عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - سورايا

صفحات: [1]
1
الاخ باسيل لويس المحترم
يمكنك مراجعة البطريركية، لمناقشة هذا الموضوع معك عن كثب... للنظر فيما قد يحمل من خصوصية.
مع التمنيات لك بالخير والسلام
إعلام البطريركية

2
جواب البطريركية الكلدانية على مناشدة السيد باسيل لويس المنشورة على موقع عنكاوا كوم- المنبر الحر

تم الاستفسار من ديوان الوقف المسيحي، بشأن هذه المناشدة. وقد أيّد المسؤول في الوقف المسيحي، ان هناك رسوما تستقطع بهذا القدر، وهي ما يعادل 168 دولارا، كتكاليف إدارية لمتابعة البيع والشراء، وتصب ايضا في الصرف على مشاريع الأوقاف، وبيّنوا ان هذا المبلغ رمزي ضمن تكاليف ومبلغ بيع العقار ، ويتم استلامه بنحو رسمي وبوصولات اصولية.
هذا ما تم الحصول عليه من معلومات قدر تعلق الأمر بالبطريركية الكلدانية وليس  صحيحا ان الكل همهم الوحيد المال ولايهمهم ظلم الآخرين.
كنا نأمل أن ما تقدمه البطريركية من دعم قدر الامكان، يحظى بشيء من الاعتبار.
مع التقدير
اعلام البطريركية الكلدانية

3
                       
حوار الأب القس لوسيان جميل مع الأب نوئيل فرمان

خص الأب نوئيل فرمان صفحة سورايا في موقع عنكاوا دوت كوم، بهذا المقال البحثي، المنشور في مجلة كاردينيا الالكترونية والموسوم بعنوان (حوار مع الأب نوئيل فرمان). وكان حضرة الكاتب الجليل القس لوسيان جميل، قد أحال المقال برسالة الكترونية ودية وأخوية، إلى الأب نوئيل والوارد فيما يأتي نصها مع توصيته الأخوية له بألا يزعل من طرحه!. وبين الأب نوئيل اعتزازه بالقس لوسيان، من كبار اخوته في الخدمة الكهنوتية، وتقييمه لمشاعر التقدير في رسالته الالكترونية التقديمية، وننشر النص الكامل للحوار، من مبدأ احترام حرية التعبير عن الرأي. وبطبيعة الحال فإن اختلاف الرأي لا يفسد في الود قضية، وهنا يتعلق الأمر بالتنظير للجانب القومي الاثني لمسيحيي العراق مع احتمال الامتداد إلى مسيحيي الشرق الأوسط، لا سيما الذين عاشوا في منطقة بين النهرين، الممتدة حاليا بين العراق وايران، تركيا وسوريا.
وفيما يلي نص الرسالة الشخصية الالكترونية، متبوعة بمقال حضرة الأب الفاضل القس لوسيان جميل.


نص الرسالة الألكتروينة
 الى الأخ الأب نوئيل فرمان المحترم

تحية مودة واحترام

اخي نوئيل ارسل لك رابط مقال كتبته في الكاردينيا حيث اكتب منذ فترة لا باس بها. هذا المقال لن يعيدني الى ما كنت اكتبه بين العام 2007 والعام 2014. اما سبب كتابتي لهذا المقال فهو الرد على دعاة النهرينية والآشورية وغيرها . اما ان يكون ما كتبته تعليقا على ما كنت قد كتبته لآصدقائك حول توجهي الفكري، فذلك لم يكن سوى حجة واقعية لافند اعداء العروبة في طروحاتهم المضللة التي كنت احدها في حوارك مع صديقين فلان وفلانة. واذن ليس شخصك المعني بشكل كامل بما كتبته ولكن المعني هو فكر الكثيرين المضلل حول مسألة العروبة وغير ذلك، لذلك ارجو ان لا تزعل مني في هذه الأمور.
فاليك اذن الرابط
 مع مودتي
القس لوسيان جميل
https://algardenia.com/maqalat/36450-2018-08-06-20-30-13.html                   


ملف الحوار المنشور في مجلة كاردينيا
حوار مع الأب نوئيل فرمان
القس لوسيان جميل
 
الأخ والأب نوئيل فرمان المحترم
بعد التحية...
منذ زمن لم اتصل بك، ولم ارسل لك شيئا. في الحقيقة صحتي ليست جيدة ولاسيما من ناحية السير على قدميّ، حيث لا استطيع ان اسير بشكل اعتيادي على الارض المنبسطة سوى لمسافة قليلة.اما السبب الثاني لعدم الكتابة لك فقد يكون اني يوما كنت قد ارسلت لك مقالا ولم يأتني الجواب منك. ولكن لا اعرف ربما ان المقال لم يكن قد وصلك. في غير ذلك لا زالت صحتي من نواحي اخرى مقبولة. وفي الحقيقة لم اكف عن الكتابة يوما واحدا، مع بعض المبالغة طبعا. وبما اني هنا في دهوك لا اتلقى زيارات كثيرة، فرأيت ان اعود الى عادتي القديمة والجأ الى الحاسوب معتبرا اياه خير جليس. ولذلك اخالك لا تتعجب اذا ما قلت لك انني انتهيت وأنا هنا في دهوك من تأليف كتابين مهمين جدا في موضوع الانسان،عنونت الكتاب الأول: كيف نتكلم عن الانسان اليوم، وعنونت الكتاب الثاني: قواعد انثروبولوجية لظهور الروح وحركته وارتقائه. هذا بعد ان كان الاخوة في عينكاوة قد طبعوا لي كتابا كبيرا تحت عنوان: كيف نتكلم عن الله اليوم. وقبله كانوا قد طبعوا لي كتابا منهجيا ايضا، بعنوان وجه الله منهجية انثروبولوجية خارج الأسوار.اما كتابي الآخر عن القداس فكان على وشك الطباعة عند هيئة الأوقاف المسيحية،ولكن فجأة توقف النشر عندهم على ما يبدو، ولا اعرف لماذا تماما. اما في الوقت الحاضر فقد بدأت بكتاب جديد وأسلوب جديد في الكتابة سميت هذا الكتاب اوراق فكرية ولاهوتية منثورة. هذا الكتاب لن يحتوي على مقالات كالكتابين السابقين، ولن يكون قاموسا فلسفيا، ولكنه سوف يكون كتابا يساعد القراء على التعرف على مصطلحات وأفكار فلسفية ولاهوتية، بشكل مختصر لا يتجاوز الموضوع الواحد الصفحتين.
وهكذا وكما ترى يمكن ان اسمي نفسي خبيرا بالإنسان وبالهه، حيث اني احاول ان اسحب الانسان واله الانسان من يد السلفية التقليدية الضحلة وأعيدهما الى اصلهما الأول: الى مجال الانسان الأنثروبولوجي الذي لا يمكن ان يتجاوزه احد الا ويقع في فخ الضلال.
وهنا ربما قد تسأل وتقول: يا ترى! هل ان المؤسسة الكنسية قد سقطت في فخ الضلال الايماني: وأجيب في الحال وأقول: نعم هذه هي الحقيقة ومنذ زمن بعيد، من ايام كانت المسيحية قد صارت ثيوقراطية ( دين ودولة )، اي منذ زمن قسطنطين الملك وإمبراطوريته التي كانت قد فسدت سريعا،وضعف الايمان المسيحي فيها مع ضعف الامبراطورية الثيوقراطية المسيحية. علما بأن الايمان، وبصفته مشاعر، ما ان يحاول انسان ان يعبر عنه من خلال لغة بشرية الا وتكون النتيجة اضعف من الحقيقة. وأحيانا تكون النتيجة في حاشية الحقيقة. الأمر الذي حصل للكنيسة، ولكثير من المذاهب الأخرى والأديان. انها مسألة انثروبولوجية انسانية.
فكرة اخرى: اما الآن فأتحول معك الى فكرة اخرى،ربما ليست بعيدة جدا عن اهتماماتي القديمة والحديثة. واليك هذه الفكرة: فقبل مدة كنتَ قد كتبتَ لصديقيك فلان وفلان كلمة حوارية كانت قد ضمت حضرتك والصديقين المذكورين. وكانت مداخلتك على الوجه التالي بقولك:الأب لوسيان يشق طريقا خاصا به،يتعلق بتقديم فكر عروبي مسيحي،في حين ان الاختلاف العام معه يرتبط بأن الفكر المسيحي في العراق هو اقدم من ان يتصف ليتسم بالعروبية، فهو فكر نهريني أرامي لسكان ما بين النهرين الذين مع الوقت تشرذموا قوميا. ( هكذا )
جوابي: كان يقال عن الامبراطورية الجرمانية القديمة، في كتب التاريخ، انها امبراطورية جرمانية مقدسة. غير ان احدهم، ربما كان استاذ التاريخ نفسه، كان قد علق على تلك العبارة بقوله:ان تلك الامبراطورية لم تكن لا امبراطورية ولا جرمانية ولا مقدسة. اما من جانبي فأقول لك ان القس لوسيان جميل يقدم فكرا فعلا، لكنه ليس فكرا عروبيا ولا فكرا لاتينيا ولا فكرا آشوريا او كلدانيا او نهرينيا،في اية قضية من القضايا التي سبق وتكلم عنها. كما انه لا يشق طريقه في هذا الاتجاه. اما لاهوته، فليس عربيا ولا لاتينيا ولا مشرقيا ولا مغربيا،وكذلك فلسفاته. كما انه لا يعرف حقا معنى ما سميته الفكر النهريني الذي تختلف حضرتك وحضرة اهل النهرين الأفذاذ معه. ففي الحقيقة اني كنت قد اضطررت للكلام عن هذه المادة المذكورة، بعد الاحتلال، بسبب ما كنت ولا زلت اشاهده عند سياسيي الغفل من المسيحيين،وغير المسيحيين ايضا، من تضليل ومن اكاذيب ومن فبركات كلامية مسخرة لخدمة سياسة عدوانية، بعيدا عن اية حقيقة موضوعية ثابتة.
اما كلامك عن النهرينية والفكر النهريني، فلم افهم منه شيئا كثيرا، لأنك كنت بكلامك ذاك قد ظهرت وكأنك ناقل فكر اقنع بعض عواطفك. ولذلك كنت قد جعلت من الوقائع المندثرة وكأنها تاريخ باق ومضموم ينتظر العراقيين ليعطوه قبلة الغرام ويفيقونه من سباته، بحسب اسطورة الأميرة المسحورة النائمة والأمير الذي ايقضها بقبلته. فيا عيني على الفكر الآشوري وعلى الفكر الكلداني وعلى الفكر النهريني الذي نعرف جيدا اباه الجديد الحقيقي... اما إذا كنت حضرتك لا تعرف اباه الحقيقي فاسأل عنه ( المخابرات الفلانية ! )، او اسأل عنه محرك كوكل للبحث فقد يعطيك الخبر اليقين.
ولذلك يحق لي ان أتساءل وأقول: يا ترى هل بهذا الفكر اللقيط تختلفون مع القس لوسيان، انت والنهرينيين الآخرين؟ وهل حقا ان النهرينيين تشرذموا قوميا ام انهم تشرذموا مسيحيا، وهل حقا ما كان يملكه مسيحيو المشرق نهريني ارامي،ام كان فكرا مسيحيا يعود ايمانيا وحضاريا واجتماعيا الى جرن العماذ، كما يعود قسم لا باس به الى العهد القديم، بحسب قوانين الجدل التي تحتفظ ببعض الايجابيات وحتى ببعض الرواسب، بعد ان تتم ازاحة اي فكر من قبل الفكر الجديد. علما بأن هذا الفكر يبقى فكرا خاصا بالعهد الجديد جوهريا، وبقسم من العهد القديم جانبيا Latéralement، حتى وان كان هذا الفكر قد جاء محمولا على حضارة ولغة ارامية سريانية، كانت قد صارت دارجة في بقاع اراضينا،على خلفية انسحاب اللغة اليونانية، التي بها كانت غالبية كتبنا المقدسة قد كتبت، ومن امتزاج حضارتنا بالحضارة اليونانية قد صيغت وتبلورت. اما مشكلة هذه الحضارة، ولا اقول مشكلة الآشورية والكلدانية والآرامية فتكمن في انها حضارة" سادت ثم بادت"، ولا علاج لها بعد الآن. ولن يوجد لها امير يوقضها. فمن يزعمون انهم يستطيعون ان يحيوا الحضارات المذكورة، ومنها حضارة ما بين النهرين، بتسميتها العامة، ليسوا امراء كأمير الاسطورة المذكورة، ولا هم سادة اية حضارة ولا هم زعماء حقيقيين، لأنهم في حقيقتهم ليسوا اكثر من سحسولة ( قطعة خيش _ كونية ) كانت توضع خلف الجرجر لكي تساوي قش الغلة التي يدرسها الجرجر. او يمكن ان نشبه هؤلاء السياسيين بعربة تربط وراء التراكتور او وراء سيارة كبيرة يجرها التراكتور او تجرها السيارة لأنها ليست لها حركة ذاتية. هذا اذا لن نشبه الجماعة بالعبيد مع سادتهم، او بمرتزقة مأجورين، او بأناس مخدرين بمخدر الحقد والتعصب. وأرجو ان لا يزعلوا من الحقيقة.
اما عن التشرذم، فليست له قصة واحدة وانما له قصص مختلفة. ومنها قصة الجماعة المسيحية التي هربت من اطراف ايران، من اضطهاد تيمورلنك للمسيحيين الذي كان قد خلف هولاكو وعمل ببغداد تخريبا مضافا الى التخريب الذي كان قد عمله سلفه هولاكو. كما ان تخريب وعبث تيمورلنك طال المناطق الأخرى في بغداد بشكل منقطع النظير. هذا ويبدو انه كان قاسيا مع المسيحيين بشكل فريد. كما يقول المؤرخون، الأمر الذي حدا بجماعات كثيرة كانت تعيش شرق العراق في جزء من ايران ان تهرب بشكل مجموعات كبيرة، الى منطقة هكاري في جنوب تركيا حاليا، خوفا من الاضطهاد والموت، مما يعني ايضا ان فرار المسيحيين هذا لم يكن بسبب قوميتهم، كما نفهم من الأب نوئيل،ولكنه كان اضطهادا بسبب مسيحيتهم. اما بقاء الجماعة الفارة من المنطقة المذكورة الى منطقة هكاري وبقائهم هناك لمدة 800 سنة، فلم يكن للراحة والاستجماع، ولم تكن هجرتهم تلك هجرة مؤقتة، بل كانت هجرة ونزوح جماعي الى منطقة هكاري لكي تمارس تلك الجماعة مسيحيتها هناك بكل ابعادها الايمانية والاجتماعية والحضارية بحرية تامة.
وهنا يكون الجدير بالذكر ان تلك الجماعة استطاعت ان تضيف الى حضارتها القديمة حضارة جديدة، بسبب البيئة الجديدة وبسبب طول الوقت الذي بقيت فيه في تلك المناطق، والتي كانت قد صارت مناطقهم القومية والاجتماعية، اذا عرفنا ان القومية، سواء كان ذلك في تشكيلاتها الانسانية الأولى، او التغييرات التي تطرأ على الصفات القومية الأساسية والثانوية، وتطرأ على هويتها خاصة،هي حقيقة انثروبولوجية خاضعة للتبدل. فصارت مسيحية تلك الجماعات مجبولة بالصفات الحضارية التي اكتسبتها هناك وأورثتها الى ابنائها، كما ان هؤلاء الأبناء والأحفاد اضافوا شيئا جديدا الى قوميتهم وهويتهم الحضارية والاجتماعية، ولا زالوا في حالة تطور في هويتهم الى يومنا هذا. هذا ولربما جاءت تسمية التياري ( اي اهل الجبل ) من تلك المنطقة وبيئتها الجبلية الحصينة. اما القسم الآخر من مسيحيي المشرق فمنهم من بقي في مكانه الأول، حاله حال اخوته المسلمين او نزحوا الى شمال العراق في مناطق متعددة منه. اما هؤلاء، فهم من كانوا قد صاروا ابناء الكنيسة الملقبة بالكلدانية من قبل روما. اما الجماعات الملقبة بالسريانية فربما لها قصة خاصة بها ايضا. وعلى اية حال فالتفاصيل ليست لها اهمية كبيرة هنا، لأننا لسنا بصدد عمل تاريخ. وانما نريد فقط ان نقول ان هجرات المسيحيين المشرقيين لم تكن بسبب هويتهم القومية، لأن تلك الهوية لم تكن اصلا موجودة في بدء تكوين الكنائس المشرقية، وانما كان هناك الايمان المسيحي الجديد برسالة يسوع، واللغة والحضارة السريانية التي حملت ذلك الايمان وعبرت عنه. مع ايماننا ان الحضارة لا تبقى ثابتة الى الأبد.
ثم اليك ايها الأب اضافة تفهمك مسألة تقول: اذا لم نكن مصرين على التضليل، علينا ان نتساءل ونقول: هل ان البعد الزمني ( قبل وبعد ) هو البعد الأساسي للحكم على مقبولية الأفكار ومشروعيتها؟ اما جوابي الشخصي لحضرتك يقول: انه يجب علينا ان لا نتصور ان البعد الزمني يمكن ان يكون البعد الوحيد المهم في القضية المطروحة. فهنا يصح المثل الذي يقول: ما كل مدعبل جوز، وما كل اصفر رنان ذهب. ونصيف: ما كل قديم متفوق من حيث صلاحيته ان يكون مرجعا للمسيحيين، وأساسا لهويتهم، وليس فقط لقوميتهم، غير الموجودة اصلا لدى مسيحيي المشرق الذين تم اول تأسيس لكنيستهم على يد مبشرين مسيحيين ( مار ادي ومار ماري وغيرهم ) من خلفاء خلفاءِ الرسل، الذين كانوا من ابناء العهد القديم قبل تنصرهم، والذين كانوا يحملون كثيرا من رواسب العهد القديم و وممارساته الدينية التقليدية. اما الشعب الذي كون الجمع الغفير لتلك الكنيسة في بلدة كوخي العراقية فقد كان يتكون جوهريا من ابناء العهد القديم الذين كانوا منفيين او بالأحرى مسبيين في بابل. فـصحيح ان اولائك المسبيين كانوا قد عادوا الى بلادهم، الا انه يبدو ان جماعات غير قليلة، مضافا اليها جماعات اخرى كانت قد اختارت ان تهاجر الى العراق وتقيم فيه، هي التي اسست تلك الكنائس الأولى. ومن وحي طقوسها وشرائعها، فضلا عن شريعة العهد الجديد المعروفة كانت توجه ابناءها المشرقيين، الذي في زمن معين بعد الحقبة التأسيسية الأولى دخلوا افواجا ووحدانا الى حظيرة المسيحية، يهودا ووثنين لم يكونوا يمثلون قومية معينة. فقد تكلمت يا اخي عن الفكر الأقدم والفكر الأجدد كأنما قدمُ اي فكر هو الذي يجعله الفكر الصحيح. فهل مثلا قلت في نفسك: اين هو يا ترى الفكر النهريني، وما هي محتوياته وماذا كانت حقيقته وماذا كان مآله ومصيره النهائي؟ وهنا لست ادري: هل تحسب ان الفكر هو مثل المادة التي لا تفنى ولا تستحدث، وانما تتغير من صورة الى اخرى فقط. وهل فكرت بأن الفكر النهريني بقي جاهزا ومستعدا للقيام من بين الأموات ليخدم الشراذم السياسية المريضة في العراق وفي بعض الدول العربية المعرضة باستمرار لشتى مجالات العدوان السياسي؟ ثم ماذا عن الثمانمائة سنة التي قضاها المسيحيون في هكاري: ترى هل هناك كان الفكر النهريني يسندهم ويقويهم ويجعلهم يكتسبون خواصا وخصال جديدة ام كانت مسيحيتهم التقليدية التي فسروها على هواهم هي التي كانت تحفظهم وتحفظ تراثهم؟
على ماذا استند في كلامي:ان الكلام الذي اقوله لك يا ابانا، وأقوله لغيرك، عندما تكون هناك مناسبة، ليس كلاما اعتباطيا ابدا، على الرغم من ان ما اكتبه لك الآن اكتبه من الذاكرة فقط.وسوف اتناول عبارتك بندا بندا، واريك كيف ان ما قلتَه في كلمتك الى الأخت والأخ المذكورين، كان كلاما مبنيا على افكار قومية مسيسة، ليس لها اساس من الصحة والواقع التاريخي ولا من الواقع الاجتماعي والعلمي،على الاطلاق،وانما هي ايديولوجيا مبنية على عواطف طائفية وعنتريات قومية شوفينية نعرف اليوم مصادرها المضللة تماما.
ماهية البعد الفكري: ان البعد الفكري الذي سأتكلم عنه هو البعد الروحي تماما، كما يعلمنا عالم الاحاثة الكبير والفيلسوف المتعمق بما يقوله من فلسفة،واللاهوتي المعاصر العلمي الأنثروبولوجي، الأب تيار ده شاردن. غير ان البعد الفكري هو اكثر واقعية من البعد الروحي، لأنه متجسد في واقع يمكننا دراسته. فالبعد الفكري بعد انساني انثروبولوجي، وهو لا يأتي من نظرة غيبية سماوية ولا من نظرة فائقة الطبيعة Surnaturelle ولا من نظرة انطولوجية فلسفية. فالفكر لا يستخرج او يسحب من دولاب او مجر، وينادى به، ولا يُستلم من جهات سياسية،ولاسيما اذا كانت جهات معادية او جهات تعيش على سلب حقوق وأموال الآخرين. فبحسب الأب تيار ده شاردن، يكون البعد الروحي مصاحبا للبعد المادي والحياتي Biologique والاجتماعي،ولا يمكن فصله عنه. اما كلامنا هذا فيعني اننا لا يمكننا ان نعزل الروح ( الفكر ) عن الفرد اي عن مادة الجسد. ولا يمكن عزله بالتالي عن المادة الاجتماعية والحضارية. فكل هذه الأمور متلازمة مع بعضها بحسب قاعدة او بحسب القانون الذي يعلمنا اياه الأب تيار ده شاردن Teilhard de Chardin الذي يقول ان الروح بعد من ابعاد المادة، بنظرة بنيوية ادخلها الأب تيار ده شاردن الى هذا المجال وفي كل مجال، ولاسيما المجال الحيوي Biologique الذي بنى تيار فلسفته ولاهوته عليه. لكن اهم ما يمكن ان نقوله مع الأب تيار ده شاردن ومع فلاسفة آخرين، قدماء وجدد، هو ان الروح ( الفكر ) يتجدد مع تجدد الانسان من خلال بيئته المتجددة. فالقومية والهوية اذن تتجدد بتجدد الانسان من خلال بيئته وتتقوى مع تقوي الانسان وتضعف مع ضعفه، ولا شيء هناك في عالمنا يدوم على حالة واحدة، فكل شيء يتغير اي تتغير صورته مع بقاء مادته الأولى واحدة لا تزول ولا تفنى.
عامل الزمن: اما عندما نريد ان نتكلم عن عامل الزمن فأننا سنرى عملية نشوء حضارة وظهور روحها يستغرق زمنا معينا لا يكون واجدا في جميع حالات الموت الحضاري Mutation de civilisation وفي جميع حالات النشوء الحضاري والفكري والروحي. وانما هناك فوارق زمنية لا نستطيع ان نعرفها مسبقا او مقدما.علما ان مفهوم التغييرات الحضارية عرفناه منذ عهد المجمع الفاتيكاني الثاني.
لننتقل الى فكرة جديدة: بعد كل ما ذكرنا انتقل مع الأب نوئيل الى فكرة جديدة واسأله وأقول له: يا ترى اين يمكننا ان نجد اليوم الفكر النهريني الذي تكلمت عنه ايها الأب العزيز؟ انا شخصيا امسكت بيدي مصباح ديوجين وفتشت عنه في كل مكان ولم اجده، لسوء حظ الأحزاب السياسية المسيحية الكارتونية. وأنت ايها الأب العزيز هل وجدت الفكر النهريني عند حركة زوعا مثلا، ام انك وجدته عند الحزب الآشوري ام عند حزب ما بين النهرين، ام انك وجدته عند تجمع الكلداني السرياني الآشوري، ام انك وجدته عند الأحزاب الكلدانية المستحدثة لخاطر عيون المحتلين وعراقهم الجديد،ام هل وجدته في احدى كنائسنا الكاثوليكية والكنائس الشقيقة مثلا؟ ام انك ستجد الفكر النهريني في الأديرة الكلدانية التي ضيعت المشيتين! اما انك ستجده في ال دي ان اي D N A كما يزعم البعض ؟ طبعا لا يمكن ان يأتي الجواب الا بالصمت العميق، وذلك لسبب جوهري هو ان هذا الفكر النهريني غير موجود اصلا في اي مكان! لا بل انه لم يكن موجودا حتى في ايام عز المسيحية المشرقية.
وفي الحقيقة انا لا اعرف هل هو مكتوب علينا كقدر لا يمكن تجنبه ان نبدأ حضارتنا وفكرنا المسيحي ابتداء من الصفر المشرقي الذي كان يملك ما كان يملك في حينه ولم يضف احد عليه شيئا جديدا منذ ان نام هذا الفكر في سبات عميق وطويل، اي سبات الموت الأبدي. فالروح في نهاية الأمر، لابد ان يتلاشى مع تلاشي مادته، كما يعلمنا الأب تيار ده شاردن، ويتحول مع مادته الى مومياء او يتحول الى ما يسميه العرب بـالـ/ رميم. ولذلك فالفكر الذي يريد السياسيون العراقيون وغيرهم ان يفرضوه علينا كحقيقة ثابتة ليس هو فكرنا ولا يمكننا ان نبني عليه ايماننا المسيحي وحضارتنا المعاصرة. ثم ملاحظة بسيطة تقول: ترى الا يمكننا ان نعد لجوء الجماعة الى ال/ D N A بمثابة فشل براهينهم الأخرى كلها. ولكن هل حقا وضع الـ / D N A بيد الآشوريين الذين طبلوا له ضالتهم المنشودة؟ هذا وإذا كان اللجوء الى الـ/ D N Aتعتبره الجماعة مفيدا له، على الرغم من غرابة لجوئهم هذا الذي لا يعني شيئا في الحقيقة، ولا علاقة له بأية قومية، فلماذا لا تلجأ الجماعة الى حقيقة اخرى اوضح وأكثر مقبولية الا وهي حقيقة الجنس السامي او الجنس الجزري الملقب بالجنس العربي عوضا عن الجنس السامي، والملقب مؤخرا بالجنس الجزري. لتفادي كلمة السامي الاسطورية. فالعودة الى السامية او الجزرية واضحة ويمكن دراستها، وهي تظهر في مجالات كثيرة، ولاسيما في مجال اللغة السامية العربية الواحدة، والتي تشمل عدة لهجات ولغات تفرعت منها، بعضها سمي عربية وأخرى سميت آشورية وأخرى سميت آرامية ثم سريانية وأخرى سميت بابلية وكلدانية، وأخرى سميت عبرية الخ ... اليست هذه التسميات معيارا حقيقيا لنوع من القومية التي يتمسك بها الآشوريون خاصة، ومن بعدهم بعض المسيحيون الذين سموا انفسهم كلدانا بشكل تقع عليه الشبهة اقل من شبهة ال D N A. وللمزاح اقول: لماذا لا يذهب اخوتنا الآشوريين ممن اعطي بيدهم برهان الـ D N A المزيف من حيث استخداماته الغريبة التي لا يمكن ان يفكر فيها الا من لا برهان له. وعليه وفي سبيل المزاح فقط اقول: ترى لماذا لا يذهب اخوتنا الآشوريين، مباشرة الى اقدم واول اسلافنا الاسطوري طبعا، وكما جاء في سفر التكوين، الا وهو آدم او آدم وحواء ايضا.
فكرة جديدة مهمة: اما الفكرة الجديدة فنبنيها على بعض الافتراضات، ومنها ذلك الافتراض الذي يقول بأن الفكر لا يموت حتى وان ماتت وتفككت مادته. اما من جانبنا فلا ننكر هذه الحقيقة ولا شيئا منها. لكن هناك سؤال يمكننا ان نسأله يقول: هل فكرنا في ظاهرة اخرى تقول ان الفكر ينتقل الى الحضارة التي تليه مع انتقال حضارته المادية ومعطياتها؟ اليس هذا ما يقول به الجدل، حين يتكلم عن ازاحة الجديد للقديم وأخذ مكانه وبعض مما كان فيه من ايجابيات؟فالفكر الذي كان موجودا عند الآشوريين مثلا انتقل اولا الى الكلدان ثم انتقل الى الفرس وأخيرا انتقل الى الدولة العربية الاسلامية، هذا في حين كنا نعرف ان هذا الفكر، كان ينتقل بين اولاد العم من الآشوريين والكلدان، بشكل طبيعي، لآن مادة ذلك الفكر كانت متجانسة مع مادة الفكر الذي يستولي على الحكم الجديد. اما انتقال الفكر الآشوري والكلداني الى الفرس، فكان انتقالا مختلفا بشكل كامل، لان مادة الحضارة الفارسية كانت غير المادة التي كانت موجودة عند الآشوريين والكلدان، في حين ان انتقال الفكر من عند الفرس الى الدولة العربية الاسلامية، كان حضاريا وكأن هذا الفكر عاد الى خصوصياته الجزرية الملقبة بالعربية، بغض النظر عن الدين الذي كان مصاحبا للعرب وفكرهم بخصوصياته الجديدة، والذي هو دين اقرب ماديا الى العهد القديم، منه الى المسيحية، لأن صار من الثابت ان الاسلام كان هو، في بداياته على الأقل، دينا نصرانيا وليس مسيحيا، لآن النصرانية لم تتخلى عن الاله القومي، وعن شريعة ذلك الاله، وعن طبيعة علاقة السماء بالأرض.
لكي نفهم مسألة العروبة احسن: فلكي نفهم العروبة احسن يمكننا ان نقسم القوميات الى قسمين رئيسيين هما:القسم الذي بقي داخل الجزيرة العربية الواسعة، والقسم الذي هاجر الى وادي الهلال الخصيب بالقرب من تخوم الدولة الفارسية. اما هذا التقسيم فيفيدنا في ان نوسع مفهوم العروبة في منطقة الشرق الأوسط بأكملها، حيث لا نجد التقسيمات القومية الأولى فقط، لكننا نجد ايضا التقسيمات الثانوية التي تشمل عروبة الهلال الخصيب وان كانت هذه العروبة قد ارتدت اسماء مختلفة مثل الآشورية والبابلية والكلدانية والعبرية وغير ذلك، بغض النظر عن الدين وعن بعض الصفات الثانوية الأخرى التي تعود الى البيئة العامة لما بين النهرين ووادي الهلال الخصيب.
نعود الى كلامنا الأول: اما الآن وبعد تلك التوضيحات القومية المهمة، نعود الى كلامنا عن انتقال الحضارة بماديتها وبروحها الى قوميات اخرى من غير تلك التي ذكرناها اعلاه. فما نعرفه عن هذا الانتقال هو انه يشبه انتقال الشخص من بعد موت الفرد، من حامله الأصلي الى حاملين آخرين،كما نقول ذلك عن يسوع الذي انتقل شخصه بعد موته من حامله يسوع: الى رسله اولا، ثم الى سائر المؤمنين به ايمانا حقيقيا خاليا من الأساطير. علما ان الانتقال يسمى انتقالا انثروبولوجيا.
بعد سقوط الامبراطورية الفارسية:وإذن وبعد سقوط الامبراطورية الفارسية انتقلت السلطة السياسية من يد الفرس الى يد العرب المسلمين،او بالأحرى الى الدولة الدينية العربية الاسلامية، ببعديها الديني والحضاري والاجتماعي. وهكذا صار الدين الاسلامي بديلا للدين الفارسي، ولاسيما بعد اسلمة الفرس انفسهم. وصارت الحضارة في كنف العرب المسلمين بعد ان كانت في كنف الفرس، وهو الأمر نفسه الذي حدث فيما يخص روح الحضارة الجديدة – القديمة وفكرها. فالعرب اذن، لم يضطهدوا المسيحيين عند مجيئهم الى حكم المنطقة، كما يحلوا القول لبعض المضللين العملاء. وبقي المسيحيون في الدولة العربية الاسلامية، كما كانوا في الدولة الفارسية، لا بل احسن مما كانوا عند الفرس الزرادشتيين.هذه هي الحقيقة التي لا يستطيع سماعها بعض المتعصبين الحاقدين على العرب، من الذين لا يعرفون، او لا يريدون ان يميزوا بين احداث جرت في اوقات مختلفة ومتباينة تاريخيا وزمنيا، ويعملون تضليلا مبنيا على ما يسمى المفارقة الزمنية Anachronisme.
اما الطائفة او الطوائف المسيحية، مع فكرهم الحضاري الخاص ومع دينهم وإيمانهم، فقد انتقلوا ايضا الى مجتمعهم الحضاري الجديد، كطوائف دينية تدين للدولة فيما يخص كل حياتهم المدنية ويعودون الى الكنيسة والى بطريركها في كل ما يخص حياتهم الايمانية الدينية.وهكذا صار التراب العربي في ببيئته وفي حضارته ترابا لكل من سكن هذه المنطقة العربية سواء كان مسلما او مسيحيا، كل على دينه، وصار المسيحيون مساوين للمسلمين في اغلب امورهم، باستثناء ما يخص الخدمة العسكرية وبعض امور الشريعة. اما ان يكون المسيحيون قد قاسوا الأمرين في عهود تالية على يد حكام وشعوب وضعوا الدين ( الآسلام ) قبل القومية، لا بل بدون اي اعتبار للقومية، فتلك مسألة اخرى لا نريد ان نخوض فيها الآن. كما لا نريد ان نخوض في الحروب الصليبية وما افرزت من كراهية عند بعض المسلمين للمسيحية، حيث كانت الحروب الصليبية شئنا ان ابينا حروبا بين امتين دينيتين الأمة الدينية الغربية المسيحية، والأمة العربية الاسلامية، بذرائع سياسية واهية. هذا، وبما ان الدين كان قد اخذ مكان الصادرة في تلك المراحل متقدما على القومية، وبقي المسلمون منطوين على دينهم حتى في ازمنتنا المعاصرة، فان هؤلاء المسلمين، لم يعرفوا ان مسيحيي المشرق لم يكونوا منتمين كأمة الى مسيحيي الغرب على الاطلاق.اللهم الا بعض الشواذ.
استنادا على الاعتبارات اعلاه: وهكذا صار بمستطاعنا ان نبرأ القومية العربية من اي اضطهاد يحصل للمسيحيين في ارضهم وارض العرب المشتركة. كما نشجب اية تهمة عدوانية توجه الى القرآن الكريم قائلة ان القرآن والإسلام في جوهره هو كتاب يحرض على المسيحيين وعلى العنف. نحن هنا نفصل بين المبادئ وبين الأحداث التاريخية المؤلمة التي حدثت على يد العثمانيين الذين كانوا اصلا يخاصمون ويضطهدون القومية العربية وكل من ينتمي اليها، ويخاصمون المسيحية ايضا، لأسباب الصراعات الدينية ووجوب ان تكون ارض الاسلام كما يسمونه خالية من غير المسلمين. لقد تم ذلك بسبب تغليب الدين في الامبراطورية على القومية، فامتد هذا الفكر الشاذ على كثير من المسلمين المعاصرين، من الذين تمت ادلجتهم على هذا الفكر المتعصب الشاذ. ولكن نقول ايضا، كما ان العدوان الصليبي على ارض العرب استفز المسلمين عنصريا ودينيا ضد كل المسيحيين، احيانا كثيرة، هكذا يعد اليوم عدوان الدول الغربية بأشكاله المتنوعة، على المشرق الاسلامي، استفزازا للمسلمين وسببا مباشرا لعنفهم غير المبرر على المسيحيين. علما ان المسيحيين، في اغلبيتهم، مع كنائسهم لم يقفوا تجاه العدوان الذي عده المسلمون خطأ بأنه عدوان مسيحي على المسلمين، ولم يدر بخلدهم، ان هذا العدوان لم تكن المسيحية الرسمية ضالعة فيه لا من قريب ولا من بعيد. اما تحرك المسيحيين السياسي واخص بالذكر، تحرك الأحزاب الناطقة باسم المسيحية من باب الكذب والتضليل، فقد كان تحركا لا يفهم غير شيء واحد، وهو ان هؤلاء المسيحيين كانوا سعداء بما حصل. مع الأسف.
المسيحيون عرب في اغلبهم: فالمسيحيون اذن، ومنهم القس لوسيان جميل، عرب وليسوا مستعربين، كما ان القس لوسيان عربي ابن عربي، ولهذا لا يقبل ان ينعت بالعروبي، وكأن العروبة سمة دخيلة عليه، بحسب فبركة العملاء السفسطائيين. فباستلام منطقة ما بين النهرين وضمها الى المنطقة الأم: في الجزيرة، صار تراب الوطن العربي كله ترابا قوميا لكل من كانت جذوره جذورا جزرية. اما الآخرون فتواجدوا في الوطن العربي لأسباب اخرى غير اسباب العروبة، وكانوا يلاقون من العرب كل التكريم. تكلمت هنا في الزمن الغابر، وأطبقه الآن بشكل مماثل على زمننا المعاصر، ولاسيما بعد ان انقلبت المناطق العائدة الى الأمة الدينية الاسلامية الى دويلات وصلت غالبيتها الى حياة مدنية ديمقراطية حقيقية. ( الديمقراطية تعني هنا التخلي عن الحكم الديني او الحكم الالهي، لكي يصير الحكم بيد الانسان والشعوب ).
غير ان ما يجمع المسيحيين في وحدة قومية واحدة، ليس فقط كونهم كانوا يسكنون شرعيا الوطن العربي، كوطن اصلي لهم، ولكن ايضا كونهم كانوا يتكلمون لغة ليست بعيدة في مفرداتها القاموسية من اللغة العربية. ولا عجب في ذلك: فالمسيحيون بكونهم كنيسة لم يختاروا مؤمنيهم من قومية واحدة وجنس واحد وانما قبلوا في صفوفهم كل من آمن بيسوع وبرسالته. غير ان الجميع انصهروا في بوتقة جرن العماذ الذي كون خصوصية المسيحيين سواء كانوا من اصل عربي ام من اصول القوميات الأخرى البائدة،او من الأصول السريانية الارامية. كما كان الجميع يشعرون، ليس بوحدتهم المسيحية مع المؤمنين الآخرين فقط ولكن ايضا بقربى حضارية مع العرب ومع حضارتهم القومية وبقربى خاصة ايضا مع الحضارة الدينية المسيحية التي كانت جذورها الأولى تعود الى العهد القديم بكثير من تطبيقاته. هذا مع علمنا ان كنيسة المشرق تكونت بادئ ذي بدء من افراد وجماعات من ابناء العهد القديم الذين كانوا مسبيين في العراق والذين مع الزمن كانوا قد انتشروا في اماكن عديدة من جنوب العراق ووسطه وشماله. كما كان اخوة لهم مع مرور الزمن قد التحقوا بهم لأنهم كان يطيب لهم العيش في العراق.
بعد سقوط الامبراطورية العثمانية: بعد سقوط الامبراطورية العثمانية ونظامها الديني المعادي للفكر القومي، كان العرب قد فكروا في ان ينشئوا لأنفسهم دولة قومية عربية، لا اعرف اذا ما كانت ستكون ديمقراطية او شبه ديمقراطية ام دولة دينية كما كانت امتهم القديمة.غير ان العرب لم يستطيعوا ان يحققوا امنيتهم تلك، وتم تقسيم ارث الإمبراطورية العثمانية الى دويلات بشكل تعسفي، بحسب مصلحة المنتصرين في الحرب العالمية.
وهكذا نشأت الدول العربية المختلفة التي نعرفها،هذه الدول التي يمكن ان ننظر اليها ككيانات يحمل كل منها شيئا كثيرا من صفات امتهم القديمة، مثلما يحدث مع اجزاء المرآة الكبيرة التي تنكسر وتتحول الى قطع صغيرة تسمى مرآة ايضا. فكل دولة في الوطن العربي صارت جزءا من الكل حضاريا، مع تمتع كل دويلة ببعض الخصوصيات.هكذا يمكننا ان نقول ان العروبة تواجدت في كل دويلة من دويلات الارث العثماني. هذا، من جهة، ولكن من جهة اخرى فقد كان من المنطق ان تعبر كل تلك الدويلات الى الحالة العلمانية الديمقراطية، بمعناها الجدلي وليس بالمعنى السياسي، ولا حتى بمعنى مجاملات رجال الدين وقبول الدول ببعض الشرائع لدوافع سياسية كثيرة. غير اننا نعرف ان العبور الجذري وبالعنف من حالة حضارية الى حالة جدلية جديدة غير ممكن،وتكتنفه صعوبات كثيرة وتضحيات جمة، ومنها حدوث فجوة عميقة بين الدولة والشعب، كما حدث عند الانقلاب الشيوعي على الدولة الاقطاعية والرأسمالية. ولذلك في نظري على الدولة الحكيمة ان تتفادى الافراط في التعصب الديني، والقيام بالمساواة بين افراد الشعب، وتهيئة المناخ شيئا للتغيير الديمقراطي الجدلي. فهذا التغيير شأن من شؤون الشعب وليس شأن من شؤون الدول. ولكن اخيرا نقول في هذا المجال ان الشجرة تعرف من ثمارها. اما الضغط على الرؤساء لكي يقوموا برفع بعض الامتيازات من الأكثرية المسلمة فليس في صالح احد.
وفي المقابل ان رئيسا يغض النظر عن التجاوزات الطائفية العنصرية الدينية،ولاسيما اذا كانت هذه التجاوزات تبغي التغيير الديموغرافي لمنطقة غير مسلمة، او هي مسلمة ولكنها من طائفة غير طائفة الرئيس، فحينذاك يمكن اتهام الرئيس ذاك بالعجز او بالتواطؤ. وبناء على كل ما ذكرنا فان قيام الكنيسة بطلب المساواة في امور الشريعة من الحكومة الطائفية، اقل ما كان يمكن ان يقال فيه انه كان طلبا في غير محله، ويحمل معاني ليست في صالحنا نحن المسيحيين الطيبين غير المسيسين، وان كانت الغالبية فينا مخدرة بمخدرات من مختلف الأنواع وتقبل وتفرح بكل خطوة تؤذي المسلين مهما كانت واطئة في اخلاقيتها وخطرة على سمعة المسيحيين. اما مضرة تلك المطالب فهي واضحة، وليس اقلها ان المسلمين سيقولون ان المسيحيين استغلوا الاحتلال ليحصلوا على مكتسبات، لم يحن زمنها بعد. كما ان مثل هذا الطلب يحرج الرؤساء في مثل وضعنا الراهن ووضع الأمة العربية المعروف. ولهذا، لم يجدد رؤساؤنا احدا، سواء كان قبل الاحتلال او بعد، من استجاب لهم في مسألة حساسة مثل مسألة الشريعة الاسلامية. وبالتالي علينا ان نفهم ان مثل هذه الأمور لا يحلها رؤساء الدول، بل تحلها الشعوب وتقبلهم لمستجدات الحضارة الجديدة في جميع الأمور الحضارية، ومنها ما يتعلق بالأحوال الشخصية.
وطبعا مبدئيا كان يجب ان تصبح هذه الدول دولا قومية مدنية خالصة، غير ان الواقع كان غير ذلك، حيث تم الاحتفاظ ببعض الشرائع الدينية في مسائل عديدة، مع اعطاء بعض الحقوق الدينية للأقلية المسيحية وغيرها من الأقليات، وكأن الدولة الدينية لا زالت موجودة فعلا. غير ان من يدرس الانسان بشكل جيد يفهم ان ما حصل بعد تفكك الامبراطورية العثمانية ما كان يمكن ان يلاشي الثيوقراطية من عقول الكثيرين، شعبا وحكاما. ومن يدري، ربما بسبب ظاهرة البطء في التحول من حالة حضارية الى اخرى، وكثيرا من المنغصات التي كانت موجودة في العهد العثماني وفي غيره، والتي بقيت كامنة في نفس المسيحيين، وتحريض الدول الاستعمارية للمسيحيين ايضا ضد ما كانوا يسمونه التعسف الاسلامي، هو الذي دفع المسيحيين في المشرق العربي او فلنقل في الوطن العربي الى التذمر والانحياز الى الغرب في مسائل عديدة او الى الهجرة بكل بساطة، والى النفور من ممارسات المسلمين الذين كانوا يصرون على ان اية دولة عربية هي دولة اسلامية ويجب ان تكون افضلية العناية مقدمة للمسلمين ولشرائعهم التي كان يفترض فيها ان تنتهي صلاحيتها الدينية وتصبح مجرد تراث غير ملزم لأحد قانونا. اما خطأ السياسيين المسيحيين فيأتي من كونهم ينسبون الى الاسلام، وبشكل خبيث، كلاما يقول ان الدين الاسلامي في جوهره غير قادر على التسامح وعلى اعطاء الآخرين حقوقهم وان القومية العربية ممتزجة مع الاسلام بشكل لا فكاك منه. حتى ان هذه التهمة السمجة قد تحولت عندهم الى مظلمة يسوقونها وكأنها حقيقة ويضعونها بيد اعداء العرب والمسلمين،بدون ان يرف لهم جفن.غير انني، بالمقابل، اقول لهم بصراحة بأن مظلمتهم تهمة سيئة ومؤدلجة وخالية من مسؤولية وطنية وأخلاقية، وان هذه المظلمة وغيرها، مثل مظلمة شهداء الآشوريين في بلدة سميل – العراق الكاذبة، ليست سوى كذبة سياسية، بكون قتلاهم كانوا من نوع:على نفسها جنت براقش،والبادي اظلم، ودم تلك الضحايا برقبة من صدق بغباء وبعنجهية وعود الانكليز. فالجيش العراقي آنذاك بالحقيقة لم يضرب المسيحيين، بل ضرب جيشا آخر مكونا من جماعة سمت نفسها آشورية وصدقت نفسها، وصدقها الانكليز برياء.
من جهة ثانية ادعوا اخي نوئيل ومن سيقرأ هذا المقال، الى ان يتعرفوا على الحالة التي كانت عليها المسيحية قبل وبعد الثورة الفرنسية، لكي يروا بأمهات اعينهم، اذا كانوا مستعدين ان يبصروا الحقيقة،ادعوهم ان يعرفوا كيف ان المسيحية الغربية لم تتنازل عن مواقفها السيئة المتعاطفة مع الاقطاع ضد الشعب الفرنسي، الا بجهد جهيد. وهي الى هذا اليوم تحن الى الايام التي كانت فيها الكنيسة في الحكم الثيوقراطي، كما انها الى حد هذا اليوم متمسكة بمعتقدات اسطورية، سمتها عقائد الهية، هذا التمسك الذي لا يأتي من باب الايمان وحرصا عليه، بل من باب الحرص على التراث الثيوقراطي الذي بنته كنيسة قسطنطين الملك. ثم ادعوا الجميع الى ان يعرفوا كم هو العدد من العلماء واللاهوتيين الذين اضطهدتهم الكنيسة وأحرقت كتبهم، او منعت بيعها في الأسواق. مع ان كنيسة ما بعد الثورة الفرنسية الشرعية لم تكن تملك بعد حق محاسبة الناس على افكارهم. ومع هذا، ارى شخصيا، ان ما تتمسك به من مخلفات الأمة الدينية المسيحية الاقطاعية سوف يزول بالتدريج، لكي يبقى الانسان سيد احامه وسيد حياته. وهنا ايضا تري القاعدة التي تقول ان الشعب هو الذي يصنع الديمقراطية، وليس الحكام. وكل ما على الحكام ان يفعلوه هو ان يخلقوا المناخ الذي يؤدي الى خيارات ديمقراطية خارج وصاية المدعين انهم يتكلمون باسم الرب. فإذا كان المسيحيون بهذه الحالة هكذا من التعصب للقديم، فلماذا نلوم المسلمون عندما نراهم بأخلاق تتصف بالتمييز الديني ويعتبرون انفسهم صفوة الرب المختارة، ويطلبون امتيازاتهم عن الطريق السلمي القانوني ام عن طريق العنف بأشكاله.
فهل ان الكنيسة في سلفيتها اللاهوتية هي فعلا ربانية، ام انها تفرض رغباتها السلفية بالقوة المتاحة بيدها؟ وهل ان تخلف الكنيسة الحضاري مصدره الانجيل يا ترى ام ان مصدره الحضارة الثيوقراطية التي لا تأبى الاستسلام بسهولة؟ فلماذا يكون القرآن الكريم هو المسئول عن عنجهية بعض المسلمين وعن عنف ربما غالبيتهم، حتى الرؤساء منهم، ولا يكون الانجيل مسئولا عن سلفية الكنيسة وتعسفها اللاهوتي والإداري. طبعا ان الاجابة واضحة، حيث ان الكتب المقدسة هي كتب نعرف حقيقتها من خلال الزمن الحضاري الذي جاءت فيه، وليس من خلال زمننا المعاصر. مع اننا نميل ان نعفي الرؤساء من الاستجابة للعدل الديمقراطي لأن الرئيس في حالات كثيرة اذا استجاب لكل مطالب الأقليات الدينية يكون كمن حكم على نفسه بالسقوط السياسي. ولذلك تكون الحكمة بعدم احراج الرؤساء في هذه الأمور،حتى تستقيم الأمور من حالها حضاريا وشعبيا. ولكن نقول: هل حقا، كانت لنا مشكلة معقدة في انظمتنا العراقية وغير العراقية، ولاسيما في النظام العراقي الشرعي الذي قوضته الامبريالية بشكل ظالم وغير انساني؟ ام ان اغلب المظلمة جاءت من فبركة السياسيين الكذابين؟ وإذن يا اخي نوئيل هل ستبقى تمدحني بكلمة عروبي وبأني احمل فكرا عروبيا؟ ولا احمل فكرا نهرينيا؟ اذا كنت انت لا تستطيع ان تجيبني، فانا سأقول لك بصراحة: اني لا احمل فكرا عروبيا ولا فكرا نهرينيا. وانما احمل فكرا مسيحيا ايمانيا وانثروبولوجيا وعلميا معاصرا.غير انني عربي المولد وعربي الثقافة وعربي اللغة وعربي الفكر: مع كل الخصوصيات الأخرى التي اتمتع بها، ومنها الخصوصية الدينية واللاهوتية، وخصوصية دراساتي الغربية الفلسفية واللاهوتية، مضافا اليها كثيرا من اجتهاداتي ودراساتي الخاصة التي تقودها منهجية وضعتها بنفسي، لها سمة معاصرة واضحة، دون ان تكون منقطعة عن اصولها الروحية والأنثروبولوجية.
اما الفكر النهريني الذي يتكلم عنه البعض في الزمن الرديء الذي نمر به، فلا اجده عند اية جماعة من الجماعات التي تنادي به زورا وبهتانا ومن باب التضليل. فالفكر النهريني قد مات حقا واندثر. ونحن لا يجب ان نفتش عن الحي بين الأموات! كما كان قد قال الملاك الذي كان واقفا فوق باب قبر يسوع للنسوة اللواتي كن يفتشن عن جثة يسوع. ولكن مع هذا يكون التراث تراثا ويبقى تراثا لا يصلح لإحيائه وتسيده. فاحياء التراث المندثر، لم ينجح يوما، لأننا لا نجد في عالمنا معجزات احياء الموتى. اما ما حصل في بعض الحالات، فقد حصل لأسباب لا تعود الى احياء تراث ميت، وانما حصل لأسباب سياسية حسبها البعض اسبابا انثروبولوجية وقاعدة لكل تراث. هذا وإذا كان الله قد كلف نفسه ليقيم يسوع من بين الأموات ( نقول نحن انها صورة مجازية ذات معنى انساني عظيم )، فهل يا ترى سيكلف الله نفسه مرة ثانية ويقيم الفكر النهريني من بين الأموات؟! في حين ان عشاق هذا الفكر الكذبة لم يفعلوا لهذا الفكر شيئا ليحيوه، او بالأحرى لم يستطيعوا ان يعملوا للفكر النهريني الميت شيئا. والحقيقة انا لا افهم كيف ان شلة من الشيوعيين المتخلين عن احزابهم، وأشباه الشيوعيين، الذين كانوا قد تثقفوا بالضد من اية قومية، يستطيعون اليوم ان يحيوا اقواما وحضارات اندثرت، ولاسيما اذا ارتموا بأحضان الدولة التي كانوا يعادونها، ويحيوا الفكر الذي يفترض بحسب احدث الفلسفات المستندة الى علوم الحياة، انه مرافق ومواكب لمادته المندثرة. وكيف يحيا هذا الفكر من دون ان تحيى معه مادته المندثرة ايضا. ثم من يحيي للآشوريين وللكلدان او للآراميين المادة الحضارة المندثرة.
فكرة اخيرة:فإذا اردت يا اخي نوئيل ان تعرف حقيقة فكري، اقول لك بصراحة: انه فكر حضاري عالمي يستند الى علوم ثابتة والى فلسفات يمكن ان يجد فيها الانسان ضالته المنشودة. وأكثر من هذا ان فكري فكر يستند خاصة الى علوم الانسان الاجتماعية (الأنثروبولوجيا ) في امور مهمة جدا. ويستند الى التاريخ الحضاري لكي يستطيع ان يميز عند الأقدمين ومن ذلك كتبنا المقدسة، بين الأساليب الأدبية والحضارية وبين معانيها الانسانية الحقيقية. والقس لوسيان يميز بشكل جيد بين التاريخ وبين ما يسمى شبه التاريخ Histoire et Para histoire. اي بين ما هو مجريات واقعية أرشيفية وبين ما هو قصة دينية لها معاني يجب دراستها خارج اطار مداخلات الأشخاص السماوية، التي تختلف عن طبيعتنا والتي لا نستطيع نحن البشر ان نقيم اية علاقة حقيقية وموضوعية معها.
وهكذا يتجاوز القس لوسيان فكر الثيوقراطية اللاهوتي الدوغمائي Dogmatique ويتحول بمعرفته من معرفة اسطورية يسمونها خطأ فائقة الطبيعة Surnaturelle الى معرفة انسانية انثروبولوجية نجد فيها كامل المعرفة البيولوجية المادية والفيزيائية والكيميائية كما نجد فيها حياة روحية مقدسة، دون ان تكون الهية. هنا لا استطرد اكثر، وذلك لأن كل ما اكتبه هنا عن لاهوتي الخاص مكتوب في كتبي اللاهوتية والفلسفية المطبوعة وغير المطبوعة. ولكن هل انا حقا من غير جذور؟ اقول كلا لست انا من غير جذور، ولكن الذين يقولون لي اني من دون جذور، هم بدون جذور، بكل معنى الكلمة. فجذور هؤلاء كاذبة اخترعها الانكليز، اما الجذور الكلدانية فقد اخترعتها روما. في حين نقول للجماعات المضللة قوميا، بأنهم لو كانوا شرفاء حقا وطلاب حقيقة ما كانوا يتنكرون لجذورهم الحقيقية التي تكونت ايمانيا ولاهوتيا وفكريا وقوميا وهوية في جرن العماذ، حيث نبتت لأول مرة وحتى اليوم. فهذه الجذور هي التي جعلت من مسيحيي المشرق ولفترة طويلة، طائفة دينية ايمانية واجتماعية ايضا. فالمسيحية هي ايمان وهي حضارة وهي مجتمع، اضافة الى كونها روحانية جاءت لها من يسوع ومن رسالته. اما الجذور النهرينية فهي جذور مزيفة يقول بها سياسيون مسيحيون عملاء يحسبون ان عمالتهم والرشاوى التي يقدمونها لجماعاتهم كافية ليخدعوا بها الناس. اما من جملة الخداع الذي يمارسونه فهو اتهامهم الدين الاسلامي بالهيمنة على غير المسلمين والخلط بين القومية والإسلام، الأمر الذي هو حق يراد به باطل. كما سبق ان تكلمنا عن ذلك في الصفحات الماضية. فما يحدث اليوم يأتي لأسباب لا تعود لا الى الأديان ولا الى القوميات، بل يعود فقط الى المواقف السياسية حسب، لاسيما المواقف التي تساعد على الاصطياد في الماء العكر. وهكذا ينقلب الأمر مع بعض الطوائف المسيحية من خلاف سياسي الى خلاف قومي وديني طائفي. وهو الخلاف الذي سميته ايها الأب نوئيل خلافا بين الفكر العروبي0( الاسلامي ضمنا ) وبين الفكر النهريني. مع ان هذا الخلاف، ان وجد فهو خلاف بين الأحياء والأموات. والقس ينتمي الى الفكر الحي وليس له اي مبرر وأية قدرة على احياء الأفكار والحضارات الميتة. كما انه لم يشعر يوما بالحاجة الى احياء الأفكار المندثرة والجذور اليابسة. علما بأن الحضارة العربية التي اشعر انها حضارتي الحقيقية لا زالت حضارة حية ترزق، ولا نعتقد ان حالات العدوان الكثيرة التي تعرضت لها سوف تتمكن من قتلها وإدخالها الى خانة من خانات الحضارات المندثرة. مع العلم بوجود كتاب لعالم الاجتماع تيونبي عنوانه قيام وسقوط الحضارات. بهذا المعنى فقد تموت صيغة او صورة من صور الحياة الحضارية وحتى الدينية وتقوم محلها صور وصيغ حياتية ودينية مقدسة جديدة، الأمر الذي يحصل الآن للمسيحية ايضا. وهنا اقول فقط انه لن يوجد امير اسطوري ليأتي ويقبل الأميرة النائمة وال

5
من وحي سيدة النجاة
 صدى صرخة الطفل آدم: كفى

بقلم المهندس رائد كويسا
رعية مريم العذراء للكلدان - كالكري، كندا

ان لاحداث كنيسة سيدة النجاة مكانة  كبيرة ومنظورًا عظيمًا في نفسي.
ذلك ان دماء الشهداء من المؤمنين الابرياء هي دماء مقدسة طاهرة تتشفع لنا عند الله. ومما لا شك فيه أن بأس واقدام الشماس والكاهنين الشجعان الخالدين الذين حاولوا حماية الرعية ولكن من دون جدوى أمام الارهاب الاعمى فبهذا كانوا من اوئل  الشهداء ثم توالى انضمام باقي الشهداء الى موكب الخلود.
لكن في كل هذه الاثناء ومما عرفته من روايات الناجين من الاعتداء ان طفل الثلاث سنوات (ادم) كان يصرخ و ينادي بكلمة واحدة يكررها كل ذلك الوقت وهي ( كافي.. كافي.. كافي..) هذه الكلمة التي كانت عظيمة في حينها  وستبقى عظيمه في كل الازمان. اني اؤمن بان هذا النداء ليس الا من عند الله لينطق به هذا الطفل الصغير بوجه الفكر الارهابي ومن يطبق ويمارس هذا الفكر قائلا لهم (كافي .. كافي.. كافي..).
على أن كل هذا جرّني إلى تأمل مع الذات في ضوء هذه الصرخة:
فعندما نغضب على  انفسنا ونسيء التصرف فنضع الشرامامنا نحتاج الى هذا النداء (كافي .. كافي..).
وعندما نتخاصم مع الاخرين ضمن محيط البيت، العائلة، الاقارب، الاصدقاء والمجتمع نحتاج الى نداء الطفل ينادي (كافي..كافي..).
وعندما تنشب الحروب نحتاج الى صرخة الطفل ( كافي.. كافي..) .
 وكم يحتاج كل منا الى ان يبدأ بتفعيل هذا النداء في حياته.
هذه دعوة من وحي صرخة الطفل آدم، لأن نسمع  ولأن نستجيب الى هذا النداء الالهي ,فالاخلاق هي نداء واستجابه.
 فالطفل نادي بما يريد البشر والرب  (كافي.. كافي..) وعلينا ان نستجيب لهذا النداء.
 وما اعتقده من خلال سياق الاحداث ان هذا النداء ربما جعل احد المهاجمين ان يصحو ويرعوي ليعى ما هو فاعل فيبدأ تأنيب الضمير عنده ويسال نفسه ما هذا الذي افعله واي خطيئة اقترف  بحق هؤلاء الابرياء؟ و يقول لنفسه ها انا ذا اتحمل الذنب والخطيئه تجاه هؤلاء الناس البسطاء و بهذا يكف عن الشر  لتبدأ عنده صحوة الضمير فيقرر الانسحاب وحينها كان يملك حزاما ناسفا فما كان له من حيله او خلاص الا ان يقول كافي و ينهي حياته بان ينعزل خلف المذبح المقدس بعيدا عن الجموع و يفجر نفسه دون ان يؤذي احداً.
هكذا يجب ان نرجع الى ذاتنا بالاصغاء و التامل في كثير من مواقف حياتنا الى نداء الرب الاتي من فم هذا الطفل و هو يقول (كافي.. كافي..).
انها دعوه للانسان ان يضع هذا النداء نصب عينيه و يقول كافي بدءا من ذاته ثم العائلة والمقربين و المجتمع. ان هذا النداء لنا جميعا  وهو اعجوبة اتت من الله على لسان هذا الطفل البريء.
09/ 11/2017 
 

6
وجهة نظر: ماذا سيحصل لسهل نينوى بعد الاستفتاء ولماذا؟

بقلم المهندس رائد كويسا

هناك عدة امور أراها تميز منطقة سهل نينوى لتكون مهمة جدًا لاقليم كردستان، الذي يدور الحديث عنه بسخونة غير مسبوقة في هذه الايام، من هذه الامور:
الموقع الجغرافي
- الطريق الذي يربط اربيل (عاصمة الإقليم) باوروبا يمر من مفرق بدرية الى مفرق القوش ثم مفرق شيخان وهكذا الى اربيل حيث الارتال التجارية التي تنقل البضائع تسلك هذا الطريق الذي هو كالشريان الرئيسي الذي يغذي التجارة في كردستان و هو الافضل حيث لا يدخل في المدن الرئيسية و هو الاسهل و الاسرع في حين باقي الطرق كثيرة الوعورة و الخطورة.
- الموقع من جانب سد الموصل، نرى ان من يسيطر عليه يسيطر على مُقدّرات العراق المائية فبيده يفتح او يغلق مجرى نهر دجلة.

الامن القومي للاقليم
إقليم كردستان لا يريد ان يكون لداعش او "المجاهدين السنة" اي منفذ لهم الى الجبل ولهذا يريدون الحفاظ على الكيانات الموجوده في المدن او القصبات المحاذية للجبل.

الموقع من الناحية العسكرية
وجود سهل نينوى ما بين الإقليم و"الدولة السنية مستقبلا" يجعل هذه المنطقة ارض حرام في اي معركة (لا سامح الله) تحدث مستقبلا، سواءً كان سهل نينوى مع كردستان او مع الدولة السنية المحتمل قيامها، بما معناه آن موقع سهل نينوى سيك،ن بين المطرقة و السندان في كل الأحوال.

ناحية الزراعة و المنتوجات الزراعية
ان اراضي سهل نينوى هي اراضي خصبة جيدة للزراعة و هي سلة الغذاء للمنطقة وبهذا تعتبر جزءًا من الامن الغذائي  للمنطقة.

النفط و المعادن
وجود و استكشاف النفط و المعادن في المنطقة يجعلها محل اهتمام اقليم كردستان.

الموقع الديني
ان تعدد الاديان يجعل هذه المنطقة محط اهتمام كردستان فمثلا هي مركز المسيحية في العراق عموما و مركز اليزيدية كذلك كما كانت مركزًا لليهودية في السابق.

بالاضافة الى كل ما ذكرناه اعلاه يتميز ابناء هذه المنطقة بالذكاء، المهارة  والابداع في عدد كبير من مجالات العمل سواء الصناعة او الزراعة او الاعمار.

بعد كل ما سبق ذكره، وأمام توقعات متزايدة ان العراق متجه نحو التقسيم (دولة كردية و دولة سنية و دولة شيعية). عندئذ التساؤل يواجه ابناء سهل نينوى الى اي منهم الانتماء؟
أمام هذا التساؤل، لعل ثمة حكمة الاختيار للذي وضعه أكثر  استقرارا وأقوى في هذه الفترة، خصوصا ومن المؤسف الملاحظة ان المعركة لم تزل مفتوحة طائفيا بين السنة و الشيعة اذ ان امدها طويل و ان هدأت الان فسوف تستعر مرة اخرى قريبا.

كما يمكن من ناحية اخرى النظر الى خبرات كفاح سابقة، مع الاكراد، ضد الحكم، مكانة العم توما توماس عند الاكراد عامة و البرازانين خاصة.

وبعد، أود أن أخلص الى القول ان افضل شي يمكن ان نعمله الان هو ان نحاول ان نوقف التضارب في ارائنا و نتحد في مطالبنا و قراراتنا للحصول على اكثر المكاسب و فرض شروطنا قبل فوات الاوان.

7


الاخ العزيز زيد باركك الرب
تحيتي الاخوية الطيبة لك وللقراء الكرام المتداخلين مع هذا الموضوع
هذا حقا موضوع مهم جدا، ويقتضي التحسيس بشأنه على مستوى عام ووطني في العراق، للانتهاء من معضلة علم لا نفتخر به، نعيشها ضمن شرائح عديدة من الطيف العراقي.
إننا نحتاج الى البحث عن الطريقة الفاعلة للمزيد من الضغط لجعل  الموضوع مسألة رأي عام.
ومع ان هذه المسألة ليست سوى جزء من جانب اوسع، وهو اننا بحسب رأي العديدين، في بلد تحكمه حكومة وحكومات كانت في البدء، متواطئة مع الاحتلال الامريكي، ثم الان هي تحت وصاية احتلال ايراني بتفويض امريكي، حكومة طائفية ومحاصصة وحكومة فساد، وكأننا ببحث موضوع العلم، نقبل بوجود مثل هذا الواقع غير الطبيعي.
ولكن بعد كل هذا، وبرغم وجود مثل هذه الحكومة الفاسدة من اطراف كثيرة، لا بد للعراقي ان يفتخر على الاقل من خلال العلم، بأنه عراقي، عراق بين النهرين، عراق الرافدين، عراق مهد الحضارات.
وهنا اود ان اورد مفارقة بسيطة في هذا الشأن:  لدينا متطوع من ابناء الخورنة لبيع بعض الكتب والهدايا والتقويات لريع الكنيسة، وقد جاءه شخص بمجموعة هدايا بسيطة صغيرة نستطيع ان نصفها بأنها مشوهة بصورة العلم العراقي بالشكل الرسمي القائم، فذكر لي ان ابناء الخورنة، قالوا له كيف نشتري ونضع على رأسنا قبعات تحمل مثل هذا العلم، قلت له انا آخذ المجموعة واتصرف بها، للاهداء. وفي مناسبة جاءني بعض  المتطوعين لاحدى الخدمات فرأيت ان اهدي لهم هذه المنتجات، فاعتذروا عن ذلك بأدب وألم.
ثم وضعت المجموعة على طاولة المكتب، وقلت للكنديين العاملين معي في المكتب، لكم ان تتصروفوا بهذه الهدايا وتعطوها لمن تشاؤا، فلم تكن ثمة اي استجابة، وبصمت مهذب ايضا.
كتبت كل هذا في مداخلة جانبية، سمحت لنفسي بها، واترك لكم ما تجدونه مناسبا لتفعيل هذه الحملة لعلاج هذا الواقع.
مقترحي المتواضع، ان تقوم حملة (علمانية) ثقافية وطنية، تدعو الى قيام لجنة ظل وطنية، تقوم بالتعبئة والاعداد والترويج لما اقترح تسميته بعلم ظل، يحمل ماركة واضحة للعراق باحد رموزه الحضارية: بابل القيثارة شعار الشمس، الزقورة، النخيل الملوية، النهرين، يكون من تصميم نخبة من الفنانين المتعاطفين مع هذا الخط، ثم يصار الى اختيار الحائز على غالبية الاصوات، ومن ثم ترويجه على المستوى غير الرسمي، ولكن الشعبي والثقافي والاجتماعي، لحين اصلاح الوضع الحالي للحكومة القائمة.
مع المحبة الدائمة لوطننا الام، ولكم
أخوكم
أ. نويل فرمان السناطي


8

فلورا ارميا سوراني
تحصل على شهادة كندية في حقل التمريض

حصلت فلورا ارميا سوراني، على شهادة كندية في مجال تخصصها، جاء ذلك بعد امتحانات لغوية وتخصصية وممارسات ميدانية، وقد حظيت في خلال ذلك بتشجيع قرينها جورج ابراهيم، مما أتاح لها في مدة قياسية ممارسة تخصصها في كندا.
السيدة فلورا، سبق وأن تخرجت من كلية التمريض في بغداد سنة 1994
وحصلت على شهادة الماجستير في تخصص التمريض في سنة 1997
وعملت استاذة مساعدة في الكلية عينها حتى عام 2002
كما عملت في مجال الاشراف والتنسيق في قسم الجراحة والتمريض الاساسي في سلطنة عمان
ولدى وصولها الى كندا، سنح لها العمل ضمن البرنامج الكندي للتمريض للعامين 2008 و 2009
حتى حصلت مؤخرا على الشهادة الكندية لتمارس التمريض والتدريس في إحدى مستشفيات كالغاري
 Teaching as clinical instructor in College of Nursing/ Baghdad University 1986-1994
Obtain a Master Degree of Science of Nursing, Nursing College/ Baghdad University 1994-1997
Assistant instructor at same college 1997-2002
Nursing Tutor & coordinator of Medical Surgical Nursing & Fundamental of Nursing, in Sohar Nursing Institute, Sultanate of Oman 2002-2008
Bridge to Canadian Nursing program, Calgary, Alberta, Canada,2008-2009
Registered Nurse in Oncology surgical unit in Foothill Medical Center, Calgary, Alberta, Canada 2010 till now
 وهي من ابناء رعية مريم العذراء في كالغاري، ومن ابناء شعبنا السورايا
مبروك لفلورا وجورج هذا النجاح الطيب مع أحلى الامنيات بالمزيد من الازدهار

9
عزيزتي رواء

قرأت عنوان الخبر عند نزوله
لكني لم انتبه الى قربه مني حتى اليوم،

فمبروك يا ابنة اخي العزيز انور
الذي تجمعني معه واهله ومع اسرة خوالك اطيب الذكريات

اهنئك على الجهد الرائع وعلى الموضوع البديع

أدعيتي لك بالمستقبل الزاهر
وللاهل بالصحة والنعمة والعافية

وللكادر العلمي الذي أحاطك بالعناية والمحبة، كل الاعجاب والتقدير

مع اطيب تمنياتي لكم جميعا بالخير، وباستقبال عيد ميلاد مجيد وسنة ميلادية مباركة

تحياتي الخاصة الى عمك وعائلته، أخي الروحي الاب صليوا عزيز حيث بقينا منذ سنوات الزمالة، نشكل انتماء طيبا لأسرتين شقيقتين بنعمة الرب.

محبكم الاب نويل فرمان
nfhermiz@yahoo.com



10
عندما ابكيتك يا استاذنا الفقيد  د. حسين على محفوظ

بقلم: نويل فرمان

... وأعود الى ديدن الكتابة بعد جفاء،
واعود لأكتب، بعد أن بقيت أكتفي لزمن، بقراءة ما يطرحه على هذه الشاشة كتاب مرموقون ومبدعون متميزون كل يوم اكثر ، لأقول: ما الذي أكتبه بعد الذي يكتبون ويحسنون ما يكتبون. حتى جاء هذا اليوم الذي أرى فيه لزاما أن أدلو بدلوي المتواضع عن ذكرى شخصية لا أكثر، فهي ليست والحق يقال ذكريات كثيرة بل واحدة عن راحلنا العراقي الكبير.

أجل، سيدي القارئ، في زمن عراقي لا يكرم العلماء الا بعد رحيلهم،
وفي عهد حل في غفلة من الزمن، على ايقاع الجزمة الامريكية،
في وقت تم فيه ترحيل دكتاتور بعائلته الغاشمة،
لتحل محله،
بشعارات ديمقراطية ومبادئ وطنية متعكزة على القوى الاجنبية والوصاية المجاورة،
قوى اصولية تعيث في الشارع فسادا وقهرا،
ربيبة لدولة الجوار الطائفية العنصرية التوسعية،
في هذا الزمن يرحل الاستاذ الفقيه الجهبذ والمحنك الدكتور حسين علي محفوظ.

وعجبا ان رموزا في الدولة تقاطرت للتعزية برحيل العلامة د. حسين على محفوظ!
عجبا وكيف لا، عندما تسببوا امام انظاره
بمشاهد ينحر فيها العراق نحرا كل يوم مئة مرة!

وكان الخجل كل الخجل من اولئك المعزين، انهم عايشوا وعاصروا العلامة الراحل،
بعد أن أذاقوه الأمرين من مشاهد ما اقترفوه من فساد وتهافت على السلطة
وتبار في الصراعات الطائفية والمذهبية والدينية،
ووقاحة بادية في افراغ العراق من أغلى خصوصياته القومية
الاشورية والمندائية هي الاولى بمواطنته وبضمنها الارامية والسريانية والكلدانية وسواها.

لقد ولى نظام فردي فاسد كما أثبتت ذلك وثائق غابت عن العراقي البسيط،
وكان العشم ان تستمر أيام وأشهر أولى من انتشاء العراقيين في جو من الحرية والتعبير التلقائي وانتظار ايجابي لتحسن الاوضاع، عاشه الفقيد الكبير،
لتولد في العراق، بعد شهور لم تتعدى التسعة،
سلطات تتقاسمها، القوى الارهابية مع حكومة المحاصصة الطائفية المستوردة.

فلا لهذا العهد المقيت ولا للعهد البائد،
الفضل أي فضل في وجود عالم مثل عالمنا الكبير، د. حسين علي محفوظ.

أما بعد،

فكان لا بد من هذه المقدمة لئلا ينثر الورد لا على الشموليين الذين جثموا على انفاس العراقيين لعقود، ولا هؤلاء العنصريين الذين لا يقلون عن سابقيهم في الكثير مما يقترفون، من عهدين بضمن عهود أخرى، عاصرها الرجل، فنقول:

كان للدكتور محفوظ عمود صحافي تاريخي جميل في جريدة الجمهورية، ابان رئاسة تحريرها من قبل الشخصية الوطنية المعروفة سعد البزاز، الذي كان قد سعى لاشاعة المناقبية المهنية والثقافة السليمة في حقبته، سعى إلى ذلك بطموح كبير، ولكن بدون جدوى وحتى بلغ السيل الزبى، فثار على محتكر الاعلام ابن الرئيس السابق، فأصبح معارضا في الهواء الطلق، بدون التسكع على أحد سوى على قابليته وكفاءته وقلمه مما در عليه اكثر مما كان يدر على معارضين كثيرين بسخاء قوى عالمية تبين كم هي مشبوهة.

وكان لا بد من هذا التقديم، لنقول ان العمود كان في جريدة الجمهورية.

وتعود بي الذكريات الى أواخر أحد أعوام بداية التسعينيات، عندما تابعت سلسلة من مقالات العلامة، كتبها لمناسبة حلول عيد ميلاد سيدنا يسوع المسيح. فأدرج في تلك المقالات سلسلة من الكتابات عن التطويبات في مسيحية ما قبل الاسلام، لئلا أقول: ما قبل الغزو الاسلامي للبلاد والمنطقة، في أعقاب ضعف وتسيب اصاب جوانب من الكنيسة المحلية في الجزيرة العربية، فما هذا موضوع المقال، وهو متروك لمختصين آخرين.

وكان الحديث في مقالات راحلنا الكبير، تحديدا عن التطويبات، بلغة تحاكي لغة المعلقات والمتنبي، من لي بأن يسترجعها، الا من يعود الى بيت الفقيد، بعد ان ترك لنا تراثا مؤرشفا بكل دقة. فقد قال رحمه الرب، كما رحم الحنون الغفور، المصلوب على يمين المسيح، قال: لن يتعب من يكتب عني بعد موتي...
وذكر بأنه أعد لمن يكتب تاريخه وسيرته، كل شيء جاهزا من كتاباته ومؤلفاته وادواته حتى أشيائه الصغرى. جاء ذلك على لسان عزيزنا الدكتور، في برنامج قطار العمر، الذي كان يعده الزميل الصديق نزار السامرائي، فاشار انه يحفظ في أماكنها حتى اعقاب الاقلام التي استخدمها، واصغر الدفاتر، واقدم الصور، وابسط المسودات.

وقلت ما قلت في أعلاه بوضوح الشمس، وأنا أرثي العلامة حسين على محفوظ ، لأملي الكبير برحمة الله ان تتغمده وتفتح عينيه على كل حقيقة رب المجد بسعادة أبدية. وهذا رجاؤنا من أي دين كنا، وحسبنا انا عشنا بما يمليه عليه ضميرنا الايماني، فلا نلجأ إلى أن نقوّل كتبنا الدينية بما يرهب الآخر ويلغيه، وبقدر ما نتعايش على المبادئ الانسانية وفق واجبات وحقوق المواطنة على ارض الوطن، والاخوة على أديم كوكبنا.

فطالما يبقى السكوت على الارهاب وتفشي تدخل الطائفة في شؤون السياسة، لا بد لنا عندما نتحدث عن القواسم التي تجمعنا بأن نضع النقاط على الحروف، لئلا يكون مديحنا لعلامة نظيف مثل محفوظ مديحا لما بات يعرف من توجه ارهابي يدعي الانطلاق من الدين.
 
وحان ان أذكر ما شأن كل ما مضى ذكره، بعنوان: عندما أبكيت الدكتور حسين على محفوظ.

أجل سيدي القارئ، لقد تركت ذلك، حتى النهاية، لأصفي ما امكن من حساب عن عراق الامس بوضعه البائس، وعن عراق اليوم في وضعه المهين الاكثر بؤسا، وعن أسباب البؤس في العالم التي أحد أعمتها الارهاب باسم الدين، وتأتي هذه السطور غداة انهيار اكثر من جدار برلين في واشنطن، برئاسة باراك حسين اوباما، والعالم يتطلع الى غد افضل على أسس الحقوق والواجبات والمصالح المتبادلة المشروعة بين الافراد والأمم، مع تطلعنا الى عراق محرر، يرحل فيه مع المحتل كل من عمل معه من اي فصيلة كان أو تواطأ بنحو مباشر أو غير مباشر من أي مسجد او حسينية، وعلى أمل أن يعود العراق لشعبه.

أجل يعود العنوان الى اول يوم من عام 1990، عندما تصفحت في صبيحته الاخيرة، وتحديدا جزءا كبيرا من قسمها السفلي... ماذا تصفحت: تحت توقيع د. حسين على محفوظ؟

لم يكن مقالا ولا شعرا ولا طرحا تاريخيا ولا درسا، فكان طغاة ذلك العهد ابعد الناس عن تلقي الدروس، كما هو الشأن من طائفيي اليوم. لم يكن اي شيء من هذا. بل كان كل الجزء من تلك الصفحة مخصصا لتقويم العام الجديد، بأيامه وتواريخه ومناسباته بموجب تقويم ذلك العام، لا أكثر ولا أقل.
أذهلني ذلك، حقا، ووجدت فيه تقديسا للزمن بكل وقت يمر فيه وكل ساعة. وكأن ذلك افضل هدية معبرة وكلمة بليغة تحفظ وراءها ما تحفظ.

فما كان مني إلا أن كتبت مقال تقييم نشرته الجريدة بكل نصه، مع ما تضمن من اشادة في كتابته عن التطويبات بلغة المعلقات.

ومرت اسابيع، عندما طرق سمعي لدى حضوري أحد مجالس الشعرباف، عن محاضرة للدكتور محفوظ، عن تاريخ مدينة الكاظمية، بحضور الدكتور، خالد الذكر علي الوردي. فذهبت مع قريب لي (أبو روني)، متطلع مثقف ومعجب كبير بفكر وكتابات على الوردي.

بعد المحاضرة، تقدمت الى الدكتور محفوظ وسلمت عليه وقدمت له هدية عبارة عن الانجيل المقدس. فما أن عرفني، حتى قال: أواه كم ابكيتني في ذلك المقال. وأذكر اني انحنيت فلثمت يده.

وعرجنا في الوقوف قليلا مع الدكتور علي الوردي، فكان سؤال من أحد الواقفين:
- هل لك أن تكتب وتحاضر يوما عن مجتمع الكاظيمة، فقال بسرعة بديهته ما معناه إن غاب عني مبناه:

- ومن يؤمن لي على نفسي وصراحتي في الكتابة، أمام تظاهرة ساخطة من مجتمع الكاظمية.

ثم عرجت لاحتساء قدح شاي، في محل صياغة صديقي يوسف عبد الوهاب نصر الله، المرتكن قبالة باب المراد وقبابه الذهبية.

رحمة يا رب باستاذنا الفقيد العلامة حسين على محفوظ، وبالدكتور الراحل على الوردي، وبعراق آمن يرعى فيه يوما بنعمتك، الذئب مع الحمل.


11
مبروك للاخ فريد مع اطيب التمنيات لك بالموفقية
الاب نوئيل

12
ابن العم الفاضل رابي يوحنا بيداويد

تحية أخوية وبعد،

سررت بالطريقة الصحافية الموفقة التي قدمت بها قصيدة أخينا الحبيب الاب كمال، فكان التقديم بمثابة الاطار الذهبي للوحة تستحقه.

ويسرني بهذه المناسبة أن أسجل تقييمي الشخصي لقرية بلون التي اعدها التوأم لقرية سناط، وقد جمعتنا مع أبنائها روابط مصاهرة ونسب ودالة العمومة، خصوصا من خلال العم الكبير وردا بلوايا أبو رفو والصديق الحميم لاسرتنا فكان يعد بمثابة الاخ الشقيق لجد هرمز شوشي، مما كان يجعلني احسب لفترة متقدمة من الصبا، عندما كنا في الموصل، ان البلوايي والسنختايي والاومرايي هم ابناء قرية مشتركة اسمها طوريه - الجبال. كما اسجل هنا اعتزازي بالنسب الاسري المباشر لراحلنا الكبير مار روفائيل الاول بيداويد، الذي من باب التعلق والمودة، أخبرني انه بالاصل يحمل نسب اسرة بي داي اسناختايتا، وانه بالاتفاق مع المطران الراحل مار توما بيداويد، ومن باب توحيد اكبر للاسر، اختاروا النسب الاشمل الا وهو بيداويد ونعم الاختيار.
 
كما أذكر انني عندما كنت عرضت على غبطته مسودة المقال عن بلون المعد عن الشقيقين حنا ووليم يلدا وذلك لاستمزاج رأيه وان كان لديه اي اضافة. وكنا قد أغفلنا أن نكتب اسم الشهرة للاب كمال مكتفين بـ (الاب كمال وردا) أضاف مثلث الرحمة بخط يده اسم الشهرة بحيث جاء (الاب كمال وردا بيداويد). هذه مفارقة غير منشورة من قبل اوردها من ضمن الكثير من الذكريات الشخصية التي احفظها عن لقاءاتي مع بطريركنا خالد الذكر مار روفائيل بيداويد، والكثير من الاقارب من اهل بلون الغالية.

مع مشاعر الاعتزاز الاخوي بك وبالاخ الاكبر القس كمال، مقرونة باطيب التحيات لكم ولكل الاقارب.

محبكم الاب نويل فرمان السناطي

13
مع قيام يوحنا سولاقا الثاني، كفكفي الدمع يا اختنا أولغا

بقلم الاب نويل فرمان

وبعد،
فليس اطيب من ان يكتب المرء من البلد الغريب
بعيدا عن رقيب او حسيب، سوى الضمير،
فيطلق العنان لقلمه بالعربي او الجلفي، وحسبه ان يوصل الرسالة.

أجل فهذه رسالة الى الاخت اولغا...
مؤسسة رهبانية مريم العذراء في كنيسة المشرق
 
ألا كفكفي الدمع يا أختاه
فقد اندحر الذين كانوا يريدون هلاك الصبي
رسول المحبة والوحدة

عودي الى العنفوان، عودي الى السبحة الوردية
ولئن كره الكارهون

عودي الى انشودة أبناء أم واحدة
ولئن تقوقع المتقوقعون

عودي بعد انكفاء
عودي بعد صمت واعتكاف

فلطالما حاربك، ذوو القربى
ولطالما جافاك من نشدت معهم الوحدة
ولطالما صمتت تجاهك كنيستنا ذلك الصمت المريب

بالامس يا اختاه،
بحثت جاهدة عن بيت رهباني يضم دعوتك
فلم تجدي الا بيت كنيسة المشرق

وبحثت عن مرشد فلم تجدي سوى الواعظين برغم المتحفظين

ولمرحلة من الزمن،
انطلقت اساريرك وانطلق بأسك،
ولكن بقي يرصدك المترصدون، من أهل البيت

فيممت نحو العالم الجديد
وحسبك ان تجدي هناك من وجدت في البلاد
واذا بالذين حاربوك، وحاربوا رهبانيتك الوليدة
لك بالمرصاد أينما ذهبت

أما بعد يا أختاه
فقري عينا

فقد قام يوحنا سولاقا الثاني
بعد خمسة قرون ونيف
قام شاهد جديد للاتحاد

وحدة الكنيسة الام كنيسة المشرق، مع كنيسة هامة الرسل

ألا أسفري يا اختاه، فقد أسقط في يد المدخنات والمدخنين

وسيري مع الركب الطليعي
في الابرشية الاشورية الكاثوليكية الرسولية
تدفقت معها الدماء نحو الرسالة المسيحية
تحررت معها الاماء من العنصرية والعبودية والتبعية
لتحذو حذو المجدلية
في بشرى القيامة والحياة الابدية
بعيدا عن النرجسية، والطائفية والعنصرية
وانسجاما مع الخصوصية الاشورية اذ اعتنقت المسيحية
فبشرت بها حتى الصين الشعبية

سيري مع اخواتك والاخوة نحو الوحدة الحقيقية
نحو العذراء ام المسيح الهنا وربنا وملكنا ومخلصنا بحيوية

ولا يضرك ضار يا اختاه فالصامتون صامتون في كنيستنا، شرقية كانت أو غربية.

nfhermiz@hotmail.com

14
[بعد ان اعطي ما لقيصر لقيصر في حركة مار باواي سورو
تلتف حول نيافته اقلام قد لا يعرفه اصحابها الا بالاسم،
او شاهدوه في لقاء او قداس،
او لم يشاهدوه اصلا،
هذا كان شأن الكاتب منصور سناطي،
عندما شحذ قلمه وحدويا من اجل كنيسة المسيح
فالمسيح سيبقى مع كنيسته،
مع النخبة، مع الاصوات النبوية،
مع القلة بحجم الخميرة،
مع القلة بحجم الملح للطعام
 وسيتوهم من يحسبون ان الابواق تغلب همسات الروح وتطلعات الوجدان
فالمسيح الذي سقط تحت الصليب وانهال عليه الضاربون والرافسون والجلادون
هو المسيح الذي قام بعد ثلاث سقطات وثلاثة ايام ممجدا
والتفت عليه نخبة من التلاميذ بشرت العالم برسالته
...
بكلمات بسيطة سلسة حول اوضاع الكنيسة عبر التاريخ،
بتحليل ينطلق من عموم ما يفهمه الشعب عن الخلافات المسيحية،
انطلق الاخ ابو منهل الى الزبدة التي يتطلع اليها العلمانيون المسيحيون الملتزمون
الا وهي وحدة الكنيسة مع المسيح.
فسقيا لقلم مثل قلم منصور سناطي
ومزيدا من الاقلام الثورية
من امثال السيد ياقو بل اسحق في مقاله متى تنفجر القربة
ولا بد من المزيد من الالتفاف الضاغط في سبيل نصرة الحق في الوحدة
فالمسحي هو هو بالامس واليوم وغدا
ووعد وهو الامين الاعظم لوحده بأن سيكون معنا مدى الدهور

سورايا

15
بين واقع اعدام الرئيس السابق وحلم اعادته
بقلم ن. فرمان

المقدمة

يستقي برنامج مع قبل اعدام صدام مفرداته، مما قدمته إحدى الصحف البريطانية «ديلي ميرور»، في وصفا لعملية إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين وبرنامجه في الساعات الأخيرة من حياته، وكتبت أنه سيتم اعدامه شنقاً تحت قوس النصر وبحبل عثر عليه في سجن أبو غريب، وكتبت «ديلي ميرور»، أن إعدام صدام سيتم شنقاً تحت قوس النصر الذي شيده في عهد حكمه على شكل سيفين محدودبين والذي كان يجلس وهو رئيساً على منصة تقام بالقرب منه لمشاهدة الاستعراضات العسكرية، وهي تمر تحت القوس ليس بعيداً عن قبر الجندي المجهول. ولم يُعرف بعد ما إذا ستقرر الحكومة العراقية السماح للمواطنين بمشاهدة عملية الشنق أو ما إذا كان سيتم نقل العملية على شاشة التلفزيون.أما حبل المشنقة الذي سيُلف حول عنق صدام، فهو واحد من ثلاثة حبال مشانق تم العثور عليها بعد سقوط حكم البعث في سجن أبو غريب.

أولا -
برنامج ما قبل الاعدام المرتقب

وتوقعت الصحيفة أن تتم عملية الشنق في كانون الثاني يناير المقبل. وحتى ذلك الوقت، سيجري نقل صدام في شكل متواصل إلى أماكن احتجاز سرية خارج بغداد. ولدى صدور قرار نهائي بعد البت في الاستئناف الذي قدمه صدام ضد الحكم سيجري الاحتفاظ به داخل «المنطقة الخضراء» المحصنة على مقربة من المحكمة، خوفاً من أي محاولة يائسة قد يقوم بها مؤيدوه لإطلاقه.

أما آخر وجبة طعام لصدام فستقدم له عشية تنفيذ حكم الإعدام بحقه والمقرر أن يكون في الساعة 12 ظهراً من اليوم الذي سيتحدد لاحقاً، وليس وفقاً للتقاليد المتبعة في البلدان الإسلامية التي تمارس فيها عمليات الإعدام، حيث تقدم آخر وجبة طعام للمحكومين قبل موعد تنفيذ الحكم بـ 12 ساعة. وتوقعت الصحيفة أن يطلب صدام قرصاً من البيتزا أو وجبة هامبورغر كبيرة، وهما الوجبتان المفضلتان لديه ويتم إحضارهما له عادة من معسكر قريب للجيش الأميركي.

وكتبت «الميرور» القريبة من حزب العمال، أن من سخرية القدر أن صدام سينتظر وصول جلاده في الطابق الأرضي للقصر الرئاسي الذي بناه وهو أكبر قصر من بين القصور الـ23 التي بناها في عهد حكمه، والمستعمل حالياً كمقر للعسكريين والديبلوماسيين الأميركيين.

أما ليلته الأخيرة فسيقضيها برفقة رجل دين مسلم سيقوم بتلاوة القرآن وأداء الصلوات وسيقدم له نسخة من القرآن الكريم. ولن يسمح له برؤية زوجته وبناته اللواتي لجأن إلى الأردن. وسيُسمح له أن يستحم ويحلق ذقنه ويقص شعر رأسه. ويتجه إلى المكان المعد لعملية الشنق من خلال باب القصر الرئاسي المعروف بـ «باب القتلة» وسينقل بسيارة مسافة ميل واحد فقط إلى الموقع، حيث سيصعد إلى المنصة التي ستنصب فوقها المشنقة حافي القدمين وهو مرتدياً جلباباً أبيض اللون.

وأوضحت الصحيفة أن الحكومة الحالية لا توظف لديها جلادين لتنفيذ أحكام الإعدام، وليس من المعروف من هو الجلاد الذي سيقوم بشنق صدام، لكنها ذكرت أن المئات من العراقيين تطوعوا للقيام بهذه المهمة. وقدمت الصحيفة برنامجاً مفصلاً عن كيف سيقضي صدام يومه الأخير كما يلي:

• في الثانية من بعد ظهر اليوم قبل الأخير، يمثل صدام أمام محكمة الاستئناف لسماع الطلب الذي تقدم به.
• في الرابعة بعد الظهر يجري النطق بالحكم النهائي ضده ويجري اقتياده بسرعة تحت حراسة مشددة إلى قبو في قصره الرئاسي السابق.
• في السابعة مساء تقدم له الوجبة الأخيرة.
• في الثامنة مساء يصلي مع رجل دين مسلم ويسمح له بتلاوة القرآن.
• في الثامنة صباحاً يحلق ذقنه ويقص شعره.
• في التاسعة صباحاً يقوم بتغيير ملابسه وارتداء الدشداشة.
• في الحادية عشرة والنصف تبدأ رحلته الأخيرة في اتجاه حبل المشنقة.
• في الثانية عشرة ظهراً يتم تنفيذ حكم الإعدام

ثانيا -
سيناريو مفترض لاعادة صدام الى السلطة قبل لحظات من أعدامه في ساحة قوس النصر

- مهما تجبر الانسان، لكن الله هو الديان، وهو الذي يحكم على المرء، بالموت او الحياة، وقد أقرت الكثير من الدول التوقيع على اتفاقية عدم اصدار احكام الاعدام، لأي من المجرمين، وتعويضها بالاشغال الشاقة أو المؤبدة، ومن الفخر ان ما صان ماء الوجه لعراق اليوم، أن رئيسه الحالي، دمث الاخلاق وخفيف الظل، جلال ا لطلباني، هو ممن وقعوا على هذا الاتفاقية الحضارية، ورأب بنفسه التوقيع على اعدام خصمه الذي عفا الجميع إلا هو. وهو جميل من الارجح ان يرده له، الرئيس العراقي صدام، في حالة اعادته الى الحكم من حبل المشنقة، بحسب السيناريو الذي هو موضوع مقالنا هذا.

- ما حدث بعد سقوط نظام الرئيس العراقي بفعل الدبابة الامريكية، هو جرائم يندى لها الجبين، وهي اعتى ما شاهده الشعب العراقي في تاريخه. ومن السخرية، امام الملا، والملالي، والامريكان، ان هذا حكم الاعدام على صدام،  يتم على يد  النظام الحالي، الذي في ظله وفي حمايته وبوصاية الجيران وخصوصا ايران تحدث مثل هذه الجرائم، هذا النظام العاجز أمنيا، ببرلمان هزيل ورئيس برلمان سال الكثير من الحبر بشأن قفشاته، نظام في ظل الاحتلال وفي غياب سيادة القانون، يرضخ لشريعة الغاب والحرب الطائفية، وغوغائية الشارع، وتجارة الكذب في الجرائد، هذه الحرب الاهلية بين المسلم واخيه، الذي ما كان يفرقه بالامس مذهب عن مذهب، وكانت العوائل والعشائر تختلط وتنسجم من داخلها على مختلف المذاهب والطوئف، هذه الحرب الطائفية التي يدير رحاها رجال الدين المتعصبون من مختلف المذاهب الاسلامية، بتحريض وفتاوي فارسية انتقامية، بدليل ان ايران بعد النطق بحكم الاعدام على الرئيس السابق صدام، أعلنت الاستعداد للتفاوض مع امريكا بشأن العراق....  فتنة اشعلها المعممون أذيال إيران وخصوصمهم رموز السعودية، وكلما اوشكت نيرانها أن تخبو، لجأوا الى اشعال فتيلها، بفتوة او موعظة جمعة.

لقد قالها الامريكان لغير مرة، ان العراقيين يحتاجون لأكثر من صدام، كما ان الامريكان، تقصدوا توجيه الدرس البليغ الذي لا يحتاح الى تعليق، الى القادة العرب، بالطريقة التي قبضوا فيها على صدام، وبالطريقة التي اخرجوا محاكمته.
وعليه فإن الآمريكان، قادة هذا العصر المظلم، والحاكمين بأمرهم، وقوتهم وجبروتهم، يمكنهم أن يتمموا توجيه الدرس البليغ الى جل القادة العرب، بأن يخلصوا صدام من حبل المشنقة، ويعيدوه بحمايتهم، الى القصر الجمهوري، بحسب الترتيب الاتي:
يفسح المجال الى كل المسؤولين الحاليين، ان يتوجهوا الى سوريا والاردن وايران بتوصية امريكية ضاغطة.
يقبع الناس المسالمون في بيوتهم، باتنظار التعليمات، حتى عودة مختلف الموظفين الى دوائرهم بصرف النظر عن انتمائهم السياسي، على ألا يكون من الاحزاب الدينية الطائفية المحظورة،  ويعود الجيش العراقي الباسل، الى عرينه، وتقوم وزارة الداخلية، على المناقبية والمهنية، ثم يخرج الشعب عن بكرة أبيه، ليرفع الحواجز، ويرفع الصور والجداريات المناوئة لصدام. وترفع اللافتات بشعارات: بالروح بالدم نفديك يا صدام.
سيصدر الرئيس العائد العفو العام، ويأمر بعد أن نيفث أنفاسه من سيكار هافانا الكوبي، ويوجه بعودة الموظفين الاصليين الى دوائرهم.
سيفسح المجال الى الاحزاب العلمانية والليبرالية، بدخول الساحة، عدا الاحزاب الطائفية والدينية.
سـتقوم قوائم تنافسيه بين الاحزاب غير الدينية وغير الطائفية، ويأخذ حزب البعث حصته فيه بعد اعادة النظر في عدد من طورحاته الشوفينية والمغازلة للتوجهات الدينية التعصبية، وسيكون هناك حزب فائز بنسبة تترواح بين 51 و 59 بالمائة، وتكون النسبة المئية المتبقية، موزعة على أحزاب من نمط الأحزاب العلمانية والشيوعية والليبرالية المحترمة، منها من تختار جانب المعارضة السلمية الراقية. وتلتقي الاحزاب على قاسم مشترم يقوم على اجتثاث الاحزاب الدينية الطائفية المذهبية، وصون كرامة رجال الدين في حدود التوجيه الفقهي والديني غير المسيس، مما كان سبب خراب العراق من البصرة الى ناحية الفائدة ثغر كردستان ا لباسم.

يعود الاكراد الى منطقتهم الامنة المصونة بضمانات الدول المتعددة الجنسية.
تعود المناطق المسيحية وسهل نينوى وكركوك الى احضان العراق المركزي، بضمانات الدول العظمى.
ستقوم القاعدة الامريكية بالاستقرار في مكان استراتيجي يتفق عليه، للتخفيف عن كاهل العراقيين، مواجهة الريح الصفراء القادمة من ايران، تمهيدا لتوجيه ضربة قاصمة على هذا النظام التوسعي الفاسد المتذرع بالدين، كمقدمة لانهيار كل الانظمة المماثلة والدكتاتورية من السودان الى أسوان.
يكون الحكم في العراق برلمانيا حقيقيا، ويكون رئيس الدولة رمزا مصونا غير مسؤول.
يقوم جيش غير مسيس من أي من الاحزاب، وتقوم الداخلية على التخصصات المهنية.
بعد رحيل عدي وقصي، بالظروف المأساوية التي رحلوا فيها، لن يكون هناك مجال للاستبداد العائلي والعشائري، وستقوم الوزارات على التكنوقراط.
بعد استتباب الاستقرار، في ظل ديمقراطية مستندة على التعددية الفكرية والحضارية وعلى سيادة الدستور وقوة القانون، مع مبدأ الرقابة الشديدة على أفواه عدد من الأئمة وخطباء الجوامع ممن لهم سوابق مشينة تسببوا في زهق الارواح وتلويث ثيابهم الدينية، ومتابعتهم باسلوب إحصاء أنفاسهم، كمجرمين سابقين، يتم إعادة تأهيلهم، على أساس مبدأ تخوينهم حتى تزكيتهم، عندما يتم الوقوف على سلامتهم الفكرية وحسن نيتهم بتحاشي إذكاء الفتنة.

يعود صدام حسين، رئيسا مدنيا شرعيا للبلاد، بعد تجريده من كل الرتب العسكرية التي اقتضتها مرحلة عهده السابق، مع منحه الصفة الفخرية المدنية للقائد العام للقوات المسلحة.
 يطرح الدستور على الاستفتاء على اساس التعددية الفكرية والحضارية والقومية والدينية، بعد تنقيته مما نفثت فيه المرجعيات من سمومها المعروفة الرامية الى التحكم برقاب الجهلاء والغوغاء واعطاء التعليمات لرؤساء الوزراء.
تطرح الانتخابات البرلمانية الحرة.
تطرح الانتخابات لرئيس الوزراء على اساس الكفاءة واليس الولاء الديني والمحاصصة الطائفية.
يطرح صدام نفسه على طريقة تشرف في نزاهتها أسلوب العديد من رؤساء العرب الحاليين، باستثناء لبنان والجزائر.
تشرع الانتخابات الرئاسية لفترة ولاية خمس سنوات قابلة مرة واحدة فقط للتجديد، مما يوفر العبرة لسائر الرؤساء العرب والافارقة. وسيرتب ا لبرلمان، بالتنسيق مع صدام، أن يتيح الفرصة لكل المرشحين، مع تشجيع الفيدراية لصالح كردستان حصرا، لخصوصيتها وتاريخها، وبحيث يمكن أن يفوز على صدام، من يرتقي سدة الحكم كرئيس حضاري مثل مام جلال، وينسحب صدام في حالة عدم فوزه، الى الخلوة التي تؤهله الى ممارسات خياراته الحرة الفكرية والدينية والايمانية، والتفرغ الى كتابة المذكرات، على طريقة ونستون تشورشل.

الخاتمة
وفي نهاية السيناريو، يقرر النظام العالم الامريكي الواحد، يقرر في لبنان بعد التحقيق باغتيال الشهيدين الحريري والجميل وسائر شهداء لبنان المستقل، اجتثاث ما يسمى بحزب الله، بعد نزع سلاحهم، وافساح المجال لهم للالتحاق باسيادهم في ايران، في عملية التحام مصيري لا بد منها، لمواجهة النظام العالمي. و أن يسري ما جرى في العراق، على دول العالم الثالث، بطريقة سلمية، ويتهيأ الرؤساء العرب، عدا لبنان والجزائر، من أمثال القذافي، وزين العابدين، والبشير، والاسد، للانسحاب من الحكم بنفس الطرق البرلمانية والدستورية، المطبقة حضاريا في عراق الرئيس العائد صدام حسين، ويحذو حذوهم الرئيس حسني مبارك، بعد اطلاق سراح منافسه الرئاسي أيمن نور، مع مقترح ان يتفرغ حسني مبارك لكتابة سيناريوهات الاجزاء اللاحقة لمسرحية ((رية وسكينة)).

16
شكرا للاستاذ تيري بطرس، على موضوعك عن صفعة ماركريت... وقد قرأت مقالك باهتمام شديد، وأعجبتني طريقة طرحك. فهو الاسلوب الذي مع الوقت سوف يسقط الاقنعة، ولن يصح الا الصحيح، وكل هذا الهرج والمرج، على مستوى الساحة ما هو إلا وليد الظروف غير الطبيعية في البلاد والمنطقة، وفي النهاية وبروية مفكرين من أمثالك لن يصح الا الصحيح.

أدعوك الى ملاحظة بسيطة، عندما تسمع لهجة السورث الآشورية منسابة مثل لغة مار باوي سورو، وبنفس الوقت تلمس التصاقه بالجذور، سرعان ما تنتبه، الى لهجات الاخرى التي مع الوقت، وبسبب الانصهار في المحيط السائد، الكردي او الانكليزي أو العربي، وبسبب غياب الالتصاق بالخصوصية القومية الموحدة قلبا وقالبا، ترى تلك اللهجات، المحترمة والتي نحبها ونحب المتكلمين بها، نرى تلك اللهجاء قد فقدت مع الوقت الكثير من الطعم واللون والرائحة.
إن تحاشي النقاشات في هذه المواضيع بلغة عربية أو غيرها، من غير السورث، هو من السفسطات التي مع الوقت تضيع خصوصيتنا، فيجدر بنا، ان نتناقش باللغة الاشورية البليغة، نتعلمها نعلمها، نحبها نحببها، نجعلها أليفة بموسيقاها المحببة وبلاغتها الجميلة، الى أذن ما عافوا النقاش المستفيض باللغة الام.

اذا مضينا في النقاش بالعربية عن أصلنا المشترك، فإننا سنكون مثل بن بلة وقت تحرير الجزائر، الذي كان لا يستطيع الحديث الجيد بالعربية، فكان يخطب خطبه العصماء عن العروبة، باللغة الفرنسية، فدل أن يقول (نحن العرب) كن يقول الجملة بالفرنسية (Nous les Arabes).

سورايا

17
التفاتي الى القائمة 731 يعود الى وصول هذه القائمة الى مكانة مرموقة، وهذا الوصول يسجل لصالح نشاطها الاعلامي، وعدم تعرفي على غيرها من القوائم الوطنية العراقية غير العرقية والطائفية، قد يعود الى قلة اطلاعي الميداني، أكثر من النشاط الاعلامي لتلك القوائم التي قد يعرفها غيرها ويتعامل معها في موقع التنافس الشريف الوطني المشروع مع القائمة 731، مقابل القوائم ذات النزعة الطائفية والقومية والاثنية.
مثل تلك القوائم أعدها التوأم والحليف الاستراتيجي لقائمة 731 العراقية الوطنية الكفيلة بإنقاذ العراق من براثن الطائفية والمحاصصة القومية، والعودة بها الى نوع مؤسف من الهيمنة.
هذه القائمة الوطنية العراقية، لتكفل للمواطن من أي مذهب أو طائفة كان أن يتمتع بحقوقه وتراثه وخصوصيته الدينية والثقافية دونما سيطرة جهة مذهبية أو اثنية على أخرى
لقد قال لي مواطن من عموم الشعب بحسه الوطني، إذا انتخبت قائمة من القوائم الاثنية الصغيرة، فإن الفائز فيها سيمكنه أن يكون مدير عام، لكني اذا انتخبت وانتخب الكثيرون مثل قائمة الطموحين على العراق الموحد، فإن الفائز فيها، سوف يستوعب ويصون الخصوصيات الاثنية والمذهبية، وسوف يصل من أي مذهب أن خصوصية قومية كان، الى منصب القائد المنقذ في البلاد.
أجل سيكون عندئذ التنافس على خدمة العراق وقيادته، بين شخصيات لامعة ومنقذة، مثل علاوي ومن هم من طينته ومعدنه، لمرحلة مرهونة برقابة الشعب ومفتوحة الى مرحلة اخرى مطروحة على التنافس الدئم على المشروع الوطني وليس على المحاصصة أو اللبننة. لخدمة عراق التعايش بين الحضارات عراق التعددية الدينية والثقافية، العراق المواكب للعصر.


18
التفاتي الى القائمة 731 يعود الى وصول هذه القائمة الى مكانة مرموقة، وهذا الوصول يسجل لصالح نشاطها الاعلامي، وعدم تعرفي على غيرها من القوائم الوطنية العراقية غير العرقية والطائفية، قد يعود الى قلة اطلاعي الميداني، أكثر من النشاط الاعلامي لتلك القوائم التي قد يعرفها غيرها ويتعامل معها في موقع التنافس الشريف الوطني المشروع مع القائمة 731، مقابل القوائم ذات النزعة الطائفية والقومية والاثنية.
مثل تلك القوائم أعدها التوأم والحليف الاستراتيجي لقائمة 731 العراقية الوطنية الكفيلة بإنقاذ العراق من براثن الطائفية والمحاصصة القومية، والعودة بها الى نوع مؤسف من الهيمنة.

19
هذا التخبط الذي تشهده الساحة، في المحاصصة الطائفية والاثنية والقومية، هو الفخ الذي ينجر اليه الكثيرون، إزاء تيار آخر من المجتمع العراقي، تيار المجتمع المدني تيار الولاء الى بلاد بين النهرين، تيار الايمان بعراق الحضارات المتعايشة المتعددة المتحاورة.
على مستوى خصوصية السورايي، كان الامل ان تبرز قاعدة واسعة تبحث عن المشترك الذي يجمعهم، لكن العكس حدث تحت نوعين من الضغط:
ضعف واضح من جانب رئاسات كنسية متنافرة متزاحمة بعيدة عن روحانية الوحدة التي صلى من اجلها سيدنا المسيح
الضغط الثاني تنازع المصالح بين كيانات سياسية متكاثرة ومتوالدة لتصحبح كيانات مجهرية تحاكي دكاكين تجار الخردة،
وهنا يخسر العراقيون مرتين
وهنا يخسر السورايي العراقيون عدة مرات
فالعراقيون يخسرون الاسهام الفاعل للسورايي بتشرذمهم
والسورايي يخسرون انفسهم، بالضعف الذي آلوا إليه من جراء مواقف الرئاسات الكنسية مواقف القيادات السياسية
والعراق هو الخاسر الاكبر

أما اذا سرنا نحو العراق الموحد تحت مشاريع سياسية وطنية بعيدة عن المحاصصة المذهبية والطائفية والاثنية، فإن خيرة العراقيين سيكونون في الواجهة وليس الواجهات الكارتونية المختلقة من مختلف الفئات التقسيمية،
وسيكون العراق مواكبا للركب العالمي الحضاري
وسيكون للخصوصيات القومية والمذهبية، ما يسمح لها ان تتمتع به في الشعائر والتراث وخصوصية الثقافة

إذا أنقذنا العراق من براثن هيمنة المأجورين من دول مجاورة
إذا انقذنا العراق من فردية الغالبية الاثنية او الطائفية
فإن الطوائف كلها ستكون بخير وبتعايش
والمذاهب كلها ستكون بعافية
والخصوصيات الاثنية، ستتمتع بخصوصياتها الثقافية والتراثية والفولكلورية

فتشوا عن الكيانات السياسية التي تقدم من يمتلك كاريسما القيادة لخدمة العراق كله
فتشوا عن الكيانات التي تلتئم حولها العراقيون النهرينيون من جبال كردستان الى أهواره، وعلى اساس انقاذ العراق،
كيانات تستقطب شرائح متنوعة المذاهب والطوائف وموحدة نحو المشروع الوطني
فتشوا عنها فهي تعدكم بإنقاذ العراق
إنها وفق ما تشيعه من مصداقية لن تغمط حق أي ديانة من ممارسة شعائرها
وستتيح للكردي أن يعيش خصوصية حالته في اقليمه
وتطلق للسورايا الانتشاء بعنفوانه وتراثه والتمتع بفرادة مجتمعه
ولها مكان للتركماني
ولها مكان لليزيديي
اذا دعمنا مثل هذه الكيانات ذات المشروع الوطني الكبير
سوف ننقذ العراق
واذا استثينا هذه الكيانات على حساب المحاصصة
فهذا ما يريده المحتل
وهذا ما يريده أعداء العراقيين من أبناء مختلف الديانات والمذاهب
ان الخصوصيات على تنوعها ستكون ثراء في حضارة وادي الرافدين
اذا انقذنا العراق بالالتفاف على الكيانات المتنافسة على المشروع الوطني وحده
نويل الهرمز

صفحات: [1]