عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - جاك يوسف الهوزي

صفحات: [1]
1
هل باتت نهاية اردوغان وشيكة ؟
ذكر محللون استراتيجيون بأن قرار الرئيس التركي اردوغان بتحويل كاتدرائية ايا صوفيا التي بناها البيزنطيون في القرن السادس الميلادي في عاصمتهم القسطنطينية (أسطنبول) من متحف الى جامع ، يعتبر آخر ورقة مهمة في يديه لجذب المتشددين الاسلاميين والكثير من المعتدلين ايضا بعد أن تم حرق كل اوراقه التي راهن عليها سابقًا ، إلا انه لم يتمكن مطلقا من تحقيق اهدافه بإعادة هيبة الامبراطورية العثمانية -سيئة الصيت- مجددا.
انه بقراره العاطفي وغير المدروس هذا،  يشبه الثور الجريح الذي ينطح يمينا وشمالا قبل سقوطه الاخير .
هذا الرجل الدموي والنرجسي، لايهمه ان يحرق الاخضر واليابس ويشعل الفتنة الدينية والطائفية ويتلاعب بعواطف البسطاء والمتشددين من المسلمين في آن واحد من منطلق  (علي وعلى اعدائي) ، بعد أن فشل فعلا في تحقيق طموحاته المريضة، معتقدا بأن العالم مازال يعيش في الزمن الذي احتل فيه اجداده العثمانيين القادمين من منغوليا القسطنطينية وأغتصبوا هذه الكاتدرائية الفريدة من نوعها.
ربما اقتنع اردوغان بأن حلمه اصبح مستحيلًا، وان مرحلة ابتزاز اوربا والعالم الغربي خصوصا هي اصعب مما كان يتصور بعد الضربات المتتالية التي تلقاها والتي ادت الى انهيار العملة التركية وبالنتيجة الاقتصاد التركي الذي ينحدر الى الهاوية بسرعة رهيبة، منها:
١- انتهاء دور تركيا كحليف استراتيجي لحلف الناتو بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وتغلغل امريكا في بعض جمهورياته السابقة.
٢- انتهاء ابتزازه بأغراق اوربا باللاجئين لو لم ترضخ لمطالبه ، وذلك بعد قيام الاتحاد الاوربي بغلق حدوده المائية والبرية بوجه موجات اللاجئين التي بعثها الى اليونان واعادتها الى تركيا.
٣- قطع المساعدات الاوربية السخية التي كانت اوربا ترسلها له والتي كانت تقدر بالمليارات لصرفها على اللاجئين المقيمين على اراضيه .
٤-عنجهيته وسياسة البلطجة وعدم احترام حقوق الاقليات الدينية والاثنية في تركيا وتجاهل تحذيرات الاتحادالاوربي المستمرة في هذا المجال جعلت مسألة قبول تركيا كعضو في الاتحادالاوربي مستحيلة.
٥- تدهور العلاقات مع الدول العربية المهمة كمصر  والسعودية ودول الخليج بإستثناء قطر ،نتيجة تدخله المستمر في شؤون العرب الداخلية بإعتباره "خليفة" للمسلمين على نهج اجداده العثمانيين وازدرائه بالعرب وقادتهم واثارة الفتن ودعمه للمتشددين الاسلاميين في هذه الدول جعله يخسر اسواقا مهمة ودسمة كانت  سببا مباشرا في خنق الاقتصاد التركي.
٦- فقدانه لعشرات الالاف من افراد جيشه والميليشيات التي كان يضغط بواسطتها على النظام في سوريا بعد تدخله الاخير الذي اوقعه في الفخ الذي نصبته له روسيا في المستنقع السوري، اضافة الى الخسائر المادية والبشرية الكبيرة في ليبيا ساهمت في حالة من الغضب بين ابناء الشعب التركي وخاصة في المناطق الفقيرة ذات الكثافة السكانية العالية التي تعتبر مناطق موالية له تقليديا.

كنتيجة لهذه الضربات المتلاحقة على أردوغان ونظامه وتفشي الفقر ،انخفضت شعبيته بشكل كبير ، وادرك بأن مصيره اصبح على المحك ، وان نهايته باتت وشيكة.
وبعد ان ادرك بأن الاقتصاد التركي لم يعد قادرا على مغامرة عسكرية طائشة اخرى، حاول ان يحفظ ماء وجهه ولكن بطريقة مختلفة هذه المرة، وذلك باللعب على الوتر العاطفي الحساس ليس لدى مسلمي تركيا فقط، وانما مسلمي العالم اجمع معتقدا بأنهم سينخدعون مرة اخرى بوعوده الكاذبة واشعالها حربا بين المسلمين والغرب (المسيحي) في العالم اجمع ليتمكن الخروج من عنق الزجاجة الذي وضع نفسه فيه نتيجة سياساته  المتهورة وعجرفته وإبتزازاته للجميع في الشرق والغرب، وذلك باستخدام آخر واهم ورقة من اوراقه التي احترقت جميعها بعدما باتت افعاله الشنيعه مكشوفة أمام المسلم قبل المسيحي، عن طريق قرار تحويل كنيسة ايا صوفيا الى مسجد في محاولة فاشله لاعادة هيبته وسلطته وشعبيته المبنية على غش وخداع البسطاء من المسلمين في تركيا والعالم لا أكثر ، بعدما ادرك تماما بأن نهايته باتت وشيكة.

اظهرت ابحاث جديدة بأن تركيا اصبحت تحتل المرتبة الخامسة بمؤشر البؤس في العالم، وان شعبية اردوغان اخذت في التراجع بسرعة باتت تقلقه كثيرا.

2
ثارت ثائرتنا نحن المسيحيين على فتاوي الشيخ مهدي الصميدعي السني والسيد علاء الموسوي الشيعي بسبب فتاويهم بتحريم تهنئة المسيحيين في أعيادهم أو المشاركة في احتفالاتهم الدينية لأنها برأيهم حفلات شيطانية غايتها السكر والعربدة ولا تمت إلى نبي الله عيسى بصلة .

الغريب في الأمر ، أن هؤلاء المرائين يدعون احترامهم الظاهري المزيف للنبي عيسى ويهينون اتباعه في محاولة خبيثة لتجريد الاحتفالات من جانبها الروحي وإضفاء صفة المجن والخلاعة عليها لتبرير حقدهم وحقد غالبية شيوخ الدجل من أمثالهم .
أنه باختصار حق يراد به باطل ، والسبب هو إيمانهم المطلق بأن الكتاب المقدس مزور ، وبالنتيجة أن كل من يؤمن بتعاليم هذا الكتاب لا علاقة له بالله وانبيائه ومن ضمنهم النبي عيسى نفسه ، وليسوا سوى كفرة لا يجوز مشاركتهم افراحهم في اعيادهم ومناسباتهم الدينية !!

من انتم يا أشباه الرجال كي تتطاولوا على قدسية فادينا ومخلصنا يسوع المسيح ورسله وتلاميذه الذين دونوا الكتاب المقدس بوحي من الروح القدس ، فهل تعرفون شيئا عن الروح القدس؟ أو حتى عن الله؟

ولكن أين لكم أن تعرفوا ذلك، وجدتم أنفسكم في موقع القوة فنضح اناؤكم بجيفته التي ازكمت حتى أنوف المسلمين الشرفاء الذين لا يلدغون من جحر مرتين من امثالكم يامن بعتم وطنكم الذي هو شرفكم  للاجنبي واحتقرتم أبناء جلدتكم ودينكم واهنتم عزتهم وكرامتهم وجعلتموهم يبحثون عن لقمة العيش في القمامة في بلد يطوف على بحور من النفط بسبب جشعكم وعمالتكم وتدعون بانكم ناطقون باسم الله، تحللون وتحرمون ما يأمركم به اسيادكم، فماذا نتوقع نحن المسيحيون من امثالكم؟

من جهة أخرى، علينا نحن المسيحيين أن لا نلوم مثل هؤلاء المشايخ ، هذا معدنهم وهذا ديدنهم ونحن نعرف ذلك منذ زمن بعيد .

يجب أن نلوم أنفسنا بسبب انقسامنا وانانيتنا وأفكارنا المتخلفة وجري قادتنا الدينيين والدنيويين وراء الفضلات الزائدة منهم واقتتالهم عليها والهاء العامة في مناقشات جانبية سخيفة جعلتنا اضحوكة للجميع بحيث لم يعد لنا هناك حتى ذلك (الوزن الخفيف) الذي كانوا ينظرون به إلينا.

لمن نشتكي ، ولمن نعتب ؟
نضحك على أنفسنا عندما نقول بأننا سنقاضيهم أو نسجنهم لانهم ليسوا سوى واجهة ولسان حال النظام الجاهلي الذي تقوده العمامات التي تسيرها قوى ظلامية إقليمية ودولية متنفذة بجهاز السيطرة عن بعد .

كفانا صراخا وعويلا وشكوى يا مسيحيين لانها لن تصل ابعد من انوفنا.
لذلك نقول ، الشكوى لغير الله مذلة في هذه الحالات.

3
عندما يكون الشخص في موقع القوة ، يحق له أن يقول أو يفعل مايشاء إذا كانت شريعة الغاب هي التي تسود ، وفي عالم الغاب لا يوجد قانون سوى قانون القوة ! ويظل القوي محورَ الحياة في الغابة!

ووفقاً لهذا المنطق الغريب الذي ما يزال سائداً في بلدٍ وضع القوانين الأولى في العالم، ينطلق بعض الذين جعلت الظروف منهم (أسياداً) على أراضينا ويتجرأون على تغيير الحقائق التاريخية وتشويهها في محاولة لمنح أنفسهم الشرعية لتبرير تواجدهم عليها !

ما صرّحَ به حسن احمد قاسم ،مدير دائرة الاثار في محافظة دهوك بخصوص الأكتشافات الأثرية في منطقة سميل ونسبها الى الأكراد يجعل منه أضحوكة ، لماذا ؟
لأن كلامه غير منطقي بالمرة ، ولاينطق به حتى شخص جاهل ، فكيف إذا كان السيد قاسم مديرا لآثار محافظة ؟!
بمعنى أنه يفهم بالتاريخ ، أو على الأقل بتاريح المنطقة التي يسكن فيها، إضافة الى الهالة الكبيرة التي أحيط بها من قبل الأعلام الكردي ، إليكم تصريحه الذي لايستند الى ذرة من المصداقية :
( سيغير مجرى التاريخ بالنسبة للكورد، وتابع قاسم ان تلك الاثار "جدا مهمة" وتعد وثيقة تعريفية للقومية، مشيرا الى ان "المحتلين حاولوا ان يخفوا هذه الاثار ولكن بحكمة حكومة إقليم كوردستان تمكنا من اكتشافها"، واردف ان هذا الاكتشاف "العظيم" هو ملك لكوردستان ولأهالي دهوك ).

المضحك المبكي في أمر قاسم هذا والأعلام الكردي الموجّه انهم لايرون أبعد من أنوفهم أو لايرغبون بذلك ظنّا منهم بأن العالم ايضا لايرى ذلك أو سيصدق كلامهم الفارغ، وهم بذلك كالنعامة التي تطمر رأسها في الرمل !

فإذا كان العالم السياسي يُغَمّض عينيه عن مآسينا  وفقاً لما تمليه عليه مصالحه ، فأن العالم الأكاديمي لن يسكت على الترهات التي جاءت في كلامه المليء بالمغالطات غير المتجانسة والساذجة ايضا كقوله ( ان المحتلين حاولوا ان يخفوا هذه الاثار ولكن بحكمة حكومة إقليم كوردستان تمكنا من اكتشافها ) ، ونقول للسيد قاسم :
١- لم تقم أنت أو دائرتك بأكتشاف هذه الآثار ، وإنما جهة أجنبية هي جامعة توبنغن الالمانية، بحسب ماجاء في توضيح اتحاد الطلبة والشبيبة الكلدواشوري (الرابط اسفل المقال) :
(وفي الحقيقة ان الموقع الاثري تم اكتشافه من قبل علماء اثار المان من جامعة توبنغن الالمانية، ويعود تاريخ الألواح الطينية إلى الإمبراطورية الآشورية الوسطى، وفي ذلك الزمان لم يكن للاخوة الاكراد ولا كردستان وجود في المنطقة، بل ان اسم الاكراد في بلاد ما بين النهرين وحسب الوقائع والادلة التاريخية، جاء قبل بضع مئات من السنين).
فهل يُعقَلْ أن يصدّق علماء آثار هذه الجامعة كلامكم أو تعتمده أية جهة حتى لو ضخّمه إعلامكم ؟
لا ألومك ياسيد قاسم ولا ألوم إعلامكم، لأنكم حاليا اسياد هذه الأرض وما عليها حتى ابناء شعبنا المساكين ، الذين أستوليتم على اراضيهم وممتلكاتهم ، وبإمكانكم التصرف بها كما يحلو لكم من منطق شريعة الغاب الذي بدأنا به مقالنا هذا ، ويحق لكم أن تفتخروا بهذا المنطق الذي سمح لكم بكل هذه التجاوزات، ولكنكم تضحكون على أنفسكم إذا حاولتم أن تتطاولوا على الآثار التي في بطونها وتنسبونها إليكم لأنها تصرخ في وجهكم وتذكركم بأن هذه الأرض لاتعود اليكم .
لعلمك ستبقى عُقدة "النقص" هذه تلاحقكم ودليل قاطع على أصل هذه الأرض مهما حاولتم تشويه وتزوير الحقائق .
والكلام عن آثار سميل ينطبق على كل الآثار العائدة للآشوريين والكلدان والسريان ورثة حضارات العراق القديمة من شماله الى جنوبه .

٢- عن أي "محتل" يحاول إخفاء ( آثاركم ) المزعومة تتحدث ؟ أين هي آثاركم أولا ؟ ومن هو المحتل ، ألستم أنتم المحتلين ؟
وبأي حق تتهم من كان يحتل هذه الأراضي بإخفاء آثاركم التي هي اثار الآخرين وأنت تقوم بنفس الفعل ، أنت ينطبق عليك قول الشاعر:
لاتنه عن خلق وتأتي مثله   عار عليك إذا فعلت عظيم .

في الختام، أود أن أوجّه تحية حب وتقديرالى اتحاد الطلبة والشبيبة الكلدواشوري لتوضيحه وجرأته في مواجهة أكاذيب السيد قاسم أو غيره وأثني على الجهة او الجهات التي تقف وراءه وتدعمه .
ونداء الى ممثلي أبناء شعبنا في البرلمان الجديد بعدم السكوت على مثل هذه التجاوزات التي تلغي هويتنا ووجودنا القومي على أراضينا ليثبتوا بأن ولاءهم هو لأبناء شعبنا وليس للآخرين كما يدّعي الكثيرون .


جاك يوسف الهوزي
corotal61@hotmail.com

الرابط :
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=879660.0


4
 قبل كل شيء ، نهنئ جميع الفائزين بمقاعد الكوتا المخصصة لشعبنا المسيحي ونتمنى لهم النجاح في خدمته والدفاع عن حقوقه في وحل المستنقع السياسي الذي سيجدون انفسهم فيه .

نعرف بأنها مهمة صعبة جداً إنْ لم تكن مستحيله ، وكما نقول بالسورت ، لهجة أهل زاخو ( أدْ مَتّولا إيدو أْلْ قُرما دْناتو يَدِ ما جيرا بامْرْ ) ، أي الذي يضع يده على أذنه يعرف أي موال سيقول ، فالذين رشحوا أنفسهم كممثلين للدفاع عن حقوقنا كانوا يعرفون جيداً أية مصاعب تنتظرهم ، والسؤالين المهمين هنا هما :

هل سيتّحدون في الدفاع عن حقوق شعبنا كله دون أستثناء ؟
أم أنهم وصلوا الى غاياتهم بحصولهم على الكرسي الذي لهثَ وراءه الكثيرون ؟


إذا كان هدفهم الكرسي ، فأن مهمتهم قد إنتهت قبل أن تبدأ حتى ! وطبعاً هذا ما لايتمناه أحد من أبناء شعبنا ، الذي طالب غالبيته بتغيير الوجوه والأحزاب التي أحتكرت مقاعد البرلمان ومقاليد السلطة المخصصة لهم، وحصل ذلك بفوز وجوه جديدة وأحزاب وتنظيمات جديدة ، وربما بطرق ( جديدة ) كما يدّعي من خسر في هذه الأنتخابات .

إذاً الوجوه الجديدة أمام أختبار مهم وصعب لأثبات جدارتها بتمثيل شعبنا والتصدي للقرارات المجحفة التي يحاول البعض تمريرها ضده والنيل من حقوقه القوميه بإعتباره شعب أصيل يعيش على أراضيه منذ آلاف السنين، والأساءة الى معتقده الديني ومقدساته ، وإلاّ فإنها لن تكون سوى تكملة عدد .
لانقول هذا الكلام للتقليل من دورهم  ولكن إن لم يعملوا ككتلة واحدة - حتى وإن إختلفت إتجاهاتهم - للوقوف بوجه كل مايمكنه الأساءة الى شعبنا ، فإن وجودهم في البرلمان سيصبح كعدمه .

ولكي لانستبق الأحداث ، علينا الأنتظار قليلا قبل أن نصدر أحكاما مسبقة على أدائهم والتشكيك بمصداقيتهم حتى قبل بدأ عملهم، كما يفعل بعض الخاسرين الذين لم يصدقوا بأنهم أصبحوا خارج قبة البرلمان ، وعوضاً عن دراسة أسباب فشلهم والعمل على معالجتها بهدوء بعد إنتهاء الأنتخابات ، أخذوا يبحثون عن أية وسيلة لتبرير هزيمتهم وإلقاء اللوم على الآخرين ، وفعلهم هذا أشبه مايكون بالجري وراء السراب في الصحراء ومضيعة للوقت .

كما أن الشماتة والتشفي اللذان يمارسهما البعض الآخر بحق أشخاص أو أحزاب فشلت في الأنتخابات الأخيرة بطريقة غير مستحبة لا داعٍ ولا معنى لهما ، من الأفضل لنا جميعا أن نطوي صفحة الأنتخابات  والتفكير بهدوء في أفضل الوسائل الممكنة للعمل معاً من أجل الصالح العام لشعبنا وتجاوز أخطاء الماضي.

جاك يوسف الهوزي

corotal61@hotmail.com

5
هناك تقليدان جميلان متّبعان في الدول الديمقراطية المتقدمة يتمثلان بتقديم التهنئة للفائزين في الأنتخابات من قبل منافسيهم الخاسرين رغم الهجمات الشرسة بين الأطراف المتنافسة قبل الأنتخابات ، والتي تتعدى كل الحدود لتصل الى الشخصنة والتجريح أحيانا ، هذا أولاً .  وتَحَمُل رؤساء الاحزاب والكتل السياسية مسؤولية الخسارة وحتى الأستقالة بسبب فشل برنامجهم الأنتخابي لغرض فسح المجال أمام من يحمل أفكارا أخرى تساهم في عودة احزابهم الى الواجهة ثانيا .
ويعرف أولئك الخاسرون بأنهم سيزاحون من مناصبهم في أقرب انتخابات حزبية ، لذلك يبادرأغلبهم الى الأستقالة حفاظاً على ماء وجههم .

أما في البلدان التي تعيش ديمقراطية مزيفة ، يبحث الخاسرون فيها دوماً عن حجج واهية ومكشوفة للجميع ليجعلوا منها الشماعة التي يعلقون عليها فشلهم -لعلمهم بأنه لايوجد هناك من بإستطاعته زحزحتهم- في محاولة منهم لتضليل الناس بغرض الأستمرار في مناصبهم !

الغريب في الأمر، أنْ يدّعي من أحكم قبضته على السلطة والكراسي وحقوق شعبنا منذ سقوط النظام السابق المظلومية ويبرر فشله بالتدخل السافر في الكوتا عوضاً عن التحلي بالشجاعة والأعتراف بالفشل الذريع وتحمّلْ مسؤولية  "النتائج الكارثية" للأنتخابات بحسب وصفهم لها.

والمضحك المبكي في العراق هو أن الجميع  ، حتى ابسط الناس ، تعرف بأن ديمقراطية  الفساد المستوردة منذ سقوط النظام السابق تحددها مصالح دولية وأقليمية وتُحَرّكْ الحيتان الكبيرة التي بدورها تحدد أدوار الصغار في لعبة قذرة .

أين كنتم ياسادة حين أرتضيتم لأنفسكم بأن تكونوا لسنين طويلة جزءً من هذه اللعبة التي أوصلت شعبنا الى شفير الهاوية ؟
وماهو الجديد في أمر "التدخل السافر" للقوى الكبرى الذي تتحدثون عنه في بلد ينخره الفساد ؟
فهل تبكون الآن على الهريسة أم على الحسين بعد أن كان أو أصبح غيركم أشطر منكم فيها ؟
أم أستيقظ الضمير عندكم فجأةَ بعد الحمّام البارد لنتائج الكوتا وأهتزاز الكرسي الذي جلستم عليه لسنين طويلة ؟

لا يا سادة ، الناس ليسوا سُذّجْ الى الدرجة التي يصدّقون فيها دور الضحية الذي تحاولون القيام به ، أو ان بقاءكم كل هذه المدة الطويلة داخل اللعبة كان بسبب جدارتكم بتمثيلهم .

هذه إشارة واضحة ممن أبقاكم في السلطة بأن الحاجة قد إنتفتْ إليكم ، فإنْ كان الشعب ،عليكم أن تحترموا إرادته . وإن كان من هو أقوى منكم ، فأنتم تعرفون جيدا بأنكم أصغر من أن تَتَحَدّوه .
من الأفضل البحث عن أسباب الفشل عوضاً عن إيجاد مبررات معروفة ومكشوفة للجميع .
واللبيب من الأشارة يفهم .

6
يبدو أن العنصرية والتعصب القومي والديني والتبعية للأجنبي هي السمات المميزة لكل احزاب السلطة في العراق بما فيها أحزاب شعبنا .
(مناضلو) هذه الأحزاب لاتهمهم مصلحة الشعب العراقي ومعاناته أو حتى هروبه من جحيم (بلاده) بقدر ولائهم لأولياء نعمتهم الذين أتوا بهم من جهات مختلفة ليجلسوهم على كراسي الحكم في العراق ، ومنذ ذلك الحين اصبح الكرسي ومايدره عليهم هو الغاية والشعب والوطن وما فيه ليست سوى وسائل لأرضاء اسيادهم .

الذي يهمنا نحن (جماعة الكوتا) بمناسبة بدأ الأنتخابات هو:
أين كان ممثلو أحزابنا المسيحية في السلطة من أزمة المهجرين من ابناء شعبنا نتيجة للغزو الداعشي الأجرامي على قصباتنا وقرانا في سهل نينوى؟ وما هو الدور الذي لعبوه  للتخفيف عن معاناته مقارنة بما قامت به المؤسسة الدينية المسيحية والكنيسة الكلدانية على وجه الخصوص؟
لو أجرينا مقارنة بسيطة بين موقفهم البائس أثناء الأزمة وإختفائهم من الساحة في وقت الضيق وكأن الأمر لم يكن يعنيهم وصمت القبور الذي خيّم عليهم حينها ، وبين كلامهم المعسول ووعودهم الخادعة وشعاراتهم وتصريحاتهم الرنانة -هذه الأيام - والتي دمروا بها وحدة أبناء شعبنا ، ونتج عنها ظهور أحزاب وإئتلافات جديدة وغريبة ايضا بعد فقدان الثقة بين مكونات شعبنا ، وحتى ضمن المكون الواحد أيضاً لأكتشفنا زيف مصداقيتهم المرتبطة إرتباطا وثيقا بما تمليه عليهم مصلحتهم الشخصية ، أما الشعب فليذهب الى الجحيم !
كفى ضحكاً على ذقون الناس الذين لاحول ولاقوة لهم .

الغريب في الأمر، إنهم يحاولون عبر ابواقهم النشاز بكل صلافة ودون ذرة من الخجل تهميش دور الكنيسة الكلدانية ورجالاتها وخاصة بطريركها مار لويس ساكو أثناء أزمة ابناء شعبنا لتبرير موقفهم السلبي وذلك عن طريق مطالبتهم له بعدم التدخل في شؤون شعبه بكذبة كبيرة اسمهما عدم التدخل في السياسة .

لماذا لا تطالبون المرجعيات الدينية الشيعية والسنية التي يرتمي بعضكم في احضانها بالأبتعاد عن السياسة. ما هذه الأزدواجية يا سادة ؟
أين كنتم يا (ساسة) يا أفاضل أثناء الأزمة ؟ لماذا لم تتحملوا مسؤولياتكم حينها تجاه من انتخبكم وتركتموه على الأرصفة والحدائق ؟
الذي يتخلى عن ابناء شعبه في أزمتهم لايحق له أن يمثلهم في اي محفل من المحافل ، إذا كان البعض قد نسي هذا الأمر فأن الناس لن تنساه.
لذلك، آن الأوان للتغيير ومنح الكفاءات الجديدة فرصة لأثبات وجودها لخدمة ابناء شعبنا جميعا.

جاك يوسف الهوزي

corotal61@hotmail.com

7
كلنا نعلم بأن الحكومات المتعاقبة على حكم العراق بعد سقوط النظام السابق ماهي إلاّ وجوه مختلفة لعملة واحدة أسمها الفساد والعمالة .
وبعد خمسة عشرعام من المعاناة والحروب والشدائد التي مرّ بها الشعب العراقي عموما وشعبنا الكلداني والسرياني والآشوري وباقي الأقليات العرقية خصوصاً ، أخذت أقنعة السياسيين والمسؤولين والمرجعيات الدينية تتساقط تباعاً .

فما يكشفه أنداد اليوم ( شركاء الجريمة والغنيمة أمس ) بعد أن تقاطعت وتضاربت مصالحهم ، من سرقات وتصفيات وإتفاقيات دنيئة وشراء الذمم والعمالة للأجنبي ، أثقلت كاهل المواطن العراقي البسيط وسحقت حقوق الأقليات الأثنية والدينية ، وأرغمت معظم أفرادها على ترك أراضيها وتراثها بحثا عن ملاذ آمن بعد أن أصبحت أهدافا سهلة لعصابات الأجرام المرتبطة بأزلام النظام أو المجرمين الذين أفرزتهم الحالة المأساوية التعيسة للشعب العراقي بشكل عام نتيجة لسرقات النظام الفاسد التي تُعَد ربما الأسوء في تاريخ البشرية والتي تَعَدّتْ مئات المليارات من الدولارات ذهبت معظمها الى الأنظمة الأقليمية والدولية التي جاءت برموز الفساد الكبار، الذين أجهزوا على الباقي وأعطوا جزء ً من الفضلات لعملائهم الأصغر من ممثلي الفئات الصغيرة في عملية بيع وشراء للمناصب وبأسم الديمقراطية المزيفة .

نعلم جيدا بأننا كشعب مسيحي مكون من الكلدان والسريان والآشوريين أصغر من أن نؤثر على قرارات الحيتان الكبيرة والجهات التي تقف وراءها ، كما اننا لم نعد نثق في الوعود الدولية الكاذبة التي أثبتت الأيام بأنها مجرد مواقف آنية غير ملزمة وكلام للأستهلاك الأعلامي وتبرير لمواقفها من الأبادة المبرمجة التي نتعرض لها دون أن تتخذ اية أجراءات عملية لوقفها أو حتى الحد منها !

نحن مقبلون قريباً على إنتخابات برلمانية ، ورغم الآلاف من علامات الأستفهام التي نضعها وراء مصداقيّتها ، إلاّ أن حصتنا ثابتة ، فهذا بحد ذاته ليس مهما ، ولكن المهم هو أن لاتذهب حصتنا لمن لايستحقها ، لمن شارك النظام الفاسد في زيادة معاناة شعبنا من خلال دفع الثمن الباهض للكرسي الذي يجلس عليه من أرزاق ومستحقات المسحوقين منهم لأرضاء أولياء نعمته .
كما انه لايجب أن تذهب الحصة لمن بقي يلهث كل هذه السنين الطويلة وراء الكرسي دون ان يتمكن حتى من الأقتراب منه كون الكرسي كان الغاية ولم يكن الوسيلة لخدمة أبناء شعبنا .

شعبنا عموماً والصامدون منه على ارض الوطن خصوصا لهم الحق ،كل الحق في إختيار وجوه نظيفة وطنية مخلصة ومؤمنه بحقوقنا القومية والدينية المشتركة من ذوي الكفاءات والأختصاصات القادرين على ايصال أصواتنا الى جميع الجهات والمطالبة بحقوقنا المشروعة وتفضيل المصلحة العامة على الخاصة .

لدينا الكثير من مثل هذه الشخصيات التي ماتزال تعيش على أرض الوطن، وهي جديرة بأن تنال الفرصة لتثبت وجودها ، وهذا لن يتم إلاّ بثورة تصحيحية يقودها ابناء شعبنا بأنفسهم لأختيار الأنسب بعيداً عن حزازية ( كلداني - سرياني - آشوري ) التي أوجدتها وغذّتها جهات محددة ولأغراض لم تعد خافية على أحد ، مع إعتزازنا بهذه المسميات الجميلة .

جاك يوسف الهوزي

corotal61@hotmail.com

8
لم أكن ارغب الكتابة عن الأنتخابات والمشاركة الكلدانية فيها لسببين رئيسيين:

١- كل مشاركاتنا السابقة لم تأتِ بنتائج ايجابية ، وهذا بحد ذاته ليس عيباً، ولكن العيب يكمن في أن نكرر نفس الأخطاء ولانحاول تصحيحها فتكون النتيجة الحتمية الفشل في كل مرة .
٢- لايمكن الوثوق في نزاهة الأنتخابات في بلد يقوده نظام فاسد فاحت ريحته الكريهة وفضائحه في كل أنحاء العالم ، وأن الساحة السياسية فيه بمثابة غابة يتحكم فيها القوي ومن يدور في فلكه.

ورغم كل شيء أرى أن الأئتلاف الكلداني خطوة كبيرة نحو التفكير الصحيح في مشاركة فعالة مستقبلاً ، حتى وإن لم نحصل على نتائج ايجابية في هذه الأنتخابات ، لأن الأتفاق على المشاركة في قائمة موحدة يُعتَبر بحد ذاته نجاحاً كبيراً .
ولكن هذا وحده لايكفي ، فبعد وضع الخطوة الأولى الكبيرة في الأتجاه الصحيح يجب ان تتبعها خطوات  (تكميلية) أخرى أهمها إعادة النظر في تركيبة الأئتلاف والأسماء المرشحة لخوض الأنتخابات .
 ولايشترط ان يكون الذين شاركوا في الأنتخاباب السابقة ومنهم رؤساء الأحزاب على رأس القائمة أو حتى من ضمنها، وبإمكانهم لعب دور آخر مهم في دعم حظوظ مرشحي قائمتهم للأستفادة من خبرتهم في هذا المجال كالعمل كمستشارين لهم .
يعلم الجميع بأن الكلدان لاينقصهم شيئاً ليكونوا عنصرا فعالاً ومؤثرا في الأنتخابات العراقية في السنوات القادمة لما يملكونه من مؤهلات وأمكانيات ومواهب بإستطاعتهم استغلالها احسن استغلال لو ابتعدوا عن التفكير في (الأنا) عن طريق العمل معا من أجل المصلحة العامة ونبذ خلافات الماضي وفسح المجال أمام كل الخبرات الكلدانية التي يهما امر الكلدان دون استثناء ، ولايشترط ان يكون للجميع نفس النظرة للأمور طالما الهدف واحد لأن إختلاف الآراء في هذه الحالة هو إغناء للفكر الكلداني وفرصة لأختيار الأنسب والأحسن .
وأتعجبُ من الردود السلبية  لبعض الكلدان وغير الكلدان من موقف الرابطة الكلدانية الداعم للأتلاف الكلداني ، فهل للكلدان خيار آخر غير الأئتلاف الكلداني ؟ وهل الرابطة موزمبيقية أم أمريكية ؟
وحتى لو أعلنت الكنيسة الكلدانية دعمها للأئتلاف الكلداني والكنيسة الآشورية دعمها للأئتلاف الآشوري والكنيسة السريانية دعمها للأئتلاف السرياني اين الخطأ في الأمر ؟
قد يقول البعض على الكنيسة ان لاتتدخل في السياسة ، وهل تعتبرون هذا تدخلاً في السياسة عندما تدافع الكنيسة عن حقوق شعبها المهضومة في دولة يحكمها نظام مبني على المحاصصة المذهبية والطائفية ؟
هذا الكلام يقال عندما يكون جميع المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات في دولة مدنية تمارس ديمقراطية حقيقية .
أما الكلام عن التبعية والأنقسامية ، فأنه بمثابة حق يراد به باطل .
وأتحدى من يقول بأن أحزابنا مستقلة تماما في قرارها لأنها كلها لديها (تبعية) بنسب متفاوتة مع هذه الجهة أو تلك ، لذلك فأن الكلام عن تبعية الأتلاف الكلداني ماهو إلاّ إزدواجية غايتها واضحة ومكشوفة .

في الختام ، بأمكان السيد ابلحد افرام وقادة الأئتلاف الكلداني تصحيح كل الفشل في الأنتخابات السابقة عن طريق فسح المجال لكفاءات كلدانية جديدة لديها القدرة على التغيير الأيجابي في الموقف الكلداني وخوض تجربة الأنتخابات بحلة جديدة ، وهذا لايعتبر فشلاً للسيد أفرام ورفاقه وإنما نقطة إيجابية تُحسَبُ لهم ودليلاً على احترامهم لكلدانيتهم وإعتزازهم بها.

9
قرأتُ قصة قصيرة على أحد المواقع المسيحية إسمها ( هربت جميع المشاعر ) تصف بشكل بسيط ومُعَبّر حالنا نحن الكلدان والسريان والآشوريين .

لايوجد هناك ما يمنعنا من العمل معاً لأنقاذ مايمكن أنقاذه من اجل مصلحتنا العامة ، أننا نسكن جميعا في جزيرة صغيرة مهددة بالغرق نتيجة الأمواج المتلاطمة التي تضربها من كل جهة ، إن لم نفكر معا بمحبة أخوية واحترام الآخر وحتى التضحية من أجله للخروج من المأزق الذي وضعنا نفسنا فيه وأستمرينا بعنادنا وتمسّكنا بآرائنا التي أوصلتنا الى الوضع التعيس الذي وصلنا إليه ، فإننا سنغرق جميعا لامحالة ، عندها لايجدي البكاء على الأطلال .

انا شخصيا أُؤمن بأن اعداد ابناء شعبنا الذين يلعبون دور ( الحب ) كما جاء في القصة أكثر بكثير من الذين يلعبون دور ( العناد ) فيها ، لأن شعبنا كله طيّبْ ولا يجوز ان يغرق كله من اجل قلة قليلة عنيدة لا تهمها سوى مصالحها الشخصية، وهي أول من تتخلى عنه عندما يتعرض للخطر.
فهل تستحق هذه القلة القلية - من اية جهة كانت - ان ينقسم شعبنا أو حتى ان يغرق من أجلها ؟


وإليكم القصة :
هربتْ جميع المشاعر
كانت هناك جزيرة تعيش عليها جميع المشاعر معاً
و في احد الايام هبت عاصفة شديدة .. وكانت الجزيرة على وشك الغرق..
كل المشاعر كانت خائفة جداً.. ما عدا الحب كان مشغولاً بصنع قارب للهرب..
و بعد الانتهاء من صنع القارب.. صعدت جميع المشاعر على متنه.. باستثناء شعور واحد ..
نزل الحب ليرى من هو..

لقد كان العناد..

حاول معه الحب.. و حاول.. و لكن العناد لم يكن ليتحرك في الوقت الذي كانت فيه المياة ترتفع اكثر و اكثر..
الجميع طلب من الحب ان يصعد القارب و يترك العناد..
ولكن الحب خُلِق ليُحب.
في النهاية هربت جميع المشاعر و لكن الحب مات مع العناد على الجزيرة..

لذا فالعناد يقتل الحب دوماً ..

اذن لما لا نمسح من قائمة المشاعر شعور العناد ..
ندفنه قبل ان نبدء مشوار الحب..
نحتوي من نحب بالحب
و نترك العناد لمن لا يبحث عن الحب ..


جاك يوسف الهوزي
corotal61@hotmail.com

10
هذا السؤال لانطرحه نحن المؤمنون، وإنما الباحثين وعلماء اللاهوت المحايدين من خارج جدران الكنيسة.
يجتمع المسيحيون في العالم هذه الأيام لأحياء ذكرى ولادة يسوع المسيح.
يذكر الأنجيل بأن يسوع - أبن الله - ولد في مغارة بيت لحم ليرمّم العلاقة المتدهورة بين الله والناس. قصة رائعة تقودنا الى سؤال مهم :
هل يسوع شخصية حقيقية أم اسطورة ؟

إجماع في الرأي:
هذا السؤال تجاوز جدران الكنيسة ليشغل العلماء والباحثين ، وحتى غير المسيحيين منهم.
وشغل الأمر المؤرخين في القرون الماضية فقاموا بالتنقيب والتفتيش عن كل ما كُتبَ عنه في المكتبات، قادهم الى إجماع في الرأي الى أن يسوع شخصية تاريخية حقيقية، هذا ما ذكره البروفيسور روبرت فان فورست مؤلف كتاب ( يسوع خارج العهد الجديد: مقدمة لأدلة قديمة / الصادر عام ٢٠٠٠ ) ، وأضاف " أن غالبية العلماء مقتنعين تماما بوجود يسوع كشخصية تاريخية ولاحاجة للكلام في هذا المجال، لابل ذهبوا الى ابعد من ذلك بإعتباره مضيعة للوقت ".

ماهي المصادر التي أعتمدوا عليها :
جاء هذا الأجماع في الرأي نتيجة بحث موسع استمر لسنوات طويلة.
والسؤال هو ، كيف يتم البحث عن شخص - يُقال - بأنه عاش قبل حوالي ألفي عام ، بمعنى آخر شخص (مشكوك) في وجوده فعلاً ؟
يجيب البروفيسور بيرت يان بيربولتي ، أستاذ العهد الجديد في جامعة أمستردام الحرة، عن هذا السؤال بقوله :
( بنفس طريقة البحث عن أية شخصية تاريخية حقيقية معروفة ).
وأضاف ( يتم البحث عن الآثار والمخلفات التي تركتها هذه الشخصية ).
في حالة يسوع يتم البحث عن شواهد أدبية، أي ما كُتبَ عنه من جهات مختلفة ، أشهرها بدون شك مادوّنه الأنجيليون الأربعة - متى، مرقس، لوقا ويوحنا - الذين كتبوا عن حياة وأعمال يسوع في القرن الأول.
وهناك أيضا نصوص قديمة - غير مسيحية - أشارت الى يسوع كشخص عاش وصُلبَ ، لعل أهمها ما كتبه المؤرخون الرومان العاملون لدى الدولة في نهاية القرن الميلادي الأول من أمثال  ( Tacitus ) و (Suletonious) اللذان وصفا يسوع كمؤسس للمسيحية .
وقال فان فورست بأنهما ذكرا ( أن يسوع أسس حركة مسيحية صُلبَ بسببها، لأن هذه الحركة تمثل تهديدا للحكومة الرومانية ).
إضافة لذلك، هناك العديد من المصادر اليهودية التي ذكرت يسوع بالأسم أبرزها ما كتبه المؤرخ اليهودي الشهير يوسيفوس - من القرن الأول- عن تاريخ اليهود الذي ذكر فيه كلمة يسوع عدة مرات، وأشار اليه بأنه (رجل حكيم).

وأثبت البروفيسور بيربولتي بأن كل هذه الشواهد من الفترة التي عاش فيها يسوع أثبتت ان وجود يسوع حقيقة تاريخية ثابتة ،ولا مجال للشك فيها، خلافاً لما يدعيه المشككون بأنها شخصية خيالية، أو أسطورية.
ورغم نفيهم حقيقة وجود المسيح كشخصية حقيقية ، إلاّ أنهم لم يتمكنوا من ايجاد وثيقة واحدة من ذلك العهد تنفي هذه الحقيقة ! بخلاف الوثائق المختلفة التي تذكر يسوع وتؤكد وجوده ومن تلك الفترة أيضاً.
أنه أمر مدهش حقا.

الخلاصة :
توصل غالبية العلماء المعاصرين ، اعتمادا على بحوث مماثلة لما جاء أعلاه الى ان وجود يسوع كشخصية تاريخية حقيقة ثابتة ، رغم وجود قلة منهم ماتزال تعتقد بأن يسوع شخصية خيالية لأسباب قد تتعلق بمعتقداتهم الدينية، ومنهم اليهود الذين لايقرون حتى الآن بمجيء المسيح .

من جهة أخرى، لايستغرب البروفيسور فان فورست من النقاشات التي تثار هنا وهناك حول حقيقة وجود يسوع، ويقول بهذا الصدد:
( المسيحية أكبر ديانة في العالم ، لذلك فأن النقاش حول أهم شخصية فيها - يسوع المسيح - أمر طبيعي ومهم في آن واحد ) .
ويضيف ، حتى لونظرنا الى الأمر بعيدا عن ما دُوّنَ في الأنجيل، فأن الدلائل تشير بشكل أكبر الى وجود المسيح مقارنة بوجود شخصيات أخرى معروفة مثل زرادشت أو بوذا مثلا، وبدرجة متساوية لوجود شخصيات شهيرة مثل الأسكندر الكبير وجوليوس قيصر اللذان لايشك أحد بهما .

ويجد البروفيسور ليتارت بيرتوبيلي بأنه لايهم أن تكون مؤمنا أو غير مؤمن بالمسيح لكي تبحث عن  شخصية يسوع لأنه أحدث تأثيرا كبيرا في البشرية كرجل دين وتاريخ ثقافي .

جاك يوسف الهوزي

corotal61@hotmail.com

11
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن اللقاء الذي أجراه تلفزيون أسيريا مع البروفيسور أفرام يلدز وحديثه عن غبطة البطريرك لويس ساكو ومطالبته له بالأبتعاد عن السياسة وإعتبار دعوة غبطته أبناء كنيسته من الكلدان الى الأعتزاز بكلدانيتهم بمثابة تمزيق لوحدة الصف ( الآشوري ) .

لن أتحدث هنا عن ماجاء في المقابلة ، لأن بعض الأخوة الكتاب وأصحاب الردود المتباينة أشبعوا الموضوع نقداً وتحليلاً .
وإنطلق كل منهم إما بحسب قناعاته أو الفكر الذي يتبنّاه، أو ذلك الذي تُرَوّجُ له بعض الأطراف المتنفذة على الساحتين السياسية والدينية دون الأخذ بنظر الأعتبار الحرية الشخصية للمتكلم ، بغض النظر عن ارائه التي قد تتماشى أو لاتتماشى مع ما يؤمن به الآخر، فأخذ الموضوع طابعا شخصيا وتهكمياً أحياناً .
والكلام نفسه ينطبق على البروفيسور يلدز الذي يعتبر الخروج عن المفهوم القومي الآشوري للوحدة عملا إنقساميا ، ولايحق لكائن من يكون ان يخالف هذا المفهوم .
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا :
من وضع أسس وقواعد هذا المفهوم ؟
سيأتي الجواب (المعتاد) فورا من بعض الأخوة الآشوريين والمأدلجين الجدد من الكلدان والسريان من أمثال البروفيسور يلدزوغيره ، بأن أغلبهم من المفكرين الكلدان والسريان أنفسهم منذ مايزيد على قرن من الزمن .
وماذا يعني هذا في مفهومنا اليوم للقومية  ؟
ولماذا تروّجون لفكر أولئك (الرواد) الذين لايتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة ؟ فهل كان أولئك الناس أكثر فهما أو إدراكا من بقية المفكرين والشخصيات الكلدانية والسريانية التي لاتُحصى ولاتُعَدْ ؟
أم أن كلامهم مُنَزّلْ ولايجوز المساس به أو تحريف حرف واحد منه ؟
فالذي يؤمن بفكر أولئك المفكرين حر ، ولكن لايحق لأي كان أن يفرضه على الآخرين ويحصر مئات الآلاف من الناس في إطاره رغماً عنهم ، هذا يدخل في مجال الأرهاب الفكري .

سقتُ هذه المقدمة الطويلة لأوضّح بأن بعض الناس اصبحوا ضحية للمفهوم القومي الذي تحاول بعض الجهات المتنفذة أو أحادية التفكير تقديمه على أنه ( الصراط المستقيم ) الذي لايمكن الأنحراف عنه ، وإن كل من يسلك طرقاً أُخرى يكون قد خرج عن وحدة الصف وشَقّهُ .

من بين هؤلاء ( الضحايا ) ، الكثير من المسيحيين الكلدان الذين كانوا يسكنون قبل ٣٠ سنة تقريبا القرى الكلدانية التركية المحاذية للشريط الحدودي المقابل لقرى زاخو الكلدانية ويرتبطون معهم بأواصر القرابة والدم ومنهم عائلة البروفيسور يلدز ، الذين هاجروا الى أوربا وأستقر غالبيتهم في فرنسا وبلجيكا .
وكان اولئك الناس يمتازون بالطيبة والبساطة والكرم ومايزالوا مع إحترامهم الكبير لكنيستهم الكلدانية ورجالاتها، وكانت غالبيتهم العظمى من الأميين الذين لم يذهبوا الى المدرسة ، إندَسّ بينهم بعض أقاربهم من الكلدان العراقيين الذين هربوا من العراق، من حملة الفكر الآشوري للقومية وتمكنوا من إقناعهم بسهولة بهذا الفكر ، لأنهم كانوا مثل الورقة البيضاء التي تكتب عليها ماتشاء .
هذا الكلام سمعته من عدد كبير منهم بينهم عدد من أقاربي أثناء زياراتي المتكررة لكل من بروكسل وباريس .
ويجب أن نعترف بذكاء أولئك المندسين، الذين نجحوا في غسل أدمغة هؤلاء الناس البسطاء وأبعدوهم عن الكنيسة - رغم تعلقهم بها - ، وأفهموهم بأن تعاليم الكنيسة التي تحث على التسامح والمحبة وعدم مواجهة الشر بالشر هي من ضيّعت حقوقنا وجعلت الآخرين يعتدون علينا، وإن الحل يكمن في إحياء المفهوم القومي الآشوري واننا نحن (كلدو آشوريين)، أي كلدان مذهبا وآشوريين قوميةً ، فأطلقوا منذ ذلك الحين تلك التسمية على انفسهم .
وانتشر هذا المفهوم بين الشباب بعمر البروفيسور يلدز وتحمسوا له معتقدين بأنه القشة التي ستنقذهم من الغرق وتعيد لهم كرامتهم المهدورة من قبل المسلمين الأكراد والأتراك لقرون عديدة بسبب تعاليم الكنيسة المرنة والأنهزامية !!
لهذه الأسباب عارض البروفيسور يلدز دعوة غبطة البطريرك ساكو لهم لتغيير المفهوم الذي زرعه المندسون بداخلهم عندما أوضح لهم بأن الكلدانية ليست مذهبا وإنما قومية وأن هذه الكنيسة تتبع المذهب الكاثوليكي، وبوجود الكلدانية كقومية تنتفي الحاجة لأضافة الآشورية، وهو ما إعتبره يلدز وغيره دعوة للأنقسام !
والغريب أن هناك بعض الفطاحل الذين لايعرفون أي شيء عن الموضوع، من الذين لديهم حساسية زائدة من البطريرك وكل مايقوله ويقوم به، تهجموا - كالعادة -على غبطته وطالبوه بعدم التدخل حتى في شؤون أبناء كنيسته معتبرين ذلك تدخلاً في السياسة .


جاك يوسف الهوزي
corotal61@hotmail.com

12
أثبتت السنوات التي أعقبت سقوط النظام السابق بأننا كنا نعيش وهما كبيرا عندما كنا نعتقد بأن المسيحيين في العراق يشكلون شعبا واحدا مكونا من الكلدان والسريان والآشوريين ،تجمعهم روابط كثيرة كاللغة والدين والدم. وبسبب إمتزاج هذه المكونات مع بعضها البعض لمدة زمنية طويلة ظنّ الكثيرون منهم بأنهم شعب واحد .

لو نظرنا الى الأمر بمنظار الأنسان العادي، الذي لايهمه الجري وراء السلطة أو مايسمى بصراع التسمية، نحن مازلنا شعبا واحدا فعلاً.

ولكن مصيرهذا الشعب محتجز كرهينة بيد من يعتقدون أن لهم الحق في التصرف به كما يحلو لهم ، وإنْ كانوا قلّة قليلة لاتهمهم سوى مصلحتهم ،إلاّ انهم نجحوا في مسح هوية واحد من أعرق شعوب العالم ، فبعد أن جعلوا منه أضحوكة لمن حوله بتفصيل مقاسات وأسماء غريبة لاتليق به ولاتمت بصلة لأسمائه التي عُرف بها على مر التاريخ، حاولوا صهر هذه الأسماء في بوتقة واحدة ظنّا منهم بأنهم بفعلتهم هذه سينجحون في توحيده ، ليس حبا بوحدته، وإنما لضمان بقائه تحت رحمتهم، إلاّ انهم خرجوا بتوليفة مضحكة رفضتها غالبية الناس .

من محاسن هذه التوليفة إنها كشفت بأن الكلدان والسريان والآشوريين لايمكن دمجهم مع بعضهم رغماً عنهم، كما لايمكن دمج الماء مع الزيت، فلكل منهم خصوصيته حتى وإنْ إشتركوا في اللغة والدين والدم ، ويعتبرهذا فشلاً ذريعا لمنظري التسمية المركبة لأن البناء الذي لا أساس له لابد أن ينهار بأسرع وقت ممكن، وهو ما حصل فعلا.

وبأنهيار التسمية المركبة التي يصر منظّروها والمستفيدون منها استعمالها، إنهارت فرضية الشعب الواحد .

فبربكم هل سمعتم يوما بشعب آخرلايملك اسماً يتفق عليه أبناؤه ويفتخرون به؟ أي شعب هذا الذي نسميه "شعبنا"، أو "شعبنا المسيحي" ؟
نعم، نحن نفتخر بمسيحيتنا، إلا ان المسيحية مفهوم شمولي واسع.

الحل يكمن في العودة الى ماضٍ قريب ، الى عهد آبائنا وأجدادنا قبل ظهور الأيديولوجيات المصلحية الهدامة ، حيث لم تكن هناك حزازيات بين الكلداني والسرياني والآشوري، ولم يكن هناك إلغاء ، تهميش ، أو إحتواء ، وكان أحدهم يشارك الآخر في السراء والضراء ، أي انهم كانوا شعبا واحدا دون أن يُنَظِّروا لذلك.

في أيامنا هذه، لم نعد كذلك حتى وإن كان دمنا واحد، لأن الوحدة التي نلهث وراءها كاذبة، وهي بمثابة حق يراد به باطل .

13
المنبر الحر / ( نحن شعب لا.... )
« في: 00:16 30/11/2017  »
من المؤسف حقا ان يكون مطلع هذه القصيدة الشعبية الشهيرة عنواناً لمقالنا المقتضب هذا، اعتقد بأن غالبية القراء قد سمعوا القصيدة التي كانت سبباً في إصدار فتاوي بإهدار دم صاحبها، وهذا ما حصل فعلاً بحسب مانُشرَ على وسائل التواصل الأجتماعي .

لمن لم يسمع القصيدة، بإمكانه سماعها على الرابط التالي :
https://www.youtube.com/watch?v=nlWBy1rAHNQ

ماتزال جروح أبناء شعبنا لم تنشف بعدُ ، بعدَ أن " تحررت " مدننا وقرانا من قبضة داعش ، ولانعرف بالضبط تحت رحمة من سنقع ، ومايزال الآلاف من المهجرين  مشرّدون بين العراق ودول المهجر دون أن يعرفوا أي مصير ينتظرهم ، ومازال كل من عاد مُضطرّا أو برغبته الى قريته وبلدته ينتظر ان تنجلي الأمور ليعرف يمينه من شماله ، ومازالت غالبية أبناء شعبنا المسيحي لم تتخلص تماما من آثار اكبرصدمة مؤلمة في تاريخه الحديث بعد النكبة التي تعرّض لها خلال الحرب العالمية الأولى، والأهم إنها لم تنسى بعد الدور - إنْ كان ايجابيا او سلبيا -  الذي لعبته الجهات التي تدّعي تمثيله أكانت سياسية أم دينية .

وسط هذه الظروف الصعبة من تاريخ شعبنا والأجواء الملبّدة والعَكِرة، ينشط (تجّار) العنصرية والكراهية بين الفئات المختلفة بغرض الترويج لبضاعتهم الفاسدة وتعكس مدى الحقد المحتقن في عقولهم العفنة التى إعتادت على التصيّد في المياه العكرة دون أدنى وازع إنساني أو احترام لمشاعر الناس !

الكنائس، كل الكنائس ترى وتسمع ما يجري وكأن ما يحصل من تمزيق وفتنة بين الأخوة لايعنيها، لابل أن بعضها ركب الموجة وأصبحت تدعم منتسبيها على طريقة انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً ! وان الآخر ليس أخاه في الأيمان ؟

ألا يكفي ان يتهكم الكردي علينا ويتباهى بأنه هو الذي حما شرفنا ؟ أوالشيعي الذي يصفنا بالعنصرية ويعيّرنا بأنه هو من حررّ قرانا وقصباتنا؟
أم السني الذي ما يزال متشبعاً بالأفكار الداعشية السوداء ويتوعد بنا ؟

إذا كُنا ونحن بهذه الظروف نتبارى في تهميش بعضنا البعض، فأي شعب نحنُ ؟ وعن أي شعب ومستقبل نتحدث ؟

قليلاً من الخجل والضمير يا من لايفكرون إلاّ بأنفسهم ومصالحهم . الى متى تبقون اسرى لأحلامكم الوردية وتُغَمّضون عيونكم لكي لاتروا الوضع التعيس حولكم وتعرفوا حجمكم الحقيقي وكيف ينظر الآخرون إليكم ؟

14
نبذة تاريخية :
تعتبر محلة النصارى في زاخو المنطقة التي تجمع فيها المسيحيون الأوائل في المدينة ، وكانت تقع غرب المدينة محاطة بخندق كبير كان يمتد من جنوبها متصل مع نهر الخابور عند السدة التي أقامها المرحوم حازم بيك شمدين (هازم بك) لرفع منسوب المياه في الساقية المحاذية للنهر لسقي الأراضي الشاسعة التي كان يمتلكها في سهل السليفاني ( وكانت تُعرَفْ بأسم الشلال ) وكان شباب محلة النصارى يسبحون هناك هربا من حرارة الصيف الملتهبة ، وكان الخندق يمتد الى نهاية المحلة في جانبها الآخر خلف دار القائممقام (القديم) ويلتقي هناك ايضا بنهر الخابور بعدما يكون قد خرج من زاخو متجها الى قريتي شكفتي مارا ومهمدية.
لاتوجد معلومات  عن تاريخ حفر هذا الخندق الكبير، ومن  قام بحفره ولماذا؟ هناك من يعتقد بأن احد أمراء زاخو قام بذلك لأغراض دفاعية. تم ردم هذا الخندق في بداية ثمانينيات القرن الماضي وتوزيع أراضيه لأهالي شهداء محلة النصارى الذين استشهدوا أثناء الحرب العراقية - الأيرانية.

من أطلق تسمية النصارى عليها أولاً ؟
يُعتقَدْ بأن تسمية  "النصارى" على المحلة، أطلقها اليهود الذين كانوا يتواجدون بأعداد كبيرة في زاخو، وكان لهم نشاط تجاري ونفوذ في المدينة والقرى المحيطة بها ، وجاء ذكر النصارى في وصف الرحالة اليهودي رابي دافيد (داود) أثناء زيارته لزاخو في عام ١٨٢٧م،  ويعتبر أول رحالة يهودي يزور المنطقة ويصفها كما يلي :
يوجد في المدينة حوالي  ٦٠٠ عائلة يهودية، أغني شخص في المدينة هو رجل يهودي، وهو رئيس الجماعة اليهودية، لهم سيناغوغ (كنيس) كبير وقديم جدا، تم بناءه من الأحجار الضخمة يقع على ضفة النهر، فيه مخطوطات قديمة جدا، تفحصتها ووجدت بأنها لاتختلف كثيرا عن مخطوطاتنا ما عدا في شكل بعض الحروف.
 
( ملاحظة:  قمتُ شخصيا بزيارة هذا الكنيس المتروك قبل ٣٠ عاما ويقع بالقرب من جسر السعدون خلف جايخانة السيد حنا ابلحد  " حنا فرنجي " ، وكان متروكا منذ ان غادر اليهود زاخو في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي ) .

وأشار رابي دافيد الى وجود نصارى في أحد أطراف المدينة ( محلة النصارى ) ، لكنه لم يذكر العدد إضافة الى ٨٠٠ عائلة كردية يسمّون بالمحمديين.
بينما أشار رجل الدين المسيحي جورج بيرسي بادجرمن جمعية المعرفة المسيحية CKS أثناء زيارته لزاخو في عام ١٨٤٢ بأنه وجد فيها بعض الكلدان - دون أن يذكر العدد - وعشرين عائلة من السريان الكاثوليك.

وأبرز ما كان يميز محلة النصارى هو ضريح الأب بولدو سولديني، أو (باتري بندو) كما كان يطلق عليه أهالي المحلة، وهومبشر وكاهن وراهب دومنيكي ايطالي توفي في محلة النصارى قبل أكثر من ٢٠٠سنة بعد فترة قصيرة قادما من منطقة العمادية، ولشدة تعلق الناس به ومحبتهم له أقاموا له ضريحا مسطحا من الحجارة والسمنت مربع الشكل طول ضلعه مترين ويرتفع بمقدار متر واحد عن الأرض التي دفن فيها على قمة تلة صغيرة بالقرب من بيت المرحومة فريدة سموعي الحداد .
أُزيل هذا الضريح قبل أقل من نصف قرن بعد ان تم تسوية التلّة مع الأرض وبناء بيوت سكنية عليها، أما ما تبقى من عظام باتري بندو فقد تم جمعها ووضعها في صندوق خشبي صغير ودفنت في مقبرة محلة النصارى المحصورة بين كاتدرائية مار كوركيس الشهيد للكلدان وكنيسة مريم العذراء للسريان الكاثوليك.

ملاحظة : أعتقد بأن العظام دُفنت بشكل سريع، حتى دون الأشارة الى صاحبها، وبذلك ضاع أثره، أتمنى أن أكون مخطئاً في أعتقادي.

أهالي محلة النصارى :
مما جاء في المعلومات القليلة عن تاريخ محلة النصارى يظهر بأن السريان الكاثوليك هم أول المسيحيين الذين سكنوها، وجاء أغلبهم من منطقة الجزيرة التركية وسوريا والموصل، وكانت غالبية اراضي المنطقة مملوكة للكنيسة السريانية .
مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وخاصة بعد الحرب العالمية الأولى والأضطهادات التي تعرض لها المسيحيون الكلدان أخذت أعدادهم تتزايد بشكل كبير مما أدى الى نقل مقر مطرانية الكلدان من قرية بيدارو المجاورة الى محلة النصارى، تبعتها هجرات أخرى كثيرة من قرى زاخو الكلدانية الأخرى التى هُجّرتْ وتم إحراقها، حيث هاجر مسيحيون من أكثر من ٥٠ قرية مجاورة لزاخو في كل من العراق وتركيا الى محلة النصارى- غالبيتهم من الكلدان - بحيث اصبح الكلدان يشكلون حوالي ٩٠% من سكان المحلة كان يخدمهم مطران وحوالي سبعة كهنة في سبعينيات القرن الماضي قبل هجرة الكثيرين منهم الى المدن الأخرى وخاصة الموصل وبغداد وكركوك. هذا إضافة الى بعض العوائل الآشورية من البازيين والتياريين.

لماذا تعتبر محلة النصارى في زاخوعالماً فريدا من نوعه ؟
إن ذلك يعود الى موقعها الأستراتيجي بالقرب من المثلث العراقي التركي السوري والمجازر التي تعرض لها المسيحيون بمختلف طوائفهم وأعراقهم في هذه المناطق ما داعهم لترك قراهم والتوجه نحو محلة النصارى، الحاضنة المسيحية الأولى لهم قبل مغادرتها بحثا عن رزقهم في مدن أخرى، أما الذين استقروا فيها لسنوات طويلة أصبحوا كالأخوان يجمعهم حب محلتهم والحنين الى الأيام والذكريات الجميلة التي عاشوها فيها بعيدا عن التعصب الطائفي والقومي الذي إبتلى به شعبنا هذه الأيام نتيجة طمع وجشع بعض المتسلطين عليه.


جاك يوسف الهوزي
corotal61@hotmail.com

15
هذا رد كتبته على الأخ العزيز سعدي عزيز بطرس من ملبورن/ استراليا في حديثه عن الموت الرحيم وزواج المثليين ، مع الأنحسارالسريع لدور الكنيسة والتراجع المخيف في اعداد المؤمنين لأسباب مختلفة، وكوني أقيم في هولندا منذ حوالي ربع قرن ومتابع جيد للتطورات التي جرت في هذا المجال كتبتُ مايلي:

هولندا هي أول دولة في العالم أقرت وطبقت قوانين تتعلق بما يسمى بالموت (القتل) الرحيم وزواج المثليين ، رغم اعتراض الكنيسة والمنظمات الدينية، وكما تفضلتم فإن سلطة الكنيسة ودورها أخذ يتقلص بعد نهاية الحرب العالمية الثانية واتخذ منعطفا خطيرا منذ نهاية الستينات من القرن الماضي ووصل الحال إلى ما وصل إليه اليوم بحيث لم تعد هناك سلطة للكنيسة بسبب القوانين المدنية التي لا تتتماشى مع تعاليم الرب يسوع وقوانين الكنيسة ، وأصبحت الكنيسة مؤسسة حالها حال المؤسسات المدنية الأخرى لا تحترم تعاليمها التي تتقاطع او تخالف القوانين التي تقرها الدولة.

لا تحمّلوا الكنيسة أعباءً أكثر من طاقتها. الناس أصبحوا مستهترين في هذه الأزمنة وهو ماحذرنا منه سيدنا يسوع المسيح والرسل في الانجيل ويحاولون ان يبحثوا عن سبب يبرر ابتعادهم عن الكنيسة وتعلّقهم بالأمور الدنيوية وحبهم للمادة ورغباتهم الخاصة ، فوجدوا ضالتهم في تصرفات بعض رجال الدين الذين اساءوا الى الكنيسة وأعتبروها شمْاعة يعلقون عليها سبب تركهم للكنيسة وتعاليم الرب يسوع.

هل تعلمون أن مدينة تلبورغ الهولندية التي كانت تحتوي على جامعة كاثوليكة شهيرة وكنائس كبيرة ورائعة، كانت نسبة الكاثوليك فيها ٩٨% في الستينات وانحفضت في ٢٠١٠ إلى أقل من ٧% فقط.
قد يكون لبعض رجال الدين دور سلبي على المؤمنين، إلا أن هذا ليس سببا كافيا ليترك المؤمن الحقيقي كنيستنا.
انها بإختصار معركة الشر التي تحدث عنها الإنجيل ضد الكنيسة.

يا اخوان الشيطان يحرك جهات عديدة متنفذة لضرب اساسات الكنيسة وخاصة الكاثوليكية كونها أكبر كنيسة في العالم، ولكن هيهات له ذلك لأن الرب بناها على الصخرة، وعلينا كمؤمنين ملتزمين ان ندافع عن كنيستنا بقدر المستطاع ، أما الفاسدون داخل الكنيسة فإنهم ينالون جزاءهم العادل ان لم يكن في هذا العالم فنحن متأكدين بأنهم لن يفلتوا من عقاب الرب الذي قال عنهم بأنه كان افضل لهم ان يعلق حجر الرحا بالسورت ( كرستا ) في عنقهم ويرمون في البحر من ان يكونوا سببا في ضياع أحد المؤمنين الذين سماهم يسوع باخوتي الصغار.

يا اخوان لاتجعلوا حياتكم وغيرتكم على الدين تقودكم إلى صب جام غضبكم على الكنيسة، فالكنيسة أيضا ضحية مثلنا في هذا الزمن الصعب ، لذلك تشجعوا وتمسكوا بايمانكم القويم وكونوا مثالا وسببا لتقوية الآخرين أو الذين اهتز إيمانهم والرب يحفظكم ويحفظ كل المؤمنين. تقبلوا تحياتي/ اخوكم جاك يوسف طليا الهوزي

ملاحظة: الأخ سعدي من أشد الغيورين على الكنيسة ومعروف عنه صراحته وجرأته في التعبير عن ارائه.

16
منذ دحر داعش وزيادة النفوذ الكردي في منطقة سهل نينوى، أخذت الأحزاب المسيحية المتنفذة (علينا فقط طبعاً) تنحو منحىً جديداً ، هدفه سحب البساط من تحت أقدام الآخرين ومحاولة إقناع الجهات الكردية بأنها الشريك الأنسب لها في مرحلة مابعد داعش ، وكأنها تحاول توجيه ضربة إستباقية لضمان موطئ قدم لها على الساحة مهما كانت المتغيرات التي ستطرأ على المنطقة .

الكلدان ممثلين بكنيستهم ، كان لهم دور مُشَرّف وبارز خلال السنوات الثلاث الماضية، وخاصة بعد إحتلال داعش لمدينة الموصل وسهل نينوى وما أعقبه من نزوح جماعي للمسيحيين في المنطقة، إلا أن هذا كله لاينفعهم بشيء مالم يكن لهم حضور سياسي قوي يتحرك من الآن لقطف ثمار هذا الدور وتجسيده عمليا في الأنتخابات القادمة.

في قمة الأزمة والظروف العسيرة التي واجهت أولئك النازحين لم تقم أية جهة محسوبة على شعبنا ، سياسية كانت أو غيرها ، بتقديم ما قدمته الكنيسة الكلدانية للجميع دون إستثناء ، في الوقت الذي إختفت فيه أحزاب وتنظيمات من المفترض كونها تدّعي شرعية تمثيلها لهذا الشعب المغلوب على أمره أن يكون دورها أساسياً وترد الجميل للناس الذين اوصلوهم الى السلطة أو مقاعد البرلمان .

المضحك المبكي، محاولة أحزاب السلطة والبرلمان - إن صحّ التعبير- طي تلك الصفحة السوداء والبدء من جديد بنفس المناورات التي اوصلتها الى السلطة كاللعب على الوتر القومي والتقرب من السلطات المتنفذة ومحاولتها إيهام أبناء شعبنا بأنها تدافع عن حقوقهم فعلاً وليس عن مصالحها الشخصية !
 وكأن الناس لم تعش أو ترى مواقفها في زمن الضيق وإنها ستنخدع من جديد بالكلام الذي يروجه إعلامهم المبرمج وأقلامهم القديمة الجديدة المأجورة والمشحوذة بحدة غايتها خداع وتضليل أبناء شعبنا بغرض التقليل من الجهود الكبيرة التي قام ويقوم بها رجال الكنيسة الكاثوليكية وغبطة البطريرك ساكو  في مجالات عديدة منها  ، للتذكير فقط ، على سبيل المثال لا الحصر تمكين أعداد كبيرة  من الطلبة  من مواصلة دراساتهم وتأهيل مساكن الراغبين بالعودة الى قراهم وأراضيهم، هذا فضلاً عن إيواء وإطعام الآلاف لسنوات .
لايمكن لأحد أن يحجب حقيقة ماجرى بغربال ، لأن الجميع رأى بأم عينيه من يعمل من أجلهم ومن يتلاعب بمشاعرهم بكلمات لاتغني ولاتسمن، وان مأساة داعش عَرّتْ جميع المتاجرين بحقوقهم وأظهرتهم على حقيقتهم. 

قد ينبري البعض ويقول لماذا تقوم الكنيسة والرابطة الكلدانية بإعمار القرى الكلدانية حصرا ؟
إنه سؤال وجيه فعلاً ، لأن السياسة التي إتّبعتها الكنيسة الكلدانية خلال هذه الأزمة كانت سياسة مسيحية إنسانية لم تستثني أحداً حتى المسلمين ، إلا أن بعض إخواننا المسيحيين بينهم رجال دين ايضا تأثروا بقوميين متعصبين فأبدوا إمتعاضهم ومخاوفهم من توّجه الكنيسة الأنساني وإعتبروه تدخلاً في شؤونهم الداخلية وطالبوها علناً بالكف عن ذلك، حتى تفقد غبطة البطريرك مار ساكو لمناطق بغديدي وبرطلة بعد تحريرها إعتبرها البعض إنتهاكا لحقوقهم وتدخلاً في ما لايعنيه !

لنعد الى سؤالنا المهم الذي هو عنوان مقالنا أيضاً :
أين الكلدان مما يجري في كردستان وعموم العراق ؟

غرضي من هذا السؤال هو الدور السياسي للكلدان والأحزاب الكلدانية وفُرصْ نجاحها في الأنتخابات القادمة في العراق وأقليم أو (دولة) كردستان مستقبلاً .
لنكون صريحين ، لو إستمر وضع الأحزاب والناشطين والقوميين الكلدان على ماهو عليه من إنقسام وتشرذم وخلق الحجج والأعذار لتبرير الفشل في كل مرة ، فإننا لانتوقع ان يتغير الحال ولن نتمكن من تحقيق أي نجاح في المستقبل القريب .
الكنيسة الكلدانية دافعت بشكل مباشر أو غير مباشر عن حقوق الكلدان وثبتت أسمهم كقومية معترف بها في العراق، ولعبت دورا كبيرا في التخفيف عن أزمتهم، وبادرت الى تأسيس رابطة لهم لعدم وجود أحزاب أو تنظيمات فعالة قادرة على القيام بذلك .

بإعتقادي هناك دور مهم وأساسي آخر وأخير للكنيسة الكلدانية لاتستطيع التنظيمات والأحزاب الكلدانية القيام به حاليا لتواضع إمكانياتها ويتمثل بالدعوة الى مؤتمر كلداني عام  بأسرع وقت ممكن تتولى الرابطة الكلدانية مهمة الأعداد والتحضير له بغرض مناقشة كيفية تمثيل الكلدان في قائمة موحدة او تأسيس حزب كلداني موحد يشمل جميع التنظيمات السياسية الكلدانية وبمشاركة ممثلي أحزابنا وجميع الناشطين والمهتمين بالشأن القومي وإختيار العناصر الكفوءة والخبيرة المؤمنة بحقوقنا القومية والمستعدة للعمل معاً مع باقي مكونات شعبنا المسيحي من الأخوة الآشوريين والسريان الغيورين المستعدين للعمل من أجل مصالحنا المشتركة على أساس الأحترام المتبادل .
ولكن قبل هذا كله، علينا أن نسمو فوق الخلافات التي تمنعنا من الأقدام على خطوة مهمة كهذه،  ونكف عن تقطيع بعضنا البعض ولا نتأثر بالدعايات المغرضة التي يقوم بها البعض من خارج البيت الكلداني، الذين يهمهم أن يبقى منقسماً وتكون العلاقة سيئة بين أبنائه وخاصة الناشطين منهم من جهة ، وبينهم وبين رئاستهم الكنسية من جهة أخرى ، خاصة بوجود شخص كغبطة أبينا البطريرك مار ساكو على قمة هرمها، الذي فرض نفسه كأبرز شخصية مسيحية محليا ودوليا ، فعلى الكلدان الأستفادة من هذا "الأمتياز" إضافة الى ثقلهم العددي والأمكانيات المادية والكفاءات التي يمتلكونها لأثبات وجودهم على الساحة السياسية العراقية ووضع الأسس الصحيحة إنْ أرادوا ان يكون لهم ثقل سياسي فيها، ولايتم هذا دون تضحيات وتغليب المصلحة العامة على الخاصة .
إذا حصل وتجاوز الكلدان مشاكلهم ونجحوا في دخول اللعبة السياسية بشكل صحيح ، لن يبقى أي سبب يدعو الكنيسة للتدخل في هذا المجال وسيكون لها متسع الوقت للتفرغ لرسالتها الروحية والرابطة الكلدانية للمهام التي أوجدت من أجلها ، ويتعاون الجميع من أجل مصلحة الكلدان والمسيحيين عموما.
المسألة هي أن نكون أو لانكون ، والكرة في ملعب الجميع لأن الأمر يهم الجميع دون إستثناء.


جاك يوسف الهوزي
corotal61@hotmail.com

17
ملاحظة: كتبت هذه المقالة قبل إقالة السيد باسم بلو من منصبه كقائممقام لقضاء تلكيف.

أثارت مسألة إقالة السيد فائز عبد ميخا مدير ناحية ألقوش سخطا كبيرا وجدلاً واسعاً بين أحزاب ومسؤولي شعبنا  من السياسيين والدينيين ، وحتى بين الناس العاديين وخصوصا أبناء ألقوش والمناطق التابعة لها.

والملاحظ أن أغلب هذه الجهات عبّرتْ عن غضبها أو عدم إقتناعها بأسباب الأقالة، المهم أن الأقالة حصلت وتم تعيين مدير ناحية جديد . بمعنى آخر أن الجهة التي قرّرت ونفذّت الأمر لاتعير إهتماماً لرأي أبناء شعبنا ولا لمن يمثلنا سياسياً ودينياً في إشارة واضحة وصريحة للجميع بأن من يتحكم في منطقة سهل نينوى عموماً هي وحدها، وإن مسألة مشاركتنا في الأستفتاء حول استقلال كردستان من عدمه، إن لم نقل موافقتنا عليه لاتعنيها كثيراً، لأننا كُّنا ومازلنا وسنبقى بلا وزن أو تأثير حقيقي على قراراتها ، والدليل هو إستمرارها في سياستها هذه وإقالة من لايعجبها من المسؤولين (المسيحيين) .

وفي هذا الصدد، ذكرت لجنة الثقافة والأعلام التابعة لحزب أبناء النهرين في خبر عاجل لها نشره موقع عنكاوا.كوم حول إستجواب السيد باسم بلو (تمهيداً) لأقالته على الرابط أدناه :

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=849391.0

والذي أثار انتباهي في تصريح أبناء النهرين ما جاء في الفقرة الختامية منه :
( وفي الوقت الذي نبدي فيه اعتراضنا على هذه الممارسات السلبية التي لا تخدم ولا تلبي إرادة وطموح أبناء سهل نينوى، فإننا نطالب كل المعنيين بالتدخل لوقف هذه الإجراءات الرامية إلى التأسيس لمبدأ الحزب الواحد الأوحد.) .

يا أخوان، منذ متى كان هناك دور واضح ومؤثر لغير الحزب الواحد الأوحد في كردستان ؟
ولنكون أكثر وضوحاً، الحزب الديمقراطي الكردستاني هو من يحكم كردستان العراق، وإن مصلحته المرحلية دعته الى دخول إتفاقيات مع الأحزاب الكردية الأخرى إنْ كان حزب مام جلال ، الأسلاميون أو آخرون، كل بحسب حجمه ووفق مقتضيات كل مرحلة ، ولن يتوانى في التعامل معهم بنفس طريقة تعامله معنا أو باقي المكونات الصغيرة الأخرى لو رأى بأن تأثير هذه الأحزاب الكردية لم يعد مؤثرا على الأحداث كما هو الحال معنا.

لنعد الى موضوعنا ونسأل أنفسنا :
هل مهم لدى السلطة الكردية ان يكون مدير ناحية ألقوش فائز أو لارا ؟
ويكون قائممقام تلكيف باسم أو اي شخص (مسيحي) آخر ؟

بالطبع لا لأنهم جميعاً - مع أحترامي لهم - مجرد (أدوات) للتنفيذ ، لايختلفون عندها كثيراً، الفارق المهم  هو لأية جهة ينتمي كل منهما، وهل هذه الجهة موالية لها .
 لذا، هذه الأقالات وما سيتبعها لاحقاً تعني بأن الجهة أو الجهات التي ينتمي إليها الأشخاص المقالون وكل من يقف معهم، إن كانت جهة كنسية أو حزبية غير مرغوب فيهم مستقبلاً في النظام الجديد الذي ستحدده للمنطقة ، أكان ذلك دولة مستقلة أو أي شكل آخر من أشكال الحكم، مالم تغيّر إتجاهها وتوافق ( ترضخ ) لكل ماتقّره السلطة الكردية .

ماذا تنفع المظاهرات والأحتجاجات اليوم بعد أن كشفنا أوراقنا للجميع، وبات الآخرون - ليس الأكراد وحدهم - يعرفون بأننا لانستطيع فعل شيء سوى تسقيط وإلغاء بعضنا البعض والصراع على الفتات التي تتساقط من موائدهم الدسمة .
إن حالة الأنقسام والتشرذم التي نعيش فيها منذ سقوط النظام السابق وإنشغالنا بالجري وراء المناصب وإرضاء (الأقوياء) ليتكرموا علينا ويسمحوا لنا بالأستيلاء على كل ما هو مخصص لشعبنا ، جعلنا نغض الطرف عن ضياع أراضينا وقرانا وبلداتنا تدريجياً ، حتى قبل غزو داعش لها.
فماذا كنتم تتوقعون أيها السادة ؟

ما كان للعرب الشيعة والسنة، الأكراد أو آخرون ليستولوا على أراضينا وبلداتنا بهذه السهولة لو لا رعونتنا وأنانيتنا ومواقفنا السلبية وتعصبنا البغيض.

جاء الدور الآن على آخر قلعة مسيحية حصينة في العراق ألقوش، البلدة التي يعتز بها كل مسيحي شريف مهما كان إنتماءه القومي، لأنها كانت ومازالت رمزا دينيا وقوميا وتاريخياً نعتزُ به جميعاً.
فهل تستطيع مؤسساتنا الكنسية والسياسية والقومية أن تجعل من أزمة ألقوش نقطة إنطلاق جديدة لترك الخلافات والعمل معاً لمنع سقوط وضياع أهم وآخر معاقلنا قبل أن نصبح في خبر كان .


جاك يوسف الهوزي
corotal61@hotmail.com

18
بمناسبة مرور 40 عاما على رحيله ، نعيد  - بتصرف - كتابة قصة حياة المرحوم الخوري اوراها يوسف الهوزي كما دونها إبنه الصغير الشماس جبرائيل منذ خمس سنوات ونشرها حينها في موقع الهوز قبل إغلاقه.
الخوري اوراها غني عن التعريف لمسيحيي زاخو ومعظم قراها لأنه خدمها بتفانٍ كبير حتى إنتقاله الى رحمة الله عن شيخوخة صالحة (84 عاما) .
والقصة تلقي الضوء على فترة عصيبة من تاريخ شعبنا ونزوحه من تركيا بسبب المجازر التي تعرض لها أثناء الحرب العالمية الأولى .
رسمه كاهناً مثلث الرحمات المطران العلامة يعقوب اوجين منا، ورقّاه مثلث الرحمات المطران العلامة يوسف بابانا عام (1972) الى درجة الخور أسقف بمناسبة يوبيله الكهنوتي الذهبي .


حياة الخوري أوراها يوسف الهوزي / بقلم الشماس جبرائيل الخوري أوراها يوسف الهوزي

ولد في قرية هوز بتركيا 15\ايار\م1893 . هاجر مع ذويه وابناء قريته الهوزيين سنة 1915م بسبب الاضطهادات التي تعرض لها المسيحيون ودخل الاراضي العراقية مطلع عام1919 م بعد رحلة عناء طويلة وشاقة مملوءة بالمخاطر دامت قرابة اربع سنوات حيث شاءت الاقدار  ان يصلوا الى تخوم بحيرة وان  هو ومجموعة من الشباب الهوزيين الشجعان واخص بالذكر منهم المرحوم  توما ريٍٍٍس اوراها الهوزي حيث كان  من اعز اصدقائه المقربين ومكثوا فيها مدة طويلة من الزمن لكونها تحت حماية روسيا القيصرية أنذاك .
وقد غادروها بعد انسحاب القوات الروسية منها.

وعند دخولهم الاراضي العراقية  مطلع عام 1919 م كما اسلفنا في مستهل  هذا الحديث ودخلوا كمب بعقوبة للمهاجرين والذي كانت قد انشأته الحكومة البريطانية  تحت اشرافها  وقد جمع هذا الكمب اكبر عدد من العوائل الهوزية الناجية من المجازر العثمانية  الوحشية  حيث مكثوا فيه مدة من الزمن ثم انتقلوا الى كمب البوسيف قرب مدينة الموصل وكان ايضا تحت اشراف الانكليز.

وقد عمل فيه الشماس اوراها الهوزي مراقبا للكمب وفي هذه الفترة كان يتررد الشماس اوراها الهوزي على كنائس  الموصل الكلدانية كلما سنحت له الفرصة لكونه شماسا مرسوما وفي هذه الاثناء التقى به المثلث الرحمات المطران طيماثوس مقدسي مطران ابرشية زاخو وتوابعها حيث كان الكرسي الاسقفي وقتئذ  في قرية بيدار  ثم نقله المثلث الرحمة الى محلة النصارى بجوار  كنيسة  الشهيد العظيم  مار كوركيس لكون زاخو مركز القضاء .

اختاره المثلث الرحمة لخدمة الكهنوت  بعد اخذ وموافقة عائلته وذلك لدماثة خلقه وسيرته الحسنة فأدخله المعهد الكهنوتي  البطريركي الكلداني في الموصل لتلقي العلوم الليتروجية واللاهوتية وبعد اكماله المناهج المقررة للكهنوت.
سيم كاهنا بوضع يد الطيب الذكر العلامة المطران يعقوب اوجين منا هو واربعة كهنة اخرين كان من ضمنهم القس توما ريس مطران زاخو ونوهدرا بعدئذ وقد تسمت الرسامة الكهنوتية في كنيسة شمعون الصفا الاثرية بالموصل صبيحة 29\حزيران\1923 ذكرى الرسولين ماربطرس ومار بولس.
عين لخدمة ابرشية زاخو في مراكز وقرى مختلفة.
1-سنتان في قرية بيدار  كاهنا مساعدا للخوري يونان بيداويد.
2- عشرون سنة كاهنا في ركاوة التي كانت تضم  اكبر عدد من المسيحين المهاجرين من شتى القرى المسيحية في تركيا  الذين نجوا من مذابحها الوحشية .
3-اربع سنوات كاهن في قرية مركاصور وتوابعها
4- اربع عشرة سنة كاهنا لقريتي مهمدية واشكفت مارا علاوة على اناطة خدمة ثلاث قرى اخرى به وهي تلكبر,دارهوزا ,هيزاوا وذلك لقلة عدد الكهنة أنذاك فكان يقوم بخدمتهم جميعا بتضحية وغيرة رسولية منقطعة النظير فكان يعمذ اطفالهم ويكلل شبانهم وشاباتهم ويقيم لهم قداديس في الاعياد والمناسبات الدينية ويزودهم بالاسرار الكنسية,وهناك سجل عماذ وبراخ مدون باللغة الكلدانية وبخط يده يضم المئات ممن تعمذوا وتكللوا على يديه منذ بداية الخدمة الكهنوتية ولحد ايام مكوثه في المطرانية الكلدانية في محلة النصارى وهو محفوظ لحد الان في دار المطرانية اعلاه.
5-سنة واحدة في دير شيش  وذلك عند حادثة قصف قرية اشكفت مارا من قبل مدفعية الجيش ودخول الفرسان اليها بحجة انهم يأوون المتمردين الاكراد , فسقط عدد من شبانها جرحى كان من ضمنهم ابن اختي المدعو بهنام كوركيس حنا الهوزي والذي استشهد بعدئذ في الح رب العراقية الايرانية .
وعند حلول الظلام ليلا قامو اهالي قرية مهمدية بترك بيوتهم  لخوفهم من دخول الجيش والفرسان اليها  صباح اليوم الثاني للانتقام لانه قتل في هذا القصف المدفعي ايضا اثنان  من اولاد رئيس الفرسان بشار أغا  وشرطي مسيحي من اهالي سناط فأنقلب السحر على الساحر.
لكن الاب أوراها الهوزي لم يترك ابناء رعيته لوحدهم بل شد الرحال معهم وقوى عزيمتهم وواصل السير معهم ليلا الى ان وصلوا الى منطقة تسمى كوزف فارتاحوا فيها وواصلوا السير مشيا على الاقدام الى ان وصلوا الى قرية دير شيش وهناك جمعهم الاب الغيور  والراعي الامين على خرافه وعاش معهم جنبا الى جنب في السراء والضراء الى ان اعلن بيان  الحادي عشر من أذار التاريخي فرجعوا جميعهم مع كاهنهم  الى قريتهم مهمدية,لكنهم لم يروا فيها سوى الاطلال وقد حل فيها الخراب والدمار من قبل الجيش والفرسان فتشتت شمل اهالي القرية فمنهم من سكن زاخو ومنهم من ذهب الى الموصل وأخرون رحلوا الى العاصمة بغداد.
وبعد هذا العناء الطويل قرر الاب الفاضل اوراها يوسف الهوزي السكن في دار المطرانية الكلدانية في محلة النصارى.
6- اربع عشرة سنة اخرى في دار المطرانية وخلال هذه الفترة تم تكريمه لجهوده في حقل الرب لمدة خمسين عام .
فرقي الى مقام الخوراسقفية وسيم خوريا بوضع يد المطران  يوسف بابانا المثلث الرحمات صباح يوم الاحد الاول من  تموز عام 1973 وذلك في كاتدرائية مار كوركيس الشهيد بزاخو احتفاءا بيوبيله الكهنوتي الذهبي , وقد نال معه اربعة شمامسة متزوجون درجة شماس إنجيلي أصبحوا بعدها كهنة وهم : القس بولس حنا الهوزي ,القس شليمون , القس عوديشو والقس لويس.
خدم كنيسة الله في ابرشية زاخو وتوابعها دون مغادرتها مدة خمسة وخمسين عاما امضاها في خدمة النفوس بتفاني ووداعة وغيرة رسولية .
وافته المنية اثر عجز في البطين الايسر فجلطة قلبية اودت بحياته الطاهرة في تمام الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف ليلة الاحد السابع والعشرون من  أذار عام 1977
اعماله:
1- قام بتوسيع كنيسة ركاوة واهتم بمسكن الكاهن ليلتقي ابناء رعيته الكبيرة مطلعا على احوالهم العامة .
2- اهتم بكنيسة مركاصور وقام بترميمها.
3-قام بتبديل اعمدة كنيسة قلب مريم الطاهر في مهمدية بأخرى ضخمة مع صيانة قبة الكنيسة وجلب ناقوس جديد,كما قام بأضافة ملحق جديد لسكن الكاهن وذلك ببناء ديوان كبير يستقبل به مساءا ابناء رعيته مطلعا على احوالهم العامةوشرح  ايات ونصوص من الكتاب المقدس لهم .
حياته الخاصة :
اقترن عندما كان شماسا في كمب البوسيف من المربية الفاضلة خاتون بطرس يونان بيداويد ورزقه الرب له المجد ببنته البكر ريجينة ثم ستة ابناء وهم: جوزيف ,اندريوس,بطرس ,الشماس ومربي الاجيال عبد المسيح , عمانوئيل, الشماس جبرائيل والابناء الثلاثة الاوائل افتكرهم الرب وارادهم له وهم بعمر الورود.

ولم يبقى من أولاده سوى اصغر اولاده الشماس جبرائيل الخوري اوراها الهوزي وهو متزوج وله ابن وبنت  وهم فادي جبرائيل  الخوري اوراها الهوزي وسارة جبرائيل الخوري اوراها الهوزي ويعيش حاليا في كندا وهو شماس رسائلي في كنيسة الرسولين مار بطرس ومار بولس الكلدانية في ابرشية فانكوفر .


19
ما يتعرض له شعبنا من إضطهادات وضيق ليس بجديد عليه ، فقد مرّ خلال تاريخه الطويل والمؤلم بأوقات عصيبة ، وكان ضحية الأقوياء المتسلطين عليه بسبب خلفيته الأثنية المتميزة أو إيمانه القوي بدينه المسيحي .
 ولم يقتصر ذلك على رجال الدين وحدهم ، أو رجال أشداء دافعوا عن شعبهم وإيمانهم حد الشهادة ، بل تعداه ليشمل نساء عفيفات أيضاً فَضَّلنَ الموت على ترك دينهن والأقتران عنوة برجال مسلمين متنفذين ، إنها مأساة كبيرة حقاً، ولكن كم ستكون المأساة مؤلمة عندما يتعلق الأمر بفتاة صغيرة لم تتجاوز بعد ربيعها الثاني عشر، متزوجة ولم يعاشرها زوجها بعدُ !!
أهدي قصة الشهيدة مريم الهوزي الى روح كل شهيدة من بنات شعبنا، سقطت نتيجة دفاعها عن إيمانها وشرفها وأرضها وطواها النسيان ، لأن قصصهن لم تُدَ وّنْ - مع الأسف - ، وإن القصص المحكية لابد وأن تُنسى مع مرور الزمن ، وبذلك نفقد وفقدنا الكثير من تاريخنا وتراثنا الرائع .

كنا قد نشرنا قبل حوالي ثلاث سنوات قصة أستشهاد نركز بلويتا - بيداويد - صاحبة الأغنية الشهيرة ( هاي نركز نركز )، عروسة هوزية أخرى سقطت شهيدة ...
 على الرابط التالي :
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=759264.0

نعود اليوم لننشر قصة أخرى لاتقل ألماً عن قصة نركز بلويتا، إنها قصة العروسة الصغيرة مريم الهوزي، أو عروسة الحمل ، كما كان يحلو للناس ان يطلقوا عليها ، منقولة عن شاهدتي عيان من صديقاتها وعمرها تقريباً.

ماهي قصة الشهيدة مريم الهوزي وكيف أستشهدت ؟

الشهيده مريم، هي ابنة المرحوم (ورده يوسف طليا) من بيت داويدا ، أحد البيوت الرئيسية السبعة لقرية هوز التي تقع حالياً ضمن حدود ولاية شرناخ في جنوب شرق تركيا ، وكانت القرية في حينها تابعة لأبرشية زاخو الكلدانية. والشهيدة ابنة عم كل من المرحومين يوسف وورده طليا .
كانت متزوجة حديثا من رجل من أهل القرية ، ولم يكن قد عاشرها بعد لأن عمرها لم يكن قد تجاوز أل 12 سنة ، لذلك كانت تسكن في بيت جدها الى أن تكتمل أيامها.
جرت أحداث هذه القصة المؤلمة في عام 1913 عندما كانت بصحبة رفيقتيها المرحومتين دلي حنا زوجة المرحوم توما الريّس، آخر مختار لقرية هوز قبل هجر القرية نهائياً، وراحي جدة الشماس أفرام الهوزي.

وذكرت شاهدتا العيان بأنهن كن بالقرب من إحدى عيون المياه في القرية عندما أقترب منهن المجرم المدعو تمر ابن اوصمان ممتطياً صهوة جواده، وهو ابن أحد الآغوات المتنفذين، وطلب من مريم، التي كانت بارعة الجمال، أن تركب معه ، إلا أنها رفضت ذلك بشدة، وحاول إغراءها بحياة سعيدة لو وافقت ان تقبل الزواج منه ، فقالت له، كيف لي أن أترك ديني وزوجي وأهلي لأرتبط بشخص حقير مثلك ؟
فاستشاط هذا المجرم غضبا وحاول  ان يختطفها عنوة ،الاانها افلتت منه وبدات تصرخ، فهددها بالقتل، فاجابته قائله: خير لي ان اموت على دين المسيح من ان اتبعك انت ودينك. فطعنها بخنجره وقتلها فورا.

 وذكرت المرحومة دلي حنا بان شيئا يشبه النور نزل من السماء على جثتها..وان قبرها اصبح مزارا للاستشفاء، وكان المسيحيون من القرى المجاوره ياخذون ترابا من قبرها للتبرك به ولشفاء المصابين بانواع الحمى المختلفة، والأطفال منهم خصوصاً.
وصل خبر استشهاد مريم وتحول قبرها الى مزار يقصده أهل هوز والقرى المجاورة للأستشفاء الى مطران الأبرشية في زاخو ( المثلث الرحمة مار طيمثاوس مقدسي )، فأقترح بناء كنيسة صغيرة (مزار) على قبرها، إلاّ أن المقترح (المشروع) لم يرى النور بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى بعد وقت قصير وتعرض اهل القرية، كبقية مسيحيي المنطقة، لمضايقات المسلمين المتشددين من الأتراك والأكراد والعجم، فهجروا القرية ورحلوا عنها الى ايران واستقر بهم المقام في مخيمات كمب بعقوبة .

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا :
لو كانت الشهيدة مريم قد أستشهدت في أوربا في ظروف مشابهة والشفاءات التي تحدث الناس عنها، وكما قلنا بأنها لم تُدَوّنْ، للأسف، ألم يكن أهالي المنطقة يطالبون من الكنيسة تكريمها على الأقل، إن لم نقل المطالبة بتطويبها، أو حتى قداستها ؟
من يحيي ذكرى الشهيدة مريم أو شهداء كثيرين من أبناء شعبنا طواهم النسيان ؟


جاك يوسف الهوزي
corotal61@hotmail.com

20
كنتُ أتمنى ان يكون عنوان المقالة ( ماذا نريد نحن المسيحيون؟ ) ، وأقصد هنا المسيحيين العراقيين من الكلدان والسريان والآشوريين خصوصا ، لأننا شئنا أم أبينا عراقيون ومصيرنا مشترك وقوانين الدولة العراقية والحقوق والواجبات تشملنا جميعاً، لذلك فعلاقة الكلداني العراقي أقرب مع السرياني أو الآشوري العراقي منه مع الكلداني التركي أو الآشوري السوري أو السرياني اللبناني، وهكذا الجميع .
خلال الحروب الطويلة التي خاضها العراق منذ عام ١٩٨٠، قدّمَ المسيحيون العراقيون مئات بل آلاف الشهداء دفاعاً عن الوطن برغبتهم أم مرغمين ، بينما لم يكن المسيحي السوري او اللبناني مرغما على ذلك لأنه  يعيش في بلدٍ ثانٍ ، تحكمهُ قوانين آخرى، هذه حقيقة لايمكن لأحد أن ينكرها.

نحن أقليات صغيرة في هذه البلدان، ومن المستحيل ان تكون لنا دولة مستقلة تجمعنا ليكون مصيرنا مشتركاً، لذلك من الأفضل ان يناضل (المناضلون) القوميون من أجل حقوق وحياة أفضل لأبناء جلدتهم في البلدان التي يحملون جنسيتها ، أما الشعارات الرنانة والتفكير بعقلية عنصرية أصبحت من مخلفات الماضي وأثبتت فشلها على جميع الأصعدة.
ولكن هذا لايمنع من إقامة علاقات تعاون وثيقة وإجتماعات دورية للحفاظ على هويتنا القومية والثقافية.
بإختصار شديد، إنْ أردنا أن نحافظ على وجودنا، علينا ان نكون واقعيين في تفكيرنا وإقامة علاقات أخوية بعيداً عن العاطفة العمياء، التي جعلتنا نتعثرهنا وهناك ومازلنا !
لا اريد الخوض في تفاصيل أوسع عن الموضوع لأنه محزن ومكرر، مع الأسف.

سأكتفي هنا بالحديث عنا نحن الكلدان وماذا نريد ؟
قبل الخوض في الموضوع، أنا متأكد بأن كل من يؤمن بكلدانيته ويهمه أمرها ووحدتها لايعجبه الوضع الذي وصلت إليه العلاقة بين أبنائها من جهة، والعلاقة بينهم وبين الكنيسة الكلدانية من جهة أخرى .
لانريد أن نبقى أسرى الماضي وخلافات الماضي سواء الكنسية منها ام بين الأفراد أو الأحزاب والتنظيمات المختلفة ، لأننا - ببساطة - فشلنا فشلاً ذريعاً في إثبات وجودنا وأكثريتنا التي نتباهى بها على الساحة العراقية.
علينا قراءة الوضع الراهن كما هو والأستفادة القصوى من كل الطاقات والمواهب الكلدانية بشكل أفضل، ولن يحصل هذا إلاّ بأزالة الخلافات التي حصلت أو تلك التي إفتعلها آخرون يهمهم أن يبقى البيت الكلداني منقسماً على نفسه، وكما قال سيدنا يسوع المسيح : كل بيت ينقسم على نفسه لايصمد.
إن توحيد الصف الكلداني يتطلب منا جميعاً التفكير في صيغة للعمل المشترك لايستثني أية طاقة أو موهبة كلدانية لها القدرة على تقديم الأفضل لهم حتى لو كانت تحمل افكاراً لاتتماشى مع خط (القيادة) إنْ صحَّ التعبير، مادامت  النيّات صادقة والهدف خدمة الكلدان، وعدم فسح المجال للأنتهازيين والوصوليين "المداهنين" تحقيق مآرب شخصية من خلال العمل المشترك.

قبل هذا كله، هناك حقائق على أرض الواقع لابد من الأعتراف بها :
١- غبطة البطريرك لويس ساكو هو الأب الروحي لكل الكلدان، حتى إن إختلفوا معه في الرأي، وهو أكثر شخصية مسيحية مؤثرة على الساحتين العراقية والدولية في الوقت الحاضر.
وعلى الأخوة الكلدان "المعارضين" لسياساته أن يعرفوا حقيقتين مهمتين:
أ- حجمهم الحقيقي، وتأثيره على الساحة يكاد يكون معدوماً.
ب- كتاباتهم المعاكسة لكل مايصدر عن البطريركية الكلدانية لاتخدم القضية الكلدانية مطلقاً، بل تزيد الطين بلّة، إلاّ إذا كانت تخدم أجندات أخرى، وهذا ما لا أعتقده.

نحن بحاجة الى كسر جبل الجليد الذي صنعناه بأنفسنا ليفصل بيننا بسبب العناد وأمور شخصية يمكن تجاوزها بسهولة، لاسيما - والجميع يعلم - بأننا مقبلون على مرحلة حرجة يكون تأثيرها بالغاً على أبناء شعبنا الكلداني والمسيحي .
وخير من بإمكانه إذابة هذا الجليد هو غبطة البطريرك نفسه والرابطة الكلدانية بتوجيه دعوة لكل النشطاء الكلدان لعقد مؤتمر عام لإزالة العوائق التي تعترض سبل العمل الكلداني المشترك ، على ان لايعتبر المعارضون لغبطته هذه الدعوة بمثابة نقطة ضعف من البطريركية وإنما فرصة كبيرة لخدمة القضية الكلدانية وخارطة طريق للعمل الكلداني المشترك مستقبلاً.

٢- لو بقينا أسرى خلافات الماضي والأصرار على العناد والمكابرة، علينا ان لانفكر بعد الآن بشيء أسمه القضية الكلدانية .

جاك الهوزي

corotal61@hotmail.com

21
قد لايستسيغ البعض طرح مثل هذه الأفكار، وقد يعتبرها آخرون من الموالين لهذا الحزب أو ذاك  - وخصوصا تلك التي لها تمثيل برلماني لدى حكومة المركز أو الأقليم  - بأنها تَدَخُلٌّ في شؤون هذه الأحزاب ومحاولة لنزع ( شرعية ) تمثيلها لأبناء شعبنا بعد فوزها بمقاعد الكوتا المخصصة لهم في أنتخابات "حرة وديمقراطية".
لو أسلمنا بهذا الأمر وإعتبرنا هذه الحجج منطقية، فهل مازالت هذه الأحزاب قادرة على حماية مصالح شعبنا ؟ وأين كانت أصلاً  في محنته المستمرة منذ غزو داعش لأراضيه وتدمير مدنه وقراه وتدنيس مقدساته ؟ وما الذي قدمته للاجئين والمشردين مقارنةً بدور المنظمات الأنسانية وعموم كنائسنا، والكنيسة الكلدانية خصوصاً ؟
فبِأيّ حق إذاً يَدّعون تمثيل هذا الشعب ؟

المفروض في حالات كهذه، أن تقرّ هذه الأحزاب بفشلها وتعترف بعجزها عن تقديم المساعدة المتوقعة لمن إنتخبها، ولكنها مازالت تتباهى بأنها ممثلة شرعية لهم .
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا :
هل كانت هذه الأحزاب  عاجزة  حقاً عن مد يد العون للذين فقدوا كل شيء في رمشة عين ووجدوا أنفسهم وعوائلهم بين ليلةٍ وضحاها مرميين على الأرصفة وفي الحدائق ؟
شخصياً، لا أعتقد ذلك، وربما يشاركني الكثير من الأخوة القراء هذه الحقيقة المرّة ويعرفون تفاصيل أكثر دقة بسبب معايشتهم او قربهم من الأحداث خلال الأعوام العشرة التي تلت سقوط النظام السابق وحتى غزو داعش المشؤوم لأراضينا .
ويحق لكل فرد من أبناء شعبنا ان يسأل اليوم :
كم من مسؤول ، ممثل ، مرتزق، مطبل ومزمّر ... الخ إستغنا لحد التخمة، وحتى عشرات، مئات أو ربما  أكثر من الأشخاص  العاديين الموالين لهذه الأحزاب  ويعرفهم الكثيرون كانوا معدومين وأصبحوا ، بقدرة قادر ..... ، فهل سألهم أحد يوماً : من أين لك هذا ؟
إذا عرف السبب بطل العجب .
لذلك يحق لهم أن يعلنوا عن عجزهم "المادي" والمعنوي وفشلهم في دعم شعبنا في محنته ، ولكن لا يحق لهم أن يضعوا العراقيل في طريق من مدّ ويمد يد العون له، أو يدّعون أحقّية تمثيلهم له بعد كل ماجرى !

وقد ينبري أحدهم ويقول بأن النظام في العراق كله فاسد من رأسه الى قدميه فلماذا نلوم ممثلينا في الأحزاب والسلطة ؟
نقول له بأن نفس النظام قائم على المحاصصة الطائفية، فلماذا نلوم الكنيسة الكلدانية بطرحها تسمية (المكون المسيحي) كتسمية مرحلية ، وتدخلها في الشؤون السياسية طالما بقي هذا النظام قائما من جهة، وعجز أحزابنا وأنحسار دورها من جهة أخرى ؟
والغريب في الأمر، هناك من اعلن تخوفه من تبنّي هذه التسمية المؤقتة لأنها ستجعلنا  كمسيحيين أهدافاً سهلة للمتشددين الأسلاميين ، فهل إستثنى داعش في إجتياحه لمناطقنا مقرات الأحزاب ( الكلدانية السريانية الآشورية ) من حرف النون بإعتبارها مقار لأحزاب قومية سياسية لاعلاقة لها بالدين والطائفية. أي منطق هذا ؟
في الختام، إذا كانت أحزابنا عاجزة عن مد يد العون لشعبنا والكنيسة ومقترحاتها غير مُرَحّب بها ، ألم يحن الوقت لتشكيل مجلس إنقاذ يضم أشخاصاً كفوئين لهم خبرات في المجالات السياسية والأقتصادية والقانونية وغيرها يمثلون كافة الفئات المسيحية من الكلدان والسريان والآشوريين، وحتى الأرمن وغيرهم ، ويكون ممثلا ً لهم جميعا وناطقاً بأسمهم في هذه المرحلة المهمة والحرجة، على ان تقدم الأحزاب والكنائس الدعم الكامل له كبادرة حسن نيّة من الجميع.


جاك الهوزي
corotal61@hotmail.com

22
جاء في بيان صادر من البطريركية الكلدانية حول الخطاب التحريضي ضد المسيحيين مايلي :
"لذا ندعو المرجعيات الدينية الحكيمة إلى تبني نهج الاعتدال والانفتاح ومنع كذا خطابات تروج للكراهية والتمييز، كما ندعو الحكومة الموقرة الى فرض القانون والعمل على احترام عقيدة كل أنسان عملا بشرعة حقوق الإنسان بالآية الكريمة: "من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" ( سورة الكهف 29)".
بيان البطريركية على الرابط المرفق أسفل المقالة .

هل للمسيحيين مستقبل في العراق ؟
يعتقد (اكثر الناس تفاؤلاً) بأن المسيحيين في العراق ومنطقة الشرق الأوسط  عموماً ينتظرهم مستقبل أسود  لتراجع أعدادهم بشكل مخيف نتيجة  تصاعد المد الأسلامي المتشدد بعد سقوط نظام صدام حسين في العراق وما يسمى بالربيع العربي مما أدى الى بروز تيارات إسلامية دموية كالقاعدة وداعش وغيرها التي نشطت نتيجة الفوضى والفراغ السياسي الذي خلفته الأحداث السريعة المتلاحقة في دول المنطقة.

ومادمنا بصدد الحديث عن المسيحيين العراقيين ، فمن غير المعقول أن  يصدر عن رجال دين مسلمين ومن على منابر المساجد وفي وضح النهار كلام يُكَفّر المسيحيين وغير المسلمين ويهددهم - لو رغبوا بالبقاء على اراضيهم - بالأسطوانة العنصرية المعروفة :
إعتناق الأسلام، دفع الجزية أو القتل .
وكل هذا يجري في ظل دولة وحكومة تدّعي الديمقراطية وحقوق الأنسان ومرجعيات دينية تتظاهر بإنها ترفض هذه الظاهرة  الخطيرة ولكنها لاتحرك ساكناً لوضع حدٍ لها !!

لماذا تسكت المرجعيات الأسلامية في العراق على هذه الممارسات البشعة؟
إذا كانت هذه المرجعيات مستقلة وتتغاضى عن مثل هذه الأفعال والتصريحات الأجرامية، فليس هناك إلاّ تفسير واحد وهو إنها ترغب بذلك وتشجعها عن طريق السكوت عليها ، لأن السكوت في مثل هذه الحالات من علامات الرضا، وهذا أخطر مافي الموضوع إن كان الأمر كذلك.
نلاحظ في النص المقتبس أعلاه من بيان البطريركية الكلدانية بأنها تدعو "المرجعيات الدينية الحكيمة" والحكومة العراقية لمنع هكذا خطابات مغرضة . هذا يقودنا الى أسئلة مهمة منها :
هل ستستجيب هذه المرجعيات والحكومة لمثل هذا النداء ؟
كم مرة وجّهت البطريركية هكذا نداءات دون أن تلتفت لها هذه المرجعيات والحكومة ؟ لماذا تنفرد البطريركية الكلدانية بإطلاق مثل هذه الدعوات والبيانات وحدها؟
فهل صدرت فتاوٍ من هذ ه المرجعيات تحرم تصريحات كهذه من مستخدمين رسميين في مساجدها يتقاضون رواتب منها ؟
أو شرّعتْ الحكومة العراقية قوانين تعاقب من يقوم بها أو يروّج لها ؟
 ولماذا إذاَ لايصدر بيان مشترك عن رؤساء الكنائس وممثلي أبناء شعبنا جميعاً حول الموضوع يطالب الحكومة العراقية والمرجعيات الدينية بشكل رسمي تحمّل مسؤولياتها الأخلاقية والدينية  لأصدار قوانين وفتاوي تعاقب وتحرّم من يقوم بهذه الأفعال المشينة ؟

أما إن لم تكن مستقلة، فهذا يعني بأنها تُنفّذ تعليمات وأوامر جهات ومرجعيات خارجية هدفها السيطرة على العراق عن طريق شراء الذمم وفرض فكرها المتطرف  من خلال ممارسات وحشية  وترهيب الناس لزرع الرعب واليأس في قلوبهم كالمسيحيين وأتباع الديانات الأخرى غير الأسلامية -وحتى الأسلامية منها التي تنتمي الى مذهب مختلف عنها-  بهدف طردها من اراضيها ومسح تراثها وتدمير حضارتها، وكأنها تقول لهم بصريح العبارة : لامكان لكم هنا ، وحتى حضاراتكم أصبحت جزءً من الماضي !
في هذه الحالة علينا  نحن أيضا أن نستعين بمرجعيات خارجية  كالفاتيكان، بإعتبارها المرجع الأعلى لغالبية مسيحيي العراق ، والكنائس المسيحية الكبرى الأخرى ،كالكنيسة الأرثذوكسية الروسية وغيرها ، والدول والمنظمات الأممية التي تد ّعي الدفاع عن حقوق الأنسان ونطالبها بتحمل مسؤولياتها وحماية أتباعها بالضغط لأصدار بيان دولي ملزم بهذا الشأن ومطالبة  المرجعيات الأسلامية الكبرى في العراق وخارجه في مصر والسعودية وأيران بمعاقبة كل من يروّج لهذا الفكر الهدام، هذا لو أرادت أن يبقى المسيحيون على اراضيهم ، وإلاّ فلا معنى من مطالبتهم بالبقاء على اراضيهم والحفاظ على تراث أجدادهم.

إن لم تكن لدى هذه الجهات القدرة على ذلك ، فكيف يمكن للمسيحيين المستضعفين المطالبة بحقوقهم القومية والوطنية والحماية الدولية والمنطقة الآمنة التي يتحدثون عنها ؟
ولكن قبل هذا كله، هل نحن ، كمسيحيين عراقيين مستعدون لتجاوز خلافاتنا وتوحيد صفوفنا للمطالبة بحقوقنا.

الرابط :
http://saint-adday.com/?p=17555

23
أخذت ملايين الدولارات التي صرفتها السعودية لنشر الفكر السلفي الوهابي تحقق أهدافها في أوربا.
وإتضّح بأن الغاية الأساسية من صرف مبالغ طائلة لبناء مساجد ومؤسسات  تعليمية كبرى في مدن أوربا المهة كانت لنشر فكرها المتطرف وسحب البساط من تحت أقدام القائمين على المساجد التي تنشر فكراً معتدلا يقبل التعايش مع الآخر .

ففي أمستردام مثلا ً، أخذ تأثير التيار السلفي بالأزدياد على الجوامع والمساجد المغربية البالغ عددها ٢٢، حيث بات نصفها خاضعا لهذا التيار الأسلامي المتطرف الذي يواصل الضغط على الجوامع الأخرى وخصوصاً المعتدلة منها وفق ما جاء في صحيفة (NRC) الهولندية .
وبحسب الجريدة ، أن أحد أهم أسباب تصاعد نفوذ هذا التيار يكمن في إزدياد عدد الأئمة الذين يتم تدريبهم وتأهيلهم في المملكة العربية السعودية.
وأشارت الصحيفة الى تقرير المخابرات الهولندية الأخير الذي يحذّر من محاولة السلفيين السيطرة على الجوامع الأخرى المعتدلة في العاصمة الهولندية بقوة وتأثير المال .
وقال ناطق بأسم بلدية أمستردام بأن هذه المشكلة تشغل حيّزاً مهماً من أهتمامات البلدية وعمدة المدينة.

من جهة أخرى، يرى خبراء أمنيون أن الوقت قد حان لتتخذ الدول الأوربية إجراءات مشدّدة للحد من هذه الظاهرة الخطيرة التي أخذت تغزو مدن أوربا المهمة من شرقها الى غربها .
وتحولت مساجد ومؤسسات تعليمية اسلامية كثيرة الى أوكار لتخريج إرهابيين يشكلون خطورة كبيرة على أمن وأستقرار هذه البلدان نتيجة تشبعهم بهذا الفكر المتطرف، ومنهم أولئك الذين سافروا الى العراق وسوريا ومناطق اخرى من العالم للقتال مع تنظيمات اسلامية متطرفة كداعش والقاعدة وغيرها من التي تحمل أفكارا  مشابهة لتلك التي يروّج لها أئمة المساجد السلفية في بلدانهم والمتخرجين من السعودية والمدعومين منها مادياً.

والغريب في الأمر، أن غالبية الدول الأوربية تعلم بالدور السلبي الخطير على رعاياها نتيجة تأثير أولئك الأئمة (صنع السعودية) ودورهم في زعزعة أمنها وتعريض رعاياها للخطر -وما الأعمال الأرهابية التي تجتاح بلدان أوربا إلاّ جزء منها- إلاّ انها لاتحرك ساكناً لمنعهم من ذلك أو تضغط على السعودية لوضع حد لتدخلها المباشر وغير المباشر في شؤونها الداخلية عن طريق تلك (القنابل الموقوته) التي تنفجر هنا وهناك.

والسؤال المهم هنا :

هل مصالحها مع السعودية أهم من أمن وحياة مواطنيها، أم ان لهذه الدول رأي آخر في الموضوع ؟

corotal61@hotmail.com

24
المضحك المبكي في وضعنا نحن الكلدان والسريان والآشوريين هو - رغم كوننا أصحاب أرض العراق الأصليين من شماله الى جنوبه - مازلنا نبحثُ عن هوية تجمعنا وموطئ نضع عليه أقدامنا !
ندّعي بأننا من سلالة أولئك الرجال الذين لم يبقى شبر من أرض بلاد الرافدين إلاّ وتركوا أثراً فيه ، أو حجر لم ينطق بعظمتهم ، بينما نحن مازلنا نترجى أن يمن الآخرون علينا بشبر من أرضنا لنقيم كياننا الهش عليه .
ولكننا عن أي كيان نتحدثُ هنا ؟ ومن نكون نحن من وجهة نظرنا  قبل الآخرين ؟
هل نحن كلدان ؟
هل نحن آشوريون ؟
أم نحن آراميون سريان ؟
الجواب، نحن لسنا كلداناً، آشوريين أو سرياناً . لماذا ؟
لأن كل طرف يحاول إلغاء الآخر أو احتوائه في أحسن الحالات لأغراض سياسية وإنتخابية .
وإنْ لم يكن هناك وجود للكلدان والسريان والآشوريين أو لأحد هذه المكونات ، فكيف أصبحنا بقدرة قادر شعبا واحدا يسمى كلدان سريان اشوريين ؟ ولمصلحة من تروّج بعض الجهات لهذه التسمية ؟

لستُ هنا بصدد الحديث عن التسميات المفردة أو المركبة وإنما عن الأضرار التي لحقت بنا من جرائها، والتي تكاد تكلفنا وجودنا على أراضينا بسبب الخلافات التي تسببت فيها والتي أدت الى تمزيق وحدة الصف وفقدان ثقة الناس بسياسيينا وحتى رجال ديننا وأهدافهم المعلنة والمخفية، وخصوصاً التسمية المركبة التي خلطت الحابل بالنابل والمرفوضة جماهيرياً إلاّ ممن إستفاد منها لأغراض أخرى كما ذكرنا ، ويتوهم من يعتقد بأننا نتمكن من توحيد شعبنا بمجرد لصق الكلمات ببعضها لنجعل الآخرين ينظرون إلينا على إننا شعب واحد.

لقد أثبتت هذه التجربة فشلها وكانت سبباً في زيادة التباعد بيننا، وحتى الكثير من الذين تبنوّا هذا المصطلح الغريب ، وخصوصا من أصبحوا خارج  السلطة (المنفعة) أو الأحزاب السلطوية، أخذوا يشددون على اشوريتهم، كلدانيتهم أو سريانيتهم  -وهذا أمر طبيعي- أن يرتبط كل شخص بقوميته التي يعتز بها ويدافع عنها ويقف بوجه من يحاول تهميشها أو استخدامها لغايات شخصية .

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا :
من نكون إذاً ؟ وما هي هويتنا لكي لانعطي الآخرين تبريراً كي يطلقوا علينا أسماء يعتقدون بأنها توحدنا كالمكون المسيحي مثلاً، بعد أن فشلنا في إقناعهم من نكون بسبب صراعات التسمية العقيمة ؟
ورغم إعتزازنا بمسيحيتنا التي وحّدتنا لقرون عديدة بحيث ذابت  فيها كل الخصوصيات  تقريباً، لاسيما أن ما يجمعنا هو أكثر بكثير مما يفرقنا. ونتشرف بأننا مسيحيون شرقيون ساهم أجدادنا بنشر نور المسيح الى أرجاء واسعة من المعمورة وقدّموا شهداء وتضحيات كبيرة من أجل ذلك ومازالوا ، إلاّ أن لنا هوية كباقي الشعوب التي تسكن هذه الأرض التي كانت أرضنا يوماً، ويجب أن تكون تسميتنا بها وأن تُحتَرَمْ هذه التسمية (التسميات ) لأنها أصل هذه الأرض ، ولكن قبل ذلك يجب أن نحترم أنفسنا نحن ليحترم الآخرون هويتنا ويعترفوا بها فعلاً وليس قولاً ، وحتى الأعتراف (الدستوري) بها لايعني (عملياً ) شيئاً إذا كانت حقوقنا مهضومة وأراضينا مسلوبة، وسنبقى مجهولي الهوية شئنا أم أبينا.

كيف نحافظ على هويتنا ؟
لايمكننا فعل ذلك إلاّ بالأعتراف بأننا أخطأنا جميعاً عندما تبنينا ثقافة الألغاء والأحتواء وإن آثارها السلبية ماتزال تمزقنا من الداخل .
 وإنّ أفكاراً كهذه ، التي تَبَنّاها مفكرون قوميون من أبناء (شعبنا ) قبل اكثر من قرن من الزمن لاتتماشى مع القوانين ونظرة العالم المتمدن الى مفهوم القومية وحقوق الأنسان اليوم، وإنما تدخل في إطار العنصرية والشوفينية .
وإذا كان للذين تبنّوا هذا الفكر أسبابهم نتيجة للظروف التي كانت سائدة في ذلك الوقت، فإن الذين إستنسخوه دون إدخال تغييرات تتماشى مع تركيبة شعبنا اليوم تسببوا في حالة الأنشقاق والفوضى التي تعم صفوفه.
ولكن لايوجد مفر من التعاون بيننا نحن الكلدان والسريان والآشوريين من أجل مصالحنا المشتركة ، لأننا لانستطيع أن نحصل حتى على الحد الأدنى من حقوقنا لو عملت كل فئة بمفردها ، علينا أن نبحث بجدية عن صيغة لهذا التعاون المشترك ،لاتستثني أحداً ولاتلغي طرفاً معيناً وتعتز بتسمياتنا الجميلة الكلدانية والسريانية والآشورية التي تمتد جذورها عميقا في كل أرجاء الوطن وتضع الرجل المناسب في المكان المناسب وتشمل كل المواهب والطاقات .

إنْ لم يكن لدينا إستعداد لقبول الآخر كما هو والتعاون المشترك على أساس المصلحة العامة للجميع أولاً، قبل فوات الأوان ، علينا أن لانحلم كثيراً ولانتوقع هدايا جاهزة من الآخرين كمنطقة آمنة أو محافظة أو أقليم ، فالدلائل كلها لاتبشّر بخير .

جاك يوسف الهوزي

corotal61@hotmail.com

25
تفاجأتُ كغيري من أبناء كنيستي الكلدانية بخبر ترك أيوب شوكت ، الراهب والقس السابق في الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية لكنيسته وقبوله أو رسامته مجددا ككاهن في الكنيسة الأنكليكانية في مدينة فانكوفر الكندية .

وبحسب ما جاء في بيان مقتضب عن إنضمام أيوب شوكت الى كنيسته الجديدة نشره موقع البطريركية على الرابط (١)

 أنه  "كان راهباً ناذراً الطاعة والفقر والعفة، ارسله ديره الى روما للدراسة، ثم ذهب الى كندا لحضور زواج شقيقة له وبقي فيها وطلب اللجوء بهذا البلد".

أيوب هذا ، الذي وصفه أتباعه والذين يعرفونه بأنه كاهن مثالي وتعاطف معه الكثيرون رغم إنفصاله إنْ لم يكن إنشقاقه عن كنيسته - منذ ذلك الوقت -  وتأسيسه لكنيسة (كلدانية) أخرى بدعمٍ من الكنيسة الأنكليكانية مستغلاً سوء العلاقة بين كاهن الرعية وبعض أبنائها لتبدأ الخطوة الأولى التي أنتهت بإنضمامه لكنيسته الجديدة .

المشكلة الكبرى لاتكمن فيه ، فقراره - ككاهن -  كما جاء في بيان البطريركية بتركه لكنيسته الأم وإنضمامه لكنيسة أخرى ، لم يكن الأول ولن يكون الأخير أيضاَ ، ولكن السؤال المهم الذي يطرح نفسه هنا هو :

ماهو مصير أتباعه ؟

إذا كان الكثيرون قد تبعوه ، ربما ليس حبا به ، وإنما بسبب مشاكلهم مع الكاهن السابق للرعية كما إدّعى عدد غير قليل منهم، فإنّ هذه الحجة قد بطلت بزوال سبب تركهم لكنيستهم الأصلية بتعيين كاهن جديد لها .

والغريب أن تركه للكنيسة الكلدانية جاء بعد وقت قصير من زيارته لكاهن الرعية الجديد الأب صباح كمورة لتقديم التهاني والتبريكات بحسب الرابط (٢) الذي نُشِرَ على موقع البطريركية وجاء فيه :
 
بمبادرة طيبة وكريمة لتقديم التهاني والتبريكات لحضرة الآب الفاضل صباح كمورا بمناسبة تسلمه المنصب الجديد كراعي لخورنة كنيسة القديس بولص الكلدانية في فانكوفر، قام حضرة الآب أيوب شوكت وعدد من أبناء شعبنا المؤمن بزيارة الآب صباح في المركز الراعوي الجديد للخورنة. وذلك في تمام الساعة التاسعة من مساء يوم الأحد الموافق 15-1-2017، حيث تم عقد لقاء تشاوري وودي في جو مفعم بالمحبة والفرح المسيحي. وأكد الآب أيوب شوكت والوفد المرافق له بأنه هناك أجماع كامل من قبل الجميع للتعاون والخدمة مع الآب صباح كمورا بروح المحبة المسيحية تحت خيمة واحدة لكنيسة الرب يسوع له المجد في فانكوفر. وأكد أيضاً على أنضمام كل اللجان والنشاطات إلى كنيسة القديس بولص في نهاية شهر شباط وتحديداً يوم 26-2-2017 حيث موعد أنتهاء العقد المبرم مع الكنيسة الإنكليكانية.

فهل يُعقَلْ بإنه كان يُمَثّل على الجميع بما فيهم أتباعه وراعي الخورنة الجديد أيضاً؟
ولكن ، ماذا يعني أنضمام كل اللجان والنشاطات إلى كنيسة القديس بولص في نهاية شهر شباط وتحديداً يوم 26-2-2017 حيث موعد أنتهاء العقد المبرم مع الكنيسة الإنكليكانية؟

ربما كان أيوب يعلم بما سيقدم عليه ، بالتالى قام بتصفية أمور "كنيسته المنفصلة" قبل إقدامه على الأنضمام الى الكنيسة الأنكليكانية ، وهذا يقودنا الى سؤال آخر :
لماذا ترك الكنيسة الكلدانية أو حتى الكاثوليكية الآن وأختار الأنضمام الى كنيسته الجديدة بعد أن أستقرت أمور كنيسة فانكوفر الكلدانية ؟

هناك أسباب عديدة منها :

١- ربما كان هناك إتفاق أو إلتزام مسبق بين السيد ايوب والكنيسة الأنكليكانية على جذب عدد أكبر من أبناء الرعية مستغلين سوء علاقتهم مع كاهنها السابق لغاية كانوا يخططون لها، إلاّ أن قرار تنقلات الكهنة في ابرشية كندا - الذي ربما لم يكن متوقعا لهم - وتعيين كاهن جديد لم يترك لأتباعه حجة للأنفصال.
٢- شعوره بأنه غير مرغوب فيه في الكنيسة الكلدانية .
٣- لأسباب دنيوية.

على العموم، الرجل إتّخذَ قراره وهو حر فيه، نتضرع في هذه الأيام المباركة الى ربنا يسوع المسيح وبصلوات امنا المباركة مريم أن تبقى كنيستنا موحدة وقوية وخيمة لجميع أبنائها. آمين .

corotal61@hotmail.com

الروابط :
(١)  http://saint-adday.com/?p=16820
(٢)  http://saint-adday.com/?p=16717


26
يخوض المسيحيون في العراق صراعين مريرين مختلفين من أجل البقاء. أولهما، محاولة الحصول على نوع من الأستقلال الذاتي ، ويصطدم طموحهم هذا بمصالح القوى الكبرى والتغييرات المحتمل حصولها في مناطق تواجدهم بين أراضي خاضعة لأقليم كردستان شبه المستقل والعراق المركزي ، وهناك خطر حقيقي بتقسيمهم بين الطرفين ووفقا لما تفرزه الحرب مع داعش والتعهدات السرية المتفق عليها مسبقا بينهما، والتي كانت أحد الأسباب المهمة لتأخر انطلاق عمليات تحرير نينوى.

وإذا حصل هذا الأمر، فأنه سيكون سبباً آخر لأضعافهم وتمييعهم لاسيما وأن أعدادهم تناقصت بشكل مخيف لتصل الى حوالي 230 ألفا من مجموع سكان  العراق البالغ عددهم 38 مليون و 654 ألفا بحسب منظمة الأبواب المفتوحة ( Open Doors ) التي تهتم بمعاناة المسيحيين في العالم .

وثانيهما ديني ، لأنهم يتعرضون للتصفية الدينية على أيدي الجماعات والتنظيمات الأسلامية المتشددة منذ سقوط النظام السابق في عام 2003 مما ادى الى هجرة أعداد كبيرة منهم ، وأخطر مافي الأمر كانت هذه التنظيمات ومازالت مرتبطة بشخصيات وأحزاب إسلامية تدير دفة الحكم في العراق وفي مناطق تواجدهم ،ممولة ومسنودة من قوى أقليمية نشرت ايديولوجيات وثقافات طائفية جعلت من العراق ساحة لتصفية حساباتها ومن المسيحيين والأقليات الأخرى فريسة سهلة لها في ظل سكوت العالم عن الجرائم البشعة المرتكبة بحقهم ، ووصلت ذروتها بسيطرة داعش على الموصل وسهل نينوى ذو الكثافة السكانية المسيحية، فتم إقتلاعهم بالجملة من اراضيهم وتدمير منازلهم وكنائسهم وتحطيم آثارهم وتراثهم في محاولة واضحة لطمس هويتهم وتاريخهم وإزالة كل ما يشير اليهم.

يخطئ كل من يظن بان الأمور ستعود الى طبيعتها بعد تحرير الموصل وهزيمة داعش ، وأن من تبقّى من المسيحيين سيعودون لممارسة أعمالهم كالسابق بعد إعادة تأهيل مناطقهم واراضيهم وأن بأمكانهم الدفاع عن أنفسهم ، وحتى الحماية الدولية - إنْ وُجِدَتْ - لن تكون إلاّ حلاً مؤقتاً سينتهي عاجلا أم آجلاً .

وسيبقى فكر داعش والمتعصبين المتعاطفين معه - وما أكثرهم - يشكلون خطرا حقيقيا على المسيحيين ومصالحهم ومستقبلهم على اراضيهم لسنوات طويلة وسيزداد مالم يتم ردعهم بشتى الوسائل، وهذا يتطلب قيام دولة مدنية قوية تحارب هذا الفكر بشدة وتتفرغ لبناء الوطن من جديد وتوفير فرص العيش والأمان للجميع .

والسؤال الذي يطرح نفسه هو :
هل تبدو هناك بوادر في الأفق تشير الى قيام مثل هذه الدولة في حالة إنتهاء الحرب ؟

الجواب ببساطة كلا، على الأقل في القريب العاجل .

هنا يتبادر الى الأذهان سؤال آخر :
وهل سيبقى المسيحيون تحت رحمة أولئك المتشددين الى أن تكون الدولة قادرة على حمايتهم ؟

هذا السؤال صعب ومعقد والأجابة عليه ليست سهلة لسببين رئيسيين :
١- إنقسام المسيحيين على أنفسهم بين مؤيد للحماية ومعارض لها، وليس مسألة الحماية وحدها، وإنما إنقسام في الرأي بصورة عامة بين الكتل والأحزاب السياسية، بين الكنائس ومواقفها، بين القوميين وأمور أخرى تجعل من الصوت المسيحي الضعيف أصلاً مشتتاً وغير مسموع، وهذا أكبر تحدٍ يواجههم في هذه المرحلة الحرجة، ولايقل أهمية عن التحديات الخارجية .

٢- الخارطة الجديدة للمنطقة وطبيعة العلاقات المستقبلية بين حكومة المركز والأقليم سيكون لها أثر بالغ على استقرار المسيحيين وأمنهم .

جاك يوسف الهوزي

corotal61@hotmail.com

27
تتعرض الرابطة الكلدانية هذه الأيام لهجوم غير مسبوق من قبل "نشطاء" كلدان يشعرون بأن الرابطة ، متمثلة بشخص غبطة البطريرك ساكو ، قد سحبت البساط من تحت أقدامهم أو تقف كحجر عثرة في طريق العمل القومي الكلداني  الذي فقد بريقه بسبب وصاية الكنيسة وسلطتها .

والغريب في الأمر، أن "نشاطهم القومي" إقتصر على التشكيك في نوايا الرابطة الكلدانية ووصفها بالفاشلة والأداة التي يستخدمها البطريرك للسيطرة على الشعب الكلداني ومقدراته، إضافة الى الحملة الأعلامية التي لا تتعدى سوى نشاطات هنا أو كتابات هناك تتحدث عن المثاليات وتتعمد إقحام أسم غبطة البطريرك بشكل سلبي دون الأشارة الى إيجابية واحدة مما يقوم به لصالح المسيحيين والمهجرين منهم خصوصاً والتصريحات الجريئة ضد الأرهاب والقوانين المجحفة بحقهم ومن أرض الوطن، والتي تعرضه للخطر في كل لحظة .

ولكي لايفهم البعض بأني أكتب هذا الكلام دفاعا عن البطريرك تملقاً أو طمعاً في الحصول على مقابل ما كما يحاولون كلما كتب أحدهم كلمة منصفة بحق غبطته أقول لهم لاياسادة، فأنا لست من الذين يبحثون عن المنصب والمادة على حساب المبادئ وحريتي الشخصية ، وتلقيت دعوات للمشاركة في مؤتمر ديترويت والمؤتمر الأخير للرابطة الكلدانية في أربيل ودعوة من الأتحاد العالمي للكتاب الكلدان وعن طريق شخص عزيز عليّ وعضو فيه يدعوني بأسم الأتحاد للانتساب إليه، إلاّ أنني شكرتهم وأعتذرتُ لهم، وأوضحتُ لبعضهم بأني لا أرغب بالأنتماء لأية جهة لأكون حراً في التعبير عن ارائي الشخصية وأتحمل انا مسؤولية ما أكتب، والذي يعرفني من أيام الجامعة في الثمانينات وفي كمبات اللاجئين في تركيا بين عامي (٩١و١٩٩٢) يعلم جيدا بأني كنتُ منفتحا على الجميع وأدافع عن حقوقهم دون مقابل وتعرضتُ لمضايقات كثيرة بسبب ذلك، وقد تلقيتُ رسالة شكر وتقدير من جهة اشورية في أستراليا لمساعدتي عددا من الأخوة الآشوريين الذين وصلوا الى هناك، مع دعوتهم لي للتعاون معهم عندما وصلت الى اوربا في عام ١٩٩٢، إلا انني شكرتهم ايضا وأعتذرت.
 لذلك أرجو ان لا يذهب تفكير البعض بعيدا عندما ننصف أحدا نتيجة لما يقدمهُ، لأن القضية الكلدانية ليست حكراً على شخص ما أو مجموعة معينة أو غايات وأهداف محددة حصرا.
أنا كلداني وأدعم كل نشاط كلداني يهدف خدمة الكلدان ولا أستعجل في إصدار الحكم على نشاط قائم قبل أن يأخذ فرصته وأترك القرار للأيام التي ستثبت نجاحه من عدمه.
لقد دافعت عن المؤتمرات الكلدانية أيضاً ضد بعض الهجمات التي كانت تتعرض لها ، وتأملتُ الخير منها، ولمن يرغب مشاهدة ذلك، بأمكانه الاطلاع على أرشيف كتاباتي في هذا الموقع.

والآن لديّ أسئلة للأخوة "النشطاء" الكلدان من المشككين بعمل الرابطة وغبطة البطريرك :

- هل هكذا يكون الرد على الرابطة الكلدانية، أو رابطة (ربطة) البطرك  الفاشلة كما تدّعون ؟ عن طريق كتابات لاتخدم القضية الكلدانية مطلقا، بل تزيد من انقسامها وتفككها ؟
- هل لديكم الشجاعة الكافية للأعتراف بأنكم حاولتم وفشلتم، وليس بأستطاعتكم مشاهدة آخرين، تعتقدون بأنهم أقل كفاءة منكم ، يقودون أكبر تنظيم كلداني موجود على الساحة حاليا ومدعوم من أكبر شخصية كلدانية مدنية ودينية ( البطريرك ) وأكثرها تأثيرا محليا ودولياً ، لذلك تحاولون ابعادها عن الساحة بحجة فصل الدين عن الدولة ؟
- منذ متى كان بعضكم حريصاً هكذا على الدين ؟ وهل الوضع مستقر في البلد والأمن مستتب ودولة القانون والمؤسسات قائمة، أو بإمكانكم وقف اصحاب العمامة والمرجعيات من التدخل في شؤون البلاد وسن قوانين كارثية بحق المسيحيين والآخرين لتطالبوا البطريرك بترك الساحة ؟
- وهل تعتقدون بأن صراخكم من وراء البحار له صدى إيجابياً على وضع مسيحيي الوطن، أو يأخذه المسؤولون مأخذ الجد أو حتى يعيروه أي اهتمام ؟ هل سألتم نفسكم مرة ماهو حجمنا وتأثيرنا على الآخرين ؟
وكما يقول المثل:
رحم الله أمرئ عرف قدر نفسه، فأراح واستراح.

ورغم هذا كله، هناك سؤال أخير ومهم يطرح نفسه :

ما هو بديلكم عن  ( ربطة البطرك الفاشلة ) ؟

عندما تأتون ببديل عملي أفضل غير الكلام والمثاليات التي شبع منها الشعب الكلداني وتقدمون أعمالاً ملموسة أفضل مما تقوم به الرابطة والبطريرك، عندها فقط ستسحبون البساط من تحت أقدام غبطته ورابطته دونما الحاجة الى الكلام الكثير والتشنجات الفارغة، وهكذا يكون الرد وإلا فلا.
لقد ذهب زمان ترديد الشعارات الحماسية، وشعبنا بحاجة الى أفعال فقط.

جاك يوسف الهوزي

corotal61@hotmail.com

28
أعتقد بأن أكثركم قد سمع بالجملة الموضوعة بين قوسين في عنوان مقالنا هذا، لأن هذه الحكمة البالغة قالها سيدنا يسوع المسيح ، والذي لم يسمع بها ولايعرف لماذا قالها ، بإمكانه معرفة ذلك عن طريق انجيل متى (22:12-32).

لسنا هنا بصدد الحديث عن ما جاء في أنجيل متى أو تفسيره، لأنه ليس من إختصاصنا، وهناك تفاسير واضحة له ومن متبحرين في هذا المجال .
إقتبسنا الآية -الحكمة- موضوعاً لعنوان المقال لأنها تنطبق علينا نحن الكلدان أو البيت الكلداني.

لم يتمكن الكلدان خلال عملهم السياسي ،الحديث العهد، من الأجماع أو الأتفاق على الخطوط العريضة التي تُمَكّنهُمْ من وحدة الصف الكلداني، رغم محاولات عديدة جادّة كان للكنيسة ورجالها دور هام فيها كمؤتمرات النهضة الكلدانية التي عقدت بمباركة مطارنة الكلدان في أميركا وخصوصا المطران المتقاعد مار سرهد جمو .

والأمر نفسه ينطبق على الرابطة الكلدانية المدعومة من غبطة البطريرك لويس ساكو وسينودس الكنيسة الكلدانية ، مع وجود فتور واضح نحوها من قبل بعض الأساقفة ورؤساء الخورنات المنتشرة في العراق والعالم، ورغم عدم إشارتهم الى ذلك، إلاّ أن هذا الأمر واضح للعيان لكل متابع للموضوع .

مهم جداً أن تكون لنا تنظيمات وأحزاب ورابطة و..و.. الخ، ولكن الأهم أن نفكر معاً في ما يُوَحدنا ليس بالأسم فقط ، وإنما في طريقة عملية تمنح الفرصة لكل من لديه مايقدّمه للكلدان دون قيد أو شرط أو ولاء لهذا الطرف أو ذاك ، ولن يتم هذا مطلقاً قبل التخلي عن "الأنا" وتوظيفها في خدمة ال "نحن"، ولاتشمل "الأنا" هنا شخصا معينا بحد ذاته وإنما أيضاً جماعات تعارض بعضها البعض نتيجةً لمواقف سابقة مبنية على أسس خاطئة وولاءات ضيقة تستند الى المناطقية والعشائرية، إضافة الى عامل الغيرة والحسد وحب الذات والعناد على حساب مصلحة ووحدة البيت الكلداني .

لايستطيع أحد أن ينكر وجود إختلاف كبير بين موقف ورؤية غالبية "النشطاء" الكلدان الذين حضروا مؤتمرات النهضة الكلدانية لمفهوم الوحدة الكلدانية ونظرة الرابطة الكلدانية إليها رغم ان الطرفين يؤكدان بأنهما يعملان من أجل ذلك !
إختلاف وجهات النظر أمر ايحابي عندما تكون الغاية منها الوصول الى أفضل طريقة لتحقيق الهدف المشترك، ولن يتم ذلك دون وجود نيات حسنة وصادقة لذلك وشجاعة كافية للأعتراف بأخطاء وسلبيات الماضي وتجاوزها.

من أبرز أخطاء وسلبيات الماضي هو الخلاف الكنسي - الكنسي بين البطريركية وأبرشية سان دييغو، والذي فُسّرَ بأنه خلاف شخصي بين غبطة البطريرك ساكو وسيادة المطران جمو، والذي ألقى بظلاله القاتمة على وحدة الصف الكلداني حتى بعد تقاعد المطران جمو.
وإذا كان الخلاف الكنسي قد إنتهى بتقاعد المطران، فأن "النشطاء" المحسوبين عليه ليس لديهم أي استعداد للتعاون مع أية مبادرة قومية يكون مصدرها البطريرك مالم تتماشى مع طموحاتهم وأهدافهم المعلنة في مؤتمراتهم والتي أثبتت الأيام عجزها عن تقديم أي شيء للكلدان.

من جهة أخرى، لم تقم الرابطة منذ تأسيسها بمحاولات جادة لحل هذا الإشكال، وربما لم تعترف أصلاً بجهود ومحاولات أولئك "النشطاء" -حتى وإنْ لم يُكتَبْ لها النجاح لأسباب عديدة- مما خلق شرخا جديدا بين الكلدان وضياع طاقات وإمكانيات كبرى هم بأمس الحاجة إليها.

الرابطة الكلدانية بحاجة الى كل الطاقات الكلدانية، والطاقات بحاجة الى الرابطة، لأن الواقع يقول بأنها حالياً التنظيم الكلداني الوحيد الذي بأمكانه توظيف قدرات هذه الطاقات من أجل وحدة البيت الكلداني.
هذا البيت منقسم حاليا، ولا يمكن له أن يصمد لو بقي هكذا، وأرى بأن الكرة الآن في ملعب الرابطة، عليها أن تبادر لترميمه وتزيل العقبات التي تعترضه بالدعوة لمناقشات جادة وأخوية مع الأخوة المعترضين لتنقية الأجواء ووضع أسس صحيحة للعمل المشترك الذي يخدم الجميع.

ميلاد سعيد للجميع وكل عام وأنتم بألف خير.

جاك يوسف الهوزي

corotal61@hotmail.com

29
أخذت الحكومة الأسلامية التركية بالتخبط بعد الهزائم المتتالية التي منيت بها نتيجةً لسلسلة من الأحباطات الداخلية والخارجية والتي قوّضت طموحات أردوغان الأستعمارية وأحلامه بإعادة  "السلطنة" بطريقة حديثة تضمن له دورا أساسياً في التحكم بمصير ومقدرات المنطقة.

إن تاريخ تركيا الأنتهازي معروف للجميع منذ سقوط الأمبراطورية العثمانية قبل حوالي قرن من الزمن، حيث عملت الحكومات المتعاقبة على استغلال أميركا والدول الأوربية بعد بروز الأتحاد السوفيتي كقوة عظمى موازية للغرب، وبحكم موقعها الأستراتيجي المحاذي للأتحاد السوفيتي السابق وأهمية هذا الموقع بالنسبة لدول حلف شمال الأطلسي حصلت على أمتيازات كثيرة ساهمت في تطورها بشكل كبير مقارنةً بدول المنطقة والدول الأسلامية الأخرى مقابل سماحها بتواجد قواعد عسكرية لحلف الناتو الذي هي أحد أعضائه، وهو ما وفّرَ لها حماية من هجمات محتملة وحصولها على دعم مادي وسياسي كبير ولمدة طويلة. أزدادت أهمية تركيا بالنسبة للغرب بعد سقوط حليفه الأكبر في المنطقة، أي شاه ايران، وقيام نظام آيات الله الأسلامي ومعاداته لأميركا.

لم يمر هذا الحدث الهام مرور الكرام بالنسبة لتركيا، فوجدتها فرصة ذهبية لزيادة إستغلالها وجشعها وممارسة الضغط على حلف الناتو لتحقيق مآربها وابتزازه في ما يشبه بعملية لوي الذراع، خاصة إنها قامت قبل خمس سنوات من قيام الثورة الأسلامية، أي في عام 1974،  بأحتلال شمال قبرص وأعلان قيام دولة تركية مستقلة فيه ودون معارضة فعلية من دول الحلف الكبيرة، ما جعلها تتشجع في التمادي في تجاوزاتها .

ولم يقفْ الأستغلال التركي عند هذا الحد، بل تعداه ليشمل دول المنطقة بأجمعها، وهو كما يقول المثل المصري الشعبي كالمنشار صاعد واكل نازل واكل، فمع اندلاع الحرب العراقية الأيرانية، رفعت تركيا حصتها من النفط العراقي المصدّرْ عن طريق ميناء جيهان التركي عبر الخط الأستراتيجي لمرات عديدة وفي مدة قصيرة جداً لتصل الى أقصى ما تسمح به القوانين الدولية في هذا المجال ( 49% )، مستغلةً قيام ايران بغلق مضيق هرمز أمام السفن وناقلات النفط المبحرة من والى العراق، وبذلك لم يتمكن العراق من تصدير نفطه عبر موانئه .
هذا، إضافة الى التجارة المزدوجة عبر حدودها المشتركة مع البلدين وصرف بضائعها الكاسدة والحصول على النفط الرخيص من كليهما.

وأستمرت بلعب نفس الدور، وإن كان قد فقد الكثير من أهميته بعد سقوط الأتحاد السوفيتي وأنتهاء الحرب الباردة وتحسن علاقات أميركا بالعديد من دوله السابقة، إلا أن هذا الدور لم ينتهِ تماماً وبرز بشكل آخر بعد صعود أردوغان وحزبه الأسلامي وسيطرته على مقاليد الحكم  وتنحية كل من يخالفه الرأي وتقليص دور الجيش ،الحارس القوي لمبادئ وقوانين جمهورية أتاتورك المدنية الحديثة، لتأخذ طابعا إسلامياً مؤيدا لكل ما هو اسلامي في محاولة لأحياء دور مشابه لدور الأمبراطورية العثمانية وممارسة دور السلطان مع دول المنطقة .

إبتسم الحظ للسلطان أردوغان وسياساته الأبتزازية القذرة في المنطقة العربية نتيجة مايسمى بالربيع العربي، حيث أخذت الأنظمة العربية تتناثر كأوراق الخريف في مصر وتونس وليبيا وحروب أهلية في العراق وسوريا وصعود تيارات إسلامية متشددة تقف وراءها جهات دولية وأقليمية أوجدت عصابات إجرامية كالقاعدة وداعش والنصرة وغيرها، وقام أردوغان بأستغلالها والمنطقة أقصى أستغلال، وأخذ يكشف عن جانبه المظلم وشوفينيته تجاه الدول العربية وإستغلاله للدول الأوربية في مشكلة نزوح اللاجئين.
أما موقفه المخزي من المسيحيين، فليس بمفاجئة ،وما هو إلاّ استمرار لمواقف تركيا السوداء والمخزية بحقهم، إن كانوا شرقيين أوغربيين.

وحاول أردوغان تلميع وجه تركيا بأجراءات تبدو ( إصلاحية ) ليتم قبولها كعضو في الأتحاد الأوربي ما يكنه بث سمومه فيه أيضاً، إلا أنه فشل في كل مرة بأقناع أوربا بأن تركيا أصبحت مؤهلة للأنتماء اليها، وجاء (الأنقلاب الفاشل) وما أعقبه من أجراءات تعسفية وأعتقالات عشوائية وسن قوانين صارمة تتنافى مع قوانين ولوائح الأتحاد الأوربي بمثابة الضربة القاضية لآمال أردوغان بعدما اعلن الأتحاد الأوربي أن تركيا أبعد ماتكون الآن عن الأنضمام إليه مالم تلغي أو تغيّر أكثر من 70 مادة قانونية لاتتماشى مع لوائحها أهمها ما هو متعلق بحقوق الأنسان والأقليات وحرية الصحافة وابداء الرأي، وهو ماتعتبره تركيا خطاً أحمرا ومساساً بأمنها القومي كرامتها الوطنية؟ !!

والضربة القوية الأخرى التي تلقّاها أردوغان والتي أُعتبرتْ القشة التي قصمت ظهر تركيا وطموحاته هي فوز دونالد ترامب في إنتخابات الرئاسة الأمريكية وتلميحه الى إلغاء حلف شمال الأطلسي بشكله الحالي وتوجيهه لأهداف أخرى كمحاربة التطرف الأسلامي وتحمّل الدول الأعضاء تكاليف عملياته ، إضافة الى تعاظم دور روسيا في المنطقة والذي برز بشكل واضح في إشتراكها في الحرب ضد داعش واخواتها وقلبها لموازين القوى في سوريا، والأهم من هذا كله هو التقارب المحتمل بين روسيا واميركا ترامب، وهو ما يغني عن أي دور أو اهمية أستراتيجية لتركيا في المنطقة، خاصة وان أردوغان ونتيجة لتصرفاته الأستغلالية والعدوانية المعلنة وغير المعلنة للدول العربية الكبرى في المنطقة كمصر والعراق وسوريا أصبح بمثابة شخص غير مرغوب فيه.

وبرز هذا مؤخرا في عدم السماح لقوات اردوغان المتواجدة بالقرب من بعشيقة الأشتراك في عمليات تحرير الموصل رغم محاولاته وتهديداته التي لم يكترث لها العراق ولم تلقى آذانا صاغية لدى القوى الكبرى والمجتمع الدولي مما حدا برئيس وزرائه الى الأعلان عن سحب هذه القوات حال تحرير الموصل، وكذلك سيطرة الجيش السوري على مناطق واراضي كثيرة شمال البلاد، وإنتخاب الرئيس السيسي في مصر بعد إزاحة الأخوان المسلمين المدعومين من تركيا، دليل واضح على تراجع دور السلطان التركي الذي وصل الى ذروته مع صعود نجم داعش في المنطقة.

أما على الصعيد الدولي، أخذت الأصوات تتعالى بإعادة توحيد جزيرة قبرص، وتوالي إعتراف دول ومنظمات عديدة بالأبادة الجماعية للأرمن والمسيحيين الشرقيين والغربيين الآخرين أثناء الحرب العالمية الأولى ، كلها دلائل تشير الى إنتهاء الدور التركي، بعدما كانت هذه الدول تتحاشى الأشارة الى هذه الأمور ، التي تُعتبَر من المحرمات، حفاظاً على مصالحها.

30

نعلم جميعا بأن يسوع المسيح ( كان )  ولعصور طويلة يعني الكثير بالنسبة لكل مسيحي مهما أختلف مذهبه وطائفته، لا بل أكثر من الكثير بكثير، لأنه كان يعني الحياة ذاتها والطريق المؤدي إليها، وأنه كان يؤمن به عن قناعة تامة دون ان يرغمه أحد على فعل ذلك، فجعل من المسيح بسبب أقواله وأفعاله وتضحيته من أجل الجميع هدفا مركزيا في حياته يحاول الوصول إليه مسترخصاً كل شيء من أجله.

ويمكننا أن نرى ونلمس هذه الحقيقة في ملايين القديسين والشهداء والأبرار الذين ضحّوا بكل غالٍ ونفيس، وحتى بحياتهم الأرضية وأعز مايملكونه فيها من أقارب وبنين وسلطة وثروة وجاه من أجله وأنهم لم يَشكّوا لحظة واحدة بالوعود التي قطعها لهم بحياة أبدية أفضل، ولن يجدوا طريقا آخر يقودهم الى هذه الحياة إلاّ به لأنه هو القائل :

«أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي. " (يو 14: 6).

هذا ماسار عليه المسيحيون منذ فجر المسيحية الى أيامنا هذه، وكانوا مؤمنين بأن يسوع ، الذي غلب الموت بقيامته من الأموات وصعوده الى السماء وجلوسه عن يمين الله الآب، هو هو بالأمس واليوم وغدا والى يوم القيامة، لذلك لايمكن لأي قوة أرضية - مهما عظمَتْ - أن تفصل المسيحي الحقيقي عن محبة المسيح.
يقول الرسول بولس بهذا الصدد :
 
مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضِيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟ (رو 8: 35) .

إذا لم يكنْ بمقدور كل هذه الأمور أن تفصلنا عن محبة المسيح، فهل هناك من بإمكانه أن يفصلنا عن المسيح ومحبته ؟
نعم ، نحن أنفسنا من بإمكانه أن يفصل أنفسنا عنه من خلال عدم إيماننا بوعوده التي قطعها لنا، وتشكيكنا بقدرته على تحقيقها ، وهذا يقودنا الى التشكيك بألوهيته ووجود الله أصلاً، الذي كشف سره يسوع نفسه (الله الأبن والأقنوم الثاني) من الثالوث الأقدس (الآب والأبن والروح القدس) الذي هو الله بالمفهوم المسيحي .
لستُ هنا بصدد الحديث عن الله وقدرته اللامتناهية، من أكون أنا لأضيف شيئا الى عظمة التفاسير التي أتي بها القديسون واللاهوتيون الكبار؟

قد يضحك البعض ممن يعتبرون أنفسهم مسيحيين  -من الذين أغراهم تبحّرهم في العلوم، أو تأثروا بمذاهب وعقائد أرضية، أو أغوتهم السلطة والمنصب والمادة والحياة العصرية - من هذا الكلام ويعتبرونه ساذجاً وأصبح شيئاً من الماضي، إلا أن هذا لاينفي وجود مئات الملايين من المؤمنين المسيحيين  المنتشرين في شتى أنحاء العالم ،ومستعدين للشهادة من أجل المسيح ووعوده وتعاليمه لأيمانهم بأنه معهم كما كان يتجول بين أتباعه الأوائل على الأرض وسيبقى معهم أيضاً مهما تعرضوا للضيق والظلم لأنه صادق في كل كلمة نطق بها.

ونحن نعيش هذه الأيام المباركة وننتظر ميلاد يسوع ، لانقول بأن يسوع يتجدد كل سنة لأنه (هو هو)، ولكنه يمثل ولادة ( حياة روحية ) جديدة لمحبيه وكل المؤمنين به ، ويجدد الوعد بملكوت الله للجميع، ويمنحهم فرصة جديدة للتفكير بتقويم كل أعوجاج في حياتهم الروحية.
وبهذه المناسبة السعيدة وبعيدا عن الأحتفالات والمآدب والسهرات، هل سأل كل واحد منا نفسه السؤال التالي :

ماذا يعني يسوع المسيح لي ؟


جاك يوسف الهوزي
corotal61@hotmail.com

31
بدأ عدد من ضعاف النفوس ،منذ مدة ليست بالقصيرة ، بشن حملة هوجاء ضد الكنيسة الكلدانية وغبطة البطريرك ساكو على وجه التحديد، لأسباب أقل مايقال عنها إنها تعكس معدنهم الرخيص أيّ كانوا ولأيّة فئةٍ ينتمون، لأن كلماتهم النابية النابعة من داخلهم المريض - الأناء ينضح بما فيه - تعكس مدى الحقد والحسد والكراهية والمرارة التي بداخلهم نتيجة ضعفهم وفشلهم وعجزهم تجاه الدور الملفت والمشرف للكنيسة الكلدانية في التعامل مع أزمة النازحين الذين شرّدهمْ داعش الأرهابي عن بيوتهم واراضيهم.
( رابط تجاوزات ضعاف النفوس أسفل المقال ) .

إذا كان إولئك (المناضلين) بكلمات نابية ، قد أغمضوا أعينهم عن رؤية ما قدّمتهُ الكنيسة الكلدانية خلال مأساة شعبنا عن قصدٍ أو بدونه، فأن شرفاء العالم أجمع لم يفعلوا ذلك، بل على العكس منه، نالت الكنيسة الكلدانية ثناءَهم ورئيسها إحترامهم أينما حلّ وأرتحلْ وأصبحوا ينظرون إليه على أنه الممثل الأمثلْ لمسيحيي العراق من خلال الدعوات الموَجَهة الى غبطته من المحافل الدولية المهمة وزيارات المسؤوليين المحليين والدوليين له والأستئناس بآرائه السديدة واعتداله وإنفتاحه على الجميع، رغم أنه لم يطالب بهذا الدور أو إدّعى بأنه الممثل الأوحد للمسيحيين العراقيين !

ورغم ذلك حاول ويحاول الكثيرون أن يجعلوا منه ومن الكنيسة الكلدانية الشماعة التي يعلقون عليها دورهم المخجل في أزمة شعبنا لتغطية فشلهم أو فشل تنظيماتهم الذريع .

على هؤلاء ( المناضلين ) جميعاً ومهما كانت إتجاهاتهم، بأن يعلموا جيداً أن عجلة الزمان لن تدور الى الوراء مرّةً أُخرى، وإن ما كان قائماً قبل مرحلة داعش لن يعود كما كان بعد أن يتم طوي هذه الصفحة المؤلمة، وإن الحملة الهوجاء الرخيصة  والمكشوفة ضد الكنيسة الكلدانية ورموزها لن تثنيها عن السير قدما بأتجاه كل ما تراه يصب في خير الكلدان خصوصاً والمسيحيين عموماً.

على من يقفون وراء هذه الحملة ويحرّكون أقلاماً وأشخاصاً وهمية لغاية في نفوسهم المريضة، أن يكونون رجالاً ويتحلون بالشجاعة لمواجهة رموز الكنيسة الكلدانية ويطرحون مشاريعهم المستقبلية (هذا لو كانت لديهم مشاريع فعلية تساهم في خير وتقدم أبناء شعبنا) ليحترمهم الناس والعالم ، عوضاً عن التفنن بأستخدام الكلمات النابية والأختباء وراء أسماء ووجوه مبرقعة والتشفي الذي لايمكنه أن يشفي غليلهم.

يتوهم من يقف وراء هذه الأساليب المكشوفة، وهم في الغالب من كشفَ داعش عورتهم وأظهر بأنهم كانوا يستخدمون شعبنا ووحدته من أجل تحقيق مكاسب شخصية ، وهم أول من تخلى عنه في محنته الكبيرة، أنّ بإمكانهم خداع شعبنا والكلدان منهم خصوصاً مرة أخرى بألاعيبهم الرخيصة وإلصاق تهم باطلة برموزهم الدينية في محاولة منهم لحجب شمس الحقيقة بغربالهم المهترئ.

جاك يوسف الهوزي

corotal61@hotmail.com

الرابط:
http://saint-adday.com/?p=15221

32
نشر موقع عنكاوا كوم تقريرا مصورا عن الدمار الذي ألحقه تنظيم داعش الأرهابي بكنيسة مار أدي الرسول في كرمليس بعنوان "بعد تخريبها وحرقها ديلي ميل: بالصور.. كنيسة عراقية تئن من داعش" (الرابط أسفل المقال)، أظهر فيه وجه داعش البشع من خلال الدمار الذي ألحقه جنود الظلام بمحتويات هذه الكنيسة التي هي مثال لكل الكنائس التي وطأتها أقدام أقذر المخلوقات المحسوبة على البشرية، وتعكس حقدهم وشعورهم بالنقص حتى أمام تماثيل صماء، ليس التي ترمز الى قدسية لدى الآخرين فقط ، وإنما حتى تلك التي تُذَكّرهم بأنهم دخلاء غير مرغوب فيهم على هذه الأرض وشعبها الأصيل .

هناك بلا شك كنائس وأديرة كثيرة طالتها الأيادي القذرة لأولئك المجرمين وعاثت بها فسادا ، ولم تسلم حتى القبور ومحتوياتها منهم .

ولكي لاننسى هذه الجرائم بسرعة، حالها حال كل المآسي التي لحقت بنا خلال تاريخنا الطويل المليء بالكوارث، نضع المقترحات التالية أمام رؤساء كنائسنا ومن يمثلنا وسيمثلنا في الحكومة مستقبلا :

١- تصوير الدمار الذي لحق بكل كنيسة ودير وتوثيقه للأجيال القادمة ليكون شاهدا على جرائم داعش بحق هذه الكنائس وناسها، ودليلاً للمطالبة بحقوقنا محليا ودوليا.

٢- رفع الحطام منها مع الأحتفاظ بآثار الجريمة كالتماثيل المهشمة والكتب المحروقة والأثاث المكسور والأحتفاظ بها مع صور الدمار الذي أُلحِقَ بالكنيسة في زاوية صغيرة من كل كنيسة، أو في فنائها، كمتحف صغير بعد إعادة تأهيلها.

٣- تشكيل لجنة كنسية مشتركة تتولى مهمة جرد المخطوطات
والكتب القديمة والقيمة التي أحرقها المجرمون وإعادة طبعها -لو كنا نملك نسخاً الكترونية او مصورة لها- ووضعها في الكنائس التي كانت تتواجد فيها .

الرابط :
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=825965.0

جاك الهوزي
corotal61@hotmail.com

33
يعرف الجميع بأننا نمر بمنعطف خطير قد تكون له آثار مستقبلية لا تُحمد عقباها .
فمعركة تحرير الموصل تأجّلتْ أكثر من اللازم لأسباب غير عسكرية وإنما سياسية، القوات المسلحة كانت جاهزة منذ مدة ليست بالقصيرة وعلى أهبة الأستعداد للتحرك بأتجاه الموصل.
الآن وقد بدأت المعركة ، أصبح تحريرها مسألة وقت فقط، كل الدلائل تشير الى ان داعش لايمكنه الصمود طويلاً أمام القوات المهاجمة والدعم الكبير والأسناد الذي تتلقاه من قوات التحالف الدولي ، وتقدر مصادر مختلفة القوات العراقية المشتركة بست وخمسين ألف مقاتل وأربعة آلاف مقاتل من البيشمركة الكردية إضافة الى 1500 مقاتلا دربتهم القوات التركية وزجتهم في القاطع الشمالي لنينوى رغم إعتراض الجهات الرسمية على هذا الأجراء، إلا أن أردوغان أصرَّ عليه.
وأضافت هذه المصادر ان قوة داعش قد تقلّصت في الآونة الأخيرة لتصل الى  ( 5000 - 7000 ) مقاتل فقط .
لسنا بصدد الحديث عن المعركة وتفاصيلها، إلا ان هذه المقدمة القصيرة تشير الى ميلان كفة الميزان لصالح القوات العراقية بشكل واضح .

والملفت للنظر هو وحدة الخطاب لدى حكومتي الأقليم والمركز والدعم الأمريكي الواضح له، وكذلك مساندة السيد مقتدى الصدر للبيان الحكومي وتخليّه عن لهجته المشددة تجاه أمريكا وتشديده على رفض الدور التركي وتواجد القوات التركية على الأراضي العراقية ومطالبته لأنصاره بتظاهر سلمي أمام السفارة التركية للتعبير عن إحتجاجهم على دور تركيا في العراق .
التطور الآخر المهم هو السماح بتواجد القوات العراقية على قسم من الأراضي الكردية، وهذا أمر لم يحصل منذ مدة ليست بالقصيرة.

لو وضعنا كل هذه الأطراف المتناقضة ( الحكومة المركزية، حكومة الأقليم، مقتدى الصدر، أمريكا والسماح بتواجد قوات عراقية في أراضي كردستان ) على خط واحد هوالأتفاق الذي جمعها، لعرفنا لماذا تأخر تحرير الموصل؟
إنه بكل تأكيد تأخر نتيجة مباحثات ونقاشات مكثفة تطلّبتْ مدة طويلة قبل أن تتفق هذه الأطراف على خريطة طريق تخدم مصالح كل طرف أو الحد الأدنى منها لمرحلة ما بعد داعش.
والسؤال الذي يهمنا نحن المسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين والآخرين هو:

هل سيكون لنا دور في حساباتهم المستقبلية ؟

إنْ كان لنا دور أم لم يكنْ لايختلف الأمر كثيرا لأنه لن يكون مؤثراً خاصةً إذا عمل كل طرف بشكل منفرد والسبب هو عددنا القليل المتبقي على أرض الوطن .

وهذا سبب مهم يجعلنا نعيد النظر لنعمل معاً من أجل مصالحنا المشتركة، ولكن قبل ذلك علينا ان نتجاوز خلافاتنا وننسى - ولو لحين - موضوع التسمية ويقبل كل منا الآخر كما هو لأننا مقبلون على نظام مختلف سنتلاشى فيه جميعا لو عمل كل طرف لوحده .
علينا أن نستفيد من تجربة شركاء الوطن الكبار والأتفاق الذي توصلوا اليه أو فُرِضَ عليهم رغم التوجهات المختلفة لكل طرف منهم لأنهم يعرفون بأن مصالحهم تتطلب ذلك في المرحلة القادمة.

فهل يتحلى قادتنا الدينيين وممثلي شعبنا بالشجاعة للجلوس معاً والأتفاق على خارطة طريق تشمل وتحترم جميع الأطراف وتضع حدا للخلافات والتناقضات التي أوجدها البعض ويعترف كل فرد بخطئه من أجل مصلحة شعبنا ومستقبله في الوطن ؟
إنها مسؤولية تاريخية وأخلاقية للجميع لأن الوقت يداهمنا ولاينفعنا البكاء بعد فوات الأوان.

جاك يوسف الهوزي

corotal61@hotmail.com

34
يبدو ان  بعضاً ممن يُطلَق عليهم نشطاء كلدان وسريان قد أيقنوا مؤخرا بأن لهم حق كالآخرين في أن يقرروا مصيرهم ويشاركوا في السلطة والمناصب المخصصة لأبناء شعبنا بعد ان تم شغل هذه المناصب من قبل الآشوريين أو الكلدان والسريان الذين تنكروا لقومياتهم و تبنوا فكر الأحزاب والتنظيمات الآشورية التي إنضووا تحت لواءها.
الغريب في الأمر، أن عددا من أولئك (الناشطين) هم من إنفصلوا، إنقلبوا أو طُرِدوا من تلك التنظيمات ، هذا لايهم كثيراً، المهم انهم اصبحوا خارج حساباتها المستقبلية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو :
لماذا قبلوا بفكر الأحزاب الآشورية عندما كانو اعضاء فيها وانقلبوا عليها عندما أصبحوا خارجها ؟
قد يقول البعض انهم كانوا يأملون بأن ينصفهم الآشوريون ويعترفون بقومياتهم ويساعدونهم في الحصول على حقوقهم للأعتراف بهم وتثبيت اسمهم في دساتير العراق واقليم كردستان.
هذا الكلام يعتبر ساذجاً ولاينطلي حتى على هواة السياسة من المبتدئين، فكيف على من هو مستعد للأنخراط في العمل القومي والسياسي، لماذا ؟
لأن فكر الأحزاب والتنظيمات السياسية الآشورية بعد سقوط النظام السابق كان واضحا ويتمثل في أحتواء الكلدان والسريان بأعتبارهم جزء من الأمة الآشورية، وبعد الصحوة الكلدانية المتأخرة ودخول الكنيسة على الخط وتثبيت اسم الكلدان في الدستور، لم يكن ممكنا تهميشهم قانونيا وقبلها كانت قد ظهرت التسميات المركبة لذر الرماد في العيون.
لماذا وافق إذاً أولئك (النشطاء) على الأنضمام والعمل ضمن التنظيمات الآشورية التي لم تحد عن فكرها إلا ظاهرياً؟
ببساطة، لأنهم أناس إنتهازيون ، وصوليون لاتهمهم سوى مصالحهم، وجدوا في الأحزاب الآشورية فرصة ذهبية لتحقيق طموحاتهم، وعندما أدركوا بأن أهدافهم صعبة المنال،  إنقلبوا عليها وتحولوا الى أشد المعارضين لها متهمين إياها بتهميش قومياتهم. فماذا كنتم تتوقعون ياسادة عكس ذلك ؟ وكيف تحولتم بقدرة قادر الى دعاة مدافعين عن قومياتكم، وأين كنتم من الأول ؟

أنا لن استرسل كثيرا في ما يخص السريان لأن لديهم الكثير من المخلصين ممن يعملون فعلا على تثبيت اسمهم وهويتهم القومية - وهذا حقهم - مثل الكلدان والآشوريين مادمنا غير متفقين على تسمية موحدة، ولكنني ارى بأن سبب تهميشهم هو عدم إهتمامهم ، كالكلدان ايضا، بالشأن القومي إلا مؤخرا .

الملاحظ أن عددا من المتقلبين إنخرط في تنظيمات كلدانية فتية بضمنها الرابطة الكلدانية ايضاً، وإذا اعتبرنا ولادة الرابطة من رحم الكنيسة الكلدانية إنجازا يُحسبُ لها، فأن وجود مثل هؤلاء المتلونين الذين لم يكونوا يوما يعيرون للقومية الكلدانية اي أهتمام ، ويضعون مصلحتهم الشخصية والجري وراء السلطة فوق اي اعتبار اخر، يُعتَبَرْ  الحلقة الأضعف في بنيان الرابطة التي تسللوا اليها عبر استغلالهم لعلاقاتهم الشخصية حتى برجال الكنيسة المتنفذين ، ليس هم وحدهم وإنما آخرين وضعتهم الظروف والعلاقات في الطريق المؤدي الى رئاسة الرابطة، وأصبحوا قادة لها في غفلة من الزمن.
والعتب هنا، كل العتب يقع على الناشطين الكلدان (المخلصين) لأمتهم ، من الذين إكتفوا بلعب دور المتفرج، أو حتى دوراً سلبيا من الرابطة وفرض شروط مسبقة والتشكيك فيها وبأهدافها وتبعيتها، ولم يستغلوا الفترة الزمنية بين تأسيسها وأنعقاد المؤتمر الأول لها التي أمتدت لأكثر من سنة -  للنزول الى الساحة وإثبات جدارتهم للآخرين بأنهم الأولى بقيادتها وسحب البساط من تحت أقدام من يسمونهم بالدخلاء عليها.

نحن مقبلون على مرحلة حرجة ومهمة ستشهد تغييرات كثيرة بعد تحرير الموصل وسهل نينوى، وبما أن الدلائل تشير الى أن تركيبة المكون المسيحي لن تستمر على ماهي عليه منذ سقوط النظام السابق بسبب تدخل الكنائس - كل الكنائس - بشكل مباشر أو غير مباشر - لدعم الأثنية التي تحمل اسمها بعد فشل الجميع من الأتفاق على الحد الأدنى للعمل المشترك ، فإن على الكلدان دعم الرابطة الكلدانية، حتى إن لم يكن حُبّاً بها أو عن قناعة كاملة لسببين رئيسيين :

١- عدم وجود بديل أقوى منها وأكثر تنظيماً ليلتف الكلدان حوله.
٢- إعطاء الفرصة الكاملة لها لتحقيق أهدافها المعلنة والتي تصب في خدمة الكلدان والدفاع عن هويتهم ووجودهم، وهي في الوقت ذاته أختبار حقيقي لمن يقفون على رأسها لأثبات أحقيتهم في قيادة الكلدان الى شاطئ الأمان.

الذي لديه بديل أفضل من الرابطة بأمكانه ان يخدم الكلدان بشكل أحسن في هذه المرحلة، ليتفضل ويعلنه ليقنعهم بمشروعه .
عكس ذلك،  يُعتَبَر وضع أي معوقات في طريقها بمثابة تهميش للكلدان عن قَصدٍ أو بدونه.
لذلك، علينا أن لانتحجّجْ بأننا نُهَمَّشْ من قبل الآخرين كلما فشلنا في تحقيق أهدافنا، وإنما نهمّش أنفسُنا بأنفسِنا.

corotal61@hotmail.com

35
لايخفى على أحد بأن تأسيس الرابطة الكلدانية قبل اكثر من عام أثار لغطاً واسعا وآراءً متباينة، ليس بين الكلدان أنفسهم، وإنما تعدّاه ليشمل شرائح أخرى من المسيحيين العراقيين وخصوصا الأخوة الآشوريين، الذين تجمعهم مع الكلدان لغة مشتركة ( قراءةً وكتابة، سمِّها ما تشاء ) كونهم أبناء كنيسة واحدة، هي كنيسة المشرق المجيدة، التي جمعتهم تحت خيمتها منذ قبولهم بالمسيحية ديناً، قبل ان تفرقهم الأنقسامات الطائفية والمذهبية وينخرهم الصراع على الكراسي والسلطة بين رجال الدين على مدى قرون عديدة ومايزال.

عاش الكلدان حياةً أكثر استقرارا في قراهم في العراق، حالهم حال السريان كذلك، حيث لم يتعرضوا للمضايقات  المستمرة مقارنة بالآشوريين وكلدان الجبل، الذين أضطروا خلال القرنين الأخيرين خصوصاً لترك قراهم وممتلكاتهم مرات عديدة حفاظاً على أرواحهم وإيمانهم،  واستقروا في حدود العراق الحالية قبل هجرة المسيحيين الواسعة- دون إستثناء - من اراضيهم مؤخراً.

الحياة المستقرة للكلدان مع وجود تجمعات سكنية ( قصبات وقرى ) لم تتعرض للترحيل والدمار منذ مئات السنين  وقربهم من المدن الكبيرة وخصوصا الموصل، إضافةً الى أنتشار المدارس وحصول الشباب المتخرجين منهم على فرص عمل في دوائر الدولة وأستتباب الأمن بعد الحرب العالمية الأولى، جعلهم يشعرون بأنهم جزء من الكيان العراقي، وليسوا بحاجة الى المطالبة بكيان خاص بهم.

على العكس من ذلك تماما، فالحياة المضطربة التي عاشها الآشوريون ومسيحيو الجبال عموماً، والمضايقات المتعددة التي تعرضوا لها من المسلمين الأتراك والأكراد والايرانيين جعلهم يعتمدون على أنفسهم مبكرا، ونما الشعور القومي لديهم وبمباركة بطاركتهم، هذا أمر طبيعي عندما تكون أمة صغيرة مهددة بالأنقراض نتيجة المخاطر التى تهدد وجودها.

وأستمر الحال معهم بعد نزوحهم الى العراق، وتعرضوا للمضايقات مجددا بعد أن نكث الأنكليز وعدهم معهم بعد أن انتفت الحاجة اليهم، ولكن الوعي القومي إزداد فتشكلت تنظيمات ثقافية واجتماعية وأحزاب سياسية نشطت ونضجت قبل سقوط نظام صدام حسين، وفرضت نفسها كممثلة للمسيحيين جميعا تحت الخيمة الآشورية، قبل ان تذر الرماد في العيون وتشرك الآخرين ايضاً تحت ظلال نفس الخيمة التي تم صبغها بثلاثة ألوان براقة وبتسمية مركبة لأغراض انتخابية في بلد يُفتَرَض بأنه يمارس ديمقراطية حقيقية ويحترم حقوق الأنسان وأختياره بعد سنوات طويلة من الظلم الذي لحق بجميع أبنائه دون أستثناء.

لذلك ، فإن النضوج القومي والسياسي لدى الأخوة الآشوريين وأحزابهم تنظيماتهم وصل الحد الذي ليسوا فيه بحاجة الى تدخل الكنيسة في عملهم، لأنها أدت هذا العمل منذ سنوات طويلة -كما ذكرنا- ، ولن تتوانى من القيام بذلك إذا اقتضت الضرورة وعجزت التنظيمات السياسية من تأدية هذه المهمة.

بعد قيام النظام الجديد المبني على المحاصصة الطائفية والقومية، وجد الكلدان أنفسهم فجأة خارج ( اللعبة ) السياسية التي أثبتت الأيام فسادها وفشلها، ولم يكونوا قد حصّنوا أنفسهم لمأزق كهذا نتيجة شعورهم الوطني بسبب حياتهم المستقرة نوعا ما كما ذكرنا، ولم تكن لهم أحزابا قومية او تنظيمات سياسية تجيد اللعبة الجديدة، فأنقسموا الى ثلاثة أقسام هي :

١- كلدان رافضون للوضع الجديد، حاولوا التصدي له بتشكيلهم أحزابا وتنظيمات قومية وسياسية ودعوات إرتجالية لعقد مؤتمرات "نهضة كلدانية" كرد فعل على التهميش الذي وجدوا نفسهم فيه، إلاّ انهم فشلوا في مسعاهم نتيجة تغليب لغة العاطفة والحماس على العقل وعدم قدرتهم على مجاراة الأحزاب الآشورية المنظمة وماكنتها الأعلامية وخبرتها الطويلة في هذا المجال، فأنفرط عقدهم، وأصبح عددا كبيرا منهم كلدان راديكاليين لايقبلون بالحلول الوسطى، أو مبادرات بديلة.
النقطة الأيجابية المهمة التي تُحسَب لهم هي كونهم أول من وضع اللبنة الأساسية لبناء وعي قومي كلداني.
٢- كلدان وجدوا في التنظيمات الآشورية أرضاً خصبة لتحقيق أهدافهم وطموحاتهم القومية لعدم وجود بديل آخر، ومنهم لأسباب أخرى متعددة إما بداعي القناعة والأيمان، أو لأسباب شخصية ومصلحية.
٣- كلدان لايهمهم الأمر كثيرا، وهم الغالبية العظمى (الأغلبية الصامتة)،
ليس لأنهم لايعون ما يحصل ، وإنما لأنشغالهم بأمور الحياة الخاصة بهم نتيجة الظروف الصعبة التي وجدوا أنفسهم فيها، إن كان في العراق او الخارج. برأيي الشخصي يجب أن تلتفت الرابطة الكلدانية أو اي تنظيم سياسي كلداني الى هذه الشريحة ومساعدتها - ليس بالضرورة ماديا فقط، لأن فيها أعدادا كبيرة ليست بحاجة الى المادة وإنما الى امور اخرى - لتشعر بكلدانيتها وتساهم في تقدمها لأنها القاعدة والأساس لكل عمل قومي ناضج وناجح.

تتوجه أنظار الكلدان هذه الأيام الى أربيل (عنكاوا) مع صلواتهم ودعواتهم بنجاح المؤتمر الأول للرابطة الكلدانية  العالمية - عدا المشككين ومعارضي قيامها طبعا - على أمل ان يلهم الرب المشاركين فيه بوضع الخطوة الأولى في الأتجاه الصحيح لصرح شامخ يكون بمثابة بيت كبير للكلدان يعمل على تقدمهم والدفاع عن حقوقهم ويمد جسور الثقة والتعاون مع أخوتنا المسيحيين ،من السريان والآشوريين خصوصا، على أساس الأحترام المتبادل  لندافع عن حقوقنا ومصالحنا المشتركة.

ولكن هذا لن يتحقق بالدعاء والصلاة والتمني فقط مالم يصاحبها عمل جاد ومسؤول وتخطيط واضح وقابل للتطبيق العملي بعيدا عن الشعارات الرنانة وحب الظهور والسلطة وتهميش الطاقات الكلدانية الأخرى، وحتى أشدّها معارضة لقيام الرابطة.

نعلم بأن الفترة الممتدة بين تأسيس الرابطة والمؤتمر الأول لها لم تكن كافية لتنقية الأجواء الكلدانية نتيجة للظروف الصعبة التي يمر بها شعبنا الكلداني بسبب أحتلال الموصل وسهل نينوى، إضافة الى المشاكل التي حدثت داخل الكنيسة الكلدانية وأثرها في زيادة التباعد بين الكلدان أنفسهم، ورغم ذلك، خطت الرابطة الكلدانية ، بدعم من رئاسة الكنيسة الكلدانية (وهذا ليس عيباً، لعدم وجود تنظيم كلداني منظم ومتمكن ومؤثر مثل الكنيسة الكلدانيه يهمه دعم الكلدان في هذه الظروف الصعبة)، خطوات ايجابية للتعريف بالكلدان في الخارج من خلال تسجيلها بشكل رسمي في دول ومنظمات دولية مهمة.

هذا شيء جميل، ولكنه ليس أساسا لنجاح الرابطة الكلدانية التي هي والكلدان الآن أمام فرصة تاريخية ربما لن تتكرر، وسيكون لها أثر بارز على مستقبل الأجيال القادمة وخصوصا ما يتعلق بلغتهم وتراثهم وهويتهم، لذلك نرى من الأهمية بمكان بعد انتخاب الهيئة الأدارية الجديدة للرابطة أن يتم تشكيل لجنة خاصة تتولى مسؤولية التحضير لأجتماع موسع مع الناشطين والشخصيات الثقافية والسياسية والأكاديمية الكلدانية المعارضة لهذا العمل والأستفادة من امكانياتها وخبراتها كبادرة حسن نيّة.
كما ان على الرابطة أن تثبت للجميع بأنها ليست تحت عباءة الكنيسة أو غبطة البطريرك لتبطل حجج المشككين بهذا الأمر. ولكن هذا لايعني عدم سيرها في خط متوازي مع الكنيسة الكلدانية من أجل خدمة الكلدان ومصالحهم ، دون ان تتقاطع هذه الخطوط.

لو فشلت الرابطة من تحقيق ذلك، أو لم تتمكن من تقديم شيء ملموس للكلدان على ارض الواقع في المستقبل القريب، أعتقد بأن حلم الكلدان القومي والسياسي سيتلاشى مستقبلاً بعد ضياع الفرصة الأخيرة (الحقيقية) لهم ، ولكن يجب عدم إعارة الأهتمام للأبواق التي تعمل وستعمل على التشكيك بقدرة الرابطة على تخطي الصعوبات قبل أن تأخذ فرصتها الكاملة لتحقيق الأهداف التي وُجدتْ من أجلها، سواء كانت من داخل البيت الكلداني أو خارجه، لأن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة.
مع أمنياتنا بنجاح المؤتمر والرابطة الكلدانية.

جاك الهوزي

corotal61@hotmail.com

36
نقصد بالكلدان هنا كل من يؤمن بأن قوميته كلدانية، وليس الذي تخلّى عنها لأي سبب من الأسباب، إنْ كان عن قناعة ، مصلحة ، تأثير ، جهل أو اسباب أُخرى.
هذه الفئة ، التي خرجت بإرادتها من البيت الكلداني، أصبحتْ غير مهمة بالنسبة لمن يقرّ بكلدانيته، وحتى اراءها ومقترحاتها بخصوص الكلدان وتنظيماتهم وأحزابهم يجب ان لاتُؤخذ مأخذ الجد، بمعنى آخر تجاهلها تماماً، لأنها تأتي من أُناس لايؤمنون أصلاً بالكلدانية، وعليهم أن يلتفتوا الى مايؤمنون به ويعالجون سلبياته عوضاً عن طرق ابواب الآخرين ومحاولة إزعاجهم.
فالواثق من نفسه لايلتفت الى الوراء، وإنما يسير قدماً على الطريق الذي إختاره لنفسه - إنْ كان مقتنعا بأنه الطريق الصحيح - ليُقَوّمَ مافيه من إعوجاج بغية الوصول الى الهدف المنشود، وليس بإلقاء اللوم على نقطة الأنطلاق التي تركها بكامل إرادته عند كل مطب او حاجز يعترض طريقه الى الفردوس المنشود.

من المؤسف حقاً ان يفقد الكلدان هذه الشريحة من أبنائهم، ولكن عليهم إحترام خياراتهم وتمنّي التوفيق لهم طالما لايقفون كحجر عثرة في طريق تحقيق طموحاتهم والدفاع عن هويتهم للحصول على مايمكن الحصول عليه في المرحلة المقبلة.

يقرّ غالبية أبناء شعبنا المسيحي بأن الكلدان والسريان والآشوريين شعب واحد، وهذا جميل ومفرح، ولكن عندما تحين ساعة الجد لتطبيق ذلك، نرى بأن كل فئة تحاول إلغاء الأخرى أو إحتواءَها أو تهميشها بحجج واهية ونظرة عنصرية شوفينية، والسؤال هنا هو:

مَنْ يضحك على مَنْ عندما نقول ونتبنى فكرة "الشعب الواحد" نظرياً، بينما لانستطيع أو لانرغب بتطبيقها عملياً ؟

إننا لانضحك إلاّ على أنفسنا ،ونجعل من أنفسنا أضحوكة للآخرين، عندما ندّعي بأننا شعب واحد ونحمل هذا الفكر "القومي" الرجعي الأنتهازي.

وبما أن هذه الحالة مستمرة على هذا المنوال ، رغم وجود دعوات صادقة للوحدة من فئات قليلة من جميع الأطراف - إلاّ ان تأثيرها يكاد (مع الأسف) لايُذكَرْ، فمن الأفضل لكل طرف ان يعمل ما بوسعه لنيل أكبر قدر ممكن من الفوائد والحقوق في هذه المرحلة، لأنها ستصب بالآخر في مصلحة شعبنا الواحد إنْ كانوا يؤمنون بوحدته فعلاً.

وما دمنا نتحدث هنا عن أنفسنا نحن (أي الكلدان)، علينا أن نطرح الموضوع بكل ايجابياته وسلبياته للأستفادة من الأيجابيات ومعالجة السلبيات التي تعترضنا  والعمل على الحد منها مستقبلاً بصراحة وموضوعية، إن كان يعنينا حقاً امر وحدة الكلدان ودورهم المستقبلي في العملية أو "اللعبة" السياسية في المرحلة القادمة.

لايمكن أن يتحقق أي شيء مما ذكرناه مالم تتم الدعوة لمبادرة جادة للمصالحة الشاملة بين كل الأطراف التي تؤمن بكلدانيتها، سواء كانت أطرافاً كنسية أو ناشطين كلدان ، أحزاب سياسية، منظمات اجتماعية،  شخصيات أكاديمية وثقافية لتجاوز الخلافات - مهما كانت اسبابها - بهدف تحقيق المصلحة العامة للكلدان، التي يدعي كل طرف بأنه يعمل من أجلها.
 حتى إذا تطلّب الأمر تقديم تنازلات وتضحيات شخصية.

ان العمل المشترك من أجل الهدف المشترك هو الذي يمكنه أن يعيد للكلدان حقوقهم ، وليس التناقضات والصراعات وفتح الصفحات المؤلمة من الخلافات الكنسية التي أضرّتْ بوحدة الصف الكلداني وكنيستهم.
هذه المرحلة يجب أن تنتهي ليتم التفكير بالأستفادة من الطاقات والأمكانيات الهائلة التي يمتلكها الكلدان وتوضيبها بأفضل طريقة لخدمتهم  وخدمة قضيتهم دون إقصاء أية موهبة  أو جهة كلدانية بسبب إختلاف وجهات النظر، وإنما مناقشتها بروح أخوية لأختيار الأفضل والأنسب منها للمرحلة المقبلة.

37
منذ أن تم قبل شهر تقريباً الأعلان عن بيع بناء كبير -كان بمثابة مدرسةً مهنية في مدينة روتردام ، ثاني أكبر المدن الهولندية وأكبر ميناء في أوربا- لجهة إسلامية متشددة  والأسئلة والتكهنات تدور حول هوية الممول الخارجي لهذا المشروع وغاياته.

وأتضّحَ مؤخرا، وفق ما نشرته وسائل الأعلام الهولندية، أن منظمة (خيرية) قطرية تدعى (العيد الخيرية) هي من موّلت شراء المبنى بكلفة بلغت 1,7 مليون يورو ، وهي منظمة إسلامية سلفية مشبوهة فرضت الأمم المتحدة عقوبات على مؤسسها، الذي له علاقات واسعة مع مراكز صنع القرار وشخصيات مؤثرة في قطر، وذلك لقيامه بتحويل أموال الى أعضاء في تنظيم القاعدة ودعم حركة حماس في فلسطين.

ولم تُخفِ الجهة التي قامت بشراء المبنى رغبتها بتأهيله وتحويله الى مركز للدراسات يختص بتعليم الشباب العلوم الأسلامية وفقا للفكر السلفي.
والغريب في الأمر، أن السلطات الهولندية تعرف مدى خطورة إنتشار هذا الفكر المتشدد بين الشباب الأسلامي على المجتمعين الهولندي والأوربي، حيث أعرب نائب رئيس الوزراء وزير العمل والشؤون الأجتماعية الهولندي لودِوايك آشر عن قلقه من خطط الممولين، إلا أنه أكد أن عملية الشراء قانونية لأن المبنى بيعَ الى جهة إسلامية هولندية.

إن السيد الوزير بتصريحه هذا يمنح الشرعية لهذا المشروع رغم معرفته بالجهة التي تقف وراء تمويله وماضيها المشبوه، ويعلم الجميع بأن القطريين إستخدموا المسلمين الهولنديين كوسيلة قانونية لنشر فكرهم المتطرف ليس في هولندا وحدها وإنما في جميع أنحاء أوربا، لأن أي موطئ قدم لهم في دولة أوربية، هو بمثابة خطورة حقيقية على جميع دول القارة لسهولة التنقل بينها.

وإذا لم تتم صياغة قوانين مشددة بهذا الصدد ، ستتحول الآلاف من الكنائس والأديرة والمباني المهجورة في هولندا وأوربا، والمعروضة للبيع بأبخس الأثمان ، الى أهداف دسمة للمنظمات الأرهابية الأسلامية المدعومة من دول الخليج الغنية الى مؤسسات لنشر الفكر السلفي والوهابي المتشدد وبشكل قانوني بأسم المدارس الأسلامية في أوربا.

إنه الأحتلال الأسلامي (السلمي) الذي تحدّثَ عنه الشيخ يوسف القرضاوي قبل سنوات، فهل ستنتبه أوربا الى ذلك؟


corotal61@hotmail.com

38
يبدو أن الهزائم المتلاحقة التي مني بها تنظيم داعش الأرهابي شجّعَتْ مقاتلين ومتطوعين غربيين للقتال ضده في شمال العراق، وأن عددا منهم إنضمّ بالفعل الى ميليشيات عراقية بضمنها ميليشيات مسيحية.

وبهذا الصدد، ذكرت وكالة فرانس برس ان جنديا أمريكيا سابقا يدعى لويس بارك (٢٦ عاما) ، يقاتل الى جانب ميليشيا مسيحية في شمال العراق تدعى "دويخ ناوشا" (أي التضحية بالنفس)، وهي ميليشيا لمسيحيين اشوريين تتعاون مع المقاتلين الاكراد البشمركة المدعومين من الاميركيين. وتتولى هذه الميليشيا مهمة حماية القرى الى نحو ثلاثين كيلومترًا الى شمال الموصل.
وقال بارك تصله طلبات عبر قنوات التواصل الأجتماعي من مقاتلين غربيين من مختلف انحاء العالم معظمهم عسكريون سابقون، أغلبهم أمريكان، قاتل بعضهم سابقاً في أفغانستان، العراق،  ومناطق أخرى يرغبون المساهمة بالقضاء على داعش.

 ازدادت هذه الطلبات بعد التطورات الأخيرة في سير المعارك والخسائر المتلاحقة التي مني بها التنظيم الأرهابي الذي يبدو أن أيام حكمه على قسم من الأراضي العراقية أصبحت معدودة.
وتقّدر دراسة حديثة نشرها معهد الحوار الاستراتيجي، ومقره لندن، عدد المقاتلين الأجانب الراغبين بالقتال ضد داعش بحوالي ٣٠٠ مقاتل، وهو آخذ بالأزدياد في ظل الأنباء المؤكدة عن تحرير الموصل وضواحيها قريباً.

هناك أسباب ودوافع متعددة لهؤلاء المتطوعين الراغبين بالقتال ضد داعش، أهمها بحسب تقرير معهد الحوار الاستراتيجي، يتعلق بالفظائع المرتكبة بحق المدنيين، ويتهم عدد كبير منهم قادة العالم بصم آذانهم حيال معاناة ضحايا النزاع ، وأنهم يخدمون قضية انسانية.

ولكن الأمر ليس بالسهولة التي يتصورها اولئك المقاتلون لأسباب عديدة أهمها:
١- عدم رغبة الميليشيات الموالية للقوات العراقية، وهي ميليشيات متنفذة، مشاركتهم في القتال الى جانبها أو مساهمتهم في عمليات تحرير العراق.

٢- تزايد عدد المتطوعين الاجانب الذين يتوجهون الى كردستان العراق يطرح مشكلة امام السلطات التي تنظر بقلق الى هؤلاء الرجال وعتادهم.
ويقول مايك (٣١ عاما)، وهو جندي نرويجي سابق من أصول كردية لوكالة فرانس برس ( أنصح هؤلاء المقاتلين بعدم المجيء الى هنا )،
لأنه لا يسمح لهم بالقتال وسيعودون محبطين.

٣- الضغط الكبير الذي تتعرض له حكومة الأقليم داخلياً وخارجيا لمنع المتطوعين الغربيين من الالتحاق بالجبهة.
وإذا حصل وأن وافقت الحكومة الكردية على مشاركتهم، فإنها "تضعهم غالباً على خطوط جبهة، حيث لا يحدث شيء او في مخيمات حيث يكونون في آمان ويستطيعون التقاط صور لانفسهم مع معداتهم واسلحتهم لنشرها على صفحاتهم على الفيسبوك”، وتعج شبكات التواصل الاجتماعي - بخاصة فيسبوك وانستغرام - بصور مقاتلين متطوعين يظهرون احيانًا جثث جهاديين أو يروون عن رتابة الحياة على الجبهة".


39
نشر موقع عنكاوا كوم خبرا منقولا عن موقع أزتاك الأرمني تحت عنوان "توتر جديد مرتقب بين أنقرة والفاتيكان … البابا قرر تطويب أسقف سرياني قتل عام 1915 على يد العثمانيين"  ( الرابط أسفل المقال )، جاء فيه :
أفادت صحيفة “لا ستامبا” الإيطالية أن البابا فرنسيس وقع قراراً يجيز التطويب لأسقف من كنيسة السريان الكاثوليك يدعى ميخايليدس فلافيانو ملكي، قُتل دفاعاً عن ايمانه العام 1915 في تركيا.

الى هنا والخبر طبيعي ومفرح لجميع أبناء كنيسة (كنائس) المشرق، لأن هذه الكنائس قدّمت عشرات، بل مئات الالاف من الشهداء من أبنائها الأكليروس والعلمانيين دفاعاً عن إيمانهم أيضاً في أكبر مجزرة دموية يتعرض لها المسيحيون في التاريخ الحديث، هذا لو أضفنا  إليهم باقي المسيحيين كالأرمن واليونانيين وآخرين.
ومادمنا بصدد تطويب مثلث الرحمات المطران الشهيد مار ميخايليدس فلافيانو ملكي مطران كنيسة السريان الكاثوليك في مدينة الجزيرة التركية أو (جزيرة بوتان)، يحق لنا أن نسأل الفاتيكان والبطريركية الكلدانية السؤال التالي:

لماذا لم تتم أيضا إجازة تطويب مثلث الرحمات المطران الشهيد مار يعقوب اوراها (أوراهم) مطران  الجزيرة للكلدان الكاثوليك إبان الحرب العالمية الأولى الذي عُذّبَ وقُتِلَ بمعية المطران ملكي في عام ١٩١٥م ؟

وذكر الخبر رواية إستشهادهما كالآتي:
واعتقل ملكي في 28 آب عام 1915 مع الاسقف الكلداني يعقوب ابراهام وطلب منهما أن يعتنقا الإسلام. لكنهما رفضا فقتل ابراهام بالرصاص فيما ضرب ملكي حتى فقد الوعي قبل أن يقطع رأسه.

ذكرت المرحومة والدتي نقلاً عن والدة السيد ساوا نيسان الهوزي الذي يسكن الآن في مدينة ليون الفرنسية -وكانت المرحومة والدته من أصول أرمنية على ما أعتقد - بأنها رأت بأم عينيها وهي طفلة من كوّة صغيرة  في الطابق العلوي لبيت جارهم المسلم الذي خبأها وأختها عندهم في البيت لحمايتهن وبطلب من والدها خوفا من أن يقعن بأيدي المجرمين الحاقدين، رأت كيف تم تعذيب المطران يعقوب اوراها وإهانته بوضع حبل حول رقبته ، وكانوا يضربونه ويبصقون عليه في شوارع مدينة جزيرة بوتان التركية القريبة من الحدود العراقية (ابراهيم الخليل-زاخو)، وبعد قتله قاموا بقطع أصبعه وأخذوا خاتمه وسحلوه ورموه  من مكان مرتفع في مياه نهر دجلة لأنهم إعتبروه (نجساً) لايجوز دفنه في أراضيهم لكي لا (يدنّسها) !!

فهل هناك سرٌّ في تطويب أحد المطرانين الكاثوليكيين اللذين قتلا في نفس المنطقة وفي نفس الوقت ولنفس الأسباب ونسيان أو تجاهل الآخر؟

نفس الكلام يُقال عن إستشهاد مثلث الرحمات مار أداي شير وعشرات الكهنة والشمامسة وآلاف المؤمنين.
لماذا تتجاهلهم الفاتيكان بينما يتم تطويب وتقديس شهداء آخرين بالجملة في مناطق مختلفة من العالم إستشهدوا لنفس الأسباب وإنْ إختلفتْ الظروف ؟
أين الخلل إذاً، في الفاتيكان مثلاً؟ أم في كنيستنا الكلدانية؟
أم أن هناك أمور أخرى تلعب دورا في تطويب وقداسة بعض الشهداء دون غيرهم لانعرفها نحن (عامة الشعب) ؟
في هذه الحالة نريد توضيحاً ممن يفهم في مثل هذه الأمور.

الرابط:

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=819352.0

40
يُعتَبَرْ السيد يونادم كنا، السكرتير العام للحركة الديمقراطية الآشورية، السياسي المسيحي الأبرز والأكثر تأثيرا على الساحة السياسية العراقية منذ سقوط النظام السابق، ليس فقط بسبب المناصب المهمة التي تبوّأها، وإنما لأستمراره وحركته ممثلاً عن (المكوّن) المسيحي لحد الآن.
وتمكّن الرجل المثير للجدل، رغم إنفصال أو فصل عدد كبير من قياديي حركته واللغط المثار حوله والكلام الكثير عن ماضيه، من البقاء في السلطة وعن طريق الأنتخابات العديدة التي جرت خلال فترة تجاوزت الثلاثة عشر عاماً.
ويُحسب هذا نجاحاً له، شاء من شاء وأبى من أبى، لماذا؟ لأنه لم يتمكن حزب من الأحزاب المسيحية من إزاحته عن السلطة رغم المحاولات العديدة لذلك عن طريق الأنتخابات وتشويه صورته إنْ كان ذلك عن حق أو دون وجه حق.
فإن كان عن حق، هناك سؤال يطرح نفسه هنا :
لماذا يخرج في كل مرة فائزا من الأنتخابات هو وحزبه ؟

وهذا له تفسيرين لا ثالث لهم:
١- رغم كل السلبيات مازال أفضل الموجودين على الساحة.
٢- شعبنا متخلف ولايعرف مصلحته ( أرجو أن لايفهم البعض هذه النقطة خطأ أو يحوّرها لأغراض أخرى، فنحن لسنا هنابصدد المزايدة على محبة الشعب ومصلحته وإنما مناقشة ظاهرة أسمها يونادم كنا)، أما لماذا لايعرف مصلحته؟ لأنه يقع كل مرة في نفس الخطأ ويختار الشخص غير المناسب وبذلك يزداد وضعه سوءً ، بمعنى آخر، لايستفيد من تجاربه السابقة.

ولكي نكون منصفين هنا نقول، هل السيد كنا وحزبه هما السبب في ما وصل إليه وضع شعبنا؟ الجواب يكون بنعم ولا، نعم لأن النظام الفاسد هو السبب الرئيسي والسيد كنا هو جزء من هذا النظام الفاسد، وكان عليه أن لايُقلّد النظام في كل شيء لأنه صعد على أكتاف وبأصوات أقلية مظلومة مسحوقة، فمن باب رد الجميل كان عليه -لأنه الأبرز والأكثر تأثيرا بين سياسيينا كما قلنا- أن يقترب من الناس ويقدم لهم أشياءً ملموسة على  أرض الواقع أكثر بكثير مما قدّمه فعلاً وليس قولاً فقط.
أما لا، لأنه ليس الوحيد الذي يُلام، فما الذي فعلته الأحزاب المسيحية الأخرى غير جريها وراء مقاعد الكوتا؟ وماذا قدّمت حتى التي نالت عددا منها ؟ لايجوز في هذه الحالة أن نلوم السيد كنا وحده، ولكننا لايجوز أن نسكت عن الخطأ ايضاً أو نبرره.
لذلك نقول أن السيد كنا يتحمل المسؤولية الكبرى عن الوضع التعيس الذي آل اليه حال شعبنا، فالذي يتباهى بأنه نال ثقة الشعب وبطرق شرعية عليه أن يتحلى بالشجاعة أيضاُ ليعترف بفشله في تحمل هذه المسؤولية.

نحن بحاجة الى تغيير شامل يتألف من قيادة مخلصة حكيمة وشعب واعٍ، لأننا مقبلون على أحرج مرحلة في تاريخنا الحديث ستحدد مصير ومستقبل ما تبقى مِنّا على أراضي الآباء والأجداد بعد تحرير الموصل.
فهل هيأنا أنفسنا للمرحلة القادمة؟ أم نستمر في تكرار أخطائنا؟


ملاحظة: أنا شخص مستقل ولا أنتمي الى أي حزب أو جهة سياسية أو غيرها، هذا رأيي في الموضوع، أحترم آراء جميع الأخوة ولكني أعتذر عن الرد لأن ليس لدي ما أضيفه.

corotal61@hotmail.com

41
الأخ نيسان سمو الهوزي المحترم
تحية طيبة
كنتُ في إجازة قصيرة في ألمانيا ولم أقرأ مقالك إلاّ اليوم.
لستُ أدري إنْ كنتَ تتحدثُ بجدية عن الموضوع أم تسخر من مثل هذه المواضيع التي أصبحت ظاهرة تستقطب آلآلاف وتحظى بتعليقات كثيرة من القراء والكتاب كما تقول (أو أقول أنا في البانوراما) ؟
هذا صحيح، ووصل الأهتمام بها الى درجة أخذت فيها تضايق البعض، وهذا صحيح أيضاً لأن الشغل الشاغل للبعض الآخر أصبح رصد كل حركةٍ للبطريركية والأكليروس، صغيرةً كانت أم كبيرة ووضعها على المنبر الحر أو كتابة مقالات تُرَكّزٍُ على الجانب السلبي فيها فقط حتى وإن كان هذا الجانب لايُذكَرْ مقارنةً بما فيها من إيجابيات، لأن هذا (البعض) ينطلق إما من نيّات مسبقة، أو لفت إنتباه الآخرين لإشعارهم بوجوده!

من جهة أخرى هناك قسم آخر مُوالٍ لها، لا يرى فيها إلا ايجابياتها، ولايرغب سماع أي شيء عن سلبياتها، من هنا يحدث التصادم بين الطرفين والذي يصل الى درجة السب واستخدام كلمات نابية ومسيئة أحيانا ليس بحق الطرفين المتصارعين فقط وإنما بحق رموز الطرفين ومشاعر الناس المؤيدة لهذا الطرف أو ذاك، وتكثر الكتابات (المحاضرات الدينية) والأستشهاد بآيات من الكتاب المقدس من كل طرفٍ لتقوية موقفه، وهذا حق يراد به باطل ، وهو تجاوز على الكتاب المقدس أيضاً لأن الكتاب يلخّص الشريعة والأيمان كله بوصيتين متساويتين من حيث العظمة حسب قول سيدنا يسوع المسيح:
١- أحبّ الرب الهك من كل قلبك ...
٢- أحب قريبك كنفسك.


فهل ينطلق الجميع من هذه القاعدة الذهبية (الأكليروس أو العلمانيين) في أقوالهم وكتاباتهم وتصرفاتهم مع الآخرين؟

أخي نيسان، تقول في أحد ردودك على الدكتور ليون برخو عن الدين والأيمان:
هناك كذبة تعتبر اكبر واعظم واطول كذبة في تاريخ البشرية فكيف للفقراء مثلي ومثلك ( لا انت مو فقير ) ان يتخلصوا من تلك العُقدة الدائمية !!انها اعظم مني ومنك وسوف لا يمكن التخلص منها الى ان تضمحل وتقتل نفسها بنفسها وهذا لا يحصل إلا في الخلايا السرطانية ( هاي صعبة عليك ) !!

يقول كريستوف بلومهارت بهذا الصدد:
الأيمان (المسيحي) ليس مجرد "إعتقادا" بالله، لأن الأيمان الحقيقي هو الوعي الفطري والطبيعي بالله. ولاهو إعتقادا بالمسيح لأن هذا الأعتقاد يتبدل ليصير إدراكاً مثل مايلي: نعلم ان المسيح موجود. غير أن مغزى الأيمان هو أننا سنصبح شيئاً ذا شأن من خلال الله ومن خلال المسيح ومن خلال الروح القدس. فهذا هو إيماننا. إذْ أن ايماننا يطمح الى خلق شيء ما، فهو يطمح لأن يخلق ما كان يجاهد في سبيله المجتمع البشري بأسره منذ آلاف السنين. لن يكون لنا أساساً إنْ كان ايماننا في ملكوت الله لايؤمن بسعادة الأنسان. وإلاّ سيقال عن إيماننا بأنه زائف وضيق الأفق ومُمِلّ وضعيف وجبان ومليء بالشك والخوف. عندئذٍ سنكون أناس غير ثابتين ومتزعزين.
ويضيف:
نعلم مانؤمن به  فلذلك نعيشه.

والسؤال هو:
هل نعلم  مانؤمن به لنعيشه؟

 أو:
 نعتبره كذبة كبرى من حيث ندري أو لاندري ؟!


أخوكم/ جاك الهوزي

42
أوردت وسائل الأعلام المختلفة أنباءً عن هرب عدد كبير من قادة داعش وعوائلهم من الموصل بعد قيامهم ببيع ممتلكاتهم فيها وتوجههم الى سوريا في أعقاب تقدم القوات العراقية والميليشيات الموالية لها وقوات البيشمركة الكردية من محاور عدة بإتجاه المدينة وبإشراف وتخطيط خبراء غربيين ودعم جوي من طيران القوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
كما أكد وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي هذه الأنباء في مقابلة بثتها قناة العراقية الحكومية وأضاف أيضاً:
"هناك مشاكل بدأت بين الامراء على الاموال التي أخذوها من مختلف الشرائح الاجنبية أو العربية أو العراقية".

وهذا يتطابق مع ماذكره عدد من المدنيين الفارين من الموصل مؤخراً، الذين تحدثوا عن إنهيار الحالة المعنوية لدى مقاتلي داعش وتناقص أعدادهم من شوارع المدينة وهرب قسم كبير منهم بضمنهم قادة ومسؤولين، وخاصةً الأجانب، بعد الهزائم الكبيرة المتلاحقة التي مني بها تنظيمهم الدموي مؤخراً وفقدانه لمعظم الأراضي التي استولى عليها وباتت الموصل آخر معقل كبير لهم على الأراضي العراقية. وقام مقاتلون آخرون - أغلبهم من أهل المدينة وضواحيها - بحلاقة لحاهم والأختفاء بين أهلهم أو اللجوء الى مناطق أخرى مجهولة.

المشكلة الكبرى التي تعيق تقدم القوات العراقية تكمن في :
١- الخوف من وقوع ضحايا كبيرة بين المدنيين الذين سيستخدمهم داعش كدروع بشرية لحمايته.
٢- إلحاق أضرار كبيرة في المنازل والمنشآت والبنى التحتية للمدينة مما قد يسبب بنزوح حوالي مليون شخص منها ما يزيد من محنة النازحين التي هي الآن عبئ ثقيل على الدولة.

من جهة أخرى، أبدت جهات استخبارية غربية وخبراء في شؤون الأرهاب مخاوفهم من عودة الآلاف من مقاتلي داعش الى بلدانهم في أوربا الغربية إضافة لعشرات الآلاف من (الجهاديين) الآخرين والتخطيط لهجمات انتقامية كبيرة بهدف قتل أعداد كبيرة وبث الرعب بين الناس في أوربا الغربية وحتى أميركا في حالة هزيمة دولة الخلافة الأسلامية في كل من العراق وسوريا وانهيارها الذي بات وشيكاً.
وقالت هذه المصادر إن الهجمات الأرهابية في كل من بروكسل وباريس وألمانيا وأمريكا والتي أدت الى سقوط المئات من القتلى والجرحى لايمكن مقارنتها بما تخطط له هذه المجاميع الأرهابية من عمليات دموية مستقبلاً، خاصة في ظل المعلومات شبه المؤكدة عن إمتلاك تنظيم داعش لليورانيوم الذي قد يكون مخصباً، إستولى عليه من الترسانات العسكرية العراقية في ظل الفوضى التي سببها إجتياح أميركا وحلفائها للعراق، ولكن هذه المخاوف لاتصل الى درجة إمتلاكه للقنبلة الذرية أو قدرته على تطويرها كما إدّعتْ مصادره الأعلامية.
لكن المخاوف تكمن في إمتلاك داعش لقنبلة أو قنابل أشعاعية وتسمى أيضا (القنبلة القذرة)، ليس لقدرته على تطويرها، بل لعلاقته المشبوهة مع خبراء اسلاميين متشددين في برنامج باكستان النووي متعاطفين معه، حيث تمتلك باكستان مثل هذه القنابل إضافة الى القنابل الأشعاعية، ويُعتَقَدْ بأن داعش لديه المواد الأولية الأساسية لصناعة مثل هذه القنابل.

ماهي القنبلة الأشعاعية أو (القذرة)؟
جاء في ال Wikipedia مايلي:
القنبلة الإشعاعية (تسمى أيضا القنبلة القذرة) قنبلة محاطة بمواد مشعة تنتشر على نطاق واسع على شكل غبار أثناء الانفجار وبالتالي فلإنفجارها كثافة حرارية و ميكانيكية مماثلة لأي قنبلة أخرى عدا أنها تنشر عناصر مشعة في المنطقة المحيطة بها من شأنها أن تخلف آثار على المدى الطويل . هدف القنبلة الإشعاعية الرئيسي ليس التدمير بل تلويث منطقة جغرافية وإصابة الأشخاص المتواجدين في الموقع عبر إشعاعات مباشرة (الأثر الأول)، والابتلاع والاستنشاق للمواد المشعة (الأثر الثاني).

مصطلح القنبلة القذرة في الأساس يصف القنبلة الإشعاعية ولكنه يصف أيضا أي أسلحة متفجرة تنشر مادة كيميائية أو حيوية سامة (أسلحة نووية أو إشعاعية أو حيوية أو كيميائية). هذه الأسلحة المختلفة التي يمكن خلقها دون الحاجة لبنية تحتية صناعية ضخمة، يطلق عليها بصفة عامة عبوة ناسفة (Engin explosif improvisé - EEI).


الذي يهمنا نحن كمسيحيين عراقيين، ماهي الأجراءات التي إتخذناها كأحزاب وكنائس ومنظمات داخل العراق وخارجه للحفاظ على الحد الأدنى من حقوق شعبنا وخاصة الذين مازالوا يعيشون على أرض الوطن لمرحلة مابعد داعش، التي باتت وشيكة كما ذكرنا؟
علينا جميعا التنسيق من الآن وتشكيل لجنة مشتركة تضم ممثلين عن الجميع للأتفاق على صيغة عمل مشتركة والتحرك سريعا للأتصال بالسلطة المركزية وحكومة أقليم كردستان لوضع الخطوط العريضة لعودة أبناء شعبنا الى أراضيهم وإعادة ممتلكاتهم وتعويضهم وإعمار مناطقهم لكي لاتكون عودتهم عشوائية وتضيع حقوقهم.

43
قد لايستسيغ البعض طرح مثل هذه المواضيع على المنابر الحرة، الأفضل لهم أن لايقرأوها ويعتبروها وكأنها غير موجودة لكي لايضيّعوا وقتهم الثمين فيها، ولكن لايحق لأحد أن يحدد مايجب أن يكتبه الآخرون على المنبر الحر، فالمنبر الحر يبقى حرا للكتابة في كل المواضيع طالما لاتخرج عن أصول وآداب الكتابة ولاتتجاوز شروط النشر التي تضعها المواقع ودور النشر التي تُنشَرُ فيها.
وإذا كانت هذه المواضيع تحظى بأهتمام ومتابعة القراء، هذا يعني بأنها مهمة لديهم ، فشِأنا أم أبينا، للكنيسة دور كبير في حياة كل مسيحي مشرقي حتى وإنْ أنكرَ ذلك، إلاّ لنفر قليل تخلّى عنها كلياً، فلم يعد يهمه أمرها مطلقاً، في هذه الحالة رأيه أيضا في الموضوع لم يعد مهماً.

نعود الى موضوعنا المتعلق بدور العلماني ومشاركته في عمل الكنيسة الكلدانية والتأثير على قراراتها ونقدها بأستمرار دون غيرها وغضّ النظر عن أيجابياتها الكثيرة في هذه المرحلة الحرجة وتجاوز حتى الخطوط الحمراء لها والتي يفترض به إحترامها كإحترامه لخصوصيات وخطوط الحمر للكنائس المشرقية الأخرى، أكان ذلك عن قناعة أو خوف أو تملّق، فماهي الخطوط الحمراء التي لايمكن له تجاوزها؟

يعلم الجميع بأن الكنيسة الكلدانية هي جزء من الكنيسة الكاثوليكية الجامعة، ينطبق عليها ماينطبق على كل الأبرشيات الكاثوليكية في العالم، ولايوجد فيها واحد من الأكليروس يطالب بالأنفصال عنها، وإنْ وُجِدْ، فغالباً ما يكون ذلك لأسباب شخصية أكثر من كونها مذهبية فينسحبُ منها ليحقق رغباته كعلماني أو يستمر في خدمته في كنائس أخرى تتيح له الفرصة لتحقيق مثل هذه الرغبات.
الأمر لايختلف كثيرا بالنسبة لأتباع الكنيسة الكلدانية من العلمانيين ، فالغالبية العظمى منهم مقتنعون بمذهبهم الكاثوليكي، إلاّ ما نَدَرْ ولهم أسبابهم أيضاً والتي تختلف بكل تأكيد عن أسباب ترك البعض من الأكليروس لكنيستهم الكلدانية الكاثوليكية، وغالبا ماتكون دوافع العلمانيين قومية، فالهَوَسْ القومي لديهم يجعلهم يؤمنون بأن القومية أهم من المذهب، وإذا كان ولاءَهم لقومية أخرى غير الكلدانية - التي لايعترفون بوجودها - فإنهم يرون بأن الكنيسة الكلدانية دخيلة على الكاثوليكية وعليها أن تعود الى أصلها، فعن أي أصل يتحدث هؤلاء، وأي مذهب؟
مثل هذه الأمور تُعتَبَرْ خطوطا حمراء عندما يدمج البعض المذهب بالقومية، وإنْ إقتنعَ بقومية أخرى غير (الكلدانية)، وهذا حقه، ولكن  ليس من حقه أن يطالب الكنيسة الكلدانية بترك مذهبها تلبيةً لرغباته، ألا يوجد مثلاً الكثير من الآشوريين ضمن الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية ؟ مثل هؤلاء يفتخرون بآشوريتهم كقومية وكاثوليكيتهم كمذهب، عكس بعض الكلدان، نكرر (البعض) من (الكلدان) الذين إختلط عليهم الحابل بالنابل بحيث ليس بإستطاعتهم فصل القومية عن المذهب وأصبح كل ما يصدر عن الكنيسة الكلدانية سلبيا بالنسبة لهم لأنه لا يُلَبّي طموحاتهم القومية.
والأهم من هذا كله بأي حق يطالبون بمثل هذه الأمور؟

كل الكنائس المشرقية فيها سلبيات كثيرة، لماذا إذاً يتدخل البعض في شؤون الكنيسة الكلدانية فقط؟ على كل فرد ، إنْ اراد بصدق أن ينتقد عمل الكنيسة أن ينتقد عمل كنيسته أولاً، وأتحدى من يقول بأن كنيسته (كمؤسسة) مثالية. ومن كان منكم (من أية كنيسة) بلا مشاكل فليرمي الكنيسة الكلدانية بحجر أولاً، وحاشا من التشبيه بين الكنيسة والزانية.

من جهة أخرى، يحق لكل فرد من أبناء الكنيسة الكلدانية مطالبتها بالحفاظ على لغتها وتراثها وتقاليدها وهويتها ككنيسة مشرقية لها خصوصيتها ونقد كل ما يراه سلبياً فيها، خاصة وأن الكنيسة الكلدانية أكثر إنفتاحاً وشفافية وحضورا على الساحة مقارنةً بالكنائس الأخرى، وكذلك له حق المساهمة في الحفاظ على هذه الخصوصية، ولكن لا أن يكون ذلك بدافع التّشفي أو مهاجمة رموزها بطريقة تخلو من الأحترام، فيبدو نقده وكأنه إنتقاص منهم وكل مايقومون به حتى  وإنْ كان إيجابياً ، وإنهُ يدخل ضمن صراع شخصي أكثر من كونه لتقويم سلبيات العمل المؤسساتي للكنيسة، وبذلك يفقد هذا النوع من النقد، الذي قد يكون مهما جدا وصائبا، بريقه وتأثيره ويكون له أثر سلبي أكثر منه إيجابي، ويُفَسّرُ معناه بشكل خاطئ.

نتمنى أن لاتتحول حريّة نقد الكنيسة الكلدانية بالذات -لدى البعض- الى هدف لأظهار أفكارهم وروحهم الثورية وطموحاتهم التي لايستطيعون تحقيقها على أرض الواقع لأنهم يعرفون بأن حجمهم الحقيقي أصغر بكثير من طموحاتهم.
وكما يقول المثل:
رحم الله أمرئ عرف قدر نفسه فأراح واستراح.


جاك يوسف الهوزي
corotal61@hotmail.com

44
نعلم جميعاً بأننا نحن المسيحيين عشنا كأخوة متحابين لأجيال عديدة، يفرح أحدنا لفرح الآخر ويحزن لحزنه. هذه المشاعر النبيلة التي توارثناها اصبحت جزءاً متأصلاً منّا وفينا بحيث تعددت الزيجات بين مايسمى اليوم بالكلدان والسريان والآشوريين وأختلطت دماءَهم ببعضها البعض، وهذا ليس بغريب لأنهم اخوة قبل ان تفرقهم المصالح الشخصية والسياسية والأختلافات الدينية والقومية.

والملاحظ اليوم كثرة الكتابات التي تطال هذا الطرف أو ذاك، هذه الكنيسة أو تلك، وأصبح البعض يتطاول حتى على عقيدة ولاهوت الكنائس الأخرى منطلقين من نظرة فئوية (قومية) ضيقة معتبرين كل مايؤمنون به هو صحيح لاغبار عليه بينما الآخرون على باطل، رغم محدودية إدراكهم لمثل هذه الأمور التي لاتدخل في مجال إختصاصهم !

والغريب في الأمر، أن رجال ديننا الأفاضل، ورغم الظروف المأساوية الصعبة التي يمر بها شعبنا، لم يقوموا بمحاولات جدية لزرع المحبة بين الأخوة عن طريق إقامة صلوات مشتركة في كنائسنا جميعا وبالتناوب ، بل على العكس من ذلك إنساقوا وراء دعاة القومية مما تسبب في تشجيع فئات قليلة متعصبة دينيا وقوميا على زيادة التباعد وقتل الروح الأخوية الجميلة التي بناها الآباء والأجداد وسقتها دماء الشهداء دفاعا عن الدين والوجود.

لقد وصلنا الى مرحلة ينطبق فيها علينا المثل الذي يقول (إتفق العرب على أن لايتفقوا)، حيث الثقة شبه معدومة بين جميع الأطراف، وكل طرف يصر على موقفه إنْ كان على خطأ أو صواب، ولستُ أدري لماذا؟
هل هو العناد مثلاً؟ أم الأنانية؟ أم إنه الجهل، رغم تباهينا بتاريخنا وثقافتنا ومصادرنا؟
بالنتيجة، كلنا مخطئون وفاشلون، والدليل إننا لم نتفق حتى على الحد الأدنى الذي يحفظ لنا استمراريتنا على ما نسميها بأرض الآباء والأجداد.
فلماذا يتباهى البعض، وبماذا يتباهون بعد أن ضاع كل شيء أو هو في طريقه الى الضياع ؟ حيث لايوجد أحد أفضل من الآخر.

ولكننا نرجع فنقول لم يعد لدينا مانخسره، فلماذا لانتكاتف معاََ للحفاظ على ماتبقى لنا والبناء عليه؟  ليس بفتح اسطوانات قديمة والتباهي بتاريخ وأصل كل فئة والتغني بأمجاد الماضي لكي لانكون خياليين ونبني قصورا في الهواء.

لو أردنا أن نحقق مانصبوا إليه، علينا أن نكون واقعيين من خلال:
١- نبذ العنصرية القومية والدينية.
٢- إحترام مشاعر الآخر وإختياراته.
٣- تشجيع نشر ثقافة الأخوة بين الجميع.
٤- قطع الطريق أمام من يحاول زرع خصومات بين أبناء شعبنا ولأي سبب كان.
٥- التفكير من الآن بإيجاد آلية عمل مشتركة تتماشى مع التطورات الأخيرة ومرحلة مابعد التحرير وعودة المهجرين الى مناطقهم.
٦- وضع الشخص المناسب في المكان المناسب.


جاك يوسف طليا الهوزي

45
قد يثير هذا العنوان حفيظة الكثيرين واستغرابهم بعد سلسلة الكتابات التي نشرها سيادة المطران سعد سيروب مؤخرا، والتي إنتقد فيها بشدة رئاسة كنيسته لدرجة اعتُبِرَتْ تهجماً عليها، وقبلها الخلاف بين البطريركية الكلدانية ورئاسة ابرشية سان دييغو، وإضطرابات في بعض الخورنات الكلدانية.
يعتقد البعض بأن الكنيسة هي ملك للبطريرك، المطران، أو الكاهن الفلاني لمجرد أنهم بحكم مسؤولياتهم ووظائفهم الدينية يتولون دفة القيادة فيها. الأمر ليس كذلك ، فالكنيسة كنيستنا جميعا.
هذا الأعتقاد يجعلُ عددا لابأس به من الأكليروس يُصَدّقون الأمر فيقيمون مشايخ ضمن حدود مسؤولياتهم يتصرّفون فيها كيفما يشاؤون وكأن الرعية ماهي إلاّ خراف عليها إطاعة أوامرهم أو تبحثُ عن "مرعى" آخر لها إنْ لم يكن يعجبها الوضع!
فهل مثل هؤلاء، وما أكثرهم، جديرون للعمل في كرم الرب؟
نحن نعلم بأن رجل الدين، أي رجل دين -مهما كان منصبه- ليس معصوما من الخطأ، هو بشر مثلنا يحب ويكره، يصيب ويخطأ، منهم من لايهزه المنصب والشهرة وأحترام الناس وهالة (القدسية) التي يحيطونه بها فيزداد تواضعاً وبساطة، يقترب أكثر منهم ولا يخشى الأعتراف بأخطائه والأعتذار عنها إنْ كان ذلك ضرورياً، ولكن هذه الشريحة قليلة جداً.
للأسف، أن مسألة التتلمذ ليسوع هذه هي صعبة، والتي تبين قلة حصول يسوع عليهم. ونقصد بالقلّة هنا النوعية وليس الكمية.

يقول كريستوف بلومهارت بهذا الصدد:
إن أكثر مايسيء الى الله هو قلة الراغبين في الأطاعة. فعوضاً عن هذا نرى الجميع يزرع أسلوبه الخاص في الأمور الروحية. فهنالك الآن ألف تعبير للروحانيات! أين الذي يقبل الأهانة لأجل الله ويسوع ومع ذلك يبقى صادقاَ؟

نعم، الكنيسة اليوم بحاجة ماسة لمن يكون صادقا مع الوعد الذي قطعه مع يسوع عندما قبل الخدمة في هذا الحقل حتى لو أن الأمر يسير ضد كل أفكاره ومشاعره، فرغم علمه بأن البقاء مع يسوع يعني الأنتصار في الآخر، إلاّ أن مغريات الحياة المادية تجعله يتغاضى عن هذه الحقيقة ولو لفترة محددة، قد تطول أحياناً، وقد تأتي متأخرة أو لاتأتي مطلقاً وهنا المصيبة!
هذه الحالة لاتقتصر على الكنيسة الكلدانية فحسب وإنما هي مستشرية في كنائس العالم كلها.
 
وبما أننا نتحدث هنا عن كنيسة مشرقية، فأن مايحصل فيها هو خروج عن المألوف بحسب التقاليد المتوارثة كأن يخرج أسقف وينتقد البطريرك علناً، أو يقدم العلماني على إنتقاد أحد الأطراف أو الطرفين معاً كل حسب قناعته وإعتقاده بأن موقفه هذا يصب في منفعة كنيسته.
هذا لايعتبر ضعفاً ، إنقساماً أو قد يكون سببا في أنهيار الكنيسة الكلدانية ، وأن تاريخها الطويل شهد خلافات خطيرة وتنافسا على السلطة وما خفي كان أعظم  ولم يظهر للعلن بسبب التقاليد التي تطرقنا اليها، كما أن كنيستنا لم تكن إستثناءً في هذا المجال ولن تكون أيضا بكل تأكيد.

إذا كانت الأمور حينها تتطلب عدم نشر الغسيل الوسخ على الملأ بسبب الخوف من سلطة الكنيسة أو الرشق بالحرم فأن التطورات السريعة التي حصلت في العالم وإنحسار سلطة الكنيسة إضافة الى الثورة التكنولوجية في جميع المجالات ومنها عالم الأتصالات جعلت كل شيء مباحاً، وإن إخفاءهُ هو كإخفاء الرأس في الرمل كما تفعل النعامة ظنا منها بأن الصياد لايراها!
علينا أن نتوقع المزيد من هذه الحالات مستقبلاً ونتعامل معها بإيجابية منطلقين من حبنا لكنيستنا بغض النظر عمّن يكون على رأسها أو إنطلاقاً من مواقف مسبقة لصالح هذا الطرف أو ذاك لأسباب شخصية، عشائرية، مناطقية أو قومية.

إن إقدام الكنيسة الكلدانية على المشاركة الفعالة في حياة أتباعها والمسيحيين عموما والتخفيف عنهم في هذه المرحلة الحرجة لايعني تدخلاً في شؤونهم الخاصة، كما أن استخدام ثقلها وعلاقاتها الدولية من أجل مصالحهم لاتمثل فرض نفسها كممثل وحيد لهم لأن الساحة تسع كل من لديه القدرة على العمل والتأثير في هذا المجال، أما دورها في ترميم البيت الكلداني، فهذا شأن داخلي تقرره مع أبنائها.

كل هذه الأسباب مجتمعة تجعل من الكنيسة الكلدانية أقوى من أي وقت مضى لأنها تعيش الأحداث وتتعامل معها بروح العصر ولاتخشى النقد الموضوعي البناء الذي يأتيها من الأكليروس أو العلمانيين.
قد تكون هناك بعض السلبيات التي ترافق عملها هذا ، إلاّ أننا نعلم بأنه لاتوجد مؤسسة مدنية أو دينية مثالية واحدة خالية من السلبيات تماماً.


جاك يوسف الهوزي
corotal61@hotmail.com

46
أخذت الرابطة الكلدانية تخطو خطوات مهمة في الأتجاه الصحيح بعد بدايات متعثرة أثارت الكثير من اللغط والأنقسام داخل الصف الكلداني، وخاصةً بين المثقفين منهم. فبعضهم وجد ضالته فيها لأنهم شهدوا ولادة أول تنظيم كلداني كبير يمكن أن يكون له تأثيراً إيجابياً على مستقبلهم ويحفظ وجودهم ككيان مستقل بعد شعورهم بالتهميش الذي تعرضوا له في ظل المتغيرات المتلاحقة التي شهدها العراق بعد سقوط النظام السابق، بينما رأى آخرون فيها عكس ذلك تماماً بسبب إنبثاقها من الكنيسة معتقدين بأنها لن تتمكن مطلقاً الخروج من تحت عباءَتها.
وهناك طرف ثالث مرتبط بحهات معينة ، منها سياسية وغيرها، يرى بوجود رابطة كلدانية قوية مدعومة من الكنيسة الكلدانية ضرباً لمصالحه الشخصية، وطرف رابع كان يأمل بأن تكون الرابطة تنظيما سياسياً قوياً ينافس الأحزاب المسيحية الموجودة على الساحة ويتغلب عليها ليحقق طموحاته من خلالها.
أما الطرف الخامس فمشكلته ليست الرابطة نفسها وإنما بطريرك الكنيسة الكلدانية لأن غبطته هو من أطلق فكرتها، ومن وقف وراء تأسيسها وتثبيتها، ودعواته المستمرة لدعمها. هذه المجموعة لاتستطيع تَقَبُلَ الفكرة أو العمل في تنظيم مؤسسه هو البطريرك، مثلما يقفون بالضد من كل ما يصدر عنه، المسألة هنا شخصية أكثر من كونها عامة.

قد يكون لكل طرف أو شخص أسبابه المعقولة التي تحدد نظرته الى الرابطة الكلدانية، إلاّ أن المهم هو أن يتجاوز الكلدان خلافاتهم الشخصية والكنسية ومسألة الولاء لشخصيات معينة سواء كانت دينية أم سياسية من أجل المصلحة العامة للجميع.

هذه المرحلة بالذات تتطلب وقفة واحدة لمن يهمهم أمر الكلدان ووجود رابطة قوية لهم، حيث أن قوتها هي من قوتهم ومساهماتهم في وضع اللبنات الصحيحة لأساساتها وقطع الطريق أمام من هو غير مؤهل لتولي مناصب مهمة فيها أو إستغلالها لغايات معينة.
وذكرت اللجنة العليا التحضيرية للمؤتمر العام الأول للرابطة الكلدانية في أعلان لها بأن المؤتمر سينعقد من  1- 3 ايلول 2016 في اربيل / عينكاوا. الرابط أدناه وجاء فيه:

تدعوا لجنة البحوث و الدراسات الاستراتيجية المختصة، كافة  ابناء امتنا الكلدانية خاصةً والمسيحيين عموماً من الاكاديميين و الباحثين و المفكرين و السياسيين و الاعلاميين و رجال الدين، للمشاركة في تقديم بحوثهم و دراساتهم في احدى المحاور المدونة في هذا الاعلان.
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=812041.0

في الوقت الذي تعتبر مثل هذه الدعوة خطوة إيجابية ومهمة، نرى أن الأهم هو تصفية الأجواء الكلدانية من خلال دعوة مماثلة لكل النشطاء الكلدان تسبق المؤتمر العام أو من خلال إتصالات شخصية.
 
إن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، والخطوة بدأت بتأسيس الرابطة، ورغم تعثرها في البداية إلا أنها إتخذت خطوات مهمة في الأتجاه الصحيح لتثبيت اسم الكلدان ونشره عالميا من خلال تسجيلها رسميا في الأمم المتحدة وإفتتاح مكتب دائم لها في مجمع الأتحاد الأوربي في بروكسل، وأخيرا دعوتها الكلدان للمساهمة في وضع الخطوط العريضة في التعامل مع القضايا المهمة المتعلقة بهم.
الرابطة الكلدانية تمد يدها اليكم، فهل من مجيب ؟

جاك يوسف الهوزي

corotal61@hotmail.com

47
أعرفُ أن سؤالاً كهذا، سيجعل الكثيرين ممّن يدّعون البطولات ويطبّلون ويزمّرون لجهات معينة يعملون ما بوسعهم لمصادرة وتخوين الآراء المعتدلة بحركات وتصريحات غير مسؤولة وعاطفية تداعب مشاعر الناس هدفها جلب الأنتباه والبقاء في دائرة الضوء حتى لو كان ذلك على حساب أرواح بقية أبناء شعبنا الذي دمرته مصالح الدول الكبرى قبل الأرهابيين والتكفيريين الذين تم إستخدامهم كوسائل مرعبة لتحقيق غايات خبيثة.
لم تنظر القوى الكبرى إلينا ،يوماً ما، على اننا شعب مظلوم، بل حاولت دوماً أن تستخدمنا وما يتماشى مع تحقيق مصالحها في مناطق تواجدنا بوعود كاذبة مازلنا نعاني من نتائجها الكارثية حتى الآن، فأرتبطَ أسمنا نحن المسيحيين -بنظر (شركاء الوطن)- بالغرب (المسيحي) وأصبحنا، شئنا أم أبينا، عملاء له، ولم يشفع الدور المشرّف الذي لعبه المسيحيون فى بناء وطنهم وتقدمه أو الدفاع عنه لهم بتغيير هذه النظرة البغيضة التي غذّتها الطائفية المقيتة والأيديولوجيات الأقصائية الدخيلة التي إستغلّت حالة الفوضى التي خلقها الغرب لغاية في نفسه وفتح المجال أمام القاعدة وداعش وأمثالها من المنظمات الأرهابية لتفتك بالمسيحيين وغيرهم على مرأى ومسمع أميركا وتوابعها دون أن يحركوا ساكناً على مدى أكثر من عقد من الزمن.

هناك عدّة أسئلة تطرح نفسها هنا:
لماذا ترغب أميركا بتسليحنا الآن ؟
لماذا لم تُفكّر بالأمر سابقاَ؟
هل تؤمن أميركا بأننا قادرون على الدفاع عن أنفسنا بمفردنا، أو أن يكون لنا دور فعّال في المعركة؟


قد يقول البعض ممن يقفزون على الواقع ويُغَلّبون لغة العاطفة على العقل والمنطق  ويثيرون مشاعر الناس بكلام حماسي على غرار ( حْنّا للخيل... حْنّا للّيل..) وما شابه ذلك، ويحاولون أن يظهروا للجميع بأنهم وحدهم من تهمه مصلحة شعبنا وتحرير أراضيه من عبودية داعش، رغم أن أغلبهم يعيشون مع عوائلهم حياة مترفة في بلدان متقدمة، بعيدون آلاف الأميال عن خطوط النار والمواجهة ، يقولون بأن أميركا أقدمت على خطوتها هذه لمساعدة (شعبنا) على إستعادة أراضيه.
وهنا نصطدم بسؤال مهم هو:
ألم تكن أميركا قادرة - لو أرادتْ- أن تُجنّبَ نفسها وتُجَنّبنا نحن المسيحيين الوضع المأساوي الذي نحن فيه الآن لو كانت تهمها مصلحتنا؟
ألم تدعم إسرائيل الدولة الصغيرة منذ تأسيسها وجعلتها أقوى قوة في المنطقة رغم وجود مئات الملايين من العرب والمسلمين الساعين الى تدميرها؟
فهل ننخدع مرة أخرى ونصدّق بأن أميركا تهمها مصلحة شعبنا، أم أنها ستتركه لقمة سائغة وهدفا مكشوفاً للمتطرفين حتى بعد إستعادة أراضيه كما فعل أسلافهم الأنكليز؟

أغرب ما في الأمر هو أن يعطي عدد من أولئك الناس الحق لأنفسهم بتقرير مصير شعبنا وفق أهوائهم ومصالحهم ، وكأن أبناء شعبنا الآخرين، الذين لايتفقون مع  ارائهم ونظرتهم العاطفية للأمور، كأنهم خونة وإنهزاميون وجبناء ولايفقهون شيئاً.
ووصل الأمر لدى البعض منهم حد التهجم على بطريرك أكبر فئة من المسيحيين في العراق، غبطة مارساكو عندما أبدى رأيه المخالف لرأيهم في الموضوع، وطالبه البعض بعدم التدخل بما لايعنيه، وكأنه من جزر الواق واق وليس مسيحياً عراقياً ورئيس أكبر كنيسة عراقية.
إذا كان هو وغيره من رؤساء الكنائس لايعنيهم أمر المسيحيين ومصلحتهم ولا يحق لهم إبداء رأيهم في مسائل حساسة متعلقة بمصيرهم ومستقبلهم وعلى شكل نصيحة وليس أمراً بحجة عدم التدخل في السياسة، فمن يعنيه أمرهم ومستقبلهم ؟
أنتم مثلاً ؟ ماذا قدّمتم لهذا الشعب في محنته مقارنةً بالكنيسة؟
أم أميركا والغرب ؟ ماذا جنينا منهم نحن المسيحيين ؟


corotal61@hotmail.com

48
كنا نعتقد بأن حل مشكلة الرعية الكلدانية في فانكوفر قد تَمّ بإتفاق جميع الأطراف المعنية، أي الفاتيكان، البطريركية الكلدانية، مطرانية الكلدان في كندا والكنيسة المحلية بشقيها، إلاّ انه يُفهَمْ من كلام سيادة المطران شليطا بأن المبادرة (الأوامر) صدرت من الفاتيكان ( المجمع الشرقي وقداسة البابا شخصياً) دون أن يكون  للبطريركية  أي دور فيها.
ما يعزز هذا الكلام وأمتعاض البطريركية الكلدانية من (التجاوزات) المستمرة على (سلطتها) من قبل الفاتيكان التي تجاهلت دورها ورأيها وفرضت حلاً على إحدى خورناتها هو التوضيح الذي نشره اعلام البطريركية عن موقفها من الرهبان والكهنة التاركين ديرهم وأبرشياتِهم (الرابط أسفل المقال)، وجاء فيه:

 (ما حدث في السنين الأخيرة، ان بعض الرهبان تركوا أديرتهم، ومن بينهم من كان مدبراً، كذلك بعض الكهنة الأبرشيين من دون أسباب ولا رخص رسمية، انما انجذبوا الى اغراءات الغرب، وتم إستخدامهم من قبل الرئاسة المحلية هناك من دون وجه حق وقانوني. ويفوق عددهم العشرة.
بعض من هؤلاء الرهبان والكهنة لم يكتف بوضعه غير القانوني، بل راح ينتقد الكنيسة ويشتمها ويشتم الناس حتى من على منبر الكنيسة. وأحد هؤلاء الرهبان ذهب الى أبعد من ذلك، فأقدم على فتح كنيسة على حسابه الخاص في جماعة إنكليكانية، وكأنه يفتح دكانا أو حسابا في التواصل الاجتماعي، من دون معرفة أسقف الأبرشية، ومنح لنفسه كل السلطات: يقدس ويعمذ ويكلّل ، معتبراً نفسه على الحق والآخرين على الباطل!
كيف يمكن قبول كذا حالة في كنيسة تحترم نفسها وقوانينها؟)
.

ما يبدو تجاوزا على سلطة البطريركية تعتبره الفاتيكان جزء من حقوقها وصلاحياتها وفقاً للتعهدات والأتفاقيات الموقعة بين الكنيستين، ولها بالتالي مطلق الحرية في إتخاذ الأجراء الذي تراه مناسبا لحل أي اشكال يحصل في أية كنيسة كاثوليكية تابعة لها، خاصة إذا فشلت الأطراف المعنية ومنها البطريركية أيضا في إيجاد حل توافقي داخلي خلال فترة زمنية محددة، وفي هذه الحالة تفاتح المطران -المسؤول المباشر- عن هذه الكنيسة دون الرجوع الى البطريركية، او تكتفي بارسال نسخة من القرار إليها للأطلاع وإجراء اللازم.
المطران عمانوئيل شليطا كان دبلوماسيا في كلامه بقوله:
(طلب مني المجمع الشرقي أن نقبل الأب أيوب كاهنا في ابرشية الكلدان في كندا وهذا هو قرار البابا).
يوضح المطران هنا بأنه يُنَفّذُ طلبا أو قراراً لأعلى سلطة إدارية يرتبط بها رغم كونه مطرانا في الكنيسة الكلدانية التي ربما ليست على خط واحد مع روما، وإنه في الوقت ذاته يربط الموافقة على عمل الأب أيوب في أبرشيته بشرط إطاعة قوانين الأبرشية الكلدانية في كندا والقوانين التي تأتي من المجمع الشرقي والبطريركية الكلدانية، ليُظهِر للجميع بأنه حريص أيضاً على تطبيق القرارات الصادرة من البطريركية الكلدانية واحترامها.
الموقف الذي وجد فيه مار شليطا نفسه بين تنفيذ قرارات روما واحترام تعليمات البطريركية ليس سهلاً، وربما هو الأول من نوعه لمطران كلداني في العقود الأخيرة.
إذا كانت قرارات روما ملزمة للأبرشيات الكلدانية في الوقت الذي لاتُحتَرَمُ فيه قرارات البطريركية الكلدانية، نفهم موقف البطريركية من قرار السماح للأب أيوب وغيره بالعمل مجددا في الكنيسة الكلدانية، وكذلك تساؤلها :
كيف يمكن قبول كذا حالة في كنيسة تحترم نفسها وقوانينها؟

مهم جدا أن تحترم كل كنيسة نفسها وقوانينها، ولكن الأهم أن يحترمها الآخرون، وخصوصا من هم في (شراكة روحية) معها أو أكليروس وافراد يخدمون فيها.
وإنْ لم يكن بمقدورها إستعادة سلطاتها المسلوبة من قبل روما، بإمكانها أن تُلزمَ الأكليروس الذين يرغبون العمل فيها وخصوصا الكهنة والرهبان الذين سيرتسمون مستقبلاً بتعهد الألتزام بإطاعة قراراتها وقوانينها في أماكن خدمتهم داخل العراق وخارجه، ويكون التعهد موثقاَ من المحاكم المدنية يشترك في صياغته خبراء في القانون المدني.
مثل هذا التعهد لن يقف عقبة في طريق الكاهن الذي لديه رغبة صادقة في الخدمة، كما أنه سيجعل الذي يعتبر الكهنوت مجرد وظيفة في الحقل الديني يفكر ألف مرة قبل العمل في هذه (الوظيفة).
 غالبية أبناء الكنيسة الكلدانية تعيش في مجتمعات لاتعترف إلاّ بالقوانين المدنية، والكنائس فيها ماهي سوى مؤسسات دينية عليها أن تحترم قوانين الدولة المدنية.
وبهذا الصدد ، ذكر كاهن وراهب كبوشي متقاعد بأن أحد الأخوان في رهبنتهم اصيب بمرض غير قابل للشفاء، وأعلن الأخصائي المشرف عليه في المستشفى بأن ايامه أصبحت معدودة، فأجتمع الرهبان وكلفوا رئيسهم بأن ينقله الى الدير للعناية به والصلاة عليه في أيامه الأخيرة.
ذهب رئيس الدير الى المستشفى وإلتقى بالأخصائي ونقل اليه رغبة الأخوة الرهبان، فسأله الأخصائي هل أنت من أقارب المريض؟ فأجاب الرئيس كلا. فعاد وسأله مجدداً: وهل لديك أوراق ثبوتية مصدّقة من جهات مدنية رسمية بأن المريض قد منحك صلاحية التصرف به في حالة عدم قدرته على ذلك؟ أجاب الرئيس كلا، فقال الطبيب آسف . حاول رئيس الدير أن يوضح طبيعة عمل الرهبان وعلاقاتهم، إلا أن الطبيب إعتذر وأنصرف.
عاد الرئيس الى الدير وقصّ على الأخوة ما جرى بينه وبين الطبيب وقرر الجميع أن يوقّع على التعهد الذي طلبه الطبيب لكي لاتتكرر قصة الراهب المذكور مستقبلاً، علما ان هذه الحادثة حصلت في هولندا قبل ٣٠ عاماً ، قبلها كان طلب رئيس الدير مستجاباً دون الحاجة الى التعهد المذكور، ولكن مع إنحسار تأثير الكنيسة في المجتمعات الغربية لم يعد هناك أي إستثناء لرجال الدين.
أليست كنيستنا أيضاً بحاجة الى مثل هذه التعهدات لأحترام قوانينها وقراراتها حفاظا على النظام فيها بعد أن سُلِبَتْ سلطتها وأصبح كل من هب ودب يتجسر ولايحترم قراراتها وقوانينها التي أصبحت - مع الأسف- غير ملزمة أو تُلغى من جهات أعلى؟

http://saint-adday.com/?p=12730

جاك يوسف الهوزي
corotal61@hotmail.com

49
طلعت علينا مصادر اعلامية مختلفة بخبر مفاده أن مصليّن في مدينة أربيل عاصمة أقليم كردستان العراق هتفوا اليوم ضد السلطات الكردية إحتجاجاً لأبعادها عددا من الائمة وخطباء المساجد ومنعهم من إلقاء الخطب ما دفع الى استدعاء قوات الامن والشرطة للحفاظ على الامن واعتقال عدد من المصلين، حيث اتهمت وزارة الاوقاف والشؤون الدينية في الاقليم من اسمتهم بالمتحزبين في اثارة الفوضى.
وعمت الاضطرابات مسجدي "الله اكبر" و"جودي" في مدينة أربيل الامر الذي دفع قوات الشرطة والامن الى اعتقال عدد من المصلين المتسببين بالاضطراب وترديد هتافات مع رجال الدين ضد حكومة الاقليم بهدف السيطرة على الموقف.

يُعَدُّ هذا الأمر سابقةً خطيرة في أقليم كردستان، ليس لإحتجاج رجال الدين على السلطات المحلية وهي تمر بأزمة إقتصادية بسبب تراجع أسعار النفط ونفقات الحرب ضد تنظيم داعش والمشاكل العالقة بين بغداد وأربيل بشأن ملفات النفط والموازنة  فقط ، كما أشار السيد نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة الأقليم، وإنما لتراجع الحس القومي وغَلَبَة التزمت الديني لدى عدد كبير من جيل الشباب وبتأثير واضح ومبرمج من رجال الدين المتزمتين الذين يحاولون إستغلال الأزمة التي يعاني منها الأقليم تنفيذاً لأجندات خارجية لاتخدم سكان الأقليم من الأكراد والأقليات الأخرى وخصوصا الكلدان والسريان والآشوريين وآخرين.
وهناك دلائل تشير الى أن الولاء لديهم لم يعد للقومية والوطن وشركاء الوطن من الأديان والمذاهب الأخرى وإنما لجهات هدفها ضرب كل من لايتفق مع أفكارها الظلامية بأسم الدين وبتأثير المادة، منها:

١- إثارة الفتنة في هذا الوقت بالذات والأقليم يخوض حرباً شاملة ومكلفة ضد داعش الذي يتبنى أفكارا متشددة مشابهة لأفكارهم في ضرب كل من يختلف عنهم.

٢- إستغلال الأزمة الأقتصادية التي يمر بها الأقليم لكسب ولاء أكبر عدد من الناس وخلق إضطرابات لتفكيك الجبهة الداخلية بهدف إشغال السلطات وتخفيف الضغط عن داعش في هذه المرحلة التي يعاني فيها من هزائم في سوريا والعراق وإنهيار الحالة المعنوية لديه بسبب الأنخفاض الحاد في عدد الجهاديين الوافدين إليه (إنخفض عددهم من ٣٠٠٠ الى أقل من ٢٠٠ شهريا بحسب تقارير استخباراتية دولية) في الأشهر الأخيرة، إضافة الى هروب أعداد كبيرة من مقاتليه وإعدام اخرين حاولوا الهرب بعد الهجوم الوشيك على مدينة الموصل وضواحيها.

٣- جس نبض السلطات الكردية في تَحَدٍ واضح لها وفي قلب عاصمتها خاصة وإنها لم تتخذ الأجراءات الصارمة بحقهم بعد مظاهراتهم التحريضية في السادس عشر من شباط الماضي بحجة الدفاع عن حقوق المواطنين.

لم تأتِ هذه الأحتجاجات والأضطرابات والهتافات لرجال الدين والمسلمين المتشددين ضد السلطات الكردية من فراغ أو بشكل مفاجئ وعشوائي، بل سبقتها أعمال إرهابية مبرمجة ضد الحلقات الأضعف في أقليم كردستان كالمسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن وغيرهم وإتخذت أشكالاً متعددة لبعضها طابع ديني كما حصل في زاخو ومناطق أخرى قبل سنوات وأخرى قومي بهدف طرد أبناء شعبنا من أراضيهم والأستيلاء عليها لمسح هويتهم القومية والدينية التي تعتبرها هذه الأطراف  من الأهداف الرئيسية التي تسعى لتحقيقها.

ولكن السؤال هنا هو:
أين هي هيبة الدولة وسلطتها في الحفاظ على أرواح مواطنيها (المستضعفين) وممتلكاتهم بغض النظر عن دينهم، مذهبهم أو قوميتهم؟
لقد ساهمت المواقف الهزيلة لحكومة الأقليم والوعود التي لم تُطَبّقْ بمحاسبة المعتدين على حقوق أولئك المستضعفين في تمادي المتطرفين في أعمالهم الأرهابية المبرمجة التي وصلت الى حد ترديدهم هتافات مناهضة للسلطة في عقر دارها في إشارة واضحة لفقدان هيبتها.

فهل تُلَقّنهم السلطات درساً لن ينسوه وتستعيد هيبتها وتعيد لكل ذي حق حقه؟ أم إنها ستدفع ثمن سكوتها على كل التجاوزات الشنيعة التي حصلت بحق مواطنيها وتشرب من نفس الكأس المرّة التي شربوها وترفع الراية البيضاء؟ وهذا ما لانتمناه.
أن غدا لناظره لقريب.

50
قيلَ وكُتبَ الكثير عن الكنيسة الكلدانية وما يجري فيها من أحداث وممارسات مؤلمة أدت الى خلافات وأنقسامات تركت آثارا سلبية على أتباعها وخصوصاً في الأبرشيات التي ماتزال تعاني منها بشكل مباشر.

هذه الأحداث لم تظهر فجأة على الساحة وإنما نمت وازدهرت خلال عقود طويلة من الزمن، تغاضى رؤساء هذه الكنيسة السابقين عن بعضها، في الوقت  الذي كان فيه إبداء الرأي بالنسبة للعلماني أو معارضة ما يراه غير صحيح منها من المحرمات التي كانت ستكلفه ربما العيش منبوذا بين الناس وكأنه جذّف على الروح القدس !! فبقيت محصورة داخل أروقة الكنائس وبين جدرانها، إلا أنها كبرت وبرز تأثيرها بشكل واضح وظهرت للعلن لسببين رئيسيين:
١- إنحسار دور الكنيسة على مستوى العالم وتراجع اعداد المترددين اليها بشكل كبير أفقدها سلطتها وتأثيرها وهو ما إنعكس على كنيستنا أيضا.
٢- "الأنفجار" الذي حصل في العراق  خلال العقود الثلاث الأخيرة بسبب الحروب المستمرة ومخلفاتها السلبية على المسيحيين والأقليات جعلت غالبية أبناء هذه الكنيسة يتركون بلدهم ويستقرون في بلدان الشتات.

وبسبب التجمعات الكبيرة للكلدان المهاجرين تشكلت ابرشيات وخورنات عديدة في مشارق الأرض ومغاربها ارتبطت معظمها اداريا بالأبرشيات الكاثوليكية في مناطق تواجدها، بينما الأعداد القليلة التي تبعثرت هنا وهناك بعيدا عن اماكن تواجد الكاهن الكلداني إندمجت في الكنائس الكاثوليكية الرومانية المتواجدة في مناطقها أو كنائس أخرى وهي أعداد لايستهان بها أيضاً، إضافة لمن ترك الكنيسة نهائياً.

كل هذه الأمور، والمتغييرات السريعة والأنتشار في العالم أفقد البطريركية الكلدانية مركزيتها وسلطتها على رعاياها وأكليروسها على وجه التحديد لاسيما وإنها لاتتمتع بهذه السلطة خارج حدود الأبرشية البطريركية، وهو ما إستغله القائمون على رعايا الخارج احسن استغلال وبرزت مراكز قوى كثيرة معلنة وغير معلنة وتوترت العلاقات بين كهنةٍ ورعاياهم بسبب حب السلطة والمال والعيش بعقلية القرون الوسطى لدى البعض دون اي اعتبار لتغير المكان والزمان وطريقة تفكيرالأجيال التي ولدت وترعرعت في بيئة نبذت عقلية القرون الوسطى منذ زمن بعيد وكأنهم لايريدون ان يروا او يسمعوا ما يجري حولهم.

كل ما تحدّثنا عنه معروف للجميع، ولكن هذا ليس مهماً بقدر ايجاد حلول جذرية سريعة لهذه المشاكل والعلاقة الضبابية بين البطريركية وابرشياتها وبين المطارنة والكهنة ورعاياهم، وإن استمرار الوضع على ماهو عليه مع سكوت جميع الأطراف ينذر بإنهيار شامل لكنيستنا خاصة في ظل عدم جدّية الفاتيكان في تطبيق القرارات التي إتخذتها بحق الكهنة والرهبان والمطارنة الذين تحدّوا قرارات البطريركية وحتى الفاتيكان نفسها، هذا إذا كان ما أُعلِنَ هو نفسه ما قُرّرَ وراء الكواليس.

ولكننا في الوقت ذاته لايمكننا ان نلقي اللوم كله على البطريركية أو الفاتيكان ، فسلطة البطريركية كانت مسلوبة منذ زمن بعيد، إلاّ ان الغيرة على كنيستنا وطقوسها وتراثها وكرسي أجدادها جعل الأكليروس بجميع رتبهم يعلنون الوفاء للجالس على هذا الكرسي لتستمر هيبته دون النظر الى القوانين الفاتيكانية التي تمنحهم سلطة ادارية أكبر.
 ومع إختفاء هذا الوفاء وسيطرة الأنانية والمصلحة على عقول الكثيرين منهم وإبتعادهم (مكانياً) عن كرسي البطريركية وخارج سلطته الأدارية برزت المشاكل الحالية.
ورغم كل هذه السلبيات أظهر غالبية ابناء الكنيسة الكلدانية في الخارج حبهم لكرسي أجدادهم وتمسكهم به من خلال الزيارات الراعوية التي قام بها غبطة البطريرك لأبرشيات ورعايا مختلفة لأن مثل هذه الزيارات لايمكن ربطها بشخص البطريرك نفسه فقط وإنما بمنصبه الذي يمثل اعلى سلطة كنسية لديهم ويهمهم استمرارها ليحافظوا على هويتهم الدينية المشرقية.

من هذا المنطلق، بات ضروريا إعادة النظر في القوانين التي تحد من سلطة البطريركية الأدارية على أبرشياتها، لأن عالم  اليوم المتحضر لايعترف بالوفاء والولاء وإنما يخضع لقوانين تحدد حقوق وواجبات كل فرد في المجتمع أو في المؤسسة، سواء كانت مدنية، دينية اوغيرها.
وقد يرى البعض هذا الأمر غير مهم حالياً لأنشغال الكنيسة الكلدانية بأمور أخرى أكثر اهمية كمعاناة اللاجئين ولقاءات المسؤولين والمنظمات الدولية والأنسانية في الداخل والخارج ومايترتب عليها من زيارات تكلفهم وقتاً طويلاً بحيث لايبقى لديهم المجال الكافي للنظر في المشاكل الداخلية التي تعاني منها الكنيسة نفسها في الوقت الحاضر، هذا كله صحيح، ولكن ما تعاني منه اهم بكثير لأتباعها من لقاءات وزيارات كثيرة أثبتت الأيام إنها ليست بأهمية وجدية ما نتحدث عنه.


جاك يوسف الهوزي
corotal61@hotmail.com

51
نهنئ الجميع بمناسبة حلول عيد القيامة المجيد، ونطلب من الرب أن يحتفل أبناء شعبنا به في قراهم ومدنهم بعد تحريرها وطرد الطغاة منها إنشاءالله.

يحتفل غالبية المسيحيين بعيد الميلاد المجيد في يوم محدد هو ٢٥ كانون الأول من كل سنة، ويتساءل الكثيرون لماذا لايقع عيد القيامة في يوم محدد من السنة أيضاً؟ وماهي قصة البيض الملون، وهل لها جذور دينية مسيحية؟
سبب هذا الأختلاف يعود الى عام ٣٢٥ م عندما وُضِعَتْ معظم القوانين التي تُنظّم المسيحية الحديثة في مجمع لآباء الكنيسة عقد في مدينة نيقية ، أو مدينة (Iznik) التركية الحالية.
 حيث قرروا في هذا المجمع أن يكون الأحتفال بعيد القيامة (الفصح) في الأحد الأول بعد أول إكتمال للقمر (يكون بدراً) في الربيع من كل سنة.
والمعروف أن الربيع يبدأ في ٢١ آذار من العام، هذا يعني أن العيد سيقع أحد أيام الأحد في الفترة الواقعة بين ٢٢ آذار و ٢٥ نيسان من السنة، لذلك نرى هذا الأختلاف بين سنة وأخرى.
كما لم يكن اختيار وقوع عيد القيامة في الربيع اعتباطياً، بل كان لفتة ذكية من آباء الكنيسة لأحلاله محل أحتفالات الشعوب الوثنية التي دخلت المسيحية وكانت تحتفل بأعيادها أيضا في الربيع وتستعمل رموزاً تشير إليه كالبيض الملون وفراخ الدجاج التي أصبحت رموزا تقليدية إرتبطت بعيد القيامة منذ ذلك الوقت.

هذه الرموز تشير الى بداية جديدة أو ولادة جديدة ونهوض (قيامة جديدة) في الربيع وعودة الحياة بعد فترة السبات الشتوية، والقيامة الجديدة بالضبط هي ماتحتفل بها الكنيسة في إشارة الى موت المسيح وقيامته والحياة الجديدة.

أما وجود الأرنب -أو مايسمى بأرنب الفصح- فليس أيضا من قبيل الصدفة لأنه يعتبر رمز الخصوبة في الربيع وأرتبط ب (Eostrae) الهة الخصب لدى الأقوام الجرمانية التي دخلت المسيحية واحتفظت به أيضا.
وجرت محاولات عديدة من قبل الكنيسة لأحلال الخروف محل الأرنب الذي يعتبر رمزا للجنس، إلا ان هذه المحاولات لم يُكتَب لها النجاح لكون هذا التقليد متأصل في هذه الشعوب.

نبذة مختصرة عن مدينة (Iznik) التركية أو مدينة نيقية سابقا

إزنك، وكان أسمها نيقية حتى القرون الوسطى، مدينة تركية تقع في محافظة بورصه على الضفة الشرقية لبحيرة تحمل نفس الأسم.
بُنيت سنة ٣١٠ قبل الميلاد، ويبلغ عدد سكانها ٤٣٤٢٥ نسمة بحسب تعداد عام ٢٠١٢ .
إحتلها السلاجقة عام ١٠٧٨م وكان هذا الأحتلال أحد الأسباب الرئيسية للحروب الصليبية الأولى حيث تم تحريرها، إلاّ أنها سقطت مرة أخرى في عام ١٣٣١م بيد العثمانيين وأصبحت جزءاً من إمبراطوريتهم.
توجد في المدينة آثار كاتدرائية القديسة صوفيا التي إنعقد فيها مجمع نيقية الثاني في عام ٧٨٧م.

52
في الوقت الذي كُنا نعتقد بأننا قد تجاوزنا مرحلة إلغاء الآخر أو إقصائه، خاصة بعد الضربة الموجعة التي تعرّضنا لها بعد إحتلال داعش لأراضينا وتدنيسه لمدننا وقرانا وتدميره لكنائسنا وأديرتنا وآثارنا وكل ما يَمُتُّ لحضارتنا وتراثنا بصلة، فاجأنا الأخوة السريان في سياق مطالبتهم بأدراج أسمهم القومي بشكل مستقل في الدستور العراقي أسوةً بالكلدان والآشوريين - وهو حق مشروع لهم - بمحاولتهم إلغاء الوجود الكلداني والآشوري وإعتبارهم سريان شرقيين.

كُنا نأمل من الأخوة السريان بعدما هدأت حِدّة المناقشات العقيمة حول موضوع التسمية وقبول معظم أبناء شعبنا ، كل منهم الآخر كما هو، أن لا يلجأوا الى هذا الأسلوب (الأستفزازي) للمطالبة بحقوقهم القومية.
وجاء في سياق المطالبة بتثبيت أسم السريان في الدستور العراقي الموجهة الى رؤساء الجمهورية والوزراء ومجلس النواب والمذيلة بأسم رؤساء طائفة السريان مايلي:

أسم "الكلدان" لايمت بصلة للكلدان القدامى إنما أطلقه البابا أوجانيوس الرابع في منتصف القرن الخامس عشر على فئة من السريان النساطرة. تبعوا كنيسة روما. وكذا الأمر بالنسبة الى الأخوة "الآشوريين" إذ لاصلة لهم بالقدامى هم الآخرون وقد أطلق عليهم الأسم في أواخر القرن التاسع عشر من قبل بعثة تبشيرية بريطانية عثرت عليهم في اروميا ايران واليوم يعرفون بكنيسة المشرق القديمة أو كنيسة المشرق الجاثليقية أو الآشورية ولغتهم كانت ومازالت السريانية لا الآشورية ولا الكلدانية القديمة.

المزيد على الرابط التالي:
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=806260.0

لو كانت المطالبة مذيلة بأسم سريان قوميين متشددين، لانقول متطرفين، لما كان في الأمر إستغراب، إنما أن يتبناها رؤساء الطوائف السريانية وتتضمن إشارات سلبية عن الكلدان والآشوريين يجعلنا نتساءل:

١- هل كان ضرورياً ذكر الفقرة أعلاه من أجل تثبيت أسم السريان في الدستور العراقي؟
٢- هل ذكر هذه الفقرة سيلغي الكلدانية والآشورية كقوميات مستقلة في الدستور ويدمجها بالقومية السريانية بعد تثبيتها رسميا.
 
ثم أن المنطق الذي تعتمدون عليه في عملية إلغاء الوجود الكلداني والآشوري وإعتبارهم اراميين بمجرد إتخاذهم لغتهم وبعدها سريان لأعتناقهم المسيحية منطق لايقبل به التفكير الحديث، وحتى البابا أوجانيوس الرابع لم يطلق أسم الكلدان عليهم إعتباطاً أو جاء من فراغ، إذا كان هناك سريان كاثوليك غربيين، لماذا لم يطلق عليهم أسم سريان كاثوليك شرقيين، أو سريان كاثوليك (حاف) عوضاً عن الكلدان الكاثوليك؟

نحن مع فصل الدين عن الدولة، ولكن في عراق اليوم لايوجد شيء إسمه (دولة) بالمفهوم الصحيح، في نظام متخلف مزّقته الطائفية وسلطة رجال الدين. وطالما يحقّ لرجال الدين الآخرين التدخل المباشر في سن القوانين وكتابة الدستور وتقرير مصير المسيحيين، لماذا لايحق لرجال الدين المسيحي المطالبة بحقوقهم المشروعة؟

من هذا المنطلق نتفهم مطالبة السادة رؤساء الطوائف السريانية بحقوق السريان وتثبيت اسمهم في الدستور ولكن ليس بالطريقة التي تسيء أو تنتقص من حقوق إخوانهم المسيحيين الآخرين، والأمر نفسه ينطبق على رؤساء الطوائف المسيحية الأخرى.


جاك يوسف الهوزي
corotal61@hotmail.com

53
نكذب لو قلنا بأن آباء الكنيسة الكلدانية من بطريرك وأساقفة وكهنة إضافةً الى العلمانيين يعملون معاً في إتجاه واحد من أجل مصلحة وخير هذه الكنيسة (المنكوبة) كما وصفها غبطة البطريرك، لأنهم يتقاطعون مع هذه المصلحة عندما تتعارض مع مصالحهم الشخصية،  كلّ بطريقته الخاصة وفقاً لظروفه وموقعه.
فنكبة الكنيسة لم تأتِ من فراغ أو بعد إحتلال داعش لأراضينا وتدميره لأديرتنا وكنائسنا، وإنما بدأت قبل ذلك بكثير عندما أخذت الكنيسة تفقد هيبتها  وسلطتها تدريجياً -وكنيستنا ليست إستثناءاً في هذا المجال - ليس في منطقتنا فحسب بل على مستوى العالم أجمع.
ولكن الملفت للنظر هو ظهور (مراكز قوى) فيها تتمتع بإستقلالية شبه كاملة غير معلنة، وهذا أخطر ما في الموضوع.

أزمة روما أم أزمة ضمير؟
قد يكون لتقليص صلاحيات البطريرك الأدارية دور كبير في الحالة التي وصلت إليها الكنيسة الكلدانية، إلاّ أن حب الذات و (الأنا) القوية لدى العديد من الأكليروس وبرتب كنسية عالية أيضاً طغت على صوت الضمير عندهم وأخفتته إنْ لم نقل أسكتته، فأنستهم الوعود التي قطعوها مع الرب عندما قرروا الخدمة في حقله مستغلين ضعف الكنيسة التي سُلِبَتْ إرادتها لتقوية سلطاتهم الخاصة.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو:
أين الغيرة على كنيستنا والولاء لكرسيها الذي هو رمز وحدتها وقوتها؟
لا أعتقد أن روما - رغم سلطتها الأدارية - ستقوم بمنعهم أو حرمانهم من (وظائفهم) لو عملوا معاً أو أبدوا الولاء والأحترام لكرسي كنيستهم. فالمسألة مسألة مصالح ومجد شخصي وأزمة ضمير وغيرة أكثر من كونها مجرد سلطة روما وحدها، أي الخطر الأكبر هو من داخل الكنيسة نفسها.
هذه الظاهرة السلبية ستستمر بل ستزداد حتى لو أُعيدت كل الصلاحيات المسلوبة مالم يحصل تغيير كبير ،حتى لو كان مؤلماً، داخل الكنيسة الكلدانية أولاً.

مراكز قوى في الكنيسة الكلدانية
وتنقسم الى قسمين:

١- معلنة: وتتمثل بأبرشية مار بطرس في غرب أمريكا التي لاتمتثل بأوامر البطريركية ولاتطبّق مايصدر عنها حتى في الجانب الطقسي الذي يُفترضْ بها أن تحترمه، كما لاتلتزم بما يصدر عن سينودس الكنيسة الكلدانية.
ماذا يمكن أن نطلق على حالة هذه الأبرشية داخل الكنيسة الكلدانية والتي باتت معروفة للجميع بسبب ماقيل وكتب عنها؟

الأمر نفسه ينطبق على ماجرى في خورنة فانكوفر الكلدانية في كندا حيث شهدت إنفصال فعلي لمجموعة من أبنائها الذين أسسوا كنيسة (كلدانية) جديدة تضم حوالي ١٠٠ عائلة بحسب المعلومات الواردة من هناك، وهذه الكنيسة بلا مرجعية على أمل أن تُحلْ مشكلتها ويعود أبناؤها الى أحضان كنيستهم الأم.
ألا يستحق أولئك الكلدان- مهما كان خطأهم - النظر  الى معاناتهم وضمان بقائهم في أحضان الكنيسة الأم ؟
أقل مايمكن أن يقال عن هذه الظاهرة المؤلمة إنها تعكس حالة الفوضى التي تنتشر في أجزاء من الكنيسة الكلدانية، لها أسباب معروفة ولانرى حلولاً لها.

٢- غير معلنة: وهذه أخطر من الأولى، وتتمثل بإستغلال الكهنة لمناصبهم وإعتبار الكنائس وكل مافيها ملك صرف لهم، ولايكتفي بعضهم بهذا فقط، بل يتجاوزه الى إستخدام أساليب وكلمات غير لائقة مع رعاياهم وأمور أخرى لاتليق برجال الدين.
يبدو أن المدة الطويلة التي يبقون فيها في خورنة واحدة جعلت بعضهم يعتقدون بأنهم قد أصبحوا شيوخاً أو اغَوات، وما على الآخرين إلا إطاعة أوامرهم إنْ كانوا على حق أو على باطل.

الخلاصة
كنيستنا بحاجة الى تغييرات داخلية بعد أن عجزت كل الأجراس عن إيقاظ ضمائر البعض.

جاك يوسف الهوزي

corotal61@hotmail.com

54
تعودنا منذ الصغر بأن الصوم يعني الأنقطاع عن أكل اللحم والزفرين والصيام حتى الظهر لمن يرغب بالصيام وله القدرة على ذلك، أو الصيام لأيام محددة مثل الأسبوع الأول من الصوم الكبير والجمعة العظيمة أو أيام أخرى تحددها تقاويم (روزنامات) الكنائس بحسب إجتهادات رؤسائها أو حتى مطارنة أو كهنة يصدرون تقاويم خاصة بهم ضمن الكنيسة الواحدة ، فيتيه من يصله تقويمين مختلفين لنفس الكنيسة !

مفاهيم خاطئة
أعرف أشخاصا يتندّرون بهذه الأختلافات بين التقاويم لأنها تمنحهم فرصة إختيار مايناسبهم لكونها صادرة عن جهات كنسية رسمية.
وهناك آخرون يطبقون الصوم بشكل حرفي إنْ صَحَّ التعبير، فينتظرون ساعة إنتهاء الصوم ليأكلوا بعد أن إنقطعوا عنه كل المدة المحددة لذلك، المهم عندهم إنهم طَبّقوا كل ماجاء في تقويم معين بشكل كامل.
للأسف ، أصبح الصوم لدى الكثيرين مجرد فريضة مرتبطة بالطعام والشراب ، علينا تأديتها إما خوفا من العقاب الألهي أو طمعاً بتحقيق رغبات نحن بأَمَسّ الحاجة إليها.

صراع بين الروح والجسد
ثَمّة من يقول بأن الصوم يجعلنا نشعر بما يعانيه الفقراء والمحتاجين ويقودنا الى مساعدتهم أو التعاطف معهم على أقل تقدير، هذا شيء جميل ومهم في آنٍ واحد.
إلاّ أن هذا الشعور والتعاطف لايمكن لهما أن يختزلا الغاية الأسمى من الصوم والمتمثلة بالسيطرة على الجسد وشهواته.
يعيش الأنسان طوال حياته في صراع مرير بين الروح والجسد، لأن الجسد لايستطيع  الخضوع لناموس الله .

بهذا الصدد، يقول مار بولس في رسالته الى مؤمني روما مايلي:
فإهتمام الجسد هو موت، وأما إهتمام الروح فهو حياة وسلام. لأن إهتمام الجسد هو عداوة الله، لأنه لايخضع لناموس الله، بل لايستطيع ذلك. فالذين هم تحت سلطة الجسد لايستطيعون ان يرضوا الله. (روم ٨: ٦-٨).

إنّ ترويض الجسد والسيطرة عليه ليست بالعملية السهلة، ولكنها ليست بالمستحيلة لمن يؤمن بأن يسوع المسيح الذي مات على الصليب كفارة عن ذنوبنا بإمكانه أن يمنحنا القوة والقدرة على التحرر من سلطته ، والصوم هو بمثابة رياضة روحية مهمة للسيطرة عليه وكبح جماحه.

ويضيف مار بولس:
فالآن ليس على الذين في المسيح يسوع أية دينونة بعد. لأن ناموس روح  الحياة في المسيح يسوع قد حررني من ناموس الخطيئة ومن الموت. فإن ما عجزت الشريعة عنه ، لكون الجسد قد جعلها قاصرة عن تحقيقه، أتمّهُ الله إذ أرسل إبنه متخذاً جسد الخطيئة ومكفراً عن الخطيئة، فدان الخطيئة في الجسد حتى يتم فينا البر الذي تسعى اليه الشريعة فينا نحن السالكين لابحسب الجسد بل بحسب الروح. (روم ٨: ١ - ٥).

ماذا نجني من الصوم؟
عندما نسيطر على أجسادنا نفسح مجالا واسعا لروح الله الساكن فينا أن يعمل عمله الذي يقودنا الى الحياة الأبدية في الوقت الذي يحاول الجسد العمل بكل قوته للحد من عمل الروح القدس ليتمكن من تلبية رغباته وشهواته التي تقود الأنسان الى الهلاك .
وهكذا نفهم بأن الصوم ليس مجرد عملية الأنقطاع عن الأكل والشرب الغاية منها إذلال الجسد، وإنما وسيلة ناجعة للسيطرة عليه.

جاك يوسف الهوزي

corotal61@hotmail.com

55
جاء في رسالة غبطة البطريرك مار لويس ساكو بمناسبة الذكرى الرابعة لأنتخابه بطريركاً على كنيسة بابل الكلدانية في العراق والعالم ما يلي:

يؤلمني تشتت المسيحيين وتبعثرهم في كيانات قومية متزَّمتة، بعضها اسميّة وغير فعالة، وكنائس رسولية صغيرة تقتنص ابناءها الجماعات الانجيلية الوافدة، لكنني مؤمن بأَنها في النهاية ستصل إلى مرحلة النضوج وتتحد في كنيسة مشرقية، مشرقة وشاهدة، لأن لا خيار لها غير الوحدة لاستمرارية تاريخها العريق ورسالتها السامية.  الوحدة قوة روحية وإنسانية واجتماعية وسياسية متميزة.  الوحدة تُعزز الشركة والرابطة بيننا من دون ان تهمّش احداً.  اننا امام مسؤولية مسيحية واخلاقية تجاه ما يجري لشعبنا المستهدف في الصميم. إنه واقع خطير ومرير عسى ان يدفعنا الى الاتحاد.
الرسالة كاملة على الرابط:
http://saint-adday.com/permalink/8416.html

يمكننا أن نعتبر هذا الكلام بمثابة توضيح وَرَدٍّ على المشككين بنيّاته الصادقة للوحدة الكنسية والسياسية  لشعبنا الجريح الذي أصبح مع مرور الزمن ضحيةً ليس لمطامع الآخرين فحسب وإنما ضحية الأنانية واللامبالاة من مسؤوليه السياسيين والكنسيين أيضاً.
هذه المعاناة برزت بشكل واضح بعد غزو داعش لأراضينا وكشفت وضعنا الهزيل وحجمنا الخفيف في عيون الآخرين وتأثيرنا الذي يكاد لايتعدى كونه مجرد كلام فارغ خالٍ من أي فعل حقيقي ملموس على أرض الواقع، والسبب يعرفه الجميع وهو تشتتنا بين متزمت قومي ومذهبي ومصلحي، ويحاول من يحمل هذه الأفكار الوقوف بوجه أية وحدة حقيقية تساهم في لملمة كل الأمكانات المتاحة وفسح المجال أمام الكفاءات المخلصة والقادرة على التخطيط السليم لمستقبل أفضل لمن لايزال يتمسك بأرض الأجداد أولاً وبقية أبناء شعبنا ثانياً.

قد يعتبر البعض هذا الكلام ضرباً من الخيال، أو إنه جاء متأخراً بعدما وقع الفأس بالراس في ظل الظروف المزرية التي نعيشها ونزيف الهجرة المستمر وحالة اليأس التي تسربت حتى الى نفوس أكثر الناس تفاؤلاً، ربما يكون الأمر كذلك فعلاً، إلا أننا يجب أن لانستسلم لليأس مادامت هناك بوادر إيجابية وضرورة مُلِحّة للعمل المشترك بعيداً عن الحزازيات والسلبيات التي رافقت إداءنا على المستويين القومي والكنسي وإنحدرت بنا الى الحضيض، وأسباب منطقية تجعلنا نتشبث ببصيص الأمل مهما كان قليلا، منها:

١-  الأمل بقرب تحرير الموصل وسهل نينوى، وهذا معناه عودة أهالينا المهجرين المتبقين في العراق اومن يرغبون بالعودة الى أراضيهم المسلوبة، فالعودة يلزمها الكثير من التحضير والعمل بعد أن تم تدمير كل شيء تقريباً، ولكننا لسنا أول شعب تعرض لهذه الحالة وتجاوزها ولن نكون آخر شعب بكل تأكيد، إلاّ أننا بوضعنا الحالي لن نتمكن من تجاوزها مالم يكن قرارنا موحدا.
٢- النداء الذي وجهه غبطة البطريرك ساكو بتشكيل مرجعية سياسية مسيحية مدعومة من جميع كنائسنا يجعل صوتنا قوياً ومسموعاً أكثر من تشتته بين كتل هلامية وأخرى إستغلالية. وهو دعم معنوي كبير للجميع.
٣- العملية السياسية ستنقلب كلها رأساً على عقب بعد القضاء على داعش، وكل الفئات تخطط لما هو أفضل لها وتحدد أهدافها، الأكراد مثلاً يخططون لأعلان إستقلال كردستان وضم أراضي جديدة في حالة عدم حصولهم على أرباح توازي طموحهم في التقسيم الجديد، أي أن خطتهم واضحة وكذلك الخطة البديلة.
أين نحن وفي وضعنا الحالي من العملية السياسية الجديدة؟
نحن مازلنا ندور في نفس الحلقة المفرغة، لاتخطيط ولامبادرات. ولانفكر في مثل هذه الأمور إلاّ بعد فوات الأوان عندما تكون كل الأمور قد رُتّبَتْ ونكون كالعادة خارج المعادلة وتستمر المأساة ونستمر في تخوين بعضنا البعض. لايزال عندنا متسع من الوقت للتفكير الأيجابي الجدي بمستقبلنا على أراضينا كما يفعل الآخرون.

وضعنا الراهن بحاجة لأفكار بناءة تصب في صالح شعبنا، ومبادرة مار ساكو تأتي لتشير الى الخلل المستمر فينا وفشلنا في الحصول على أبسط حقوقنا وتقترح حلولاً تلقى صدى مزدوجا لدى الأطراف المتعددة بين مؤيد ومعارض لها ومشكك فيها، الطرف أو الأطراف التي تنظر إليها بسلبية وريبة عليها طرح مبادراتها لنرى مدى جديّتها وإمكانية تحقيقها عوضاً عن محاولة إغلاق كل الطرق التي قد تقودنا لتحقيق أهداف توازي طموحنا وإمكانياتنا.
يمكننا أعتبار نداء البطريرك ما ساكو مبادرة الفرصة الأخيرة، وكما ذكرنا مازال لدينا وقتٌ كافٍ لدراستها وإضافة أفكار أخرى بناءة عليها قبل أن تكون خارطة العراق السياسية بعد داعش قد رُسِمَتْ ولا أثر لنا عليها. وبهذا الصدد يقول غبطته:

أخيراً مستندا الى الخبرة المُعاشة، والعديد من المؤشرات المصيرية، أجدد النداء الذي وجهته في 16/1/2016، إلى تشكيل "تجمع مسيحي مسكوني موحد"، يكون بمثابة مرجعيّة سياسيّة للمسيحيين يقدم صورة واضحة وشاملة عن الوضع وخطّة مدروسة وآليّة تنفيذ عملية، ويدخل الى الانتخابات القادمة بقائمة واحدة للمرشحين ممن لهم القدرة والشجاعة ليعملوا من اجل ان يأخذ المسيحيون مكانتهم الوطنية في البلاد وفي مراحل صنع القرارات. انها فرصة ذهبية لا نضيعها خصوصًا إننا نعيش اليوم حالة غير مسبوقة تهدد وجودنا.  قريبًا سوف ادعو الى لقاء شامل للفعاليات السياسية والمراجع الكنسية لطرح الفكرة ودراسة المشروع!

جاك يوسف الهوزي

corotal61@hotmail.com

56
أعلن أبو بكر البغدادي في تسجيل صوتي بثته أجهزة الأعلام المختلفة قبل يومين وتناقلته وسائل التواصل الآجتماعي بأن تنظيم داعش سيغزو العالم قريباً وإنه سيتجه لتحرير القدس  بعد أن ينهي عملياته الحالية، وذَكّرَ إسرائيل بأن تنظيمه الذي أحرق الأخضر واليابس في العراق وسوريا ودول أخرى عديدة لم ينسى الفلسطينيين والقدس والمسجد الأقصى.

هذا الكلام أثار استغراب المحللين والخبراء وأخذوا يتساءلون:

أين كان البغدادي وتنظيمه من اسرائيل طيلة السنوات الماضية عندما كان يضرب بلا رحمه كل من يخالفه الرأي من المسلمين وغيرهم؟
ولسنا بحاجة للتذكير بجرائمه ضد البشرية والتاريخ ومحاولته ضرب أركان  المسيحية في الشرق الأوسط ومسح الهوية التاريخية للعراق وسوريا.

المفروض أن التنظيمات الجهادية الأسلامية، والمتطرفة منها خصوصاً، تضع نصب أعينها تحرير الأقصى والقدس كأولوية لاجدال عليها، فلماذا سلك البغدادي طرقا أخرى؟ ولماذا تذكّرَ اسرائيل فجأةً وفي هذا الوقت بالذات بعد أن أخذت الهزائم تتوالى على تنظيمه من كل جهة والضربات الجوية (الروسية منها على وجه التحديد) تُدمّر دفاعاته وبناه التحية في المناطق التي يحتلها بحيث لم يعد بمقدور قادته وقواته التحرك بسهولة؟

يعلم البغدادي قبل غيره بأن نهاية تنظيمه باتت وشيكة وإن نهايته أقرب، لذلك عليه أن ينفذ أوامر أسياده بالحرف الواحد ظنّاً منه بأنهم قد يُوَفّروا  له حياته مقابل ذلك، ولم يعدْ بإمكانه فعل غير ذلك، فجاءت تصريحاته الغريبة حول اسرائيل في هذا الوقت بالذات لسببين رئيسيين:

١- تبرئة ساحة اسرائيل من أية علاقة بتنظيم داعش بعد أن استغرب الخبراء وعامة الناس من موقف هذا التنظيم الدموي منها وعدم فتحه ولو رصاصة واحدة عليها في أوج تمدده وقوته وهو على بعد خطوات منها، وأخذوا يتساءلون عن طبيعة العلاقة بينهما وأقتنع الكثيرون بأن التنظيم ماهو إلاّ صنيعة اسرائيل ودول أقليمية وكبرى إلتقت مصالحهم في هذه المنطقة، في العراق وسوريا خصوصاً.
واسرائيل من جانبها لم تكن لترغب بتصفية البغدادي قبل إشارة واضحة منه الى أن اسرائيل هي عدوته وفي الوقت الذي ليس بإمكانه إثارة مخاوف الأسرائيليين، لذلك جاءت إشارته في هذا الوقت بالذات وتنظيمه لم يعد بإستطاعته حتى الدفاع عن معاقله وأن وجوده أصبح مسألة وقت ليس إلاّ بعد أن (إستَوَتْ الطبخة).

٢- بإعلانه العداء لأسرائيل وتحرير القدس، يعتقد بأن مجاميع من المسلمين المتشددين والمتعطشين لتحرير الأقصى سيتدفقون الى دولته لدعم قواته المنهارة ورفع الروح المعنوية لها بعد محاولات الهروب الجماعي للمقاتلين الأجانب والعودة الى بلدانهم إضافة الى عمليات الأعدام التي طالت هذه العناصر على يد أعوان البغدادي نفسه.

يٌستَنتَجُ مما تقدّم بأن الجهات التي صنعت البغدادي وتنظيمه قد تقدم على تصفيته بعد أن إنتفت الحاجة إليه، وستكون عملية تصفيته شبيهة بالتصفيات التي طالت كبار قادة التنظيم مؤخراً.

57
يبدو أن كل المآسي والكوارث التي حَلّتْ بالعراقيين منذ سقوط النظام السابق لم تكن كافية لإيقاظ ضمائر من يديرون دفة الحكم في هذا البلد، الذي كان مهداً للحضارة، ليجعلوا منه في عقد من الزمن غابة موحشة يسرح فيها كل من هَبَّ وَدَبْ، يسلب وينهب ويُشَرّعُ قوانينَ أصبحت من مخلفات الماضي والتي لامكان لها سوى في مخيلته المريضة وفقاً لما تقتضيه مصلحته الخاصة ومصلحة أسياده في الخارج الذين يحركونه كالدمية بأسم الدين والديمقراطية المزيّفة.

والسؤال هنا هو:
ماذا يمكن أن نخسر نحن المسيحيين أكثر مما خسرناه؟
بعد أن تم إحتلال مدننا وقرانا وتدمير تراثنا وتدنيس كائسنا والأعتداء على شرفنا، وأصبح أكثر من ثلاثة أرباع شعبنا مشتتين في الخارج، ومن هم في الداخل أصبح مصيرا مجهولا ينتظرهم.

كل الذي حصل لنا لايشفي غليل الذين خططوا لأستئصال جذورنا من أراضينا طالما بقيت قلة قليلة منا متشبثة بها تتحدى الصعاب وتتحمل الضيقات بصبر وإيمان قَلَّ نضيره.
هذه القلة تُذكرّهم  دوما بأنهم ليسوا أصحاب هذه الأرض الأصليين وإنما دخلوها عنوة وبحدّ السيف، هذا السيف الذي ماتزال عصاباتهم تسلطه على رقابهم وكأنها تؤدي خدمةً لله !!
وعندما أيقنوا أن سيفهم لايمكنه أن يزحزهم من أراضيهم أو يفصلهم عن محبة المسيح لجأوا الى لعبة قذرة لتحقيق مآربهم وتمثّلتْ بتشريع قوانين جائرة بحقهم، كأسلمة القاصر بالأمس والشروع بتحريم الخمور اليوم، والله أعلم لما يخططون في الغد.
 ويمكننا أن نتوقع مستقبلاً فرض الحجاب ومنع ربطة العنق والحد من حرية الشباب ونوعية التسريحات والملابس التي يجب عليهم ارتداءها، ولانستغرب إنْ استمر الوضع على ماهو عليه -دون رادع-  ليصل الى منع ممارسة الفرائض الدينية غير الأسلامية بشكل علني في المستقبل، كما يحصل في السعودية مثلاً.

والغريب في الأمر ان ما تصادق عليه المراجع الشيعية من قوانين جائرة بحق المسيحيين والأقليات الدينية الأخرى يلقى صدى حسناً لدى علماء السنة، بينما يكونون أول من يعترض عليها إذا تعلّق الأمر بمواضيع أخرى. أي إزدواجية هذه؟

إزاء هذه التصرفات الجائرة التي تدخل في إطار الجريمة المنظمة والمنافية لكل القوانين الأنسانية والأخلاقية، من حقنا أن نفقد الثقة بمن نعتبرهم (شركاء الوطن)، والذين يتصرفون معنا وكأننا غنائم وسبايا يفرضون علينا ما يرغبون به دون أي إحترام أو إعتراف بأبسط حقوقنا، وجبَ علينا البحث عن الطرق الكفيلة التي (يمكن) لها أن تضمن لنا ولو نزراً يسيراً من هذه الحقوق.


البطريركية الكلدانية صوت صارخ في البرية

منذ إعتلاء غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو سدة البطريركية الكلدانية وهو لايألُ جهداً في الدفاع عن المسيحيين وغيرهم من خلال لقاءاته المستمرة مع المسؤولين العراقيين والدوليين وأصبح بمثابة صوتهم الصارخ للتذكير بمعاناتهم ومناشدته للجميع حتى المرجعيات الدينية الأسلامية العمل على تخفيف هذه المعاناة.
إلا أن هذا الصوت لايلقى دوماً صدى إيجابيا لديهم، ويبدو أن غبطته قد لاحظ ذلك أيضاً لذلك جعل باب اللجوء الى القضاء الدولي مفتوحاً في ظل المؤشرات السلبية للبرلمان والمرجعيات، وبدأت اولى الخطوات في الأتجاه الدولي بمنظمة Caritas in Veritate  Foundation حضرها خمسة عشر شخصية كنسية وسياسية وعلمية ومن بين الشخصيات الكنسية: البطريركان ساكو ويونان والكردينال برباران، رئيس اساقفة ليون والسفير البابوي لدى الامم المتحدة في جنيف المطران سيلفانو توماسي.
النقاش دار حول دور الكنيسة الكاثوليكية في مساعدة المسيحيين والاقليات الاخرى في العراق وسوريا في محنتهم الحالية وافق العمل المستقبلي.
المزيد على الرابط التالي:
http://saint-adday.com/permalink/8199.html

بالرغم من الشجاعة الفائقة والنشاط الملحوظ الذي يقوم به غبطة البطريرك ساكو في هذا المجال وهو يعيش في أرض الوطن، إلاّ أنه من المستحيل أن يتمكن من حمل ثقل هذه المهمة لوحده دون تكاتف من الجميع وأولهم رؤساء كنائسنا وسياسيونا وكل فرد فينا وذلك عن طريق تشكيل لجنة مشتركة تتولى مهمة تدويل قضيتنا وطرحها في جميع المحافل الدولية وبمساندة شعبية من الداخل والخارج.
ربما يكون لبعضنا إعتراضات على سياسات غبطته، إلا أن هذا الوقت بالذات ليس وقتاً للحساب وإنما إعطاء الأولوية لما هو أهم، أي وجودنا ومستقبلنا، المسألة هنا إما أن نكون أو لانكون.
هذه الأولوية تتطلب من الجميع نبذ الخلافات الأقل أهمية ووضعها جانباً ولو لحين، فعندما لايكون وجود حقيقي لنا كشعب تُحْتَرَمْ حقوقه، ما فائدة الأمور الجانبية؟
بعد كل هذه الأمور، ما الذي يمنعنا من التحرك الدولي سريعاً بعد أن تأكد لدينا بأن حكومتنا لم ولن تنصفنا، والى متى نبقى نجامل ونقبل الظلم منها؟
الوقت ليس في صالحنا، فماذا ننتظر؟ وإلى متى نحترم من لايحترم حقوقنا ولايقيم إعتبارا لمشاعرنا؟
corotal61@hotmail.com

58
يجول هذا السؤال في فكر وخاطر كل مسيحي عراقي في الداخل والخارج، فالمسيحيون الذين خدموا هذا البلد بتفانٍ وإخلاص منذ آلاف السنين، إستبشروا خيراً بسقوط نظام صدام حسين الذي كان جاثماً على صدور العراقيين جميعاً، خاصةً ان الذين إعتلوا السلطة بعده قد عانوا الأمَرّين منه مثلهم معتقدين بأنهم سينصفونهم في إحقاق حقوقهم.

إلاّ أن الذي حصل كان عكس ذلك تماماَ، فالحكومات العراقية التي أعقبته أخذت تحكم هذا البلد الجريح وفق مبدأ المصلحة الخاصة قبل العامة في ظل نظام المحاصصة الطائفية سيء الصيت، مع محاولة كل طائفة، فئة أو حزب شارك في السلطة تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب المادية على حساب الوطن والآخرين.
وحتى ضمن هذه الفئات كانت حصة الأسد للأقوى من الحيتان الكبيرة المدعومة من جهات دولية وأقليمية ومرجعيات دينية، وهكذا تكتسب السرقة والأنتهاكات شرعيتها من الدين والقانون على حساب على ملايين الضحايا من الفقراء والمعدومين، وأكثرهم ضررا هم أبناء المكونات الصغيرة كالمسيحيين من الكلدان والسريان والاشوريين والأرمن وكذلك الصابئة واليزيديين وغيرهم.

ونعاني نحن المسيحيين أبناء العراق الأصليين من تهميش لحقوقنا القومية والدينية على أيدي هذه الفئات التي لاتقيم أي إعتبار لنا أو إحترام لمشاعرنا الدينية وتتلاعب بمصيرنا ومستقبل أبنائنا بطريقة تخلو من ذرة شعور واحدة بالمواطنة المشتركة وأبعد ماتكون عن المبادئ والقيم الأنسانية وكأننا دخلاء على هذا البلد.
وتمادت أكثر فأكثر في  إذلالنا وصلت حد إلصاق تُهم باطلة وجاهزة بنا كقضية الوزير المسيحي السيد سركون لازار (بِغَض النظر عن إنتمائه وإتجاهه السياسي) في محاولة مكشوفة لتشويه سمعة المسيحيين الناصعة البياض ظناً منهم بأن العراقيين لايعرفون من نهب ثرواتهم وجعل قسماً منهم يبحثون عن لقمة العيش في حاويات القمامة في بلد يُفترَضْ بأنه من أغنى بلدان العالم بخيراته، وكأنهم يحاولون حجب شمس الحقيقة بغربال مهترئ !!

يضاف الى ذلك القانون الجائر المتمثل بأسلمة القاصر إذا أشهر أحد والديه إسلامه لأي سبب كان، وإنْ دلّ هذا على شيء، فإنما يدلُّ على أن المُشرّعين لاتهمهم مصلحة العراق وأبناءه، وإنما تُحركهم جهات خارجية متزمتة تسعى لأقتلاع جذور ما تبقّى من مسيحيي العراق والأقليات الدينية الأخرى التي لم تدَمّرها أوتُهَجّرها مجاميع أرهابية كداعش وأخواتها وبأسم الدين !

والسؤال هنا هو:
من يضمن لنا إذاً بأن لاتتكرر مثل هذه الأجراءات الظالمة بحقنا مستقبلاً؟

علينا، والحالة هذه، إما أن نستسلم للأمر الواقع ونرفع الراية البيضاء ونعيش كأهل ذمّة نقبل كل مايفرضونه علينا ونحن صاغرون طائعون الى أن نتلاشى مع الوقت، وهذا أضعف الأيمان كما يقال.
أو نرفض هذه المهازل عن طريق جعل المطالبة بحقوقنا القومية والدينية هدفنا جميعاَ حتى وإنْ إختلفت نظرة أحدنا الى المفهوم القومي عن الآخر في هذه المرحلة الحرجة خصوصاً لأن مسألة وجودنا أصبحت على المحك.

فنحن لانستجدي شيئاً من أحد عندما نطالب بحقوقنا كاملة، ولانتجاوز بعملنا هذا على حقوق الآخرين بعد أن إتّضحَ لنا، بما لايقبل الشك، أنّ الآخرين لايعيرون أي اهتمام بنا وبمطالبنا لأننا في نظرهم أصغر من أن نتمكن من التأثير على قراراتهم، وهذه حقيقة مُرّة ستبقى وتستمر لو بقينا نفكر ونتصرف بنفس طريقة تفكيرنا وتصرفنا منذ سقوط النظام السابق الى الآن.

لذلك، أصبح التفكير جديّاً بطرق أخرى عملية وقابلة للتطبيق تنطلق من شعور عالٍ بالمسؤولية وذكاء في التعامل المؤثر مع الآخرين في الداخل والخارج ضرورة مُلِحّة لنتمكن من إنقاذ مايمكن إنقاذه.
ولكن قبل هذا كله يجب أن نتغلب على أنفسنا ونكف عن تقطيع بعضنا البعض، ومن لايستطيع فعل شيء في هذا المجال عليه أن لايكون حجر عثرةٍ في طريق من بإمكانه العمل من أجل وحدة ومصلحة شعبنا المظلوم، والأصطفاف معه إنْ كان شخصا مستقلاً ، حزبا سياسياَ، رجل دين ،منظمات إنسانية وأجتماعية أو غيرها.

59
مرّت قبل أيام قليلة الذكرى السادسة والأربعون لمأساة قرية صوريا الكلدانية التي راح ضحيتها أناس أبرياء مسالمون بطريقة وحشية يندى لها جبين الأنسانية التي لم تحرّك ساكناً لردع هذا الفعل الأجرامي الذي بقي دون عقاب رغم سقوط الدكتاتور وحكمه الظالم ومجئ مايسمى بالحكم الوطني الديمقراطي. فالذي تغير هو الوجوه فقط، أما النظرة الدونية وأحياناً حتى الأستمتاع بمعاناة المسيحيين لدى الكثيرين بقيت متأصلة في عقول وقلوب من يُسَمّون شركاء الوطن من مختلف الشرائح الأسلامية، ومنهم من يتلذّذ بإحتقارهم وإهانتهم بغرض طردهم من وطنهم وأراضي أجدادهم، ويبدو بأنهم نجحوا أو أقتربوا من تحقيق مسعاهم هذا.
لا أرغب هنا أن أعيد قصة هذه المجزرة الوحشية لأنها أصبحت معروفة لدى كل من تعنيه مثل هذه الأمور، إلاّ أنها كانت الخطوة الأولى (وآخر مجزرة كبرى في آخر نصف قرن) لما وصل إليه حال المسيحيين في العراق والمنطقة عموماً لسببين رئيسيين:
١- أنها رغم بشاعتها مرّتْ مرور الكرام دون حساب أو عقاب، بل على النقيض من ذلك، تم تكريم الجلاد ومعاقبة الضحيّة مرّة أخرى.
٢- سكوت المجتمع الدولي على مثل هذه الجرائم وخاصة إذا كان الضحايا من الأقليات الأثنية أو الدينية شجّع مرتكبيها على التمادي في سحق وهضم حقوق هذه الأقليات.
هناك موقفان شخصيان مؤثران متعلقان بهذه المأساة ما أزال أتذكرهما جيداً رغم أن عمري حينها لم يكن قد تجاوز ٨ أعوام.

صرخة المثلث الرحمات المطران يوسف بابانا
كان المرحوم المطران مار يوسف بابانا مطراناً لأبرشية زاخو ونوهدرا عندما وقعت هذه الفاجعة في يوم ١٩٦٩/٩/١٦، وكان مقر المطرانية في محلة النصارى في زاخو، سمعنا قرع نواقيس الكنائس في الليل، وعندما كانت تُقرع نواقيس كاتدرائية مار كوركيس الكلدانية، ناقوسان أحدهما كان له صوت مميز عندما كان يسمعه أهالي المحلة يعرفون فوراََ أن شخصاً ما قد توفي فيخرج الناس تلقائيا الى الشوارع ليستفسروا عن الشخص المتوفي، فيعرف الجميع من يكون وخلال دقائق معدودة. يعقبهما قرع ناقوس كنيسة مريم العذراء المجاورة للسريان الكاثوليك، وكانت النواقيس تُقرَع بشكل متناوب لعدة دقائق ولكل ناقوس منها صوت مميز تعرفه الناس.
كانت النواقيس تطرق في النهار دوماََ، حتى لو كان الميت قد توفي في الليل، إلاّ أن قرع الأجراس في الليل يعني حصول أمر كبير أستثنائي، وإنتشر الخبر بشكل سريع يعلن وصول جثمان الأب الشهيد حنا يعقوب قاشا الى الكنيسة، وكان الناس على علم بالمجزرة لأنها كانت قد حصلت قبل أيام من صول جثمان الشهيد الذي ترك في العراء هذه المدة وفي جو حار ومشمس.
تجمع الناس أمام باب الكاتدرائية ووقفوا على مسافة بعيدة من الجثمان الذي كان ممددا في جيب أو لاندروفر قديم بسبب الريحة التي لاتطاق، وفي هذه الأثناء ظهر المثلث الرحمات مار يوسف بابانا والحزن الشديد باديا على وجهه  وفي يديه قنينتان كبيرتان من العطر وتقدم نحو جثمان الشهيد وأنحنى عليه ثم إلتفت نحو الناس وأطلق صرخة مدوية بغضب شديد قائلاً:
أين هم الرجال؟ هل تتركون جثمان القس حنا هنا في الشارع؟
فتقدم عدة رجال وفتحوا قنينتي العطر ورشوها على جثمان الشهيد وحملوه الى إحدى الغرف في حوش الكنيسة.

المرأة التي كانت تبكي
عندما صُوّبت البنادق الى أهالي القرية بعدما تم تجميعهم في مكان محدد سقط الجميع، فظن المجرمون بأنهم ماتوا جميعا فتركوهم وذهبوا، إلا أن بعضهم لم يمت وتم نقل أعداد منهم الى مستشفى زاخو القديم، ومنهم إمرأة كانت ترقد بجانب المرحومة والدتي في ردهة النساء الكبيرة (قاييش أو قاويشا دبَختاتا) كما كنا نسميه، كانت هذه المرأة لاتكف عن البكاء وكانت والدتي تحاول التخفيف عنها وتساعدها لأن ساقها كانت قد بٌترتْ ولاتقوى على الحراك، كنتُ كطفل أعتقد بأنها تبكي من شدة الألم. لكنها قالت لأمي إنها لاتبكي على حالها وإنما تبكي على أحبابها الذين فقدتهم، ومنهم على ما أعتقد ولدان، أو ولد وبنت أحدهما كان بعمري حسب قولها، وكانت تسألني أنا وأخي سمير الأصغر مني بأربع سنوات بالأقتراب منها والجلوس على سريرها لأنها إشتاقت كثيرا الى أولادها.
بعد أيام خرجت والدتي من المستشفى ولم أراها بعد ذلك أو أعرف من هي تلك المرأة، إلا أنني مازلت أتذكر نظراتها الحزينة وتأوهاتها.


corotal61@hotmail.com

60
إنشاء الرابطة الكلدانية كانت فكرة غبطة البطريرك مار لويس ساكو، وتأسست بدعوة منه، كما دَعَتْ البطريركية كنائسها الى التعاون مع أعضاء الرابطة لتأسيس فروع لها في مناطق تواجدها وتسهيل مهمتهم.

البطريركية الكلدانية، وحرصاً منها على نجاح الرابطة التي تعتبرها بمثابة البيت الكبير الذي يجمع الكلدان ويُفَجْرٍُ طاقاتهم لتسخيرها في خدمتهم في جميع المجالات، تحاول خلال هذه الفترة الأنتقالية - سنة واحدة - أن تُثَبّتَ أساساتها والتعريف بها لتنطلق مستقلةً ومعتمدةً على نفسها في إدارة شؤونها المختلفة.

هذا الأصرار والحماس من طرف البطريركية يقابله برود ولامبالاة من قبل العديد من الكنائس الكلدانية في الخارج، وهناك مؤشرات بأن بعضها أو بعض الكهنة لايكتفون بعدم المبالاة فقط، وإنما يقفون ضدها أيضاً!

ولكي يكون واضحاَ للجميع، نحن لانتحدث هنا عن أبرشية مار بطرس الرسول في غرب أمريكا والوضع الذي نشأ فيها نتيجة الخلاف بين رئاستها والبطريركية حول وضع الكهنة والرهبان الموقوفين رغم أن قضيتهم قد حُسِِمَتْ بعد قرار روما الأخير، إلاّ أن الأجواء لم يتم تنقيتها كلياً.

هذه الأجواء الملبدة بالغيوم ، ألقَتْ بظلالها (السوداء) على العديد من الخورنات الكلدانية في العالم، ووفقاً للعلاقات التي تربط بعض الكهنة بغبطة البطريرك أو سيادة مطران الأبرشية المذكورة وكان لها دوراً إيجابياً أو سلبياََ في تعاملهم مع الرابطة الكلدانية، رغم أن الكثيرين لايرغبون الأعتراف بهذه الحقيقة المرة.
ويبدو أن أموراً أخرى هنا تلعب دوراً سلبياً، منها المحسوبية والقرابة والمناطقية، إنْ صَحَّ التعبير.

إضافةً الى أن بعض الكهنة لايرغبون أن تفلت زمام الأمور - حتى التي ليست من إختصاصهم - كالنشاطات الثقافية والأجتماعية والأحتفالات بالمناسبات العامة من أيديهم وأيدي أتباعهم، أو يعتقدون ذلك، وكأن الرابطة ستكون منافسة لهم.

كل هذه الأسباب مجتمعة تجعل من مهمة قيام أو نجاح الرابطة الكلدانية في الدول والمناطق التي يتواجد فيها مثل أولئك الكهنة أمراً صعباً إن لم يكن مستحيلاً.
فكيف يمكن لمجاميع ضعيفة متفرقة لاتملك دعماً مادياً ومعنوياً من جهة معينة أن تقف على أرجلها وتكون لها نشاطات مؤثرة في حياة الناس؟

نتمنى أن تنجح الرابطة الكلدانية في الأعتماد على نفسها وتحقيق طموحات شعبنا الكلداني والمسيحي عموماََ، ولكن السؤال الأهم يبقى:


هل ستتمكن من تحقيق ذلك خلال الفترة القصيرة المقبلة بعد خروجها من تحت عباءة الكنيسة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها المسيحي في أرض العراق خصوصاً؟

جاك الهوزي
corotal61@hotmail.com

61
يجب أن لايمر حادث إنسحاب الدكتورة منى ياقو من جلسة لجنة صياغة دستور اقليم كردستان العراق وتعليق مشاركاتها في الجلسات المقبلة لحين تقديم ضمانات حقيقية تحفظ حقوق شعبنا (المسيحي) في الأقليم مرور الكرام لأنه ألقى الضوء على سلبيات كثيرة نعاني منها وأظهر حجمنا الحقيقي وكيف ينظر الآخرون -منهم من يعتبرهم البعض أصدقاء- إلينا والى حقوقنا.
إن عدم اتخاذ موقف قوي من قبل الأحزاب التي وَكّلَتْها للقيام بهذه المهمة الصعبة لدعم موقفها الشجاع والملتزم هذا، يعني الموافقة على كل مايُصاغ من قوانين وجدتها الدكتورة منى المتخصصة في القانون بأنها لاتضمن حقوقنا كشعب أصيل في الأقليم، وبذلك يكون إنسحابها مجرد صرخة ستخفت وتتلاشى مع الأيام، وسَيُمَرّرْ الدستور وعندها لاينفع العويل وإلقاء اللوم على الآخرين، هذان السببان أصبحا شماعة للتهرب من المسؤولية وجزءاً من (ثقافتنا) الحديثة، مع الأسف.

هل نحن شعب أصيل في كردستان وعموم العراق؟
هذا السؤال أجابت عليه الدكتورة منى ياقو في معرض تعليقها على أسباب تعليق مشاركاتها حاليا بقولها:
"ثبت أن أعضاء اللجنة الدستورية في إقليم كوردستان، لا زالوا يتعاملون معنا وكأننا ضيوف على أرض إقليم كوردستان - العراق وليس كمكون أصيل عمره آلاف السنين ويمنون علينا بمنحنا الحقوق التي أقرتها الصكوك الدولية للمكونات منذ ١٩٩٢، إضافة إلى العديد من الأتفاقيات والإعلانات الدولية وإلى نصوص دستورية وردت في دول تحترم حقوق الإنسان في المجتمعات التعددية".
ربما لم يكن إنسحاب الدكتورة منى في هذا الوقت بالذات من قبيل الصدفة لأنه جاء متزامناً مع الأحتفال باليوم الذي خصصته الجمعية العامة للأمم المتحدة للأحتفال والتذكير بحقوق الشعوب الأصلية والذي يصادف التاسع من شهر آب من كل عام، وأقيمت أحتفالات هذه السنة في العاشر منه.
للأطلاع على إعلان حقوق الشعوب الأصلية بحسب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في ١٣ أيلول/سبتمبر ٢٠٠٧، يرجى النقر على الرابط (1).
وجاء في رسالة الأمين العام للأمم المتحدة هذا العام بمناسبة اليوم الدولي للشعوب الأصلية مايلي:
في هذا اليوم الدولي للشعوب الأصلية في العالم، أهيب بالمجتمع الدولي كفالة عدم السماح بتخلف هذه الشعوب عن الركب. ومن أجل تهيئة مستقبل أفضل أكثر إنصافا، لنلتزم ببذل المزيد من الجهود من أجل تحسين صحة ورفاه الشعوب الأصلية.
الرسالة كاملة على الرابط (2).

والغريب أن من بين الدول الأربع التي عارضت مشروع هذا القرار رغم كونه إعلاناً أو قراراً غير ملزم، هي من أكبر الدول التي تدّعي بأنها تدافع عن حقوق الأنسان! وهي:
الولايات المتحدة الأمريكية، كندا وأستراليا، ربما أن الأعتراف بجميع حقوقهم وفق إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة يعني حق تقرير المصير والأستقلال أيضاً وهو لاترغب فيه هذه الدول لأسباب معروفة.

إستنتاجات:
١- يطالب بعض الأخوة والكتاب تدويل قضيتنا بإعتبارنا من الشعوب الأصلية التي إعترفت الأمم المتحدة بحقوقها ومنها حق تقرير المصير، متناسين بأن بيان أو قرار الجمعية العامة غير ملزم وتعارضه بعض الدول المؤثرة، بمعنى آخر إنه لجبر الخواطر فقط كلما تعرض شعب أصيل للأبادة كما يحصل معنا اليوم على أيدي داعش.
٢- عدم وجود قرار أممي ملزم يضمن حقوقنا كشعب أصيل، مع معارضة أمريكا للحقوق الكاملة للشعوب الأصلية، يشجع الآخرين على تجاوز حقوق هذه الشعوب في العالم وعدم الأخذ بمطالبها مأخذ الجد، خاصة عندما تكون أقلية ضعيفة لاتملك  قوة مؤثرة ، وهو مايحصل معنا ومع مطالبنا لنيل حقوقنا، وكان سبباً أو أحد أسباب إنسحاب الدكتورة منى ياقو من جلسة لجنة صياغة دستور أقليم كردستان.
٣- الذكاء في التعامل مع هذه المواقف المهمة (صياغة الدستور) التي لها تأثير محوري على مستقبلنا.
كان يجب الأتفاق على الحد الأدنى الذي يضمن لنا وحدة الصف، وليس فرض قوالب جاهزة مثيرة للجدل أدّت الى شق وحدة صفنا الضعيف أصلاً، وهو ما يضعف موقف ممثلينا في لجنة صياغة الدستور بسبب تعدد مصادر القرار عندنا وتضارب الآراء المطروحة.
٤- لم نَتّعظْ من تجاربنا السابقة بسبب العناد وحب السلطة والتشبث بها ليس لدى السياسيين فقط، وإنما لدى رجال الدين أيضاً، إضافةً الى (تقديس) فكر قومي رجعي أصبح المساس به من المحرمات ، رغم أن الأيام أثبتت عدم جدواه، وبذلك أصبحنا نراوح في مكاننا بينما الآخرون يسبقوننا بخطوات كثيرة.

جاك الهوزي

corotal61@hotmail.com


(1)   http://www1.umn.edu/humanrts/arabic/UN-Declaration-Indigenous.html   
(2)                           http://www.un.org/ar/sg/messages/searchstr.asp?newsID=1247

62
قد يكون الراهب ايوب شوكت كاهناً متواضعاً، مُحبْاً وذا قلبٍ كبير جَذَبَ إليه العشرات وربما المئات من أبناء رعية فانكوفر الكلدانية بتصرفاته وأفعاله معهم خلال المدة التي قضاها بينهم.
إلاّ أن هذا كله لايعطيه حق عصيان أوامر رئاسة كنيسته وتأجير كنيسة خاصة به بإعتباره مواطناً كندياً حراً !
منطقيا، لايقدم راهب وكاهن يتحلّى بكل هذه الصفات الحميدة على ما أَقدَمَ عليه الراهب أيوب مالم يكن ذلك (تمثيلاً) لغايات أخرى، وتَوفُر الأرضية الخصبة لذلك، فوجد في توتر علاقة كاهن الرعية مع شريحة من أبناء الخورنة، لأسباب سنأتي الى ذكرها، منفذاً ومُبرراً لما فعلهُ.

لماذا إنجذَبَت شريحة من الناس إليه؟
يبدو أن الناس الذين إلتحقوا به (أتباعه) كانت لهم مشاكل مع كاهن الرعية، والحق يُقال بأنّ العديد من الكهنة يتصرفون وكأنّ كل مافي رعيتهم هو مُلك صرف لهم، حتى الناس أنفسهم، يتعاملون معهم بفوقية، ومنهم من يسمح لنفسه حتى بإنتهارهم داخل الكنيسة وخارجها إذا لم يُلَبّوا مطالبه دون أي مراعاة لمشاعرهم وكأنهم روبوتات لامشاعر لها! إضافةَ الى جشع الأخرين ومعاملة أبناء الرعية على أساس المحسوبية والمناطقية والقائمة تطول.
والسبب هو عدم متابعة أولئك الكهنة الذين يعتقدون بأن وضعهم القانوني يعطيهم كل الحق في ممارساتهم هذه البعيدة كل البعد عن الخدمة الكهنوتية الحقيقية.
من الطبيعي، أن تجعل مثل هذه الأفعال الناس تدير وجهها عن أولئك الكهنة وتبحث عن بدائل ملائمة تتمثل أحياناً في اللجوء الى الكنائس الأخرى، أو تتوفر خيارات أخرى في حالات نادرة ، كما حصل في خورنة فانكوفر، وتمثّلتْ بوجود الراهب شوكت أيوب فيها (ولو بشكل غير قانوني)، فوجد الناس ضالتهم فيه ليكون البديل عن كاهن رعيتهم الذي إختلفوا معه لأسباب متعددة.
وهنا إلتقت مصلحة هؤلاء الناس مع مصلحة الراهب المذكور لأن كلا الطرفين بحاجة لبعضيهما البعض، هم يرون فيه الأب الحنون الذي يبحثون عنه، وهو يرى فيهم دعما لموقفه الضعيف والغير قانوني، لذلك يلجأ الى كسب محبة الناس لتحقيق غاياته.
وكما أسلفنا، فإن رجل الدين الذي يتصف بكل هذه الصفات الحميدة، لايمكن له بأي شكل من الأشكال، أن يكون حجر عثرة في طريق إخوة يسوع الصغار، أو يتحدى أوامر رؤسائه الروحيين.
لذلك يُعتبر ماقام به الراهب أيوب بتأجيره، أو موافقته على تأجير كنيسة مستقلة تجاوزاً وليس مساعدة الناس كما يعتقدون.

ماهو الحل؟
مشكلة أو حالة الراهب أيوب حصلت في رعية كلدانية حصراً، إلاّ أنها أماطت اللثام عن سلبيات كثيرة مماثلة تحصل في خورنات أخرى متعددة بسبب (دكتاتورية) بعض الكهنة التي أدّتْ الى عزوف الكثيرين عن التردد الى الكنائس الكلدانية.
ولو لم يتواجد الراهب أيوب في خورنة فانكوفر، لما سلّطَ أحد الضوء على السلبيات التي تحصل فيها، وهي ليست إستثناءاً عن خورنات أخرى كثيرة، وربما ما يحصل في غيرها من الخورنات هو أعظَمْ.
فالمشكلة لاتكمن فقط في الرهبان والكهنة الذين تركوا أديرتهم وأبرشياتهم بشكل غير قانوني، وإنما أيضاََ في الكهنة الذين حوّلوا خورناتهم الى مايشبه (المشايخ)، ربما تَجَذّرهم في خورنة محددة لسنوات طويلة، خاصة في المناطق التي لايتواجد مطران فيها، كأوربا مثلاََ، جعل ولاء الكثير من الناس فيها للكاهن أكثر من كونه لكنيستهم الكلدانية، فإذا إختلفوا معه، عليهم البحث عن كنيسة أخرى.
نتمنى أن تلتفت رئاسة كنيستنا الموقرة لهذه الظاهرة قبل أن تتفاقم.
من هذا المنطلق نقول:
ربما كانت حالة الراهب أيوب شوكت -رغم سلبياتها- نافعة لتسليط الضوء على مايحصل داخل الخورنات الكلدانية البعيدة عن المركز.

corotal61@hotmail.com

63
يزداد وضع المسيحيين العراقيين النازحين تعقيداً بعد عام من سيطرة داعش على مدينة الموصل وقرى وقصبات سهل نينوى.
فحالة عدم الأستقرار وضبابية الرؤية المستقبلية، إضافة الى إنشغال المجتمع الدولي بإمور أخرى تجعل شبح المصير المجهول يخيم عليهم.

ولايمكن لمحاولات فردية أو جماعية لمنظمات إنسانية ودينية، رغم الدور الأيجابي الذي يمكن أن تلعبه،  أن تكون بديلةً عن دور الحكومة العراقية والمجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة ومنظماتها ذات العلاقة المباشرة بالأمر مثل مفوضية شؤون اللاجئين ومجلس الأمن الدولي لتوفير الحماية اللازمة لهم وتحسين ظروفهم الصحية والمعيشية وتأمين اللازم من التسهيلات الأساسية كحد أدنى لغاية إيجاد حل دائم لهم، والذي يتمثّل في ثلاثة إحتمالات معقدة وتتطلب وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً لتحقيقها:

١- تحرير مناطقهم وإعادة تأهيلها، ولايبدو في الأفق حصول هذا الأمر قريبا.
٢- توفير فرص عمل لهم في  اقليم كردستان والمناطق التي نزحوا إليها في عموم العراق.
٣- العمل على تسهيل أمر من يرغب بمغادرة العراق.

لنلقي الآن نظرة أوسع الى النقاط الثلاثة أعلاه وإمكانية تحقيقها ومن له دور وعلاقة بها:

١- تتحمل الحكومة العراقية مسؤولية تحرير الأراضي المحتلة، إلاّ أنها مرتبطة بشكل أو بآخر بالجهات الخارجية التي تساهم معها في هذه العملية، هذه الجهات لايهمها أمر شعبنا والشعب العراقي عموماً بقدر تعلّق الأمر بمصالحها الخاصة وزيادة نفوذها في المنطقة، لذلك لايمكن إلقاء كل اللوم على الحكومة العراقية الهشة أصلاً، ولكنها بالمقابل أمام مسؤولية أخلاقية تجاه النازحين تتمثل بتوفير دعم شامل لهم، دون تمييز، وفي جميع المجالات لغاية تحقيق هدف التحرير.
هذا ليس فضلاً منها وإنما حق مشروع لهم، وبما أن عراق اليوم قائم على أُسس طائفية وفئوية، فإنّ كل من يُمَثّل فئة معينة لدى السلطات الحكومية يتحمل مسؤولية المطالبة وتوفير ماتحتاجه هذه الشريحة المنكوبة وبعكسه لايختلف وجوده في السلطة من عدمه، بمعنى إنه تكملة عدد فقط !
ووفق هذا المنطلق، يجب أن لاتتحمل الكنيسة والمنظمات الخيرية والأنسانية العبئ الأكبر عوضاً عن الحكومة والمنظمات الأممية المختصة في هذا المجال، وإنما يكون دورها مساعداً ومكملاً لها.
٢- معاملة النازحين كأبناء المناطق التي نزحوا إليها إنْ كان في أقليم كردستان أو في عموم العراق في مجالات العمل والدراسة وعلى أساس المنافسة الشريفة وليس المفاضلة والتمييز لأنهم ليسوا أجانب أو لاجئين غير شرعيين، وان أسباب تواجدهم القسري المؤقت والذي قد يطول لمدة غير محددة معروفة للجميع، إنهم بأختصار مواطنون عراقيون لهم حقوقهم كالآخرين.
تقع هذه المسؤولية على السلطات المختصة ويتحمل ممثلو شعبنا مسؤولية متابعة وتسهيل أمرهم في هذه المجالات.
٣- نعلم بأن مساعدة من يرغب بمغادرة العراق ليس بالأمر السهل، كما انه حساس ومثير للمشاعر في آنٍ واحد.
لكننا يجب أن ندوس أحياناً على مشاعرنا وعواطفنا التي لا تُغني ولا تُسمنْ. للأسف، لايملك الذين يطالبون النازحين الراغبين بعدم الهجرة حلولاً ناجعة لمعاناتهم، بما يضمن لهم حياة حرة كريمة تجعلهم يتمسّكون بأرض الآباء والأجداد.
وهنا لانطالب الكنيسة والجهات المعنية بتشحيع الناس على الهجرة، وإنما الأشارة الى المصاعب التي يعانون منها والمستقبل المجهول الذي ينتظرهم حتى في حالة العودة الى مناطقهم المُدَمَّرة بعد أن فقد الكثيرون منهم كل مايملكونه تقريباً، ومفاتحة الدول التي لديها إستعداد لقبول شرائح معينة منهم وخاصة المرضى وكبار السن المعدومين كلاجئين بالتنسيق مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) لتسهيل الأمر.
وأخيراً، يحب أن نكون واقعيين ولانعيش في أحلام الماضي، فالمشكلة أكبر من أن يتم حلها بالشعارات والحماسة والشجب والتنديد، وإنما بخطط عملية مدروسة تتماشى مع ما تتطلبه الحياة العصرية وحرية الفرد في المغادرة أو البقاء.

64
منذ إعلان الكنيسة الكلدانية بشخص بطريركها مار لويس ساكو عن تأسيس رابطة كلدانية تُعنى بشؤونهم لتكون بمثابة خيمة كبيرة  تجمعهم لتفجر طاقاتهم الهائلة من أجل خدمتهم وعلى جميع الأصعدة عن طريق عمل جماعي منسق عوضاً عن ضياعها في تنظيمات هشّة متفرقة لايمكن لها أن تلعب دوراً فعالاً بالشكل الذي يمكنه أن يكون مؤثراََ للحصول على أبسط الحقوق ، إنبرَتْ الأقلام للكتابة عن هذا الحدث الفريد للكلدان بين مؤيد ومعارض، معجب ومُشَكِك ، ومتفائل ومتشائم.
هذه كلها أمور طبيعية، لأنه من المتوقع أن تُثار مثل هذه الأسئلة وإلأستفسارات والآراء المختلفة عن الأسباب الحقيقية التي دعت الكنيسة الكلدانية، التي لم يشهد تاريخها أنْ إعتَنَتْ بمثل هذه الأمور، الى طرح هذه المبادرة وتبنيها عن طريق سينودسها.
هناك سؤال يطرح نفسه:
لماذا كل هذا الأهتمام والتشكيك في الأهداف المعلنة للرابطة الكلدانية؟
للإجابة على هذا السؤال، علينا أن نعرف من يقف وراء هذه الأهتمامات والشكوك لنفهم معنى الضجة المثارة حولها أو حول بعض بنود نظامها الداخلي؟
هناك جهات عديدة داخلية وخارجية ومن ضمنها البطريركية نفسها، أو إعلامها.
قبل التطرق الى الجهات الداخلية، ونقصد بها من داخل البيت الكلداني، والجهات الخارجية، من خارجه، قد يستغرب البعض من ذكر إعلام البطريركية هنا.
نعم مايصدر عن إعلام البطريركية، فبعد نشره المسودة الأولية التي صادق عليها السينودس الكلداني، عاد فنشر مسودة أخرى (مُعَدّلة) بعد إنتقادات من جهات لاتعجبها صياغتها ليعود وينشر أخرى بعد إعتراضات جديدة، ويؤكد في الآخر أنها مجرد مسودة مقترحة ستطرح للمناقشة في الأجتماع التأسيسي قبل أن تستقر على صيغتها النهائية.
إنّ مثل هذه التغييرات المتلاحقة على صيغة المسودة الأولى (الأصلية) تضع المتابع لها في حيرة من أمره  وتدعوه الى الأستفسار عن مغزى تغييرها طالما إنها ليست نهائية وستُطرحْ للمناقشة؟
من جهة أخرى، ليست البطريركية بحاجة الى تفسير موقفها، أو أن تضع نفسسها في خانة الدفاع - بسبب بعض الأنتقادات- طالما بقيت مؤمنة بمشروعها وأهدافه المعلنة، لأن هناك من يهمه تمييع هذا المشروع، حتى قبل أن يرى النور.
من محاسن الرابطة الكلدانية، حتى قبل ولادتها، إنها عملت كمرآة عاكسة للوجه الحقيقي لكل فرد أو مجموعة من المهتمين بها، فجاءت التعليقات سلباً أم إيجاباً لتعبر عن نظرتهم الى هذا المشروع الكلداني الذي أقترحه البطريرك مار ساكو، وفي الحقيقة بعض هذه الردود مبنية على مواقف مسبقة من غبطته، وتتخذ من الرابطة ومسودة نظامها الداخلي ذريعةً للتهجم غير المباشر عليه.
وكما ذكرنا، تأتي من جهات داخلية وخارجية.

الجهات الداخلية:
تعكس مدى الأختلاف والتباعد بين مختلف الشرائح الكلدانية، وهذه بحد ذاتها نقطة مهمة وأساسية للعمل معاً على إيجاد أرضية مشتركة لتجاوز الخلاف الفكري والولاء للأشخاص أو المناطق على حساب الصالح العام للكلدان، والذي جاء نتيجة إفتقارنا الى عمل جماعي منظم كالرابطة الكلدانية المقترحة.
فإذا تَوَفّرتْ النيّة الصادقة، والنظرة الأيجابية الى الرابطة، يمكن الوصول الى صيغة نهائية لها مقبولة من الجميع وبسهولة، بعكس ذلك لايمكن أن يُكتَبَ لها النجاح حتى لو أقترحنا مليون صيغة لنظامها الداخلي !!
المشكلة الرئيسية ليست في مسودة أو مسودات نظامها الداخلي، لأننا نستطيع تعديلها والأتفاق على أفضل مايناسبنا منها، وليس مايناسب كل واحد منّا، وإنما المشكلة فينا نحن، لأننا بحاجة الى تعديل مناسب ولكل واحد منّا هذه المرّة لنفهم بعضنا بشكل أفضلْ!

الجهات الخارجية:
وهنا أود أن أشير الى نوعين من الأنتقادات:
١- إيجابية، وتأتي من أشخاص يتخوفون من تَحوّل الرابطة الى دائرة مغلقة تبعد الكلدان عن العمل المشترك مع إخوانهم الآشوريين والسريان وغيرهم، هذه المخاوف لها مايبررها بعض الشيء نتيجة الخبرة السلبية المتأتية من عمل المنظمات والأحزاب السياسية التي تحاول فرض ماتؤمن به على الآخرين وخاصة في مجال العمل القومي.
إلاّ أن هذه المخاوف ليست في محلها بسبب التأكيدات المتكررة بأن الرابطة لن تتحول الى حزب سياسي ولن تنغلق على نفسها.
٢- سلبية، وتُحركّها جهات منظمّة كالأحزاب الكبيرة التي تعرف بأن الرابطة لن تدخل الساحة كمنافس لها، إلا أن عملها الثقافي والأجتماعي والأنساني وتأثيره الأيجابي على الكلدان يمكن أن يُوَلّدَ أجيالاً واعية لن تنخدع بسهولة بكل ماتطرحه، وستكون الرابطة سنداً قوياً لهذه الأجيال، وقد يؤدي نجاحها الى ولادة رابطة آشورية مستقلة، وهذا كله سيؤدي الى ضعف نفوذ هذه الأحزاب.

في الختام نحن أمام تجربة جديدة وفريدة من نوعها على الساحة المسيحية العراقية تستحق أن تُمنَحَ الفرصة والوقت الكافي لتأتي بثمارها قبل الحكم عليها، وإنَّ غداً لناظره قريب.

corotal61@hotmail.com

65
الحاجة هي أم الأختراع، ينطبق هذا القول على الولادة المقبلة للرابطة الكلدانية وبحسب المفهوم الذي طرحه غبطة أبينا البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو.
لو ألقينا نظرة الى وضع شعبنا المسيحي عموما والكلداني منه على وجه التحديد، رغم كونه يمثل الثقل العددي الأكبر له، نراه يفتقر الى تنظيم كبير قوي ومستقل يمكن أن يكون سنداً له وسط المتغيرات السريعة التي تشهدها المنطقة والعالم.
هذه الحقيقة أثبتتها الأحداث المؤلمة التي لحقت بشعبنا المسيحي في العراق، الذي وجد نفسه بين ليلة وضحاها مرمياً على قارعة الطريق -نتيجة المتغيرات التي أشرنا إليها- دون أن يلتفت أحد بشكل جدي الى معاناته لأن الآخرين أيضاً إنشغلوا بمعاناتهم.

أمام هذا الوضع الذي فرض نفسه كواقع لابد منه، وجدت الكنيسة عموما، والكلدانية منها خصوصا نفسها مرغمة ليس فقط على إداء دورها الديني، وإنما برزت كمنظمة إنسانية وإجتماعية وسياسية سَخّرَتْ كل إمكانياتها لتخفيف معاناة المنكوبين والعمل لتسليط الأضواء على مأساتهم في ظل إختفاء أي دور فعال لأحزابنا التي لاتظهر عادة في مثل هذه المناسبات.
هذه التجربة المريرة أفرزت أموراً عديدة يمكن الأستفادة منها في ترسيخ بناء مشروع كبير كالرابطة الكلدانية.

ولكي يُكتبْ النجاح لهكذا مشروع، لابد من وجود أشخاص بكبر حجمه يُرَسّخونَ خطواته الأولى، لذلك يُعتَبَرْ غبطة البطريرك مار ساكو الشخص الأنسب لتولّي رئاسة الرابطة لكونه صاحب المقترح، الذي لم يأتِ من فراغ أولاً، وإعتباره النقطة التي يمكن أن تلتقي عندها التيارات الفكرية المختلفة ثانياً، ليس لكونه رئيساً لأكبر كنيسة في العراق فحسب، وإنما لقربه من الأحداث في هذه المرحلة الحرجة ودرايته بتفاصيل مايجري على الساحة إضافة إلى خبرته الطويلة في مجال الثقافة والأعلام وعلاقاته الواسعة محلياً ودولياً.
كل هذه الأسباب مجتمعةً، تجعل من وجود غبطته على رأس الرابطة الكلدانية ضرورة مُلِحّة لكي تثبت أقدامها وتتصدى للأمواج العاتية التي أخذت تتنامى حتى قبل ولادتها !

إنّ جُلَّ إهتمام أصحاب هذه الأمواج، التي ستنكسر حتماً أمام صلابة إرادة غبطة البطريرك والأهداف السامية للرابطة، هو خلط الأوراق لأظهارها بمظهر منظمة أو حزب سياسي عنصري كلداني يهدف الى تفكيك (وحدة شعبنا) القائمة -حسب مفهومهم- على الأختراع العظيم المتمثل بالتسمية السحرية المقدسة (الكلداني السرياني الآشوري) في محاولة يائسة لتجريد الرابطة من أهدافها الأنسانية والثقافية والأجتماعية المعلنة.

والملاحَظُ هذه الأيام، هو أن من كانوا يكيلون المديح لمار ساكو ويثنون على مايقوله ويفعله أصبحوا - بقدرة قادر- يطالبونه بعدم التدخل بما (لايعنيه) حتى لو كان الأمر متعلقاً برعيته بحجة الفصل بين الدين والدولة (السياسة) وذلك لرفضه تسميتهم (المقدسة) لأسباب منطقية أوضحها في طرحه للمساعدة على إختيار تسمية مناسبة دون إقصاء أحد الأطراف أو تهميش حقوقه، كما لم يفرض قناعاته على الآخرين وإنما قدّم مقترحا للمناقشة.

خلاصة
إن خلط الأوراق بشكل متعمد من قبل جهات معينة، ومحاولات تشويه الأهداف الرئيسية التي أوجدت الرابطة من أجلها وحصرها في إطار سلبي رغم تأكيدات غبطة البطريرك على حقيقة عملها ونهجه المنفتح على جميع الأطراف، يؤكد بأن هناك تيارات تعمل على الوقوف بوجه أي عمل إيجابي يساهم في تقدم ورقي أبناء شعبنا المسيحي بكل فئاته والعراقي عموماً منطلقةً من مفاهيم عنصرية لكل فكر يخالف أيديولوجيتهم التي أكل الدهر عليها وشرب وأثبتت الأيام فشلها.

corotal61@hotmail.com

66
يُعرَّفُ العنف في كثير من التفسيرات النفسية والاجتماعية الحالية  بأنه: السلوك المؤدي للمس بالآخر سواء كان جسمانيًّا أو نفسيًّا، وهو بالتالي يُمثل شكلاً من أشكال العدوانية، كما يُمثل وجهاً من أوجه التهديد الممارس ضد الآخر، انطلاقاً من ثقافة عدم الاعتراف بحقوقه المادية والمعنوية، مما يؤدي إلى فرض وتكريس روح وآليات الاستبداد على مختلف أشكاله وألوانه.
والعنف بحسب هذه التفسيرات يمكن أن يكون نابعاً من نزعة عدائية كامنة في نفس الإنسان، أو عن ردة فعل لأحداث خارجية، وهو قد يستخدم كوسيلة لتمرير ما يراد تمريره، وقد يكون تفريغاً لأحاسيس مكبوتة، أو لتحقيق مآرب سياسية وأهداف شخصية.

ويقول العلامة الدكتور علي الوردي في كتابه "مهزلة العقل البشري"، (لندن: دار الوراق للنشر المحدودة، 1994م)، ليت الأمر قد اقتصر على خلفية البعد السياسي، لكنه وبمرور الزمن، امتد بحبائله إلى الجانب الفكري البحت؛ مما أدى الى جنوح البعض لاستخدام العنف كوسيلة لإثبات منهجه،  والاستفادة منه كردة فعل مقاوم للآخر المخالف.

إنّ هذه الظاهرة السلبية لايمكن لها أن تستمر إلاّ إذا وجدت لها أرضية خصبة، وتكون في أغلب الأحيان بسبب قلة الوعي، الذي غالبا ما نجده في مجتمعات تستشري فيها حالات الفوضى وتختفي الديمقراطية الحقيقية، بحيث يصبح التجاوز على حقوق وحريات الآخرين في ظل غياب قوانين تَحدُّ من هذه الظاهرة السلبية أمراً مفروغاً منهُ، فتتولد حالة من فقدان الثقة تؤدي الى إختفاء كل أواصر التقارب والألتقاء.

لقد إستبشرت الحلقات الضعيفة في المجتمع العراقي خيراً بسقوط نظام صدام حسين، إلاّ أن الديمقراطية الهشة التي أوجِدَتْ في العراق الجديد، القائمة على براغي راخية والمهددة بالأنهيار في أية لحظة، مَهّدَتْ أرضية خصبة للكتل الكبيرة لأبتلاع وهضم حقوق الأقليات ومنها شعبنا المسيحي بكل مكوناته.
ورغم العنف الفكري الذي مورس ضدنا بأسم الديمقراطية ، برزت تيارات فكرية وسياسية تدعي تمثيلها للكلدان والسريان والآشوريين وترتبط بالكتل الكبيرة، تفرض مايحلو لها على أكثرية هذا الشعب المغلوب على أمره من أسماء وقوالب لايرغب بأن يحصر نفسه فيها، وكأن ما يتعرض له من عنف فكري وجسدي من الآخرين ليس كافياً ليظهر له من يحاول سلب إرادته وبأسم الأخوة والوحدة !!

إذا كانت الظروف وحالة الفوضي التي أشرنا إليها قد خدمت هذه التيارات في تمرير بعضٍ من مخططاتها رغم أنف الجميع، وما تزال هذه الظروف مواتية لتمرير المزيد، فإن هذه الأفعال ستولد ردة فعلٍ عكسية لدى كل من لايؤمن بها، وإحدى هذه الردود هي الصراعات الفكرية القائمة بين المثقفين والكتاب من الكلدان والسريان والآشوريين في محاولة لأثبات الوجود والأحقية بالتسمية من جهة، ودعاة التسمية المركبة الذين ثارت ثائرتهم على مقترحات غبطة البطريرك مار لويس ساكو من جهة أخرى والتي إعتبرها البعض منهم بأنها تدخلٌ في ما لايعنيه. ألا يُعتَبَرُ هذا عُنفاً فكرياً غير مبرر ؟

إن مثل هذا التفكير لايخدم الوحدة التي يجاهرون بها لغرض في نفس يعقوب، وإنما تُعتبر سيفاً لقطع كل أواصر التقارب إنْ وُجِدَتْ، وسببا لخلق أجواء مشحونة بالتوتر كالتي نعيشها اليوم.
إحترموا إرادة الناس وعقولهم ياسادة.


corotal61@hotmail.com

67
أتمنى أن نسمع جوابا مقنعا وشافيا من المختصين في البطريركية الكلدانية ومطرانية مار بطرس في غرب أميركا حول مصير الكهنة والرهبان المقيمين خارج ديرهم وأبرشياتهم خلافا للقانون الكنسي بحسب البطريركية، ويتمتعون بوضع سليم ويؤدون واجباتهم على أكمل وجه بحسب المطرانية.
الذي لفت إنتباهي لهذا الموضوع هو المهلة الأخيرة التي منحها غبطة البطريرك ساكو لهم  ل (تصحيح) وضعهم القانوني وتنفيذ قرار قداسة البابا المتعلق بعودتهم سريعا الى ديرهم وأبرشياتهم الأصلية.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا:
هل الخدمة في هيكل (بيت) الرب هي بالإكراه؟

ماذا تريد البطريركية من هؤلاء الكهنة والرهبان بعد كل هذا؟ وحتى لو عادوا مكرهين، ألا تكون عودتهم مصلحية، لو صَحَّ التعبير؟
وهل نتوقع أن يقوموا بواجباتهم الروحية على أكمل وجه؟
إنّ عودتهم من عدمها لن يغيّر من الأمر شيئاً، لأنهم أصبحوا مجرد موظفين يؤدون واجباتهم وفق مايطلبه منهم رب العمل (رئاسة أبرشية مار بطرس)، وإذا صدر أمر ملزم من المحكمة العليا (الفاتيكان أو البطريركية في هذه الحالة) بتوقيفهم، فصلهم أو إعادتهم فإن هذا يُعتبَرْ حلا إداريا يحفظ للرئاسات جزءاً من هيبتها ولا يمكن النظر إليه على أنه حل روحي مقنع.

عودة الكهنة والرهبان يمكنها أن تنهي (الحالة الشاذة) كما وصفها بيان البطريركية، إلاّ أنه لايمكن لها أن تضع حداً لحالة الفوضى المستمرة منذ سنتين بالسهولة التي يتصورها البيان في ظل وجود سيادة المطران سرهد جمو على رأس أبرشية مار بطرس وكذلك بعض الكهنة المؤيدين له بعد الشرخ الذي تسببوا به والذي أدى الى عزوف أعداد كبيرة من أبناء هذه الأبرشية عن التردد الى الكنائس الكلدانية.
فالطاعة أهم نقطة في عمل الأكليروس الى جانب القناعة، وبات معروفاََ للجميع بأنهم لايرغبون العودة طواعية، وإنْ حصل وعادوا فإنهم سيعودون مكرهين، وهذا ماتعرفه البطريركية أيضاََ، فهل تقبل البطريركية بإرغامهم على ما لايرغبون به، وإن رغبتْ فعلاً (حفاظاً على هيبتها ومركزية القرار) فماذا يمكنها أن تتوقع منهم في أبرشياتهم وديرهم، إنهم سيتحولون -كما ذكرنا- الى موظفين أو أدوات لتنفيذ العمل أو الخدمة.
قد يعترض البعض على هذا الكلام ويقول يجب منحهم هذه الفرصة ليراجعوا أنفسهم بالصلاة والرياضة الروحية للعودة مرة أخرى الى العمل أو سيفعلوا ذلك عند عودتهم لأن الرب مسامح وكريم.
أتمنى أن يحصل ذلك من كل قلبي، ولكنني أتساءَل، ألَمْ تُمنَحْ لهم فُرص كثيرة على مدار السنتين الأخيرتين؟ فهل إعتبروا أنفسهم ولو للحظة واحدة مذنبين أو متجاوزين على القانون الكنسي؟
وهل إعتذروا علنا كما طُلِبَ منهم - ولو للمجاملة فقط - للتعبير عن حُسن النيّة؟
لذلك لا أفهم معنى (المهلة) الأخيرة، وهل تختلف عن سابقاتها؟

هذا يقودنا الى سؤال مهم هو:
لماذا لاتطالب البطريركية -إنْ كانت متأكدة من صحة موقفها ووضعها القانوني- بمحاسبة أو حتى عزل مطران أبرشيتهم من منصبه لأنه هو أيضا ومن يقف وراءه قد تجاوزوا على القوانين الكنسية، أو بالأعتذار الرسمي عن الأزمة التي خلقها وجعل أولئك الكهنة والرهبان يتمردون ويعصون قرارات  رئاسة كنيستهم، إضافة الى طرده أو إيقافه لكهنة رفضوا تأييده في مسعاه هذا؟

بصراحة، حتى لو عاد الكهنة والرهبان (المغضوب عليهم) الى ابرشياتهم وأديرتهم أو طُرِدوا من الخدمة بأمر الفاتيكان وبقي المطران سرهد جمو في منصبه وإبقاء الوضع على ماهو عليه، فإنَّ الأزمة لن تُحَلْ بل ستتعقد أكثر فأكثر.
وسيُنظَرْ الى الكهنة والرهبان المذكورين ، رغم تحمّلهم مسؤولية كبيرة في إصرارهم على موقفهم البعيد كل البعد عن روح الخدمة الأنجيلية، على انهم ضحايا صراع الرئاسات داخل الكنيسة الكلدانية.

corotal61@hotmail.com

68
يُعَرّف الظلم بأنه وضع الشئ في غير موضعه، لايشعر به إلاّ من يعانيه وأشدّهُ عندما يأتيك من أخ، صديق، عزيز أو شخص تثق به.
شعبنا اليوم مشتت في أرض الله الواسعة، منهم من تَجَذّرَ في بيئته الجديدة وتمكن من بناء حياة جديدة (ناجحة كانت أم فاشلة)، يؤلمه مايتعرض له إخوته في أرض الوطن ولاتتعدى المسألة كونها أكثر من ذلك بالنسبة له، أي أنها ليست مشكلته لأن لديه في الغربة من المشاكل مايكفيه، والحقيقة هي كذلك أيضا.
فالعيش في الخارج وسط مجتمعات تتمتع بحرية مطلقة تعتبر لأناس محافظين على عاداتهم وتقاليدهم أو لهم خلفيات ثقافية تختلف عن مجتمعاتهم الجديدة بمثابة السباحة ضد التيار تبقى ترهقهم الى أن ينهاروا يوماً ما ويسايروا الواقع برغبتهم أو مكرهين.
هذه الشريحة من الناس تمثل الأكثرية من أبناء شعبنا، وهي صادقة في أغلب الأحيان ولا تُقحِمُ نفسها في مشاكل ومعاناة الآخرين على أرض الوطن إلاّ بقدر تعلق الأمر بعوائلها أو المقربين منها، وربما المشاركة بالمسيرات الأحتجاجية التي أثبتت الأيام والأحداث عدم فاعليتها إنْ لم نقل جدواها.
فمأساة شعبنا في الداخل أصبحت  معروفة لدى الجميع ليس من خلال هذه المظاهرات أو حضور عضو برلماني لهذه الدولة أو حتى وزير لدولة أخرى وإنما من خلال الصور المروعة التي يراها العالم يوميا، والتي تعكس مايتعرض له من قتل وتهجير وتدميروسلب وإغتصاب وإمتهان لكرامة الأنسان في مشاهد تقشعر لها الأبدان بحيث لم يسلم منها حتى موتانا الذين يرقدون في قبورهم منذ عقود ولا آثارنا التي بقيت شامخة تتحدى الظلم من آلاف السنين. فهل يُنذر هذا بأن إنهيارنا أصبح وشيكاً حتى لو طُرِدَ الدواعش؟
قُلنا كما قال غيرنا بأننا نظلمُ أنفسنا بأنفسنا أكثر من الظلم الذي يلحقه الآخرون بنا، وهذا يعكس حالة اليأس التي نعيشها، فاليأس يُعَرّف أحياناً بأنه أقصى حالات الأنانية لأن الفرد يتقوقع على نفسه ولايحاول الأنفتاح على الآخرين ، وهذا يقودنا الى السؤال التالي:
هل أصبحنا أنانيين نتيجة اليأس الذي أصابنا؟
نعم أصبحنا أنانيين وتقوقعنا فأصبحنا لانفكر سوى بأنفسنا وفي أحسن الأحوال في المكون الذي ننتمي إليه أو في المصلحة العامة أحياناً كوسيلة للمصلحة الشخصية.
إننا نفكر ونعيش في عقلية الماضي لذلك نتراجع خطوات الى الوراء بينما يسير الآخرون قِدَماً بحيث لم يعد بمقدورنا اللحاق بهم !
قبل أن نلقي اللوم على الآخرين ونحمّلهم مسؤولية الحالة المزرية التي وجدنا أنفسنا فيها، علينا أن نراجع أنفسنا ونسألها:
ما الذي فعلناه نحن كشعب يطمح العيش بكرامة قبل وبعد المأساة التي لحقت بنا؟

قبل المأساة
١- الأحزاب والتنظيمات السياسة:
     الأقتتال للحصول على مقاعد الكوتا المخصصة لنا في حكومتي  المركز والأقليم.
٢- الكنيسة:
     لا دور يُذكَرْ.
٣- المثقفون والكتاب:
     صراعات وجدالات عقيمة حول التسمية وأمور أخرى ومحاولة إلغاء الآخر.

بعد المأساة
١- الأحزاب والتنظيمات السياسية:
     دور متواضع بحيث لايمكن ذكره.
٢- الكنيسة:
     تقدمت الى الواجهة من خلال مساهماتها الكبيرة في تخفيف معاناة المنكوبين وبروز دور البطريرك مار لويس ساكو خصوصاً مما جعل العالم ينظر إليه على أنه الممثل الحقيقي لأبناء شعبنا في الوطن.
٣- المثقفون والكتاب;
     لم يتغير الكثير رغم قسوة المأساة ومرارة التجربة.

الخلاصة:
١- الذي يعيش في الخارج - مع إستثناءات محدودة - لايفكر بما يعانيه المنكوب في الداخل إلاّ بقدر تعلق الأمر به لأسباب عائلية، مصلحية، طموحات سياسية..الخ. (الشعور وحده لايكفي).
٢- إننا نضحك على أنفسنا عندما نحاول فرض قناعاتنا على الآخر بحجة (الشعب الواحد)، فالذي يوحّدنا (في نظر الآخرين) هو كوننا مسيحيين فقط ، والواقع يقول إننا ثلاث فئات تعتز كل منها بذاتها رغم تشابه مكوناتها.
٣- حتى الكنائس ليست جادة في وحدتها وبعضها يُفضّل الكرسي على الوحدة رغم الإقرار بعدم وجود خلافات مذهبية.

الصراحة مُرّة، ولكن هذه هي حقيقة ما نسميه بشعبنا دون رتوش أو مجاملات.

jcorotal61@hotmail.com

69
مقدمة
نشر موقع البطريركية الكلدانية بتاريخ ٧ نيسان ٢٠١٥ مقتطفات من رسالة الكاردينال ساندري عميد المجمع الشرقي الى غبطة البطريرك لويس ساكو يعلمه فيها بأمرٍ صادرٍ من قداسة البابا فرنسيس الأول جاء فيه:
١- أ- عودة الكهنة والرهبان الخارجين عن القانون الكنسي الى أبرشياتهم وأديرتهم.
    ب- الطلب من المطران سرهد جمو تسهيل أمر عودتهم.
٢- طلب من الراهب نوئيل كوركيس القيام بتوبة حقيقية مع تقديم إعتذار رسمي للأساءات التي إقترفها ضد الكنيسة والمؤمنين.
٣- طلب من الأسقفين (سرهد وباوي) إحترام البطريركة وقرارات السينودس.

الملاحظ هنا أن الرسالة أشارت الى أمر بابوي، هذا يعني أن أمر البابا بإعتباره أعلى سلطة دينية ودنيوية في الفاتيكان والكنيسة الكاثوليكية يجب أن يُحتَرَمْ ويُنَفّذْ خلال فترة زمنية محددة.
الذي جاء في الرسالة هو أن قداسة البابا (طلبَ) ثلاث مرات تصحيح مواقف (حالات) خاطئة، والطلب الغير مُحَدَدْ بفترة زمنية يعتبر نصيحة، توصية، أو تحذير أولي لما قد يأتي بعده.
ومنعاً لحصول ملابسات وإجتهادات حول تفسير أمور مهمة كهذه، يجب تَوَخي الدقة والوضوح عند نشرها على الملأ.

كيف تعامل إعلام البطريركية مع الحدث؟
لايمكن لأعلام البطريركية التلاعب بمثل هكذا رسالة أو معلومات مهمة، لذلك لامجال للشك في صحة مانشره. وإن هذا الأعلام عَوّدنا على نشر تفاصيل مهمة وحساسة عن هذه القضية وقضايا أخرى كانت في الماضي تعتبر أسراراً لايمكن للعامة الأطلاع عليها، يُعتبَر هذا تطوّراً إيجابياً يتماشى مع روح العصر، إلاّ أن المأخذ الوحيد هو طريقة تعامله معها، التي يشوبها الكثير من الغموض مما يثير لغطاً واسعاً يستغله البعض لمآرب أخرى.

ما هي الرسالة التي أراد قداسة البابا توجيهها؟
لاينظر الكثيرون الى الخلاف الحالي داخل الكنيسة الكلدانية على أنه صراع فيه غالب ومغلوب مهما كانت نتائجه لأن الجميع يعلم بأن الكنيسة نفسها هي الخاسر الأكبر في كل الأحوال مالم يتم التوصل الى حل توافقي أخوي يحترم القوانين الكنسية المرعية أساسه روح الأنجيل والتواضع الذي عَلّمَنا إياه فادينا ومخلصنا يسوع المسيح في رسالته المبنية على التسامح الذي لا حدود له.
ومن هذا المنطلق يمكننا أن نفهم لماذا (طلبَ) قداسة البابا فرنسيس (المتواضع) من:
- المطران سرهد جمو تسهيل أمر الكهنة والرهبان بالعودة.
- الراهب نوئيل كوركيس إبداء التوبة وتقديم إعتذار رسمي.
- المطرانين (سرهد وباوي) إحترام البطريرك وقرارات السينودس الكلداني.

إن طلبات، وليس (أوامر) البابا هذه هي بمثابة الفرصة الأخيرة للجميع لمراجعة الذات وتلافي الخسارة الكبيرة التي قد تلحق بالكنيسة الكلدانية (في حالة طرد أو توقيف عدد لا يستهان به من أكليروسها الذي هي بأمَسّ الحاجة إليه) وذلك بتغليب لغة العقل والطاعة على التشبث بالكبرياء والعناد، وهي بمثابة رسالة تحذيرية لأصحاب الشأن قبل صدور قرار ملزم من الفاتيكان بحق كل من يخالف هذه الطلبات (الأوامر)، وإن البابا رغم سعة صدره لايتوانى عن إتخاذ قرارات صارمة بهذا الصدد لمن يستمر في عناده.
من جهة أخرى، أن البابا يتوقع أن يستجيب الجميع لطلباته دون اللجوء الى إجراءات قانونية ملزمة، لذلك منحهم هذه الفرصة الذهبية متجاوزاً -مؤقتاً- قرارات التوقيف والطرد الصادرة من البطريركية، وإنها في الوقت ذاته، رسالة واضحة لهم ولمن يساندهم بأنه لايقبل بإستمرار الوضع على ما هو عليه لمدة أطول، وكأنه يقول:
من له أذنان للسمع فليسمع!!

إستنتاجات
١- المسألة خرجت من أروقة المجمع الشرقي وأصبحت بيد قداسة البابا الذي يريد حلاً سريعاً لها.
٢- البابا يؤيد موقف البطريركية ويمنح فرصة أخيرة لمطارنة وكهنة ورهبان ابرشية سان دييغو المعنيين بالأمر.
٣- لامجال للمماطلة، وأن الوضع لايمكن أن يستمر على ما هو عليه دون الموافقة على طلباته.

corotal61@hotmail.com

70
مقدمة
يعتبر تواجد شخص أو وفد يمثل مسيحيي العراق في منبر كبير كمجلس الأمن الدولي فرصة كبيرة لطرح قضية مسيحيي العراق ( لا أقول الكلدان - الآشوريين - السريان ) لأن مجلس الأمن والمجتمع الدولي ينظر إلينا كأقلية مسيحية، ومن الطبيعي أن يوجّه دعوته لأهم مرجع ديني يمثّل هذه الأقلية ليسمع صوتها ومعاناتها، رغم علمنا جميعاً بأن ممثلي الدول المؤثرة في هذا المجلس يعرفون كل صغيرة وكبيرة عن الوضع التعيس الذي تعيشه الأقليات ليس في العراق وحده وإنما في جميع دول العالم، وأن البطريرك ساكو أو غيره لايمكنه التأثير على القرار الدولي المرتبط بمصالح الدول العظمى التي ليست على إستعداد للتضحية بأسواقها من أجل مجموعة إثنية أو دينية ولاتهمها كثيرا التجاوزات المستمرة عليها أو القوانين المجحفة بحقها في دول كثيرة تربطها بها علاقات تجارية واسعة.

مهمة حساسة ومسؤولية كبرى
كُنّا نتمنى أن لايُحْشَر البطريرك ساكو في مثل هذه الأمور، ليس لعدم كفاءته، وإنما لما تتطلبه من حنكة ومراوغات سياسية يجيدها أُناس متمرسون في هذا الحقل المليء بشتى أنواع الكذب والخداع.
كما أن تمثيل الكلدان والآشوريين والسريان بوفد ديني يُعتَبَرْ إلغاءً للدور القومي لهذه المجموعات الأثنية (إنْ لم نكن نعتبرها مجموعةً واحدة) بسبب ضعف هذا الدور وتأثيره السلبي على الساحة لأسباب أصبحت واضحة بعد السجالات العقيمة التي مَلَّ الجميع منها.
لهذا السبب، كان علينا أن لانتوقع أكثر مما قاله أو طالب به غبطة البطريرك ساكو في كلمته أمام أعضاء مجلس الأمن، فالرجل إنطلق من موقفه كمرجع ديني كبير، يعلم بأن الأضواء مسلطة عليه، وإنَّ كلامه يجب أن يكون موزوناً ومُعَبِراً في آن واحد، لذلك ساق كلامه بدقة وحذر شديدين لكي لايُفَسّرَ بأنه هجوم على السلطات أو أتباع الديانات الأخرى، لأن أي تفسير خاطئ لكلامه قد يكون له أثر كارثي على المسيحيين عموماً.
والحق يقال، أن غبطته نجح في إيجاد التوازن المطلوب في خطابه ونقل صورة واضحة لمعاناة أبناء شعبنا، رغم أن البعض يرى بأن ذلك لايمثل سوى الحد الأدنى المطلوب.

لماذا البطريرك ساكو؟
هناك سؤال مهم يطرح نفسه:
لماذا البطريرك ساكو وليس ممثلي شعبنا في الحكومة والبرلمان؟
برز دور الكنيسة بشكل ملفت بعد سيطرة داعش على الموصل وسهل نينوى وتشريد عشرات الآلاف من المسيحيين، حيث ساهمت الكنيسة بشكل كبير في تخفيف معاناتهم وبحسب إمكانياتها، وتحرك أقطابها وخاصة البطريرك ساكو محلياً ودولياً وإلتقى بمسؤولين كبار شرح لهم الوضع التعيس لأولئك المشردين وناشدهم بمد يد العون لهم والعمل على عودتهم الى مناطقهم المغتصبة.
كان لفرنسا عن طريق كنيستها ودبلوماسيتها دور كبير في بروز البطريرك ساكو كقائد ديني ودنيوي للمسيحيين العراقيين، قابله إختفاء أي دور فعال لأحزابنا السياسية وممثليها في السلطة بحيث أصبح البطريرك رجل المرحلة ويُنظَرُ إليه على أنه الممثل الشرعي لأبناء شعبنا.
ولكن رغم هذا كله، كان من الأفضل - برأينا المتواضع - أن لايكون الوفد المرافق لغبطته دينياً وإنما يضم ممثلين عن أحزاب شعبنا من الذين في السلطة وخارجها ليأخذ طابع الشمولية لكي لايُنظَرَ الى معاناتنا على أنها دينية فقط، رغم أن ظاهرها يبدو كذلك.

إستنتاجات
١- لايحق للقوميين المتشددين أن ينتقدوا دور الكنيسة أو البطريرك ساكو ومطالبته بخطاب أشد، عليهم القيام بهذا الدور مستقبلاً، ولكن عليهم إثبات أنفسهم أولاً ليكونوا أهلاً لذلك.
٢- لا دور لأحزابنا وسياسيينا داخلياً وخارجياً، فإذا كان دورهم هامشياً في هذه المرحلة الحساسة والمهمة من تاريخ شعبنا، متى يكون لهم دور إذاً.
٣- إنَّ فصل الدين عن الدولة لايعني أن لايكون هناك تنسيق أفضل في مسائل مهمة كهذه بين رجال الدين والسياسيين والعلمانيين.

corotal61@hotmail.com

71
كل الدلائل تشير الى أن المجتمع الدولي بدأ يخطط لمرحلة مابعد داعش، وأخذت الأطراف ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة بما يجري داخل العراق وسوريا بالسعي حثيثاً للحصول على موطئ قدم في عراق مابعد الحرب.
ويبدو بأن السيناريو المتوقع للعراق الجديد سيكون مختلفاً تماماً عما كان عليه قبل ظهور داعش، حيث قامت الحكومة العراقية وبعد أتصالات دولية وأقليمية مكثفة بالتوقيع على العديد من الأتفاقيات وخصوصاً مع الدول الأقليمية المؤثرة كالسعودية وتركيا ومصر تضمن لها دعم هذه الدول في سعيها للقضاء على داعش مقابل تسهيلات وعقود إقتصادية ضخمة في عملية الأعمار الكبرى التي من المتوقع أن يشهدها العراق.
وهناك شواهد كثيرة على ما نحن بصدده الآن، فالموقف التركي شهد تغييراً مفاجئاً خلال الأسابيع القليلة الماضية، بعد أن كانت تركيا تلعب دوراً مزدوجاً وأستغلال الوضع المتأزم للخروج بأكبر فوائد ممكنة، نجحت الى حد كبير في مسعاها الخبيث.
وتركيا، التي يُفْتَرَضْ بأنها عضو في التحالف الدولي ضد داعش وكسبت الكثير من موقفها المعلن هذا، تمكنت من جني مئات الملايين من الدولارات أيضاً بسبب تعاملها مع داعش حيث قامت مصانعها العسكرية بتحوير عجلات رباعية الدفع مستوردة لأستخدامات مدنية وتهيأتها لأغراض عسكرية،  ثمنها مدفوع من أرصدة خليجية مجهولة الهوية فُتِحَتْ في تركيا لتمويل نشاطات داعش وتسهيل مرور هذه العجلات والمقاتلين العرب والأجانب الى كل من العراق وسوريا، إضافة الى معالجة جرحى داعش في مستشفيات مدنها الحدودية مثل دياربكر، أورفه وغازي عنتاب، وشراء النفط منه بأبخس الأثمان.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا:
هل كانت تركيا لتجرأ على القيام بمثل هذا الدور المزدوج والخطير في آن واحد دون علم مسبق من القوى الكبرى وعلى رأسها أميركا؟
وهذا يقودنا الى الأستنتاج بأن تركيا ليست الدولة الوحيدة التي لعبت هذا الدور القذر في الحرب المزعومة ضد داعش وإنما دول أخرى كثيرة تدعي بأنها تحاربه!
إنها مؤامرة دولية كبرى حققت أهدافها لكل الأطراف التي خططت لها.
فالذي حصل هو أن تركيا أعلنت إستعدادها للمشاركة ودعم القوات العراقية في عملياتها المزمعة لتحرير الموصل قريباً وأرسلت طائرتين محملتين بالأسلحة والأعتدة الى بغداد سبقتها إتصالات وزيارات متبادلة وعلى أعلى المستويات.
فهل نعتبر هذه الأعمال صحوة مفاجئة في (الضمير التركي)؟
نحنُ -قبل غيرنا- نعلم بأن تركيا وخلال تاريخها الطويل الأسود كان ضميرها ميتاً في تعاملها مع الشعوب التي كانت خاضعة لها، والمسيحيين منهم على وجه الخصوص.
لماذا إذن؟
لأنها قرأت وتقرأ المتغيرات بشكل جيد وتخطط لضمان أستمرار مصالحها في العراق والمنطقة في مرحلة مابعد داعش، التي يبدو بأن القوى الكبرى قد خططت لها، وهذا لايعني بأنها ستكون بين ليلة وضحاها، ولكنها أصبحت وشيكة.
الأمر نفسه يحصل مع السعودية ومصر اللتان تهدفان الى خلق نوع من التوازن السني - الشيعي في العراق لتقليص دور إيران فيه وهو ما يخدم مصالحهما في المنطقة مستقبلاً.
القوى الكبرى أيضاً حققت غاياتها وذلك بتوقيع عقود ضخمة تبيع بموجبها الأسلحة والأعتدة المكدسة في مخازنها الى دول المنطقة.
كما فتحت رئةً ستتنفس من خلالها شركاتها المختلفة مليارات الدولارات من عمليات الأعمار الكبرى المتوقعة في المرحلة المقبلة.
نفس الكلام ينطبق على حكومة العراق المركزية وحكومة أقليم كردستان اللتان تقومان بتحركات دبلوماسية مكثفة لكسب المزيد داخليا وخارجيا.
نلاحظ بأن كل طرف يخطط وفق ماتقتضيه مصالحه الخاصة ويتصرف بموجبها، لذلك علينا أن لانتوقع بأنهم يحسبون حسابا لنا.
والسؤال الأهم هنا هو:
أين نحن من هذه المعادلة؟
نحن مازلنا نحلم بمحافظة في سهل نينوى أو أقليم بحكمٍ ذاتي أو منطقة آمنة محميّة.
ولكن، هناك فرق كبير بين الحلم والحقيقة.
الحقيقة والواقع يقولان بأننا شعب ممزق، يقول أكثر مما يفعل، وإنْ فعل فإنه لايدري ماذا يفعل. فنحن لانملك قرارا موحداً كشعب واحد كما ندّعي، وليس للكلدان أو الآشوريين أو السريان  قرارا موحداً حتى كفئات منفصلة!
إذا أردنا أن ندخل في حسابات الكبار المستقبلية للحصول على الحد الأدنى الممكن من حقوقنا، علينا أن نتخلى عن أنانيتنا ونكف عن الصراعات الجانبية العقيمة ونحدد أهدافنا ونتحرك لتحقيقها منذ الآن، قبل فوات الأوان، بخطاب مُوَحّدْ يتضمن ما نريده.
لتحقيق هذا الهدف، من المهم جداً الدعوة الى إجتماع عاجل موسع تحضره الرئاسات الدينية وممثلو أحزابنا السياسية وشخصيات مستقلة يحددون فيه مطاليبهم بشكل واضح وتُشَكّلْ لجنة مشتركة مخوّلة للتحدث بإسمنا جميعا وألأتصال بالسلطة المركزية وسلطة الأقليم ومطالبتها بحقوقنا المتفق عليها وتذكيرها بأننا لسنا بحاجة الى شفقة أو إبداء العطف والتضامن معنا في محنتنا وإنما الحصول على حقوقنا، حالنا كحال بقية أطياف الشعب العراقي، وكذلك التنسيق لتسخير كل الطاقات الممكنة لأبناء شعبنا في الخارج لدعم هذه المبادرة لدى الجهات الدولية المؤثرة.
نحن اليوم لسنا بحاجة الى مناصب وهمية في الحكومة والبرلمان، أو زيارات تعاطفية لمسؤولين محليين ودوليين الى كنائسنا ولاجئينا، وإنما الى ترجمة هذه العواطف الى أعمال حقيقية على أرض الواقع تخدم أبناء شعبنا في أراضيهم وتُوَفّر الحد الأدنى المطلوب من حقوقهم.
وأخيراً، يجب أن نعلم بأننا إن لم نكن بمستوى يؤهلنا من تجاوز مشاكلنا الداخلية، فمن العبث الحديث عن حقوقنا.

corotal61@hotmail.com

72
تفاجأنا جميعاً بالهجوم المباغت الذي شنته قوات داعش الأرهابية على القرى الآشورية المسيحية في منطقة الخابور السورية.
وتضاربت الأنباء حول عدد الأشخاص الذين أَسَرَهُمْ داعش خلال غارته هذه، حيث ذكرت تقارير غير مؤكدة بأن أعدادهم تتراوح بين ٩٠ - ١٠٠ شخص، إلا أن المرصد البريطاني لحقوق الأنسان أشار الى إلتقاط مكالمات لاسلكية بين مقاتلي هذا التنظيم تحدّثتْ عن أسر ٧٠ فرداً من أبناء قرى منطقة الخابور من الصليبيين (التسمية التي يطلقها الداعشيون على المسيحيين).

ولسوء حظ أبناء شعبنا في هذه القرى المنكوبة، أصبحوا كبش الفداء نتيجة لعوامل عديدة ساهمت في هجوم داعش عليهم منها:
١- الهزائم الكبيرة التي مني بها هذا التنظيم الأرهابي على الأرض في شمال شرق سوريا على أيدي الأكراد، حيث تم تحرير كوباني والسيطرة على مساحات واسعة من الأرض وإجبار قواته على التقهقر من محاور إستراتيجية والتراجع بإتجاه مدينة الرقه عاصمته.

٢- سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى في صفوفه نتيجة الضربات المكثفة لطائرات التحالف الدولي إضافةً لتدمير مراكز مهمة وآليات ومعدات عسكرية مختلفة.

٣- هروب جماعي لمقاتليه من ساحات المعركة ومحاولة البعض منهم ترك التنظيم نهائياً وخاصة السعوديين والخليجيين بسبب الروح المعنوية المنهارة نتيجة الهزائم المتلاحقة على مختلف الجبهات وضغط الضربات الجوية. وأشارت أنباء مُسَرّبة الى إقدام داعش على إعدام العشرات من مقاتليه ممن حاولوا الهروب لوضع حد لهذه الظاهرة التي أخذت في الأنتشار بين صفوفهم في محاولة منه للتعتيم عليها بكل الوسائل خوفاً من تأثيرها على المعجبين من الشباب الجدد الراغبين بالأنضمام إليه من مختلف أنحاء العالم.

٤- فشل هجومه الذي شنه بالقرب من أربيل عاصمة أقليم كردستان العراق في محاولة منه لرفع معنويات مقاتليه المنهارة بعد الهزائم المتكررة في كل من العراق وسوريا.

كل هذه الأسباب مجتمعة، إضافة الى التغيير الذي حصل على مواقف بعض الدول المهمة في المنطقة كالأردن ومصر والسعودية نتيجة تعرض مصالحها للخطر وإتخاذها مواقف أكثر حزماً من تنظيم داعش، جعلته يُقدِم على عمل عسكري محدود ومضمون النتائج لرفع معنويات مقاتليه رغم علمه بعدم أهميته من الناحية الأستراتيجية أو تأثيرة على سير المعارك.
كما لم يكن إختياره الهجوم على قرى أبناء شعبنا أو توقيته إعتباطياً لسببين مهمين:

١- الحصول على صدى إعلامي واسع من خلال إظهار قدرته على إحتلال أراضي الصليبيين وأسرهم متى مايشاء لعلمه بما تلقى مثل هذه الأعمال من إهتمام أعلامي عالمي.
٢- رسالة واضحة ورد فعل على قيام أبناء شعبنا من المسيحيين بتشكيل وحدات قتالية للمشاركة في تحرير سهل نينوى وزيارة بعض رجال الدين المسيحيين لهذه القوات، كما تزامن هذا الهجوم مع الأنباء المتزايدة عن هجوم كبير وشيك لتحرير الموصل.


corotal61@hotmail.com

73
الكرنفال هو إحتفال كاثوليكي يسبق بدء الصوم الكبير، وبحسب التقليد الغربي يمتد من يوم الأحد الى الثلاثاء السابق للصوم، فالصوم وفقاً للطقس اللاتيني يبدأ يوم الأربعاء - أي يومين بعدنا - ومدته ٤٠ يوماً، يجوز الأكل والشرب في أيام الآحاد الواقعة في فترة الصوم.

ماذا تعني كلمة كرنفال Carnaval ؟
أغلب الظن أن أصل كلمة Carnaval وتكتب أحياناً Carnival هو من الكلمة اللاتينية Carni Vale وتعني (وداعاً للّحم)، فالمعروف (تقليدياً) أن الصيام يعني الأنقطاع عن أكل اللحم خلال مدة الصوم الكبير، قبلَ أن يتخذ أشكالاً أخرى في دول عديدة، والأوربية منها تحديداً، وذلك بالصيام عن الحلويات مثلاً، ويبررون هذا بأن الغاية منه ليست الأنقطاع عن نوع محدد من المأكولات أو المشروبات بل السيطرة على الشهوات، فعندما يتمكن الأنسان من السيطرة على شهواته والأنقطاع عن طعامه أو شرابه المفضل من أجل غاية أسمى، فأن بإمكانه أيضا السيطرة على شهوة الخطيئة.

هل للكرنفال جذور شرقية؟
المعروف أن المسيحية ظهرت في بلاد المشرق (فلسطين) ومنها إنتشرت الى الغرب الأوربي وبقية أنحاء العالم، ومعها إنتقلت أيضا الأعياد والعادات والتقاليد المرتبطة بها الى البلدان الأخرى وأختلطت بالفولكلور والموروث الشعبي  لهذه الدول فتطوّر الكرنفال الى شكله الحالي قبل أن يفقد مضمونه الروحي ويتحول الى وسيلة للترفيه والرقص والغناء والأفراط في الأكل والشرب وممارسة عادات غريبة أحياناً في حفلات تنكرية شعبية صاخبة.
ويعتبر كرنفال ريو دي جانيرو في البرازيل من أشهر الكرنفالات، كما تقام كرنفالات كبيرة في معظم دول أمريكا اللاتينية (الكاثوليكية)، أما في أوربا فأن أبرزها تقام في المناطق الكاثوليكية من هولندا وبلجيكا وألمانيا.
وما يؤكد جذور الكرنفال الشرقية هو أسمه والذي يعني -كما ذكرنا- وداعاً للّحم، لأن الصوم في بلادنا مرتبط دوماً بالأنقطاع عن أكل اللحم، إضافة الى تقليد قديم جداً في بعض قرانا الجبلية يشير الى هذا الأحتفال يعقبه يوم أثنين الفئران.

ماهو أثنين الفئران (تروشيبا دعَقُبري) وما هي قصته؟
لا أنكر بأنني تفاجأتُ كثيراً وأنا أسمع هذا الأسم الغريب والطريف للمرة الأولى قبل عدّة سنوات أثناء حديث جرى بين المرحومة والدتي وإمرأة أخرى قريبة من عمرها وهنَّ يتحدثنَ عن قريبة لهن ولدت في يوم أثنين الفئران، لم أتمالك نفسي من الضحك لدى سماعه، وقلتُ في داخلي ماذا يكون هذا اليوم الذي هو معروف لدرجة تحديد تواريخ مهمة كبقية الأيام المعروفة والمرتبطة بأحداث بارزة كالأعياد والحروب مثلاً؟
ما هو هذا اليوم إذاً، ولماذا أُطلقَ هذا الأسم الغريب عليه، وما علاقته بالصوم والكرنفال؟
كان لدى بعض القرى الجبلية المسيحية كقريتنا (هوز) والقرى المجاورة لها تقليد قديم جداً يتمثل بإقامة إحتفالات للغناء والرقص وذلك بمناسبة بدء الصوم الكبير.
وكان الأحتفال يقام في اليوم السابق للصوم الكبير، أي الأحد، حيث يجتمع أهل القرية للأحتفال ويجلبون الأطعمة الشهية لأنه لم يكن بإمكانهم تناول الأطعمة الشهية -بضمنها اللحم- إلاّ في المناسبات المهمة، فيسهرون ويأكلون ويرقصون الى منتصف الليل ويتركون الفضلات في مكانها لأنهم سيصومون ٥٠ يوما، ولم يكن لديهم مكان للأحتفاظ بها، عندها يكون قد حَلَّ يوم الأثنين (اليوم الأول من الصوم الكبير) والفئران قد إجتمعت بأعداد كبيرة لألتهام ما تبقى من الطعام المتروك في الساحة، لذلك أُطلقَ عليه أسم (أثنين الفئران) وأن الأشارة إليه كانت تعني لهم اليوم الأول من الصوم.
المهم هنا، هو أن الكرنفال كان معروفا أيضاً حتى في قرانا الجبلية النائية منذ القدم، ولا أعرف إن كان كذلك لدى القرى الأخرى في منطقة هكاري والقرى المسيحية في سهل نينوى.

جاك يوسف الهوزي
corotal61@hotmail.com

74
منذ سقوط النظام السابق قبل أكثر من عشر سنوات وفئات شعبنا المسيحي منشغلة بأيجاد تسمية موحدة يتفقون عليها، إلاّ أنهم فشلوا في مهمتهم هذه، لأنها ببساطة لاترتكز الى أرضية واقعية ولاتتماشى مع الأفكار العصرية.
والغريب في الأمر، أن الكثيرين يعتقدون بأنها أصبحت ضرورة مُلحّة بعد فشل محاولات إلغاء الآخر أو إحتوائه عن طريق مئات الدراسات والبحوث والمقالات والردود التي تجاوز بعضها كل حدود اللياقة والأحترام إنطلاقاً من نظرة عنصرية مقيتة.
 هذه الحالة جعلت الكثيرين يعتقدون بأن الحل الأمثل يكمن في إيجاد  تسمية موحدة بأي شكل من الأشكال، حتى لو كان بلصق الكلمات ببعضها لِتُكَوّنَ أسماء مركبة غريبة وكأننا شعب مجهول الهوية أو حديث العهد على أرض الرافدين!

كشعوب البلاد الأصيلة والمهددة بالأنقراض منها نهائياً، لسنا بحاجة لفتح صراعات كهذه بيننا إن كُنّا نرغبُ أن يحترمنا الآخرون ويحترموا أسماءنا، بل نحن مدعوون لتلميع تسميات آبائنا وأجدادنا التي خلّدها التاريخ كالآشورية والكلدانية إضافةً للسريانية التي وحدتنا كشعب بعد دخولنا المسيحية قبل أن تفرقنا الطائفية والأستعمار.
المفروض بشعب يحمل كل هذه التسميات الرائعة أن يفتخر بها جميعاً لما قدمته للأنسانية في جميع المجالات، لا أن يحاول تهميشها وتقزيمها أو إختزالها في تسميات مركبة غريبة تفقدها بريقها.
إن إسقاط أي تسمية من هذه التسميات التاريخية أو تشويهها للحصول على مكاسب آنية لاتصب في مصلحة شعبنا المسيحي ومكوناته الجميلة يعني إلغاء تاريخ وإنجازات شعبنا التي تحققت تحت هذا المسمى وإهانة كبيرة لكل الذين يُشَرّفهم أن يُسَمّوا به.
[/color]

فالكلداني يُشرفهُ أن يسمى كلدانيا
والسرياني يشرفه أن يسمى سريانياً
والآشوري يشرفه أن يسمى آشوريا


بأختصار، كل شخص يحق له أن يسمي نفسه بالتسمية التي يرى ويقتنع بأنه ينتمي إليها، أو يعتز بالتسمية التي ورثها عن الآباء والأجداد ويحافظ عليها، ويُفتَرَضْ بالآخر إحترام قناعته هذه وإختياره لأن الأنسان نفسه أهم من فرضيات ونظريات و(فلسفة) الآخرين طالما لا أحد يمتلك الحقيقة المطلقة.
وعلينا أن نعي بأن عالم اليوم المتمدن (أكرر المتمدن وليس المتخلف) لا مكان فيه لفرض الأفكار الشمولية إلاّ في ظل الأنظمة الدكتاتورية التي أخذت تتهاوى تباعاً.
ولكن هذا لايعني أن نتقوقع على أنفسنا أو نضع حواجز بيننا تفصلنا عن بعضنا، لأننا شئنا أم أبينا مصالحنا مشتركة ولايمكن تجزأتها، لذلك علينا العمل معا للمحافظة على هذه المصالح لورغبنا في الحفاظ على وجودنا وتاريخنا وتراثنا.

فإما أن نضيع جميعنا وتصبح تسمياتنا التي نقاتل من أجلها ونحاول رفع شأن إحداها على الأخرى مجرد ذكريات من الماضي، أو نكون بمستوى المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقنا ونمتلك الشجاعة الكافية للأعتراف بأخطائنا وفتح صفحة جديدة مبنية على الأحترام المتبادل ووضع المصلحة العامة فوق كل الخصوصيات لنتمكن من أستغلال الطاقات الهائلة لأبناء شعبنا وبحسب الكفاءة، لا الأنتماء.

خلاصة:
١- الأعتزاز بتسمياتنا الجميلة (الكلدانية - السريانية - الآشورية) التي تؤكد حقنا التاريخي في أراضينا.
٢- لسنا بحاجة لأضاعة الوقت في البحث والأقتتال حول إيجاد تسميات غريبة لاوجود أو معنى لها.
٣- العمل معا للحصول على الحد الأدنى -على الأقل- من حقوقنا المسلوبة.
٤- تغليب المصلحة العامة على الخاصة مع إحترام هذه الخصوصية.

75
مَرّتْ هذه السنة أيضاً - كباقي السنوات - ذكرى صوم باعوثا، الذي أصبح (عادة سنوية) تُرَدّدُ فيها صلوات طقسية خاصة بها، البعض يصوم ويصلي طالباً من الرب أن يتحنن على شعبنا كما تحنّنَ على شعب نينوى وعفا عنه لأنه تذلّلَ أمامه وأعترف بأخطائه وإبتعد عنها عملاً بمشيئته. فهل نحن اليوم أيضا مستعدون أن نفعل مايطلبه منّا الرب، غير ترديد الصلوات (دون أن نعرف حتى مانقوله أحياناَ) ليستجيب لصلواتنا وينقذنا من الوضع التعيس الذي وصلنا إليه.
والسؤال هنا: لماذا قبل الله توبة أهل نينوى؟ وهل سيقبل توبتنا؟

يقول كريستوف بلومهارت (إبتهالنا اليوم هو فقط  -خلّصنا يارب- . بيد أن الله يريد القول: لا أحتاجك في السماء، لأنه لدي مايكفي من المُخَلَّصين هنا. فما أحتاجه هو فَعَلة، أناس ينجزون الأمور على الأرض. فأخدمني هنا أولاً.).

يعتقد الكثيرون أن بإمكانهم نيل الخلاص عن طريق ترديد الصلوات، التردد على الكنيسة والصيام فقط، دون أن يختبروا أنفسهم إن كانوا صادقين ويريدون يسوع في الحق والعدل.
إنَّ مجرد كوننا مسيحيين ليس ضماناً للخلاص حتى لو كُنّا متدينين، وإذا رددنا الصلوات والآيات الكتابية دون التفكير بها ومقارنة ما نقوله بما نفعله دون رغبة حقيقية في تغيير أفعالنا التي لاتتماشى مع مايريده الله، عندها لايطرأ أي تغيير في حياتنا، فالذي لايريد الخضوع التام أو تسليم ذاته بالكامل، عندئذٍ سيبحث الله عن شخص آخر له الأستعداد للقيام بذلك.
إذا كان إيماننا بيسوع من أجل تحقيق مكاسب شخصية والطمع في الخلاص دون الأستعداد للتضحية من أجل إسمه، فأننا نعيش في وهم كبير.

يقول بلومهارت بهذا الصدد:
(أتمنى بكل قوتي أن يموت كل ذلك الدفء والراحة التدينية التي تجعل المسيحيين ينظرون دائما الى السماء بدلاً من العيش القويم على الأرض. أن مسيحيي اليوم مخدوعين بمشاعر الخلاص الدافئة هذه. ياله من هراء! فإن لم ترغبوا أن تتحولوا الى تراب لأجل الله، وإن لم ترغبوا أن تفكروا في أسمه بدلاً من أسمكم، عندئذ لن تلقوا أية رأفة من الله عندما تتعذب قلوبكم).

يقول الله أريد فَعَلة على الأرض،إنه لايطلب منا هنا أن نُحمّل أنفسنا ما لاطاقة لنا على تحمّله، لأنه يعلم بأننا بشر ضعفاء من لحم ودم، قد نخطأ ونكرر الخطأ ونحن نقوم بعملنا، إلا أنه يسامحنا ويساعدنا على إتمام عملنا على أكمل وجه إن كُنّا نسعى لمجده لا لمجدنا الشخصي ونترك أمر خلاصنا على خالق الكون، ولاننخدع كالفريسي الذي صعد الى الهيكل للصلاة وعدّدَ حسناته وأستهزأ بالعشار الذي كان بجانبه، بقية القصة تعرفونها وتعرفون أيضاً من نزل مبرراً من الهيكل (لوقا ١٨: ٩-١٤).
هدفنا جميعاً هو الخلاص ونؤمن بأن يسوع المسيح (إبن الله) نزل الى هذه الأرض وتجسّد وتألم ومات من أجلنا جميعاً (كل البشر) لننال نعمة الخلاص عن طريقه، وكذلك حق المشاركة في الحياة الأبدية. فهل سألنا أنفسنا:

هل نحن نعيش وفق مايريده هو منّا لنكون جديرين بالخلاص الموعود؟

جاك الهوزي

76
إختلف المؤرخون في الأتفاق على أصل الكلدان، منهم من قال بأنهم عرق متميز من السومريين الذين أسسوا أول حضارة معروفة في جنوب بلاد مابين النهرين وتمكنوا بمرور الزمن من السيطرة عليها.
هذه الفكرة تتناقض مع الكتابات الأولى عنهم والتي تؤكد بأنهم من الأقوام السامية، فقد كتب يوسيفوس في كتابه (Antiquities of Jews) بأن أصل الكلدان هو من أرفكشاد بن سام(1).
ومن المثير للأهتمام، التأكيد الذي ورد من المفسر اليهودي كيداليا بن يحيى (1515-1587) بصدد ماذهب إليه يوسيفوس حول أصل الكلدان، حيث ربط اسم كلدو بالأحرف الثلاثة الأخيرة من أسم أرفكشاد (Khaf-Shin-Dalet) ويكتب KESED ويعني (كلدو،بلاد الكلدان) التي يُنسَبُ اليها أل Kasim ، أي الكلدان.

من بنى مدينة أور؟
يعتقد بعض المؤرخين بأن مدينة أور عند ولادة أبينا ابراهيم لم يكن يُطلَقُ عليها أسم أور الكلدانيين، لأنهم ينسبون أصل الكلدان الى Kesed أبن ناحور (شقيق أبراهيم) وأنهم لم يكونوا قد نموا ليكونوا أُمّةً كبيرة. إلاّ أن غالبية المؤرخين ترفض هذه الفكرة وتؤيد ماذكره يوسيفوس وابن يحيى حول أصل الكلدان، وأن مدينة أور بناها أور ابن أرفكشاد (أبو الكلدان)، لذلك كان يُطلق عليها أسم أور الكلدانيين عند ولادة أبينا أبراهيم، وهذا ما أكده أيضاً الكتاب المقدس.
بأختصار، هذا يدل على أن الكلدان هم (من الشعوب السامية) التي بنت مدينة أور وأُطلِقَ أسمهم عليها.

هل كان نبوخذ نصر ملكاً كلدانياً؟
نَسَبَ التلمود اليهودي أصل نبوخذ نصر الى نمرود، والمعروف أن نمرود لم يكن سامياً بينما الكلدان ساميون، هذا جعل الكيثرين يعتقدون بأن نبوخذ نصر (أشهر ملوك الكلدانيين) ليس كلدانياً!
ولحسن الحظ، جاء نفي هذا النسب عن طريق ابرز مُفسري وعلماء التلمود من اليهود أنفسهم الذين ذكروا بأنه لايجب قراءة التلمود حرفياً وتفسيره بهذا الموجب، وحيث أنه لايوجد مصدر واحد ينسب نبوخذ نصر الى نمرود، فإنه -أي التلمود- لم يكن يعني حرفياً بأن نبوخذ نصر كان حفيد نمرود، أو حتى ينتهي نسبه إليه(2). عوضاً عن ذلك، أوضحوا بأن التلمود كان يجري مقارنة جزئية بين نمرود الحاكم الشرير الذي إضطهد أبراهيم، ونبوخذ نصر، الذي كان ملكاً سيئاً أيضاً -بحسب اليهود- لأنه إضطهدهم. هذه المقارنة شبيهة اليوم بمقارنة كل دكتاتور بكل من (ستالين، هتلر، صدام حسين وغيرهم)ووضعه في خانتهم، فهل كان صدام روسياً أو ألمانياً؟
أقروا بهذه الحقيقة بعدما تأكدوا من عدم وجود أية أدلة قاطعة عن علاقة نبوخذ نصر أو الكلدان بالشعوب الحاميّة كما ذكر البعض.

ماهي لغة الكلدان؟
الذين شككوا بوجود لغةً خاصة للكلدان، أو ذكروا بأنها إنقرضت تماماً بزوال إمبراطوريتهم أو حتى قبل سقوطها، بنوا معظم قناعاتهم على ما جاء في التلمود أيضاً (لنفس الأسباب التي أنطلق منها-التلمود- في ربط نبوخذ نصر بنمرود).
لو صدّقنا ما جاء في التلمود، فأن الكلدان لم تكن لديهم لغة خاصة بهم وتكلموا الآرامية، وهذا ما يُعَوّل عليه البعض كثيراً بأنهم آراميون دون وجود دليل مادي قاطع يثبت ذلك.
لكن الحقيقة تقول غير ذلك، لأنه كان للكلدان لغتهم الخاصة قبل أن تنحصر في البلاط الملكي وتفقد (جوهرها) لأسباب عديدة سنأتي الى ذكرها، ويستعملوا اللغة الأرامية التي كانت منتشرة في ذلك العصر.
والسؤال هنا:
ماذا كانت لغة الكلدان الأصلية إذاً؟
يؤكد الكثيرون من المختصين بأن لغة الكلدان لها جذور أكدية أو حتى أقدم من ذلك بكثير، أي سومرية.
قال راشي(3) أن التلمود لم يكن يعني بأن لغة الكلدان (المحكية) قد إندثرت بشكل نهائي، ولكن قام الكلدانيون بأستعمال (اللغة الآرامية) التي أخذوها من شعب آخر (الآراميين) لكونها اللغة السائدة في ذلك العصر، حالهم حال شعوب عديدة أخرى في المنطقة تَبَنّتْ هذه اللغة.
وهذا لايعني مطلقاً بأن الكلدانيين والآراميين قوم واحد، فالآراميون سكنوا في الجزء الشمالي من بلاد مابين النهرين (حيث ارام)، أما الكلدان فسكنوا في الجزء الجنوبي منها (حيث بابل وسومر).
ويؤيد مفسرو التلمود مثل رابي ألكابيتز (1500-1580) هذا الرأي ويرى بأن الكلدان من عهد نبوخذ نصر والملوك الذين جاؤوا بعده كانوا يتكلمون الآرامية بعد أن أخذت اللغة الكلدانية بالأنحصار في البلاط الملكي وكانت تُدَرّسُ فيه لأفراد الحاشية فقط، إلا أنها كانت موجودة، حيث ورد ذكرها في سفر دانيال (٤:١).
وهذا يدل على أن اللغة الكلدانية الأصلية لم تكن الآرامية كما يدّعي البعض، فلو كانت الكلدانية هي الآرامية نفسها لأنتفت الحاجة الى تدريسها في البلاط الملكي للمحافظة عليها لأنه من المفترض أن ملوك الكلدان، كما العامة، كانوا يجيدون الآرامية(4).
ويضيف ألكابيتز بأن اللغة الكلدانية أنقرضت في عهد ملك الفرس أخشورش بتأثير من اليهود الذين كان لهم نفوذ واسع في بلاطه (إقرأ سفر أستير).
وفي هذا الصدد، رفض كل من ماهارشا ورابي ألتر (1847-1905) مرة أخرى فكرة القراءة الحرفية لما جاء في التلمود، وإنما عوضاً عن ذلك، يجب فهم وتوضيح محتوى النص بالشكل الصحيح (5).
وأن التلمود بإشارته الى عدم إستمرار اللغة الكلدانية لايعني بأن لغتهم الفعلية (المحكية) لم تستمر، وأكدوا بأنه كان يشير هنا الى إختفاء الجوهر الأساسي (المبادئ الأساسية) للغتهم، أي التدوين، بمعنى إنهم تخلوا عن حروف وقواعد لغتهم وتبنوا الآرامية، وهذا هو سبب بعد اللهجة (اللغة) الكلدانية والآشورية المحكية مثلاً عن الآرامية (السريانية) الفصحى مقارنة باللغات الأخرى كالأنكليزية والفرنسية لتداخل معظم مفردات هذه اللغات وإندماجها مع الآرامية الفصحى التي كانت طاغية.
هذا يعني بأن لغة الكلدان الأصلية هي الأكدية/السومرية، وعندما فقدوا (جوهر) لغتهم كانوا بحاجة لأستعارة هذا الشئ من الآرامية للحفاظ على إستمراريتهم.
ملاحظة: هنا لابد أن أشير بأن التلمود بإدعائه إنقراض اللغة الكلدانية هو تأكيد منه على وجود هذه اللغة، لأنه كيف يمكن للغة غير موجودة أصلاً أن تنقرض؟ أنه يناقض نفسه بنفسه.

الخلاصة:
١- الكلدان من الأقوام السامية التي ينتهي نسبها الى أرفكشاد بن سام بن نوح.
٢- الكلدان هم من بنوا مدينة أور ونُسبَتْ إليهم.
٣- الملك نبوخذ نصر كلداني.
٤- أصل اللغة الكلدانية هو الأكدية/ السومرية، تبنوا جوهر (مبادئ) اللغة الآرامية عندما أخذت لغتهم المكتوبة بالأندثار، وهذا لايعني بأن الكلدان والآراميون شعب واحد.
٥- كان لليهود دور كبير في القضاء على اللغة الكلدانية (المكتوبة) بعد سقوط الدولة الكلدانية وذلك لنفوذهم الواسع لدى ملوك الفرس وحقدهم على الكلدان الذين دمروا مملكتهم وهيكلهم وسبوهم الى بابل، لذلك نفهم ما جاء في تلمودهم حول الكلدان وملكهم الأشهر نبوخذ نصر والذي نفاه علماؤهم ومؤرخوهم أنفسهم.
حتى أن أحد أبرز علماء التلمود اليهود أشار ساخراً الى إحدى آياته التي جاء فيها بأن الله تَنَدّمَ لأنه خلق الكلدان!
إنها روح الأنتقام والتشفي والتشهير بالكلدان، لهذه الأسباب يرفض علماء ومفسري التلمود البارزين قراءته والأخذ به حرفياً.


جاك الهوزي
corotal61@hotmail.com

الهوامش:

1Kitvei Yosef ben Matityahu, Kadmoniut HaYehudim Vol. 1 (Jerusalem: Reuven Mass, 1939) pg. 27

2R. Hayyim Yosef David Azulai (1724–1806) in his work Petah Einayim (to TB Hagiga 13a) notes that a contradiction between selections of Tosafot to differing tractates is not considered a contradiction because they were authored by different people. However, Tosasfot HaRosh, which was ostensibly written by one person, namely R. Asher ben Yehiel (1250–1327), also contains this contradiction: In Tosafot HaRosh to TB Hagiga 13a, he writes that Nebuchadnezzar was not literally a descendant of Nimrod, while in Tosafot HaRosh to TB Yevamot 48a, he writes that he was. This contradiction has yet to be resolved

 3To TB Megillah 10b, as explained by R. Yosef Hayim of Baghdad (1832–1909) in his Talmudic work Ben Yehoyada (there

 4Ibn Ezra (Daniel 2:4) writes that when the Bible says that Nebuchadnezzar’s necromancers spoke to him in Aramaic, this refers to the Chaldean language, which was spoken by the king. See also M. Amsel, Shut Hamaor Vol. 1 (Brooklyn, 1967) pp. 472–474

5Sfat Emet (to TB Megillah 10b

77
يبدو أن الخلاف داخل الكنيسة الكلدانية أخذ يلقي بظلاله السوداء على بعضٍ من كتابنا بحيث لم يَعُدْ لديهم ما يكتبونه سوى مدح أو ذم هذا الطرف أو ذاك، وأصبح شغلهم الشاغل مراقبة كل حركة أو كلام يصدر هنا وهناك وتفسيره بطرق بعيدة كل البعد عمَّن يبدو بأنه متألم أو متضايق مما آلَ إليه الوضع ويهدف الى التقويم والبنيان، ويمكن النظر الى حالات كهذه بأنها إفلاس فكري يكشف الفراغ الداخلي لصاحبه، وكما يقول المثل:
الأناء ينضح بما فيه.

إنهم لايكتبون كلاماً فارغا ودخيلا على قيمنا وتقاليدنا فقط، وإنما يتلذذون ويتفاخرون به أيضاً يتَحَدّون من يعارضهم وكأنهم حققوا نصراً مبيناً، ولكن على من؟
فهل حرروا بلداتنا وقرانا المغتصبة؟
أم أوجدوا حلاً لعشرات الآلاف من المشردين من أبناء شعبنا في الداخل والخارج؟
أو جعلوا غبطة البطريرك وسيادة المطران يتعانقان حباً بكنيستنا المجروحة وأبنائها المنكوبين؟

إنه بإختصار إشباع لرغباتهم الداخلية ويجدون في تكراره دون رادعٍ يُظْهِرُ لهم حجمهم الحقيقي بأنهم أصبحوا من الأهمية بحيث بات بأمكانهم كتابة أو قول ما يشاؤون وضد من يشاؤون أيضاً!!
لايمكن لمثل أولئك الكتاب أن يكونوا مأجورين لأحدٍ كما يظن البعض، لأن أي شخص متزّن أو جهة تحترم نفسها، مدنيةً كانت أم دينية، هي أكبر من أن ترضى بالهرج والمرج الذي يثيره أشخاص مثلهم وتعلم بأنه مردود عليها في الآخر.

هناك عدة عوامل تدفع أصحاب هذه الكتابات الى التمادي في كتاباتهم، منها:
١- عدم وجود إتصال مباشر بين البطريركية الكلدانية ورئاسة أبرشية مار بطرس لوضع النقاط على الحروف في خلافهما، أو إختلافهما على تطبيق القانون الكنسي للحد من هذه الكتابات اللامسؤولة والتي تعتبر إهانة للطرفين لأنهما يعترفان بكنيسة واحدة وينتميان إليها.
٢- سكوت مطرانية مار بطرس على كتابات وتجاوزات هذا (البعض) والسماح لهم بنشر كلامهم في موقعها يعني بأنها موافقة على ما يسطرونه، لأن السكوت عليه هنا هو علامة الرضا.
٣- ردود البطريركية على ما يكتبون وخاصة تلك التي تصدر عن غبطة البطريرك شخصياً تشعرهم بأنهم من الأهمية بحيث يعاودون الكرة مرات أخرى لأنهم حققوا أهدافهم.

الذي ليس بإمكانه تضميد الجرح عليه أن لا يعمقهُ، فكنيستنا ليست بحاجة الى مشاكل أو هموم جديدة. وأن الكتابة والنقد بأدب ولياقة مسؤولية أخلاقية لها أهداف سامية وليست مجرد تسطير كلمات فارغة ورصد مايصدر عن الآخرين والرد عليهم بطريقة لاتخلو من الأستهزاء وقلة الأحترام.
وإن الحرية التي نتمتع بها اليوم وخصوصا في البلدان الديمقراطية يجب أن لا تجعلنا ننسى من نحنُ لنقتلعَ ،  في لحظة غضب ، كل مازرعه فينا الآباء والأجداد من قِيَمٍ ومبادئ جميلة، وتحمّلوا  من أجلها كل أنواع العذابات والشدائد وصلت حد الشهادة ليحفظوا لنا وجودنا وخصوصيتنا التي جعلناها عرضة لأستهزاء الآخرين إشباعاً لأنانيتنا ورغباتنا وذلك في الخروج عن المألوف لنثبتَ بأننا مازلنا موجودين في محاولة يائسة للمداراة  على الفشل العام الذي نعيشه اليوم والذي يشهد له وضع شعبنا وكنيستنا.
علينا أن لانندفع أكثر من اللازم في تصرفاتنا وكتاباتنا ونعرف أين تنتهي حدود حريتنا لكي لانفقد توازننا ونتوه عن الطريق الذي يقودنا الى الذي يقول:
أنا هو الطريق والحق والحياة.

إن كانت غايتنا الحفاظ على وحدة كنيستنا وقوتها حقاً.

جاك يوسف الهوزي
١٤/ ك٢/ ٢٠١٥
corotal61@hotmail.com

78
قيل وكُتبَ الكثير عن الخلاف بين البطريركية الكلدانية وأبرشية ما بطرس في غرب أميركا حول الكهنة والرهبان الذين إحتضنتهم هذه الأبرشية خلافاً للقوانين الكنسية بحسب تصريحات وبيانات البطريركية بهذا الصدد.

مهما كانت أسباب الخلاف: الأختلاف حول وضع الكهنة، أمور إدارية وتنظيمية، طموحات شخصية أم أسباب أخرى نجهلها نحن عامة الشعب، تبقى شأناً كنسياً بحتاً لايمكن حلّه إلا داخل الدوائر الكنسية المعنية.

المؤسف حقاً، أن يحاول البعض من داخل الكنيسة الكلدانية وخارجها إستغلال الوضع السلبي القائم بين الطرفين وربطه بأمور أخرى لاعلاقة لها بموضوع الخلاف لتحقيق مصالح شخصية، تصفية حسابات مع أحد الأطراف أوكليهما لغايات لايعلم بها إلا الله ،أو التغطية على الفشل في المجالات السياسية والقومية وكأن الكنيسة هي التي تقف في طريق نجاحهم.

يجب أن تبقى الكنيسة مفتوحة على الجميع وخاصة في الظروف العصيبة التي نمر فيها، وأن تتفاعل مع الأحداث  وتدافع عن رعاياها وتطرق كل الأبواب لمساعدتهم لأنها لاتعيش في عالم آخر، ولايمكن لها أن تبقى بمنأى عن مأساة رعيتها والمسيحيين عموما. وكذلك تقديم كل أشكال العون والدعم الممكن لهم وحسب إمكانياتها، ليس لهم فقط ، وإنما لكل المظلومين من الفئات الأخرى أيضا إنطلاقاً من رسالة وتعاليم سيدنا يسوع المسيح بِغَضْ النظر عن مواقف الآخرين، ليست الكنيسة من تتعامل بمبدأ العين بالعين والسن وبالسن كما يريد البعض لأن المسيح نفسه ألغى العمل بهذا القانون من خلال أفعاله وأقواله التي تدعو الى محبة الجميع دون إستثناء، وهو ماتقوم به الكنيسة الكلدانية خير قيام ممثلة برئيسها غبطة البطريرك مار لويس ساكو وأكليروسها جميعا لتخفيف معاناة ضحايا الحقد والأرهاب.

كتب الكثيرون عن الخلاف، وأنا أحدهم، وأنطلق كل منا من قناعاته ومعلوماته وغاياته في تحليل أسبابه والوقوف مع هذا الطرف أو ذاك أو على الحياد، بقصد أو دونه.
لو نظرنا الى المسألة من جانب مسيحي بحت، لرأينا بأننا أخطأنا جميعاً في كتاباتنا وفي أحكامنا لأنها مسألة كنسية بحتة (أي كانت الأسباب)، ولم يطلب أحد منا القيام بذلك لكي تأخذ مجراها وفق القوانين الكنسية التي يعرفها ويحترمها الطرفان، وأن الحقيقة كالشمس لابد وأن تظهر ولايمكن حجبها بغربال.

من جهتي، أعترف بأنني أخطأتُ حين سمحتُ لنفسي أن أكتبَ ما رأيته صحيحا من وجهة نظري، وربما أكون قد أسأتُ الى أحد الأطراف أو كليهما، لذلك أطلب المغفرة من كل من تسببت كتاباتي في إساءة غير متعمدة إليه.

أن إندفاعنا ومحبتنا لكنيستنا يجب أن لايتجاوزا الخطوط الحمر للأحترام الذي من المفترض أن نلتزم به في تعاملنا مع رموز كنيستنا، أو نستغل المساحة الواسعة لحرية التعبير عن الرأي التي نتمتع بها وتحترمها كنيستنا للهجوم عليها.

فغبطة البطريرك ساكو لايمثل نفسه فقط، ولكنه وبحكم منصبه يمثل كل فرد في الكنيسة الكلدانية من مطارنة وكهنة ورهبان وراهبات وعلمانيين وإن إحترامه هو إحترام لهم جميعاً. الذي يحب كنيسته ورموزها يكف عن النقد السلبي الذي يصل أحيانا الى حد الأستهزاء والتهريج، ولايمكن لنقد كهذا أن يكون هدفه بنّاء أو وحدة الكنيسة.

لقد مرّتْ كنيستنا المشرقية وخلال تاريخها الطويل  بأزمات أعنف وأشد خطورة من أزمتها الحالية، وفي كل مرّة كانت تخرج أقوى بمعونة الروح القدس.
لنصلي جميعا من أجل كنيستنا وشعبنا ووطننا ليقودهم الرب الى بر الأمان.

جاك يوسف طليا الهوزي

corotal61@hotmail.com

79
لقد آن الأوان لعقد مجمع (مسكوني) كلداني يشترك فيه الأكليروس والعلمانيين لوضع أسس للعلاقة بين الطرفين وكيفية دعم كل طرف للآخر دون أن يكون هناك تداخل في عملهما وإنما وضع أُسس صحيحة للسير معاً في إتجاه واحد يهدف الى وحدة الكنيسة وقوتها من جهة، ومساعدة الكلدان كأكبر مكوّن مسيحي في العراق لأحقاق حقوقه السياسية والقومية مع تبني فكر منفتح على أخوتنا السريان والآشوريين للعمل معاً على المطالبة بتوفير منطقة آمنة لمن يرغب بالبقاء أو لاتسمح ظروفه بمغادرة أرض الوطن منعاً لتكرار الكارثة التي يعيشها حالياً، على أن يكون التعامل مع إخوتنا الذين يؤمنون بأحترام خصوصيات الآخر وأختياراته إنطلاقاً من مبدأ المصلحة العامة للجميع.

علينا أن نعترف بأن الكلدان هم أكثر المتضررين في مرحلة ما بعد سقوط النظام السابق، وإن تمثيلهم في السلطة أو الحقوق التي حصلوا عليها لم يكن بقدر حجمهم الحقيقي رغم الأمكانيات الهائلة التي يملكونها في الداخل والخارج وذلك لسببين رئيسيين:

١- عدم وضوح الرؤية القومية لهم وبالتالي إفتقارهم الى التنظيمات السياسية التي لها وقع مؤثر.
٢- دور الكنيسة الكلدانيه (السلبي) في تحجيم الدور السياسي للكلدان وأحزابهم الفتية وذلك لأن الظروف ونوعية النظام السياسي القائم فرضت الكنيسة كممثل للكلدان، ليس في المجال الديني فحسب وإنما في جميع المجالات، فتم (تأطير) الدور القومي للكلدان في إطار مذهبي ديني فقط.

ولكي لايحاول البعض تفسير الأمر على هواهم عندما نشير الى الدور السلبي، نقصد بأن الكنيسة كمؤسسة كلدانية قوية وحيدة على الساحة لم تقرأ الوضع الجديد الطارئ بالشكل الصحيح ( ربما لتجنبها دخول الساحة السياسية وألاعيبها ) لتدعم ممثلي الكلدان ، لأن النظام الجديد قام على أُسس مذهبية طائفية وقومية (الشيعة والسنة، العرب والأكراد والأتراك ..ألخ) ومايزال.

وإن بعض الأحزاب المسيحية المتنفذة (الآشورية) المتواجدة على الساحة لعبت اللعبة بالشكل الصحيح واستغلت الوضع أحسن إستغلال لطرح نفسها كممثل للكلدان والسريان وحتى الآشوريين الذين لايتفقون مع نهج هذه الأحزاب، وطرحت فكرها (الأقصائي) المتمثل بمشروعها السياسي والقومي الذي أثبت فشله وزاد في التباعد بين مكونات شعبنا عوضاً عن الحصول على أبسط حقوقها المشروعة، لماذا؟
لأن الفكر الأقصائي المسبق وبعدها جعله يبدو معتدلاً من خلال تبني تسميات غريبة جعل الكلدان يشعرون بأنهم مجرد (أصوات) إنتخابية تستخدمهم هذه الأحزاب للحصول على المزيد من السلطة والمناصب.

وكنتيجة لكل ما حصل والتداخل في عمل الكنيسة مع بروز التيار القومي الكلداني وغياب التنسيق أدى الى خلق حالة غير مستقرة في الكنيسة الكلدانية نتج عنها الخلاف الحاصل فيها الآن إضافة الى التخبط في العمل القومي الكلداني، تطوّرتْ الحالة الى صراع القوى وتصفية حسابات قديمة ضحيته الأنسان الكلداني البسيط وكنيسته أيضاً.

كل هذه الأسباب مجتمعة تجعلنا نحن الكلدان كنيسة وشعباً ننبذ الخلافات التي تفرقنا الى مجاميع هامشية تهدد بحصول شرخ في كنيستنا مالم نتدارك الأمور ونجد لها حلولاً عملية تنطلق من روح أخوية مسيحية صادقة هدفها وضع المصلحة العامة فوق أي إعتبار آخر قبل فوات الأوان، ونعتمد على إمكانياتنا المتعددة وتسخيرها لرسم خارطة طريق قابلة التنفيذ لمستقبل أفضل، كفانا إعتماداً على الآخرين، وكما يقول المثل:
ما حَكَّ جلدكَ كظفرَك.

جاك الهوزي
corotal61@hotmail.com

80
وضعت رسالة غبطة البطريرك ساكو الى مطران وكهنة ومؤمني أبرشية مار بطرس الرسول في كاليفورنيا بتاريخ ٢٦-١٢-٢٠١٤ النقاط على حروف كثيرة أظهرت بأن الصراع الدائر هو أكبر من مجرد إيقاف أو طرد كهنة ورهبان.
أوضحت الرسالة بما لايقبل الشك بأن الخلاف هو -أو تحوّلَ الى- مواجهة مباشرة بين شخصين أحدهما في بداية خدمته البطريركية والآخر في نهاية خدمته الأسقفية، هما قطبان كبيران في الكنيسة الكلدانية، إلا أنهما متناقضان، وسببه مرض المنافسة والغرور الذي أشار اليه قداسة البابا فرنسيس أثناء لقائه مع مسؤولي وموظفي الجهاز الأداري والتنفيذي في الفاتيكان والذي بدأ يستشري في كنيستنا أيضاً، وأخذ البعض يعتقد بأنهم من الأهمية بحيث لايمكن الأستغناء عنهم أو زعزعتهم!
كان البطريرك هذه المرة مباشراً في كلامه وحَمّلَ المطران سرهد جمو مسؤولية مايجري الآن من خلال تبنيه مواقف سلبية لكل ما يصدر عن البطريركية حتى قبل أزمة الكهنة والرهبان في أبرشيته، ولعل أبرزها امتناعه عن حضور السينودس مرتين وهذا يعني بأنه لا يعترف بما يصدر عنه كرفضه إعتماد القداس الجديد.
وأشار البطريرك الى (تصرفات) أخرى للمطران جمو أثّرتْ على عمله الديني وجعلته يحصر نفسه في أكثر من زاوية ضيّقة بقوله:

يوما يعلن انه اشوري ويلوم من يدعي الكلدانية، ثم يوما آخر يعلن انه كلداني ويقصي من هو اشوري، ثم يوما هو وحدوي الى العظم ثم انفصالي وهذه الامور موثقة ومعروفة.

نافياً مايروّجه عن مساندة الكردينال ساندري له معتبراً إعلان فحوى رسالته الخاصة بأنه (إختراق أدبي غير مألوف في التعامل الكنسي).
وأنتقد الموقف السلبي للمطران سورو الذي تنكّرَ لجميل الكنيسة الكلدانية التي قبلته فيها وفضّلَ الأصطفاف مع المطران العاصي (سرهد جمو)، كما وصفه.
ولعل أبرز ما جاء في هذه الرسالة هو تنبيه البطريرك للمطرانين المذكورين أعتبارها بمثابة تحذير أولي أخوي، أي أن باب البطريركية مايزال مفتوحاً لو أعادا النظر في مواقفهما المضادة لقراراتها قبل اللجوء الى ممارسة الصلاحية البطريركية بالدعوة الى سينودس كافة الأساقفة لأتخاذ القرار الملائم لهذا الأنقسام المخجل مؤكدا بأنه لن يترك الموضوع على هذا الوضع الى ما لانهاية، مذكراً بأن الأستئناف لدى الكرسي الرسولي لن يشفع بأكثر من الحصول على لقب فخري لأحدى الأبرشيات (التي لاوجود فعلي لها اليوم). بمعنى أن المطران لن يتمكن من الأستمرار مع أبرشيته الحالية، مع حصوله على لقب أسقف فخري أو إحالته الى التقاعد.
يُفهَم من الرسالة، وإنْ كانت معنونة الى أبرشية محددة ومطران معيّن، بأن البطريرك ساكو (وهو في ربيع عهده) يُوَجّه إنذاراً الى كافة الأبرشيات والكنائس الكلدانية بأن من لايخضع لقرارات البطريركية وسلطتها ستُتَّخَذْ قرارات صارمة بحقه منعاً لتكرار الفوضى فيها مستقبلاً، وأن قرار السينودس يجب أن يُحتَرَمْ.
ولكن ماذا عن سلطة روما وقراراتها؟ وأين سيمارس الأسقف الفخري خدماته؟
بالمقابل، سأل الكثيرون ما الذي يريده المطران جمو من رفضه لقرارات البطريركية ودعواتها؟
إنه في (خريف) خدمته الأسقفية ويعلم بأنه سيتقاعد قريباً، أو يحال الى التقاعد، فالأمر لايختلف معه كثيراً في الحالتين.
أَلَمْ يكن من الأولى به، وهو مرجع كبير في كنيستنا، إحترام مايصدر عن البطريركية والسينودس وحضور جلساته لمعارضة مايراه سلبيا في قراراته وإقناع أعضائه بذلك، إنْ كان يملك الحجة المقنعة، عِوَضاً عن التحدي ووضع كهنة أبرشيته ومؤمنيها في وضع لايُحسَدون عليه؟
أم أنه لم يَعُدْ يهمه أمرهم لأنه يعلم بأن نهاية خدمته قد دَنَتْ، وإنه إنْ تقاعد برغبته أم لا فإنه سيحتفظ برتبته الأسقفية الفخرية، فالأمر سيان.
المهم عنده إنه لم يرضخ لقرارات البطريركية وسينودسها.
ويقول البابا فرنسيس بهذا الصدد:

مما لا شك فيه أن هذه الأمراض وهذه التجارب تشكل خطراً بالنسبة لكل شخص مسيحي ولكل جماعة ورعية وحركة كنسية، لافتاً إلى أن عملية الشفاء تأتي ثمرة للإقرار بوجود هذا المرض والقرار الشخصي والجماعي بتخطيه. لهذا السبب إننا مدعوون، خصوصاً في زمن الميلاد، إلى العيش وفقاً للمحبة في الحقيقة، محاولين أن ننمو صوب المسيح الذي هو الرأس.

corotal61@hotmail.com

81
إنتابني شعور حزين وأنا أهيمُ بالذهاب الى الكنيسة لحضور القداس الليلي للأحتفال بميلاد سيدنا ومخلصنا يسوع المسيح.
كنا ننطلق فرحين ونتشوّق دوماً لهذه المناسبة المباركة والسعيدة ونجتمعُ بعدها معاً، كالعادة، في بيت والدتي التي كانت بمثابة خيمة كبيرة تجمعنا نحن أولادها وبعض الأقرباء وحتى الأصدقاء الذين كانوا يعتبرونها بمثابة والدتهم وتعوضهم عن الحنان الذي كانوا يفتقدونه في مناسبات كهذه بسبب رحيل أُمهاتهم أو بُعدهنّ عنهم.
كل شئ مختلف هذا العام، إلاّ ولادة المخلص الذي يضئ الظلام الدامس الذي يلف عالمنا... فوالدتي التي رحلت قبل يومين فقط هي الآن جثة هامدة تنتظر أن تُوارى الثرى بعد العيد، سنزورها هذا العام أيضاً، ولكن كيف ؟
إنها زيارة الوداع لجسدٍ عادت روحه الى خالقها.. يالهُ من شعور أليم في مناسبة مفرحة !!
عزاؤنا، أن روحها الطاهرة ترفرف حولنا وتشاركنا فرحة العيد .. أراد الرب أن يعيدها إليه في هذا الوقت بالذات لتردد مع الملائكة والقديسين والشهداء:

المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرّة.

إرقدي يا والدتي العزيزة بسلام وأمان في حضرة رب المجد وأمنا العذراء مريم ، وأرتاحي من الآلام الجسدية القاسية التي تحملتيها بصبر وإيمان في أيامكِ الأخيرة أدهشَ الأطباء أنفسهم، ومن الهموم التي كانت تصاحبكِ بسبب الظلم الذي تعرضتِ له، فقد أُحرِقَتْ دارنا وقريتنا مرتين، وفي كل مرّة كان عليكِ أن تتشردي مع العائلة وسكان القرية الذين لم يكونوا بأحسن حال منكِ، كل ذنبكم هو أنكم كنتم ضحايا أطماع الآخرين كما يحصل الآن مع أبناء شعبنا المشردين.

نطلب من الرب أن يمنح العزاء لكل فردٍ فقد إنساناً عزيزاً عليه، وأن يتحنن على كل مَن أُجبِرَ على ترك داره وممتلكاته وذكرياته ليجدَ نفسه مرميّاً على قارعة الطريق.
عيد ميلاد سعيد للجميع وسنة مباركة بإذن الرب.

جاك يوسف الهوزي

82
إتّخذَ المجلس العام للرهبنة الأنطونية الهرمزدية الكلدانية في جلسته المنعقدة بتاريخ ١٦ تشرين الثاني ٢٠١٤ قراراً بطرد نوئيل أسطيفو كوركيس (كان راهباً حتى تاريخ صدور هذا القرار).
كما وجّهَ المجلس نسخة منه الى غبطة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو ونيافة الكاردينال ساندري رئيس المجمع الشرقي.
من جهتها، قررت البطريركية طرده إدارياً من الخدمة الكهنوتية في الكنيسة الكلدانية، ولايحق لأي أسقف كاثوليكي قبوله للخدمة في أبرشيته، وإنْ حصل وقبله لأي سبب من الأسباب، فأن الأسقف عندئذٍ يتحمل المسؤولية القانونية.*

الملاحظ هنا لهجة التحذير في قرار البطريركية هذا الى كل أسقف في الكنيسة الكاثوليكية في العالم من مغبة قبول  -الراهب- المذكور للخدمة في أبرشيته، وكأن قرار طرده سيصدر من الفاتيكان لامحالة.

نسخة الى الكاردينال ساندري
وَجّهَت الرهبانية الكلدانية نسخة من القرار الى الكاردينال ساندري وبموافقة البطريركية طبعاً، الملفت للنظر هنا هو صدور هذا القرار حتى قبل معرفة رأي الفاتيكان بقرار توقيف الرهبان (الغير قانونيين) في أبرشية مار بطرس.

هل يعني هذا بأن البطريركية الكلدانية تعلم مسبقاً بالقرار الذي سيصدر من الفاتيكان بحقهم؟
منطقياً، لو لم تكن متأكدة بأن القرار سيكون في صالحها، لما أقدمت على الخطوة الثانية ووجّهتْ نسخة من قرار الطرد الى الكاردينال ساندري (المثير للجدل بحسبْ بعض الأخوة).
هذا يدعونا الى التساؤل عن دور الكاردينال ساندري هنا، هل هو للعلم فقط وإجراء اللازم؟ خاصة وأن البطريركية الكلدانية أعلنت -كما ذكرنا- بأنها ستعمم القرار على كافة الكنائس الكاثوليكية في العالم عن طريق المجالس الأسقفية في بلدانها.
كيف يمكنها القيام بخطوة كهذه دون الحصول على موافقة مسبقة من الفاتيكان؟

هل ستحترم أبرشية مار بطرس هذا القرار؟
طرد (الراهب) المذكور لم يأتِ إعتباطاً وإنما إستناداً الى قوانين كنسية عديدة ذكرها قرار الطرد مع الأشارة الى الأسباب، لذلك لايحق له ممارسة خدمته الكهنوتية والرهبانية في أية أبرشية كلدانية وكاثوليكة في العالم.

والسؤال الذي يسطع كالشمس هنا هو:
هل سيرضخ سيادة المطران سرهد جمو لهذا القرار، أم سيتجاهله كما تجاهل قرار التوقيف؟

لاننسى بأن البطريركية وجّهت في قرارها الأخير إنتقاداً مباشراً له لأنها رأت بأنه تعامل مع قرار وقف الكهنة والرهبان من غير وجه قانوني (خصوصا وإنهم غير خاضعين له).
إذاً، ما ينطبق على الأسقف الذي يقبل خدمة -الراهب- المذكور في أبرشيته ينطبق في هذه الحالة على المطران جمو أيضاً.
ماذا لو رفض سيادته القرار الأخير، وماهي الأجراءات القانونية التي ستتخذ بحقه والتي جاء ذكرها في هذا القرار؟ وماهو دور الفاتيكان في هذه الحالة؟
ألَم يكن من الأفضل التريث لحين صدور قرار الفاتيكان بحق الرهبان والكهنة الموقوفين؟
http://saint-adday.com/permalink/6804.html *

جاك الهوزي

corotal61@hotmail.com

83
كنتُ قد وعدتُ الأخ والصديق د. ليون برخو برد على مقاله الأخير المنشور على الرابط أدناه:

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,759865.0.html

ونظراً لطول الرد إرتأيت أن أطرحه كرد على شكل مقال مستقل.

الأخ العزيز د. ليون برخو المحترم
تحية طيبة
أنت في كل كتاباتك تُحمّلْ المجلس الشرقي مسؤولية ضعف كنيستنا الكلدانية وتُصَوّر وضعها وكأنها في طريقها الى الأنهيار بسبب هذا المجلس الذي بيديه مفاتيح الحل والربط وكأن هذا المجلس الذي يديره كاردينال أو حتى راهب لاتيني هو جهة مستقلة غير خاضعة للفاتيكان وسلطة البابا، وهذا غير صحيح تماماً.

وبما أننا نتحدث عن الجانب المؤسساتي البحت، كيف يمكن أن تكون مؤسسة ما أو وزارة (المستعمرات، كما يحلو لك أن تصفها) خارج سلطة رئيس الدولة (البابا في هذه الحالة)؟
نحن، والحالة هذه أمام فرضيتين:

1- إما أن لهذا المجلس صلاحيات تفوق سلطة وصلاحيات البابا، وهذا أمر مستبعد وغير معقول مؤسساتياً.
2- أو يعمل كل شئ بأمر ومباركة البابا، إلا أن الوقائع تؤكد عكس هذا، لأن مايقوله البابا فرنسيس ويفعله ورأيه المعلن في الكنائس الشرقية وضرورة الحفاظ على لغتها وطقسها وتراثها وتشجيع الفاتيكان عموماً على فتح كنائس لاتينية عديدة لأبناء شعبنا لممارسة شعارهم الدينية وبطقسهم الكلداني ولغتهم الأم يفند هذه الفرضية، إلا إذا كان ما يقوم به البابا فرنسيس تمثيل في تمثيل، وهذا أمر لايُعقلْ أن يصدر من شخص عظيم كقداسة البابا فرنسيس. كما أن الفاتيكان لم يمنع الأبرشيات الكلدانية التابعة له إداريا من ممارسة طقسها الكلداني أو طبع كتب الطقس والتراث الكلداني، وأبرشية مار بطرس في أمريكا خير دليل على مانقول، رغم أن هذه الأبرشية بالذات هي موضوع الجدال اليوم.

إذا كانت الفرضيتان غير صحيحتين علينا أن نبحث عن الخلل الأساسي لهذه المشكلة، ويمكننا تقسيمه الى داخلي وخارجي:
١- السبب الداخلي:
وهو متعلق بنا، مشكلة الكهنة والرهبان الموقوفين لم يختلقها الفاتيكان أو المجمع الشرقي، ولم يرغب بها هم أنفسهم ولا البطريركية أو ابرشية مار بطرس نفسها.
إن الظروف الخارجية التي سنأتي إليها كان لها دور كبير في كل مايحصل، ولكن هذا لاينفي دورنا نحن ككلدان وخصوصاً رئاسة كنيستنا ومطارنتها، إنْ كانوا راغبين فعلاً بوحدة كنيستنا وقوتها ومركزيتها وإستعادة هيبتها، كان عليهم أن يثبتوا للمجلس الشرقي بأنهم ليسوا بحاجة إليه من خلال حل هذه المشكلة والمشاكل الأخرى التي قد تعترضهم بروح أخوية مسيحية بينهم.
٢- السبب الخارجي:
جاء في مقالك (المجمع الشرقي وكارديناله لن يقبلوا تحت اية ظروف ان تكون للبطريركية التي تحمل اسم وتاريخ وهوية الكلدان لا بل وجودهم وذلك لغياب الوعي القومي لديهم او بالأحرى ربطهم للوعي القومي بالمؤسسة الكنسيةان تبسط سلطتها شبرا واحدا خارج العراق.

وحتى داخل العراق القرار ليس قرار المؤسسة البطريركية لأن باي لحظة بإستطاعة المجمع الشرقي وكارديناله وسكرتيره عمل ما يشاؤون وحسب ما يشاؤون ومتما يشاؤون. والعراق اليوم في محنة والمسيحيون فيه في محنة كبيرة وقد لا يمضي وقت طويل وقد غادره كل الكلدان.

والأبرشيتان الكلدانيتان – او كما سماها بعض الزملاء بالمشيختين – تطفوان على المال وهما من ضمن عدد قليل جدا من الإبراشيات الكاثوليكية الأمريكية التي خرجت سالمة لا يشوبها اي عيب من كارثة الإعتداء الجنسي للكهنة الكاثوليك على الأطفال الصغار حيث افلست الكثير من الإبراشيات الكاثوليكية في امريكا لدفعها تعويضات فلكية للضحايا وجلهم من الكاثوليك).

أ- ليس المجلس الشرقي ونفوذه هو السبب في المأساة التي يتعرض لها الكلدان والمسيحيون في العراق والمنطقة منذ أكثر من قرن، وإنما الأنظمة الفاسدة والتيارات الأسلامية المتشددة  وآخرها داعش، المدعومة من دول إقليمية معروفة، وهي نفسها التي تحاول إخلاء الشرق الأوسط من مسيحييه والكلدان ليسوا إستثناءاً من هذه المعادلة.
ب- ذكر مشاكل التحرش الجنسي وتكاليفه الباهضة في الأبرشيات اللاتينة في أمريكا لاعلاقة له بموضوعنا هذا أو بغنى أبرشياتنا الكلدانية فيها، غرضه واضح وهو إظهار الفساد في الفاتيكان.

من جهة أخرى، هذا لاينفي بأن العلاقة بين البطريركية والفاتيكان يجب أن تنظّم وفق قوانين جديدة تكفل سلطة البطريركية على أبرشياتها في الداخل والخارج نتيجةً للتغييرات التي حصلت إعتبارا من منتصف القرن الماضي والى اليوم والمتمثلة بهجرة أعداد كبيرة من الكلدان وتشكيل تجمعات (أبرشيات وخورنات) في الخارج، على أن يكون هناك بند أو فقرة تكفل حق النقض للأبرشيات لدى الفاتيكان في حالات الضرورة القصوى وبعد موافقة أغلبية أعضاء السينودس الكلداني عليها أولاً، لكي لاينفرد أي بطريرك الآن وفي المستقبل بحق إتخاذ القرار لوحده.

84
جاء في نبأ عاجل تناقلته وكالات الأنباء يوم الأربعاء الماضي بأن تفجيراً كبيراً إستهدف مبنى محافظة أربيل عاصمة كردستان العراق بسيارة مفخخة يقودها إرهابي راح ضحيته عدداً من القتلى والجرحى وإحتراق نحو عشر سيارات.
الملفت للأنتباه هنا، ان هذا التفجير ليس عادياً كباقي التفجيرات التي تستهدف الأسواق المزدحمة ومراكز تجمعات الناس لإسقاط أكبر عدد ممكن من القتلى والجرحى بهدف زرع الرعب وإثارة حالة من الفوضى بينهم.
إنه تفجير نوعي في إختيار الهدف والتوقيت، حيث حصل أثناء اجتماع هام ضمّ العناصر الأمنية والعسكرية والعشائرية وممثلين عن القوات الدولية العاملة في العراق لمناقشة أفضل الطرق والتنسيق بينها لمكافحة داعش.
المفروض بمثل هكذا إجتماعات مهمة أن تتم بسرية تامة، بينما تتولى المنظمات الأمنية (الأسايش وغيرها) وضع خطة محكمة لحماية المكان بحيث يصعب على الجهات المعادية معرفته أو الأقتراب منه.

من يقف وراء التفجير؟
أعلن تنظيم الدولة الأسلامية (داعش) في العراق في بيان له بأن إنتحارياً كردياً إستهدف مبنى محافظة أربيل حيث كان يُعقد اجتماعا بين قادة أمريكيين وأكراد مما أدى الى مقتل وجرح ٧٠ من الأسايش والبيشمركة.
أن تكون لداعش خلايا نائمة في كردستان أو أن تجند إنتحاريا كرديا ليقود سيارة مفخخة ليس أمرا مفاجئاً لمن يتابع أوضاع المنطقة في السنوات القليلة الماضية.
فما حصل في زاخو ومناطق أخرى من إعتداءات سافرة على المسيحيين وممتلكاتهم لم تكن وليدة الصدفة أو مجرد حالة منفردة كما أُشيعَ بسبب خطبة إمام جامع أو عمل فوضوي لمجموعة من الشباب المتحمسين. كما أن الطريقة الهزيلة التي تمت بها تصفية المسألة عكست بشكل واضح تصاعد نفوذ التيار الأسلامي المتشدد رغم التصريحات النارية التي صدرت عن أعلى المسؤولين الأكراد بمعاقبة المعتدين بأَشَد العقوبات وإحقاق حقوق الضحايا، وهذا لم يحصل مطلقاً!
من جهة أخرى، ذكر شاب مسيحي عمل سنوات طويلة ضمن مجموعة من البيشمركة كحماية لأحدى المنشآت في كردستان بأنه بينما كان يُعَبّر عن خيبة أمله بقوات البيشمركة التي إنسحبت من قصبات وقرى أبناء شعبنا في سهل نينوى دون مقاومة وتركتهم تحت رحمة داعش فحصل ما حصل، قاطعه زميله الكردي بحدة:
كيف تريد أن نوَجّه بنادقنا الى علم (الله أكبر) دفاعاً عنكم أنتم المسيحيين؟
فما كان من صاحبنا المسيحي إلا أن ترك عمله وغادر الى تركيا في اليوم التالي على أمل أن يستقر في بلد آمن، وقال من يضمن لي بأنهم لن يغدروا بي أيضاً؟
والسؤال هنا:
كم كردي في قوات البيشمركة والأسايش يفكر بنفس الطريقة؟

هل الأسايش الكردية مخترقة؟
كيف يمكن لتنظيم معادي كداعش أن يعرف مكان وفحوى إجتماع سري مهم وفي مكان حيوي من الصعب إختراقه ويكون له الوقت الكافي لتخطيط وتنفيذ تفجير نوعي مالم تكن لديه عناصر تتبوأ مناصب حساسة في الأجهزة الأمنية الكردية المسؤولة عن أمن هذه الأجتماعات؟
منطقياً، لايمكن بأي حال من الأحوال أن تكون تلك العناصر غير كردية ، وإنها تستغل الثقة العمياء للقيادة الكردية بها كغطاء لخداعها.
هذا يعني بأن النفوذ الأسلامي المتشدد والمرتبط بمنظمات إرهابية نجح في إختراق أجهزة الأمن الكردية وينفذ ماتطلبه منه هذه المنظمات في المكان والزمان الذي تراه مناسباً.

مستقبل المسيحيين في الأقليم
أثبتت تفجيرات أربيل الأخيرة بأنه لاتوجد منطقة آمنة في العراق. مالم يتم كبح جماح التيار الأسلامي المتشدد المتصاعد في كردستان وتصفية أجهزة الدولة والأمنية منها على وجه الخصوص، فأن أمن المسيحيين والأقليات الأخرى سيكون في خطر على المدى البعيد، وسيصبحون أهدافاً سهلة ودسمة لهجمات الأرهابيين متى ما رغبوا بذلك.
قد يتم دحر داعش، إلاّ أن فكره الأرهابي الذي أنتشر بين صفوف أعداد كبيرة من الأسلاميين المتشددين والشباب منهم خاصة، سيكون بمثابة قنبلة موقوته ستنفجر في أية لحظة مستقبلاً.
لذلك، فأن إقامة منطقة آمنة بإدارة وحماية ذاتية للمسيحيين والأقليات الأخرى وبإشراف دولي أصبحت ضرورة مُلحّة لمن يرغب العيش على أرض الأجداد أو العودة إليها.


corotal61@hotmail.com

85
إن مايتعرض له شعبنا المسيحي في العراق من إضطهادات الآن ليس وليد الصدفة، فقد تعرض لأضطهادات مماثلة على مر تاريخه الطويل وخصوصاً في تركيا العثمانية خلال القرنين التاسع عشر والعشرين.
إن قصة الشهيدة نركز بلويتا تُمثّل ملحمة رائعة لشهداء مسيحيين منسيين تعرضوا لظلم كبير ولم يتخلوا عن إيمانهم ومبادئهم رغم الظروف الصعبة التي تعرضوا لها.

قصة إستشهاد نركز بلويتا (بيداويد) كما رواها شاهد عيان*
 نذكر هنا قصة استشهاد (نركز بلويتا) من قرية بلن والتي كانت متزوجه من رجل من قرية هوز يدعى متي داود (جد المهندس كمال هرمز المتواجد حاليا في نيوزيلنده) وهو من بيت ايشايا، احد البيوت السبعه الرئيسية التي ينتمي اليها الهوزيون.
كانت نركز امراه رائعة الجمال، اعجب بها ابن (علي قلابو) احد زعماء الاكراد(كوكايي) المتسلطين في المنطقه فحاول اختطافها ليتزوجها رغم علمه بانها امرأة متزوجه.

فشلت المحاوله الاولى ولكنه عاد بعد عام واحد فاختطفها بمساعدة عصابته المسلحه واحتجزها في قريتهم لمدة شهر كامل تمهيدا للزواج منها رغما عنها.
وكان اهل بلن محسوبين على الاغا غازي بيرو السندي في قرية برزورا (زاخو/العراق) لذلك لم يجرؤ ابن علي قلابو على الزواج منها دون علم الاغا، فاخذ يتشاور مع رجاله لايجاد حل يرضي الاغا غازي خوفاً من حصول اشتباكات وعداوات بينهم، فاقترح احدهم ان يسألوا نركز ان كانت ترغب بأن تشهر اسلامها وبذلك تصبح في حل من زوجها المسيحي ويحق لابن قلابو الاقتران بها، وهو امر يرضي الاغا ايضا. واذا رفضت الاسلام فيتم تعذيبها وترهيبها لكي تقر بذلك، وكانت نركز محجوزه في الغرفه المجاوره تستمع لحديثهم فعرفت خطتهم.
 وعندما سألوها ذلك اجابت بنعم، ففرحوا كثيرا واخذوها الى غازي اغا ، فسألها الاغا ان كانت ترغب بالاسلام، فاجابت والدمعة في عينيها:
لا ارغب يا اغا، انا دخيله عندك، فانا امراة مسيحيه وعلى ذمة رجل مسيحي. وسردت له قصة اختطافها وحجزها،فاستشاط الاغا غضبا وامر حارسه ان يطلق عيارات نارية في الهواء، فأجتمع رجال القريه فأمرهم بان يحوّطوا القريه، وقام وانتهر علي قلابو وقال له :
ألا تخجل من نفسك وتقوم بخطف واحتجاز امرأة متزوجه؟
 لو لم تكن في بيتي لقتلتك في الحال. فطردهم من بيته فرجعوا الى قريتهم والشر يتطاير من عيونهم، حصل ذلك في حدود العام 1900م.

بقيت نركز في بيت الآغا الذي ارسل الى زوحها لياخذها، فجاء زوجها واخذها الى قرية فيشخابور لانه خاف ان يرجع بها الى قريته هوز.
وبعد عدة سنوات في فيشخابور، ذهب اهالي هوز الى علي قلابو طالبين منه ان يسمح بعودة نركز وزوجها الى قريتهم هوز، فسمح لهم بذلك بشرط ان لاتخرج من حدود قرية هوز ، واذا دخلت شبرا واحدا في اراضي بلن فانه سيقتلها.

عادت نركز مع زوجها الى هوز في اذار عام 1905، وحلمت حلما رأت فيه نفسها وهي تصلي في كنيسة ماركده في هوز، فاذا برجل كبير السن يرتدي ملابس بيضاء قال لها: صلي يا ابنتي لانك سترحلين عن هذه الدنيا في يوم عيد الصليب(14 ايلول).
بعد ستة اشهر على حلمها، اخذت نركز تبكي شوقا لرؤية والدتها التي لم تراها منذ سنين طويله، ونسيت حلمها وتهديد علي قلابو لها، فألحّت على زوجها ليسمح لها بزيارة امها التي اشتاقت اليها كثيرا، فرضخ زوجها وحماتها لرغبتها تحت الحاحها وأذنوا لها بالسفر.

غادرت نركز قرية هوز بصحبة جتو حنا ابن عم زوجها واتجهوا الى قرية( بزنايي ) ورافقهم من هناك دنخا بزنايا فاتجهوا صوب قرية بلن، وما ان وطأت اقدامهم اراضي بلن حتى شاهدهم بعض الاكراد الذين تعرفوا على نركز فاسرعوا وابلغوا ابن علي قلابو الذي اتجه نحوهم وصوب بندقيته باتجاه نركز فارداها قتيلة في الحال، ولم يشفي موتها غليله ونار الحقد بداخله، فأخذ خنجره واتجه صوبها وطعنها عدة طعنات في صدرها وهي ميته، حدث هذا في يوم 14 ايلول(عيد الصليب) وبذلك تحقق حلمها.
هرع مرافقاها الى بلن وابلغوا اهل القريه وحملوا جثمانها الى دار والدتها التي تعرفت عليها، فوضعت فمها على جرحها ومصّت من دمها.

بعد عدة سنوات نزح اهل نركز الى الموصل، وفي احد الايام كانت ام نركز ماشية على جسر الموصل القديم ومعها حفيدها فشاهدت احد قتلة ابنتها من( ال قلابو ) فامسكت به ورمته من فوق الجسر في مياه دجلة لتشفي غليلها.

ولشدة تأثر الناس بمأساة نركز الاليمه، قام بعضهم بتأليف اغنية ( هاي نركز نركز...نركزي ناري جواني ) الشهيرة والتي اصبحت جزءا من تراث شعبنا الغنائي.
ذكرت والدتي ( خمي توما ريس الهوزي) نقلا عن خالها (جتو حناالهوزي) الذي رافق الشهيدة نركز أثناء الرحلة التي إستشهدت فيها بأن ابناء القرى المجاورة كانوا يأخذون ترابا من قبرها ويبللونه بماء ويضعونه على جباههم، فكانوا يشفون من الصداع وخاصة الأطفال منهم، تماما كما كانوا يفعلون مع تراب قبر الشهيدة مريم الهوزي، الشابة الصغيرة التى طعنها أحد آغوات الأكراد المتسلطين عدة طعنات بخنجره فأرداها قتيلة في بداية القرن الماضي لأنها رفضت التخلي عن دينها والأقتران به، وقالت شاهدة عيان كانت معها، بأن مايشبه نورا من السماء نزل على جسدها وتحوّل قبرها الى مزار لأهالي القرى المجاورة.

* قصة الشهيدة نركز منقوله عن المرحوم جتو حنا الهوزي مرافق نركز اثناء رحلة استشهادها.
قصص مماثلة:
* قصة استشهاد مريم الهوزي على الرابط التالي :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,847298.0.html

86
مقدمة
قد يخرج الأنسان أحياناً عن طوعه ويفقد أعصابه ويتصرف بشكل غريب إذا وصل الى مسامعه ما لم يكن يتوقعه، فيصدر عنه ما لايليق به من كلام نتيجة حالة الغضب التي تعتريه مما يفقده تركيزه وتوازنه، ولكنه، وبعودته الى حالته الطبيعية ينظر الى الأمر بعقلانية قد تقوده الى الأعتذار أو الندم على أقل تقدير.
إلاّ أن استمرار الحال حتى بعد فترةٍ ليست بالقصيرة يعني بأن الشخص المذكور يعي ما يقول أو يفعل، وله غاية ما أو رسالة يرغب بإيصالها الى الطرف الآخر وكأنه يتجاهله تماماً أو لايقيم له وزناً.
مثل هذه الحالة قد تبدو طبيعية وعابرة لو لم يكن هناك ما يربط بين الطرفين، إلاّ أنها تقود الى إجراءات أخرى خاصةً لو كانت بين مرؤوس ورئيسه في مؤسسة ما، مدنيّةً كانت أم دينية، ولايمكنها أن تمر مرور الكرام لأن مثل هذه العلاقات تحكمها أنظمة وقوانين وعلى الطرفين إحترامها كي لاتتحول الحالة الى فوضى تفقد المؤسسة هيبتها.
فكيف إذاً، والحال هنا متعلق براهب المفروض به أن يحترم قُدسية نذوره قبل كل القوانين والأنظمة التي تحكمهُ؟

تجاوزات الراهب نوئيل كوركيس
جاء في توضيح صادر عن اعلام البطريركية الكلدانية (الرابط في أسفل المقال) مايلي:
وبخصوص تجاوزات الراهب نوئيل كوركيس وشتائمه شبه اليومية في المواعظ وفي الانترنيت والرسائل الالكترونية والموجهة الى البطريرك والاساقفة ورئاسة ديره فسوف تقوم البطريركية والرهبانية بتقديم دعوى رسمية ضده.
هذا يعني بأن صبر البطريركية ورئاسة الرهبانية قد نفذ من هذه التصرفات الغريبة التي لاتليق براهب وكاهن أو حتى برجل له قدر يسير من الأحترام لنفسه قبل إحترامه لكنيسته ورؤسائه، إن كان يعير لهم ولو قليلاً من الأحترام.
بمعنى آخر إنه يتحداهم علناً من خلال تكراره لتجاوزاته و (شتائمه) بحقهم مستغلاً كل الوسائل المتاحة كمنابر الكنائس ووسائل الأعلام المختلفة.

لماذا يستمر بتجاوزاته؟
لو كان الراهب المذكور قد تجاوز مرةً واحدةً فقط، لكان له بعض العُذر، وكان يمكن تفسيره بأنه رد فعل شخصي غاضب على قرار توقيفه بإعتباره يمارس (مهنته) لسنوات طويلة وتفاجأ بالقرار المذكور.
إلاّ أن استمراره بتجاوزاته وإستخدامه كلمات غير لائقة بحق البطريرك والرهبانية ومن على مذبح الكنيسة يؤكد بأن الرجل ينطلق من موقف متصلّب معاكس لكل ما يصدر عن البطريركية.
والسؤال هنا:
هل ينطلق من موقف فردي، أم انه مدعوم من جهات أخرى؟
لم يكن له ليستمر في تجاوزاته هذه لولا تَوَفُّرْ الأرضية الخصبة التي تُمَكِنهُ من الأستمرار، وهي بمثابة دعامات تسنده، بل تشجعه على فعل ذلك، منها:
١- رئاسته المباشرة.
٢- التيارات المعارضة لسياسات البطريرك، وخصوصاً التيار القومي المتشدد.
٣- كل من له علاقة بتصفية حسابات قديمة مع البطريركية.
٤- وسائل الأعلام، والألكترونية منها خصوصاً التي تفسح المجال له ولغيره واسعاً للتمادي في التجاوز.

ضحية نفسه والآخرين
يُعتبرْ الراهب المذكور بتصرفاته هذه ضحية نفسه أولاً قبل أن يكون ضحية الآخرين بسبب ما يتلقاه من دعم ومساندة من رئيسه المباشر والأطراف المذكورة أعلاه، وهذا جعله يعتقدُ بأنه أصبح فوق القانون ويحق له أن يقول ما يشاء وضد من يشاء ومن أي مكان، حتى لو كان مذبح الكنيسة! معتبراً سكوت البطريركية على تجاوزاته ضعفاً منها، متجاهلاً نداءاتها له بالكف عن أفعاله هذه.

خلاصة
يبدو من تأني قيام البطريركية بتقديم دعوى رسمية ضده بأنها كانت تأمل بأن يعيد الراهب نوئيل كوركيس النظر في موقفه منها ويكف عن تجاوزاته لحين صدور قرار الفاتيكان بحق الكهنة الموقوفين، إلا أن إستمراره بذلك جعلها تُقْدم على خطوتها الأخيرة بعد أن فقدت كل أمل بتصحيح الأمور، وكما يقول المثل:
آخر العلاج ألكَيْ.
http://saint-adday.com/permalink/6738.html

جاك يوسف الهوزي
corotal61@hotmail.com

87
يبدو أن بعض الأيادي الخفية تحاول إستغلال أزمة الكهنة والرهبان الموقوفين لزيادة حدة التوتر في العلاقة بين البطريركية الكلدانية وأبرشية مار بطرس في أميركا.
والملاحظ أن هذه التحركات جاءت بعد أن لجأت المطرانية الى تهدئة الوضع والكف عن نشر مقالات إستفزازية بحق البطريرك وما يصدر من بيانات ونداءات من البطريركية بأنتظار قرار الفاتيكان.

إن فتح مواضيع ماتزال جراحاتها لم تندمل بعدُ ومن أشخاص مسؤولين ينتمون الى هذا الطرف السياسي أو ذاك ولهم مواقف معروفة من الطرفين وفي هذا الوقت بالذات لايمكن أن تُفَسَّرْ بأنها نابعة من حسن نيّة، وإنما هي تصفية حسابات مسبقة مع طرف محدّدْ وعملية واضحة لخلط الأوراق السياسية والقومية والدينية معتبرين الوضع الحالي للكنيسة هو الأنسب لتمرير أفكارهم وضرب (ضربتهم) في ظل الوضع المضطرب معتقدين بأنهم سيكسبون ود أبناء الأبرشية الذين يساندون البطريركية وتعميق هوّة الخلاف بينهم وبين رئاسة أبرشيتهم لشفاء غليلهم منها على موقفها من أمور أخرى وخاصة القومية منها. وإلا ما معنى قول أحدهم:

(أين أوصل المطران باوي، بدعم من المطران سرهد، المؤمنين بتصرفه هذا؟ إنهم يقولون جهارا الآن: "إن المطران باوي خاننا وخان محبتنا له، وإنه مثلما أصاب بالسوء كنيسة المشرق الأشورية يريد الآن الإساءة الى كنيستنا! كيف يأتي مثل هذا ويطرد كاهنا كلدانيا من كنيسته ومحل إقامته ويوقفه عن خدمته؟ ثم كيف يكذبون على المذبح وخارجه ويقولون بأن رجوع الكهنة الى العراق لتعديل وضعهم سيغلق أكثر من 50% من كنائسنا وهم أنفسهم يطردون الكهنة بالجملة! لقد أوقف المطران سرهد الى حد الآن أربعة كهنة ولم تُغلق أية كنيسة لدينا فلماذا تكذبون أمام الملأ؟").

إن هذا الكلام إشارة واضحة لما ذكرناه أعلاه ولأسباب عدة منها:
١- الأشارة الى المطران مار باوي سورو(الذي لم يندمل جرح قضيته بعد حتى بعد حصوله على موقف قانوني من الكنيستين الكاثوليكية والكلدانية) بهذه الطريقة السلبية وتحميله مسؤولية إيقاف الكاهن المذكور -وهذا ليس من صلاحياته- له دلالات أخرى واضحة غير دينية.
٢- صب الزيت على النار في العلاقة بين الرعية ورعاتها وإظهار حالات إحتكاك فردية على أن الأبرشية كلها في حالة من الفوضى.

يمكن أن تنطلي هذه الألاعيب على البسطاء من الناس أو حتى على بعض أصحاب النيات الصادقة والطيبة التي تتألم فعلاً لما وصل الحال إليه داخل كنيستنا الكلدانية، إلا أنها لايمكن أن تكون سببا يدفع البطريركية الى التصعيد العاطفي لأنها تتعامل مع مثل هذه الأمور بحكمة وموضوعية إنطلاقاً من حرصها على وحدة وقوة أبرشياتها جميعاً، وترك الأمور القانونية تأخذ مجراها ليحصل كل ذي حقٍ على حقه والدليل رسالة غبطة أبينا البطريرك الى أبناء رعيته في أبرشية مار بطرس والتي دعا فيها الى إحترام المطرانين وحتى الكهنة الموقوفين:

( أوصيكم   بان تتمسكوا بإيمانكم وبالصبر الجميل والاخلاق المسيحية الدقيقة والاحترام اللائق تجاه " الاسقفين" والكهنة الموقوفين. صلوا من اجلهم كما انا أصلي والكنيسة الكلدانية تصلي. لا تشمتوا بأحد، هذا غير لائق ولا تتعصبوا).

وكما كنا قد إنتقدنا موقف البعض من استغلال هذه الأزمة العابرة إنشاءالله والقيام بالتهجم على غبطة البطريرك وسياساته إنطلاقاً من غايات أخرى لاعلاقة لها بالدين، هكذا ننتقد كل من يحاول التهجم على رئاسة ابرشية مار بطرس لأغراض وغايات تدخل في نطاق تصفية حسابات أو مواقف قومية أو سياسية في محاولة لخلق حالة من الفوضى داخل الأبرشية وفي علاقتها مع البطريركية.


الله ومحبتنا لكنيستنا ووحدتها وراء القصد.

جاك يوسف الهوزي
corotal61@hotmail.com



88
قد يكون الوضع المأساوي الذي آلَ اليه حال شعبنا المسيحي في العراق نتيجةً للأوهام  والعقد المتعشعشة في داخلنا بسبب العناد والتعصب الناتج عن أحادية التفكير لدى الفئات المختلفة دون أستثناء، والتي ماتزال متشبثة به رغم حجم الكارثة وخطورتها الكبيرة.
برزت هذه الظاهرة بوضوح بعد أن أُتيحت لنا فسحة من الحرية للتعبير عن آرائنا وحصولنا على حقوق في أضيَق حدودها، حتى هذه (الفضلات) إختلفنا عليها، وحاولت كل فئة بل مجموعة ضمن الفئة الواحدة الأستيلاء عليها معتبرةً نفسها بأنها تختزل الشعب المسيحي كله، وإن من يخالفها الرأي هو بمثابة الأنقسامي، الأنفصالي أو يعزف على وتر نشاز.
الآن وبعد أن وقع الفاس بالراس، لو أمعَنّا النظر في الصراعات السخيفة التي كانت تجري حول مسائل عقيمة كالتسمية:
هل نحن كلدان، آشوريون، أم سريان؟ ومحاولات إلغاء الآخر وأستيعابه برغبة منه أو بدونها لم تكن سوى تنفيس للعقد الكابتة على أنفاسنا نتيجة سياسات التلقين المستمرة منذ أكثر من قرنٍ من الزمن بحيث أصبحت ثوابت في فكرنا الأحادي، وتُوهِمنا بأننا وحدويون، ونحن أبعد ما نكون عن هذه الحقيقة، ووضعنا التعيس وحالتنا المزرية خير شاهد ودليل على ذلك.
الغريب في الأمر، أن هناك الكثير من المحسوبين على المثقفين يعيدون تشغيل هذه الأسطوانات المشروخة عوضاً عن التفكير الجدي بطريقة عمل مشترك لأنقاذ مايمكن إنقاذه بعيداً عن هذه المهاترات، ويبدو أن ماحصل لشعبنا ليس كافياً لوضع حدٍ لها!

ماهو التفكير الأحادي وأسبابه؟
يعتمد مايسمى بالتفكير الأحادي (Unilateral Thinking) على رؤية وحيدة يكوّن من خلالها تصوراته ويبني عليها تفسيراته للمعطيات من حوله على اعتبار أن وجهة نظره تلك هي الوحيدة التي يمكن أن تكون صحيحة.
ويفترض البعض أن صاحب هذا النوع من التفكير ربما يعاني من ضعف في المستوى التعليمي إما في كميته أو في نوعيته، فقد يكون ممن إعتادوا على التلقين وتبني رأي واحد فقط.
الفكر الأحادي ناتج عن تواطؤ هذا المجتمع أو ذاك من أجل منح نفسه سمات الأصطفاء وأحتكارها عليه وحده.
(هذا الأمر الذي يتمنهج في هيئة مفاهيم وقيم وأمثال وحكايات ومقررات دراسية، يجعل من التفكير الأحادي خيارا لازماً كي ينسجم الفرد مع المجموع).
وإذا حاول فرد في هذا المجتمع أن ينفرد وينصاع لعقله في قبول الآخر، تلاحقه اللعنات من هنا وهناك.
والسؤال هنا: هل العناد هنا هو نتيحة لنمط التفكير الأحادي، أم انه سلوك مستقل عن الفكر؟
إستنتجت دراسة أجريت في عام ١٩٩٧ وطبقت على عدّة حالات مختارة من ثلاثة مجتمعات هي:
المجتمع الأمريكي والصيني والمكسيكي من خلال تحليل عدد كبير من الحالات أن التفكير الأحادي هو العنصر المحوري في تحديد العناد على إعتبار العناد مجرد سلوك منتج تقوم به الشخصية إرادياً في الغالب، وغير إرادي في حالات ضئيلة (3.7%) ويكون حينذاك حالة مرضية مستعصية.
وفي عام ٢٠٠٤ خلصت دراسة في جامعة بيرن/سويسرا برئاسة Norbert Thom الى أن التفكير الأحادي يؤدي الى العناد وتختلف درجة العناد وفقاً للتنشئة الأجتماعية للفرد من حيث توقف العناد عند رفض الفكرة أو الخوف من تقبل الأفكار الجديدة التي لم يتعرف عليها من قبل أو محاربة الأفكار التي يعتبرها تهديداً خطيراً على وجوده.
من الواضح ان العناد والتفكير الأحادي سمتان متلازمتان أكثر مما نتصور حيث يصر الشخص على رأيه دون أن يفتح مجالاً للنقاش حول آراء أخرى.

أضرار التفكير الأحادي
١- لايمكنه ان يرى الواقع على حقيقته، لأنه يرى ما يميل إليه، ولايرى مايرى غيره وإنْ كان ظاهراً للعيان لايمكن نكرانه، وبالتالي فأحكامه لايمكن ان تكون وفق مقتضيي الحكمة والصواب.
٢- يقطع النسيج الأجتماعي ويوسع هوّة الخلاف ويقلل فُرصْ التوصل لحلول ناجعة.
٣- يحرص على لوي أعناق الحقائق ويٌزَيّف الواقع، وبالتالي يحرمنا من القرار السليم، وأن نخطأ في تقييم الأفراد والمجتمع.
٤- يفسد الوصول الى الحق والى نتائج البحث العلمي الرصين ويجعلنا نصل لنتائج غير دقيقة، ويحرم الأفراد والمجتمع من التقدم والرقي.
٥- يذكي النزاعات ويطيل أمد الخلاف والشقاق مما يسهم في زيادة حدة التوتر والقلق.

89
كنا قد ذكرنا سابقاً في تعليقنا على رد أحد الأخوة بأن:

الطرفان يعرفان القانون الكنسي وعقوباته، طرف يهدد بالقانون وآخر يرى نفسه بريئاً ومظلوماً ويدّعي بأنه لم يتجاوز القانون، ومادام باب الحوار مسدودا بينهما، فالفصل سيكون على الأكثر في المحاكم الكنسية الفاتيكانية والخاسر الأكبر كنيستنا الكلدانية مهما كانت النتيجة.
وكما نرى بأن هذا مايحصل الآن بالفعل، فلا غالب ولا مغلوب وإنما كنيستنا الكلدانية هي الخاسرة في الحالتين.

ربما كانت حجج المطران جمو قانونية لو كان وضع الرهبان والكهنة المذكورين قانونياً، لأننا نعلم بأن سلطة البطريرك قد تقلصت لدرجة التلاشي على أبرشيات الخارج بحيث أصبح الفصل في هذه المسائل بيد البابا أو الفاتيكان، وهنا تكمن المشكلة، إذا استمر الوضع على ماهو عليه دون إعادة سلطة البطريركية على جميع أبرشياتها، قد يأتي اليوم الذي نسأل فيه:

هل نحن بحاجة الى البطريرك مادام الحل والربط بيد البابا والفاتيكان؟

هناك نقطة أخرى لم يلتفت إليها المطران جمو تتمثل في اللقاء الذي جرى بين قداسة البابا وغبطة البطريرك على هامش سينودس العائلة الذي كان منعقداً في الفاتيكان والذي خرج البطريرك بعده بالتأكيد على قرار الأيقاف ومناشدة الرهبان والكهنة بأسلوب أبوي بالعودة الى أديرتهم وكنائسهم ليكونوا معززين مكرمين، ربما كانت هذه نصيحة البابا فأسلوب التأكيد كان (عاطفياً وأبوياً)، وهذا هو الأسلوب الذي يتعامل به قداسة البابا مع الآخرين، مقارنةً مع قرار الأيقاف الأول الذي أثار لغطاً واسعاً بسبب طريقة صياغته والكلمات التي احتواها.
فهل يعقل أن يكون البطريرك لم يناقش مع البابا مسألة أولئك الكهنة والرهبان والقضية التي تشغل الجميع داخل الكنيسة الكلدانية؟
وإذا لم يكن قد حصل على إشارة واضحة من الفاتيكان على صحة قراره بإيقافهم، فلماذا التأكيد على ذلك مرة أخرى، علماً بأنه لم تكن قد مضت إلا أيامٍ قليلة على قرار الأيقاف، إضافة الى إستخفافهم بقرار البطريركية من خلال الردود السلبية عليه.

يعرف الجميع بأن البابا فرنسيس أب حنون ذو قلبٍ كبير يمنح الجميع -حتى مثليي الجنس- فرصة لتصحيح أخطائهم، فليس مستبعداً أن يمنح أولئك الكهنة والرهبان الموقوفين فرصة أخرى، ليس بالضرورة العودة الى أبرشياتهم السابقة. ولكن، على الأكثر، لن يتم ذلك قبل إعترافهم بخطأهم والأعتذار على مابدر منهم وطلب الموافقة القانونية من البطريركية والأبرشيات التي تركوها، لأن المعروف عن البابا فرنسيس - رغم إنسانيته- إنه لا يتهاون على تجاوزات رجل الدين إن كان كاهنا، مطراناً أو حتى كاردينالاً.

والسؤال المحيّر يبقى ماذا يريد المطران جمو؟

لماذا هذا التعامل السلبي مع البطريرك الجديد منذ إنتخابه؟
لنكون صريحين ونسأل: هل كان يطمح بكرسي البطريركية؟
لماذا يُصعّدْ الأمور مع البطريركية الكلدانية إذا كان يهمه بقاء كنيستنا قوية وموحدة؟
أخيرا، يخطئ من يظن بأن المطران جمو يدافع عن الكهنة والرهبان الذين قبلهم في ابرشيته دون موافقات قانونية، بل وضعهم بين فكي كماشة لن يتمكنوا من الأفلات منها إلاّ بالتراجع عن موقفهم رغم وصول قضيتهم الى الفاتيكان، إلا إذا كان للمطران جمو لوبي قوي في الفاتيكان، عندها سيختلف الأمر طبعاً، وفي الحالتين ستكون كنيستنا الكلدانية هي الخاسر الأكبر كما ذكرنا، والكهنة والرهبان هم ضحايا الصراع الدائر لأن أمرهم ليس بأيديهم.

90
مقدمة
منذ قيام إعلام البطريركية الكلدانية بنشر رسالة غبطة البطريرك لويس ساكو الى الكهنة والرهبان الذين تركوا عملهم دون موافقات قانونية وإستقروا في أبرشيات أخرى، وخاصة أبرشية مار بطرس في أميركا، وحصولهم على موافقة راعيها سيادة المطران سرهد جمو بممارسة أعمالهم فيها تدور رحى حرب إعلامية شرسة بين الطرفين، حيث الأتهامات المتبادلة وعمليات نشر الغسيل وكشف المستور مستمرة.
ورغم إقتراب مهلة (مراجعة الذات) من نهايتها، إلا أنه لاتبدو في الأفق بوادر إنفراج للأزمة من خلال تَمَسُّك أولئك الكهنة والرهبان بموقفهم المتشدد من قرار البطريركية ومحاولتهم إظهاره على أنه إنتقام شخصي من غبطة البطريرك بحقهم.

تحدي، مظلومية وقوة
إن نشرهم لرسائل إحتجاجية على قرار البطريركية يتضمن ما يحلو لهم من الكلام الذي يحاولون عن طريقه إظهار(مظلوميتهم) من جهة و(قوتهم) من جهة أخرى عبر نشر كلامهم على موقع أبرشيتهم وبموافقة رئاستها في تَحَدٍ واضح للبطريركية وما يصدر عنها دون التفكير لحظة واحدة بإيجاد صيغة حل أو مقترح قد يكون أساساً لتطويق الأزمة بدلاً من تأجيجها ليؤكد غبطة البطريرك مرة أخرى بأن العقوبات باقية كما هي وستطبق بعد إنتهاء المدة القانونية بحقهم.

ماذا يعني التأكيد من روما؟
إن التأكيد الذي جاء من روما بالذات، واللقاء الذي تم بين قداسة البابا وغبطة البطريرك له معانٍ ودلالات كثيرة، فهل الكهنة والرهبان وراعيهم مستعدون لمواجهة الفاتيكان هذه المرة إذا أقتضت الضرورة؟
المنطق والعقل يقولان بأن التحدي والغرور وخلط الأوراق الدينية والقومية والسياسية معاً وتسخيرها لأيجاد مبررات للتهجم على البطريرك وقراراته في قضية كنسية بحتة وتجريدها من جانبها الروحي عن طريق إختيار الهجوم المعاكس بدلاً من الأصغاء لصوت الضمير وإستغلال الفرصة لمراجعة الذات سيؤدي الى عواقب وخيمة لاتستحق كنيستنا الكلدانية المقدسة المنكوبة أن تشهدها وهي تعيش واحدة من أحلك الفترات التي مرّت بها.
إبداء فروض الطاعة في حالات كهذه ليس إنتقاصاً من قيمة الكاهن أو الراهب، بل على النقيض من ذلك يُثبت إيمانه وقوته وإستعداده للخدمة ويزيد من إحترامه وقيمته.

الكنيسة الكلدانية والأنطلاقة القوية
مهما سيحصل في الأيام المقبلة، فإننا على يقين بأن كنيستنا الكلدانية ستخرج من هذه الأزمة أقوى وأصلب مما كانت عليه لأنها مبنية على صخرة لاتتزحزح، وستكون هذه نقطة إنطلاقة قوية الى الأمام بعون الرب.

جاك يوسف الهوزي
corotal61@hotmail.com

91
مقدمة
يقوم التنظيم الأرهابي المعروف ب (الدولة الأسلامية) أو داعش بحجز مئات اليزيديين العراقيين وعدد غير معروف من المسيحيين في مراكز خاصة في كل من العراق وسوريا.
وأقدم هذا التنظيم بفصل الأطفال والفتيات المراهقات عن عوائلهم وإرغام بعضهن على الزواج من مقاتليه بحسب ما ذكر أفراد من عوائلهن نقلاً عن سجناء يزيديين تمكنوا الفرار من سجون داعش.
وعبّرَ فريد أبراهامز مستشار منظمة حقوق الأنسان (Human Rights Watch ) عن صدمة منظمته من الأفعال البشعة التي تجري في هذه المعتقلات بحق الفتيات كإرغامهن على الزواج والعنف الجنسي ضدهن ومعاملتهن كالعبيد، والمؤلم حقا أن بينهن فتيات صغيرات بعمر الأطفال، إضافةً الى إكراههن على دخول الأسلام.

وتستمر المأساة

لنا أن نتصوّر مدى الألم والشقاء الذي يعيشه أولئك الأطفال الذين حُرِموا من والديهم والوضع التعيس الذي وجدوا أنفسهم فيه والمستقبل المجهول الذي ينتظرهم، هذا لو كان لهم مستقبل أصلاً، والأهانة والظلم اللذان لحقا بفتيات في مقتبل العمر. تقابله حالة الحزن واليأس التي يعيشها أهاليهم وهم إما أسرى(عبيد) في معتقلات داعش أو مشرّدون هنا وهناك.

وصمة عار على جبين الأنسانية والأسلام
أين الضمير العالمي من مايحدث لهؤلاء المساكين المنسيين؟ أين علماء الدين المسلمين وفتاويهم النارية وتعاليمهم عن الأسلام كدين التسامح من أولئك الذين يمارسون هذه الأفعال الوحشية وبأسم الأسلام؟!
أن الجرائم التي تُرتكب بحق هؤلاء المظلومين هي بمثابة وصمة عار على جبين الأنسانية الصامتة عليها، وعلى مبادئها  وقيمها المعلنة التي تدّعي دُوَل بأنها تدافع عنها كأميركا، الدول الأوربية، أستراليا وغيرها، بينما هي الواقع لايهمها سوى مصالحها وسلامة وأمن مواطنيها التي أصبحت مهددة، ولولا خوفها من أن تضرب داعش في عمق أراضيها وعن طريق خلايا إرهابية متعششة فيها لما حرّكَتْ طائرة واحدة.

أميركا والدور المزدوج لتركيا وقطر
يعرف الجميع تاريخ تركيا الأسود بحق الأقليات والمسيحيون منهم خصوصاً، إلا أن الذي لايعرفه البعض هو أنها عبد لمن يدفع أكثر، فكيف إذاً والحالتان تلتقيان هنا؟
تركيا شريك أساسي لكل ما يجري في العراق وسوريا وتلعب دوراً مزدوجاً وخطيراً في هذه الحرب، فهي تعلن عن تضامنها مع التحالف الدولي في حربه ضد داعش من جهة بينما تمارس أفعالاً تشير الى عكس ذلك من جهة أخرى، والشواهد كثيرة على ذلك:
١- مهزلة تمثيلية رهائن سفارتها في الموصل،حيث إستعملتها  لصرف النظر عن دورها في تقديم التسهيلات المختلفة لداعش وأستمرت بها الى أن عرفت بأن حياتهم في خطر ليس من داعش وإنما من القصف الجوي الأمريكي لمقرات داعش في سوريا حيث كانوا يقيمون بأحدها، وأبلغت أميركا تركيا بنيّتها قصف هذه المقرات قبل أيام من قصفها، فأعلنت تركيا بأنه تم الأفراج عنهم قبل مدة قصيرة من بدء القصف.
٢- تقديم المساعدات العسكرية واللوجستية بتسهيل أنتقال مقاتلي داعش من والى سوريا وإستخدام مصانعها العسكرية لتحوير سياراتهم الرباعية الدفع لأغراض عسكرية.
٣- فتح مستشفياتها في مدن ديار بكر، أورفة وغازي عنتاب الحدودية لمعالجة جرجى داعش، وأبدى أطباء وعاملون في هذه المستشفيات عن إستيائهم من معالجة أولئك الجرحى على نفقة الدولة التركية وبأوامر من أردوغان شخصيا، إلا أن الذي لا يعرفه هؤلاء الأطباء هو أن ثمن المعالجة مدفوع أضعافاً مضاعفة من مئات الملايين التي تتبرع بها دول خليجية وخصوصا قطر التي تلعب هي الأخرى دوراً مزدوجا لا مجال هنا لشرحه، وذلك عن طريق أرصدة لشركات وهمية مسجلة في تركيا.
٤- شراء النفط من داعش بأبخس الأثمان لدعم آلته الحربية وتحدٍ سافر للحظر الدولي وإستهتار بمشاعر المظلومين وخصوصا الأطفال والصبايا موضوع مقالنا.
٥- أعلن البرلمان التركي بأنه أعطى الضوء الأخضر لمحاربة داعش، إلا أن تركيا تقف متفرجة على حصاره لمدينة كوباني الكردية وعلى بعد أمتار من حدودها رغم أحتجاجات الأكراد وإشتباكاتهم مع قواتها الأمنية ومقتل العديد من الطرفين في عدة مدن وذلك لسببين أولهما خوفها من أن تخسر المليارات الخليجية، وثانيهما كسر شوكة الأكراد.
كل هذه الأمور تجري بمرأى ومسمع وعلم أميركا التي لاتحرك ساكنا لوقف الدور التركي القذر وذلك لغاية في نفس يعقوب (اليهود).

خاتمة
سيبقى مصير أولئك الأطفال والفتيات معلقاً بأيدي أولئك المجرمين الذين لايعرفون معنى للرحمة، وسيلفّهُ الغموض والنسيان طالما بقيت الدول المشاركة لاتعمل سوى لتحقيق مصالحها الخاصة، وعلماء الدين المسلمين يباركون هذه الجرائم بسكوتهم عليها.
وستسجل مأساتهم كنقطة سوداء في تاريخ الأنسانية، وليس بإمكاننا أن نقول اكثر من كان الله في عونهم.

92
(افتتح البابا فرنسيس الاحد في الفاتيكان في اجواء متوترة مجمع اساقفة (سينودس) حول الزواج والعائلة، وطالب الاساقفة بايجاد حلول مفتوحة ومرنة تتيح ضم اشخاص الى الكنيسة يعتبرون انفسهم مستبعدين مثل المطلقين  او المتزوجين اكثر من مرة او الذين يرتبطون بدون زواج.
وهذا السينودس الاول في حبرية البابا فرنسيس والذي يضم حوالى 200 اسقف ويستمر حتى 19 تشرين الاول/اكتوبر يعقد في جلسات مغلقة. وما يدل على صعوبة النقاشات، ان مداخلات المشاركين لن تنقل الى وسائل الاعلام.
ومن المرتقب ان يركز هذا السينودس على الهوة الكبيرة الفاصلة بين ما تقوله الكنيسة عن العائلة وما يفعله عشرات ملايين الكاثوليك).
هذا هو جزء مما جاء في تقرير وكالة الصحافة الفرنسية عن خبر إفتتاح هذا السينودس.

إنسانية البابا فرنسيس
إن دعوة البابا فرنسيس لعقد مجمع إستثنائي كهذا ومعالجة أمور حساسة تتعلق بالعائلة -والتي لم يجرأ الباباوات الذين سبقوه فتح المجال لمناقشتها- يعبر عن إنسانيته وشعوره بمعاناة الآخرين وقلبه الكبير الذي يرغب إستيعاب كل من يشعر بأنه إبتعدَ أو أُستبعِدَ عن الكنيسة الكاثوليكية بسبب القوانين الصارمة ويحاول منحهم فرصة جديدة كما منح سيدنا يسوع المسيح فرصة لكل خاطئ يتوب من كل قلبه.
وقال البابا بهذا الصدد، بأن ثلاثة أمور مطلوبة من المشاركين من أجل تحقيق نتائج إيجابية في السينودس وهي:
- نعمة الأصغاء
- الأستعداد لمواجهة جديدة ومنفتحة وأخوية
- الرغبة في التفكير دائما بيسوع المسيح.
وطلب من الأساقفة والكرادلة أن يتقنوا الأصغاء ويتفهموا الوقائع الجديدة اليوم.
وأضاف بأن الجروح يجب أن تعالج برأفة، فالكنيسة أم وليست (مكتباً للجمارك) يتحقق في مدى تطبيق القواعد، ملمحاً بذلك الى العديد من المطلقين أو الذين يعيشون معاً خارج إطار الزواج والأمهات العازبات وصعوبة الشعور الذي يواجهه أطفالهن، وستحتل هذه المسائل صدارة المواضيع المطروحة.
بإختصار، يرغب البابا إعطاء فرصة جديدة لجميع الذين أخطأوا مع الحفاظ على جوهر العقيدة الكاثوليكية ولكن ليس على طريقة الكمارك.

التيار المعارض
هذه المسائل لاتلقي إجماعاً بين الأساقفة، وتثير مسألة المطلقين الذين يرتبطون من جديد بزواج مدني أكبر الأنقسامات.
هناك إختلاف كبير بين الشرق المسيحي الملتزم والغرب الذي يرى مثل هذه الأمور عادية ومقبولة اليوم، وهذا ينعكس على اراء الأساقفة المشاركين أيضا والذين يمثلون ثقافات مختلفة.
وهناك كرادلة لايرغبون بالتغيير حيث طالب خمسة منهم في كتاب  مشترك بألاّ يتغير شئ حول المطلقين الذين تزوجوا من جديد.

خلاصة
يرى خبراء في شؤون الفاتيكان بأنه من الصعب التكهن بنتائج هذا السينودس، فالمتشددون يتخوفون من أن يؤدي الأنفتاح الى أنهيار بنية العقيدة الكاثوليكية، أما الذين ينتظرون عمليات تجديد كبيرة يمكن أن يصابوا بخيبة أمل.

93
ليس إنتقاصا من قيمة أو مجهود بعض الذين حصلوا على هذه الجائزة الأنسانية الكبيرة، نقول بأن مايقوم به غبطة البطريرك لويس ساكو ومنذ سنوات طويلة في مجالات عدة لايقل عمّا قدمه بعض من نال شرف الحصول عليها، أبرزها على المستوى العالمي مشاركاته في حوار الأديان، ودوره الكبير في التقارب بين أبناء المذاهب والطوائف والأديان والقوميات المختلفة أثناء خدمته الأسقفية في كركوك خصوصاً.
إضافة لجهوده الكبيرة في الكتابة والتأليف والتدقيق وعضويته في لجان مسيحية كبيرة جعلت من شخصية عراقية عالمية حصلت على أوسمة إستحقاق من منظمات عالمية من عدّة دول.

منذ إعتلائه سدّة البطريركية الكلدانية سعى جاهداً الى ترميم البيت المسيحي من الداخل عن طريق دعواته المتكررة لوحدة كنيسة المشرق وزياراته الأخوية لرؤساء الكنائس الآشورية وإستعداده التخلي عن كرسيه في سبيل تحقيق هذه الوحدة.
بالأضافة  الى مبادراته ولقاءاته مع القادة السياسيين والدينيين في العراق وحثهم على العمل معاً من أجل خدمة أبناء هذا الوطن الجريح دون إستثناء تجسيداً لمبادئ سيدنا يسوع المسيح التي كَرّسَ نفسه لخدمتها.
وحظي بإحترام الجميع لحكمته في إدارة شؤون البطريركية وقربه من أبناء رعيته وطرحه لأفكار تساهم في إستغلال الأمكانيات الفكرية والمادية لتوظيبها في خدمتهم.

وبعد النكبة الأليمة التي حلّتْ بشعبنا المسيحي وأرغمته على ترك مدنه وقراه وكل مايملك هرباً من بطش عصابات داعش الأجرامية وتشرده في مدن وقرى كردستان، حيث يعيش في حالة تعيسة، برز دور غبطته كأب وقائد ومُعَزٍ لهؤلاء المنكوبين وبذل جهوداً جبارة للتخفيف عن معاناتهم وإيصال صرخاتهم وآهاتهم الى آذان من بأمكانهم مد يد العون لهم عبر لقاءاته المكثفة مع مسؤولين وممثلين كبار من دول مختلفة وكذلك سفره ولقائه مع ممثلي الأتحاد الأوربي وإتصالاته المستمرة مع قداسة البابا الذي ناشد هو بدوره زعماء دول العالم لوضع حد لمأساة العراقيين جميعاً.
كما وضع إمكانيات الكنيسة ومنشآتها في خدمتهم، وتم تشكيل لجان من السادة المطارنة والمتطوعين لمتابعة أمورهم وتقديم ما بالأمكان لمساعدتهم وقيامه بزيارات متعددة لهم وأحيانا بصحبة مسؤولين أو أشقائه رؤساء وممثلي الكنائس المسيحية الأخرى التي فتحت أبوابها أيضاً لأستقبالهم في وحدة مسيحية رائعة.

إن شعبنا الذي يتعرض لجرائم ضد الأنسانية وجرائم حرب وإبادة أحق بجائزة نوبل للسلام من غيره في هذه المرحلة وذلك بشخص أبينا البطريرك ساكو ودوره الكبير في نقل معاناته الى العالم الذي أخذ وللمرة الأولى يتعاطف معه ويتفهم مأساته، وأن الظروف ملائمة أكثر من أي وقت مضى لتحقيق هذا الهدف.
إن حصوله عليها يعني وضع قضيتنا وحقوقنا ومعاناة المنكوبين في دائرة الضوء من أوسع أبوابها لما تتمتع به هذه الجائزة من شهرة عالمية ومكانة مرموقة وتغطية إعلامية كبيرة.
كيف يمكننا حشد الدعم لمثل هذه المبادرة؟
الأمر متروك لأقتراحات وآراء من تهمه هذه القضية.

جاك الهوزي
corotal61@hotmail.com

94
مقدمة
تتسارع الدول الغربية والأوربية منها خصوصا الى تقديم شتى أنواع الدعم العسكري للأكراد في شمال العراق لمقاتلة إرهابيي داعش.
وكشفت دول حلف الناتو أثناء قمتها المنعقدة في ويلز عن خطة لتشكيل إئتلاف واسع لمحاربة تنظيم داعش، والسبب بحسب وكالة الصحافة الفرنسية (مخاوفهم) حيال هذا التنظيم الأرهابي الذي نفذ العديد من عمليات القتل والخطف وإستهداف الأقليات الدينية في المناطق التي استولى عليها في العراق وسوريا.

هل هذا هو السبب الحقيقي؟
يخطئ من يظن بأن هذه الدول تنطلق من جانب أنساني في إتخاذ قرارات حاسمة، خصوصا المتعلقة منها بالحرب، أو حبا بالأقليات الدينية ومنها المسيحيون.
أين كان عطفهم هذا وإنسانيتهم المعلنة من أعمال داعش والنصرة الأجرامية بحق المسيحيين وكنائسهم وأديرتهم في سوريا، ولماذا لم يحركوا ساكناً في قضية أختطاف المطرانين يوحنا إبراهيم وبولس اليازجي على يد هذه المجاميع الأرهابية؟
قد يقول البعض بأنهم تحاشوا عن التدخل في الشأن السوري لأنهم ضد نظام الأسد بينما الأمر مختلف تماماً في العراق.
نعم، ولكن لماذا يشيرون  الى أعمال داعش الوحشية ضد الأقليات الدينية السورية بعد أن غضّوا الطرف عنها كل هذه المدة الطويلة؟ وماذا يعني تصريح أوباما بأن أميركا لاتستبعد توجيه ضربات جوية الى أهداف داعش في سوريا؟ ما الذي تغير؟ نظام الأسد لايزال باقياً.

ماهو السبب إذاً، ولماذا الآن؟
المعروف عن الدول الغربية أنها لاتتحرك إلاّ إذا كانت مصالحها معرضة للخطر، والسؤال هو:
ما هو الخطر الذي يمكن أن يمثله داعش لهذه الدول، والأوربية منها خصوصاً؟
بعد تنامي قوة داعش وسيطرته على مدن مهمة وأهداف أستراتيجية تؤمن له مالاً وفيراً يُمَكّنهُ من تدريب مقاتلين (جهاديين) متشددين قادمين من هذه الدول للقتال معه، على شتى الأعمال الدموية والتفجيرات الأنتحارية ليكونوا جاهزين لتفيذها في بلدانهم الغربية عندما يرغب بذلك مع تهديده بنقل المعركة إليهاعن طريقهم، إضافة لوجود خلايا إسلامية متشددة نائمة في الغرب مستعدة لتقديم كل المساعدات اللازمة لأنجاح مخططاتهم جعل الدول الأوربية تعتبر داعش تهديداً جدياً لأمنها القومي، وقامت دول مثل هولندا، بلجيكا وألمانيا بتبادل معلومات أمنية وأستخباراتية مكثفة بهذا الصدد أسفرت عن أعتقال عدد من هؤلاء الأنتحاريين العائدين من سوريا والعراق أو المغادرين إليهما من مطارات في ألمانيا وبلجيكا وغارات ليلية على أحد الأحياء المضطربة في مدينة لاهاي (مقر الملك والحكومة الهولندية) التي شهدت مظاهرة علنية مؤيدة لتنظيم داعش ورفع أعلامه وسط المدينة الهولندية التي تحتضن مقر محكمة العدل الدولية.
هذا بالأضافة الى حالة الرعب التي يعيشها المواطن الأوربي والغربي عموماً نتيجة ممارسات داعش الدموية وعملية قطع رؤوس الصحفيين الأمريكيين والحرب النفسية التي يشنها هذا التنظيم وخاصة عبر وسائل التواصل الأجتماعي مرفقة بصور مرعبة لأعماله الوحشية، جعله -أي المواطن الغربي-يشعر بعدم الأمان في بلاده ودفعه للضغط عليها عبر أحزاب سياسية ودينية للأسراع بأتخاذ خطوات سريعة ضد هذا التنظيم والحد من خطورته وهو مايحصل الآن.

المساعدة العسكرية للأكراد
تدرك الدول الغربية بأنه لايمكنها إزاحة داعش من الأراضي التي إستولى عليها وبالتالي إضعافه ودرء خطره المحتمل عليها إلا بوجود قوة برية مجهزة بأسلحة حديثة، وبما أنها لاترغب في التورط مرة أخرى في قتال كهذا وجدت في قوات البيشمركة الكردية خير شريك لها في هذه العملية حيث تلتقي فيها مصالح الطرفين. البيشمركة بحاجة لأسلحة متطورة لمواجهة خطر داعش عليها والغرب لايرغب بإشراك قواته، وهذا ما دفع حلف الناتو الى الأعراب عن إستعداده تقديم دعم جوي وتكتيكي وتسليح القوات البرية مثل قوات البيشمركة الكردية وقوات الأمن العراقية وتأمين معلومات إستخبارية  وإستطلاعية في الوقت الذي شاركت فيه أميركا بسلسة غارات جوية على مواقع داعش وقدمت إسنادا جوياً لقوات البيشمركه الكردية وأرسلت خبراء استراتيجيين الى العراق.

كيف تلتقي مصالحنا نحن مع قرار دول الغرب؟
أعلنت دول حلف الناتو بأن حماية الأقليات هي من الأسباب الرئيسية لأتخاذ قرارها بمحاربة تنظيم داعش وإلحاق الهزيمة به، وإنْ كانت هذه الأسباب المعلنة، إلا أن الأسباب الحقيقية هي التي أشرنا إليها إضافة الى مصالحها الأقتصادية.
علينا أن لاننخدع ككل مرّة بوعودهم الكاذبة ونستغل هذه الفرصة الذهبية النادرة ونذكرهم بوعدهم الذي أتوا من أجله،أي حماية الأقليات، وهذا لن يتحقق إلا بإنشاء منطقة آمنة لهم على أراضيهم وبأشراف أممي الى أن تستقر الأمور وتتمكن من إدارة أمورها بنفسها ومنعاً لتكرار مثل هذه المأساة مستقبلاً.
إن الظروف مناسبة الآن لأن شعوب بعض هذه الدول عرفت وللمرة الأولى بوجود مسيحيين في العراق يتعرضون لأبادة جماعية بسبب دينهم وتتعاطف معهم إضافة الى أحزاب مسيحية ومنظمات إنسانية عالمية كثيرة أيضاً وأن قضيتنا لم تبرز من قبل بهذه القوة أمام الرأي العام العالمي.

خلاصة
لن نتمكن من تحقيق أي شئ قبل ترك جميع الخلافات والوقوف صفاً واحداً للمطالبة بحقوقنا من الآن وبطرق رسمية وقانونية عن طريق ممثلينا الرسميين في الدولة - هذه فرصتهم التاريخية ليثبتوا بأنهم فعلاً خير ممثلين لشعبنا - وبمباركة رؤساء كنائسنا جميعا لأن دورهم مهم جدا في هذه المرحلة.

95
يلاحظ كل متابع لهذا الموقع المحترم كثرة المقالات التي ينشرها كتاب آشوريون يصوّرون المأساة التي لحقت بشعبنا المسيحي في العراق على أنها مجزرة جديدة يتعرض لها الآشوريون وحدهم فقط من خلال تعمدهم على عدم ذكر أسم الكلدان والسريان، أو حشرهم بين قوسين على أنهم من مكونات الشعب الآشوري أو مذاهبه، وفي أحسن الأحوال، الأشارة إليهم ضمن التسمية القطارية وكأنهم بحذفهم للواوات يلغون كل الحواجز التي إعترضت وما تزال تعترض وحدة شعبنا التي يجب أن يكون أساسها إحترام الآخر ومشاعره وإختياراته.
لا ياسادة، هذه مأساة مسيحية خالصة، كلدانية وسريانية بإمتياز لو نظرنا اليها بمنظوركم الضيّق.
أحترموا مشاعر أولئك المنكوبين وإختياراتهم، فعوضاً عن المساهمة في التخفيف عن معاناتهم في محنتهم هذه، تحاولون فرض آشوريتكم على من لايرغب بذلك من أهالي بغديدا الى ألقوش مرورا بالموصل وضواحيها وهم يعيشون أكبر كارثة يتعرض لها شعبنا المسيحي منذ الحرب العالمية الأولى والتي تهدد وجوده في المنطقة برمتها.

ماذا تسمون عملكم هذا، وفي هذا الوقت بالذات؟!

أليس هذا إستهتاراً بمشاعر أولئك الناس وإختياراتهم؟
الغريب في الأمر، أن معظم هؤلاء الكتاب يعيشون برفاه وأمان في دول تحترم مشاعرهم وإختياراتهم، بينما يحاولون هم أنفسهم سلب الناس حريتهم وحقهم في الأختيار من خلال فرض آراءهم وأفكارهم (المريضة) هذه عليهم، بل يذهب بعضهم أبعد من ذلك ويطالبهم -بكل بساطة- أن لايعودوا الى مدنهم أو قراهم التي هُجِِروا منها عنوة دون ضمان حماية دولية لهم وكأن الأمر بالسهولة التي يتصورونها، أو إن المنكوبين يسكنون في فنادق خمسة نجوم وينعمون بالراحة والأستقرار الذي ينعمون هم به في الخارج.
كلنا نتمنى منطقة آمنة وحماية دولية، وهو ما شدّدَ عليه غبطة البطريرك ساكو، ولكن حتى لو حصل هذا فأنه يتطلب وقتاً طويلا. وهل تستطبع الناس التي تفترش الأرض في العراء والشتاء على الأبواب أن تصبر مدة غير محددة لتحقيق ذلك؟
 بإعتقادي لو أتيحت الفرصة لهؤلاء الناس لفضّلوا العودة الى منازلهم التي تركوها مرغمين بدلاً من الوضع الذي وجدوا أنفسهم فيه؟
بأي حق إذاً تطالبونهم بعدم العودة الى قراهم قبل توفير الحماية الدولية وأنتم تعلمون بأنكم أصغر من أن تتمكنوا من فعل شئ لهم في هذا المجال؟ أو يطالبهم آخرون بالتشبث بأراضي الأجداد بينما هم أول من غادرها. اتركوهم يختارون مايرونه مناسباً لهم، كل حسب ظروفه وإمكانياته ويكفي لف ودوران ومتاجرة بهذه المأساة وأستغلالها لأغراض (قومية) مقيتة وتجريدها من جانبها الأنساني والديني.

نرى بأن العالم كله أخذ يتعاطف مع مأساة اليزيديين والمسيحيين بينما يحاول بعض الآشوريين، بضمنهم كتاب،سياسيين، ومثقفين إستغلال هذه الفرصة وتصويرها على انها مأساة الآشوريين فقط من خلال بعض المقالات الباهتة التي تعكس فكراً إقصائياً وشوفينياً، إضافة الى الخطابات والشعارات والأعلام التي تُرفع هنا وهناك معتقدين بأن الرأي العام العالمي سينخدع بمثل هذه المظاهر، وكأن العالم لايسمع ولايرى حقيقة مايجري على أرض الواقع.

الذي يحب شعبنا المظلوم حقاً وبإمكانه مد يد العون له في هذه المرحلة الحرجة يصطف وراء ابينا البطريرك ساكو وأخوته البطاركة والمطارنة والمتطوعين القائمين على خدمة المنكوبين جميعا ودعم ومساندة الجهود الجبارة التي يقومون بها على جميع الأصعدة محلياً ودولياً لأيجاد حل ملائم وسريع لهم.
لنصلي ونطلب من الرب أن يوفقهم في مسعاهم هذا.

جاك الهوزي
corotal61@hotmail.com

96
لم يبقى شيئاً يمكنه القيام به ليجد حلاً للمأساة التي وجد مسيحيو العراق والموصل خصوصا أنفسهم فيها ولم يفعله أبينا البطريرك مار لويس ساكو.
منذ أستيلاء عصابات داعش الأرهابية على الموصل، وغبطته يطرق كل الأبواب التي بأيديها مفاتيح الحل والربط ، فهل من مجيب؟

كان بإمكانه المكوث في مقر البطريركية ومتابعة ما يجري كما يفعل الآخرون، إلا أنه أبى إلاّ أن يشارك المنكوبين جميعا -وليس أبناء رعيته فقط- ألامهم وأحزانهم عن طريق زياراته المستمرة للنازحين وقراهم وقصباتهم ليشعرهم بأن الكنيسة قريبة منهم ولن تتخلى عنهم وستعمل ما بوسعها لمساعدتهم وتخفيف معاناتهم في هذه الأوقات العصيبة، هذا يدخل في صلب مسؤولياته الروحية والأنسانية منذ اليوم الذي نذر نفسه لخدمة الرعية.

سارع غبطته بأيصال  مأساة المسيحيين الى من بإمكانهم مد يد العون لهم وإنهاء معانانتهم كالأمم المتحدة، الأتحاد الأوربي، منظمات حقوق الأنسان ولقاءاته المستمرة مع ممثلي الدول المؤثرة وتذكيرهم بإلتزاماتهم الأخلاقية والأنسانية تجاه أقليات صغيرة تتعرض للأبادة والتطهير العرقي والديني في جرائم يراها اولئك الكبار ويغمضون الجفن عنها لكي لاتتضرر مصالحهم أو يفقدوا أسواقهم في المنطقة.

أثبتت ألأحداث الأخيرة بأنه لم يبقى هناك مايسمى بالغرب المسيحي، وإن بعض الدول الأوربية قدمت مساعدات عاجلة وفتحت أرصدة للتبرع لسكان غزة وصلت الى ملايين الدولار، بينما تجاهلت نداءات البطريرك  وعمدت الى التعتيم الأعلامي على مأساة المسيحيين العراقيين رغم المظاهرات التي نظمها أبناء شعبنا في معظم مدن العالم المهمة، لأن بقاءهم من عدمه لايؤثر على مصالحهم.

نتيجة للمواقف السلبية هذه وعجز الحكومة العراقية وإخفاق أحزابنا المسيحية يقول غبطة البطريرك ساكو في رسالته الموجهة الى الحبر الأعظم قداسة البابا فرنسيس وجميع بطاركة ورؤساء المجالس الاسقفية بأن مسيحيي العراق أمام كارثة إنسانية كبرى وان الكنيسة اليوم أكثر من أي وقت مضى، بالرغم من انها تجد نفسها وحيدة في الساحة، إلا ان على قادتها التحرك قبل فوات الأوان للضغط بقوة على المجتمع الدولي وأصحاب القرار لأيجاد حلول جذرية لهذه الجرائم الضخمة والمخططات المدمرة....
نص الرسالة على الرابط التالي:

http://saint-adday.com/permalink/6388.html

علينا أن لا نتوقع شيئا من المجتمع الدولي الذي تحكمه المصالح، وهناك جهات عديدة في الشرق والغرب تعمل على تدمير الكنيسة، وهذه الجهات 
هي التي تتحكم بمصير شعبنا المظلوم.
كلنا نتمنى أن نعيش بأمن وسلام على أرض الأجداد، لكن من يضمن لنا ذلك بعد أن تخلى الجميع عنا أو تجاهلونا في محنتنا هذه، ونعلم بأن الغربة مؤلمة وقاسية ، ونتفهم دعوة أبينا البطريرك الذي يبذل جهودا جبارة من اجل المحافظة على رعيته من التشتت، إلا أن للضرورة أحكام وأحيانا يكون آخر العلاج الكي، كما يقول المثل، في ظل غياب الوحدة الكنسية والقومية لشعبنا وغياب تأثيره على الساحة.

97
يتحدث الجميع عن جرائم داعش ودمويتها وأعمالها البربرية التي بدأتها بحق الأقليات الدينية والعرقية في المناطق الخاضعة لسيطرتها وسط حالة من الذهول والألم والصدمة منذ السقوط المفاجئ لمدينة الموصل والأحداث والتطورات السريعة والمتلاحقة التي تلته.

هل كان سقوط الموصل مفاجأة؟
يعد سقوط مدينة كبيرة بحجم الموصل بهذه السرعة والسهولة بأيدي مجاميع مسلحة قليلة العدد والعدة مقارنة بالقوات التي كانت متمركزة فيها وحواليها مفاجأة كبرى بكل المقاييس لمن لايعرف طبيعة المدينة وتركيبتها الأجتماعية والأحداث التي عاشتها منذ سقوط النظام السابق عام ٢٠٠٣ لغاية سيطرة عصابات داعش عليها في ١٠ حزيران ٢٠١٤.
ربما لايكون الأمر كذلك بالنسبة لأبناء هذه المدينة المنكوبة والمسيحيين منهم خصوصا لما تعرضوا له من من إضطهادات وإهانات، وقدموا ضحايا كثيرة خلال السنوات القليلة الماضية على ايدي عصابات مكونة من المسلمين المتزمتين من المدينة نفسها قبل أن تكون هذه العصابات أرضا خصبة لمجاميع إسلامية إرهابية منظمة، مدربة وممولة من الخارج كالقاعدة وداعش وغيرها، كلها تشترك في هدف واحد ظاهره إسلامي يهدف الى القضاء على كل من يختلف عنها دينيا أو مذهبيا، أما باطنه هو إضعاف العراق وتدميره ومسح هويته التاريخية للسيطرة على مقدراته الهائلة. هذه اللعبة تشترك فيها قوى عظمى وإقليمية تختلف إتجاهاتها، إلا أن مصالحها تلتقي على أرض العراق.
ولابد من وقوع ضحايا كثيرة لمثل هذه اللعب الكبيرة غالبا ما تكون الحلقات الضعيفة التي لاتستطيع الدفاع عن نفسها هي كبش الفداء في مثل هذه الحالات.

قوة داعش وتمويلها
يقدّر الخبراء الغربيون في الشؤون الأسلامية عدد مقاتلي داعش في سوريا   بين ستة وسبعة آلآف وفي العراق بين خمسة وستة ألاف، وهي أرقام تقديرية لايمكن التأكد من دقتها.
معظم مقاتلي داعش في العراق عراقيون، أما قادة التنظيم فيأتون من الخارج وسبق أن قاتلوا في العراق وأفغانستان وشيشان وعلى جبهات أخرى.
ولا يبدو أن (الدولة الأسلامية) تحظى بدعم معلن من دولة معينة، وبحسب محللين يحظى التنظيم بالقسم الأكبر من الدعم من جهات مانحة فردية معظمها من الخليج، لكنها شخصيات مؤثرة لها إرتباط وثيق بأنظمة الحكم في بلدانها وإنْ كانت لاتمثل هذه الأنظمة بشكل رسمي.

ماهو الرابط بين قتل العلماء وتفجير الأديرة والمراقد الأثرية في العراق
؟
يقودنا هذا السؤال الى سؤال آخر هو:
من يهمه أن يكون العراق ضعيفاً؟ أو: من له مصلحة في ذلك؟
هناك جهات عديدة يهمها ذلك لأن مصالحها الشخصية تلتقي وتتقاطع في العراق ،كما ذكرنا:
١- أمريكا، أسرائيل ، دول الغرب وخاصة بريطانيا، لها مخططات قديمة  بعضها لم ينتهِ بعدُ، وهو السيطرة على مقدرات العراق الهائلة، ويعلمون جيدا بأن هذا لن يحصل مالم يبقى العراق ضعيفا ومقسما وتسوده حالة من الفوضى واللامركزيه، حيث قامت امريكا وحلفاؤها بضرب بنيته التحتية وتفكيك جيشه وتدمير آلياته لتحقيق ذلك كمرحلة أولى تلتها مرحلة ثانية تمثلت بتصفية علمائه وكفاءاته أو إرغامها على ترك بلادها نهائيا، خططت له ونفذته مخابرات بلدان كثيرة كان للموساد الأسرائيلي حصة الأسد منه، والمرحلة الثالثة من المخطط والأشد خطورة تتمثل بمسح هويته التاريخية والدينية المتمثلة بتفجير وإزالة آثار حضاراته المدنية والدينية في سيناريو رسم له أن يكون دمويا ومرعبا تنفذه عصابات لاتعرف معنى للرحمة والأنسانية، وإرهاب ناسه وإذلالهم، وهو ماتقوم به داعش الآن بإسم الطائفية والمذهبية التي تعيش أيامها الذهبية في العراق.
٢- ايران وتركيا، يرى محللون بأن ايران سحبت البساط من تحت أقدام امريكا بعد فترة قليلة من سقوط نظام صدام حسين وذلك من خلال إحتوائها للثلقل الشيعي في العراق وسيطرة عملائها على نظام الحكم والأنفراد به، وهو مامهد الطريق لظهور مجاميع سنية متطرفة لاقت قبولا لدى الكثير من السنة المعتدلين وشيوخ العشائر ايضا، وتجددت مطامع النظام الأسلامي في تركيا مرة أخرى في العراق والشام حيث قدم دعما عسكريا ولوجستيا لهذه المجاميع وخاصة في عملياتها داخل الأراضي السورية القريبة من حدودها بعلم أمريكا ودون معارضة منها في مخطط شمل بعض دول الخليج أيضا.
٣- دول الخليج، تمكنت أمريكا من أستغلال الوضع العراقي الغير مستقر وسيطرة ايران عليه لبث الرعب في صفوف هذه الدول من إحتمال توسع النفوذ الشيعي إليها، خاصة بعد أحداث البحرين، فسارعت بتقديم مئات الملايين من الدولارات لمجاميع سنية متطرفة ترتبط بها مذهبيا وتقف ضد النفوذ الشيعي في العراق والشام وتعمل على إبقاء المعارك مستمرة في هذه البلدان ، وهي مستعدة لدفع المزيد طالما بقيت هذه المعارك بعيدة عن أراضيها، هذا ماتريده أمريكا منها في هذه المرحلة، أي الدفع المستمر مقابل الأمن،على حساب دماء العراقيين والسوريين.
كل هذه الدول مجتمعة مهدت الطريق لظهور داعش القوي على الساحتين العراقية والسورية، وهي السبب في عدم تمكن المجتمع الدولي من إتخاذ قرار دولي حاسم يتيح تدمير داعش التى ترتكب جرائم مستمرة ضد الأنسانية تقشعر لها الأبدان.
إن هذه الدول نفسها هي من ستضرب داعش عندما تنتفي الحاجة إليها.

خلاصة
الخاسر الأكبر هو العراق كله وخصوصا شعبنا المسيحي الذي يُضرَب في الصميم، حيث يشهد قتل وتشريد أبنائه، وتدمير كنائسه وأديرته وآثار حضاراته الموغلة في القدم ضمن مخطط حقير يستهدف طمس معالمه الدينية والمدنية في عملية اوسع تشمل العراق كله.
إنتبهوا أيها السادة ودعوا خلافاتكم جانباً، لاوقت هناك للمساومة الآن!!

98
تحدث بعض الأخوة عن ثقافة الشتيمة وأثرها السلبي على العلاقات بين الناس بصورة عامة وبين ابناء شعبنا بصورة خاصة وإنعكاساتها على مايُكتَبْ هنا وهناك وعلى هذا الموقع المهم بالذات، بينما أشار آخرون الى نشر ثقافة التسامح وقبول الآخر.
مثل هذه الدعوات لنبذ الشتيمة ونشر التسامح بين أبناء شعبنا، وبيننا وبين الآخرين هي مبادرات جيدة ولكنها يجب ان لاتنطلق من مفاهيم طائفية أو قومية أو حزبية ضيقة، وإنما من مفهوم أسمى وأشمل وهو التسامح الحقيقي المبني على المحبة الصادقة التي علّمنا إياها سيدنا يسوع المسيح:
أحبب قريبك كنفسك
لقد إختزل يسوع كل الوصايا التي اراد لنا أن نقوم بها بهذه الوصية إضافة الى محبة الرب، ودفع حياته ثمناً لها، ولم يَحد عن المبادئ التي جاء من أجلها تحت اي تهديد.
مثل هذا اليوم، قبل حوالي ألفي سنة مات يسوع من أجلنا وهو يوصينا:
أحبوا بعضكم بعضا كما أنا أحببتكم.
أين نحن من هذه الوصية؟
قبل الأجابة على هذا السؤال يتبادر الى أذهاننا سؤال آخر:
هل نحن مسيحيون حقيقيون أم مسيحيون بالأسم والولادة فقط؟
أعتقد بأن أغلبنا نفتخر ونقول بأننا مسيحيون حقيقيون، ولكننا لا نفكر لحظة بأن نسأل أنفسنا هل نُقَيّمْ التضحية الكبيرة التي قدَّمها يسوع من أجلنا وبالتالي نحن مدعوون للعمل بوصاياه إن كنا نحبه وننتمي إليه.
على هذا الأساس تنتشر ثقافة التسامح بيننا وتختفي لغة الشتيمة، لذلك علينا أن نضع إنتماءَنا المسيحي أولا قبل كوننا كاثوليك،أرثذوكس، بروتستانت. او سريان، أشوريين أم كلدان. او نجعل من إنتمائنا الحزبي والسياسي مقياسا لمخاطبة الآخرين.
نحن بشر، لكل منا قناعاته وإختياراته، نحب ونكره ونخطأ، هذا أمر طبيعي ولكن يجب ان لا يجعلنا هذا ننسى بأننا مسيحيون ويتعشش الحقد في قلوبنا بحيث لايكون فيها مكان للتسامح.
هذه الأيام هي فرصة كبيرة لمراجعة الذات وتصفية النيّات للأعتراف بتضحية المسيح وتقديم الشكر له والأحتفال معه بقيامته وإنتصاره على الموت.
لنشعل شمعة على مذبح الرب من أجل كل من تسبّبنا بأذيته عن طريق كلامنا أو أفعالنا.
قيامة مجيدة للجميع

99
فقدت كنيسة المشرق عموما والكلدانية خصوصا علما بارزا من أعلامها برحيل مثلث الرحمة الكاردينال مار عمانوئيل الثالث دلي بطريرك الكنيسة الكلدانية السابق.
خدم هذا الرجل الكبير كنيسته لأكثر من ستين عاما بتفانٍ وإخلاص كبيرين وفي مواقع مهمة أوصلته الى رئاستها، وكان شامخاً كجبلٍ وسط أبنائه، تحمّلَ عبئاً كبيراً وفي أحرج الأوقات التي مرت بها الكنيسة والمسيحية عموما في العراق متمثلةً بالأضطهادات التي تعرضت لها بعد سقوط النظام السابق قبل ان يُسلّمَ العهد لخلفه مار لويس ساكو ويُلَبي نداء ربه ويرحل عن هذه الدنيا الفانية بعد فترة قصيرة.

إن رحيل شخصية كبيرة بحجم وعطاء الكاردينال دلي ليس مسألة خاصة وإنما تهم جميع أبناء كنيسته التي أفنى عمره في خدمتها، وهنا يحق لنا أن نطرح عدة أسئلة وإستفسارات بعد أن اعلن سيادة المطران ابراهيم ابراهيم بأن جثمانه الطاهر سيوارى الثرى في  مقبرة القبر المقدس الكائنة في ساوثفيلد مشيغن (الرابط http://saint-adday.com/index.php/permalink/5879.html):

١- لماذا يُدفَن في أميركا وليس في بغداد مقر كرسي البطريركية الكلدانية او اي دير أو كنيسة في العراق.
٢- البطريرك الراحل شخصية دينية ووطنية كبيرة، ألا يستحق جنازة دينية ورسمية كبيرة تليق بمقامه؟
٣- لو فرضنا بأن دفنه في أميركا جاء تلبيةً لرغبته الشخصية قبل رحيله، أَلَم يكن من الأولى ان يترأس غبطة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو مراسيم القداس والجنازة؟


في الختام نتمنى أن لايكون هناك أي رابط لما ذكرناه أعلاه بما يُشار إليه من علاقات فاترة بين رئاسة البطريركية الكلدانية وأبرشيات أميركا، كنا نأمل أن تكون هذه المناسبة الأليمة نقطة تحول لأزالة كل أسباب الخلاف -إنْ وُجِدَتْ- خدمةَ للكنيسة ووحدتها.

100
يتفق غالبية أبناء شعبنا على أن الحالة المزرية التي وصلنا إليها بحاجة لمعالجة شاملة لاتقبل التأجيل. المشكلة أن الكل يعي هذه الحقيقة ويتحدث عنها، ولكن لا أحد يُحرّك ساكناً!
كل مايُكتَب عن هذا الموضوع المهم والحساس ومايثيره من ردود فعل ومشاعر إيجابية وسلبية، يبقى مجرد حبر على ورق يزول تأثيره بعد مدة قصيرة، لأن الذين بإمكانهم القيام بالتغيير بعيدون عن الساحة تماماً، أقصد هنا أحزابنا السياسية وكنائسنا.
يجب أن لانتوقع حصول تغيير إيجابي في صالحنا طالما بقي كل طرف سياسي أو ديني لايفكر سوى بمصلحته الخاصة وليس لديه إستعداد للتضحية من أجل المصلحة العامة التي نتباكى عليها جميعاً، وكما يقول الدالاي لاما:
التغيير يأتي فقط من خلال القيام بعمل ما.
إذا كُنا قد فقدنا الثقة بالسياسة وألاعيبها الملتوية والدور الذي يمكن ان يلعبه ممثلونا في البرلمان والحكومة للحد من معاناة شعبنا لأسباب قد تكون خارجة عن إرادتهم لأنهم في نظر الآخرين مجرد (تكملة عدد) متمثلة في ما يسمى بنظام الكوتا، أي ان وجودهم رمزي وليس بإمكانهم التأثير على القرار السياسي، وعلينا ان لانتوقع الأفضل من ممثلينا مستقبلاً مالم تتغير العملية السياسية برمتها، وهذا أمر مستبعد في المرحلة الراهنة، ولايمكن لأحد أن يتوقع كم ستطول هذه المرحلة قبل حصول التغيير.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو:
هل يجب أن نبقى ساكنين ونستمر في (التلاشي) بإنتظار التغيير الذي قد لايأتي أبداً؟
وتكملته:
أم علينا أن نكون "التغيير" الذي نتحدث عنه من خلال تغيير نظرتنا الى الأمور لتكون أكبر من القومية والطائفة لتشمل شعبنا بأجمعه؟


دور الكنائس
الكنيسة ليست فقط بناية تقام فيها الصلوات والطلبات والتضرعات الى الله، لذلك فإن كنائسنا مدعوّة للعمل معاً والتفكير بطريقة عملية لمساعدة شعبنا في محنته الحالية وإلا تراه يقول يوماً ما قاله بلومهارت ( إن لم أستطع رؤية مساعدة في هذا العالم، فمن يضمن لي أن أجدها في العالم الآتي؟).

الدعوة الى وحدة كنائسنا المنبثقة عن كنيسة المشرق يقررها القائمون عليها، كما جاء في كلمة غبطة البطريرك ساكو بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لأنتخابه -الفقرة ١٧ من الرابط التالي:
http://www.saint-adday.com/index.php/permalink/5580.html

ما نطالب به هو أن تبادر كنائسنا الى تشكيل لجنة مشتركة من رجال دين وعلمانيين تدرس صيغة عمل مشتركة لمساعدة أبناء شعبنا، وبذلك تبدأ الخطوة الأولى لأزالة الخلافات التي تزداد نتيجة سكوت الكنيسة عليها والذي يفسره البعض على أنه علامة الرضا.

101
ملاحظة: نقصد هنا بشعبنا المسيحي (الكلدان والآشوريين والسريان) لأننا -مع الأسف- لم نتوصل لحد الآن الى تسمية موحدة مقبولة من الجميع.

ماذا يعني رد الأعتبار؟
إنه ببساطة، نظام يُقصَدُ به منح المحكوم عليه بعقوبة ما فرصة لأزالة أثرها في المستقبل فيسترد بذلك اعتباره الذي تأثر بالحكم المذكور ومن ثم يسهل عليه العودة للأندماج ثانية في المجتمع بعد ان يكون اهلا لأسترداد إعتباره.
شعبنا حُكِمَ عليه بالشقاء منذ أكثر من ٢٥٠٠ عاما في عقوبة جماعية لم يتم رفعها أو يُرَدّ إعتباره كل هذه المدة الطويلة. ورغم اننا نعيش اليوم في بلدٍ يدّعي الديمقراطية واحترام حقوق الآخرين، إلا أن هذا الحق لايزال مؤجلاً !!
من مضامين الأنتقال السياسي الأيجابي هو التحول من حالة سياسية رديئة الى أخرى جيدة، وبلدنا يمر بالضرورة في هذه الحالة، والثابت ان الأنتقال الديمقراطي يقتضي التأسيس للديمقراطية ثم ممارستها لفترة تؤدي الى إستقرارها كواقع مُعاش وترسخها في عقلية الحكام والمحكومين.
أين نحن من هكذا ديمقراطية بعد أكثر من ١٠ سنوات على ممارستها؟ وماذا تحقق لنا نحن بالذات؟
كيف يمكن أن يندمج شعبنا بالمجتمع العراقي وهو يتعرض لأجتثاث مبرمج من أراضيه، تخطط له في الخفاء أيادي متسلطة هي نفسها التي تدعي بأنها تحفظ له حقوقه؟
لذلك، لابد من التعامل مع ما تعرضنا ونتعرض له بطريقة شمولية، لا كمجرد احداث مؤلمة عانينا منها نوثقها ونتركها على الرفوف.
غالبيتنا يعترف بأننا شعب واحد، أو بقايا شعوب تنتمي الى عرق واحد إندمجت مع بعضها بمرور الزمن بحيث يصعب التفريق بينها.

هل نحن مؤهلون لرد إعتبارنا؟

الجواب يكون لا ونعم.
نحن بوضعنا الحالي وفكرنا الأنقسامي لسنا أهلاً لذلك، نحتاج لبعض الوقت، قد يطول كثيرا قبل ان نكون مهيئين لهذه المهمه، الأمر كله يعتمد علينا نحن، بإمكاننا إختصار هذا الوقت لو كان هناك شعور للكلداني بأنه آشوري وسرياني دون ان يفقد خصوصيته الكلدانية. الأمر نفسه ينطبق على الآشوري والسرياني لأننا شعب واحد، أو حُكِمَ علينا منذ زمن بعيد ان نكون شعباً واحداً، عندما نكون مستعدين للتسليم بهذه الحقيقة، عندها نكون ليس أهلاً فقط لرد إعتبارنا بل الحصول ايضا على حقوقنا كاملة.
نعلم جيدا بأن البعثات التبشيرية المختلفة، رغم الأيجابيات الكثيرة التي جاءت بها، كانت سببا رئيسياً لأنقسامات كنسية وأثنية لانزال نعاني منها.
لانريد الخوض في هذا الموضوع، ولكننا يجب أن لاننسى التجارب القاسية والمؤلمة التي مرّ بها شعبنا وصراعه من أجل البقاء لنستخلص منها الدروس والعبر التي قد تساعدنا على فهم حقيقة ما نتعرض له اليوم والحالة المزرية التي وصلنا اليها بسبب إستمرار حالة الأنقسام التي تخطط لها وتغذيها جهات عديدة يهمها ذلك، وتنفذها أطراف منتفعة تدّعي تمثيل شعبنا في نظام الكوتا او نظام (الكعكة) المُذِل، الذي يُعمّق الخلافات بيننا، ولايستفاد منه سوى من تقع هذه الكعكة بأيديهم.

آشوريون، كلدان، سريان..أم أقزام؟
ندّعي بأننا أحفاد أولئك العظماء، نتكابر ونتباهى بهذه الأسماء اللامعة.. فهل نحن حقاً أهل لذلك؟
إننا نعيش في الخيال بعيدا عن الواقع المُعاش، يجب أن لانُحَلّقَ بعيداً، علينا أن نضع أقدامنا على الأرض مجدداً لنرى أين نحن من الآخرين؟ اللاعبون الكبار ينظرون إلينا على أننا لاشئ، أي اننا أقزام في نظرهم.
متى نعي هذه الحقيقة ونكف عن الجدالات العقيمة وتهميش أنفسنا بأنفسنا وترك الساحة خالية يلعب بها كل من هبّ ودب؟
ربما نحن بحاجة الى تسونامي عنيف يفيقنا من سباتنا العميق.
ما هي الحلول إذا؟

١- التوقف عن الحروب العقيمة ومحاولة إلغاء الآخر أو احتوائه إستنادا الى هذا المصدر أو ذلك، والأستعداد لقبول تسمية موحدة يتفق عليها المختصون مع منحهم الوقت الكافي لطرح تسمية واحدة او أكثر تتفق عليها الأكثرية، لأن التسمية الموحدة هي الخطوة الأولى والأساسية لأعادة هيبة شعبنا وثقله العددي على الساحة.
٢- يجب أن يكون للحركات السياسية التي ترغب بتمثيل هذا الشعب المظلوم شعوراً بالمسؤولية الأخلاقية تجاهه ولديها الشجاعة الكافية للتضحية بكل شئ في سبيل المطالبة بحقوقه كاملة لأن (الجبناء لايصنعون التاريخ)، لا أن يكون هدفها الجري وراء مغريات السلطة وتحقيق المكاسب الشخصية.
٣- محاسبة المسؤولين المقصرين ليس بهدف الأنتقام وإنما بغرض إبعاد غير المؤهلين منهم. أي، وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.
٤- تشكيل لجان من السياسيين والكفاءات المخلصة لدراسة الأمكانيات المتوفرة والعمل لأيجاد الوسائل التي تكفل الحد الأدنى الممكن من حقوقنا السياسية والأقتصادية والثقافية ومنها حقنا في تقرير مصيرنا.
هذه مقترحات وحلول قليلة، أتمنى من القراء المساهمة من خلال طرح أفكارهم البناءة التي قد تكون سببا في إعادة حقوقنا ورد الأعتبار لشعبنا.

102
 البطريركية الكلدانية توضح مرّةً أخرى موقفها*

إعلام البطريركية: لسنا، كبطريركية وككنيسة، ضدّ الحرية الشخصية والعمل القومي أو السياسي. هذا حقٌّ مقدّس وطبيعي لكلّ إنسان، ونحنُ نحترمه ونقف على مسافةٍ واحدة من جميع مَن يتبناه، شرط ألا يتجاوز على  حرية الكنيسة. كتب كثيرون مستفسرين عمّا حصل، وانتقد آخرون موقفنا بشكلٍ غير مؤدب ونقل غيرهم معلوماتٍ غير صحيحة خصوصا عن الزيارات،  واخرون اذا  زارنا  مسؤول حزب معين، فراحوا يكتبون اننا اصطففنا مع حزبه!والأنكى من ذلك أنّهم يدّعون محبة الله والكنيسة! سامحهم الله ونحن أيضًا من طرفنا نسامحهم.

ما نودّ بيانه هو أننا لا نقبل أن يُوظّف الدين أو تُستغل الكنيسة لصالح شخصٍ ما أو قضيةٍ  ما او تكتل ما او حزب ما  أو أن تُفسّر الأحداث خارج سياقها الصحيح. وإذا كانت هناك جهاتٌ كنسية تعطي الأولوية للقومية أو السياسة، هذا لا يعني أن علينا الاقتداء بها! نحن كنيسة مسيحية مؤسُسها يسوع وأسُسها مبنية على الإنجيل. فالكنيسة تفوق كلّ الاعتبارات الخاصّة والضيقة، ورسالتها منفتحة على الكلّ.

جاء توضيحُنا هذا لرفع اللبس والحفاظ على الحيادية. لم نسمّي أحدًا لأن هناك أشخاصًا سمّوا أنفسهم بالشيوخ، وفي قناعتنا تحولوا من المسيحية. هم أحرارٌ في قراراتهم، ولكننا لا نقبل الخلط والإساءة للمسيحية أو للكنيسة. هذا خطٌ أحمر.

لا عتاب من جهتنا لمَن يستقبل شخصا ما ويدعمه. نحن نحترم الخصوصيات، لكننا نطلب من الآخرين أيضًا أن يحترموا البطريركية ومكانتها.
نتمنى من الكل التمييز وعدم التسرع، وإذا كان هناك رأيٌ فليُطرح بأدبٍ ولياقة ومحبة واحترام بعيدًا عن روح الشماتة وعن كلمات لا تليق بالمسيحية!
 البطريركية ستواصل مسيرتها بعزم أكبر لمجد الله وخير الجميع. من له اذنان للسمع فليسمع.
سنة مباركة للجميع

*http://www.saint-adday.com/index.php/permalink/5511.html

103
مقدمة

من المعروف في كل دول العالم التي تمارس ديمقراطية حقيقية أن الشعب هو من يختار نوابه في البرلمان والكتل الفائزة هي التي تُشكّل الحكومة، والشعب هو من يجدد ثقته فيها إذا إلتزمت بوعودها التي قطعتها له قبل إنتخابها، وهو أيضا من يسقطها إذا فشلت في ذلك، وقد يجبرها على الإستقالة إذا تنصلّت من وعودها حتى قبل إنتهاء فترة حكمها القانونية.

شعبنا المسيحي وممثليه في السلطة


بعد سقوط النظام السابق ، لم يكن لشعبنا أي رأي في إختيار ممثليه في السلطة المركزية أو لدى اقليم كردستان، ولكن هذه الحالة لم تُفرَضْ على شعبنا وحده وإنما على جميع مكونات الشعب العراقي لأن طاقم السلطة أو ( مجلس الحكم ) كان قد أُعدّ بشكل مسبق بالتنسيق بين الأمريكان وشركائهم من جهة والأطراف التي تشكل منها المجلس من جهة أخرى وضم هذا المجلس أحد الأشخاص كممثل لنا. الى هنا والحالة تبدو طبيعية لأن الأمريكان كان يهمهم جدا أن يظهروا للشعب العراقي بأن مقاليد السلطة هي بيد العراقيين.
بعد الأنتخابات الأولى والثانية تمكنت نفس المجموعة (الكتلة) من الفوز وفرض نفسها هذه المرة كممثل شرعي لشعبنا المسيحي بعد حصولها على أكبر عدد من الأصوات بحسب نتائج الإنتخابات.


أسئلة مشروعة

1- هل أخذت هذه المجموعة فرصتها الكاملة لتحقيق الوعود التي قطعتها لشعبنا؟
أعتقد بأن الجواب واضح بنعم لأنها مستمرة في السلطة لأكثر من عشرة أعوام، وهذه مدة أكثر من كافية لتحقيق الكثير.

2- هل حققت الطموحات المرجوة منها خلال هذه المدة الطويلة؟
الجواب: كلا بدليل أن وضع شعبنا يسير من سيئ الى أسوء متمثلاً بالتغيير الديموغرافي الذي هو بمثابة سرطان زاحف ينخر بأراضي قصباتنا وقرانا في سهل نينوى، الخدمات شبه معدومة، الإعتداءات مستمرة، فرص العمل قليلة... كلها أسباب تدعو المواطن المسيحي الى التفكير  في الهجرة عن أراضي آبائه وأجداده لأن مستقبله أصبح مجهولاً . ما الذي فعله ممثلوا شعبنا في البرلمان والحكومة في هذا المجال ليشعر المواطن المسيحي بأن هناك من يدافع عن حقوقه؟

3- كيف ولماذا إستطاعت هذه المجموعة من الحصول على أصوات ناخبي شعبنا وإستمرّت في السلطة لهذه المدة الطويلة؟
لعدم وجود منافس حقيقي لها على الساحة، وإمتلاكها لماكنة إعلامية كبيرة وإمكانات مادية ضخمة مكّنتها من التأثير على الناخب وبالتالي إستغلال صوته لصالحها، وستستمر بذلك طالما بقيت الساحة خالية لها.

خاتمة

في الختام وبناءا على ما تقدم هناك سؤال مهم يطرح نفسه، وهو:


ألَمْ يحنْ وقت تقييم هؤلاء الممثلين ومساءلتهم أو محاسبتهم على الجوانب التي قَصّروا فيها؟
مسألة تقييمهم نعم، أما مساءلتهم أو محاسبتهم فمن سيقوم بذلك؟
إنه الشعب المسيحي الذي إنتخبهم إن كان ذلك عن قناعة تامة أو لأسباب أُخرى، ولكن كيف؟
أن لايقع في نفس الخطأ مرّة أخرى ويقوم بالتصويت لهم وهو بذلك يمنحهم الشرعية اللازمة التي ستمكنهم من الإستمرار في السلطة لفترة سنوات أخرى.

آن الأوان لفسح المجال أمام دماء جديدة كفوءة ومستعدة لخدمة شعبنا بعيداً عن المصالح الآنية والنظرة الضيقة.



جاك يوسف الهوزي
corotal61@hotmail.com

104
قال غبطة البطريرك لويس روفائيل الأول ساكو أن كنيستنا جريحة ومتألمة ومشتتة ، وحدد أسبابها بشكل واضح في رسالته الأبويه الموجهة الى أكليروس الكنيسة الكلدانية في كل مكان بتاريخ 19/5/2013 . الرسالة منشورة على الرابط التالي:

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,667529.0.html

غبطة البطريرك طلب في رسالته هذه من الأكليروس العمل معا كفريق واحد، وبروحية أنجيلية واحدة، لخدمة شعبنا من دون تفريق ودعاهم الى عدم تضييع الوقت في المتاهات.
من الطبيعي، والحالة هذه، أن يعمل رأس الكنيسة الكلدانية عل إيجاد حلول ملائمة للمشاكل التي عصفت ولا تزال تعصف بكنيسته لأعادة تنظيمها كي تعود كنيسة قوية تؤدي رسالتها الأساسية في نشر تعاليم سيدنا المسيح المبنية على زرع المحبة والسلام في المحيط الذي تعيش فيه والأنفتاح على الآخرين وخاصة إخوتنا من أبناء كنيسة المشرق، والإبتعاد عن النقاشات العقيمة التي تسببت في خلق شرخ كبير بين أبناء شعبنا وبروز تيارات متشددة ( أحادية التفكير ) ساهمت في خلق أجواء سلبية بينهم.

هذا الموقف المتفتح، فاجأ الكثير من الناشطين  الكلدان الذين كانوا يمنّون النفس بموقف آخر تعلن فيه البطريركية الكلدانية دعمها لقضية الكلدان القومية أو مساندتها لها على غرار بعض تصريحات السادة رؤساء الكنائس الأخرى، خاصة، وإنهم يشعرون بغبن كبير وقع عليهم نتيجة سياسات الإقصاء والتهميش بحقهم من قبل جهات مختلفة بعد سقوط النظام السابق، الأمر الذي إعتبره البعض موقفا ضعيفا وسلبيا من البطريركية الكلدانية،جاء ردهم هذا لما لها من وزن على ساحة السياسة العراقية وعلاقة جيدة مع زعماء العراق السياسيين تمثلت في الشخصيات الرفيعة التي حضرت إحتفال تنصيب غبطة البطريرك ساكو على رأس الكنيسة الكلدانية في بغداد.

موقف البطريركية جاء واضحا ومحددا ، فهو لم يمنع الكلدان من ممارسة السياسة أو الدفاع عن الحقوق القومية وإنما ترك هذه الساحة لأصحاب الشأن من العلمانيين المهتمين بهذه الأمور  لأن الكنيسة (لايمكنها  أن تنخرط  فيها أو تكون داعية لها لأن هذا يعتبر خطا أحمرا بالنسبة لها ) ولديها مهام أخرى روحيه مختلفة تماما.
لم يكتفي البعض من إعتبار هذا الموقف ضعفا من جانب البطريركية –كما ذكرنا – بل تجاوزه الى توجيه إنتقادات الى شخص البطريرك نفسه وبطرق لاتقيم أي إعتبار لمكانته الروحيه ولا لمشاعر الالآف من أتباع الكنيسة الكلدانية وكأن غبطته هو السبب في تهميشهم أو في غلق الطريق أمام طموحاتهم القومية والسياسية، وكأنهم أرادوه أن يكون زعيما سياسياً كما أراد اليهود أن يكون المسيح ملكاً أرضيا !

ربما نستطيع أن نستوعب ردة فعل بعض العلمانيين المهتمين بالقضية القومية، إلا أنه من الغريب حقا أن تصدر ردود فعل مشابهة من رجال دين بعضهم لهم وزن في الكنيسة الكلدانية. الإختلاف في الرأي ظاهرة إيجابية ، ولكنها يجب أن لاتتجاوز الخطور الحمراء لأية مؤسسة سواء كانت دينية أو مدنية إن لم تكن هناك أسبابا قوية لذلك.

غبطة البطريرك لويس ساكو لم يتنكر لهويته الكلدانية ، وليس بحاجة لمن يذكّره بذلك كما قال، إلا أنه أعلن بأن:
(( الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية كانت وستبقى منفتحةً على كلّ الأقوام واللّغات لأن المسيح أرسلها لتتلمذ جميع الأمم.  واليوم يوجد فيها آثوريون وعرب وأكراد، هل علينا كلدنتهم؟ ثم ماذا عن كلدان مسلمين! نحن كنيسة كلدانية كاثوليكية نؤمن بالوحدة والتعدد، ومنفتحون على المسيحيين والمسلمين وغيرهم! ونؤمن بأن الصداقة هي في قلب الحياة الالهيّة، وانّ حياتنا المسيحيّة ينبغي أن تكون مطبوعة بها. ونحن الاكليروس، بجميع مراتبنا، لن نترك رسالتنا الإنجيلية لنتحول الى دعاة قوميّة وسياسة ! )).
بهذا يكون قد أوضح بشكل واضح لالبس فيه بأن رسالة الكنيسة انجيلية مبنية على المحبة والتسامح والإنفتاح على الجميع.

إننا كأبناء لهذه الكنيسة المباركة، مدعوون جميعا في هذه المرحلة الحرجة للمساهمة في تضميد جراحها من خلال الصلاة وعدم وضع العقبات في طريقها والوقوف صفا واحدا خلف بطريركنا الجليل ومطارنتا الكرام ليمنحهم الرب الصحة والقوة في تجاوز كل الصعوبات التي تواجهها ليتمكنوا من قيادة دفتها نحو بر الأمان. ونطلب من رب المجد أن يعينهم في السينودس القادم ليرشدهم الى كل ماهو خير لكنيسته وشعبه.


corotal61@hotmail.com

105

لاتدع الحكومة العراقية مناسبة تمر دون التأكيد على أن المكون المسيحي هو عنصر مهم في تكوين شريحة المجتمع العراقي، وإن المسيحيين ليسوا دخلاء على هذا البلد وإنما هم السكان الأصليين له وعليه فانهم يتمتعون بكافة الحقوق التي يتمتع بها المواطن العراقي.

هذا الكلام يردده المسؤولون العراقيون في كل مناسبة مسيحية مهمة سواء كانت مفرحة أم محزنة، وخاصة المناسبات الكبيرة التي تحظى بإهتمام اعلامي محلي ودولي كمأساة كنيسة سيدة النجاة في بغداد و تنصيب غبطة البطريرك لويس روفائيل الأول ساكو . والحال لايختلف في كردستان ايضا، ولاحظنا ذلك جليا أثناء الإعتداءات ( الغزوات ) التي تعرض لها المسيحيون وكنائسهم ومصالحهم في زاخو ومحافظة دهوك عموما.
إن هذه التصريحات، التي يطلقها كبار المسؤولين تأتي – كما ذكرنا - بعد أحداث كبيرة تدفع بمعاناة المسيحيين العراقيين وهجرتهم المستمرة الى الواجهة الإعلامية، تهدف الى ضرب عصفورين بحجر واحد:

1- تبرير موقف الحكومة وتقصيرها المستمر بحق المسيحيين واستغلال الفرصة لسحب البساط من تحت أقدامهم  بكلمات جميلة مخدرة ينتهي مفعولها بأنتهاء المناسبة.
2- إرسال اشارة الى الرأي العام الدولي بأن الحكومة مهتمة بوضع المسيحيين وانهم يحصلون على نفس الفرص التي يحصل عليها الآخرون، وبالتالي لاتوجد هناك أسباب مبررة تدفعهم للهجرة.

لانستطيع ان نلوم الحكومة والمسؤولين على هذا الكلام المعسول والمضلل لأنه كلام عاطفي وغير مُلزَمْ يحقق أهدافه الآنية دون تقديم أي شئ للمسيحيين على أرض الواقع، إنه نجاح سياسي وإعلامي يُحسَبْ للمسؤولين الحكوميين وضربة ذكية منهم  على ممثلينا الذين يتباهون بالظهور الى جانب هؤلاء المسؤولين .
إذا كانت الحكومة جادة في ما تقول وتهمها هجرة المسيحيين ، عليها أن تنفذ ذلك عمليا من خلال إتخاذ خطوات سريعة وحاسمة تؤكد مصداقيتها ليتمكن المسيحيون من العيش بكرامة على أراضيهم كإصدار قانون يمنع التغيير الديموغرافي في المناطق التي تواجدوا فيها منذ الاف السنين وإعادة الأراضي والممتلكات التي سُلبَتْ بالقوة ووقف الإعتداءات المتكررة التي يتعرض لها أبناء شعبنا من قبل المتنفذين التابعين لحكومتي المركز والأقليم ، هذا بخلاف حقوقهم الأساسية في الإدارة الذاتية وتوفير فرص العمل لهم ودعم نشاطاتهم الثقافية والأجتماعية للحفاظ على هويتهم القومية.

هذه الحقوق لايمكن أن تمنحها الدولة لنا كهدية مجانية مالم يكن هناك طلب رسمي وقانوني يقدمه ممثلو المكون المسيحي – كما يحلو لمسؤولي الدولة  تسميتنا – نيابة عن المسيحيين جميعا بعيدا عن النظرة الحزبية الضيقة أو التسمية وطرح الخلافات جانبا ، ولو لمرة واحدة ، لأن المسألة خطيرة وتهم الجميع دون إستثناء ، على ان يلقى هذا الطلب دعما من جميع كنائسنا لنرى إن كانت الحكومة صادقة في أقوالها ومستعدة لتقديم المساعدة الفعلية لنا والتي لاتتعدى المطالبة بأكثر من حقوقنا الأساسية التي من المقروض أن يضمنها الدستور.

106
تحاول الحكومة الاسلامية في تركيا تلميع صورتها العنصرية أمام الرأي العام من خلال لقاءات متكررة مع رؤساء الطوائف المسيحية وبعض الشخصيات السياسيه لتظهر للعالم بأنها تعمل مابوسعها للحفاظ على حقوق وممتلكات الأقليات الأخرى والمسيحيون منهم على وجه التحديد، وشهدت السنوات القليلة الماضية عودة نفر قليل منهم الى قراهم المدمرة منذ عقود طويلة، ولايزال ماتبقى منهم يعيشون في خيم تفتقر الى أبسط مقومات العيش ، بينما إكتشف غالبيتهم بأن مسألة السماح لهم بالعودة لم تكن سوى خدعة كبيرة فقفلوا عائدين الى البلدان الأوربية التي إستقروا فيها منذ سنوات طويلة.

سياسة الكيل بمكيالين
في الوقت الذي تقوم به الحكومة الحالية ببناء مساجد جديدة على أراضي مملوكة للكنيسة أو أفراد مسيحيين رُحّلوا عنها عنوة، وتساهم في صيانة مساجد أخرى في كافة أنحاء تركيا، ماتزال تصر على الإحتفاظ بقانون عنصري قديم يمنع بناء أو صيانة دور العبادة لغير المسلمين مما أدى الى إنهيار العديد من الكنائس والأديرة التاريخية القديمة وضياع إرث ديني وحضاري لايقدر بثمن للكنيستين الشرقية والغربية. ولم تتراجع الحكومة التركية عن تعديل أو إلغاء هذا القانون الجائر رغم الإعتراضات المتعددة لمنظمات مسيحية وأخرى تعتني بالشؤون الثقافية وحقوق الأنسان. الشئ الوحيد الذي قامت به هو صيانة بعض المعالم المسيحية التي جرّدتها من صفتها الدينية وحولتها لأغراض سياحية بحته تدر عليها أرباحا طائلة بأعتبارها محطات جذب لآلاف السواح المسيحيين من كافة أنحاء العالم.

إضطهادات منظمة للمسيحيين في السنوات الأخيرة
شهد المسيحيون في السنوات الأخيره إضطهادات متكررة تضمنت هجمات على كهنة ومؤمنين من الذين ينتمون الى كافة الكنائس التركية دون تحديد في مدن اسطنبول ، الأسكندرون، الأناضول ، أزميت ومدن اخرى، جرت جميعها بشكل سري وبدعم مباشر أو غير مباشر من السلطات المحلية، وتم التعتيم عليها إعلاميا، إلا أن شهود عيان تمكنوا من إيصال بعض التفاصيل الى منظمات تعنى  بحقوق الأنسان ونسوق هنا مثلين لهذه الحالات :
1- تم قبل عامين طعن أسقف كاثوليكي  في بيته من قبل سائقه المسلم الذي قام بذبحه بعد ذلك خارج البيت، ورغم أن العقوبة في مثل هذه الحالات واضحة ولاتحتاج الى تأخير في التنفيذ، فأن السائق يبدو قد حصل على مكافأة من المحكمة على عمله (البطولي) هذا،  حيث قام بعض الأطباء بالإتفاق مع قاضي المحكمة ومحامي المتهم المدان بتلفيق تقارير مزورة عن حالته النفسية للمماطلة في القضية لغرض تمييعها، علما بأن الجلسة الأخيرة في هذه القضية المستمرة لمدة عامين لم تدم سوى سبع دقائق!
في الوقت ذاته إجتمع أبناء أبرشية أنطاكيه الكاثوليكيه للتعبير عن إحتجاجهم على هذه المماطلة وأحيوا قداسا على روح راعيهم الفقيد.
2- إجتمع وجهاء القرى المسيحية المجاورة لأقدم دير في العالم  عمره أكثر من 1600 سنة للتعبير عن إستيائهم من قرار إحدى المحاكم التركية الذي يعتبر الأرض التي يقيم عليها الدير ممتلكات إسلامية ويدعي بأن الدير بني على أنقاض أحد المساجد، وقالوا بأن المحكمة تجاهلت عمدا وبالتعاون مع مسلمي المنطقة والسلطات المحلية بأن الدير أقدم من الإسلام وأن محمداً ولد 170 عاما بعد بناء الدير، فكيف يكون قد بني على أنقاض مسجد إسلامي!

من ينصف المسيحيين في تركيا؟
تاريخ تركيا كله أسود بحق المسيحيين، وشهد مجازر وحشية ضدهم وخاصة أثناء الحرب العالمية الأولى وبعدها مما أدى الى فرار الناجين منهم الى الدول المجاورة، وماتزال القلة القليلة الباقية والمنسية تعاني الأضطهاد والترهيب في ظل الحكومة الأسلامية الحالية التي تدّعي الديمقراطية والحرية وتغطي على الجرائم المنظمة التي ترتكب بحقهم من قبل المسلمين المتطرفين والسلطات المحلية المتعاونة معهم، فمن ينصف المسيحيين في هذا البلد ويعيد اليهم حقوقهم المسلوبة؟

جاك يوسف الهوزي
hozbox@hotmail.com
[/color]

107
يبدو ان الأنقسام الذي يعيشه أبناء شعبنا من الكلدان والآشوريين والسريان ليس وليد الصدفة أو التطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة العراقية بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003.
إن الفراغ الذي أحدثه رحيل صدام فسح المجال للكثير من الأنتهازيين والوصوليين الدخول من الأبواب الخلفية رافعين شعارات دينية وقومية مزيفة بهدف السيطرة على مقاليد السلطة والتحكم بمصير الشعب، يدفعهم الى ذلك افتخارهم المخزي بالمقاومة ضد النظام السابق ودورهم ( البائس ) في الإطاحة به، رغم علم الجميع بأن المصالح والقوات الأجنبية هي التي وضعت حدا له.
فأبناء شعبنا المسيحي ذاقوا الأمَرّين كونهم عراقيين أولا، عانوا ماعانى أبناء هذا البلد الجريح من حروب وحصار وتهجير ، ومسيحيين ثانيا، تعرضوا لأبشع أساليب القتل والترهيب والإهانات والتهديد وهتك الأعراض. كل هذه الأمور لم تدفع من يدّعون بأنهم ممثلي شعبنا في السلطة للتفكير ولو لمرّة واحدة بجدية وبعيدا عن الأنانية بمصير شعبنا المهدد بالإنقراض من أرض الآباء والأجداد، أو حتى ايجاد حل للحد من التجاوزات المستمرة بحقه كأفراد أو جماعات كالتغيير الديموغرافي الحاصل في كل من عنكاوا وبرطلة وغيرها من بلدات سهل نينوى المسيحية والهادف الى مسح هويتها المسيحية والقومية.، والسبب بسيط جدا لأنهم لايفكرون سوى بمصالحهم الشخصية ولايجيدون غير لغة التنديد وتنظيم المظاهرات السلبية التي لاتؤخذ مأخذ الجد من قبل مسؤولي الدولة والأقليم لعلمهم بأننا وممثلينا مجرد (شرذمة) منقسمة على نفسها.
ولكننا لماذا نلوم ممثلي شعبنا اذا كان دور الكنيسة أيضا أكثر سلبية وسببا رئيسيا من أسباب الأنقسام .

الكنيسة وأنقسام شعبنا

يخطئ من يظن بأن لادور للكنيسة في الأنقسام الذي يعيشه شعبنا حاليا، فمنذ مجمع أفسس الذي إنعقد سنة 431م والكنيسة تعيش حالة من الأنقسام أثرت سلبا على وحدة شعبنا، في هذا المجمع انفصلت كنيستنا ( كنيسة المشرق ) عن الكنيسة الغربية وسميت ايضا بالكنيسة النسطورية نسبة الى نسطوريوس بطريرك القسطنطينية، تلتها انقسامات اخرى لأسباب لاهوتية وعقائدية أبرزها بعد مجمع خلقدونية المنعقد عام 451م والذي أدى الى انفصال الكنائس (الأرثذوكسية) في سوريا ومصر وبلدان أخرى. وشهد القرن السادس عشر وماتلاه إنقساما كبيرا آخر لأبناء شعبنا عندما عاد القسم الأكبر منهم الى الكثلكة وأستمر الحال على هذا المنوال الى يومنا هذا.

الكنيسة وعنصرية شعبنا
يدّعي العديد من علماء ومفكري كنيسة المشرق ( الكلدانية والنسطورية ) بأن هذه الأنقسامات حصلت نتيجة ( أحادية التفكير ) وعدم قبول الرأي الآخر ، وإنهم يرون اليوم بأن كل طرف محق (نوعا ما) في ما ذهب اليه، ولو حصلت هذه الأمور في الوقت الحاضر لما وصلت الى مرحلة الأنفصال والتحريم.
ويحق لنا أن نسأل هنا:  لماذا لايحاولون مرة أخرى إعادة وحدة كنيسة المشرق حاليا إذا كان كل طرف يقبل الآخر كما هو؟ ولماذا لايقوم ( المتنورين ) من الطرفين بفضح ( المتزمتين ) الذين يقفون بوجه الوحدة؟
طالما بقيت الكنيسة منقسمة فإن شعبنا سيبقى كذلك وتزداد عنده العنصرية ( القومية والدينية ) التي يغذيها الساسة الذين يتصيدون في المياه العكرة، والذين يهمهم أن يبقى دور الكنيسة مهمشا لكي تخلو الساحة لهم كليا.
ان بقاء الكنيسة منقسمة ينمي لدى الأنسان البسيط روح الأنقسام والتعصب لمذهبه ولايشعر بأي إنتماء للآخر الذي لايختلف عنه في الواقع، واليكم مثلا على ذلك:
روى أحد الأصدقاء الكلدان من مدينة ليون الفرنسية – التي تسكنها جالية كلدانية كبيرة -  بأن رجلا ( آثوريا ) مسنا كان يسكن بالقرب منه، تمرض واصبح طريح الفراش فقام أصدقؤه وجيرانه الكلدان بمساعدته والعناية به لأنه كان وحيدا، وعندما شعر الرجل بأن ساعته قد دنت طلب من جيرانه أن يحضروا له كاهنا آثوريا ليصلي عليه، ولما لم يجدوا كاهنا بالقرب منهم سألوه إن كان يرغب أن يستدعوا كاهنا كلدانيا ليمنحه مسحة المرضى، فرفض الرجل بشدة وقال أُفَضل أن يصلي علي إمام جامع من كاهن كلداني بابوي (كاثوليكي) !

تساؤلات مشروعة

من يتحمل مسؤولية التعصب الديني لهذا الرجل والآلاف مثله من الكلدان والاشوريين؟
اين كنيسة المشرق (الكلدانية والآشورية) من هذه المواقف؟ وهل يقبل المسيح بذلك؟
اذا كانت الغالبية الكبرى تفكر مثل هذا الرجل، هل نحن على دين واحد ، ولماذا ندّعي بأننا شعب واحد؟

جاك يوسف الهوزي
hozbox@hotmail.com


108
لايوجد مسيحي غيور، أكان آشورياً أو سريانياً أم كلدانياً يقف كحجر عثرة بوجه وحدة الصف المسيحي... فالكل يتوق  أن يكون لنا كيان خاص بنا وحضور قوي على الساحة السياسية العراقية وأشخاصاً مخلصين يدافعون عنا إذا اقتضت الضرورة، وهذا لايعني بالضرورة الأنسلاخ عن بقية مكونات المجتمع مادام ذلك الكيان قادراً على ضمان حقوقنا والمحافظة على كرامتنا وأمننا كمواطنين صنع آباؤهم وأجدادهم أمجاد هذا البلد.

أثبتت السنوات الماضية ومارافقها من أحداث مؤلمة تمثلت بقتل وترهيب وتشريد المسيحيين الى مختلف أنحاء العالم بأن المستهدفين ليسوا فئة مسيحية معينة دون غيرها، فالأرهاب لم يعلن ولو لمرة واحدة بأن عملياته موجهة ضد الكلدان  أو السريان أو الآشوريين بسبب قوميتهم، وإنما ضدهم جميعا وضد كنائسهم ومصالحهم كونهم نصارى (مسيحيين) وأولاد القردة والخنازير.. وهنا ينطبق قول سيدنا المسيح علينا جميعاً:
( حينئذٍ يسلمونكم الى الضيق ويقتلونكم وتكونون مبغضين من الجميع لأجل أسمي ) ، لذلك كاذب كل من يدعي بأنه يُضطهدْ لأنه آشوري أو كلداني أو سرياني.. إننا مضطهدون كوننا مسيحيين، إذا كان الأمر غير ذلك، لماذا يُضطهدْ كل المسيحيين في الموصل مثلاً ، لأنني أعرف قسماً كبيرا منهم يدّعون بأنهم عرب ويتكلمون اللغة العربية فقط. وإن الأحداث أثبتت بأن أهم مايجمعنا نحن المسيحيون هو المسيحية وليست القومية. إذن، شئنا أم أبينا، مصالحنا مشتركة ، آلامنا وآمالنا واحدة ولكن مشاعرنا مختلفة، وللأسف لاتتحد هذه المشاعر إلا عندما نتعرض لمآسي جديدة.. يبدو أن المآسي التي مرّت بنا غير كافية لتوحيد هذه المشاعر.

أن بعض (دعاة) القومية الجدد من الاشوريين والكلدان قد ذهبوا بعيداً في تطرفهم لحد إلغاء الآخر أو أحتوائه  ظناً منهم بأنهم حققوا إنتصارا يضاف الى إنجازات آشور بانيبال أو نبوخذ نصر’ وأشعلوا حرباً داخلية جديدة، كان من ثمارها أزدياد الكراهية وفقدان الثقة بين الأطراف.

في مثل هذه الظروف، غالباً مايكون هناك طرف ثالث يتحين الفرص للأصطياد في المياه العكرة، وهم في حالتنا هذه الوصوليون والأنتهازيون المنادون بالوحدة المزيفة، ممن يتاجرون بهذا الشعار ويستخدمونه كمطية للوصول الى المناصب والكراسي، ويطرحون أنفسهم على أنهم الأمل المنشود الذي يبحث عنه المواطن البسيط، وهم بعملهم هذا يخدعون أيضاً الكثير من الطيبين ،من المؤمنين الحقيقيين بالوحدة. ومن خلال الوسائل المتاحة لهم، يحللون ويحرمون مايحلو لهم ويحركون ماكينتهم الأعلامية لفرض (فلسفتهم) المريضة على أنها الواقع الذي لابد منه.

ويحق لنا أن نسأل هنا: ماهي قياسات الوحدة التي ترضي الجميع؟
وهل كل مؤتمر أو تجمع كلداني،آشوري أو سرياني يقام على انفراد يهدف الى ضرب أسس وقواعد الوحدة المسيحية؟
ألا يحق للكلداني أن يعتز بكلدانيته والآشوري بآشوريته وكذلك السرياني شرط أن لايصل ذلك الى حد التجاوز على الآخرين.

الوحدة ليست شعارات تُرفَعُ هنا وهناك، وقياسات يضعها بعض المنتفعين وفق أهوائهم، أو (فَتوات) تحلل للبعض كل شئ وتحرم على الآخرين كل شئ .وإنما هي تشجيع كل تجمع كلداني أو سرياني أو آشوري هدفه تقريب الأخوة من بعضهم. الوحدة هي كل تجمع يهدف لتحقيق مصالحنا المشتركة بعيدا عن ألانانية الضيقة ، وهو مانصبوا اليه جميعاً.


جاك يوسف الهوزي
www.hozi.org

109
   

دأب بعض الآشوريين  _ ليس كلهم _  والكلدان الدائرين في فلكهم، الذين يعتبرون أنفسهم (فطاحل) الكتابة والفكر على وصف كل مؤتمر أو تجمع أو نشاط كلداني بأنه عمل انفصالي هدفه ضرب الركائز الأساسية لوحدة شعبنا الذي يسمونه (كلدو اشوري) تارةً و (كلداني سرياني آشوري) تارة أخرى وتسميات أخرى يحلو لهم أن يطلقوها عليه.
ويلاحَظْ بأن هذه (الحملات) تتصاعدمع كل نشاط كلداني’ وأتخذت _ بشكل خاص _ منحاً آخر قبل انعقاد مؤتمر النهضة الكلداني في سان دييغو، حيث قام أولئك الفطاحل بالبحث عن علّة أو سببٍ ليوجهوا سهام إنتقاداتهم الى المؤتمر والقائمين عليه’ دون أن تكون لديهم أية فكرة عنه وما يطرح فيه والأسباب التي أدّت الى أنعقاده.

نعلم بأن العشرات، بل المئات من المؤتمرات والندوات والنشاطات الآشورية تُعقد هنا وهناك دون أن ينبري أحدهم على تقييمها أو تشخيص سلبياتهاكالذي يفعلونه مع مثيلاتها الكلدانية، والسؤال أو الأسئلة التي تطرح نفسها هنا هي: هل هذه النشاطات كلها وحدوية؟ وهل تصب كلها في الصالح العام؟
لماذا لايتجرأ  هؤلاء الأساتذة المشهورين _ بغيرتهم المعهودة _ على وحدة شعبنا على تعرية بعضها أو كشف بعض سلبياتها على الأقل، أم أنهم لايرون سوى إيجابياتها؟ لماذا إذنْ هذه الأزدواجية والكيل بمكيالين؟
لماذا كل هذا الأهتمام (السلبي) بالمؤتمر الكلداني ووصفه بالأنفصالي لمجرد إسمه الكلداني، ولماذا لاتوصف المؤتمرات الآشورية بالأنفصالية؟
وللأنصاف نقول بأن عدداً من الكتاب الكلدان أنتقدوا بعض السلبيات التي رافقت المؤتمر والكيفية التي انعقد فيها، إلا أن انتقاداتهم كانت بناءة كالأستاذين كوركيس أوراها الهوزي وسمير خوراني وغيرهم، أما أصحاب النيات المبيتة والأحكام المسبقة من الوصوليين والأنتهازيين فكانت إنتقاداتهم كالأبواق الفارغة المزعجة.

هل نفهم من هذا بأن الكلدانية أصبحت رديفة للأنفصالية في ( الفكر ) القومي الحديث لهؤلاء؟ وأمرا واقعاً لابد من التسليم به وفق تنظيرات البعض ممن يجدون أنفسهم في موقع القوة والسلطة مقارنة بالكلدان الغائبين أو المبعدين عنها تماماً... إنها حرب نفسية متقنة تشنها جهات معينة لأغراض معروفة هدفها التأثير على الكلدان للتشكيك بهويتهم القومية وبالتالي رضوخهم للأمر الواقع الذي تحاول هذه الجهات، التي تُحرّك الأقلام والمواقع الألكترونية واجهزة الأعلام الأخرى فرضه عليهم. للأسف، أخذت هذه الحرب تقطف ثمارها، حيث لاحظنا كتاباً ومثقفين كلدان غيّروا مواقفهم السابقة وأخذوا يرضخون للواقع المفروض ويرونه أمراً وقدراً لابد منه.

في الختام نقول: ما فائدة التسمية الموحدة (كلداني سرياني آشوري) إذا كان الآشوري غير مؤمن ومقتنع بأنه كلداني أو سرياني  أو العكس. أليس من الأفضل أن نكون ثلاث قوميات تشكل شعباً واحدا يعمل بجد للحصول على حقوقه كاملةً ( كبقية شعوب العالم المتحضرة والتي تتكون من قوميات متعددة ) بدلاً من أن نكون شعباً موحداً بالأسم فقط عبر لصق الكلمات ببعضها؟

 

جاك يوسف الهوزي

www.hozi.org

110
محافظ نينوى يرمي الكرة في ملعب المسيحيين    



يبدو أن السيد أثيل النجيفي محافظ نينوى يتابع الوضع المسيحي بشكل جيد، ولانقصد هنا - بالطبع - الأوضاع الأمنية المتردية للمسيحيين في محافظته، وفي مدينة الموصل بالذات، حيث تعرضوا ولايزالوا يتعرضون للأرهاب من جميع الجهات، وقدموا قوافل من الشهداء بينهم رجال دين وطلاب جامعات وفتيات عذارى... إن هذا الجانب لايعني السيد النجيفي كثيراً إلاّ بقدر تَعَلّقْ الأمر بوظيفته كمحافظ وكمسؤول أوّل عن حماية أمن وسلامة المواطنين الساكنين ضمن (حدوده) الأدارية بِغَضْ النظر عن دينهم أو عرقهم أو لونهم.
الذي يعني السيد المحافظ، وربما يقلقه أيضاً هو المقترح الداعي الى قيام محافظة مسيحية تقع غالبية أراضيها ضمن الحدود الأدارية لمحافظة نينوى، كون هذه الأراضي يقطنها أصلاً سكان مسيحيون يعلم الجميع بأنهم السكان الأصليون لبلاد مابين النهرين، وإن قيام مثل هذه المحافظة سيكون بشكل أو بآخر على (حساب) محافظته.
لهذا السبب، حاول رمي الكرة في ملعب المسيحيين من خلال إتهام ساستهم المطالبين بالمحافظة المسيحية المستقلة بالعمل من أجل تحقيق مصالحهم السياسية الشخصية، مستغلاً الخلاف (المسيحي - المسيحي) إن صَحّ التعبير لتعميق الأنشقاق والفتنة بين هذه الأطراف، وليس حرصاً على مصالح المسيحيين أو مستقبلهم.
قد يكون محقاً بعض الشئ، لأن الأحزاب والمنظمات المدنية والكنسية العراقيه لم تتفق يوماً على صيغة عمل قومي مشترك، لذلك فأن المطالبة بمحافظة مستقلة ليست بالسهولة التي يتصورها البعض، أو عبارة يطلقها مسؤول معين أو مجموعة من الأحزاب (الخفيفة الوزن) تجتمع بشكل طارئ وتعلن المطالبة، وكأن المسألة تشبه (خبر عاجل) تطلقه الفضائيات للحصول على سبق صحفي.
إن قضية مهمة كهذه، يجب دراستها من جميع جوانبها بتأني، وتحليل ايجابياتها وسلبياتها وإمكانية تحقيقها من قبل المختصين والمعنيين بالأمر، وخاصة الجوانب القانونية والأقتصادية والأمنية،  والأهم من ذلك كله هو الأستعداد لتجاوز الخلافات وتوحيد الصف المسيحي قبل الأقدام على عملٍ كبير كهذا.. وبذلك نعيد الكرة الى ملعب السيد المحافظ ليلتفت الى مشاكل محافظته بدلاً من توجيه الأتهامات الى ساستنا وقادتنا، فنحن مهما اختلفنا واختلفت تسمياتنا نبقى شعباَ واحداً، ونؤكد له ولكل المشككين بقدراتنا جاهزيتنا الكاملة لتولي أصعب المهام، لأن الذين تمكنوا من قيادة إمبراطوريات عظيمة منذ آلاف السنين لن تصعب عليهم إدارة محافظة صغيرة.


جاك يوسف الهوزي
www.hozi.org



111
القادة المسيحيون عميان أم انهم يغمضون عيونهم؟

طبّل وزمّرَ القادة المسيحيون في العراق عبر أجهزة الأعلام المختلفة مطالبين تارةً بحكم ذاتي وتارةً اخرى بمحافظة خاصة للمسيحيين معلقين أمالهم على مقترحٍ للرئيس العراقي جلال الطالباني الذي كان يدغدغ مشاعرهم ب (نكتة) جديدة من نكاته الشهيرة التي لاتنتهي.
مام جلال رجل ذكي، يعرف ماذا يقول ومتى ولماذا.. الرجل قال كلامه بعد مأساة كنيسة سيدة النجاة والأعتداءات المتكررة على المسيحيين، ونتيجةً لتسليط الضوء عليها من قبل الأعلام العالمي ومطالبة شخصيات مؤثرة  ودول كبرى بحماية المسيحيين، أراد مام جلال أن يضرب عصفورين بحجر واحد:
تهدئة خواطر المسيحيين أولاً، والظهور أمام العالم بمظهر المنقذ لهم ثانياً.
والرجل، بخبرته الطويلة، يعلم جيداً بأن مثل مقترحه هذا ماهو إلا كلام للأستهلاك الآني ولظرف معين، بدليل أنه لم يعدْ بشئ ملموس يُحاسَبْ عليه في حالة تراجعه عن وعده.
وحالما هدأت الأمور قليلاً، سارعت الحكومة العراقية بقطع الطريق أمام هذا المقترح  عبر تصريح علي الدباغ، المتحدث الرسمي بأسم الحكومة والذي قال بالحرف الواحد: ان استحداث محافظة خاصة بالمسيحيين لايدخل في مخططات الحكومة وليس من ضمن أولوياتها.
قبل ذلك، كان قادة المسيحيين وأحزابهم ومنظماتهم (الكارتونية) التي لا وزن لها أصلاً على ساحة السياسة العراقيه قد اجتمعوا بشكل طارئ و (قرروا) المطالبة بمحافظة خاصة بهم في منطقة سهل نينوى (أرض الأجداد) دون تخطيط أو دراسة مسبقة وإنما اعتماداً على (مقترحٍ) جاء لظرف طارئ وتبخّر مع زوال هذا الظرف.
إذا كان الرئيس طالباني وكذلك الناطق الرسمي بأسم الحكومه قد أدّيا واجبهما على أكمل وجه ونجحا في إمتصاص الضغط الدولي دون أن يقدما شبراً واحداً للمسيحيين لأقامة المحافظة المستقله أو الحكم الذاتي المزعوم... فأن العتب، كل العتب يقع على قادة وأحزاب شعبنا المسكين والمظلوم الذين يبنون مطالبهم وأحلامهم على أوهام وأرض هشة.
أَيُعقَلْ أن يقعَ هؤلاء (القادة) كل مرةٍ بنفس الخطأ؟ أم انهم باعوا شعبنا وقضيته من أجل مصالحهم الخاصة؟ وأخذوا يتباهون ب (فتاتِ) المناصب التي تسقط من فضلات المالكي وعلاوي والنجيفي وغيرهم، حتى تلك الفضلات مدفوع ثمنها بدماء شهدائنا الأبرار.
من جهة أخرى، أين هو دور الكنيسة؟ وما هذا التناقض الواضح في المواقف والتصريحات بين رجال الكنيسة والأحزاب السياسية من قضايا مهمة تتعلق بمصير شعبنا؟
أليس من مصلحة شعبنا أن يكون هناك حد أدنى من التفاهم بين الطرفين، وأن يتفقا على شخص محايد يكون بمثابة الناطق الرسمي بأسم المسيحيين جميعاً؟
الى متى تُتْرَكْ الساحه لشخص واحد، يسرح ويمرح بها كيفما يشاء ويُصرّح بما يرغب دون تخويل رسمي من الجميع؟
وأخيرا، هل قادتنا عميان، أم انهم يغمضون عيونهم عن الحقائق لكي لايروا مايجري حولهم ولايريدون الأستفادة من التجارب المريرة لماضينا المؤلم؟
في جميع الأحوال نقول: كان الله في عون أبناء شعبنا.

جاك يوسف الهوزي
www.hozi.org

112


قد يستطيع الفرد أن يستوعب دوافع الأرهابيين في قتل وتهجير المسيحيين العراقيين لأنهم وٌجدوا للقيام بمثل هذه الأعمال الخسيسة التي يندى لها جبين البشريه، هؤلاء أناس لاتعرف قلوبهم الرحمة، إنهم يعملون كروبوتات مبرمجة لتنفيذ إرادة الشر والظلام، فماذا نتوقع من أدوات الشر غير الحقد والكراهية والدمار والدم.

يسيل الدم المسيحي هنا وهناك، وأصبح الجميع أهدافاً دسمة وصيداً سهلاً لكل من هبّ وَدَبْ من عصابات إرهابية منظمة الى افرادٍ طامعين في أموال وأعراض المسيحيين، لأنهم - ببساطة - رعية بلا راعٍ ، فلا الرؤساء الدينيون قادرون على فعل شئ ولا (ممثلي المسيحيين) في البرلمان والحكومة بامكانهم توفير الحماية اللازمة لهم.. كل مايستطيعون فعله هو تصريحات (ناريه) وشجب وأستنكار ورفع الشعارات (القوميه والثوريه) التي تتكرر في أعقاب كل مأساة جديده.

والمضحك المبكي في الأمر هو أن بعض (قادتنا) السياسيين يحاولون اثبات وجودهم واستعراض عضلاتهم ووطنيتهم من خلال التصدي وبشده لكل المحاولات (الخارجيه) الرامية لمساعدة الضحايا المسيحيين كمحاولات فرنسا والفاتيكان وجهات أخرى ويتهمونهم بالتدخل في الشؤون الداخلية، لابل يذهبون الى أبعد من ذلك حد تشبيههم بالقاعدة!! فالكل يحاول إخلاء العراق بطريقته الخاصة... هل هذا منطق العقل والشعور بالمسؤولية؟ أم منطق المصلحة ، أم انه كلام لغاية في نفس يعقوب؟
إنهم لايرحمون ولايجعلون رحمة الله تنزل على المساكين... أين هم من الألم والمأساة التي يعيشها أهالي ضحايا كنيسة سيدة النجاة .. أين هم من الطرق البشعة التي تمارس في قتل المسيحيين وتفجير منازلهم واختطاف فتياتهم، هل يُعقَلْ أن يصبح الفرد معرضاً للقتل في داره في أية لحظة ويُطلَبْ منه البقاء دون ضمانات؟
إذا كُنّا نستطيع أن نفهم غايات الأرهابيين في قتل المسيحيين ،فأننا لانفهم اصرار قادتنا على بقاء أبناء شعبنا تحت رحمة المجرمين.
 
هناك عدة أسئلة تطرح نفسها هنا:
هل يستطيع قادتنا أو يمتلكون الوسائل اللازمة لحماية المسيحيين؟
هل يستطيعون توفير سبل العيش الكريم لهم؟
هل هناك إتفاق بين الزعماء الدينيين والسياسيين حول القضايا المصيرية لأبناء شعبنا كالحكم الذاتي والمحافظة المقترحة؟
والسؤال الأهم:
هل يمتلك قادتنا الشجاعة الكافية لأعلان عجزهم عن حماية المسيحيين؟
إذن: بأي حق يطالبونهم بالبقاء.. ويقفون كحجر عثرة أمام من يحاول مساعدتهم..إنهم يقتلون أحلام الاف الأطفال والشباب المنتشرين في دول الجوار ويقضون على مستقبلهم، فهم لايستطيعون العودة ولايتمكنون من الوصول الى دول يستطيعون الأستقرار فيها.. هل اصبح المنصب والكرسي أغلى من الدم المسيحي؟

يعلم الجميع بأننا لانملك ثقلاً سياسيا في العراق، ولايحسب الآخرون لنا أي حساب بدليل ماحصلنا عليه في تشكيلة الحكومة الجديدة، إن ما (حصلنا) عليه كان نتيجة الصدقة (كوتا) التي منّوا بها علينا. وحتى المحافظة المقترحة التي تكلم عنها مام جلال بعد مأساة كنيسة سيدة النجاة مباشرة كانت بمثابة المخدر-بعد كل ضربة موجعة نتلقاها- نتيجة الضغط الدولي الأعلامي والرسمي على الحكومة العراقية، الآن وبعد زوال هذا الضغط زال المخدر أيضاً، بالامس صرح الناطق بأسم الحكومة العراقية بأن إنشاء هذه المحافظة ليس ضمن توجهات الحكومة.

في الختام، إن كل من يدعو المسيحيين الى البقاء في أراضيهم، ويمنع الأخرين عن مساعدتهم، عليه أن يوفر الحماية اللازمة لهم لضمان سلامتهم وتوفير فرص العمل لآلاف الهاربين من الموت ليتمكنوا من اطعام عوائلهم.. وإلا عليه أن يوفر كلامه لنفسه ويدافع عن أمجاد أجداده إذا كانت أغلى من دماء أبناء شعبه،ثم عن أية امجاد يتحدثون؟
لندع المجاملات والشعارات الرنانه التي لاطائل من وراءها، ونفكر معا لأيجاد مخرج لهذه المأساة بعيدا عن المصالح الشخصية والانانية الضيقة، وكفانا متاجرة بمصير شعبنا الصابر المظلوم لأن الحقيقة ساطعة كالشمس.

جاك يوسف الهوزي
hozi.org

113
متى يٌكشَفْ الغموض عن حوادث قتل المسيحيين؟

تباينت الآراء حول الجهة التي تقف وراء حادث الاعتداء الأثيم على كنيسة سيدة النجاة في بغداد ، وتسارعت الجهات المتصارعة على السلطة الى تبرئة موقفها وإلصاق التهمة بالآخرين، وكالعادة كثرت التصريحات والتنديدات...
إلى متى تستمر الحكومة في الضحك على ذقون المسيحيين، وتحاول التهرب من مسؤولياتها في توفير الحماية اللازمة لهم ؟ الى متى تستمر في التستر على الجرائم التي تحصل بحقهم وتلصقها بعصابات القاعدة والتنظيمات الأرهابية الدائرة في فلكها والجهات والدول التي تقف وراءها دون الاشارة صراحةًً الى هذه الجهات والدول ، أو إتخاذ خطوات عملية كتجميد العلاقات معها أو حتى قطعها، لتثبت للمسيحيين بأنها جادة في الدفاع عنهم؟
 وكالعادة، ينسى الجميع بعد مدة قصيرة ماحصل، وتقيد القضية ضد مجهول، أو نسمع تصريحاً لمصدر أمني يؤكد فيه إلقاء القبض على المجرمين (الوهميين) الذين يقفون وراء الاعتداء، وقد نسمع أيضاً بأنه تم اعدامهم دون الاعلان عن هويتهم، أو كيف ومتى تم ذلك.

إن السكوت سابقاعن جرائم كبيرة حصلت بحق المسيحيين دون الكشف عن هوية مرتكبيها ، أو الأستعانة  بجهات دولية مستقلة متخصصة في هذا المجال، مع انعدام الدور المسيحي في ممارسة الضغط على الحكومة العراقية نتيجة الصراعات المسيحيه - المسيحيه على ( فتات ) السلطة ،جعل الحكومة تستمر في سياسة تجاهل المسيحيين وحقوقهم.

ما يؤكد عدم جدية الحكومة في هذا المجال، هو غلق ملفات الجرائم الكبرى التي حصلت للمسيحيين منذ سقوط النظام السابق عام ٢٠٠٣ دون الكشف عن الغموض الذي أحاط بها ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
١- اختطاف واغتيال المطران الشهيد بولص فرج رحو.
٢- قتل وتهجير المسيحيين في الموصل .
٣- ألأعتداءات المتكررة على الطلبة المسيحيين في جامعة الموصل.

ويعلم الجميع، وأولهم رجال الحكومة العراقيه، بأن المسيحيين أصبحوا أهدافاً معلنة للارهابيين، وقد تتكرر - لاسامح الله - مأساة أخرى بحجم مذبحة كنيسة سيدة النجاة. ألا يحق للمسيحي العراقي أن يتساءل :

ماهي الأجراءات التي اتخذتها الحكومة لحمايته ومنع تكرار ماحصل سابقا.
إذا كانت الحكومة غير قادرة ( فعلا ) على حماية حقوق مواطنيها، عليها ان تعترف بفشلها وتتعاون مع الجهات التي يهما أمر المسيحيين في الداخل والخارج لأيجاد مخرج لأزمتهم.

جاك يوسف الهوزي
hozbox@hotmail.com

114
المسيح يصلب من جديد في العراق والقاعدة تهدد باستئصال مسيحييه   
 


عندما أقبل رؤساء الكهنة وقوّاد حرس الهيكل والشيوخ الذين ألقوا القبض على يسوع ليصلبوه قال لهم:

( أكما على لص خرجتم بالسيوف والعصي ؟ وعندما كنت معكم كل يوم في الهيكل، لم تمدوا ايديكم عليّ. ولكن هذه الساعة لكم، والسلطة الآن للظلام ). لوقا/ ٢٢: ٥٢ - ٥٣ .

ما أشبه اليوم بالبارحة، فما حدث مع السيد المسيح قبل ألفي عام تكرر مرة أخرى مع مسيحيي العراق في كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك في الكراده/ بغداد وبسيناريو مشابه تماماً.

المسيح كان يصلي في جبل الزيتون، والمؤمنون كانوا يصلون ايضاً في الكنيسة. أقبل رؤساء الكهنة ومعهم قوّاد حرس الهيكل مدججين بالسلاح (السيوف والعصي) ، كذلك فعل الارهابيون المجرمون وهم مدججين بالسلاح ( الرشاشات ، المتفجرات والأحزمة الناسفة ).

كان يسوع جريئا، فقال لهم ( كأنكم على لصٍ خرجتم ) ، انا كنت معكم، وأنتم تعرفونني... أنا رجل مسالم، ولم أفعل إلاّ الخير للجميع، فلماذا إذاً كل هذا العنف والسلاح؟ لانعلم بالضبط ماذا قال شهداء كنيسة سيدة النجاة للارهابيين، ولكنهم قالوا بالتأكيد ماقاله معلمهم للمجرمين الذين ألقوا القبض عليه ليصلبوه.

إذا كان المسيح قد صعد الى السماء وجلس عن  يمين الله الآب، فأن شهداء الكنيسة أيضا ينعمون الآن في الجنة مع معلمهم المسيح والشهداء والقديسين.

هناك شئ مهم قاله المسيح لرؤساء الكهنة والشيوخ ( ولكن هذه الساعة لكم ، والسلطة الآن للظلام ). نعم ، اليوم أيضاً الساعة للمجرمين، والسلطة للظلام، فقد أعلنت مجموعات إرهابية مرتبطة بتنظيم القاعدة ومايسمى بدولة العراق الأسلامية على أحد مواقع الأنترنت التابعة لها بأنها ستنتهج خططا استراتيجية جديدة تهدف الى ( إستئصال ) المسيحيين من العراق.

لو كانت مثل هذه التهديدات موجهة لدولة أوروبية أو الولايات المتحدة الأمريكية لأتخذت اقصى درجات الحيطة والحذر، رغم ما تملكه من وسائل وتكنولوجيا متطورة لحماية مواطنيها، وان هذه الدول تصرف المليارات من الدولارات لمكافحة الأرهاب.

ففي ظل الظروف العصيبة التي يعيشها المسيحيون في العراق والتهديدات الجديه ، يتوجب على الكنيسة والساسة واصحاب النفوذ من أبناء شعبنا القيام بعمل جدي يضمن للمسيحي امنه وسلامته، وممارسة الضغط على الفاتيكان ورؤساء الطوائف الأخرى لتحمل مسؤولياتها تجاه اتباعها، ولتمارس هي الأخرى بدورها الضغط على المجتمع الدولي لتطبيق قوانين الأمم المتحده الخاصة بحماية حقوق الأقليات الدينية والعرقيه .

هناك مسألة اخرى لاتقل أهمية، هي ايجاد حل لمشكلة اللاجئين المسيحيين في دول الجوار، فبعد مجزرة كنيسة سيدة النجاة، من المستحيل مطالبتهم بالعودة الى العراق، ويجب حث الدول المانحة

للجوء إعطائهم الأولوية في هذا المجال، لأن زمن ( تخدير الاعصاب ) والكلام عن التعايش السلمي قد انتهى.

اذا لم تتخذ إجراءات عملية سريعة في هذا المجال ، فأن مثل هذه الهجمات الوحشية سوف تتكرر في كافة المناطق التي تتواجد فيها تجمعات مسيحية ، وستتخذ أشكالاَ أكثر دموية، وهذا ما لايتمناه أحد.



جاك يوسف الهوزي
hozbox@hotmail.com

115
من هو الوحدوي، الانقسامي، المتكلدن والمتأشور؟


جاك يوسف الهوزي


نسمع ونقرأ في الآونة الأخيره كثيرا عن الجدل الدائر بين الفئات المختلفة من ابناء شعبنا حول الوحدوي، الإنقسامي، المتكلدن والمتأشور.. كل فرد يصنف الأخر حسب اهوائه وقناعاته الشخصية دون وجود معايير متفق عليها من الجميع.
البعض يعتبر ان كل من يؤمن بأننا ( كلدان اشوريون سريان ) دون وضع الحواجز، أي الواوات، بين هذه المسميات يصبح وحدويا، اما الذي لاتعجبه هذه التركيبة فهو انقسامي، كأن الوحدة هي عملية ميكانيكيه تتطلب ربط الفئات المختلفه معا من خلال لصق اسمائها ببعضها.
المسألة ليست بهذه السهولة، حتى لو فرضنا بأن الجميع يقرون بأننا شعب واحد، فلكل فئة خصوصياتها ولا تريد التفريط بها ومنها الاسم، فالكلداني الذي يرغب الاحتفاظ بإسمه لايمكن ارغامه على تسمية نفسه سريانياً اشورياً ، وكذلك الحال بالنسبة للآشوري والسرياني...يجب احترام حريات وقناعات الآخرين،حتى الكلداني الذي يقتنع بأنه اشوري يجب أن يحترم بإعتباره اشوريا وعدم اطلاق لفظة متأشور عليه للإستهجان وكذلك الحال مع لفظة متكلدن، لأن هذه من ابسط حقوقه كإنسان، ويجب عدم استغلال مسألة التسميه لتخوين الآخرين لأنه لايوجد شخص واحد من ابناء شعبنا لايحب الخير لأخيه المسيحي أو لايتألم لألمه اذا تعرض لمصيبة ما، أما الجدل الدائر وحتى السب والشتم جاء بسبب الوضع  التعيس الذي وصل اليه الجميع دون  استثناء  والبركة بأحزابنا ( المتنفذه ) اولا، وبكنيستنا التي لاتحرك ساكنا سوى تصريحات بعض قادتها هنا وهناك.
الحل يكمن في تأسيس حزب (سياسي) موحد يضم خيرة العناصر المسيحيه الكفوءة من الكلدان والآشوريين والسريان  المؤمنين بأن مصالحنا مشتركة ومستقبلنا واحد، ويحمل اسماً حزبيا سياسيا لاقومياً كالحزب الديمقراطي او الاشتراكي او اي اسم يُتَفَقْ عليه لتجاوز حزازيات التسمية القوميه، ويكون هدفه المعلن خدمة مصالح شعبنا بكل  مسمياته.
لقد آن الأوان للتحرك الجدي والتضحيه، وللكنيسة دور مهم في تبني كل المبادرات الخيرة، وعندما نقول الكنيسة نقصد بها ( كل الكنائس ) ، اذا سارت الكنائس على خط واحد، وكان لها خطاباً موحداً فيما يخص مصالح شعبنا، تختفي عندها الكثير من الحزازيات بين عامة الناس ، لأن مايقوله رجل الدين له تأثير لدى الكثيرين.
وعلينا أخيراً أن ننبذ الخلافات ونستفيد من تجارب الآخرين كالأكراد والشيعة، الأكراد خاضوا معارك طاحنه بينهم قبل ان يتفقوا من اجل مصالحهم المشتركة، وكذلك الشيعة وحدوا قوائمهم للحصول على المزيد من المكاسب... متى تتوحد قوائمنا نحن؟

116
من هو خيرت ويلدرز؟ وماهو دوره في الحكومه الهولنديه الجديده؟

عرف السياسي الهولندي المثير للجدل خيرت ويلدرز على نطاق واسع من خلال فيلمه ( الفتنة /2008) الذي شن فيه هجوما عنيفا على الاسلام وخاصة القرآن، وهو يعيش منذ اكثر من عام في اماكن سريه وتحت الحماية المشددة لتلقيه تهديدات مستمرة بالقتل من متشددين إسلاميين من مختلف انحاء العالم، ورغم ذلك كله لم يكف عن استغلال الفرص المناسبة لمزاولة نشاطه المعادي للاسلام داخل هولندا وخارجها، مسببا احراجا كبيرا للحكومة الهولنديه المنتهيه ولايتها.
الغريب ان ويلدرز قرر دعم حكومة الاقليه اليمينيه الجديدة المكونه من الحزب الليبرالي (VVD) والحزب الديمقراطي المسيحي (CDA) وبذلك تحصل هذه الحكومة على اغلبية بسيطة جدا في البرلمان القادم.
بعض الأعضاء من الحزب الديمقراطي المسيحي الذين عارضوا الإتفاق مع ويلدرز يرون بأن الحكومه اصبحت رهينة بيده يستطيع احراجها متى مايشاء ، ويرى المراقبون بأن ويلدرز يشبه القنبلة الموقوتة التي قد تنفجر في اية لحظة وتفجر الحكومة معها.
قد يتساءل البعض،لماذا تتعامل الحكومه معه وتتحمل مزاجه ومغامراته الغير محسوبه عواقبها؟ الحكومة ببساطة فشلت في ايجاد شريك لها من الاحزاب اليساريه للحصول على الاغلبيه في البرلمان، والسبب هو معارضة هذه الاحزاب على سياسة التقشف (١٨ مليار يورو) التي تتضرر منها الشرائح الفقيره في المجتمع، لذلك لم تجد بديلا غير ويلدرز وحزبه اليميني للحصول على هذه الاغلبيه.

من هو خيرت ويلدرز؟
ولد في مدينة فينلو،على الحدود الالمانيه، في ٦ أيلول عام ١٩٦٣ من اب هولندي وام من منطقة سوكابومي / اندونيسيا.كان كاثوليكي المذهب، طلب ان يشطب اسمه من الكنيسه ليصبح اغنوسيا (agnost) وهو مذهب أو فلسفة تشك بوجود الله وتعترف بالحقائق العلميه .
بدأ حياته السياسيه كعضو في المجلس البلدي لمدينة اوتريخت.
بعد سنة واحدة اصبح عضوا في البرلمان الهولندي عن حزب VVD، الذي كان قد انضم اليه في عام ١٩٨٩.
في ٣ ايلول عام ٢٠٠٤ ترك حزب VVD.
في عام ٢٠٠٦ اسس حزبه PVV (حزب الحريه).وبعد الانتخابات البرلمانيه ام ٢٠٠٦ اصبح رئيسا لحزب الحريه.
منذ اذار عام ٢٠١٠ عضو المجلس البلدي لمدينة لاهاي (مقر الحكومة والملكة الهولنديه).
حصل حزبه على ٢٤ مقعدا برلمانيا في الانتخابات البرلمانيه الأخيره هذا العام.


جاك يوسف الهوزي
هولندا

117
متى يتعلم الكلدان الدرس من الاشوريين؟

يتباكى الناشطون الكلدان هذه الايام على مجدهم الضائع منذ اكثر من ٢٥٠٠ سنة، ويحاول آخرون التنقيب في كتب التاريخ لأثبات هويتهم القوميه رغم انهم ليسوا بحاجة الى ذلك لأن ماقدمه اجدادهم القدامى للانسانيه وخاصة في المجالات العلميه وسام يجب ان يفتخر به كل كلداني وشهادة تعترف بهااشهر الجامعات العالميه وحقيقة ساطعه كالشمس لايمكن ان يحجبها غربال٠
نطالع هذه الأيام مقالات كثيره لكتاب ومفكرين كلدان تتحدث عن الاجحاف الذي لحق بهم بعد سقوط النظام السابق، ويلقون اللوم على الاخرين: الامريكان، القوى العراقيه الكبرى و( الاشوريين ) في تهميش حقوقهم القوميه وحصتهم الشرعيه من ( الغنيمه ) باعتبارهم  اكبر شريحه مسيحيه في العراق. قد يكون لهم بعض الحق ، الا أن المسؤوليه الكبرى في ذلك تقع على عاتق الكلدان انفسهم وخاصة المثقفين والاحزاب والتنظيمات السياسيه والاجتماعيه ( إن وجدت ! ) وكذلك المؤسسه الدينيه الكلدانيه ، لأن نيل الحقوق لايكون بالتمني وانما ينتزع انتزاعا ( كما يقال ).
ليس من السهل انتزاع الحقوق لانه يتطلب تضحيات ولاعبين كبار لهم وزنهم للقيام بهذا العمل الكبير، اذا كان هناك استعداد للتضحيه،اين نجد اللاعبين الكبار؟
هل نجد حزبا او تنظيما كلدانيا واحدا له وزن او يحسب له حسابا على الساحة العراقية؟ وهل هناك جهة كلدانيه مؤثره تستطيع ان تحقق طموحات الكلدان؟ الجواب كلا طبعا.
الكنيسه الكلدانيه هي المؤسسه الكلدانيه الوحيده التي لها وزن واحترام لدى السلطات العراقيه شاءت الاحزاب الكلدانيه ذلك ام ابت٠ ولكي لاتقحم الكنيسة بشكل مباشر في العمل السياسي،على المثقفين والتنظيمات الكلدانيه ايجاد صيغة عمل وتعاون مشترك مع الكنيسه للمطالبه بحقوق الكلدان وتحسين وضعهم.
ولابد من الاشاره هنا الى الى الدور البارز الذي تقوم به الكنيسة الاشوريه واللقاءات التي يجريها قادتها مع كبار الشخصيات المؤثره في العراق والعالم للمطالبة بحقوق الاشوريين٠
وكذلك تلتقي جميع الاحزاب والمنطمات والمؤسسات السياسيه والثقافيه والاجتماعيه ( رغم اختلاف ايديولوجياتها المعلنه ) على خط واحد وهو الدفاع عن كل ماهو قومي اشوري وتستغل حتى ابسط الفرص لتحقيق ذلك٠ انه درس جيد ، جاء نتيجة خبرتهم وممارستهم الطويله في هذا المجال، لماذا لايستفيد الكلدان منه، ويختزلوا المسافات الطويله التي سار عليها الاشوريون؟
امثلة بسيطة على ذلك:
1-  نشر موقع عنكاوا٠ كوم بتاريخ ٢٤ / ٩ خبرا عن انعقاد مؤتمر  دولي  للبحث في قضية الابادة الجماعيه للاشوريين والأرمن واليونانيين في تركيا ٠٠ حضره فريق اشوري.
اين الكلدان واين احزابهم وتنظيماتهم من مثل هذه المشاركات ؟ علما بان ماقدمه الكلدان والسريان من شهداء في تركيا يفوق ماقدمه الاشوريون بعشرات المرات ، لسنا هنا بصدد ذكر الارقام او المقارنة، لان كل قطرة دم سالت من احد شهدائنا هي عزيزة علينا جميعا. للاطلاع على المذابح التي تعرض لها المسيحيون في تركيا سنة 1895 والمدة الممتدة بين الاعوام 1914 - 1918 يمكنك زيارة قسم الكتب ( ص 13 ) في موقع www.islameyat.com وقراءة كتاب ( القصارى في نكبات النصارى ) الذي كتبه شاهد عيان.
ماذا يتوقع الكلدان من الفريق الاشوري المشارك؟ هل يدعي اعضاء الفريق بانهم كلدان؟ بالطبع لا،  لماذا لاتشترك الفرق الكلدانيه في مثل هذه المؤتمرات وتعرف العالم بالمظالم التي تعرضوا لها ؟

2-    اقيم نصب يخلد الشهيد الاشوري وافتتح باحتفال مهيب جلب اهتمام الاعلام..الخبر لايحتاج الى تعليق..مثل هذه الدروس وغيرها يجب ان يتعلمها الكلدان، وليس عيبا ان يتعلم الفرد من اقرب الناس اليه.

اذا اراد الكلدان ان لايبقوا مهمشين عليهم ايجاد الحلول الملائمة للمطالبه بحقوقهم من خلال استغلال كل الايجابيات ونقاط القوة الموجودة في البيت الكلداني، والاستعداد للتضحيه والعمل الفعلي وليس عن طريق المقالات النارية عبر المواقع الالكترونية.




جاك يوسف الهوزي
hozbox@hotmail.com

118
تعرف القوميه بانها ايديولوجيه وحركه اجتماعيه سياسيه نشات مع مفهوم الامه في عصر الثورات  ( الثوره الصناعيه، الثوره البرجوازيه والثوره الليبراليه ) في الفترة من اواخر القرن الثامن عشر.
يقول ساطع الحصري ( كاتب ورائد في الفكر القومي ) بان العناصر الاساسيه في تكوين القوميه هي وحدة اللغه ووحدة التاريخ ، وما نتج عن ذلك من مشاركه في المشاعر والمنازع وفي الالام والامال.

عوامل تكوين القوميه:
______________

1.   ان النظريه العرقيه القوميه التي تقيم الامه على اساس الاصل العرقي الواحد او المشترك نظريه سخيفه لا اساس لها من  الصحه. يقول المستشرق والمفكر الفرنسي المعروف ارنست رينان ( 1823 - 1892 ) في محاضرة القاها قي جامعة السوربون في باريس عام 1882 :
( الحقيقه انه ليس هناك عرق خالص ، وان ارساء السياسه على التحليل الاثنوغرافي يعني اقامتها على طيف زائل ، فالبلدان الاكثر نبالة اي انكلترا، فرنسا وايطاليا ، هي البلدان التي اختلطت فيها دماء السكان اكثر من غيرها.).

2.   ان العاملين الاساسيين في تكوين القوميات هما اللغه والتاريخ المشترك، من خلال هذين العاملين يجب ان نقيم كل العوامل الاخرى المؤثره في القوميه.

3.   ان التاثير المتبادل بين القوميه والدين يؤثر ويتاثر باللغه والتاريخ ، وينتهي الى ان الدين لايلغي حقيقة الوجود القومي.

على ماذا تقوم الفكرة القوميه؟
_____________________

ا -   ان تكون هناك امجاد مشتركه في الماضي.
ب - اراده مشتركه في الحاضر.

ان يكون لنا في الماضي ارث من المجد والحسرات نتقاسمه، وفي المسقبل برنامج بعينه نعمل على تحقيقه. الامة اذن تضامن كبير تشكل من الشعور بالتضحيات التي بذلناها سابقا والتي نحن جاهزون لبذلها ايضا. الامة تفترض وجود ماض، ومع ذلك نراها في الحاضر تتلخص بامر ملموس : انه التوافق والرغبة الصريحة العباره في مواصلة الحياة المشتركة.
ويضيف ارنست رينان:
( ليس الانسان عبدا لعرقه ، ولا للغته، ولا لديانته ، ولا لمجرى الانهر، ولا اتجاه سلاسل الجبال... ان تجمعا كبيرا من البشر ، ذا روح سليمه وقلب حار ، يولد وعيا اخلاقيا اسمه الامه).

يتضح مما تقدم بان لااحدا من ابناء امتنا يستطيع  الادعاء بانه ينتمي الى عرق كلداني او سرياني او اشوري صافي 100% ، واذا استثنينا العرق، وهو عامل غير اساسي، نكون قد توحدنا في اهم عاملين من عوامل القوميه وهي اللغة والتاريخ ، فلغتنا واحده وتاريخنا مشترك ولدينا امجادا مشتركه في الماضي ، الا ان الذي ينقصنا هو الارادة السليمه والرغبة الصريحه العبارة في مواصلة الحياة المشتركة في الوقت الحاضر.

بدون هذه الارادة والرغبه في مواصلة الحياة المشتركة لايمكن ان يكون لنا برنامج عمل ناضج نعمل على تحقيقه في المستقبل.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا بقوه في هذه المرحله المهمه والحساسه من تاريخ امتنا، وهو موجه الى كل فرد من ابناء امتنا والى كافة احزابنا وتنظيماتنا السياسيه والثقافيه والاجتماعيه ومؤسساتنا الدينيه:

هل لدينا التوافق والرغبه الصريحه والصادقه في مواصلة الحياة المشتركه؟

وبذلك نعرف باننا قومية واحدة ام لا.



جاك يوسف الهوزي
hozbox@hotmail.comة

119
تلعب الحرب النفسيه دورا كبيرا قبل بدء الانتخابات وخاصة البرلمانية منها او البلديه، ولعل الاخوة الساكنين في اوربا قد لاحظوا  ذلك من خلال الحملات العنيفه التي تشنها الاحزاب اليمينيه المتطرفة على اللاجئين والاجانب وتحملهم مسؤولية الازمات الاقتصادية والتدهور الامني وزيادة نسبة البطاله والجريمه. قدتنجح في الحصول على اصوات ومقاعد كثيره كا يحصل الان في هولندا، وحصل من قبل في كل من النمسا وبلجيكا ودول اخرى، ولكن الغريب في الامر، ان هذه الحملات تختفي بانتهاء الانتخابات ويسكت المستفادون منها لانهم مفلسون سياسيا وحملتهم ماهي الا حربا نفسيه مزدوجه موجهة ضد الاجنبي وابن البلد (البسيط ) الذي يعتقد بان كل المصائب تاتي بسبب تواجد الاجنبي على اراضيه الذي يزاحمه على قوته وعمله.

سقت هذه المقدمه للتشابه الكبير بين ما يجري على الساحه الاوربيه قبل بدء الاننخابات والساحه "المسيحيه" العراقيه قبل بدء التعداد العام للسكان. هناك تنظيما كبيرا  ( زوعا ) يشن حربا نفسيه متمرسه ضد كل من لايسير على خطه سواء كان اشوريا او كلدانيا او سريانيا ولكن من وراء الكواليس لكي لاتكتسب الصيغة الرسميه ويحرك اقلاما ومواقعا تدعي الاستقلالية وتلتقي مع نهجه (iلوحدوي) المزعوم، الغاية منها اظهار من يخالف هذا النهج بمظهر الخائن او الانفصالي الذي يعمل على تخريب وحدة الصف المسيحي ، كان وحدة شعبنا لاتمر الا عبر بوابة زوعا :

الاستاذ يوسف شكوانا يقول في رده على السيد حبيب تومي ( المساله ليست كلدانيه اشوريه كما يحلو للبعض ان يصفها وانما جوهر موضوع الاختلاف هو بين الوحده والانقسام فبراي ان الكلدانيه=الاشوريه=السريانيه). كل ماذكره جميل جدا ، واعتقد بان كل مواطن مسيحي يتمنى ان يكون هذا راي الاحزاب والتنظيمات السياسيه لشعبنا وان لايكون (فخا) لاحتواء الاخر ولانقول لالغائه، ولكن ماهي المعايير والاسس المتفق عليها للتفريق بين الوحدوي والانفصالي، وهل يحق لجهة معينه ان تنفرد بوضع مثل هذه القياسات التي يجب على الاخرين عدم الانحراف عنها؟ وبما اننا نتحدث عن الحركة الديمقراطيه الاشوريه، فهل تقبل الحركه تغيير اسمها الى الحركه الديمقراطيه الكلدانيه او السريانيه اذا ظهر -بعد التعداد- بان الذين يطلقون عى انفسهم كلدان او سريان هم الشريحه الاكبر من ابناء شعبنا المسيحي؟ لان الاقليه تتبع الاكثريه بالمفهوم الديمقراطي، ولا داعي للاسم المركب اذا كان المفهوم الوحدوي الكلدانيه=الاشوريه=السريانيه. ام ان هذه مجرد شعارات ترفع وفخوخ تنصب للناس البسطاء كما يحصل في الاىنتخابات الاوربيه. وهل يقبل الاشوريون الوحدويون بذلك؟

الاستاذ ابرم شبيرا ، الذي يدعي الاستقلاليه، ينشط هو الاخر في الاونة الاخيره في الترويج لزوعا والدفاع عن مبادئ الحركة الوحدويه ويقول في مقاله الاخير - حلف غير مقدس بين التحجر الاشوري والتعصب الكلداني ( فزوعا مولود شرعي للامة الاشورية بجميع تسمياتها المختلفه ولكن ليس المولود الوحيد كما يعتقد البعض الذين اصابوا بمرض - فوبيا زوعا - ).
ليعلم الاستاذ شبيرا بانه لااحد مصاب ب ( فوبيا زوعا ) .. وانما العكس صحيح ، فزوعا مصاب ب ( فوبيا ) الصحوه القوميه لدى الكلداني والسرياني، ويعلم الجميع بان الشعارات الوحودويه الرنانه لايمكن ان تخدع حتى ابسط ابناء شعبنا الى الابد، وان الوقت ليس في صالح المتاجرين بها دون تطبيقها فعليا. يقول الاستاذ شبيرا ( الامه الاشوريه بجميع تسمياتها المختلفه..) يفهم من هذا بان الامه ،(اشورية) فقط وان اختلفت تسمياتها ، وهو بذلك يخالف عنوان مقالته ويتهم الاخرين بالتحجر والتعصب وفق مقاييس زوعا الوحدويه.

جاء في توضيح من هيئة التحرير في موقع زهريرا نشره موفع عنكاوا.كوم بان ( زهريرا لاتتبع اي مؤسسه حزبيه او دينيه اوغير ذلك، لكن هذا لايمنع ان يكون للموقع خطه الاعلامي الواضح وسياسته الجليه ونهجه الثابت. فلايمكن وبحجة تقديم الراي الاخر ان ننسف ثوابتنا القوميه).
هل يعتقد السادة القائمون على هذا الموقع المحترم بان الناس جهلة الى هذا الحد ليصدقوا استقلالية موقعهم؟ ماذا تعني الاستقلاليه لكم ان كنتم تخافون من نشر مقال لمجرد انه يخالف الخط الذي تسيرون عليه، وعن اية ثوابت قومية تتحدثون؟ ثم هل يمكن لمقال ما - ولو كان بقوة الديناميت ان يكون سببا بنسف (ثوابتنا القومية ) اذا كانت مبتية بالشكل الصحيح؟

انها باختصار حرب نفسية مبرمجة تشن لاغراض  سياسيه وباساليب ذكيه قبل بدء التعداد، نرجو ان لاينخدع ابناء شعبنا بهذه الاساليب وان يثبت كل فرد قومية ابائه واجداده في حقل القوميه.



جاك يوسف الهوزي
هولندا
hozbox@hotmail.com

120
يشكل الكدان حاليا (بعيدا عن الحسابات السياسيه والانتخابيه) القسم الاكبر من مسيحيي العراق. جاءت تسميتهم نسبة الى بقعة الارض التي سكنوها (كلدو). اين تقع كلدو؟ ولماذا ارتبط اسم الكلدان بالتنجيم والسحر؟
للاجابة على هذين السؤالين اعتمدنا على مصادر مستقله، منها الموسوعه اليهوديه القديمه (1901-1906) ومصادر اخرى مترجمه - بتصرف - عن اللغة الهولنديه.


كلدو
____  ارتبط اسم كلدو بمعنيين مختلقين في التاريخ:

1-  اطلق هذا الاسم على بقعة الارض الممتده من راس الخليج(الفارسي) الى جنوب بابل، توسعت بعدها شمالا لتشمل بلادمابين النهرين ، وجنوبا الى سواحل  الخليج   الغربيه وجزءا من سواحله الشرقيه (الاهواز حاليا). سماها الاشوريون ( mat kaldi )   ومعناها بلاد الكلدان اوموطن الكلدان.

2.  عندما سقطت بابل على ايدي الفرس عام 539 ق.م، اختفى اسم الكلدان كقوم من الناس ، واصبح مرادفا للسحر والتجيم، لان الفرس اعتبروا الكلدان - الضليعين في القراءة والكتابه - سحره لمعرفتهم الكبيره بعلوم الفلك وحركة النجوم، وهو مانقله عنهم اليونانيون الذين اطلقوا اسم ( Magier ) على الكلداني، وانتشر في اللغات الاخرى كالانكليزيه( Magic, Magician ) سحر، ساحر.

الكلدان
_____  من الاقوام الساميه ( صافية العرق ) ، ظهروا في المنطقة المحيطه براس الخليج(الفارسي) في نفس الفترة التي ظهر فيها الاكديون في بابل ( قبل عام 2370 ق.م )، ويبدو ان سرجون الاكدي قد فصل بين الاكديين والكلدانيين الذين ينتمون الى نفس الاصل.
عندما احتل الكلدانيون بابل،تاقلموا سريعا على عاداتها وتقاليدها لانها كانت قريبةمن تقاليدهم، واصبح اسمهم مرادفا لبابل وعرفوا بالبابليين ايضا.
لغة الكلدان كانت البابليه/الاكديه نفسها مع اختلاف بسيط في اللفظ والخصوصيه، بعدها تبنوا اللغه الاراميه وهي اللغه التي استخدمها الانبياء مثل دانيال وعزرا.

يتضح من هذه المقدمه التاريخيه عن الكلدان ، موطنهم ولغتهم بانهم ليسوا طائفه دينيه كما يدعي بعض الاخوه من الاشوريين اليوم، بينما لم ينكر  اجدادهم القدامى الكلدان كقوم عاش في جتوب بلاد مابين النهرين قبل تمكنهم من احتلالها.


الهوزيه والكلدانيه
ـــــــــــــــــــــــــــ  دعا الاخ سيزار هوزايا قبل مدة قصيره في احدى مقالاته الى استخدام التسميه الهوزيه عوضا عن الكلدانيه، هذا راي شخصي، وهو حر في ارائه،  الا انه لايعبر باي شكل من الاشكال عن اراء الغالبيه من الهوزيين... فنحن في الوقت الذي نعتز به بعشيرتنا الهوزيه التي تعرضت للاضطهادات المستمرة وقدمت العديد من الشهداء بسبب تمسكها بدينها المسيحي وعدم خضوعها لاوامر الطغاة والمستبدين من الاتراك والاكراد ، مما اضطرها الى ترك ديارها في تركيا نهائيا. نعتز ايضا بانتمائنا القومي الكلداني ، ونحترم اختيار الاخرين.
ان الاعتزاز بالعشيره لايمكنه ان يلغي الانتماء القومي، فكيف يمكن للجزء ان يستوعب الكل او يلغيه؟


جاك يوسف الهوزي
هولندا


121
رغم كونهم سكان العراق الاصليين وبناة حضارته العريقه، الا انهم لايشكلون الان سوى اقلية صغيره اخذه في التناقص يوما بعد يوم نتيجة الهجره المستمره لهم بسبب الظروف الصعبه التي يمرون بها،  واصبحوا كسفينة بلا ربان تتقاذف بها الامواج السياسيه والامنيه والمعيشيه يمينا وشمالا، واخذت السفينة تتصدع من الداخل بانتظار الغرق الوشيك.

هذا هو الوضع الماساوي الذي يعيشه المسيحي البسيط في العراق، والذي اصبح لقمة سائغه يبتلعها اصحاب الكروش المكوره  الذين يتقاسمون السلطه كانها غنيمة حرب من جهة،وهدفا سهلا للارهابيين والتكفيريين الذين يقدمونه ذبيحة دسمه لالههم المتعطش للدماء البريئه من جهة اخرى.

كل هذه الامور تبدو طبيعيه في ظل الظروف الفوضويه التي يعيشها العراق ، الكل يحاول بكل مااوتي من قوة كسب المزيد وتحقيق مصالح شخصيه وعامه للفئة التي ينتمي اليها، وتقاس هذه المصالح بحجم ووزن كل فئة على الساحه وكانه استعراض للعضلات،سواء كان ذلك قانونياـكعدد المقاعد التي حصل عليها في الانتخابات مثلا ـ او غير قانوني بممارسة شريعة الغاب.

بحسب هذه الشريعه يكون المسيحي هو دائماالضحيه والحلقه الاضعف ،لانه لايملك القوة التي تحميه ولا الثقل السياسي الذي يضمن له حقوقه..اذن ماهو الحل؟ ومن يحمي المسيحي العراقي؟

الحل الوحيد يكمن في توحيد الصف المسيحي، ليس على الطريقه التي تنادي بها الاحزاب القوميه المسيحيه بمختلف مسمياتها،فالمسيحي العراقي يكفيه الارهاب الذي يمارس ضده من الاجواء الخارجيه المحيطه به، ولن يتحمل طعنة في الظهر من اخيه المسيحي.
اذا كانت الاحزاب والمنظمات المسيحيه  صادقه في وعودها بانها وجدت لضمان حقوق المسيحيين، عليها ان تكون ارفع واسمى من الخلافات لتحقيق وحدة الصف المسيحي.
للكنيسه ايضا دور كبير في تحقيق هذا الهدف، لقد ان الاوان لعقد مجمع كنسي وعلماني واسع لوضع الخطوط العريضه لصيغة عمل مشترك هدفه الاول والاخير حماية مصالح المسيحيين  وايصال صوتهم الى المسؤولين في داخل  العراق  وخارجه والابتعاد عن كل ما يؤدي الى تفرقتهم واضعافهم.
يجب ان لانتوقع تدخل جهات خارجيه لحماية المسيحيين، وحتى الدولة العراقيه لن تقوم الا بالحد الادنى من التزاماتها اذابقي الوضع المسيحي الداخلي منقسما على نفسه، وهذا ما اثبتته احداث السنوات الاخيره.

جاك يوسف الهوزي


122
جميل جدا ان نرى ابناء شعبنا المسيحي في الخارج يندفعون بشكل عفوي الى شوارع المدن الكبيره ليعلنون عن غضبهم واحتجاجهم لما يتعرض له اخوانهم في العراق من ابادة واهانات، وهي علامة واضحه على وحدة هذا الشعب ومصيره المشترك.
من محاسن هذه المظاهران، ان ابناء شعبنا ساروا جنبا الى جنب تاركين خلافاتهم المذهبيه والقوميه جانبا لعلمهم بان الخطر يهدد وجودهم ،لانهم جميعا يسيرون على درب واحد هو درب المسيح الذي من اجل اسمه  يذبح اخوانهم ويشردون من العراق، فالارهابيون والتكفيريون وعصابات الموت لايميزون بين المسيحي والمسيحي الاخر اكان كلدانيا، اشوريا، سريانيا ام ارمنيا.
اذن، مافشلت فيه احزابنا السياسيه والقوميه وحتى الكنيسه، وهو لم شمل ابناء شعبنا، نجحت فيه هذه المظاهرات. ورغم دعوة شخصيات سياسيه ودينيه الناس للمشاركه في هذه المظاهرات،الا انها لم تكن لتنجح لولا الشعور العالي بالمسؤوليه للمسيحي العراقي وغيرته على دينه وامته.
ويعلم كل من شارك في هذه المظاهرات بانها لايمكن ان تغير من الواقع المؤلم بشئ، الاانها بمثابة صرخة موجهه الى الضمير العالمي الذي يغض الطرف دوما عن صرخات المستضعفين ولايوقضه سوى الصوت القوي والمدوي.
مثل هذا الصوت القوي لايمكن ان ياتي من مظاهرة هنا او اخرى هناك، قد يتعاطف معها لكنه يبقى مجرد تعاطف وكلام لتخدير المشاعر من منظمات خيريه او جهات انسانيه.
يعرف بعض الذين يعيشون في الخارج بان الحكومات الغربيه لاتاخذ بمذكرة تسلم الى شخص مسؤول بعد مظاهرة ما  اذا كان مضمون المذكره لايتعلق باحداث تجري داخل اراضيها ، وانما تبني رؤيتها وفق تقارير وزارة الخارجيه التي تعتمد على سفاراتها او اشخاص معينين يرسلون لهذا الغرض، وللاسف فان تقارير السفارات تتحدث عن الوضع بصورة عامه، كلها تتحدث عن عراق تمزقه الصراعات الداخليه بين الفئات المختلفه والتفجيرات التي تحصد ارواح الجميع دون استثناء، لذلك لااحد يعير اهتماما خاصا لمعاناة المسيحيين الذين اصبحوا صيدا سهلا للجميع في ظل انعدام الامن .
هنا ياتي دور ممثلي المسيحيين في الداخل من برلمانيين ووزراء ومسؤولي الاحزاب ورؤساء الكنائس، عليهم ان يقدموا مذكره مشتركه شديدة اللهجه للحكومه العراقيه يحملونها فيها مسؤوليتها الاخلاقيه في حماية الاقليه المسيحيه لانهم مواطنون عراقيون وليسوا بضاعة مستورده، ومذكرة اخرى الى جميع السفارات العامله في العراق والجهات المؤثره والمنظمات الدوليه يوضحون فيها مايجري من ابادة للمسيحيين ويطالبونها بالتدخل لحمايتهم ومطالبة حكوماتهم ايجاد حلول للهاربين منهم الى الخارج، الصلوات والدعوات والمظاهرات مفيده ولكنهاوحدها لاتكفي، لابد من عمل مؤثر من داخل العراق.

جاك يوسف الهوزي

123
اذا كان صدام قد ملا الدنيا وشغل الناس خلال حياته وفترة حكمه التي امتازت بالقسوة والدمويه وحب الذات لدرجة عدم تردده في تصفية معارضيه حتى وان كانوا من اقرب اصدقائه او افراد عائلته، فان وفاته لم تكن باقل اثارة.

بعد اكثر من اسبوع على اعدامه لايزال الجدل والصراع محتدما بين مؤيديه ومعارضيه، وسيستمر  طالما بقي وضع العراق على ما هو عليه الان.
لقد كشفت عملية اعدام صدام حسين والظروف التي رافقتها حالة التخبط التي تعيشها الحكومه العراقيه وفقدانها السيطره ليس فقط على الشارع العراقي الذي يعيش حالة مستمرة من الرعب لققدان الامن، بل ايضا على مؤسسات الدوله واجهزتها الحساسه، وبدا ذلك واضحا من خلال:-

1-  اختراق رجال الميليشيات المواليه لايران ومنها ميليشيا مقتدى الصدر لاكثر دوائر الدوله سرية  وحساسيه،بضمنها اجهزة الاستخبارات والامن والجيش.

2-  ضعف الحكومه المركزيه من خلال دورها المهزوز في عدم قدرتها على منع تسرب المعلومات عن وقت الاعدام، الذي من المفترض ان يكون سريا، وتضارب تصريحات المسؤولين حول ذلك.

3-  معرفة القياده الامريكيه في العراق بعجز الحكومه العراقيه عن توفير الحمايه لصدام قبل اعدامه، لذلك اعلن ناطق باسمها بان صدام لن يسلم للسلطات العراقيه الا في اللحظات الاخيره لاعدامه لضمان عدم (تعذيبه او اهانته).

4-  توقيت الاعدام:
يبدو ان المالكي قد قدم صدام كذبيحه عيد الاضحى لمقتدى الصدر ليشفي غليله ويثار لدماء ال الصدر ، يتال بها المالكي رضاهم في صفقة مشينه لرئيس الحكومة العراقيه ضاربا عرض الحائط مشاعر بقية اطياف الشعب العراقي ومنهم الاكراد وكان صدام لم يقتل سوى الشيعه وال الصدر.

5-  الدور الكردي المغيب في هذه القضيه يدل على حالة الانقسام واختلاف اتجاهات الاطراف الرئيسيه في الحكومه.

بعد كل هذه الامور، هناك سؤال يطرح نفسه: من يحكم العراق الان؟



جاك يوسف الهوزي
هولندا

124
يبدو ان ايران قد حققت هدفها ـ ولو مؤقتا - من خلال اللعب بورقة حزب الله في لبنان، فالكل يعرف بان هذا الحزب او الميليشيا المسلحه تحركها ايران كيفما تشاء وفي الوقت الذي تراه مناسبا لذلك.

لم يات اختيار ايران لهذا التوقيت بالذات اعتباطا بل جاء نتيجة للضغوط الدوليه المتزايده عليها بعد استمرارها في برنامجها النووي وعدم اذعانها لنداء المجتمع الدولي بوقف تخصيب اليورانيوم ، لذلك كانت ايران امام خيارين بعد ان تاكدت بان القوى العظمى واسرائيل لاتمزح معها في مثل هذه المواضيع الحساسه وانها قد تتعرض للحصار الاقتصادي او الضرب العسكري اذا استمرت في تعنتها وتجاهلها للمجتمع الدولي.
وحرصا منها لكسب المزيد من الوقت لايجاد حل ملائم يحفظ لها ماء وجهها ارتات ايران ان تلعب باحدى اهم واخطر اوراقها ( حزب الله في لبنان ) للتصعيد مع اسرائيل لصرف النظر عن برنامجها النووي والتخفيف من الضغوط الدوليه المتزايده عليها. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا حزب الله ، وفي هذا الوقت بالذات؟
ان ايران تعلم جيدا بان اية مواجهة مع اسرائيل تشغل الراي العام والاعلام العالمي وتثير مشاعر الناس في الشارعين العربي والاسلامي، لذلك كان حزب الله الوسيله المناسبه لاشعال الموقف مع اسرائيل وتلميع صورته  بعد ان تعالت الاصوات بنزع سلاح هذا الحزب ودمج ميليشياته بالجيش النظامي في لبنان، وخاصة بعد ان اجبرت القوات السوريه على الانسحاب من هذا البلد الجريح.

ان النظام الايراني رغم كونه اسلاميا، الا انه نظام قومي متطرف لايهمه ان يضحي بالشيعة العرب لاجل مصالحه الخاصه، مايجري الان في العراق ولبنان هو خير دليل على ذلك، فقد اثبتت الاحداث الماساويه المستمره في العراق بان ايران تعمل ما بوسعها لعدم استقرار الوضع في العراق وهي لاتختلف بشئ عن التكفيريين والمجرمين القتله الذين يحصدون ارواح العراقيين كل يوم، ويهمها ان يبقى العراق ساحة لتصفية حساباتها مع الاخرين وان تكون المعركه بعيده عن اراضيها.

ان الشعبين العراقي واللبناني يدفعان اليوم ثمن اللعبه القذره  التي تقوم بها ايران واسرائيل في منطقة الشرق الاوسط...فمن تكون الضحيه القادمه؟

125
الغاء الطرف الاخر... لمصلحة من؟

في الوقت الذي تعمل فيه كافة الفئات العراقيه مابوسعها لنيل اقصى مايمكن الحصول عليه لتثبيته في الدستور العراقي المزمع كتابته ، تتصارع اطراف معينه من ابناء شعبنا (الكلداني الاشوري السرياني) فيما بينها ويحاول كل طرف منها الغاء الاخر مستندا الى الكتب والمراجع التاريخيه التي تدعم موقفه هذا ، ويصل هذا الصراع الى حد السب والتجريح بالشخصيات الثقافيه والسياسيه والرموز الدينيه للطرف الاخر.
والمؤلم هنا، ان هذا الصراع تقوده نخبه من المثقفين والساسه وحتى بعض رجال الدين تؤثر سلبا على عواطف الالاف من عامة الناس وتؤجج فيهم المشاعر القوميه وروح التعصب بحيث يزدادون تطرفا .

شئ من التاريخ :

ان قراءة التاريخ بتعصب تعمينا عن امور كثيره، فالتاريخ اشار بوضوح الى وجود الاشوريين والكلدان في بلاد مابين النهرين منذ اقدم العصور .. ولابد  من الاشاره هنا الى ان المصادر والاثار المكتشفه تحدثت بشكل اكبر عن الاشوريين لسببين مهمين :
1-  قوة الامبراطوريه الاشوريه وتنامي اطرافها وكثرة حروبها .
2-  الفتره الزمنيه الطويله التي حكمت فيها هذه الامبراطوريه .
لذلك لسنا هنا بصدد الحديث عن الامبراطوريه الاشوريه لان تاريخها مدون بشكل وافر ، وانما سنتطرق عن الامبراطوريه البابليه الحديثه (الكلدانيه).
لو فرضنا ان من حكم بابل واسس الامبراطوريه البابليه القديمه لم يكونوا من الكلدان لعدم وجود ادله تاريخيه على ذلك رغم وجود مقاطعة (كلدو) في الجزء الجنوبي من هذه الامبراطوريه ، فان الكلدان قد حكموا بابل بكل تاكيد منذ تسلم نابوبلاصر الكلداني السلطة فيها - بتاييد شعبي- وتاسيس الامبراطوريه الكلدانيه (البابليه الحديثه) عام 625 ق م ، واسقط نينوى عام 612 ق م . ووصلت هذه الامبراطوريه الى اوج عظمتها في عهد ابنه نبوخذ نصر الثاني (605 -562 ) ق م حيث ازهرت بابل  لتصبح واحده من اعظم مدن التاريخ ، وفي هذه الفتره اصبحت كلمة بابل رديفه للكلدان. استمر حكم الامبراطوريه الكلدانيه لاقل من قرن واحد حكمها خمسة ملوك فقط كان اخرهم نبونيدوس (556 - 539/538) ق م ، وكان نبونيدوس هذا مواليا للاشوريين واغاظ وجهاء بابل فحصل انشقاق في المجتمع البابلي مما سهل من مهمة الفرس في السيطره عليها.
نعود الى ذكر الكلدان في التاريخ ، ان اول اشاره واضحه الى الكلدان في سجلات التاريخ جاءت في عهد الملك الاشوري اشورناصربال الثاني (884/883 - 859) ق م  رغم جود وثائق اقدم كانت تشير اليهم وتسمي منطقتهم الواقعه شمال الخليج ب (الجزيره ) لوفرة المياه والاهوار فيها ، في عام 850 ق م  فام الامبراطور الاشوري شلمنصر الثالث بالاغاره على الكلدان ووصل الى الخليج الذي اسماه خليج ( كلدو).

ظاهره مؤسفه :

اذا كان التاريخ قد اشار بوضوح الى وجود الكلدان والاشوريين في بلاد مابين النهرين  واشاد بمنجزاتهم ودورهم في تطوير الحضاره الانسانيه ، انه لمن المؤسف والمدهش ان ينبري اناس مثقفون الى تهميش دور الاخرين او الغائه في هذه المرحله الحرجه من تاريخ امتنا ، ومن هذه الشواهد:

1-  ادعاء قسم من الاشوريين بعدم وجود قوميه كلدانيه، وان الكلدان مذهب ديني ولاعلاقه للكلدان الجدد بالامبراطوريه الكلدانيه، انه سلاح ذو حدين، لوفرضنا ذلك فهذا يعني انه لاوجود للقوميه الاشوريه ايضا، لان الكلدان الجدد تمت تسميتهم من قبل البابا لتمييزهم عن النساطره .. وكما هو معروف ان النسطوريه مذهب ايضاوليست قوميه، فاذا كانت النسطوريه المذهب الديني للاشوريين فالكثلكه هي المذهب الديني للكلدان.
قد يقول البعض بان النساطره كانوا كلهم اشوريين وان من تحول منهم الى الكثلكه اصبح (اشوري متكلدن) ولكن هذا غير صحيح  ، من المعروف بان الكلدانيين اسقطوا نينوى وسكنوا في تلك المنطقه بينما هرب الاشوريون الى المناطق الجبليه القريبه منها، بعدهاحصل الشئ نفسه  مع الكلدانيين بسقوط امبراطوريتهم مم اضطرهم للهرب والاحتماء بالجبال القريبه
فسكنوا في المناطق القريبه من الاشوريين  وعند دخولهم النسطوريه اصبح الجميع يسمون بالنساطره .

2-  ادعاء قسم من الكلدان بانقراض الاشوريين وابادتهم بعد سقوط نينوى وتدميرها على يد الكلدانيين... لايوجد تاريخياما يؤكد هذا الادعاء، بل على العكس من ذلك وفي اوج  عظمة الامبراطوريه الكلدانيه ابان حكم نبوخذ نصر الثاني كان هناك اضطراب داخلي نتيجة تمرد الاشوريين هنا وهناك، وان اخر ملك حكم بابل (نبونيدوس) كان مواليا للاشوريين كما ذكرنا سابقا، ان دل هذا على شئ فانما يدل على استمرار وجود الاشوريين ورفضهم الاحتلال وعدم انقراضهم.

لقد انتهت الحروب الطاحنه بين الاشوريين والكلدانيين وسقطت امبراطورياتهم منذ زمن بعيد ولم يتمكن احدهما من ابادة الاخر ، فهل يعقل ان يلغي احدنا الاخر  او  يمسحه بجرة قلم ؟

من المستفاد مما يجري؟

لانقول الكل، بل الاغلبيه تتفق بانه لايوجد مستفاد من هذه المعارك الكلاميه التي تعمق الخلافات بيننا وبالتالي الخاسر الاكبر هو نحن جميعا، مصالحنا المشتركه ، حقوقنا التاريخيه ودورنا في العراق الجديد والدستور العراقي.
اذا كنا ندعي باننا احفاد اولئك العظام الذين بنوا حضارات بابل ونينوى، علينا ان نكون بمستوى المسؤوليه الكبيره الملقاة على عاتقنا هذه الايام، فنحن بتصرفاتنا هذه نعيد تدمير نينوى وبابل مرة اخرى.

ماهو الحل ؟

ان يقبل كل منا الاخركما هو ، نتحدث عن حقوق الانسان ونحن اول من لايحترم حقوق اقرب الناس اليه... من حق كل انسان ان يعلن انتماءه الى هذه الفئه  اوتلك برغبته وحسب قناعته .. علينا جميعا ان نحترم راي الاشوري المتمسك باشوريته والكلداني بكلدانيته والسرياني بسريانيته ونحترم ايضا دعاة الوحده والتسميه المركبه (كلدواشوريين) و (كلدواشوريين سريان) شريطة ان لايكون ذلك للاستهلاك السياسي واحتواء الاخرين.. وان يكون التمثيل السياسي بالحجم الجماهيري لكل مجموعه من هذه المجاميع  عملا بالاسلوب الحضاري والديمقراطي المتبع في البلدان المتقدمه.
والاهم من هذا كله هو التنسيق بين هذه المجاميع وخاصة في هذه المرحله لتشكيل كتله قويه موحده تضمن الحقوق المشتركه بينهم (كاللغه والدين) التي تهم ابناء شعبنا جميعا، اما مسالة تقسيم السلطه فهذا امر يخص هذه المجاميع.

والمعني بالامر هنا هو  كافه الاحزاب والنوادي والجمعيات الثقافيه والسياسيه ورؤساء الكنائس والمثقفين من كافة ابناء شعبنا.

جاك يوسف طليا الهوزي



صفحات: [1]