عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - Mokhtar Lamani

صفحات: [1]
1
المنظمات الدولية والإقليمية و مساعدة شعب العراق



بقلم مختار لماني
باحث أساسي في مركز سيجي   / كندا
المبعوث السابق لجامعة الدول العربية في العراق
mlamani@cigionline.org

عندما غزت الولايات المتحدة العراق في آذار/مارس 2003 ، تعمّدت الإلتفاف على الأمم المتحدة ،  وبذلك وجهت ضربة مميتة لأداة اساسية من ادوات النظام الدولي متعدد الأطراف ، والتي كانت تعتبر ، حتى وقت غزو العراق ، الضمانة الوحيدة لقيام نظام للأمن الجماعي والمسؤولية المشتركة في حفظ السلم والأمن الدوليين .
ولم تكتف الولايات المتحدة بتهميش الأمم المتحدة  من خلال عملها العسكري المنفرد ، بل أضافت الى ذلك رفضها إعطاء الأمم المتحدة اي دور في إدارة العراق في مرحلة ما بعد الحرب .  ونتيجة للتخبط والعشوائية والمشاكل والتعقيدات الهائلة التي واجهتها أمريكا على الأرض في العراق تفاقمت الأمورحتى كادت تصل الى حدّ الكارثة وإنطبق عليها قول ونستون تشرشل الماثور(لايصل الأمريكان الى الحل الصحيح إلاّ بعد ان يجربوا جميع الحلول الخاطئة ) . وهكذا ، إضطرت الولايات المتحدة في النهاية إلى تغيير موقفها وإعطاء دور للأمم المتحدة  ، لكنه كان دورا هامشيا جرى تفصيله لخدمة المصالح الأمريكية .
وبعيدا عن الهدف النبيل الذي نصّت عليه ديباجة ميثاقها وهو ( إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب) ، فإن عودة الأمم المتحدة وأنشطتها المختلفة الى العراق في عام 2004 لم تحقق ولا حتى الحد الأدنى المأمول منها ، وكانت نتائج عملها هامشية لا تستحق الذكر ، سواء على صعيد دورها السياسي بإتجاه تحقيق المصالحة الوطنية في العراق أوعلى مستوى دورها الإقتصادي - الإجتماعي في إعادة بناء بلد يقف على شفير الموت بسبب الحروب والحصار. إن النتائج الباهتة والمتهافتة التي حققتها الأمم المتحدة في العراق أكّدت  تآكل مصداقيتها ومصداقية العمل الدولي متعدد الأطراف في واحدة من أكثر مناطق العالم هشاشة.
لقد اثارت قرارات مجلس الأمن العديدة التي حددت مهمات الأمم المتحدة في العراق العديد من التساؤلات حول واقعيتها وصلاحيتها ناهيكم عن إمكانية تنفيذها .  ومن جانبها ، فقد وهبت بعثة الأمم التحدة في العراق نفسها لمساعدة إدارة بوش على حساب هدفها الأعلى المفترض وهو مساعدة شعب العراق للتعافي من محنته التي طالت، وهكذا كانت جميع أنشطة الأمم المتحدة ، بدءا بما سمي ( العهد الدولي مع العراق )الى تلك المتعلقة بمسألة كركوك ، هي نماذج صارخة للفشل التام  ، ولم يقتنع بها اي طرف من الاطراف داخل العراق أو خارجه .

ومن جانب آخر ، فإن الفراغ الذي أحدثته الامم المتحدة بتقصيرها غير المقبول وغير المبررفي مساعدة العراقيين لم يجري تعويضه من جانب المنظمات الإقليمية ذات العلاقة . فالجامعة العربية ، وبسبب غياب نظرة جادة ومتماسكة من أعضائها ازاء محنة شعب العراق ، إكتفت بالتفرج على امينها العام يكرر بفخرأنه كان اول من قرر فتح بعثة في العراق ، وأن" بعثته مستمرة في نشاطها في العراق رغم أن السفيرين اللذين إبتعثهما الى هناك إستقالا ، الأول بسبب الإحباط والثاني (الذي  جرى تعيينه بعد سنتين من إستقالة الأول )  بسبب إعتلال صحّته" . ويتجاهل السيد الأمين العام دوما، عن عمد ، ذكرالأسباب التي أدّت بمبعوثه الاول الى الوصول الى حالة  الإحباط ومن هى الجهة المسؤولة,  مواصلا ، للأسف ، إصراره على تجنب مواجهة الحقائق .وكأن استمرار مكتب الجامعة العربية الذي إفتتح في بغداد منذ نيسان / أبريل 2006 ،  على وشك اطلاق (خطة مارشال) لإعادة إعمار العراق بعد أن نجحت بإمتياز جهوده الدؤوبة و المبهرة في تحقيق المصالحة الوطنية !

أما منظمة المؤتمر الإسلامي ، فقد كانت وستبقى وفيّة لتقاليدها الفولكلورية ، وهي تواصل ،بلا كلل ،الإدعاء لمن يريد سماعها أن انجازها العظيم (وثيقة مؤتمر مكة ) هو الذي جنّب العراق حربا أهلية !

وأختم بإستذكار قول الكاتب الفرنسي الشهير بالزاك : ( الوهم يقود الى عوالم لا حدود لها ) ، واتساءل : ولكن كيف إذا كان الوهم نفسه بلا حدود!
والله المستعان

2
المصالحة في العراق:حقيقةأم أوهام



بفلم مختار لماني
باحث أساسي في مركز سيجي   / كندا
المبعوث السابق لجامعة الدول العربية في العراق
mlamani@cigionline.org




لا يمكن بحث موضوع المصالحة الوطنية في العراق بدون التعرف على الطبيعة البنيوية لإشكالياتها . الجميع يتحدث عن المصالحة كطريق للإنقاذ الوطني ، بدءا بالحكومة الحالية و مرورا بمعارضيها ، وإنتهاء بالمحتل وبقية الأطراف الدولية والإقليمية الأخرى المتصارعة على الساحة العراقية ، لكن الشعارات لوحدها لا تعني شيئا

لقد أصبحت قضية  المصالحة  همّا آخر يضاف الى المشاكل التي ما فتئت منذ عام 2003 تعمّق الخلاف بين العراقيين المنخرطين في العملية السياسية المنشأة تحت الإحتلال وأولئك المعارضين لها ،وتزيد بالتالي من تشظّي كل الأطراف وتفرّق المجتمع العراقي بشكل لم يسبق له مثيل، حتى أصبح علينا الآن أن نتحدث عن عدد من المصالحات قاسمها المشترك هو الإقرار بالحاجة لبرنامج سياسي شامل يضمن مشاركة كل العراقيين ويوحدهم على مبدأ المواطنة ، ويوفر العدالة للجميع ويحترم التعددية .

التشظي السياسي العراقي الحالي نما في جوّ من إنعدام الثقة التام وغياب شبه كليّ لأي حوار جدّي بين الأطراف المختلفة ، كما أن الأجواء الإقليمية والدولية لم تساعد على إنجاح مثل هذا الحوار.
فالإدارة الأمريكية الجديدة تجنبت الإقرار بفشل الإدارة السابقة المطلق في العراق ، وإكتفت بمقاربة خجولة جديدة ولم تكن لديها الجرأة أن تطرح ستراتيجية بديلة شاملة. أما إيران التي ضمنت ، بشكل لا لبس فيه ، الهيمنة النسبية على رقعة الشطرنج العراقية ، فإنها لم تستطع أن تستمتع بما حققته ، وهي مشغولة بوضعها الإقليمي القلق . وجاءت نتائج الإنتخابات الإسرائيلية الأخيرة بنذر مخاطر جديدة ، كما أن المشاكل بين الفلسطينيين أنفسهم  زادت التوترفي المنطقة وابعدت آفاق حل الصراع الإسرائلي-الفلسطيني الى أجل غير مسمى.

المصالحة الوطنية في العراق يجب أن تكون عملا طوعيا وليس إسقاط فرض، وهي لن تتحقق إذا لم تعترف جميع الأطراف ببعضها البعض، وتقرر ، وبشكل حاسم وشجاع ، أن تحرر نفسها من مخالب الحقد ونزعة الإنتقام وشهوة التسلط .
 جميع مؤتمرات المصالحة التي عقدت لحد الآن لم تكن أكثر من حملات علاقات عامة ومناسبات  للسفر . بعض هذه المؤتمرات ، مثل الذي عقد في هلسنكي ، كان كل الموقّعين على وثيقته النهائية أعضاء في البرلمان العراقي ، فهل كان الأمر يستوجب السفر الى هلسكني لتوقيع هذه الوثيقة بينما هم يلتقون كل يوم في قصر المؤتمرات في بغداد !
لقد درجت أغلب وثائق مؤتمرات المصالحة على إعادة تأكيد ( إستحالة المصالحة مع اولئك الذين تلطخت اياديهم بدماء الأبرياء ) . والسؤال الذي يثار هنا : وهل في العراق من لم تتلطخ أياديه بالدماء خلال الخمسين سنة الأخيرة ؟
إن الإصلاح السياسي والدستوري ، كأولوية ، يجب أن يبدأ بإصلاح القلوب وتطهيرها من نزعة الإنتقام وتعميرها بثقافة التسامح  ، وهذا سيساعد العراقيين ، جميع العراقيين ، في الوصول الى القناعة بأن استقرار ورفاه وطنهم يمر من خلال وحدتهم وتحاببهم . إن وحدة العراقيين هي الضمان الوحيد لتحصين بلدهم من الداخل  في مواجهة بيئة إقليمية معقدة .

لا يمكن إعادة إعمارالعراق من خلال ( عدالة المنتصرين ) ولا من خلال نظام سياسي ينشأ على أساس  الإقصاء العرقي أو الطائفي . إن نجاح إعادة الإعمار مرهون بنجاح برنامج سياسي يقوم على الأسس الآتية :
أولا : التركيز على بناء المستقبل وضمان الحماية الناجحة للحقوق المدنية والسياسية لجميع العراقيين ، وكذلك حماية النسيج الإجتماعي العراقي  وحماية حقوق العراقيين كافة وحرياتهم الأساسية.
ثانيا : كل مكونات الشعب العراقي عانت قبل وبعد 2003 ، من هنا تنبع الضرورة القصوى لعملية ديقراطية تساوي بين الجميع ، وتجعل الشعب يشارك في إتخاذ القرار ويحترم التعددية وآلياتها .
ثالثا : ويجب في النهاية ضمان أن لا يساء إستخدام السلطة ، ولا يحصل تمييز في توزيع الثروة ولاجرائم إبادة أو مجازر مطلقا.
وأخيرا يجب على السياسيين أن يؤكدوا لشعب العراق وفسيفسائه  الرائعة أن هدف المصالحة ليس إتخاذ موقف ، سلبي أو إيجابي ، من الماضي ومن الحاضر ، بل إن هدفها هو تجنب  أن تبقى الجروح مفتوحه كي لا تتحول بدورها الى مصدر للضغينة والبغضاء وتحوّل طريق المستقبل إلى طريق للآلام

صفحات: [1]