوريين ، الشبك ، الكاكائيين ، السنة الشيعة الأزيدية ، المسيحيون ، المندائيين ، كل هذه المكونات اصابها الضرر والعنف بشكل ما ، ولكن المسيحيين من كلدان وسريان وآشوريين كانوا في مقدمة من طالهم الضرر بدليل ان حوالي (%50) وربما اكثر من هذه النسبة من المسيحيين قد غادروا العراق الى دول الجوار والى دول المهجر في اوروبا وأستراليا وأميركا وكندا ، وبعد عاصفة الدولة الأسلامية داعش التي عصفت بالمنطقة ولوحت بالسيف لأتباع الديانات اللاإسلامية بوجوب التحول الى الإسلام ديناً ، فإن الهجرة باتت الخيار المفضل لدى شريحة واسعة من ابناء شعبنا ، فالوجود المسيحي بدا مستهدفاً ، حقاً إنه كثير الشبه بما حل بالمكون اليهودي الأصيل في اواسط القرن الماضي .
بقيت ايام في عنكاوا وانتقلت الى القوش ولا زلت فيها ، ورغم ما يظهر على السطح بأن الوضع طبيعي ، إلا ان الواقع غير ذلك ، فالوضع غير مطمئن ولا يوجد ضمانات لديمومته ، إنه مرشح للتبدل نحو الأسوأ في اية لحظة ، وفي مجمل لقاءاتي عند طرح سؤال الهجرة على اصدقائي ومعارفي ومن التقي معهم ، يكون خيار الهجرة يحتل مكان الصدارة في اختيارهم ، عوائل كبيرة وميسورة الحال اقتصادياً في القوش اقفلت بيوتها الحديثة وبعضهم ترك سياراتهم الفارهة عند اقاربهم وحملوا حقائبهم وهم في تركيا الآن ، وبعضهم رجع من تركيا من اجل الحصول على الفيزا للدخول الى الأردن ، وهي المحطة المفضلة حالياً بين تركيا ولبنان . عوائل بكاملها من اطفال ونساء ورجال وشباب وشيوخ يتوجهون الى بغداد بهدف الحصول على جوازات سفر للهجرة ، قد تكون الأملاك عائقاً مؤقتاً امام بعض العوائل وآخرين يلجأون الى ايجار بيوتهم ، وبعضهم يتركها فارغة ويشد الرحال . وفي إحصائية لبعض الأصدقاء فإنهم كتبوا اسماء اكثر من 150 عائلة القوشية هاجرت خلال الفترة المنصرمة ( شهرين)، وفي القوش حالياً يعيش 325 عائلة من تلسقف وباطنايا وتلكيف وأماكن اخرى حيث أجرت كل البيوت القديمة وبعض البيوت الحديثة .
غبطة البطريرك لويس ساكو الكلي الطوبى
يحيط بشعبنا وضع خطير غير مسبوق ، ويتطلب ترك او إرجاء كل الخلافات وكل المشاكل العالقة والتوجه الى الحريق المحيق بشعبنا ونعمل على إطفائه ولكي نخرج منه بأقل الخسائر ، لا ان نتركه ينتشر ويأتي على الأخضر واليابس ، ونحن نجادل إن القس الفلاني ترك كنيسته ، والراهب الفلاني ترك ديره دون موافقة رئيسه .. الخ فأتساءل : ماذا بقي من ديورتنا وكنائسنا ؟ الشعب طرد من كنائسه  ومن ديورته ومن بيوته ومن مدنه وقراه وبلداته : ماذا بقي من الكنائس ليعود الكهنة ؟ ماذا بقي من الأديرة لكي يعود الرهبان اليها ؟ إنه إنهاء وجودنا وقلع جذورنا ، فكيف نعمل بقلب واحد من اجل الخروج من هذه الكارثة بأقل الخسائر ؟ هذا هو المحور الذي نركز عليه .
لقد اصبح من الماضي قول الشاعر :
لما علمت بأن القوم قد رحلوا                 وراهب الدير بالناقوس منشغل
إذ كان احتلال الدير ولم يعد هناك راهب بالناقوس منشغل .

سيدنا البطريرك ان انتهى وجودنا من الوطن سوف لا يكون اهمية لتلك الكنائس والأديرة  وحتى المؤسسة الكنسية سوف لا يكون لها اهمية . امامنا المزارات اليهودية في العراق التي تنعدم فيها الحياة والتي اصبحت  عبارة عن اطلال من الماضي .
لا تعتقد ايها الأب الجليل انني من انصار الهجرة او ادعو الى تشجيعها ، بل العكس ، أنا امارس نوع من الهجرة المعاكسة وذلك ببناء بيت لي في القوش وقضائي معظم الوقت في بيتي الجميل ، واريد ان يكون مثواي الأخير في القوش ، لكن التيار الجارف هو في صالح الهجرة ، وهذا هو الواقع ويجب ان نشير اليه بصراحة وشجاعة .
لقد قرأت مرة تصريحك الشجاع بأننا لا نقبل ولا نريد ان نعيش كذميين إذ تقول : نعم، اننا لسنا بذمة أحد، اننا لسنا موجودين على ارضنا منية من أحد...  لكن الحقيقة المرة ايها الأب الجليل اننا عشنا ذميين في ظل الأسلام اليوم وأمس  وعلى مدى 1400 سنة ، لقد كان آبائنا في الزمن العثماني الإسلامي في الموصل يضعون على اكتافهم مناشف ، لأن المسلم حين يغسل يديه يمسح بملابس الذمي ( المسيحي او اليهودي ) فكان آبائنا وأجادنا في مدينة الموصل يضطرون على حمل تلك المناشف على اكتافهم لكي ينشف المسلم يديه ، لقد تحمل ابائنا وأجادنا الذل والهوان لأن ابواب الهجرة لم تكن متوفرة امامهم في ذلك الوقت ، إن داعش ليست وليدة اليوم غبطة البطريرك لقد كانت داعش جاثية على صدورنا ، نعم كنا نعيش ولكن نادراً ما كان منطق المواطنة من الدرجة الأولى سائداً ، وهذا يفسر الهبوط الديموغرافي الخطير في اعداد المسيحيين في العراق من دولة مسيحية سكانها اكثر من 95 بالمئة من المسيحيين الى 1 ـ 2 بالمئة .
نحن نرى حركتكم الدؤوبة مع المطارين الأجلاء ومع رؤساء الكنائس الأخرى ، من لقاءات المسؤولين المحليين والدوليين ، ومن التصريحات ومن المؤتمرات الكثيرة ، لكن بصراحة كل هذه الحركة الدؤوبة لم تثمر ما تصبون اليه من وضع الأمور في نصابها فيما يتعلق بشعبكم الكلداني وبقية المسيحيين في العراق او وضع المسيحيين في الشرق الأوسط بشكل عام ، وباستثناء المساعدات الأنسانية الأنية لم نلاحظ اي تطورات سياسية او عسكرية على بلداتهم المسيحية ، ولم نلاحظ اي خطوة لتحقيق منطقة آمنة . فتصريحات المسؤولين العرب وغيرهم الذين تجتمعون معهم ، إنها كلمات معسولة لا تغني عن جوع ، ويعطون وعود فارغة خالية من الأفعال ، فالكلام الطيب شئ ، والواقع المأساوي شئ آخر .
باعتقادي غبطة البطريرك الوقت لم يكن مناسباً لإثارة هذا الموضوع ، وسوف اكتب مقالاً تفصيلياً حسب وجهة نظري ، وأستطيع غبطة البطريرك ان اكيل المديح لكم وأبارك كل الخطوات وكل التصريحات وكل المواقف دون تحليل او تمحيص ، واعتقد ان ذلك سوف لا يكون مجدياً لمسيرة البطريركية ، فالمديح لا يشخص مواضع الخلل في العمل ، لدينا في القوش مثل يقول إذهب عند الذي يبكيك ولا تذهب عنذ الذي يضحكك ، إن الذي يكيل المديح لك في كل خطوة فهو مداح لغيرك ايضاً الذي كان قبلك والذي يأتي بعدك ، إنه يجيد صناعة المديح فحسب ، وبتصوري في هذه المرحلة نحتاج الى من يشخص الخلل ويضع اصبعه عليه  بغية معالجة الداء وتشخيص الدواء الناجح .
في قت الضيق والشدة يتعين نسيان وتهميش كل الخلافات الثانوية ، والوقوف صفاً واحداً وبقلب واحد من اجل اجتياز تلك المحنة ، فكيف إن كانت الكارثة بحجم استهداف وجود شعب اصيل وطرده من ارضه . وما قيمة المشاكل التي وردت في بيانكم بإيقاف عدداً من الكهنة والرهبان إزاء الكارثة الكبيرة المحيقة بنا ؟
نأمل التريث وحل كل المشاكل بمحبة المسيح وبروح اخوية بمنأى عن اي ثقافة انتقامية .

د. حبيب تومي / القوش في 24 / 10 / 2014

11
مقاربة بين سقوط سلالة اور الثالثة وسطوع نجم داعش
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
اعترف للقارئ الكريم انه عنوان يبعث على الأستغراب ، ماذا يربط سقوط سلالة اور الثالثة بظهور وتقدم تنظيم الدولة الإسلامية ؟ داعش ، ولهذا سوف اسرع لاستيضاح العوامل التي تربط هذه بتلك . فكما هو معروف لذوي الخبرة في المجال العسكري ان الجيوش تزحف على بطونها أي ان الطعام هو العامل الأول في استمرارية الجيش ، والعوامل الأخرى مثل الأسلحة والذخيرة والتجهيزات اللوجستية ، تتوقف على توفير المال فمن يملك المال مرشح لربح الحرب ،والأموال هي الضرورة القصوى لاستمراية الحرب .
في مطاوي التسعينات من القرن الماضي اخبرني المرحوم الأب الدكتور يوسف حبي بنية صدور عدد خاص من مجلة بين النهرين حول هجرة ابونا ابراهيم من اور الكلدانيين ولمناسبة مرور الألفية الرابعة على هذه الهجرة والتي كانت باتجاه مدينة حران وبلاد الكنعانيين ومصر  .وطلب المرحوم ان يكون لي مقالة بهذا العدد وهو المرقم  103 و 104 سنة 1998 م .
لقد كان في العدد مقالات كثيرة لكن معظمها او جميعها ، كانت معتمدة على التوراة سفر التكوين ، وربما كنت الوحيد الذي تطرقت الى اسباب خارج سياق الإطار الديني ، حيث وضعت المسألة في الإطار الأقتصادي والسياسي ، فعظمة بلاد ما بين النهرين تكمن في الحياة التي يوزعها نهري دجلة والفرات وهما في طريقهما بين جبال وبراري وصحاري العراق محولاً الأراضي التي يمران فيها الى جنة ، لكن الذي حصل  عبر التاريخ ان محصول الحنطة الذي كان من  المحاصيل الرئيسية الضرورية لإطعام  الشعب والجيش أخذ يتناقص بعد تشبعت الأراضي المسقية بالأملاح ولم يتوصل الأنسان وقتذاك الى اختراع غسل التربة عن طريق البزل ، فلم يعد بمقدور محصول الحنطة النمو بتلك التربة ، فأصبح التركيز على محصول الشعير الذي يقاوم الملوحة اكثر من حبة الحنطة ولكن  بعد سنين وعقود من الزمن بدأ محصول الشعير يتناقص ايضاً بسبب الملوحة الزائدة في التربة .
 كان نقص الغذاء ، ولم يعد بالمستطاع توفير الغذاء للمقاتلين فسقطت سلالة اور الثالثة (2112 – 2006 ق.م) وبسبب الوضع الأقتصادي المتردي الناجم عن هبوط مستوى محصول الحبوب ، كان انكسار جيوش الدولة وكانت هجرة شرائح كثيرة من المجتمع ، وكانت هجرة ابونا ابراهيم بنفس الفترة ، وإن هجرة الآشوريين من سهل  شنعار هي لنفس الأسباب . وما يهمنا في هذا الأستطراد هو ان سلالة اور الثالثة بعد ان كانت امبراطورية واسعة وهنت وأفل نجمها بسبب عجزها من توفير الغذاء للجندي المحارب وبصورة  ادق فانها سقطت لأسباب اقتصادية ، فحين انقطاع شريان اقتصادها في محصول الحبوب كان سقوطها السياسي والعسكري . وفي مرثية لسقوط  اور الكلدانيين يقول الشاعر الكلداني القديم :
اور في داخلها موت وفي خارجها موت
في داخلها نموت نحن من الجوع
وفي خارجها نقتل نحن بأسلحة العيلاميين
لقد اخذ العدو اور ..
ورفع مزالج بواباتها ، وها هي ابوابها مشرعة الى اليوم
لقد داسها العيلاميون مثل سيل عرم
فتحطمت اور بفعل السلاح مثلما يتحطم اناء من فخار ...
والآن نأتي الى الشق الثاني من الموضوع وهو سطوع نجم الدولة الإسلامية ( داعش ) في القرن الواحد والعشرين وتوسعها الصارخي على حساب العراق وسورية وتهديدها  لدول المنطقة مع تهديدات اخرى للدول الغربية التي تحالفت لمحاربة داعش ، وقد تحالفت اكثر من ستين دولة بضمنها دول عربية إسلامية لمحاربة الدولة الإسلامية داعش هذه الدولة التي يشكل العامل الأقتصادي الركن الرئيسي في قوتها وديمومتها . 
نعم هنالك عوامل اخرى لهذه القوة وهذا الزخم ومنها بعث الفكر الديني الأديولوجي حيث ان الشباب متأثر ثورياً بطروحات الدولة الناشئة كبعث للدولة الإسلامية وطروحاتها الدنيوية المثيرة بسبب الغنائم وسبي النساء والمغريات في الحياة الأخروية بجنة محتشدة بحور العيون .
لكن نبقى بالعامل الأقتصادي
يبدو من المعطيات ان داعش تسلك استراتيجية مختلفة عن غيرها من التنظيمات التي كانت تقوم بعمليات ارهابية ، فقد طرحت داعش نفسها بمفهوم (الدولة ) الإسلامية ، وبالتحديد للمكون السني من الإسلام ، فتقاطر الشباب المسلم ( السنة ) من اربع جهات المعمورة ، فكان ضمان تأمين القوى البشرية المهمة والضرورية لمثل هذه الطروحات الطموحة . واهتمت بمسالة التمويل الذي يعتبر الدعامة الأساسية في محور الأستمرارية والديمومة . ويمكن الإشارة الى نقاط رئيسية وهي :
ان البداية تتلخص في تكوين نواة قوة عسكرية قادرة للحركة السريعة في الأراضي السهلة وكانت شبكة سي أن أن الأخبارية الأمريكية قد كشفت مصادر تمويل داعش بأنها من السعودية والإمارات وقطر ، وإن تركيا تقدم تسهيلات في وصول المقاتلين عبر أراضيها الى سورية ، وقد يكون اشتراك السعودية والإمارات في التحالف الدولي ضد داعش محاولة لدحض تلك المزاعم ، لكن ذلك لا يبدل القناعة بضلوع هذه الدول في تقوية الإرهاب فالخطاب الديني المتزمت للسعودية ووجود آلاف المدارس الدينية والجمعيات الخيرية التي تساهم بقوة بدعم الإرهاب مالياً وبشرياً وهي منبع الإرهاب والتطرف الإسلامي في المنطقة والعالم .
من المحتمل ان تكون الحكومات المعنية غير مساهمة  رسمياً بالتمويل المباشر ، ولكن سكوتها لا يمنع إن حركة داعش تتلقى تمويل ودعم من قبل المنظمات والأثرياء بالكويت وقطر والسعودية وغيرها .
إن تنظيم داعش يحاول تحقيق مصادر للتمويل الذاتي دون الأعتماد على الدول ، لقد كشف المحللون ووكالات الأخبار ان الدولة الإسلامية ، داعش ، تعتبر من أغنى التنظيمات الجهادية على مستوى العالم، إذ يقدر حجم اقتصاده بما يقارب حجم اقتصاد بعض الدول الصغيرة، واستطاع مراقبون أن يقدّروا ثروة داعش بحوالي  2.1 مليار دولار.
ـ إن التوسع السريع في الأراضي العراقية والسورية اتاح لداعش السيطرة على آبار لأستخراج النفط وعمدوا على تكريره بوسائل بدائية ليكون جاهزاً للبيع بأسعار مخفضة في السوق السوداء وقد انتبهت دول التحالف على هذا الجانب المهم للتمويل فبادرت الطائرات الأمريكية لقصف تلك المصافي والآبار وشلت امكانيات داعش في الأستفادة من هذا المورد المهم .
ـ الخطف والأبتزاز ، إذ يجري خطف الأفراد من من العوائل الغنية او افراد اجانب إن كانوا يعملون في منظمات إنسانية او مراسلي صحف او وكالات فكما هو معلوم فقد اختطف عشرات المواطنين الأتراك والهنود بحدود المناطق الواقعة بشمال غرب بغداد وطالبوا الحكومة والسفارات بدفع فدية لإطلاق سراحهم.، إن مهنة الخطف واحدة من الأساليب الخسيسة لأبتزاز الأموال من العوائل والمنظمات والدول .
وكما هو معروف فإن جماعة القاعدة او حضائن داعش في الموصل وقبل فتحها من قوات الدولة الإسلامية في العراق والشام ، داعش ، كانت تفرض ضرائب شهرية على التجار والشركات والمقاولين ، وبعد استيلاء داعش على الموصل فرضت المزيد من تلك الضرائب ، ليس على الموصل فحسب بل على كافة المدن التي تستولي عليها ، فهذه المبالغ تقدر بملايين الدولارات تتدفق شهرياً على ميزانية الدولة الإسلامية .
ومن اساليب الحصول على الأموال لدولة داعش الإسلامية تجارة المخدرات والسرقة وبيع الآثار المسروقة من المتاحف ، ومن والإستيلاء على ممتلكات وأموال المختلفين دينياً كالأيزيدية والمسيحيون واعتبارها من الغنائم ، هذا إضافة الأموال العامة التابعة للدولة فمثلاً يوم دخول داعش الى الموصل وضعوا ايديهم  على الأموال في البنك المركزي في المدينة وكانت السبائك الذهبية تقدر 430 مليون دولار كما تناقلته وكالات الأنباء في وقتها .
هكذا تمتلك خلافة الدولة الإسلامية مؤهلات وإمكانيات كبيرة تفوق إمكانيات بعض الدول ، ولهم تنظيم جيد وأسلحة وأعتدة ، وأموال كثيرة ، وهكذا رغم الضربات الجوية فلا زال مقاتليها يتوسعون ويهددون غير آبهين بالتحالف الدولي ضدها ، واليوم يهددون مدينة بغداد ، ويتوسعون في الحدود الشمالية في سورية يرومون الأستيلاء على مدينة كوباني الكوردية المهمة طارقين ابواب الحدود للدولة التركية .
ويبقى خطر سرطان الدولة الإسلامية ،داعش ، قائماً ما لم تتضافر الجهود العراقية والأقليمية والدولية في التصدي لهذه العلة الخطيرة  .
د. حبيب تومي / القوش في 16 / 10 / 2014
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
http://edition.cnn.com/2014/06/22/world/meast/mme-isis-money/index.html?hpt=hp_c4#index

12
القوش الحزينة من يمسح دموعها ؟
بقلم : د. حبيب تومي ـ القوش
habeebtomi@yahoo.no
نعم ، القوش اليوم تبدو وكأنها ترتدي حلتها الحزينة ، فأتساءل اين فرحها ؟ صحيح للقادم من بعيد تبدو المدينة في حضن جبلها رابضة بحنان وهي مكللة بالأشجار الباسقة لكن حين الوصول الى القوش تشاهد ان ابتسامة اهلها المعهودة قد اختفت وراء تراكم الوقائع  المؤلمة ، صحيح كانت هناك مأساة كبيرة وحملة إبادة بالنسبة لأخواننا الإزيدية ، ومن بعدهم كانت مأساة ومظالم اهل الموصل المسيحيين من كلدان وسريان ، ومن ثم كانت نكبتهم يوم احتلال مدنهم  بغديدا وكرملش وبرطلي وتلكيف وباطنايا وباقوفا وتلسقف واضطرارهم  للنزوح من مدنهم وبلداتهم ، وبلمح البصر فقدانهم كل شئ ، والقوش لم تكن بمنأى عن تلك الأحوال حيث اضطر اهلها الى تركها والنزوح نحو كوردستان وكان ذلك يوم 5 و6 من شهر آب المنصرم  . التقيت بمجموعة كبيرة من الأصدقاء ومنهم الصديق العزيز بطرس قودا ، وقال بقي عشرة ايام مع عائلته كنازحين في إحدى القرى ويضيف ان تلك الحياة لا تطاق لأنك في كل الحوال مجبر عليها ، وكم يملؤ صدرك الألم حينما تترك بيتك وكل ما تملك وتصبح في لمح البصر نازحاً وتصبح من الذين يتلقون المساعدات الأنسانية ، كم يؤلمك ذلك اخي حبيب ؟ اجل ان ذلك مؤلم و الشئ بالشئ يذكر عن الصديق الأستاذ بطرس :
حينما كنا تلاميذ في الصفوف الأبتدائية ( في العهد الملكي ) كانت الكتب والقرطاسية توزع مجاناً للفقراء واليتامى ، وكنا نعمل شهادة فقر موقعة من المختار ، نسلمها لإدارة المدرسة ويوم توزيع الكتب ، استلمنا الكتب دون مقابل ونحن جميعاً يغمرنا الفرح  باستثناء التلميذ بطرس عيسى قودا لأنه كانت يتيم ، واستلم الكتب مجاناً ، فقد وصل الى البيت باكياً ، وتسأله امه عن سبب بكائه ، فيقول لها : هل نحن فقراء يا امي ؟ فتجيبه الأم : كلا يا ابني من قال لك نحن فقراء ، فأجاب : إذن لماذا اعطيت لي كتب مجاناً ؟ وهنا اخذت  الأم التلميذ بطرس مع الكتب الى ادارة المدرسة ودفعت ثمنها امامه للإدارة مقابل وصل استلام ، واقتنع التلميذ بطرس انه ليس من عائلة فقيرة .
ونبقى قليلاً مع الصديق الأستاذ بطرس عيسى وهو خال الوزير المسيحي الكلداني فارس يوسف ، فيقول :
قبل يومين اتصلت به ( الوزير ) تلفونياً وابلغته بمشكلة كبيرة في القوش ، وهي ان محصول حبوب الحنطة لهذه السنة لا زال مكدساً في مكانه في العراء تحت السماء والشتاء على الأبواب ، وينتظر تسويقه لكي تشتريه وزارة التجارة ، ويضيف ان الوزير فارس فعلاً اجرى اتصالاته مع ذوي الشأن بضمنهم وزير التجارة الذي وعد باتخاذ الأجراءات اللازمة بأسرع وقت ممكن ، لأن الظروف استثنائية في المنطقة .
كثير من الأصدقاء الذين يصادفوك يفاتحونك بقولهم : لماذا قدومك الى القوش يا حبيب ؟  نحن نريد المغادرة وأنت ماذا جاء بك في هذه الظروف . والجواب الروتيني : ليكن حالي من حالكم ومصيري مثل مصيركم ، ولبعضهم اضيف :
إن القوش اجمل واحب منطقة في الوجود الى قلبي ، الا يقطع العاشق الوديان والجبال والشعاب والصحاري ويتحمل الصعاب من اجل حبيبته ؟ وهل احب حبيبتي في اوقات السلام وابتعد عنها اوقات الشدة ؟
في اليوم الذي وصلت مساءً كانت شمس الغروب تستعد للدخول في خدرها هناك في الأفق البعيد لتودعنا بخيوطها الذهبية الطفيفة مخترقة الغيوم الصيفية التي ترسل امتداداتها نحو الشمال حيث جبل القوش الخالد فتحوم فوقه وكأن هناك تنافساً بين الجبل والغيوم من اجل السمو والترقي ، إنها صورة طبيعية تسحرني وتزاد سحراً حينما يمتزج التاريخ بالجغرافياً فإن وصلت الى القوش وانتقلت في ازقتها لتصل الى مدرسة مار ميخا النوهدري والى مرقد النبي ناحوم الألقوشي والى محلة سينا ومحلة قاشا ومحلي ختيثا ومحلة اودو ، فيزداد تعلقك في المكان كما قلت ويبدو ان ظلمة الليل لها خصوصيتها فحلول  الظلام لا يعني رقود الحياة ، فإن اخذنا بمقاييس شبابنا وطفولتنا حيث لا تلفزيونات ولا راديوات ولا كهرباء.. بل فوانيس ولمبات وسراريج او اسرجة ( جمع سراج= شراءا) ، وكانت على ضوئها تعقد حلقات وتحكى حكايات وتطرح حزورات وهكذا ،واليوم هناك النوادي والبارات والقهاوي ..
كل من يصادفك يجاملك بأن كل شئ على ما يرام ولكن حين مواصلة الحديث ، سوف تكتشف الحزن والوجوم بادياً في اعماقه ، وهو لا يستطيع إخفاءه . حينما تسير في ازقة القوش القديمة حيث يفوح عبق التاريخ وعطره ، او في شوارعها في القوش الحديثة حيث الحداثة والفخامة للبيوت الجديدة ، وتلتقي بناسها تقرأ في عيونهم وعلى وجوههم سيماء الحزن ، وكأن شيئاً عزيزاً قد فقد من هذه المدينة التاريخية او هو خوفهم المشروع على ماسّتهم النفيسة ، فمظاهر الترقب والخوف من المجهول وما يضمره المستقبل ، إنها عقدة ليس الى حلها سبيل في القريب العاجل .
في اليوم الأول التقيت بمعارف وأصدقاء التقيت بهم عن طريق الصدفة ، في محل للتسوق ، اسواق ( زرا) العامرة ومعظم الأسواق في القوش هي كذلك ، رأيت انها شبه خاوية وصاحبها يقول بأنه يعمل على تصفيه اسواقه ، لأنه ازمع على الهجرة ، وإن هذه الأرض لم تعد تتسع لنا ، لقد كان هذا المحل كما يقولون في القوش ( قّاطي ديوا وسيما ) وكان المثل يضرب لمن له مهنة من قبيل : نجار ، حداد ، خياط ، اسكافي ، حائك ـ مبيضجي ـ اي صفار .. الخ لأن المهنة تقطع ذهباً وفضة .
التقيت بالأستاذ جميل حيدو في قاعة مارقرداغ في القوش حيث كانت اربعينية الصديق المرحوم المهندس جرجيس حبيب حيدو ، وعزا وفاته الى تلك الظروف وقد دفن في عنكاوا لأستحالة نقله الى القوش في تلك الظروف ،وحدثني الأستاذ جميل حيدو بانهم توجهوا يوم 5 آب نحو دهوك وبعد الأتصال بأحد اصدقاء ابنه حصلوا على بيت فارغ مؤثث في شيوز ( شيزي)  فسكنوا به ليصل عددهم في البيت 35 شخص ، يقول كان بجوار البيت هياكل بيوت مسقفة وحين نزوح ايزيدية من جبل سنجار اسكنوا في تلك الهياكل ويقول تعرفت على احدهم واسمه خديدة الذي سرد لي احداثاً عجيبة من الأعتداء على اعراض الناس وقد سرد بعضها لي الأستاذ جميل لكن  من غير المناسب إدراجها في هذا المقال ..!!!
لكنه يضيف من طريف ما حدث ونحن في تلك الظروف خابرني خديدة في ساعة متأخرة من الليل يقول : بأن زوجة ابنه قد ولدت طفلاً في هذه الساعة ونحن محتاجين الى بعض الملابس لهذا الطفل الذي اقبل الى الدنيا في هذه الظروف : فيقول جميل لأبني طفل بعمر ثلاثة اشهر اخذنا مجموعة من ملابسه مع حفاظات الطفل وأخذت نسائنا تساعد الأم . ويختم استاذ جميل حديثه : رغم اننا كنا في البيت لكننا شعرنا وكأن كابوساً يخيم على صدورنا ، الى ان رجعنا الى بيوتنا .
لقد سمعت قصص كثيرة عن النزوح لكن معظمهم او جميعهم يؤكدون ان مضيفهم او جيرانهم كانوا كرماء ولطفاء معنا وحدثتني نازي شموئيل زوجة المرحوم عمي كريم تومي الذين نزلوا في اينشكي ان  اهالي القرية استقبلوهم بمودة قدموا لهم لعون اللازم ، وكنا سعداء سعداء في هذه القرية وكأننا في بيوتنا ونحن مدينين لهم بهذه الضيافة الكريمة .
هنالك موضوع الهجرة الذي يستعد له معظم ولا اقول الجميع ، عائلة كبيرة اعرفها سافروا الى بغداد للحصول على جوازات سفر ، عوائل كثيرة تعود من تركيا لأن الأنتظار طويل يصل الى سنة 2020 وهم يشدون الرحال نحو الأردن او لبنان ، العنصر المتحمس في هذه الهجرة بين افراد الأسرة هي الزوجة ، والرجل ( المسكين ) في معظم الأحوال يبقى معترضاً ، لكن في الآونة الأخيرة لم يعد اعتراضه ذي قيمة ، فيمكنه ان يمكث في البيت ( فهذه مشكلته ) فأفراد الأسرة يعرفون الطريق ، وقد وصل الأمر في بعض العوائل الى مشاكل جدية بين الزوج والزوجة .
بعض من هم مصرين على البقاء مثل الأخ نادر يشكو ويقول بأن وضع القوش سيكون ضعيفاً بعد ان يهجرها معظم ابنائها ، إنه يتكلم بحزن وألم ولا يريد مغادرتها مهما كلف الأمر وفي الحقيقة ثمة شريحة لابأس بها مثل نادر .
لقد كانت صورة الهجرة ( النزوح) في البداية شاملة وكاسحة فحينما هاجر اهل القوش وتلسقف وباطنايا وباقوفا الى دهوك مثلاً كان اهل دهوك قد سبقوهم في النزوح الى مناطق نحو الحدود او الى تركيا وهذا ينطبق على القرى والبلدات المسيحية في محافظة دهوك ، اليوم في القوش عدد من عوائل باطنايا وتلسقف قد استأجروا البيوت في القوش . ويقوم الألاقشة بالخفارت الليلية ويدير الحراسة منظمة الحزب الشيوعي في القوش ، وينبغي ان نعترف ان المنظمة الحزبية الوحيدة التي بقيت في القوش وظلت ابوابها مفتوحة ونظمت الحراسات المنتظمة والى اليوم ،  شكراً للقائمين على هذه المنظمة الشجاعة .
بقي ملاحظة مهمة اختم فيها مقالي :
أفاد بعضهم : بأن القوش لم يصادف ان توقف ناقوسها عن الضرب في يوم من الأيام ولمدة 2014 سنة ( هذا كلام مجازي ، والصحيح هو منذ دخول المسيحية الى القوش ) ولكنه لأول مرة يتوقف ولمدة عشرة ايام وبعدها عثر على مفتاح الكنيسة عند الصاعور ليستأنف ضربه والتاريخ والفضاء يرددان صدى دقات ورنات ناقوس كنيسة القوش  .
د. حبيب تومي /القوش في 8 / 10 /2014

13
الإزيدية والمسيحيون : كم انت ظالم يا وطني !!!
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
سنين الحرب مع ايران اشتركت فيها كل شرائح المجتمع العراقي : العرب ، الأكراد ، التركمان ، الكلدان ، الاشوريين ، السريان ، الأرمن ، المندائيين ، الكاكائيين ، الشبك ، الأزيدية ، المسيحيين ، المسلمين من السنة والشيعة ، وكل اطياف الشعب العراقي ، لقد كانت الحرب بين الدولة العراقية والدولة الإيرانية بغض النظر عن طبيعة هذه الحرب وإشكالياتها وأهوالها التي تحملها الشعبين العراقي والإيراني .
لقد حارب الأزيديون والمندائيون والمسيحيون الى جانب المكونات الأخرى دفاعاً عن الوطن وسقوا تربة العراق بدماء شهدائهم الزكية ، ولم يقولوا هذه الحرب بين المسلمين ليس لنا فيها اي مصلحة ، بل دافعوا عن الوطن بكل شجاعة وإخلاص ، وكانت النتيجة كوكبة من الشهداء وشباب معوقين وأسرى .
 اليوم يأتي من يقول للمندائيين والإزيدية والمسيحيين ، بأن هذه الأرض ليست لكم إنها ملك الدولة الأسلامية ، ليس لكم حصة في هذه الأرض والخيار امامكم هو ان تجحدوا دينكم وتعتنقوا الإسلام ديناً لكم ، وإلا فحد السيف ينتظر رقابكم ، وكانت النتيجة معروفة في عملية الأقصاء والتطهير الديني وفي محاولة الإبادة الجماعية بحق المكون الإزيدي الأصيل .
كم انت ظالم يا وطني !!
حينما يأتي اقرب جار مسلم ويقول لك عليك ان تترك بيتك وما فيه من اثاث وان تخرج بملابسك التي تكسو جسمك ، وان تترك سيارتك ومقتنياتك للدولة الإسلامية ، وحينما تسأله عن السبب يقول لأنك مسيحي . الذي يحز بالنفس ويفطر القلب هو جارك المسلم الذي عاش بجوارك سنين وعقود ويصبح مرشداً للمسلحين من الدواعش لكي يستولوا على بيتك الذي بنيته بعرق جبينك ، فأين اصبح الوصاية بسابع جار ؟ وماذا عن اول وأقرب جار ؟ اجل إنه وطن ظالم . يقولون :
الوطن الذي لا يحمينا لا يستحقنا ، وإن ظلم ذوي  القربة اشد مضاضة وأكثر ايلاماً ، وهكذا وضع معظم النازحين امامهم الهجرة الى الأوطان التي تحترم كرامة الإنسان مهما كان دينيه ولونه ومذهبه وقوميته ، الهجرة الى البلد الذي لا يستولي على بيتك ويقول هذه غنائم حللها الله للمسلمين ..
في اربيل أعلنت المديرية العامة لجوازات السفر أن آلاف النازحين يقبلون على استصدار جوازات السفر من المديرية لغرض الهجرة إلى خارج العراق، مشيرة إلى أنها تسلمت خلال الأسابيع الثلاثة الماضية نحو 9 آلاف طلب من النازحين الموجودين في إقليم كردستان .
وهكذا اصبح الخيار الأكثر قبولاً هو شد الحقائب والهجرة الى ارض الله الواسعة ، التي لا يوجد فيها شريعة تعاقب على الدين المخالف كما هي في الدول الإسلامية والعربية . وخلال هذا العقد سوف يفرغ العراق من الكلدان وبقية المسيحيين ومن الإزيدية ومن المندائيين ما لم تتوفر منطقة آمنة تحت الحماية الدولية ، فيبدو ان الغابة العراقية تقبل الدين الواحد ولا تتسع للتعددية الدينية .



النازحون من المسيحيين يتناكفون للحصول على جواز سفر لمغادرة الوطن الظالم
نأتي الى الشق الثاني من المقال بشأن الأخوة الإزيديين ، إن الإزيدية قوم عراقي اصيل استطاع عبر التاريخ من الصمود والبقاء رغم تواتر المظالم والإضطهادات الدينية وان يحافظ على معتقداته الدينية الأصيلة وان يصمد بوجه الغزوات الإسلامية الأنتقامية التي تواترت في العصر العثماني وقبله وبعده وأخيراً كانت حملة مسلحي الدولة الإسلامية في العراق والشام ، داعش ، التي فاقت في قسوتها كل تلك الغزوات في العهد العثماني .
ربما كان نوع من التساهل نحو المسيحييين بجهة منحهم بضع ساعات للنجاة بأنفسهم من السيف المسلط على رقابهم ، لكن المكون الإزيدي لم تتاح له مثل تلك الساعات الثمينة من الوقت ، لكي ينسحب بأبنائه وبناته وأطفاله ونسائه وشيوخه من حد السيف المسلط على رقابهم .لقد طبقت بحقهم على الفور الآية :
لقد أُمرت أن أقاتل الناس ، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وإن محمداً رسول الله . ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الله وحسابهم على الله تعالى    .
لقد كانت مأساة انسانية بمجزرة بحق الرجال الذين وقعوا في اسرهم ، وكان كارثة اخرى بالعودة الى الأفعال المقرفة التي كانت سائدة قبل 1400 سنة بسبي النساء ، حيث يقول نبي الإسلام لأصحابه في معركة تبوك : اغزو تبوك تغنموا بنات الأصفر ونساء الروم .
وهذا ما قامت به الخلافة الإسلامية الحديثة في القرن الواحد والعشرين

.

الدولة الإسلامية في القرن الواحد والعشرين تبيع النساء في المزاد العلني وهذا سوق الجواري بالموصل يحدد سعر اليزيدية والمسيحية بـ500 أو 1000 $ بالمزاد العلني راجع الرابط ادناه  :
http://www.tayyar.org/Tayyar/Touch/NewsDetails.aspx?_guid=%7B57123F6E-F24E-4C2D-BA93-0FB5FE21D168%7D
كما كانت المأساة الإنسانية التي طالت تلك الجموع البشرية التي تقطعت بهم السبل في شعاب ووديان وصخور جبل سنجار وهي تستنجد الضمير الإنساني لكي ينقذها من السيف ومن الإرهاب ومن الجوع ومن العطش.



                           كم انت ظالم يا وطني !!!!
لقد علق احد الأخوان على مقال سابق لي على موقع صوت كوردستان كان بنفس المعنى يقول :    
كم أخجل من نفسي ان اكون على دين داعش وعلى مذهب داعش، لكن سلواي اني لست على
ديدنهم .لم افكر يوماً ان اكون شرطياً لله او عبد جاهل وذليل لإمام مجنون أنفذ رغباته في إيذاء الاخرين.
أخذت من الاسلام ما يجعلني ان احب جاري الى سابع جار، والجار قبل الدار
وأخذت من المسيحية التسامح وتقبل الاخر والأمانة.
وحاصل ثقافتي هو ان احب جيراني من كان وعلى اي دين كان اكثر من مسلمي مكة والمدينة.جيراني يفيدوني اكثر من اهل مكة. ابناء مدينتي هم اخوتي الحقيقيين ويمتد الحلقة لتشمل جيران جيراني وجيران مدينتي لكن يبقى الأقربون بمفهوم الجغرافية لا بمفهوم الحسب والنسب هم اولى بالمعروفِ، وعلى هذا الأساس أستطيع العيش مع الجميع دون مشاكل بل هذا يساهم في بناء مدينة .
اجل هذا صوت واحد لكن ماذا عن الأصوات الأخرى ؟ الم تكن المجازر بحق الإزيدية ان تشكل حافزاً ان تقوم مظاهرات واحتجاجات غاضبة ؟ إننا لم نرى شئ من هذا القبيل بل ربما كان محاولات تبرير لما حصل .
فكما هو معلوم ان داعش هي تطور في عمل القاعدة والمنظمات الأخرى فلدينا دواعش كثيرة مثل جبهة النصرة وأحرار الشام في سورية وبوكو حرام في مالي ، وأنصار الشريعة في ليبيا ، والقاعدة في اليمن وأبو سياف في الفيلبين ، والتنظيمات المتطرفة في سيناء ومنطقة جنوب الصحراء .. الخ إنها منظمات لها حواضنها في المنطقة ، وقد رأينا كيف تحفظت بعض الدول كتركيا والقطر على ضرب داعش وكيف يغازل الإسلام السياسي داعش . إنه صمت يقترب من الأبتهاج بفتوحات داعش .
برأيي المتواضع ان الصراع ضد داعش متأتي من خوف بعض الحكام العرب على عروشهم ، لأن داعش يطبق الإسلام بشكل جذري وفكره جاذب للشباب الصغار كبعث للخلافة الإسلامية  وربما تبقى الأليات في ذبح الرقاب يصار الى عدم ترويجه وإلا هنالك ارتياح عام لصعود نجم داعش بهذه السرعة .
بقي ان نشيد بالتحالف الدولي الذي تتزعمه امريكا للتخلص من داعش ونأمل ان يتعافى العراق من هذه الآفة ويأخذ طريقه الى الأستقرار والبناء والتطور .
وفي موضوعنا إن اردنا العيش الأمن للمسيحيين والأزيدية يجب ان تكون هنالك منطقة آمنة تحت إشراف دولي دولي يضمن عيش وسلامة هذين المكونين في الغابة العراقية ، الى ان تستعيد الدولة العراقية هيبتها وتبسط الأمن والأستقرار في ربوع العراق ، حينها سوف لا نردد : كم انت ظالم  يا عراق يا وطني !
د. حبيب تومي / اوسلو في 19 / 09 / 2014






 




14
بشينا وبشلاما المطران الجليل رمزي كرمو في اوسلو
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
منذ اوائل القرن العشرين كانت طلائع من ابناء الشعب الكلداني وقد وصلت الى العالم الجديد ( امريكا ) ليشكلوا هناك جالية كلدانية ( Chaldean ) وهي اول جالية كلدانية خارج الوطن (بيثنهرين ) وفي اواخر القرن المذكور كانت الهجرة الى دول اخرى كالدول الأوروبية واستراليا وكندا إضافة الى امريكا ، وبعد عام 2003 كانت الهجرة الكبرى للكلدان وبقية مسيحيي العراق ، إلا ان الهجرة الأكبر كانت بعد سيطرة الدولة الإسلامية في العراق والشام ، داعش ، على مدينة الموصل وسهل نينوى برمته ، لنشهد فراغ مدينة الموصل وكذلك معظم المدن والقرى التابعة لشعبنا المسيحي من سكانها المسيحيين ، وأمام هذا الواقع المرير اضطرت سفينة شعبنا الى الرسو في مرفأ الهجرة الى الخارج وها هو يشد الرحال للإبحار الى ارض الله الواسعة .


الحشد البشري المسيحي للحصول على جواز سفر للهجرة من الوطن الذي لا يقبلهم ولم يعد لهم موطئ قدم فيه .

المسيحيون العراقيون بصورة عامة والكلدانيون بشكل خاص كان رأي الكنيسة مُنصب على التواصل معهم  في دول المهجر بجهة حفاظهم على تراثهم وهويتهم وتربيتهم المسيحية ولغتهم الكلدانية وطقسهم الكنسي الكلداني ، الذي ورثناه من ابائنا وأجدادنا جيلاً بعد جيل ، وكانت الكنيسة الأم الرؤوم ، امينة ووفية ، وطيلة قرون مضت ، للحفاظ على تلك اللغة وتلك الهوية ولم تقبل الذوبان في كؤوس الآخرين ، رغم محاولات الترهيب والترغيب عبر التاريخ  ، وها هي الكنيسة اليوم تنهض بواجبها في رعاية ابناء الوطن في محنتهم الإنسانية التي تعرضوا لها ، بعد هيمنة مسلحي الدولة الإسلامية على الموصل ومدن وبلدات وقرى سهل نينوى ، واليوم تشكل اوضاع المسيحيين في العراق وفي دول الشتات الشغل الشاغل لكل رجال الدين الأجلاء من مختلف الكنائس العراقية وفي مقدمتها الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية .
 
المطران الجليل رمزي كرمو كلي الأحترام وكاتب هذه السطور على يمينه

في اوروبا لا تخلو دولة من المكون الكلداني وتنتشر الإرساليات الكنسية في الدول التي فيها جاليات كلدانية ويبلغ عدد الرعايا فيها 18 رعية مع وجود 22 كاهن ويربو عدد الكلدان في هذه الدول على 40 الف نسمة ، وهناك بعض الدول تفتقر الى كاهن رغم وجود جالية كلدانية لكن ليس فيها كاهن يدير شؤون الرعية وعلى سبيل المثال دولة فنلندا والنرويج التي فيها خورنة مار يوسف الكلدانية .
كان الخور اسقف فيليب نجم زائراً رسولياً لعموم الكلدان في اوروبا وأسس عدة خورنات منها خورنة مار يوسف الكلدانية في اوسلو واليوم هو مطران الكلدان في مصر .
وبناءً على طلب آباء السينودس الكلداني المنعقد للفترة 5-10/ 6 / 2013  في بغداد، عيّن قداسة البابا فرنسيس سيادة المطران رمزي كرمو زائرًا رسوليًا لعموم الكلدان في اوروبا مع احتفاظه بكرسيّه رئيسًا لأساقفة طهران . وبموجب هذه المسؤولية كانت زيارته لدولة النرويج ، لتفقد رعيته التي كانت متعطشة لمثل هذه الزيارة الأبوية والروحية في هذه الأوضاع الحرجة التي يمر بها وطننا وشعبنا ، وفي نفس اليوم استقبلنا الأب فادي القادم من مدينة يوتوبوري في السويد ، وكانت زيارته لمدينة اوسلو لمرافقة المطران رمزي كرمو ، إذ رافقه في زياراته وخلال إقامة القداديس وأثناء لقائاته مع ابناء الجالية الكلدانية وكافة المسيحيين الذين حضروا هذه المناسبة السعيدة .
في كرازته بعد قراءة الأنجيل المقدس في القداس الإلهي يوم الأحد الماضي ، حث سيادة المطران ابناء الجالية الكلدانية على التمسك بتراثنا وتقاليدنا الأجتماعية والدينية وعدم الأنجراف لبعض السلوكيات التي تتناقض مع ابجديات تربيتنا الدينية المسيحية والأجتماعية والثقافية ، فرغم  الإيجابيات في هذا البلد وفي غيره من البلدان الغربية ، إلا اننا يجب ان ندين بعض السلوكيات ، كعملية الأجهاض المرأة الحامل ، وعملية زواج المثليين والأنفكاك في الرابطة الأسرية التي تجعل الشاب او الشابة بعد العمر 18 سنة  ان يصبح مستقلاً عن عائلته وهذا يؤدي الى انفكاك الأسرة ، فقد ادان المطران هذا السلوك الذي يناقض قيمنا ومبادئنا وتقاليدنا الأجتماعية .
كما تطرق سيادة المطران الى موضوع آخر وهي افتقار الكنيسة الى الكهنة ، وقد اهاب بأبناء الجالية ان تعمل من الآن لكي تحث الصبيان والشباب على الأنخراط في السلك الكهنوتي ، ولا يهم إن كان ثمة شماساً متزوجاً وكان حسن السيرة ان يرسم كاهناً ، إن الكنيسة بحاجة ماسة الى الكهنة وعلى جالياتنا العمل من اجل انخراط ابناؤهم في السلك الكهنوتي .
 ويضيف انتم رسل الكنيسة المشرقية في الغرب . كما كان ابائكم رسل الكنيسة الى الصين مروراً بالهند ومدنها .
بعد إقامة القداس الإلهي يوم الأحد في اوسلو وجهت له دعوة لحضور تجمع الجالية العراقية لأشعال الشموع على أرواح شهداء العراق ، وهكذا كنا برفقته وألأب فادي في هذا التجمع ، حيث القى سيادته كلمة في جموع الجالية العراقية تطرق فيها على ما يطال المكون المسيحي من إرهاب وظلم وهو في وطنه ، والى اوضاع العراق بشكل عام وكان لهذه الكلمة صدى كبير لدى الحضور .
 وفي اليوم التالي رافقناه والأب فادي والأخ فرج اسمرو والأخ حكمت منصور وأنا الى السفارة العراقية ، والتقينا بسعادة السفيرة سندس عمر علي التي اعربت عن تضامنها مع المكون المسيحي ، وضرورة ان نبقى بجانب الهوية العراقية لسلامة العراق الواحد ، وفي اليوم التالي اقام قداساً في مدينة فريدريكستاد وتقاطر على هيكل الكنيسة جمع غفير من الجالية المسيحية هناك . وبعد القداس كان سيادة المطران والأب فادي يلتقيان مع ابناء الجالية وتؤخذ الصور التذكارية وتدور الأحاديث حول مستقبل شعبنا الكلداني بشكل خاص والمسيحي بشكل عام .
كما كان في اليوم التالي اللقاء مع مطران اوسلو للكاثوليك وموعد آخر مع مطران اوسلو للبروتستانت وفي كلا اللقائين كان الحديث عن الأحوال المأساوية التي عصفت بالأقليات العراقية وفي مقدمتها المكون المسيحي .
بقي ان نشير الى ان المطران الجليل رمزي كرمو عراقي الأصل من مدينة تلكيف الكلدانية مواليد 1945 ومن عائلة كرمو العريقة ، رسم كاهناً سنة 1975 وخدم في ايران ، وفي سنة 1996 رسم اسقفاً لطهران وابتدأ رسمياً كرئيس للابرشية سنة 1999 م . واليوم مضى على وجوده في ايران 38 سنة ،وهو يجيد عدة لغات وهي : الكلدانية والعربية والفارسية والفرنسية والأنكليزية .
  وقد افاد المطران كرمو : ان اليوم في ايران مكون مسيحي ضئيل قياساً بالمكون الإسلامي حيث تبلغ نفوس ايران حوالي 73 مليون نسمة فيهم مكون مسيحي  يبلغ تعداده حوالي مئة الف نسمة اغلبهم من الأرمن الأرثوذكس ، وحوالي عشرة آلاف كاثوليكي   فيهم الكلدان وأكثرية آثورية الى جانب كنيسة المشرق الآشورية ( النسطورية ) وثمة ابرشية للاتين ، ومراكز تواجد المسيحيين مدن طهران والأهواز ومنطقة اورميا وتبريز وأصفهان وللكنيسة الكاثوليكية الكلدانية  مطرانين : المطران كرمو والمطران توماس ميرم في اوروميا ، كما هناك مطران آثوري واحد ، وبشأن التمثيل في البرلمان فثمة ممثل واحد للمسيحيين وهو اثوري يونادم بيث كليا وبرلماني يهودي واحد ، واثنان من الأرمن .

اقول : ـ
المطران الجليل رمزي كرمو كلي الأحترام ، التقينا معه لأول مرة ورأينا انه مثال التواضع ورجل صلاة وله روحانية عميقة وخبرة اسقفية ، وأنا شخصياً رأيت الحديث معه ممتعاً وراقياً ومفيداً فهو مستمع جيد مع الآخر ليستوعبه جيداً ثم يبدي رأيه السديد المفعم بإيمانه العميق  معتمداً على ثقافته الدينية والأجتماعية ، وهو يسكب مع حديثه كؤوس الأحاسيس والمحبة ، وجالسه يحس وكأن ثالثهم السيد المسيح ، كنت اسمع حديث هذا الإنسان بإصغاء وانتباه ولا اريد ان يفوتني شيئاً من درره النفيسة .
برأيي المتواضع ان المطران كرمو أفلح في سبر اغوار الروح والضمير الإنساني عن طريق نبله  وعفويته الإنسانية ومسيحيته المفعمة بالمحبة لكل الناس ، كل هذه الخصال عكست شخصيته الشفافة والراقية ، إنه زائر محبوب مثل الطيف الرقيق والنسيم العليل ، وهذا هو الإنسان القدوة الذي لم تجد كلمة الكراهية سبيلاً الى قلبه النظيف المملوء بنعمة محبة يسوع المسيح .
د. حبيب تومي / اوسلو في 12 / 09 / 2014








15
[b] نواب شعبنا في البرلمان العراقي يغردون خارج السرب
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
كان دخول مسلحي الدولة الإسلامية في العراق والشام ، داعش ، الأراضي العراقية واستيلائه على مدينة الموصل وعلى مساحات واسعة ومدن وبلدات وقرى شمال غرب العراق ومنها مدن أيزيدية ومسيحية ، وما رافقها من جرائم ومظالم ارتكبت بوحشية في هذه المدن والقرى من فظائع وقتل وتهجير ، وما اظهرته اجهزة الأعلام من صور فظيعة ، والتي فسرت بأنها جرائم ضد الإنسانية ، كل ذلك حرك الضمير العالمي من دول وحكومات وشعوب ومنظمات ، فانشغلت الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الإنسانية ، والولايات المتحدة والدول الغربية وحلف شمال الأطلسي وكل العالم انشغل بأخبار سفك الدماء والسرقات والأعتداء والأغتصاب والتهجير وغيرها من الشرور ، لكن الغريب ان احزابنا ونوابنا مكثوا في الظل ، بل ظلوا يغردون خارج السرب مستمرين على انانيتهم واستئثارهم على الذين انتخبوهم وأصلوهم الى قبة البرلمان .
إن هؤلاء النواب بدلاً من المشاركة بمعاناة وهموم شعبهم في هذه الأوقات العصيبة ، والتي انشغل بها كل العالم ، فإنهم لا زالوا في تنافسهم وتناكفهم للإمساك  بمنصب الوزير اليتيم المخصص للمكون المسيحي . يا له من عيب في جبين هؤلاء الممثلين لشعبنا في البرلمان العراقي . لقد نشر موقع عنكاوا خبراً جاء فيه :
مع بدأ العد التنازلي لأعلان الحكومة الجديدة المكلف بتشكيلها حيدر العبادي مرشح التحالف الوطني، يتنافس تحالفان نيابيان على وزارة واحدة من حصة الاقليات التي يرجح أن تكون للمكون المسيحي فيما لا تزال الصورة ضبابية بشأن حسمها لاي منهما.
ويضم التحالف الاول نواب قائمتي المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري والوركاء الديمقراطية بينما  شمل التحالف الثاني نواب قائمة الرافدين برئاسة يونادم كنا وممثل الايزيديين النائب حجي كندور لتصبح المعادلة ثلاثة نواب لكل تحالف.
وبهذا الصدد، أكد النائب فارس يوسف عن قائمة الوركاء في تصريح خص به "عنكاوا كوم" ترشيح تحالفه ثلاثة شخصيات معروفة بسيرة حسنة وتاريخ مشرف الى رئيس الوزراء المكلف، معربا عن أمله أن يتحلئ من يتسنم منصب الوزارة برؤية واضحة وشفافة في أدارتها.
وكشف يوسف عن أسماء مرشحي تحالف المجلس الشعبي والوركاء التي ضمت، شميران مروكل وتيريزا مروكي وعزيز عمانؤيل، مبينا أن من بين الوزارات المقترح شغل واحدة منها حسب أعتقاده ، حقوق الانسان أو شؤون المرأة أو الثقافة.
من جهته، شدد النائب يونادم كنا على أن تكون الكفاءة والمصداقية والموقف السياسي الواضح والوطني من أهم المعايير الواجب توفرها في أختيار الشخصية المناسبة لتسنم الوزارة المفترض أسنادها للمكون المسيحي.
وحسب الرابط :
http://www.ankawa.com/index.php?option=com_jfusion&Itemid=139&jfile=index.php&topic=751884.0
التعليق على التناكف العبثي هو :
المكونات العراقية استطاعت ان تكون كتلة واحدة رغم خلافاتها السياسية منها الكتلة الكوردستانية التي ضمنت لها منصب رئيس الجمهورية ، والكتلة السنية ضمنت رئاسة البرلمان ، والكتلة الشيعية التي استفردت بمنصب رئيس الوزراء ، ونواب شعبنا في البرلمان انقسموا الى كتلتين للتنافس فيما بينهما على منصب وزير واحد  .
اسئلة تطفوا على السطح : الم يكن من الأفرض الأجتماع سوية وتكوين كتلة مسيحية واحدة وتتفق على اسم او اسمين او ثلاثة من ابناء شعبنا من التكنوقراط ، بغض النظر عن صلاتهم الحزبية ، لترشيحهم لهذا الكرسي اليتيم ؟
لماذا هذا التنافس العبثي ؟
اكثر من كاتب كتب على هذا المنبر وزعم بأن الذين يفوزون في الأنتخابات هم وحدويون جداً ولهذا منح لهم شعبنا الأصوات الضامنة لفوزهم ، فيما الأحزاب الكلدانية لا تفوز لأنهم انفصاليين : واليوم يثبت كذب هذا الأدعاء ، فهؤلاء ابعد ما يكون عن وحدة شعبنا رغم الظروف القاهرة التي تحيط  بشعبهم المسكين ، فلم يفلحوا في لم شمل خمسة اشخاص من النخبة ، فلماذا يتبجحون بضرورة وحدة شعبنا  .
اتساءل حينما يتنافسون على هذا الكرسي اللعين الا يخجلون من انفسهم ؟ الا يحزنون حين النظر الى صورة كرستيان ابنة 3 سنوات حين اختطفها الوحوش من حضن امها عائدة حنا نوح ومن ابوها المنكوب خضر عزو توما ؟
والله عيب يا جماعة

                                           
 
                               ايتها الطفلة النجيبة نعتذر لأبتسامتك الملائكية البريئة  نحن لسنا رجال نحن اشباه الرجال ، فنطلب منك المعذرة يا كرستيان
               
نطلع على الموقف المشرف الذي سجله الوزير جونسون سياويش بتقديم استقالته  لحكومة اقليم كوردستان .
احتجاجا على معاناة المسيحيين واوضاع النازحين الى مدن اقليم كردستان .. عازيا اسباب تقديم استقالته " الى اوضاع المسيحين النازحين لمدن الاقليم السيئة وعدم توفير المساعدات والتعاون اللازمين لهذه الشريحة من النازحين " مشيرا الى أن "
تقديم استقالته جاءت تضامنا مع المسيحين النازحين واحتجاجا على اوضاعهم الصعبة التي يعيشوها حاليا في مدن الاقليم التي لجأو ا اليها هربا من بطش تنظيم داعش .
وشريحة اخرى المتكونة من رجال الدين الأجلاء  لمختلف الكنائس بمواقفهم الإنسانية المشرفة ، بل تعدت مواقفهم الدينية والإنسانية الى مواقف سياسية ومناشدة الحكومات والدول ذات النفوذ والتأثير على القرارت الدولية  وكان اخرها قرارهم بالتوجه الى واشنطون .
فبعد زيارتهم الى اربيل - العراق واطلاق نداء الاستغاثة الى كل حكام العرب من اجل المسيحيين في البلدان العربية يتوجه بطاركة الشرق في التاسع من الجاري الى عاصمة القرارات الدولية واشنطن للمشاركة في مؤتمر المسيحيين المشرقيين برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وذلك بهدف نقل صورة مأساة المسيحيين الحقيقية في العالم العربي الى البيت الابيض.
وبحسب مجلة المهاجر بان المعلومات قد تاكدت بان البطريرك الراعي سوف يغادر الى واشنطن يوم الاحد المقبل على راس وفد رفيع المستوى اعلامي وكنسي لترؤس المؤتمر في التاسع من الجاري "كما علمت تيلي لوميار بان منظمة idcهي التي تقوم بتنظيم المؤتمر in defense of christians"هذا ويتساءل الجميع اليوم امام انعقاد هذا المؤتمر التاريخي الى اي مدى سيستطيع البطاركة ايقاظ ضمائر الحكام ويرشدوهم الى مواقع النزيف المسيحي في الشرق؟وهل تنبهت الولايات المتحدة اخيرا الى الخطر الذي حل بمسيحيي المشرق وفتحت اذنيها للاستماع الى هموم المسيحيين وصرخات المهجرين ؟وهل سيستمع الكونغرس الاصوات الحق والظلم المشتت في كل بقاع العالم؟
ووفقا للمهاجر ايضا بان الفريق المنظم للمؤتمر في صدد انتظار موعد رسمي للمؤتمرين مع الرئيس الاميركي اوباما ومع المسؤولين في الادارة الاميركية .
 
http://www.ankawa.com/index.php?option=com_jfusion&Itemid=139&jfile=index.php&topic=751837.0

إن هذه المواقف المشرفة وغيرها لمختلف الجهات ، تتيح لنا حق مساءلة احزاب شعبنا ونوابنا في البرلمان العراقي : ماذا قدموا لهذا الشعب وهو في محنته ؟
 وممثلينا في البرلمان الى متى التنكاف على الكرسي ؟ وشعبهم قد احتلت كنائسه وسرقت بيوته وصودرت ممتلكاته ، الشعب هاجر من مدنه وقراه وهو في طريقه الى الهجرة الى ارض الله الواسعة ، فأنتم من سوف تمثلون في البرلمان ، إن كان شعبكم قد شد رحاله وهاجر ؟
 إنكم لا تسطيعون ان تلموا شمل خمسة اشخاص في كتلة واحدة فكيف تستطيعون على تمثيل شعب ومن ثم قيادته الى بر الامان ؟
حقا نواب شعبنا في البرلمان العراقي يغردون خارج السرب ليس إلا .
د. حبيب تومي / اوسلو في 06 / 09 /2014

ً 
       



16
الى قوات البيشمركة وأمريكا تحرير مدن وقرى سهل نينوى اولاً . لماذا ؟
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi71@gmail.com
habeebtomi@yahoo.no
يوم 10 حزيران دخلت قوات الدولة الإسلامية في العراق والشام والتي اشتهرت بقوات داعش ، دخلت مدينة الموصل ويبدو انها دخلت لتبقى ، ولهذا يجب اعتبار هذا اليوم محطة انعطاف خطير في تاريخ العراق ، كما ان دخول هذه القوات الى المدينة بهذه السرعة ، بل الترحيب بقواتها من الأهالي يدل ان المدينة هي بيئة مجتمعية حاضنة لهذه القوات ، وفي الحقيقة لا يمكن ان تتجه هذه القوات إلا الى المناطق التي تقبل بها وتستقبلها ، والذين طالهم الأذى والتهجير القسري والأستيلاء على ممتلكاتهم ، وجرى إذلالهم كان المكون المسيحي في هذه المدينة وفي مواقف كثيرة كان الأصدقاء والجيران من المسلمين هم أدلاء لمسلحي الدولة الإسلامية لبيوت المسيحيين ليفرضوا عليهم شريعتهم الإسلامية .
إن المكون المسيحي الأصيل في هذه المدينة قد طاله التطهير الديني ، واضطر للهجرة الى اقليم كوردستان والعيش والمبيت في الحدائق العامة والمدارس والكنائس وهياكل المباني تحت التشييد ، وانتظار المساعدات الأنسانية من المنظمات والحكومات وأهل الخير .
والفصل الأخر من القصة كان الهجوم على المدن والقرى المسيحية في سهل نينوى ومن ثم الأتجاه نحو مكون (الداسنايي ) الإزيدية  في الهجوم على سنجار والقرى المحيطة بها وهنا تكررت المآسي الإنسانية وبرز التطهير الديني بأبشع صوره . حيث شاهد العالم الجموع البشرية وهي تفرش الأرض وتلحف السماء وتتضور جوعاً وتموت عطشاً ، وهكذا كانت مسيرة الإزيدية التي جسدتها الدموع الساخنة  للنائبة فيان دخيل عبر شاشات التلفزة ، نعم تحرك الضمير العالمي والإنساني وتناكفت الدول والمنظمات لإجلاء النساء والأطفال والشيوخ المحاصرين في منعطفات وشعاب جبل سنجار او بتقديم الماء والغذاء والدواء ، وكانت محنة الطائرة العراقية في سقوطها واستشهاد قائدها الشجاع وجرح اغلب ركابها وفي مقدمتهم النائبة  فيان دخيل نفسها .
ليس بالامر اليسير اغاثة عشرات الآلاف من العوائل ، بايجاد المأوى وتوفير الماء الصالح للشرب تحت درجات الصيف القائضة ، وتوفير المأكل والدواء والصرف الصحي والأفرشة ووو.. الخ
 وللمرء ان يتساءل ماذا بعد توفير كل تلك المتطلبات ، هل تنتهي المشكلة بتوفير المأكل والمأوى ؟ هل تستطيع ان تبقى العوائل مقيمة في صالة مقسمة بالكراسي على عدد العوائل ؟  ؟ وماذا عن مدارس اطفالهم ؟ وماذا عن وثائقهم ومستنداتهم التي صودرت ؟ وماذا عن املاكهم ؟ وماذا عن البنات اللائي جرى سبيهم ومنهم الطفلة كريستين التي استولى عليها الوحوش ، لأن والده ليس له ما يدفعه لمسلحي الدولة الأسلامية ؟
إنها اسئلة كبيرة وكثيرة لا احد يملك الجواب عليها .
من اولويات وضع الحلول لتلك المشاكل هو تحرير هذه المدن والبلدات والقرى لكي يعود اليها ساكنيها ويمارسوا حياتهم الأعتيادية في بيوتهم وممتلكاتهم ، فتحرير تلك المدن من سيطرة الخلافة الإسلامية ، داعش ، ياتي في المقدمة ، وبعد ذلك تأتي النقطة الثانية المهمة ، وهي وضع حماية دولية لمناطقهم ، فإن إرجاعهم الى الغابة دون ضمان وحماية دولية يعني العودة  الى المربع الأول من المشكلة . 
سؤال وجيه يتبادر الى الذهن : لماذا لا ندعو الى تحرير الموصل ؟
اليست محتلة من قبل قوات داعش ؟
والجواب لذلك إن الموصل جزء من داعش وداعش جزء من الموصل ، فأهل الموصل ليس لهم اي مشاكل مع مسلحي الدولة الإسلامية . لكن مشكلة هؤلاء المسلحين هي مع الشيعة من اهل تلعفر ومع الشبك ومع المسيحيين ومع الأزيدية ، وليس لهم اي مشكلة مع السنة في مدن وقرى المنطقة .
الذين هجّروا من مناطقهم وتركوا مشاكل عويصة هي المكونات التي طالهم التطهير العرقي والديني كالمكونات التي ذكرتها : التركمان لأنهم مسلمين شيعة ولنفس السبب الشبك ، والمسيحيين من كلدان وأرمن وسريان وآثوريين وكذلك الأخوة ( الدسنايي) الأزيدية إضافة المندائيين والكاكائيين . إن هذه المكونات كانت الضحية التي طالها حكم الشريعة للخلافة الإسلامية في القرن الواحد والعشرين بسبب هويتهم الدينية غير الإسلامية .
لقد سردت كل ذلك لأن التوجه الى تحرير مناطق هؤلاء في سهل نينوى سوف يحل جانب كبير من مشاكل هؤلاء العاثري الحظ الذين شملتهم الشريعة الأسلامية .
ولهذا تبقى مسألة تحرير هذه المناطق المنكوبة افضل من تحرير الموصل التي تعيش عصرها الذهبي في الحكم الإسلامي والتي اصبحت الموصل مدينة الدين الواحد والمذهب الواحد ، كما ان تحرير هذه المناطق افضل من تحرير المدن السنية الأخرى مثل تكريت والمدن التي صفقت ورحبت بقوات الداعش . فالمكونات الدينية غير الإسلامية والعرقية غير العربية قد هربت من المنطقة تحت ضغط تطبيق الشريعة لا سيما المسيحيين والإزيدية وكذلك التركمان والشبك والكاكائيين .
إن ما حل بالمدن والقرى الأزيدية والمسيحية من قتل ونهب وسبي واعتداء على الأعراض والأستحواذ على الأملاك والتهجير القسري ، فغدت الآلاف من العوائل نزيلة اماكن الهجرة في مدن وقرى اقليم كوردستان ، وها هو الشتاء على الأبواب ، وهؤلاء ينتظرون العودة الى بيوتهم ، لأنه من الصعوبة بمكان حل مشكلتهم في الهجرة بهذه السرعة ، اجل ان تحرير كل المدن والقرى مهمة لكن الأهم هو تحرير بيوت هؤلاء البشر التي حلت بهم هذه الكارثة ، وليس من المعقول ان تحتل محنتهم الأنسانية الدرجة الثانية .
تقوم الولايات المتحدة بتوجيه ضربات جوية مؤثرة على قوات داعش ، وهذه الضربات لا تكون ذي فائدة ما لم تكن قوات مشاة على الأرض تمسح المنطقة وتنظفها من الألغام وتدافع عنها ، وهذا ما تقوم به قوات البيشمركة على الوجه الأكمل ، لكن يبدو ان امريكا ليست مستعجلة من جانبها وكما يقال من يده في الماء ليس كمن يده في النار .
من جانب آخر الولايات المتحدة تريد ان تحث الدول العربية على التحرك ، إذ ان هذه الدول دائماً تعاتب الدول الغربية لأنها لم تتدخل علماً ان الدول العربية هي صاحبة المشكلة وهي وخطابها الديني هو المسبب لظاهرة داعش والقاعدة وغيرها وعليها ان تكافح وتحصد ما زرعته بيدها .

في نفس السياق ينبغي الإشارة الى الموقف المخزي والمعيب للدول العربية الإسلامية لما حل بالمسيحيين والإزيدية ، وإذا استثنينا موقف لبنان المشرف الإنساني وكذلك الأردن والسعودية ، فإن الدول العربية الأخرى يبقى عار على جبينهم لأنهم لم يبادروا ويقدموا رغيف خبز واحد للمسيحيين والأزيدية  كمساعدات إنسانية لهذين المكونين إنها وصمة عار في جبين هذه الدول التي هي وراء خلق القاعدة والدولة الإسلامية في العراق ومن ثم الدولة الإسلامية في العراق والشام داعش ، إن كان بالتمويل او الجهاديين المقاتلين او ببث الخطاب الديني المتطرف.
إننا ندعو امريكا وقوات البيشمركة الى العمل لتحرير بقية المدن والقرى الأزيدية والمسيحية ، وأن يعود هؤلاء المشردون الى بيوتم ويكون لهم حماية دولية تحافظ على ممتلكاتهم وتحميهم من الدولة الإسلامية داعش . وهذا واجب إنساني وأخلاقي وقانوني لا يقبل الجدل او التأجيل
.
د. حبيب تومي / اوسلو في 31 / 08 / 2014












17
شعبنا بحاجة الى قوة مسلحة للدفاع عن النفس والوجود وأنا متطوع رقم واحد
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi71@gmail.com
habeebtomi@yahoo.no
مدننا وبلداتنا العامرة منها الكلدانية والأخرى السريانية تبدو موحشة خالية من سكانها وهي كالرجل المريض في غرفة الأنعاش ، وتتوافد الوفود ورجال الدين ورجال السياسة والمنظمات الإنسانية ورجال الإعلام ومسؤولي الأحزاب السياسية ورجال الدولة وغيرهم بزيارة هذا المريض ويواسوه على محنته واعدين بتقديم المساعدات وتحسين الظروف المعيشية والسكنية ، نعم شعبنا مريض ألمت به رياح مسمومة صفراء ، جعلت ابنائه يتركون جنتهم التي شهدت ولادتهم وطفولتهم وشبابهم وافرحهم وأتراحهم ، وبين ليلة وضحاها كان عليهم ترك ذلك الفردوس . حقاً انه قمة الظلم والإجحاف ان يسيطر غيرك امامك على ما تملك ، وبهذا الصدد يذهب جون لوك ابو الفكر الليبرالي في اوروبا الى القول : أما الأنسان قد يكون في مقتل ابيه اكثر تسامحاً منه في مصادرة امواله .
لقد اخذت مختلف جوانب الحياة لشعبنا المسيحي بنظر الأعتبار ، إن كانت سياسية او اجتماعية او اقتصادية ، لكن لم يصار الى الأهتمام بناحية الدفاع عن النفس في حالة تردي الظروف الأمنية للمنطقة ، ولا نحتاج الى دراية ومعرفة ببواطن الأمور في عراق مضطرب ، وفي اية لحظة قد تنجم ظروف خطيرة كالتي وقعت في اجتياح مدننا السريانية والكلدانية والآشورية قبل اسابيع . لقد اعتمدنا كلياً على قوات البيشمركة ، الذين كان لهم دور فعال في تحقيق الأمن بالمنطقة طيلة السنين الفائتة . لكن حين قدوم داعش فإن البيشمركة قد انسحبت بشكل فجائي مما افرز وضعاً مرتبكاً في خروج آلاف العوائل من بيوتها ونجم عن هذا النزوح الجماعي وضع إنساني مأسوي .
لقد كان لنا نواة تحمل السلاح في برطلة وبغديدا وكرملش تحت تسمية حراس المدينة ، وهذه القوة كانت بمؤزارة قوات البيشمركة في المنطقة ويوم انسحبت قوات البيشمركة فقد جرى جمع هذا السلاح من قبل قوات البيشمركة حسب ما سمعت ، وبعبارة اخرى ان تلك القوة المسلحة إن كانوا تحت تسمية الحراسة او الشرطة او اي اسم آخر ، فلم يكن لهم اي قرار مستقل .
حينما اقترح تكوين نواة قوة مسلحة ، بالتأكيد هذه القوة سوف لا تكون مؤهلة لمقاومة داعش ولا يكون هدفها مقاومة الجيش العراقي او مخاصمة البيشمركة ، إنما هذه القوة ستكون قوة ذاتية تحافظ على امن البلدة او المدينة في حالة غياب السلطة على الأرض كما حدث يوم انسحبت قوات البيشمركة وقوات الحكومة في وقت واحد من مدننا وبلداتنا ، كما ان مثل هذه القوة كانت ضرورية بعد انسحاب مسلحي داعش من بعض بلداتنا ربما تكون منظمة الحزب الشيوعي في القوش مثالاً ممتازاً حيث صمدت المنظمة مع مسلحين آخرين من القوش ورتبت خفارات ليلاً ونهاراً للمحافظة على ممتلكات الأهالي ، ومثل هذه القوة شكلها الدسنايي ( الإزيدية ) الشباب ولكن ليس لي التفاصيل .
ثمة مثل عراقي دارج يقول : ( لا يحكك ألا ظفرك) ، انت المسؤول الأول للدفاع عن النفس وعن المال والعرض ، وفي حالة انسحاب شعبك لأسباب قاهرة ، تكون النواة المسلحة هي الضامن والمنظم لهذا الأنسحاب ، فلو كانت مثل هذه القوة موجودة بين الأزيدية في شنكال مثلاً ، لأستطاعت هذه القوة من تنظيم الأنسحاب بحيث كان يؤدي الى اقل الخسائر الممكنة ، وهذه ينطبق على مدن وبلدات شعبنا المسيحي ، ولا اقول بلداتنا الكلدانية والسريانية ، لكي لا تزعل الأحزاب الآشورية ويقولون انت تفرق بين ابناء شعبنا .
والشئ بالشئ يذكر إذ تصلني على بريدي الألكتروني اخبار عبر وكالة  تطلق على نفسها وكالة الأنباء الآشورية مختصرها :AINA اي
Assyrian International News Agency
وهذه الوكالة التي يجدر بها ان تتميز بالحياد المطلوب ، فتعمل من كل النازحين هم نازحين اشوريين ومن بلداتنا الكلدانية والسريانية والأزيدية والشبك تطلق عليها جميعاً بلدات  أشورية وكنائسنا هي كنائس آشورية وحتى الأزيدية والشبك هم نازحين آشوريين ، وكم طلبت من هذه الوكالة إزالة عنواني من رسائلهم التي تزوّر الحقائق لكن دون جدوى . لقد مللنا من هذا الخطاب الأقصائي العنصري طيلة هذه السنين ، فالأهمال وسلة المهملات هي خير ما نواجه به هذا الخطاب العبثي الممل .
نعود الى الموضوع الذي بصدده ، فمثل هذه القوة ستكون قوة عسكرية ضابطة للامن والأستقرار في حالة غياب السلطة فمثلاً في بلدتي تلسقف وباطنايا حيث غياب اي شكل من اشكال السلطة فإن هذه القوة ستقوم بالواجب وتلعب الدور المطلوب منها على اكمل وجه .
 فنحن بخطوة تكوين تلك النواة ستؤدي الى تمكين شعبنا من اتخاذ القرارات المصيرية بمعاونة اصدقاء شعبنا في المنطقة من الأكراد وما اكثرهم ومن العرب وما اقلهم مع الأسف . إضافة الى احتساب ان هذه النواة ستكون بداية البداية لتكون منطقة آمنة بوجود قرار اممي .
بالعودة الى ستينات القرن الماضي وما بعدها ، كان لنا قوة عسكرية من ابناء شعبنا تحت قيادة المرحومين توما توماس وهرمز ملك جكو ، ولو ان هذه القوة كانت رمزية قياساً بقوة البيشمركة على طول جبال كوردستان ، إلا ان هذه القوة كانت محل احترام وتقدير من لدن القيادة الكوردية المتمثلة بالمرحوم البارزاني مصطفى ، نظراً لأن هذه القوة كانت تعمل بإخلاص وتفان ، كما انها حصن امين لأبناء شعبنا حنى بالنسبة للقوات الحكومية فلا تقدر السلطات المحلية ان تعبث ببلداتنا كما تريد لأنها تعلم وراء العبث عقاب .
وفي شأن الثورة الكردية اذكر يوماً أحدى فصائل البيشمركة استولوا على قطيع غنم من القوش على اعتبار هذه ضريبة الثورة على القوش ، وكاد ان يحدث بيننا نزاع مسلح ، لكن المرحوم توما توماس امرنا بعدم اطلاق النار وقال سنحل المشكلة بطريق آخر ، وفعلاً  توجهنا الى مقر حسو ميرخان ، وأعاد القطيع الى اصحابه دون نقصان مصرحأ ، ان القوش تزودنا بالمقاتلين والعتاد والأدوية ولا تترتب على القوش اية ضريبة ، بل الثورة تشكر موقف القوش والثورة مدينة لها . إن الذي فعلناه اواسط الستينات من القرن الماضي وما بعدها كان اثبات الوجود وإثبات الشخصية المسيحية إن كان من السريان او الكلدان او الآثوريين او الأرمن ، وإن هذه الشخصية ليست مخلصة فحسب بل شجاعة ايضاً ، وفعلاً كنا في جميع المعارك في جناح الهجوم .
                                                           
                                                                                                 ليت الشباب يوماً يعود              
اليوم شعبنا اصبح مشرداً في مدن وقرى كوردستان وفي دول الجوار املاً في الهجرة وفي الحقيقة فإن الضروريات الملحة كالمأوى والمأكل والمشرب والعلاج وغيرها من ضروريات الحياة تأتي في المقام الأول ، كما ان ضمان عودة املاكهم في الموصل ، وعودتهم الى منازلهم وأملاكهم كل ذلك يجب ان يكون من اولويات المجتمع الدولي والحكومة العراقية وحكومة اقليم كوردستان . لكن هذا الجانب الذي تكلمنا عنه ليس هنالك إلا إشارات قليلة لأهميته لهذا الشعب يحاول ان يحافظ على وجوده وكيانه وهويته كبقية شعوب الأرض .
لقد كانت ثمة دعوة للتطوع تسعى اليها منظمة الزوعا وبنظري ان هذه دعوة حزبية لا ترقى الى المستوى المطلوب ، وكانت هنالك دعوة مماثلة من  قائمة الوركاء تدعو الشباب المسيحي الى التطوع للدفاع عن نينوى : حسب الرباط :
http://www.alqurtasnews.com/news/38940/AlQurtasNews
كما كانت ثمة دعوة من لفيف من ابناء شعبنا سمت نفسها اسم غريب وهو مجموعة 2/8/2014 وأطلقت الدعوة الى التطوع باسم نداء رقم واحد ، ووردت في متنه هذه النقاط :
1.   من خلال المباشرة بوضع خطة ومنهج متكامل لإقامة منطقة آمنة لحمايتهم على ان تشمل كافة مناطق سكناهم وحيثما هم على أراضيهم التاريخية في شمال العراق.
2. توفير الخدمات الأساسية اللازمة فورياً لانقاذهم من محنتهم الإنسانية.
3. فتح باب التطوع لتسجيل أفواج من شبابهم (ذكورًا وإناث) وتدريبهم عسكريًا وتهيئتهم نفسيًا و معنوياً لكي يتمكّنوا من حماية محميتهم المرتقبة وبأشراف دولي.
راجع الرابط :
http://www.ankawa.com/index.php/ankawaforum/index.php?topic=750248.0
وفي نفس السياق وعلى ضوء لقاء الرئيس البارزاني مع وزير خارجية لبنان
أعلن الرئيس  مسعود البرزاني حين لقائه مع وزير خارجية لبنان جبران باسيل في اربيل ،بأن حكومة الإقليم جاهزة لفتح الباب أمام المسيحيين الراغبين بالتطوع ضمن القوات المسلحة الكردية، وذلك من خلال إعطائهم الفرصة للدفاع عن أنفسهم وعن قراهم في وجه الميليشيات المسلحة المنضوية تحت تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام (داعش). http://jordanianvoice.net/web/2012-05-16-11-52-23/34892.html
إن الكنيسة تنهض بالمهمة الأنسانية ، لكن ليس من واجبها القيام بالمهمة العسكرية المطلوبة وهنا يأتي دور الشباب ، خصوصاً الشباب المستقل ويجب ان يكون لهم دور بارز في هذه المحنة ، وأنا شخصياً اعلن استعدادي للتطوع وأن اكون جندياً بسيطاً في مقدمة الشباب ، او اي مهمة تناسب عمري أكلف بها ومن اجل ذلك سوف اصل الى العراق في  الوقت المطلوب .
ينبغي ان يكون لنا وحدة الكلمة وأن نركن الخلافات العقائدية والسياسية وغيرها على جانب ، ونعمل جميعاً بنكران ذات دون ان نفكر بالمصالح الحزبية والشخصية .
دمتم جميعاً بخير
د. حبيب تومي اوسلو في 26 / 08 /2014


 

18
شكراً للبيشمركة وشكراً لأمريكا وساستنا يكفي عبادة المناصب والكراسي
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi71@gmail.com
habeebtomi@yahoo.no
إنها لحظات سعيدة ان ترى عدو شعبك وعدو الإنسانية يتقهقر امام ضربات الطيران الأمريكي وأمام زحف قوات البيشمركة ، هذا العدو الذي يخالف تعامله للناس مع كل المعايير الدينية والإنسانية . نتأمل ان يستمر هذا الزحف الى كل مدن وقرى شعبنا ومدن وقرى الأخوة الإزيدية الذين طالهم الظلم والقهر والفتك بشكل وحشي ، والتي نجم عنها الهجرة الجماعية لعشرات الآلاف من المسيحيين والإزيدية ، الذين كان الأنتقام والتطهير الديني قد طالهم بأبشع صوره فنأمل ان يزول الكابوس الجاثم على صدر العراق برمته  لكي يعود هذا البلد معافياً بعد السنين العجاف ولاسيما ما آل اليه وضعه بعد اجتياح حدوده من قبل خلافة الدولة الإسلامية ، داعش في الفترة الأخيرة .


لقد كان ثمة نقد لاذع موجه للمجتع الدولي وفي المقدمة الولايات المتحدة لسكوتهم عن الأنتهاكات الصارخة بحق الأقليات الدينية والعرقية في سهل نينوى بحق الشبك والتركمان والإزيدية والمسيحيين ، كما كانت هناك انتقادات موجهة الى قوات البيشمركة في المنطقة حينما تركت مواضعها وانسحبت بصورة مفاجئة وغير مدروسة ، حيث لم يتوفر وقت كافٍ لانسحاب الاف العوائل لا سيما في منطقة سنجار التي شهدت كارثة انسانية بسبب مباغته قوات داعش الإسلامية لمناطقهم المشمولة بالمادة 140 والتي عرفت بالمناطق المتنازع عليها .
ينبغي ان لا ننكر حقيقة ان هذه المناطق سادها الأستقرار والأمان طيلة السنين المنصرمة منذ سقوط النظام في عام 2003 ، إذ كانت هذه المنطقة تحت حماية قوات البيشمركة ، وكان هناك ارتياح عام لهذه القوات لما تبذله من جهود في سبيل توفير حالة الأمن والأستقرار ، في حين كانت كثير من المدن العراقية خصوصاً المختلطة ( السنة والشيعة : بغداد ، الموصل ، ديالى ، الأنبار ، صلاح الدين ، بابل  ) مسرحاً مفتوحاً لعمليات إرهابية انتقامية ، والموصل كانت تأتي في مقدمة هذه المدن التي كان الأمن فيها مفقوداً وشوارعها مسرحاً لعمليات القتل والأبتزاز . بعكس المناطق المجاورة التي نتحدث عنها والتي كانت قوات البيشمركة ضامناً اميناً لأمنها ولأستقرارها .
الصفحة الثانية بدأت بعد تدفق عشرات الآلاف من النازحين الهاربين من بطش مسلحي دولة الخلافة الإسلامية ونبوت وضع إنساني مأساوي يتطلب التدخل الأممي ، وامام تلك الصور الوحشية المفجعة إن كانت تلك التي طالت المكون الإزيدي او المسيحي والتي تعتبر من المكونات الدينية التي تسعى الدولة الأسلامية داعش الى استئصالها وإقصائها . تسابقت الدول الغربية لتقديم المعونات السخية  في المجالين العسكري والإنساني ، كما نشطت منظمات المجتمع المدني في جمع التبرعات . والى جانب ذلك كانت الدعم العسكري وفي المقدمة قرار امريكا في توجيه الضربات العسكرية الجوية على قوات داعش في المنطقة .
في هذا المجال ينبغي التطرق الى الموقف العربي والموقف الخليجي اللاإنساني المخجل فلم نسمع عن مساعدات او دعم من هؤلاء والسبب معروف لأن المنكوبين من غير دين فكيف يساعدوهم ؟ بعد ذلك هؤلاء مشغولين في دعم وتصدير الجماعات الإرهابية فمستواهم لا يرتفع الى مستوى المساعدات الإنسانية .
في العرف العسكري فإن الضربات الجوية لوحدها لا تجدي نفعاً ما لم يصار الى تعزيز الضربات بجهود قوات راجلة على الأرض ، فقوات المشاة تعتبر العامل الحاسم في احتلال الأرض والأحتفاظ بها . هكذا جاء دور قوات البيشمركة لكي تنتقل على الأرض .
فكان هذا التعاون بين قوات البيشمركة وسلاح الجوي الأمريكي ان تمخص عن تحرير سد الموصل بالكامل نظراً لخطورته وأهميته في السياق الأستراتيجي للعراق ، الى جانب تحرير بعض البلدات في سهل نينوى منها تلسقف وباقوفا وباطنايا وبعشيقة ونتطلع الى تحرير مدينة سنجار وتلكيف وبغديدة وبرطلي وكرملش وكل اصقاع سهل نينوى مع جميع المدن العراقية لتعود مدناً تزخر بالأمان والأستقرار .
كان سقوط النظام في نيسان 2003 انعطافة في تاريخ العراق لتبدأ مرحلة  يمكن ان نقول عنها اختلط الحابل بالنابل ، وكان رئيس الوزراء السابق نوري المالكي يتحمل مسؤولية كبيرة في عدم استقرار البلد ، ولعل اختراق حدود العراق ودخول مسلحي قوات الدولة الإسلامية ( داعش ) كان اخر وأخطر تلك الكوارث التي حلت بالعراق .
 عن ظاهرة داعش تنوعت التعليقات والتحليلات وقيل عنها الكثير وملخصها ان بداية التشكيل كانت في العراق على يد ابو مصعب الزرقاوي تحت اسم جماعة التوحيد والجهاد"  وكان ذلك عام 2004 وبعد ذلك اصبح اسمها "دولة العراق الاسلامية" بزعامة ابي عمر البغدادي
وبعد مقتل الأخير في نيسان 2010 اختار التنظيم ابو بكر البغدادي والذي يحمل اسماء اخرى هي : أبو دعاء أو ابراهيم عواد ابراهيم السامرائي، والأخير يتميز بقوة المناورة العسكرية والسياسية ويختار العمليات النوعية من قبيل عملية البنك المركزي، ووزارة العدل، واقتحام سجني أبو غريب والحوت والتفجير السفارة الإيرانية في بيروت ..الخ  وفي  أبريل عام 2013 وبرسالة صوتية بُثت عن طريق شبكة شموخ الإسلام، أعلن أبو بكر البغدادي دمج فرع التنظيم "جبهة النصرة" في سورية مع دولة العراق الإسلامية تحت مسمى “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، وهنا بدأت قصة داعش.
حيث امتد وتوسع في العراق وسورية وهو يتجه نحو لبنان ، ويمتاز بمرونة العمل وتعدد اللغات ولهذا يتميز بجذبه لمختلف الجنسيات لأن له القدرة على التفاهم بلمختلف اللغات .
ما نعرفه ان الحرب بين العراق وايران كان بين دولتين بعد وقف النزاع كل جيش انسحب الى حدود بلاده ، والعراق حينما أُرغم على الخروج من الكويت عاد الى حدوده الوطنية ، ولكن التوصل الى وقف العمل العسكري مع داعش يعني التنازل عن الأرض وما فيها ، وفعلاً ان خلافة الدولة الإسلامية تتوسع عن طريق احتلال مدن وسدود لمسطحات مائية وأبار نفطية على حساب العراق وسورية ، وهي ( داعش) من جانبها ليس لها ما تخسره .
ومؤخراً كان توجهات الدولة الإسلامية في التوسع والأنتقام من مناطق المكونات غير الإسلامية من المواطنين العراقيين الأصليين من المسيحيين والإزيدية وتعمل على تهجيرهم بغية إسكان المهاجرين المسلمين بمناطقهم . إن الدولة الإسلامية قبل 14 قرن عملت على إلغاء ديننا والقضاء على لغتنا وقوميتنا وهويتنا ، وتحملنا كثيراً لكي نحافظ على تراثنا وهويتنا القومية الكلدانية وأوابدنا وكذلك فعل المكون الإزيدي الأصيل ، بقينا نحافظ على معتقداتنا الدينية واليوم تأتي الخلافة الإسلامية وتجبرنا بالقوة على اعتناق الدين الإسلامي او تهجيرنا والى الأبد من الأرض التي شهدت ولادتنا من أرحام امهاتنا منذ ألاف السنين .
انه انتهاك صارخ لكل المعايير الأنسانية إنها فاشية وعنصرية دينية في القرن الواحد والعشرين .
اقول :
ليس لهذه المحنة علاج سوى ان تتسم الطبقة السياسية برئاسة الدكتور حيدر العبادي بالنزاهة ونكرات الذات وأن تبقى ضمائرهم مستيقضة لبلورة خطاب سياسي مسؤول يتناسب وخطورة المرحلة ، وأن يستلموا ما ارادوا من الرواتب والمخصصات وكل ما نطلبه منهم ان يعملوا بإخلاص وتفان وأن يبتعدوا عن عبادة الكراسي والمناصب  وأن تكون مصلحة الشعب قبل مصالحهم الشخصية والحزبية ، فهل تبادر الطبقة السياسية مرة واحدة فقط الى تفضيل مصلحة العراق على مصالحها الشخصية ؟ سوف نرى في قادم الأيام .
د. حبيب تومي اوسلو في 21 / 08 / 2014


 
 
 












19
البطريرك الكلداني يطلب الحد الأدنى لشعبه من المجتمع الدولي
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
غبطة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو يطرق كل الأبواب عند المسؤولين في الدولة العراقية وفي اقليم كوردستان ولدى رجال الدين المسلمين ، ويجري المقابلات في الفضائيات ومع وكالات الأنباء والصحف ومع الشخصيات والوفود الأجنبية ، كل ذلك أملاً في ان يجد بارقة امل في تخفيف معانات شعبه الكلداني وبقية مسيحيي العراق ، انه وقت العمل ، وقت التضامن ، وقت نسيان الفروقات الدينية والمذهبية ، إنه وقت الشدة والمحن  يلقي بظلاله  على كاهل هذا الشعب ، وإن الصديق الصدوق هو من يمد يد العون والمساعدة اثناء الشدة .
لقد كانت قرى وبلدات ومدن كبيرة عامرة هادئة يسكنها شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين ، يسكنون بمحبة في احياء ومحلات مدنهم : القوش ، شرفية ، تلسقف ، باقوفا ، باطنايا ، تلكيف ، بغديدا ، برطلي ، كرملش .. ويسكنون الى جانب جيرانهم من الإزيدية والتركمان والشبك والأكراد والعرب ، ولا يكدر صفو هذا التعايش ، إلا حوادث طفيفة بين آونة وأخرى ، وهذا طبيعي ، حيث ان افراد العائلة الواحدة معرضة الى مثل هذه الحوادث . المهم كانت الحياة تسير بنمط طبيعي مألوف ، الفلاح متجه لحقله والطالب لمدرسته او معهده او كليته ، والتاجر مشغول بتجارته والمرأة لتربية اولادها والأطفال منطلقين في عالمهم البرئ البعيد عن كل منغصات الحياة ...
ذلك الروتين كان سائداً ويمكن التعايش معه ، فبشكل عمومي ان الوضع السياسي والأمني لم يكن مرضياً ، لكن كان يمكن التعايش معه ، وربما كان العيش في هذه الأحياء افضل من العيش ببعض المدن من ناحية الأمن والأستقرار .
وإذا نظرنا ابعد سوف نلاحظ ان الخلل يكمن في العملية السياسية نفسها المبنية على قواعد البناء الطائفي ، مما قسم العراق الى احزاب وتنظيمات وتكتلات طوائف متناحرة يسودها الأحتقان والكراهية والأنتقام ، في ظل تلك الأوضاع كانت الأقليات الدينية تعاني الأمرين من دكتاتورية الأكثرية ، ورغم ان الظلم والتهميش والعنف طال جميع المكونات العراقية بشكل وبآخر ، إلا ان المكونات الدينية من المسيحيين والإزيدية والمندائيين كانت حصتهم من الضرر اكثر من غيرهم ، إذ انهم تعرضوا بمدنهم الى التغيير الديموغرافي الخطير الذي هدد ويهدد بقلع جذورهم من وطنهم ، حيث انهم السكان الأصليين بهذا البلد الذي اصبح اسمه العراق بعد الفتح الإسلامي وكان اسمه بلاد ما بين النهرين ، ميسوبوتاميا قبل ذلك .
حكم صدام حسين تميز بالعلمانية ، ولم نشعر بوجود تفرقة دينية ، إذ كان النظام يسعى الى بناء وتعزيز سلطة ، وكان صدام حسين هو الحكومة وهو السلطة وهو الدولة ، ومن يعارض السلطة يصار الى تصفيته وليس مهماً من يكون هذا المعارض إن كان مسلم او مسيحي او ايزيدي ، وتغيرت الأمور بعد الحرب مع ايران والدخول الى الكويت ، حيث ضعفت السلطة وبدأ خطاب جديد تحت يافطة الحملة الأيمانية ، ومن هناك بدأت بوادر الإقصاء الديني حيث تقرر في وقتها تدريس القران لغير المسلمين ، واستطاعت الكنيسة إبطال القرار بحق المسيحيين ، وعلى العموم لم يكن ثمة اي ضغط محدد ضد المسيحيين .
لقد فشل الفكر القومي ، وبرز بعد سقوط النظام في 2003 حكم الأحزاب الدينية ذات الصبغة الطائفية ، ومع ضعف السلطة وطغيان سيطرة الميليشيات ، وفقدان الأمن اصبح مصير المكونات الدينية على كف عفريت ، وفعلاً كان هنالك افعال إرهابية وتهديد وخطف وابتزاز بحق المندائيين والمسيحيين في مدن العراق مما سبب في الهجرة شبه الجماعية من تلك المدن إن كان الى مدن اقليم كوردستان او الى الدول المجاورة كمحطات الى دول الهجرة الدائمة .
وقع مسلسل طويل ورهيب ملخصه تفجير الكناس ، وقتل المصلين في كنيسة سيدة النجاة واغتيال المطران فرج رحو واغتيال الأب رغيد كني ورفاقه ووو...  والحديث يطول عن قصة الرعب هذه ، ليبدأ فصل جديد من هبوب إعصار تسونامي المتمثل بمسلحي المجاهدين الذين عرفوا بمسلحي الدولة الأسلامية في العراق والشام ، وعرفت اختصاراً بداعش ، وبعد ذلك تحولت الى الخلافة الإسلامية ، التي تسعى لأسلمة المسيحيين والأزيدية ، او تصفيتهم وطردهم من المنطقة لكي يأتي اليها المهاجرون المسلمون من دول العالم .
في هذا الواقع المرير وفي هذه الغابة الوحشية يرسل البطريرك الكلداني نداءه الى الضمير العالمي لنجدة نحو مائة الف شخص هم ضحية الزلزال البشري المتمثل في الهجمة الإرهابية التي سبب بهجرة عشرات الآلاف من 13 بلدة مسيحية من سهل نينوى توزعوا في مدن وقرى في اقليم كوردستان إنهم يعيشون في مجموعات في اماكن عامة ليست مخصصة للسكن . ولا يلوح في الأفق بوادر حل لمشكلتهم .
إن وضع الحكومة المركزية الحالي لا يعول عليه ، ولكنه يناشد الجهات المجتمع الدولي  فيقول :
، ننادي الولايات المتحدة الامريكية التي لا ينكر العالم نفوذها ويرى تحمـّلها الجزء الكبير من مسؤولية هذا الفراغ، ونحضّ الاتحاد الأوربي في مواقفه المتزايدة، وننتخي فروسية المواقف لدى زعماء الجامعة العربية، للتكاتف ضدّ شبح الإرهاب، والتحرك السريع لتحرير بلدات سهل نينوى من المقاتلين الجهاديين لتتمكن هذه  العائلات من  العودة  الى بيوتها  واستعادة  ممتلكاتها والمحافظة  على خصوصيتها الدينية والثقافية والتراثية  من خلال تأمين حماية دوليّة  فاعلة لحين استقرار المنطقة  وتتمكن الحكومتان المركزية  وحكومة اقليم كوردستان من فرض القانون.
ويختم نداؤه :
.  ويؤلمني ان اقول  ليفتح باب الهجرة لمن يشاء، وما لم يتغير هذا الواقع، فإننا جميعا أمام وقوع مأساة  ابادة   بطيئة لمكّون أصيل بكامله وخسارة  بلداتنا  وتاريخنا وارثنا الثقافي!
علماً ان النداء كان باتفاق مع اساقفة الموصل .
حسب الرابط :
http://ishtartv.com/viewarticle,55580.html.
اجل بعد آلاف السنين من العيش في هذا الوطن لم يطلب غبطته سوى الحد الأدنى لشعبه ، فلم يطلب الحقوق القومية او السياسية ، لقد طلب لشعبه الكلداني ولكل مسيحيي العراق حق الحياة وحق المأوى ( السكن ) اي ان الإنسان من حقه ان يعيش في بيته وأن يكون له املاكه . وأن يكون له حرية المعتقد والعبادة .
وأنا اختم هذا هذا المقال فاذا بالخبر السار عن تحرير تلسقف ، فأقول شكراً لأمريكا وشكراً للبيشمركة .
http://www.ankawa.com/index.php?option=com_jfusion&Itemid=139&jfile=index.php&topic=749761.0
تحياتي
د. حبيب تومي / اوسلو في 18/08/2014

20
المسيحيون والإزيدية وصيحات : هاوار .. هاوار .. هاوريلا
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
في اللغة الكوردية مصطلح هاوار هو لطلب النجدة والإستغاثة وقت الشدة  ، لكن في القوش نستخدم لفظة (هاور .. هاور او هاوريلا .. هاوريلا ) لحث الرجال للخروج من البيت مع سلاحهم حينما يحيق بالبلدة خطر ما ، وينبغي على الجميع الخروج للذود عن البلدة ضد الخطر المحيق . وهذه اللحظة تكون مناسبة لظهور وبروز اسماء الشجعان . لكن صيحات :هاوار .. هاوار اليوم مختلفة فهي تعني قلع الجذور من الأرض التي ولدنا فيها نحن وآبائنا واجدادنا لألاف السنين . نعم كان اليأس من الحياة بعد التعامل اللاإنساني الذي تعرض له هذا القوم من قبل الدولة الإسلامية ( داعش ) الناهضة بعد الربيع العربي الذي قطف ثماره التيار الديني الإسلامي والشعار الرئيسي الذي فرض نفسه بقوة على الساحة اليوم  ولا صوت يعلو عليه هو صوت الهجرة .. الهجرة او منطقة آمنة بحماية دولية .
لقد ادخل المالكي العراق في سلسلة من الأزمات وكأنما كانت تعوزه ازمات قاتلة اخرى حينما اخترقت قوات الدولة الإسلامية في العراق والشام ( داعش ) الحدود (وكأنها في نزهة ) لتصل الى مدينة الموصل وتستولي عليها في ساعات ثم تتجه جنوباً لتستولي على مدن مهمة اخرى ، وحينما تلكأت مسيرتها نحو بغداد ، تبدل اتجاه بوصلتها نحو اقليم كوردستان ، فكانت المناطق المتنازع عليها والتي يقطنها مكونات التنوع العراقي من الكلدان والآشوريين والسريان من المسيحيين وكذلك الإزيدية والشبك والتركمان ، وكانت هذه المكونات الضعيفة هي الضحية الأولى التي وقع عليها اختيار الدولة الإسلامية لترويعها والأنتقام منها بتطبيق الشريعة الإسلامية بحقها خاصة الإزيدية والمسيحيين ، وذلك بإجبارهم على اعتناق الدين الإسلامي او دفع الجزية او الهجرة او مواجهة السيف بالنسبة للمسيحيين باعتبار انهم اهل الكتاب ، وعليهم تنطبق احكام اهل الذمة
 .

اما بالنسبة للإزيدية فأمامهم خيار اعتناق الإسلام وإلا فعليهم مواجهة حد السيف ، فوقعت الأفعال اللاإنسانية بحق هذه المكونات ، وكانت البداية في الموصل حيث اجبر وضع المسيحيون امام اعتناق الدين الإسلامي او دفع الجزية او مواجهة السيف ، او ترك كل شئ غنيمة للدولة الإسلامية والخروج بملابسهم من الموصل التي اصبحت ديار الإسلام تحت شريعة السيف .
وبعد ذلك كان دخول قوات خلافة الدولة الإسلامية الى المدن المسيحية تمكن هؤلاء الإفلات تاركين بيوتهم وحلالهم ، وذلك حفاظاً لكرامتهم من الإهانة على يد قوات داعش ، بالأضافة الى الحفاظ على اعراضهم من اعتداء المسلحين في الدولة الإسلامية التي تجيز الأعتداء على اعراض الناس تحت احكام وتفاسير دينية .
إن الذي وقع في هذه المحنة كان المكون الإزيدي المسالم الذي وضع امامه خيار اعتناق الدين الإسلامي فقط وإلا مواجهة حد السيف ،  فكان النزوح من سنجار والقرى التابعة لها من قاطنيها الإيزيدين متجهين صوب الجبل والحماية بشعابه الوعرة ، وفضلوا الموت من الجوع والعطش وتحت رحمة الطبيعة على الإذلال وإهانة كرامتهم على يد داعش ، ومن لم يحالفة الحظ في اللجوء الى الجبل فقد كان مصير الرجال منهم القتل والنساء أخذن كسبايا يُبعن كجواري في سوق النخاسة في مدينة الموصل .
 
هكذا يبقى مسلسل العنف والدم والهجرة سارياً ما داموا يحملون هويتهم الدينية اللاإسلامية .
بل اكثر من ذلك فإن هذا الغلو الديني قد دفع مسلحي الدولة الإسلامية ، داعش ، على مهاجمة اتباع دينها الإسلامي فهدمت مقامات دينية للصوفية السنية والأضرحة الشيعية ، كما شنت داعش حرب إبادة وتهجير معلنة ضد التركمان والشبك الشيعة في منطقة نينوى وتلعفر ، فقد نزح عشرات الآلاف نحو مدن الجنوب ، وفي البرلمان عبر الجلسة المفتوحة اكد احد نواب البرلمان عن المكون التركماني ان داعش ربما امهلت المسيحيين ساعات للخروج من الموصل لكن التركمان لم يكن لهم اي إنذار مسبق .
وهكذا وقع على يد داعش شكلاً سافراً من التطهير العرقي والديني والمذهبي فكان نزوح الشيعة نحو مدن الجنوب الشيعية ( رابطة مذهبية شيعية )، ونزوح المسيحيون الى اقليم كوردستان الى المدن والقرى المسيحية ( الرابطة الدينية المسيحية ) ، ونزوح الأزيدية نحو اقليم كوردستان ( رابطة قومية الكوردية) . إن هذا النزوح السكاني الكثيف قد خلق مأساة إنسانية ، لاسيما في اقليم كوردستان ، فألاف اللاجئين من المكون الإزيدي لا زالوا عالقين بين تضاريس وشعاب جبل سنجار ينتظرون إجلائهم بسلام وقالت الامم المتحدة إن نحو 700 ألف إيزيدي شردوا منذ ان استولى مسلحو تنظيم الدولة الاسلامية على سنجار من القوات الكردية التي تدافع كانت عن المدينة، وعن بي بي سي باللغة العربية ان موظف اغاثة إيزيدي كان على متن طائرة تابعة للقوات الجوية العراقية تشارك في إجلاء اللاجئين المحاصرين، وصف الموقف بأنه "إبادة جماعية"، مع وجود ما بدا أنه مئات الجثث. .. هكذا منطقتنا تواجه مأساة إنسانية كبيرة بالنسبة لهذا المكون الأصيل .
اما بالنسبة للمسيحيين فحدث ولا حرج فهناك الآلاف الذين تقطعت بهم السبل وفرشوا ساحات الكنائس والمدارس والحدائق العامة ، ومن خلال تمرير عدسة المصور للقنوات التلفزيونية المختلفة تظهر على وجوه هؤلاء اللاجئين أمارات المعاناة محفورة على وجوههم ، ولا يعلمون ماذا يخبئ  لهم المستقبل ، والى متى يكونون في هذه الحالة المزرية .
 لقد كانت احاديث من الرجال والنساء  تدفع على الأسى والأسف من هذا الإنسان الذي يتنكر بين ليلة وضحاها معاني الوفاء والصداقة والجيرة ، فتقول إحدى النساء هذا الجار المسلم الذي قضينا العمر بصداقة ووئام ، يتنكر اليوم ويقوم بإرشاد الداعشيين لبيتنا ، ويقول هذا بيت مسيحي ، او اذهب الى الوكيل فيقول لها انتم مسيحيين ليس لكم حصة . هذا غيض من فيض من معاني اللاوفاء وثقافة الكراهية والتنكر للقيم الإنسانية :
يقول طرفة بن العبد
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة     على المرء من وقع الحسام المهند
وعموماً نقرأ في الخطاب الإسلامي اشياء منافية للروح والأخوة الإنسانية ، فالمسلم يدعو الله الى تدمير غير المسلم ويقول ويطلب من الله .
رمّل نساءهم ، ويتم اطفالهم ، وجمد الدماء في عروقهم ، اجعلهم وأموالهم ونساءهم وذراريهم غنيمة للمسلين .
فمن تربى على هذه الخطابة وهذه الثقافة يجب ان لا نستغرب منه اي فعل منافي للمشاعر الإنسانية والتسامح والتعايش الإنساني .


الأيزيديون من حصار مسلحو داعش الى حصار الجوع والعطش على جبل سنجار الأجرد
نحن في القرن الواحد والعشرين ولا شك ان استهداف الأقليات المسالمة يعتبر جريمة بشعة ، فهذه الأقليات لم يكن لها اي مقاومة لقدوم داعش ، ولم يكن لها اي مظاهر العنف مع جيرانهم المسلمين ، فلا مبرر  للكراهية والسلوك الأنتقامي البغيض اتجاه المسيحيين او الإزيدية ، لقد دخل الجيش الأمريكي للعراق ، وزُعِم بأنه كانت هناك حالة اغتصاب واحدة في المحمودية اشارت اليها بعض وسائل الإعلام ، ولكننا نجد في مسلحي الدولة الإسلامية يعتدون على اعراض هذه المكونات ويسبون بناتهم ، ويعتبرون ان الأمر طبيعياً، فيوزعون الجميلات على امرائهم ، والبقية يصار الى بيعهن كجواري في سوق النخاسة ، هل هناك جرائم ابشع من هذه الجريمة ؟
هكذا امام الحكومة العراقية وحكومة اقليم كوردستان والمجتمع الدولي تقديم المساعدة العاجلة لوضع حد لمأساة إنسانية تجري على الأرض ، وتتمحور الإغاثة في ايصال المساعدات الحياتية لهؤلاء البؤساء ومن ثم إجلائهم الى مناطق آمنة يتوفر فيها الحد الأدنى للعيش .
وقد انفرد جوناثان كرون مراسل صحيفة ديلي تلغراف الذي صاحب طائرات الجيش العراقي لاغاثة افراد الأقلية الايزيدية الذين فروا إلى سفح جبل سنجار حيث كتب تحت عنوان "ليلة في جبل الجحيم"، تفاصيل الليلة الاولى التي قضاها وسط أفراد طائفة الايزيدية.
أمضى الايزيديون هذه الليلة في البحث اليائس عن النوم والطعام والماء على أضواء القمر ونيران صغيرة أضاءت جانباً من الجبل امتد إلى الحدود السورية على مدى النظر.
ويوضح أنهم قضوا الليلة على الجبل في محاولة لنيل قسط من الراحة التي لا يمكن ان يجدوها وسط العراء ووسط وعورة المنطقة وذلك ليستعدوا ليوم شاق جديد يبحثون فيه عن المياه التي ان لم يجدوها أو لم يتم ارسالها عبر طائرات المساعدات التي تقذف لهم زجاجات المياه بين الحين والاخر سيكونون في عداد الموتى خلال 24 ساعة وسط ارتفاع درجات الحرارة إلى 40 درجة مئوية...
وتساؤل اللحظة : الى متى تستمر هذه الحالة ؟ الى متى يبقى الأزيديون معلقين في سفوح الجبل ؟
الى متى تبقى العوائل المسيحية نزيلة المدارس والحدائق والكنائس ؟
ما مصير الأموال والبيوت التي صودرت في ليلة وضحاها عن اصحابها التي شقوا وتعبوا وكدحوا لبنائها طول العمر .
الى متى يستمر الأقصاء الديني والقومي في بلد متعدد الأديان والأعراق ؟
الى متى تستمر شريعة الغاب ؟
إنها اسئلة كثيرة لا يوجد جهة محددة نوجهها لها او تجيبنا عليها . 
اصوات الهجرة تعلو على ما عداها من الأصوات ، ثم هنالك اصوات تطالب بمنطقة آمنة برعاية اممية . لكن في كل الأحوال قبل هذه وتلك ينبغي توفير المأوى والمأكل لهذه المجاميع التي لم يعد لها إلا الملابس التي عليها . ودائماً تطفو على السطح اسئلة عديدة :
متى تنتهي المعاناة ؟ وهل ثمة امل ان تعود البسمة ؟ اليس من حق هذه المكونات اللاإسلامية ان يكون لها حريتها وتعيش حياتها الكريمة في ظل القوانين الوضعية للدولة البعيدة عن الشريعة الإسلامية ؟ متى نعيش في وطننا كبقية المواطنين وكبقية البشر في اوطانهم ؟
إنها عاصفة هوجاء نأمل نهايتها ، والأمل يجب ان يبقى قائماً لكي تستمر الحياة ، وبرأيي المتواضع ان قبس من النور يلوح في نهاية النفق الذي ادخلنا فيه نوري المالكي طيلة 8 سنوات ، وإن التشكيلة الجديدة لرئاسات الجمهورية والبرلمان والحكومة لهي بداية النهاية لتلك المرحلة الصعبة ، ونأمل ان ينهض العراق من كبوته ليحل فيه التطور والبناء والسلام في ربوعه والتعايش بين مكوناته .
د. حبيب تومي / اوسلو في 14 / 08 / 2014

21
بعد سقوط تلكيف وبغديدا وكرملش  ..فالصلوات والمؤتمرات لا تفيد يا سادة
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
ها هو التاريخ يكرر نفسه في هبوب عاصفة كاسحة تهدف وجودنا وقلع جذورنا من ارضنا ، الأرض التي ولدنا وترعرنا فيها ، علينا مغادرتها او نبقى فيها تحت احكام ظالمة .
 لقد تكررت مثل هذه الأهوال والأيام السوداء في التاريخ ، وكان الشعب يتلقى الضربة بالمقاومة وببعض الخسائر واحياناً تكون جسيمة لكنها لم تكن تهدف انهاء الوجود ، لكن هذه الموجة تهدف الى قلع الجذور من تربة الوطن ، فبعد الأستيلاء على بغديدا وتلكيف والتوجه الى برطلي وكرملش وباطنايا وباقوفا وتسلقف وألقوش ، يعني استهداف الوجود المسيحي والإزيدي بالمنطقة .
لقد كانت هنالك محطات عبر التاريخ تعرضنا فيها الى الضيم والقهر والتهديد ، ففي سنة 1401 م توجه تيمولنك نحو القرى والبلدات المسيحية التابعة للموصل فقتل عدد كبير من الاهالي ودمر قراهم .
وفي سنة 1743 بعد فشل نادر شاه الفارسي في احتلال الموصل يتوجه بحملة ظالمة ضد القرى والبلدات المسيحية لينتقم من كرمليس وبرطلة وبغديدا وتلكيف وباقوفة وباطنايا وتلسقف والقوش ، حيث هدم الكثير من الكنائس وأخذ النساء والأطفال سبايا الى ايران .
وفي عام 1832 كان حملة محمد باشا الراوندوزي الملقب ( ميريكور ) اي الأمير الأعور وهجم على قرانا وبلداتنا وفي القوش وحدها قتل 370 رجلاً عدا النساء والأطفال .
وفي سنة 1933 كانت مصيبة اخرى حينما احيطت القوش بالقوات الحكومية وقوات العشائر لفرهدة القوش إذا لم يسلموا الأثوريين اللاجئين المختبئين فيها ، وفي ذلك الوقت لا اتصلاات هاتفية ولا موبايلات ، تمكن سائق من القوش وهو المرحوم ( يوسف متيكا صارو الملقب ايسف سرسروكي ) من الأنفلات الحصار المفروض على القوش والوصول الى الموصل ليتجه الى كنيسة مسكينتا مقر البطريركية الكلدانية ( البطركخانة ) انذاك ، وهو في حالة انفعال ، قائلاً للبطريرك (مار يوسف عمانوئيل توما الثاني ) إن القوش مهددة وهي في خطر ، فقال له البطريرك : لا تخف يا ابني إن القوش يحميها القديسين ومريم العذراء ، فما كان من يوسف إلا ان يجيبه بعفوية قائلاً  : يا سيدنا البطريرك وانا في طريقي عبر الكنود شاهدت مريم العذراء حاملة إزارها وحذائها وهي هاربة من القوش . فبادر البطريرك بإجراء تصالاته الضرورية لوقف الأعتداء على القوش .
اليوم تعصف الموجة الكاسحة حيث لم يقف امامها القوات الحكومية المسلحة بأحدث الأسلحة ، ولم يقف امامها قوات البيشمركة التي تعتبر قوات ذات حرفية كبيرة ، وكانت تحمي المناطق المتنازع عليها التي معظم سكانها من المسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين ومن الإزيدية والتركمان والشبك ، ومنها مدن السنجار وتلعفر وتلكيف وبغديدا ومنطقة سد الموصل وغيرها من المدن والقرى والمناطق في سهل نينوى ، وجميع هذه المكونات مهددة لاختلافاتها الدينية والمذهبية مع قوات وتنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ) ذات التوجه الإسلامي السني المتشدد .
وفي سرعة كبيرة سيطرت داعش على مناطق مهمة من هذه المنطقة والمناطق الأخرى مهددة هذه المكونات التي تعتبر الحلقات الضيعفة في سلسلة المجتمع ، ومسألة احتلالها هي مسألة وقت إن استمر الأتجاه على هذا المنوال . فالأنسحاب من منطقة يجري بيسر وسهولة لكن العودة اليها صعب جداً ويكلف الكثير من الخسائر والضحايا .
إن هذا الوضع قد خلق وضع إنساني مأساوي تعرضت له هذه المكونات التي تمثل الأماكن الرخوة من نسيج المجتمع العراقي .
نحن البعيدين عن الساحة في الدول الأوروبية وامريكا واستراليا تظاهرنا ورفعنا اللافتات وشعلنا الشموع ، ودبجنا الكلمات والأشعار وصلينا في الكنائس ، لكن كل ذلك لن يجد نفعاً على ارض الواقع ، فما يتطلب في الوقت الحاضر هو استخدام الحكمة ، إن لم يكن بمقدورنا استخدام القوة .
في الوقت الحاضر فإن الدول المعنية والإعلام مشغولون بفلسطين واسرائيل وغزة ، وليس لهم الوقت الفائض ليصرفوه على مآسي الأزيدية والمسيحيين والشبك والتركمان . من هم هؤلاء قياساً بغزة ؟ إن الإعلام ايضاً مركز ومسلط على احداث غزة فلا احد يهتم بما يجري لهذه الأقليات المقطوعة من شجر ، مئات الآلاف منتشرين في العراء يفرشون الأرض  ويلحفون السماء لا احد ينظر الى مأساتهم .
ونحن المسيحيون من كلدان وسريان وآشوريين ماذا امامنا لنفعله ؟ نحن نفكر في الدرجة الأولى بالهجرة وهذا شئ طبيعي ، لكن الهجرة ليست بالسهولة التي نتصورها ، وماذا عن املاكنا وحلالنا ؟ وماذا عن تراب الوطن وعن بلداتنا ومدننا ؟ نحن لنا مشاعر نفكر كبقية البشر .
واسئلة نبادر لطرحها عسى ان تجد اذان صاغية .
اولاً ـ
هل يمكن ان نتسلح وندافع عن النفس كآبائنا ؟ لقد دافعنا سنة 1963 وما بعدها عن مدننا وقرانا بوجه القوات الحكومية المدججة بالسلاح وتستخدم الطائرات والدبابات مع المشاة من الجيش والجتا ضدنا ومع ذلك استطعنا مقاومتهم ببنادقنا القديمة مستفيدين من التضاريس الجبلية ومن معنوياتنا العالية .
ثانياً ـ
هل يمكن ان نتسلح ونحارب الى جانب قوات البيشمركة الحليفة حيث ان اقليم كوردستان اصبح المكان الأمين الوحيد في المنطقة فيه الملاذ الآمن للمسيحيين وبقية المكونات اللاإسلامية .
ثالثاً ــ
هل يمكن ان نتفاوض مع داعش لترتيب سلامة مدننا وقرانا كأن ندفع لهم بعض المبالغ لقاء سلامة وجودنا في مناطقنا ؟
رابعاً ـ
هل يمكن لمرة واحدة ان يلم شمل السياسيين ورجال الدين وبعض النخب في اجتماع موسع ، لكي يتوصلوا الى قرار يخدم مصير هذا الشعب المسكين الذي نطلق عليه اسم ( الأمة ) ؟
ـ عزيزي القارئ برأيي المتواضع إن الصلوات لا تكفي بل لا تفيد لإبعاد الخطر ، كما ان الأجتماعات والمؤتمرات التي تعقد بهدف مساندة هذه المكونات ومن بينها المكون المسيحي فهي عبارة عن مؤتمرات نزهة وولائم وكلمات فارغة  ليس لها اي صدى على ارض الواقع ، إنها مضيعة للوقت وبذخ للاموال لقراءة وسماع اقوال وكلمات وخطب مملة ومكررة  دون معنى
.
تحياتي
د. حبيب تومي / اوسلو في 07 / 08 /2014




22
القوش والمنطقة والأحداث المقلقة تجري بسرعة وتحطم الأعصاب
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habbeebtomi71@gmail.com
habeebtomi@yahoo.no
قلما اجلس امام شاشة التلفزيون لمتابعة برنامج او فلم او مسلسل ، والأخبار افضّل ان استقيها من الوكالات مباشرة ومن المواقع عبر الأنترنيت ، إن كان عبر مواقع شعبنا او من المواقع الأخرى ، وفي هذه الأثناء يستقر رأيي على موضوع ما ، لكي اكتب عنه مقال وفعلاً ابدأ الموضوع وأضع له عنواناً ، ويحدث اثناء الأسترسال في الكتابة ان اجد فسحة لمتابعة اخر الأخبار، إذ بسيل الأخبار الجارف يأخذني واجعل من الموضوع الذي استقر رأيي للكتابة عليه اراه ليس بالأهمية التي تستوجب الكتابة ، فأنتقل للكتابة عن الحدث الفلاني فهو يحمل اهمية اكبر وهكذا انا في دوامة في هذا الزمن الردئ ..
بالأمس واليوم كان الحدث الخبري يجري بسرعة وكلها تبعث على الأنزعاج والقلق الذي يقبض الصدر ويحطم الأعصاب ..  نقرأ على المواقع عناوين :
ــ مسيحيو الموصل يطالبون بترحيلهم إلى الخارج والهجرة توزع 275 حصة غذائية لهم في أربيل
ــ البطريرك مار ساكو : ندعو فرنسا الى ارسال مساعدات عاجلة لنازحي الموصل لضمان معيشتهم وبناء وحدات سكنية لهم في المناطق الآمنة .
ــ ازدياد الهجرة من بلدات سهل نينوى بعد حوادث الموصل الاخيرة .
ــ أمير الايزيدية يناشد أوباما وبارزاني لإغاثة سكان سنجار:
 نحن مسالمون ونحترم كل الأديان .
ــ «داعش» يمهل الإيزيديين في سنجار 24 ساعة لإعلان إسلامهم
ــ داعش يفجر مرقدا مقدسا لدى الايزيدية بُني قبل 700 عام في سنجار
ــ نجل بارزاني يقود معركة لاستعادة السيطرة على سنجار من "داعش"
ــ ائتلاف علاوي: المالكي فشل فشلا ذريعا في حماية العراق .
 ــ شنكال.. البيشمركة تشن هجوما على عناصر "داعش" من اربعة محاور .
ــ داعش يمهل البيشمركة ساعتين للانسحاب من سد الموصل .
ــ  الامم المتحدة تدعو لتعاون عاجل بين بغداد واربيل:
 داعش فجر ازمة انسانية في سنجار
قائمة الأخبار المقلقة طويلة قبل ان ننتقل الى المحافظات العراقية الأخرى والى احداث سوريا وليبيا وغزة واسرائيل ....
في هذه الدوامة كان التلفون ايضاً واسطة الأتصال المباشر مع الأهل والأصدقاء والأقارب ، ففي اتصالي مع اقاربي من بغداد افادوا : ان الوضع طبيعي ( اليوم ) ولكن لا ندري ماذا يضم لنا الغد ، وبعد ذلك كان الأستفسار عن الصحة والأحوال وهذه لا تحمل اهمية في هذا الوقت ، الذي اصبح فيه المحافظة على الحياة يأتي في المقام الأول ، الذي من اركانه الدفاع عن العرض والمال والدين . ولذلك اصبح السؤال عن الصحة والمعيشة من الأسئلة التافهة ، وليس من الضروري صرف الوقت عليها .
في معرض استرسال الحديث مع اقاربي في بغداد افادوا بأنهم سمعوا ان نقطة السيطرة في قرية بدرية القريبة من القوش ، والمؤدية نحو دهوك وزاخو قد تركها البيشمركة ، وإن داعش قد امهلتهم لترك الشيخان .
لكن في حديثي مع اقاربي في القوش وهم اقرب الى الحدث ، افاد احدهم ان الوضع طبيعي ، وحينما حدثته عن نقطة تفتيش البدرية فكذب الخبر بدليل ان السيارات والشاحنات الناقلة تسير بشكل طبيعي ولا يوجد شئ غير طبيعي على الطريق ، وقال انا الآن اتابع لعبة كرة قدم تجري على ملعب القوش .
 ولدى اتصالي بالقريب الآخر افاد ايضاً بأن الوضع طبيعي في القوش ، وإنه خابر اقاربنا في تلكيف وأفادوا بان الوضع طبيعي هناك ايضاً ، واستطرد : وإن حدث شئ فسوف اخذ العائلة الى دهوك .
الأحداث المقلقة تتسارع ولا مجال للتفكير ، وأنا شخصياً اريد ان اكون في قلب الحدث ، ولا افكر ، ولم افكر في حياتي في شئ اسمه الخوف ، لكن هناك مثل يقول : لا حاكم ولا حكيم ، فليس لك خيار إذ يجب إطاعة الحكيم ( الطبيب ) الذي ادخلني في هذه الفترة ثلأثة مرات الى المستشفى ، وأخبرته انني في القوش رغم دخان السكائر والنركيلة في النادي ، كانت صحتي عال العال ، وهنا في اوسلو في الهواء النقي والأهتمام الصحي ، إلا انني دائم المراجعة للطبيب والمستشفى .
المهم ، حينما اجلس لوحدي وأفكر في هذا الزمن الردئ حيث القوة الجسمية في تراجع مع مرور الوقت ، وهذا ناموس الحياة لا اعتراض عليه ، لكن الأعتراض هو على احوال الوطن الذي لا نقرأ فيه خبر مفرح عن بناء مدرسة او تبليط شارع او بناء جسر او مستشفى او افتتاح مسرح او .. او .. إنما معظم او جميع اخباره ، هي : المصادمات بين الجيش والمسلحين ، تصادم بين قوة من البيشمركة والدواعش ، تهجير المسيحيين ، خطف الشبك ، تفجير مرقد الإزيدية في سنجار . قتل .. تهجير ،، تفجير ، اختطاف ،، معارك طاحنة  .. مصادمات .. قصف .. سقوط قذائف هاون .. استيلاء .. انسحاب .. إنذار .. تفخيخ ... اختفاء ... نازحون .. مأساة انسانية ...الخ
هل نقرأ عن اخبار العراق غير تلك الأخبار ؟
هل هناك خبر يسر ويفرح المواطن العراقي ؟
كل العالم لهم اخبار عن البناء والأنجازات والمخترعات والأبداعات والسياحة والمهرجانات ، ونحن لنا اخبار الفساد والعنف والتشبث بالكرسي وسرقات المال العام ، الأصطفاف الطائفي ... كل فريق هو صاحب المقاييس والحقائق المطلقة ، كل فريق يريد إقصاء الفريق الآخر ، والقضاء عليه بالضربة القاضية . إنه عراق غريب عجيب ، بل انه عراق مجنون . وبعد كل ذلك ، الا تريد عزيزي القارئ ان نصاب بالسكر والضغط  وتحطم الأعصاب والقلق النفسي وانقباض الصدر والكآبة ؟ إن كان هذا حالي انا البعيد ، فما هو حال من يعيش الحدث وسط العاصفة ؟
دمتم بخير
د. حبيب تومي / اوسلو في 04 / 08 / 14




23
مظاهرة حاشدة للجالية المسيحية وأصدقائهم  في اوسلو لمناصرة  شعبنا في الوطن


اقيم يوم  السبت 2/8/2014 في اوسلو  تظاهرة حاشدة كبيرة   امام مبنى البرلمان النرويجي  احتجاجاً على ماحدث من تهديد وتهجير للمسيحيين العراقيين من قِبل المتشددين الإسلاميين مما أدى الى هروبهم الى خارج مدينة الموصل.
ابتدات المظاهرة من محطة القطار الرئيسية في ساحة النمر ومرورا في شارع كارل يوهان  وفي النهاية  اتجه الجميع الى مقر البرلمان النرويجي  لتسليمه رسالة تعبر عن معاناة  المسيحيين في العراق وتطالبه بمساعدتهم على الحماية و الامن.
تضمنت المطالب بداية بانه في عام  1914 حدث قتل ومذبحة للمسيحين في تركيا في العهد العثماني والان  وبعد 100سنة تتكرر الماساة للمسيحين في الموصل فهم يقتلوا ويرغموا على تغيير دينهم وتم الاستحواذ على ممتلكاتهم وطردوا من مدينتهم التي عاشوا فيها مع اباءهم واجدادهم
المطالبة من الحكومات الدولية ان تخرج من سكوتها تجاه ما يحدث في الموصل و ان تدافع عن المسيحين ويقدموا خدمات لهولاء المسيحين الذين يقتلون ويغتصبون ويتركون دينهم ويتم طردهم والاستحواذ على ممتلكاتهم من قبل داعش وكما ساعدوا  الاكراد 1991 وبوسنية 1993 وللالبان في كوسفو في 1999 و لجنوب السودان في 2011 وفي العام الماضي للاجئين في مالي
واخيرا نشكر كل الذين حضروا المظاهرة تضامنا مع المسيحين في الموصل والتي تبين رفضهم للظلم من قبل داعش .
 
الهيئة الأدارية لنادي بابل الكلداني في النرويج
 بالأشتراك مع الحركة الديمقراطية الاشورية وجمعية نينوى في النرويج

24
حلو الفرهود لو يصير يومية
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
كان عنوان المقال بالأمس الفرهود اليهودي واليوم الفرهود المسيحي والحبل على الجرار ، لكن ارتأيت ان اضع احد الأهازيج الشعبية عنواناً للمقال والذي يعني : كم هو الجميل الفرهود حبذا لو يتكرر يومياً .
في الحقيقة لا نريد الكتابة في مثل هذه المواضيع التي تدمي القلب قبل العين ، إنها نقاط معتمة من سلوك الأنسان اتجاه اخيه الإنسان ، لكن حجم الماساة والظلم الذي يتعرض له المسيحيون والمكونات الأخرى من اتباع الديانات الأخرى غير المسلمة ، تحرك المشاعر ولا تقبل السكوت ، يقول نابليون :
 العالم يعاني كثيراً ليس بسبب ظلم الأشرار ، لكن بسبب صمت الأخيار .
اجل ان اضعف الأيمان هو التعبير بشتى الطرق عن الأحتجاج واستنكار الظلم والقهر والقمع والتهجير القسري ، والفصل العنصري الديني  الذي يتعرض له شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن وبقية المكونات غير الإسلامية في بلد اسمه العراق .
في الحقيقة إن ثقافة الفرهود اي النهب والسلب كانت دائماً قائمة ، لكن اشير اليها دائماً على انها من الشرور ، وقد اعطي لهذا النهب والسلب اسماء اخرى لتصبح عمليات مقبولة شرعية ، فالعرب قبل الإسلام رغم ان جواً من حرية الفكر والمعتقد الديني كان سائداً في جزيرتهم قبل مجئ الإسلام ، حيث كان المسيحية واليهودية وعابدي الأصنام والأوثان يتعايشون جنباً الى جنب بوئام وسلام الى مجئ الإسلام ، حيث وضع حد للتعددية الدينية وفرض الدين الواحد في جزيرة العرب .
المهم ان طبيعة النهب والسلب كانت قائمة في المجتمع العربي قبل الإسلام لشن غزوات فردية وعشائرية ضد بعضهم البعض ، بغية تحقيق بعض المكاسب المادية عن طريق المباغتة والغزو . وهذا الفكرة تطورت بعد الإسلام تحت مسمى الغنائم لتتطور وتتوسع لتشمل النساء والأطفال والرجال إضافة الى النقود ومصوغات الذهب وغيره . وهذه الثقافة ظلت قائمة على مدى عصور ، كانت على شكل فتوحات إسلامية ، واليوم تحاول دولة الخلافة الإسلامية داعش تطبيق هذه النظرية بحق الناس المسالمين العزل من المسيحيين ومن غيرهم من اتباع الأديان الأخرى غير الإسلامية في الوطن العراقي .
قرأنا الكثير عن الفرهود اليهودي الذي وقعت احداثه الرهيبة يومي الأول والثاني من حزيران عام 1941 ، وكانت تلك الأحداث نتيجة احداث سياسية لا مجال لذكرها ، افرزت فراغ امني جرى استغلالها من قبل تلك المجاميع للهجوم على المكون اليهودي و( فرهدة ) ممتلكاتهم



وشن حملة تنكيل ونهب وسلب ضد المكون اليهودي الأصيل الذي يعود تاريخه العراقي 2500 سنة ومنذ سقوط الدولة الكلدانية ، حيث تعاقب على حكم بلاد ما بين النهرين عهود : الفرس واليونان والساسانيون ثم الأحتلال او الفتح الإسلامي والدولة العباسية والمغول والتركمان والصفويون والأتراك ، والأحتلال البريطاني ، والعهد الملكي حيث جرى تسفير اليهود عام 1950 وكان يبلغ تعداد اليهود منتصف القرن العشرين ( قبل التسفير ) اكثر من 180 الف نسمة معظمهم في بغداد ( مير بصري ـ يهود العراق ). وفي يومها يتغنى الشعراء بالتعايش والتسامح بين الأديان ، فيقول الشاعر جميل صدقي الزهاوي :
عاش النصارى واليهود ببقعة               والمسلمون جميهم اخوانا
لقد كتب الكثيرون عن ذلك الحدث الرهيب ونتائجه ونقتبس من إعداد مازن لطيف في :
التاريخ المنسي ليهود العراق المستدرك من ذكريات انور شاؤل ، دار ميزوبوتاميا ، سنة 2013 بغداد ص54 :
( .. تعرض المواطنون اليهود الى ملاحقات ومضايقات واعتداءات لم يسبق لها مثيل انتهت بتلك المجزرة الرهيبة في 1 و2 حزيران 1941 التي ذهب ضحيتها من اليهود ، حسب الإحصائيات التي توفرت في حينه ، 179 قتيلاً و2118 جريحاً ، وبلغ عدد ما نهب من الدور 1000 بيت ، ومن الحوانيت 2500 حانوت ... اما عدد الأشخاص الذين تضرروا نتيجة النهب فقد بلغ 40 الف متضرر .
 لقد شاعت في تلك الفترة بين العوام المستفيدين من هذه الظروف ذهنية الفرهو د وسلب اموال الناس فقد وردت اهازيج ومنها :
حلو الفرهود لو يصير يومية التي وضعها عنواناً للمقال واهزوجة اخرى بنفس المعنى :
الله اشحلو الفرهود يا إسلام       يا ريتة يعود كل سنة وكل عام .
نعم هكذا عاد الفرهود بعد 73 سنة اي 2014  في مدينة الموصل ، وكان الدور من حصة المسيحيين هذه المرة ولم يكن بتلك الفوضى التي تم في عام 1941 بل كان مدروساً هذه المرة وتم على يد قوات الدولة الإسلامية او ما عرف بداعش التي باتت تسيطر على مناطق واسعة من العراق



مدينة الموصل اليوم تعيش ايام الفرهود ، إن كانت داعش لا تفتك بالمسيحيين فإنها تجردهم من املاكهم ومقتنياتهم وكرامتهم وتفرض عليهم الهجرة القسرية كبديلاً لإبقائهم على دينهم وعدم فرض الجزية عليهم . في الموصل قصص مؤلمة مليئة بالخوف والأنكسار والعبثية والأستهتار بإنسانية الأنسان وكرامته وحقه في الحياة والتملك وحرية المعتقد .
بعد الأستيلاء على بيوت المسيحيين وكل ما داخل البيت من اثاث وملابس ومقتنيات كانت الحملات السرقة واللصوصية تكمل فصولها في في نقاط السيطرة ، وفي الوقت الذي ينبغي ان تكون تلك النقاط ( السيطرة ) مكان لحفظ امن المسافرين لكي لا يتعرضوا للاعتداء والسرقة في الطريق ، فإن افراد السيطرة نفسها يقومون بإعمال اللصوصية والسرقة تماماً كأي قاطع طريق ، ولكن هنا اللصوصية تكون مغلفة بالإطار الديني ، فكل ما يملك هؤلاء المساكين من نقود إن كانت دولارات او دنانير عراقية ومن مصوغات ذهبية حتى خاتم الزواج وموبايلات وباسيكلات اطفال وزجاجات حليب الأطفال وأدوية مرضى القلب ، وبعد كل ذلك سيارة العائلة ، اجل السيارة مهمة  فجميع هذه هي من ممتلكات الدولة الأسلامية عليهم تركها في السيطرة ، وعلى رب العائلة وبرفقة عائلته ترك كل ذلك والترجل مع افراد عائلته حيث يشاء ودون اعترض ، إنهم يطبقون شريعة الله .

 

دير مار بهنام
نحن لا نتطرق هنا الى الهيمنة على الأديرة والكنائس والعبث بمحتوياتها التاريخية وقدسيتها الدينية منها دير مار بهنام قرب بغديدا ودير ماركيوركيس في الموصل ودير مارميخائيل الكبير التاريخي في الموصل وغيرها من الأديرة والكنائس ، فكانت هناك ناحية اجتماعية تناقض ناموس الحياة في كل المذاهب والأديان والأعراف والقيم الأجتماعية في كل المجتمعات البشرية ، وهي وقوف الجار مع جاره اوقات الشدة والمحن ، ورغم سماعنا لبعض القصص بوقوف الجار المسلم مع الجار اليهودي في الفرهود الأول وفي الفرهود الثاني الذي كان مع المكون المسيحي ، إلا ان الجار المسلم بشكل عام كان الصمت المطبق يلفه حين الأعتداء على جاره المسيحي ، بل يكون هو الدليل للايقاع بجاره المسيحي . وهنا اقتبس فقرة من مقال سوسن الأبطح في الشرق الأوسط بتاريخ 27 /07 تكتب :
«داعش» ليس تنظيما أرعن، يوزع الموت والخراب في صحراء معزولة، لولا البيئات الحاضنة والسكوت المطبق، وأحيانا الدعم المحلي. أحد الفارين من الموصل يبكي قهرا أمام الكاميرا وهو يتحدث عن جيرانه الذين فرحوا بنبأ إخلاء المنزل: «أسعدهم أن يستولوا على بيتنا». كاتب من الموصل سطر رسالة مبكية يخاطب فيها المسلمين قائلا:
«نغادر الموصل مطرودين وقد أذلنا حاملو راية الإسلام الجديد، نغادرها لأول مرة في التاريخ، لا بد لنا أن نقدم شكرنا لأهلنا فيها، الذين كنا نعتقد أنهم سيحموننا كما كانوا يفعلون، وسيقفون بوجه عتاة مجرمي القرن الحادي والعشرين ويقولون لهم إن هؤلاء هم الأصلاء وهم الذين أسسوا هذه المدينة. كنا نطمئن النفس في أن لنا جارا عزيزا، وابن محلة شهما، وإخوانا تبرز أخلاقهم يوم الشدة .. لكننا خًذلنا




وهناك قصص كثيرة سمعناها لا مجال للتطرق اليها حيث تدل على معنى التفرقة الدينية بأبشع صورها ، وهذا يذكرني بالفصل العنصري الذي كان سارياً في جنوب افريقيا ، فأثناء عملي البحري حيث عطلت باخرتنا  قبالة سواحل مدينة كيبت تاون التابعة لجنوب افريقيا ، المهم في القصة اننا طاقم الباخرة نزلنا الى المدينة ونحن مجموعة اردنا دخول احد البنوك فلاحظنا اعتراض الشرطي امام الباب على احد بحارتنا واسمه حسين ، حيث كانت بشرته سمراء الى مائلة الى السواد ، فأخذت أجادله بأننا عراقيين وهذا عراقي ، وبعد إصرارنا وأخذ ورد سمح للبحار حسين بالدخول الى البنك الذي لا يسمح للسود بالدخول فيه .
ونقرأ عن حوادث مماثلة في اواخر الأربعينات من القرن الماضي بأن نلسون مانديلا كان يسافر برفقة ثلاثة من اصدقائه الهنود الملونين الذين كان يسمح لهم بالركوب في نفس الترام مع المواطنين البيض على يجلسوا في الدور الأعلى من القسم الخلفي للترام ، اما المواطنين السود فكان لهم ترام مستقل لهم يتوقف تشغيله ليلاً . لقد حاول جابي التذاكر ان يطردهم من الترام مخاطباً العمال الملونين الهنود  : القانون لا يسمح لكم باصطحاب شخص زنجي حيث لا يمكن لأي شخص ان يفعل ذلك سوى المواطنين البيض فقط .
طبعاً هذه تصرفات مشينة قد مضى زمنها ، ولكن يبدو ان الفصل العنصري الديني هو اشد قسوة وظلماً من الفصل العنصري على اساس بشرة الوجه ، والعجيب كل العالم كان يستنكر تلك التفرقة العنصرية ولا احد يستنكر ويشجب الفصل العنصري الديني الذي نعاني منه .
بقي ان نقول ما يخص موضوعنا إن فرهود الأمس كان جلياً واضحاً من يقوم به من العامة المسلحين بالسلاح الأبيض ، وإن من يقوم بفرهود اليوم هم نفس العامة لكنهم يحملون الأسلحة المتطورة الحديثة ، ويقومون بتلك الأفعال تحت برقع داعش ، ولو كشفنا عن هذا البرقع سيظهرون العامة أنفسهم فداعش ليسوا مقطوعين من شجرة وليسوا تنظيم منبوذ إنما هو تنظيم مرحب به في بيئة الموصل المجتمعية ، وإن البيوت التي صودرت من المسيحيين ستكون من الغنائم لأهل الموصل من الدواعش .
نعم المسيحيون بحاجة الى حماية دولية وإلا سيكون مصيرهم في حكم المنتهي ما دامت عقلية الفرهود ( الغنائم ) هي السائدة في هذا المجتمع .
ودمتم بخير
د. حبيب تومي / اوسلو في 28 / 07 / 2014








25
وأخيراً مدينة الموصل بدون مسيحيين في ظل خلافة الدولة الإسلامية
اين الصوت الإسلامي المعتدل من التفرقة العنصرية بحق المسيحيين في الموصل ؟

بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
بعد ان نشرت المقال في بعض المواقع تحت عنوان : اين الصوت الإسلامي المعتدل من التفرقة العنصرية بحق المسيحيين في الموصل ؟ فقد استجدت ظروف اخرى بين ليلة وضحاها ، إذ ورد خبر في CNN  يقول :
المهلة تنتهي السبت .."داعش" تخيّر مسيحيي الموصل بين الإسلام أو الجزية أو القتل وورد في الخبر :
 ( بغداد، العراق (CNN)-- أصدر المسلحون المتشددون الذين يسيطرون على مناطق واسعة في العراق وسوريا، تهديداً للمسيحيين العراقيين في مدينة الموصل، فإما أن يدخلوا في الإسلام، أو أن يدفعوا الجزية وفق أحكام الشريعة ، أو يواجهون الموت بحد السيف .




   الرسالة موجهة من الدولة الإسلامية في العراق والشام، المعروفة باسم "داعش"، وتم توزيعها على قيادات الأقلية المسيحية ، التي بدأت بالتناقص في الأيام الأخيرة.
 وتقول الرسالة بأن زعيم الدولة الإسلامية "الخليفة" أبو بكر البغدادي، وافق على السماح للذين لا يريدون الدخول في الإسلام ، أو دفع الجزية، بأن يخرجوا من المدينة بأنفسهم فقط ، خارج دولة الخلافة،  وذلك بحلول ظهر يوم السبت،  وبعدها بحسب التحذير الوارد في الرسالة فإن "السيف هو الخيار الواحيد.") .
حسب الرابط : http://arabic.cnn.com/middleeast/2014/07/18/isis-mawsil-christians-mesaage
هكذا يكون مصير اهل المدينة الأصليين يوضعون امام خيارات عسيرة ونحن في القرن الواحد والعشرين ، ويكون مصيرهم الهجرة وترك بيوتهم العامرة بعد ان كدحوا وعملوا طول العمر بعرق جبينهم جاءت الدولة الإسلامية لتصدرها بجرة قلم والسبب انهم مسيحيون ، وقرأنا ان خمس عوائل مسيحية بعد خروجهم من مدينة الموصل متجهين نحو اربيل ، خرج مجاهدو الدولة الإسلامية في العراق في نقطة سيطرة الشلالات عليهم وصادرت مبالغهم المالية مع مقتنياتهم الذهبية وأجهزة الموبايل التي بحوزتهم وحسب الرابط :
http://www.ankawa.com/index.php?option=com_jfusion&Itemid=139&jfile=index.php&topic=745887.0
افادت مصادر موقع عنكاوا كوم  في الموصل بأن مسلحو الدولة الاسلامية في العراق و الشام – داعش قاموا بسلب خمس عوائل مسيحية و هي في طريقها الى اربيل.
واضافت المصادر بأنه تم سلب ثلاث عوائل منهم  مساء امس الخميس عند سيطرة الشلالات وهم في طريقهم الى اربيل و عائلتين  اخريتين صباح اليوم الجمعة وفي نفس المنطقة.
وقالت المصادر بان عناصر داعش قامت بمصادرة المبالغ المالية التي بحوزة العوائل و مقتنياتهم الذهبية و اجهزة الموبايلات.
وهكذا اعتُبرت اموال هؤلاء الفقراء بأنها غنائم حرب ينبغي مصادرتها .
والآن اعود الى المقال الأصلي الذي كتبته :
في العراق اختلط الحابل بالنابل على خلفية الصراع الطائفي وانقسم العراق جغرافياً وسياسياً وعسكرياً وقومياً ومذهبياً ، وليس هناك خلاف ونقاش وحوار هادئ ومنطقي بين المناطق الشيعية والسنية ، بل هنالك حوار بلغة قعقعة السلاح بمختلف انواعه من طائرات مقاتلة ومن طائرات الهيلوكبتر وقوات المحمولة جواً ومن مضادات الطائرات ومن دبابات ومدرعات وصواريخ ومدافع هاون وجميع انواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة ، هذا هو الوضع بكثير من مدن العراق المقسم ، والذي يفترض انه دولة واحدة تعيش فيها المكونات الدينية والعرقية والمذهبية العراقية من : عرب وأكراد وتركمان وكلدان وسريان وأرمن وآشوريين وشبك وأيزيدية وكاكائيين ومندائيين وسنة وشيعة وغيرهم على اساس ان هذه مكونات متآخية تحمل الهوية العراقية ، وفي الحقيقة هي مكونات متآخية لولا الصراع الدموي بين السنة والشيعة ، ونحن نذهب ضحية هذا الصراع الذي لا ناقة لنا فيه ولا جمل .
في الموصل بتاريخ 10 حزيران الماضي دخلت قوات الدولة الإسلامية في العراق والشام ( داعش ) واحتلت المدينة بزمن قياسي ،  وبعد ذلك تبدل اسم داعش الى دولة الخلافة الإسلامية ، ونحن المسيحيون ليس امامنا سوى الترحيب بهذه الدولة ، لأن الجيش العراقي بجبروته تقهقر امام هذه القوات ، وأهالي الموصل رحبوا بهم ، فنحن نرحب بهم ايضاً على ان يكونوا عادلين في حكمهم وان يعاملوا جميع العراقيين بمساواة وعدالة وليس بتفرقة دينية عنصرية .
ان ما قامت به هذه القوة انصب في قالب الأنتقام من المكون الشيعي في المنطقة مما حدا بهذا المكون العراقي بهجر بيوتهم واللجوء الى الأماكن الآمنة ، وهذا ينطبق كثيراً على اتباع الأديان غير المسلمة كالمسيحيين والأزيدية والشبك ، وما يخص هذا المقال ، فإن العوائل المسيحية القليلة المتبقية في الموصل رغم ابتعادها عن الصراع الدائر بين السنة والشيعة ، ورغم دعوتهم المستمرة الى الإخاء والمحبة ، إلا ان نصيبهم لم يكن قليلاً من عمليات الخطف واالتهجير والفصل العنصري ، ومنذ دخول قوات داعش الى الموصل زادت معاناتهم واحوالهم سوءاً ، فهذه القوات تفرض الشريعة الإسلامية على المسلمين وعلى غير المسلمين ، وليس هذا فحسب ، فقد تعرضت راهبتان مع 3 ايتام الى عملية خطف واطلق سراحهم بعد 17 يوم ، ويمكن ان نحسب عملية إطلاق سراحهم بسلام على انها نقطة ايجابية تغطي على عملية الأختطاف .
وليس هذا فحسب فكانت هناك عمليات الفصل العنصري الديني في كثير من المواقف ، ففي إجراء حرمت داعش على ابناء شعبنا العمل  في الملاكات الصحية والطبية في الموصل فقد ورد خبر من الموصل مفاده :
»إن تنظيم الدولة الاسلامية – داعش قد امر ادارات المؤسسات الصحية في مدينة الموصل بأيقاف عمل المئات من المسيحيين ممن يعملون كأطباء وممرضين .
واضافت المصادر بان العديد من الموظفين في الملاكات الطبية و الصحية تلقوا توجيهات شفوية من مدراء المستشفيات والمراكزالصحية في المدينة بعدم الدوام والى إشعار اخر.
وتأتي هذه الاجراءات ضمن سلسلة من المضايقات على ابناء شعبنا في الموصل بعد استيلاء داعش على المدينة.
حسب الرابط ادناه   :                                                                                 
http://www.ankawa.com/index.php/ankawaforum/index.php?topic=745377.0
كما كان ثمة اجراء آخر يدل على التفرقة العنصرية بسبب الهوية الدينية مفاده ان الجوامع توفر اسطوانات الغاز لأهالي الموصل وتستثنى من ذلك المسيحيين ، علماً ان الكنائس حينما توزع المساعدات وتكون مخصصة للعوائل المسيحية فتمنح قسم منها للعوائل المسلمة المتعففة دون تفرقة .
اكثر من ذلك فتفيد الأنباء ان عناصر الدولة الأسلامية ابلغوا وكلاء الحصة التموينية بقطع مفردات الحصة التموينية عن العوائل المسيحية والشيعية .
هذا بالإضافة الى الإستيلاء على مقر المطرانية والأستيلاء على بيوت عائدة لمواطنين مسيحيين ، وغيرها من المعاملات المنافية لأبسط حقوق الأنسان والمواطنة ولعل اكثرها ايلاماً تلك التفرقة العنصرية التي يشيرون الى بيت المسيحي بحرف (ن ) اي نصراني والى عبارة تقول (عقارات الدولة الإسلامية ) فقد اكد عدد من مسيحيي الموصل الساكنين
 في منطقة حي العربي شمال شرقي مدينة الموصل ان عناصر ما يسمى بتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام داعش  قاموا بوضع عبارة (عقارات الدولة الاسلامية ) على منازلهم مع حرف (ن) في اشارة الى ان مالك هذا الدار هو (نصراني ) أي مسيحي واضاف عدد من ابناء شعبنا ان هذا الاجراء يعزز اجراءات عناصر داعش في الأستلاء
 على منازل المسيحيين ومحاولة طردهم منها مع عدم تمكنهم من التصرف بها من خلال بيعها للاخرين.

 كما اكد اخرون انهم رغم اشغالهم تلك الدور فان عناصر داعش قامت بوضع علامة دائرة وفي داخلها حرف (ن) .. كما تم تزويدهم باستمارة معلومات تتضمن استفسارات عن عدد افراد الاسرة واعمارهم.. وحسب الرابط
بط : http://www.ankawa.com/index.php?option=com_jfusion&Itemid=139&jfile=index.php&topic=745701.0
 
 
إن هذه الإجراءات منافية لحقوق الأنسان وهذا يذكرنا بإجراءات المانيا النازية التي اتخذت بحق اليهود في اثناء الحرب العالمية الثانية حيث كان يفرض على اليهود في المانيا  وفي الدول التي تحتلها المانيا
تفرض عليهم وضع علامة نجمة داود على ملابسهم الخارجية لتفريقهم عن المواطنين الآخرين كما يظهر في الصورة 

From 19th September, 1941 Jews in Germany and occupied countries were required to wear the Star of David in public as the Nazi racial laws had produced much hardship
لقد درسنا وصادقنا وتعاملنا مع مسلمين بأعمال تجارية وعلاقات صداقة اجتماعية إن كانت علاقت شخصية او عائلية ، وجرت بيننا معاملات تجارية وبيع وشراء بيوت وعقارات مع مسلمين ولم نسمع يوماً ، بأن بيوت المسيحيين هي ملك الدولة او هي حلال للمسلمين ، علماً ان الدولة العراقية في كل مراحلها تشير في المادة الأولى للدستور انها دولة إسلامية .
وهنا يتبادر الى الذهن سؤال : يا ترى من هو المسلم الحقيقي ؟ هل هو المسلم الذي يعالمنا كمواطن وكصديق ولا يطمع ولا يستولي على املاكنا واموالنا ؟ ام المسلم الذي يستولي ويغتصب اموالنا وبيوتنا وحلالنا ؟
في الموصل وفي المدن العراقية هناك مسلمون معتدلون ، يعاملون غيرهم من اتباع الأديان الأخرى غير الأسلامية يعاملونهم كبشر مثلهم ، والمسلمون يجب ان يكونوا كبقية البشر ليسوا افضل من الآخرين ولا الآخرين افضل منهم ، الناس سواسية كأسنان المشط .
الا ينبغي بهذه الحالة ان يرفع المسلمون المعتدلون من السنة والشيعة ، أن يرفعوا اصواتهم لمناصرة المظلومين من الأديان الأخرى ؟ إن لم يكن بالتظاهر والأحتجاج فعلى الأقل بأساليب اخرى ، فمتى نقرأ مقالة لكاتب ؟ ومتى نسمع خطبة من رجل دين مسلم يرفع صوته ضد الظلم بحق الأقليات الدينية في الوطن العراقي وفي بقية الدول الأسلامية ؟ إننا لم نلمس شئ من هذا القبيل من المسلمين المعتدلين لحد الساعة .
المسلمون يهربون من الظلم في اوطانهم ويلجأون الى الدول الغربية المسيحية وهناكك يزاولون حريتهم بحرية افضل ويأخذون حقوقهم افضل من اواطنهم ، بينما ابن الوطن المسيحي او غيره من اتباع الأديان الأخرى يلاقي معاملة بعيدة التعامل الإنساني من الإنسان المسلم وهو ابن الوطن قبل المسلم وليس لاجئاً .
اليوم مدينة الموصل تعيش حالة فصل عنصري كامل ، فأين المفر ، اين يهرب الإنسان من ظلم اخيه الأنسان ؟ إن الحقد الديني والكراهية يؤديان الى ظلم البشر للبشر وهو يؤدي الى المزيد من الحقد ، حقد الإنسان ضد اخيه الأنسان ، وانا لا اتكلم فقد بين المسلم والمسيحي او الإيزيدي او المندائي بل حتى بين المسلم والمسلم كما هو الحال اليوم بين السنة والشيعة ، وعلى المسلمين المعتدلين ان يكون لهم كلمة وصوت في هذه المأساة التي يتعرض لها العراق اليوم .
د. حبيب تومي اوسلو في 19 / 07 / 2014

26
العقلانية في احترام بغداد لإرادة الشعب الكوردستاني بعد الأستفتاء الشعبي
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
قبل ايام طرح الرئيس مسعود البارزاني دعوة للاستعداد لإجراء استفتاء على حق تقرير المصير ، ففي خطاب له في البرلمان الكوردستاني قال :
إن كوردستان لا تتحمل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع بأي شكل من الأشكال، وان المتسببين هم من يجب أن يتحملوا المسؤولية، وانه اليوم أتيحت فرصة سانحة للشعب الكوردستاني ليقرر مصيره بنفسه، وهذا حق دستوري ويكفله الدستور العراقي حيث جاء فيه إن الالتزام بهذا الدستور يضمن وحدة العراق.
وقد طالب الرئيس بارزاني خلال كلمته الإسراع في المصادقة على مشروع قانون المفوضية العامة المستقلة للانتخابات في كوردستان وتشكيل الهيئة وأن يستعد البرلمان الكوردستاني لمستلزمات إجراء الاستفتاء حول تقرير المصير.
راجع الرابط ادناه : ـ
http://www.krg.org/a/d.aspx?s=040000&l=14&a=51814
بعد هذه المقدمة يتعين ان نقول ان الأكراد مثل باقي شعوب المنطقة والعالم لهم حق تقرير المصير ، ولهم حق تكوين دولة او دولهم القومية على امتداد وطنهم التاريخي إن كان في العراق او تركيا او ايران او حتى سورية ، وإن كان العرب يعتقدون بأنهم ضحية اتفاقيات سايكس ـ بيكو المبرمة عام 1916 فإن باقي المكونات يشعرون بهذا التهميش ومنهم الأكراد الذين انقسموا في الكيانات السياسية الناجمة عن تلك الأتفاقيات .
ان الحرب التي اندلعت عام 1914 اطلق عليها الحرب العالمية الأولى لتوسع مساحة الحرب ولكثرة عدد الدول المتورطة فيها حيث بلغ عدد الدول المشاركة في الحرب من مختلف القارات 30 دولة صغيرة وكبيرة ، وكان من نتائجها سقوط امم وقيام امم  ،فمثلاً انهارت الأمبراطورية العثمانية ( الرجل المريض ) ، وظهرت فكرة القومية العربية ذات النزعة الأستقلالية لتحل محل الرابطة الإسلامية في زمن سلاطين الدولة العثمانية ، ومن المعطيات الأخرى اكتشاف النفط في المنطقة ومعرفة اهميته في الثورة الصناعية ، فرسمت ملامح جديدة للمنطقة ، وكان ذلك جلياً في معاهدة سايكس بيكو الآنفة الذكر ، حيث جرى تقسيم المنطقة بمقياس مصالح الدول المنتصرة وفي مقدمتها بريطانيا العظمى وفرنسا .
القوميات الأخرى شعرت بالغبن والتهميش وفي المقدمة الشعب الكوردي ، حيث ضغط ليكون له موطئ قدم بعد الحرب وفي عام 1920 كانت هنالك معاهدة ابرمت في ضاحية سيفر القريبة من باريس عرفت بمعاهدة سيفر ومن بين مواد هذه المعاهدة كانت مواد 62 و63 و64 على حقوق الشعب الكوردي وحقوق الأقليات القومية الأخرى ومنها حقوق شعبنا الكلداني ، حيث ورد في المادة 62 :
تتولى هيئة تتخذ مقرها في استنبول مكونة من ثلاثة اعضاء تعينهم حكومات كل من بريطانيا وفرنسا وأيطاليا للتحضير اثناء الأشهر الستة الأولى التي تعقب تنفيذ هذه الأتفاقية ، لوضع خطة لمنح حكم ذاتي على المناطق التي تسكنها غالبية من الأكراد والتي تقع في شرق الفرات والى جنوب الحدود الأرمنية التي تحدد فيما بعد ... وينبغي ان توفر الخطة ضمانة كاملة لحماية الآشوريين والكلدانيين والجماعات العراقية او او الدينية الأخرى في المنطقة ..الخ .
بعد سقوط النظام في نيسان 2003 استجدت ظروف بجهة التقسيم الطائفي وتردي الأوضاع الأمنية ، ورغم ما خصص لهذا الجانب من مليارات الدولارات من ميزانية الدولة العراقية بهدف إنشاء جيش عراقي وقوات امن تحافظ على كيان العراق خارجياً وداخلياً ، لكن يبدو ان البناء شيد على اسس طائفية ولهذا لم تثمر كل تلك المبالغ في تأسيس مؤسسة عسكرية مهنية مخلصة لمفهوم الوطن العراقي ، وقد شاهدنا كيف انهارت دفاعات الجيش العراقي في الموصل المدينة العراقية الثانية بعد العاصمة ، كيف انهارت وسلمت لقوات داعش دون إطلاق طلقة واحدة .
المهم في الظروف المستجدة بعد سقوط الموصل ومدن اخرى ، طفت على السطح وبشكل جدي مسألة الأستفتاء الشعبي في اقليم كوردستان . الملاحظ ان الأكراد متعلقين جداً بالرابطة القومية الكوردية ، وبنظري فإن حدث استفتاء حول الأستقلال ستكون ثمة نتيجة كاسحة في صالح تقرير المصير ، وإن الأرتهان على اختراق الأكراد وإن تعددت وجهات النظر لديهم ووجود بعض الفروقات في المواقف  بين اربيل والسليمانية ، ففي المسألة المصيرية القومية لا خلاف حولها .
من المؤكد ان القيادة الكوردية لها تصورات واقعية على حجم الصعوبات التي تعتري طريق تأسيس مثل هذا الكيان ، ومن زمن القائد الكوردي المعاصر ملا مصطفى البارزاني كانت المنطقة تسير وفق مصالح وألاعيب الأمم ، فجمهورية مهاباد التي كان البارزاني الأب احد ابطالها سنة 1946 فقد افل نجمها بسرعة بسبب لعبة الأمم يومذاك .
لا شك ان القيادة الكردية تقدر حجم العقبات والمصاعب التي تعتري سبيل اعلان الدولة الكوردية ، فالرغبة الجامحة للشعب الكوردي في الأستقلال ربما لا توازي الصعوبات الناجمة عن هذا الأعلان ، فاليوم كما في الأمس كانت الولايات المتحدة وتركيا وإيران والعراق هي العوامل المؤثرة في المنطقة وفي المسألة الكوردية على وجه الخصوص . ويمكن الإشارة الى بعض العوامل المؤثرة ولاشك ان القيادة الكوردستانية لها تصور لحجم تلك المؤثرات . ويمكن ملاحظة هذه الجوانب المؤثرة بشكل مباشر :
اولاً : ـ
موقف تركيا الرافض بشكل دائم لأي توجهات في إعلان الأستقلال عن الحكومة المركزية في بغداد ، لأن نزعة الأستقلال هذه لو تمت في اقليم كوردستان سوف تشكل حافز لنقل العدوى الى 20 مليون كوردي في الدولة التركية الذين يسعون بشكل دائم لنيل حقوقهم ، وإقامة دولتهم القومية المنشودة كبقية شعوب المنطقة .
ومع ان تركيا شريك اقتصادي كبير والمستفيد الأول من اقليم كوردستان ، ورغم انها ( تركيا) ساعدت في تصدير بعض نفطهم ، لكن مع كل ذلك تعارض الأستقلال لانه يسبب تأجيج مشاعر الأستقلال لدى اكراد تركيا .
ثانياً : ـ
موقف أيران لا يقل اعتراضاً للعملية عن الأتراك ، فأكراد ايران يشكلون القومية الثالثة بعد الفرس والتركمان الأذاريين ، وكان للاكراد تجربة مريرة مع الفرس يوم قمعت جمهورية مهاباد الكوردية وعمرها 11 شهر وذلك سنة 1946 .
ثالثاً :ـ
 انكماش الأقتصاد الكوردستاني في الآونة الأخيرة بسبب التلكؤ في دفع رواتب موظفي الخدمات المدنية بعد توقف بغداد عن صرف المدفوعات الى حكومة الأقليم ، مع صعوبات بيع النفط في الأسواق الدولية بسبب ضغوطات الولايات المتحدة وتهديدات بغداد بمقاضاة اي مشتري يشتري النفط دون تصريح من الحكومة العراقية .
اليوم تعاني كوردستان من ازمة في مخزون البنزين واقتضى ذلك ترشيد الأستهلاك فكان الوقوف لساعات طويلة للتزود بالوقود والسبب الرئيسي يعود الى العجز في تكرير النفط في الداخل للاستخدام المحلي ، وكان يجب الأنتباه لهذه الناحية ، حيث ان الأنتاج الصناعي لا سيما في مجال مشتقات النفط وفي الصناعات البتروكيمائية المهمة ، وهذا الجانب هو اهم من الأهتمام بالبناء العمراني الذي لا يشكل اهمية كبيرة في مسالة الأكتفاء الذاتي .
رابعاً :ـ
 العلاقة مع المركز : ويمكن اختصار هذه العراق بأن اقليم كوردستان هو جزء من العراق الأتحادي ، ولهذا يترتب ان تكون هنالك حقوق وواجبات ، وللأقليم علاقات مع المركز يحددها الدستور ، ولكن في محطات كثيرة اعترى هذه العلاقات توترات ومشاكل ، اليوم ينبغي على الأقليم ان يختار رئيس جمهورية للعراق كوردي وهي حصة الأقليم من المناصب السيادية حيث جرى الأتفاق غير المكتوب ، ان يكون رئيس الوزراء شيعي ورئيس البرلمان سني ورئيس الجمهورية كوردي ، وعليه ان يساهم في العملية العراقية .. الخ
لكن نلاحظ ان العراق ممزق ومقسم تحت شريعة القوة والسلاح ، ها هي خلافة الدولة الإسلامية تدخل بقوة على الخط وتفرض واقعاً ليس من السهل إزالته ، وكوردستان تحت ضغط الشعب الكوردستاني مطلوب لإجراء استفتاء شعبي يقرر مصير اقليم كوردستان . ويبدو ان هذا واقع تفرضه الظروف الموضوعية السائدة . وعليه من الحكمة اللجوء الى الخطوات السلمية ، بحيث تكون عملية الأستفتاء ونتائجها مقبولة من كافة الأطراف لا سيما جانب حكومة العراق الأتحادي .
لقد جرى في كانون الثاني ( يناير ) 2011 استفتاء لشعب جنوب السودان ، بهدف الأنفصال بدولة مستقلة عن السودان ، وكان تصويت الأغلبية لصالح الأنفصال ، وفعلاً جرى في وقتها احتفال كبير بهذه المناسبة بحضور ممثلين عن المؤسسات الدولية والأقليمية والأفريقية ، بالأضافة  الى بان كي مون الأمين العام للامم المتحدة والرئيس السوداني عمر حسن البشير . وفي الحقيقة كان هذا القرار عين العقل ، فمن الأفضل ان يتم الأنفصال عن طريق التفاهم وبالطرق السلمية ، وأن تكون هناك علاقات وثيقة بعد الأنفصال ، فلماذا تسود علاقات المخاصمة والعداوة إن كان هذا قرار وإرادة الشعب الكوردي فينبغي ان تحترم هذه الإرادة ، اما وضع الأسقلال على اسس من العداوة لا شك ان الأستنزاف سيكون سيد الموقف للعراق ولإقليم كوردستان المستقل .
برأيي المتواضع انه يترتب على الحكومة العراقية ان تحل المسألة بندية وعدالة وتراعي رغبة الشعب الكوردستاني ، وان يتم الأستفتاء بموافقتها وتقبل بالنتيجة ، وأن يجري الأستقلال بالطرق الدبلوماسية دون إثارة اي خصومات او مواقف عدائية ، وأن تسود علاقة التعاون والأخوة بين الشعبين إن كان في حالة استقلال الأقليم او في ظل دولة عراقية مستقرة وديمقراطية وموحدة .
د. حبيب تومي / اوسلو في 09 / 07 / 2014

27
لا لدولة إسلامية هدفها هدم الكنائس وظلم اتباع الديانات الأخرى
بقلم د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi@gmail.com
ونحن نلوج في العشرية الثانية من القون 21 تتعالى الدعاوي والأصوات بضرورة إعادة المجد الإسلامي عن طريق تأسيس دولة إسلامية في العصر الحديث وذلك على غرار الدولة الإسلامية القديمة قبل 1400 عام ، وبدأت المظاهر العملية لهذا التأسيس في الربيع العربي ، الذي ترجم على انه ربيع إسلامي وكاد ان يولد دولة إسلامية في مصر على يد الإخوان المسلمون ، إلا ان انفاسها اخمدت وهي في المهد من قبل الجيش والشعب المصري ، فلم يثمر لحد اليوم اي دولة اسلامية من التي قرأنا عنها في التاريخ .
ومن قراءتنا للتاريخ عرفنا ان الإسلام نشأ على يد نبي الإسلام محمد بن عبدالله بن عبد المطلب من عشيرة قريش ، وكان ذلك في صحراء الجزيرة العربية في المجتمع البدوي الذي كان يمتهن الرعي وطبقة صغيرة منه تزاول التجارة ، ولا يتقن الزراعة او الصناعة ، وفي اواسط القرن السابع الميلادي كان نبي الإسلام محمد قد اثبت حكمه في ارجاء جزيرة العرب ، وكانت الثقافة المنتشرة في جزيرة العرب ، الفقيرة في مياهها ومواردها ، هي ثقافة بدو الصحراء في الغزو بين العرب انفسهم لكسب بعض المغانم البسيطة المتوفرة لديهم يومذاك ، ولكن بعد الإسلام توسعت تلك  الأحلام للاتجاه لأصحاب الحضارات المتقدمة ( الرومان والفرس ) ، فكان بدو الجزيرة غير مصدقين ان يخرجوا من فقرهم الى الأرض المليئة بالكنوز والخيرات الوفيرة .
 لقد كان كسب الأموال والمغانم وسبي النساء هي الدافع الأكبر في الأندفاع العربي الإسلامي  نحو الغزوات وكان الدين غطاءً لهذه المكاسب ، لقد قال نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم قولته المشهورة : ( أغزوا تبوك تغنموا بنات الأصفر ونساء الروم ) .
هكذا كان سبي النساء والبنات الروميات الشقراوات والأسلاب من الأسباب  الرئيسية في التوسع الإسلامي ، وهكذا دأبت الدولة الإسلامية على  غزواتها وفتوحاتها ، واستطاعوا في وقت قصير نسبياً من بناء امبراطورية عربية إسلامية لتغطي نصف العالم ولينشروا دين الإسلام وأن يملؤا مخازن بيت المال من اموال الشعوب المحتلة ، وكان من نصيب الشعوب التي لم تترك دينها وتدخل في الدين الجديد ان فرضت عليهم ضريبة الجزية مع احكام عرفت بأحكام اهل الذمة التي تدني من قدر الإنسان ولا تحترم كرامته الإنسانية . وهذا هو سر الأنضمام الى الدين الجديد عبر الأجيال ، فكانت الزيادة في عدد السكان المسلمين وانخفاض في عدد السكان من الأديان الأخرى : اليهودية والمسيحية والمندائية والإيزيدية لحد اليوم .
الإسلام الآن

اليوم يختلف وضع العالم الإسلامي ، إنهم ليسوا في جزيرة مقفرة وليسوا بدو رحل وليسوا اصحاب قطيع صغير من الأغنام ، ولا يمتهنون الصيد البحري لكسب رزقهم ، اليوم للعرب ورادات هائلة من النفط الذي يستخرج من البلاد العربية ومن المملكة العربية السعودية بشكل خاص ، فالعربي لم يعد بحاجة الى الغنائم والأسلاب من العالم ، ومن ناحية الدين فإنهم ينشرون الدين الإسلامي في الدول المسيحية ، ومقابل ذلك هم لا يسمحون للمسيحيين بالتبشير بديانتهم المسيحية في الدول العربية والإسلامية ، وبينما نجد الآف الجوامع والحسينيات قد بنيت في اوربا وامريكا بينما الدول العربية لا يقبلون ببناء كنيسة واحدة على اراضيهم ، وأجد مئات الآلاف من النسخ من القران تطبع في اوروبا وتوزع بكل حرية بينما لا يجوز ترويج الأنجيل في الدول الإسلامية ، بل ان حمل الأنجيل من الجرائم الكبيرة التي تصل عقوبة حاملها الى الإعدام .
نحن نقرأ عن حوار الأديان والحضارات ، ولا ادري كيف يكون هذه الحوار ، في الوقت الذي يأخذ المسلمون حريتهم الدينية والأجتماعية في الدول الغربية المسيحية ، بينما الدول العربية والإسلامية لا توفر واحد بالمئة من الحرية الدينية  لأصحاب الأديان الأخرى ، فالسعودية تبني مئات الجوامع في الدول الأوروبية ، بينما هي لا تسمح ببناء كنيسة واحدة على اراضها لمليون ونصف المليون مسيحي اجنبي يعملون على اراضيها ، والسعودية تدعي دائماً على انها دولة معتدلة تدعوا لحوار الأديان ، فأي نوع من الحوار تدعو اليه لست أدري ، وعلى  الأرجح هو من نوع : تريد ارنب خذ ارنب تريد غزال خذ  ارنب .
الصحوة الإسلامية اليوم
 
بعد سقوط النظام في عام 2003 شعر السنة بغبن كبير في وطنهم العراقي ، فإنهم كانوا هم السادة في العراق ، لكن يبدو بعد سقوط النظام كان يعني سقوط لتلك السيادة ، وأصبح السنة مواطنون عاديون اي ليس من درجة (السوبر) إن صح التعبير ، كما ان الشيعة الذين منح الحكم لهم على طبق من ذهب من قبل الأمريكان ، فإنهم لم يكونوا اهلاً للمسؤولية ، تماماً كما فعل الأخوان المسلمون في مصر حينما استلموا الحكم ، سارعوا على ( اخونة ) كل شئ ، فمصر يجب ان تخدم اجندة الأخوان وليس العكس ، فكانت نكستهم التي كانوا السبب الأول فيها ، هكذا الشيعة في العراق ، رغم موقفهم المعتدل نوعاً ما بالنسبة لعلاقاتهم مع المكونات الدينية غير الإسلامية كالمسيحيين والمندائيين والإيزيدية ، لكن كان لهم موقف حدي بالنسبة لمكونات الشعب العراقي ، ونفخوا في الرماد ليظهر جمر العداوة التاريخية بين السنة والشيعة ، لقد اختزلوا الوطن في مكون الشيعة ، وأصبحت المظاهر الدينية الشيعية وكأنها المظاهر الدينية لكل العراقيين .
 لقد قادت الطبقة السياسية الشيعية ، عملية سياسية عراقية فاشلة ، ورغم مرور 11 سنة عليها فقد فشلت في جمع اللحمة العراقية بل وسعت في الهوة الطائفية ، وفشلت في بناء بنية تحتية ، وفشلت في تقديم الخدمات من النوع الجيد للمواطن العراقي ، كما اخفقت في ردم هوة الخلاف مع اقليم كوردستان ، ولم يكن للحكومة العراقية اي قراءة صائبة للواقع العراقي ، بل كانت قراءة حزبية طائفية لا اكثر وكانت النتيجة ، أيصال العراق الى حالة التقسيم ومن الصعوبة بمكان العودة الى ما قبل غزوة داعش للموصل في العاشر من الشهر الحالي ، حيث انقسم العراق عسكرياً الى المنطقة الكوردية المعروفة باقليم كوردستان ومعها المناطق المتنازع عليها بما فيها مدينة كركوك .
ومنطقة ثانية وهي منطقة السنة التي تمركزت في الموصل وصلاح الدين والأنبار وكل منطقة ومدن حوض الفرات ، ومنطقة الشيعة المرتكزة في المحافظات الوسطى والجنوبية .
من الواضح للعيان ان هناك عدة جهات دولية ضاغطة ولها مصالحها ونفوذ في العراق ، وفي الوضع الجديد في الموصل والمناطق القريبة من مدننا وقرانا فهناك فرض واقع جديد للحياة يتعلق بحياة المرأة والأقليات والفن وأسلوب العيش والعبادة ، فهم ( دولة الإسلام في العراق والشام : داعش ) معنيون بهدم المعالم الفنية والثقافية باعتبارها رموزاً شركية ، ولتفرض على غير المسلمين نمطاً معيناً من اللبس والعيش .
 إن الذي يساعدهم على ذلك هو البيئة الدينية المحيطة ، فبعد اكتسابهم لأرضية او موطئ قدم في الموصل كان الترحيب بهم ، وزيادة على ذلك كان  خطباء جوامع يباركون لداعش سيطرتها على الموصل و يدعونها لطرد المسيحيين  والمكونات الاخرى من المدينة ، وقد تناقل موقع عنكاوا خبراً مفاده :
أن عددا  من خطباء الجوامع في الجانبين الايمن و الايسر من مدينة الموصل يوم امس الجمعة باركت ما قامت به المجاميع المسلحة التابعة للدولة الاسلامية في العراق و سوريا – داعش من احتلال المدينة. و اضافت المصادر بان الخطباء طالبوا داعش  بتطبيق الشريعة الاسلامية وطرد "الكفرة و النصارى و المكونات الاخرى من المدينة"
حسب الرابط ادناه :
http://www.ankawa.com/index.php?option=com_jfusion&Itemid=139&jfile=index.php&topic=743252.0
كيف نفسر هذا الموقف من رجال الدين في الموصل ؟ المسيحيون من الكلدان والسريان  والآشوريين ، ابناء هذا الوطن الأصليين ؟ أقل ما نقول عنه انه موقف غير واقعي وغير منطقي وغير وطني ، وإلا كيف يوصف ابن الوطن بهذا التوصيف لسبب عنصري واحد وهو انه يختلف عنه في الهوية الدينية .
نحن الكلدان وبقية مسيحيي العراق نقف بين سندان الشيعة ومطرقة السنة ، وليس لنا اي مصلحة في الخلاف المذهبي بين الطرفين ، نحن نريد ان يسود السلم بين الطرفين لكي ينعم العراق بالسلم والأمان ولكي يتفرغ للبناء والتعمير كما هو اقليم كوردستان . نحن نقف بين نارين وغالباً ما يصلنا الكثير من ذلك النار .
نحن نتساءل دائماً اليس الأفضل للسنة والشيعة في العراق ان يتفاهما ؟ وينهيا العداء التاريخي ولغة الثأر والأنتقام السائدة بين الطرفين على مدى عقود عشناها ، ومن المؤكد ان جذورها ممتدة الى قرون ..
إذا خرجنا من الموصل ونتوجه الى المناطق المتنازع عليها المشمولة في المادة 140 من الدستور نلاحظ ان هذه المناطق هي اخطر المناطق في العراق إذ يقول المحللون ودبلوماسيون بأن مشكلة هذه المناطق هي من اخطر التهديدات لأستقرار العراق على الأمد البعيد ومن الناحية الدينية وفي مجال التطهير الديني نلاحظ ان الأنظار توجهت الى نحو مدينة مسيحية كبيرة وهي مدينة قرقوش الآمنة حيث استهدفت بالقصف المدفعي العشوائي  من قبل مسلحي الدولة الإسلامية في العراق والشام ( داعش ) وتصدت لهذه الهجمة قوات البيشمركة ، لكن ذلك لم يمنع الألاف من سكان المدينة بالرحيل منها والتوجه الى اربيل حيث خصصت حكومة الإقليم بالتعاون مع الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية مركزا لإيواء هذه العوائل في منطقة عينكاوا التي تسكنها غالبية مسيحية .
نحن مع دولة مدنية ديمقراطية عراقية تراعي مصالح ومصائر الجميع دون تفرقة ، وبنفس الوقت إذا فرضت دولة دينية فنحن لسنا مع او ضد تأسيس دولة إسلامية معاصرة على ان لا تكون على حساب المكون المسيحي وبقية المكونات الدينية غير الإسلامية .
د. حبيب تومي / اوسلو في 29 / 06 / 2014

28
سقوط نينوى ونهاية العراق الواحد ومصير شعبنا الكلداني وبقية المسيحيين
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
دولة العراق التاريخية المعروفة ببلاد الرافدين او بين النهرين (  Mesopotamia ) ميزوبوتاميا ويقول عنها ادي شير ص1: ان ارض ما بين النهرين هي البقعة الكبيرة التي يكتنفها الدجلة والفرات وتسمى في سفر الخليقة بأرض شنعار ويدعوها الكلدان بيت (نهراواثا) او بيث نهرين والعرب الجزيرة واليونان والروم ميزوبوتاميا .. تأسست دولة العراق قبل آلاف السنين نجدها اليوم تترنح لتواجه انقساماً خطيراً ، فبعد ان كانت هذه البلاد موحدة ، بل وتضم تحت سيطرتها اراض وأمم كثيرة في عهد الأمبراطوريات القديمة ، نجدها اليوم مقبلة على الأنقسام ، وفي السياق التاريخي ايضاً فإن كلمة العراق التي يقول عنها هنري فوستر في كتابه : نشأة العراق الحديث ص17 انها كلمة عربية دخلت في الأستعمال بعد الفتح العربي في القرن السابع الميلادي، وكانت هذه الكلمة قد اطلقت في ذلك الوقت على جزء من الوادي الذي عرف لدى القدماء باسم بابل او كلديا ويقول المترجم في حاشية في نفس الصفحة بأن تسمية كلديا في التوراة وقد قصد بها بلاد سومر في الدرجة الأولى ولذلك عرفت مدينة اور عاصمة السومريين باسم ( اور الكلدان حيث تشبث بها المسيحيون فيما بعد بهذه التسمية فاعتبروا ان الكلدان هم سكان العراق القدماء .
لقد بقي العراق موحداً في العصور التاريخية في عهد السومريين والأكديين والعيلاميين والأموريين وفي عهد الدولة البابلية , والدولة الآشورية ، و في عهد الدولة البابلية الحديثة الدولة الكلدانية والتي انتهى فيها العهد الوطني البينهريني العراقي ، حيث دخل العراق تحت حكم القادمين من خلف الحدود ، فكان تحت حكم اليونانيون والفرثيون والساسانيون ، ثم العرب تحت حكم الخلفاء الراشدين ثم الدولة الأموية والعباسية ، ثم الدولة العثمانية وبعدها الحكم الملكي، الى ثورة تموز 1958 ، حيث حكم العراق شخصية عراقية المتمثلة بعبد الكريم قاسم .
اليوم كانت الصدمة الكبرى بما حل بالعراق باستيلاء تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام (داعش ) على مدينة الموصل ومدن عراقية اخرى . من المؤكد ان هذا الفعل لم يأت اعتباطاً دون مقدمات ، وبالعودة الى عقود انصرمت فنلاحظ ان العراق شهد تقلبات السياسة والمبادئ ، فالفكر الطبقي شهد نكسة كبيرة بعد انهيار الأتحاد السوفياتي وسقوط جدار برلين وتفكك المنظومة الأشتراكية ، وفي العراق لم ينجح الفكر الطبقي بتطبيق واقع معيشي تلتف حوله الجماهير ويكتب له الديمومة ، ولهذا لم يجد هذا الفكر التطبيق الملموس على ارض الواقع .
وبدلاً من ذلك نهض الفكر القومي العروبي في مد وزخم ثوري سيطر على الساحة العربية كما استطاع استقطاب الشارع العراقي ، وهذا الفكر ( الفكر القومي العروبي ) ، ادخلنا في دوامة الفكر الشمولي ، ليصار الى إقصاء القوميات الأخرى في البلد ، ولندخل في متاهات الحروب الداخلية والخارجية وتحت قيادة دكتاتورية فردية .


في هذا الواقع المرير الذي هيمن على الساحة العراقية ، كان فقدان البوصلة امام الجماهير التي لم يبق امامها سوى الملاذ الديني والمذهبي الطائفي لتشكل بديلاً لتلك الأنتماءات القومية والطبقية . فكان نهوض الأحزاب السياسية المتسربلة برداء الدين والمذهب ، وبذلك جرى تقسيم واضح وصريح للشعب بين السنة والشيعة ، ولتظهر الخلافات المدفونة وكأنها الجمر تحت الرماد الى ان اتيح لها للخروج الى العلن لتشكل سبباً لنشوب الحرائق الكبيرة  في المجتمع وفي نهاية المطاف كان تطورها الى عمليات العنف في الأنتقام والثأر والأرهاب على تربة العراق وفي المنطقة .
وهكذا لم يفلح اي حكم بأيجاد لغة مشتركة بين التنوع العراقي في إطارها الوطني لبناء مشروع دولة عراقية مؤسساتية علمانية ديمقراطية تراعي مصلحة كل الأطياف العراقية بصرف النظر عن الأنتماء الديني او المذهبي او العرقي .
خلال 35 سنة من عمر حكم حزب البعث ( وبالعربي الفصيح ، حكم السنة ) ادخل العراق في حروب داخلية وخارجية ، وأسس حكم مركزي استبدادي ، لا حرية لمن يختلف عن يقينياتهم المطلقة ، والديمقراطية كانت تعني عندهم انفراد الحزب القائد والأوحد في الحكم ، ولا اعتراض ولا معارضين على حكمهم هكذا مرت عقود صعبة على العراق .
وبعد 2003 اي بعد سقوط النظام توهمنا بتصورنا ، اننا مقبلون على تأسيس دولة الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية والى التحول الى يابان في البناء والى سويسرة في الديمقراطية ، لكن اسقط في ايدينا إذ خيمت على الساحة السياسية خطابات الأحزاب الدينية والمذهبية ذات الطابع الطائفي ، وهيمنت بفضل الديمقراطية ، على الساحة السياسية الأحزاب الشيعية ، والغريب ، ان حكم الشيعة بدلاً من تطوير البلد والأستفادة من اجواء الديمقراطية ، إضافة الى الثروة الهائلة من إيرادات تصدير النفط ، فإن ( الطبقة السياسية الشيعية ) مع الأسف ، انخرطوا في مشاكل مع الآخرين لا اول لها ولا اخر ، وقد كانت كثير من هذه المشاكل من صنع ايديهم كالمشاكل مع اقليم كوردستان ، ومع المتظاهرين في الأنبار وغيرها من المشاكل التي كانت تحتاج شئ من الأعتدال والعقلانية لحلها .
بكل صراحة اقول :ـ
 إن الطبقة الشيعية الحاكمة قد فشلت في حكم البلد وفي تعزيز وحدة المجتمع العراقي ، لقد حولوا العراق الى ساحات مآتم للبكاء واللطم ، مع احترامي لكل الشعائر الدينية فالعبادة من الشؤون الخاصة للانسان ولا يجوز ان توقف عجلة التقدم والأنعتاق من الدوران .
 هكذا اليوم نلاحظ تقسيم حقيقي للعراق :
اولاً : الى عراق شيعي ، يتمثل في الحافظات الجنوبية والوسط ، التي فيها اكثرية شيعية وتتزعمها احزاب سياسية دينية شيعية . وثانياً : عراق سني ، الذي يسعى الى تشكيله بالقوة العسكرية تنظيم الدولة الأسلامية في العراق والشام ( داعش ) المتمثل في المحافظات السنية وبعض المحافظات المختلطة وهي محافظات الأنبار كبرى المحافظات العراقية وديالى وصلاح الدين والموصل ، وكركوك المتنازع عليها والتي تحتفظ بأكثرية كردية  . وثالثاً :اقليم كوردستان في المحافظات الكوردستانية ، بالإضافة الى المناطق المتنازع عليها والتي يحافظ على امنها وأستقرارها اقليم كوردستان .

 ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه : ماذا إذا طلب شعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق بأقليم او كيان ذاتي كلداني باعتبار القومية الكلدانية هي القومية الثالثة بعد العربية والكردية  في خارطة القوميات العراقية ؟ اليس من حقنا نحن السكان الأصليين ان يكون لنا مساحة من الأرض نعيش عليها كما نشاء ؟ ام ان ذلك حلال على غيرنا وحرام علينا نحن الشعب الكلداني وبقية مسيحيي العراق . لماذا يستكثر علينا مثل هذا المطلب ، مع انه مطلب مشروع  وأ
خلاقي .

إن الذي يجري على ارض العراق ان الكثير من العراقيين باتوا يدينون بالولاء لجماعات ومرجعيات وميليشيات وعشائر وليس لدولة العراق ، واصبح الولاء للعراق بالمرتبة الثانية او الثالثة بعد الولاءات الأخرى .
لقد كتبت جريدة الشرق الأوسط يوم 11 / 06 / 2014 ان تمدد داعش من شرق سوريا الى غرب العراق يسهل مهمتها في تكوين دولة اسلامية :
ويبدو أن توسع نفوذ التنظيم المعروف بتسمية «داعش» من سوريا إلى العراق لم يكن ممكنا «لولا توطيد تحالفاته مع زعماء العشائر في المنطقة والاستفادة من مصادر التمويل، لا سيما آبار النفط، التي سبق وسيطر عليها في مناطق شرق سوريا لتحصين مواقعه في العراق»، وفق ما يؤكده الخبير في الحركات الجهادية وعضو الائتلاف السوري المعارض عبد الرحمن الحاج لـ«الشرق الأوسط»، مرجحا وجود «عدد من الضباط داخل الجيش العراقي يتعاونون مع التنظيم المتشدد على المستوى الاستخباراتي لتزويده بالمعلومات لتسهيل تحرك قواته ومنع استهدافها»، لافتا إلى أن «سرعة الانهيار العسكري في الموصل أمام هجوم (داعش) يدل على أن جزءا من الجيش العراقي يساعد التنظيم».
ملخص الكلام ان تغيراً كبيراً حصل في معادلة التوازن بين الشيعة والسنة العرب والأكراد ، حيث ان السنة العرب ، من خلال داعش ، بصدد تشكيل دولة الخلافة الأسلامية في المدن السنية التي يسيطرون عليها في العراق وسورية ، خاصة وإن هذا التنظيم قد استولى مؤخراً على سلاح نوعي من الطائرات وكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر ، فالمعادلة اصبح لها ابعاد اخرى ينبغي ان يحسب لها حساب . في ظل هذه الظروف يمكن الرجوع الى ما قاله جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي :( انه من الأساليب التي تسمح بالحفاظ على وحدة العراق هو منح كل جماعة عرقية او تجمعها روابط دينية او طائفية مجالاً لإدارة نفسها بنفسها ).
نأمل ان لا نجد كارثة تقسيم العراق في حياتنا ، وإذا انقسم العراق فلابد لشعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق ان يكون لهم موطئ قدم اسوة ببقية المكونات .
د. حبيب تومي / اوسلو في 13 / 06[/color] / 2014
[/b]

29
العقوبة الجماعية بحق موظفي اقليم كوردستان اين الخلل ؟
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
habeebtomi71@gmail.com
الأرض التي اتخذت اسمها من شهرة نهريها ، هي بلاد ما بين النهرين دجلة والفرات ، وأخذت هذه الكلمة كترجمة للمصطلح اليوناني ( Mesopotamia ) بين النهرين وفي العربية بلاد الرافدين وفي اللغة الكلدانية بيثنهرين ، وهي جميعها تدل على بلد يعرف حالياً بالعراق ، والعراق كان بلداً غنياً بمياهه وتربته الخصبة ، ولهذا كان هدفاً لهجرات بشرية في مختلف العصور ، ونتيجة تجارب وتفاعل تلك الشعوب على هذه الأرض نشأت حضارات باهرة يذكرها التاريخ كنجوم ساطعة في تاريخ البشرية ، وما يهمنا في هذا الموضوع ان العراق منذ القدم كان ارض التنوع البشري على ارضه ، لكن اليوم يبدو ان العراق قد طلق ثقافة تعددية المجتمع وقبول تنوعه ، ولهذا هو مرشح للتمزق ، إن لم يكن قد تمزق فعلاً تحت وطأة الأزمات التي تنهال عليه بفعل سوء إدارة الطبقة الحاكمة للقادة السياسيين الغارقين في مستنقع المصالح الخاصة اولاً والتغليب للمصالح الفئوية والطائفية ثانياً .
لقد صبّحنا في مرحلة الشباب ولحد اليوم على العيش في ظل حروب خارجية وداخلية عبثية وقودها من الناس الأبرياء وحصيلتها المزيد من الدمار والتأخر وتفكك النسيج المجتمعي ، وبدلاً من الأستفادة من دروس الماضي ، والأبتعاد عن عقلية الثأر والانتقام ، وذلك بالنزوع الى بناء الوطن وتعميره وبناء الإنسان وغرس بذور حب الوطن ، لكن الذي يحدث اننا استنسخنا الماضي لنطبق بنوده على واقع الآن ، فعودة الى عنوان المقال بتكريس عقوبة جماعية بحق موظفي اقليم كوردستان ، نلاحظ ان الشريحة الكبيرة المتضررة من عدم دفع الرواتب او تأخيرها هم من ابناء الشعب من العرب والكلدان والآشوريين والتركمان والسريان وكل المكونات العراقية وفي مقدمتهم الموظفين الأكراد .
إن هذه الحالة تذكرنا بالحصار الأقتصادي الذي كان يفرض على المنطقة في عقود الحروب الداخلية ، فحينما يجدون في السيارة كيلو سكر او كيس رز او دقيق ونحن مقبلين الى المنطقة المشمولة بالحصار مثل القوش ، كان التعامل معنا من قبل السيطرات الحكومية وكأننا نهرب اسلحة فتاكة ، وربما كان الحصار الأقتصادي فقرة من فقرات الحرب المعلنة على المنطقة ، لكن اليوم نتعامل تحت مظلة الدستور الذي ينبغي على الجميع احترام مواده وفقراته ، كما يجب ان تكون الحلول السياسية الإطار الذي تجري التفاهمات من خلالها .
 إن الأستقطاب السياسي المبني على الأستقطاب الطائفي المقيت يصنف من الشرور التي خيمت على اجواء البلد ، فالخلافات السياسية يجري حلها عبر المفخخات والأسلحة كاتمة للصوت والأغتيال السياسي والعمليات ذات الطابع الإرهابي على مختلف صوره .
اليوم نجد طريقة اخرى وهي محاربة الرزق ، يقولون قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق ، لقد ادى الخلاف السياسي بين بغداد وأربيل ، الى محاولة كسر العظم ، بمحاربة الرزق ، لقد كانت هنالك مشكلة المصادقة على الميزانية من قبل البرلمان ، ، لكن يبدو ان المشكلة احاطت باقليم كوردستان فقط ، إذ يقول نيجيرفان البارزاني خلال مؤتمر صحافي عقده في برلمان كردستان الأسبوع الماضي، إنهم عندما ذهبوا إلى بغداد كانوا يظنون أن الأزمة المالية تشمل العراق كله إلا أنهم تفاجأوا بقول وزير المالية العراقي، إن «ميزانية الإقليم قطعت بأمر من رئيس الوزراء العراق والقائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي».
اي ان قطع الراتب او تأخيره شمل موظفي اقليم كوردستان فحسب ، وتعود المسألة الى الخلاف السياسي بين قيادة اقليم كوردستان والحكومة العراقية ، فما ذنب الموظف في اقليم كوردستان لكي يصار الى محاربته في لقمة العيش فيمنع عنه وعن عائلته الراتب الشهري الذي نظم حياته المعيشية على اساس هذا الراتب ومقداره .
لقد لجأ الأقليم الى بيع النفط مباشرة حينما امتنعت الحكومة عن منح حصة الأقليم من الميزانية ، وكانت هنالك محاولات حكومية بمنع بيع هذا النفط وذلك عبر تفويض  شركة قانونية لملاحقة أي جهة أخرى تبيع النفط خارج مظلة مؤسسة سومو العراقية المخولة ببيع النفط العراقي ، إذ اخفقت لحد الآن الناقلة يونايتد ليدرشيب المحملة بشحنة من النفط الخام المستخرج من حقول النفط في اقليم كوردستان من ايجاد مشتري لتلك الشحنة . يستنتج من ذلك ان الحكومة تريد ان تمسك بكل الخيوط لكي تجبر الآخرين للامتثال للحلول التي تضعها الحكومة دون اعتراض . ومن الواضح ان هذه الحلول هي من المستجدات الطارئة فطيلة السنين المنصرمة ، كانت حصة الأقليم ،رغم بعض العثرات ، إلا انها لم تصل الى حد ايقاف الرواتب المستحقة لموظفي الأقليم الذين هم بالتالي موظفي العراق .
المراقب المحايد لسياسة بيع النفط العراقي يلاحظ منذ حوالي عشر سنوات ان الشعب العراقي لم يحصل الى منفعة من واردات النفط ، إذ لم تحقق هذه الواردات الضخمة اي تحسن في الخدمات العامة سواء من ناحية الكمية او النوعية ، ولم تحصل اي تنمية او ازدهار في حقول التقدم من زراعة او صناعة ، كما ان الوضع الأمني لا زال متردياً ولا يوجد علائم تحسن الوضع في المستقبل المنظور ، لا اثر لهذه الثروة الكبيرة في حياة العراقيين . وإذا قارنا هذا الواقع بأقليم كوردستان وما يستلمه من حصته بعد الأستقطاعات ، فإن الأقليم قطع شوطاً كبيراً في مضمار التقدم والتنمية والأمن والأمان ، ولهذا نلاحظ إقبال المستثمرين والشركات للعمل والأستثمار في اقليم كوردستان .
 لقد افاد فلاح مصطفى وهو مسؤول دائرة العلاقات الخارجية في حكومة الإقليم في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» في2014-06-08 إن «هناك تقدما ملحوظا في علاقاتنا مع الدول العربية، فالوضع السياسي المستقر في الإقليم واستتباب الأمن فيه وسياسة الانفتاح التي تبنتها حكومة الإقليم والتقدم الذي تشهده كردستان، كل هذا دليل للتواصل مع الدول العربية». وأضاف «هناك في إقليم كردستان حاليا 31 قنصلية وممثلية أجنبية، إلى جانب وجود الكثير من الشركات ومكاتب الخطوط الجوية العربية والعالمية، وهناك دول تنوي افتتاح قنصليات لها في الإقليم، وهذا يساهم في تعميق العلاقة بين إقليم كردستان والعالم».
يتعين على الحكومة العراقية ان تجد الحلول الناجحة لمختلف المشاكل التي تعصف بالبلد ، إن كان التصعيد مع اقليم كوردستان او فقدان الأمن والأمان في المدن العراقية وفي المقدمة العاصمة بغداد  ، إضافة الى ذلك  فإن كثير من المدن العراقية اصبحت مفتوحة امام إرهاب داعش والقاعدة ، وأصبحت المبادرة بيد هذا التنظيم ، واصبح موقف القوات الحكومية عبارة عن ردة فعل فيلجأ الى موقف دفاعي ، وبدا ان التنظيم بدأ يستنزف قدرات الجيش والشرطة العراقية ، كل ذلك بسبب قرارات الحكومة الأرتجالية ، وبالتالي ان الشعب هو من يتحمل نتيجة هذه السياسية غير الحكيمة . انهم يفرطون بهيبة الدولة نتيجة هذه السياسة الفاشلة ، والكثير من الساسة العراقيين مع الأسف يجدون بأن الدولة والوطن ليست اكثر من ساحة للمكاسب والمغانم الشخصية وفرصة للنفوذ والسيطرة .
اكرر ان الحكومة يجب ان تضع الحلول لمشاكلها وهي ليست محتاجة لخلق مشاكل جديدة مع الأطراف السياسية وبضمنها اقليم كوردستان .
اوسلو في 11 / 06 / 2014

30
معذرة غبطة البطريرك .. القوش ليست عنصرية بل تحافظ على وجودها وهويتها
بقلم : د.حبيب تومي ـ اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
Habeebtomi71@gmail.com
القوش ـ وتكتب باللغة الكلدانية (ܐܠܩܘܫ ) ـ موقعها الى شمال مدينة الموصل بحوالي 50 كم ، وهي رابضة في سفح جبلها المعروف باسمها ( جبل القوش ) ، ويرجع تاريخها الى ما قبل الميلاد حيث ورد ذكرها في سفر النبي ناحوم الألقوشي ، وهي تحتفظ لحد اليوم بأطلال لمرقده مع بناية هيكل وكنيس ملحقة به ، وكان اليهود من انحاء العراق يحجون اليه الى عام 1950 حيث كانت هجرتهم الى اسرائيل .
 في القوش معالم دينية تاريخية ومنها دير الربان هرمز الذي يعود تاريخه الى القرن السابع الميلادي وهناك العديد من المدارس والكنائس والأديرة لعل اهمها هو دير السيدة حافظة الزروع الذي يعود تاريخ انشائه الى عام 1848 في عهد البطريرك مار يوسف اودو ، ومن المعالم التاريخية البارزة في تراث القوش دير ومن ثم كنيسة وأخيراً مدرسة مار ميخا النوهدري ، وأخيرا وليس آخراً كنيسة مار كيوركيس في محلة قاشا في القوش القديمة .
ادارياً كانت القوش ناحية منذ سنة 1918 أي قبل تأسيس الدولة العراقية ، ويقول التقليد ان الألاقشة لم يرغبو في تحويلها الى قضاء ، السبب الرئيسي كان خشية ابنائها على فقدان خصوصيتها وحفاظاً على هويتها .
 وكنسيا كانت القوش خورنة تابعة لأبرشية الموصل ، وفي عام 1961 تحولت الى ابرشية وكان اول مطران لها المرحوم ابلحد صنا ، اما اليوم فيرعى ابرشية القوش المطران الجليل مار ميخا مقدسي وتشمل ابرشية القوش : (خورنة ألقوش وعين سفني وجمبور وبيندوايا وتللسقف وباقوفا  وباطنايا ) .
ما يمكن الإشارة اليه اليوم من الناحية الأقتصادية ، يلاحظ المتابع نمو وازدهار طبقة متوسطة ميسورة الحال تشق طريقها في المدينة لتتوسع افقياً  وعمودياً ، ومن مظاهر هذه النهضة التوسع العمراني لبيوت راقية جميلة في احياء المدينة لا سيما الحي المتجه نحو الشرق ليلامس حدود دير السيدة ، ومن المظاهر الأخرى لهذه الرفاهية الأعداد الكبيرة للسيارات الحديثة الخاصة التي يمتلكها ابناء القوش وغيرها من المظاهر التي تدل على النمو والرخاء الأقتصادي للعائلة الألقوشية بشكل عام ، فإضافة الى الأعمال الحرة ، ثمة طبقة من واسعة من الموظفين في دوائر الدولة وفي حكومة اقليم كوردستان في القوش نفسها او في القرى المجاورة او في دهوك او الموصل ، كما يمكن الإشارة الى منظومة خدمات عامة لا بأس بها من ناحية الطاقة الكهربائية والمياه العذبة والخدمات الصحية وغيرها من الخدمات .
لكن باعتقادي اهم من كل ذلك هو استتباب الأمن والأمان في القوش والمنطقة بشكل عام ، فهذا عامل مهم للعيش والأستقرار .
مع كل هذه الأسباب التي اعتبرها ايجابية يمكن ملاحظة ندوب غائرة على وجه القوش المتمثلة في نزيف الهجرة القاتل المتمثل في استهداف الوجود المسيحي في القوش وفي غيرها من المدن والقرى المسيحية .
في اهم معضلة تواجه المسيحيين في العراق وفي الشرق الأوسط عموماً ، هو الوجود المسيحي المهدد ، وهذا الهاجس ( هاجس الهجرة ) دفعت غبطة البطريرك مار لويس  روفائيل الأول ساكو، بإعلان الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية بأنها كنيسة منكوبة ، نعم انها في طريقها الى الزوال والأندثار إن استمرت اوضاعها على هذا المنوال في نزيف الهجرة التي مادتها الأنسان يغادر بلده نهائياً دون رجعة  .
مناقشة المشكلة مع غبطة البطريرك
في اثناء زيارة غبطة البطريرك مار لويس  روفائيل الأول ساكو الى القوش :  اوصل الى اهالي القوش رسالة كلها امل ومحبة ، وفيما جاء في فقرة من فقراتها يقول :
5((. إنكم تنتظرون وضعاً أفضل: إن شاء الله. قراكم مهملة تفتقر إلى مشاريع خدمية وصحية وسكن، والكثير من أراضيها تم إطفاؤها؟؟ هذا غير مقبول! التقينا بالمسؤولين: سيادة محافظة نينوى، ورئيس مجلس المحافظة ومسؤولي إقليم كردستان في المنطقة ووعدونا خيراً. شكراً لهم. ننتظر الأفعال لتطمين شبابكم الذين يتطلعون إلى سكن وفرص عمل وتعيينات. لكن عليكم تقع مسؤولية المتابعة، فسارعوا إلى تشكيل مجلس أعيان في القوش وكل البلدات، لمتابعة تحقيق مشاريع على ارض الواقع وتسهيل الأمور. كما اطلب منكم الانفتاح على إخوتكم الراغبين في السكن في قراكم. سهلوا أمرهم. إنهم فائدة لكم وعامل قوة وتطور. لقد كنتم سباقين في استقبال المهجرين واحتضانهم عبر تاريخكم الطويل. فلا يليق بكم الانغلاق والعنصرية .)) انتهى الأقتباس .
حسب الرباط ادناه :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,739391.msg6256675.html#msg6256675
في الحقيقة مناشدة غبطة البطريرك في الأنفتاح للراغبين في السكن في قرانا اعتقد المسالة محلولة ، لكن فتح الأبواب امام الراغبين للسكن في مدينة القوش تحتاج الى مناقشة جدية . ففي الفقرة الاخيرة ورد في الرسالة :
لقد كنتم سباقين في استقبال المهجرين واحتضانهم عبر تاريخكم الطويل. فلا يليق بكم الانغلاق والعنصرية .
نناقش هذه الفقرة بالعودة الى الوراء لما سمعناه من آبائنا ، وأنا شخصيا كمتابع لتاريخ بلدتي القوش ولدي كتاب منشور عنها سنة 2003 تحت عنوان : القوش دراسة انثروبولوجية اجتماعية ثقافية  يقع في 400 صفحة . ومن خلال التقليد ان القوش حفاظاً على هويتها ووجودها لم تقبل المهاجرين اليها للسكن ونشير الى المحطات :
اولاً : ـ
 ويفيد هذا التقليد المتوارث ( سوف نستخدم التقليد المتوارث في عدة فقرات من هذا المقال ) ان عائلة حكيم حينما دخلت القوش اقنعت اهلها ، بأنهم يجيدون مهنة الطبابة ( الطب الشعبي ) السائد في تلك المرحلة من جبس الكسور وتطبيب الجروح بالحشاش وشفاء بعض الأمراض السائدة ، وعلى هذا الأساس قبل الأب الأول او الآباء الأوائل لبيت الحكيم ، وهم عائلة كبيرة اليوم وكان منهم البطريرك يوسف اودو (1790- 1878) .
ثانياً : ـ
عائلة اخرى قدمت الى القوش وهي عائلة الصفار ، وعرضت مهنتها وهي إزالة الصدأ عن الأواني المنزلية النحاسية ( صفر) التي كانت مستعملة في ذلك الوقت، وفي لغة القوش الكلدانية المحكية فالصنعة تعرف بـ ( مبيضانا)   صفار ، واليوم عائلة صفار عائلة كبيرة في القوش وفيها مختلف المهن والأختصاصات ، والتقليد يقول انه سمح لهم بالسكن قرب كور ( اتونات ) صناعة الجص التي كان موقعها يومذاك جنوب مدينة القوش ، واليوم هي الأماكن القريبة من كنيسة ماركيوركيس في القوش القديمة ، في محلة قاشا الحالية .
ثالثاً : ـ
في صفحة اخرى حينما كنا في الجبل بصفة بيشمركة في الستينات من القرن الماضي وكان مقرنا في دير الربان هرمز ، وكان المقر  يجمع خليط منوع  لكل المكونات العراقية : فبالأضافة الى الكلداني كان معنا العربي والكوردي والتركماني والآشوري والإيزيدي والشبكي والأرمني ومن مختلف المدن العراقية ، ولكن الأكثرية في هذه القاعدة كانوا ابناء القوش الكلدانية ، وحاول بعضهم شق صفوفنا ، على اساس ان الألاقشة في القاعدة متكتلين ومتعصبين لألقوش ، ولا يقبلون بالتضحية بألقوش من اجل الحزب والثورة ، وفي الحقيقة كانت القوش تقدم المواد الغذائية والسلاح والعتاد والأدوية بالإضافة الى ابنائها المقاتلين والذين استشهدوا في المعارك ، ونضيف الى ذلك تعرض عوائلنا لمختلف انواع القمع والملاحقة ومنهم من دخل السجن ، مما سبب في هروب وهجرة عوائلنا الى بغداد والمدن العراقية الأخرى .
وتحت تلك الحجة نهضنا في احد الأيام وإذا بمجموعة كبيرة قد تركت القاعدة مع اسلحتها التي كانت تعود لقاعدتنا وبعضها كان امانة من اهالي القوش عندنا  وعسكر هؤلاء في كلي قيصرية في جيل باعذري ، وكانت حجتهم انهم مبدأيين ونحن عنصريين لأننا نحب القوش وندافع عنها ، اجل وقفنا الى جانب القوش ولم نسمح بالعبث بأمنها وأمانها عبر القيام بعمليات استفزازية فيها ، ولم نعطي حجة للحكومة لكي تقوم بعمليات انتقامية ضدها .
فالتساؤل هنا هل نحن متعصبين بهذا الموقف ؟ لقد جرى اتهامنا في وقتها بأننا عنصريين .
رابعاً : ـ
في اواخر عام 1963 انسحبنا من جبل القوش ومن كل المنطقة حينما استولت عليها القوات الحكومية ، وبعد مدة من الأنسحاب كان قرار القيادة بضرورة العودة الى المنطقة لكي لا تبقى مفتوحة للقوات الحكومية تحديداً ، ووقع الأختيار في حينها على هرمز ملك جكو وتوما توماس للعودة الى المنطقة  ، وفعلاً رجعنا ، ولظروف العودة هذه قصة طويلة لا مجال للتطرق اليها في هذا المقال القصير ، وكان الرأي بعد وصولنا ان نقوم بعملية عسكرية مهمة لكي يكون لها صدى في المنقطة ، وكان اقتراح المرحوم هرمز ملك جكو الهجوم على مركز شرطة القوش بغية الأستيلاء عليه .
 لقد وقفنا نحن ابناء القوش ضد هذا الأقتراح ، لكن وقف عدد قليل جداً من الألاقشة مع مقترح الهجوم ، وأخيراً كان قرار الهجوم الذي كتب له الفشل ، ولو قدر له النجاح بالأستيلاء على المركز ، لتعرضت القوش لعملية انتقامية من القصف الجوي والبري ، ولهذا وقفنا ضد اجتياح المركز . وبعد ان فشلت العملية وقفنا نحن الألاقشة ضد محاولات كسر اقفال الدكاكين بغية نهبها وفي وقتها اتهمنا ايضاً بأننا عنصريين لأننا لم نفرط بأمن واستقرار القوش ، وحافظنا على وجودها في تلك الظروف العصيبة .إذ كان همنا الأول المحافظة وجود وديمومة القوش ونجحنا في  ذلك .
خامساً : ـ
لا ادري من هو قائل هذا الكلام :
من جاور السعيد يسعد به        ومن جاور الحداد اكتوى بناره
وفي القوش نقول : ( اشواوا قريوا بشطوء مأخونا رحوقا ) اي الجار القريب افضل من الأخ البعيد . فحينما تبني بيتاً تسأل عن الجار قبل كل شئ ، وكم من المعارف باعوا بيوتهم هرباً من جيرانهم . وحينما نتكلم عن الجار والجيران يمتد الحديث الى محاولات التغيير الديمقوغرافي الذي يكون نتيجة فرض جيران عليك انت لا ترغب فيهم ، بسبب رغبتك المحافظة على هويتك وخصوصيتك . لا نقول عنهم انهم سيئين او خيّرين .
امامنا تجارب مريرة غبطة البطريرك ، فتجربة تلكيف ماثلة امامنا ، وقد انتهت الى ماهي عليه اليوم ، وهنالك محاولات لإلحاق مدن اخرى بتلكيف ليكون لها نفس المصير ومنها برطلة وبغديدا وكرملش وباطنايا ، وبقية المدن والقرى وبضمنها القوش .
سادساً :ـ
بداية النار الكبيرة تكون بمستصغر الشرارة ، في تسعينات القرن الماضي خيمت عائلة عربية لهم اغنام في قرية بيندوايا وتبعتها عائلة اخرى ثم عوائل وأخذ هؤلاء ببناء البيوت من البلوك والسمنت بعد ان ازالوا الخيم ، وفي الأخير اعترف الدير بالأمر الواقع وهو مالك قرية بيندوايا ، وبعد جهود مضنية من قبل رئيس الدير انذاك القس مفيد استطاع اخراجهم بعد دفع مبالغ كبيرة لهم ، كانوا معتدين وتم تعويضهم ثمن اعتادهم .
في نفس الفترة حاولت عائلة القوشية استخدام عائلة عربية كرعاة لأغنامهم ، ونصبوا لهم خيمة بالقرب من القوش ، والذي بادرنا في وقتها ( زمن صدام ، زمن تعريب كل انسان وكل شئ ) ، استطعنا ان نرسل وفداً من نادي بابل الكلداني في بغداد يحثون ،الألقوشي ، مالك قطيع الغنم بالعدول عن استخدام الراعي العربي ، وفعلاً استجاب الرجل . وبقيت القوش بمنأى عن اية بذور لغرسها في تربة القوش ، وحينما وزعت قطع اراض في القوش على موظفي الدولة دون النظر على هويتهم ، لجأ الألاقشة الى شراء جميع تلك الأراضي ، ولم يجري تسريب اي قطعة للغريب .
سابعاً : ـ
في باطنايا عدة عوائل عربية ، وهؤلاء يقولون انهم رعاة غنم ، أفاد احد اصدقائي عاش في باطنايا لفترة ، يقول : في احد الأيام جاء احدا الشباب العرب واشترى مربى محفوظة في علبة زجاجية فسلمها للشاب واراد الشاب دفع ثمنها البالغ 1500 دينار ، وفي هذه الاثناء سقطت العلبة الزجاجية من يده وانكسرت ، فطلب علبة ثانية من البقال البطناوي ، فسلمه البقال علبة اخرى، فأخرج الشاب ثمن علبة واحدة ودفعها للبقال ،فقال له البقال اريد ثمن علبتين لأن الأولى انكسرت من يدك ولست انا السبب في كسرها وعليك دفع ثمن علبتين ، فأصر الشاب على دفع ثمن علبة واحدة مع ارتفاع نغمة الغلط والتهديد من قبل الشاب على صاحب الدكان وصدفة حضر شاب بطناوي وحينما رأي العربي يكيل الغلط على صاحب المحل ، فكان من هذا الشاب ان لقن درساً للمعتدي الشاب العربي ، والذي حدث على اثر هذا الحادث ، خطفوا احد ابناء باطنايا ولم يطلقوا سراحه إلا بعد دفعه لآلاف الدولارات للخاطفين .
ثامناً : ـ
قدم احد اصدقائي من السويد ، وهو القوشي توظف في عنكاوا لأكثر من عقدين من السنين وبقي في السويد اكثر من عقد ، وفي معرض زيارته لعنكاوا مؤخراً يقول : سألت عشرة اشخاص بلغتنا الكلدانية ، اجابني اثنان فقط ، وثمانية ردوا على بالكردي او بالعربي ، هذا يعكس ان اهالي عنكاوا الكلدانية اصبحوا اقلية في مدينتهم عنكاوا والسبب طبعاً لأن ابوابها مفتوحة .
هنا سوف نربط هذا الحادث بألقوش وموقفها الحدي من بيع او تأجير البيوت للغرباء ، ويقصد بالغريب كل من ليس القوشي ، والفقرة هنا تحتوي على مسألتين الأولى البيع والثانية التأجير ، وفي الأولى إن وافق الأهالي للبيع للغريب ، فالغريب حينما يبغي البيع يهمه الربح ويبيع البيت لمن يدفع اكثر ، فهو يغادر المدينة دون رجعة ، وليس له اقارب فيها ، ولا يوجد قانون رسمي يمنعه من هذا البيع .
 إذاً نحن الألاقشة سوف نقع في مشكلة نحن في غنى عنها ، ويقال درهم وقاية خير من قنطار علاج ، وهكذا قطع دابر هذه المشكلة والكل متفقون على هذا الحل : عدم بيع للغريب ، بالرغم من وجود بعض الشذوذ ، ولكل قاعدة شذوذ .
اما الشق الثاني من المسالة وهي حالة التأجير للغريب ، فالحكمة في عدم التأجير هي ان الأيجارات سوف ترتفع نار إذا فتح باب التأجير للغريب ، وهنا سوف يتضرر ابن القوش الذي لا يملك داراً سكنية ، وسيدفع اضعاف الأيجار الذي يدفعه حالياً ، ومن هذا المنطلق قفل باب التأجير للغريب ، لكي تبقى اسعار الأيجارات على حالها إذ يكون الطلب قليل مقتصراً على ابناء القوش فحسب .
تاسعاً :ـ
غبطة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو الكلي الطوبى . إن موقف القوش هذا لا يدل على الأنغلاق والعنصرية ، إن مواقف القوش معروفة ، ففي عام 1933 حينما لجأ اليها الأخوة الأثوريون هرباً من تنفيذ الفرمان الفاشي القاضي بإبادة الأثوريين ، كانت ابواب اهالي القوش مفتوحة لهم واستعدوا لتحمل الكارثة التي تحل بهم جراء موقفهم هذا ، فلم يأبهوا للمخاطر المحيقة بهم من قبل السلطات الحكومية ومن قبل العشائر التي كانت تتربص للانقضاض على القوش ، فإنهم لم يكتفوا بفتح ابوابهم للاثوريين بل استعدوا لتحمل النتائج مهما جسمت وكبرت . وكان هناك موقف مشابه حينما لجأ اليها ابناء شعبنا هاربين من التهديدات والعمليات الإرهابية في الموصل ومدن العراق ، ولهذا لا يمكن اتهام القوش بالأنغلاق والعنصرية .
عاشراً : ـ
إن السبب الرئيسي للهجرة هو المحاولات المستميتة في تغيير التركيبة السكانية لمدننا وقرانا الكلدانية والسريانية والآشورية ، وامام هذه المحاولات كانت القوش المدينة الوحيدة التي انطلقت فيها مظاهرة ضد محاولات التغيير الديموغرافي هذه ، وقد وقفت كل القوى في القوش للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة ، والحزب الوحيد الذي امتنع عن الأشتراك في هذه المظاهرة كان حزب الزوعا ( الحركة الديمقراطية الآشورية ) الذي تغيب بشكل مخجل ومريب عن الأشتراك في هذه التظاهرة المهمة ، وهناك علامات استفهام حول الموقف الغريب العجيب للحركة الديمقراطية الآشورية من القوش ، وهذا المقال ليس مكان مناسب لشرح للإجابة على تلك الأسئلة التي تسبق علامات الأستفهام .
وكانت هنالك مواقف وأشياء لتمزيق لحمة القوش ووحدتها ولا يمكن التطرق اليها عبر هذا المقال ، ولما لم يفلحوا نقلوا نشاطهم الى ديترويت في امريكا .
احد عشر :ـ
غبطة البطريرك كما تعلمون نحن مهددون بوجودنا ، وقد ثبت من خلال تجربتنا التي صاغها الزمن الطويل والمحن المتواترة عبر الزمن الطويل ايضاً ، ان طريقة غلق الأبواب هي الوسيلة الناجعة للحفاظ على وجودنا وهويتنا وخصوصيتنا ، انه استمرارية لديمومة شخصيتنا ، ليس من باب تفوق عرقي او تاريخي ، بل من باب الحفاظ على صيرورتنا وهويتنا على ارضنا ، ونعيش على ترابها كما عاش آبائنا وأجدادنا ، ولا نريد امجاد مالية او وظيفية ، لقد جربنا هذه الطريقة عبر مختلف الظروف وثبت لدينا انها ناجحة في الحفاظ على وجودنا ، وغيرنا لم يستعمل هذا هذه الطريقة ففتح ابوابه للغريب وحقق امجاداً مالية ووظيفية ، ولكنه تفاجأ بأن وجوده قد اصبح في مهب الريح ومدينة تلكيف خير دليل على كلامنا .
إن صواب اي فكرة نابع من حصيلة نتائجها ، ونحن قبلنا بنتيجة ان تبقى القوش فقيرة خير من تكون غنية ومع الغنى نفقد خصوصيتنا وشخصيتنا بل وكرامتنا .
دمتم بخير ومحبة سيدنا البطريرك لويس روفائيل الأول ساكو الجزيل الأحترام
 
د. حبيب تومي
[/font]
[/size] / اوسلو في 04 / 06 / 2014
 
 


31
مبروك للفائزين.. وهل جرى هندسة النتائج ؟
بقلم : د. حبيب تومي ـ القوش
Habeebtomi71@gmail.com
الحدث الأنتخابي في العراق بنهاية نيسان المنصرم جسد بشكل كبير التعددية السياسية ، واسبغت على العملية تواصيف تستحق التقدير ، حيث تنافس في هذه الانتخابات 9039 مرشحا للفوز باصوات أكثر من 20 مليون عراقي، أملا بدخول البرلمان المؤلف من 328 مقعدا ، اي بمعدل حوالي 28 مرشح لكل مقعد ، وبالنسبة للكوتا المسيحية فإن 90 مرشح يتنافسون على الفوز بـ 5 مقاعد اي بمعدل 18 مرشح لكل مقعد وبعد ظهور النتائج ، كان من يصرح بأن النتائج مطبوخة في دهاليز التزوير ، او على الأقل جرى هندستها لتكون على صيغة تركيز نفس الواقع المعاش ،وفي كل الأحوال ينبغي التهيؤ لأنتشال العراق من واقعه المزري ، ويجب تكريس الجهود لبناء عملية سياسية بمنأى عن تقسيم حصص الطوائف .
 اما ما يتعلق بالكوتا المسيحية ، فكانت هنالك بعض المفاجئات ، لكنها لم تكن حاسمة ، هذا وكانت النتيجة النهائية للكوتا فوز المجلس الشعبي بمقعدين ، وقائمة الرافدين التابعة للحركة الديمقراطية الآشورية بمقعدين ، وقائمة الوركاء التابعة للحزب الشيوعي العراقي بمقعد واحد ، وادناه الأصوات التي حصلت عليها قوائم الكوتا المسيحية وحسب القوائم المنشورة على موقع عنكاوا كوم . وندرجها حسب اعلى الأصوات فأدنى :
1 ـ قائمة المجلس الشعبي : 19371
2 ـ قائمة الرافدين ( الزوعا ) : 18382
3 ـ قائمة الوركاء الديمقراطية : 7602
4 ـ ابناء النهرين  : 5821
5 ـ ائتلاف بلاد النهرين : 5318
6 ـ قائمة البابليون  : 4790
7 ـ تحالف سواريي الوطني : 3877
8 ـ اور الوطنية  : 3706
9 ـ كيان شلاما  : 3403
المجموع = 72270 صوت ،وتكون عتبة الفوز بحدود 14500 صوت
إنه تقريباً نفس عدد الأصوات الذي حصلت عليها الكوتا المسيحية في انتخابات عام 2010 م .
والملاحظات هنا ان قاعدة احتكار مقاعد البرلمانين العراق الأتحادي والكوردستاني من قبل الزوعا والمجلس الشعبي قد جرى تجاوزها ،وهكذا كان المقعد الخامس من نصيب قائمة الوركاء المدعومة من قبل الحزب الشيوعي العراقي .
وهذه بعض الملاحظات .
1 ـ المقعد الذي حصلت عليه قائمة الوركاء على حساب قائمة الرافدين التابعة للحركة الديمقراطية الاشورية ، وهكذا رغم احتفال الزوعا بالفوز في الأنتخابات الاخيرة ، فإنها لا يمكن إخفاء امتعاضها من خسارتها لمقعد واحد وبقي لديها مقعدين فحسب ، والمآخذ على الحركة ان المقعدين قسمت بين سكرتير الحركة وابن اخته ، ورغم الجدل الحاصل حول الفوز بمقعد كركوك من قبل وزير البيئة السيد سركون لازار صليوا ، ولكي نكون مهنيين وصادقين في منظومة النقد نقول : ان المقعد الذي حصل عليه السيد يونادم كنا ، كان عن استحقاق وجدارة فقد فاز الرجل رغم زخم الدعاية المناوئة له من عدة جهات فقد أبلى بلاءً حسناً في مسألة الدعاية الأنتخابية ، والذين منحوا له اصواتهم كانت عن قناعة وعن مبدأ .  ومع هذا الفوز فإن الحركة الديمقراطية الآشورية تأكد لديها في هذه الأنتخابات بأنها لم تعد اللاعب الوحيد في الساحة .
2 ـ شهدت هذه الدورة تدخل كبيرمن قبل الأحزاب الكبيرة للتأثير على النتيجة بغية مجئ اناس موالين لتلك الأحزاب الممولة والداعمة حتى بأصوات الناخبين ، وقد اكدنا ان يكون لنواب الكوتا المسيحية خطاب مستقل بمنأى عن تأثير الأحزاب الكبيرة ، وأن يكون لهم خطاب موحد فيما يتعلق بمصير شعبنا ، لكن النتيجة كانت عكسية حيث ازداد تدخل تلك الأحزاب واصبحت الكوتا مقسمة حسب موالات اعضائها لأولياء نعمتهم وداعميهم .
3 ـ قياساً بنتائج انتخابات عام 2010  لقد فقدت القوائم التي اشتركت في تلك الدورة الأنتخابية وهذه ، الكثير من الأصوات ، وما بقي عالقاً في ذهني ، فإن الزوعا كانت اصواتها بحدود 28 الف صوت واليوم مجموع اصواتها بحدود 18 الف صوت اي بخسارة حوالي 10 الآف صوت ، وهذه النتيجة مخيبة لآمال الحركة ، وهي نتيجة حتمية لما آل اليه حال الحركة من انشقاقات في صفوفها . والمجلس الشعبي خسر حوالي 2000 صوت وقائمة اور الوطنية فقدت حوالي 2000 صوت .
4 ـ طريقة وآلية منح المقاعد للقوائم الفائزة قد اوقع تلك القوائم في حالة من الحيص بيص ، كل طرف له قراءته لتوزيع المقاعد الفائزة ، فمثلاً السيد خالص ايشوع الذي حصد آلاف الأصوات لم يتاح له الفوز بالمقعد بذريعة شموله بإجراءات المساءلة والعدالة ، وإن كان الأمر كذلك كيف سمح له بالأشتراك في الأنتخابات ؟ وكيف كان عضواً في البرلمان في الدورة السابقة ؟
5 ـ بنظري ينبغي على الكيانات الفائزة ان تبتعد عن اسلوب إرسال عبارة التشفي بالخاسرين والأبتعاد عن مظاهر الغرور والتبجح ، لأن هذا الأسلوب جزء من الثقافة البعثية المتأصلة في نفوس بعض ابناء شعبنا والذين تحولوا اليوم لمولاة الأحزاب القومية الإقصائية العاملة في ساحة شعبنا .
6 ـ في الحقيقة ان البرلمان الجديد تنتظره مهمات كبيرة وصعبة ، فهناك قضايا متعلقة ، إذ عجز البرلمان الماضي وضع الحلول لها منها مسألة الميزانية التي جرى تحويلها الى هذه الدورة  ، والقضايا والمشاكل المتعلقة مع اقليم كوردستان والتي لم نلاحظ اي خطوات مهمة لوضع الحلول الناجعة لها طيلة الأربع سنوات . وهنالك تحديات كثيرة تنتظر البرلمان الجديد ، لعل اهمها هو هاجس الوضع الأمني ، فالعاصمة العراقية ، قلب العراق ومدن اخرى لا زالت ساحة مفتوحة للإرهابين والعصابات والميليشيات ، وعجزت الحكومة بخططها وأساليبها التقليدية من وضع الحواجز وقطع الطرق ونشر نقاط التفتيش التي باتت نفسها عرضة للإستهداف ، وبات وأصبح وامسى الأمن والأمان والأستقرار صعب الوصول اليه .
وهنالك امام البرلمان العراقي من اعقد المشاكل وهي تعيين رئيس مجلس النواب ومن ثم تعيين رئيس الجمهورية الذي يكلف رئيس الوزراء من القوائم الفائزة بتشكيل الوزارة ، وبعد ذلك توزيع الحقائب الوزارية ، وما أدراك ماذا يعني توزيع الحقائب الوزارية والمناصب الرفيعة ، إنها مشكلة المشاكل بين اناس هدفهم الأول تحقيق المنافع الشخصية والحزبية ، والشعب ينتظر تشكيل الحكومة لجعل دولاب عجلة البناء والتطور يتحرك نحو الأمام في العراق ، فيا ترى كم يستغرق ذلك ؟
في مسألة نواب الكوتا المسيحية ، ماذا يكون موقعهم في البرلمان الجديد ؟ هل يسعى كل منهم الى جمع النار ( لخبزتة ) ويكتفون بحذف الواو بين تسميات شعبنا ، فيكون سعيهم بعد عناء كبير بتفسير الماء بالماء ، لحد اليوم لم نلمس موقف قومي جاد من نواب الكوتا المسيحية سوى تبادل الأتهامات فيما بينهم رغم ارتباطهم بالمرحوم تجمع احزاب ( كـ ـ س ـ ا ) الذي دفن اسمه في  مقبرة المنظمات الفاشلة لأن اساسه كان مبني على الرمال المتحركة حسب المصالح وبهدف واحد هو محاربة الأسم القومي الكلداني لا غير .
اليوم نأمل ان يكون هنالك نوع من التنسيق بينهم فيما يخص مصلحة شعبهم الذي اوكلهم لتمثيله في البرلمان العراقي .
بشأن النتائج العامة للانتخابات فلم يكن هناك فوز حاسم لأي طرف يمكنه من تشكيل الحكومة منفرداً ، فدولة القانون التي حصدت  95 مقعداً والتيار الصدري احرز 34 مقعداً والمجلس الأعلى الإسلامي 31 مقعداً وهي تشكل التحالف الوطني الشيعي ويضاف اليها منظمة بدر وحزب الفضيلة والأصلاح ويكون لهؤلاء ما يزيد على 165 مقعد الذي يؤهلهم لتشكيل حكومة ، لكن حكومة الأغلبية هذه سوف تكون حكومة طائفية بامتياز وبعيدة عن منطق الأغلبية السياسية التي يدعو اليها المالكي ، والرأي المتكون عن الأنتخابات فإن التزوير كان بعيداً عنها لكنها لم تكن بعيدة عن محاولات هندسة نتائجها وفق النمط المطلوب بعد سقوط النظام في 2003 . ومن المظاهر الأخرى التي نخشاها بأن الأخبار تتحدث عن سعي كتل برلمانية كبيرة لتقديم مغريات مالية لنواب جدد من أجل الانضمام إليها ، فالكتل الكبيرة تحاول استمالة الكيانات الصغيرة بغية تشكيل كتل اكبر ونأمل ان لا يكون برلمانيو الكوتا المسيحية جزءاً من تلك اللعبة .
د. حبيب تومي ـ القوش في 25 ـ 05 ـ 2014

32
القوميون الكلدان الإخلاص للوطن  وللكنيسة وخطاب قومي كلداني معتدل
بقلم : د. حبيب تومي ـ القوش
habeebtomi71@gmail.com
الشعب الكلداني باعتباره من المكونات العراقية العريقة يكون قد ساهم في بناء الحضارات البينهرينية القديمة ، وفي العراق المعاصر ساهم ويساهم الشعب الكلداني ببناء العراق الحديث ، والكلدانون هم ملح المجتمع العراقي إنهم يرتبطون بعلاقات ثقافية واجتماعية مع مختلف الطبقات المجتمعية وعلى مديات التعددية الثقافية والدينية والعرقية وعلى امتداد المسافة الزمنية والجغرافية العراقية  . ومقابل ذلك نلاحظ آيات التقدير والأحترام من كافة المكونات العراقية لهذا الشعب المسالم العريق في وطنه ، فالمكونات العراقية من الأكراد والعرب والتركمان والمندائيون والأيزيدية والشبك والأرمن والسريان والمعتدلين من الآشوريين كل هؤلاء يحترمون تاريخ وثقافة وقومية الشعب الكلداني .
 لكن من المفارقات الغريبة العجيبة هنالك من الكلدان انفسهم يبخسون تاريخ هذا الشعب ويستكثرون على ابنائه افتخاره بتاريخه وهويته القومية الكلدانيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة ، ويصبون حمم غضبهم على كل من يدافع عن هذا الشعب ، كل ذلك استجابة ومجاملة للاحزاب القومية الإقصائية المتنفذة والتي تنشط في ساحة شعبنا القومية والسياسية والتي تدعو علانية الى سياسة التطهير القومي ضد الكلدان وصهرهم في البودقة الآشورية بحجة المحافظة على وحدة شعبنا المسيحي .
 إن القوميين الكلدان وفي مقدمتهم الكتاب الأعضاء في الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان لا يمكن ان يقبلوا بهذه السياسة العنصرية ، فأين الخطأ ان يقفوا الى جانب شعبهم الكلداني ضد محاولات التطهير القومي هذا ؟
الغريب والعجيب ايضاً هناك من الكتاب الكلدان انفسهم من يقفون بوجه المدافعين عن حقوق شعبهم الكلداني ويوصمون بمن يفتخر بقوميته الكلدانية بأنه انقسامي ومفرق ، وربما هذا الموقف الغريب له اسبابه فحينما يكون شعب ما ، واقعاً تحت ظلم واضطهاد يحاول بعض ابنائه مجاملة الطرف القوي المتنفذ على حساب شعبهم .  هنالك صوركثيرة مشابهة لحال الشعب الكلداني وكمثل غير حصري صورة الشعب الكردي حينما طاله القمع والأضطهاد  في اواسط القرن الماضي ، وكان كل من يدافع ويقف الى جانب شعبه الكوردي يصار الى اتهامه بأنه من المتمردين والعصاة ، وقد وقفت شريحة كبيرة من الأكراد الى جانب الحكام قامعي شعبهم الكوردي .
والشئ بالشئ يذكر فثمة حالة اخرى تشبه التي جسدها دريد لحام في شخصية ( غوار الطوشي) حينما يريد اللجوء الى دولة عربية مجاورة فكان عليه كيل الشتائم للنظام والحكام في بلده لكي يكسب ودّ الدولة التي يرغب اللجوء اليها  ، فثمة كتاب من ابناء شعبنا يسلكون هذا السلوك ، فيتوددون لمن له المال والنفوذ ،
فثمة قول :
رأيت الناس قد ذهبوا الى من عنده ذهب ، اما من ليس عنده ذهب فعنه الناس قد ذهبوا
وثمة وتر آخر ، وأتى العزف  عليه بنتائج جيدة ، وهي التهجم على القومية الكلدانية ومخاصمة ومهاجمة من يدعو لها ويفتخر بها ، فالذي يتهجم عليها ينال الحظوة لدى الأحزاب والجهات المتنفذة والقريبة من دائرة صنع القرار . وقد رأينا كيف يتسابق من يريد التقرب من تلك الجهات ( المجلس الشعبي والزوعا ) كيف يجري التسابق في التهجم على حبيب تومي وغيره من الكتاب الكلدان والأتحاد العالي للكتاب والأدباء الكلدان وكل ما اسمه كلداني . وقد أثبتت هذه الطريقة جدواها في حالات كثيرة فهناك اسماء احزاب وشخصيات تسلقت جدار التقرب وهي تحظى بمنافع مادية كبيرة خاصة من المجلس الشعبي .
القوميون الكلدان والكنيسة والبطريركية .
بالرغم ان الكنيسة الكاثوليكية في العراق هويتها محدودة بشكل رئيسي بالشعب الكلداني فالبطريرك مار لويس ساكو الكلي الطوبى هو بطريرك على الكلدان في العراق والعالم ، وهو المعني بالأهتمام بمعاناتهم ومشاكلهم ، وله منزلة رفيعة في الأوساط السياسية والشعبية العراقية ، والحالة تمتد جذورها الى يوم تأسيس الدولة العراقية الحديثة ، إذ وقف بطريرك الشعب الكلداني مار عمانوئيل الثاني توما ( 1900 ـ 1947 ) الى جانب تشكيل الدولة العراقية الحديثة وكان له مواقف عراقية وطنية مشهودة في ضم ولاية الموصل الى العراق وغيرها من المواقف الوطنية المشرفة ، فكان له ولشعبه الكلداني المكانة السامية لدى الحكومة العراقية يومذاك فكوفئ بتعينه عضواً في مجلس الأعيان كما كوفئ شعبه الكلداني بكوتا محددة بأربعة مقاعد في البرلمان ، اليوم يجلس سعيداً غبطة البطريرك مار لويس ساكو ، وله مكانة سامية في الدولة العراقية ، كيف لا وهو بطريرك شعب نبيل وأصيل وهو الشعب الكلداني ذو المواقف الوطنية والمكانة الأجتماعية في المجتمع العراقي .
القوميون الكلدان يكنون جزيل الأحترام للبطريرك ولمؤسسة البطريركية برمتها ، فهناك ارتباط روحي بين الكنيسة وشعبها ، ونحن في هذا اليوم ضعفاء محتاجين الى التضامن والتكاتف بين الكنيسة وشعبها ، وقد رأينا اب الكنيسة يدق ناقوس الخطر ، ويعلن ان كنيسته منكوبة ، من يقف الى جانب البطريركية في هذا الوقت العصيب إن لم يقف ابنائها والنخبة المثقفة بشكل خاص .
نحن الذين نفتخر بتاريخنا وأسمنا الكلداني من رأينا ان تشكل رابطة القومية الكلدانية هي الخيمة التي تحتوينا جميعاً ومن توحيد خطابنا ( الأكليروس والعلمانيين ، كما في الكنيسة الآشورية على سبيل المثال ) وبعد ذلك يصار الى توحيد الخطاب المسيحي بين الكلدان والسريان والآشوريين . ونحن ندعو البطريركية ان تلعب دورها في توحيد الكلمة وفي المحافظة على الإصالة ، لقد كان لكنيستنا الدور الكبير في حفظ الهوية الكلدانية وذلك منذ عام 1445 حينما اعادت الأسم القومي الكلداني بعد نبذها المبادئ النسطورية وعودتها واتحادها مع الكنيسة الكاثوليكية الجامعة ، لتعيد اسمها القومي الكلداني .
لقد تطوع بعضهم لدق اسفين التفرقة بين البطريرك وشريحة مثقفة من ابناء شعبه وقد كتبت في وقتها مقال تحت عنوان :
محاولات إذكاء الخلاف بين البطريركية والعاملين في الشأن القومي الكلداني
حسب الرابط ادناه :
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=668411.0;wap2
في هذا السياق نُشر في الآونة الأخيرة مقال تحت عنوان :
ماذا يريد القوميون الكلدان من البطريرك وكنيسته ؟ وهناك مقلات اخرى بهذا الأتجاه .
في الحقيقة نحن نقف الى جانب البطريركية في همومها المتعلقة بنزيف الهجرة والتغيير الديموغرافي ، نحن مع البطريركية والكنيسة والشعب الكلداني برمته نشكل وحدة واحدة ، ونحن الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن نشكل شعباً مسيحياً واحداً يطاله التفرقة الدينية ولهذا يكون العراق دولة مرشحة لتفريغه من مسيحييه ، وهذه مهمة ثقيلة يحاول البطريرك الكلداني النهوض بها باعتباره يمثل اكبر كنيسة مسيحية في العراق ، ونحن نقف الى جانبه بكل محبة ، واعتقادنا ان الرابطة القومية هي خير وشاج يتماهى به هذا الشعب وهو مقسم بين قارات الأرض ، وأين الضرر ان يكون مثل هذا الطرح من القوميين الكلدان ؟
نحن القوميون الكلدان لنا فكر مستقل ونحترم كل الأطراف التي تحترم توجهاتنا ولهذا نرتبط بعلاقات طيبة مع كل المكونات في إطار التعددية ، ونتيجة هذا الخطاب القومي المستقل لم نجد اي طرف قوي يلزم ظهرنا ، فليس لنا مناصب نوزعها لأننا بعيدين عن مصادر صنع القرار إضافة الى عدم وجود  دعم مالي لنا من اي طرف متنفذ في العملية السياسية إن كان في اقليم كوردستان ام في العراق الأتحادي .
ولهذا ليس لنا مقرات وحراس وسيارات دفع رباعي ، الذي نملكه هو قلمنا وفكرنا ونحن نعمل على نشر الوعي القومي بين ابناء شعبنا الكلداني هذا الذي نستطيع فعله ونطمح اليه في الوقت الراهن ، نحن نغرس الشتلة والأجيال القادمة سوف تستظل بظلالها الوارفة ، هذا واجبنا الإنساني والقومي ونحن سعداء بالقيام به .

قناعتنا ان شعبنا الكلداني منتشر في دول المهجر وفي المدن العراقية ، وشريحة كبيرة منه تسكن اقليم كوردستان ، ونحن نؤمن بأن الرابطة القومية الكلدانية هي ضرورة قومية تربط هذا الشعب ليدافع في إطارها عن حقوقه المشروعة ، ونؤمن ايضاً بضرورة وحتمية التعاون بين مؤسسة الكنيسة وشعبها في الإطار القومي ، والأقتداء بالكنائس الشقيقة الأخرى ، مثل الكنيسة الأرمنية والكنيسة الآشورية ، وفي الأخيرة ( الكنيسة الآشورية ) ثمة تماهي منقطع النظير بالقومية الاشورية ، وعلى كنيستنا الكلدانية ان يكون لها نفس المستوى من الدفاع عن القومية الكلدانيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة ، هذا هو الطبيعي والمألوف والمطلوب . وهذا ما ندعو اليه نحن القوميين الكلدان .
نحن نتساءل هل ثمة خطأ في توحيد الخطاب القومي بين الكنيسة وشعبها ؟  لنقتدي بالكنيسة الآشورية في هذا الصدد ، والتي نعمل جاهدين بالتقرب منها على فرض ان هذاالتقرب هو الوسيلة لتحقيق الوحدة ، فلماذا لا نستفيد من تجاربها بالشأن القومي ؟ وأنا معجب بشجاعة وصراحة البطريرك الآشوري بوقوفه مع هموم شعبه القومية بل هو من الداعين الأوائل للفكر القومي الآشوري ، فلماذا لا تكون بطريركيتنا الكلدانيــة بهذا المستوى من الأعتزاز بالفكر القومي الكلداني ؟
وختاماً اقول : ان انحياز الزعيم لشعبه ليس إثماُ

د. حبيب تومي ـ القوش في 17 ـ 05 ـ 2014

33
شيرا دربان هرمز في القوش بين حمير الأمس وسيارت اليوم
بقلم : د. حبيب تومي ـ القوش
habeebtomi71@gmail.com
ما هو الفرق بين الحمار والسيارة الحديثة ؟ هذا هو الفرق بين شيرا دربان هرمز في الماضي والحاضر وعلى مدى ذكرياتنا عبر المسافة الزمنية البالغة نصف قرن ونيف من السنين ، اي في اواسط الخمسينات من القرن الماضي إنه الزمن الجميل هذا هو التوصيف الذي اسبغه على تلك السنين ، وهل افلح في إعطاء صورة تطابق ذلك العصر ؟ هذا ما احاول نقله للقارئ الكريم عبر هذه السطور ،فالذكريات تتدفق وتفرض حضورها في الحاضر لتدق اجراساً بأن القوش لم تتغير فهي شامخة وراسخة في الأرض كما جبلها وديرها العتيد ، وإن الذي تغير فيها هو الوسائل المتوفرة عبر التطور في الزمكانية ، فالشيرا نفسه هو هو ، لكن القدوم الى الدير في ذلك الزمن كان بمساعدة الحمير واليوم هو بواسطة السيارة ناهيك عن الأدوات والوسائل الأخرى التي تطورت وتغيرت .
في الزمن الجميل يشترك الفقراء والأغنياء بالسير مشياً على الأقدام الى الدير ، مع حمل الأكل والشرب والأمتعة الضرورية للسفرة على الأكتاف ، والميسورين لهم حمير ينقلون على ظهورها بضائعهم من متطلبات السفرة ، كان الطريق مع سفح الجبل وقبل الألتفاف والولوج في وهدة الدير  وليس كما هو حالياً بالذهاب الى دير السيدة ثم الأستدارة نحو الشمال ، لقد اختاروا قديماً اقصر الطرق بمحاذاة سفح لجبل ، فكانت ساحة او ميدان الشمامسة المعروف بالكلدانية ( جًري دشماشي:  Churra D Shamashi) المشرف على وادي المهود ( دركوشياثا : Dargoshyatha) وهو مكان مناسب لألتقاط الأنفاس والأستراحة قليلاً للاستمرار في قطع الطريق الوعر نحو الدير .
من مدخل الكلي تبدأ العوائل بفرش البسط والأفرشة ثم تتوزع  في منعطفات وكهوف الدير ويرتكز معظمهم قرب ( الكافا سموقا ) والجهة الشرقية اليمنى لوهدة الدير ، وفي مدخل الكلي كان ( صهريج صغير يعرف محلياً بـ ( سارجتا : Sarechta ) تستقطب عددا مهماً من العوائل لتوفر الماء العذب في هذا الصهريج<1> الصغير نسبياً .
من المناطق المهمة في الطريق الى الدير وفي وسط الكلي تقريباً هنالك الكهف الأحمر ( كافا سموقا ) ، حيث يفترش اصحاب البنادق وينصبون الهدف  ( عَمَنج : نيشان ) في الجانب المقابل من الوادي ، حيث يثبت احدهم قطعة حجر مسطحة او قنينة فارغة على صخرة ويبدأ حاملي البنادق بالرمي على الهدف ، وإمعاناً في التحدي يقوم احدهم بتثبيت سيكارة في فوهة القنينة ، والشرط يكون بالتصويب نحو السيكارة دون ان تنكسر القنينة الزجاجية في اسفلها .
الجدير بالملاحظة ان حمل البندقية يعتبر من اسباب الوجاهة والهيبة ، وهناك انواع من البنادق ( تَفكتا جمعها تفنكي : Tafengi ) وهناك انواع منها ( سيتيرا ) و ( انكليزية ) و ( جاردا خور ) و ( كجكجابي : Kichkchapi) و ( برنو) التي تعتبرافضلها وغيرها ، اليوم اختفت هذه الظاهرة ، لم يعد حمل السلاح مسموحاً به ، ولم يعد امتلاك البندقية من مظاهر الوجاهة .
بالأمس كان الألاقشة ينتشرون في انحاء الكلي ويستظلون بظلال الأشجار الوارفة ، اليوم  اختفت تلك الأشجار ، وتلجأ كل عائلة الى نصب خيمة ولا يسمح بنصب الخيام داخل الكلي ، بل ينصبون خيامهم في السهل الممتد بين دير السيدة وفتحة الكلي ، ومن الفروقات ايضاً ، ان الجلوس سابقاً يكون على الحشيش مباشرة ، واليوم اصبحت الكراسي من الضروريات للسفرة .
في مطاوي الخمسينات لا تزيد السيارات القادمة من تلكيف وتلسقف وباطنايا لا تزيد على عدد اصابع اليد الواحدة ، وهي عبارة عن باصات خشبية ( باس : Pas ) اليوم لم يعد مهرجان الشيرة يستوعب الكم الهائل من السيارات القادمة من تلك المدن الكلدانية وألقوش ، فاضطر القائمون على هذه المناسبة على تخصيص يومين لأقامة المهرجان ، يوم لغير الألاقشة ( نخرايي) ويوم آخر لأهل الفوش . نعم انه فرق شاسع بين ما كان عليه الناس وما هم عليه اليوم ، ومن هذه الفروقات السيارات الحديثة التي يسوقها اولاد اليوم ، إنها تدل الى الرخاء والرفاهية .
ما يمكن وضعه في باب المقارنة ، ان الدير يفتقر اليوم الى ساكنيه الأصلين من الرهبان والقسس بل من المطارنة والبطاركة ، ففي احصائية اوردتها في كتابي حول القوش : ان الرهبنة الهرمزية الكلدانية انجبت  منذ تجديدها عام 1808 وحتى عام 1977  ( 354 ) راهباً منهم تخرج 143 كاهناً و19 مطراناً وبطريركاً واحداً هو البطريرك يوسف اودو . اليوم لم يعد في الدير سوى افراد الشرطة الذين مهمتهم تقتصر على حراسة الدير ومعالمه التاريخية . بقي ان اشير الى ملاحظة او مقارنة اخرى ، وهي ان الزوار في الزمن الماضي الجميل لم يتركو هذا الكم الكبير من القمامة والمخلفات ، اما اليوم في عصر السيارة الحديثة ، فإن العوائل الزائرة تترك كماً كبيراً من القناني الزجاجية والعلب المعدنية وأكياس البلاستك وغيرها من المخلفات التي ينبغي على العائلة ان تجمع هذه المخلفات وتترك المكان نظيفاً ، ويبدو انه في اليوم الأول وهو المخصص لغير الألاقشة ، اكثر تلويثاً للمكان فليس اي اهتمام من قبل هؤلاء الزوار الأعزاء بنظافة المكان .
الدير والتحديث
الطبيعة كانت تكتسي معالم الدير ، وكان في وضعه هذا يحمل في طياته سمات الهيبة والرهبة وعبق التاريخ ، فالهدوء والسكينة والصمت المطبق لا يعكر صفوها سوى زقزقة العصافير ورقصهم ومرحهم وهبوب النسيم العليل وحفيف الأشجار ، ومن المناطق الأثرية كانت في صدر الكلي اثر لنضوح ماء عذب نطلق عليه عين القديس( اينا دقيشا ) ، ويرجح ان يكون هذا المصدر للماء هو الذي اغرى الربان هرمز لاختيار هذا المكان للاستقرار والصوم والصلاة والتعبد والأعتكاف بعيداً عن البشر ، وكان في تلك الفترة ( اواسط الخمسينات ) يتوسط المكان جرن ( كارنا : Garna ) حجري كبير ، وكان المكان مظلماً ينبغي التريث والتوقف قليلاً لكي تستطيع العين تمييز معالم المكان ، وهذه الحالة تنطبق الى حد كبير ممرات المغارة الكبيرة المعروفة بـ ( بخشوكي ) اي بيت الظلام او المظلم ، وكان الولوج الى هذا الموضع  يتم عن طريق الأضاءة بالشموع فالذي يسير في المقدمة يحمل بيدة شمعة لإضاءة الممر الذي يتطلب خفض الرأس والأنحناء قليلاً . وهناك مقبرة البطاركة وهيكل الكنيسة القديمة والرواق الواسع تحت ساحة الكنيسة الأمامية ، وثمة الى الشرق من بناية الدير كهف البارود ( كوبا دباروت : Guppa d Baroot)  حيث ينضح من بين الصخور مياه معدنية صالحة لبعص الأمراض الجلدية ، هذا وهناك الكثير من المغارات والكهوف والمعالم التاريخية في هذا الدير العتيد .
اليوم تمتد الى الدير شبكة المياه لتزود الدير بكمية المياه المطلوبة وبذلك تنتفي الحاجة الى الصهاريج المتعددة المنتشرة في زوايا الدير ، كما ان الدير مزود بالطاقة الكهربائية المطلوبة ، وهنا ينبغي الإشارة الى ما فعلته الكهرباء بهذا الدير ، فبالرغم من اهمية الطاقة الكهربائية للحياة المعاصرة ، لكن انتشار الإضاءة في ثنايا وزوايا الكهوف ، قد افقد تلك الأماكن هيبتها وعبقها التاريخي ، اليوم اصبحت ( بخشوكي ) اي بين الظلام او المظلم اصبح البيت المضاء ، وعين القديس اصبح مضاءً وواضحاً غاب جرن الماء في الوسط  ، وأصبح عبارة عن مغارة رطبة فيها قليل من الماء مسكوب على ارضها ، انا ارى ان الكهرباء او طريقة اضاءتها قد افقدها منظرها المهيب وربما كان من الأفضل تزويدها بمصابيح وإضاءة خافتة مناسبة لكي تلائم المكان الأثري ، وربما هذا ينطبق على الترميمات والصيانة الجارية فينبغي اختيار المواد المناسبة ، فليس من اللائق تزويقها بالسيراميك والمواد المستخدمة في ديكورات المطاعم وقاعات الأحتفال ، إنها اماكن اثرية تاريخية ينبغي حين إجراء اعمال الترميمات والصيانة مراعاة هذه السمة للحفاظ على طرازها الأثري .
مقتطفات من كتابي القوش دراسة انثروبولوجية .. حول دير الربان هرمزد
حينما يصل القادم الى القوش الى قرية شرفية تتراءى امامه الى الشرق من القوش وهدة عميقة يرتفع من صدرها بناية الدير والكنيسة ويخيل للقادم ان نسراً عملاقاً يفرش جناحيه متأهباً للانطلاق والتحليق في السماء العالية ، هكذا يتراءى الدير للقادم من بعيد وكلما دنونا منه برزت معالمه وتوضحت تفاصيله .
وإن كان الطريق الى الدير سهلاً ومعبداً الى مكان قريب من بناية الدير ، ففي السابق لم يكن كذلك فيكتب في اواخر القرن التاسع عشر السير وليس بدج حينما  زار الدير يقول :
قام الرهبان بشق طريق في الصخر في بعض الأمكنة ، كما عبد الطريق هذا في بعض اقسامه بالحصباء ، وأخذنا نرقي منحدراً ولحسن الحظ كان قصيراً ، فبلغنا المنصة التي التي يقوم عليها الدير شامخاً باذخاً متجبراً ، وبتحري الدقة فإن بنايته لا تشبه بناية دير من النوع المألوف .
في تاريخ الدير نقرأ  ان الربان هرمز قدم الى هذه الأصقاع حوالي سنة 640 ميلادية برفقة الربان ابراهيم الذي بقي في موضع قريب من باطنايا ليؤسس دير مار اوراها المعروف ، ولجأ الربان هرمز الى وهدة في جبل القوش بالقرب من ينبوع صغير للماء ، أرجح ان يكون المقصود (اينا دقديشا ) عين القديس الذي مر ذكره قبل قليل . وتوفي الربان هرمز في ديره وعمره 87 سنة قضى منها 20 سنة في البيت وفي الدراسة و39 سنة في دير الربان برعيثا و6 سنوات في دير الرأس و22 سنة ديره .
ومن المفيد ان نختم هذا المقال بمقاطع من المقام الذي كتبه المرحوم الأب يوحنا جولاغ يقول :
هذا الشموخ من واديك صوب العلى
آية ملؤها بهاء وجمال
وهذه الأطياف الجاثمة فوق آثارها
بطولات وعبر تخلدها الأجيال
لكن الطود الصامد باق مهما نطح به الغزال ..
....
 يا دير يا مثوى السكينة تشفها شوقاً الى الذرى تسابيح وأقوال
القلب فيك طائر ولهان وأعقل خواطره موجات طوال
صخورك الصماء خاشعة ناطقة بخير ما قاله الحكماء والعقال <2 > .
د. حبيب تومي ـ القوش في 12 ـ 05 ـ 2014
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
<1> ـ سارجتا تصغير سارج ( صهريج ) وهو عبارة عن حفرة في الأرض الصخرية لخزن مياه المطر ، ويصار الى جمع هذه المياه عبر قنوات صغيرة ينزل عبرها الماء من قمة الجبل ومنحدراته ليستقر في الصهريج ، الذي يمتاز بفتحته الصغيرة في الأعلى وتتوسع القاعدة كلما نزلنا الى باطن الأرض .
 الجدير بالملاحظة ان راهب الدير كان ينذر على نفسه نقر قلاية لسكنه ولأعتكافه فيها والى جوارها ينقر في الأرض صهريج يجمع فيه الماء ، وإن نماذج لهذه القلايات والصهاريج محفورة في الجزء الغربي من الدير .
<2> ـ كتابي الموسوم القوش دراسة انثروبولوجية اجتماعية ثقافية ص200  ـ 205

34
لا اتوقع الفوز في الأنتخابات .. كيف؟ ولماذا ؟
بقلم : د. حبيب تومي ـ القوش
habeebtomi71@gmail.com
اجل لا اتوقع الفوز في الأنتخابات المقبلة لاعتبارت بعيدة من منطق الخبرة والأخلاص والتجربة ، فلعبة الأنتخابات يدخل فيها الكثير من العوامل وأسطيع تشخيص بعض العوامل التي كان لها الدور المؤثر في الحصول على الأصوات ، وأنا مع كل ذلك اهنئ من يفوز في الأنتخابات و احترم رأي الناخب مهما كانت التأثيرات ، وهنا أورد بعض العوامل التي أثرت في النتيجة وبشكل صريح ودون مجاملة لأي طرف وهي :
اولاً : ـ
 عملية الأنتخابات حالة مهمة كان يجب إيلاء الأهتمام لها ، انها الخطوة الأولى في طريق الديمقراطية التي نحن بأمس الحاجة لانتهاجها والتمسك بها ، ويوم توجه المواطن نحو صناديق الأقتراع هو الحد الفاصل لوضع اللبنة الأساسية للنهج السياسي لأربع سنوات قادمة ، وكان لي من الأفكار ما يفيد المجتمع العراقي بشكل عام والمجتمع  المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين بشكل خاص . لكني اهملت هذه اللعبة المهمة ، وكان لذلك اسباب منها صحية ، حيث كان لي برنامج طموح للدعاية الأنتخابية بالسفر الى بعض الدول الأوروبية مثل السويد والدنمارك وهولندا وألمانيا وبعد ذلك السفر الى امريكا  ، ديترويت وساندييكو ، وربما الى استراليا ، وأخيراً مدن العراق مثل بغداد والبصرة والناصرية ، وذلك لعقد ندوات تخص الأنتخابات لكن العملية الجراحية التي تزامن وقتها قريباً من موعد الأنتخابات قد سبب في إلغاء هذا البرنامج الطموح ، فكان تأخري عن قافلة الدعاية الضرورية في اللعبة الأنتخابية .
ثانياً : ـ
اثناء سفري الى عنكاوا وألقوش تفاجئت بهذا الكم الهائل من الصور والمصلقات والبوسترات لكيانات وأحزاب شعبنا ، وكانت دعايتي الأنتخابية بعيدة عن التأثير على الناخب من ابناء شعبنا ، حيث كانت بعض الصور بمثابة قطرة في بحر ، لم تجذب انتباه الناخب . جهودي المتواضعة تضمنت طبع ولصق بعض الصور إضافة الى عقد ندوة انتخابية واحدة في القوش ، وكلفتني هذه الدعاية على بساطتها وتواضعها حوالي مليون دينار ، وأنا اتساءل كم يا ترى صرفت الكيانات الأخرى للكوتا المسيحية ناهيك عن الكيانات والأحزاب الكبيرة ؟  فلو كان في مناطقنا ( عتاّكة ) وهم الذين يتاجرون بالسكراب المستخرج من أطر اللوحات الإعلانية المصنوعة من الحديد والألومنيوم والخشب ، لما استفادوا من دعاية حبيب تومي شئ يذكر، بل كانت استفادتهم من الكيانات الغنية المعروفة من احزاب شعبنا الذين صرفوا ملايين الدولارات على الدعاية الأنتخابية .
ثالثاً :ـ
انا شخصياً وأفراد عائلتي معي لم يسمح لنا الأشتراك في عملية الأقتراع في المركز الأنتخابي المرقم 131401 في مدرسة القوش الأبتدائية الأولى للبنين ، وقد ابرزت لهم هوية الأحوال المدنية وشهادة الجنسية العراقية وبطاقة السكن في القوش ، إضافة الى جواز سفر نرويجي وبطاقة السفر ، وإنني غادرت العراق منذ زمن صدام حسين ، كل الحجج والوثائق لم تجدي نفعاً ولم تقنع المراقبين ، ابلغوني ان اتوجه الى بغداد وأراجع المركز الأنتخابي في المدرسة الفلانية في الغدير ،  لقد حرمت المفوضية العليا للانتخابات قطاع كبير من المواطنين العراقيين وأنا وافراد عائلتي حرمنا من هذا الحق من الإدلاء بأصواتهم لأسباب تافهة ولم يكن اي دراسة مستفيضة للحالات الخاصة للمواطنين  .
رابعاً :ـ
في القوش وغيرها من مدننا وقرانا ترددت أقاويل وأحاديث تفاوتت بين العتاب والنقد والأستنكار حول تدخل الحزب الشيوعي العراقي والحزب الديمقراطي الكوردستاني بالكوتا المسيحية ، عن طريق خلق كيان شلاما من قبل الحزب الديمقرطي الكوردستاني وكيان الوركاء الديمقراطي من قبل الحزب الشيوعي العراقي ، مما يشار اليه ان الحزبين لهما ماض عريق في النضال السياسي فلا يليق بهما التدخل والطمع في 5 كراسي يتيمة للكوتا المسيحية ، فجند الحزبان امكانياتهما البشرية والمادية للاستيلاء على مقاعد في هذه الكوتا ، هذا ما اشار اليه المهتمون بالأمور السياسية لشعبنا المسيحي .
خامساً : ـ
اسلوب الدعاية الأنتخابية ، إذ تميزت بعض القوائم بالقيام بالدعاية الأنتخابية بشكل جماعي وكفريق واحد ، كما حصل لقائمة المجلس الشعبي وقائمة الرافدين وقائمة ابناء النهرين ، لكن ثمة قوائم اخرى سلكت في الدعاية الأنتخابية وكأن من فيها مرشحين مستقلين وكل شخص يسعى الى ابراز نفسه بشكل مستقل، وكمثال على ذلك قائمة اور الوطنية التي سعى فيها رئيس القائمة الأخ ابلحد افرام الى ابراز نفسه وشخصيته تحديداً فيما عرض من ملصقات وصور ، وبنفس السياق كانت قائمة بابليون ، إذ تميزت بالتفكك وعدم التناسق بين المرشحين ورئيس القائمة وهو الأخ ريان الكلداني ، فقد كان تركيز الأخ ريان على اخيه اسوان بشكل كبير في الوقت الذي كان ينبغي على رئيس القائمة اكثر حيادية وأن يقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين في قائمته .
انا شخصياً حينما وصلت الى القوش تعجبت لهذه الكثافة لصور الأخ ريان وأخيه اسوان ، وكان وجودنا فقط حينما لجأنا الى لصق بعض الصور التي طبعتها في شرفية وأخرى التي ارسلها الأخ ريان من بغداد فكان هناك بون شاسع بين تلك الملصقات .
 اكثر من واحد صادفني بعد الأنتخابات وهو يقول لقد انتخبتك في الأنتخابات لقد طلبت بابليون وأسوان ، وهو يقول اليست هذه قائمتك ؟ إذاً الدعاية كانت لأسوان تحديداً ، وأتمنى من كل قلبي الفوز لأسوان ، فهو شاب كلداني يستحق الفوز . اتمنى ان اكون مخطئاً في قراءتي لهذه الحالة من الدعاية الأنتخابية .
سادساً :ـ
ان لموقع القوش نت موقف اخوي ودي حينما بادر الى وضع البوستر الذي يخصني لمدة شهر كامل دون مقابل ، وهذا موقف اخوي من الصديق عادل زوري وكذلك كان موقف موقع نادي بابل الكلداني في النرويج ،وشبيه بهذا الموقف كان من موقع صوت العراق ، وكذلك كان الموقف المحايد لموقع عنكاوا كوم ، وكان الموقف الرائع الودي من كثيرمن الأصدقاء والأقارب على موقع التواصل الأجتماعي لفيسبوك ، في الحقيقة لم يعد موضوع الفوز يشغلني ، فالمهم ما بعد فرز الأصوات وموقف الذين يفوزون في الأنتخابات ومستقبل العملية السياسية في العراق ، وموقف نوابنا ( الكوتا المسيحية ) داخل قبة البرلمان ، هل يكونون اوفياء لمن اوصلهم الى البرلمان ؟
لقد تعب الشعب العراقي من طبقة سياسية همها الأول والأخير خدمة مصالحها ونحن نتطلع ان تفرز الأنتخابات الجديدة طبقة سياسية تضع مصلحة شعبها ووطنها في المقدمة ، وأن تكون الحكومة القادمة مبنية على عاتق طبقة سياسية من التكنوقراط لكي تنأى بعيداً عن الصرعات السياسية والطائفية التي مزقت هذا الوطن .
كما نتطلع الى تغيير في ذهنية نواب الكوتا المسيحية ، فالنواب في السابق كانوا يغردون خارج سرب شعبهم ، إذ كانت الهجرة والتغيير الديموغرافي والإرهاب يطال هذا الشعب المسكين وهم لا يحركون ساكناً ، بل كان جل اهتمامهم منصب على التعصب الطائفي والقومي ، فلم يهتموا بالمواضيع المصيرية المهمة بقدر اهتمامهم بمحاربة الكلدان قومياً وتاريخياً وسياسياً وفكرياً ، فاجتهدوا في تقسيم شعبنا الكلداني والسريان الى وحدويين وانقساميين ، مما جعل هذا الشعب المسكين منقسماً على نفسه بسبب تلك السياسة الأقصائية المرفوضة إنسانياً ووطنياً . نتطلع الى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين مكونات شعبنا من الكلدان والسريان والآشورين بمنأى عن تلك الأفكار العنصرية .
د. حبيب تومي ـ القوش في 04 ـ 05 ـ 2014

35
ايليا خيرو بلّو رحلة عمر حافلة .. تتوقف
بقلم : د. حبيب تومي ـ القوش
haeebtomi71@gmail.com
 رحل من بيننا بهدوء المرحوم ايليا خيرو بلو عن عمر يناهز التسعين سنة ، وهذا الرحيل قد حفزني للكتابة عن هذا الإنسان الألقوشي الرائع والذي مثلت حياته تجسيداً حياً لمراحل مرت بها مدينته الجميلة القوش .
المرحوم ايليا خيرو بلو من مواليد 1923 وهو زوج شكري كريش ، وشقيق كل من عابد ، اسطيفوا ، ودي ، حبوبة والمرحومين كريم ، شمعون ، شمّي ، وبغية الوصول الى هدفنا لا بد من العودة الى الوراء نحو تخوم اواخر الأربعينات وأوائل الخمسينات من القرن الماضي ، وسنصادف الفقر يلف الجميع باستثناء بعض العوائل التي تعتبر ميسورة في ذلك الوقت لامتلاكها قليل من المال ، والى جانب هذا الفقر سنصادف القناعة لدى الجميع والحياة تسير بهدوء وبساطة . ونموذج لذلك نأخذ حياة الراحل ايليا خيرو بلو حيث كان في ريعان وقوة شبابه في تلك المرحلة ، واليوم  رحل من بيننا الى الحياة الأبدية يوم 28 نيسان الجاري في مدينة سانديكو بكاليفورنيا بأميركا .
حلقة الوصل لمواكبة واطلاع على حياة المرحوم كانت المرحومة الوالدة شكري ( باجي) صادق بلو والتي دأبت على زرع حب الناس واحترامهم في قلوبنا ، ومن رابطة قرابة الخؤولة فإن أي شخص كبير في عائلة بلو هو خالي ينبغي احترامه ، وهكذا فإن المرحوم ايليا هو ابن خالي خيرو ، وكانت امي تحرص على زيارة اولاد عمها ( خوالي ) لأنها كانت يتيمة من الأب الذي كان احد ضحايا الحرب العالمية الأولى ، وأمها تزوجت تخلصاً  من آفة الفقر والجوع ، وبقيت امي وعمرها ستة اشهر في كنف ابن عمها كنا بلو الى ان تزوجت عام 1940 .
 اتذكرا ان المرحوم ايليا مع زوجته المرحومة شكري كريش في البيت الملاصق لبيت خالي كنا بلو الذي يقع خلف كنيسة مار كيوركيس في محلة قاشا ، والبيت الذي اتكلم عنه هو عبارة عن غرفة واحدة يمكن الصعود ( التسلق ) اليه فيما يشبه الدرج .
عرفت المرحوم ايليا وأنا طفل صغير وهو يحمل المنجل على كتفه مع عمي كيكا وغيره من العمال ، وهم ينتظرون في سوق القوش من يأخذهم الى حقل الحنطة لحصد  المحصول الناضج، إن الحصاد من الأعمال الشاقة في ايام تموز الحارة ، وإن انتهى موسم الحصاد ينتقل المرحوم ايليا الى تعزيق تربة مزرعة البطيخ ( خبارا د وًرزا ) ، الأجور هنا اقل من حصاد محصول الحنطة ، لكن المهم هنا الأستمرارية في العمل ، لقد رأيت المرحوم ايليا يعمل خبّاطاً او عجاناً ( كًوالا) الجص الى جانب متي ابونا في بيت بيبو حلبي المجاور لبيتنا ، كما عمل المرحوم ايليا في حفر وتعزيق وتقليم  الكروم ، ( مخايا مّارا ) وعمل في الكور ( اتونا ) لحرق الصخور الكلسية بغية الحصول على مادة الجص ، وما ادراك ماهو العمل في اتونا ؟  إنه من الأعمال الشاقة من الفه الى يائه والعمل مهم لتحضيرمادة الجص المستخدم كملاط في بناء البيوت قبل ظهور وانتشار مادة السمنت ، كما عمل في منطقة الكنود في استخراج الصخور الكلسية .
في مسيرة العمل الكادح عمل ايليا خيرو بلو لمدة ثلاثة اشهر بشكل متواصل في الميتم الملاصق لدير السيدة الذي شيّد في اواسط الخمسينات من القرن الماضي وكان عمله المضني يتلخص في ملئ كيس كبير ( مر جبطا سموقا ) بالجص وحمله ونقله الى السطح مع كل متطلبات البناء ، والعمل المضني هذا كان بأجور يومية قدرها ( 4 ) دراهم لليوم الواحد ، وكانت امرأة من الجيران قد حسدت المرحوم ايليا وأخذت تحسب المحصول الكبير لأيليا لثلاثة اشهر مضروبة بأربعة دراهم كم اصبح غنياً هذا الرجل ؟
الأوضاع غير المستقرة في الشمال كانت وراء هبوب رياح الهجرة في الستينات من القرن الماضي ، فكانت استراحة محارب بالنسبة للمرحوم ايليا إذ شد الرحال ليستقر في بغداد ليبدأ مشوار جديد لمواصلة الكفاح والعمل ، وهنا كان عليه ان يعمل في حقل البيع والشراء ، فهنالك شريحة كبيرة من ابناء شعبنا آثروا الاستقرار في بغداد قادمين من المحافظات الشمالية بسبب اوضاع الحرب في تلك المناطق ، وهؤلاء يحبذون المأكولات التي تعلموا عليها ، كالبرغل ( كركور ) والحبية ( بقّوتا ) والجريش ( سمذي كريسي) والجبن الأبيض وجرزات الشمال والراشي ، فكان خيار المرحوم ايليا العمل في تجارة هذه المواد ، واشترك مع ابن عمله جميل بلو وذلك بوضع المواد في عربة الدفع اليدوية ، ودفعها في الشوارع والأزقة التي بها ابناء شعبنا .واستطاع بهذا العمل التجاري المتواضع مع الإستمرارية والتواصل والإرادة ان يحقق نجاحات اقتصادية وتماشياً مع العمل التجاري هذا دأب الأولاء على الأنخراط  في العمل التجاري ، ولكن ليس عن طريق التجول في الأزقة والدرابين بل في محلات وأسواق تجارية .
قد يتساءل احدهم ويقول ان هذا الرجل لم يذق طعم السعادة في حياته ، لأنه كان متواصلاً في العمل ، ولكن انا اختلف مع هذا الرأي ، فالتعريف الحديث للسعادة هو السعي لتحقيق هدف ، إن شئت ان تصل قمة فسعادك هي في التعب والشقاء في محاولة لبلوغ تلك القمة ، يقول الفيلسوف ارسطو : ان السعادة هي في العمل والمقصود بالفكرة ان الناس في نهاية المطاف يبتغون السعادة او الشعور بالسعادة في اي عمل يؤدونه .
إن كان المرحوم ايليا قد ترك القوش الى بغداد هرباً من الأوضاع وسعياً لأسباب المعيشة ، فإن الأولاد كان طموحهم ابعد ، فقد عزموا امرهم للهجرة الى اميركا ، العالم الجديد ، بلاد الفرص ، وكانت تربية العائلة في الكدح والإخلاص بالعمل متأصلة في اعماقهم ، هكذا تقدم هؤلاء الأولاد النجباء في المجال التجاري والأقتصادي محققين نجاحات مهمة في اميركا ، لقد اثبت هؤلاء الأولاد بأنهم خير خلف لخير سلف .
لقد تقاعد المرحوم ايليا خيرو بلو من مشقات العمل والكدح ، وبقي مع زوجته شكري كريش يعيش سعيداً الى ان خطفت يد المنون شريكة العمر شكري ، ولم يقبل المرحوم ايليا ان ينتقل الى بيت اولاده بل تشبث ساكناً في البيت الذي يحمل ذكرياته السعيدة مع الزوجة الوفية .
لقد زرت المرحوم ايليا في بيته المتواضع الجميل في سانديكو ، وحين جلست مع هذا الإنسان انساب نهر الذكريات في مخيلتي ، وعلمت ان هذا الرجل يحمل في اعماقه فيضاً كبيراً من توصيفات الأنسان العظيم .
بعد ان مضت قافلة سنين العمر بعقودها التسعة يرحل ايليا خيرو بلو الى الحياة الأبدية ، ونتضرع الى الرب يسوع ان يتغمد المرحوم بوافر رحمته وأن يسكنه فسيح ملكوته السماوي مع الأبرار والقديسين ، وأن يلهمهم جميعاً نعمة الصبر والسلوان .
وبهذه المناسبة الأليمة نعبر عن حزننا ، فنقدم تعازينا القلبية لأولاده الطيبين : يونس ، خالد ، جلال ، فاضل ، ريمون ، فؤاد ، صبرية والى اخوانه وأخواته والى كل آل بلو الكرام .
د. حبيب تومي ـ القوش في 02 ـ 05 ـ 2014

36
المرشح حبيب تومي تسلسل 2عن قائمة بابليون يقيم ندوة في القوش
في القوش وعلى حدائق نادي القوش العائلي عقد حبيب تومي ندوة جماهيرية وشاركه في إدارة الندوة كل من المرشح المهندس اديب نجيب رزوقي وكذلك المرشح المهندس اثير ايليشاع اوراها .
رحب حبيب تومي تسلسل 2 في قائمة بابليون رقم 303 بالحضور وحثهم على التوجه الى صناديق الأقتراع للادلاء بأصواتهم ، وقدم نبذة عن تاريخ الأنتخابات في العراق في العهد الملكي وفي العهد الجمهوري وبعد سقوط النظام في نيسان 2003 وبعد ذلك قدم شرحاً  موجزاً عن النظم الأنتخابية المتبعة في العالم وهي : نظام الصوت الواحد ، ونظام الكلية الأنتخابية كما في امريكا ، والتمثيل النسبي واخيراً النظام المختلط بين التمثيل النسبي ونظام الصوت الواحد .
بعد ذلك قدم المرشح الأستاذ المهندس اديب نجيب رزوقي تسلسل 5 وهو مدير اوقاف الديانات المسيحية والإيزدية والصابئة المندائيين في الموصل ، قدم نفسه للحضور ومن ثم تطرق الى فقرات من اهداف قائمة بابليون كما تطرق الى مواد في الدستور العراقي التي يمكن من خلالها التشبث والعمل من داخل قبةالبرلمان في ضمان المكون المسيحي .
بعد ذلك قدم المرشح المهندس في دائرة صحة صحة نينوى الأستاذ أثير ايليشاع اورها تسلسل رقم 4 قدم موجزاً عن سيرته الذاتية وهو خريج الجامعة التكنولوجية فرع الهندسة الكيمياوية سنة 1992 م .
 بعد ذلك طرحت بعض الأسئلة من الحاضرين حول قائمة بابليون وحول مختلف القضايا واشترك كل السادة : حبيب تومي واديب رزوقي وأثير ايليشاع اوراها في الإجابة عليها .






37
صورتي الصغيرة تصارع من اجل البقاء بين الصور الكبيرة وردود وهوامش متفرقة
 بقلم : د. حبيب تومي مرشح قائمة بابليون تسلسل رقم 2 ـ القوش
habeebtomi71@gmail.com
نحن في الهزيع الأخير من ليل الدعاية الأنتخابية التي  كانت عبارة عن معركة محورها تعليق الصور الكبيرة  والصغيرة التي  ترتفع فوق المباني والدور السكنية وعلى امتداد ارصفة الشوارع بالإضافة الى نشر الإعلانات المدفوعة الثمن في بعض الفضائيات ، وغيرهم  من القوائم والشخصيات الحزبية من الذين يملكون فضائيات تابعة لهم ، فإن دعايتهم الأنتخابية تجري على قدم وساق على مدار الساعة ، وفضائية عشتار المسيحية مثال حي لتفرغها كلياً للدعاية الأنتخابية لقائمة المجلس الشعبي حصرياً .
في الأول من نيسان بدأت الحملة الأنتخابية ، وفي القوش صادفت بعض الزملاء وهم يعلقون تصاوير رئيس احد الأحزاب لشعبنا ، وكانت صور جميلة ومثبتة تثبيتاً جيداً على لوائح من الخشب بحيث لا تؤثر عليها هبوب الرياح ، واعتقدت انها صور معدودة ، لكن اكتشفت ان اعداداً هائلة من تلك الصور منتشرة ومثبتة في مدننا وقرانا حيث رأيت نفس الكثافة من تلك الصورة في مدينة عنكاوا وغيرها ، وفي الحقيقة لم اعثر على صور المرشحين الآخرين في نفس القائمة معلقة إلا ما ندر ، ثم ظهر بمرور الأيام ان الصور الضخمة للمرشحين في الأحزاب والكيانات الأخرى بدأت تتسابق فيما بينها لتكون اكثر بروزاً ووضوحاً امام المواطن .
بعد ان اصبحت منعطفات وشوراع القوش مليئة بتلك الصور بادرت متأخراً ان اطبع بوستر واحد وتوجهت الى مطبعة في شرفية عملاً بالمثل الروسي : ان تصل متأخراً افضل من ان لا تصل ابداً ، وبعد ان طبعت تلك البوسترات وصلتني  كمية من البوسترات من الأخ ريان الكلداني ، وقام بعض المؤيدين لقائمة بابليون بلصق بعضها في شوارع القوش ، كما دفعت اجور تعليق بعضها الآخر في القوش وفي عنكاوا ، كلفني ذلك مبلغاً مهماً بالنسبة لي وتساءلت كم صرف اصحاب تلك الصور الكبيرة الجميلة والمثبتة تثبيتاً جيداً انه امر يدفع على التعجب ، لأنني شاركت في عملية انتخابية في النرويج ، ولم اشاهد اي صورة لأي مرشح معلقة في الشوارع . ولا ادري كيف سيتصرف الناخب العراقي المسكين امام هذا السيل الجارف من الدعاية ، وهل سينجذب ويختار اصحاب الصور الكبيرة والكثيرة المعلقة في اعلى المباني وعلى طول ارصفة الشوارع ام سوف يختار الشخص المناسب في المكان المناسب ليغدو عضواً في البرلمان بمنأى عن كبر صورة المرشح المعلقة او صغرها .
عودة الى لغة التسقيط السياسي
السيد يوسف شكوانا المحترم دأب كل مرة على انتقاء بعض الجمل او فكرة من المقال الذي انشره ثم يعلق عليها ليصبح منبراً حراً لمجموعة من المقنعين ليفرغوا جام حقدهم وغضبهم على حبيب تومي وعلى كل من يفتخر بقوميته الكلدانية ، فهؤلاء اتخذوا قراراً في حزبهم بأن يوصم كل من يعتز بانتمائه الكلداني بأنه انقسامي ، وهكذا كتب السيد يوسف شكوانا قبل ايام مقالاً بعنوان : هل يجوز ان يمثل شعبنا انقسامي ؟ وفي المفهوم الزوعاوي ان الأنقسامي هو من يعتز بانتمائه الكلداني ، والوحدوي هو من يتعصب لأنتمائه الآشوري ، ووزعوا التهم وخوّنوا من يخالفهم رأياً ومن لا يرضى بفكرهم الأقصائي ، وإن الأقلام المقنعة على اهبة الأستعداد للنيل من هؤلاء تماماً كالخطاب البعثي الأقصائي : الذي كان يقول البعث نور لمن يهتدي ونار لمن يعتدي ، ومن يعتدي كان يقصد به كل من يعارض ولا يقبل بالخطاب البعثي ، فكل من يعيش في الوطن العربي هو عربي ، والويل لمن يعترض او لا يقبل بهذا الطرح .
السيد يوسف شكوانا همومه هي حبيب تومي فهو يفتح الطريق امام الطاقم ليسجل كلمات الحقد ولغة التسقيط . فهو يرى القشة في عين صاحبه دون ان ينتبه الى العود الذي في عينه ، فهو لا يرى ان حركته ( الحركة الديمقراطية الآشورية ) قد اصابها الهرم والتفكك وتشهد عمليات انشقاق وتمزق كبيرة ، ودون ان يرى ان اهتمام وانتماء الأخ يونادم  كنا العائلي اقوى من اهتمامه وانتمائه القومي ، ودون ان يرى ايضاً حملات النقد اللاذعة حينما أيد السيد وزير الزوعا للقانون الجعفري الذي كان محط استنكار من الشيعة انفسهم ، ودون ان يرى ان الزوعا تتسلح بفكر قومي إقصائي بحق الكلدان والسريان .
كلام في قوائم شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين
 بعد سقوط النظام في 2003 بدأ يتبلور منحى جديد في العملية السياسية ، إذ بدأ الولاء السياسي ينحو منحى الخطاب الطائفي ، ونحن الكلدان بدأت تظهر يقظة قومية مفادها اننا شعب اصيل ينبغي ان يكون لنا مكان في في الطبقة السياسية والخارطة القومية العراقية ، لكن الأحزاب الآشورية طرحت نفسها كممثل للمسيحيين كافة وعاونهم بذلك الحاكم الأمريكي بول برائمر ، وفي انتخابات الدورة الأولى عام 2005 كان هنالك قائمة مسيحية واحدة تابعة لحزب اشوري ، وفي الحقيقة وضعنا ثقلنا وثقتنا في هذا الحزب قبل ان يتبين انه حزب قومي عنصري يعمل على إذابة المكون الكلداني وتفريغه من تكوينه القومي .
المهم في هذا الصدد ان المعادلة مختلفة كلياً فالحركة الديمقراطية الآشورية تشهد انشقاقاً وتمرداً في صفوفها فلم تعد اللاعب الوحيد على الساحة ، والمنافسة على مقاعد الكوتا تشهد منافسة قوية بين 9 قوائم لها اجندة مختلفة . فهنالك قائمة المجلس الشعبي القوية التي تملك المال الوفير ويخدمها اقوى إعلام ، وهنالك قائمة ابناء النهرين المنشقة من الزوعا التي تتميز بالحراك السياسي ويبدو انها تتلقى الدعم ..
وثمة قوائم اخرى من الكوتا تتلقى الدعم المعنوي او المادي من جهات اخرى وهي معروفة لا داعي لذكرها . نستنتج من ذلك ان الكوتا المسيحية لم تعد مسيحية صرفة ، فهي تحت تأثير الكبار ، وكل قائمة من القوائم المسيحية تتنافس بكفاءة وندية ومن موقع قوة ، هكذا قائمتي الزوعا والمجلس الشعبي عليهما التهيؤ للمنافسة الشديدة مع القوائم التي لم تعد قوائم ضعيفة .
إن الحصول على اي مقعد في البرلمان العراقي من حصة الكوتا المسيحية من قبل القوائم الأخرى سيشكل خسارة للمجلس الشعبي والزوعا ، لأن قائمة البابليون مثلاً  إن لم تحصل على اي مقعد سوف لا يشكل ذلك خسارة لها ،لأنها ببساطة لم يكن لها مقعد وخسرته في الأنتخابات ، وهذا ينطبق على القوائم الستة الأخرى باستثناء الزوعا والمجلس الشعبي ، فإن خرجت إحدى القوائم بمقعد سيكون على حساب المجلس الشعبي والزوعا تحديداً ، فكم تكون خسارة الحزبين ( الزوعا والمجلس الشعبي ) يا ترى لو حصلت اكثر من قائمة على مقعد ؟
الايام القليلة القادمة حبلى بالمفاجئات السارة او المحبطة ، وفي الحقيقة يجب ان نحترم رغبة الناخب ونقبل باختياره بروح رياضية ، ونقبل بالنتيجة إن كنا نؤمن بالديمقراطية التي تعني حكم الشعب .
د. حبيب تومي مرشح قائمة بابليون المرقمة 303 تسلسل رقم 2 ـ القوش في 26 ـ 04 ـ 2014

38
حبيب تومي وأعضاء مرشحين في قائمة بابليون يقيمون ندوة جماهيرية  في القوش
يقيم د. حبيب تومي وأعضاء مرشحين في قائمة بابليون رقم 303 ندوة جماهيرية في القوش حول الأنتخابات والكوتا المسيحية وقائمة بابليون وذلك يوم الجمعة الموافق 25 ـ 04 ـ 2014  على حدائق نادي القوش العائلي وذلك في تمام الساعة الخامسة مساءً .
الدعوة عامة للجميع

39
المرشح د. حبيب تومي في سطور
 ـ د. حبيب تومي مواليد القوش سنة 1943 من عائلة كلدانية فقيرة .
ــ ــ تجارب الحياة تبلورت معاني الحياة في دروب النضال في القمم والشعاب الجبلية ، وفي الدراسة والعمل خارج العراق ، والعمل في اعالي البحار والأنخراط  في المجال السياسي مؤيداً للفكر السياسي اليساري في فترة الشباب ،وحالياً مؤمناً ومؤيداً للفكر الديمقراطي الليبرالي .
ـ أنهى الدراسة الأبتدائية والمتوسطة في القوش ، ولإكمال الدراسة الثانوية انتقل الى بغداد لكنه انقطع عن الدراسة  لمدة خمس سنوات بسبب انخراطه في قوات الأنصار البيشمركة من اوائل 1963 الى عام 1968 م .
انهى الدراسة الثانوية الفرع العلمي في بغداد ، الثانوية الجعفرية المسائية سنة 1969 .
 انهى الدراسة الجامعية في الأتحاد السوفياتي السابق ، هندسة بحرية .
في سنة 1982 اشترك في دورة دراسية فنية لمدة ثلاثة اشهر في فرنسا حول الثروة البحرية والصيد التجاري في اعالي البحار .
في عام 2010 منح لقب سفير السلام من قبل منظمة السلام العالمي .
ــ  بأسلوب الدراسة عن بعد وبتاريخ 12 / 08 / 2012 منح شهادة دكتوراه فلسفة في العلوم السياسية من قبل الجامعة العربية المفتوحة لشمال امريكا وكندا " شؤون الدراسات العليا " عن  اطروحته الموسومة : " البارزانيون ودورهم السياسي في المسألة الكوردية " .
ــ الكتابات
لديه ثلاثة كتب مطبوعة وهي :
ـ الأول كتاب " القوش دراسة انثروبولوجية اجتماعية ثقافية " يقع في 400 صفحة وطبع في بغداد سنة 2003 بمطبعة الديوان .
ــ الكتاب الثاني تحت عنوان " الألفاظ المحكية المشتركة " بين اللغات العربية والكردية والفارسية والتركية والعبرية والارامية واتخاذ كلدانية القوش المحكية نموذجا لها . طبع الكتاب في دار ئاراس للطباعة والنشر في اربيل عام 2011 م .
ــ الكتاب الثالث تحت عنوان " البارزاني مصطفى قائد من هذا العصر " طبع الكتاب في دار ئاراس للطباعة والنشر في اربيل عام 2012 م .
ــ مئات المقالات في شتى المواضيع التراثية والأدبية والتاريخية والسياسية والأجتماعية منشورة في الصحف والمجلات والمواقع الألكترونية .
ــ إلقاء عدداً من المحاضرات في جمعية آشور بانيبال الثقافية ، ونادي بابل الكلداني  وملتقى الحكمة في كنيسة ماركيوركيس في بغداد  .
ــ إقامة بعض الندوات ومقابلات مع الفضائيات منها فضائية عشتار وفضائية كوردستان وسوريو تيفي وسوريويو سات وتلفزيون Mtv. في اميركا .
ــ سنة 2009 انتخب ليكون رئيس الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان .
ــ  سنة 2014 مرشح للبرلمان العراقي في قائمة البابليون رقمها 303 تسلسل رقم 2 .



41
من يقف وراء الحملة الظالمة ضد قائمة بابليون ؟
بقلم : د. حبيب تومي ، مرشح رقم 2 في قائمة بابليون رقم 303 ـ القوش
habeebtomi@yahoo.no
المساهمة في العملية السياسية حق مشروع لكل مواطن عراقي ، وفي العراق المدني الديمقراطي الذي ننشده ، تشكل نتائج صناديق الأقتراع هي المحك الذي تنطلق منه العملية السياسية ، ويتبلور من خلالها وجه الحكومة المقبلة واتجاهها ، وانطلاقاً من روح العملية الديمقراطية ومن مبدأ شرعية الأختلاف في الآراء والمواقف السياسية سيفضي بنا الرأي الى الأقرار بشرعية لا بل بضرورة وأهمية المعارضة السياسية والتي لها الشرعية والحق في السعي نحو استلام الحكم ، ولهذا تشكل عملية الأنتخابات خطوة مهمة وجوهرية في سير العملية السياسية  وبعد ذلك هي الصراط الأسلم  نحو تقدم البلد وتطوره ، او في تراوحه في مكانه بل ربما في الرجوع الى الوراء ، ومن هنا ايضاً ينبغي الألتزام بقواعد اللعبة الديمقراطية لكي يفوز في الأنتخابات أشخاص يملكون الخبرة والتجربة اولاً ويتميزون بالنزاهة والإخلاص ثانياً .
لا نكشف سراً او نأتي بجديد إذا قلنا ان العراق يراوح مكانه في عملية البناء والتنمية ، وهذا التلكؤ هو نتيجة حتمية للاوضاع الأستثنائية في ظل انعدام الأمن والأمان وتسيد الفوضى والعنف على مفاصل الحياة ، مع تلكؤ وعرقلة العملية السياسية وهيمنة الأزمات وشيوع الفكر الطائفي الأقصائي بين الفرقاء ، لقد ضربت صورة الدولة العراقية واصبح من السهل اختراق هيبتها ، رغم امكانياتها الهائلة في مختلف المجالات ، لقد اضحت دولة العراق دولة المكونات اي الطوائف بدل ان تكون دولة المواطنة ، لقد كتبت سلسلة من المقالات تحت عنوان : ماذا لو اصبح حبيب تومي رئيساً لوزراء العراق ( يمكن العودة اليها عن طريق العم كوكل ) ، لخصت في تلك المقالات وجهة نظري عن مشاكل العراق والسبيل لوضع الحلول لها .
قائمة بابليون
انطلاقاً من مبدأ واجبات وحقوق المواطن المدرجة في دستور الدولة العراقية ، فقد تكونت كيانات وأحزاب وانبثقت القوائم الأنتخابية التي سوف تتنافس للفوز بمقاعد البرلمان ، وفي شأن المكونات الصغيرة العرقية والدينية كان هناك استخدام نظام الحصص المعروف بالكوتا ، حيث تكون عدد من المقاعد البرلمانية محجوزة للفئات المهمشة . هكذا كان إقرار الكوتا المسيحية المتكونة من خمسة مقاعد مخصصة  للكلدان والسريان والآشوريين إضافة الى مقعد واحد للمكون الأرمني . وانطلاقاً من حقوق المواطنة كانت المبادرة لتشكيل قائمة باسم البابليون لخوض المنافسة على المقاعد الخمسة المحجوزة للمكون المسيحي في العراق ، علماً ان الأخ ريان سالم الكلداني وهو رئيس القائمة يعيش في بغداد وله علاقات طيبة مع مختلف الأوساط القريبة من دائرة صنع القرار في بغداد .
قائمة بابليون لها طموحات كبيرة لخدمة العراق وخدمة شعبنا ويتجلى ذلك في اهدافها ، وهي نقاط كثيرة تتطرق الى مختلف نواحي الحياة السياسية والأقتصادية والأمنية ، ولا تبغي القائمة حصاد او تحقيق اهداف مكاسب حزبية اديولوجية ، بل تريد تخفيف من الهموم اليومية للمواطن ، إن دخول نائب او اكثر من هذه القائمة تحت قبة البرلمان سوف يغير الوجه النمطي للكوتا المسيحية المحصورة  بين الحركة الديمقراطية الآشورية والمجلس الشعبي فيفضي الى تغيير مهم في الوجه التقليدي للكوتا المسيحية .
من يقف وراء الحملة على قائمة بابليون وعلى اعضائها ؟
حينما انبثقت قائمة البابليون بدأت حملة منظمة للنيل من رئيسها ومن اعضائها المرشحين ، وأنا شخصياً تعرضت لمثل هذه الحملة ولو ان الحملة ضدي دائمية بسبب معتقداتي الفكرية الليبرالية حيث لا اقبل بالفكر الإيدولوجي الأقصائي ، من ناحية اخرى فأنا مقتنع ان كل من يعمل في الشأن العام معرض لشتى الأحتمالات ربما الى المديح او الأنتقاد او ربما الى الشتيمة والتجريح ، وثمة اسباب لكل تلك الأحتمالات ، وبشأن قائمة البابليون فهي كيان جديد على الساحة انبثقت من قلب الوطن العراقي من العاصمة بغداد ، ومهما كانت نتائج الأنتخابات في حسابات الربح والخسارة سوف لا تكون القائمة خاسرة حتى لو لم تحصل على اي مقعد ، لأنها ببساطة لم يكن لها مقاعد في البرلمان وخسرتها في هذه الأنتخابات ، وإن حصلت على مقعد، فسيكون على حساب الحركة الديمقراطية الآشورية او المجلس الشعبي ، لان الحزبان يحتكران المقاعد الخمسة للدورتين الأنتخابيتين السابقتين ، إن كان في برلمان العراق الأتحادي او في برلمان كوردستان .
هذا ما يفسر انزعاج الكيانين ( المجلس الشعبي والزوعا ) من الضيف الجديد او الوليد الطارئ على الساحة وهكذا بدأت الحملة الظالمة المنظمة ، ويبدو ذلك جلياً من كتابات وتعليقات الكتاب الذي يشتركون بهذه الحملة وهم المعروفين بموالاتهم  إما للمجلس الشعبي او الزوعا ، إن الصورة واضحة لا تنطلي على ذي نظر . وبتصوري ان الأخوة كتاب الزوعا اكثر تفوقاً بهذا المضمار فإنهم يحملون فكر اديولوجي إقصائي لكل من يخالفهم الرأي ويشنون عليه حملة شعواء ، على اعتبار انهم وحدهم يحتكرون الحقيقة وهم على صواب ومخالفيهم او المعترضين عليهم يدرجون في خانة مقسمي الشعب او الخونة او مفرقي الأمة الى آخره من المصطلحات التي يتسلح بها اي حزب اديولوجي شمولي إقصائي . ونحن على اطلاع دائم على زخم المقالات والتعليقات التي تحمل مختلف العناوين لكنها تحمل مضمون واحد وهو التسقيط السياسي بحق قائمة  البابليون ككيان او بحق المرشحين فيها .
ثمة تصورات تذهب الى ان هذه الأنتخابات ستتمخض عن مفاجئات ، على اعتبار ان الناخب اصبح اكثر وعياً لمصلحته وسوف يدير ظهره لمن اوكله سابقاً ولم يفي بوعوده ، وسوف يتوجه نحو الوجوه الجديدة ، وفي ما يخص الكوتا المسيحية فثمة دلائل قوية تشير الى انبثاق قوائم جديدة مسنودة من الكبار وتتسلح بإمكانيات مادية وإعلامية كبيرة، وهي منافسة ندية للقوائم التقليدية المحتكرة للكوتا ( الزوعا والمجلس الشعبي  ) ،  وبنظري ان الكوتا المسيحية في هذه المرة سوف لا تكون مقتصرة على الكيانين بل سيكون فيها شركاء انداد ، ولا يفصلنا من يوم الحسم في 30 نيسان سوى ثلاثة اسابيع سوف يقرر الناخب قراره الحاسم ، في ان يبقي نفس الوجوه او يختار وجوهاً ودماء جديدة
.
دولة العراق حبلى وهي مقبلة على الولادة وفي شهرها الأخير وقريباً يكون المخاض والولادة في 30 نيسان الجاري
 وفي الحقيقة لا يمكن التكهن بنوعية الوليد ، ووفق المعطيات المتوفرة لا يمكن توصيف الصورة النهاية للمرحلة المقبلة ما بعد الأنتخابات ، وإن كان لابد من اعطاء الجواب ، فباعتقادي المتواضع ان الكيانات الرئيسية ستبقى تحتل اماكنها للمرحلة السابقة ، وإن تكررت المعادلة او صورة مقاربة لها ، ستكون مسيرة عسيرة على المواطن العراقي ، إذ تبقى المشكلات عالقة ، وإن قرر الناخب عكس ذلك فبإمكانه تغيير الصورة بأن يضع الحصان امام العجلة وليس العكس .
د. حبيب تومي ، قائمة بابليون رقم 303 مرشح رقم 2 ـ القوش في 06 ـ 04 ـ 2014

42
قائمة بابليون المستقلة برئاسة الأخ ريان الكلداني المعبر الحقيقي عن طموحات شعبنا كيف ؟ولماذا ؟
بلقم : د. حبيب تومي / القوش
habeebtomi@yahoo.no
قبل بداية موسم المباريات في ماراثون الدعاية الأنتخابية ، يحاول كل فريق ان يعكس صورة مثالية عن وحرصه على مصالح الشعب بشكل عام وعن تفانيه بالذود عن عناوين انتمائه الحزبي او المذهبي او القروي او العشائري او القومي ...الخ وعن ابناء شعبنا في الكوتا المسيحية من الكلدان والسريان والآشوريين ، فإنهم ايضاً يسلكون نفس الطريق وليس عليهم اي عتب او نقد لأنه عمل مشروع ، لكن بشكل عام كان هناك نقد لاذع تناول الإداء السيئ  لمعظم او جميع اعضاء البرلمان في الدورتين السابقتين ، وهذا النقد اللاذع شمل نواب شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين في الدورتين السابقتين .
إن الراصد لإداء نواب شعبنا يلاحظ بجلاء تشرذمهم داخل اروقة البرلمان ، ولم يجسدو اي موقف موحد كممثلين للمكون الواحد ، وهو المكون المسيحي في البرلمان ، في حين نلاحظ الموقف الموحد ( رغم الأختلاف السياسي والمصلحي في المواقف لدى المكونات الأخرى ) لاسيما إن كانت ثمة قضية مصيرية تخص ذلك المكون ، والموقف الموحد للمكون الكوردي في القضايا المصيرية خير دليل على كلامنا ، فيجب ان يدرك ممثلي اطياف شعبنا المسيحي ، اننا مثل اختلاف التضاريس الجغرافية ، لايمكن لأحد مهما اوتي من قوة او نفوذ سياسي ان يزيل تلك التضاريس من الوجود ، فإقصاء الآخر ليست ارضية صالحة للتعامل بين ابناء شعبنا لا سيما القوى والأحزاب السياسية القومية التي تتمترس بالأفكار الأقصائية في نظرياتها .
الغريب انه رغم  الظلم والإرهاب والتشريد الذي يطالنا فإننا نبقى متفرقين منقسمين على انفسنا بعكس المكونات الأخرى التي توحد صفوفها حين وقوع الظلم عليها او في حالة سلب حقوقها ، ولذلك نحن المسيحيون نشكل حالة فريدة من نوعها ويمكن ان نشبهها بحالة القبج الكوردي الذي يكون سجين القفص ومع ذلك يبقى ( يتناقر) مع قرينه الآخر نزيل نفس القفص .
نأتي الى المهم في هذا المقال وهو قائمة البابليون التي يرأسها الأخ الشيخ ريان سالم الكلداني . إنها قائمة مستقلة غير مرتبطة بأي حزب سياسي فالقائمة ( البابليون ) تعتبر كيان مستقل ليست تابعة لحزب سياسي ولا ترتبط بأجندة سياسية ، وليس لها فكر اديولوجي تريد تمريره على المواطن بغية تحقيق هدف شمولي .
ان قائمة بابليون تقف على مسافة واحدة من جميع المكونات ، فمن ناحية يرتبط رئيسها بعلاقات طيبة مع المكون الشيعي من الشعب العراقي ، وثمة اعضاء مرشحين في القائمة يرتبطون بعلاقات طيبة مع المكون الكوردي ، وغيرهم يرتبطون بعلاقات طيبة مع المكون السني ، ووسط هذه العلاقات الطيبة مع تلك المكونات فإن القائمة تريد ان تكون المدافع الحقيقي لحقوق جميع المسيحيين دون تفرقة ، وإن كان بينهم من له حقوق مهضومة كحقوق الشعب الكلداني فإن القائمة ( البابليون) تقف الى جانب منح تلك الحقوق .
من هذا المنطلق فإن قائمة بابليون برئاسة الأخ ريان الكلداني ، والذي ليس ضمن المرشحين في قائمته ، وهذه حالة فريدة ، فرئيس القائمة يقف على مسافة واحدة بين مرشحي قائمته .
إننا ننظر الى احوال شعبنا المسيحي وما يجري من محاولات تغيير ديموغرافي  لمناطقنا ، كما ان نزيف الهجرة ينخر كيان وجود شعبنا المسيحي في وطنه العراقي ، إضافة الى مظاهر التفرقة الدينية التي يجري تمريرها في مختلف نواحي الحياة على المواطن المسيحي ، كل ذلك من اهدف قائمة البابليون ، مختصر مفيد ليس للقائمة اي اهداف سياسية ترمي الى تحقيقها ، إنها قائمة تريد ان تعبر عن الحياة اليومية للانسان المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين في وطنه وأن تخفف من همومه وقلقه اليومي في ظل الظروف الأمنية المتردية في المدن العراقية لا سيما مدينة بغداد العاصمة .
الأخ الشيخ ريان الكلداني الشاب المثابر مواطن عراقي مسيحي من القوش قوميته كلدانية ، يعمل بهمة وإخلاص وتفان لخدمة العراق اولاً وشعبه المسيحي دون تفرقة ثانياً ، إنه يقوم بزيارات ميدانية متبادلة مع مختلف الشخصيات العراقية الدينية والعشائرية والطلابية والشبابية .. الخ دون تعب او كلل ، ويحاول ما يستطيعه من الحصول على المساعدات للعوائل المتعففة ، كما يحاول ان يخفف من وطأة المظالم التي تطال ابناء شعبنا ، ووفق حدود امكانياته ومعارفه ، انه يعيش في عين العاصفة في قلب مدينة بغداد التي تعتبر اخطرعاصمة بالعالم .
إن قائمة (بابليون) تسعى لأن يكون لها علاقات طيبة مع كافة الأطراف ، لاسيما تنوع المكون المسيحي ، ورئيسها  يقوم بزيارات تفقدية للكنائس والأديرة ، ونأمل ان تكون هنالك علاقات طيبة مع مؤسسة البطريركية الكاثوليكية الكلدانية الموقرة  وجميع الكنائس الأخرى . هذا إضافة فتح قنوات اتصال مع الأحزاب السياسية لكل المكونات بما فيهم الأحزاب المسيحية . إننا نقف على مسافة واحدة من الجميع ونحترم الجميع ونطلب من الآخرين احترام وجهة نظرنا .
نحن في قائمة بابليون ليس لنا اجندة او طموحات سياسية او نفعية ، فانا شخصياً ، كاتب هذه السطور ، والمرشح الثاني في قائمة بابليون ، ليس لي اي طموح لتحقيق هدف سياسي او إشغال وظيفة حكومية ، وأنا شخصياً لست محتاجاً الى مادة فلدي ما يكفيني للعيش المحترم ، ولدي سكن مع عائلتي في مدينة اوسلو في النرويج ، كما لدي بيت عزيز على قلبي في القوش الحبيبة ، وأسعد لحظات حياتي هي تلك التي اعيشها في بيتي الجميل في القوش العزيزة على قلبي ، ولهذا اقول ان ترشيحي لمجلس النواب العراقي وأنا في هذه المرحلة العمرية هو  مكرس لخدمة شعبي وخدمة العراق ، فليس لي اهداف مادية او وظيفية شخصية لأنني لست محتاجاً لها البتة .

العراق دولة غنية بموارده الطبيعية والبشرية ، ولكن مع ذلك نجد العراق يقف في مؤخرة الدول الناهضة ، ومن المؤكد ان النخبة السياسية تتحمل المسؤولية الأولى ، وتأتي مسؤولية البرلمان في المقام الأول في إداء الحكومة ، باعتبار العراق دولة برلمانية .
وهموم العراقي كثيرة ومتشعبة ومعقدة ، فثمة مسألة العنف والإرهاب التي تخيم على مدن العراق الرئيسية وفي مقدمتها العاصمة بغداد ، وهنالك مسالة انعدام او رداءة الخدمات المقدمة للمواطن ، وانتشار البطالة والبطالة المقنعة ، وامامنا العلاقات المتازمة بشكل مستمر مع اقليم كوردستان ، وبعد ذلك هنالك العملية السياسية المتعثرة والأزمات السياسية المستمرة وبعد كل ذلك هنالك العلاقات المتوترة مع بعض المحافظات وانتعاش وتدخل الإسلام الأصولي في بعض مدن ومحافظات العراق غيرها من المشاكل العويصة ، كل تلك المشاكل تقع على عاتق البرلمان القادم ، فعلى الناخب ان يحسن الأختيار .
نحن في قائمة بابليون سوف نحاول إصلاح ذات البين بين كافة الأطراف ونكون واسطة خير لما نملكه من خبرة وتجارب واعتماداً على موقفنا المحايد بين كل الفرقاء ، إن حداثة قائمة البابليون واستقلاليتها ، وعدم ارتباطها بأي حزب سياسي او اديولوجية إقصائية لأي طرف يضعها في موقع قوة بين ابناء شعبنا المسيحي الذي ملّ من الخطب السياسية الرنانة المملوءة بالشعارت التي لا تغني ولا تشبع .
الناخب العراقي مطلوب منه ان يسجل حضوراً كثيفاً في مراكز الأقتراع لكي لا يترك الساحة مفتوحة للاحزاب الموجهة فتتكرر نفس الحالة . على الناخب ان يكون ذكياً ويستفيد من تجاربه السابقة ويتوجه نحو الوجوه الجديدة لتنشأ حالة سياسية صحيحة بعيدة عن التصورات الطائفية ، لقد آن الأوان ليقول العراقي كلمته ، وإن اللحظة الحاسمة ستكون يوم 30 نيسان الجاري ليقول الشعب كلمته الفاصلة لوضع اسس جديدة لتطور وبناء العراق .
د. حبيب تومي ـ القوش في 01 ـ 04 ـ 2014

43
مـاذا عـن مصـير الأقليـات فـي الدولـة الكورديـة المنتظـرة ؟
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
في شهر آذار من كل سنة تلبس مدن اقليم كوردستان حلتها الربيعية ، وفي مقدمتها اليوم تزهو وتتألق مدينة اربيل  كونها عاصمة السياحة العربية عام 2014 حيث الفعاليات الفنية والثقافية والفولكلورية  الجميلة ، وهذا يعكس صفحة التعايش والأستقرار والأمان في اقليم كوردستان ، وينبغي الإشارة الى ان ولادة ملا مصطفى البارزاني القائد المعاصر للثورة التحررية الكوردية هي في شهر آذار عام 1903 كما ان هذا الشهر اضافة الى حوادث مؤسفة تعرض لها الشعب الكوردي كضرب حلبجة بالغازات السامة وكذلك ايام من عمليات الأنفال السيئة الصيت قد ارتكبت جرائمها في آذار عام 1988 . وهنالك حوادث اخرى كان تاريخها شهر آذار الذي بقي ثابتاً لاستقبالها كذكرى سنوية كرمز للتحرر ولتجدد الحياة في عيد نورز الربيعي السنوي .
بعد هذه المقدمة نعود الى عنوان المقال . إذ لا ريب ان المسألة  لا تحتاج الى فطنة وبعد نظر سياسي ليجد المراقب امامه على أرض الواقع دولة كوردية قائمة ، لكنها غير معلنة ، وفي الحقيقة ، إن امر الدولة الكوردية بات مقبولاً ،  الى حد ما اليوم ، من اطراف عراقية وعربية وأقليمية ودولية . ويبدو ان القبول هو نتيجة منطقية امام حجم التضحيات والنضالات التي قدمها الشعب الكوردي خلال العقود الأخيرة من القرن الماضي .
من جانب آخر فإن حجم الملفات العالقة بين بغداد وأربيل تدفع على الأعتقاد ان مفهوم الدولة الكوردية لا يمكن ان يكون إلا خطوة استراتيجية قد حان أوان قطافها ، لاسيما إن اتسمت الخطوة الأستراتيجية باعتبارها خياراً مدروساً وستكون في صالح اقليم كوردستان وصالح العراق ، فالعراق الحديث اثبت انه ليس كالأتحاد السويسري الذي طبعت في مخيلة شعبه وفي قوانين حكومته ودستوره ثقافة التعدد والتنوع . فالدولة العراقية الحديثة غلبت عليها ، منذ التأسيس ، ثقافة التوجهات الأديولجية الشمولية ، فكل من يصل الى الحكم يكون هو على حق وعلى الآخرين الخضوع له ، كما ان عقلية الدولة المركزية الصارمة مسيطرة على العراق ، ولا يمكن تصور العراق بدون حكم مركزي ، وثمة هاجس شائع بأن العراق آيل نحو السقوط والأنفكاك في ظل فقدان او ضعف الحكم المركزي ، اي ان العراق لكي تبقى وحدته قائمة هو بحاجة دائماً الى عصا غليظة .
 وبموجب هذه المعطيات وطغيان تلك الثقافة يلوح في الأفق عدم تماسك العراق ، فالقضايا المعلقة بين الأقليم والمركز كثيرة ، وهي في تفريخ وازدياد ، كان آخرها مشكلة  موازنة الدولة ، ومسألة رواتب موظفي اقليم كوردستان ، حيث ان المشكلة طفرت من جانبها الحكومي الى طابعها الشعبي ، فهناك الآلاف في اقليم كوردستان  لم يستلموا رواتبهم .
وتيرة الأزمات بين المركز والأقليم بين مد وجزر ، وغالباً ما يصار الى ترديد شعار تقرير المصير مع كل ازمة ، وفي الحقيقة ان تقرير المصير هو حق طبيعي للشعب الكوردي الذي نادى وكافح لعقود طويلة ، وليس منوطاً بطبيعة العلاقات بين الأقليم والمركز .
في هذا السياق نشرت جريدة الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 14 / 03 / 2014  حيث ورد ان الرئيس مسعود بارزاني، يعتزم إعلان استقلال الإقليم بعد سنتين. وكانت وكالة «باسنيوز» الكردية نقلت عن شخصية لم تسمها حضرت لقاء مع نوشيروان مصطفى في المقر الرئيسي لحركة التغيير بالسليمانية أنهم خلال اللقاء تحدثوا عن موضوع الدولة الكردية المستقلة، فأبلغهم مصطفى بأن بارزاني ينوي إعلان الدولة المستقلة بعد سنتين من الآن وأنه بصدد الإعداد لذلك حاليا. وفي اتصال لـ«الشرق الأوسط» مع أحد المشاركين في الاجتماع أكد أن موضوع الدولة الكردية «نوقش كاحتمال». وأضاف المصدر، طالبا عدم نشر اسمه، أن حركة التغيير «ستدعم إعلان الدولة إذا جرى التحضير لها جيدا وفي حال تهيئة الأرضية الاقتصادية والمؤسساتية اللازمة لها وما إذا كان مشروع الدولة سيتحقق عبر الحرب أو بدعم إقليمي».
وعليه ينبغي بحث كيفية تحقيق هذا الحق ( حق تقرير المصير) ، والأفضل ان يصار الى تحقيقه بالطريق الدستوري ، بحيث يجري استفتاء الشعب الكوردي وبأسلوب ديمقراطي وبإشراف دولي ، وبرضى وقبول من الحكومة الأتحادية والشعب العراقي عموماً ، بحيث ان الأنفصال لا يعني إنشاء دولة معادية ، بل يعني إنشاء دولة لشعب صديق اختار ان يعيش حياته ويكون اقرب جيرانه وأصدقاءه في العراق .
 ويكون العراق اول المعترفين بجمهورية كوردستان ، وبهذا سنكون قد وضعنا ركائز متينة للعلاقات المستقبلية بين  العراق والدولة الناشئة على اسس دستورية ، وثانياً سوف لا تبقى هذه الجمهورية حبيسة اعتراف دولة او دولتين كما حصل حين انفصال قبرص التركية عن قبرص حيث لم يعترف بها سوى تركيا التي صنعتها . وفي الحقيقة ان الطريقة الوحيدة في الوقت الحاضر هو نشوء الدولة الكوردية على الأسس التي نشأت عليها دولة جنوب السودان .
حينما نتكلم عن التجربة السودانية لا يعني اننا قد وضعنا حدا لما ينجم بعد الأستقلال ، فالشيطان يكمن في التفاصيل والتفسيرات كما يقال وكل فريق يفسر المواد المتفق عليها وفق رؤيته .
هنالك متعلقات متراكمة خلال السنين السابقة بين الطرفين ، الأقليم والمركز ومنذ سقوط النظام في نيسان 2003 فإن كان هنالك اتفاق على حدود الأقليم ، لكن هنالك المناطق المتنازع عليها وفي المقدمة تأتي مدينة كركوك ، كيف يصار الى حل تلك المشاكل ؟ هل يؤخذ مبدأ الأستفتاء وأخذ رأي المواطن في تلك المناطق ؟ كأن يكون السؤال للمواطن في المناطق المتنازع عليها :
هل تفضل الأنتماء الى جمهورية كوردستان الوليدة ام تفضل البقاء مع العراق الأتحادي ؟
((( وهنا سؤال يفرض نفسه بقوة وهو : ماذا لو صوّت المواطن في المناطق المتنازع عليها ، بأنه يريد الأستقلال وليس له رغبة في الأنتماء الى جمهورية كوردستان الوليدة ولا الى جمهورية العراق الأتحادي ، إنه يريد الأستقلال في ارضه ))) .
هل بحثت هذه الفرضية بين اصحاب القرار ؟ لا سيما بأن ثمة مساحة كافية من الحرية ليبدي المواطن برغبته ، كما سيكون هنالك اطرافاً دولية تراقب عملية الأستفتاء .
لا يوجد في الأفق اي علائم تشير الى تطبيق المادة 140 الواردة في الدستور العراقي في المستقبل المنظور ، وإن استقلت كوردستان حينئذ يصار الى الأحتكام الدولي باللجوء الى منظمات الأمم المتحدة التي لها خبرة وتجربة في وضع الحلول لقضايا مماثلة في مختلف مناطق العالم ، ولكن هذا الأحتكام ينبغي ان يُتفق عليه قبل اي خطوة لكي لا تكون محل نزاعات وعنف دموي .
الدولة الكوردية المنتظرة ستبنى على ارضية الحكم في اقليم كوردستان حالياً الذي يتمتع بمساحة جيدة من الديمقراطية فهنالك اكثر من خمس احزاب متواجدة في برلمان الأقليم بالأضافة الى المقاعد الممنوحة للاقليات الدينية والقومية في برلمان الأقليم ، اي ان الديمقراطية سوف لا تكون حالة جديدة في الدولة المنتظرة .
هنا يتبادر الى الذهن بعض الأسئلة حول مستقبل الأقليات الدينية في الأقليم وفي المناطق المتنازع عليها لا سيما المكون المسيحي ، حيث انه بعد موجة الإرهاب التي طالت هذا المكون في المدن العراقية ، وجد الملاذ الآمن في اقليم كوردستان او في المناطق المتنازع عليها ،ويتكون اكثريته من الكلدان ، وهؤلاء مهمشون كلياً لا يجد من يدافع عنهم سياسياً وقومياً حتى كنيستهم الكلدانية تخلت عن مسؤوليتها القومية والسياسية عن شعبها على اعتبار ان الكنيسة لا تتدخل بالسياسة ، فبقي هذا الشعب (الشعب الكلداني ) كأنه مقطوع من شجرة لا يوجد من يدافع عنه ، واصبحت حقوقه محصورة في حق ممارسة الشعائر الدينية ، ولا شئ عن حقوقه القومية والوطنية السياسية .
ـ في حالة تأسيس الدولة الكوردية هل سيبقى التعامل مع الشعب الكلداني كتابع للأحزاب الآشورية المتنفذة كما هو حاصل حالياً في اقليم كوردستان ام سيكون التعامل معه بشكل مستقل كما هي الحالة مع التركمان والأرمن والاشوريين ، ام ستبقى وصاية الأحزاب الأخرى غير الكلدانية  قائمة ؟ وهذا ينطبق على الأخوة السريان ايضاً ، حيث مصيرهم غامض كمصير الكلدانيين .
ـ وسؤال آخر يفرض نفسه : كيف سيذكر اسم القومية الكلدانيــــــــــــة في دستور الدولة الكوردية المنتظرة ، هل سيكون مذكوراً بوضوح واحترام كما هو في الدستور العراقي ؟ ام يبقى ذكره غامضاً ومشوها  وغير منطقي كما هو مذكور حالياً في مسودة الدستور الكوردستاني ؟
ثمة امور كثيرة تخص الموضوع لكن اختم المقال لنعود اليه بمناسبات قادمة
.
د. حبيب تومي / اوسلو في 22 / 03 / 2014

44
لمن امنح صوتي الثمين في الأنتخابات القادمة ؟
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
في الأنتخابات السابقة في شباط او آذار 2010 لم يتوفر مركز انتخابي في النرويج ، وهكذا اضطررنا نحن المشدوهين بحب السياسة ان نقطع حدود دولة اخرى وهي ، السويد ، للإدلاء بأصواتنا ، لقد اتفقت مع احد الأصدقاء للذهاب من اوسلو الى مدينة يوتوبري في السويد التي تبعد 350 كم اي قطعنا 700 ذهاباً وأياباً يوم الأنتخابات . كان امامنا خياران ، إما ان نركب في باص مؤجر من قبل الحركة الديمقراطية الآشورية ، وفي الحقيقة عرضوا علينا الفكرة دون ان ندفع اجور السفر ، والأختيار الثاني كان الباص التابع لمنظمة الحزب الشيوعي ، وعلينا دفع اجور السفر ، فهنا لا يوجد صداقة بل ( كلمن قهوتو من كيسو ) ، المهم ركبنا انا وصديقي الباص المؤجر من قبل منظمة الحزب الشيوعي في اوسلو ، وكان الجو بارداً جداً وبقينا واقفين ساعات ننتظر الى ان دخلنا المركز الأنتخابي ومنحت صوتي الثمين للسيد ضياء بطرس حيث كنت قد وعدته بأن  امنح له صوتي في الأنتخابات ووفيت بوعدي ، فوعد الحر دين عليه كما يقال ، بعد تلك المعاناة اليس صوتي ثمين ؟
اجل ان صوت اي مواطن عراقي ثمين لانه عن طريق صناديق الأقتراع يستطيع ان يغير المعادلة السياسية في العراق ، يقول جون لوك ، إن الشعب لا يحكم بل يقوم بتفويض الأشخاص الذين يأتمنهم ويعهد اليهم بمهمة تحقيق السلم والأمن من خلال النظام الديمقراطي ، اي الشعب ينتخب البرلمان ، ومن البرلمان وحسب قوة الكتل السياسية فيه يصار الى اختيار رئيس الحكومة الذي بدوره يتشاور مع القوى السياسية لتشكيل حكومة تخدم الشعب ، وعادة ما يكون الصراع السياسي محصوراً بين قوى يسارية وأخرى محافظة وتكون هنالك قوى وسط ، ولكن الخلل عندنا حدث حينما بنيت المعادلة السياسية على اسس طائفية .
لقد جرى تسويق شعب العراق على انه عبارة عن طوائف دينية ومذهبية وعرقية وكل طائفة لها حصة في الكعكة حسب اصواتها وثقلها السياسي ، ومن ليس له ثقل سياسي او لم ينظم نفسه في حزب سياسي فعال ، فليس له حصة في الوليمة وعلى هذا الأساس خرج شعبنا الكلداني من المعادلة السياسية في العراق الأتحادي وفي اقليم كوردستان إذ خرج من المولد بلا حمص .
 لم يثبت البرلمان العراقي ، ولا الحكومة المنبثقة منه ، وخلال دورتين انتخابيتين لم يثبتا الجدارة ، فالمشاكل لا زالت تعصف بالعراق من كل جانب ، إن كان على نطاق الأرهاب الذي يصول ويجول في المدن العراقية ، وإن كان في عمليات الفساد المستشرية ، او في تعثر العملية السياسية وتوالي الأزمات دون ان توضع لها حلول جذرية ، هذا بالإضافة الى توتر العلاقات مع اقليم كوردستان . امام هذه الأوضاع المتأزمة على مختلف المستويات تيقن الناخب العراقي انه قد اخطأ في الأختيار ، وإن كان اكتشافه قد جاء متأخراً فإنه افضل من لا يأتي ابداً ، والمسالة ، لا تنتهي حين اكتشاف الخطأ ، فتشخيص الطبيب للداء ليس كافياً ما لم يعالجه بالدواء المطلوب للحالة .
 اليوم في الحالة المرضية العراقية قد تم تشخيصها من قبل الشعب العراقي ، وتبقى المعضلة كيف يستطيع الشعب وضع علاج شاف لهذه الحالة المستعصية ، جميعاً نحث الناخب العراقي ان لا يمنح صوته الثمين للفاسدين واللصوص والمجرمين ، لكن تبقى مشكلة امام الناخب كيف يستطيع التمييز بين المرشح المخلص والآخر الفاسد ، هل له جهاز فلتر لا يدخل فيه الفاسدون ؟ في المطارات نولج جهاز الفحص ، وإن كنا نحمل اي قطعة معدنية فإن الجهاز يؤشر بضوء احمر ، ولكن في معادلتنا تختلف القضية ، فإنه يأتي متلبساً بشعارت جميلة براقة ووعود ما بعدها وعود ، وفي النهاية يدير المرشح ظهره للناخب حال فوزه في الأنتخابات .
إذن هنا يجب ان يكون الناخب العراقي ( مفتح باللبن) لكي يستطيع مقارعة هؤلاء ، هنالك تجربة حية امامه ، ولابد انه يختار جماعة من منطقته او يكون على معرفة تامة بهم وبحقيقتهم وتاريخهم ، لابد ان تتوفر لديه معلومات عن خلفيتهم الأجتماعية والسياسية ، فعلى الناخب ان يكون يقظاً وحذراً .
 في المقدمة يتحتم ، على الناخب ( غير الملتزم الحزبي) ان يساهم بالحضور والإدلاء بصوته ، وإن غيابه سيخلي الساحة للناخبين الحزبيين الملتزمين بأجندة احزابهم ، وبغيابه ستخلو الساحة للؤدلجين حزبياً ، اما حضوره والمساهمة الفعالة من قبل المستقلين ( اي الأغلبية الصامتة ) في الأنتخابات سيأخذ مساحة كبيرة ، وبذلك يستطيع ان يخرج العراق من قعر الهاوية ، ويصل به الى القمة ليلتحق بالركب الحضاري ، ويعيد امجاده التاريخية كمهد للحضارات .
النائب المسيحي في البرلمان العراقي
احترامي الشخصي لأعضاء البرلمان العراقي من المكون المسيحي ، وسوف لا اقول من الكلدان والسريان والآشوريين ، لأنهم يمثلون المكون المسيحي فحسب ، لكن اثيرت الكثير من الأقاويل حول خلافاتهم وانقسامهم داخل قبة البرلمان حول مختلف القضايا ، فلم يسجلوا يوماً موقفاً قومياً نشير اليه بالبنان ، فالأكراد رغم وجود بينهم خلافات سياسية ومصلحية لكن حينما تأتي المصلحة القومية يتحدون مع بعضهم لمصلحة كوردستان ، وهذا ينطبق على المكون الشيعي ومكونات عراقية أخرى .
قبل يوم قرأنا على موقع عنكاوا مواقف مثيرة مثلاً وقوف وزير مسيحي الى جانب تشريع قانون الأحوال الشخصية الجعفري ، في حين ان وزراء شيعة عارضوه ، وانا لست مع او ضد التوقيع ، لكن على المسيحي يجب ان يسجل موقف ، وكذلك قرأنا عن نواب من شعبنا قاطعوا جلسات المؤتمر حول الميزانية تضامناً مع القوائم او القائمة التي قاطعته .
في الحقيقة نحن المسيحيون في العراق من الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن ، نعاني في الوقت الحاضر من مشكلة مستعصية وهي الهبوط الكبير في اعداد المسيحيين في المدن العراقية  ، لكن نعوض هذا النقص في العدد بما يمكن ان نطلق عليه بالنوعية ، فلنا شخصيتنا وثقافتنا ولغتنا ومكانتنا في المجتمع ، ولنا دورنا المميز في شتى مجالات الحياة الأجتماعية والأقتصادية والثقافية والسياسية , واعتقد افضل مكان نبرز وجودنا وشخصيتنا هي ساحة البرلمان العراقي .
ما بقي عالقاً بالذاكرة هو الموقف النائب الأيزيدي ( لا يحضرني اسمه ) قبل سنين في البرلمان العراقي ، وكان ذلك عبر مقال قرأته للكتاب السعودي عبدالرحمن الراشد ، حيث افاد ان السيد ابراهيم الجعفري واعتقد كان رئيس وزراء العراق وقتئذِ ، ابتدأ كلامه بقوله : بسم الله الرحمن الرحمن عودة من الشيطان الرجيم ، وهنا وقف له النائب الأزيدي قائلاً : هنا مبنى البرلمان وليس  مسجداً للصلاة .
 لقد تكلمت عن هذا الأعتراض الشجاع في وسائل الأعلام الى درجة ان الكاتب السعودي الكبير عبد الرحمن الراشد كتب مقالاً حول الموضوع في جريدة الشرق الأوسط اللندية . هذا يسمى تسجيل موقف شجاع وجرئ ، حتى وإن لم يثمر نتائج .
نتمى في الدورة القادمة ان يكون لأعضاء برلماننا من الكوتا المسيحية ان يكونوا متوحدين ومخلصين للشعب الذي وثق بهم وإن يسجلوا مواقف مستقلة ومشهودة ، فالذيلية تفيدهم شخصياً وتفيد عوائلهم وربما أحزابهم ، ولكنها تخذل الشعب الذي وثق بهم وأرسلهم الى مبنى البرلمان ليخدموه ، ولكي يكونوا امناء ومخلصين له  .
د. حبيب تومي اوسلو في 17 / 03 / 2014


45
هل يصبح العراق واحة تعايش بين العرب والأكراد والسنة والشيعة والكلدان و.. بعد الأنتخابات ؟
بقلم : د. حبيب تومي ـ اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
مصادفة ان يكون مائة عام قد مضى على رسم حدود وخرائط المنطقة وقيام كيانات سياسية على انقاض الأمبراطورية العثمانية حيث كانت بداية الحرب العالمية الأولى سنة 1914 بمثابة المسمار الأخير في نعش الأمبراطورية العثمانية  ، فهذه الأمبراطورية المترامية الأطراف كانت تضم الكثير من المجموعات الدينية والأثنية والعرقية : الفرس والعرب والقوقاز والبلقان والكلدان والأكراد والأرمن .. وبعد انهيارها خيّم التداعي والأنقسام في الأرض والهوية والجذور العرقية والثقافية .. وجزء من ذلك المخاض كان ولادة الدولة العراقية الحديثة في سنة 1921 والتي تكونت من ثلاث ولايات : بغداد والموصل والبصرة ، وكانت هذه الولايات سابقاً تابعة بشكل مستقل للباب العالي في استنبول ، فكان تأسيس دولة العراق منذ بدايته مبنياً على منظومة من التناقضات ، لكن إرادة الكبار شاءت ان تكون بتلك الصورة فكانت كما ارادوا .
في كتاب " فيصل الأول.. أفضل زعيم في تاريخ العراق الحديث " من تأليف على العلاوي قدمه امير طاهري في جريدة الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 26 ـ 02 ـ 2014 ، ورد فيه ان البريطانيين ارادوا في البداية إقامة دولتين في العراق واحدة في الشمال يحكمها (زيد ) وأخرى في الجنوب  يحكمها (عبدالله ) وهما من ابناء حسين بن علي الهاشمي، شريف مكة.
 بعد ذلك كان الراي بتحويل العراق الى جمهورية لكن إصرار ونستون تشرشل وزير المستعمرات على بقاء العراق دولة ملكية كان الأرجح ، وبعد ذلك وقع الأختيار على الملك فيصل  ليصار تسويقه ملكاً للعراق ، ولا يتسع المجال في الإسهاب بهذا الشأن .والغاية هنا ايراد ما قاله فيصل الأول في بداية التأسيس ، وسوف نقتبس من كتاب على علاوي يقول :
((( مرة كتب الملك فيصل قائلا «رحل الأتراك وأصبحنا الآن مثل الأيتام، فليس لدينا حكومة أو جيش أو نظام تعليمي. وعلاوة على ذلك، لا يتفهم السواد الأعظم من شعبنا مسألة حب الوطن أو الحرية أو معنى الاستقلال». ويضيف :
كتب الملك فيصل ليقول إن العراق «تفتقد للأمور الأساسية للوحدة الاجتماعية المتماسكة، وتحديدا وجود الشعب المتحد من خلال السمات العرقية المشتركة ومجموعة المعتقدات والديانة». ويختم قوله :
وكتب أيضا «يتمثل اعتقادي في عدم وجود شعب عراقي. لا يوجد سوى جماعات كثيرة متنوعة ليس لديها عاطفة وطنية. ولدى تلك الجماعات شعور قوي وأحاسيس بالخرافات والعادات الدينية المغلوطة. ولا توجد أسس وقواسم مشتركة فيما بينها))) .
ويرى علاوي سخافة هذه الرؤية ، ولكن اثبتت الوقائع التاريخية  ان رأي الملك فيصل اتسم بالواقعية لما كان عليه المجتمع العراقي وقتذاك والى اليوم .
المتابع للوقائع في العراق بعد الحرب العالمية الأولى وتكوين الدولة العراقية الى 2003 من حكم العراق ، سيصادف حكم ثلاثة ملوك وخمسة رؤساء جمهورية ، لكن يمكن تقسيم هذه المدة الى مرحلتين : ملكية وجمهوية ، في المرحلة الملكية كان الملك فيصل الأول ابرز ملوكها ، خطا خطوات مهمة لتفعيل مكونات المجتمع العراقي في العملية السياسية ، رغم خلفيته السنية ، ، فأدخل اتباع الديانات الأخرى غير المسلمة في التركيبة الحكومية من يهود وكلدان وسريان وسعى الى مزيد من الحقوق للاكراد والشيعة وعموماً حاول بالأتفاق مع الأنكليز تثبيت اقدام دولة برلمانية عراقية ، شبيهة بالملكية البرلمانية البريطانية وعلى نمط الحكم في الهند والتي ما زالت تمثل تجربة فذة في الحكم الديمقراطي  في العالم الثالث .
في العصر الجمهوري والذي بدأ بسقوط الملكية في تموز 1958 كان بمثابة انتهاء الأستقرار والهدوء وبداية عصر الأنقلابات وانتشار مظاهر العنف ، في البداية كان هنالك تأييد شعبي جارف لمولد الجمهورية ، لكن بعد تبخر السكرة واستقرار الفكرة تبين ان النظام الجمهوري عمل على تكريس الحكم الدكتاتوري متسربلاً بشعارات ثورية قومية ، ولم نجني من ذلك سوى الحروب الداخلية والخارجية .
بعد نيسان 2003
بسقوط النظام عام 2003 استبشرنا خيراً من ان العراق سيتحول الى اليابان في مجال الصناعة والتكنولوجيا، والى سويسرا في الحكم الديمقراطي وسيكون واحة خضراء تنتعش في ظلالها كل المكونات على قدم المساواة .  لكن ظهر ان مفعول خطاب الملك فيصل الأول بقي سارياً لحد الساعة ، والعراق لم ينفك من عقدة هيمنة احد الطراف على مقاليد الأمور وعقدة تسيده وسيطرته على الآخرين . فخيم ظلام الفوضى  وهيمنت روح الأنتقام من رجال الماضي ، فتبلورت مظاهر العداء بين السنة والشيعة ، وتمخضت عن عمليات القتل المفتوحة عبر شتى صنوف الأنفجارات والقتل في المناطق المزدحمة بالسنة وبعد ذلك المناطق المزدحمة بالشيعة ، وفي حالات اخرى قيام المتطرفين من السنة والشيعة بالأنتقام من اصحاب الأديان الأخرى غير المسلمة لحملها على الهجرة ، وهكذا اصبح العراق مرشحاً لكي يصبح فارغاً من المسيحيين والمندائيين والأيزيدية في في المستقبل المنظور .
ثمة حالات فريدة في العراق ، وربما في ما يعرف بالوطن العربي برمته . لقد كان هنالك مشاعر قومية عربية حماسية وكان هذا الاندفاع القومي يعطي نوع من الشرعية بالتفوق على الآخرين غير العرب ، بل ابعد من ذلك يذهبون الى نكران وجود غير العرب ، فلا مكان لغير العرب في ما يطلق عليه بالوطن العربي ونجم عن هذا التصور غياب المشاعر القومية بالروح الأنسانية التعايشية مع القوميات الأخرى غدت محملة بالأفكار الفاشية الأقصائية بحق الآخرين ، ونتج عن ذلك الويلات الكثيرة التي نجمت عن الصراع العربي الكوردي ثم كان في وقع الظلم في العهد السابق على الشيعة ، واليوم انعكست الآية ليشمل الظلم السنة  .
بعد سقوط النظام في 2003 وتثبيت مفهوم العراق الأتحادي في الدستور والأعتراف بأقليم كوردستان ، اقليماً يحمل الكثير من الأستقلالية في ظل الدولة العراقية ، إلا ان تفاصيل كثيرة بقيت معلقة بين بغداد وأربيل لتظل حجر عثرة في طريق المسيرة السياسية العراقية .
ومن الأسباب التي جعلت العراق يراوح مكانه ، هو العملية السياسية الفاشلة المبنية على اساس طائفي ، ومهما حاولنا تجميل الصراع المحتدم حالياً ، إن كان بين الأقليم والعراق الأتحادي او بين السلطة النفيذية الممثلة بالحكومة والسلطة التشريعية الممثلة بالبرلمان ، وكذلك الصراع الدائر في بعض المحافظات  وفي مقدمتها محافظة الأنبار ، كل هذه الصرعات التي نعطيها مختلف الأسماء السياسية والحزبية والكتلية والشخصية ، فهي في نهاية المطاف صراعات طائفية ، إن كان لها جذور قومية كما هي بين العرب والأكراد ، او كان لها جذور مذهبية كما هي بين السنة والشيعة .
المواطن العراقي الذي نقول عنه انه ، مفتح باللبن ، للاشارة الى نباهته ، فقد تبين ان اختياره لدروتين انتخابيتين قد اخطأ في الأختيار والتقدير ، واليوم المواطن العراقي مقبل على خوض نفس التجربة الأنتخابية . فهل سوف يقع بنفس المطب ، ام انه سيحسن الأختيار ...؟
العالم اليوم قرية صغيرة والأستفادة من تجارب الآخرين ليس عيباً ، فالعرب يأخذون كل شئ من الغرب من ابرة الخياطة الى الدبابة والطيارة ، وهم لا يفكرون بالمخترعات ، فلهم قول مأثور يؤمنون يقول :
لا تفكر فلها مدبر ، فلماذأ يستنكفون من الأستفادة من ديمقراطية الغرب ؟
ثمة دول قطعت اشواطاً مهمة في مضمار التقدم الحضاري ، ولم يكن لها الثروات والقدرات المادية والثروات الطبيعية التي تملكها الدول العربية ، والعراق بشكل خاص ، وقد يكون من المفيد التطرق الى تجربة سويسرا حيث اتسم مجتمعها بالتعدد والتنوع اللغوي والأثني ، ولكن الفرق بينها وبين العراق انها عرفت اصول الحكم في الدول التعددية وذلك بدخولها في صيغة اتحادية ناجحة ، فتعاملت مع مكوناتها بالعدل والأنصاف ، بدل اسلوب النزاعات والصراعات والغالب والمغلوب ، وإن كان العراق فيه اقليم واحد فإن سويسرا تتكون من 26 اقليماً ( كاتونات) ، وتتكلم اربع لغات وهي الألمانية والفرنسية والإيطالية والرومانيش ، وتعاملت سويسرا مع هذه المكونات بالعدل والإنصاف رغم ان المتكلمين بالألمانية يشكلون اكثر نصف عدد السكان ، ولكن شعوب هذه الدولة تعتز بهويتها الوطنية المشتركة بالدرجة الأولى .
لقد فشل العراق في التعامل العادل مع المكونات ، فهيمنت الفكرة الأستبدادية المركزية للدولة ، واستخدمت الجانب الأمني لفرض (هيبة) الدولة واعتبر منح اي حقوق للادارة الذاتية في الأقليم او المحافظات وكأنه يعني الأنتقاص من سيادة الدولة العراقية  .
الواقع العراقي اليوم يمر بأزمة سياسية ، وتسود شوارع كثير من مدنه عمليات إرهابية ، وأخرى طائفية ، إن كان ضد السنة او الشيعة ، وعلاقات متوترة مع اقليم كوردستان ، وثمة عمليات كر وفر عسكرية مع المجموعات الإرهابية في الأنبار وبعض المدن الأخرى ، ناهيك عن حالة الأقليات الدينية كالمسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين واالمندائيين والإزيدية ، ولا نستطيع هنا التحدث عن الحقوق القومية والسياسية ، فالعراق ليس سويسرا ، حيث المواطن له حقوقه ، بينما في العراق من يتظاهر ويناضل ويرفع صوته ويحمل السلاح له حقوق ، اما في غير ذلك فليس حقوق ولا هم يحزنون .
فالشعب الكلداني من المكونات العراقية الأصيلة ، لكن هُضمت حقوقه في العراق الأتحادي وأقليم كوردستان على السواء ، لأنه لا يرفع صوته ، لقد كانت له حقوق كاملة في العهد الملكي الذي تميز بالتعامل العادل مع كل المكونات ، لكن بعد 2003 مسحت ورقة الشعب الكلداني وقد برر   السيد بريمر الحاكم الأمريكي ذلك بأن الكلدان ليسوا فعالين بما فيه الكفاية لذلك ينبغي نفيهم خارج العملية السياسية  ، ولم يعد له ( الشعب الكلداني ) اي ذكر في المحافل السياسية والقومية بل اصبح من الممنوعات ترديد اسم الشعب الكلداني والقومية الكلدانية واللغة الكلدانية  ،
فكان عزلهم عن الدور السياسي الوطني الذي لعبوه في تاريخ العراق القديم والحديث ، ونحن نتطلع الى الأنتخابات القادمة لعل الشعب الكلداني ينجح في ايصال ممثليته الحقيقيين الذي يفتخرون باسمه الكلداني وبتاريخه ، كما نتأمل في الأنتخابات القادمة ان توضع اسس جديدة لخدمة العراق وللهوية العراقية التي تشمل جميع المكونات العراقية وفي المقدمة الشعب الكلداني الأصيل .

د. حبيب تومي / اوسلو في 10 / 03 / 2014

46
الى الأخوة في إدارة موقع عنكاوا المحترمون
تحية ومحبة
كتب السيد  ilbron خبراً في اخبار شعبنا تحت عنوان :
الكلدانيون في العراق يتشبثون بالوطن والعيش المشترك
ولكن رأينا ان الأسطر الأتية بالحروف اللاتينية اقحمت في الخبر ، ما هذا الخلط في الأوراق ايها الأخوة في إدارة موقع عنكاوا ؟
تحياتي
حبيب 


kha Amma khda Omta  shmsha le atya al shyapa Omtan pesha shmshanta  khaya Omtan Ashureta

ha Amo hddo Omtho  i shmsho lekotyo lslogo i Omtheydan kol naqla ked feysho mbahronitho tihe li Omteydan Ashureyto

         Mota al kol sanyane o saqoblaye d Omtan Ashureta               

                            Tihe al Omtan Ashureta
                         Tihe li Omteydan Ashureyto

47
الرابطة الكلدانية خطوة مباركة في الأتجاه الصحيح .. كيف ؟ ولماذا ؟
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
كل ولادة يعتريها المعاناة والمخاض ، وإن كان اليوم باستطاعة العلم التكهن بجنس الوليد ذكر ام انثى ، لكنه لا يستطيع التنبؤ بمستقبل هذا الوليد هل يكون صالحاً ام شريراً، عالماً ام غبياً ..الخ هكذا كل وليد يراد به غايات نبيلة ، وفي عالم الأجتماع والسياسية والأقتصاد والفن .. يراد بالكيان الوليد غايات مجتمعية او سياسية ، وفي موضوعنا الرابطة الكلدانية تعتبر غاية وهدف يراد به خدمة المجتمع في سياقات ومجالات معينة ، لا سيما وإن مبادرة التأسيس نابعة من البطريركية الكلدانية المعنية بمصير الشعب الكلداني في العراق والعالم .
إن العاصفة الهوجاء التي عصفت بالعراق ، طال الشعب الكلداني قدر كبير منها ، فكانت هجرتهم وتشتتهم في ارجاء المعمورة ، وكانت هذه الهجرة التي شملت نسبة كبيرة من المسيحيين  ، لاسيما بعد سقوط النظام عام 2003 كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير ، حيث دقت نواقيس الخطر ، واعلن عن انباء ان العراق في طريقه الى التخلص من مسيحييه ، واعلنت نسبة مخيفة عن هذه الهجرة وعن عدد العوائل التي تهاجر يومياً ، وكان البطريرك الكلداني اكثرهم خوفاً وتوجساً من هذا الخطر المحيق بشعبه ، وفي الآونة الأخيرة عقدت ندوة في بغداد عن تحديات الهجرة ، وقال فيها غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى : ترك البلاد بمثابة بيع الهوية وخيانة للوطن .. وأضاف :
وأعتبر البطريرك ساكو ظاهرة ترك المسيحيين لبلدهم والهجرة نحو المجهول "بألاستئصال عن الجذور والتقاليد الموروثة من حضارة بلاد الرافدين وشكل من أشكال الموت لمن يجهل طبيعة المجتمعات والعقلية الغربية ويجد صعوبة في التأقلم مع اللغة والاعراف المختلفة عن ثقافتنا ولغتنا ومبادئنا". ولكن مع ذلك يضيف غبطته :
رغم أن مستقبل المسيحية والكنيسة الكلدانية يكمن في العراق حيث اللغة والتراث والطقس وليس في بلاد الانتشار ، أكد البطريرك ساكو أن حضورنا لا يخضع للعدد سواء كنا أقلية أو أكثرية  بقدر ما هو مرهون بالتزامنا المعطاء وتأثيرنا في المجتمع العراقي.
وكلمته حسب الرابط :
http://splashurl.com/l287qdf
ومهما كان فإنه لا بد من مراعاة الأمر الواقع ، فإن المسيحيين بشكل عام والكلدان بشكل خاص اليوم نلقاهم منتشرين في بلدان المهجر ، والأسباب متعددة ولكن النتيجة واحدة ، ، ولهذا ينبغي ايجاد آصرة تربط هذا المكون وتجعله قوماً واحداً إن كان في وطنه او في حله وترحاله ، وهذه الآصرة هي القومية التي تربط هذا المكون وتمنعه من التشتت ونسيان الهوية . إن فكرة تأسيس الرابطة الكلدانية تعتبر حلقة مهمة في تلك السلسة التي تشكل مقومات القوم الواحد . ومن قراءة اوليات تأسيس الرابطة الكلدانية نقرأ ان :
حشد طاقات الكلدان في الداخل والخارج وتعزيز العلاقات داخل البيت الكلداني.
كما نقرأ
الرابطة ليست جبهة منغلقة ضد أحد، بل منفتحة على الكل.  هدفها  مدني وانساني ومسيحي وكلداني،  تسعى لخدمة الكلدان والمسيحيين والدفاع عنهم بأسلوب حضاري هادئ  وتمد  الجسور بين العراقيين في سبيل عيش مشترك متناغم  وتسعى لنشر تراثنا المشرقي وتأوينه وتفعيله .
كما ورد ان :
الرابطة عالمية لا تقتصر على بلد معين أو جماعة محددة، لكنها تتشكل أساسًا من النخبة الفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية .
وورد ايضاً :
العمل على الحفاظ والدفاع عن حقوق الكلدان والمسيحيين الاجتماعية والثقافية والسياسية وتشكيل قوة ضغط لاستمرار وجودهم في البلد الأم بطريقة متساوية راجع الرابط :
http://splashurl.com/klhhzwv
والرابط :
http://splashurl.com/mo4ynyh
إن هذه المعطيات وغيرها تعطينا الخطوط العريضة لعمل هذه المنظمة المهمة . وكما يقال ان تصل متأخراً خير من ان لا تصل ابداً ، فهذه المنظمة كان يجب ان يسبق تأسيسها هذا الوقت . واليوم كانت المبادرة من اعلى المصادر ، وإن تأسيس مثل هذه المنظمة يعتبر وضع حجر الزاوية في بناء البيت الكلداني . وهذه المنظمة ليست من باب الترف ، إنما هي ضرورة موضوعية خلقتها الظروف التي تحيط بشعبنا الكلداني وببقية مسيحيي العراق بشكل عام .
إذا اهملنا التعاريف الكلاسيكية لمفهوم القومية ، من اقتصاد مشترك وجغرافية مشتركة ، ولغة مشتركة الى آخره من المشتركات ، ونحاول التقرب من المصالح والمصير المشترك سوف نجد تفسير مفهوم لمعنى القومية ومعطيات نموها ، وسوف نشير الى واقع عشناه في القوش ، إذ كان هنالك بين الأهالي خلافات واختلافات في الحياة اليومية لأهل القوش ، ولكن حينما يصدر نداء النجدة ( هاوار ) كأن يجري الأستيلاء على قطيع غنم او ابقار القوش ، فيهب الجميع ، ليس اصحاب الغنم او اصحاب البقر فحسب ، بل جميع الرجال يلجأون لحمل السلاح  ، وتذوب كل الخلافات القديمة في بودقة مصلحة البلدة ومصيرها .
 هذه هي المشاعر القومية التي تحرك الشعوب ، لدينا تجربة الأكراد حيث ان التقسيم العشائري كان شديداً بينهم ، كما ان الجغرافية الجبيلة قد ساهمت بهذا التقسيم ، ولكن حينما وجدت هذه العشائر ان شعوب المنطقة قد كونت دولها بعد تفكك الأمبراطورية العثمانية مثل العرب والأرمن واليونان والأتراك ، فدأبت المشاعر القومية تدب بين مواطنها لتعلن وتكافح من اجل تحقيق اهدافها القومية العابرة للروابط القبلية والمناطقية وغيرها ، هذا ما لمسناه ايضاً في القبائل الآثورية ايضاً التي كانت متمركزة في جبال حكاري ، حيث بقيت هذه العشائر محافظة على ولاءاتها العشائرية ، مع رابطة دينية مبنية على المقدس بولاء كبير للرئيس الديني ، والذي كان بمثابة الرئيس الدينيوي ايضاً ، لكن بقي الرابط القومي غامضاً ومتخفياً لحين تعرض تلك القبائل ( مجتمعة ) الى هجمة استهدفت مصيرهم ( جميعاً ) فكانت ولادة الشعور القومي الأثوري  ومن ثم تطور الى آشوري بعد الحرب العالمية الأولى ولحد اليوم .
الشعب الكلداني تعرض في وطنه الى هجمة إرهابية استهدفت وجوده ومصيره في وطنه ، كما تعرض الى حملة اخرى استهدفت الى إلغاء اسمه القومي التاريخي الكلداني في وطنه العراقي . هنا اود ان اشير الى تاريخ قريب ينبغي الأستفادة منه ، فغايتنا من قراءة التاريخ هي للاستفادة من تجاربه ، وإلا ما فائدة قراءة وقائع واحداث قد مرت وطواها الزمن ؟
وهنا اشير الى تجربة الأتحاد السوفياتي السابق التي عايشنا ظروفها عن كثب ، لقد كان الأتحاد السوفياتي السابق قد وحدته الآيديولوجيا ، ورغم نظام الجمهوريات وكيانات الحكم الذاتي ، فإن الأتحاد السوفياتي السابق كان يرتكز على حكم مركزي ، وبقيت مسألة المشاعر القومية كامنة كالجمر تحت الرماد ، وحينما تراخت القبضة المركزية الصارمة بعد 75 سنة من الحكم  انبعثت تلك الجمهوريات المستقلة المبنية على معطيات قومية بالدرجة الأولى . وهذه تجربة يمكن الأستفادة منها بأنه لا يمكن دفن المشاعر القومية لدى الشعب الكلداني مهما كانت المزاعم والمبررات ، إن كان بعضها يدعي بأننا شعب ضعيف منقرض ، وإن الوحدة بيننا تقضي بعدم الدعوة لتنمية المشاعر القومية الكلدانية كل هذه المزاعم ليس لها اساس من الصحة لأنها تصب في خانة الفكر الإقصائي لمكون عراقي كلداني اصيل .
إن المنطلقات القومية لا تعني العمل القومي فحسب بل ان التمسك بالأسم القومي وباللغة القومية ، وبالأناشيد والأغاني والموسيقى والغذاء والأزياء القومية والتقاليد والعادات والأوابد والأعياد والأهازيج والقصص والحكايات والفولكلور .. كل هذه عناصر مهمة لبقاء القومية .
اليوم يبادر البطريرك الكلداني الموقر مار لويس روفائيل ساكو على طرح مقترحه لتأسيس رابطة كلدانية ، إنها حقاً لبنة مباركة في عمارة المصير والوجود الكلداني . برأيي المتواضع ان منظمات المجتمع المدني لها دور كبير في رفد الفكر والثقافة والفن ، إضافة الى كونها مراصد لمراقبة الإداء الحكومي ، وإبراز مكامن الخطأ لمعالجتها ووضع الحلول الصائبة لحلها ، هنالك من يقف بالضد من هذه المنظمات باعتبارها لا تؤدي المهمات الملقاة على عاتقها ، وعلى سبيل المثال لا الحصر ، ثمة من يرى ان هذه المنظمات تحمل الأسم الكلداني فحسب ، وكمثل غير حصري جمعية الثقافة الكلدانية ، التي ليس بمقدورها تجسيد الأسم الذي تحمله في نشاطاتها ، وهنا يأتي دور التمويل ، فإن من يمول ويدعم هذه الجمعية وغيرها ، يعمل على سحب الجمعية نحو خطابه السياسي والثقافي .
اريد هنا ان اكون صريحاُ فنحن الناشطون في العمل القومي الكلداني ، نتحمل جزء من المسؤولية ففرع هذه الجمعية في القوش او عنكاوا ، لم تمنع يوماً نشاط كلداني ، فالتقصير من جانبنا ايضاً ، ولهذا نشاط كل منظمة متوقف على نشاط اعضائها ومؤازريها وأصدقائها ، ونشاطها وحراكها من نشاطهم وحراكهم .
في الحقيقة ان العمل السياسي والقومي والأجتماعي كل ذلك يتطلب قدر كبير من التضحية والتفاني ، وانطلاقنا يكون بأيماننا بقضية شعبنا العادلة ، وهذه المسؤولية جسيمة يتحملها السياسي والناشط في المجال القومي والفنان ورجل الدين والمرأة والعامل والفلاح والطالب ، وكل فرد مثقف واعي من هذا الشعب ، فالمسألة هنا تتعلق بمجمل العمل الجماعي والتنسيق بين الجميع وبرأيي الشخصي ان الرابطة الكلدانية ستشكل القاسم المشترك الذي يمكنه التنسيق بين كل تلك الجهات لوضع قضية الشعب الكلداني وقضية المسيحيين عموماً في المحافل الوطنية والأقلمية والدولية ، ويبرزونها كقضية عادلة في وسائل الأعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة .
وفق الله كل الخيرين لغرس هذه الشتلة المباركة ( الرابطة الكلدانية ) ورعايتها لتنمو وتزدهر لما هو خير بيتنا الكلداني وعموم المسيحيين والوطن العراقي برمته .
د. حبيب تومي / اوسلو في 02 / 03 / 2014

48
شكراً لكل المهنئين بالشفاء شكراً للنرويج شكراً للأطباء الملائكة
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
Habeebtomi@yahoo.no
لقد كان الجبل صديقاً حميماً ايام الطفولة والشباب وتعلمنا من هذا الجبل تسلق الذرى في الجبال العاصية وسلوك المنحدرات والشعاب الوعرة ، ونادراً ما كنا نسير في الطريق السوي السهل بل نسلك المسالك التي فيها صعوبات التسلق لانها اقرب واسرع الى الهدف ، وهكذا في الأونة الأخيرة وأنا في اوسلو حيث طبيعتها الطبوغرافية جبلية ، وأنا اقطع الطريق اشعر بوخزة وربما الم في منطقة الصدر ، وتمشياً مع روح التحدي ، فأقوم بترك الطريق المبلط للمشاة واسلك المسالك المستقيمة اي المزيد من الصعود ، ولكن في نهاية الأمر كان علي الرضوخ لمتطلبات الصحة ومراجعة الطبيب ، الذي بينت اجهزته ان هنالك شرايين شبه مسدودة ينبغي معالجتها بعملية جراحية .
ولم يكن في الحسبان دخولي الى المستشفى ، ولكن يقولون ( لاحاكم ولا حكيم ) فهؤلاء اوامرهم مطاعة لا محالة ، كانت هنالك توضيحات مستفيضة عن العملية قبل ايام من دخولي المستشفى لكن كان إعجابي اكثر بالطبيب الجراح وهو نرويجي الذي جاء قبل يوم من اجراء العملية ، وقال لي بالحرف الواحد  : انا سوف اجري لك العملية الجراحية وسوف افتح صدرك ، وإن نسبة الوفاة في مثل هذه العملية 2 بالألف ،  وفيها ايضاً 4 بالمئة احتمال الجلطة الدماغية ، وقال سوف ننقل شرايين من رجلك لصدرك ، وهنا رأيت هذا الطبيب جلس القرفصاء على ارض الغرفة وانا جالس على الكرسي وأخذ يتحسس شرايين رجليّ وقال سوف نأخذ من هذه الرجل ..
اجريت العملية بنجاح وأنا لا ادري ، فحين استيقظت من تأثير المخدر سالت الممرضة الواقفة فوق رأسي ، متى تجرى لي العملية الجراحية ؟ فقالت إن العملية قد اجريت وأنت لا تدري . نعم هكذا سارت الأيام التالية للعملية الجراحية بطيئة ، لكنها مفيدة لعملية الشفاء فقبل نهاية الأسبوع الأول نقلت الى مستشفى قريب من بيتنا ، وفي هذا المستشفى توالت زيارات الأهل والأصدقاء ، وفي الحقيقة ، هذه الحالة شبه غريبة في النرويج ، فالزيارت للمريض النرويجي تقتصر على شخص او شخصين ربما ثلاثة اشخاص ، اما ان نحتل  معظم مقاعد الصالون الصغير المخصص لذلك الجناح فإنه امر غريب ، والطريف في الأمر ان احد الأصدقاء جاء مع زوجته لزيارتي وهو يضحك ويقول : قبل ان ابادر بالسؤال من الأستعلامات ، قالت الموظفة تريد حبيب تومي هو من هنا وأشارت الى الجناح الذي كنت فيه .
دولة النرويج وخدمة المواطن
ثمة دول تتباهى بقواتها وجيشها وتهمل مصلحة شعبها ، وأخرى تتسابق وتتألق في تقديم الخدمات المختلفة لشعبها كاسترليا وكندا وبعض الدول الأوروبية ، لقد اشتهرت في العقود السابقة دولة سويسرا على انها جنة الله على الأرض إن كان بطبيعتها الخلابة او بسبب المنظومة الأقتصادية والأجتماعية الموزونة والتي توفر مستوى رفيعاً من العدالة الأجتماعية والأمن والأمان والعدل والرفاهية لمواطنيها ، وكانت سويسرا مضرب الأمثال في هذا السياق ، لكن في السنين الأخيرة تنحت جانباً ، وأفل نجمها لصالح دولة اوروبية اسكندانافية هي مملكة النرويج . هذه الدولة الدولة الصغيرة سكانياً ، إذ لا يتجاوز عدد سكانها 6 ملايين نسمة تشق طريقها لتتبوأ المركز الأول بين الدول التي تمنح مواطنيها امتيازات بدرجة عالية من الجودة ، إن كان في مجالات الصحة او التعليم او الرعاية الأجتماعية ، او مجالات الخدمات العامة من من مطارات وسكك حديدية ومرافئ وملاعب ومتنزهات وكهرباء وطرق وجسور وغير ذلك من الخدمات ..
اعتمدت النرويج في اقتصادها على صيد الأسماء في سواحلها الطويلة ومياهها الداخلية ، كذلك اهتمت بالزراعة واشتهرت بجودتها وقيمتها الأستثنائية . لكن الطفرة الأقتصادية كانت عام 1969 حينما اكتشف النفط بكميات تجارية فيها في المياه الأقليمة المتآخمة لها في بحر الشمال ، هكذا دأبت النرويج على استثمار الثروة النفطية بطرق غير تقليدية ، وأرادت ان تكون هذه الثروة من حصة هذا الجيل والأجيال القادمة .لقد اورد الكاتب حسين شبكشي في  في الشرق الأوسط بتاريخ  24 يناير 2014 يقول :
(.. ووسط ارتفاع في الأسعار لسلعة النفط بسبب الطلب المتعاظم عليها، ولدت فكرة استحداث صندوق استثماري سيادي توضع فيه كافة إيرادات الدولة، ومن عوائده يوزع على ميزانيات الدولة، وللصندوق كيان أشبه بالجمعية العمومية المتعلقة بملاك الشركات المساهمة، وفي حالة الصندوق هذا فإن الكيان هو أعضاء البرلمان «المنتخب» للنرويج، ويدير الصندوق بحسب الوصف المهني وزير المالية. ويقدم هذا الصندوق منذ أكثر من عشرين سنة وإلى الآن عوائد بمتوسط 5 في المائة على ما يجري استثماره والذي ينحصر في 60 في المائة في أسهم وسندات، و40 في المائة في سندات وقروض حكومية وشركات عملاقة. ولقد أثبتت هذه السياسة نجاحها وتألقها وجدارتها في تأمين عوائد محترمة مستقرة للنرويج ) انتهى الأقتباس .
لو قارنا هذه الدولة مع ليبيا حيث اكتشف النفط فيها في نفس السنة التي اكتشف النفط  في النرويج ، والنرويج كما هو معلوم من قراءة تاريخها ، بأنها الدولة التي انطلق منها الفايكنغ ، وعن ويكبيديا فإن «الفايكنغ»، هم مجاميع عسكرية مقاتلة عرفت برباطة الجأش والقدرة القتالية العالية وقيادتها لقوى بحرية سابقة لوقتها تمكنت من احتلال دول مختلفة في أوروبا وخارجها.
.أشتهر الفايكيج ببراعة ملاحتهم وسفنهم الطويلة، واستطاعوا في بضعة مئات من السنين السيطرة واستعمار سواحل أوروبا وأنهارها وجزرها، حيث احرقوا وقتلوا ونهبوا مستحقين بذلك اسمهم الفايكنغ الذي يعني القرصان في اللغات الإسكندنافية القديمة.
لم تحاول النرويج إعادة امجادها التاريخية بل اكتفت ببناء بلدها على اسس متينة من التقدم والتطور ، بعكس حكام ليبيا فالأخ الأكبر معمر القذافي ، لقب نفسه بملك الملوك ،  وأصبح وريثا شرعياً لثروة النفط الليبية ، واراد بهذه الأموال اسلمة قارة اروبا المسيحية ، حيث دعا اوروبا الى اعتناق الدين الإسلامي ، وبعثر ثروة بلاده في نشر الفوضى وفي حبك المؤامرات وبدلاً  من ان تغدو ليبيا لؤلؤة متوسطية مزدهرة ، اصبحت مع تلك المداخيل دولة ممزقة فاشلة تسودها الفوضى والعنف ، اما النرويج  فلم تسعى الى بعث مجدها التاريخي والديني ، بل ساعدت الشعوب الفقيرة واهتمت  بمسالة تلوث البيئة وحقوق الأنسان وتطبيق القانون على الجميع دون تفرقة وتقديم الخدمات الممتازة لمواطنيها الحاليين وفي المستقبل ، فأخذت تنعكس عوائد النفط الهائلة على حياة المواطن ، وتقدم تلك الخدمات بلا  ضجيج او دعاية للحكام ، فاصبحت النرويج نموذج ينظر اليه بإعجاب ، حيث حولت الأموال هذه البلاد الى جنة جديدة على الأرض . وما يتعلق بعراقنا الحبيب من حقنا ان نتساءل :
هل نرى عراقاً يسترشد بالنرويج ام عراقاً ممزقاً يسترشد بليبيا ؟
الشكر والأمتنان لكل المهنئين بالشفاء
وصلت رسائل كثيرة عبر بريدي الألكتروني وكذلك مكالمات هاتفية لي او لأخي جلال او لأحد أفراد العائلة ، اما الرسائل التي وصلت عبر الفيسبوك فهي كثيرة جداً  ومن المتعذر الإشارة اليها ، فسوف اكتفي بالزيارات والمكالمات والرسائل الأخرى :
من ديترويت : الأخوة : الدكتور نوري منصور ، والأخ سام يونو ، والأخ فوزي دلي ، والأخ الشماس كوركيس مردو ، والأخت سولاف شاجا والاخ اثير سلومي ،والأخ العديل يوسف ميخائيل يوحانا واسيت تومي ، وسنور يوسف يوحانا ، والأخ جرجيس بوتاني والأخ فريد دمان والاخت سندس وسراب يوسف يوحانا ..  والاخ هلال نونا والاخ كاك اوميد ، والاخ نبيل مقدسي وزوجته والاخ نجيب يلدكو والاخ ماجد حكيم والاخ مسعود ميخائيل ، والاخ داود ابو سرمد .
ومن ديترويت ايضاً وصل اخي جلال وكانت عائلته على اتصال دائم ، وكذلك اختي ماري وأنيتا جلال والن جلال وميعاد تومي  وسلوى عزيز اسمرو ، وابنة العم سلطانا تومي ، وابنتي اشواق تومي وزوجها بركات زوما .  وأمجد تومي ، وليث يعقوب شمو تاتا .
ومن كندا الأخ الدكتور عبدالله رابي ، والأخ سامي اسمرو وعوني اسمرو والأخ بطرس آدم والأخ عبدالأحد قلو والأخ سرمد دمان وسورية منصور تومي وسعيدة تومي .
ومن سانديكو : الأب الراهب نوئيل كوركيس ، والأخوة في الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ممثلاً بسكرتيره الأخ مؤيد هيلو ، والأخ الدكتور نوري بركة والأخ صباح دمان والأخوة طارق وزهير ورائد ورافد اولاد المرحوم جرجيس الياس جيقا ، وأمهم شكري يوسف بولا ، وكذلك الأخ يونس بلو وفؤاد بلو ، وكان والدهم ايليا بلو قد نشر تهنئة بالشفاء على موقع القوش نت ، وعلى موقع عنكاوا كوم ، وكانت عليه الكثير من التهاني بالشفاء من قبل الأصدقاء وشكراً للاخ الكبير ايليا بلو ، والأخوة الذين سجلوا تمنياتهم وتهانيهم بالشفاء على موقع عنكاوا .
ومن نيوزيلاندا  الاخ صباح اسمرو ، ومن استراليا الأخ ناصر عجمايا والأخ سعد توما عليبك والأخ مايكل سيبي . ومن تركيا الأخ رامز شاجا والعائلة . ومن فرنسا الأخ سالم كوريال .
ومن هولندا الصديق كامل وزي ومن الدانمارك الأخ نزار ملاخا والأخ ضياء ملاخا والأخ موسى ابشارة وعائلته ، وكذلك الأخ امير ككا وزوجته  هيلدا ، والأخ صباح بجوري ، والأخ لهيب بجوري ، ومن السويد الأخ وديع زورا ، والآخ قرداغ كندلان والأخ سركون يلدا ، والأخ حميد بحو بوداغ ، والأخ حازم كتو والأخ حكمت ججو يونان والأخ رحيم بلو ، وكذلك الأخ نبيل تومي ، والأخت سهام تومي والأخ عمانوئيل تومي والأخ صباح ميخائيل .
ومن سوريا حفيديّ العزيزين رامي وروماريو
ومن بغداد العراق ، الأخ الشيخ ريان الكلداني ، ومن عنكاوا الأخ خليل برواري والأخ آنو جوهر عبدوكا والأخ سولاقا بولص يوسف ، والأخ وسام موميكا ، والأخ غانم بلو والأخت اخلاص تومي والأخ عدنان وزوجته يازي تومي ومن بغداد الأخت سلمى تومي ، والأخ حميد روئيل تومي والأخ اياد تومي ، ومن القوش الأخ باسم اسمرو والأخ ثائر قاشا ، والأخ ابو غزوان ، والأخت كافي دنو قس يونان والأخ صباح رحيم بتوزا واخوانه ، والأخ زهير بتوزا، والأخ لهيب زرا . وكذلك ابن العم هاني تومي وفائز تومي ، وابن العم عامر تومي . ورواء يعقوب شمو تاتا وزوجها لؤي جما .
ومن اوسلو كانت زيارات كثيرة للمستشفى وكان اولادي رياض ورائد ونورس وعوائلهم ، وزوجتي الوفية بتول ، وابنتي انجيلة وزوجها فرج ،وعبد اسمرو ( اودا) وهو اخ بالرضاعة ودخل المستشفى لأجراء نفس العملية وهو بصحة جيدة حالياً ، وكان كذلك الأخ خالد جيقا وعائلته ، وأولاد اختي مار كل من لؤي وريفا ، وكذلك رفاء وزوجها ثامر خوركا ، وألأخ هاني شلينكي وزوجته عائدة بطرس ، والأخ سلوان وعائلته ، والأخ كمال وزوجته ابتسام ، والأخ فخري بطرس ابو عمار ، وابنه عمار وعائلته ، وابنه ياسر ، والدكتور عزيز اودو وزوجته الدكتور انجيلة اسمرو ، وكذلك الدكتور عيسى بطرس ، والأخوة في الحركة الديمقراطية الآشورية في اوسلو ، وهم الأخ حكمت كاكوز وعائلته سوزان ، والأخ روفائيل والأخ هارون والأخ يوبرت ( يوبي ) وعائلته بشرى، كما حضر الأخ هندرين نعمان من منظمة البيئة الكوردستانية الأوروربية والتي مقرها اوسلو ، كما حضر الأخ هيمن نعمان ، والأخ عدنان وزوجته ماركريت ، والأخ كاميران يونس اودو وعائلته ، والأخ الشماس نزار بطرس وعائلته والأخ فرج مروكي وعائلته ، والأخ صلاح نوري ، والأخ غريب ساكا وعائلته ، والأخت رجاء ساكا ، والأخ شماشا وزوجته مادلينوالأخ نينوس خوشابا ،والصديق امجد صحب وعائلته والأخ عوني صحب ، والأخ ليث الصفار وعائلته والأخ امير الصفار وعائلته ، والأخ فراس وزوجته زينة . والأخ ثائر ساكو والعائلة .
اعتذر لكل الذين فاتني ذكر اسماءهم ، وأقدم اعتذاري لمئات الأصدقاء الذين عبرو عن مشاعرهم عن طريق التواصل الأجتماعي على فيسبوك ، إذ من المتعذر التطريق اليهم جميعاً  شكراً للجميع . حقاً إن الكلمة الطيبة هي عامل مهم في مسيرة الشفاء .
اكرر شكري وامتناني للجميع
د. حبيب تومي ـ اوسلو في 26 ـ 02 ـ 2014
  

49
الكلدان في العراق والعالم والوعي القومي المطلوب ودور المثقف الكلداني  
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
كنت قد باشرت بكتابة مقال عن ظاهرة التناكف لتأسيس محافظات : محافظة سهل نينوى ، تلعفر ، طوزخورماتو ، حلبجة ، فلوجة ، الزبير ، خانقين ، وأقاليم مثل سهل نينوى ، البصرة ، العمارة ، الرمادي .. لكني ارجأت المقال المذكور بسبب جاهزية هذا المقال .
الكلمة التي يسطرها الكاتب والمفكر تخاطب العقل وتسلط النور على دياجير الظلمات ليطارد علامات الجهل في مكامنها ، وينشر نور المعرفة والحقيقة في متاهات تلك الكهوف ، كما ان المفكر ينبغي ان يتجنب تخوم التعصب وأن يناصر الحرية ويقف الى جانب الضحية .
 لقد وقف فولتير ( الكاثوليكي ) بقوة الى جانب عدوه جان كالاس ( البروتستانتي ) حينما شعر انه مظلوم في محكوميته وإنه ضحية التعصب المذهبي الأعمى ، فاستنفر فولتير كل طاقاته وعلاقاته الواسعه لإعادة تفحص القضية من قبل قضاة محايدين ، وهذا ما حصل وأدى في نهاية المطاف الى كشف الحقيقة وتبرئة هذا البروتستانتي الأقلوي المغدور . لقد اثبت فولتير ان التعصب مدان من اي جهة جاء ، والمفكر الحقيقي ينبغي ان يقف لصالح الضحية اياً تكن . وهكذا فتح فولتير صفحة جديدة في تاريخ الثقافة والمثقفين ، وأسس ما يدعى بالفكر الملتزم بقضايا الحق والعدل . ( هاشم صالح ، الشرق الأوسط 20 /12 / 13 ) .
إن الوعي القومي المطلوب ينبغي ان يكون سور منيع بوجه محاولات الصهر والذوبان في كؤوس الآخرين ، لقد كتب الكرواتي لجودفيت كاج عام 1834 يقول :
((( إن شعباً بلا قومية مثل جسد بلا عظم ))) (جوزيف ياكوب ، ما بعد الأقليات 30) .
أجل انها مقاربة موفقة ، فالقومية هي مكون اساسي لنهوض اي شعب انها العمود الفقري للجسم ، وإنها بمثابة الشبكة الفولاذية في قالب الأسمنت المستخدم في البنيان . لقد لاحظنا كيف ان القبائل في جبال حكاري التي كان يطلق عليها ( التيارية ) كيف ان هذه القبائل تخندقت في إطار القومية الآشورية بعد الحرب العالمية الأولى ، وتمكنت ان تجسد لها هوية قومية لتعرض نفسها في المحافل الدولية كوجود قومي متماسك بدلاً من التقسيم القبلي الموروث ، فحملات الاضطهاد والظلم تؤسس على حالة من التماسك بين من يطالهم الظلم من الأسر والقبائل والقرى والمدن .. وهذه الحالة انطبقت على الشعب الكوردي الذي تمحور حول مفهوم القومية الكردية لكي يخوض نضاله التحرري ، وقد اثمر هذا التوجه ( القومي ) اكثر من التوجهات القبلية والجغرافية والدينية والمذهبية ..
ومن هذه الحالة وغيرها من الحالات المتشابهة يمكن استخلاص ان النزعة القومية تزداد وتنمو مع استمرار الظلم ومع حالات الأقصاء والإلغاء والصهر .
إن الأتحاد السوفياتي السابق الذي اراد تجاوز وعبور المفهوم القومي ، فإنه في نهاية الأمر تفكك ( الأتحاد السوفياتي ) الى دول قومية مستقلة ، اجل بقي الشعور القومي كالنار تحت الرماد الى ان هبت الريح لتظهر القومية على السطح .
إن الوعي القومي والمشاعر القومية الجياشة كما مر ، تكون في حالة التعرض الى الأضطهاد والأقصاء والقمع والصهر ، لكن يبقى الوعي القومي حالة ضرورية في كل الحالات بين ابناء القوم الواحد ، وهنا يأتي دور المثقف المبدع ، الذي يعمل على تحريك الماء الراكد فيخلق الحراك داخل الركود الفكري ، فالماء الآسن الراكد بيئة ملائمة لنمو الطفيليات والفطريات وتحريكها يمنع نمو تلك الكائنات المتطفلة .
الكلدان مع بقية مسيحيي العراق تعرضوا مع مكونات الشعب الأخرى الى العمليات الإرهابية وعمليات التهجير والتهديد ، والى جانب ذلك تعرضوا ( الكلدان ) من الناحية السياسية الى تهميش قومي وسياسي في العراق الأتحادي وفي اقليم كوردستان ، وهكذا وجد الكلدان طريقهم الى الأنتشار في دول الشتات ، فالعائلة الواحدة وجدت نفسها منقسمة في عدة دول وفي مختلف القارات ، وناهيك عن ابناء العشيرة الواحدة والقرية الواحدة والبلدة الواحدة .. من هنا كان وسيكون امام المثقف والكاتب والمفكر الكلداني طريق طويل وصعب ، وتتمحور هذه المهمة بإنارة الطريق امام الإنسان الكلداني الذي يتوزع اليوم في دول الشتات .
يساعد المفكر الكلداني في مهمته الصعبة بنشر الوعي بين ابناء قومه ، بأنه يستفيد من الكم الهائل لما كتب عن الماضي الكلداني من قبل المؤرخين والرحالة الأجانب إضافة الى ما كتبه المؤرخون العرب ، وما سطره المؤرخون الكلدان انفسهم .
ويكون من المفيد السرد التاريخي ونستعين بكتاب يعتبر مصدر تاريخي مهم وهو كتاب "التعريف بطبقات الأمم " لمؤلفه : القاضي ابو القاسم بن صاعد الأندلسي حيث انتهى من تأليفه عام 1068 م اي قبل حوالي عشرة قرون فيكتب عن الأمم السائدة في وقته فيقول ص143 :
والأمة الثانية : الكلدانيون ، وهم السريانيون ، والبابليون ، وكانوا شعوباً منهم : الكربانيون ، والآثوريون ، والأرمنيون ، والجرامقة ، وهم اهل الموصل ، والنبط ، وهم اهل سواد العراق ، وكانت بلادهم وسط المعمور ايضاً ، وهي العراق والجزيرة التي ما بين دجلة والفرات ....
وبشأن الأمم التي عنيت بالعلوم فيكتب الأندلسي ص163 يقول :
إن الأمة الثالثة التي اعتنت بالعلوم فهم الكلدانيون ، فكانت أمة قديمة الرئاسة نبيهة الملوك كان منهم النماردة الجبابرة الذين كان اولهم النمرود بن كوش بن حام باني المجدّل .. ويضيف ص164 : كان من الكلدانييــن علماء جلة وحكماء وفضلاء يتوسعون في فنون المعارف من المهن التعليمية والعلوم الرياضية والإلهية.. وكانت لهم عناية بأرصاد الكواكب وتحقق بأسرار الفلك... وكان اشهر علمائهم هرمس البابلي الذي كان في عهد سقراط الفيلسوف اليوناني ..
هكذا يتوفر اليوم تحت يد الكاتب الكلداني معطيات كثيرة وثروة نفيسة من التاريخ واللغة والفولكلور والأوابد والتقاليد .. تمكنه ان يغرف من ذلك الكنز لبناء حجته العلمية والتاريخية والمنطقية .
في القرون القليلة الماضية كانت معطيات القراءة والكتابة والثقافة متوفرة لطبقة محدودة ، وفي مقدمتهم رجال الدين ، وفي ما يخص موضوعنا فإن رجل الدين اثبت دوره في الحفاظ على الأسم القومي الكلداني ، فحينما ابرم المطران  طيمثاوس، أسقف نساطرة قبرص، وثيقة الإتحاد مع روما سنة 1445 م ومعه مطران الموارنة فيها، كان عليه أن يستبدل لقبه النسطوري المرتبط بالمذهب الذي هجره، بلقب آخر تتبين منه هويته. فوقّع وثيقة الإتحاد هكذا :
" أنا طيمثاوس رئيس اساقفة ترشيش على الكلدان ومطران الذين هم في قبرص منهم، اصالة عن ذاتي وبإسم كافة الجموع الموجودة في قبرص، أعلن وأقر وأعِد أمام اللـه الخالد الآب والإبن والروح القدس وأمامك أيها الأب الأقدس والطوباوي البابا أوجين الرابع وأمام هذا المجمع (اللاتراني) المقدس، بأنني سأبقى دوماً تحت طاعتك وطاعة خلفائك وطاعة الكنيسة الرومانية المقدسة على أنها الأم والرأس لكافة الكنائس (عند شموئيل جميل، كتاب العلاقات، روما 1902، ص 10).
ويعلّق المرسوم البابوي الذي أصدره أوجين الرابع في 7 آب 1445 م على ذلك بقوله : " وطيمثاوس ذاته، أمامنا في المجمع اللاتراني المسكوني وفي جلسته العامة، أعلن بإحترام وتقوى صيغة إيمانه وتعليمه أولاً بلغته الكلدانية، ثم ترجمت إلى اليونانية ومنها إلى اللاتينية ". وبناء على هذا الإعلان الوحدوي، فإن أوجين الرابع يمنع في مرسومه الآنف ذكره أن يسمّى أحد الكلدان فيما بعد نساطرة، كما يمنع في الموضوع عينه أن يسمّى الموارنة هراطقة، ومن ثمة يساوي الكلدان والموارنة بالحقوق والإمتيازات الدينية مع كافة الكاثوليك. (عند شموئيل جميل، ص 11).
( للمزيد راجع مقال المطران د. سرهد يوسف جمو تحت عنوان الهوية الكلدانية في الوثائق التاريخية <رابط 5> .
في الزمن الراهن ثمة ساسة وأحزاب تعمل على النهوض القومي ، وبالنسبة الى شعبنا الكلداني نلاحظ بعض السياسيين وإن كانوا بمنأى عن الأحزاب القومية الكلدانية نلاحظ حرصهم واعتزازهم بتاريخهم واسمهم القومي ويأتي في مقدمتهم المناضل المعروف توما توماس الذي كتب يقول :
إن من هم كلدان لا يمكن تبديلهم بجرة قلم الى اشوريين كما يحلو للاخوة الآشوريين ذلك، إنها تعقيد للعمل القومي والوحدة وإنها آمال البعض بإحداث إنقلاب في التاريخ...
ونحن بصدد الإشارة الى الجهود القومية فنلاحظ ان للمرأة دور ايضاً ، وهنا نشير الى مقال السيدة جوليت فرنسيس ( ام نادين ) من السويد تكتب مقالاً تحت عنوان :
الاساقفة الجدد والبيت الكلداني القومي وتطرقت الكاتبة الجليلة في فقرة من المقال تقول :
  ليخرج من هذا البيت الكلداني المنظم  الكنسي  اذن كل ماهو خيّر ومفيد وكل وظيفة تبني وكل شخص علماني يعمل بنفس الخطة والنهج ومنهم المعلم والطبيب والمهندس والعامل  والكاتب والناشط والسياسي والخ ..لنتوقف عند الاخير وتاثيره على القومية  والحقوق والدين  كما يتمناه الكلدان للحصول على  المكاسب  في العراق وطن الجميع, الكل مدعوون  للدخول في الانتخابات القادمة لانتخاب النواب المخلصين الوطنيين والامناء لخدمة المسيحيين اولا ثم الكلدان, والكلدان اذا نهضوا  فان نهضتهم  ستكون عظيمة او الانتظار  الى مئات اخرى من السنين الى ان يفوزوا دعاة القومية ويرتبوننا .(رابط رقم 6 ) .

لا ريب في حالة شعبنا الكلداني اليوم نحن بحاجة الى كل الجهود إن كانت من قبل رجل السياسة او من قبل رجل الدين او اي شخصية من النخبة المثقفة والأكاديمية ، ونحن الكلدان بأمس الحاجة الى موقف صريح ومشجع من قبل البطريركية الكاثوليكية الكلدانية بحيث يكون موقفها مشابهاً للموقف الصريح والشجاع للبطريكية الآشورية ، ونتمنى ان تتوصل بطريركيتنا الموقرة الى هذا الموقف الشجاع لتجسد شراكتها في الهموم القومية والوطنية لشعبها الكلداني .
نعود الى عنوان المقال لنضع النقاط التالية امام المثقف الكلداني :
اولاً : ـ
 زرع مبادئ الحرية والقيم النبيلة في الإنسان الكلداني ، قبل قيامه بمسؤوليته القومية ، وعليه تقع مسؤولية صناعة الوعي القومي بالأعتماد على المعطيات التاريخية والحضارية والأنسانية لقومه الكلداني عبر التاريخ والى اليوم .
ثانياً : ـ
زرع الأمل في شخصية الأنسان الكلداني بوجه محاولات زرع اليأس والقنوط والأستسلام ومحاولة التعتيم على الهوية القومية الكلدانية ، فواجب المثقف الكلداني الذي يفتخر بتاريخه وبقوميته ، ان يتحمل عناء المسؤولية ، وينفض عنه الرماد ليتوهج ويغدو مصدر إشعاع قومي ينير الدرب لبني قومه .
ثالثاً :ـ
في عالم السياسة ثمة خلافات واختلافات وتحالفات وتناقضات ومصالح وصراعات بين الكيانات السياسية ( الكلدانية ) على المثقف الكلداني ان لا يورط نفسه في تلك الصراعات وأن لا يجعل من نفسه طرفاً فيها بل عليه ان يجسد دور المثقف الملتزم المحايد، ليكون جزء من الحل وليس جزء من المشكلة ، فالمصلحة القومية اسمى من التورط والخوض في وحل السياسة .
رابعاً : ـ
مطلوب من المثقف الكلداني ان يتصدى لحملات التضليل والمكر التي تسعى لتجفيف منابع الفكر القومي الكلداني تحت حجج وافتراضات واهية ، بجهة اننا ضعفاء ويطالنا التهجير والأرهاب فليس ثمة ضرورة بالمناداة القومية ، إن هذه الحجة تستخدم ضد الكلدان والسريان تحديداً ، وعلى المثقف ان يتصدى لمثل هذه الحملات التي لا تستند على منطق ، لأن تلك الدعوات لا تخاطب الأطراف الأخرى بالأمتناع عن المناداة القومية .
خامساً : ـ
الشعب الكلداني مكون عراقي ضعيف ومخترق ، ولا يملك مؤسسات ثقافية وتربوية ولغوية واقتصادية مستلقة نحن قوم مخترق ، ليس لنا إعلام او فضائيات او وكالات اخبار ، ومنظماتنا الأجتماعية والثقافية ليست كفوءة لرعاية شؤوننا ، وهذا ينطبق الى حد ما على احزابنا السياسية الكلدانية ، خلاصة القول : نحن الكلدان ضعفاء والكل يحد سكينه للنيل من ضعفنا . وعلى المثقف الكلداني ان يعلم بأنه ينطلق من تلك الأرضية الصحراوية وعليه ان يتحمل مسؤولية تعبيد الطريق امام الآخرين .
إن انفتاحنا على الآخر لا يعني إلغاء هويتنا والأنصهار في كؤوس الآخرين ، يقول مهاتما غاندي : لتهب الرياح في داري من كل الأتجاهات ، ولكني لا سامح ان تقلعني من جذوري .
سادساً : ـ
مطلوب من المثقف الكلداني التسلح والتعمق بدراساته الثقافية واللغوية ( خاصة لغة الأم الكلدانية : تكلماً وقراءة وكتابة ) والأدبية والفنية ، عليه الأنفتاح على الثقافات الأخرى مع اعتزازه بثقافته ولغته وقوميته مع تجنب النعرة القومية العنصرية الأستعلائية ، فالكلداني ليس افضل من الآخر ، والآخر بعين الوقت ليس افضل من الكلداني . على المثقف الكلداني ان لا ينجرف في مستنقع التزمت والإقصاء والعنصرية كرد فعل لتزمت وعنصرية الآخر ، فطريق المحبة هو السبيل الأمثل للكلداني ليواجه خطاب الأستخفاف والكراهية من قبل الآخر .
على المثقف الكلداني تعميم القيم النبيلة والتسامح والإخاء والمحبة ومبادئ الحرية واحترام الرأي الآخر والتعددية في مختلف حقول الحياة .
إن انتشار الكلدان في ارجاء المعمورة تحتم عليهم ايجاد محور هوياتي يجمع هذا القوم الأصيل ، إن المثقف الكلداني هو الذي يتحمل ثقل هذه السؤولية التاريخية الكبيرة .
سابعاً : ـ
وهذا هو المهم ، بأن المثقف الكلداني ليس بالضرورة ان يحصد الثمار بيده اليوم ، لكن الأجيال القادمة حتماً ستجني الثمار ، فالمثقف الكلداني ينبغي عليه ان لا يتذمر ويتأفف لأنه يشقى ويتعب دون ان يقطف الثمار ، وكثير من الزملاء يعتريهم الفتور وربما يتملكهم اليأس ، بسبب استعجالهم ورغبتهم في الوصول الى نتيجة بأسرع وقت . لكن برأيي المتواضع بأننا نحن الكلدان في بداية الطريق ، وأمامنا مشاكل وعراقيل ومطبات كثيرة وعلينا تجاوز تلك المعضلات برؤية ثاقبة وبعقلانية سياسية مدروسة مع وضع امامنا ، حقيقة ، انه لاشئ يتحقق دون تضحيات .
إن ما تحصده اوروبا اليوم هو بسبب الفكر التنويري الذي غرسه المفكرون الأوروبيون : جون لوك ، فولتير ، روسو ، فرنسيس بيكون ، سبينوزا ، كانت ، سبنسر ، ماركس ، برتراند رسل ، وغيرهم . هذه الكوكبة من المفكرين الأفذاذ ، شتلوا في تربة الوطن الفكر التنويري ، ليقطف الأبناء والأحفاد ثمار تلك الشتلات .

د. حبيب تومي / اوسلو في 25 / 01 / 14
ــــــــــــــــــ
المصادر
1 ـ هاشم صالح " متى سيظهر فولتير العرب ؟" الشرق الأوسط اللندنية  20 /12 / 13
2 ـ جوزيف ياكوب ، ما بعد الأقليات بديل عن تكاثر الدول ،ترجمة حسين عمر ط1 المركز الثقافي العربي ، الدار البيضاء المغرب 2004
3 ـ قاضي صاعد الأندلسي " التعريف بطبقات الأمم " مؤسسة انتشارت هجرت ، طهران .
4 ـ اوراق توما توماس .
5 ـ http://splashurl.com/o2j7gua
6 : ـ http://splashurl.com/pofydzc




50
خريطة طريق واضحة امام سفينة الكنيسة الكاثوليكية للشعب الكلداني
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
العلوم البحرية تتألف من مختلف الفروع المتعلقة بالعمل البحري ، منها هندسية وأخرى ملاحية وثالثة بيولوجية وأخرى جغرافية وبيئية وهلم جراً ، وبالنسبة للملاحة في اعالي البحار تتطلب دراسة وخبرة وممارسة وأدوات وأجهزة لكي تساعد الربان على الإبحار في البحار والمحيطات والوصول الى هدفه بسلام ،. إن السفينة وطاقمها مهددان في كل لحظة بهبوب عواصف عاتية تجعل من السفينة ريشة في مهب الريح .
يفتح ربان السفينة امامه خريطة الطريق الذي يسلكه وعليه ان يرسم خط  يمر بالمواقع التي يسلكها من موضعه الى المرفأ المنشود للرحلة ، وهكذا ينبغي ان تكون امامه خريطة واضحة ، وبهكذا خارطة وبتوجيه بوصلته نحو الهدف إضافة الى خبرته وحكمته ، سوف يضمن سلامة وصول السفينة بقيادتها وبملاحيها ومهندسيها وكل طاقم القيادة مع ركابها الى شاطئ السلامة .
الكنيسة هي السفينة التي يمسك دفتها البطريرك الكلداني والمساعدين والملاحين هم من الأكليروس من مطارنة والآباء الروحانين والرهبان والراهبات والشمامسة .. والركاب هم مؤمني الكنيسة الكاثوليكية من ابناء الشعب الكلداني ومن بقية مسيحيي العراق .
اللافت على ضوء المعطيات الناجمة عن الأوضاع السياسية بعد ما يطلق عليه الربيع العربي ،  ان المسيحية في الشرق الأوسط تتقلص مساحتها تدريجياً وعلى مدى التاريخ تحت تأثير وتوسع مساحة الإسلام كدين ودولة ، فبالرغم ان المسيحية ديانة شرقية المنبت ، فالسيد المسيح ولد في فلسطين وتحدث بالآرامية ، وعن طريق التلاميذ والرسل انتشرت المسيحية ووجدت طريقها نحو اوروبا لتصبح ديانة اممية ، وعلى مدى قرون وفي زمن الدولة الرومانية تفاعلت الحضارة الثقافة الأوروبية مع اللاهوت والتعاليم المسيحية ، وكما قال البابا الراحل يوحنا بولس الثاني :
ان الأرث الثقافي الأوروبي في الوقت الحاضر مبني على النسيج الثقافي للمسيحية .
الملاحظ اليوم في القارة الأروبية التأثير الدور الكبير للثقافة المسيحية روحياً وسياسياً على حد سواء ، ومن يتجول في عواصم والمدن الأوروبية سيلاحظ بجلاء تأثير الثقافة المسيحية ، إن كان بكنائسها ومعالمها العمرانية او بثقافة النسيج المجتمعي المسالم لهذه الدول .
 لكن في منبعها الأصلي في الشرق ، تقلصت المسيحية بمرور الأجيال على مدى 1400 عام ، واليوم يجابه الشرق الأوسط واقع مأساوي في تسلط التيار الأسلامي السياسي على زمام الأمور ، وقد مرت على العراقيين المسيحيين من كلدان وسريان وآشوريين وأرمن وبقية المكونات الدينية كالمندائيين والإزيدية ، مرت على هؤلاء سنين عجاف لا سيما بعد سقوط النظام في عام 2003  ، إذ لاحظنا كيف تفجر الكنائس وكيف يصار الى قتل المصلين داخل الكنيسة في كنيسة سيدة النجاة في قلب بغداد والقائمة تطول لا مجال للاسهاب . واليوم انتقلت العدوى الى سوريا وبوتيرة اشد مما حصل في العراق .
مع كل تلك الأجواء الغابوية ( من الغابة ) نحن نروج لكلمة اسمها (التعايش) وإذا ما علمنا ان التعايش يعني امكانية الشراكة في حقوق المواطنة والعيش والمصير المشترك ، فمقارنة اولية تبين اننا في حالة تعايش كاذب ، لا اكثر .  
وسط تلبد السماء بالغيوم السوداء وهبوب الرياح العاتية ، يحرص البطريرك الكلداني ان يمسك دفة قيادة السفينة لكي تبقى سالمة لحين بلوغها مرافئ السلامة والتعايش والتسامح في الوطن العراقي .
كان البطريرك الكاثوليكي الكلداني مار لويس روفائل الأول ساكو الكلي الطوبى ، يدرك حجم المسؤولية وخطورتها ، لكن عمق ايمانه المسيحي وتجربته الحياتية وإخلاصه ، ومحبته لتقديم الخدمة لشعبه ولوطنه ، تجشم ثقل المسؤولية ووضع امامه خريطة الطريق التي شملت خطوطها العريضة : الإصالة والتجدد والوحدة .
لقد مرت سنة وتبين ان عجلة البطريركية تدور بخطواتها المدروسة ، لتسير في الأتجاه الصحيح ، قبل ايام كان انعقاد السينودس الكلداني في بغداد والذي انتخب ثلاثة أساقفة للابرشيات الشاغرة ومعاوناً بطريركياً ، والأساقفة هم :  هم: الأب د. يوسف توما مرقس الدومنيكي، رئيس أساقفة أبرشية كركوك والسليمانية (التي تمّ دمجها قانونيًا وإداريًا بأبرشية كركوك)، والأب حبيب هرمز ججو النوفلي، رئيس أساقفة أبرشية البصرة والجنوب، والأب د. سعد سيروب حنّا أسقفاً فخريًا للحيرة ومعاونًا للبطريرك ، كما وضع الحل النهائي لمشكلة المطران الجليل مار باوي سورو ، ليصار الى قبوله في الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية .
بالعودة الى خارطة الطريق في معنى التجدد بمواكبة روح العصر والمضئ في عملية التحديث مع عدم إغفال او نسيان الإصالة والجذور فنحن لنا تاريخ راسخ في هذه الأرض ، ولنا اسم قومي كلداني وحضارة مشرقة فلا يمكن الأنقطاع ومعاداة الماضي امام زخم التجدد والتحديث . ويمكن وضع موازنة عقلانية حكيمة بين الماضي والحاضر ، وفي شأن الوحدة كان انفتاح وتحرك غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو لتجسير اواصر التفاهم والتعاون مع كل الكنائس وفي المقدمة كانت الكنيسة الآشورية ، ولم يدخر جهداً في سبيل ذلك .
مصير الكنيسة وشعبها منوطان باستعادة الدولة العراقية لمكانتها وهيبتها ، وإرجاع الأوضاع الطبيعة للمجتمع في كل المدن العراقية ، وهكذا عملت البطريركية الكاثوليكية الكلدانية على تقريب وجهات النظر لمختلف أقطاب القوى السياسية العراقية ، ونالت باطريركية بابل على الكلدان في العراق والعالم مكانة سامية ومحترمة بين اوساط القيادة العراقية وهي محل تقدير واحترام كل الأطراف في هذه القيادة وذلك لموقفها الوطني الحكيم النابع من اخلاصها لمفهوم الوطن .
إن هذا الموقف المعتدل المقبول من جميع الأطراف ، يعتبر موقف مبدأي ومنذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في اوائل العشرينات من القرن الماضي ، والتي اسست على انقاض الأمبراطورية العثمانية المنهارة ، لقد كانت الدولة العثمانية تعامل الأقليات بمبدأ نظام الملل الذي يعني منح مساحة من الحكم الذاتي للملة مقابل دفع الضرائب المترتبة عليها للباب العالي ، ويكون الرئيس الديني ( البطريرك ) للملة هو الحاكم الدينيوي لملته ايضاً .
في الدولة العراقية بات الرئيس الديني ( البطريرك ) هو الرئيس الديني فقط ، والمسائل الدينوية تعود مرجعيتها الى قوانين الدولة التي تسري على الجميع ، لكن هذا الوضع لم يمنع الدولة العراقية من وضع صيغ للمساواة بالجوانب السياسية ، فقد كان مجلس الأعيان يتكون من 20 عين يصار الى اختيارهم من قبل الملك مباشرة ، وكان البطريرك الكاثوليكي الكلداني عضواً في هذا المجلس ، إضافة الى كوتا مسيحية مؤلفة من 4 نواب وبعد هجرة اليهود كانت الكوتا المسيحية عام 1952 تتألف من 8 نواب .
إن مسيرة مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية في المجال السياسي كان مناصراً للدولة بجهة تطبيقها حكم القانون ، وكانت مع استقرار الأوضاع ، لأن الأوضاع المستقرة تضمن الظروف الملائمة للعيش المشترك ، وهي تسعى لضمان حقوق شعبها الكلداني والمسيحيين بشكل عام ، ليس في ضمان حقوقهم الدينية في العبادة والشعائر فحسب ، بل السعي لمساواة شعبها الكلداني في الحقوق القومية والوطنية كما هي لبقية المكونات .
لقد كان واضحاً لكل ذي نظر ، بأن هنالك محاولات مفضوحة لدق اسفين التفرقة بين الكنيسة وشعبها الكلداني ناسين او متناسين انهم جميعاً في سفينة واحدة تمخر عباب البحر وينتظرها مصير واحد ، ويقودها ربانها الحكيم وعلى متنها طاقم القيادة مع الركاب ، وإن الجميع ينتظرهم مصير واحد ، وإن مصلحتهم جميعاً ومصلحة الوطن تكمن في رسو السفينة على شاطئ السلام والأمان ، كما ان تلاحم الكنيسة مع شعبها ضمان لهذا الأمان والأستقرار  .
إن مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية في العام المنصرم ، إضافة الى نشاطها الكنسي ، وعلى مستوى الإداري والإعلامي ، فقد كان زاخراً بنشاط وحراك على مستوى المؤتمرات للدفاع عن المسيحيين في العراق وفي الشرق الأوسط  عموماً ، كما كان ثمة حراك على مستوى الوطن لرأب الصدع بين اقطاب الساسة في العراق بهدف تحقيق عملية سياسية ناجحة ، لنقع على حالة من الأمان والأستقرار لوطننا العراقي . وهي امنية الجميع إذ إن الأمان والأستقرار حالة مطلوبة وتصب في مصلحة النسيج المجتمعي العراقي برمته .

د. حبيب تومي / اوسلو في 16 / 01 / 14





51
كيف نشكل من الكوتا المسيحية كتلة برلمانية مؤثرة في القرار السياسي؟
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
كان قدرنا ان ننحني ونسلم للقرارات المفروضة علينا ، فقد نزع عنا الأنتماء القومي الكلداني والسرياني والآشوري ليصار الى شرعنة الإطار الديني تحت مسمى الكوتا المسيحية ، وكانت كل المكونات قد حددت باسمها القومي : الأكراد التركمان الأرمن .. لكن نصيبنا كان التقسيم الديني ، فكان التجاوز على تسمياتنا القومية التاريخية ، وكان لأحزابنا المتنفذة دورها الكبير بقبولها لهذه للتسمية الدينية لتمشية مصالحها ولإحراز مكاسب سياسية تحت اسم المكون الديني المسيحي . فأنا شخصياً انفر من التقسيم الديني للمجتمع : مسيحي ومسلم .. ولنا نحن المسيحيون تجربة مريرة عبر العلاقة التي كانت تترجم بمنطق اهل الذمة او اهل الكتاب . نحن في القرن الواحد والعشرين ونحن لسنا اهل الذمة بل مواطنون عراقيون في الدولة العراقية الحديثة . ولهذا اقول سوف نقبل بهذه التسمية بمرارة لعلنا نفلح في تغيير الواقع مع الخيرين من ذوي النفوذ والسلطة في المستقبل .
كل الدلائل تشير الى شيوع حالة فريدة في نفور وابتعاد  الناخب المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين من الأشتراك في عملية الأنتخابات ، وهذه اللامبالاة ، بل النفور والأبتعاد عن المساهمة في اللعبة الأنتخابية ناجم عن التجربة المريرة في السنين الخوالي وعبر عدة دورات برلمانية ، والكل يصل الى قناعة بأن نوابنا في هذه الدورة والدورة السابقة لها ، كانوا نواب يعملون بالدرجة الأولى لمصالحهم الخاصة ، ولم نلمس بينهم من برز في الدفاع عن حقوق شعبه ، لقد خلق ذلك نفوراً واستياءً لدى ابناء هذه الشعب من الكلدان والسريان والآشوريين ، وهكذا كان الإحجام الكبير عن الاشتراك في عملية الأنتخاب .
من العبث التشدق بأن اعضاء برلمان الكوتا المسيحية حققوا نصراً بإصدار الحكومة العراقية  "قانون اللغات الرسمية 7 كانون الثاني 2014 " الذي صدر مؤخراً فجعلت السريانية لغة رسمية ، فالواقع يدحض هذا الزعم حيث ورد في المادة السابعة من هذا القانون :
المادة -7- يجوز فتح مدارس لجميع المراحل للتدريس باللغة العربية أو الكردية أو التركمانية أو السريانية أو الأرمنية أو المندائية في المؤسسات التعليمية الحكومية أو بأي لغة أخرى في المؤسسات التعليمية الخاصة وفقاً للضوابط التربوية. راجع الرابط ادناه :
http://splashurl.com/p5ndxzw
فالقانون قانون وطني عام يشمل اللغات العراقية قاطبة ، ولا فضل لنواب شعبنا في إصدار هذا القانون ، وليس من الأصول تسويقه لحساب حزب مسيحي او نائب مسيحي .
لقد كانت اعداد المقترعين لقوائم الكوتا المسيحية في اقليم كوردستان في الأنتخابات الأخيرة لا يتجاوز العشرة آلاف صوت ، وهذا عدد متواضع جداً ، وماذا يبقى منه إن طرحنا الأصوات التي وصلت قائمتا الحركة الديمقراطية الآشورية والمجلس الشعبي من القوائم الكردية ؟
 وهي بحدود 2000 صوت اي ان المقترعين لا يتجاوز عددهم الى 8 آلاف صوت ، ونحن نقول ان اغلب ابناء شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين هم في اقليم كوردستان ، في حين ناهزت الأصوات للكوتا المسيحية في الأنتخابات السابقة السبعين ألف صوت . وبالقسمة على خمسة نواب في البرلمان الكوردستاني ستكون حصة كل منهم حوالي 1600 صوت وهذا رقم متواضع جداً جداً إذا ما قورن ما يحتاجه المرشح في القوائم الأخرى المنافسة والتي  بشق الأنفس تحصل على مقعد في البرلمان ، وهنالك احزاب صغيرة وعريقة اخفقت بالوصول الى مبنى البرلمان بسبب العتبة الأنتخابية العالية التي ينبغي الوصول اليها .
إن إخفاق نواب الكوتا المسيحية في تحقيق إي انجاز ملحوظ لشعبهم ، ناجم ، حسب رأيي المتواضع ، عن الخلافات التي تمزق وحدة كلمتهم داخل مبنى البرلمان ، وبذلك يفقدون اهمية عددهم حتى إن كان متواضعاً .
الراصد لسير الأمور في البرلمان العراقي يلاحظ بجلاء : كيف ان الشيعة رغم الخلافات بينهم تمكنوا من ايجاد صيغة توافقية لتكوين اكبر كتلة برلمانية داخل البرلمان ، ليصبح من نصيبهم تشكيل الوزارة ، وهذا ينطبق على الكيانات الكوردية المؤتلفة داخل البرلمان وتعمل مجتمعة بخطاب واحد للدفاع عن حقوق الشعب الكوردي ، وهذا ينطبق على المكون السني ، باستثناء المكون المسيحي الذين احدهم ( يجر بالطول والآخر يجر بالعرض ) كما يقال .
فهل يمكن ان نستفيد من تجربة هذه المكونات ؟
وهل نستطيع ان نأخذ العبرة من السنين الماضية ؟
وهل يمكن ان تشكل كتلة الكوتا المسيحية ورقة ضغط في البرلمان ؟
وهل يمكن ان تشكل الكوتا المسيحية كتلة واحدة يكون لها تأثير ودور في القرار السياسي؟
هذا ما اريد ان اجيب عنه في هذا المقال .
حينما اتحدث ان كتلة الكوتا المسيحية ، إنما اطرحها كفكرة عامة ، فالكوتا المسيحية يتنافس عليها 13 قائمة وإن كان في كل قائمة 10 مرشحين سيكون هنالك 130 مرشح يتنافسون للفوز بخمس مقاعد ، أي سيكون هنالك خمسة من الفائزين مع 125 من الخاسرين ، ومن المؤكد سوف يفوز من يمتلك مقومات الفوز ، وفي كثير من الأحيان لا تكون الكفاءة من مقومات الفوز بل الإمكانية المادية المعروفة بالمال السياسي ، والدعاية الأنتخابية ، وهذا واقع حال في الأنتخابات السابقة ، وعلى الأرجح اللاحقة ، لكن لا نريد ان نعطي توقعات متشائمة عن الأنتخابات المقبلة ، فنـامل ان تجري انتخابات نزيهة ، وان يكون الناخب اكثر ذكاءً وان لا يقع بنفس المطب السابق .
 اعود الى موضوع تشكيل كتلة برلمانية مؤثرة من العدد المتواضع للكوتا المسيحية .
فإن كان كل نائب مسيحي يسير منفرداً ، فإن هذا النائب سوف يشكل (1) على (325 ) من مجموع النواب في البرلمان ، وسوف لا يكون له اي قيمة عددية ، بينما لو اتفق 5 اعضاء وبالأتفاق مع النائب الأرمني ستكون هناك كتلة برلمانية متكونة من 6 اعضاء ، وسوف تكون هذه الكتلة البرلمانية واحدة من الكتل البرلمانية العشر ، اي يكون صوتها عددياً (1) على (10) وحسب الكتل البرلمانية الصغيرة والكبيرة ، ونحن نعرف اهمية هذه الأصوات اثناء التصويت على قرار معين .
بهذه الصيغة سوف تحاول الكتل الكبيرة بالأتصال بهذه الكتلة ( المتراصة والموحدة في قرارها ) لاستمالتها وكسب اصواتها الستة الى جانبها ، وحينئذِ سوف تعرض الكتلة المسيحية شروطها ، فهي كبقية الكتل تريد ان تقدم مكاسب لشعبها ولناخبها الذي انتخبها .
إن احترام وتقدير الكتل الأخرى للكتلة المسيحية سوف يزداد حينما تتميز هذه الكتلة ( المسيحية ) ( مجتمعة ) باستقلالية قرارها ، وعدم خضوعها لأية جهة ، وتجري المساومة على المكاسب ، أن اي كتلة تحترمنا وتعطينا مكاسب اكثر نحققها لشعبنا سوف نصوت لجانبها ، وستة اصوات لها قيمتها وسط الكتل المتعددة .
إن تشرذم وتشظي النواب المسيحيين في البرلمان وتقسيم ولاءاتهم لهذا الطرف او ذاك ، سوف لا يكون في صالح المسيحيين من الكلدان والسريان والاشوريين والأرمن وسوف يفقدهم الكثير من عناصر المناورة السياسية المطلوبة في هذه المواقف المهمة . ،سوف تغدو هذه الكتلة ضعيفة ومشلولة وغير قادرة على تحقيق اي مكسب مهم لشعبها وتكتفي بالرواتب والمخصصات التي يتقاضاها البرلمانيون ، ويا لها من خديعة بحق الشعب الذي انتخبهم وأوصلهم الى مبنى البرلمان .
ربما لا نسطيع تحقيق تضامن او تعاون في الجانب القومي فلكل طرف نظرته القومية يعتز بها ، وعلينا احترام مشاعر كل طرف : الكلداني والسرياني والآشوري . لكن هذا ( العدم التعاون بالشأن القومي ) لا يمنع من ان يسود التضامن والتعاون سياسياً فنشكل كتلة برلمانية مؤثرة في القرار السياسي لنحقق مكاسب للناخب المخلص الذي انتخبهم ومنحهم صوته الثمين .
إنه طريق واضح اضعة امام النائب المسيحي العراقي في الكوتا المسيحية وليس المهم من يحظى بالفوز ، إنها مهمة النائب المسيحي ليكون وفياً وأميناً للامانة التي منحها له الناخب المسيحي إن كان داخل العراق او خارجه .
الطريق واضح امام نوابنا اليوم وغداً ، فإما كل منهم يعمل بشكل شخصي مستقل ويميل نحو الجهة التي تحتضنه ، وكما جرى في الدورات السابقة ، وإما ان يكون لهم مصداقية وأمانة لشعبهم ويشكلون كتلة برلمانية واحدة ، فيكون لهم استقلالية القرار وشخصية يحترمها الجميع ، بفضل ميزة تميزهم بعملهم المؤسساتي في اتخاذ المواقف الموحدة عن القضايا المطروحة ، بعد العمل التشاوري المستمر بينهم وليشعر كل عضو منهم بأنه المسؤول عن اي فشل امام شعبه .
 
تحياتي
د. حبيب تومي / اوسلو في 10 / 01 / 14


52

أدعو لتوقيع عهد شرف بين قوائم الكوتا المسيحية بعدم اللجوء الى التسقيط السياسي
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@.no
نحن شعب مسيحي واحد كما يزعم الجميع إن كنا كلداناً او آشوريين او سريان او ارمن فلا فرق بيننا والدليل على ذلك هو (المساواة) بيننا في عمليات التهجير القسري من الوطن وظلم وقهر وإرهاب يطالنا جميعاً دون تفرقة والسبب هو هويتنا الدينية المسيحية فهذه الهوية يمكن ان توحدنا في السراء والضراء ، لاسيما اوقات المحن .
بالإضافة الى كل ذلك هنالك من العقلاء والكتاب ورجال الدين المعتدلين من المسلمين في وطننا يضربون بنا المثل نحن المسيحيون  بأننا مثال التعايش والوعي وقبول الآخر ، والكل يشهد ان المكون المسيحي يمثل نخبة عراقية وطنية واعية في النسيج المجتمعي العراقي  . ومع كل هذه الأسباب ينبغي ان نشكل مثالاً جيداً يقتدى به في التجربة الديمقراطية العراقية ، ولهذا اقول :
علينا ان نوقع وثيقة شرف بين كل الكيانات المتمثلة في قوائم الكوتا المسيحية لكي لا نلجأ الى اسلوب التسقيط السياسي للاخر او استخدام المال السياسي في عملية الأنتخابات وحري بنا ان نبتعد عن هذا الأسلوب المعتبر اسلوب يتاخم اللاأخلاقية السياسية . فمهما كان بيننا من التنافس فلا يمكن ان نصل الى حدود العداوة والأنتقام  .
من المؤسف ان نلمح في الأفق اسلوب التسقيط السياسي يلجأ اليه الآخرون ونحن في مرحلة مبكرة من الدعاية الأنتخابية ، فقد كتب السيد انطوان صنا في تعليق له على مقالي السابق الموسوم : لماذا رشحت نفسي في قائمة بابليون التي يرأسها الأخ ريان الكلداني ؟
وكان رد السيد انطوان صنا الذي تنكر لأنتمائه الكلداني وانتقل الى الأنتماء الآشوري ، وهذا امر يخصه لا نتدخل فيه ، لكن هو اول من استخدم اسلوب التسقيط السياسي باعتباره ، محسوب وموالي لقائمة المجلس الشعبي تحديداً . وقد كتب تعليقه على المقال المذكور بتعليق غريب عجيب وبمنأى عن اي رأي حصيف ولائق ومسؤول ، ويبدو ان اناء هذا الرجل ينضح بما هو فيه ، إذ يقول في الفقرة الرابعة وحسب الرابط اسفل المقال . يقول :
 - حسب رأي الشخصي ان السيد حبيب تومي فقد مركز توازنه السياسي ويتخبط ويشعر بنوع من الافلاس السياسي والتهميش والشعور المسبق بفشل التنظيمات السياسية الكلدانية لذلك ارتمى في احضان قائمة (بابليـون) بشكل غير لائق بعمره وبتاريخه ومواقفه وادعاءاته ومزايداته من اجل الكرسي خاصة ان قائمة بابليون غير متجانسة فكريا وسياسيا وطارئة على شارع شعبنا وليس لها علاقة بفكر شعبنا وبحقوق شعبنا الوطنية والقومية والتاريخية المشروعة في الوطن واني مسؤول عن كلامي . انتهى الأقتباس .
في الحقيقة انا مستغرب من هذا الأسلوب التسقيطي ، فأنا شخصياً كانت علاقتي طيبة مع هذا الرجل العجيب الغريب في مواقفه ، والدليل على ذلك ما يسطره هذا الرجل من كلمات التقدير والأحترام لشخصي ، ففي رسائل سابقة كنت استلمتها من السيد انطوان الصنا وعلى سبيل المثال هذه رسالة بتاريخ 12 / 3 / 2009 يقول فيها :
استاذي العزيز حبيب تومي المحترم
تحية طيبة
استلمت رسالتك التاريخية واني عن نفسي سوف التزم بكل ماورد فيها من اسس وقواعد حرصا على وحدة الكلمة والصف القومي الكلداني مع
تقديري


                                                                اخوكم ومحبكم
                                                                  انطوان الصنا
                                                                    مشيكان

 ورسالة اخرى وهي بتاريخ 17 / 5 / 2009 يقول السيد انطوان الصنا في بعض ما ورد فيها :
استاذي الفاضل حبيب تومي جزيل الاحترام
تحية اخوية واعتذار
اعتذر كثيرا لتأخري في الرد لانشغالي ...  

استاذي العزيز
ان مفاهيم الزعل والتشنج ليس ضمن قاموس تعملنا الحياتي اليومي والثقافي لثقتنا بأنفسنا ومبادئنا اولا ... فكيف ذلك ونحن تلاميذ مدرستك ثانيا ......

مرة اخرى اكرر اعتذاري واسفي الشديد على تأخري الرد وستبقى علما ومفكرا واستاذا لنا وتذكره الاجيال الحالية والقادمة بكل شموخ واباء بعد عمر طويل وبفخر واعتزاز وثقة مع تقديري واعتزازي ...

                                                    تلميذكم ومحبكم
                                                      انطوان الصنا
                                                        مشيكان

يستنتج من هذه الرسالة وغيرها بأنه لا يوجد خلاف شخصي  مع السيد صنا ، ولكن حينما بدل السيد صنا ولائه القومي والسياسي بات يسلك سلوك التسقيط السياسي للاخرين ..
انا شخصياً كنت ثائراً في الجبال وبعد ذلك درست خارج العراق ، ثم عملت مهندساً بحرياً في اعالي البحار ، وخالطت مجتمعات كثيرة ولم اصادف في حياتي شخص بهذه القابليات ، فأنا شديد التعجب بهذه القابلية للتلون او التحول ، وهنا اسأل السيد انطوان الصنا : اي من النصين عن حبيب تومي فيه المصداقية وأي منهم فيه عدم المصداقية ولا اقول ( الكذب ) . والجواب متروك للسيد الصنا .

اقول :
لا يليق بنا نحن المسيحيون ان يسود بيننا اسلوب التسقيط السياسي ، من حق اي كيان وقائمة ان يشرح برنامجه للمواطن ويظهر تاريخه النضالي ، ومن حقه ان يقنع المواطن ويكسبه الى جانبه ، لكن ليس من حقه اللجوء الى إسقاط الآخر ، لأن الاخر سيقوم بعملية رد فعل فيلجأ الى اسقاطه ايضاً ، وهكذا تبرز المشاكل لتصل احياناً الى عمليات الأنتقام والقتل بين بعض القوى المتنفذة ، ونحن الكلدان والسريان والآشوريين في غنى عن هذا التسقيط الذي يصنف مع اللاأخلاقية السياسية .

المال السياسي
من المعروف ان المال السياسي للدعاية الأنتخابية يأتي من المتبرعين ، وخاصة من اعضاء الكيان او اصدقائهم ، لكن في العراق اعتقد الحكومة تساهم في هذا الجانب ، وعلى نطاق قوائمنا المشتركة في الكوتا المسيحية ، فما ترشح من الأخبار في الأنتخابات السابقة فإن القائمتين التابعتين للمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري والزوعا قد أغرت الناخبين ببعض الحاجيات المنزلية كالصوبات ، والبطانيات ، وكرتات الموبايل وربما مبلغ من المال .. الخ
ليس من حق الكيان ان يصرف المبالغ التي تجمع باسم الجمعيات الخيرية ، كجمعية آشور الخيرية ، والمبالغ المخصصة للعوائل المتعففة او المخصصة للبنية التحتية للقرى المسيحية والتي هي بحوزة المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، ليس من حق هذين الكيانين صرف هذه المبالغ للدعاية الأنتخابية ، او لشراء اصوات الناخبين .

الدعاية والإعلام
يحضرني ما اقدم عليه موقع عنكاوا في الأنتخابات البرلمانية العراقية السابقة ، حيث منح مساحة إعلامية متساوية لجميع القوائم ، لكن هذا السلوك لم يكن سارياً في قنواتنا الفضائية . ففي فضائية اشور ومواقع الزوعا الألكترونية كانت مخصصة للدعاية لقائمة الزوعا وهذا مفهوم . باعتبار زوعا حزب قومي متشدد معروف بأديولوجيته الأقصائية بحق الكلدان والسريان على  فرضية خلق مكون مسيحي متجانس قومياً وهي القومية الآشورية . لكن هذه الأفكار باتت منبوذة ومنكرة في العالم المتقدم ، وفي وطننا العراقي في طريقها الى الزوال امام الفكر الليبرالي الديمقراطي الحر .
وفي نفس السياق عكفت فضائية عشتار المخصصة للمكون المسيحي من قبل اقليم كوردستان ، فإن هذه الفضائية تستغل من قبل مكون مسيحي معين ، دون ان يستفيد منها السريان والكلدان فيما يخص المسألة القومية ، بل ان فضائية عشتار تتخصص وقت الأنتخابات          ( حصرياً ) للدعاية الأنتخابية لحزب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري  الذي يتنافس مع الأحزاب الأخرى على مقاعد الكوتا المسيحية . فيتوفر حظ اوفر من الدعاية الأنتخابية للزوعا وللمجلس الشعبي ، وهذا واضح من هيمنة الحزبين على الكوتا المسيحية في اقليم كوردستان وفي برلمان العراق الأتحادي في الدورات السابقة .

نعود الى المهم
 وهو الكف وإيقاف اسلوب التسقيط السياسي ، وكذلك عدم اللجوء الى تسخير المال السياسي في شراء الأصوات بين الفرقاء في الكوتا المسيحية ، بغية خوض عملية انتخابية شفافة شريفة ، ونترك للناخب حرية الأختيار بمنأى عن الأساليب الملتوية . وربما تكون هذه الطريقة غريبة في مجتمعاتنا ، لأننا تعلمنا على الأسلوب الميكافيللي في الوصول الى الهدف السياسي ، إذ اصبحت الميكافيلية تعتمد كصفة للخبث والدهاء والغدر والفساد في السلوك والأخلاق .
ولكن حتى ( ميكافيللي يقر بوجود سبيلان للوصول الى الإمارة ، ففي الفصل الثامن من كتابه الأمير يقول ص96 في عنوان : أولئك الذين يصلون الى الإمارة عن طريق النذالة ، ويضيف ان احد السبيلين يتلخص في وصول المرء الى مرتبة الإمارة عن طريق وسائل النذالة والقبح . اما السبيل الآخر فعن ارتقاء أحد ابناء الشعب سدة الإمارة في بلاده بتأييد مواطنيه) . انتهى الأقتباس
 وفي الحقيقة ان ميكافيللي يورد ذلك منطلقاً من ظروفه ولا يمكن التطرق اليها لأسباب يطول شرحها .
المهم إذا اتفقنا على نبذ الأساليب المنافية للعملية الديمقراطية السليمة  ولأخلاقيات السياسة ، فيمكن ان يشكل ذلك ارضية سليمة للتعاون داخل مبنى البرلمان والذي سوف نتطرق اليه في مقال قادم .
ولهذا ادعو كافة الكيانات السياسية المسيحية العراقية المتمثلة بالقوائم المسجلة ان نلجأ الى الدعاية الأنتخابية الشريفة لكي نمثل نموذج حي مثالي لخوض اللعبة الديمقراطية بطرق نزيهة ، فهل نستطيع ذلك ؟ فلنوقع وثيقة شرف على انتهاج هذا الأسلوب المثالي .

تحياتي
د. حبيب تومي / اوسلو في 04 / 01 / 14
 

://.ankawa.com/forum/index./,718951.0.


53
امنياتي وطموحاتي الوطنية والسياسية والقومية عام 2014
بقلم : د. حبيب تومي  / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
عام 2013 يلفظ انفاسه الأخيرة ليودعنا ، وقافلة الأيام سائرة في قانونها الأزلي غير مكترثة بادعاءاتنا ، بوجود وقت جميل ووقت تعيس ، إن وقتنا هو انتاج صناعتنا نحن نصنع الزمن الردئ ونحن نصنع الزمن الجميل ، الوقت من شروق الشمس الى غروبه ، شئ محايد لا يزرع الحروب والبغضاء والأحقاد ، أنما نحن نزرعها ، فالكينونة ماضية عبر الزمن لتغدو صيرورة يخلد ما يكتب عنها في التاريخ وما يبقى فوق الخرائب والأطلال بعد القرون في قادم الأزمنة .
قبل سنين وصلت الى بريدي مجلة باللغة النرويجية وزينت على كامل غلافها الأول رقم   60 سنة (60år. year) ومعها بطاقة دعوة لحضور احتفال في أحدى القاعات الكبيرة في مركز مدينة اوسلو ، حضرت الأحتفال ورأيت الحضور يتكون من الأعمار 60 سنة فما فوق من رجال ونساء . وتكلم بعضهم عن مراحل العمر . وقال احدهم :
ان العمر بعد الستين يكون المرء قد تخلص من مسؤولياته ، إن كان بالشأن الدراسي فقد حقق آماله الدراسية ، وإن كان في المجال الأسري فقد انتهت مسؤوليته بتربية الأولاد وتخرجهم واعتمادهم على انفسهم ، وإن كان في المجال التجاري  فقد حقق طموحاته المالية وبنى له مسكناً ملائماً .. هكذا ينبغي بعد الستين ان يعيش المرء حياته دون قيود او مسؤولية وكما كان طفلاً حيث يعيش ليومه دون هموم او تعقيدات الحياة .
في الحقيقة ان الحياة لا تقف عند حد معين مادام الفكر فاعلاً ونشيطاً ، وليس هنالك حدود او حالة معينة تمثل السعادة والفرح ، انها اشياء نسبية ، إن السعادة برأيي المتواضع ان يبقى الإنسان حاملاً لهدف يسعى الى تحقيقه ، فبعد بلوغة قمة عليه ان يسعى لغيرها ، وكما يقول الفيلسوف الألماني شوبنهاور : الدنيا ليست محلاً للسعادة بل للانجاز ، هكذا هي الحياة .
بعد ايام سوف نودع عاماً ونستقبل عاماً جديداً ، والأيام تنتظر ما يضاف اليها من جهود ومنجزات لتضاف الى التراكمات المنجزة عبر الأجيال ، الحياة لا تتوقف ، وكما يقول  فولتير ( 1694 ـ 1778) (ول ديورانت "قصة الفلسفة " ص249) :
من لا يعمل لا قيمة لحياته ، وكل الناس أخيار إلا الكسالى . لقد ذكرت سكرتيرته عنه انه لم يكن بخيلاً بشئ سوى بوقته . وهو يكتب :
كلما تقدمت في العمر اكثر شعرت بضرورة العمل اكثر ، واصبح العمل لذتي الكبرى ، وحل في مكان اوهام الحياة ، إذا اردت ألا ترتكب جريمة الأنتحار ، أوجد لنفسك عملاً .. وفي مكان آخر يقول فولتير عن نفسه : إنني اعبر عن آرائي بوضوح كاف ، وأنا كالجدول الصغير الشفاف ترى ما في قاعه لقلة عمقه ..
اجل ان الحياة عمل ومثابرة وفرح ومحبة وإنجاز .. علينا ان نقتدي بهؤلاء الفلاسفة العظماء ، إنهم قد اعطوا معنى حقيقياً للحياة وكانت إبداعاتهم التي تفتق عنها الذهن البشري وبأفكارهم النيرة توصلت الشعوب والأمم المتقدمة الى ما هي عليه اليوم من تقدم ورقي .
 بعد هذه المقدمة التي لم تكن مملة بالنسبة لي ، لأنني استمتعت بتصفح كتاب عزيز الى قلبي وهو وول ديورانت  " قصة الفلسفة من افلاطون الى جون ديوي " الذي اغيب بين صفحاته اللذيذة في احيان كثيرة .
اعود الى عنوان المقال امنياتي وطموحاتي للعام المقبل .
اولاً : ـ
ـ الشأن القومي لشعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين

من المؤسف ان اقول اننا لا زلنا في نفق أُدخًلنا به عنوة من قبل الأخوة في الأحزاب الآشورية التي استطاعت ان تأخذ بيدها مسؤولية المكون المسيحي من الكلدان والسريان والآثوريين ، في العملية السياسية ، بعد سقوط النظام في 2003 . هذه الأحزاب ، مجتمعة ودون استثناء ، بدلاً من تبني صيغة وحدوية اخوية تحترم كل الأطراف ، عوضاً عن ذلك تبنت نظرية إقصائية مكروهة بحق الكلدان والسريان ، في البداية جربت التسمية الآشورية فقط لاحتواء الجميع ، وحينما لاقت تلك التسمية الرفض القاطع من قبل الكلدان والسريان لجأت تلك الأحزاب على إعداد طبخة سقيمة في مطابخهم السياسية الحزبية ، وهي التسمية الهجينة ( كلدان سريان آشوريين ) لتكون بديلاً لوحدة حقيقية بين هذه المكونات .
كان تسخير المال والإعلام والإغراء بالمناصب لكي يصار الى تشويه المفهوم القومي الكلداني ، وفعلاً ثمة طبقة من الكلدان تأثرت بتلك المغريات وبتلك المناصب وبذلك الإعلام ، فأنا اعرف اشد المنافحين عن القومية الكلدانية ينتقلون بين ليلة وضحاها الى الضفة الأخرى لإحراز بعض المكاسب الشخصية على حساب المسالة القومية ، بل الأنكى من ذلك تطوع بعض هؤلاء ، الملقبين بالمتأشورين ، تبرع هؤلاء بمناوئة اي شخص او تنظيم يفتخر بقوميته الكلدانية ، وانا شديد الذهول من هؤلاء ، كيف يدعون بأحقية تمثيلهم للشعب الكلداني في حين يستهزئون ويستهجنون طموحاته القومية الكلدانية ، وتاريخه ، وأسمه ، وحتى تعبير لغته الكلدانية يعملون على محوها من الوجود ، فهل مثل هؤلاء مدافعين عن حقوق الشعب الكلداني ام مناوئين له ؟ حقاً إن من له مثل هؤلاء المدافعين لا يحتاج الى اعداء .
أقول :
أملي في العام المقبل 2014 ان نجد صيغة واقعية مقبولة لتعاوننا نحن الكلدان والسريان والآشوريين وأن نطور علاقاتنا لكي نستطيع صنع شكل مثالي ، ليس للعيش المشترك فحسب بل لأيجاد اسس راسخة من التفاهم وقبول الآخر لنتمكن من بناء علاقات اخوية حقيقية مع نبذ وإجهاض اي افكار إقصائية بحق اي مكون من مكونات شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن ومع كل مكونات الشعب العراقي .
يقول نلسون ماندلا :
لثلاثة قرون، حاول البيض أن يقولوا للرجل الأسود أن لا تاريخ له ولا أي حضارة ولا هوية يمكن له أن يعتز بها، وإن البيض فقط لهم تاريخ وتراث وشعور برسالة في الحياة .
وهنا اهمس بأذن الأخوة الذين يتبنون تلك النظريات التي مضى زمنها ، علينا ان نفتح صفحة جديدة من الأحترام المتبادل وقبول الآخر ، هذا هو الفكر الليبرالي المعاصر ونحن اولاد اليوم علينا الأقتداء بتلك الأفكار النيرة .

ثانياً :ـ
ـ الشأن الوطني

ثمة المسألة الملحة وهي استتباب الأمن والأستقرار في المدن العراقية التي يلفها العنف والصراع الدموي ، حصاد السنين العشرة الماضية كان له نتائج مؤلمة وكارثية لا سيما على الأقليات الدينية وفي المقدمة يأتي المسيحون من الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن وكذلك الأخوة المندائيين وبعد ذلك الإيزيدية ، وبات الأنسان يتعامل بفرضية إما قاتل او مقتول ، وهنالك الأكثرية الساحقة من الشعب العراقي التي تريد ان تنتهي هذه الحالة المأساوية ، لكن يبقى القرار بيد الطبقة السياسية التي يبدو بالظاهر انها تتحاور وتتفاوض وحينما لا تتوصل الى قرار تنقل صراعها الى الشارع وتتحاور بلغة المفخخات والأحزمة الناسفة والأسلحة الكاتمة للصوت .. الخ ، والى جانب ذلك ثمة القاعدة التي لا تريد ان تقبل ان يسود القانون والنظام ولا تقبل ان تبسط الدولة سلطتها وهيبتها في المدن العراقية ، فتعمل على إفشال مفهوم الدولة ليكون لها السطوة في الشارع العراقي .
إن اقليم كوردستان قد عالج هذه المسالة وإن الحكومة هناك قد بسطت معالم الأمن والأستقرار في مدن اقليم كوردستان ولهذا يشهد الأقليم نهضة في البناء والتقدم .
وفي الشأن الوطني هموم كثيرة ، لكن جميعها تبقى معلقة دون توفير الأمن والأستقرار ،الركن الأساسي لبناء مقومات دولة ناجحة وفاعلة في كل مفاصل الحياة .
فهل سيكون عام 2014 عام عودة الأمن والأمان على المدن العراقية ؟ وإن استقرت الأمور سوف يصبح بالأمكان وتأسيس مشاريع استثمارية للقضاء على البطالة ويكون بالإمكان الأهتمام بالبنية التحتية وبالخدمات العامة وبالتعليم وبالزراعة والصناعة والسياحة والثقافة والفن والموسيقى ...  كل ذلك سيكون ممكناً حينما تخرج مدن العراق عنق الزجاجة ومن دائرة العنف الدموي .
ثالثاً : ـ
ـ اما الشأن السياسي

برأيي المتواضع ان العراق اليوم ، حكومة وشعباً مثقلان بتبعات صراعات اقليمية وطائفية ، وإن هذه التركة تنعكس كلياً على الوضع السياسي ، فالعملية السياسية لا تشبه العملية السياسية المألوفة في البلدان المتقدمة بل وحتى في دول العالم الثالث ، فالعملية السياسية عندنا هي محاصصة طائفية مفضوحة ، وهي متأثرة بشكل كبير بضغوطات الجيران ، إن هذه الحالة تنعكس سلبياً على الشارع ، فليس من المعقول هذا الكم الهائل من العمليات الأرهابية اليومية ، وكأنها عمل روتيني وهي تطال تجمعات السكان في الأسواق والمطاعم والمناسبات الدينية والمآتم ومجالس العزاء وغيرها كالتي تقع في مدينة او منطقة ذات طابع سكاني سني ويعقبها تفجيرات مماثلة بمدن ومناطق ذات طابع شيعي .
إن الغطاء الطائفي للعملية السياسية قد افرز الفسادة المالي والإداري وتفشت المحسوبية والقبلية والمناطقية والمذهبية والتفرقة الدينية كل ذلك نتيجة العملية السياسية العرجاء فلم يعد مكان لمفاهيم : الشخص المناسب في المكان المناسب ، ولم يعد مكان لسؤال المسؤول : من اين لك هذا ؟ يا هذا ؟
نأمل ان ان يكون الشعب العراقي قد استفاد من خبرته وتجربته لمدة 10 سنوات وأن يقبل على الأشتراك بالأنتخابات القادمة بشكل كثيف وجدّي ، وأن يتمعن في اختيار الناس المؤهلين لكي تفرز الأنتخابات القادمة طبقة سياسية مهنية ، وربما من المناسب ان نستفيد من العملية السياسية في اقليم كوردستان ، وحسب رأيي انه قد تجاوز مسالة التوزيع الطائفي للمناصب والمسؤوليات فأمامنا طبقة سياسية تمثل الأحزاب السياسية وليس احزاب طائفية .
نتمنى ان يكون عام 2014 عام خير وسلام ووئام للعراقيين قاطبة .
د. حبيب تومي / اوسلو في 22 / 12 / 2013  

54
نصف قرن على استشهاد هرمز ملك جكّو ذكريات البطولة والتضحيات

بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
في مدخل كلي دهوك من الشمال وباتجاه زاويتة وقرية كوري كافانا ينتصب تمثال للشهيد هرمز ملك جكو ( 1930 ـ 1963 ) ، الذي كُرم من قبل قيادة اقليم كوردستان وفاءً لما قدمه من تضحيات لثورة ايلول التحررية بقيادة القائد الكوردي المعاصر ملا مصطفى البارزاني ( 1903 ـ 1979 ) . ان هذه الشخوص والرموز ترجعنا الى لحظة من الزمن تركت بصماتها في سجل التاريخ المسجل في عقول البشر في تلك المرحلة العصيبة .

صورة منشورة في كتاب الأستاذ مسعود البارزاني " البارزاني والحركة التحررية الكردية " الجزء الثالث مع مجموعة الصور المنشورة بين ص160 ـ 161 ، ويعود تاريخها  الى شهر تشرين الأول من عام 1963 في منطقة النهلة ، والذين اعرفهم في هذه الصورة من الجالسين الثاني من اليسار هو صديقي صبحي بطرس من عنكاوا ، والواقفين الثاني من اليسار هو هرمز ملك جكو ( استشهد ليلة 30ـ 01 / 11/ 1963 )  والواقف الى يمينه كاتب هذه السطور
مهما طالت سيرورة الزمن وانسابت قافلة السنين من تضاعيف العمر فلا يمكن ان تفارقني اللحظات الحالمة والسعيدة في تراكم المحن ولحظات الأستعداد للقتال لمقاومة العدو المتربص وراء الأكمة ، فثمة لحظات ، رغم الضائقة ، يمكن فيها امتاع النظر في السماء الصافية المرصعة بآلاف النجوم ، ومع نسائم الصباح  تدغدغ مسامعك زقزقة العصافير المرحة فتنتشي الروح ببصيص من الأمل بالمستقبل ..
إذا تصفحنا اوراق سجل الزمن السرمدي نلقاها تنطوي برتابة وسيرورة وفق قوانين النظام الكوني الأزلي وليس امام المرء سوى التسليم بما يحيط به من البيئة الجغرافية والأجتماعية والثقافية ، وقبل حوالي نصف قرن من الأن تكون قافلة الأيام قد مضت بهذا الكم الكبير من الأيام في القياس الشخصي للعمر ، وما يساوي لحظة واحدة من الزمن الكلي الأبدي ، هكذا هي الحياة ، وفي حدث كبير في  وقته وهو استشهاد احد المقاتلين الأشداء وهو هرمز ملك جكو وغيابه عن ساحة المعركة ، نحاول الولوج في غمرة الذكريات ، ورغم  ما وقع قبل شهر او ربما ايام يكون قد غاب عن سجل الذاكرة لكن ذلك الحدث البعيد لا زال مطبوعاً بوضوح على صفحات كتاب الذاكرة .

صباح ياقو  ( ابو ليلى ) من اليمين كاتب هذه السطور من اليسار والصورة اواسط الستينات من القرن الماضي
إن تراكم  الذكريات العارمة بالمواقف والمفاجئات ، احياناً ، تتداعى كأحجار الدومينو  فتتراءى امامك الممرات الضيقة الوعرة تتلوى كالثعبان عبر الشعاب والوهاد والتي مهدتها الأقدام البشرية والحيوانات عبر آلاف السنين .. وفي اللحظة الزمنية التي نتكلم عنها ( اواسط الستينات من القرن الماضي )  شهدت تلك الممرات والشعب زخم كبير من المقاتلين تركوا بصماتهم على مسار الأحداث ، وأتساءل حينما اكتب عن هرمز ملك جكو هل من السهل نقل مناخات تلك السنين وأشخاصها ومفرداتها وزمنها  ووضعها في ميزان اليوم وفق المعايير الآنية في حاضر الأيام ؟
من الأحداث التي قلما يرد ذكرها كانت عملية مهمة قمنا بها بمعية المرحوم هرمز ملك جكو وانا شخصياً اشتركت بها ، وهي التوجه الى تللسقف وتفريغ محتويات مستوصف تللسقف لأننا كنا بأمس الحاجة الى مادة الكنين المضادة لمرض الملاريا الذي كان متفشياً بين المقاتلين ، ويبدو ان عدم الإشارة الى العملية ناجم عن عدم حدوث اي معركة ولم نطلق فيها طلقة واحدة ، وتم معالجة اصابات كثيرة بمرض الملاريا بين المقاتلين وبين الأهالي .
اما موقع هرمز ملك جكو في تلك الفترة اي منذ عام 1962 حيث تم تحرير كل منطقة بهدينان وجرى تنظيم الإدارة والإشراف العسكري في تلك المنطقة وما يهمنا في هذا المقال ، هو قرار البارزاني مصطفى بإجراء بعض التعينات ومنها تعيين حسو ميرخان دولومري قائداً لمنطقة الشيخان ، ويكون غازي حجي ملو وهرمز ملك جكو وعمر آغا دولمري وشكر عبدال شيخي معاونين له ( مسعود البارزاني : البارزاني والحركة التحررية الكوردية ج3 ص54 ). اي ان هرمز ملك جكو كان موضع ثقة من لدن القيادة الكوردية .
الأنسحاب من منطقة القوش والعودة اليها
لكي يكون القارئ الكريم ملماً بتطور الأحداث في منطقة بهدينان في تلك المرحلة  ، نعود القهقري الى تخوم احداث ثورة ايلول ، اوائل الستينات من القرن الماضي ، حيث استطاعت الحكومة العراقية ان تكسب ود معظم عشيرة المزوري الكبيرة ، فجرى تسليم المنطقة للقوات الحكومية دون مقاومة ، ولم يبق في المنطقة سوى قوتنا التي كانت متمركزة  في دير الربان هرمز وقوة كاكا احمد( مصلح الجلالي )  التي كانت في كلي قيصرية قرب قرية كافارا ، وهذا الكلي فيه مغارات منحوتة يدل على انها دير سابق ، اما هرمز ملك جكو فقد كان في هذه الفترة في قرية شرمن في جبل عقرة .
وكان تسليم المنطقة من قبل المزوريين يعني بقائنا وحيدين محاطين من جميع الجهات بالقوات المعادية ، وهكذا ارسلنا الخبر لجماعة كاكا احمد بالأنسحاب بأسرع وقت ممكن ، ومع ذلك فإن عملية الأنسحاب جاءت بعض الوقت متأخرة فكان يجب الأنتباه جيداً اثناء الأنسحاب لاحتمالات نصب الكمائن على الطريق . ولم نستطع المرور بخوركي وهو طريقنا المعتاد فاتجهنا نحو بالاتن ( بالطة ) ثم الى بريفكا ، الى ان وصلنا في الليل الى بيبوزي التي كانت مزدحمة بالبيشمركة ، فاتجهنا منها الى حسنكة وفي خضم الوضع العسكري المعقد بتسليم المنطقة ومضاعفاتها وقع الأنقلاب الذي تزعمه عبد السلام محمد عارف ضد البعث يوم 18 / 11 / 1963 م .
الوضع العسكري الذي استجد بعد تسليم المنطقة كان يتطلب ايجاد صيغة مستحكمة للعودة الى اليها وذلك عن طريق إرسال قوة عسكرية اليها لأثبات وجود نفوذ للثورة في هذه المنطقة المهمة ، ويقول المرحوم توما توماس في مذكراته :
لم يكن الرجوع الى المنطقة ، امرا سهلا ، اذ يحتاج لمقاتلين اشداء لهم كامل الاستعداد للتواجد الدائم فيها والدفاع عنها في وضع معاشي بائس لا تتوفر فيه الارزاق لعدم وجود الفلاحين في قرى المنطقة ، وتدبير الارزاق يتطلب تضحيات كبيرة لصعوبة نقلها من مناطق بعيدة.
ووقع الأختيار على قوة توما توماس وهرمز ملك جكو إضافة الى قوة من المزوريين ظلت مخلصة للثورة ويقدرون بحوالي 50 مقاتلاً . واهم من ذلك فإن إثبات الوجود في المنطقة يتطلب قيام بعملية عسكرية تكون بمثابة رسالة للحكومة وقواتها المرابطة في المنطقة ولذلك كان يجب القيام بعملية عسكرية .
وقع الأختيار على مركز القوش بالرغم من اعتراض معظم المقاتلين الألاقشة ، وفعلاً تم الهجوم ليلة 26 – 27 / 11 / 1963 لكن الهجوم لم يسفر عن نتيجة ، وهنا ايضاً نعبر هذه المحطة دون توقف لكي لا يشغلنا عن موضوعنا الرئيسي وهو استشهاد هرمز ملك جكو .
بعد الهجوم الفاشل على مركز شرطة القوش انسحبنا الى قرية سينا الإزيدية بالقرب من قرية شيخ خدر في سفح جبل دهوك المقابل للسهل الفاصل عن جبل القوش ، القرية مهجورة إلا من بعض الرعاة فكان يجب تدبير بعض المؤن ، وهنا تجدر الإشارة بأنه كان لنا حملين من العدس والطحين مخزونة في كهوف قرية سيدايي لاستخدامها للحاجة القصوى ، وفعلاً  تم نقل الحملين الى قرية سينان بعد ان وصلنا ونحن نعاني التعب والجوع .

استشهاد هرمز ملك جكو
في يوم 30 تشرين الثاني 2013 يكون قد مرّ على استشهاد هرمز ملك جكو نصف قرن من السنين بالتمام والكمال . وكما سبق ذكره لم يسفر الهجوم على مركز شرطة القوش عن نتيجة ، واعتبر المرحوم هرمز تلك النتيجة وكأنها خسارة ، وأراد تعويضها ، واتفق مع المرحوم توما توماس على القيام بعملية على طريق دهوك بعد القيام باستطلاعات كافية على المنطقة ، لكن المرحوم هرمز قبل موعد القيام بتلك العملية والأستطلاعات اللازمة لها ، طلب تشكيل مفرزة للقيام بالأستطلاع من سفح الجبل فقط دون النزول الى السهل وهكذا شكلت المفرزة، وكانت تتكون من 15 مقاتل اضافة الى المرحوم هرمز ملك جكو ، وكان بينهم 8 مقاتلين من جماعة توما توماس ، وقد اعترض توما على المهمة لكن  هرمز طمأنه بأن المهمة سوف تقتصر على الأستطلاع عن طريق جبل دهوك ليس إلا .
 وهكذا كان من جماعة توما توماس 8 مقاتلين مع هرمز وهم : سعيد موقا وجميل بولص وعابد شمعون كردي ، وكامل مرقس ، ودنخا بوداغ وحنا عوديش العقراوي وعزيز ياقو وحسن تركي مع مجموعة من 7 مقاتلين من جماعة هرمز ملك جكو .
لقد ظهر ان هرمز ملك جكو لم يذهب بمحاذات الجبل ، إنما توجه نحو السهل المنبسط والشمس لا زالت ترسل اشعتها لتنير الدروب ، اي ان الظلام لم يخيم ، وهذا كان خطأ عسكري كبير ، إذ ان العتمة هي سلاح البيشمركة في الأرض المستوية ، وهكذا اندفع هرمز وقوته باتجاه الشارع العام الرابط بين  موصل ودهوك ( علماً ان الشارع زمنذاك كان ممر واحد للاتجاهين ) ، وبالضبط الى الغرب من قرية زاون حيث نصب كميناً على الشارع العام وعلى مبعدة 4 – 5 كم جنوب جسر الوكا الذي كان يتمركز فيه معسكر للجيش السوري المعروف بلواء اليرموك .
وقعت في الكمين ثلاث سيارات زيل عسكرية كبيرة قادمة من الموصل باتجاه دهوك وكان فيها 40 عسكري عائدين من اجازاتهم ، وإثر الهجوم المباغب وقعوا جميعاً في الأسر ، والمفاجئة التي طرأت في هذه المعركة ، ان واحدة من السيارات الأهلية اخترقت موضع الكمين دون توقف ، ويشك بأنها سربت خبر المعركة للمعسكر في جسر آلوكا ، حيث جرى على وجه السرعة إرسال مدرعات عسكرية حسمت المعركة لصالح الجيش بأنزال الخسارة الكبيرة بالثوار البيشمركة بمعركة غير متكافئة بين المدرعت وبين مقاتلين يحملون اسلحة خفيفة ، وبعد ان خيم الظلام اكتفت القوة المدرعة بتخليص اسراهم من قبضة الثوار ولم يبقى منهم سوى نائب ضابط وجنديين . ولم تتحرى القوة العسكرية هذه عن هوية المقتولين ، فكان امامها الأنسحاب السريع ، لكن بالنسبة للثورة كانت خسارة كبيرة بفقدان هرمز ملك جكو وعدد من المقاتلين الأشداء .
الجدير بالملاحظة لم يكن في المعركة اي مجروح ، فإما النجاة ، وإما الأستشهاد ، ومن خلال الأطلاع على طبيعة ساحة المعركة  كان هنالك وادي صغير بالقرب من ساحة المعركة ويمتد لمسافة بعيدة باتجاه جبل دهوك ، فكل من وصل هذا الوادي نجا من رصاص المدرعات ، وكل من لم يحالفه الحظ في الوصول اليه كان هدفاً سهلاً لذلك السلاح الفتاك
فكانت جميع الإصابات مميتة من رشاش المدرعة ، وأقرب واحد الى الشارع العام كانت جثة الشهيد حنا عوديش عقراوي ، وأبعدهم كان الشهيد هرمز ملك جكو ، ولا صحة للمزاعم القائلة ان هرمز انهى حياته بطلقة من مسدسه ، لأنه كما لاحظنا ونحن نحمله بأن إصاباته بليغة في صدره من رشاش المدرعة .
كان لنا بعض بعض الدواب لحمل جثامين شهدائنا وقد استعرناها من بعض الإزيدية في المنطقة كانوا يلجأون الى حراثة اراضيهم الزراعية في الليل خوفاً من القصف .
لقد كتبت قبل سنين مقالاً تحت عنوان : هرمز ملك جكو عنوان الشجاعة ، استهلته بمقدمة تقول :
 اسم هرمز ملك جكّو ، كان في اواسط الستينات على مسرح الثورة الكردية وفي منطقة بهدينان بالذات ، اشهر من نار على علم ، كانت عشائر المنطقة منها الكردية    والإزيدية والعربية تكن لهذا الرجل وافر التقدير والأعجاب والأحترام ، ان شجاعته النادرة ومواقفه الجريئة ، يتناقلها العدو قبل الصديق ، والحكومة العراقية تأخذ احتياطات كبيرة لدى سماعها بوجود هرمز في منطقة ما ، وفوق هذا كله فان هرمز ملك جكّو يحتل مكانة محترمة خاصة من قبل قائد الثورة الكردية مصطفى البرزاني وكذلك من قبل قائد منطقة بهدينان حسو ميرخان ، ليس لكونه عضواً نشيطاً في الحزب البارتي فحسب ، بل لكونه قوة عسكرية ضاربة بيد هذه القيادة .  
هكذا كانت خسارة كبيرة للثورة لم تكن تدري به القوات الحكومية في المنطقة  إلا بعد انتشار وشيوع الخبر .
بالأضافة الى الشهيدين هرمز وحنا، وقع في الأسر حسن تركي من جماعة توما توماس ، ولجأت القوات الحكومية الى إعدامه بنفس منطقة الكمين ، وكان من الشهداء ايضاً الاخوين بنيامين شابو وهرمز شابو إضافة كوركيس ايشو وفيليب أيشايا ،والشهداء الأربعة من قرية ارادن ، نقلت رفاة الشهيد هرمز ملك جكو الى مسقط رأسه في قرية كوري كافانا  ، اما الشهداء الآخرين فقد ووريت جثامينهم في مقبرة الشهداء في دير الربان هرمز فيما بعد ، وجرى تشويه هذه المقبرة في العهد البعثي السابق ، لكن اليوم هذه المقابر لها مكانتها من التقدير والأحترام .

العلاقات بين المرحومين توما توماس وهرمز ملك جكو
كان التقدير والأحترام والتفاهم الأرضية التي يتعامل بها الرجلان ، لقد توطدت العلاقات بين هرمز ملك جكو وتوما توماس وأن العمل المشترك بينهما كان منوطاً بقيادة الثورة الكوردية التي تراعي مصلحة الثورة بالدرجة الأولى ، فحينما رجعنا الى المنطقة كانت بأوامر من قيادة الثورة ، وكذلك حينما انفصل هرمز ملك جكو عنا متوجهاً الى منطقة عقرة كان بأمر القيادة وفق ما تتطلبه مصلحة الثورة .
 لكن عموماً كان هنالك تعاون بين الرجلين وبين رجالهما ، فنحن كنا نرتبط بعلاقات اخوية بيننا ، باستثناء بعض المواقف التي يحتمل حدوثها حتى بين الأخوان في العائلة الواحدة ، وعلى سبيل المثال ، يوم خروجنا من القوش بعد الهجوم الفاشل على مركز الشرطة ، كانت هنالك محاولات لكسر ابواب الدكاكين في السوق لكن نحن الألاقشة كنا بالمرصاد لتلك المحاولات وحدثت بعض الملاسنات الطارئة ، والمرحوم هرمز ملك جكو لم يقبل بها مطلقا .

[mg width=223 height=357]http://upload.ankawa.com//files/1/ankawa3/hn55%20%281%29.jpg[/img] ]
المرحوم توما توماس
 لكن الشئ الذي اود الإشارة اليه أنه لم يكن بيننا اي جدل حول التسميات ولم يكن اي إشارات لإلغاء الآخر ، هرمز ملك جكو آثوري وجماعته آثوريين ، وتوما توماس كلداني ومعظم جماعته كلدانيين باستثناء العرب والأكراد الذين معه ، لكن المحصلة النهائية كانت الأحترام المتبادل لكل الأطراف وقبول الآخر بأبهى صوره .
 لم يكن اي اعلان قومي لوجودنا في الثورة ، كان هنالك بوصلة موجهة لإسقاط حكم ، والكل كان يسترشد بتلك البوصلة هذا على الصعيد السياسي ، لكن ينبغي ان لا ننسى ان لكل طرف انتماءاته الدينية والقومية والمذهبية والوطنية والإنسانية ويسعى لتحقيق حقوقه وطموحاته تلك .
لقد كان تعاون المرحومين توماس توماس وهرمز ملك جكو ، تعاون اخوي مثالي غير مسيّس وبمنأى عن اي اهداف حزبية ضيقة ، وبعد ان استشهد هرمز ملك جكو خلفه شاب اسمه ابرم فانقطعت العلاقات بينا ، لكن بمجئ طليا شينو عوديشو ابو فكتوريا بعد ابرم تحسنت العلاقات كالسابق وهذا الرجل الوقور جسد ذلك التعاون بأسمى صوره ، وكان رجلاً مخلصاً وشجاعاً ، وأستشهد في أحدى المعارك .
إن ما نستطيع الأستفادة منه اليوم هو الأسترشاد بتلك العلاقات الأخوية وإن كنا نستطيع ان نطور علاقاتنا لأنتاج صورة مثالية ومتوازنة للتعاون والعيش المشترك بين ابناء شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين من ناحية ومع بقية مكونات الشعب العراقي على مساحة الوطن . بحق كان زمن البطولات والتضحيات دون ان يخطر ببالنا ان نسأل عن ثمن لتلك التضحيات .
د. حبيب تومي في 16 / 12 / 2013
ـــــــــــــــــــ
مصادر واستفادة
1 ـ مسعود البارزاني " البارزاني والحركة التحررية الكردية " ج3 اربيل 2002
2 ـ حبيب تومي " البارزاني مصطفى قائد من هذا العصر " دار آراس للطباعة والنشر ، اربيل 2012
3 ـ مذكرات توما توماس
4 ـ استفادة من البشمركة السابقين في ثورة ايلول : جميل بولص وسعيد موقا وجليل زلفا .

55
باسم دخوكا فارس يترجل
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
الموت هذا الزائر المقدام لا ينسى احداً ، ويعاودنا بإطلالته دائماً ليذكرنا بوجوده وبعدالته وبحقيقته ويبقى ( الموت ) هو الحقيقة الوحيدة التي تبقى قائمة ومستمرة الى ابد الآبدين .
لا ريب ان لرحيل الكبار وقعاً خاصاً في النفس لتستثير المشاعر والعواطف وتفتح الطريق امامك على نثر الحروف وفاءً للصداقة او تأثراً بالفاجعة او بكليهما . وكيف إذا كان الراحل بمكانة وبقامة الفقيد باسم دخوكا ، حيث تتشابك العواطف مع المعاني السامية النبيلة التي جبلت روح الفقيد باسم دخوكا
.[]
                    مداخلة باسم دخوكا في المؤتمر القومي الكلداني بمدينة ديترويت ايار عام 2013   

لا ريب ان المرحوم باسم يوسف دخوكا كان ينطلق من حالته الصحية ومن واقعه المَرضي لكن إصراره وإرادته ووجدانه يأبى ان يستسلم للمرض ، فلم يرضى  بالصمت ، بل يحبر بياض الورقة بكلماته المنثورة نثراً المتألقة بصدى الكلمات النابعة من اعماق دواخله الفائضة بالمشاعر والإرهاصات ، وسوف يجد القارئ وراء جدران تلك الكلمات احزان رجل أصر ان يجمع الزهور ويبتسم للحياة رغم ما يعانيه من ألم  وتفاقم المرض ، فكانت كلماته المنثورة اقرب الى الشعر إذ يقول في بعضها  :

سقطت مني الكلمات , كما تسقط أوراق الشجر في فصل الخريف ..
لم أعد أجمع بين الحروف  أو أتهجى الكلمات .
كالبحر الذي غادرته الرياح والأمواج , فلم تعد تبحر فيه السفن ...  
لا يبارحني الألم إلا ليشتد ألم أخر , والدمعة لا تغادرني إلا لتنزل اخرى.. .
 عيون حائرة تتأمل في السماء و الطبيعة و الوجوه ...
فالسماء لا تزال صافية والطبيعة تحدثني عن الحياة والوجوه تتأملني ...!!
كتابات كثيرة تنتظرني وأنا أنتظرها بشغف و شوق و ترقب ...
لا زلتُ لم أكتب عن الوطن كثيرا ً ....
 وعن أطفال الوطن ...
حقاً إنه كلام كبير ايها الفارس باسم دخوكا .
كلمات تنبعث من اعماق الوعي .. من مشاعر الشجاعة والإقدام ، اجل لا معنى للاستسلام ، إنها عاصفة ترنو ، ولتكن المجابهة حتمية  ، إنها رياح عاتية يخمد اوراها حيناً .. لكن سرعان ما تنشأ رياح عاصفة اخرى اقوى من الأولى ، إنها معركة غير متكافئة ، لكن لا مناص من خوضها ، اجل إنها إرادة الشباب إنها الشجاعة ، لكن المرض العضال اقوى سلاحاً وعتاداً وحيلة .
هكذا في هذه المعركة غير المتكافئة كان انطفأء شمعة باسم دخوكا ، وترجله من فرسه ،  لقد بقيت قامته سامقة الى ان ضعفت قواه تحت تأثير المرض الخبيث ..  
إن باسم يوسف دخوكا لم يكن فقيد عائلته وأهله وذويه فحسب ، بل كان فقيد وطنه العراقي وقوميته الكلدانية وفقيد مدينته الجميلة العزيزة عنكاوا ، عنكاوا كان بعيداً عنها الاف الأميال لكن قلبه كان قريباً منها ، إنها في مرمى بصره لا يمكن ان تغيب عن مخيلته . اجل ان عنكاوا يجب ان تبقى عذراء نقية لا ينالها ضيم او سوء او ظلم ، يجب ان تبقى تلك الماسة الصافية الصلدة ابد الدهر .
لقد كتب سلسلة مقالات عن عنكاوا :
الأبراج الأربعة ( خنجر ) مسموم في خاصرة عنكاوا / عنكاوا لا تزال تعشق المطر/ ألا تستحق عنكاوا أن ندافع عنها ؟ / شبابنا في عنكاوا والدرس الكبير الذي نتعلمه منهم / هل نحتاج لثورة بيضاء في عنكاوا ؟ / رسالة مفتوحة من مغترب ... لعنكاوا الحبيبة   / عنكاوا بين الماضي والحاضر /  صور مختلفة من الواقع في عنكاوا الحبيبة . يقول في كلمات الغزل الجميل لمعشوقته عنكاوا :  
عنكاوا .. لا تشبه أي مدينة في العالم , لا تزال تلك السمراء الجميلة ذات الشعر الأسود والعينين السوداوين والقوام النحيل والذي يشبه سنابل الحنطة والشعير ، التي كانت تحتضن عنكاوا فيما مضى من الزمن .. انها تسكن القلب والقلب لا يهوى سواها , فلابد أن  يستمر عشقنا و لهفتنا و حلمنا مهما حدث و يحدث ..
نجم عن التوافق الفكري بيني وبين المرحوم باسم يوسف دخوكا صداقة جميلة وكانت بيننا رسائل كثيرة وفي واحدة منها يقول : أخي الفاضل د. حبيب تومي المحترم .
لا يسعني إلا أن أشكرك من كل قلبي على السؤال عن صحتي .
و كم تمنيت أن ألتقيك في ديترويت و لكن ( لعنة الله ) على المرض اللعين والذي حرمني من هذا الشرف وذلك لأسباب صحية حيث كنت في المستشفى في تلك الايام .. وأدعوك لتصلي من أجلي . وانا كلي ثقة باننا سوف نلتقي يوما ما .. وانني على ثقة تامة بإن الغد هو لنا و علينا يا سيدي أن نتذكر المقولة الرائعة في الكتاب المقدس :
 ( بوم الحصاد يسهل عليك الفصل بين ما ينفع ليكون ثمر وما يجب أن نرميه أو نحرقه لكونه لا ينفع ) تقبل مني فائق التقدير و الاحترام .
أخوك
باسم دخوكا
اجل كان على ثقة بلقائنا ، وكان لقاؤنا بعد حين في اروقة المؤتمر القومي الكلداني في ديترويت ، لقد تحمل متاعب السفر واشترك في جوانب عديدة منه وكان لقائنا الأول والقدر قرر ان يكون اللقاء الأخير .
كانت ترافقه في المؤتمر شريكة حياته بيداء لقد كانت هذه المرأة الطيبة الوفية الى جانبه وهي ترافقه كظله لا تفارقه في كل تحركاته ، لقد كان المرحوم باسم مع بيداء صنوان لا يفترقان ، وهذا ما يعترف به باسم حينما إهداء كتابه ليستهله بقوله :
 الى رفيقة دربي وحبيبة عمري بيداء التي لولاها معي لما قدر لهذا الجهد ان يرى النور .
 لقد وضع حصيلة فكره وخميره وجدانه في مؤلفه الذي كان يفتخر ويعتز به ، كيف لا وهو عصاره فكره وثمرة جهوده ، كما انه يضفي اليه مسحة حزينة التي كانت تعكس آلامه  فيقول في مقدمته :
إنه صوت صدى قادم من بعيد . صوت حزين ينادي منذ سنين طوال ، إنه ألم وجرح عميق وأنين ..
وهو يدعوا القارئ الى التمعن في قصته ، فهي ليست كقش في مهب الريح ، إنها ليست إبداع اللغة في عالم الكتابة .. إنها انفاس وارواح تئن .. إنها نزف جرح غائر . إنها صرخة من الواقع المرير الذي حول الأمل الى الألم والحب الى الكراهية والحرية الى العبودية . إنهم أناس يعانون ويتألمون لسبب بسيط جداً ألا وهو انهم احياء .
ترجل الفارس باسم دخوكا عن فرسه ، ورحل عنا بعيداً ، لكن تبقى ذكراه الجميلة العطرة في وجدان وذاكرة محبيه . لقد كان مهموماً بأوضاع شعبه ووطنه وعائلته الوافية وقوميته الكلدانية ومعشوقته عنكاوا .
 نتضرع الى الرب ان يتغمد فقيدنا المرحوم باسم دخوكا بوافر رحمته وأن يسكنه فسيح ملكوته السماوي ، وأن يلهم اهله وذويه وعائلته الكريمة نعمة الصبر والسلوان .
د. حبيب تومي / اوسلو في 10 / 12 / 2013-12-10[
/b]

56
قائمة بابليون وزحمة القوائم في الكوتا المسيحية للانتخابات القادمة
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
العملية السياسية في العراق تمر بمرحلة عصيبة بجهة عدم استقرار الأوضاع الأمنية والأقتصادية للمواطن رغم مرور عشرة أعوام على سقوط النظام وبدء العملية الديمقراطية ، فالواقع الداخلي مهشم ومتأثر بتفاعلات اقليمية ، وهذا ما خلق مساحة كبيرة من اللامبالاة  من قبل المواطن العراقي وعدم اهتمامه بأمر الأنتخابات ، ولم تعد تنطلي عليه الوعود والأوهام بتصليح الأوضاع العامة نحو الأحسن ، هكذا انعكست هذه الحالة من القنوط واليأس  الى حد كبير على مجمل عملية الأنتخابات البرلمانية في العراق الأتحادي ، على خلفية وعود الأحزاب والكيانات وحتى الأشخاص الذين فازوا في الأنتخابات وفشلوا في تحقيق وعودهم ، بل انهم اداروا ظهورهم لمن اوصلوهم الى قبة البرلمان ، فكانت برامجهم وعوداً هوائية لم نلمس شيئاً من تلك الوعود على ارض الواقع . ولهذا السبب نجد الناخب اليوم ينأى بنفسه عن عملية الأنتخابات المهمة ، التي يمكن من خلالها قلب الموازين السياسية . لكن كما قلنا فإن التجربة المريرة قد ابعدت الناخب نفسياً من هذه العملية الديمقراطية المهمة .
رغم هذه الحالة من اليأس وخيبة الأمل ، لكن شخصياً ارى في ركن من الوجدان يكمن الأمل الذي نرى من خلاله بصيص من النور مرسوم على ملامح متجددة لمستقبل عراقي افضل ، إذ لا يصح إلا الصحيح في نهاية المطاف .
إن انعدام الثقة بأعضاء البرلمان قد انعكس بشكل كبير على الناخب المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين وحتى الأرمن ، فنواب الكوتا المسيحية قد خيبوأ الآمال ايضاً .
إن الذين كانوا يدعون للوحدة بين ابناء الشعب المسيحي ، إنهم انفسهم كانوا منقسمين داخل قبة البرلمان ، ولم يمثلوا كتلة واحدة كما ينظر اليهم من الآخر المختلف عنهم دينياً وقومياً ، بعد ذلك فإن اعضاء البرلمان من الكوتا المسيحية لم يقدموا شيئاً ملموساً للمسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين ، اما برامجهم الأنتخابية فكانت حبراً على ورق لا اكثر .
 من هذا كله نستنتج سبب عدم حماس الناخب العراقي عموماً والمسيحي خصوصاً من الأشتراك في هذه العملية الديمقراطية المهمة .
وفي نطاق الأنتخابات القادمة المزمع إجراؤها نهاية نيسان 2014  نلاحظ  زحمة في القوائم المسيحية المتنافسة والمتكونة من 13 قائمة وهي :-  
1 ـ  قائمة بابليون ( ريان سالم صادق ) 25

2-  مجلس اعيان قرقوش ( اسطيفو حبش ) 36

3-  حزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني ( ابلحد افرام ) 70

4-  تحالف سورايي الوطني ( وليم خمو وردا ) 139

5-   قائمة الرافدين التابعة للحركة الديمقراطية الاشورية ( يونادم كنا ) 176

6-  قائمة بابل واشور ( عماد سالم ججو ميخا ) 183

7-  قائمة الوركاء الوطنية ( شميران مروكل ) 195

8- الحزب الوطني الاشوري ( عمانوئيل خوشابا ) 199

9-  حزب بيت نهرين الديمقراطي ( روميو هكاري ) 238

10- المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري ( فهمي يوسف )253

11-  ابناء النهرين ( كلاويز شابا ) 257

12-  شلاما ( انو جوهر ) 258

13-  قائمة السالم والمحبة لمسيحيي العراق ( فادية سيده الياس دنحا )276
إن هذه القوائم هي من اصل 277 قائمة لكيانات سجلوا اسمائهم للتنافس على 328 مقعد في البرلمان العراقي ، ومن هذه المقاعد ثمة ستة مقاعد للمسيحيين ، احد هذه المقاعد مخصص للارمن ، وخمسة مقاعد مخصصة للمكون المسيحي على اعتبارات دينية وليست قومية .
اكثر من نصف القوائم المسيحية المدرجة اعلاه تخوض المنافسة للمرة الأولى ، ولكن من بينها قوائم سبق لها خوض الأنتخابات منها من فاز في الأنتخابات ولأكثر من دورة ، وأخرى جربت حظها لكنها اخفقت في الحصول على مقعد . ويمكن تشخيص بعض الملاحظات على هذه الكيانات .
اولاً : ـ
ثمة رغبة اكيدة من الكيانات الكبيرة بكسب ود اطراف في الكوتا المسيحية لتكون مع خطابها في مبنى البرلمان ، وقد رأينا اطراف الكوتا المسيحية في انتخابات برلمان اقليم كوردستان وبشكل خاص المجلس الشعبي والحركة الديمقراطية الآشورية ، إذ كانت إشارات واضحة لمنح الأصوات لهذين الكيانين من قبل قوى سياسية كوردية .
 اليوم في انتخابات البرلمان العراقي الأتحادي تتراءى جلياً نفس الحالة ، فالحصول على مقعد في برلمان العراق من قبل الكيانات المتنافسة يكلفها عشرات الآلاف من الأصوات بينما الحصول على مقعد عبر الكوتا المسيحية يكون عبر اصوات متواضعة إذا ما قورن العدد الكبير مع القوائم العامة ، هكذا كل كيان كبير يضع في الحسبان دعم هذه القائمة او تلك من القوائم المتنافسة في الكوتا المسيحية ليضمن اشخاص او كيان مؤيد لرؤيته من خارج كيانه السياسي .
ثانياً : ـ
 ثمة بوادر للقيام بدعاية انتخابية من قبل الكتل الكبيرة ، كما ان قوائم الكوتا المسيحية ليست بمنأى عن تلك البوادر للقيام بدعاية انتخابية مبكرة وبشكل غير مباشر ، وعلى سبيل المثال فقد رأينا في توقيت عقد مؤتمر اصدقاء برطلة من قبل المجلس الشعبي ..  في هذا الظرف بالذات والتحشيد الإعلامي والدعم المالي الذي رصده المجلس الشعبي ... كان بمثابة الدعاية الأنتخابية ، فمن المعلوم إن مسألة التغير الديموغرافي ليست مسألة خاصة بحزب معين ، وليست وليدة اليوم ، هكذا توخى المجلس الشعبي إصابة اكثر من عصفور بحجر واحد حين عقد مؤتمر اصدقاء برطلة ، فكان تجيير المسألة القومية الكبيرة لحسابه ، وبنفس الوقت تعمد على  إبعاد كل الأصوات السريانية  والكلدانية الأصيلة عن المؤتمر ، كما عمل بشكل ما على إبعاد الحركة الديمقراطية الآشورية عن الحدث .
ثالثاً : ـ
هنالك إشارات انتخابية اخرى في بعض المواضيع الى درجة غير معقولة ، فكما هو معروف هنالك حالة غير مقبولة في عنكاوا ، وهي انتشار البارات ومحلات اللهو  بشكل غير معقول ، وهذه الحالة مدانة من قبل اهل عنكاوا وأصدقائهم وكل طرف يعبر عن هذه الإدانة بصورة ما ، لكن مع جزيل احترامي للاخوة في كيان ابناء النهرين حين تحركهم حول المسألة كان مطلبهم غير معقول وذلك  بتحويل المطاعم الكبيرة في عنكاوا والتي تقدم الغناء والطرب.. إلى كنائس
ان نطلب بغلقها ونقلها الى مكان آخر معد خصيصاً لذلك كأن يخصص قرية او موضع سياحي امر معقول  . اما تحويل اماكنها الى كنائس فهذا مجافي للحقيقة والواقع . ماذا نعمل بهذا القدر من الكنائس ؟
ومن الذي يؤمها ؟
وأين الكهنة للصلاة وإدارة تلك الكنائس ؟
وهل لنا مشكلة نقص الكنائس ؟
ام لنا مشكلة نقص البشر ؟
 ولهذا انا اعتبر المطلب كان يندرج في الدعاية الأنتخابية لكنه غير موفق .
وأعتقد نفس الكيان طلب حصر الأقتراع للكوتا بالمسيحيين فحسب ، وهذا ايضاً مطلب غير معقول ، فنحن نزاول لعبة سياسية بحتة ، فمن يمنع إنسان متعاطف مع المسيحيين ان يمنح صوته لقائمة كلدانية مثلاً ، ومن يمنع المسيحي لأدلاء بصوته لحزب كوردي او الحزب الشيوعي مثلاً ، إنه مطلب بعيد عن الموضوعية لا نقول اكثر .
رابعاً : ـ
 كان المؤمل ان تكون هنالك قائمة كلدانية واحدة على خلفية الأخفاق الذي منيت به القائمتين الكلدانيتين في الأنتخابات السابقة بل كان هذا واحداً من القرارات المهمة للمؤتمر القومي الكلداني المنعقد في ديترويت برعاية المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد  ، إذ ان وجود قائمتين كلدانيتين في الأنتخابات السابقة  ، سبب غياب نواب الشعب الكلداني عن البرلمان العراقي ، واليوم رغم تلك الرغبة في الخروج بقائمة كلدانية واحدة ، لكن في السياسة في الغالب لا تطابق حسابات البيدر مع حسابات الحقل ، هكذا خرج الكلدانيون بقائمتين ، الأولى وهي البابليون ورقمها 25 ويترأسها الشاب الكلداني ريان سالم صادق وسوف نتكلم بالتفصيل عن هذه القائمة في قادم كتاباتنا ، والثانية هي قائمة الحزب الديمقراطي الكلداني ويترأسها الأخ ابلحد افرام . ويرى المهتمون بالشأن القومي الكلداني ان تمنح الأصوات للشخصيات الكلدانية التي يقتنعون بها بغض النظر عن وجودهم في هذه القائمة الكلدانية او تلك .
الجدير بالذكر نحن في الساحة السياسية قد  يتمخض الوضع في اية لحظة عن ولادة تحالفات جديدة ناجمة عن اتفاق او دمج قوائم .
يمكن إضافة ملاحظة اخرى وهي العمل في الأنتخابات القادمة بموجب نظام سانت ليغو المعدل ، حيث ان الشعب الكلداني خسر مقعداً لتكسبه الحركة الديمقراطية الآشورية بسبب تطبيق نفس النظام لكنه لم يكن معدل ، وفي القانون الجديد ستتوفر فرصة اكبر للكيانات الصغيرة للحصول على مقعد او اكثر .
 في العموم انا شخصياً انظر الى الأنتخابات بمنظور الروح الرياضية ، ونتمنى ان لا تسود الضغائن والأحقاد بين ابناء الشعب الواحد المظلوم ، فالأنتخابات لعبة ديمقراطية جميلة ينبغي ان نمارسها بروح رياضية ، فلسنا على حلبة مصارعة . والشعب يدلي بصوته بمنتهى الحرية ، ولهذا نستهجن اسلوب شراء الذمم وشراء الأصوات ، لتكن عملية الأنتخابات عملية نقية لا سيما ما هو متعلق بالكوتا المسيحية ، رغم اعتراضنا على صيغتها الدينية . ، ولهذا المهم هو المساهمة في الأنتخابات عبر الإدلاء بصوت حسب قناعة الناخب ، وهو الطريق الأصوب للتأثير على العملية السياسية ووضعها في مسارها الطبيعي السليم .
د. حبيب تومي : اوسلو في 05 / 12 / 2013


57
اقليم كوردستان والسباحة ضد التيار .. كيف ؟ ولماذا ؟
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
لا يمكن الركون الى واقع الحال اليوم بمعزل عن توجيه البوصلة نحو الآفاق التاريخية وبالذات الى ما حصل لخارطة المنطقة اثناء وبعد الحرب العالمية الأولى ، وبشكل خاص الإشارات التي وردت في معاهدة المستر سايكس ـ والمسيو بيكو  والتي ابرمت عام 1916 بين انكلترا وفرنسا ، الغريب انها سميت باسم الدبلوماسيين المستر والمسيو ، حيث تم الأتفاق على تفتيت اجزاء الأمبراطورية العثمانية التي عرفت بالرجل المريض ، وتقسيمها بين الدول المنتصرة ، فتأسست على انقاض تلك الأمبراطورية  دول قومية ، لكن بعض القوميات التي اعتبرت صغيرة قد لحقها الغبن والإجحاف كالقومية الكوردية والقومية الكلدانية وبعض القوميات الأخرى .
بالنسبة الى الأكراد رغم كونهم قومية كبيرة إلا ان التقسيم كان من نصيبهم ، حيث وجدوا انفسهم مقسمين بين دول متاخمة ، هي أيران وتركيا والعراق وسورية ، ورغم ان معاهدة سيفر 1920 كان فيها بعض الضمانات لتأسيس كيان كوردي في المناطق ذات الأغلبية السكانية الكوردية ، إلا ان انتصار التيار القومي التركي الأتاتوركي المتشدد قد قوض تلك الأتفاقية وأصبحت في خبر كان ، ليبدأ الشعب الكوردي في مسلسل نضالي دام  قرابة قرن من الزمان .
إن الدول التي قسمت كوردستان وهي تركيا ، ايران ، العراق ، سورية ـ لا ندخل في تفاصيل ذلك التقسيم وأسبابه ـ عملت تلك الدول على الحفاظ على الأمر الواقع ، وخلافاتها كانت تتبدد وتذوب في بودقة المصلحة المشتركة في رسم الخطوط الحمراء امام اي توجهات كوردية تحررية ، وهكذا بقيت القضية الكوردية في دهاليز السياسة ووفق ما تمليه مصلحة الكبار ، دون ان يسمح لها ان ترى النور في المحافل والمنظمالت الدولية .
إلا ان القائد الكوردي المعاصر ملا مصطفى البارزاني ( 1903 ـ 1979 ) استطاع ان يجد لشعبه موطئ قدم بين حركات التحرر العالمية ، ورغم الحملات العسكرية والحصار الأقتصادي ، والتعتيم الإعلامي التي فرضته الحكومات المتوالية على اخبار الثورة الكوردية  ، فقد استطاع هذا القائد التاريخي ان يضع قضية شعبه امام وسائل الإعلام ، وان يبرز قضيته في المحافل الدولية كحركة تحررية لأي شعب يتوقى نحو الأستقلال والتحرر والبناء . لقد كانت تلك الظروف مأساوية وشاقة ، ولكن القيادة كانت متكئة على طبقات الشعب الفقيرة من العمال والفلاحين والطلبة  ...
لقد نهجت الثورة منذ البداية وبالتحديد منذ ثورة ايلول بخلق اجواء تعايشية بين المكونات الكوردستانية دون تفرقة مما اكسب هذه الثورة تأييداً ودعماً من مختلف المكونات من الكلدان والتركمان والآشوريين والسريان والأرمن والمندائيين ، لقد كانت ثورة شعبية بكل معنى الكلمة .
اليوم اختلفت آلية العمل ، فالبندقية ، اصبحت من تراث الماضي ، وينتعش العمل السياسي المبني على اسس من الديمقراطية ، يتحكم فيها آلية الأنتخابات وصناديق الأقتراع ، وينبغي التعامل مع الجميع بمنطق التفاهم وبناء جسور التواصل لبناء علاقات تضمن المصالح المشتركة لكل الفرقاء .
لا ريب ان العملية السياسية ليست سهلة كما يبدو لأول وهلة فهي من التشابك والتعقيد بما يتناسب ومصالح الفرقاء والحكمة والعقلانية تتطلب المزيد من المرونة والخبرة والحنكة السياسية لمسيرة سياسية متوازنة في خضم الجيوبولتيك المحيط .
لقد استطاع الرئيس مسعود البارزاني من ان يمسك بيده قبان توازن للعملية السياسية العراقية بشكل عام في مواقف ومناسبات عدة ، كما استطاع ان يؤسس علاقات متوازنة مع الجيران تركيا وأيران والقوى الدولية عموماً .
لقد قام الرئيس مسعود البارزاني بزيارة رسمية وشعبية الى دياربكر ( آمد ) جنوبي تركيا يوم 16 تشرين الثاني نوفمبر للاجتماع برئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان والبحث معه العقبات التي تكتنف عملية السلام بين حزب العمال التركي والحكومة التركية ، الجدير بالملاحظة ان الآلاف من سكان دياربكر اشتركوا في استقبال الرئيس البارزاني ملوحين بالأعلام الكوردية ، وكان هذا مهرجان تاريخي للهوية الكوردية في تركيا ، إذ بعد سنين من التهميش والإقصاء للهوية الكردية ، واعتبار الأكراد عبارة عن اتراك الجبال وحظر التحدث باللغة الكوردية ، كل ذلك واليوم ترفع الأعلام الكوردية في تركيا وبحضور رئيس الوزراء ، ورغم انه عمل رمزي إلا انه يعتبر حدث تاريخي بالنسبة للشعب الكوردي والهوية الكوردية في الدولة التركية الحديثة ، ومن اجل تعزيز الثقة المتبادلة لا بد من الأعتراف الحكومي والدستوري بحقوق الشعب الكوردي وبقية الأقليات في تركيا ، لأن تركيا لها سجل ملطخ بالعنف وسفك الدماء في مسألة التعامل مع الأقليات الدينية والعرقية كمذبحة الأرمن والكلدان والسريان والآشوريون واليونانيون اثناء وبعيد احداث الحرب الكونية الأولى .
لنأخذ جانب آخر من المعادلة وهو ضغط الحكومة العراقية على الحكومة التركية للحد من العلاقات المتطورة بين اقليم كوردستان وتركيا ، لا سيما مجال المشاريع النفطية وبألأخص ما هو مطروح اليوم بشأن تصدير النفط من كوردستان الى تركيا عبر انبوب مشترك يمتد من الأقليم الى تركيا ، وكان رئيس وزراء اقليم كوردستان الأستاذ نيجيرفان البارزاني قد قام بزيارة الى تركيا لتوقيع العقد ، لكن يبدو ان الضغوط على تركيا قد حالت دون توقيعه او على الأقل تأجيل عملية التوقيع ،  
لقد ورد في جريدة الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 29 / 11 / 2013 بأن الولايات المتحدة تعترض على مثل هذه العقود إذ ورد :
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية على لسان المتحدثة الرسمية باسم الوزارة جين ساكي أن الولايات المتحدة الأميركية تؤكد على أنها «لا تؤيد أي خطوة في مجال تصدير النفط من أي جزء من أرض العراق دون موافقة الحكومة العراقية». وأكدت خلال مؤتمر صحافي في واشنطن أمس على ضرورة «موافقة الحكومة العراقية على مشروع تصدير النفط من الإقليم لتركيا لأن هذه المسائل هي من الاختصاصات الدستورية للحكومة المركزية»، داعية بغداد وأربيل إلى «الاحتكام للدستور في حل هذه المسألة».
أجل إن امريكا لها علاقات تاريخية واقتصادية وسياسية مهمة مع الدولة العراقية ومع تركيا ، كما انها ترتبط بعلاقات جيدة مع اقليم كوردستان ، ولا تريد ان تفرط بعلاقاتها ومصالحها مع اي طرف من هذه الأطراف . وبالنظر الى جوانب المعادلة نرى ان اقليم كوردستان هو الجانب الأحدث في المعادلة وإن الألتزمات الأخلاقية تقضي بالوقوف معه ، لكن تبقى المصالح هي المحركة .
 هكذا يترتب على القيادة الكوردية ان تتميز بالحكمة والنضوج ، لقد اثبتت هذه القيادة كفاءتها بإدارة العملية السياسية في اقليم كوردستان ، ونستطيع ان نجزم بوجود عملية سياسية ناجحة في الأقليم بعيدة عن الميول الطائفية التي تمزق العراق . كما ان هنالك علاقات متوازنة مع دول المنطقة والعالم . لكن تأتي اللحظات الحرجة التي تتطلب الخبرة والتجارب السياسية ، والظاهر الى اليوم إن قيادة الأقليم تقود شعبها في الطريق الصحيح مع خلق علاقات متوازنة مع المركز . في الحقيقة ينبغي الأعتراف ان الطريق طويل وشائك امام القادة في الأقليم بغية  خلق علاقات متوازنة لكي تصب في مصلحة كوردستان والعراق عموماً ، في الحقيقة هذه تحديات لا يمكن لأقليم كوردستان ان يبحر وحده في هذا الخضم ، فكل يوم هناك معطيات جديدة ينبغي التعامل والتكيف معها ، باختصار إن المسألة بالنسبة لكوردستان ليست مصالح سياسية او اقتصادية ، إنما تعني الوجود . حقاً إنها السباحة ضد التيار والقيادة الكوردية مؤهلة لخوض هذه التجربة .
تحياتي
د . حبيب تومي / اوسلو في 02/ 12 / 2013

58
مؤتمر اصدقاء برطلة إبعاد الكلدان والسريان وتجييره كدعاية انتخابية للمجلس الشعبي
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
Habeebtomi@yahoo.no
اموال طائلة خصصت لتمويل مؤتمر اصدقاء برطلة ، وبُدأ قبل مدة كافية للتحضير له ، كما كانت هنالك حملة إعلامية سبقت عقد المؤتمر وظلت مرافقة له والحملة لا زالت مستمرة حتى بعد انقضائه ، وكان هنالك حضور رسمي على مستوى رفيع من قبل اقليم كوردستان يناسب اهمية الموضوع المطروح ، وذلك بحضور السيدة الأولى هيروخان احمد ورئيس ديوان رئاسة اقليم كوردستان الأستاذ الدكتور فؤاد حسين ، إضافة الى عدد من المسؤولين والشخصيات الحكومية والسياسية والثقافية ولفيف من رجال الدين المسيحيين .
كل ذلك كان بمستوى القضية المهمة والتي هي بحجم خطورة محاولات التغيير الديموغرافي في المناطق المسيحية ، التي تشهد خللاً ديموغرافياً خطيراً والذي استفحل وتوسع بعد سقوط النظام في عام 2003 م .
لا ريب ان مسألة التغيير الديموغرافي ، هي مسألة مركزية تخص الدولة العراقية الأتحادية وأقليم كوردستان على حد سواء ، كما انها مسالة تخص مصير المسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين ، وفي سهل نينوى بالذات تخص الكلدان والسريان على وجه التحديد ، وكان يجب ان يكون لهما حضوراً واضحاً ومساهمة فعالة في هذا المؤتمر الذي كان يخص مناطقهم بشكل رئيسي في مدنهم : بغديدا ، برطلة ، كرملش ، القوش ، باطنايا ، تللسقف ، تلكيف ، باقوفة ،  والقرى التابعة لهذه البلدات والمدن .
لكن المؤتمر مع الأسف سيّس من قبل المجلس الشعبي ، وأراد تجيير المسألة وكأنه يحمل الحمل الثقيل ويحمل هموم الشعب ومشاكله هو وحده ولا غيره بالساحة ، وقد استغل المجلس الشعبي او على الأقل اللجنة التحضيرية المكلفة بهذه المهمة وفي المقدمة رئيس اللجنة السيد كامل زومايا ، فكان يجب ان يكلف بهذه المهمة اناس معتدلين ولا يحملون اي افكار متزمتة اقصائية ضد الكلدان والسريان كالتي يحملها السيد كامل زومايا الذي اثبت تحيزه الكامل وإقصائه اي عنصر كلداني او سرياني من المؤتمر .
كنت قبيل انعقاد المؤتمر في عنكاوا وقد التقيت السيد زومايا ، وقد سألني بعض الأصدقاء ، إن كان لي اي مداخلة في مؤتمر اصدقاء برطلة ، فقلت لهؤلاء الأصدقاء :
 أنا لست مدعواً يا اخي ، فنحن اميين في القراءة والكتابة وليس لنا اي هموم حيال شعبنا ، بالإضافة الى ذلك نحن انقساميون ، وهؤلاء المدعوين من ابناء شعبنا مستواهم راقي ونحن لسنا ( قد المقام ) فكيف تريدون  ان يسمح لنا بدخول المؤتمر ؟
أجل لم توجه دعوة اقل ما نقول لبعض الكتاب من ابناء شعبنا ، وكمثل غير حصري نذكر اسم وسام موميكا السرياني الأصيل وحبيب تومي الكاتب الكلداني الذي يعتز بقوميته الكلدانية وكان الرجلان في عنكاوا  وقتئذِ ، بل رأيت قسم من وجهت لهم الدعوات ليس لهم اي باع لا في السياسة ولا في الكتابة ولا شان لهم لا في العير ولا في النفير ، بل كل ما يجيدونه هو التصفيق والموافقة ، ولا مناقشة ولا هم يحزنون .
لقد وجهت دعوات الى رؤساء وأعضاء منظمات المجتمع المدني التابعة للمجلس الشعبي  والتي فتحت لها مقرات بمثابة دكاكين استرزاقية وتأخذ ملايين الدنانير من المجلس الشعبي وهذه المبالغ هي فلوس الفقراء المسيحيين لكنها تمنح وتغدق لمن يصفقون للمجلس الشعبي .
 إذا نحينا جانباً اسماء المسؤولين من اقليم كوردستان وخارجها ، وبعض الكتاب من غير المسيحيين ، فإن المسيحيين المدعوين هم اعضاء المجلس الشعبي أو من الذين اعلنوا ولائهم له او ركبوا موجته . وبعضهم  فتحوا دكاكين استرزاقية تحت يافطات لمنظمات مجتمع مدني وبأسماء براقة  فهؤلاء كانوا جميعاً لهم حضور ، وحسب تقديرات اللجنة التحضيرية التي يرأسها السيد كامل زومايا ، فإن هؤلاء وحدويون لهم الحق في حضور المؤتمر ، وهم وحدهم يهمهم مسألة التغيير الديمغرافي ، فالمسألة لا تخص حبيب تومي ، ولا تخص وسام موميكا ولا تخص اي حزب سرياني او كلداني او اتحاد القوى السياسية الكلدانية ، بل حتى الحركة الديمقراطية الآشورية أبعدت بشكل ما عن حضور المؤتمر .
وسؤال للقائمين على المؤتمر ، وهنا اخص بهم السيد كامل زومايا الذي كان لولب المؤتمر . هل يعلم الأخ زومايا لمن تذهب اراضي تلكيف ، وكيف ترتب امور بيع تلك الأراضي ؟ ومن يمتلكها في نهاية الأمر ؟ إن الأخ زومايا لا يدري ولا يدري انه لا يدري ، والمصيبة انه لا يريد ان يدري  .
لو تكرمتم بدعوتنا لحضور المؤتمر لم نرغبه لو كان فضلاً او إحساناً او معروفاً منكم ، بل كان لدينا ما نقوله من الأمور المهمة التي تخص هذا الجانب المهم ، فهنيئاً للقائمين على المؤتمر يبحثون التغيير الديوغرافي وتغيب عنهم امور اساسية في صلب عملهم .
اقول :
لقد عقد المؤتمر تحت شعار قومي شامل ومهم ، وخصصت له مبالغ جيدة ، ورسم له إعلام واسع ، لكن برأيي المتواضع انه اريد تجيير المؤتمر لحساب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، وأريد به دعاية انتخابية استباقية قبيل انتخابات البرلمان العراقي .  
لأنه كما هو معلوم سوف تكون هنالك منافسة قوية على مقاعد الكوتا ، واراد المجلس الشعبي بهذا الحدث ان يسبق الآخرين ويكسب دعاية انتخابية ، من جانب آخر افلح في إبعاد اي قوى سياسية كلدانية او سريانية مستقلة عن المؤتمر ، لمواصلة تهميشهم قدر الإمكان .
هكذا استطاع المجلس الشعبي من صيد عدة عصافير بحجر واحد .
د. حبيب تومي / اوسلو في 26 / 11 / 2013

59
لو اصبح حبيب تومي رئيساً لوزراء العراق ..!!(3 ) القسم الأخير
بقلم : د. حبيب تومي / عنكاوا
habeebtomi@yahoo.no
عزيزي القارئ اقتبس هذه الفقرة من القسم الأول :
( لو : زُرعت وما حصدت ، ولغوياً هي اداة شرط تستعمل في الأمتناع او في غير الإمكان ، مثلاً : لو كنت غنياً لساعدت الفقراء ، وهي ايضاً حرف للتمني ، لو تحضر فتفرحني .. الخ ، هنا نستخدم لو في الأمتناع وغير الإمكان ، فرغم استحالة هذه الـ ( لو )، لكن الكاتب ينبغي ان يكون له حرية مطلقة في التعبير عن رأيه وأن يكون له حق التعبير عن الأفكار بصوت عال ، وهذه نعمة نتمتع بها في دنيا الخيال ونعلن عنها عبر المواقع وهذا جل ما نستطيع فعله ، وربما يحقق هذا المقال فائدة لأصحاب القرار الذين يؤهلهم انتماؤهم الديني تبوأ هذا المنصب ، فسوف لن يخسروا شيئاً إن صرفوا دقائق معدودة لقراءة الموضوع .) انتهى الأقتباس .
ثامناً:ـ
إقرار قانون : من اين لك هذا ؟ يا هذا !!

قد يكون عضو البرلمان او الوزير او اي مسؤول في منصب سيادي في الدولة له املاك وعقارات وشركات ، ولكن قد لا يملك ذلك المسؤول سوى الراتب الذي يتقاضاه ، في كل الأحوال فإن الشفافية والنزاهة والإخلاص في العمل تقضي تقديم كشف حسابي بما يملك المسؤول من ارصدة ومبالغ وعقارات قبيل استلامه الوظيفة او المسؤولية ، وعليه تقديم كشف حسابي بما يملك قبيل خروجه من الوظيفة ، إن المسؤول ليس من حقه تلقي الهدايا من شركة او حكومة اجنبية يعقد معها اتفاقاً اقتصادياً ، إن الهدايا التي يتلقاها المسؤول في هذه الحالة ينبغي ان تعود الى الدولة ، ان الوزير او اي مسؤول في الحكومة البريطانية مثلاً ، لا يحق له الأحتفاظ بهدية تزيد قيمتها عن 75 دولار ، وإذا بلغت قيمتها اكثر من ذلك فعليه تسليمها لوزارته او دائرته ،إنها  حصة خزينة الدولة.
إن اي مسؤول كبير في الدولة ينبغي ان يتسم بالإخلاص والشفافية ليكون بمقدوره محاسبة الموظف الأقل مركزاً حينما يلجأ الى الأختلاس او تلقي الرشوة او حين التقصير بواجبه ، وأنا اتساءل كيف يستطيع المسؤول الكبير محاسبة الأدنى منه ان كان هو نفسه مختلساً او راشياً او مرتشياً ، كيف يستطيع منع الفساد وهو فاسد . اعيد وأكرر اهمية تشريع قانون من اين لك هذا يا هذا ؟
تاسعاً : ـ
التربية والتعليم

إنه العمود الفقري لتقدم البلد وذلك بإيلاء الأهتمام نحو منظومة التربية والتعليم ، وبرأيي ان التربية قبل التعليم ، لأن التربية هي قوام التقدم وبناء الأنسان وهي مسيرة مستمرة من الطفولة وتستمر مع العمر ، إن تربية الأنسان ، تعني شعوره بالمصلحة العامة وحفاظه على المال العام ويعني غرس عنصر الإخلاص في كيان الإنسان العراقي لتربيته الوطنية والإنسانية ، اجل ان التعليم مهم جداً ، لكن لابد ان تسبقه عملية التربية .
إذن نحن ملزمون بتخصيصات مالية مهمة للاهتمام بالطفل والتلميذ والطالب في كل مراحل دراسته . إنه امر عجيب ان تكون المليارات من الدولات متراكمة في ميزانية الدولة العراقية ، ويضطر الطالب للدوام في مدرسة تفتقر الى ابسط متطلبات المدارس ، وكذلك الطالب في الكلية وهو بأمس الحاجة الى المصادر العلمية والأجهزة الحديثة ، انها مأساة ان تكون بناية واحدة تستقبل اثنان او ثلاث وجبات تعليم ، المرء من حقه ان يتساءل : لماذا لا تبنى مدارس حديثة ؟ مالذي ينقص العراق ؟ القوى البشرية متوفرة والأموال متوفرة ، فأين يكمن الخلل في التلكؤ في بناء المدارس الضرورية ؟
ما هو الباب الأهم الذي تخصص له الأموال وتحرم من تلك الأموال رياض الأطفال والمدارس ، إن حصة الأطفال من التربية والتعليم والمراحل الدراسية المختلفة إن كانت مهنية او نظرية او علمية يجب ان يخصص لها حصة الأسد من الميزانية العامة ، إن التربية والتعليم والبحث العلمي ينبغي ان يكون لها الحصة الكبيرة من التمويل ، أنه المحور الأهم في تقدم البلد .
ثمة حالة يرثى لها ولا يمكن هضمها من قبل مجايليني ، ماذا يعني التدريس الخصوصي ، لماذا يرسب الطالب بدرس الفيزياء مثلاً حينما يتلقى درسه في المدرسة ؟ بينما يحالفه النجاح ان تلقى دروس خصوصية من نفس المدرس . إن المدرس يجب ان يبذل قصارى جهده في الصف كما يبذلها اثناء التدريس الخصوصي ، إن هذا الجانب هو جزء من الفساد ، وهو نتيجة منطقية لغياب عنصر الإخلاص من قبل المدرس ، الذي يهمل واجبه في المدرسة حيث يستلم راتباً حكومياً ، إلا انه يعمل بتفان وإخلاص فقط حينما يعطي دروس خصوصية .
ثمة جانب آخر في المسألة يبعث على الأستغراب وهو ان يصار الى الأستثمار في مختلف الجوانب الإستهلاكية والعمرانية مع عدم المبالاة للإستثمار بموضوع تطور وتنمية التعليم العالي العلمي ، فثمة مبالغ طائلة تستثمر في شتى المجالات ، ولكن ليس هنالك اي استثمارات مهمة لشراكة حقيقية مع جامعات عالمية عملاقة معروفة . كجامعة سوربون وجامعة هارفارد وواشنطن وغيرها من الجامعات العالمية المعروفة ، إن الإستثمار في مجال العلم اهم من الأستثمار في مجال الأتصالات والبناء والعقارات والسيارات والمواد الغذائية وغيرها من المجالات المتسمة بالربح السريع ، إن هذا المجال سيكون اهم المنجزات الأستثمارية إضافته الى فائدته الجمة في خدمة المسيرة العلمية للبلد .
عاشراً : ـ
ترك جزء من واردات باطن الأرض للاجيال القادمة او بإقامة المشاريع الأستراتيجية .

الثروات الطبيعية لا سيما النفط مخزون في باطن الأرض منذ ملايين السنين ، ولهذا لا يحق لجيل واحد ان يهيمن على تلك الثروة بل ينبغي ان يشترك في الأستفادة منها الأجيال اللاحقة . وثمة من البلدان من يستخدم هذه الثروة لبناء مشاريع تطورية عملاقة في تنمية البلد ، وهنالك من يدخر تلك الأموال لتكون تحت تصرف الأجيال القادمة ، لكن في وطننا العراقي لا يحدث ادخار تلك الأموال ولا استثمارها في مشاريع استراتيجية ، كما ان العدالة مفقودة في توزيع ثروة العراق ، بل إنها معرضة الى عمليات الفساد وللسرقة وأنا برأيي ان اكبر جناية هي تبديد ثروات العراق .
إن ابناء هذه اليوم يستفيدون من المشاريع الأستراتيجية التي وضعت في العهد الملكي منها كمثل غير حصري ، سد دوكان ، مشروع الثرثار ، سدة الكوت ، سد دربندخان ، سد اسكي موصل وغيرها ، كل هذه المشاريع وغيرها خططت ورسمت خرائطها في العهود السابقة . ونحن اليوم لا نبادر الى تنفيذ مشروع سابق ولا نخطط لمشروع جديد ، إننا نستخرج النفط ونبيعه ونستهلك تلك الأموال في استيراد المواد الإستهلاكية فوصلنا الى استيراد القمح والرز والطماطة والخيار والملابس .. وكل شئ . لقد تعلمنا وتعودنا على تناول وجبة الغذاء والأنزواء تحت ظل شجرة للتمتمع بقيلولة مريحة ، هكذا اصبحت حياتنا في عراق الحضارات ، عراق النفط والزرع وعراق النهرين العظيمين ، عراق 35 مليون نسمة .
اصبحت عبارة عن حياة استهلاكية غير مثمرة نستورد كل شئ من الذين يعملون ويكدون ، ونحن لا زلنا نعتمد على ثقافة الغنائم ، دون نفكر بالأنتاج والعمل والإبداع .
نحن نعيش في دولة العراق التي مضى على تأسيسها قرابة قرن من الزمن ، لكن هذه الدولة لا زالت عاجزة ان تصريف مياه الأمطار في شوارع عاصمتها وأهم مدنها ، فتدخل المياه الأمطار معها المياه الآسنة الى بيوت الناس ، لا يوجد اي ذرايع تبرر هذه الحالة المأسوية في دولة العراق المعاصرة .
حادي عشر : ـ
الخدمات الصحية

ـ تقديم الخدمات الصحية المتطورة وبمستوى راقي لكل العراقيين ، دعم المستشفيات والأطباء واستيراد الأجهزة المتطورة ومواكبة العالم في هذا المجال المهم ، إن الزخم على العيادات الخاصة والمستشفيات الأهلية رغم ارتفاع اسعارها ، يؤشر بصورة جلية الى مدى الأهمال الذي يسود المستشفيات الحكومية ، وشأنها شأن المدارس الحكومية التي يتهرب الطالب للتدريس الخصوصي ، إن غياب عنصر الأخلاص للوطن يقف وراء هذه الحالة المؤسفة التي تغطي مساحة العراق وأصبحت جزءاً من ثقافة اليوم .
اثنا عشر : ـ
قضاء مستقل

ــ فصل السلطات الثلاث : التنفيذية والقضائية والتشريعية وعدم التدخل في الشؤون القضائية لضمان قضاء مستقل وعادل .
اثناء الحرب العالمية الثانية ، اوصى تشرشل على تحديد مكان خاص آمن للقضاة لكي لا تصلهم قذائف العدو وقال :
إن الخسارة في القضاة لا يمكن تعويضها ، وفقدانهم يعني فقدان العدالة فيغرق البلد في فوضى عارمة . إن كل سلطة لها حدود وينبغي احترام تلك الحدود .
ثلاثة عشر : ـ
دولة مؤسسات

ينبغي احترام حرمة مؤسسات الدولة وأن يكون العراق دولة مؤسسات ، العراق ليس ميدان للسباق لأعتلاء الكراسي والمناصب ، المناصب يحتلها من يكون مؤهلاً لإشغالها من منطق الرجل المناسب في المكان المناسب ، فلا يجوز ان تكون المناصب جوائز ترضية وكسب ولاءات ، او شراء سكوت جهة منافسة الى آخره ، فيضيع الخيط والعصفور كما يقول المثل العراقي .
أربعة عشر : ـ
حكومة واقعية موضوعية لا تبيع الأوهام لشعبها

ــ الحكومة يجب ان تكون صادقة وواقعية مع شعبها ، لا تبيع الأوهام والوعود ، وتحاول شراء الوقت الى ما لا نهاية ، في علم الفيزياء الضغط الزائد  يولد الأنفجار وهذا ينطبق على الحالة السياسية وما ثورات الربيع العربي ، رغم المآخذ عليها ، سوى حالة تمثل جزءاً من ذلك الأنفجار ، بوجه الحكومات التي كانت تبيع وتسوق الأوهام لشعوبها .
وأخيراً وليس آخراً أقول
ثمة امور كثيرة في هذا الجانب تسبب تأخر البلد وتبطئ تطوره ، فهنالك نقاط مهمة ينبغي الأنتباه عليها لتسير العملية السياسية بالطريق الصحيح ، لكن مع الأسف فإني ارى ان العقل في العراق قد منح إجازة مفتوحة ، لقد قفلت الموضوعية والعقلانية ابوابها الى اجل غير مسمى .
لقد بات طبيعياً في الواقع اليومي مصادفة خلطة عجيبة من خلط الدين بالسياسة ، ولا احد يعلم هل ان العراق اصبح معبداً للعبادة ام دولة سياسية عضوة في الأمم المتحدة ، لقد اصبح كل شئ خليط غير متجانس وغير معقول : الميزانية تشهد تراكم المليارات والخدمات معدومة والبنية التحتية متدهورة والبطالة مستشرية .
مختلف القوات الحكومية منتشرة في كل الشواع والزويا والمنعطفات لكن الأمن معدوم ، بغداد تعتبر من اخطر العواصم للعيش فيها .
الأهمال في كل شئ ، الأرصفة المخصصة لسير المواطن يسيطر عليها ويحتلها باعة الجملة والمفرد .
الإهمال في الشوارع وتركها دون صيانة والقاذورات والقمامة لا يوجد من يرفعها .
 ننتظر الأمطار لكي تغسل الشوارع وتزيل الأوساخ ، لكن في بغداد والمدن العراقية تشكل هذه الأمطار نقمة ، في كل مدن العالم اثناء المطر يرفعون المظلات تقيهم من زخات المطر لكن في مدن العراق ، المواطن قد اهمل شأن المظلة ليرفع بيديه سرواله لأن الشوارع قد تحولت الى بحيرات وممرات مائية .
هكذا يبدو الأنسان في بلد الحضارات قد اصبح كئيباً خائفاً مرتعداً ، يحلم في الليل او في احلام اليقظة ان ينهض ويجد بلده اميناً مستقراً نظيفاً ، لكن سرعان ما يصطدم بالواقع المزري ، تتراكم في ميزانية العراق مليارات الدولارات ، ومع ذلك نجد الفقر قد دق ركائزه ، والأمية في تفشي مستمر ، والبطالة اصبحت جزء من مشاكل الحياة اليومية فجيش الخريجين من المعاهد والجامعات في تزايد وتراكم مستمر والعمل وأيجاد العمل المناسب اصبح من الأحلام فقط ، كل ذلك بسبب سوء التخطيط وغياب المشاريع الأستثمارية التي تمتص البطالة ، وغياب الأمن والأستقرار .
إن انعدام الخدمات وفقدان الأمن والأستقرار اصبح العراق يحتل المراكز الأولى في الأحصاءات المحايدة . شئ واحد معلوم ومزدهر وهو الفساد الإداري والمالي ، المليارات في الميزانية تنتظر المشاريع الوهمية وتنتظر الشاطر لمن يسرقها ، المناصب اصبحت جزء من المكافئات السياسية لهذا الحزب او لذاك المكون ، ألاف منظمات المدني تستهلك مليارات الدنانير من ميزانية ، وفي النتيجة تكون هذه المنظمات عبارة عن دكاكين استرزاق ليس اكثر .
دولة العراق ليست دولة مؤسسات ، إنها ساحة للسباق على الكراسي ، والفوز بالأنتخابات يعني الفوز بالغنيمة ، للفائز ولأقاربه وذويه وأبناء عشيرته ، والوطن العراقي ، كان هنالك وطناً اسمه الوطن العراقي ، واليوم فقد رحل وحل محله الأنتماءات الطائفية الدينية والعراقية والمذهبية والسياسية ...الخ .
رجائي من القارئ الكريم ، هل استطيع بعد كل ذلك ان احلم ؟ هل استطيع ان احلم بحقول خضراء على امتداد البصر ؟ هل يمكن ان يعم الأمن والأستقرار مدن العراق جميعها دون استثناء ؟
هل استطيع ان احلم ان يكون العراق دولة ديمقراطية بحق وحقيقة ؟
هل نحلم بدولة عراقية صناعية وزراعية وسياحية ؟
هل نخرج من قوقعة الطائفية الى فضاء الوطن الواحد ؟ هل يخرج الشعب العراقي من الإستلاب العقلي الذي يهيمن على معظم فئاته ؟
وفيض من الأسئلة تنبجس من المخيلة ،وتختفي ، ولكن سؤال سؤال مهم يبقى قائماً : هل يمكن ان نجنب سفينة الوطن من مصير الغرق وهي تتمائل مع الأمواج العاتية ؟
لقد وضعت تلك التمنيات في هذا المقال ، ويقول هذا المدعو (( أنـا )) ، تحت شرط ( لو ) اصبح حبيب تومي رئيساً لوزراء العراق . وهذا من مستحيلات التحقيق فكل ما ورد في هذا المقال من تمنيات يدرج ضمن مستحيلات التحقيق على الأقل في المستقبل المنظور .
 لكن مع كل ذلك الأمل يبقى قائماً في ضمير ووجدان كل عراقي مخلص اصيل .
د. حبيب تومي / عنكاوا في 21 / 11 / 2013

60
لو اصبح حبيب تومي رئيساً لوزراء العراق ..!!(2) الجزء الثاني
بقلم : د. حبيب تومي / عنكاوا
habeebtomi@yahoo.no
عزيزي القارئ نقتبس هذه الفقرة من الجزء الأول :
( عزيزي القارئ
لو : زُرعت وما حصدت ، ولغوياً هي اداة شرط تستعمل في الأمتناع او في غير الإمكان ، مثلاً : لو كنت غنياً لساعدت الفقراء ، وهي ايضاً حرف للتمني ، لو تحضر فتفرحني .. الخ رغم استحالة هذه الـ ( لو ) لكن الكاتب ينبغي ان يكون له حرية مطلقة في التعبير عن رأيه وأن يكون له حق التعبير عن الأفكار بصوت عال ، وهذه نعمة نتمتع بها في دنيا الخيال ونعلن عنها عبر المواقع وهذا جل ما نستطيع فعله ، وربما يحقق هذا المقال فائدة لأصحاب القرار الذين يؤهلهم انتماؤهم الديني تبوأ هذا المنصب ، فسوف لن يخسروا شيئاً إن صرفوا دقائق معدودة لقراءة الموضوع .) انتهى الأقتباس
لكي لا نخرج من موضوع الإرهاب فينبغي وضع الحلول الناجعة للقضاء على الإرهاب وتجفيف جذوره ومصادره .
من الناحية السياسية ينبغي على الشركاء في العملية السياسية ، إن يكون تنافسهم بوسائل وأدوات سياسية وليس بأساليب انتقامية او إرهابية ، وهناك من يذهب الى القول :
بأن جانب كبير من الإرهاب اليوم هو نتيجة الصراع السياسي بين الأطراف المتصارعة او المتنافسة ، وفي كل الأحوال لا يمكن ان يكون الإرهاب او العمليات الإرهابية وسيلة بديلة للصراع السياسي ، إن الخلافات السياسية يجب ان تكون بين القوى السياسية تحت مظلة البرلمان ومقر الحكومة او على نطاق وسائل الإعلام المرئي والسمعي والمكتوب ، وفي حالات يكون الصراع بالخروج الى الشوارع عبر مظاهرات سلمية ، وفي كل الأحوال لا يمكن ان يكون الأنتقام عبر المفخخات والأحزمة الناسفة والأغتيالات بالأسلحة الكاتمة للصوت ، لا يمكن ان تكون هذه الوسائل الإرهابية الإجرامية وسيلة للصراع السياسي بين القوى السياسية العاملة في الساحة ، ويمكن الإشارة هنا الى العملية السياسية في كوردستان ، التي لا يمكن ان تكون العمليات الإرهابية ادوات للتعامل بين مختلف القوى السياسية المتنافسة ، إن كانت في الحكم او في موقع المعارضة .
ثم ننتقل الى الوسيلة المباشرة الأعتيادية للقضاء على الإرهاب عن طريق قوى الأمن والشرطة والأستخبارات والمخابرات ، هذه تكون الوسيلة الأمنية . لكنها في كل الأحوال ومهما بلغت التكنولوجيا المستخدمة لا يمكن القضاء على الإرهاب كلياً ما لم تجفف منابع ومصادر الإرهاب ، كما يجب ان تكون القوات الأمنية المستخدمة ان تكون مهنية ويكون ولائها للوطن ، وتكون عصية على الأختراق من قبل القوى الإرهابية .
والنقطة الأخيرة في هذه الفقرة هي حل مشكلة الأرهاب فكرياً ، ويكون ذلك عبر تنشئة الطفل ، فتريبة الطفل هي الضمانة الأساسية لخلق مجتمع متكافئ متعايش ، ومصداق هذا القول يتضح في تأثير التربية على الأنسان ، فالتعليم هو مهمة المدرسة والجامعة ، اما التربية فتبدأ بالمدرسة والعائلة وتستمر مع الشخص طول عمره .
في الآن معظم المجتمع العراقي مهيأ فكرياً ونفسياً لقبول الصراع مع الآخر والأنتقام منه ، كما هي بالتنشئة الدينية الإسلامية ، التي تعتبر اصحاب الديانات الأخرى كفار وفي احسن الأحوال انهم اهل الذمة ينبغي العطف عليهم ، والأسلام هو دين الحق ، والأديان الأخرى هي اديان الباطل ، والطفل في هكذا ثقافة وتربية سينشأ على حمل الحقد والكراهية اتجاه الآخرين ، وهذا ما يفسر صعوبة عيش اتباع الأديان الأخرى مع الإسلام ، وهذا ليس موضوعنا ، انما إن شئنا ان نربي مجتمع عراقي متسامح متعايش علينا وضع البرامج المدرسية التي تدعو الى التآخي بين كل البشر ، ويجب تشر ثقافة بين العراقيين بكل معتقداتهم وأديانهم وقومياتهم وإن الأنتماء العراقي هو فوق الأنتماءات الأخرى .
ينبغي التخطيط والعمل على تدريس مادة الأديان للاطفال إن كانوا مسلمين او مسيحيين او إيزيدية او صائبة ، فمادة الأديان تعني تدريس كل الأديان ، وليس كما هو معمول به الآن حيث يدرس الدين المسيحيي للمسيحيين والإسلامي للمسلمين ، فيجب ان نحرص على ان يتلقى التعليم بكل الأديان لكي لا تنشأ عنده نعرة الدين الواحد . إن كثير من الحروب في التاريخ كانت بسبب اختلاف الأديان والتعصب الديني .
هكذا سوف تكون بداية جيدة وصحيحة لتنشئة الطفل وتربيته ، وتكون هذه خطوة هامة لقطع الطريق عن الفكر الإرهابي امام الأنسان العراقي حينما يبلغ سن المراهقة وسن الرشد والشباب لكي لا يكون لقمة سائغة بيد الإرهاب فيصدق اسطورة منحه اربعين حورية في جنة وكأن الجنة عبارة عن بيت للدعارة ، وليس هنالك عمل سوى النوم والتمتع بالحوريات ..
الدول الأوروبية تكبدت وعانت كان من صراعات طائفية وتم القضاء عليها جذرياً وذلك بالتوجه الفكري السليم ، لأن القائم بالعمل الإنتقامي الأرهابي لا يعتبر نفسه مجرماً ، إنه يحمل فكر وهو بصدد تحقيق ما يصبو اليه ، لقد عانت اوروبا من الصراع المذهبي الطائفي ، وقضت على تلك الآفة بالعمل المضني بتوجيه البرامج التربوية الصحيحة للمجتمع ابتداءاً من الطفل ، فعملت على القضاء على ذلك الصراع فكرياً ، وخير مثال ألمانيا التي قضت على الفكر الطائفي بواسطة مفكرين افذاذ امثال كانط وفيختة وهيكل وغيرهم من مفكرين ومن قادة سياسيين .
الحديث عن الإرهاب طويل وأريد الأنتقال الى النقاط الأخرى في هذا المقال .
ثانياً : ـ
التقاعد لجميع العراقيين
العراق بلد غني بثرواته وهذه الثروات قيل الكثير عن تبديدها وسرقتها من قبل فاسدين يعملون في مختلف مفاصل الدولة العراقية ، لاسيما ما يتعلق بالفساد الإداري والمالي . إن تلك الثروات يجب ان تكون من حصة الشعب العراقي وليس من حصة الفاسدين ، فيجب تخصيص راتب تقاعدي لأي عراقي ، ذكر او انثى حينما يبلغ سن التقاعد كأن يكون يحدد بعمر 65 سنة ، ويتقاضى الراتب التقاعدي ، حتى لو لم يكن قد خدم فى مؤسسات حكومية او غيرها ، فيمنح لأي عراقي راتب تقاعدي يبلغ الحد الأدنى ( وهذا الحد الأدنى ) يحدد بدراسة من قبل الخبراء ، ليكون مقداره يتيح لصاحبه العيش بكرامة بقية حياته دون ان يطلب مساعدة من أقاربه وذويه ، او يضطر الى طلب المساعدة وربما التسول ليعيش بقية حياته .
إن منح راتب تقاعدي لجميع العراقيين في العمر التقاعدي هو عمل وطني وإنساني ، يحافظ على كرامة العراقي ليكون مرفوع الرأس في وطنه . وهنالك دول متقدمة لها خبرة جيدة في هذا المجال ينبغي الأستفادة من تجربتها . وعلى سبيل المثال دولة النرويج تعتبر من الدولة المهتمة بهذا الجانب ولا يوجد متسول واحد في هذا البلد إن كان يعيش حياته الأعتيادية .
ثالثاً : ـ
عملية الإحصاء لوضع الخطط التنموية
يصار الى تخصيص رقم شخصي لكل فرد عراقي ، دون ان يكون لهذا الرقم علاقة بالعائلة او بالمدينة او بالعشيرة او غير ذلك ، وهنالك تجارب ناجحة للدول المتقدمة بهذا الخصوص ، كأن تكون الـ 6 أرقام الأولى هي عبارة عن يوم الميلاد باليوم والشهر والسنة ، تضاف الى هذه الأرقام اخرى تحددها دائرة الإحصاء او اي جهة معنية ، إن مثل هذه العملية تفتح امام الدولة افاق التطور والتقدم ، وتعمل على اعطاء معنى عميق للانسان لكي تصان حقوقه الشخصية ، فإضافة الى المعلومات الوافية عن كل شخص ، منها المعاشية والصحية ، فتعطي معنى آخر للانسان بجهة تساويه مع بقية افراد الشعب ومهما كان مركزه الوظيفي ، فرئيس الوزراء ومنظف الشوارع وسائق التكسي كل منهم مواطن له رقمه الشخصي ولهم نفس المقدار من الحقوق وعليهم نفس المقدار من الواجبات كل في مجال عمله ، ولكنهم جميعاً متساوون امام القانون ، إنها الخطوة الأولى لتحقيق التقدم . فالخطط التنموية الموضوعية تكون مبنية على نتائج إحصاءات دقيقة للسكان وللقوى البشرية العاملة ولفئات الشعب التي تحتاج الى معونة او الرعاية الأجتماعية ... الخ
رابعاً : ـ
إلغاء الميليشيات من الساحة العراقية
إنهاء إشكاليات الميليشيات بكل أشكالها وأسمائها ، فبعد ان استقرت الدولة وأصبح لها جيش وشرطة وقوات امن .. فمن الضروري ان يصبح العراق دولة مؤسسات ، وان لا يكون هنالك مكان لتنظيمات مسلحة خارج إطار السلطة ، فالأحزاب السياسية مشتركة في العملية الديمقراطية وهي جزء من كيان السلطة فلا يجوز ان تمتلك هذه الكيانات قوات خاصة ، إن وجود الميليشيات الى جانب القوات الحكومية يعطي دلالة قوية ان الدولة فاشلة ، وإنها فقدت هيبتها بعد ان تعددت مراكز القوى داخل حدودها .
وهنالك خطأ آخر يرتكب بهذا الشأن فعند حل هذه الميلشيات وضمها الى القوات الحكومية تبقى على ولائها لحزبها ، فتصبح القوات الحكومية إن كانت من الجيش او من الشرطة تبقى سهلة الأختراق ، لأنها فقدت مهنيتها بضم هذه الميليشيات ، فعند حل الميليشيات ينبغي تفريقها وتوزيعها الى وظائف وأعمال مدنية وليس عسكرية .
خامساً : ـ
بناء جيش مهني
إلحاقاً بالنقطة رابعاً ينبغي إعادة هيكلة وبناء الجيش العراقي لترسيخ منظومة الحياة العسكرية المهنية والحرفية للجيش لكي لا يكون جيش الحزب الحاكم او جيش الأكثرية او الأقلية ، او يكون عبارة عن ميليشيات تبدي ولائها لهذا الحزب او ذاك ، ينبغي إرساء قواعد لتشكيل قوات عسكرية من الشرطة والجيش وجهاز الأمن والمخابرات على اسس وطنية مهنية ، لا يكون لها اي ولاء سياسي لأية جهة سياسية بل يكون ولائها للوطن ، إن مثل هذه الأجهزة الحرفية المهنية كفيلة بالقضاء على كل اشكال الإرهاب والجريمة والحفاظ على امن المواطن وأستقراره في بلده ، وكذلك تكون مستعدة ومؤهلة للدفاع عن حياض الوطن في حالة وجود اعتداء خارجي ، قد تكون تجربة اقليم كوردستان مثالاً قريباً يحتذى به .
سادساً : ـ
اقرار قوانين مدنية علمانية
العمل على تعديل الدستور بما يناسب ببناء الدولة المدنية الديمقراطية بالدرجة الأولى ، ,ان تكون حرية المعتقد والدين مكفولة لكل المواطنين .وأن لا يشكل الدستور وثيقة تخدم فصيل او طائفة ميعنة حتى لو شكل ذلك الفصيل او تلك الطائفة الأكثرية ، فينبغي ان يكون الدستور عقد اجتماعي وسياسي ووطني بخدمة جميع العراقيين دون استثناء .
واحدة من تصريحات البطريرك الكاثوليكي الكلداني مار لويس روفائيل الأول ساكو يقول : إننا نريد وثيقة رسمية من الجامعة العربية والدول الإسلامية وفتوى من المرجعيات الدينية تعترف بوجودنا ومساواتنا ومنح حقوقنا اسوة بالمسلمين على اساس المواطنة الواحدة ، وأن لا يشكل ذلك منة .
اجل ينبغي ان ينص الدستور العراقي بأن العراقيين جميعهم مواطنين من الدرجة الأولى ولا يوجد فيه اهل الذمة . هكذا دستور يحفظ كرامة العراقيين جميعهم من كل الأطياف ومن النسيج المجتمعي العراقي دون استثناء .
الحكمة تقضي بأن يكون ثمة توازن بين الدين والسياسة والعلوم والفلسفة ، وأن يفسح مجال لهذه المفاهيم دون تطرف لأي مفهوم من هذه المفاهيم ، كل مواطن يفكر كما يريد ، إنها الحرية الشخصية للانسان يجب مراعاتها وتعزيزها ، ليكون بمقدور الأنسان التفكير والإبداع .
سابعاً : ـ
العلاقة مع اقليم كوردستان
العراق دولة اتحادية فيدرالية وينبغي تعزيز هذه السمة ليكون دولة اتحادية قوية اسوة بالدول التي لها نظام مشابه ، ولهذا يجب إنهاء كل المشاكل المتعلقة مع اقليم كوردستان ، مع إنهاء المشاكل مع المحافظات المضطربة والتركيز على المصلحة الوطنية العراقية العليا ، ليكون الجميع مع العراق ويساهم الجميع ببنائه وتطوره . إن حل هذه المشاكل بأسس من الديمقراطية ومفاهيم التسامح ، والأستفادة هنا من المبادئ الأنسانية لمهاتما غاندي في الهند ونلسون مانديلا في جنوب افريقيا .يجب ان تنتصر مبادئ التسامح على عقلية الأنتقام والثأر . وربما نستفيد من تجربة اقليم كوردستان بهذا الصدد ، حيث عمل الرئيس مسعود البارزاني منذ البداية على طي صفحة الماضي المليئة بالأحقاد والمآسي وفتح صفحة جديدة ، يعمل فيها الجميع من اجل مصاحة كوردستان مما اتاح الفرصة للسير قدماً نحو الأمام في مجتمع مدني متصالح متعايش ، فنأى بالأقليم من الوقوع في مستنقع الإرهاب .
د. حبيب تومي ـ عنكاوا في 14 ـ 11 ـ 2013
يليه الجزء الثالث

61
لو اصبح حبيب تومي رئيساً لوزراء العراق ..!!(1)
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
عزيزي القارئ
 لو : زُرعت وما حصدت ، ولغوياً هي اداة شرط تستعمل في الأمتناع او في غير الإمكان ، مثلاً : لو كنت غنياً لساعدت الفقراء ، وهي ايضاً حرف للتمني ، لو تحضر فتفرحني .. الخ ، هنا نستخدم لو في الأمتناع وغير الإمكان ، فرغم استحالة هذه الـ ( لو )، لكن الكاتب ينبغي ان يكون له حرية مطلقة في التعبير عن رأيه وأن يكون له حق التعبير عن الأفكار بصوت عال ، وهذه نعمة نتمتع بها في دنيا الخيال ونعلن عنها عبر المواقع وهذا جل ما نستطيع فعله ، وربما يحقق هذا  المقال فائدة لأصحاب القرار الذين يؤهلهم انتماؤهم الديني تبوأ هذا المنصب ، فسوف لن يخسروا شيئاً إن صرفوا دقائق معدودة  لقراءة الموضوع .
وهكذا عزيزي القارئ رغم قناعتي وقناعتك باستحالة ذلك ، لكن ماذا يضرك لو امهلتني قليلاً لأعرب لك عمّا يجول في خاطري من  امنيات لو تحققت هذه الـ ( الو ) المستحيلة  ، وإن خلت المسألة من الضرر ، فما هو المانع من تسجيل هذه الأفكار على هذا الورق الأبيض ، وقد يستفيد منه او من بعضه من هو مؤهل لنيل هذه الوظيفة السامية ، في بلدنا العزيز الذي تحولنا فيه الى مواطنين من الدرجة الثانية او الثالثة ، وهذا البلد الذي نحمل جنسيته يبدو اليوم ممزقاً ، وعلى مدار زمني يقارب قرن من السنين لم يتطور ، فقد نشأ ممزقاً واستمر على حاله الى اليوم ، إن لم يكن أسوأ حالاً .
 في بداية تكوين الدولة العراقية الحديثة وتوحيده بعد ان كان يشكل  ثلاث ولايات مستقلة تابعة الى الباب العالي في الدولة العثمانية ، وبعد ان ساعدنا الأنكليز في توحيد الولايات الثلاث ، الموصل وبغداد والبصرة ، وفي تأسيس هذه الدولة العراقية الحديثة ، فقد كتب المرحوم الملك فيصل الأول الذي حكم في سنين ( 1921 ـ 1933 ) عن معاناته والصعوبات التي اعترت سبيل تكوين تلك الدولة ، لا سيما في تخطي الصعوبات الناجمة عن العوامل الذاتية ، فكتب في مذكرة سرية له يقول فيها <حنا بطاطو " العراق " ج1 ، ص44 ، ط1 ، ترجمة د. عفيف الرزاز ، ايران ، منشورات فرصاد ، قم 2005 م > .
يكتب :
أقول وقلبي ملآن أسى ، إنه في اعتقادي لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد ، بل توجد كتلات بشرية خيالية خالية من اي فكرة وطنية ، متشبعة بتقاليد وأباطيل دينية لا تجمع بينهم جامعة ، سماعون للسوء ، ميالون للفوضى ، مستعدون دائماً للإنتفاض على اي حكومة كانت ، نحن نريد والحالة هذه ان نشكل من هذه الكتل شعباً نهذبه ، وندربه ، ونعلمه ، ومن يعلم صعوبة تشكيل وتكوين شعب في مثل هذه الظروف ، يجب ان يعلم ايضاً عظم الجهود التي يجب صرفها لإتمام هذا التكوين وهذا التشكيل .  
اجل كتب ذلك في وقت تأسيس الدولة العراقية حيث كانت الحكومة ضعيفة ففي سنة 1933 إذ كانت الحكومة تملك 15 ألف بندقية بينما كان الشعب يملك اكثر من 100 الف بندقية ، ولهذا سعى الملك فيصل الأول الى تأسيس جيش قوي يتمكن من بسط الأمن والأستقرار في ربوع الوطن كما انتبه الى مشكلتين رئيسيتين وهي وضع الشيعة ووضع الأكراد ، ففي شأن المكون الشيعي ، كان يجري تداول مقولة مفادها ( المصدر السابق نفسه ) :
الضرائب للشيعة ، والموت للشيعة ، والمناصب للسنة ، فقد بادر الملك فيصل الأول على فتح الأبواب  امام الشيعة لتسلم المناصب ويشغلوا الوظائف ، كما حرص على ان يتسلم الأكراد على حصة ملائمة من التعيينات ، ولا ننسى ان اول وزير مالية في الدولة العراقية كان يهودي ، وكان هنالك ايضاً وزير مسيحي ، وبشكل عام كان هنالك صفحة واضحة لأنصاف كل المكونات العراقية بقدر كبير من العدالة والمساواة .
اليوم ونحن نقترب من عتبة القرن الكامل من السنين على ذلك التأسيس الصعب ، وننظر الى اليوم بأدوات اليوم ، فنتعمد النظر من الأعلى الى الأسفل ،سنجد قاعدة شعبية اكثر تمزقاً ، في هذه القاعدة الشعبية جميعها تتكلم عن وحدة الصف ، لكن في الواقع لا احد يلتزم بتلك الوحدة ، الخلافات القائمة هي خلافات طائفية ودينية ثأرية ، انها صراعات دموية بكل المقاييس ، يجري على ارض الواقع فصل طائفي وعنصري ، الكل ينأى بنفسه من هذا الواقع ، لكن الكل يساهم بهذا الصراع ، في عراق اليوم إما انت قاتل او مقتول وفي حالة افضل إما مشرد او مهاجر او خائف مرتعد لا تنام ليلاً لأنك لا تؤمن على حياتك في الوصول الى عملك او في العودة منه سالماً . وأنت في هذا الطريق ترتفع امامك الأسوار الكونكريتية  لتعزل هذه المنطقة في هذه المدينة العراقية عن المنطقة المجاورة لها المنطقة ، او لكي تحمي هذه الدائرة الحكومية من القصف ، وكأننا في ساحة المعركة حيث المواضع والأسوار الأسمنتية للحماية من العدو المتربص .
هذا هو الواقع حين النظر من الأعلى نحو الأسفل ، ولكن ماذا لو نظرنا من الأسفل نحو الأعلى ، اي من قاع الوطن ومن واقع اليومي للمواطن ويمعن النظر نحو الأعلى حيث الطبقة السياسية الحاكمة ، وهذه الطبقة كانت قد افرزتها الطبقة المعارضة لحكم صدام ، التي استطاعت ان تقنع اميركا بضرورة إسقاط حكم صدام ، ولتشكل  هي ( المعارضة العراقية ) بديلاً  ديمقراطياً لنظامه الدكتاتوري ، وفعلاً اسقطت اميركا وحلفائها حكم صدام وسلمت الحكم بطبق من ذهب الى المعارضة التي كان قد خيم عليها في نهاية الأمر النوازع الطائفية والمذهبية والقومية والدينية ، وأصبح الوطن العراقي في خبر كان ، وفي احسن الأحوال في المرتبة الثانية ، بعد الأنتماءات الطائفية .
قد يكون من البديهي ان تحدث هذه الحالة ، فإذا طرحنا من المعادلة المعارضة من المكون الكوردي التي كانت في اقليم كوردستان ، فإن فصائل المعارضة الأخرى ، قبل سقوط حكم صدام حسين ، كانت بحماية الدول المجاورة ، وديمومتها كانت بتمويل من هذه الدول والتي يمكن تشخيصها بدون عناء وهي سورية وأيران والسعودية وتركيا ودول الخليج ، هذا اضافة الى اميركا والدول الأوروبية التي كان دعمها لكل الجهات دون تمييز ، فمثلاً ايران كانت تدعم المعارضة من المكون الشيعي ، والسعودية والخليج يدعمون التوجه العروبي مع الوقوف مع المعارضة من المكون السني ، وهكذا يمكن الزعم ان معارضة الأمس اي حكام اليوم طفقوا يوفون او يدفعون جزء من الدين الذي بذمتهم .
 استمر ولاء كل فئة الى الجهة او الدولة الداعمة لها ايام المعارضة ، واصبحت الطبقة السياسية الحاكمة في العراق تتحرك في الساحة السياسية العراقية وفق من تمليه عليها واجب الإخلاص للدولة صاحبة الفضل ايام المعارضة ، هكذا اصبحت الساحة العراقية ساحة الصراع بين مصلحة الأجانب ، ولا تمليها مصلحة العراق العليا ، فكان الترااشق السياسي بين التيارات بإيعاز من دول الجوار ، وتكون هذه التيارات بمثابة بيادق الشطرنج يحركها الجيران حسب مصالحهم ،هكذا اصبح العراق بمنأى عن النجاح والتقدم واكتسب مناعة ضد الآستقرار والتعايش والرخاء والهدوء والسلم المجتمعي .
وبعد السرد الممل لهذا الواقع المزري علينا التفكير ملياً للخروج منه ، ويبدو لأولة وهلة انه من المستحيل تخطيه ، لقد مرت الشعوب بتجارب مريرة مماثلة لكنها في نهاية المطاف استطاعت تخطي تلك المصاعب والعبور نحو مرافي السلام والتقدم ويمكن بهذا الصدد ان نتصدى لمختلف النواحي التي تسبب هذا الواقع المرير وفيما يلي من السطور نحاول ان نسلط الأضواء على تلك النقاط مع وضع المعالجات لتلك الأمراض وحسب رأينا المتواضع .
اولاً : ـ
لا شك ان الأرهاب يعتبر المعضلة الأولى التي تحول دون استقرار الأوضاع في العراق وفي دول عديدة اخرى . وفي الحقيقة فإن العمليات الإرهابية ، ولا نقول الإرهاب ، لأن العمليات الأرهابية في العراق توجه اصابع الأتهام نحو القوى الأسلامية السلفية وضد البعثيين وضد قوى سياسية مشتركة في العملية السياسية ، وحينما تتشابك وتتراشق التيارات السياسية في العراق نلاحظ اشتداد وتيرة العمليات الإرهابية منها تفجير السيارات المفخخة او بواسطة الأحزمة الناسفة او بزرع عبوات ناسفة او الأغتيال بواسطة الأسلحة المكتومة الصوت ، هكذا تتغير الأساليب والنتيجة واحدة . كل ذلك ناجم من تفاقم الخلافات السياسية بين القوى التي تعتبر نفسها ممثلة للشعب لأنها تعتلي الكرسي عن طريق الأنتخابات الديمقراطية ، ونحن نتساءل هنا هل ان اللجوء الى العمليات الأرهابية هو جزء من تلك الديمقراطية ؟
الواضح على الساحة العراقية عمليات الأنتقام الطائفي ، منه الأنتقام من اتباع الأديان غير الإسلامية كالمسيحيين والصابئة المندائيين والإزيدية ، وثمة صراع طائفي محتدم آخر بين الإسلام انفسهم وهو بين السنة والشيعة ، ويصل هذا الصراع الى درجة تفجير مجالس العزاء لهذا الطرف او ذاك وتفجير الأماكن المكتضة بالسكان للسنة او للشيعة بغض النظر عمن يكون هؤلاء الضحايا .
وهنالك العمل الإرهابي الذي يكفر الجميع ولا يميز بين دين او مذهب .
 إذن هنا نحن امام معضلة كبيرة ينبغي وضع الحلول المناسبة لها ، لكي نخلق اوضاعاً طبيعية يعيش المواطنون بشكل آمن وسليم ، وهذا ما يحث العراقيين المغتربين الى العودة كما ينعش السياحة الى العراق ، وأهم ن كل ذلك فإن الأوضاع المستقرة تجذب أصحاب رؤوس الأموال والشركات للقدوم والمنافسة لإقامة مشاريع إعمارية واستثمارية في العراق وكما هو حاصل في اقليم كوردستان الذي تتنافس الشركات للعمل في ربوعه ويشهد حركة متميزة من التنمية والبناء والتعمير .
د. حبيب تومي ـ القوش في 10 ـ 11 ـ 2013
يليها الجزء الثاني

62
اروع تجربة لتضامن الشعب الكلداني وكنيسته في ساندييكو بأمريكا
بقلم : د. حبيب تومي
habeebtomi@yahoo.no
تكاد اميركا تمثل الوطن الثاني للشعب الكلداني بعد رحيله من وطنه الأصلي بلاد ما بين النهرين ، ففي هذا البلد اكبر تجمع كلداني بعد الوطن العراقي ، وأصل الوجود الكلداني في امريكا ليس وليد الهجرة الحالية التي جاءت بعد نهوض الأصولية الإسلامية في العقود الأخيرة ، بل ان الوجود الكلداني كان قبل ذلك بعقود بل بقرون ، فقد كان اول شرقي وصل الى العالم الجديد هو الكلداني : إلياس الموصلي الكاثوليكي الكلداني وهو قسيس ورحالة يعتبر أول عراقي ومشرقي ومن العالم العربي وصل إلى قارة أميركا وكان ذلك عام 1668 م حيث ان اكتشاف اميركا من قبل كريستوف كولومبوس كان في العقد الأخير من القرن 15 الميلادي .
وفي مطلع القرن العشرين كان الكلــــــــــــــــــــدان التلاكفة هم السباقون بمغامرة السفر  الى اميركا حيث ان السفر في تلك العقود كان يحمل الكثير من المخاطر والأهوال منها ما يرتبط بقطاع الطرق وغياب سلطة الدولة وانتشار مناطق النفوذ لهذه القبيلة او تلك ، إضافة الى مخاطر الإبحار عبر الأطلسي بتلك المراكب التي غالباً ما تكون لقمة سائغة للبحر تحت تأثير العواصف والرياح والأمواج العاتية .
اجل لقد وصل هذا القوم الى اميركا ، وكانت هنالك شعوب قادمة من شتى انحاء الأرض الى العالم الجديد ، واستطاع هذا القوم ان يحتفظ بهويته وقوميته الكلدانية مع ذلك الخليط من شعوب الأرض التي استوطنت العالم الجديد  ( امريكا اليوم )، لقد كتب هذا القوم اسمه ( CHALDEAN) بأحرف من نور لكي يبقى على مدار تاريخ هذه الدولة ، وهكذا بقي الشعب الكلداني مخلصاً لأسمه (CHALDEAN ) ولم يشجل اسمه كلدوآشوري ، او ، كلدان سريان آشور ، أو سورايي ،  أنما سجل اسمه بسجل القوميات باسم القومية الكلدانية(CHALDEAN) لا غير .
قد يكون من المفيد ان نعود الى مقال منشور حالياً على موقع عنكاوا بقلم الأستاذ صلاح سليم علي تحت عنوان :
رحلة رئيس اركان الجيش الالماني المارشال هلموت فون مولتكة الاكبر الى الموصل عام 1838 يقول فيه عن اهل الموصل  :
ويتألف سكان الموصل من خليط متنوع فبالأضافة الى السكان الكلدان وهم سكان المدينة الاصليين،هنالك العرب والاكراد والفرس والترك الذين توالوا على حكم الكلدان على نحو متعاقب [العبارة غير دقيقة لأن الفرس والكرد لم يحكموا كلدان الموصل ولاتؤيد المصادر وجود اسر فارسية في الموصل].. واللغة التي يتحدث بها اهل  الموصل العربية...
وعن رحلة فيليب جون يكتب الأستاذ صلاح سليم علي عن المكونات في الموصل وتلكيف ليست بعيدة عن هذا التكوين السكاني حيث ان المسافة بين الموصل وتلكيف هي بحدود 8 كم يقول :
ومنذئذ توالى على حكم الموصل الباشوات الذين عرفوا بجشعهم واستبدادهم..ويتالف سكانها الحاليين من خمسين الف يضمون الكلدان والسريان والعرب، فضلا عن الأتراك والكرد وأقليات أخرى .
ويضيف :
..ثم غادرت روما الى كالديا وحضرت طقوس النسطوريين الذين يعدون كلدانا بالولادة.. الخ
هكذا اليوم فإن محاولات طمس الأسم الكلداني او تشويهه او ايجاد البديل للاسم الكلداني العريق وتحت شتى الحجج لا يمكن ان تقلع اسم الشعب الكلداني من التاريخ او من الخارطة القومية العراقية .
لأسباب سياسية يحاول بعضهم دق اسفين التفرقة والفصل بين الكنيسة وشعبها الكلداني ، ويفسرون وقوف الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية مع شعبها على انه تدخل في السياسية ، وهؤلاء الفطاحل انفسهم لا يفسرون مثل هذا الموقف من الكنيسة الآشورية بأنه تدخل بالسياسة ، بل يمتدحونه ويثنون عليه .
اليوم كانت تجربة فذة اثبتت قوتها ، وهي تضامن الكنيسة مع شعبها الكلداني ، وخلفية المشكلة هي قيام عمدة بلدية الكهون في سانتييكو بكاليفورنيا بإطلاق تصريح مسئ للشعب الكلداني ، وفي البداية طالب الشعب الكلداني في سان دييكو رئيس بلدية الكهون بتقديم إعتذار علني حسب الرابط (1)
الرابط رقم (1)  
http://www.kaldaya.net/2013/News/10/Oct23_A1_ChaldeanNews.html
حيث ورد فيه :
قام مجموعة من أبناء شعبنا الكلداني بمواجهة مدير بلدية الكاهون (سان دييكو) مارك لويس خلال الاجتماع الشهري للمدينة يوم الثلاثاء الماضي (22/10/2013) وطلبوا منه ان يعتذر للكلدان عن تصريحات عنصرية ضد الكلدان قالها لإحدى المجلات المحلية.
وقد حضر في مقدمة هذا الاجتماع سيادة المطران سرهد راعي ابرشية مار بطرس الكلدانية الكاثوليكية والسيد مارك عرابو مدير جمعية المخازن والسانتور الكلداني وديع ددة والكثير من أبناءنا الكلدان الذين عبروا عن غضبهم عن هذه التصريحات الاستفزازية.
في البداية لم يستجب مارك لويس لمطالب أبناء شعبنا ولكنه اضطر هذا اليوم الخميس الى تقديم استقالته تحت الضغط الجماهيري وردود الفعل من مختلف الشخصيات الرسمية في مدينة سان دييكو.
وحسب الرابط (2)
http://www.kaldaya.net/2013/News/10/Oct25_A1_ChaldeanNews.html
وكذلك موقع عنكاوا الذي نشر الخبر تحت عنوان استقالة مدير بلدية في سان دييغو الامريكية بعد تصريحات ضد الكلدان وحسب الرابط :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,707043.0.html
وفي نفس السياق كتب الأستاذ مؤيد هيلو مقالاً تحت عنوان :دروس وعبر من إستقالة عمدة مدينة الكهون ،وحسب الرابط :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,707603.0.html
يقول عن العبر والدروس التي يمكن الأستفادة منها :
أن المجتمع الكلداني أو (أي مجتمع) إذا تكاتف وتعاون أثمرت جهوده في أي مجال ومهما كانت الصعوبات.
كما ان إلتفاف الشعب الكلداني وتعلقه المصيري بكنيسته الكلدانية الكاثوليكية المشرقية علامة الرجاء والخلاص لهذا الشعب المؤمن ... ويضيف :
بأننا نحن الكلدان احوج ما يكون اليوم الى توحيد صفوفنا سواء في المهجر أو في الوطن الأم ونحن على أعتاب إنتخابات برلمانية مطلع العام القادم لنتمكن من إيصال صوتنا الوطني الأصيل الى من يهمه الأمر ونوقف التداعي والتهميش بحق كلدان الوطن .  
اجل ينبغي على الشعب الكلداني ان ينهض ، إنه يتعرض الى هجمة شرسة من قبل قوى الإرهاب على خلفيته الدينية وبعد ذلك يتعرض ال هجمة شرسة اخرى على خلفيته القومية الكلدانية ، وهذا الوضع يحتم عليه ان يوحد صفوفه ، وتوحيد الصفوف نعني به الكنيسة والعلمانيون على حد سواء ، وعلينا ان نقتدي بمواقف مماثلة لمكونات مسيحية تتعرض لحالة الإقصاء والتهميش مثل الأقباط في مصر والسريان في سورية والموارنة في لبنان والآشوريون في العراق وأيران ، حيث ان جميع هذه الكنائس تقف مع شعوبها دون تحفظ  لأن شعوبها معرضة للأستئصال والأندثار وهي ملزمة للوقوف معها .
على كنيستنا الكاثوليكية الكلدانية ان لا تنطلي عليها إدعاءات بعض الأحزاب القومية المتزمتة ومن الموالين لها من بعض الكتاب من ان الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ينبغي عليها ان تنأى بنفسها عن هموم شعبها القومية بحجة عدم التدخل بالسياسة ، إنه شرف كبير للكنيسة ان تقف مع شعبها قومياً ووطنياً ، بل انه من صلب واجبها حينما يكون شعبها مضطهداً ومهمشاً وطنياً وقومياً .
وأخيراً وليس آخراً عسى ان لا يصيب الكلدان ما سماه هاملتون الموت التاريخي ، فنحن الكلدان نحتاج مراجعة النفس وتوحيد الصفوف لكي تبقى جذوة الأمل متوقدة مع وجود الضوء الأخضر لكل من ينشد الحياة والمستقبل وإن طال زمنه الى حين .

د. حبيب تومي القوش في 03 ـ 11 ـ 2013

63
محاولات يائسة للإيقاع بين مؤسسة البطريركية والنخبة القومية الكلدانية
بقلم : د. حبيب تومي
habeebtomi@yahoo.no
المقدمة
نستخدم مصطلح الناس التي يكون همها الأول العيش الرغيد بأجواء الحرية والأستقرار والأمان والسلام الأجتماعي ، وإذا حولنا مصطلح الناس الى مصطلح الشعب او مصطلح الجماهير ، سوف نخطو خطوة نحو تخوم السياسية والحقوق القومية والسياسية  والمدنية ، وفي كل الأحوال فإن الطبقة المهتمة بالحقوق السياسية والقومية تتكون من اقلية ضئيلة قياساً بالأكثرية الساحقة المهتمة بالهموم الحياتية اليومية الروتينية من اسباب المعيشة والعلاقات الأجتماعية والدينية ، ويمكن وضع المثقفين مع الطبقة المهتمة بالشؤون السياسية والقومية ، فالمثقف المبدع يرى ما لا يراه غيره من نواقص وسلبيات الإداء وهو يسخّر قلمه لتشخيصها وتسليط الضوء عليها وعلى منظومة الحقوق والواجبات ، فيعمل على بث ونشر الوعي بين طبقات الشعب من اجل النهوض بالمطالبة بتلك الحقوق .
 الثورات لا تتولد نتيجة وجود الظلم ، إنما الثورات تنشب حين الشعور بوجود ظلم ، كانت طبقة العبيد في العصور القديمة راضية بمصيرها ، ولم يكن ثمة مشاعر بوجود ظلم ، فكانوا مؤمنين بقدرهم وبمصيرهم ، فلم يكن عبر التاريخ ثورات كثيرة للعبيد ضد اسيادهم ، وربما الكثير من القراء قد اطلع على قصة السيد والعبد ، في الأدب العراقي القديم ، وكيف ان العبد يغير رأيه مع رأي السيد بين لحظة وأخرى ويكاد يكون العبد كظل ملازم للسيد حتى بطريقة تفكيره وتبدل مزاجه ، ولا يسمح المجال لإيراد القصة . هنا على الكاتب الكلداني ان ينهض بمسؤولية في التوعية فيحث شعبه على المطالبة بحقوقه القومية والسياسية في الوطن العراقي وفي اقليم كوردستان .
بعد هذه المقدمة المملة ، أقول :
هنالك نخبة كلدانية مثقفة ، لا تطمح ان يكون للشعب الكلداني حياته الأجتماعية المستقرة فحسب ، بل تعمل ان يكون لهذا الشعب حقوقه القومية والوطنية والسياسية في وطنه العراقي وفي اقليم كوردستان ، وهذه الطليعة او النخبة المثقفة بدأت قليلة العدد في البداية لكن بمرور الوقت توسعت وهي تعمل من اجل النهوض بحقوق الشعب الكلداني .
ثمة حاجة ماسة ان يكون تفاهم وتفاعل بين الشعب وكنيسته الكاثوليكة الكلدانية اسوة بما هو وارد بين مؤسسة الكنيسة الآثورية وشعبها ، ولكن في حالة الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية وشعبها نلاحظ  من يتسارع لزرع العصي في دولاب عربة العلاقات بين مؤسسة الكنيسة والنخبة القومية الكلدانية ، وهؤلاء يروّجون لاعلام مفاده :
ان الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ينبغي ان تنأى بنفسها عن تخوم السياسة ، والغريب العجيب ان هؤلاء انفسهم يباركون تورط الكنيسة الآشورية بالسياسة والمسائل القومية بل ان الكنيسة الآشورية تظهر بصورة جلية انها مهتمة بالشأن القومي الآشوري اكثر من الأحزاب القومية الآشورية نفسها ، وهؤلاء الكتاب لا يحركون ساكناً إزاء هذا التدخل بل يكيلون المديح له ، وهذه مفارقة غريبة لقابلية هؤلاء  بالكيل بمكيالين.

وبرأيي المتواضع اقول لمؤسسة البطريركية الكاثوليكة الكلدانية الموقرة :
 إن وقوفها مع الطموحات القومية لشعبها الكلداني لا يعني مطلقاً التورط  في دروب السياسة الشائكة ، إنه موقف إنساني ووطني ان تقف مع شعبك .
لقد استغل هؤلاء المتربصين لكل توجه قومي كلداني ، استغلوا الخطاب المحدود لغبطة البطريرك بأن للكنيسة توجهاتها الدينية ، وفاتهم ان الكنيسة يجب ان تبقى مع هموم شعبها إن كانت اقتصادية او اجتماعية او ثقافية او سياسية ، والكنيسة وشعبها جسم واحد وكيان واحد ، وإن غرقت السفينة سوف يغرق الربان والطاقم والشعب ، وهكذا دأب هؤلاء الكتاب المعادين لطموحات الشعب الكلداني دأبوا على العزف على وتيرة فصل الكنيسة عن السياسة ، ونحن مع هذا الفصل ، لكن المسألة هنا تأخذ ابعاد اخرى حينما يحاول هؤلاء الحريصين على فصل الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ، بينما يلفهم صمت القبور حينما يتعلق الأمر بتدخل الكنيسة الآشورية بالسياسية من اوسع ابوابها فنلاحظ  هؤلاء (الحريصين جداً ، والذين يذرفون دموع التماسيح على مصلحة الكنيسة ) نراهم لا يحركون ساكناً إزاء التدخل الكنيسة الآشورية الصارخ بالسياسة ، فأين انتم ايها السادة ؟ لماذا حرصكم هو للكنيسة الكاثوليكية الكلدانية فحسب ؟
أجيبونا رجاءً إن كان لكم جواب حقاً .
لقد اصدر البطريرك الكاثاوليكي الكلداني غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى نداءه بدعوته الكريمة لوضع حدود للهجرة في ندائه للعودة الى الوطن ، وكانت هنالك مناقشات موضوعية وواقعية باسلوب حضاري ، ولكن كان من يحاول التصيد بالمياه العكرة ، آملين في دق اسفين التفرقة بين الكنيسة وشعبها الكلداني .
 لقد كانت مناقشات هادئة رصينة لموضوع محدود وفات هؤلاء المتصيدين ، بأننا نناقش على محورين الأول ن الجانب الكنسي اللاهوتي المقدس وهذا لا شأن لنا به ، لكن نحن نناقش الجانب العلماني لمؤسسة الكنيسة وليس لنا اي تدخل بالجانب الديني اللاهوتي فهذه ليست مهمتنا ، ومن هذا المنطلق فأمامنا فضاء ديمقراطي وأقصد الديقراطية الشخصية المتجسدة برحابة صدر غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى وأستعداده لسماع الرأي الآخر وفتح المجال له ، الذي ربما يكون مخالفاً لرؤيته، فهذه هي الكتابة وهذه الديمقراطية ، وفات هؤلاء المتربصين ان البطريرك يحمل مع فكره السامي اللاهوتي الديني ، يحمل فكر ديمقراطي متفتح لسماع الرأي الآخر .  
 وفي توضيح لندائه الخاص بالحد من الهجرة وعودة المهاجرين يقول :
اود ان اعرّب عن شكري لكل من ردّ او عقّب أو علّق على ندائي،  ولا ضيرّ ان تجاوز أحدٌ في ما كتب.. اني اب و اخ ولا يمكن ان احقد على احد ... إنني لست حالماً ولا واهماً ولا سياسيًّا ولا قوميًّا متطرفًا ولا مسيحيًّا منغلقاً ولا أمسك بعصا سحرية .. ويضيف :
 لم يكن في نيتي بأي شكلٍ من الاشكال احراج احد او اهانة احد او تجريح احد، لكنني من منطلق مسؤوليتي وحرصي  شددتُ على التعلق بالوطن والارض والاهل والجيران وعلى لعب دورنا كمسيحيين " ساعين للسلام".. هذه تقاليدنا وقيمنا، يقينا ان الارض ليست ملكوتا – فردوسا ولا منفى ولا صحراء ولا ذاكرة محنطة  لشكل الوطن والناس!
وفي الختام يقول غبطته :
الفسحة امامنا واسعة، وبمقدورنا  الان وليس غداً عمل شيء كبير ان تكاتفنا و تعاونا بمحبة وسخاء. عندها يقوم البناء رويدا رويدا باختلاط عملنا ومهاراتا واسمائنا وباختلاف وجوهنا،  وستتدفق الحياة وما أجملها!
ليتحول كل واحد من الكلام الى الفعل!
والتوضيح منشور حسب الرابط ادناه :
http://www.saint-adday.com/index.php/permalink/5143.html
في الختام ككاتب متابع لأمور شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين الذين نشترك بوشائج تاريخية وثقافية ولغوية ، يطفو على السطح سؤال مفاده :
إن كان هذا النداء موجه لكل مسيحيي العراق ، فمن المنطقي ان يكون موجه بالدرجة الأولى لقداسة البطريرك مار دنخا الرابع بطريرك الكنيسة الآشورية ، ليكون قدوة لشعبه الآشوري في العودة الى العراق ، وعسى ان نقرأ عن جواب لهذه الكنيسة لنداء غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى . كما قرأنا جواب الكنيسة الآشورية على دعوته الكريمة للوحدة بين كنائسنا .
 الملاحظة الأخرى التي اراها ضرورية ان يكون للمطارنة الكلدان الأجلاء ، ان يكون لهم رأي واحد صريح وشجاع وأن يقفوا مع شعبهم الكلداني وطموحاته القومية الكلدانية بكل شجاعة وإخلاص ، لنكون جميعاً يداً واحدة وقلب واحد لترسو سفينة شعبنا الكلداني على بر الأمان .

دمتم جميعاً بخير
د. حبيب تومي في 25 ـ 10 ـ 2013

64
البطريرك الكاثوليكي للشعب الكلداني من قلب العاصفة ينادي : يا مهاجرين ارجعوا
بقلم : د. حبيب تومي
habeebtomi@yahoo.no
الشعب الكلداني العريق والبطريركية الكاثوليكية الكلدانية كان لهما حضور ناجز في الساحة السياسية العراقية منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في اوائل العشرينات من القرن الماضي ، وكان موقف البطريرك الكاثوليكي الكلداني مار عمانوئيل الثاني توما ( ت 1947 ) مشهوداً له في دوره الفعال في تأسيس الدولة العراقية الحديثة ومن ثم كان لهما الدور المميز في بناء الدولة العراقية الحديثة ، كمواطنين عراقيين مكانتهم المواطنة من الدرجة الأولى من ناحية التمثيل في مجلسي النواب والأعيان وفي التركيب الوزاري الحكومي إضافة الى التعامل المجتمعي المعتدل .
كان للبطريرك الكاثوليكي الكلداني مار عمانوئيل الثاني توما الدور الكبير والحاسم في انهاء الأزمة التي المت بألقوش نتيجة قدوم ( لا نقول لجوء لكي لا يزعل المتربصون لاستعمال مصطلح اللاجئين الى القوش ) من الأخوة الآثوريين وتطويقها من قبل القوات الحكومية المدعومة من قبل عشائر المنطقة للانقضاض على القوش ومن فيها ، فكان وقوف الشعب الكلداني في القوش الى جانب اخوانهم المسيحيين الآثوريين ، مع ما رافق ذلك من اتصالات مهمة مع اصحاب الشأن من قبل البطريرك الكاثوليكي الكلداني ، فكان حل المشكلة ( فايدوس ) بالطرق الدبلوماسية السلمية ، لقد استمرت البطريكية الكاثوليكية للشعب الكلداني بنهجها المتميز المعتدل هذا في العقود اللاحقة بعد تبدل الأوضاع السياسية وسقوط النظام الملكي وتوالي الأحداث والحروب الداخلية والخارجية التي كان العراق متورطاً فيها .
بعد سقوط النظام في عام 2003 تغيرت الأوضاع بشكل جذري إذ خيمت اجواء الإرهاب والعنف الدموي على الساحة العراقية وكانت النتيجة المنطقية لتلك الأوضاع الهجرة شبه الجماعية من بغداد والمدن العراقية ، وكان للكلدان وبقية مسيحيي العراق والمندائيين حصة الأسد من تلك الهجرة قياساً الى حجمهم الديموغرافي الضعيف في المدن العراقية ، إضافة الى ذلك فقد تعرض شعبنا الكلداني الى تهميش متعمد في الساحة السياسية والقومية العراقية .
ونعود الى موقف البطريركية الكاثوليكية الكلدانية المتميز رغم كل تلك الظروف ، فقد كان الكاردينال البطريرك المستقيل مار عمانوئيل دلي يصرح بأنه آخر مسيحي يترك بغداد . اليوم يجلس سعيداً غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى في قلب العاصمة العراقية ، مع المطارين والآباء والراهبات والشمامسة ورواد الكنيسة من العلمانيين . ولا ريب ان بغداد تشهد منذ فترة ليست بالقصيرة الكثير من العمليات الإرهابية والعنف الدموي ، إن ذلك يتجلى في مدى الأحترازات والأحتياطات الأمنية من قبيل انتشار نقاط التفتيش في المدينة وارتفاع الحواجز والسواتر امام الدوائر الحكومية وقد لاحظنا مثل هذه الأجراءات ونحن نقترب من مقر البطريركية الكاثوليكية الكلدانية في منطقة المنصور ببغداد ، وأنا اتذكر حينما كنت اقابل المرحوم البطريرك مار روفائيل بيداويد ، في مطاوي التسعينات من القرن الماضي ، حيث لم يكن هنالك حارساً واحداً امام البطريركية .
لا ريب ان الأجراءات الأمنية المشددة اليوم هي النتيجة الحتمية للوضع الأمني المتردي في مدينة بغداد .
لكن يبدو لأول وهلة ان كل شئ طبيعي وعادي إذ لاحظت امامي انا القادم الى بغداد ومن خلال تجوالي في شوارعها ومراجعتي لبعض دوائرها ومعالمها ، بأن الحياة تسير بمجراها الطبيعي لا شئ استثنائي ، الوضع طبيعي وهادئ ولم اجد ما يعكر صفو هذا الهدوء لحد الآن ، هذا على الأقل إذا ما اهملنا امر الأخبار التي تتسرب عبر الاعلام المرئي والسمعي والمقروء عن العمليات الأرهابية التي تستهدف الأسواق الشعبية ومجالس التعازي للسنة او الشيعة او التي تستهدف المسيحيين وغيرهم ، ولكن إذا احجمنا عن سماع تلك الأخبار ، وقمنا بجولة في مدينة بغداد العاصمة وشوارعها ومعالمها سوف نجد ان الحياة تسير بمجراها الطبيعي ولا شئ استثنائي في الوضع الأمني ، لكن سرعان ما يطفر تساؤل مفاده : إن كان كل شئ طبيعي واعتيادي فلماذا نصبت كل هذه الحواجز والكتل الأسمنتية وعزلت الدوائر الحكومية وغيرها بأسوار عالية ؟ ولهذا الكثير من يقول : ان الهدوء هذا مرشح لأن يكون يسبق العاصفة المتوقع وقوعها في اية لحظة .
إن صدى العمليات الأرهابية يتجلى في سلوك ونفسية العوائل التي اخالطها وأعيش في ضيافتها ، حيث لا يخرجون من البيت الا من اجل الألتحاق بالعمل او من اجل التسوق ، والأطفال حبيسي اسوار البيت او ربما في حديقة البيت فلا مجال للعب امام البيت في الشارع كما يتوق اليه الأطفال ، اما الليل فهو طويل وكئيب ، وإن طرق احدهم الباب ليلاً فهذا يعني كارثة ، فالخوف والهلع يحيط بالعائلة ، سمعت لدى حضوري واحدة من التعازي ، ان مسلحين استطاعوا دخول البيت بعد ان كسروا ( كتيبة = ستار حديدي يحمي الشباك من الخارج ) وأدخلوا طفلاً ، الذي فتح الباب من الداخل لتجد العائلة نفسها انها تحت تهديد السلاح والمطلوب تفريغ ما عندهم من ذهب ونقود لتسليمها لهؤلاء اللصوص ، والسلطات الحكومية ملتهية في حماية نفسها .
أجل انها اجواء ارهابية ، وكل يفكر في كيفية الأفلات والتخلص من هذه الحالة التي هي فوق تحمل البشر في هذه الأجواء المحفوفة بالمخاطر .
من جملة طموحات البطريرك الكاثوليكي للشعب الكلداني وضع حد للهجرة التي تعتبر نزيف خطر يهدد الوجود الكلداني وبقية المسيحيين ، وإفراغ العراق منهم بعد ان شكلوا القسم الأصيل من المجتمع العراقي لآلاف السنين.
فلماذا لم يفرغ العراق عبر القرون الماضية رغم وجود مختلف انواع الظلم والتفرقة الدينية ؟ الجواب يتلخص في انهم كانوا يتحولون الى الدين الإسلامي للخلاص من تلك التفرقة ، وهذا ما يثبته الواقع حيث لم يبقى من المكون المسيحي بعد 14 قرن من الحكم الإسلامي سوى نسبة ضئيلة بعد ان كان العراق دولة مسيحية قبل دخول الإسلام .
السبب الثاني في الهجرة هو وجود دول لها نظرة إنسانية تمنح اللجوء الأنساني للمضظهد في بلده ، وفي دول المهجر يحترمون كرامته ويمنح حقوق مساوية لحقوق المواطن في تلك البلدان ، وهكذا يخاطر الآلاف من من الشباب معظمهم من الدول الإسلامية ويحاولون الهجرة الى تلك الدول ، والمكون المسيحي يأتي في مقدمة من يطلبون اللجوء .
اليوم يطلق البطريرك الكاثوليكي الكلداني نداءة للعودة الى الوطن وادناه نصه :
((يا مهاجرين ارجعوا أليس البلد كالولد.
أرضنا مهدُ الحضارات، عانقتنا وعانقناها.
عظيمة قرانا في سهل نينوى والعمادية وزاخو والعقرة، قائمة طويلة.
قرانا وبلداتنا ومدنُنا قامةٌ تاريخيّة عظيمةٌ، نتلهف عليها حبًّا وشوقا.ّ.
أنتم مشتون في الأرض (حتى العائلة الواحدة مشتتة) وفي الغربة والاغتراب، ماذا سيبقى منكم بعد 100 سنة أو 200؟ ماذا سيبقى من أسمائكم: إيشو ويلدا وشمعون وسركون وزيا وميخو.. ؟ ما هي النتيجة؟ النتيجة هي أنكم ستندمجون لا محالة في محيطاتكم وتذوب أسماؤكم وهويتكم وقوميتكم ولغتكم !! معظمكم يعيش الآن على المساعدات ونحن نعيش بعرق جبيننا؟! تتكلمون عن بابل العظيمة وآشور الجبارة؟ وما فائدة الكلام! أليس مجرد شعور؟ صراحة أحياناً كثيرة وجودكم في الخارج يضرنا نحن الصامدين في الداخل.
نحن لن نرحل من هنا، نبقى. صحيح لا نعرف المستقبل، بل نعرف من نحن وما تاريخُنا وهويتُنا ولغتُنا وطقوسنا وتقاليدنا وجيراننا. لذلك نبقى ملتصقين بأرضنا وناسنا وبمبادئنا وحقوقنا.
عودوا يا مهاجرين لكي نقوى ونبقى ونعمل ونتعاون في بناء الحاضر والمستقبل.. لو عدتم لصار لنا شأن ومكانة ودور. عودوا ونستفيد من مهاراتكم.. لو عدتم لغدونا القوميّة الثالثة والديانة الثانية! وإن لم تعودوا فسنبقى أقلية لا شأن لها، لكننا مع هذا نبقى ولن نرحل، نقبل أن نأكل الخبز والبصل من اجل تواصل تراثنا وشهادتنا المسيحية.
"حتى لو غابت عن السماء زرقتها فلا تغلقن النافذة أمام شعاع الأمل"
مع تحياتي الخالصة
البطريرك لويس ساكو".)) .
النداء فيه المحبة والطموح والكثير من الأمل لكن من اجل ان نستكمل الصورة من خلال بعض التفاصيل نقول ان الأمال والتمنيات والنيات الصافية والأخلاص كلها لا تشكل ارضية صالحة لاستكمال حل المشكلة العويصة الكامنة في تعقيدات الهجرة .
إن هذه المشكلة اعقد من ان تحل بنداء مهما بلغت اهدافه الإنسانية ، إنها مسالة متشعبة ترتكز على عدة ركائز اجتماعية وسياسية ودينية ، ومثل هذه المسائل لا تحل بقرارات حكومية او بنداءات ذات توجهات وطنية او إنسانية قد يكون من المنطقي ان تبحث المسألة على مراحل :
المرحلة الأولى : تقضي بتوفير الأجواء والظروف ( الأمان ، توفير العمل ، توفير السكن .. الخ ) التي هي مسببات رئيسية للهجرة ، فيصار الى الحد منها كمرحلة اولى .
المرحلة الثانية : إذا لم تنجح المرحلة الأولى ، محاولة العمل على جعل الهجرة متوازنة مع الهجرة المعاكسة ، اي يكون عدد المهاجرين مساوياً او قريباً من عدد العائدين .
المرحلة الثالثة : تفرضها ظروف العراق ، إن توفر الأمن والأمان والظروف الطبيعية للمعيشة مع توجهات لخلق دولة علمانية ديمقراطية ، يتساوى فيها جميع المواطنين وتنتهي عقلية اهل الذمة .
ثمة اعداد كبيرة من الأكراد عادوا من دول المهجر الى كوردستان بسبب ظروف الأمان والأستقرار وتوفر فرص العمل ، فيمكن الزعم بوجود هجرة معاكسة لدى الأكراد ، ولا تتوفر مثل تلك الظروف للكلدان ولبقية مسيحيي العراق .
رغم الأهداف النبيلة للنداء سيبقى حبيس الإعلام إذا لم يقترن بدراسات معمقة وجادة مع اصحاب صنع القرار في الحكومة الأتحاية وفي اقليم كوردستان .
د. حبيب تومي ـ القوش في 16 ـ 10 ـ 2013          

65
مبروك الفوز الساحق للأحزاب الآشورية (بجميع) مقاعد الكوتا المسيحية .. ولكن !!
بقلم : د. حبيب تومي
habeebtomi@yahoo.no
الحركة الديمقراطية الآشورية ( الزوعا ) كان تأسيسها حسب ادبياتها عام 1979 وتوسعت في اقليم كوردستان وكانت على اسس عسكرية رغم عدم اشتراكها بأي عمل عسكري حسب معلوماتي ، ولهذا سميت بالحركة ، ثم اتخذت قالب الحزب السياسي بعد ان جرى تحديد منطقة الحكم الذاتي في كوردستان عام 1991 وذلك تمشياً مع المحيط الجيوسياسي الكوردستاني المحيط بها . وفي نظامها الداخلي تحدد هويتها وتوجهاتها الآشورية مع فكرها الإقصائي بحق القومية الكلدانية المعروفة .
ثم كان في عام 2007 ولادة المجلس الشعبي ، الذي كان تأسيسه على هيئة مجلس يحتوي كل المكونات من الكلدان والسريان والآشوريين  ، لكن بمرور الوقت تمحور المجلس واتخذ صيغة الحزب السياسي وانحاز للفكر القومي  الآشوري في خطابه ثم عكف على خوض الأنتخابات البرلمانية فتورط في العمل السياسي ليصبح طرفاً سياسياً عنيداً بدلاً من بقائه كياناً مستقلاً يقف على مسافة واحدة من المكونات ففقد سمة الحياد بمرور الوقت . وهنالك احزاب آشورية أخرى في الساحة لكن الزوعا والمجلس الشعبي قد هيمنا على الساحة السياسية للمكون المسيحي برمته ، بسبب الدعم المادي والمعنوي لكلا الحزبين من قبل الحكومة المركزية  وجهات اخرى للزوعا ، والحزب الديمقراطي الكوردستاني للمجلس الشعبي .
في اللعبة الأنتخابية خصصت مقاعد للمكون الديني المسيحي على اسس دينية وليس على اسس قومية فمررت بجدارة الخدعة السياسية  في وضح النهار والتي عرفت بـ ( الكوتا المسيحية ) تمرر نتائجها هذه دون ضجة اعلامية فقد جرت بهدوء ودون منافسة لا من الكلدان ولا من السريان كل شئ سار كما كان مخططاً له ، الأحزاب الآشورية تهيمن على الموقف بسهولة دون جهد او تعب فكل شئ في مكانه والحمد لله لم يكن هنالك اي وجع رأس ، ولم يشترك اي من الذين يركضون وراء الكعكة ويريدون الكراسي من الأنقساميين من الكلدان او السريان  ، وبقي في الساحة الناس النزيهين الوحدويين جداً والذين يكرهون طعم الكعكة وينفرون من الكراسي ، وفازوا بشبه تزكية بجدارة بكل المقاعد ومبروك لهم ويستحقون خمس مقاعد اخرى.
هنالك من ينظر الى الجبل الجليدي العائم ، ويخمن حجمه على ما يظهر منه على سطح البحر في حين ان الحقيقة ان تسعة اعشار حجم الجبل تكمن اسفل الماء ولا يظهر للعيان إلا الشئ اليسير منه  ، فاليوم ينظر الى العُشر البارز من الجبل على ان هنالك كوتا مسيحية مخصصة للكلدان والسريان والآشوريين ، ويجري التنافس الشريف بين هذه المكونات الثلاثة ويفوز من يحصل على اكثر الأصوات ، هذا هو الجزء الظاهر الذي يمثل واحد على عشرة من الحقيقة ، لكن الحقيقة الكاملة اي التي تكمن تحت طبقات مياه البحر وتمثل معظم اجزاء الحقيقة ، هي وجود احزاب اشورية خالصة تهيمن على الساحة االسياسية والإعلامية والمالية للمكون المسيحي ، وتحتكر قنوات الأتصال بمصادر صنع القرار وتمرر ما تريد تمريره على ان احزابهم هي احزاب وحدوية وتمثل المسيحيين جميعهم ، وإن الأحزاب الأخرى خصوصاً الكلدانية منها ، هي عبارة عن احزاب انقسامية لا تمثل المسيحيين ، وهكذا فازت الأحزاب ( الآشورية ) دون وجود منافس حقيقي لها ، لا من المكون الكلداني ولا من المكون السرياني كانت وحدها في الساحة ، وادعت تمثيلها لكل المسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين وهذا يجانب الحقيقة الواقع ، فالحقيقة ان هذه الأحزاب تمثل نفسها فقط وإن كانت تمثل جهة مسيحية فهي تمثل المكون الآشوري لا غيره ، لقد جرى الألتفاف على المكون الكلداني والمكون السرياني بخديعة اسمها اسمها :
                                           ((((( كوتا مسيحية )))))
 وبخديعة اكبر حينما يتغنون بادعاء فارغ بترديد مصطلح شعبنا الكلداني السرياني الاشوري ، في حين امامنا في الساحة  احزاب اشورية فقط والكلدان والسريان خارجين من المولد بلا حمص ، فإلى متى يجري تمرير هذه ( الحقيقة ) ؟ وكما يقول نيشة : يا ايتها الحقيقة يا اكبر كذبة في الدنيا . نعم نحن نتعامل مع اكبر كذبة في الدنيا .

وكان يجب ان يطلق عليها كوتا آشورية فقط لكي تكتسب صفة المصداقية . فهذه الكوتا ابعد ما تكون عن تمثيل الكلدان او السريان .
مبدئياً لسنا ضد ان تكون هناك كوتا آشورية ، ومبروك عليهم تلك المقاعد ، لكن الذي ننشده دائماً ان يكون للكلدان والسريان نفس العدد من المقاعد في برلماني كوردستان وبرلمان العراق الأتحادي ، ويكون لنا سقف من الحقوق مساوياً للاخرين بما فيهم المكون الآثوري .
انا متأكد بوجود من يستعجل الأمور من الأخوة من الكلدان والسريان الراكبين موجة الأحزاب الآشورية ، وربما ينتفعون من ركوب تلك الموجة ، فيدعون ان الأحزاب الآشورية تضم بين صفوفها الكثير من الكلدان والسريان وإن من بين القوائم التابعة للمجلس الشعبي والحركة الديمقراطية الآشورية بينهم مرشحين من الكلدان والسريان  ، وإن جوابي لهؤلاء هو :
اجل هنالك كلدان وسريان يرشحون انفسهم في احزاب آشورية  لكن ايضاً ثمة من الكلدان والسريان من يرشحون انفسهم في قوائم كوردية وعربية وإسلامية والأحزاب الشيوعية  كما في الأحزاب الآشورية ، لكن ما اهمية هذا الترشيح كمكون قومي كلداني ؟ وربما المرشح الكلداني في الأحزاب الإسلامية او الكوردية او العربية او في الحزب الشيوعي يستطيع الكلداني ان يجاهر بقوميته الكلدانية ، ويطالب ببعض حقوق قومه الكلداني ، لكن المرشح الكلداني حتى الفائز من خلال الأحزاب الآشورية في الأنتخابات ، هل يستطيع ان يجاهر بقوميته الكلدانية ؟ ام يبقى تابعاً لأوامر حزبه القومي الآشوري لكي ينفذ ودون اي اعتراض ، فهل مثل هذا الشخص نستطيع ان نعتبره كلداني ، ويمثل قومه الكلداني ؟
الجواب واضح ان مثل هذا الشخص يكتفي بمنافعه الشخصية التي يستلمها ، ورحم الله حقوق شعبه الكلداني ، ولهذا ان الكلدان الفائزين ( مع احترامي لشخصياتهم ) في صفوف الأحزاب الآشورية خاصة في حركة الزوعا فإن الكلداني الفائز عليه ان يتنازل عن قوميته الكلدانية ويثبت انه موالي للقومية الآشورية اكثر من الآثوريين انفسهم وبعد ذلك يسمح له بالعبور .
بعض الكتاب الكلدان الذين يطالبون بحقوق الشعب الكلداني بإخلاص ، يُنعتون بمختلف النعوت ويقولون عنهم انقساميين ومفرقي اوصال الأمة ، وهم يركضون وراء الكعكة والكراسي اي المصالح الذاتية لهم شخصياً ، وتطلق هذه النعوت بحق الكتاب الكلدان وبحق الأحزاب الكلدانية التي لم تركب موجة الأحزاب الآشورية الوحدوية جداً جداً . ويظهر ان الأحزاب الآشورية خاصة حزبي الزوعا والمجلس الشعبي ، والذين قد فازا بجدارة ، ويبدو ان الحزبين لا يركضان وراء الكعكة ويمقتان الكرسي بشدة ، إلا ان الشعب يفرض على الحزبين الأشتراك في العملية السياسية والترشيح للمنافسة في الأنتخابات ، ولولا هذه الملحة من المسيحيين ، لما خاضا الأنتخابات لأن الحزبان بريئين من الركض وراء الكعكة ، هم رهبان متعبدين وناس مجردين من المصالح الذاتية ، ودائماً يعملون من اجل المصالح العامة ، الشعب اليوم انتخبهم وفازوا فوز ساحق لأنهم حققوا خلال السنين المنصرمة مكاسب مهمة للشعب المسيحي :
ــ  لقد تمكنوا من ايقاف الهجرة كلياً
ــ وتمكنوا من إرجاع كل الأراضي المتجاوز عليها
ــ ولم تحدث اي محاولات للتغيير الديموغرافي
ــ  لقد كان الشعب المسيحي سعيداً مرفهاً بظل الحزبين ( الزوعا والمجلس الشعبي ) ولهذا الح عليهم الشعب للترشيح لأنتخابات اقليم كوردستلن وبما انهم لا يريدون الكعكة ، لكن خجلهم وملحة الشعب اضطروا للترشيح والفوز بشبه تزكية من الشعب المسيحي .
الآن نأتي الى الشق الثاني من عنوان المقال وهو ولكن ..
سؤال يطرح نفسه  :ـ
ــ  خوض الأنتخابات يحتاج الى اموال كثيرة : 50 مليون دينار تأمينات مع 50 مليون دينار دعاية انتخابية مع 50 مليون دينار للمراقبين على مراكز الأقتراع ، هذا هو الحد الأدنى للمصاريف ، وما هو معلوم هنالك عدة جهات داعمة للزوعا في المركز وفي السليمانية من اقليم كوردستان ، اما الحزب الديمقراطي الكوردستاني يدعم المجلس الشعبي ، لكن من اين حصلت قائمة ابناء النهرين المنشقة من حزب الزوعا ، من اين حصلت على التمويل اللازم لخوض الأنتخابات ؟ التساؤلات طرحت كيف استطاع هذا الكيان من الخروج من زوعا وعلى عجل تمكن من خوض الأنتخابات والفوز بمقعد واحد في برلمان كوردستان ، من يقف وراءهم ؟ هل هي الزوعا نفسها ؟ ام هنالك جهات اخرى ؟ السؤال يبقى مطروحاً .
 ــ التساؤل الأخر هو : عن موقع عنكاوا كوم وحسب الرابط ادناه :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,703422.msg6120650.html#msg6120650
يقول : أن أي من المرشحين الخمسة عشر "لم يتمكن من تحقيق القاسم الانتخابي بل الجميع من فازوا بمقعد الكوتا من خلال أصوات قوائمهم".
 ويضيف الموقع :
والملفت أيضاً هو أن قائمة الرافدين (126)، حصلت على أكثر من ثلاثة آلاف صوت، دون التصويت إلى أي مرشح أي ما يقارب نصف مجموع الأصوات.
فما هو مصدر الـ3000 صوت التي لم يشخص بها اسم اي من المرشحين ؟
ــ نقطة اخرى فيها غموض : جميع الأصوات التي حصلت عليها الأحزاب الآشورية الثلاثة المتنافسة قد بلغت 12968 صوت وإن الفائزين الخمسة قد نالوا 6464 صوت فقط اي حوالي نصف الأصوات الذاهبة للقوائم .وهل هذا الرقم المتواضع يمثل كل المسيحيين في اقليم كوردستان ؟ حقاً انها حالة يرثى لها .
ــ بعد ان راحت السكرة جاءت الفكرة ، فبعد ركود غبار معركة الأنتخابات ، ها هي الأتهامات المتبادلة يتعالى ضجيجها .
 في البداية الزوعا تتهم المجلس الشعبي بقيامه بمخالفات انتخابية ، واليوم حزب بيث نهرين الديمقراطي  يتهم زوعا بحصولها على اصوات غريبة في السليمانية  وباتفاق مع احد الأطراف ( لم يسميها ) حصلت قائمة الزوعا على 3000 صوت وجاء في الأيضاح المنشور على موقع عنكاوا وحسب الرابط في اسفل المقال :
 منذ اللحظة الأولى لشروع الحملة الدعائية الانتخابية، دأبت الحركة الديمقراطية الآشورية، وكما هو ديدنها، ومرشحي قائمتها بإطلاق التهم الكاذبة تجاه القوائم الأخرى لشعبنا...
وبشان حصولها على الأصوات يمضي الأيضاح الى القول :
فالمعروف للجميع أن الحركة الديمقراطية الآشورية في أوجه تقدمها لم تحصل في أي انتخابات على آلاف الأصوات في محافظة السليمانية، فكيف وأن تحصل عليها الآن وفي خضم المشاكل الداخلية التي تعاني منها وفي مناطق لا يتواجد فيها أبناء شعبنا!.
عزيزي القارئ هكذا تسقط الأقنعة ويسقط ما يسمى التجمع الكلداني السرياني الآشوري في امتحان آخر كما سقط من قبل ، لأن التجمع المذكور مهماته محصورة في محاربة اي توجه قومي للكلدان او السريان ليس اكثر والواقع المعاش يثبت ذلك .
اخيراً أقول :
 إذا ارادت الحكومتان  المركزية واقليم كوردستان إن ارادتا تطبيق العدالة والمساواة وأنصاف كل المكونات العراقية فيجب ان تكون هنالك كوتا للكلدان وأخرى للسريان وثالثة للاثوريين ، فالموافقة على مبدأ الكوتا المسيحية يعني سيطرة الطرف القوي عليها وهذا ما حصل في معظم دورات الأنتخابات المركزية وفي اقليم كوردستان ، في السياسة لا يوجد الأخوة المسيحية ، هنالك مصالح فوق كل الأرتباطات الأخرى هذه هي السياسة . ومن هذا المنطلق ينطلق الأخوة في الأحزاب الآشورية .
ويظهر من التعقيبات والبيانات المختلفة ان المعركة حامية الوطيس حتى بين الأحزاب الآشورية نفسها لقضم اكبر كمية من الكعكة التي يتنافس عليها الأحزاب الآشورية فقط وبغياب تام لأي حزب كلداني او سرياني ، فنقول مبروك الكوتا المسيحية للأخوة الآشوريون .

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,703581.msg6121482.html#msg6121482

د. حبيب تومي في 07 ـ 10 ـ 2013

66
لقائي مع الأخ علي الكلداني في بغداد
بقلم : د. حبيب تومي ـ بغداد
habeebtomi@yahoo.no
وضعت امامي برنامج لزيارة بغداد ، ومن هناك رأيت ان ازور الأخ علي الكلداني في الناصرية ، وبعد ذلك تولدت فكرة السفر الى البصرة حيث قضيت فيها 13 سنة وفعلاً اتصلت ببعض الأصدقاء ، لكن فوجئت بدعوة الأخ علي الكلداني التي يقول فيها :
تتشرف التجمعات الكلدانية في اور المقدسة الناصرية
بدعوتكم
لحضور المنتدي الثقافي العالمي والذي سوف يقام في بغداد شارع المتنبي المركز الثقافي البغدادي صباحا ومساء يوم غد الجمعة 2013،9،27
وسوف تشارك التجمعات بنشاطين .. الخ
وهكذا رأيت ان البّي الدعوة وأختصر الطريق بالسفر الى الناصرية ومن ثم الى البصرة ، لقد كان يوم الجمعة موعداً تقليدياً لزيارة شارع المتنبي الذي تتخلله نكهة تاريخية وثقافية وتراثية ، وهكذا خرجت من البيت في منطقة الأمين الثانية وانا انتظر سيارة تاكسي تقلني الى شارع المتنبي وطال انتظاري بكونه يوم جمعة ، الى ان قدمت سيارة خصوصي لاحظت عليها علامة سيارة الأجرة كما ان السيارة كانت تبدو عليها علامات التعب والإستهلاك  تماماً كالشاب الذي كان يسوقها الذي حاول ايقافها امامي لكن ضعف الفرامل ( البريكات ) جعلها تقف بعيداً عني ، فقلت للسائق الشاب ، إن هدفي هو شارع المتنبي وكما ارى ان سيارتك تبدو تعبانة ، فقال اركب يا استاذ وأنا مستعد ان اوصلك الى الموصل او الى البصرة ، فيبدو  واثقاً من سيارته ، وانا من جانبي ارتأيت ان اخوض المغامرة .
في البداية شرع السائق يشرح مميزات سيارته ثم اشار الى نوع العطل البسيط ، ولكن في الطريق كانت تتقطع وتحاول ان تقف وهو بدوره يضخ لها الوقود لكي تستمر في السير ، وأراد الأنعطاف نحو شارع الجمهورية فتبين انه مقفل امام السيارات القادمة فكان عليه الدخول نحو  شارع الرشيد وازدادت مصاعب تواصل السير ، وأخيراً توقفت بعد وصولنا الى بناية البريد وأبت السيارة ان تتواصل إذ انطفأ محركها  وانقطع السير وراءنا وتعالت ابواق ( هورنات ) السيارات وراءنا ، فعرضت على السائق ان يأخذ الأجرة وأن اساهم في دفع سيارة لنركنها الى جانب الشارع لكي نسمح للاخرين بالمرور ، وهكذا كان علي ان اقطع شارع الرشيد سيراً على الأقدام الى شارع المتنبي ، لكن بعد تقاطع حافظ القاضي كان شارع الرشيد مخصصاً للمشاة فحسب ، إذ ليس صالحاً لمرور المركبات وربما لدوافع امنية ، وعلى العموم فإن ما آل اليه حال شارع الرشيد اليوم يبعث على الألم والبكاء ، انه مكب لرمي القمامة تنتشر فيه المطبات والحفر ويبعث الكآبة في النفس بدل  انبعاث عبق التاريخ الذي اشتهر به .
في شارع المتنبي كان كما الفيته ايام زمان من المعارض الأرضية للكتب وتزاحم الرواد واصوات الباعة وانتشار المصوريين والإعلاميين ، ولفت نظري وجود الكثير من الشابات السافرات في الشارع وفي المركز الثقافي البغدادي في مبنى القشلة والساعة البغدادية القريبة ، وفي تلك الساحات تواعدت مع الأخ علي ايليا الكلداني في المركز الثقافي البغدادي وكان قد حجز خيمة لنشاطه الذي يشمل معرض صور لنشطات جمعيات المجتمع المدني المرتبطة معه وهي :

1 ـ جمعية اور
2 ـ رابطة أطفال محبة فرج رحو
3 ـ رابطة نساء الكلدان
4 ـ فرقة عينكاوا الجنوب للتمثيل
5 ـ جماعة اللاعنف الطلابية .
وكان الأخ علي الكلداني يرحب بالزائرين ويشرح لهم منظمات المجتمع المدني هذه تعمل على وضع المحبة والوئام بقلوب المكونات العراقية ، وهي تقوم بزيارات لكل المكونات في مناسباتها وأفراحها وأتراحها ، ان كان هذه المكونات من الأسلام او من المسيحيين او من المندائيين المهم هو إعلاء شأن الهوية العراقية وخلق اجواء القبول والتعايش بين تلك المكونات العراقية .وقد ورد في فولدر الجمعية :  بأن الجمعية هي نواة فكرية تؤسس لثقافة وطنية داخل المجتمع العراقي من خلال استراتيجية فكرية وعملية متكاملة تهدف تحقيق التواصل والقترب في وجهات النظر الوطنية المختلفة .. وإعادة صياغة مفهوم التعايش السلمي وفق المبادئ الإنسانية وحقوق الإنسان والقيم والأعراف الدولية بإطار الوطن الواحد بعيداً عن كل الأعتبارات الضيقة والفئوية .
هذا ورحب الأخ علي الكلداني بزيارتي كما كنت سعيداً بلقائه ، وقد اختصر سفرتي الى الجنوب بلقائي معه في بغداد ، وأهدى لي مجسم لزقورة اور الكلدانية  التاريخية ، كما اخذنا صور كثيرة مع الزوار وكان جلهم من الشباب والمهتمين بالثقافة وكانت اجواء جميلة للحوار والتفاهم تتخللها اجواء الموسيقى العراقية وقرءة أشعار وقصائد الشعر وعرض الأعمال الفنية ...
وقد علق احدهم على لافتة مكتوب عليها ( ابناء اور المقدسة ) واقترح علينا التفكير في إسباغ لفظة المقدسة على مدينة اور ، فاقترحت على الأخ علي ايليا الكلداني ان تبدل العبارة المذكورة بعبارة ( ابناء اور الكلدانيــــــــة بدلاً من اور المقدسة ) وهي اقرب الى الواقع حيث ان ابونا ابراهيم الخليل قد خرج من اور الكلدانيين .


الأخ علي الكلداني له طموحات مشروعة ، وبين حاجته للترويج الإعلامي لنشاط جمعياته ، كما انه من الضروري دعوته الى مؤتمرات ونشاطات كلدانية ، ويجب ان لا نهمل المسألة المادية التي تكون ضرورية للقيام بأي نشاط .
الأخ علي الكلداني يرتأي ان المشاعر القومية هي مشاعر وجدانية وليست بالضرورة متعلقة بالدين ، فالدين الواحد قد يتضمن ابناء عدة قوميات ، او اصحاب القومية الواحدة يمكن ان يتضمن ابناء عدة اديان ، ويضيف بأن لهم مشاعر قومية كلدانية .
وحسناً فعلت البطريركية الكاثوليكية الكلدانية حينما وجهت الدعوة لأبناء اور الكلدانية من الأخوة المسلمين بحضورهم  مؤتمر التعليم المسيحي ، فقد كتب الأخ علي الكلداني :
 




 
بالالتفاتة الرائعة والأبوية الطيبة من قبل غبطة سيدنا مار لويس روفائيل الأول ساكو  شارك وفد من كلدان الناصرية  بالمؤتمر التعليم المسيحي حيث التقى الوفد بداية بسيدنا شليمون وردوني  ، تم الترحيب بهم اشد الترحيب وأيضا تم إلقاء كلمة من قبل الوفد الكلداني الناصري وقد تحدث السيد علي إيليا الكلداني قائلا :
بداية اشكر الرب علي إتاحة هذه الفرصة لي بان التقي مع أبناء عمي وأيضا الشكر الكبير لغبطة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو علي أتاحه الفرصة لنا بالمشاركة بهذا المؤتمر  الذي تعلمنا به أشياء كثيرة وقرب بيننا وبين أبناء عمنا حيث تم اطلاع الجميع على أعمال ونشاطات التجمعات الكلدانية في أور المقدسة الناصرية وما قدمناه خلال ثمانية سنوات سابقة من عمل وجهد وعزيمة واعتزاز باصوالنا ومنبعنا الأصلي الكلداني حيث صفق الجميع بكل حرارة لنا فبارك الله للجميع وحفظ أبناء شعبي أينما كانوا .
اجل انها خطوات مهمة للتفاهم والتعايش المجتمعي لكي يرفل وطننا في ثياب الأمن والأستقرار  بين مكوناته الجميلة .
د. حبيب تومي ـ بغداد في 02 ـ 10 ـ 13


67
هل تبادر البطريركية الكاثوليكية الكلدانية لجمع سياسيي شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين حول مائدة مستديرة ؟
بقلم : د. حبيب تومي
habeebtomi@yahoo.no
الكثير يعزون اسباب الضعف الذي يعتري اوصال الشعب المسيحي من الكلدان والسريان والآثوريين ، وما حل بهم من مآسي وتهجير وإرهاب ، يعزون تلك النتائج الى سبب واحد وهو تشرذمنا الى قوميات او طوائف وأحزاب ، وهم يرون انه لو كاان بيننا وحدة متراصة لما حل بنا هذا الواقع المزري ولبقي الشعب المسيحي صامداً في مدنه وقراه ، ولما تفشت ظاهرة الهجرة بين تلك الأوساط ، وإن هذا الحديث يتكرر بشكل دائم ، الى درجة انه اصبح مملاً ، لكن يبقى موضوع الوحدة بين مكونات الشعب المسيحي شعاراً يتسم بالجاذبية لدى اوساط  واسعة من المسيحيين ، وذلك نظراً لما يطال هذا المكون من ظلم وتشريد واستهداف في وطنه العراقي . ونحن نقف مع هذا الجانب الوحدوي على ان لا يكون مسيّراً او إقصائياً لأي طرف من الأطراف .
بعد هذه المقدمة اعود الى عنوان المقال ، حيث شكل انتخاب البطريرك لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى انعطافة جديدة في مسيرة البطريركية الكاثوليكية للشعب الكلداني ، إن كان على مستوى المؤسسة الكنسية الكاثوليكية الكلدانية او على نطاق توحيد الصف والكلمة للكنائس المسيحية في العراق ، كما كانت هنالك تحركات وخطوات ملحوظة لغبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى للتقارب مع الكنيسة الآشورية . لكن تبقى مسألة الهجرة وتفريغ الوطن العراقي من المكون المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين من التحديات الكبيرة التي تواجه البطريركية ، وفي الحقيقة ان البطريركية ادركت ان هذه المعضلة منوطة بالوضع العام في العراق لا سيما الوضع الأمني ، حيث ان فلتان الأمن وشيوع العنف ، الذي يستهدف الحلقات الضعيفة في المجتمع فيكون في مقدمة ضحاياه ابناء الأقليات الدينية والقومية والتي تعتبر الحلقات الأضعف في نسيج المجتمع العراقي .
هكذا أدرك غبطة البطريرك الى الناحية المهمة وهو يعلم إن مسألة الهجرة متعلقة بالوضع العام والوضع الأمني في العراق ، وهذه بدورها منوطة بشكل كبير في العملية السياسية المتعثرة في العراق وهي نتيجة حتمية للخلاف السياسي بين اقطاب الأحزاب والكيانات المشتركة في تلك العملية ، هكذا استطاع غبطة البطريرك من جمع هؤلاء الأقطاب حول طاولة واحدة ، كما قدم المكون المسيحي مبادرة لحلحلة الأوضاع السياسية في العراق ، لكن جرى التعتيم عليها ولم ترى تلك المباردة النور لكي يطلع عليها افراد الشعب .
بهذا الكلام اريد ان اصل الى نتيجة ان البطريركية تستطيع ان تعمل الكثير بما يصب في مصلحة شعبنا ، وقد تكون هذه المبادرة خطوة في الأتجاه الصحيح لرأب الصدع المستشري حالياً بين سياسيي وقادة شعبنا .
وإذا نظرنا الى الخلف سنلاحظ ثقافة مشتركة تشكل الأرث الحضاري لتلك المكونات ، الكلدان والسريان والآثوريين وينبغي ان تكون المجال الطبيعي الذي يجمعهم ويجمع اهدافهم ورغباتهم ، لأنها الصلات التي تربطهم اجمعين بالعالم من حولهم فالمجال الديني واللغوي من السمات المهمة لتكوين الثقافة المشتركة .
هذا من ناحية اما إذا نظرنا الى الجانب الآخر من المعادلة وهو الجانب السياسي ، سنلاحظ على صفحتها انعكاسات التناقضات في المواقف وتضارب المصالح وتطفو على السطح الصراعات والمصالح المكبوتة .وهي المحك الذي تختبر عليه الخطابات السياسية المختلفة لكل فريق ، والسؤال هنا هل نستطيع مغالبة ما يجمعنا على ما يفرقنا ؟ هنا تكمن اهمية أوجه ومجالات التعاون . برأيي المتواضع ان الجانب الآثوري سوف يمتنع عن الدخول في المعادلة كونه يحتكر كل الأمتيازات لنفسه إن كان المركز او في اقليم كوردستان فلا يريد ان يتنازل من ذلك الموقع المتميز ، وإذا ذهبنا ابعد في تحليل الواقع سوف نلاحظ بعض الأخوة من الكتاب الكلدان او من الموالين لتلك الأحزاب نلاحظ استقوائهم على بني جلدتهم بتلك الأحزاب المتنفذة مركزين على ما يسمى الشرعية الأنتخابية ، فجرى الأستئثار بكل الأمتيازات بشكل مستفز وغير حصيف ، وجرى إهمال وتهميش اي اشتراك جدي او تمثيل متوازن لبقية القوى السياسية إن كانت كلدانية او سريانية والتي لها خطاب سياسي وقومي مستقل بمنأى عن هيمنة الأحزاب الآشورية المتنفذة  .

ان الجانب السرياني  منقسم على نفسه ، منهم من ربط مصيره مع المجلس الشعبي ، ويستفيد من امتيازاته وقدراته المالية والجانب الذي له رأي مستقل لا زال يحبو في المعادلة السياسية . وهذا ينطبق الى حد ما على المكون الكلداني الذي طاله الغبن من الناحية السياسية بعد سقوط النظام عام 2003 م .
العبرة هنا تكمن في الدور الذي تستطيع البطريركية الكاثوليكية الكلدانية ان تلعبه في هذا المضمار ، لا ريب ان اي تقارب في المواقف وفي وجهات النظر سيكون له صداه الأيجابي بين ابناء شعبنا وعلى نطاق الساحة السياسية العراقية وفي اقليم كوردستان ، ويمكن ان نشكل كتلة متراصة مهمة على المسرح السياسي . وبنظري ان البطريركية حينما افلحت في جمع اقطاب السياسة العراقية رغم التناقضات والتناحرات بينهم ، فسوف لا يكون عسيراً عليها ان تجمع القادة السياسيين لشعبنا حول مائدة مستديرة واحدة ، لوضع اسس من التعاون والتفاهم ، وبمنأى عن اي توجهات إقصائية لأي طرف من الأطراف . الكلداني يحضر محتفظاً بهويته الكلدانية والسرياني والآشوري كذلك كل منهما يعتز ويفتخر بهويته ، بهذه العقلية الحكيمة وبفضيلة قبول الآخر كما هو ، نستطيع ان نبني اسس راسخة للتعاون الثقافي والسياسي .
إن ما يطلق عليه اليوم تجمع الكلداني السرياني الآشوري ، لا يشكل ارضية صالحة للتعاون الندي المتكافئ ، ولهذا يجب ان نبحث عن آفاق جديدة للتعاون والعمل سوية ومن منطق التساوي بين الكلدان والسريان والآثوريين ، وبعيداً عن تسلط الأقوياء الذين يمسكون بيدهم المال والأعلام . هذه الأرضية الصالحة للعمل يمكن العثور عليها تحت رعاية البطريركية الكاثوليكية الكلدانية الموقرة وبمباركة بقية الكنائس ، لأن البطريركية الكاثوليكية الكلدانية وبقية الكنائس يهمها جداً وحدة الشعب المسيحي على ارضه ، وأن يكون متحداً قوياً وإن قوة هذه الكنائس هي بقوة شعبها ، اما إذا هاجر هذا الشعب فماذا يكون مصير كنائسه وأديرته ومدارسه ؟ ومن المؤكد ان الجميع يدرك ان خطراً هائلاً يهدد وجودنا على هذه الأرض التي هي ارض آبائنا وأجدادنا ، ويستهدف العصف بكياننا اجميعن دون تمييز .
ولهذا انا اقترح على البطريركية الكاثوليكية الموقرة ، وهي تسير بتعجيل وزخم قوي ، ارتأي ان تتوجه الكنيسة الى هذا الجانب وتضع ثقلها به ، لكي يكتسب اهمية كبيرة ويصبح الجميع امام مسؤولياتهم التاريخية ، فتجتمعم تحت سقف واحد وحول مائدة مستديرة ، واضعة الخطوط العريضة للحوار البناء والتعاون الأخوي وعلى اسس راسخة يقبل ويعمل بها الجميع .
د. حبيب تومي في 15 ـ 09 ـ 2013

68
نداء البطريركية الكاثوليكية الكلدانية لمساعدة قرانا ونوم العافية لنواب شعبنا
بقلم : د. حبيب تومي
habeebtomi@yahoo.no
بدءاً يعتبر نداء البطريركية  عملاً إنسانياً لا غبار عليه ، فطلب المساعدة من ميسوري الحال وأهل الغيرة والشهامة لإسعاف المحتاجين ، او لتقديم الإغاثة والمعونة في حالات الكوارث الطبيعية او الإنسانية ، كل هذه الحالات وغيرها من الحالات تعتبر حالة إنسانية ضرورية ينبغي دعمها ، ولا ريب ان زيارة غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى للمنطقة قد اتاح له الأطلاع عن كثب على احوال شعبه الكلداني وبقية المسيحيين القاطنين في القرى المسيحية المنتشرة في قرى ومدن الأبرشية الموحدة في زاخو وعمادية . وانطلاقاً من ثقتي بأن غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى يحترم ويقبل الرأي الآخر ، ولهذا اكتب رأيي الصريح عسى ان يكون له صدى لدى اصحاب القرار .
اولاً
ورد في نداء طلب المساعدة هذه الفقرة :
( وجهت البطريركية الكلدانية، ومقرها بغداد، نداءً لمساعدة القرى المسيحية في شمال العراق، مادياً، لحثهم على البقاء في مناطقهم.) انتهى الأقتباس .
في الحقيقة ان مصطلح ( شمال العراق ) قد أبطل تداوله ، وكانت في العهود السابقة وزارة باسم وزارة شؤون الشمال إذ كانت لفظة كوردستان ممنوعة من التداول ، وكان يشار الى منطقة كوردستان بمصطلح شمال العراق او الشمال فحسب ، لكن بعد ان اصبحت دولة العراق دولة اتحادية تضم اقليم كوردستان ، ولم يعد من يستخدم مصطلح شمال العراق بل اقليم كوردستان ، وإن المسؤولين العراقيين في بغداد ومن اعلى المستويات يتداولون مصطلح اقليم كوردستان في خطاباتهم وتصريحاتهم ولا ادري سبب عودة البطريركية الموقرة الى المصطلح القديم .
ثانياً
مد يد المساعدة ، مادياً ، لحثهم على البقاء في مناطقهم ، وأعتقد انه يراد في هذه الفقرة بحثهم على عدم الهجرة والبقاء في الوطن .
في الحقيقة إن مسألة الهجرة تعتبر من المعضلات الشائكة والمعقدة التي لا يمكن أيقافها بتقديم الدعم المادي للعوائل او للافراد فحسب . في سنة 2009  قابلت الأستاذ سركيس اغا جان وكان وزيراً للمالية في حكومة اقليم كوردستان وجرى الحديث عن الهجرة ، وقلت في وقتها : ان المبالغ الشهرية التي تعطى للعوائل ليست الحل الأمثل ولا يمكن التعويل عليها في الحد من ظاهرة الهجرة  ، هنالك مثل صيني يقول : (لا تعطيه سمكة بل اعطيه العدة وعلمه كيف يصيد سمكة ) ، اجل ان تقديم المساعدات لشاب يستطيع ان يعمل ويكدح ، فإننا نزرع فيه روح التسول وزعزعة الثقة في النفس ، ودعوت حينذاك لإنشاء المصانع الأنتاجية وحقول دواجن وتسمين العجول وغيرها من المشاريع بدلاً من تشييد الكنائس الفخمة او الأديرة او بنايات ، إن هذه الأبنية تغدو هياكل صماء  إن هجرها الأنسان ، إنها لا تشكل سبباً  وجيهاً ومقنعاً لتشد الإنسان على البقاء والأرتباط بالأرض ، إن الذي يشده هو مصدر رزقه ، فمعمل تعليب الفواكه مثلاً في مدينة من مدننا ، يعمل فيه مدير المعمل والسواق والموظفين ومسوقي الأنتاج والعمال واكثر من ذلك تطرح الأسهم لشرائها من قبل الأفراد فيكون حافز العمل والمساهمة ، اجل يأتي بعد الوضع الأمني والسياسي يأتي العامل الأقتصادي ، فالعاطل عن العمل ، يستعد لقطع آلاف الأميال بغية ايجاد وظيفة او عمل يكفل معيشة عائلته واطفاله .
هكذا تكون مدننا وقرانا بأمس الحاجة الى إنشاء مشاريع انتاجية لكي نساهم في ( تعليم الشباب كيف يصيدون سمكة ، بدل اعطائهم سمكة ) .
ثالثاً
قرأنا على المواقع وفي وسائل الإعلام قبل حوالي سنة او اكثر بأن الحكومة الأيطالية قدمت مساعدة للقرى والأرياف في جنوب العراق قدرها 400 مليون دولار ، وسؤالنا لماذا لم يخصص جزء من ذلك المبلغ الكبير لدعم قرانا المسيحية في اقليم كوردستان ، ولمن ذهبت تلك الملايين ؟ ولماذا لم يكن للمسيحيين اي حصة من ذلك المبلغ الضخم ؟  لقد كان المسيحيون اولى بتلك المساعدات ، وهم بأمس الحاجة الى اي مساعدة ، حيث قطعت ارزاقهم وجرى الأستيلاء على دورهم او بيعت بأبخس الأثمان ، فلماذا لم ينصف المسيحيين  بشئ من تلك الملايين ؟ اسئلة لمن يهمه الأمر حبذا لو نجد جواباً لها .
رابعاً
علمنا ان القرى التي زارها غبطة البطريرك هي بحاجة الى خدمات ومطالب اخرى وحسب ما جاء في بيان البطريركية ، وفي بيان لاحق وحسب الرابط الأول والثاني في نهاية المقال إذ ورد :
(ان البطريركية الكلدانية تتابع "من كثب مطاليب أبناء شعبنا مع الحكومة المركزية وحكومة الإقليم. وأبدت الحكومتان النية الصادقة في تلبية المطاليب، ولكنها بحاجة إلى الوقت. فمثلاً أبناء القرى المهجورة في السابق وأتى آخرون وبنوا على أراضيها بيوتهم وزرعوا فيها، يحتاجون إلى تعويض وبيوت لينتقلوا إليها. وهناك وعود وإجراءات حقيقية لمعالجة هذا الملف) وعن المطالب البسيطة ورد :
(أما المساعدات الآنية فهي تعبير عن الشراكة والتشجيع في سبيل معالجة المطاليب البسيطة. عالجت البطريركية بعضها من خزانتها، ولكنها غير قادرة على تلبية جميع الاحتياجات. نذكر بعضها: باص صغير لنقل الطلاب، إصلاح بعض البيوت، اثاث لروضة الاطفال، تكييف، مستوصف، مساعدة مرضى واشخاص وحدانيين، ارامل، ايتام، اصلاح بساتين، شراء شتلات...) .
حسناً كل هذه المطالب شخصها غبطة البطريرك اثناء زيارته القصيرة للمنطقة ، ونحن من حقنا ان نسأل : اين ممثلي شعبنا الذين انتخبهم الشعب الكلداني وبقية المسيحيين ومنحوهم الثقة لتمثيلهم في البرلمان الكوردستاني ، لماذا لم يحركوا ساكناً الى اليوم .
اقول :
لقد أُصبنا بالصمم من من صياح وتبجح احد الكتاب من شعبنا وهو لا ينفك يردد مقولته بمناسبة وبدون مناسبة فيقول : بأن ( شعبنا الكلداني السرياني الآشوري ) قد انتخب ديمقراطياً ممثليه ولم ينتخب الكلدانيين لأنهم انقساميين والى خره من المصطلحات التخوينية ، فنحن نهمس بأذن هذا الكاتب المعروف بتنقلاته من هذه الضفة الى تلك ، نقول له ولمن يردد هذه الأحجية المملة :
 لماذا لم يحرك هؤلاء الممثلون (الشرعيون) ، المنتخبين ديموقاطياً ولم يحركو ساكناً في برلمان اقليم كوردستان ؟ الم يمنحهم الشعب الكلداني وبقية مسيحيي العراق ثقتهم ؟ لماذا هم غارقين في سباتهم ؟ لماذا لم يكلفوا انفسهم بزيارة المنطقة والأطلاع على مشاكلها لعرضها على المسؤولين في البرلمان وفي حكومة اقليم كوردستان ؟
لماذا شخص البطريرك النواقص خلال زيارته القصيرة في حين ممثليه غارقين في نوم العافية ، هل انتهى دورهم بعد الأستحواذ على اصوات الناخبين من ابناء شعبنا الكلداني ومعهم الآشوريون والسريان ؟ ولحد الآن لم نسمع منهم اي تصريح بما صرحت به البطريركية فالذي نقوله لممثلي شعبنا في اقليم كوردستان ومعظم ممثلينا في برلمان العراق نقول لهم : صح النوم ، بعد ( غفوة القيلولة ) .

د. حبيب تومي ـ في 06 ـ 09 ـ 2013
   

69
حقوق الكلدان ليست ضد حقوق الآثوريين او السريان او ..
بقلم : د. حبيب تومي ـ القوش
habeebtomi@yahoo.no
يستخلص من الردود وبعض التعليقات بأنه ثمة هواجس مفادها ، بأن حقوق الكلدان إن تحققت ستكون على حساب المكون الآشوري التي تمنح في الوقت الحاضر لأحزابه كل الأمتيازات ويحرم الكلدان والسريان من تلك الأمتيازات ، إن هذه الهواجس لا اساس لها من الصحة ، فالدولة تستطيع ان تمنح الحقوق والأمتيازات لكل المكونات وبحسب ما يقرره الدستور ، وبالذات حينما تقف الدولة على مسافة واحدة من كل المكونات المجتمعية ، وربما هذه الهواجس والمخاوف لا تعتري المكون السرياني ، كما هي المسالة لدى المكون الآشوري لا سيما الأحزاب القومية منها . فهنالك القبول والأحترام المتبادل بين السريان والكلدان وكذلك بين الكلدان مع بقية المكونات باستثناء الأحزاب الآشورية التي تسترشد بنظريات قومية متزمتة ، ولا تقبل الأنفتاح على الشعب الكلداني المعتدل والمقبول في المجتمع العراقي برمته .
 العراق بلد واسع تتسع ارضه لكل المكونات ، وخيراته الوفيرة تكفيه ليتبوأ مكانة ومصاف الدول الغنية كدول الخليج العربي وغيرها من الدول التي يسودها الرخاء والطمأنينة ، ولو توفرت الأيادي الأمينة ، ومبادئ العدالة والشفافية والنزاهة ، لبلغ المواطن العراقي مكانة راقية من النعيم والرخاء على النطاق الفردي وعلى مستوى الخدمات المقدمة له من قبل الدولة .
وكما هو معلوم ان العراق كان على مر التاريخ كان موطناً ومرتعاً خصباً للتنوع الثقافي والديني والأثني ، واليوم لم يتغير شئ في تلك المعادلة المجتمعية المبنية على التنوع على مختلف الأصعدة ، ومن حق كل فئة في هذا التنوع ان يكون لها حقوق المواطنة ، من الحقوق الأساسية كحق الحياة والتدين والثقافة الى الحقوق السياسية والوطنية والقومية ، ومن هذه المكونات العراقية الأصيلة يمثل الشعب الكلداني من الناحية القومية ، القومية الثالثة في الخارطة القومية العراقية وفي اقليم كوردستان ، وما نكتب به بشكل مستمر ان يتمتع هذا الشعب ( الكلداني ) بحياة حرة كريمة في وطنه ومن حقه ان يجاهر ويفتخر بهويته الكلدانية دون مضايقات او منغصات من هذا الطرف او ذاك ، وأن يتمتع هذا الشعب المهمش الى حد الإقصاء ، ان يتمتع بهوية سياسية وقومية معترف بها ، وأن تمنح له الحقوق اسوة بالمكونات الأخرى فنعيش في بلدنا كسائر عباد الله تمنح لنا حقوقنا ولا يفسد احد ما حياتنا .
 فأين هو ذلك الملاذ التي لكي نشخص نحوه الأبصار ، هل هي الحكومة العراقية التي تتحمل المسؤولية الأولى ام اقليم كوردستان الذي يعيش في مدنه وريفه الشق الأعظم من شعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق بعد الهجمة الإرهابية التي تعرض ويتعرض لها هذا المكون العراقي الأصيل منذ سقوط النظام في نيسان عام 2003 م .
ثمة لفيف من الأخوة الكلدان من يستكثر علينا حتى حق الكتابة عن حقوق الكلدان المالية والقومية والسياسية ويزعمون ، اننا غير مخولين بالتحدث او بالمطالبة او بالكتابة عن الشأن الكلداني وكأن الشعب المظلوم  والمهمش مؤهل لكي ينتخب من يتحدث باسمه او توكيل من يدافع عن حقوقه ، وإذا كان الكاتب الكلداني يحجم عن الدفاع عن حقوق شعبه فما هو واجبه إذن ؟ هل ينبغي عليه ان ينضم الى فريق الساكتين ؟ ام الى الذين يدعون ان الأحزاب الحالية التي تدعي تمثيل المسيحيين بأنهم يتسمون بالعدل والمساواة وإنه مضيعة للجهود والوقت بطلب الحقوق ، وما علينا سوى التسليم وقبول الأمر الواقع ، وتقديم آيات الشكر والأمتنان للمسؤولين على مصائر شعبنا من الأحزاب السياسية القومية المسيحية المتنفذة والقريبة من من دوائر صنع القرار في العراق الأتحادي وفي اقليم كوردستان . ويتزعم هذا السياق في الرؤية لفيف من المثقفين الكلدان الذين ركبوا موجة الأحزاب الآشورية القومية ، لاسيما الأخوة الملتحقين بسفينة الحركة الديمقراطية الآشورية الزوعا او الموالين لخطابها لسبب وآخر . وإن انتمائهم او موالاتهم لتك الأحزاب لا يقلقنا ، لأن ذلك يدخل ضمن حرية الرأي وحرية الأنتماء والعقيدة ، لكن الذي لا نقبل به هو وقوفهم ضد توجهاتنا ومطالبتنا بتلك الحقوق . وتفسيري الشخصي لذلك ربما يعود لخوفهم من فشل خطابهم القومي في حال تحقيق الكلدان لمطالبهم القومية والسياسية في العراق الأتحادي وفي اقليم كوردستان .
 نحن الكلدان لا نطلب اكثر من الذي نستحقه ولا مبرر لمن يقوم ضد الحقوق او يسكت عن دعمها ، في البداية لا نقبل بالإقصاء مهما تنوعت ابوابه إن كان إقصاء قومي او سياسي او وطني او ديني او مذهبي ، فنحن الكلدان قوم عراقي اصيل ومعتدل في كل مواقفه السياسية والدينية والقومية ، ونؤمن بالتنوع المجتمعي العراقي الجميل . فكل الذي نطمح اليه هو ان نكون مثل الآخرين ليس اكثر او اقل ، فنحن مواطنون عراقيون ، علينا واجبات المواطنة ولنا حقوق كالتي يمكلها الأخرون من المكونات العراقية . فإن كان للاخرين حضور وتمثيل في العملية السياسية والقومية فنحن نطالب ان يكون لنا نفس التمثيل والحضور ، وإن كان للاخرين حصة في الثروة الوطنية فنحن الكلدان نطالب ان يكون لنا حصة من الثروة الوطنية العراقية ، ولا نقبل بفرض وصاية على شعبنا الكلداني مهما كانت الذرائع . وقد مضى على سلب حقوق شعبنا الكلداني زهاء عشر سنوات اي منذ سقوط النظام .
المثير هنا ان الجميع يتحدث عن مظلوميته وإن كان له خمسة كراسي في الحكم فإنه يدعي ان حقه هو  8 كراسي وهو يتشكى المظلومية لفقدانه ثلاثة كراسي ، والآخر له حق المنصب الفلاني لكنه يمنح بمنصب ادنى مما يستحقه هكذا كل المكونات : السنة ، الأكراد ، الشيعة التركمان ، الآشوريون ..  الكل يبعث بشكواه لمن يهمه الأمر ، ونحن الكلدان نرضى بالحد الأدنى والحد الأدنى غير متوفر ايضاً ، بل اكثر من ذلك حيث المطالبة بحقوقنا فإن بعض الأخوة يستكثروها علينا ويوسمون تلك المطالبة بأنها نوع من التطرف ، فعلينا ان نرضى بما تتكرم به الأحزاب الآشورية القريبة من مصادر صنع القرار في الدولة العراقية الأتحادية او في اقليم كوردستان .
 بقي ان اقول لأبناء الشعب الكلداني ، بأن مطالبنا سوف لن تلبى من اي طرف ما لم نتحرك ونكتب ونتظاهر ونرفع اصواتنا لكي يسمعها المسؤولون ، هذه هي الطريقة لأخذ مطالبنا نحن الكلدان ، نعم ان حقوقنا مهضومة ومهمشة لكن علينا ان نتحرك لكي يشعر الآخر بوجودنا على المسرح السياسي العراقي .
 وأكرر هنا ان ما يتعلق بحقوق الشعب الكلداني ليس له اي تأثير على اي مكون عراقي نحن لا نريد ان تكون حقوقنا على حساب الآخرين نريد ان نأخذ حقوقنا مع الآخرين بما فيهم السريان والآشورين والأرمن وكل المكونات العراقية الأخرى . فحينما تكون هنالك مساواة في المواطنة والحقوق على اعتبار اننا جميعاً عراقيون بنفس الدرجة ، حيث لا وجود للعراقي درجة اولى او ثانية او ثالثة فستكون الوحدة العراقية راسخة كرسوخ الجبال على الأرض .
د. حبيب تومي ـ القوش في 28 ـ 08 ـ 2013

70
لماذا أحجمت الأحزاب الكلدانية عن الأشتراك في انتخابات برلمان اقليم كوردستان ؟
بقلم : د. حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no
الشعب الكلداني هو مكون عراقي اصيل ويشكل تعداده السكاني الأكثرية من مسيحيي العراق ، وقومياً الكلدانية هي القومية الثالثة في خارطة القوميات العراقية ، ووطنياً يشكل الشعب الكلداني جزءاً  مهماً من الشعب العراقي المعروف بتعدده القومي والأثني والديني ، ويشتهر الشعب الكلداني بطيبته واعتداله وبوزنه الثقافي في المجتمع العراقي ، وهو من الداعمين  الأوائل لقيام الدولة العراقية الحديثة ، هذا هو الشعب الكلداني الذي تهضم وتهمش حقوقه الوطنية والسياسية والقومية في وطنه العراقي .
إن اي كاتب او محلل عادل ومنصف لتاريخ العراق المعاصر سوف يشير الى حقبة العهد الملكي على انها كانت تمثل العصر الذهبي قياساً  بما آل اليها العراق من مآسي وكوارث وحروب بعد سقوط النظام الملكي ، لقد افلح الملك فيصل الأول وبدعم من بريطانيا من تأسيس الدولة العراقية الحديثة ، كما افلح الملك بتوحيد اوصال المجتمع العراقي ، الذي كان مبنياً على المفهوم القبلي ولم يكن هنالك قبولاً لمفهوم الدولة ، ثم كان هنالك ايضاً مشاعر المظلومية التي كان الشيعة والأكراد تساورهم بجهة تهميش حقوقهم . فعمل الملك فيصل الأول لتأسيس عراق معاصر يعمل على تهيئة الأوضاع الملائمة للحاجات الحياتية اليومية لمواطنيها وكذلك تمكن من إرساء  نظام سياسي يعمل على رفع مستوى المعيشة وتوفير الوظائف والأشغال لتحقيق الرخاء في ظل حكم مدني ديمقراطي يحمي الحرية للجميع دون تفرقة ويسمح بالتعددية ، وهكذا يشعر المواطن بمكانته المهمة في وطنه وهي المواطنة من الدرجة الأولى وليس خلافها .
المواطن اي كان موقعه في النسيج المجتمعي العراقي ينبغي ان يكون له حقوقه القومية والسياسية ، بحيث لا تقتصر حقوقه على حرية ممارسة الشعائر الدينية فحسب ، فالمواطن الكلداني ليست حقوقه الوطنية محصورة على حرية ممارسة الشعائر الدينية بالدخول الى الكنيسة او الحقوق الوطنية الحياتية ، كحقه في التعليم او او العلاج او السفر .. الخ ، إنما له حقوق قومية وسياسية وله حقوقه في حصته من الثروة الوطنية .
هنالك من يتوهم او يحاول خلط الأوراق ، فحينما نطالب بمواقع وظيفية لأبناء شعبنا الكلداني ، كأن يكون لنا وزير كلداني في الحكومة العراقية او في حكومة اقليم كوردستان ، فسرعان ما يصدرون فتاويهم بأن حبيب تومي يطلب منصباً لنفسه ، وحينما نطالب ان يكون للشعب الكلداني حصة من الثروة الوطنية ، فإنهم متهيئون مرة اخرى لأصدار فتاويهم المملة الرخيصة بأن حبيب تومي يريد الحصول على الكعكة ، وهؤلاء الذين يطلقون مثل هذه الأراجيف الرخيصة هم انفسهم يسلكون اسوأ طرق التملق والمداهنة للحصول على تلك المكتسبات لأنفسهم وليس لشعبهم .
أجل من حق الشعب الكلداني ان يكون له حصة من ثروة العراق ، وحصة من المناصب السيادية ، إنه يمثل القومية الثالثة في خارطة الوطن العراقي . انا لا اطلب شئ لنفسي إنني اطالب بشكل دائم بحقوق الشعب الكلداني الوطنيةالمشروعة ، منذ ان بدأت الكتابة بالشأن القومي والسياسي بعد سقوط النظام في نيسان 2003 م .
اليوم ونحن مقبلون على انتخابات البرلمان الكوردستاني في ايلول القادم، وهي انتخابات مهمة في كل المقاييس ، وأهمية ذلك تكمن في الوجود الكثيف لشعبنا الكلداني ، إن كان في داخل الأقليم نفسه او في المناطق المتنازع عليها . فالأكثرية الساحقة من الكلدانيين او من بقية مسيحيي العراق يتركز تواجدها في اقليم كوردستان ولهذا فإن تفعيل الدور السياسي للأحزاب الكلدانية ومساهمتها في عملية الأنتخابات كانت تحمل اهمية كبيرة .
لقد بُحثت هذه المسألة في المؤتمر القومي الكلداني الذي عقد في اواسط ايار الماضي في ديترويت  ، لكن شكلت مسالة الدعم المالي حجر عثرة امام هذه الرغبة في المساهمة في تلك الأنتخابات المهمة ، إذ لا يوجد جهة حكومية إن كان في العراق الأتحادي او في اقليم كوردستان تدعم الأحزاب القومية الكلدانية للنهوض بواجباتها ، إنما الدعم مقتصر على الأحزاب الآشورية ومن يسير في ركابها من الأحزاب الكلدانية والسريانية .
المنافسة على 6 مقاعد مخصصة للمسيحيين ، واحداً منها محسوم للارمن، وخمسة مقاعد هي للكلدان والسريان والآشوريين في اقليم كوردستان ، وهي من اصل 106 مقاعد يتكون منها برلمان الأقليم ، وهنالك ثلاثة قوائم مسيحية تتنافس على المقاعد الخمسة ، وهذه القوائم تمثل الأحزاب الآشورية ، وهي ابناء النهرين تحمل رقم 125 وهي تتكون من الأعضاء المنشقين من الزوعا ، ولا ندري إن كانت هذه مناورة سياسية الحركة الديمقراطية الآشورية فتكون هذه القائمة تعود لها وتدعمها  ، لكنها تحمل اسم آخر لسحب البساط من تحت قائمة المجلس الشعبي ، الذي تغلب عليها بشكل ساحق في مجلس محافظة الموصل . وإن لم تكن تابعة للحركة فمن يدعم هذه القائمة ومن اين لها تلك الأموال لخوض تلك الأنتخابات ؟
والقائمة الثانية هي الرافدين 126 التابعة للزوعا ثم هنالك قائمة التجمع الكلداني السرياني الآشوري 127 وهكذا يتغيب عن التنافس اي حزب كلداني .
وفي الحقيقة هنالك اسباب تكمن وراء عدم اشتراك الأحزاب الكلدانية التي اجتمعت في ديترويت على هامش المؤتمر المنعقد هناك في ايار الماضي ، واتفقت على الدخول في اتحاد القوى السياسية الكلدانية ،وهي الحزب الديمقراطي الكلداني والحزب الوطني الكلداني ،والمنبر الديمقراطي الكلداني الموحد ،والتجمع الوطني الكلداني ، ورغم هذه الرغبة في العمل الجماعي ، إلا ان توفير المال اللازم للانخراط  في العملية قد حال دون اشتراك تلك الأحزاب في انتخابات برلمان كوردستان وفي انتخابات مجالس المحافظات .
وإذا طرحنا سؤالاً : يا ترى من يتحمل مسؤولية تعثر هذه الأحزاب وعجزها عن القيام بواجبها القومي والسياسي على الساحة السياسية العراقية ؟
برأيي  المتواضع ثمة عوامل لعبت دورها لكي نصل الى هذه الحالة من الضعف او من التهميش وهذه العوامل هي :
اولاً : ـ
سيتبادر الى الذهن مباشرة ما قامت به الأحزاب القومية الآشورية المتنفذة والتي طرحت نفسها ممثلة للمكون المسيحي ، وتناكفها في سباق ماراثوني لمحاربة اي نوازع قومية كلدانية ، مهما كانت صفتها ،وتريد تلك الأحزاب ( الآشورية ) ان تكون وحدها في الساحة وتحتفظ  لنفسها بكل المكتسبات الممنوحة للمكون المسيحي وتستخدم تلك الأمتيازات لأهدافها الحزبية اولاً ، ولمحاربة التوجه القومي الكلداني ثانياً .
ثانياً : ـ
العامل الآخر هو موقف الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ، لاريب ان لكلمة الكنيسة الأهمية القصوى بين ابناء الشعب الكلداني وعلى نطاق المسؤولين ، فإن كنيستنا الكاثوليكية الكلدانية ليس لها ذلك الموقف الواضح  بالوقوف بصراحة ووضوح الى جانب الأماني السياسية والقومية لشعبها الكلداني ، وإن اردنا المقارنة بين الكنيسة الآشورية والكنيسة الكلدانية  بما يتصل بالأماني السياسية والقومية ، فالكنيسة الآشورية تعلن صراحة وبوضوح كامل وقوفها الى جانب شعبها الآشوري في طموحاته القومية والسياسية ، بينما كنيستنا على مختلف المستويات تنأى بنفسها عن تلك الطموحات وغالباً ما يتسم موقفها بالسلبية مع تلك الطموحات وكغطاء لذلك الموقف هو عدم تدخل الكنيسة بالسياسة .
نحن السياسيين الكلدانيون نحترم هذه الرؤية ، رغم ان الحاجة تتطلب من الكنيسة ان تقف مع حقوق شعبها إن كانت سياسية او قومية او انسانية، فالكنيسة وشعبها في مركب واحد وعليهما التعاون لكي يصل المركب الى بر الأمان . فالكنيسة تكون قوية حينما يكون شعبها قوياً والعكس صحيح ايضاً .
ثالثاً : ـ
موقف اقليم كوردستان لم يكن منصفاً للكلدان بشكل عام . نعم كان لأقليم كوردستان موقف إنساني مشرف من المسيحيين القادمين الى اقليم كوردستان هاربين من العمليات الأرهابية ، ولكن تبقى مسألة الحقوق القومية والسياسية موضوعاً آخر فالشعب الكلداني وقف الى جانب الشعب الكوردي في كفاحه المسلح ، وينبغي ان يكون للشعب الكلداني حقوقه كاملة في الأقليم بعد ان تمتع الأقليم بمساحة كبيرة من الأستقلالية ، فلماذا تكون كل المكونات متمتعة بحقوقها القومية والسياسية من تركمان وآشوريين وأيزيدية وأرمن باستثناء الكلدان ، فأين يكمن الخلل ؟  لماذا نشتكي ونقول ان حقوق الكلدان القومية مهمشمة في اقليم كوردستان ؟  فهذه الحالة لا تليق بأقليم كوردستان ، ينبغي ان يعامل الكلدان باحترام وأخوة  وصداقة بمنأى عن اي وصاية من اي قوى اخرى ، فنحن الكلدان مستقلين لنا قوميتنا الكلدانية ولنا ذاتيتنا وكرامتنا لسنا تابعين لأي قوى اخرى .
رابعاً : ـ
لقد اوردت الأسباب المحيطة بنا، لكن ماذا عن ظروفنا الذانية ، نحن نلوم الآخرين ، لكن هل نحن الكلدان والقوى السياسية الكلدانية هل كنا على اكمل وجه ؟ ألم يكن لنا اي شطحات او أخطاء ؟
 الا ينبغي ان ننظر الى المرآة لكي نرى انفسنا ونمارس بشفافية وصراحة منظومة النقد والنقد الذاتي ؟
رغم هذه الظروف المحيطة ، الم يكن بالمستطاع العمل اكثر ، الم يكن بالمستطاع الحصول على المبالغ لو تخطينا خطوات نحو نكران الذات والتضحية ؟ الم يكن من المستطاع ان نجمع مئات الآلاف من الدولارات لو احسننا طريقة الجمع وآليتها ؟
الا نفكر يوماً بأن نتوجه الى الوطن ونعمل فيه ونقوي ونعاضد من يعمل فيه ؟ إنها افكار جميلة لكن جميعها تحتاج الى تطبيق ، نعم كان يجب ان ندخل في الأنتخابات السابقة بقائمة وأحدة ، نعم لنا اخطاء كثيرة وبحثناها في المؤتمر لكن كل تلك المقررات الجميلة تحتاج الى تطبيق على ارض الواقع وليس خلافه .
بيني وبين نفسي افكر وأقول :
 لا يمكن إغفال متغيرات الأزمنة ، ومتطلبات العصر التي تقضي باستحالة التهميش فقد ولت الأزمنة  المظلمة الى غير رجعة ، ولهذا انا متفائل بمستقبل الشعب الكلداني لكي يتبوأ مكانته اللائقة في عموم العراق وفي اقليم كوردستان .

د. حبيب تومي : القوش في 11 : 08 ؛ 2013

71
الراحل فلك الدين كاكائي الإنسان.. التواضع من خصال الكبار
بقلم : د. حبيب تومي : عنكاوا
habeebtomi@yahoo.no
الراحل فلك الدين كاكائي ( 1943ـ 2013) اسم لأنسان معروف على الساحة السياسية والأدبية والفكرية في اقليم كوردستان ،وعلى الساحة العراقية ،ومن الصعوبة بمكان خلق توازن بين متطلبات العمل بين تلك النواحي ، لا سيما  العمل السياسي الذي يتطلب ، في كثير من المنعطفات ، الخوض في  متاهات المصالح  وتبرير الوسيلة مهما كانت لتحقيق تلك المصالح . لقد كانت هنالك تجارب تاريخية قليلة استطاع اصحابها التوفيق بين تلك المسائل والخوض في العمل السياسي . لقد استطاع الزعيم الهندي مهاتما غاندي من اتباع اسلوب النضال المدني السلمي من اجل تحقيق اهداف سياسية في استقلال بلده ، كما استطاع الزعيم التشيكي فاتسلاف هافيل ( 1936 ـ 2011 ) من تحقيق ثورة مخملية لبلده وهو كاتب مسرحي ونصير للسلام ، وان يتبوأ منصب الرئاسة في تشيكوسلوفاكيا ومن ثم رئاسة جمهورية التشيك في عام 1993 وحتى عام 2003 ، وحاز على جائزة غاندي للسلام لأسهاماته حيال السلام العالمي .
 المهم هنا ان شخصية الراحل المرحوم فلك الدين كاكائي كان يحمل كثيراً من افكار مهاتما غاندي  السلمية ، إذ استطاع ان يوفق بين عمله النضالي ووظيفته السياسية مع بقائه مساهماً في عالم الثقافة والأدب والفكر والأعلام  ، بل استطاع ان يحقق بعض طموحاته الثقافية والأدبية حينما كان وزيراً للثقافة فكان له المجال الواسع للوقوف الى جانب الثقافة والمثقفين وتعضيدهم وتقديم الدعم لهم ولنشاطاتهم .
لقد تعرفت على الأستاذ فلك الدين كاكائي يوم كان لنا دعوة لحضور مؤتمر في اربيل كرس لتكريم الراحل ناجي عقراوي ، وتمت لقاءات اخرى خارج قاعة المؤتمر ، كان دائماً يتخاطب معنا بمنطق المثقف وليس بصفته كوزير مسؤول . بعد اكثر من سنة التقيت مع الأستاذ فلك الدين كاكائي في احد فنادق اربيل ، وسلمته نسخة مستنسخة من مسودة كتابي الموسوم " البارزاني مصطفى قائد من هذا العصر " وطلبت منه ان يراجع الكتاب قبل طبعه ، وأن يكتب مقدمة للكتاب ، وحينما سلمت له الأوراق وكانت حوالي 1500 ورقة لأنه مطبوع على جانب واحد من الورقة ، ونظر المرحوم الى كمية الأوراق وقال :
 يا رجل انه عمل كبير ويتطلب جهداً فائقاً ، وأنا صحتي ليست على ما يرام ، ولكن مع ذلك سوف استلم النسخة وأبذل جهودي وقدر الإمكان . وهكذا بعد اشهر وصلتني الملاحظات القيمة للاستاذ كاكائي  ومرفقة بنص المقدمة للكتاب وهي مكتوبة بخط يده، وهكذا افتتحت الكتاب حين طبعه بتقديم الأستاذ كاكائي وكان تقديمه تحت عنوان : عودة البارزاني ، وقد استهلها بقوله :
وكأني بالفيلسوف الألماني فردريك نيتشة المتوفي سنة 1900 م. وهو يستنبط من تراث الحكيم زرادشت فكرة لصورة السرمدية التي كشف عنها في كتابه ( هكذا تكلم زرادشت ) .. اقول : ان نيتشة إنما يعبر ايضاً عن مسيرة مصطفى البارزاني الذي كلما حاول خصومه إخفاء وطمر حقيقة كفاحه وأهدافها الإنسانية ، إذا به يتجلى من حيث لا يتوقعون ولا يريدون ، سواء في كتاب او حديث مهم او تذكير بالماضي القريب .. ( كتابي " البارزاني مصطفى قائد من  هذا العصر" دار ئاراز ص11 ) .
أجل تحمل الرجل جهوداً كبيرة لمراجعة الكتاب وتقديمه ، وهو سعيد بهذا التعب ما دام يخدم قضية وتاريخ الشعب الكوردي ويخدم الثقافة .
 من خصائل الكاكائي انه مثقف وإنسان متواضع ومناضل من اجل تحقيق اماني شعبه ، فلقد انضم كاكائي وهو  في سن مبكرة إلى صفوف الحزب الشيوعي العراقي، وبعد انقسام اتحاد الطلبة إلى قسمين الأول تابع للحزب الديمقراطي الكردستاني، والآخر إلى الحزب الشيوعي، أصبح فلك الدين عضوا في الحزب الديمقراطي الكردستاني بشكل طبيعي، حيث كان الحزبان يتقبلان ذلك الأمر دون إشكالات. وظل في الحزب إلى حين انهيار ثورة التحررية التي قادها الزعيم الراحل مصطفى بارزاني، ثم عاد مرة أخرى للالتحاق بالثورة التي أعلنها نجلا بارزاني، إدريس ومسعود، وظل معهما حتى آخر لحظة في حياته(جريدة الشرق الأوسط  في 4: 8 : 13).
كان للراحل فلك الدين كاكائي مكانة محترمة ومتميزة في كوردستان ، إن كان على نطاق الوسط الشعبي او على مستوى المسؤولين في اقليم كوردستان فقد كتب الرئيس مسعود البارزاني الى عائلة الفقيد أكد فيها أن :
«الراحل كرس جل حياته من أجل النضال للدفاع عن شعبه، وكان له دور متميز وكبير في ثورة كأحد أفراد البيشمركة ثم سياسيا ومثقفا وإعلاميا، وسطر لنفسه مجدا في وقت كانت الأنظمة الديكتاتورية تواجه شعبنا بالحديد والنار، لكن كاكائي لم يبال بمصاعب وقسوة ظروف النضال وكان دائما موجودا بخنادق النضال، سواء كبيشمركة، أو كادر إعلامي، أو رجل سياسي .
كما كان هنالك اشتراك متميز من قبل الاستاذ نيجرفان البارزاني رئيس وزراء حكومة اقليم كوردستان حيث كان في مقدمة مشيعيي الراحل ومن اشترك في حمل نعشه الى مثواه الأخير . وقال في رسالة حزينة وجهها إلى شعبه بهذه المناسبة وقال فيها:
 «أكتب اليوم هذه الرسالة وقلبي يعتصره ألم كبير بسبب رحيل أحد أقرب المقربين إلي، وهو فلك الدين كاكائي الذي أعتبره معلما لي». ويستطرد بارزاني: «بعد نكسة ثورة سبتمبر (أيلول) كنت أرى كاك فلك الدين دائما في بيتنا وفي مقرات البيشمركة، وكان المرحوم يلازم والدي الراحل إدريس بارزاني خلال تلك الفترة العصيبة من تاريخ شعبي، وكانت الأواصر النضالية تقربهما، لذلك كانت جهودهما المشتركة تثمر دائما عن توحيد الموقف الكردي، ولذلك أرى أنه من الطبيعي اليوم أن يحضر تشييع جنازته ممثلون عن كل أجزاء كردستان الأربعة ..
كان فلك الدين كاكائي يجد نفسه في حقل الثقافة اكثر من السياسة ، فلم ينقطع عن الثقافة مهما كانت الظروف ورغم مشاغل الحياة فقد استطاع كتابة مؤلفات مهمة  ومنها بالعربية «العلويون»، و«موطن النور»، و«احتفالا بالوجود» و«حلاجيات»، و«البيت الزجاجي للشرق الأوسط»، و«انقلاب روحي». أما مؤلفاته باللغة الكردية فهي «بيدارى» و«روناهي زردشت»، إلى جانب مئات المقالات والدراسات والبحوث التي ساهم بها ، وحتى وظيفته كانت في وزارة الثقافة حيث تولى حقيبتها لمرتين .
وعن انطباعاته الشخصية يقول عبد الوهاب علي ، وهو احد رفاقه في دروب النضال يقول :
«كان سرعان ما يمل تلك الوظائف الحكومية والحزبية، ويهجرها ليعود إلى عشه الأصلي، وهو الوسط الثقافي، الذي كان أحد فرسانه الأساسيين». ويضيف :
 إن «آخر تكريم لهذا المفكر الكبير كان من عندنا بالسليمانية، فقد دعوناه أخيرا لعقد ندوة ثقافية بالمدينة، وعلى الرغم من اعتلال صحته، والذي بدا عليه بشكل واضح أثناء حضوره إلى السليمانية وتقطع أنفاسه أثناء الحديث، لكنه كما بين لي، فإنه جاء إلى السليمانية ليلتقي بشبابها وشاباتها ولكي لا يحرمهم من لقائه ومن ثقافته، وكان ذلك آخر نشاط ثقافي للمرحوم، وكرمناه خلال الندوة، وكان هو التكريم الأخير أيضا».
كان للقامة السامقة للراحل فلك الدين كاكائي حضوراً كبير في الساحة السياسية والفكرية والثقافية وسوف يترك فراغاً كبيراً ، كما سيبقى ما سطره قلمه وذكريات شخصيته الإنسانية سوف تبقى خالدة م