عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - ناظم ختاري

صفحات: [1]
1
هل المقاطعون للانتخابات اخطأوا أم أصابوا ..؟
ناظم ختاري
كثر الحديث بعد ظهور نتائج الغير نهائية للانتخابات الأخيرة ، وفوز عدد من المستقلين بما فيهم بعض اليساريين عن إن الذين قاطعوا الانتخابات أخطأوا وهناك دعوات لمراجعة قراراتهم الخاصة بالمقاطعة ، علما بلغت نسبة المقاطعين والعازفين عن المشاركة نسبة كبيرة فاقت الـ 70% حسب تقديرات كثيرة بالرغم من محاولات المفوضية التقليل من شأن هذه النسبة واللجوء إلى التعامل معها بطريقة غريبة وإعطاء نسب لاتمت للواقع بصلة .
هنا أنا لا أحاول الطعن في أداء مفوضية الانتخابات التي أدارت هذه الانتخابات بصورة أفضل ، إذا ما قارناها مع المفوضيات التي أدارت العملية الانتخابية في عدة دورات سابقة والتي غرقت في المساهمة على ممارسة التزوير وتغيير النتائج لصالح جهات سياسية معينة مشاركة في الانتخابات ، حيث استطاعت المفوضية تقليص التدخل المباشر في خيارات الناخبين ومحاولات تغيير النتائج وسرقة الأصوات وما إلى ذلك و جرت الانتخابات في ظل أوضاع أمنية أفضل مقارنة مع الانتخابات السابقة .
ولكن هل يمكن اعتبار كل هذا سببا كافيا لتخطئة قرار المقاطعة التي اتخذتها جهات سياسية عديدة أبرزها الحزب الشيوعي العراقي وقوى خرجت من رحم تشرين ، أنا أعتقد لا ، ليس لأن هذه القوى خذلت الجماهير وضيعت أصواتها وبالتالي تركت القوى الفاسدة الماسكة بزمام الأمور من احتلال مقاعد ، كان يمكن لها أن تكون لهذه القوى ، أولكانت قد أضافت إلى مقاعد المستقلين ، مقاعد مدنية أخرى كان بإمكانها التصدي لمهمة التغيير عبر العمل البرلماني .
ولكن حسب وجهة نظري المتواضعة ، إن هذا التصورلا يحظى بالكثير من الثبات أو الأمل و لا يمكن له أن يخترق  تحصينات القوى الطائفية الفاسدة التي تعتمد السلاح في معالجة الصراعاتحول المكاسب وحول طبيعة الدولة ، وبالتالي عدم قدرته على خلق  إمكانية يمكن التعويل عليها للولوج في طريق التغيير المنشود في ظل نتائج الانتخابات والأوضاع التي أفرزتها ، وذلك للأسباب التالية.
1-القوى الفائزة باعلى المقاعد في هذه الانتخابات هي امتداد للميليشيات ، ولها أذرع مسلحة  ، ويشكلون جزءا مهما منها ، وليس في بالها أن تتخلى عن سلاحها وهي مارست عبر ماضيها منذ عملية إسقط النظام البائد ، ما أستطاعت ممارسته من الجرائم ، وقمع الحريات وغيرذلك ، ما يندى لها الجبين .
2-  منذ بداية ما يسمى بالعملية السياسية ساهمت هذه القوى بشكل محموم وبكل قوة من أجل تجسيد نهج الماصصة السياسية والطائفية والعرقية وإسقاطه على المجتمع العراقي والدولة العراقية في كل مجالاتها .
3- يشهد كل العراقيين إن هذه القوى هي الجزء الأكبر في عمليات الفساد . وبذلك هي المسؤولة المباشرة عن حرمان الشعب العراقي من مختلف الخدمات ، وبالتالي هي المسؤولة عن خراب وتدمير البني التحتية للدولة ، وهي سبب عجزها عن تنفيذ واجباتها اتجاه المواطنين وتوفير متطلباتهم الحياتية .
4- يظهر لنا بشكل جلي إن هذه القوى هي التي كانت جزء من تلك القوى التي كانت ولازالت تقف بحزم في وجه الدولة وهيبتها وتحويلها إلى دولة هشة أو إلى لادولة ، وتمنع عجلتها للسيرعلى سكة تعزيزوحدتها وقدراتها وانتعاش التنمية فيها .
5- القوى الخاسرة في الانتخابات قالت وتقول عبر فوهة المدفع ورسائلها الواصلة والتي أسقطتها أجنحة الطائرات المسيرة ، لا لنتائج الانتخابات ، والدولة هي "لا دولتنا" والميدان هو ميداننا وسنحارب على رقعته إلى الموت ولن نسلمه إللا أحد  قط ، وسنحافظ على حصتنا ، ونعمل على أجندة ننتمي لها  ، شاء العراقيون أم أبوا .
6-  وعليه وفي كل الأحوال وكما يقول المثل الكوردي (إن هذا العجين .. سيحتاج إلى الكثير من الماء ) أي إن ترتيب الوضع القادم سيصطدم بصراع حاد بين قوى "اللادولة" الفائزة وبين قوى "اللادولة" الخاسرة على الآقل على مستوى البيت الشيعي ، بينما قوى "اللادولة" على مستوى البيوت الآخرى ستنتظر توسيع حجم ورقعة ما يحصل عليها من مكاسب غير مشروعة تأتيها عبر المساومات في كل المجالات .
7- وإن تشكلت الحكومة على أساس الأغلبية الوطنية على وفق تسمية ومعايير السيد ، فإن رئيس الوزراء سيكون شيعي ورئيس البرلمان سيكون سني ورئيس الجمهورية سيكون كوردي . وإن تشكلت وفق تهديدات الولائيين أي حكومة توافقية بعد ضبط الأطراف المتصارعة من قبل أطراف خارجية ، فإن الأمر لايختلف أبدا عن ما هو عليه في الحالة الأولى وستكون المواطنة العراقية خارج الحسابات ولا أهمية لها في ظل مواصلة لا دولة المكونات .   
وفق هذا الوضع القائم والحقائق المخيفة التي تفرض نفسها على الواقع العراقي هل بالإمكان تحقيق التغيير عبر العمل البرلماني ...؟
وبناءا على ما تقدم ، هل كان هناك جدوى للمشاركة في الانتخابات ...؟  وهل أخطأت القوى التي قاطعتها ...؟ هل نعتب على العزوف الواسع لجماهير الشعب عن المشاركة في الانتخابات .. ؟ أنا أقول كلا واحتمال كلا كبيرة .
في 20-11-21       


2
في الذكرى السابعة لغزوة داعش .. جرائم وأرقام
ناظم ختاري
مرت في الأيام القريبة الماضية الذكرى السابعة على احتلال عصابات تنظيم الدولة الإسلامية لمدينة الموصل ، وغدا ستحل نفس الذكرى على احتلال مدينة سنجار حيث أرتكبت هذه العصابات المجرمة هناك ما يندى لها جبين الإنسانية ، وما يهمني في هذه الذكرى الأليمة هو تذكير القضاء العراقي بأن ما حصل في 10.06.2014 وما بعد هذا التاريخ وصولا إلى تاريخ تحرير آخر مدينة عراقية ، كان بفعل توفير قوى متنفذة ضمن السلطات العراقية لشروط وأسباب ساهمت بشكل حاسم على تمكين داعش للقيام بهذا القدر من الجرائم ، وبهذه المناسبة أود أن أضع بين أيديه ما أستطعت بشكل عاجل اعداده من تلك الجرائم بالأرقام معتمدا على المعلومات المنشورة والتي تحتفظ بها ذاكرة الصحافة الألكترونية أو غير ذلك  .
أولا- الحصيلة العامة   
 
- سقوط أكثر من 20 مدينة في غضون أقل من أسبوع ، في شمال مدينة الموصل والمدن الغربية للعراق في أيدي مسلحي الدولة الاسلامية ، أبرزها البعاج وتلعفر وسنجار والقيارة والحظر وربيعة والجزيرة ، ثم تكريت وبلد والدور والإسحاقي ، وصولاً إلى الرمادي وهيت والرطبة والقائم والكرمة وراوة وعانة وألوس وبلدات أخرى ، والتي شكّلت مساحة تزيد عن 45 في المائة من إجمالي الخريطة العراقية.
- طال الدمار البنى التحتية والأملاك العامة في هذه المدن ، حيث بلغت قيمته وفقاً لوزارة التخطيط العراقية أكثر من 88 مليارات دولار، كان نصيب الموصل منها هو الأكبر ، بعد تدمير أكثر من 56 ألف منزل . مع وجود الكثير من المعلومات بأن جثث أصحاب نحو ألف منزل مدفونون تحت أنقاضها ، إضافة إلى تسجيل أسماء 11 ألف مفقود. ولا زال الموصليين وغيرهم يحصون خسائرهم البشرية والمادية والنفسية وغير ذلك التي خلفها احتلال الدولة الاسلامية لمدنهم .
- ارتفعت فاتورة الدم في البلاد لمستويات قياسية بعد تسجيل أكثر من ربع مليون قتيل وجريح واختطاف وتغييب عشرات آلاف الأشخاص بين عامي 2014 و2017.
- أكثر من مليوني شخص عاشوا تحت رحمة مسلحي الدولة الاسلامية  ، الذين استولوا على معسكرات وقواعد ، مع كل ما تتضمنه من سلاح ومعدات.
ثانيا - مجزرة سبايكر
- يقول المرصد العراقي لحقوق الآنسان إن الأرقام المعلنة عن وجود 1700 ضحية من جنود سبايكر ليست صحيحة ، فالرقم تجاوز 2050 ضحية بحسب السجلات الحكومية ، ولم يتم التعرف على 350 جثة منهم أما البقية فلا أحد يعرف مصيرهم حتى الأن . ويلفت المصدر الحقوقي غلى أن مئات العائلات تنتظر معرفة مصير أبناءها الذين غيبوا أو قتلو على يد تنظيم داعش بعد يومين من سيطرته على مدينة الموصل في العاشر من حزيران / يونيو 2014 .
ثالثا -  غزوة مدينة سنجار في 3.8.2014
- قتل عدد كبير من الإيزيديين يصل لحوالي 3000 شخص .
-  اختطاف 5000 أيزيدي .
- تعرض أكثر من 1500 إمرأة للإغتصاب الجماعي، ولازال العالم يسمع مذهولا قصص فضائع عمليات الاغتصاب تلك  .
- بيع أكثر من 1000 إمرأة في أسواق  النخاسة كسبايا .
-  تشريد أكثر من 400 ألف أيزيدي إلى دهوك وأربيل وزاخو ، عانوا حياة مزرية في مخيمات تفتقد إلى أبسط وسائل العيش الذي يليق بالإنسان وكرامته ، ولازال غالبيتهم يعيشون في هذه المخيمات بسبب عدم جدية السلطات على توفير مستلزمات عودة آمنة .
- هروب عدد كبير منهم إلى جبل سنجار وجرى محاصرتهم هناك لفترة غير قصيرة ، مات العديد منهم بسبب الجوع والعطش والمرض أو أثناء التصدي لهجمات عصابات الدولة الإسلامية ومعارك الدفاع عن مواقعهم .
- إجبار المئات منهم حسب الفيديوهات المنشورة من قبل عصابات على دخول الإسلام .
- هجرة عشرات الألاف منهم إلى دول المهجر .
- تفشي آلاف الأمراض النفسية والاجتماعية لدي الضحايا وذويهم علاوة على تفشي الكثير من المشاكل الاجتماعية المعقدة تتطلب وقتا طويلا وجهدا مضنيا لمعالجتها .
رابعا- جرائم أخرى
- قتل الأطفال

في 2015 أعدم داعش 13 فتى في مدينة الموصل لمجرد أنهم شاهدوا مباراة لكرة القدم بالتلفزيون، وذلك بدعوى أن مشاهدة مثل هذه المبارايات "محرمة شرعا". وجرى إعدام الفتيان رميا برصاص الرشاشات، فلم يستطع ذووهم حتى سحب جثامينهم خوفا على حياة عائلاتهم.
- تعليم وتدريب الأطفال على القتل

دأب داعش على تجنيد أو اختطاف الأولاد الصغار وإرسالهم فيما بعد إلى مراكز تدريبية خاصة، حيث كان يتم تدريبهم على استعمال السلاح. وبعد بلوغهم التاسعة من عمرهم كان يجري إرسالهم إلى خط الجبهة ، وذلك إضافة إلى اعتماد التنظيم عليهم كـ"دروع بشرية" أو جواسيس أو "متبرعين" بدمائهم من أجل المسلحين الجرحى.
-خطف النساء والاتجار بهن

اختطف تنظيم داعش مجموعة كبيرة من النساء والفتيات من مختلف المشارب وخصوصا الأيزيديات لبيعهن فيما بعد إلى التجار العاملين في سوق "الخدمات" الجنسية في الشرق الأوسط، وذلك بأسعار تراوحت بين 500 دولار و43 ألف دولار أمريكي للمرأة أو الفتاة الواحدة.
- حرق الناس أحياء

في العديد من الفيديوهات يظهر إن مسلحي داعش يقومون باحراق ضحاياهم وهم أحياء  مثلما حصل في عملية  إحراق 45 شخصا في محافظة الأنبار. وإمرأة مسيحية من الموصل تبلغ 80 عاما من عمرها أحرقت بزعم أنها خالفت أحكام الشريعة الإسلامية.
-الاتجار بالأعضاء البشرية

مارس مسلحو التنظيم الاتجار بالأعضاء البشرية في السوق السوداء العالمية ، وكانت تؤخذ  الأعضاء سواء من المسلحين القتلى أو من أجساد الأسرى والمخطوفين الأحياء، بمن فيهم الأطفال .
-تدمير المدن العريقة وآثار الحضارة العالمية

دمر تنظيم داعش حوالي 30 موقعا أثريا تعود جميعها للتراث الحضاري العالمي. وتاجر بكل ما يمكن بيعه من الآثار في السوق السوداء ودمر ما كان لا يمكن بيعه. ومما جرى تدميره بقايا المباني والتماثيل العريقة في مدينة نمرود الآشورية  ، وآثار مدينة الحضر التاريخية في محافظة نينوى العراقية وأثار مدينة دور شرزكين شمالي الموصل، عاصمة المملكة الآشورية في عصر سرجون الثاني .
- استخدام السلاح الكيميائي

استخدم داعش في المعارك مع القوات العراقية وكذلك ضد المدنيين غاز الكلور. وكذلك استخدم التنظيم غاز الخردل ضد الأكراد العراقيين،

ورغم كل هذه الجرائم فإن الذين تسببوا في احتلال مدينة الموصل من قبل 300 مسلح داعشي أو سهلوا على ذلك لازالوا مجهولين قانونيا والقضاء العراقي ما زال يماطل في فتح ملف التحقيق بسقوط المدينة ثم سقوط بقية المدن، هذا الملف الذي تسلّمه من البرلمان العراقي في نهاية شهر أغسطس/آب 2015 و الذي يحمل إدانة لـ 35 شخصية حكومية وأمنية، على رأسها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الذي أُدين من قبل لجنة تحقيق برلمانية، بالمسؤولية عن سقوط الموصل.
يا ناس هل كل هذه الدماء و كل هذا الدمار و كل هذه المعاناة والفواجع لا تستحق تقديم شرذمة من اللصوص كانت سببا في كل ما حصل إلى المحاكم .. ؟
هل دماء أبناء شعبنا التي سالت بلاحدود رخيصة بهذا القدر ..؟
هل شرف نساء بلادنا  الذي انتهك بشكل فضيع رخيص وغير محمي بهذا القدر ..؟
هل كرامة الإنسان العراقي المنتهكة لا يدافع عنها ورخيصة بهذا القدر ..؟
هل قصص فواجع آلاف العوائل بابناءها وبناتها وأموالها لا تهم القضاء العراقي أو السلطات العراقية ... ؟
هل سيجري إسكات ونسيان  أنين وصرخات آلاف النساء المغتصبات...؟
هل هذا الدمار الذي ألحقته عصابات داعش في مدن بلادنا ، بعد تركها من قبل القوات التي كان من المفترض أن تدافع عنها سيمر مرور الكرام وستختفي هذه الأموال المهولة التي خسرتها خزينة الدولة دون سؤال ... ؟
 



 

3
مرة اخرى ... أنصاريات
إلحاقا بالحلقات التي كتبتها والتي كنت أنشرها تحت هذا الأسم ابتداءا من نهاية عام 2011 وجدت من المفيد العودة إلى الوراء وتدوين بعض ما لم يجر التطرق إليه من قبل ، حول تشكيل مجموعة أنصارية في هضبة ختارة ودوغات وثم محطات الالتحاق المتعددة بأول قاعدة انصارية في ناوه زه نك في عام 1978 .
البدايات .. في مقر أربيل للحزب .. احتفلنا بعيد نوروز في ايلينجاغ ومن هناك التحقنا بالجبل .
بعد أيام قليلة من وصولنا إلى مقر محلية أربيل الذي منع فيه الخروج لأي سبب كان ماعداي والرفيق آودي وذلك لرمي الأوساخ بشكل يومي في حاوية مخصصة قبالة المقر ، وصل الرفيقين خيري درمان ( أبو زكي) والمرحوم شقيقي ألياس قادمان من ختارة وتلاهما بعد عدة أيام أخرى وصول الرفاق أبو داود وشقيقي المرحومان درويش وعلي قادمين من بغداد ، وبهذا فإن غالبية الرفاق الذين صمموا الالتحاق في الجبل من ريف تكليف اصبحوا في أربيل وحبيسي مقر المحلية وذلك لحين مجيء فرصة الانطلاق إلى الجبل ، ومما يذكر فإنه كانت هناك عدة طرق للوصول إلى ناوزه نك ، ولكن لم تكن هناك إمكانية نقل الجميع في أسهل الطرق وذلك بسبب عدم وجود إمكانيات الاستجابة لهذا النقل السريع علاوة على أهمية تفريغ المقر من هذه المجموعة الكبيرة من الرفاق بدفعة واحدة لكي يحل محلهم رفاق آخرين على مر تلك الأيام التي نشطت فيها حركة الرفاق من الموصل وبغداد بعدما تأكدوا من وصولنا إلى أربيل بسلام ووجود إمكانية نقل الرفاق إلى ناوزه نك على الحدود العراقية – الايرانية ،حيث مقرات الأحزاب الكوردية المعارضة لنظام البعث الدكتاتوري .
لم تكن الأيام التي قضيناها في مقر أربيل سهلة ، إذ كان عددنا كبيرا وكان يمكن أن ينكشف أمرنا لو لم نكن حريصين على التقيد بنظام صارم من ممارسة حياتنا اليومية ، ابتداءا من الحركة داخل المقر وإلى التقيد عند الحديث باصوات منخفضة ، وهكذا كان ينبغي أن تسير كل الأمور بهدوء وكأن المقر فارغ لا يوجد فيه بشر ، وكان أحد الرفاق من سواق المقر ، كان اسمه عباس على ما أتذكر هو الذي يوفر لنا مستلزمات الأكل وغير ذلك بشكل يومي ، مع زيارات سريعة متعددة من ابو حكمت إلينا. وكان في المقر رقعة شطرنج وطاولة وورق نتغلب بواسطتها على الكثير من وقتنا علاوة على المطالعة وكذلك بدء التعرف على كيفية كتابة الأحرف الكوردية التي كانت غائبة أو ممنوعة عن مناهج التعليم في غالبية مناطق كوردستان وخصوصا في مناطقنا التي كان النظام يعتبرها مناطق عربية وسكانها عرب .
هناك في مقر أربيل اخترنا أسماءنا الحركية قبل أن نغادره ، وتدربنا كثيرا على استخدامها بسبب عددنا الكبير ، إذ  كثيرا ما كنا ننسى أسماء بعضنا البعض وتجد عشرات المرات رفيقا يسألك ماذا اخترت لك من اسم ..؟ وكثيرا ما كنا نضحك بسبب نسياننا لأسماءنا الجديدة والتي كانت بعضها لاتنسجم أو غريبة عن طبيعة أسماء مناطقنا ، نعم هناك في أربيل تذكرت ناظم حكمت ذلك الشاعر التركي الثائر والذي قرأت له لعدة مرات قصائده الثورية والحماسية  قبل الحملة ، حيث كانت مكتبتي المتواضعة تحتوي على أكثر من كتاب لأشعاره ، فقلت ها أنذا ناظم ، ومن ذلك اليوم كبر ناظم معي وأختفى أسمي الحقيقي ولم يبق له ذكر إلا في السجلات الرسمية ، وكبرت الأسماء الحركية الأخرى مع رفاق آخرين ولكنهم أستعادو اسماءهم الصريحة في محطيهم الاجتماعي بعد مرحلة الانصار ، علاوة على قدرتها على الاستمرار والمقاومة لدى عدد آخر من الرفاق ، بالرغم من بقاء تلك الآسماء الحركية هي المتدوالة في الطقوس الخاصة بطائفة الأنصار( في لقاءاتهم الخاصة ومؤتمرات الرابطة والمحافل الآخرى )  .
في يوم من تلك الأيام وعلى عجالة استعدا الرفيقان أبو داود والمرحوم شقيقي درويش والذي أصبح أسمه الحركي (قادر)  وخرجا بعد وداع سريع وتركا المقر دون أن نسمع عنهما خبرا ألا بعد وصولنا إلى مقر نازوه نك بعد حوالي شهر كامل أو ربما أكثر من ذلك اليوم ، فتفاجئنا بوجودهما هناك ، ينتظران وصولنا بقلق .
هكذا سارت الأمور في المقر دون أن تحدث خروقات أمنية ما عدا اشتباهنا ذات مرة بحركة معينة الأمر الذي دفعنا إلى الاستعداد لترك المقر لو لا وصول الخبر اليقين بأن ما يحدث خارج المقر لا علاقة له بما يحدث داخله ، وعندما اقترب موعد انطلاقنا من أربيل نحو ريف كويسنجق ألتحق بنا في المقر كل من الرفيقين باسل جمعة كنجي والذي قدم نفسه بأسم صباح عندما تعرفت عليه في هضبة كويسنجق ، والذي خضت معه ولازلت أخوض معه رفقة وصداقة فيها من الألام والأشجان ما يبكي الحجر، علاوة على الكثير من التطابق والاختلاف في الرؤى والموقف حول مختلف القضايا والمجالات ، وكذلك الرفيق درويش والذي حمل اسمان حركيان وهما (خالد وأبو آمال) ، ولكنهما أي صباح وخالد تخلفا عن الانضمام إلى موكبنا عندما خرجنا في الـ 21 من آذار العيد القومي للشعب الكوردي من مقر أربيل نحو ريف كويسنجق حاملين معنا كل مستلزمات سفرة طبيعية بهذه المناسبة بما في ذلك الكثير من قناني عرق المستكي والزحلة والبيرة لغرض التمويه وابعاد الشبهات عن طبيعة رحلتنا التي استخدمنا فيها سيارتين جيب تابعة للمقر امتلأت بنا حتى ضاقت المقاعد .
وصلنا إلى مكان محدد عبر طريق ترابي بعد أن تركنا التبليط ، فيه نهر صغير، خريره أنعش مزاجنا الذي أصابه الكثير من التعكر أثناء تواجدنا والإقامة الجبرية والضرورية في مقر اربيل ، كان في ذلك المكان بقع كثيفة من القصب الأخضر الطري ، يهب فيه نسيم هواء ربيعي منعش وتحيطه من كل الجهات تلال تشبه تلال هضبتنا في ختارة ودوغات ، هناك في هذا المكان توادعنا مع السائقان وكان في استقبالنا بعض الرفاق الآخرين من تلك القرى القريبة من المكان كان من بينهم الرفيق الشهيد مام كاويس ، شربنا هناك وأكلنا ما كان لدينا من طعام على أنغام الأغاني الكوردية الثورية وخاصة نشيد نوروز الذي تكرر بثه عبر عدد من الإذاعات التي احتفلت بهذه المناسبة القومية الكبيرة . 
مساءا سار طابورنا وراء الرفيق مام كاويس ورفيق أخر لا اتذكر أسمه إلى قرية دار به سه ر ، التي لم تكن بعيدة عن مكان احتفالنا بعيد نوروز والذي تخلينا فيه عن حياتنا الطبيعية مقدمين على حياة أخرى تختلف عنها كثيرا ، هناك توزعنا في عددا من بيوت القرية وذلك لتناول طعام العشاء ، وكان هذا بالنسبة لنا نحن مجموعة من الشباب التي لم تمارس العمل الانصاري قبلا ، أكبر معضلة تواجههم في أيامهم الأنصارية الأولى ، ورفضنا بشكل قطعي الطلب من العوائل التي كنا نتوزع عندهم بأن يملؤا حقاتبنا بالخبر والأطعمة الأخرى ، مما أضطر الرفيق الفقيد أبو ماجد توزيعنا على البيوت مع رفاق متدربين مارسوا هذه العملية خلال فترات أنصارية سابقة وأنا كنت دائما أذهب أو أتوزع مع الرفيق عيدو أبراهيم سعدون الذي أصبح أسمه الحركي ( فاخر ) وكانت مهمتي أن اتناول طعامي وعندما يحين موعد الانطلاق أستعجل الخروج قبل أن أسمع من فاخر وهو يطلب من العائلة التي استضافتنا طعاما ، فقد كنت أعتقد إن في الأمر عيبا لا يطاق ، ولكن أيام الجوع وضروراتها جعلت من ذلك أمرا طبيعيا بعد مرور الأيام والسنوات .
أذن بدأنا حياتنا الأنصارية منذ ذلك اليوم بشكل رسمي ، وكان لزاما علينا أن نترك القرية في وقت مبكر من صبيحة اليوم الثاني بالرغم من أن غالبية سكانها كانوا أما شيوعيون أو أصدقاءهم أو موالين للأحزاب الكوردية المنخرطة في الحركة المسلحة ، من هناك عدنا مرة أخرى إلى وادي آخر لا يختلف بطبيعته كثيرا عن الوادي الذي أحتفلنا فيه بشكل استثائي بعيد نوروز المجيد ، وهناك نشطت حركة الرفاق من تنظيمات الحزب بين موقعنا وقريتا (داربه سه ر وإلينجاغ) وذلك لاكمال مستلزمات التحرك نحو جبل سفين العملاق ، وأنضم إلينا الرفيق (سامي المالح ) ماموستا رزكار الذي وصل إلى المنطقة قبلنا بعدة أيام ، وكان أهم الأشياء التي انتشرت بعد الظهيرة عدة قطع من السلاح منها بندقية برنو وكلاشينكوف ومسدس علاوة على خناجر وسكاكين وبعض رمانات يدوية وثم التحاق صباح وأبو أمال بنا بعد أن وصلا إلى هناك من أربيل على نفس شاكلتنا .
كل شي أصبح جاهزا قبل الغروب بعدة ساعات ، الأدلاء والرفاق الذين يرافقوننا مع سلاحهم الذي ذكرته في اعلاه ،  أبو ماجد الذي أصبح أسمه الحركي( قاسم ) ولست أدري لماذا لم يختار ابو ماجد له اسم الشخصية البطلة في أغنيته المفصلة ( صالحو) والذي متمردا على الحكومة التركية أبان الجمهورية و مطلوبا لها ومحكوما بالاعدام ، وهي أغنية فلكلورية قديمة ظل أبو ماجد يسمعها كلما توفر لدية الوقت الكافي لسماع الأغاني ، وأبو فؤاد الذي أختار (اسماعيل) اسما حركيا له كانا الاثنان فرحان وقلقان في نفس الوقت ، قلقان بسبب وجود رفاق قد لايتحملوا المصاعب التي ربما أو أكيد ستواجهنا ، كونهم جدد على هذه الحياة التي لابد لها أن تكون قاسية بما فيه الكفاية ، و فرحين لأنهم يجدون أن ما كان مخططا أصبح يتحقق على الأرض ويعيشون الحدث بكل تفاصيله ، وعندما تقررالحركة خطب أحدهم فينا متحدثا عن احتمال تعرضنا لمخاطر الموت بردا وجوعا أو قتالا ، و أن نستعد للأمر وقبوله ما دمنا نؤمن بهذا الطريق ، وأضاف إن على الجميع المزيد من التحمل فقد نضطر أن نسير كثيرا ، لم يكن كل ما ذكر غائبا عن بالنا نظريا على الأقل ، قبلنا التحدي و كل واحد فينا قال في دواخله نحن لها .
قبل حلول الظلام تحركت مفرزتنا وفق سياقات الآنصار، والتي كانت تضم الرفاق التالية اسماءهم
1-الفقيد علي خليل – أبو ماجد من أهالي قرية دوغات ، اسمه الحركي (قاسم) ، توفي أثناء مهمة حزبية في مخبئه المشترك في هضبة دوغات مع الرفيق نبيل أحد الرفاق العاملين في تنظيمات الداخل في مدن الجنوب وذلك في يوم خريفي من عام 1987 ، وكنت مع صباح كنجي في نفس المنطقة كل في مهمته الحزبية ، شاركنا نبيل عملية دفنه في وقت محرج من نهار ذلك اليوم ، وبعد سقوط النظام الدكتاتوري ذهبت من ألمانيا إلى المنطقة وشخصت مكان دفنه ، فتم العثورعلى رفاته وبعد ذلك بفترة إخراج الرفاة من هناك ونقلها إلى دوغات في تشييع مهيب يليق بتاريخه وتضحياته وذلك في 2007 .
2- الفقيد جوقي سعدون – ابو فؤاد ، من أهالي قرية دوغات ، اسمه الحركي أسماعيل ، أستشهد  مع الرفيقريبر عجيل ( أبو رزكار )في1987 أثناء قصف الطيران العراقي لمقر قيادة قاطع بادينان بالأسلحة الكيماوية ، وهذا الحادثة معروفة حيث تحدث عنها عدد كبير من الأنصار في مذكراتهم ونتاجاتهم الأدبية ، ونقل رفاته بعد سقوط النظام الدكتاتوري إلى مسقط رأسه قرية دوغات في 2006 . ومن المهم هنا الإشارة بأن عائلة الشهيد أبو فؤاد غيبت في عمليات الأنفال والمتكونة من زوجته (شيرين ) وأحد أبناءه أسمه (سلمان) وأثنتان من بناته (وفاء وسورياز) .
3- عيدو أبراهيم سعدون - من أهالي قرية دوغات واسمه الحركي فاخر ، وهو لازال على قيد الحياة و يعمل في تنظيمات الحزب الشيوعي الكوردستاني .
4- علي ابراهيم سعدون - من أهالي قرية دوغات واسمه الحركي محسن ، وهو لازال على قيد الحياة ويعمل في تنظيمات الحزب الشيوعي الكوردستاني .
5- الفقيد شمو سليمان سعدون - من أهالي قرية دوغات ، اسمه الحركي شاكر ، غيب في عمليات الأنفال في 1988 أثناء مفرزة كنت شخصيا ضمنها كانت متوجهة إلى سهل نينوى للتخلص من الحصار العسكري المفروض على كل مواقعنا في غالبية مناطق كوردستان ، لازال قبر الشهيد ومصيره مجهولان ، تحدثت عن تفاصيل الحدث في أحدى حلقاتي تحت أسم (محطات أنفال به هدينان ). 
6- بيبو رشو- أبو ليلى أو طالب ، من أهالي قرية دوغات ، لازال على قيد الحياة ، مناضل من طراز خاص .
7- آودي حسن علي - من قرية دوغات ، أسمه الحركي (هادي ) ، لازال على قيد الحياة ، يعمل في تنظيمات الحزب الشيوعي الكوردستاني ، مسؤول ملف الأنصار في سهل نينوى .
8- الفقيد درمان سلو جندي – أبو حربي من أهالي قرية ختارة الكبيرة ، اسمه الحركي (سالم) ، عمل لاحقا في مفرزة الطريق الشهيرة ، وبعد سقوط النظام عاد من منفاه في هولندا إلى الوطن ليصبح عضوا في ل.م للحزب الشيوعي الكوردستاني وفي أحدى زياراته إلى عائلته في هولندا تعرض لجلطة قلبية أودت بحياته وذلك في 2008 .
9- الفقيد عيدو مراد تعلو – معروف باسم مختار من أهالي قرية ختارة الكبيرة ، للأسف قتل أثر نزاع عشائري في عام 1994 .
10- الفقيد ألياس عبدي علي - من أهالي قرية ختارة الكبيرة ، أسمه الحركي (ياسين ) ، توفي في 1995 اثر نوبة قلبية ، وهو شقيق كاتب هذه السطور .
11-  الفقيد علي عبدي علي-  من أهالي قرية ختارة الكبيرة ، أسمه الحركي (هشام ) ، توفي في 1998 أثر نوبة قلبية ، وهو شقيق كاتب هذه السطور.
12- خليل عبدي علي – من أهالي قرية ختارة الكبيرة ، اسمه الحركي ( ناظم ) لازال على قيد الحياة ويعيش حاليا في ألمانيا وهو كاتب هذه السطور .
13- باسل جمعة كنجي – من أهالي بحزانى ، اسمه الحركي (صباح كنجي) ، لازال على قيد الحياة ، كتب كثيرا عن الأنصار وفي مجالات أخرى ، ويعيش حاليا في ألمانيا .
14- درويش – من أهالي بحزانى ، أسمه الحركي ( خالد أو أبو آمال ) ، لازال على قيد الحياة ، ويعيش حاليا في السوديد .
15- الفقيد هرمز اسطيفان بوكا – من أهالي مدينة ألقوش ، أسمه الحركي (أبو إيفان) ، أستشهد في 1980 في جبل كاره وذلك في كمين نصبته مجموعة عاملة ضمن صفوف قوات حدك بقيادة المجرم احمد ميركه تووي ، وسلمت المجموعة نفسها إلى السلطة بعد العملية مباشرة ، ومن الجدير الإشارة إليه بأن كاتب هذه السطور أصيب بجروح بالغة في نفس الكمين ، حيث كان مجموعنا ثلاث رفاق – أبو داوود الذي لم يصب بأي أذي – الشهيد أبو إيفان – وأنا ناظم ختاري أصبت في يدي اليمنى . 
16- الفقيد بيبو قوجى – أبو حازم من أهالي قرية خورزان ، أسمه الحركي خورشيد ، غيب في عمليات الأنفال السيئة الصيت في 1988 ولازال قبره ومصيره مجهولان .
17- حيدر سليمان زراق – من أهالي قرية خورزان ، أسمه الحركي ( جاسم ) ، غيب في عمليات الأنفال السيئة الصيت في عام 1988 ، ولازال قبره ومصيره مجهولان .
18- عيسى جامي – أبو أسمر من أهالي مدينة زاخو ، كان الرجل كبير السن وشيوعي من طراز خاص ، توفي بعد عمليات الأنفال ....................
19- سامي المالح - من أهالي عينكاوة ، أسمه الحركي ماموستا رزكار ، لازال على قيد الحياة ، كان الرفيق نشيطا ويتكلم لغة كورية فصيحة ( اللهجة السورانية ) وشارك  بشكل رئيسي في عقد العديد من النقاشات على شكل ندوات في طريق التحاقنا مع مجموعات من أهالي تلك القرى التي مررنا فيها ، كان يملأه الحماس ويحث الجميع على مقاومة المصاعب التي تعترضنا ، علاوة على روح المرح التي كان يتميز بها ، وهو يعيش حاليا في السويد .
20- وكان برفقتنا ثلاثة من الرفاق من أهالي سهل كويسنجق ، كأدلاء ومسؤولين عن المفرزة ، وهم الرفيق الفقيد مام قادر طه الذي لا أعرف عنه غير أسمه ومعلومة وفاته وشاب اسمه خدر وهو ابن شقيق الرفيق مام هدايت وآخر اسمه محمود مرزاني كان طبعه حاد وشديد الحزم .           
 إذ كانت هذه أول مفرزة بهذا الحجم والعدد تتشكل لأنصار حزبنا وهم يلتحقون بقاعدة أنصارية أولى لايتعدى عدد الموجوين فيها على عدد اصابع اليدين .. إذن هكذا بدأت حياتنا الأنصارية ، أثنان أثنان ومسافات كانت تتقلص كلما كان النهار يقترب من نهايته ، وبحلول الظلام كنا نقترب من الشارع المبلط الذي يؤدي إلى مدينة كويسنجق بالقرب من جبل باواجي ، وهناك بالضبط أعلن الرفيق الفقيد أبو أسمر (عيسى جامي ) عدم قدرته على مواصلة السير ، الأمر الذي أحرجنا كثيرا ، وبعدما لم يجد الرفاق سبيلا آخرا في التعامل مع وضعه اقتنعوا على أهمية تركه هناك ليعود صباحا إلى مقر أربيل حفاظا على سلامة المفرزة ، إذ بإمكانه أن يستخدم احدى السيارات المارة من هناك ، مع ابتداع حكاية تساعده على عبور السيطرات لو سئَل عن سبب تواجده في هذه المنطقة ، والحكاية كان مفادها ، بأن  أبنته معلمة في أحدى القرى الواقعة في تلك المنطقة وكان قد جاء لزيارتها وها يعود من تلك الزيارة ، وبقي أبو أسمر هناك و قبل أن نتحرك بادر صباح  بنزع معطفه الشتوي وأعطاه أياه لكي يتدثر به في ليلته التي سيقضيها في العراء . ( مما يذكر وصل أبو أسمر سالما إلى مقر أربيل في صبيحة اليوم الثاني وسط دهشة الرفاق وقلقهم هناك )
أما نحن فواصلنا المسير نحو حلمنا الأنصاري وفي طريق مليء بالمخاطرالذي كنا نتوقع أن يحقق الكثير مما كنا نحلم به من مستقبل خال من التعسف والظلم ، يتوسم بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية . قطعنا في الساعات الأولى منه مسافة طويلة من السهل ومن الجبال مثل جبل باواجي وغيره التي كانت تتصل بجبل سفين والذي وصلنا إلى سفحه عندما تبدد الظلام لكي نرى أمامنا جبلا شامخا يتحدى عزمنا وأصرارنا بعد ليلة كاملة من المسير المرهق ومن النعاس ومن حاجتنا الماسة إلى شيء من النوم وبأحذية لاتتناسب وطبيعة الجبل ، أقدأمنا أصبحت تعاني .. أجسادنا أصبحت ثقيلة ومرهقة .. كثيرا ما كنا بين اليقضة والنوم ونحن نسير .. والأدلاء يحثوننا على المواصلة ويقولون لم يبق أمامنا إلا نصف ساعة أو كذا من الوقت الذي كان يطول ويطول ويطول أو لا يأتي إلا عندما كنا نستسلم للتعب ، رغم إن منظر قمم جبل سفين الشاهقة ساهمت على تثبيط معنوياتنا لمواصلة المزيد من السير ولكن إلحاح الأدلاء باهمية المواصلة كون المنطقة التي نحن فيها قد تشكل خطرا حقيقيا علينا دفعنا إلى أن نكتسب جرعة تلو جرعة من النشاط أو التحمل للوصول إلى المكان الذي كانوا يعتقدونه أمينا ، وهكذا لم تتوقف المسيرة إلأ عند الضرورة القصوى إلى أن بلغنا قمة معينة وهي كانت مبتغاهم وهناك تركوا لنا بعض الحرية لكي نأخذ قسطا من الراحة ونتناول شايا أنصاريا لآول مرة وفطورا أنصاريا يحتوي مختلف أنواع المأكولات من المعلبات التي اشتريناها وإلى الأجبان والألبان والبيض الذي حصلنا عليه من القرية ، إذ كانت حقائبنا عامرة بالكثير منها ولكنها لم تقاوم كثيرا لأنه كان أمامنا الكثير من الطريق والكثير من الأيام لكي نصل إلى ناوه زه نك ونوكان . 
والقصة لازالت لم تنته               
           

4
مرة اخرى ... أنصاريات
إلحاقا بالحلقات التي كتبتها والتي كنت أنشرها تحت هذا الأسم ابتداءا من نهاية عام 2011 وجدت من المفيد العودة إلى الوراء وتدوين بعض ما لم يجر التطرق إليه من قبل ، حول تشكيل مجموعة أنصارية في هضبة ختارة ودوغات وثم محطات الالتحاق المتعددة بأول قاعدة انصارية في ناوه زه نك في عام 1978 .
البدايات .. وداعا بغداد واربيل محطة أنطلاقنا الأولى بالجبل
 الجدير قوله هنا ، إن بغداد أثناء الحملة أصبحت ملاذا ومدينة اختباء لنا نحن شيوعيو محلية نينوى ، فغالبية الرفاق المعروفين على مستوى مناطق سهل نينوى وجدوا لهم اوكارا للاختباء هناك في تلك الفترة وذلك على شكل مجموعات صغيرة أو أفراد وكانت تربطهم علاقات خيطية على الغالب بعيدا عن الأشكال التنظيمية الأخرى المعروفة ، فقد كانت هناك مجموعات وكان هناك أفراد من ألقوش وكذلك من بعشيقة وبحزانى وهكذا ، ولكن في الواقع لم تكن هناك معطيات و معلومات عن عدد هؤلاء الرفاق ولا عن أوكار اختباءهم ، وبالنسبة لنا نحن المجموعة التي يتركز حديثي حولها وهي من ريف تلكيف كانت أعدادهم أكبر من بقية المجموعات وكانوا متوزعين أما أفرادا أو مجموعات صغيرة ، بعضها في بيوت سرية وأخرى في أماكن عمل حصلوا عليها وذلك للتغلب على العوز والحصول على السكن ، وهذه المجموعات والأفراد كانت ترتبط مع بعض بعلاقات خيطية كما أشرت ، ولكنها علاقات فاعلة وسريعة الاستجابة عند الضرورة ، وإلى جانب هذا فإن علاقتها بقيادة الحزب لم تنقطع الى حوالي شهر قبل مغاردة آخر فرد منها او منهم إلى أربيل ، اذ استطاع الرفيق أبو داؤد (خديدا حسين علي) وهو أحد أعضاء ل.محلية نينوى وسكرتير ل.قضاء تلكيف في ذلك الوقت على تأمين التواصل مع الرفيق ابو جوزيف عبر الفقيد سالم اسطيفان الذي كان عضوا في مكتب محلية نينوى وكان مختبئا في بغداد مثله مثلنا ، ويتلقى توجيهاته الحزبية من الرفيق الفقيد أبو جوزيف الذي كان يختبئ في  نفس الفترة في بغداد أيضا ، ومما يذكر فقد تحققت عدة لقاءات مع سالم اسطيفان بوجود الرفيقين أبو عمشة وأبو سربست اللذان كانا أعضاء محلية نينوى أيضا ، وكان يجري التركيز في كل لقاءاتهم حول الوجهة التالية لهذه المجاميع المختفية في بغداد أو حتى في مدن أخرى دون أن يستطيعوا التوصل إلى اقرار أو اتفاق حول وجهة معينة وخصوصا لم تكن قيادة الحزب قد استطاعت حسم موقفها النهائي من الحملة التي كان يشنها نظام البعث ضده ، بل كان هناك تعويل على امكانية تغيير النظام لنهجه ووقف الحملة وإعادة الأمور إلى طبيعتها ، وخصوصا كان هناك لقاء مرتقب بين مكرم الطالباني و صدام حسين .
ولما كانت قناعات رفاقنا بهذه الإمكانية  معدومة نظرا لمعرفتهم بطبيعة البعث العدوانية ، هؤلاء  الذين تخلوا عن كل شيء وتحدوا جبروت النظام وغطرسته لم يجدوا غير السلاح باعتباره الرد المناسب لهذه الحملة التي كانت تشتد يوما بعد يوم ضد منظمات الحزب ، لذلك قررت المجموعة الصغيرة التي كانت تدير شؤون مجموع الرفاق من ريف تلكيف المضي في طريقها الخاص وكان اول خطوة في هذا الصدد محاولة اللقاء بقيادة الحزب في مقر اللجنة المركزية في بغداد الذي كان لايزال مفتوحا بشكل رسمي وذلك بعيدا عن دراية المجموعة التي كانت ترتبط بالفقيد أبو جوزيف وكذلك بعيدا عن دراية الرفيقين أبو عمشة وابو سربست ، إذ بادر أبو داؤد الذهاب إلى هناك رغم خطورة الأمر ، فكانت مجازفة مثمرة بعد أن أستطاع اللقاء بالرفيق الفقيد عبد الرزاق الصافي الذي كان عضوا في المكتب السياسي للحزب حينها ، وشرح له موقف مجموعتنا ومعاناة رفاقها وأهمية البحث في أمكانية وضع نهاية لعملية اختباءهم في بغداد ، يقول أبو داؤد بهذا الصدد ، بادر الرفيق الصافي بالسؤال قائلا هل لديكم وثائق ..؟ فأجابه أبو داؤد أية وثائق تقصد ..؟ رد الصافي أقصد الوثائق التي قد تساعدكم للوصول إلى سوريا أو لبنان ، إذ نستطيع تأمينها لكم إذ كنتم مستعدين للسفر إلى هناك .. فيرد ابو داؤد وهل سوريا ولبنان هما وجهتنا القادمة و ليس هناك وجهة أخرى غيرها .. ؟  أستدرك الصافي الأمر فقال لأبو داؤد يمكنكم الذهاب إلى الإقليم فقد تجدون الإجابة بخصوص الوجهة التي تقصدونها هناك دون أية تفاصيل أخرى ...
وعلى أثر ذلك تقرر مواصلة التصرف والتحرك بمعزل عن كل الذين جرت الإشارة إلى أسماءهم وأهمية خوض محاولة أخرى تنسجم مع قناعات الرفاق وإهمال كل من شأنه ثنيهم عن سبيل حمل السلاح ، فكانت الخطوة الثانية هي الذهاب إلى أربيل ، وتطوع لأجل ذلك كل من الرفيقان أبو ماجد وأبو حربي وذلك للقاء قيادة الإقليم والبحث في إمكانية الالتحاق بالجبل ، وبدأت المجموعة دراسة خطة من أجل ذلك وخلال أيام قليلة وبعد تأني جاد توفرت القناعة التامة بأهمية القيام بهذه المحاولة التي لابديل عنها وتوفرت بقية المستلزمات للسفر إلى أربيل ، وهكذا سافر الرفيقان إلى هناك فألتقيا بأبو حكمت وتشاورا معه للغرض الذي ذهبا من أجله فأبدى موافقة قيادة الإقليم لقناعة ورغبة الرفاق وإصرارهم بالالتحاق في الجبل عن طريق أربيل ، ولما كان الأمر كذلك ووصلت الأمور إلى حد الاتفاق النهائي ، بقي الرفيق الفقيد أبو ماجد في أربيل وفق الاتفاق وعاد الفقيد أبو حربي إلى بغداد لاخبار أبو داؤود بحصول موافقة الإقليم ولكن وفق شروطهم وأختيارهم للوقت المناسب وكيفية الوصول إلى أربيل ، وهكذا جرى الاتفاق كذلك على أن يكون الرفيق الفقيد أبو حربي منسقا ينتقل بين بغداد واربيل لمتابعة الإجراءات النهائية لاستقبالنا في الأخيرة ، ثم ترحيلنا إلى الجبل ، فبحماس منقطع النظير نفذ أبو حربي مهمته ، و تنقل لثلاث مرات بين المدينتين حتى اكتملت كل الإجراءات .                 
إذن في النصف الثاني من شباط عام  1979جرى حسم قرار التحاقنا بالجبل ، نعم بالجبل الذي لم يطء قدمي فيه أكثرمن مرة واحدة عندما ذهبت مع بعض أصدقائي لزيارة دير الربان هرمز في جبل القوش الذي يقع إلى الشمال من قريتنا .
أنشغلنا في تلك الأيام الأخيرة التي كنا ننتظر فيها تحديد يوم الالتحاق بالجبل أو السفر ، بالبحث عن حاجياتنا الجبلية القادمة من الملابس والأشياء الأخرى مع التأكيد على أن تكون كلها أشياء خفيفة لكي لا تعيق حركتنا ، وفي الواقع لم أكن أعرف شخصيا ولا أي أحد من الشباب الجدد كيف ستكون الأمورهناك في الجبل ، ولذلك كنا نسأل الآخرين الذين خاضوا التجربة الأنصارية في بيرموس لفترات طويلة وآخرين خاضوا تجارب أنصارية ، إذ كنا نسألهم عشرات الأسئلة عن طبيعة الحياة الأنصارية هناك وطبيعة الأشياء التي سنحتاجها حتى تكونت لدينا صورة معينة وعلى أثرها تبضعنا بعض الملابس من بلوزات خفيفة مع قماصل ، ولكن لم يجر توجيهنا لاقتناء أحذية جبلية وهي أهم حاجة من حاجيات الجبل وخصوصا بالنسبة إلى الأنصار، إذ بدون حذاء جيد وقادرعلى مقاومة تضاريس الجبل وطبيعته لن يكون المرء مقاتلا أو نصيرا نشيطا .
أُبلغت إن السفر إلى أربيل سيكون في الأيام الأولى من شهر آذار ، وبدوري أتصلت ببعض الشباب ومن بينهم الرفيق آدوي حسن ( النصير هادي ) والرفيق شمو سليمان للقدوم إلى بغداد قبل السفر بليلة واحدة ، قلت لهما عليكم توديع اخوتكم وأصدقاءكم وتصفية أموركم في المحمودية إذ أكدت عليهما حسب توجيهات الرفاق بأنها أيامنا الأخيرة هناك ، وكان عليً وكامل تبليغ السيد رمزي صاحب (حانة رمزي) بقرب مغادرتنا لبغداد كي يتسنى له البحث عن عمال بدلاء عنا ، ولكن رمزي الشهم تمسك بنا كثيرا وأكد مرارا وهو يقول لايمكن لكم أن تغادروا ، بل أبقوا هنا وأنا أتكفل حمايتكم دون أن يقول ما تبقى مما كان يعرفه عنا أو يتوقعه بِشأننا أو بشأن وجهتنا ، حاولت إقناعه بأننا ذاهبون إلى أهلنا في إجازة وثم العودة بعد قضاء عدة أيام لن تكون طويلة ، ولكنه لم يقتنع ، وفي اليوم الآخير قال أعرف إن وجهتكم ليست إلى أهاليكم ولم يفصح أكثر أو يقول ماكان ربما يعرفه حق المعرفة ، ولكنه كرر القول بأنه مستعد أن يوفر لنا كل أشكال الحماية ، كي نعيش هناك بأمان دون أن يتعرض لنا أحد . ولكن كل محاولاته المخلصة لم تسطع ثنينا مما كنا مقنتعين به والتراجع عن ما خططنا له .
وصلا الرفيقان آودي ومعه الرفيق شمو سليمان (شاكر) والأخير أستشهد أثناء عمليات أنفال بادينان في عام 1988 مع كامل عائلته الصغيرة المتكونة من زوجة وطفلين جميلين (برزين وبرور Pargin & parwar ) إلى بغداد قبل سفرنا بيوم واحد ولازالت وجهتنا كانت مجهولة بالنسبة لهما ، ولكن بسبب طبيعة علاقتي بالرفاق المسؤولين عن مجموعتنا وتردد الرفيق أبو فؤاد و أحيانا أبو ماجد إلى الحانة للمبيت والتي كنت أعمل فيها كانت تتسرب إلى سمعي بعض المعلومات الخاصة بشأن مختلف خططنا ، وعندما تجولنا أنا مع آودي في شوارع بغداد وأسواقها للمرة الأخيرة واشترينا بعض الحاجيات الصغيرة ، قلت له بأننا ذاهبون إلى الجبل عن طريق أربيل ، فاستقبل المعلومة بفرح غامر وقال إذن سنرى أربيل التي لم أزرها قبلا ، وأنا قلت من جانبي وأنا أيضا لم أزرها ، إنها فرصة تاريخية جميلة سنرى فيها أربيل وهي أول مدينة كوردية نزورها في ظل ظروف خاصة ، إذ لم يسبق لنا نحن الشباب أن زرنا أية مدينة من المدن الكوردستانية الواقعة إلى الشمال من قريتنا . قضينا وقتا ممتعا وأخيرا في شواع بغداد وأسواقها ، ذهبنا إلى محل للشربت كنت أحب شرابه والذي كان يقع في نهاية شارع الرشيد  بالقرب من ساحة التحرير وكان اسمه شربت فاضل لتناول كوكتيل أخير هناك ، ولم ننس أن نتناول وجبة شهية أخيرة في بغداد وكان ذلك على ما أظن في مطعم تاجران في شارع السعدون ، وكأسا أخيرا من الشاي في نفس الشارع قبل العودة إلى المحل ، قضينا ليلتنا هناك وجاء رفاق آخرين في وقت متأخر من الليل ، سهرنا طويلا نستجمع ذكرياتنا ونتحدث عن تصوراتنا عن الجبل وأيامنا القادمات ، وفي الصباح أستيقضنا مبكرا وتوجهنا في وقت محدد إلى كراج النهضة ، الذي تنطلق منه حافلات النقل المختلفة إلى كل المدن والمحافظات العراقية ، والجدير قوله شهد العراق في تلك الفترة تطورا كبيرا في مجال توفير وسائط النقل المريحة ، هناك في كراج النهضة تجمع الرفاق قادمين من عدة مناطق من بغداد والمدن القريبة منها ، وكانت مجموعتنا هي الأكبر التي توجهت إلى أربيل بشكل جماعي ، رغم الحذر والتوجيهات التي تؤكد بعدم التجمع ، وكان تواجد الجميع هناك شيئا مفرحا وكان الرفيق أبو حربي ينظم أمر سفرنا حيث تلقينا منه توجيهات إضافية في حال تعرضنا إلى أسئلة في نقاط التفتيش الواقعة بين بغداد وأربيل ، وعندذاك فقط أكتشف بعض الرفاق بأن التحاقنا بالجبل سيكون عبر أربيل ، لم ألحظ ترددا أو ندما في قسمات وجوه الرفاق أبدا ، إذ كلهم كانوا في أوج حماستهم وفي قمة الفرح والإرتياح وكأنهم ذاهبون إلى حفلة عرس تنتهي سريعا وتبقى ذكراها عالقة في أذهانهم كأي حدث مضى سعيدا بين الأهل والأحبة في ثنايا قرانا التي كانت تشهد في أحيان كثيرة أحداثا صاخبة مختلفة حيث كانت ساحة صراع دائم بسبب وقوعها على خط التماس بين المركز والإقليم الذي كان ملتهبا على الدوام ولازال الأمر كذلك ، مما تعرض الوجود الأيزيدي لأكثر من مرة إلى التهديد على هذه البقعة المنسية اهتماما ولكنها المشتعلة دائما .
ابتداءا من ذلك اليوم ومن تلك اللحظة التي وطئت فيها أقدامنا كراج النهضة في بغداد بدأنا نعمل وفق (قاعدة اثنان اثنان يارفاق) وذلك لصرف انتباه رجال الأمن و أية شكوك قد تحوم حولنا ، هذه القاعدة التي أصبحت فيما بعد ملازمة في حياتنا نتبعها نحن معشر الأنصار أثناء أية مسيرة كانت وأينما كانت والتي تركت أثارها لحد الآن على تصرفاتنا وكل جوانب حياتنا ، فكنت مع الرفيق آودي (هادي ) الذي بدأت صداقتي ورفقتي معه بعد عودتي من مدينة ألقوش والتحاقي مع أهلي في دوغات بعد مغادرتهم ختارة بسبب القتال الدائر في المنطقة ( جئت إلى ذكره في أحدى الحلقتين السابقتين ) إذ وصلت إلى هناك (ألقوش ) مع طالب زميل لي من قريتنا أسمه تمو سامو لتكملة مشوارنا الدراسي في ثانوية ألقوش وبدأتُ الدوام فيها عند بداية السنة الدرسية لعام 1973 – 1974 طالبا في الأول المتوسط قبل أن يتحول بيتنا في ختارة بفترة قصيرة إلى ساحة قتال تعالى فيها صوت الرصاص وتلطخت بعويل النساء وصراخ الأطفال وثم الدم والخراب ، مما تشرد أهلي في ليلة مفتوحة على كل الاحتمالات إلى قرية آودي وهي دوغات وكان ذلك بداية انقطاعي عنهم لشهور طويلة ، ومن الجدير قوله عانيت أثر ذلك الانقطاع الحرمان وعدم القدرة حتى على دفع إيجار الغرفة التي كنت أسكنها ، الأمر الذي أدى إلى أن أنتقل من غرفة إيجار إلى أخرى ، ولولا تعرفي على عائلة من قرية بوزان كانت تسكن ألقوش والتي احتظنتني وأولت اهتماما كبيرا بي لساءت أموري كثيرا . سَجلتً تلك الأيام القاسية رفقة جميلة لفترة معينة مع الزميل والصديق ميرزا شيخ سليمان من قرية سريشكة في غرفة إيجار مشتركة لدى عائلة ألقوشية طيبة ( عائلة جوكو دكالى ) ، وثم سجلت حدثا مهما في حياتي وهو التعرف لأول مرة وبشكل شخصي على قائد أنصاري كنت أسمع باسمه مرارا وتكرارا ، وهو الرفيق أبو باز الذي كان يتمتع بشهرة واسعة بين جماهير تلك المنطقة وعلى مستوى قوات الأنصار، ففي يوم شتائي مشمس زار أبو باز ثانوية ألقوش وغادرها بعد لقاء سريع مع إدارة المدرسة وبعد أن لاعب زميلا بكرة المنضدة في الساحة التي كانت تتوسط بناية المدرسة بمهارة عالية ، وبعد ذلك بوقت قصير ، جائني أحد الرفاق الطلبة وكان أسمه ألفريد يونس ختي الذي يعيش حاليا في كندا حسب بعض المعلومات التي حصلت عليها بشأنه قائلا ، تعالى معي لأمر هام ، لم أكن أعرف ما هو هذا الأمر الهام وماذا يريد مني ألفريد ولكنني لم أقلق لأنني كنت أعرف إن ألفريد هو أحد الطلبة الشيوعيين بحكم نشاطه الظاهر وعلاقته مع طلبة آخرين وهم من عوائل شيوعية وكان من بين هؤلاء ، الرفيق حكمت توما توماس و الشهيد منير توما توماس الذي كان ككتلة نار مشتعلة في النشاط والحركة وغيرهما كثيرون ، أتبعت ألفريد إلى بيت أحد الشيوعيين في وسط سوق المدينة ، فوجدت أبا باز في باحة المنزل ، عرفت إنه الذي أرسل ألفريد لاحضاري إلى عنده ، حظيت بترحيب حار من قبله ، شعرت بالفخر وأنا ألتقي أبا باز لأول مرة وكنت أقول في دواخلي كم أنا محضوظ أن ألتقي قائدا ومقاتلا شجاعا كهذا الذي أمامي ، إذ قال لي عندما رآني وأنا اتقدم إليه مع ألفريد ، تعالى يا خليل أريد أن أبلغك سلام الأهل وأشواقهم وأقول لك بأنهم جميعا بخير ولا تقلق بشأنهم إذ إنهم يعيشون بأمان بين عوائل رفاقنا في دوغات . كان هذا أول خبر رسمي أعرفه عن أهلي بعد شهور من المعركة التي دارت في القرية ، وقال أبو باز كثيرا من الكلام ومن بين ما أتذكره من ذلك الكلام ، قال من الآن فصاعدا أنت في حماية الرفاق سواء أثناء الدوام في المدرسة أو في أي مكان آخر من المدينة وأنا بلغت رفاقنا الألقوشيين بشأنك ، ودس بعض الدنانير بين يدي والتي أرسلها لي الأهل ، غادرت لقاء أبو باز وأنا كتلة من الفرح ولأيام طويلة كنت أحدث زملائي وأصدقائي عن هذا اللقاء وعن طريقة حديث أبو باز وصوته الجهوري ومدى اهتمامه بي . نعم بعد ذلك وجدت أهتماما بالغا من الطلبة الشيوعيين في ألقوش ومعاناتي أصبحت تخف ، وأصبح أصدقائي ومعارفي كثيرون ، وأنتميت من خلالهم إلى اتحاد الطلبة العام وأتحاد الشبيبة الديمقراطي ، وتعرفت على رفاقنا في مقر ألقوش وكنت أقضي وقتا طويلا هناك وأقوم ببعض الواجبات الأنصارية وتعرفت كذلك على العوائل الشيوعية الكثيرة التي لجأت إليها من القرى القريبة بسبب نفس الأحداث التي ذكرتها في أعلاه . ومع انتهاء السنة الدراسية كانت قوات انصار الحزب بسطت سيطرتها على المنطقة وأصبح التنقل بين قرى المنطقة آمنا ، فألتحقت بـ (أهلي ) في دوغات وكان ذلك بداية لعلاقة وطيدة ورفقة كفاح ودم لم تنته بعد مع كوكبة من شبابها الأوفياء إلى يومنا هذا وكان من بينهم الرفيق والنصير آودي ( هادي ) إلى جانب العشرات من أبناء العوائل الشيوعية في القرية ، حيث قضينا معا صداقة مليئة بالأحداث في مختلف جوانب الحياة بما فيها الجانب الاجتماعي الذي يثير الكثيرمن الحنين والشجون في نفس الوقت .
  لم أعد إلى ألقوش بعد انتهاء العطلة الصيفية ولكني ذهبت إلى سنجار لمواصلة دراستي هناك . في دوغات وبعد مرور سنتين جرى ترشيحي من قبل أثنين من شباب قرية دوغات لعضوية الحزب الشيوعي العراقي وذلك في أحدى زياراتي إلى الأهل في القرية قادما من سنجار ، فقد كنت أتردد إلى القرية في أيام العطل الرسمية ، و حصلت على شرف عضوية الحزب في سنجار بعد قضاء 9 شهور وهي فترة الترشيح لغير العمال الواردة أنذاك في النظام الداخلي للحزب .
 في بغداد تركنا خلفنا عددا من الرفاق على أن يلتحقوا بنا لاحقا  بعد أن تكتمل بقية الأجراءات ، والرفيقان أبو زكي ( خيري درمان ) وشقيقي الفقيد ياسين ( ألياس عبدي ) اصطحبا المرحومة زوجة الرفيق أبو داود للعودة إلى القرية والألتحاق بنا إلى أربيل من هناك ، وعندما حان وقت الانطلاق من كراج النهضة في بغداد ، أخذنا أماكننا في الحافلة التي نقلتنا إلى أربيل وكنت مع هادي على مقعدين جنب بعضنا البعض ، وعندما حاول هادي السؤال عن طبيعة سفرنا ، قال له أبو حربي لم تعد الأسئلة مقبولة ، دعونا نصل إلى هدفنا دون مشاكل ، وستتعرفون شيئا فشيئا على كل شي ، أنطلقت الحافلة وكنا ننظر بعيون مشدوهة إلى كل شيء جديد نراه في الطريق من قرى ومدن ، كان الطريق إلى أربيل يمر وسط مدينة كركوك التي أسستمتعنا بمشاهدة قلعتها عبر نافدة الحافلة وكانت هذه أول مرة أرى فيها هذه المدينة ولم أستطع زيارتها مرة أخرى لحد هذه اللحظة ، كان كل شيء بالنسبة لنا جديدا نحن الذين لم نحظ بزيارة مدن كوردستان قبل ذلك الوقت ، إذن بعد رحلة استغرقت عدة ساعات وصلنا إلى أربيل وهناك في كراجها كانت تنتظرنا سيارتين جيب مغلقة نقلتنا إلى مقر (محلية أربيل للحزب ) في المدينة ، حيث استقبلنا أبو حكمت الذي كان يتواجد وحيدا من بين بقية كادر الحزب الذين تركوا الحياة العلنية وانتقلوا إلى الاختفاء ومما يذكر كان أبو حكمت ممثل الحزب الرسمي أمام السلطات على مستوى الإقليم .
وللحديث بقية   

         


5
مــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرة أخـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرى...أنصاريـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــات
إلحاقا بالحلقات التي كتبتها والتي كنت أنشرها تحت هذا الأسم ابتداءا من نهاية عام 2011 وجدت من المفيد العودة إلى الوراء وتدوين بعض ما لم يجر التطرق إليه من قبل ، حول تشكيل مجموعة أنصارية في هضبة ختارة ودوغات وثم محطات الالتحاق المتعددة بأول قاعدة انصارية في ناوه زه نك في عام 1978 .
البدايات ..الحملة والاختفاء

مرة أخرى حملنا أنفسنا وبعض حاجياتنا الشخصية البسيطة لشابين قرويين ، تاركين وراءنا ما لنا من أشياء جميلة ومقاعدنا الدراسية وأصدقاءنا وأهلنا وأحبتنا وذكرياتنا ودراجاتنا الهوائية التي كنا نستخدمها في التنقل بين قرية دوغات وثانوية الطليعة في تللسقف في الأيام الغير ممطرة حاملين معنا لكل واحد منا طالبة من عوائلنا من اللواتي كن يدرسن في ثانوية الطليعة ، تركنا محطات قرية دوغات السرية التي كانت بالنسبة لنا نحن مجموعة من الشباب تجربة غنية في ممارسة العمل الحزبي السري مستمدين عزمنا من تجارب قرأناها من بطون الكتب رغم ضعف إلمامنا باللغة العربية ، كان كل واحد منا يجد لنفسه دورا لأحدا من مناضلي العمل السري ويعمل كل ما في وسعه على أداء دورا يليق بلقبه الشيوعي ، تركنا  لقاءات مخابيء الكند السرية التي حملت راية انطلاقة جديدة في زمن جديد ، انطلاقة ملؤها الحماس والاندفاع والثأر لما أقترفه نظام البعث من حملة شنيعة ضد الشيوعيين في كل أرجاء العراق وانتزاع البراءات من الآلاف منهم وتدشين مرحلة جديدة من تبعيث المجتمع باستخدام كل وسائل القمع والترهيب ، وحرب شاملة على كل الرافضين لنهج النظام في إدارة الدولة والذي تحول عبر سلسلة من الممارسات إلى دكتاتورية قذرة تفرد بها في الأخير شخص صدام وأسرته .
 نعم تركنا كل شيء وتوجهنا مرة أخرى إلى بغداد ، فكان سفرنا إليها في هذه المرة أيضا يسيرا لم تعترضه عوائق أو مشاكل من أي نوع ، إذ سارت الأمور بسهولة ، حتى وصلنا إليها أنا مع صديقي الدائم الرفيق عادل ( سعيد أطوشي ) وذلك في ديسمبر من عام 1978 . لم نكن نعلم شيئا عن مصيرنا ووجهتنا ، هل ستكون بغداد محطة اختفاءنا الدائمة أم ستقودنا الأيام إلى مرحلة أخرى كنا نحلم بها في أيامنا التي كنا فيها أمام تحديات تبلور شخصية كل واحد فينا ..؟  عموما كان هناك شعور عام لدينا من أن رحلتنا ستكون طويلة ومعقدة ومحفوفة بالمخاطر وهي رحلة تحدي ستكلفنا كثيرا ، إذن كان علينا أن ننتظر مجيء وقتها المناسب سواءا طال أم قصر .
  انظم إلينا وقتذاك بعد وصولنا إلى بغداد مباشرة ، كامل حسين صديق الطفولة وأيام الشباب ورفيق العمل السري منذ أيام مطاردة منظماتنا في المنطقة من قبل حدك ( طبعا لم نكن نعرف وقتذاك ماهو الحزب وما هي المنظمات ) أوعندما كانت قوات الجيش تقتحم قرانا بحثا عن الثوار الكورد أو الهاربين من الجيش أو مهربي البضائع بين جنوب مناطقنا وشمالها ، كانت مهمتنا أنذاك ونحن كنا لما يزال في العقد الأول من أعمارنا هي نقل البريد الحزبي من بيت إلى بيت إلى آخر أو من رفيق إلى رفيق آخر هذا البريد الذي لم نكن نعرف عنه وعن خطورته شيئا ، أو إخفاء الكتب والاوراق التي لم نكن نعرف ما في بطونها ، وخصوصا كنا في السنوات الأولى من الدراسة الابتدائية ناهيك عن عدم معرفتنا الكاملة باللغة العربية حيث كنا نستطيع قراءة نصوصها البسيطة ولكننا لم نكن نفهم منها شيئا ، ترعرعنا أنا و صديقي كامل سوية في عائلتين أرتبطتا فيما بينهما منذ وقت مبكر بعلاقات وطيدة حتى وجدتا نفسيهما منخرطتين في صفوف الحزب وأصبحتا أمام تحديات ومصاعب جمة قل نظيرها من تشرد وملاحقة مستمرة من كلا الطرفين ، من الحكومة المركزية ومن تفوق قوات حدك ومفارزه وسيطرتها على قرانا ، و مما يذكر إن كامل توفي في السنوات الأخيرة أثر مرض طاريء بعد عودته من بريطانيا لكي يعيش حياته في قريته ختارة الكبيرة .
 البقاء هناك في بغداد لفترة طويلة أم لفترة قصيرة كان يتطلب عملا نرتزق منه ويساعدنا على إدارة حياتنا اليومية وتغطية تكاليف المعيشة للبقاء هناك ومقاومة المصاعب التي قد تواجهنا تحسبا للفترة التي ستجبرنا على المكوث فيها انتظارا لما ستؤول إليه الأمور ، ومعروف إن مستلزمات العيش وإيجاد مأوى للسكن في العاصمة لابد أن تكون مكلفة ، وخصوصا قد يكون هناك رفاق لا يستطيعون الحصول على عمل ، فكان لابد أن نتكفل بما يساهم على التخفيف عنهم وبما نستطيع مساعدتهم في مجال توفير السكن على الأقل . ولذلك فإن أول خطوة خطوناها للتغلب على هذا الهم هو اتصالنا ببعض المعارف والرفاق العاملين هناك ، فلم نعاني في هذا المجال  من صعوبات تذكر ، لأننا في المرة الأولى عند زيارتنا لبغداد عرفنا إن رفيقين لنا وهما الفقيد بيبو محمود ( أبو حسين ) وأخيه قاسم ( أبو صباح ) يعملان في حانة للبيرة تقع في شارع أبي تمام مقابل حديقة الأمة اسمها بوفية رمزي . فاستعجلنا اللقاء بهما ، وعرضنا عليهما استعدادنا للعمل في هذه الحانة ولم يمض وقت طويل حتى جاءت موافقة السيد رمزي صاحب المحل ، على أن اعمل أنا مع أبو صباح في البوفيه وأن يعمل سعيد في الفندق الذي كان يقع جنب البار وأسمه كان فندق رمزي أيضا ، وهكذا لم تعد أمامنا معضلة السكن وتأمين مصاريفنا فتحققت الأمور كما أردنا . لم يبق أبو حسين كثيرا في بغداد بعد أن بدأنا العمل عندهم في الحانة ، إذ غادرها بعد أيام قليلة متوجها إلى دوغات وهناك ووفقا للمعلومات التي توفرت لدينا فيما بعد والتي أشارت إلى أنه أنظم إلى العديد من الشيوعيون الذين قدموا براءتهم من الحزب أمام السلطات ، ولكنه حافظ على أسراره ومن بين هذه الأسرار هو معرفته بسر وجود غالبيتنا في بغداد . ولأجل تلافي مشكلة الفقيد كامل الذي لم نستطع أن نجد له عملا بسهولة بعد أن امضينا وقتا هناك ، عرضت على السيد رمزي تشغيله في نفس البار ، وفي هذه المرة أيضا لم يتردد الرجل على الموافقة الفورية على طلبي .
ورمزي صاحب (بوفية رمزي وفندق رمزي ) كان رجلا مسيحيا طيبا وشجاعا وذو أخلاق عالية ، وثق بنا كثيرا و تبين على مر الأيام بأن له أخت تعمل في خدمات القصر الجمهوري ، وعندما عرف عن طريق الصدفة أو ربما عرف منذ الأيام الأولى من مجيئنا إلى محله والتي زادت عن 3 شهور بأننا شيوعيين وهاربين من الملاحقة في مناطقنا ، كان يشجعنا على مواصلة البقاء عنده وكان يقول لاتخافوا فأنا أستطيع تأمين حياتكم مهما طال الزمن ، وكان لرمزي أخ مسجون لا أتذكر سبب سجنه ولكنه لم يكن سببا سياسيا ، بعد فترة قصيرة من ذلك الوقت خرج من السجن وتردد إلى المحل لأكثر من مرة ، كان أخوه بعكسه حاد المزاج والطباع و كان يتصرف كالأشقياء ، كان رمزي يشكو منه ومن مشاكله الكثيرة ولكنه كان يحبه في نفس الوقت لأنه كان مسؤلا عنه باعتباره أخوه الأكبر .
 منذ الأيام الأولى من العمل لديه طلب مني السيد رمزي المبيت في الفندق بعد انتهاء العمل في وقت متأخر من الليل ولكنني رجوته أن أرتب مكان نومي في البوفيه وطلبت منه تزويدنا بأكثر من فراشين من الفندق وبهذا سيكون الأمر أسهل وسنضمن في نفس الوقت أمن البوفيه ليلا من أية محاولة لسرقته ، استحسن الرجل فكرتي ووافق دون تردد وقال كما تريد ، في الحقيقة لم يكن هدفنا الرئيس أنا مع أبو صباح وكامل من المبيت في البوفيه هو حراسته ، بل كان من أجل توفير مكان مبيت لعدد آخر من الرفاق الذين يلجأوون إلينا ليلا بعد انتهاء العمل . وكان الرفيق الشهيد ( جوقي سعدون ) أبو فؤاد زائرنا اليومي وأحيانا كان يأتي معه الرفيق الشهيد (علي خليل ) أبو ماجد ، إذ كانا يصلان إلى المحل في وقت متأخر من الليل بعد أن يتوقف الكاسيت الذي يبث صوت أم كلثوم وأغانيها وألحانها الجميلة التي تملأ الحانة طربا وبهجة وسرورا وتزيد من استهلاك البيرة ، ويغادرونه في الصباح الباكر قبل بدء العمل في اليوم التالي ومجيء زبائن البار وقبل أن يتصاعد صوت سعدي البياتي ومواويله من مكبرات الصوت المنتشرة في كل زوايا الحانة والتي كانت تطرب الزبائن وهم يستمعون إليه لساعات طويلة وينضمون إلى صوته الشجي والغناء معه ، مع حركات راقصة وأصوات دق الأصابع ودقات خفيفة على الطاولات وهم يقابلون زجاجات البيرة التي تملأ طاولاتهم ( فريدة وشهرزاد وأمستل ولؤلؤة ) ومقبلاتهم المحببة من الفستق واللبلبي ، ولم يكن الرفيقين أبو فؤاد وأبو ماجد وحدهما يترددان على المحل فقد كان هناك آخرون يترددون أيضا بين فترة وأخرى . 
كان لأبا حسين وأبا صباح أصدقاء من مناطقنا ممن يدرسون في بغداد أو يؤدون الخدمة العسكرية هناك أو يعملون في باراتها أو أفرانها أو بقية مجالات العمل وهم يأتون لزيارتهم في المحل بين فترة وأخرى ، ففي أحدى هذه المرات دخل علينا رجل أسمر بملابسه العسكرية وعلى كتفيه شارات ونجمات ، لازلت لا أميز بين الرتب العسكرية المختلفة ولا أعرف مرتبات أصحابها العسكرية ،  عند دخوله في بداية الأمر شعرت بالخوف وعدم الطمأنينة ولكنه عندما حيانا باللغة الكوردية هدأ روعي قليلا وأطمأنت روحي ، فسألت أبو صباح من يكون هذا العسكري ..؟ قال لي لاتخف عندما وجدني مرتبكا ، إنه أبو حميد (بيرحسين مرعان) وهو ضابط أو طالب في كلية الطيران و(كريفنا ) من الشيخان ،  فقلت بيني وبين نفسي إذن فإن الآمر لا يستدعي خوفا ، وبعد دقائق من دخوله جلسنا على طاولة نتناول شايا وتناولنا في نفس الوقت أطراف الحديث فدخلنا في أحاديث لامست بعض السياسة وأبو حميد اصبح يستفزنا بأسئلة معينة يريد منها معرفة حقيقتنا ، ولما كانت أجوبتنا تذهب باتجاه معين قال ها والله كنت أعرف إنكم شيوعيين ما دمتم من دوغات .. ولكنه أستدرك قائلا لا تخافوا أنتم في أمان وأنا لست من الذين يغدرون وإن أحتجتم شيئا فأنا يمكنني مساعدتكم  .
كانت مكتبة الطريق الواقعة في شارع السعدون لا زالت مفتوحة تبيع  الكتب ومنشورات الحزب بما فيها طريق الشعب التي كان صدورها مستمرا ، قررت وبعد أن استقرت أوضاعنا أن أذهب يوميا لشراء الجريدة ولكن الرفيق الذي كان يعمل في المكتبة وبخني في المرة الثانية دون أن يعرف هويتي وقال بصوت خافت لا تتردد إلى هنا من أجل الجريدة فالمكان مراقب ، كان الرجل ذو جسم ضخم  يتحرك بصعوبة من وراء طاولة كانت منتصبة في نهاية المكتبة ، عرفت فيما بعد إن اسمه نوزاد وإنه كوردي من السليمانية ، امتثلت لنصيحته وامتنعت عن التردد إلى المكتبة وبحثت عن بائع آخر للجريدة ، فوجدت واحدا في بداية شارع السعدون في الركن المقابل لجسر الجمهورية وهو يفرش بضاعته من الجرائد والمجلات على رصيف ذلك الركن ، كنت أذهب إليه كل صباح وبحركة سريعة أمد يدي على جريدة طريق الشعب وأضعها بين صفحات جريدة الثورة البعثية وأدفع ثمن جريدتين وكان على الغالب بائع الجرائد لا يعرف ماذا كانت الجريدة الثانية ، وهكذا سارت الأمور دون مشاكل ، و في المحل كنت أضع الجريدة في الجرار الذي كنت أحتفظ فيه بإرادات المحل وأثمان ما نبيعه من البيرة والمقبلات حتى أنتهي من قراءتها أنا والمرحوم كامل وأبو صباح قبل أن يترك الأخير بغداد هو الآخر ، وكان من الطبيعي عندما يأتي صاحب المحل السيد رمزي إلى البارأن يجلس على ذات الكرسي ويفتح الجرار لعد النقود وجرد الحساب ومراجعته وكان هذا يحصل كل أسبوع أو عشرة أيام أو احيانا أقل ، وذات يوم كانت جريدتي في الجرار ولم أكن قد انتهيت من قراءتها ، فجاء رمزي وذهب إلى مكانه المعتاد وعندما فرغت من تهيئة طلبات زبون عدت إلى البار لإعادة ما تبقى له من نقود فوجدت السيد رمزي يقرأ بجريدتي الأمر الذي أصابني بخوف شديد خشية أن يكون للأمرعواقب ويبلغ عنا لدى السلطات وإنه ربما أكتشف أمرنا للتو ، ولكنه لما وجدني مرتبكا عمل على تهدئتي وقال لا تهتم أنا أعرف بقصة الجريدة من أيامها الأولى وكنت أقرأها وأنت تعمل بين الزبائن ... لا تخف مني فسرك مصان ولا تقطع عن الجريدة ، بعد هذا صرنا نشعر بأمان أكثر في المحل ولم نكن نشعر بالقلق عندما كان السيد رمزي يتردد إلى المحل ومعنا عدد من الرفاق .
أصبحت حياتنا شبه طبيعية هناك وكثر عدد الرفاق من مناطقنا في بغداد والمدن القريبة منها ، فكان ابو داوود والفقيد أبو حربي يعيشان في شقة سكنية في حي الشعب وأبو زكي والمرحوم أخي ألياس (ياسين ) يعيشان في منطقة أخرى من بغداد لا أتذكرها وهادي ( آودي حسن ) يعمل ويعيش في المحمودية ويتردد إلى بغداد أثناء بعض اللقاءات وعمي الفقيد شمدين وآخي الأكبر الفقيد درويش وأخي الفقيد علي ( هشام ) والفقيد كريم درويش (حمه ) وعيدو قاسم الذي ترك الحزب بعد التحاقنا والرفيق عيدو أبراهيم سعدون والرفيق علي أبراهيم سعدون والرفيق الشهيد شمو سليمان سعدون (شاكر) والفقيد عيدو مراد ( مختار) والشهيد بيبو قوجي ( أبو حازم) ورفاق آخرين كثيرين يؤسفني لا أتذكر أسماءهم كانوا يتوزعون في مناطق بغداد المختلفة والمدن القريبة منها .
بعد فترة من التواجد والعمل هناك في بغداد وذلك بقرار من الحزب غادرنا سعيد أطوشي إلى الموصل للاختفاء داخل مقر محلية نينوى وحمايته مع الرفيق أبو خدر الذي كان نزيلا دائما في المقر بسبب ملاحقته الدائمة من السلطات في سنجار. أنتظمت الزيارات بيننا مع الحفاظ على سريتها واستخدام شفرات معينة عند التحدث إلى بعضنا البعض أثناء المكالمات الهاتفية وما إلى ذلك من أسباب الصيانة ، وبدأت تتوارد أو تصل إلى أسماعنا بعض المعلومات المختصرة عن انتقال بعض رفاقنا من قرى ومدن كورستان إلى المناطق الحدودية والبدء ببناء مقرات أنصارية ، فصرنا نعيش على أمل استلام توجيهات من الحزب للالتحاق بتلك المقرات الأنصارية .
           

6
مرة أخـرى...أنصاريات
إلحاقا بالحلقات التي كتبتها والتي كنت أنشرها تحت هذا الأسم ابتداءا من نهاية عام 2011 وجدت من المفيد العودة إلى الوراء وتدوين بعض ما لم يجر التطرق إليه من قبل ، حول تشكيل مجموعة أنصارية في هضبة ختارة ودوغات وثم محطات الالتحاق المتعددة بأول قاعدة انصارية في ناوه زه نك في عام 1978 .
البدايات .. الحملة والمجموعة الأنصارية الأولى
 
 في عام 1978 عند بداية افتتاح دوام المدارس بعد العطلة الصيفية كثرت المضايقات ضد الطلبة الشيوعيين وأبناء العوائل الشيوعية في ثانوية الطليعة في قصبة تللسقف التي كنت أدرس فيها وكنت حينها طالبا في الصف الرابع العام وكانت هذه السنة الأخيرة التي درست فيها ، إذ غادرت مقاعد الدراسة إلى الأبد ، كان وقتها مدير الثانوية بعثيا كان أسمه أليشاع وكان ذلك الرجل المنتفخ وذو القامة المتوسطة وعينان ملونان وشعر يميل إلى اللون الذهبي عضوا في فرقة قضاء تلكيف لحزب البعث ، وكان رأس أليشاع قليل الاستقرار وكثير الاهتزاز حتى كان المرء يشعر بأنه ربما يعاني من عاهة ما ، ورغم هذا فقد كان كادر التدريس والطلبة يخافونه بسبب موقعه الحزبي ، وكان أليشاع بين فترة وأخرى يقوم بعملية جرد للطلبة ومعرفة اتجاهاتهم السياسية من خلال توزيع قسائم رسمية صادرة باسم إدارة الثانوية ، فيها أسئلة تتعلق بمعلومات كثيرة تخص حتى الحياة الشخصية للطلبة ، ولما كنت من عائلة شيوعية معروفة لم أتردد من كتابة كلمة شيوعي أمام سؤال ..الانتماء السياسي الذي ورد في تلك القسيمة وعليه لمح لي لأكثر من مرة بأنه يعرف ماضي وماضي عائلتي ويعرف انتمائي السياسي ، فعندما كان يصادف ذهابنا معا إلى الشارع العام بعد انتهاء الدوام كي يستقل منشأة نقل الركاب العامة المتحركة بين مدينة الموصل وألقوش والعائدة من الأخيرة للعودة إلى بيته في قصبة باطناية وأنا أستقل نفس المنشأة ولكن العائدة من الموصل للعودة إلى قرية دوغات أي كنا نفترق في اتجاهان متعاكسان ، كان أليشاع يحاول أن يستفزني بأسئلة يستفز منها أغلب الشيوعيين وكانت تتضمن في خباياها نوع من التهديد الناعم وتكرر الأمر عدة مرات ، ولكنني لم أكن أبالي بذلك ولم أكن أخشى تهديداته المبطنة بسبب عمري الصغير واندفاعي وقناعتي بالمعلومات التي كنت أمتلكها فكنت أحاول أن أكون طرفا متكافئا في الحوار وأدافع عن قناعاتي بشدة دون تحسب للعواقب ، و مما يجدر القول إن أيامنا القليلة التي كنا نداوم فيها في هذه البداية لم تكن تخلو من تهديدات أعضاء الاتحاد الوطني حتى وصلت في عدة مرات إلى العراك بالأيدي . 
  كنت حينها عضوا في لجنة قاعدية ( أساسية ) ضمن منظمة الحزب في قرية دوغات رغم صغر سني ، هذه القرية المعروفة على مستوى منطقتنا باسم موسكو الصغرى ، اضطرتنا ظروف القتال بين حزبنا وحدك في 1973 إلى ترك قريتنا ختارة والهجرة إليها (وقتها كانت الصفات الحزبية تمنح إلى العضو الحزبي وفق آلية يحددها النظام الداخلي للحزب ، إذ كانت عملية الانتخابات السائدة منذ المؤتمر الخامس غائبة بالنسبة إلى أعضاء لجان المناطق فما دون ، وكان تقييم الهيئة التي كان يعمل فيها والهيئة الآعلى كفيلا بتقديم العضو الحزبي لنيل صفة حزبية أعلى والتي كانت تلازمه أينما رحل ) ، وفي نفس الوقت كنت منتدبا إلى لجنة قضاء تلكيف وكانت هذه مسؤولية كبيرة ، وفي خريف ذلك العام بدأت حملة اعتقالات وملاحقات عامة ضد منظمات حزبنا على امتداد الوطن ، وشملت منطقتنا أيضا بما في ذلك مدرستنا التي كان يتلقى عدد كبير من أبناء العوائل الشيوعية التعليم فيها من مختلف القرى المحيطة بـ تللسقف ، حيث بدأ رجال الامن وكوادر حزب البعث بملاحقتنا في كل مكان في المدارس والبيوت والشوارع وأصبحت مفارزهم تداهم قرانا بحثا عن الشيوعيون حتى غاب وجودنا عن الدوام تماما وعن تلسقف كلها وغاب غالبية الرفاق الناشطين على امتداد قضاءي الشيخان وتلكيف وريفهما عن النشاط اليومي العادي والتواجد بين الناس ، فمنهم من أختفى عن الأنظار ، ومنهم من قدم براءته من الحزب تحت الضغط والاكراه والتهديد والوعيد ، طبعا أعداد هؤلاء كانت كبيرة وتسربت الكثير من المعلومات بأن بعضا منهم تعاونوا مع السلطات وقدموا معلومات عن رفاقهم وعن التنظيمات التي كانوا يعملون فيها بعد أن باعوا ذممهم مقابل بعض المال المذل .
هؤلاء الرفاق تجمعو في هضبة دوغات وختارة بأسلحة قليلة جدا وخفيقة في نفس الوقت ، كانت غالبيتها سكاكين وخناجر وعدد من المسدسات والرمانات اليدوية وربما بعض القطع من سلاح الكلاشيكوف والبرنو . وباشروا بتشكيل مجموعة أنصارية تستقبل الشيوعيين الهاربين من قرانا وبلداتنا من عمليات الملاحقة التي كانت تنظمها اجهزة الأمن البعثية والمنظمات الحزبية . حتى بلغ عددهم في مخابئها  أكثر من أربعون فردا ، وهم يتنقلون ويتجولون في شعاب هذه الهضبة ويبحثون عن وسيلة لحماية أنفسهم وممارسة دورهم في الوقوف بوجه حملة البعث ضد الحزب ومنظماته ورفاقه وعوائلهم .
ولما كانت دوغات المحطة الوحيدة في المنطقة لتلقى المعلومات الخاصة عن الحزب وتوجهاته في ظل اشتداد الحملة على منظماتنا والحصول على أخبار الرفاق وكيفية التعامل مع الأحداث ، كلفت أنا مع الرفيق عادل عيسى ( النصير سعيد آطوشي) للبقاء مختبئين في القرية وذلك لكي نكون حلقة وصل بين الهاربين من حملة الملاحقة وبين تلك المجموعة الأنصارية المشار إليها والتي كانت تتشكل من غالبية الكادر الحزبي في منظمتي تلكيف والشيخان ، فالذي كان يريد الالتحاق بها كنا نرافقه إلى أماكن متفق عليها بيننا وبين المجموعة الأنصارية ، أما الذي كان يريد معرفة بعض القضايا بخصوص توجهات الحزب أو قضية أخرى فكنا على أهبة الاستعداد لتزويده بما كان يريد وفق توجيهات الرفاق في الكند وكانت عملية اللقاء بهم تتم بشكل مباشر أو عن طريق عوائلنا الكثيرة في القرية ، التي كانت أبوابها مفتوحة لنا ليلا ونهارا رغم المخاوف ، فكنت أنا وسعيد نتنقل من بيت إلى آخر دون أن نبقى في بيت من هذه البيوت إلا يوما واحدا أو يومين .
أستمر الأمر على هذا المنوال ربما عدة أسابيع ننتقل من بيت إلى آخر نستقبل الرفاق الهاربين من الملاحقات ونلتقي رفاق الكند (المجموعة الأنصارية ) ، حتى بُلغنا ذات يوم بأهمية السفر إلى بغداد والاختفاء هناك لحين الاتصال بنا ، وعليه رتبنا الأمر أنا والرفيق سعيد وسافرنا إلى بغداد دون عوائق وهناك ألتقينا بعض رفاقنا من معارفنا وأصدقاءنا ومن منظماتنا ومن الذين كانوا يعملون في بغداد والمدن القريبة منها على أمل الحصول على عمل ولكن كان في الأمر صعوبة بسبب الضغط النفسي المسلط على الجميع والناجم عن نتائج الحملة الموجهة ضد تنظيمات الحزب وخشية اكتشاف أمرنا للسلطات .
بقينا في بغداد نتنقل بين عدة أماكن عائدة لرفاقنا العاملين في بغداد كما أشرت وطال انتظارنا لرفاقنا من مجموعة الكند فلم نتلق منهم أي اتصال وغابت عنا كل أخبارهم ، وعليه وبسبب قلقنا على مصيرهم وكيفية التصرف بشأن مصيرنا ، قررنا العودة إلى دوغات مرة أخرى ولم نكن نحتاج إلى وقت كثير لكي نعد للعودة إذ سارت الأمور سريعا ووجدنا أنفسنا في مدينة الموصل ، حرصنا أن نصل إلى القرية ليلا ، ذلك لتجنب تسرب أية معلومة عن تواجدنا في المنطقة وتجنب أية ملاحقات أو مداهمات محتملة ، فبعد أن قضينا نهارا كاملا في شعاب كند دوغات ، توجهنا ليلا وفي وقت متاخر إلى القرية ، ووقع اختيارنا أن نذهب للمبيت في بيت الرفيق عيدو عبدي ( أبو حلمي ) وهو من أقرباء الرفيق سعيد وزوجته هي عمة سعيد وهي شقيقة الشهيد أبو ماجد  ، توفت أثر حادث مؤسف بعد سنوات من هذا الوقت الذي أتحدث عنه ، ومن المعروف إن الرفيق عيدو فُقد أو استشهد فيما بعد مع عدد من أفراد عائلته في عمليات الآنفال عام 1988 التي فقدنا فيها حوالي 200 فردا من أنصارنا وعوائلهم من الأطفال والنساء . عند دخولنا إلى البيت وجدنا الجميع يغطون في نوم عميق ، فتركناهم وشأنهم ورتبنا أماكن نومنا في غرفة مليئة بالتبن وهو علف حيواناتهم ومواد أخرى كانت وقودا للتنانير ، فلما استيقضوا صباحا أصابتهم الدهشة لحالنا ولكننا أكدنا لهم بضرورة بقاءنا في هذه الغرفة وأكدنا على أهمية أن يختصر أمر معرفة وجودنا بين أبوحلمي وعمة سعيد دون الآخرين ، ذلك حفاظا على أمن العائلة ولكي يتسنى لنا اعادة الصلة ببقية عوائلنا التي تتصل بمجموعة الكند لترتيب اتصالنا بهم و لمواصلة تنفيذ أية مهمة يجري تكليفنا بها .
مرت أيام أخرى ونحن نستقبل بعض القادمين من قرى مختلفة محملين ببعض الأخبار والمعلومات عن الحملة في قراهم ونحملهم أخبار الحزب ونودعهم ، وكانت أخبار الحملة تتوارد إلينا من مصادر أخرى عديدة ومعها معلومات عن تزايد أعداد الرفاق والرفيقات الذين يرغمون على تقديم براءاتهم من الحزب والتعهد بالامتناع عن العمل ضمن صفوفه وانسحاب البعض من مجموعة الكند وخصوصا لم يكن هناك وضوح لما سيقدم عليه الحزب ، هذه الخسائر وهذه الأوضاع الحرجة التي كنا نتعامل معها على مدار كل ساعة وكل يوم كانت تثير فينا مشاعر الحزن والألم والغيرة على فقدان تنظيماتنا ورفاقنا ولكنها لم تكن تزيدنا إلا إصرارا وعزيمة لمقاومة جبروت البعث ودكتاتوريته والاستعداد للحفاط على الحزب وتنظيماته .
 وإزاء هذا الوضع وتمادي نظام البعث وسلطاته ومواصلة تطهير منظمات الحزب كانت قناعات الرفاق في الكند وحتى بقية الرفاق ممن استطاعوا الحفاظ على أنفسهم تترسخ أكثر فأكثر على أهمية اعلان الكفاح المسلح انطلاقا من هناك أو عند الالتحاق بالجبل ، وأتذكر إنها ( مجموعة الكند ) حاولت إيجاد فرصة ووسيلة اتصال بالسيد محمود أيزيدي وهو أحد القادة العسكريين الأبطال في القيادة المؤقتة للحزب الديمقراطي الكوردستاني بقيادة المرحوم سامي عبد الرحمن في منطقة بهدينان ، والذي استشهد في معركة بطولية في ( به رى كاره – Gara)  جبل كاره فيما بعد في عملية عسكرية غادرة وشى به وبرفاقه أحد العملاء ضمن صفوفهم . ولكن يبدو إن امورا معينة تغييرت واتجهت اتجاها آخرا أدت إلى عدم تنفيذ هذه الوجهة وإهمال الالتحاق بالجبل ، إذ أتذكر إننا بلغنا بأن قيادة الحزب تدعو الرفاق المتواجدين في الكند والمجموعات والمنظمات الحزبية المرتبطة بهم على ضرورة ترك وجهة السلاح وترك مخابئ الكند وإلبحث عن أماكن للإختفاء إلى حين أن تتوضح الأمور وإقرار وجهة معينة لعموم الحزب .. وعلى أثر ذلك بُلغنا مرة أخرى بوجوب السفر إلى بغداد وصار معلوما بأن وجهتنا التالية سيجري تحديدها هناك بعد وصول الرفاق أبو داود وأبو ماجد وأبو فؤاد وآخرين وبعد معاودة الاتصال بقيادة الحزب والتي كانت عن طريق الرفيق الفقيد أبو جوزيف ( توما توماس ) الذي كان عضوا في اللجنة المركزية للحزب وسكرتيرا لمحلية نينوى .
 قرار الاختفاء الغير معروف أمده ولا إمكانيات الرفاق و قدراتهم على تحمله وظروفهم العائلية الخاصة دفعت بعدد غير قليل من رفاق  مجموعة الكند وأماكن الاختفاء الأخرى إلى العودة إلى بيوتهم و قراهم وبلداتهم وتقديم برائتهم إلى السلطات ، ولابد من التأكيد هنا بأنه كان هناك عدد غير قليل من هؤلاء الرفاق لم يتحملوا ظروف الكند والمخاطر المحتملة ففضلو تركه وترك رفاقهم حتى أحيانا دون إعلامهم ، بالرغم من هذا كان هناك رفاق آخرين أستطاعوا إيجاد أمكنة أخرى غير بغداد لمواصلة عملية الاختفاء لحين تلقي توجيهات معينة من الحزب بشأن مصيرهم ووجهتهم القادمة .
وللحديث صلة .....
ملاحظة – لم أتطرق إلى أسماء الرفاق في مجموعة الكند وذلك لسببين 1- كتب النصير صباح كنجي عن نفس الموضوع وأشار إلى العديد من الأسماء التي كانت ضمن المجموعة ، وهكذا تحدث النصير أبو زكي في مذكراته الغير منشورة عن نفس الأحداث وأشار إلى اسماء أغلب الرفاق في هذه المجموعة 2- سأشير في الحلقات القادمة إلى اسماء الرفاق الذين التحقوا فعلا بقاعدة ناوه زنك من أبناء المنطقة في بداية تشكيل الحركة الآنصارية .                               

7
دماء الأبرياء والمطاليب المشروعة للمتظاهرين
سدأ منيعاً بوجوه الجبناء

د. محمد شطب
2020.02.06

* ــ هكذا يقولون ــ    
أصبحت ساحات التظاهر في البلاد أوكاراً للعملاء وملاذاً للسفهاء وخياما لممارسة الرذلية من شرب الخمور وتعاطي المخدرات وصولاً إلى الممارسات الدنيئة واللاأخلاقيَّة التي تقوم بها مجاميع من الزعاطيط والسفلة والبَطّالة والمتسولين والمتمردين إجتماعياً والذين يمارسون الشذوذ الجنسي والأعمال اللاأخلاقيَّة من كلا الجنسين.

* ــ وهكذا يفترون ــ    
إن المتظاهرين يمثلون العناصر العميلة والمندسة وبقايا البعثيين والمخربين والمتطرفين الذين يتآمرون وبتوجيهات خارجية على النظام السياسي المنتخب ديمقراطياً وعلى المكاسب الثورية التي تحققت في ظِلِّه.

* وإنَّ هدفنا،
نحن حكومة العراق وقادته الميامين وقواه الأمنية وأصحاب الشأن فيه،
تطهير جموع المتظاهرين من المندسن والمخربين والعابثين ضد مؤسسات الدولة والأملاك العامة.
* هدفنا هو حماية المتظاهرين والدفاع عنهم وإحترام مطاليبهم وبذل كل الجهود وإتخاذ كافة الإجراءات لتنفيذ هذه المطاليب المشروعة.

ــ بهذه الشعارات المزيفة وبهذا السيل من الكذب والدجل والنفاق وبهكذا توجيهات مسمومة يتم تسخير الماكنة الإعلاميَّة للدولة التي تسيطر عليها أحزاب الرذيلة والفساد والقتل بأموال السحت الحرام، وتسخير جيش من المتسولين وتوفير ماكنة واسعة من وسائل الإعلام المختلفة من المحطات التلفزيونية والإذاعات والصحف والمجلات وصولاً إلى وسائل الإتصالات الحديثة للقيام بهذه المهمام القذرة، مثل الإنتقاص من المتظاهرين وتشويه سمعتهم والنيل من كرامتهم والحط من أخلاقهم والتقليل من أهمية مطاليبهم وهم في جلهم من شبيبة وشباب العراق، من طلبة الجامعات والأساتذة ومن القوى العاملة ونقاباتها الحرة ومن القوى المتنورة الأخرى بإختلاف مواقعها الإجتماعية.

ــ تحت هذه الذرائع والأكاذيب والإدعاءات الخسِّيسَة يؤلبون كلابهم المسعورة لتقتل وبدم بارد شباب الوطن وإشاعة الفتن. يحرقون الخيام ويوجهون الرصاص الحي والإصابات المميته إلى رؤوس الأبطال وصدورهم، يمزقون أجسادهم بالسكاكين والهراوات ويحاولون بائسين تصفية أحلامهم، أحلام الوطن والمواطنين.
 
ــ إنَّ المئات من الشهداء الأبرار وعشرات الآلاف من المعوقين والجرحى الذين قدمتهم قوافل المتظاهرين في سبيل الحرية والإنعتاق من براثن الأحزاب والميليشيات المتسلطة على شؤون البلاد والعباد والعابثة بأمنه وثرواته ومقدراته ما حصلت إلا بسبب الخوف والهلع الذي ينتاب القوى الظلاميَّة الذين صاروا يتحسسون إهتزاز مواقعهم وإنهيار إمتيازاتهم و تقليص نفوذهم بفعل صمود الأحرار لذلك إِنْقَضّوا على المتظاهرين بهذه الشراسة الوقحة.

ــ لا ندري كيف يقدم نفسه على مذبح الحرية والشهادة في سبيل الخلاص من هذا الضيم وهذا الإجرام المسلط على المواطنين من ينتمي إلى هذه الصفوة المقدامة من الطلائع التي تصفها الحكومة وأعلامها وممثليها وأحزابها السافلة بهذه الأوصاف المخزية.

ــ ولا ندري هل أن الحشود الكبيرة التي تجوب ساحات وشوارع العراق في محافظاته ومدنه المختلفة والدعم الواسع والمنقطع النظير الذي تقدمه مختلف بنات وأبناء الوطن للمتظاهرين ولهذه التظاهرات وللمطاليب المشروعة لها وكذا الدعم المعلن والمستمر من قبل المرجعية الدينيَّة ومنظمات حقوق الإنسان والمنظمات والهيئات الدولية قد فقدوا جميعهم البصيرة وإنحرفوا عن الطريق الذي رسمته حكومتنا الحكيمة وأحزاب الفساد والفشل والمذلة التي أتت بها.
ــ من أجل هذا كله تلتقي كل القوى *** ا ل خ ي رة *** في عراقنا الجريح من الميليشيات المنفلته والخارجة عن القانون إلى العناصر الأمنيَّة التي تتحرك ليس بموجب أوامر من قياداتها ومراجعها العسكرية الرسميَّة وإنما بأوامر مشددة من أحزاب الدين السياسيَّة التي تَعْتَبر هؤلاء الأفراد وحتى هذه المؤسسات ملكا لها، فهي من صنعتها وموَّلتها وسلَّحتها، ومن حقها أن تتصرف بها وتوكل لها مهام الدفاع عن مصالحها وفي مقدمتها حماية مواقعها التي إغتصبتها في مؤسسات الدولة والتستر على فسادها وعلى أعمال السلب والنهب التي تقوم بها وأن تدعمها وتتفانى من أجلها للإمساك بمراكز القرار وتُسَيِّير شؤون البلاد والعباد كما تشاء.

ــ أحزاب الفساد الماسكة بمخالبها بكافة أجهزة الدولة بمساعدة الميليشيات التي بنتها والدعم الخارجي الذي يُقَدم إليها هي اليوم متهالكة وقد أدارت ظهورها نهائياً إلى الشعب بعد إن إنكشفت كل أساليبها الملتوية من الخداع والنفاق والتعكز على الدين والمظلوميَّة، فقد كشفت عن وجوهها القبيحة وأقنعتها المزيفة وهي ماضية في غيها ومستميتة في الدفاع عن مغانمها ومصرة على إستخدام كل السبل والوسائل المشروعة وغير المشروعة من أجل الإمساك بما هي عليه وهي تلجأ الآن إلى إستخدام أذرعها المميته من ميليشيات الموت مستخدمة الرصاص الحي والسلاح الأبيض والهراوات لتمارس عمليات إنتقاميَّة مكشوفة وفي وضح النهار ضد أي شخص وأية جهة وتحت مرأى ومسمع القوّات الإمنية وحتى بتستر وحماية هذه الأجهزة التي أصبحت فاقدة الإرادة والسلطة والمسؤلية بعد إن سَلَّمت أمرها لهذه الميليشيات وخضعت لسطوتها.

لا يمكن ولا يجوز الإعتماد على هذه الأحزاب الفاشلة بكل أطيافها وذيولها من الميليشيات وعصابات الجريمة المنظمة ومن يقف ورائهم ولا يجوز منحهم الثقة مجدداً كما لا يجوز أن تعلق عليهم أية آمالاً بالإصلاح أو التغيير. يجب أن يوضع حداً لهذه السفالات والتجاوزات على حقوق المواطنين وسيادة الوطن.  وبالمقابل يجب تقديم كل العون والمساعدة للمتظاهرين لكي يتمكنوا من الإستمرار في مشروعهم النبيل حتى تحقيق مطاليبهم المشروعة وفي مقدمتها إزاحة هذه الزمر عن المشهد السياسي وعدم الرضوخ إلى أساليب التدوير والتسويف والمماطلات التي يسلكها الفاسدون بلا حياء أو خجل.
تباً للفاسدين والفاسقين والقتلة، والنصر كل النصر للمتظاهرين الأبطال ولثورتهم الجبارة.

8
في الذكرى الخامسة لمأساة سنجار
منظمة الحزب الشيوعي العراقي في ألمانيا تعبر عن تضامنها مع الأيزيديين 
               
في الثالث من آب تمر الذكرى الخامسة لمأساة سنجار، عندما تطاولت أيادي إرهابي دولة الخلافة الإسلامية، تنظيم داعش الإرهابي، بالهجوم على مدينة سنجار الامنة، فكانت دماء القتلى تطغو على المشهد، وهروب العوائل عنوان لوحشية الإرهاب، أما أسر النساء فكان عار لا يساويه عار، على كل من قام به او تخلى عن واجبه او وقف متفرجا ، مأساة سنجار دوت في صداها على كل بقاع العالم، ما دفع الأمم المتحدة الى وصفتها بالإبادة الجماعية.
اليوم ونحن نعيش ذكرى المأساة لا تزال الجراح تنزف، والآلام عميقة، فصوت نحيب النساء يدوي في آذاننا، كتم صراخ الرجال نسمعه أنيناً، بكاء الأطفال يتعالى في صورة تمزقنا ، ورفض النساء الأسيرات يقول اننا في عالم بلا رحمة، كل هذا يحدث والبرلمان العراقي لا يزال ينعم بالمحاصصة الطائفية العرقية الحزبية ، يصدر القوانين التي تضمن لأحزابه سرقة المزيد من خيرات الشعب العراقي، أما الحكومة العراقية فإنها تصر على تجاهل معاناة العراقيين من سوء الخدمات وشحة فرص العمل.
مأساة سنجار في ذكراها الخامسة تفرض على القوى والأحزاب الحاكمة الى العمل بجد بعيداً عن المصالح الحزبية الضيقة ، في تشريع القوانين المعطلة، خاصة التي تعتبر مفاتيح الحياة الاقتصادية للشعب العراقي، وإيقاف الفساد المستشري، بالكشف أولا عن ملفات الفساد التي ترتبط بكبار الشخصيات السياسية ، تفرض توفير فرص العمل للشباب، والالتفات الى الكفاءات المعتصمة منذ أيام امام مكاتب المسؤولين ، ان سوء الخدمات بعد مرور اكثر من خمسة عشر عاماً على سقوط الصنم لم يعد مقبولاً ، ولا استمرار الحكومة غير مكتملة بسبب الخلافات الحزبية وطمعها بهذه الوزارة وتلك يعد حالة طبيعية  ، المأساة تفرض العمل الجاد لإعادة النازحين والمهجرين الى ديارهم، والبدء بإعادة بناء المدن المهدمة، جراء حرب التحرير من إرهاب دولة الخلافة الإسلامية تنظيم داعش الارهابي.
نحن في منظمة الحزب الشيوعي العراقي، نقف الى جانب رفيقاتنا ورفاقنا وكل بنات وأبناء الديانة الأزيدية، نضم صوتنا لصوتهم مطالبين بالعمل على تحرير الاسيرات العراقيات الأزيديات من براثن دولة الخلافة الإسلامية تنظيم داعش الإرهابي، وتعويض ضحايا المأساة بما يحفظ لهم كرامتهم ، والعو\ة إلى مناطقهم معززين مكرمين والعيش في سلام واستقرار دائمين  . 

منظمة الحزب الشيوعي العراقي في المانيا
 

10
أمسية بمناسبة يوم الشهيد الشيوعي في مدينة ميونخ
يـوم الشهيـد : تحيـة وسـلام            بـك والنضـال تؤرخ الأعوام
بـك والضحـايا الغـر يزهـو شامخـا     علــم الحساب وتفخـر الأرقام
تقيم منظمة الحزب الشيوعي العراقي في المانيا الاتحادية بمناسبة يوم الشهيد الشيوعي ،أمسية سياسية وثقافية في ميونخ ،وذلك يوم الاحد المصادف  18 شباط /2018 وفي تمام الساعة السادسة مساءا على قاعة مطعم الفرات ، والدعوة عامة.
العنوان
Al-Forat
Nymphenburg Neuhausen
Arnulfstrasse 197
80634 München
الوصول للمكان شتراسن بان رقم 17 او 18 باتجاه Romanplatz  والنزول في محطة  Postzentrum




11
     
 
الملتقى العراقي في لايبزغ يستضيف الاستاذ حميد مجيد موسى



يستضيف الملتقى العراقي في لايبزغ يوم الجمعة المصادف 9 شباط /2018 وفي تمام الساعة الخامسة عصرا ، الاستاذ حميد مجيد موسى ، في أمسية بعنوان" حوار مفتوح حول الانتخابات العراقية القادمة وخارطة التحالفات السياسية ، وحظوظ القوى المدنية والديمقراطية في كسر احتكار القوى المهيمنة على الواقع السياسي العراقي"  الدعوة عامة لجميع بنات وابناء الجالية العراقية في لايبزك والمدن المجاورة لها . 
         
         
            العنوان
El-Iraker-Treff e.V
Rabet               
Eisenbahnstr.54   
04315 Leipzig       

12
أستذكارية في لايبزك للروائي والكاتب زهدي الداوودي بمناسبة مرور عام على رحيله
 
بمناسبة مرور عام على رحيل الروائى والكاتب د. زهدي الداوودي قام وفد من منظمة الحزب الشيوعي العراقي والملتقى العراقي في لايبزك بزيارة قبر رفيقهم وصديقهم ابا اميرة ووضعوا الزهور على قبره باسم المنظمة والملتقى ، وفي مساء نفس اليوم اقيمت آمسية استذكارية بهذه المناسبة حضرها جمع من الرفيقات والرفاق والاصدقاء ، أدارها الرفيق سامي جواد كاظم ، بدأت بالترحيب بالحضور والوقوف دقيقة صمت لاستذكار الفقيد وكل من غادرنا من القامات الثقافية والوطنية وجميع من وهب حياته من اجل الوطن، ثم تلى الرفيق سامي جواد كاظم كلمة باسم منظمة الحزب الشيوعي العراقي جاء فيها " كان الرفيق مثقفا مناضلا ساهم في نشاط جماعة كركوك التي ضمت نخبة بارزة من المثقفين العراقيين ،ان عطائه الفكري والثقافي كان ثرا حيث كتب العديد من الروايات والقصص القصيرة والدراسات التاريخية والمقالات باللغة العربية والالمانية التى وثقت حقبة مهمة من تاريخ العراق السياسي،بقى الرفيق زهدي رغم المرض الذي داهمه واعتلال جسده ،ذهنا متقدا يثير الاسئلة والنقاش حول المسائل العقدية التي تواجه الوطن ، مواظبا على الكتابة والنشر ، ملتصقا بحزبه ووطنه، برحيله خسرت الثقافة العراقية احد قاماتها النضالية الفذة".
بعدها عرض فلم قصير عن الرفيق زهدي جعل الحضور يبحرون بذكرياتهم عن الفقيد الذي ترك اثرا طيبا وانسانيا على كل من تعرف عليه وعايشه ، ثم القيت قصيدة كتبها صديقه ورفيقه د. مجيد القيسي بعنوان "الزورق المسافر" زهدي الداوودي يُبحرُ بعيداً عنّا " جاء فيها :
لوْ غنّى الطيرُ أغَانِيكَ لَقلتُ وَصيّةً
لوْ عَزفَ النايُ لقبرِكَ لقلتُ وَصيّةً
لكنَّ الزورقَ ملفوفٌ ...لكنَّ اللونَ غريبٌ
في المرفئ راياتٌ أخرى...تحجبُ ضَوءَ الشمسِ
أ َوصيّةٌ تلكَ الألوان...أمْ محض نسيجٍ ليليّ ...
لا أحدَ يخرقُ طقساً...
المَركبُ يُبحرُ مَذهولاً...
لا أحدَ يَرْصدُ هَمساً...
جامدةٌ تلكَ العيونُ...
مُطبقةٌ تلكَ الشفاهُ...
لا حِيلَةَ توقِفُ مَرْسَمَاً
صامتةٌ تلكَ المقاعدُ...
لاشكَ يبددُ شكّاً...
عراقيٌّ أنت في القلبِ...
زهرةٌ حمراءَ... في السهلِ...
في الجبلِ...منبعٌ قرويٌ...
لا شيخَ يُنازِعكَ الوَلاءَ الينا...
لا أغاً يُبعدكَ عن شَواطِئنا...
الزورقُ في لحظةِ الانطلاقِ...
الحفرةُ ناصعةُ البياضِ...
في ثرى الثلجِ مسيرةٌ...
نَعْشٌ يقودُ خُطانا...دفئٌ ينتظرُ العِنَاقَ
سَكبْنا عصارةَ الودّ...
نَثرنَا شذراتِ الوردِ فوق حفْرَتكَ...
وداعاً أيُّها القبرُ...وداعاً أيُّها ال...

ثم تحدث الاخ مجيد حسين سكرتير الهيئة الادارية وصديق ورفيق الفقيد عن ذكرياته الكثيرة عنه حيث عملا سوية في اتحاد الطلبة وتنظيمات الحزب في كركوك ، وتناول بعضا من خصاله النضالية والثقافية .
 واختتم الشاعر د. حميد الخاقاني الامسية بسرد بعض من ذكرياته وبداية تعرفه على رفيقه وصديقه الاثير في سبعينيات القرن الماضي ، ولحين لقائهما مرة اخرى في المنفى لغرض الدراسة،حيث كانا يحرصان على اللقاء في كل مناسبة تقام في لايبزك، يتبادلان فيها الاراء في كل مايخص الشان الوطني والثقافي، و قرأ احدى قصصه القصيرة والتي اعتبرها متميزه لتمكن زهدي من نقل القارئ لاجواء متنوعة وواقعية ومثيرة بنص مكثف وقصير، وهذا دليل على مسك زهدي الواثق لادواته في البناء القصصي والروائي .
وفي الختام قدم الرفيق سامي جواد كاظم للحضور باسم منظمة الحزب والملتقى العراقي خالص الشكر لتلبيتهم الدعوة مع الامنيات للجميع بعام جديد يرفل بالصحة خاليا من الحزن والفقدانات الكبيرة على امل اللقاء قريبا في مناسبة أكثر فرحا.

منظمة الحزب الشيوعي العراقي في المانيا الاتحادية
في 12/01/2018       



13
زيارتي الأخيرة إلى الوطن...مواقف
ساكتب عن بعض المواقف التي واجهتني في زيارتي الأخيرة إلى الوطن ، وأبدأها من الدقائق الأخيرة
 العودة إلى ألمانيا ..عند مدخل الخرطوم المؤدي إلى الطائرة
ناظم ختاري

من يغادر العراق عبر مطار بغداد الدولي سيمر عبر الكثير من نقاط التفتيش والسيطرات وتدقيق الجوازات ، لاشك إن بعضا منها لها أهميتها القصوى في الحفاظ على أمن المطار والمسافرين ، ودون ذلك لن يكون هناك سلام لا في المطارات ولا في الطائرات ، ولكن هناك عددا من هذه النقاط ليس لها علاقة بكل ذلك ، فهي مبالغ فيها إلى حد كبير، أو هي مواقع تشغلها بطالة مقنعة جاءت بها المحاصصة الحزبية ، المهم فإن تقدير هذا الأمر يعود إلى السلطات الأمنية للمطار، ولكن عليها أن تأخذ في الحسبان مدى الحاجة الحقيقية من ذلك في جانب ضبط أمن المطار والمسافرين .
ما يهمني قوله في هذه السطور ، هو أنني كنت في 8.11.2017 من بين المسافرين على متن أحدى طائرات الخطوط الجوية العراقية ، ضمن الرحلة المؤشرة IA245 التي كان وقت أطلاقها محددا في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الأربعاء ذلك عبر البوابة رقم 40 التي وصلنا إليها بعد اجتياز النقاط الكثيرة التي أشرت إليها وذلك للعودة إلى ألمانيا التي أحمل جنسيتها إلى جانب جنسية بلدي ، حيث أعيش هناك منذ 20 عاما ، أزور وطني بين فترة وأخرى حيث أبعدتني عنه ظروف الدكتاتورية المتسلطة على رقاب شعبنا ، بعد رحلة شاقة و طويلة من الكفاح  ، كما هوحال الملايين من العراقيين .
قضيت هنالك في العراق حوالي 3 أسابيع برفقة صديقي ورفيقي العزيز أبو زكي ، خصوصا في بعض المدن الكوردستانية وقريتنا ختارة الكبيرة وبغداد التي أحبها رغم خرابها والتشوهات العمرانية التي أصابتها والأزبال والأوساخ التي تتراكم و تنتشر في كل احياءها وشوارعها . ولكن روح البغداديين العذبة كانت وكالعادة تضفي عليها نكهة جميلة فتدب فيها الحياة والأمل ، وتشجع المرء للبقاء فيها لأطول فترة دون أن يمل منها . ألتقينا خلال زيارتنا وفي كل مدينة أو قرية زرناها بالمزيد من الأصدقاء والأحبة والرفاق ، وأنشغلنا ببعض الأمور الشخصية و الرسمية وأداء بعض الواجبات .
 هناك في البوابة رقم 40 غصت القاعة بالمسافرين من مختلف الأطياف العراقية ومن مختلف مدنه ، وهي نقطة الانتظار الأخيرة قبل الصعود إلى الطائرة القابعة بالقرب منها تنتظر ركابها للإقلاع ، الأمر الملفت هنا والذي أثار انتباهي ، إن السفر إلى بغداد من مطارات ألمانيا يكاد أن يكون خجولا بسبب قلة عدد المسافرين ، فخلال رحلتي إلى بغداد من دويسلدورف في 18.10.17  لم يكن عدد الركاب على متن طائرة الخطوط الجوية العراقية يتعدى الـ 50 راكبا ، مما حدا بغالبية المسافرين أن يتخذوا من المقاعد الثلاثة الفارغة أرايك مريحة للنوم عليها، ذلك لقضاء 4,45 ساعات من وقت السفر.. بينما السفر من بغداد إلى خارج البلاد عادة ما تكون الطائرة مشغولة تماما إلى أخر مقعد فيها ...!!! 
أنتظرنا إلى دقائق قريبة من وقت الإقلاع ، قبل أن يطلق حارس البوابة الأخيرة ، الوجبة الآولى للتوجه إلى مدخل الخرطوم المؤدي إلى الطائرة ، وثم أوقف الآخرين .. لم نكن نعرف ماذا يجري في الممر الذي دخلت إليه المجموعة الأولى ولكن الشيء المميز والملاحظ بشكل مثير هو فوضى التدافع عند التوجه إلى الطائرة ، اذكر إن الوقت كان يمر بطيئا وأطرافنا تعبت من حمل أجسادنا وحقاءبنا اليدوية ، أطلق حارس البوابة الوجبة الثانية من المسافرين نحو مدخل الخرطوم عبر ممر ليس طويلا ، كنت ضمن الوجبة .. وجدت ضابطا أنيقا طويل القامة ، يدقق جوازات المسافرين واحدا واحدا ويقرأ أسماءهم وثم يسمح لهم بالتوجه إلى الطائرة عبر مدخل الخرطوم ، ولكن تعامله مع الركاب كان عكس أناقته حاله حال أي شرطي في أزمنة عراقنا الرديئة ..يتعامل بكبرياء وتعال غير مبرران .. أسرع الشباب ضمن مجموعتنا إلى المقدمة دون الإلتزام بأي نظام للطابور المفترض ، وأنا تأخرت تاركا الفرصة للنساء والأطفال للتدافع ومد جوازاتهم إلى يد الضابط لكي ينالوا موافقته والصعود إلى الطائرة .
 ولما بقيت وحيدا تقدمت نحو الضابط وجوازي في يدي ،  وفي هذه الأثناء أطلق الحارس وجبة ثالثة وصلت بطابور غير منتظم  وبسرعة شديدة إلى حيث أقف أنا ، قبل أن أستطيع أيصال جوازي إلى الضابط ، وسرعان ما وجدت نفس في وسط هؤلاء ، والضابط تعامل مع الفوضى كما هي فأخذ جوازا لشخص جاء من بعدي والتدافع ظل مسمترا ، عندها أعلنت رفضي للفوضى وتعامل الضابط معها بنفس الطريقة ، ولكن الضابط أستقبل رفضي بعدائية ، وخرج من سياق التعامل الطبيعي معي ، وقال ( أنت تقول لي ليش... ليش ها ... ليش ها ) ( أنت تعلمني ماذا أعمل وكيف أتعامل ) وكرر ذلك بتشنج وبمزاج عصبي غير لائق ، ما دفعني أن أقول له أيها السيد الضابط ، ينبغي أن تتعامل مع طابور منتظم وليس مع فوضى التدافع ، فأنا كنت أولى بالآخرين من الوجبة التي جاءت من بعدي لغرض تدقيق جوازي والعبور إلى داخل الطائرة ، ولكنه تمادى في هذه المرة أيضا وعنفني بألفاظ غير مهذبة وثم طلب مني بحدة أن أخرج من الطابور مهددا بمعاقبتي إن لم أفعل ذلك ، أمتثلت لأمره  خشية من عرقلة سفري وأنا في غني عن ذلك ، خصوصا أنني أدركت إنه لا يكترث إن تأخرت أو حتى ربما يلجأ فعلا إلى معاقبتي بطريقة أسوأ ، فكل شيء وارد في بلد سلطاته غير منضبطة وهي لاتقيم وزنا لمواطنيها ، فوقفت جانبا انتظره ماذا عساه أن يفعل ،كنت أشعر بالإهانة ، سمعته لأكثر من مرة يقول لن أتركه أن يغادر ، بقيت متماسكا ، وجاءني في هذه الأثناء حارس البوابة ، يسألني إن كان لدي مشكلة في الفيزا أو أية وثيقة أخرى من وثائقي .. قلت له وثائقي لاينقصها شيئ ولكن مشكلتي مع هذا الضابط وليس شيئا أخر.. انتظرت إلى أن مر آخر مسافر، ما عدا عددا من الركاب صعدوا إلى الطائرة مودعين بقبلات الضابط نفسه ودون تدقيق لجوازاتهم( طبعا لم يكن هؤلا ء دبلوماسيون ، بل ربما كانوا أصدقاء الضابط نفسه ، أو أبناء المسؤولين في حكومة المحاصصة ، لآنني وجدتهم في مطار دويسلدورف في طابور الأجانب وليس في طابور الدبلوماسيين ) ، عندها فقط قال لي بعصبية ، تعال .. واخذ جوازي ونظر إلي بحنق وعدائية ... ثم قال لي ( أمشي ولا تحجي زايد مرة أخرى ) ..أردت أن أقول له شيئا ولكنه حاول أن يصرخ في وجهي وهددني أن اذهب قبل أن يسيء لي أكثر مما اساء .
 ولكني كنت مصرا قبل أن اتحرك صوب الطائرة ، فقلت له إن نظام صدام حسين كان سببا لتدميرنا وهجرة ملايين العراقيين ، وانتم ستكونون سببا لمنعهم من زيارة بلدهم ، تكلم بعد ذلك بعنف ولكنني لم أستطع التقاط ما قاله .
هنا أقول أن المطارات تعتبر بوابات البلد المشرعة على العالم الخارجي .. ومن يحرس هذه البوابات ينبغي أن يكون امينا على خلق أنطباعات أيجابية وجميلة عن الوطن عبر بواباته .. لذلك يتعين على سلطات أمن المطارات تطهير أجهزتها الأمنية من العناصر التي تسيء استخدام سلطتها وبالتالي الإساءة إلى سمعة البلد عبر الإساءة إلى المسافرين .
وللمقارنة لابد من القول عند وصولنا إلى مطار دويسلدورف توجهت أنا ورفيقي أبو زكي إلى كابينات المواطنين الألمان لتدقيق الجوازات ، كان هناك موظفين اثنين في كابينتين متقاربتين ، كان احدهم ضابط ، حيث أستقبل رفيقي أبوزكي بابتسامة جميلة قائلا له سفرة سعيدة ، أما أنا فنادت علي ً شابة جميلة ( الضابط ) جالسة في الكابينة الثانية بابتسامة عذبة ..أيها الرجل الشباب ، ستتأخر قليلا،لأن نظام حاسوبي أصيب بخلل مفاجيء وقالت لكني سأعالجه سريعا .. قلت لها ضاحكا ربما أنا كنت سبب العطل.. ضحكت وقالت اكيد لست أنت .. لم يتأخر الوقت أكثر من دقيقة واحدة حتى أعادت لي جوازي قائلة ، شكرا لتحملك  هذا التأخير، أتمنى لك يوما سعيدا .
بغداد هي عاصمة وطني الأول والذي ولدت فيه .. ودويسلدورف هي عاصمة مقاطعتي في وطني الثاني الذي وفر الحماية  لي من ظلم حكام وطني الأول..!!!               


14
بلاغ صادر عن الاجتماع الموسع لمنظمة الحزب الشيوعي العراقي في ألمانيا

عقدت منظمة ألمانيا للحزب الشيوعي العراقي اجتماعا دوريا موسعا حضره ممثلون عن مختلف الهيئات الحزبية العاملة في المدن الألمانية إضافة إلى عدد من الضيوف ، وبمشاركة الرفيق سلم علي عضو اللجنة المركزية مشرفا على الاجتماع ، و الذي انطلقت أعماله في ظهيرة يوم السبت 7 أكتوبر 2017 واستمرت إلى وقت متأخر من الليل .
 بعد الوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء الحزب والحركة والوطنية وشهداء القوات الأمنية بمختلف صنوفها وضحايا الإرهاب ناقش أقر المجتمعون  جدول عمل الموسع وناقشوا في جلساته ، قضايا تنظيمية عديدة وتوقفوا عند الصعوبات والاخفاقات والبحث في السبل الكفيلة للاستفادة من دروسها وكيفية معالجتها ولأجل تجاوزها قدمت الكثير من المقترحات العملية ، وضعت أمام اللجنة القيادية للمنظمة لمتابعتها والعمل على تعزيز دورها ، ومن الجدير قوله إن التقارير المقدمة إلى الاجتماع أشارت إلى الإنجازات الكثيرة المتحققة على الصعد المختلفة منذ انعقاد المجلس الحزبي التاسع عشر للمنظمة في أكتوبر من العام الماضي بما في ذلك التوسع الحاصل على قوام المنظمة ، إذ توقف المجتمعون أمامها مطولا وأشاروا إلى ما يمكن اتخاذه من إجراءات تنظيمية  لمواصلة تحقيق المزيد من النجاحات وتعزيز أساليب إدارة العمل التنظيمي بصورة أفضل على ضوء هذا التوسع وأهمية الاستفادة من القدرات الشبابية في هذا المجال ، وتعزيز دور المنظمة في صفوف الجالية العراقية ، إذ ساهمت في أنشطتها المتنوعة خلال هذه الفترة.
و عند مناقشة الأوضاع السياسية في بلادنا ، توقف المجتمعون مطولا عند عملية الاستفتاء التي أجراها إقليم كوردستان بشأن تقرير مصيره والنتائج التي تمخض عنها وردود الأفعال السلبية التي نجمت عنها ، من الأطراف المختلفة سواء داخل العراق أو خارجها ، فرفضوا بشدة الإجراءات التي تهدد بفرض الحصار على كوردستان والذي سيكون ضحيته الكادحين من أبناء الشعب الكوردي أو التلويح بالسلاح ، وأدانوا حملة الكراهية والتعصب القومي التي يؤججها الطرفان العربي والكوردي  ، واستنكروا التدخل الإقليمي في شؤون بلادنا واللجوء أو الاستقواء بحلولها المعادية لمصالح شعبنا ، وأشاروا إلى أن الحوار هو الطريق الوحيد المفضي إلى حلول موضوعية وتجنيب وطننا أية كوارث وويلات تسببها الصراعات على المصالح الضيقة ، وحملوا النظام القائم على المحاصصة الطائفية والأثنية مسؤولية تفاقم هذه الآزمة والاستعصاء السياسي العام في العراق ، إذ أشاروا إلى أن استمرار النظام الحالي سيكون سببا لتفاقم الكثير من الأزمات التي تهدد مستقبل بلادنا ، الأمر الذي يحتم على القوى المدنية والديمقراطية تحمل مسؤولياتها ورص صفوفها في جبهة عريضة قادرة على تغيير موازين القوى لصالح إقامة الدولة المدنية الديمقراطية .
وفي هذا الصدد أشاد المجتمعون بمذكرة الحزب بشأن الاستفتاء والتي قدمها إلى الرئاسات الثلاث والسيد مسعود البارزاني وموقف الحزب التاريخي من حق تقرير المصير للشعب الكوردي ، وعبروا عن مساندتهم لما جاء في بيان المكتب السياسي بعد الاستفتاء مباشرة وتحميله كل القوى المتنفذة في الحكم بما فيها الأحزاب الكوردية  المشاركة في الحكم  ، مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في الوطن وما تنتظره من مخاطر جدية ، وجرى التطرق إلى أهمية أيصال الوثيقتين وكل ما يصدر من الحزب إلى كل أوساط الجالية العراقية في ألمانيا ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية العاملة على الساحة ، و كذلك الأحزاب الشقيقة للاطلاع عن كثب  على مواقف حزبنا بشأن كل المجريات في العراق .
ولابد من الإشارة إلى أنه جرى تكريم عدد من الرفاق الناشطين والمتميزين في أداء مهامهم بشهادات تقديرية من المنظمة .
وفي الختام شدد المجتمعون على أهمية العمل بتفاني ونكران ذات ، والمساهمة الفاعلة في دعم نضال شعبنا وحزبنا والقوى المدنية والديمقراطية التي تتصدى لنهج الأحزاب الطائفية والأثنية والتي تشكل خطرا فادحا على مستقبل شعبنا وبلادنا .
منظمة الحزب الشيوعي العراقي في 8 أكتوبر 2017
 

   


15
منظمة الحزب الشيوعي العراقي في المانيا الاتحادية تنعى الشخصية السياسية والوطنية العراقية د. مهدي الحافظ
           
بأسف وحزن شديدين تلقينا نبأ رحيل الشخصية السياسية والوطنية البارزة د.مهدي الحافظ ،لقد كانت حياة الفقيد حافلة بالنضال السياسي والوطني وعلى مختلف الاصعدة والميادين السياسية والفكرية والاقتصادية ،وكان نشاطه السياسي والبرلماني متميزا في تثبيت مفاهيم الدولة المدنية الحديثة الموسومة بالعدالة الاجتماعية ، حيث كان يعمل بدأب ونشاط مع بقية زملاءه ورفاقه الديمقراطيين والتقدميين لبناء عراق المواطنة والعدالة ، ان رحيله خسارة لاتعوض لكل القوى المدنية والديمقراطية.
بهذه المناسبة نتقدم للعزيز خيام ولكافة افراد عائلته الكريمة في داخل الوطن وخارجه بخالص المواساة والتضامن على هذا الفقدان المفجع ، ونتمنى للجميع طيب الصبر ، ولابي خيام الذكر الطيب أبدا .

منظمة الحزب الشيوعي العراقي في المانيا الاتحادية
في  04/10/2017 

16
ندوة حوارية مفتوحة لبنات وابناء الجالية العراقية في ميونخ وضواحيها

تقيم منظمة الحزب الشيوعي العراقي في المانيا الاتحادية في يوم السبت المصادف 26 /8 وفي تمام الساعة الخامسة عصرا ندوة حوارية مفتوحة في مدينة ميونخ ، يتحدث فيها الرفيقان ناظم ختاري ورمزي توماس عن آخر التطورات الجارية في الوطن ومواقف الحزب منها ، خاصةً بعد اصرار القوى المتنفذة على الاحتفاظ بمواقعهم وإعادة انتاج سلطتهم ونهجهم المدمر الذي جلب التشظي والانقسام الاجتماعي واستشراء الفساد في مؤسسات الدولة وهدر أموال الشعب وتدهور اوضاع قطاعات شعبية واسعة، ولا سيما النساء والشباب .
 ندعو كل أبناء الجالية العراقية وجميع القوى السياسية المدنية والديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني العراقية الناشطة في المدينة وخارجها حضور الندوة للاطلاع على وجهة نظر الشيوعيين العراقيين حول الشعار الذي اطلقه مؤتمرهم العاشر : " التغيير.. دولة مدنية ديمقراطية اتحادية وعدالة اجتماعية"
نرحب بالجميع والى الملتقى .
المكان :
Infozentrum Migration und Arbeit / Beratungscafé
Sonnenstr. 12a
80331 München


18
في أولدنبورغ الألمانية .. ندوة عن المؤتمر العاشر للشيوعي العراقي ومواقف الحزب من الأوضاع السياسية في بلادنا
------------------------------
عقدت منظمة المانيا للحزب الشيوعي العراقي بناريخ 21-5 - 20177، ندوة سياسية عن المؤتمر الوطني العاشر وموقف الحزب من القضايا السياسية.
 الندوة التي عقدت في قاعة "الديوان الثقافي الاجتماعي العراقي في اولدنبولرغ" حضرها جمع من الشيوعيين وأصدقائهم.
استعرض خلالها الرفيق ناظم ختاري سكرتيرمنظمة الحزب الشيوعي العراقي في ألمانيا نتائج المؤتمر الوطني العاشر وأجواء انعقاده وأشار الى الاهتمام الكبير الذي حظي به المؤتمر على صعيد القوى السياسية والرسمية العراقية والاحزاب الصديقة والشقيقة في المنطقة والعالم، الى جانب الاهتمام الذي حظي به على الصعيد الجماهيري، مؤكدا ان نشاط الشيوعيين تكلل بالنجاح في دراسة واقرار وثائق االمؤتمر الرئيسة ، التقرير السياسي والبرنامج والنظام الداخلي والتقرير الانجازي، وانتخاب لجنة مركزية للحزب بلغت نسبة الشباب فيها من النساء والرجال 42%  .
 وفي معرض الحديث عن أبرز القضايا السياسية الراهنة ومجريات الاحداث السياسية التي يعيشها البلد ركز الرفيق ناظم على الانتصارات التي تحققها القوات المسلحة على داعش الارهابي ، و موقف الحزب من النهج المحاصصاتي الطائفي الذي تنتهجه الاحزاب المتنفذة وما جره على شعبنا من ويلات ودمار، والأزمة المالية والمعيشية ، والحراك الشعبي المتواصل منذ قرابة العام والنصف ومطالبه في الاصلاح والتغير نحو بناء الدولة المدنية الديمقراطية وإنهاء دولة المكونات القائمة على أساس المحاصصة الطائفية والأثنية ومحاربة الفساد صنو الارهاب وتوأمه ، وتوفير الخدمات الاساسية بما يحقق حياة انسانية لائقة للمواطنين، وأهمية إجراء انتخابات نزيهة وتحت اشراف دولي ، والحاجة الماسة بشأن ذلك الى تيار مدني ديمقراطي واسع  يعمل حزبنا مع قوى وطنية أخرى على بلورته ، قادر على احداث تغيير جذري في المعادلة السياسية القائمة، الامر الذي يتطلب من كل القوى التي لها مصلحة في التغيير ، الانفتاح على بعضها والتنسيق أو الائتلاف فيما بينها .
 ومن المهم الأشارة إلى أن الرفيق تحدث باسهاب عن شعار المؤتمر ( التغيير .. دولة مدنية ديمقراطية اتحادية ..عدالة اجتماعية )الذي يعبر بشكل مكثف عن توجهات حزبنا اللاحقة ونشاط الشيوعيون وأصدقائهم وحلفاءهم من أجل التغيير ، مضيفاً أن هذه المهمة ليست بالسهلة، بل هي عملية تواصل وتراكم متدرج ، تحتاج الى جهد ونضال دائمين وضغط شعبي متصاعد ، وما التظاهرات أو الاعتصامات أو الوقفات الاحتجاجية في سوح التحرير التي يشارك فيها الألاف من أبناء شعبنا في أغلب المحافظات سوى شكل من اشكال الضغط في هذا الاتجاه . واضاف الرفيق ان الطريق للخلاص من المحاصصة لابد ان يكون بصيغ متدرجة ، لكن بحزمة واحدة متكاملة". وفيما يتعلق بالانتخابات وأنظمتها أشار إلى المستلزمات التي يراها الحزب ضرورية لإجراء انتخابات سليمة وعادلة منها ، اقرار قانون انتخابي عادل وتطبيق قانون الأحزاب والدائرة الانتخابية الواحدة للعراق.
 وأكد الرفيق على ان مشروع قانون انتخابات مجالس المحافظات المحال مؤخرا من الحكومة إلى مجلس النواب والمزمع اقراره ، يمثل تراجعا حقيقيا عن المبادئ الديمقراطية والعدالة الانتخابية ، التي تضمن حق المواطن في اختيار من يراه مناسبا، وعدم مصادرة صوته وتحويله الى قوائم أخرى لم يصوت لها.
وكانت هنالك مداخلات واستفسارات من الحضور أجاب عنها الرفيق.


19
           
أمسية استذكارية في برلين للشاعر والروائي الرفيق صبري هاشم

أقامت منظمة الحزب الشيوعي العراقي ورابطة الانصار الشيوعيين في المانيا الاتحادية أمسية استذكارية للشاعر والروائي الرفيق صبري هاشم بمناسبة مرور عام على رحيله،حيث إلتأم جمع من رفاقه واصدقائه وعائلته لاستذكاره والحديث عن نتاجه الثقافي والانساني،أفتتحت الامسية من قبل عريف الحفل الرفيق سعد كولاني بقوله:
 (نحن سعداء بتواجدكم معنا في هذه الاستذكارية لرفيق بصري مناضل ،مثقف واديب لامع نحتته الصعاب وعركته الحياة ، غادرنا للاسف بعجالة...دون ان يكمل مشواره الانساني والثقافي... خير مانستهل به هذه الامسية الوقوف دقيقة صمت استذكارا للرفيق صبري هاشم (ابو ليلى) وكل القامات الثقافية والنضالية التي غادرتنا مؤخرا واعتزازا واكباراً بشهداء العراق والحركة الوطنية.)
بعدها عرض فلم قصير عن الفقيد صبري أعدهُ الرفيق ابو عادل ..
ثم القى كلمة منظمة الحزب الرفيق سامي جواد كاظم وجاء فيها ( نلتقي اليوم لنستذكر رفيقا مناضلا ومثقفا عراقيا لامعا ،رحل عنا قبل عام وبصمت دون ان ُيكمل مشوارُه الثقافي والانساني ، برحيله فقدت البلاد احد مبدعيها ومناضليها الكثار الذين غيبهم الموت في متاهات الغربة خلال العامين المنصرميين.
لقد انحازالرفيق صبري بوعي فطري ووقت مبكر لمصالح المسحوقين والكادحين من ابناء وطنه وللفكر التقدمي والمتنور،وانخرط في بداية شبابه في النشاط الطلابي والحزبي ، حيث كان واحدا من نشطاء مدينته البصرة مدينة العمال والكادحين الامر الذي جعله لايغيب عن اعين الشرطة السرية والمخبرين حيث تعرض للملاحقة والاعتقال والتعذيب ومن ثم المغادرة القسرية لوطنه وبصرته الحبيبة )
وقرأ الرفيق النصير سعد كولاني كلمة رابطة الانصار الشيوعيين التي تضمنت:
 (لقد شارك الفقيد بكل حماس هو ورفيقة دربه ام اصيل في النضال باعلى اشكاله كما يعبر عنه في المفهوم الثوري بالحركة الانصارية منذ وصولهما الى جبال كورستان من اجل خدمة اهداف شعبنا في الخلاص من الدكتاتورية وظلمها ووسائل قمعها لشعبنا واحقاق نظام يحقق فيه لشعبنا الحرية والديمقراطية والسلام ، وشارك الفقيد في اوائل المفارز التي نزلت الى دشت الموصل مع الخالدين ابو ماجد وابو نصير وغيرهم وتولى مسؤوليات عدة منها مسؤول الحسابات لقاطع بهدينان ، وشارك رفاقه الانصار في السراء والضراء وعانى ما عاناه في ظل تلك الظروف من المعاناة وشظف العيش والحرمان من ابسط المستلزمات الحياتية والجوع في كثير من الاحيان والقلق والارهاق والمخاطر الجمة في تلك الوهاد والجبال الصعبة ،. واكتسب الفقيد صداقات كثيرة في وسط الانصار لدماثة خلقه وثقافته العالية والروح الانسانية التي كانت تتملكه وتجيش في نفسه وحيث كان مرهف الحساسية وينظر لكل شيئ بمنظار خاص ويعطي له تفسيرات من منطلق ثقافته ونظرته الانسانية واحساسه العالي المرهف . )
بعدها القى رفيق ابا اصيل وصديقه الاثير الشاعر طارق سعيد الحلفي  ( ابو احسان) ثلاث قصائد بعنوان ( الرحيل هو الرحيل ) التي كتبها في رثاءه
للّتي قالَت سَلاما فَوقَ سَطرٍ مِن حَريرٍ

للّتي قالت سَتَكتَبَ فَوقَهُ كُلَّ الذي اجّلتَ من آسِ الفُصولِ

عُشقَكَ المسكونُ بِالنَخلِ

خلايا القادمينَ نَحوَ اعراسِ النّهارِ

صباحِ البصرةِ العابقُ بالملحِ وخُلخالَ عدن

خُصلَةَ الماءِ التي لَوحَتَ فيها

بِمَناديلِ وداعٍ من ضّياعِ

حينما غادَرتَ خيمتَكَ الوَحيدَةِ نَحوَ ناعورِ الكويتِ

قبل ان تُطردَ من هَودَجَكَ الطّفلُ الى حبل النّزيفِ

قَبلَ ان تَجمَعَ في الواحات اصدافَ الحَديثِ

وَانحِسارَ الضَّوءِ عن سِحرِ الكَلامِ

قصبَ الهورِ الذي خَلّفتَه ذاتَ بُكاءٍ

وحشَةَ الظِّلِ بهوركي ومخاضَ الالهة

قِرطَ من احبَبتَ ذَيّاك الذي

علقتَهُ يوما على ظَهرِ البداية

فاحتوى حَجرَ المعاني

قصةُ الكمأةِ، والهُدهدُ، والوهمُ،

ارضُ اشورِ، الخُلاسيونَ،

اطيافُ الندى

قيثارُ مَديَنَ، معبدٌ الرّيح لنشوى "

***
هل نسيتَ غَصَّةَ المُشمُشِ في اوَلِ قُبلَة ؟

قبلِ ان يُبْـلِغُكَ الصّمتُ بصَمتٍ

انّ نشوى سوف تغفو فَوقَ دَفتَرَكَ القديم

ربما التفَتَتَ اليكَ قصيدَةٌ النّثرِ التي لَم تَكتَمِل

او لَم تَقُلْ، عند افتِراقِ حَديثَكُما، وَداعاً

وقصيدة ( البصرة ) مدينتهما التي احباها دون حدود وقصيدة ( الطلق ) ...   

حينَ بِنا آنَ رَحيلٌ

في صَبوَةٍ، نَحوَ البَصرَةِ

على وَجدِ حاديَ العيسِ اتَكأنا

نَنتَظِرُ إنبِلاجَ بَهجَةٍ عَنّا تَخَلّت

في هَودَجٍ من أَسمالِ الغُربَةِ

***

البَصرَةُ نَرجِسَةٌ، إذ تَقرِبُ مِنّا 

نَتَضَوعُ ضوءاً 

لكنَّ إِلينا الطُّرُقاتُ مُتَلَكِّئَةً كانَت

ونَعيبٌ يَهطِلُ مِن ذاكِرَةِ النَّوءِ

على الأَمساءِ

أَغبِرَةٌ حُمرٌ، ومَطارِدُ صيفٍ تَتَعَقَبُها

ما أَشهَقُها!

ما اشهقُ هذي البَصرةُ حينَ تَقوم!

ثم اتى دور صديق ورفيق ابا اصيل الاديب والكاتب الرفيق النصير يحيى علوان ليقرأ نصا ادبيا كتبه في رثاءه جاء فيه :
 ( رُبَّ قائل يقول ، قتله الشعر..فأقول لا! لأنه بالشعر عاش أكثر، إستوطن الشعر، او ان الشعر استوطنه...
سيان!فقد مانا إثنين في واحد ، حتى هجر النثر والسرد ،
ولما سافر لم يتبعه ظله، ظل مسمرا بيننا...
بعد ان حملته الفراشات ، خفيفا مثلها ، الى مدارج الضياء...
قضينا اعمارنا ، نراوح بين المنافي ومنبت الذكرى ،
هجرنا الاهل والصحب ،
ركبنا اليم .. أجنحة الريح، ظهور الدواب، حتى أزهر ملح الوحشة فينا ،
مثل وجع ناي ، ثقبته أصابع الخسارات ...
نضجت أشواقنا " ونحن..غافلون!"
فإذا بالوطن يكابر ، ينافح عما صار اليه طلل، خطل وخبل...
وطن حملناه غصة.. جيلين،
كوينا جراحنا باسياخ التصابر‘
تركنا الصمت معلقا في الهواء ،وحيدا.." بلا ولد ولا تلد"
حتى صحت الدنيا على غيب من تهاليل واباطيل ...
لكننا سنظل سائرين!
فليس لنا سوى أن نسير .. أن اصبنا أو أخطأنا،
سنسير ، ونسير..؟!
اما رفيق صبري وشريك النضال في جبال كردستان النصير صباح كنجي الذي لم يسمح وضعه الصحي بالمشاركة فقد أرسل نصا قرأته الرفيقة وفاء الربيعي كما قرأت في الختام  أحدى قصائد الشاعر صبري هاشم وجاء في النص الذي كتبه كنجي مايلي :
(ابو ليلى.. او ان شئتم صبري هاشم .. الذي غادر البصرة في اقصى الجنوب نحو الكويت هارباً من جحيم البعث وملاحقته .. عاد .. يا للمفارقة .. من اقصى معبر شمالي في كردستان بعد مغادرته الكويت الى اليمن ومن ثم بلاد الشام .. كان يفيض في كل لقاء بالكثير من القصص و الحكايا بأسلوبه الجميل والمؤثر بالرغم من ميله للصمت والهدوء.. كأنه كاهن مشغول البال يفكر بتقوى السماء.. 
لكنه حينما يشعر بأنك تصغي اليه ينفتح كالبركان .. شاكياً ..ناقداً .. متذمراً ومشفوعاً بالرعب من احتمال ضياع الحلم .. كان يرى كـ كلكامش ما لا يراه الآخرون .. حدثنا اكثر من مرة عن تجربة مرّ بها.. وتركت تأثيرها العميق في نفسه وهو الحالم بالوطن الحر والشعب السعيد مع باكورة عمله السياسي وانتسابه للحزب الشيوعي الذي سعى اليه صبري بقناعة ووعي ..
بقي صبري وفياً لقناعاته وعلاقاته الانسانية.. التي اصبحت هاجسه الكبير في سنوات الغربة التي تمحورت بقدرته على تجاوز آلامها ومعاناة المرض.. الذي لازمه واصبح يقضي الكثير من اوقاته في صالات وغرف المشافي.. التي انجز الكثير من فصول رواياته وقصائده على اسرتها يناكد المرض ويتحايل عليه .. ويسخر بوعي مما مرّ به من مواقف صعبة بتلك الروح الثورية التي لا تعرف النضوب واليأس )
أختم عريف الحفل الرفيق سعد كولاني الامسية بالقول :
( في ختام استذكاريتنا لرفيقنا الغالي الروائي والشاعر صبري هاشم  نتقدم باسم منظمة الحزب الشيوعي العراقي ورابطة الانصار الشيوعيين بوافر الشكر والتقدير لكافة الرفيقات والرفاق والصديقات والاصدقاء الذين تجشموا عناء السفر بمشاركتهم لنا في هذه الاستذكارية وكذلك جميل الشكر لكل الرفيقات والرفاق الذين قدموا مساهمات استذكروا فيها رفيقهم الفقيد ،لك الخلود والذكر العطر ابا اصيل ،الى اللقاء رفاقنا واصدقائنا دمتم بخير وعافية ورافقتكم السلامة.)
   
       

   
 
 


20
كل عام انتم والوطن بخير
 


تهنيء منظمة الحزب الشيوعي العراقي في المانيا الاتحادية،أخواتنا وأخوتنا في الوطن والمصير، أتباع الديانة الإيزيدية أينما كانوا، في داخل الوطن وخارجه،  بمناسبة عيد رأس السنة الايزيدية سه ر سال وإذ تنتهز منظمتنا هذه المناسبة السعيدة، لتعبر عن إيمانها العميق بوحدة الشعب العراقي بمكوناته وإنتماءاته الدينية والمذهبية والقومية، مشددين على أهمية العمل المشترك الجاد والمخلص من أجل القضاء على المحاصصة الطائفية والقومية التي جلبت الكوارث للوطن وأهله،لنعمل يدا بيد من
اجل التغيير وبناء الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية وتوفير العدالة الاجتماعية لكل العراقيين . باسم جميع رفاقنا واصدقائنا نعلن لكم تضامننا اللامحدود في نضالكم مع بقية اخوتكم في الوطن لاسترجاع مدنكم وقراكم وكافة المدن العراقية التي احتلتها عصابات داعش الارهابية،كما وننتهز الفرصة لتأكيد المطالبة بتحرير المختطفات والمختطفين الإيزيديين وضرورة عودتهم السريعة إلى أهاليهم ومناطق سكناهم الطبيعية وكذلك عودة النازحين منهم وتهيئة الظروف الطبيعية والملائمة لهم لممارسة حياتهم الإعتيادية التي لن تتم إلا عن طريق التسريع بإعادة بناء وإعمار مدنهم وقراهم.
 منظمة الحزب الشيوعي العراقي في المانيا الاتحادية
بتاريخ 16 نيسان 2017


22
عيد فصح مجيد ... وكل عام والجميع بخير وسلام
                   
             
تتقدم منظمة الحزب الشيوعي العراقي في المانيا الاتحادية لجميع الاخوة المسيحين في داخل الوطن وخارجه عيد فصح مجيد ،متمنين للجميع السلام والطمأنينة ،ونأمل ان تكون هذه المناسبة فرصة لرص الصفوف وتعزيز الوحدة الوطنية لدحر الارهاب والقضاء على الفساد والطائفية السياسية ،والتوجه لبناء الدولة المدنية التي توفر الحياة الحرة والكريمة لكل العراقيين بكل انتماءاتهم الدينية والطائفية والعرقية والسياسية،كما ونتمنى لكل الاخوة النازحين والمهجرين العودة السريعة لديارهم المحررة من براثن الارهاب الاسود والبدء بعملية اعادة بناء مدنهم التي خربتها قوى الظلام والتطرف ،كل عام انتم والوطن بخير.


منظمة الحزب الشيوعي العراقي في المانيا الاتحادية 


23
في برلين يحتفل الشيوعيون وأصدقائهم بالذكرى الـ 83 لميلاد الحزب 
قامت منظمتا الحزب الشيوعي العراقي في برلين وشرق المانيا والحزب الشيوعي الكردستاني وبمناسبة  الذكرى 83 لتأسيس حزبنا المجيد حفلا خطابا وفنيا في العاصمة برلين يوم السبت في الأول من نيسان حفلا خطابيا وفنيا وفي اجواء يسودها الثقة بنضال الحزب وعبر عقود من الزمن للعمل سوية وبمستقبل أفضل للعراق الجريح وبالتعاون مع كافة القوى الديمقراطية واليسارية واصدقاؤنا وبحضورهم ومشاركتهم حفلنا هذا.
وسط ضياء الشموع وباقات الورود صدح النشيد الأممي وبعدها تم الترحيب من قبل عريفة الحفل بالحضور ممتزجة بأبيات شعر جميلة تتغنى بأسم الحزب ونضالاته.
بعدها تليت كلمة المنظمتين والتي جاء فيها على ان ولادة الحزب حاجة موضوعية لتحقيق أماني شعبنا ومطالب كادحيه للوصول الى الهدف المنشود وطن حر وشعب سعيد . كما تناولت الكلمة مسألة استمرار الحزب في نضالاته الأحتجاجية مع كافة القوى الوطنية والخيرة من ابناء شعبنا وبالرغم من التعقيدات وفي ظل الأوضاع القاهرة لشعبنا سيظل حريصا على منهجه ومؤمنا بالتجديد والرؤى وكما تم التأكيد عليه في مؤتمره الوطني العاشر.
وبعد كلمة الحزب ألقيت كلمات حزب اليسار الألماني و حزب الشعب الفلسطيني و الحزب الديمقراطي الكردستاني والدكتور كاظم حبيب وتحية من الحزب الشيوعي اللبناني .وكلمة المنتدى الثقافي في لايبزك.
بعد انتهاء الحفل السياسي تخلل الحفل تكريم الرفيقتين النصيرتين ام اصيل والرفيقة وداد...كما وتم تكريم الرفيق عثمان من الحزب الشيوعي الكردستاتي . جمعت تبرعات من قبل بعض الرفاق والأصدقاء عن طريق لعبة الدنبلة ...اختتم الحفل بالأغاني والموسيقى العربية والدبكات الكردية..



24
مدينة ميونيخ تحتفل بميلاد حزب الشيوعيين

أقامت منظمة حزبنا الشيوعي العراقي ، هيئة الشهيد نزار في مدينة ميونيخ الألمانية حفلاً  خطابيا وفنياً ساهراً في يوم الجمعة الموافق 31-آذار - 2017 ابتدأ بالوقوف دقيقة صمت حدادا على أرواح شهداء الحزب والحركة الوطنية وضحايا الإرهاب ، حضره جمع غفير من رفاق وأصدقاء ومؤازري الحزب في المدينة وضواحيها ، حيث زينت قاعة الإحتفال بالألوان الزاهية والأعلام الحمراء وشعارات حزبنا الشيوعي العراقي بمناسبة أعياد آذار المجيدة ، وألقى الرفيق أبو زينب كلمة المنظمة التي حيا فيها هذه الذكرى العزيزة على قلوب كل الوطنيين والشرفاء من أبنا الشعب العراقي ومجد نضالاته على مر تاريخه الطويل والناصع ، وأشاد بدور قواتنا الأمنية وهي تخوض معارك الشرف ضد إرهابيي الدولة الإسلامية في الموصل وبقية المدن العراقية ، وأشار الرفيق في كلمته إلى سياسات النظام الطئفية والأثنة المقيتة والفساد المستشري في كل مفاصل الدولة وأهمية التصدي لذلك من خلال تعزيز نضال القوى المدنية الديمقراطية التي أثبتت وجودها في الشارع العراقي وعززت الفعاليات والاحتجاجات الجماهيرية في ساحات الحرية في بلادنا ، المطالبة بمحاربة الفساد وسن قانون انتخابي يساهم في تعزيز دور القوى الديمقراطية وتشكيل مفوضية انتخابات وفق المعايير الوطنية ، بعيدا عن المحاصصات .
 وفي الجانب الفني أحيا الحفل الفنان عدنان السبتي وفرقته االموسيقية ، وشاركه الفنان أحمد الكعبي بالأغاني العراقية الوطنية التي مجدت شهداء الحزب والوطن وأشادت بسياسة حزبنا الشيوعي العراقي الرامية الى إقامة الدولة المدنية الديمقراطية ، وحزبنا يحمل أمانة على أعناقه رسالة الشهداء الأبرار الذين ضحوا بدمائهم الزكية من أجل قضية حرية الوطن وسعادة الشعب ، كما شارك الحضور بالرقصات والدبكات الشعبية على أنغام الأغاني العراقية والألحان الشجية للفرقة الفنية ...
وألقى الشاعرعلي السماوي قصائد منوعة ألهبت حماس الحضور . كما ألقى الدكتور قاسم كلمة مختصرة عن معاناة شعبنا العراقي جراء سياسات النظام الطائفي - الأثني القائم حالياً في العراق .
منظمة الحزب الشيوعي العراقي في ألمانيا الاتحادية
02.نيسان .2017     
         

25
احتفالية كولن بالذكرى الثالثة والثمانين لتاسيس الحزب الشيوعي العراقي

احتفلت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في مدينة كولن الالمانية بالذكرى الثالثة والثمانين لتاسيس الحزب الشيوعي العراقي وسط حضور جماهيري فاق استيعاب قاعة الاحتفال ، دعا خلالها الرفيق خضير حسون عريف الحفل المحتفلون للوقوف دقيقة حداد على ارواح شهداء الحزب والحركة الوطنية والمضحين بدمائهم من القوى الامنية والمتطوعين لمقاتلة داعش الارهابية، ومن اجل كل ضحايا الارهاب ، بعد ذلك استمع المحتفلون وقوفا للنشيد الاممي.
ثم تقدم الرفيق ماجد فيادي عضو اللجنة القيادية لمنظمة ألمانيا لالقاء كلمة المنظمة التي اشار فيها الى دور القوات الامنية العراقية والمتطوعين في مقاتلة ارهابيي دولة الخلافة الاسلامية، وانتظار الشعب العراق بفارغ الصبر اعلان النصر الكامل في مدينة الموصل اخر معاقل الارهابيين، مبينا ان الحل الذي ينتظره الشعب العراقي للخلاص من اثار الارهاب والفساد المالي والاداري وتردي اداء الاحزاب الحاكمة ، يكمن في الخلاص من المحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية ، ومحاسبة حيتان الفساد بغض النظر عن مكانتهم السياسية ، مؤكدا ان طرح وثائق المؤتمر الوطني العاشر للحزب جاءت من أجل الوصول الى برنامج ومقررات تلامس الواقع العراقي وتبحث عن حلول عملية ، عبر شعار المؤتمر (التغيير .. دولة مدنية ديمقراطية اتحادية وعدالة اجتماعية).
انتقل بعدها الى عرض مواقف الحزب التاريخية من هموم الشعب العراقي ، ووقوفه دائما الى جانب نصرة قضايا الكادحين ، والعمل على تغيير واقعهم نحو الافضل ، وما وقوف اعضاء الحزب في ساحات التحرير بالمدن العراقية الا شكلا من اشكال النضال الوطني ، وما مسعاه والقوى الوطنية الخيرة لتغيير قانون الانتخابات والهيئة المستقلة للانتخابات الا خطوة اولى مهمة نحو تغيير سير العملية السياسية نحو المسار الصحيح .
وبين ان منظمة الحزب الشيوعي العراقي في المانيا تقف الى جانب نضال الشعب العراقي وتدافع عن حقوقه بنقل معاناته الى الشعب الالماني وفضح الممارسات اللاانسانية لقوى الارهاب والاحزاب الحاكمة.
واختتم كلمته بتوجيه تحية لشهداء الحزب والحركة الوطنية والتضامن مع الشعب العراقي حتى الانتصار على الارهاب والفساد وتحرير الاسيرات الازيديات واستعادة الكرامة العراقية.
استمع المحتفلون بعد ذلك لاغنيتي عمي يابو جاكوج واغنية يابو علي ،وبعدها قرأ الرفيق عريف الحفل عددا من الرقيات التي وصلت إلى الحفل من الديوان الثقافي الاجتماعي في مدينة أولدنبورغ والديوان الشرقي - الغربي في مدينة كولن وتنسيقية التيار الديمقراطي في ألمانيا ، لحقها دعوة الرفيق ناظم ختاري سكرتير المنظمة لتقديم شهادات تقديرية لعدد من الرفاق والاصدقاء ، تقدمتهم السيدة مقبولة الجبوري ، الرفيق سمير سلمان، السيد عزيزشمعون توما، السيد اسماعيل السامرائي، السيد طارق الساعاتي، والنصير الشيوعي سلام جواد كاظم ، وفي كلمته الارتجالية ثمن الرفيق تاريخهم وما قدموه للحركة الوطنية والاجتماعية العراقية من اجل الوصول للدولة المدنية وتحقيق العدالة الاجتماعية ، موضحا ان نهجنا في تكريم تلك المناضلين سيستمر على مدار السنوات القادمة ، فهم على درب الحرية كثيرون ، ومن لم يحالفنا الحظ في تكريمهم هذا العام سوف يأتيه الدور في الاعوام القادمة.
ثم تكلم السيد اسماعيل السامرائي باسم المكرمين، إذ قال ان نضالات الوطنيين من الشعب العراقي تصب في تحقيق الدولة المدنية واقامة العدالة الاجتماعية بوسائل ديمقراطية ، وان هذا الدور يلتقي مع نضال الحزب الشيوعي العراقي على مدار سنوات نضاله ، مقدما التهاني لقيادة واعضاء الحزب  بمناسبة الذكرى الثالثة والثمانين للتأسيس، مؤكدا على وحدة الشعب العراقي رغما عن كل محاولات الفاسدين.

في ظل هذه الاحتفالات والمشاعرالجياشة ، انطلقت الدبكات الكردية والعربية على أنغام الموسيقى والأغاني العراقية ، قدمها الدي جي أسامة قادما من مدينة لودفكسهافن، تبعها وصلة غنائية للفنان السوري جمال قدمها تحية للشعب العراقي ، وتوالت على أثرها مشاركات غنائية لم تكن بالحسبان لعدد من الرفاق والاصدقاء أضفت جوا من الالفة والحميمية ، تنوعت بين أغانٍ عربية وكردية ، استمرت حتى ساعة متاخرة من الليل.
رافق هذا الجو الاحتفالي رفع الاعلام الحمراء بأكف النساء والرجال، و مظاهر البهجة والفرح ، احتفاءا بتأسيس حزب الايادي البيضاء ، والجيوب النظيفة من أموال الفساد الاداري والمالي، متمنين لقيادة الحزب وأعضائه النجاح في استعادة حقوق الشعب العراقي المهدورة وكي ينعم بالحرية  بالرفاهية .
منظمة الحزب الشيوعي العراقي في المانيا
2 نيسان 2017

26

بهجة الفرح وعبق البطولة في احتفالية هانوفر/ المانيا الاتحادية في عيد النضال 83

احتفل الشيوعيون العراقيون واصدقائهم في مدينتي هانوفر واولدينبورغ, يوم الاول من نيسان الجاري,  بالذكرى الثالثة والثمانين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي وسط حضور شبابي وجماهيري واسع من ابناء الجالية.
ابتدأ الحفل بالنشيد الوطني العراقي ثم الوقوف دقيقة حداد على شهداء حزبنا والحركة الوطنية وقواتنا المسلحة وضحايا الارهاب, تلتها كلمة منظمة الحزب في المانيا القاها الرفيق ابو كفاح.
 وكان للمرأة العراقية الصامدة والمكافحة كلمتها في الحفل, قرأتها الزميلة ام رياض. خُتم الجانب الرسمي من الحفل بكلمة للرفيق ابو سربست عن الانصار الشيوعين.
اشرّت الكلمات الى تاريخ حزبنا ودوره والمهام الآنية والمرحلية التي يضطلع بها في نضاله ضد الارهاب والمحاصصة والفساد من اجل دولة مدنية ديمقراطية وعدالة اجتماعية.
للشعر مكانته الاثيرة لدى العراقيين, حيث القى الرفيق ابو سيلين مقاطع منوعة منه تتغنى بالوطن والشعب.
الاحتفال الفني البهيج, اطلقته باقة من صبايا العراق يحملن شموع الميلاد المجيد بمرافقة براعم من اطفال الفرح يحملون علم الوطن ورايات الحزب والورود الحمراء, على صدى هلاهل الام العراقية... ثم تواصل بالدبكات والرقصات الشعبية والاغاني الفولكلورية واغاني الحزب بمشاركة الفرقة الموسيقية وكذلك على انغام الدوه ول والزورنا.
وكما استهل الحفل بشموع الميلاد المجيد, أُختتم بتقطيع كيكته, بيد ذوي شهداء حزبنا الاماجد, الرفيق ابو زكي وصديق الحزب فيدل وسط تهليل واعتزاز الحاضرين مع امل اللقاء في العام القادم.


27
المنبر الحر / النشر الرقمي
« في: 18:22 23/10/2016  »
النشر الرقمي
                                   
حازم خيري

لشبكة الانترنت فضل في خروج مقالات الكثيرين وأنا منهم للنور، حيث أكتب ما يجول بخاطرى من أفكار. صحيح أن المواقع تختار من كتاباتي ما تنشره، غير أنه في المحصلة النهائية تحظى كل مقالة بموافقة بعض المواقع على نشرها. لا أدرى ما المعايير التى تحتكم إليها المواقع المختلفة في نشر المقالات المُرسلة إليهم.

المهم عندى أن تخرج المقالة للنور، رغم أني لا أدرى شيئا عن مستقبل هذه المواقع، ومصير المقالات المنشورة في حالة اغلاق هذه المواقع. مسألة التوثيق محل تساؤل، لأنه خلال رحلتى في النشر الرقمي اختفت مواقع وظهرت أخرى!!

من هنا أحرص على تجميع مقالاتى في نهاية كل عام ونشرها في كتاب، رغم أن المشكلة نفسها تظل قائمة، وهى مصير المواقع التى تنشر هذه الكتب! ربما هذه الأفكار تأتيني لأن جيلي تعود على تبجيل النشر الورقي مقارنة بالنشر الرقمي!

النشر الورقي لا مستقبل له بحسب مفكرين غربيين، فالنشر الرقمى في طريقه للهيمنة، والاصدارات الورقية في طريقها للاختفاء لصالح الرقمية. هذا يعني أن ضمانات حفظ المادة المنشورة لابد أنها تتوافر في الغرب لحمايتها من الضياع.

أما في عالمنا العربي فالأمر على ما يبدو مختلف، حيث يظل النشر الورقي محتفظا بمكانته العتيقة من جهة حفظه للمادة المنشورة من الضياع. وأيضا تظل المادة المنشورة عرضة للضياع بمجرد توقف الموقع، حيث تُنشر هذه المادة.

البون شاسع بيننا في العالم العربي وبينهم في الغرب، فالرقمية نتاج حضارتهم، هم أدرى بها وبتوظيفها في خدمة الإنسان. أما نحن فمازلنا نلهث خلفهم..

28
المنبر الحر / تحرير الموصل ...!
« في: 14:25 15/10/2016  »
تحرير الموصل ...!
ناظم ختاري
كثر الحديث عن معركة تحرير الموصل عاصمة "الخلافة الإسلامية" منذ عامين ، وصارت تحتشد القوات في الأيام الأخيرة من مختلف  الدول والصنوف وفي مختلف الاتجاهات ومن الناحية العملية فإن كل المؤشرات تؤكد إن المعركة ستبدأ حتما في الدقائق أو الساعات أو الأيام القليلة القادمة ... والقوات المعدة للمشاركة في عملية التحريرهي قوات التحالف الدولي والقوات العراقية بمختلف مسمياتها والقوات الأيرانية بقيادة السليماني واالقوات التركية ، وهذا يعني بأنه هناك أكثر من 63 دولة ستشارك في عملية التحرير وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية المصنعة لأحدث الأسلحة التي ستسخدمها لمقاتلة داعش التي تعتبر منظمة إرهابية محضورة على المستوى العالمي ، أحتلت أكثر من ثلث الأراضي العراقية خلال عام 2014 وكثيرا من المدن السورية وأعلنت الخلافة الإسلامية فيها وأعلنت  موصل عاصمة لها ..
السؤال هنا .. إذا كانت الدول المشاركة في عملية التحرير والتي تمتلك ترسانة سلاح قادرة على تدمير كل  الكرة الأرضية ، ولكنها رغم ذلك تتردد في خوض معركة تحرير ضد داعش في الموصل ، وتحسب لها ألف حساب ، فهذا يعني من الناحية العملية إن داعش ربما تمتلك اسلحة اكثر تطورا من تلك التي تمتلكها القوى المعدة للتحرير .. فإذا كان الأمر كذلك .. فمن أين لها هذا السلاح القادر على الوقوف بوجه ترسانة 63 دولة مصنعة للسلاح ومنتجة للأموال ...؟
ألا يفكر التحالف الدولي الذي تشكل اثر اشتداد قبضة داعش على العديد من المدن العراقية والسورية ، من اين تحصل الدولة الإسلامية (داعش) على السلاح ، حتى مكنتها من احتلال المدن والمساحة المشار إليها .. ؟ ألا يفكر نفس التحالف من أين تستمد الدولة ألإسلامية (داعش)  قوتها للوقوف بوجه أكثر من 63 دولة مدججة بأحدث الأسلحة المدمرة ...؟
ألا يعني هذا إنها (الدولة الإسلامية)  تمتلك سلاحا فعالا قادرا على المقاومة .. هو سبب عدم زعزعة معنويات مقاتليها .. وبالتالي إن من مولها لأحتلال مدننا هو من يمولها لمقاومة القوات القادمة لتحريرها ..؟  ومن اين هذا السلاح  .. ومن هو مصدره أو أي دولة مصدر هذا السلاح الكثير والمكلف ..؟ وخصوصا إن السلاح المستولى عليه في عملية تحرير الموصل والتمويل المحلي وتمويل القوى السياسية لها في خضم صراع مصالح  مشين ، ربما لايجدي نفعا ، او ربما نفذ ..!!
أم إن الأمر قريبا إلى الصحة ، بأن داعش ستنتقل إلى سوريا بضمانات أمريكية وسعودية وتركية ..!!   
وعليه ينبغي أن ننتظر عودتها مرة أخرى ، بعد أن نخوض جولة مريرة من صراع دموي طائفي  أو ربما عرقي ..!!
 



29
حسن نمر "أبو فلاح "هو الآخر يغادرنا نحن الأنصار ...
ناظم ختاري
المحطة الأخيرة للنصير الشيوعي الفقيد حسن نمر ( أبو فلاح ) و رحيله الأبدي قبل أيام قليلة .. ليست اول محطة عنه سمعت خبرها .. فقد كانت بدايات معرفتي الشخصية به في محطات مبكرة ، كان فيها شابا متحمسا ومندفعا ورمزا بارزا من رموز منظمة الحزب في قريته  "سريشكه "إلى جانب رفاقه  زياد رشمان وخدر شيبو وخلف عساف وغيرهما من المناضلين من أبناء تلك القرية .
في طوافات سريجكة وأنا في بداية علاقاتي مع شبيبة الحزب خارج قريتنا كنت أزور أبو فلاح وعادة كان مجلسه مليئا بالشيوعيين الشباب ، كانت أصواتهم تتعالى وهي تخوض نقاشات عن أشياء تعلموها في اجتماعتهم الحزبية على يد مثقفين بسطاء ، عن الصراع الطبقي وعن الاشتراكية وعن مستقبل بلدنا وغيرها من الأفكار التي كانوا يستنبطونها من الكتب المتوفرة أنذاك في ريف مهمل سوى من أهتمام الشيوعيين بأيصال الثقافة والفكر التقدمي إليها وتعزيز ثقة أبناء ه بمستقبل زاهر " لم يتحقق للأسف الشديد" .
 أقداح الخمر والتي تحيطها المقبلات من كل جهة كانت واجبة في هذه الجلسات وفي مثل هكذا مناسبات ، وكان أبو فلاح يتميز بتنويعها وابتكار طقوس خاصة بها ،  ولم يكن يتخلف عن  الحضور في طوافاتنا في ختارة ودوغات فكانت جلسات الخمر تكتمل ، حيث يلتقى الشيوعيون والحان سالم حزبنا ونشيد رف ياحمام تتطاير واصلة إلى السماء من  فوهة "زرنا" مزمار الفنان الموهوب المرحوم "سليم " من عائلة حسن رشمان في جلسات خاصة أو عامة .. من فوق سطوح المنازل أو باحاتها أو من ساحات قرانا المخصصة لمثل هكذا مناسبات .
نرقص فرحا ، على أنغام (من توو نه فيى)  لتحسين طه من عمادية قلعة "آمادين " و(بووكى ده لالى) لمحمد طيب .. نرقص تحديا على أنغام سنمضي .. سنمضي إلى ما نريد .. وطن حر وشعب سعيد .
بين وقت وآخر ندخل صراعا مع كل من يحاول قطع الطريق على ممارستنا لحريتنا الفكرية والتنظيمية .. رفضنا التلويح بشبيه لثوري أو ثوار أمريكا اللاتينية ، رفضنا التوقيع على تعهد معد لعودة الشيوعيين إلى "الصف الو طني "
مما كان ثمن ذلك ، الجبال الوعرة وبندقية كلاشين وجريدة طريق الشعب وملفوفات صغيرة تحمل التحد والتواصل وعودة التنظيم ولقب نصبر .. ( مسلحين صرنا نمشي بدرابين قرانا .. وندخل بيوت االرفاق ونوصل لهم خبر الغائبين ) .. ألف ليلة وليلة كانت مخادعنا صخرة نتكأ عليها وأخرى نتقي  بها برودة الريح الشتوية  في كهوف ومغارات محفورة في بطون الجبال وقممها دون نيران ولا مواقد .. ووجباتنا كانت خبزا وجبنا من البيوت الفقيرة من قرى أنفلتها سلطات الدكتاتور حرقا ونهبا وقتلا عاما .
ألتقيته في تلك الجبال التي أرهقته في باديء الأمر وثم جعلته على مر الأيام خفيفا يتسلقها  كأهل قراها ، كلفنا الحزب لأكثر من مرة للعمل معا في قرانا لإعادة التنظيم وقيادته والتي كنا نتسلل إليها في الليالي وبين خيوط ظلامها الدامس ، نختبيء في بيوتها تارة ونلتقي المقطوعين تنظيميا، وفي المخابئ التي خارجها تارة أخرى ، نحمل خبزا وماءا معنا ، نحكي  قصصا عن الحب والحياة والمستقبل .
رغم مرارة فقداننا للنصير الشيوعي العزيز ملازم سلام  : من بعشيقة " الذي كان برفقة ابو فلاح في مهمة إلى قرية بيبان عندما تعرضوا لكمين نصبته مفرزة المجرم سفر ، كنا نمزح معه عند تماثله للشفاء بعدما أصابته احدى الإطلاقات في منطقة حرجة من جسمه .       
في بداية عمليات أنفال بادينان التي أطلقتها قوات النظام البائد في أيلون 1988 أتفقنا في اللجنة القيادية لقضاء تلكيف التي تشكلت جديدا على إرسال عدد من الرفاق إلى الداخل "ريف سهل  نينوى " كان ضمنهم أبو فلاح أتفقت معه على تفاصيل كيفية التواصل بعد العاصفة ، بما فيها كلمة السر واماكن الآختباء المحتملة ، لو جرت الأمور بعكس ما حصل أنذاك ...  لكن شاءت الظروف المعقدة وشراسة حملة النظام إلى تأجيل أي لقاء بيننا إلى ما بعد انتفاضة آذار..  حينها وجدته يعيش ظروفا معقدة و لكنها تفيض حنانا إلى أيام الجبل ..
عاش أبو فلاح رغم ظروفه الصحية الصعبة قريبا من الحزب ، فبعد سقوط النظام ، انخرط أولاده الشباب  يتقدمون الصفوف لمواصلة دربه المضيء حيث كان يعيقه مرض لعين تغلب على أصراره أخيرا ، فغادر أسرتنا الأنصارية قبل الآوان .
مجدا أيها الرفيق النصير والصديق الجميل .. وداعا أيها العزيز أبو فلاح  .


30
الرفيقات والصديقات العزيزات
الرفاق والاصدقاء الاعزاء
تحية طيبة
بالنظر للظروف العصيبة التي يمر بها الوطن واهله ،والعمليات الارهابية الجبانة التي طالت  الكرادة ومناطق عديدة في بغداد والمدن العراقية الاخرى ،حيث حصدت ارواح المئات من الابرياء، تقرر الغاء الاحتفالية المركزية بمناسبة الذكرى 58 لثورة 14 تموز. نعبر عن حزننا العميق ومواساتنا لكل عوائل الشهداء،وندعو ابناء شعبنا للوقوف صفا متراصا بوجه  الارهاب الفاشي،والفساد
والطائفية، لتتوحد كل الجهود لدحرقوى الارهاب ونظام المحاصصة الطائفية والعرقية والفساد،ومن اجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية التي توفر الحياة الحرة والكريمة لجميع العراقيين.
 
منظمة الحزب الشيوعي العراقي في المانيا الاتحادية
لجنة تنسيق التيار الديمقراطي في المانيا
الجمعة المصادف 8/ تموز 2016


31
وداعا رفيقنا الغالي د.عبد العزيز وطبان




                         
ودعنا هذا اليوم بالم وحزن بالغين ،رفيقنا ومربينا واستاذنا د.عبد العزيز وطبان، برحيله خسرت منظمة حزبنا قامة شيوعية مناضلة لاتعوض،لقد كان ابو ذكرى مثالا نادرا للتواضع  والاخلاص لمبادئ الحزب وفكره، والحرص الدائم لكي يتبوء حزبنا مكانته بين صفوف الفقراء والكادحين ، كم تعلمنا منك يارفيق وانت تساهم بنشاط الشباب الذي لايكل في انجاح موسعات وكونفرنسات منظمتنا ،رغم الوضع الصحي الصعب الذي كنت تعاني منه،وكم كنت رفيقا رائعا وانت ترفد وبتواضع جم رفاقك بخبرتك الحزبية والنضالية الثرة ،وكم حرصت على عدم التخلف لاداء مهامك وواجباتك الحزبية رغم سوء وضعك الصحي، لقد كنت متقدا وعميقا دائما بتحليلاتك ووصفك  لما يجري على ساحة الوطن والمنطقة والعالم.
ولد الرفيق د.عبد العزيز وطبان عام 1928في مدينة البصرة،وانغمر وهو في ريعان شبابه في العمل الحزبي وخط لنفسه سفر نضال لم يتوقف منذ أن عاصر الرفيق المؤسس فهد اذ لم يترك العمل السياسي رغم كل الضربات التي تعرض لها الحزب، واعتقل وسجن وعذب سنين طوال مما زاده تمسكا بمبادئ الحزب الشيوعي العراقي والحرص على خدمة المجتمع نحو الحرية والبناء.انهى دراسته في جامعة موسكو ونال شهادة الدكتوراه عام 1970،وبعد عودته الى الوطن عين استاذا مساعدا في جامعة بغداد/كلية الادارة والاقتصاد كما القى المحاضرات في الجامعة المستنصرية، وكان زميلا لخيرة اكاديميي الاقتصاد في العراق كالدكتور ابراهيم كبة والدكتور محمد سلمان حسن ، حتى عام 1977 اذ جرى نقله الى المؤسسة العامة لتجارة السلع الانتاجية، الى ان تم اقصاؤه مع مجموعة من الاساتذة من الجامعة ومن ضمنهم زوجته (الراحلة د.جليلة الهاشمي) من طرف سلطات البعث في عام 1978 ضمن حملتها لتصفية الجامعة من الاساتذة الشيوعيين والديمقراطيين.
غادر العراق الى الجزائر وعمل في جامعتها حتى عام 1991 بعدها غادر متنقلا في عدة بلدان ليستقر به الرحال اخيرا في مدينة (لير) في المانيا الى ان وافته المنية في مساء يوم الاربعاء المصادف 20/4/2016.
ستبقى خالدا ابا ذكرى في ذاكرة جميع رفيقاتك ورفاقك،وستبقى ابتسامتك التي لم تبارحك في احلك الظروف ،باعثا للامل بمسقبل حرا وسعيدا للعراقيين وللبشرية جمعاء.
بأسم جميع رفيقاتنا ورفاقنا نتقدم للرفيقة العزيزة ذكرى عبد العزيز وطبان والرفيق العزيز صالح ياسر وجميع افراد عائلته الكريمة بأحر التعازي ونتمنى للجميع الصبر الطيب،لك الذكر الطيب والخلود
رفيقنا د.عبد العزيز وطبان.

منظمة الحزب الشيوعي العراقي في المانيا الاتحادية
الخميس المصادف 21/4/2016


 

32
الشيوعيون واصدقائهم في لايبزك والمدن المجاورة لها يحتفلون بمناسبة الذكرى 82 لميلاد  حزبهم
           
 في يوم ربيعي مشرق التأم شمل الشيوعيين واصدقائهم نساءا ورجالا في لايبزك وهالة ودرسدن وضيوف احبة من مدينة مانهايم أمتلأت قاعة الملتقى بهم، ليحتفلوا بعيد ميلاد حزبهم المجيد .أفتتح الحفل بعد الترحيب بالحضور ، بالوقوف دقيقة صمت على شهداء الحزب والوطن ،بعدها القيت كلمة الحزب من قبل الرفيق سامي كاظم ، ثم تلى الاخ عبد المجيد حسين برقية تهنئة باسم الملتقى العراقي في لايبزك،
بعدها عرض فلم "صمود –سفر- الشيوعيين العراقيين" ،ثم القى الرفيق د.حميد الخاقاني قصيدة حلبجة للشاعر شيركو بي كه س لاقت استحسان الحضور ،بعدها عرضت اغنية هربجي حيث غنى الحضور وبحماس هذه الاغنية الخالدة التي تجسد الوحدة الوطنية ، وعرضت قصيدة " يامسيحي العراق لاترحلوا "مع فلم، تفاعل الجميع معه واعلنوا تضامنهم مع محنة اخوتهم في الوطن من المسيحيين والاىزيدين والصابئة المندائيين والشبك ، وأختتم  الرفيق د.حميد الخاقاني الجزء الخطابي  بمداخلته حول  "الانتماء للحزب الشيوعي العراقي وفكره، هو انتماء للمستقبل والامل ، فالحزب هو الفصيل السياسي العراقي الوحيد الذي يمتلك برنامجا للحداثة والتقدم "  .
بعدها تحول الحفل الى امسية عراقية حميمية تخللها القاء القصائد الوطنية والهوسات واغاني الحزب وعرض افلام من ساحة التحرير وقدمت الزهور للرفيقات والصديقات بمناسبة عيد المرأة العالمي،وقدمت المأكولات والمشروبات العراقية بهذه المناسبة السعيدة.

33
برلين تحتفل بالعيد الـ 82 لميلاد حزبنا الشيوعي العراقي
على أحدى قاعات اليسار الألماني والتي زينت بشعارات الحزب وصور رفاقنا الٲماجد والورود والشموع ٲلتي زادت القاعة بهجة وبحضور طيف كبير من ٲهالي برلين وضيوف وشخصيات سياسية عزيزة علينا من العراق. ٲبتدٲ في مساء يوم السبت  المصادف في 3.4.16 الحفل المقام بمناسبة الذكرى الـ 82 لميلاد حزبنا الشيوعي العراقي في العاصمة الألمانية ، حيث رحبا عريفا الحفل كل من الرفيقة وفاء الربيعي والرفيق ٲبو ٲنكيدو بالطيف المتنوع من شباب ونساء ورفاق وٲصدقاء الحزب القدامى ، و بدٲ الٲثنان بإلقاء ٲبيات شعرية جميلة تخص المناسبة . وثم ٲلقت الرفيقة بدرية الجميلي كلمة منظمة الحزب الشيوعي العراقي في ألمانيا بهذه المناسبة و ٲكدت فيها على تاريخ ونضالات الحزب الشيوعي ونشوءه كضرورة موضوعية للدفاع عن مصالح الطبقة العاملة والجماهير الشعبية كما وٲسترسلت في الكلمة والتي ٲقتطفت منها مقاطع من كلمة اللجنة المركزية لحزبنا الشيوعي العراقي وتعقيدات الوضع السياسي الحالي والذي لم يعد محتملا بسبب المحاصصة الطائفية والفساد وأشارت إلى ضرورة الٲصلاح والتغيير وقالت إنها مسٲلة لابد منها . كما ٲلقى الرفيق معروف كلمة منظمة الحزب الشيوعي الكردستاني  في ألمانيا التي ٲكد فيها على نضالات الحزب الشيوعي العراقي ومبادئه والتي من ضمنها التٲكيد على فصل ٲلدين عن السياسة والذي ٲثبت صحته واهميته في ظل التناحر والإنقسام  الطائفي وزاد من عمليات الفساد وتخريب البلد ، وٲستشهاد الكثير من ٲبناء شعبنا وقال إن الشيوعيين سيظلون يقاومون ويناضلون من ٲجل الدفاع عن مبادئ حزبهم وعن مصالح الجماهير العراقية المكتوية بنار سياسة المحاصصة الطائفية المقيتة .
بعد ذلك تحدث الرفيق محمد السلامي الذي حل ضيفا علينا عن التظاهرات الجارية في بلادنا منذ بدايتها وما أعترضتها من العراقيل لٲعاقة ٲهدافها وقال لكننا مستمرون الى ٲن تتحقق مطالبنا في إنهاء نظام المحاصصة وإقامة دولة مدنية تحقق المواطنة العراقية الحقيقية .
ٲضفت الفرقة الفنية بقيادة الفنان علي بابا طابع البهجة والفرح وبمشاركة عدد من الفنانين الرائعين العرب والعراقيين الذين تميزوا بالٲصوات الجميلة والغناء العربي الٲصيل كالمطرب خالد المهنا وٲغانيه العربية والكردية الجميلة والمطرب العراقي جاسم مراد الذي ٲمتع الجمهور وخلق ٲجواء جميلة بٲغانيه العراقية والعربية وٲختتم عازف العود غازي يوسف الحفل بٲغانيه العراقية الٲصيلة.
وقدمت منظمة ألمانيا بهذه المناسبة العزيزة رسالتي شكر وتقدير وهدايا تقديرية للرفيقين حكمت وجاسم مراد تثميننا لجهودهما خلال السنوات الطويلة من عمرهما ضمن صفوف الحزب ونشاطهما المتفاني في خدمة المنظمة .
 
 منظمة الحزب الشيوعي العراقي في ألمانيا
4.4.16


34
دعوة عامة


تدعومنظمة الحزب الشيوعي العراقي في ألمانيا أبناء الجالية العراقية لحضور الندوة المفتوحة لعضو مجلس النواب العراقي النائب جوزيف صليوا حيث سيتحدث فيها عن دورالمؤسسة التشريعية العراقية في الحفاظ على المواطنة والتي ستقام في 28.3.16 المصادف يوم الأثنين وفي تمام الساعة السادسة والنصف مساءا وذلك على العنوان التالي .

Huhnsgasse45-51
Köln 50676


38
يوم الشهيد الشيوعي في لايبزك
         
أقامت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في لايبزك امسية بمناسبة يوم الشهيد الشيوعي ،ادارها الرفيق سامي كاظم وحضرها العديد من الرفيقات والرفاق والاصدقاء ،أفتتحت الامسية بعد الترحيب بالحضور، بالوقوف دقيقة حداد استذكارا لشهداء الحزب وشهداء الحركةالوطنية، ثم القى الرفيق نصير حمد كلمة الحزب وضمن ماجاء فيها" نحتفي اليوم بالشهداء الخالدين وبلدنا يغرق في ازمة شاملة، ولّدها ويفاقمها نظام المحاصصة الطائفية والحزبية والاثنية. ازمة لم يمكن الحؤول دون نشوئها وتعمقها، بوجود النهج المعتمد في نظام الحكم المحاصصي القائم، الذي لا يتيح تولي ذوي الكفاءة والخبرة من الكوادر الوطنية المخلصة والنزيهة، معالجة القضايا الرئيسة في البلاد. وفي ظل هذه الازمة المركبة والعميقة، التي يستفحل اليوم جانبها المالي والاقتصادي بشكل خاص، اصبح الخطر يهدد وحدة ارض العراق وتماسك نسيجه الاجتماعي ووجوده ككيان قائم بذاته.
ومن هنا فان النظام السياسي الجديد، الذي جاء لمعالجة الخلل في السياسات السابقة، سواء من العهد الدكتاتوري او منذ تأسيس الدولة العراقية، ظهر عاجزا عن حل المشاكل وإحداث نقلة محسوسة تخرج بالجماهير من الحال المأساوي الذي تعيشه، بل واصبح هو نفسه منتجا للمشاكل والازمات. لذلك لم يبق بد من انتهاج سبيل الاصلاح والتغيير، الذي غدا ضرورة ملحة وليس مجرد وجهة نظر او خيار سياسي."
بعدها القى الاخ عبد المجيد حسين  كلمة باسم الملتقى العراقي اشاد فيها بنضالات الشيوعيين العراقيين وتضحياتهم الجسيمة من اجل تقدم الوطن وسعادة شعبه ،ثم القى الرفيق عبد الستار عبد القادر كلمة الحزب الديمقراطي الكردستاني والتي ركز فيها على عمق العلاقات الكفاحية والتي تعمدت بالتضحيات على سفوح ووديان جبال كردستان في النضال المشترك ضد النظام الدكتاتوري ،ومساهمات الشيوعيين في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الكردي.
وقام الرفيق د.صادق البلادي بالحديث عن الرفيق الخالد ومؤسس الحزب فهد ومواقفه المبدأية حول قضية الاستقلال الوطني والكفاح ضد الاستعمار والرجعية والتي تحتفظ بحيويتها لحد الان ،ودعى القوى الكردستانية بمغادرة نظام المحاصصة الطائفية والعرقية، ومساندة ودعم نضال القوى المدنية والديمقراطية في نضالها ضد الفساد وتحقيق الاصلاح الحقيقي الذي يضع العملية السياسية على طريق بناء الدولة المدنية .
وتحدثت الرفيقة د.سامية الجاوشلي عن ذكرياتها عن الشهيد عادل سليم وكيف دس السم له من قبل مخابرات النظام المقبور،ودعت جميع العراقيين الى الوحدة والتلاحم من اجل دحر الارهاب والفساد.
بعدها القى الاستاذ رحيم الحداد قصيدة "أصويحب" للشاعر المناضل مظفر النواب ،وبشكل جميل ومؤثر تفاعل معها الحضور.
بعدها قام الاستاذ حكمت شناوة السليم بالحديث عن الايام السوداء من مجزرة 8 شباط الرهيبة وماتعرض له المناضلون الشيوعيون من اساليب تعذيب وحشية والتي لم تنال من صمودهم وايمانهم بعدالة قضيتهم.
وقام الرفيق سامي كاظم خلال فقرات الامسية بالقاء بعض القصائد والمقاطع النثرية بالمناسبة،وفي ختام الامسية شكر الرفيق سامي كاظم وباسم منظمة الحزب الحضور على مشاركتهم .     

39
الشيوعيون في منشن يحتفلون بيوم الشهيد الشيوعي
بمناسبة يوم الشهيد الشيوعي أقامت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في 15.2.16 المصادف يوم السبت حفلا تذكاريا حضره جمع من الرفاق والأصدقاء وعوائلهم .. أستهل الحفل بمقاطع شعرية عن المناسبة ألقاها الشاعر علي السماوي داعيا الحضور للوقوف دقيقة صمت حدادا على أرواح شهداء حزبنا وشعبنا العراقي . وثم قدم الرفيق أبو زينب لقراءة كلمة المنظمة بهذه المناسبة وبعده ألقت الرفيقة جنار كلمة منظمة الحزب الشيوعي الكوردستاني وألقى السيد شيخ خالد من الأخوة الصابئة المندائيين كلمة شخصية أشاد فيها بدور الحزب معبرا عن اعتزازه بشهداء ه وتضحياته الجسيمة .
وأستمع الحضور إلى العديد من القصائد والمقاطع الشعرية للشاعرين علي السماوي  وأحمد الكعبي التي مجدت شهداء الحزب وتاريخه النضالي الحافل بالتضحيات وكذلك تخلل الحفل عزف على العود للموسيقي عدنان السبتي والذي قدم الكثير من الأغاني الثورية بهذه المناسبة العزيزة على قلوب كل الوطنيين ، وقدمت المنظمة وجبة عشاء للحضور الذين  تبادلوا الذكريات النضالية وتعرفوا على  تاريخ العديد   من شهداء الحزب ودوهم في النضال من أجل حرية وطننا وسعادة شعبنا .
منظمة الحزب الشيوعي العراقي في منشن
 19.2.16 

40
برلين تحتفل بمناسبة يوم الشهيد الشيوعي

بمناسبة يوم الشهيد الشيوعي ، أقامت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في برلين أمسية تذكارية لشهداء حزبنا والحركة الوطنية وشعبنا العراقي ، وذلك في يوم الأحد المصادف 14.شباط.2016  ، وقد امتلأت قاعة الاحتفال بحضور العديد من رفاق الحزب وأصدقائه . فبعد الترحيب بالحضور ووقفة حداد على أرواح الشهداء ، ألقت الرفيقة بدرية الجميلي كلمة المنظمة التي تطرقت إلى الجريمة التي أرتكبت بحق الشيوعيين واعدام قادة الحزب ( فهد وحازم وصارم ) الذين تحدوا  التعذيب والموت وأعواد المشانق ، كما تطرقت الكلمة إلى معاناة شعبنا جراء سياسة المحاصة الطائفية واستيلاء داعش على أراضي واسعة من عدد من المحافظات العراقية وارتكابه لأبشع الجرائم الشنيعة بحق العراقيين بمختلف انتماءاتهم وأشارت الكلمة بان النظام السياسي الجديد اصبح هو نفسه منتجا للمشاكل والأزمات والذي لا سبيل له ، إلا انتهاج الإصلاح والتغيير اللذين أصبحا ضرورة وليس مجرد وجهة نظر أو خيار سياسي .
كما ألقى الرفيق معروف كلمة منظمة الحزب الشيوعي الكوردستاني وكذلك تحدث عددا من الحضور عن أحداث انقلاب شباط الأسود الذ لف العراق حزنا وسوادا ، راح ضحيته خيرة المناضلات والمناضلين الشيوعيين  من قادة وكوادر وأصدقاء حزبنا  .

41
أمسية تأبينية مهيبة للمناضل الوطني عزيز سباهي في الملتقى العراقي في لايبزك

بحضور مميز من بنات وابناء الجالية العراقية ،أقيمت على قاعة الملتقى العراقي في لايبزك أمسية تأبينية مهيبة لايقونة النضال الوطني عزيز سباهي، ادارها الاخ سامي جواد كاظم عضو الهيئة الادارية للملتقى،افتتحت الامسية بعد الترحيب بالحضور، بلحن حزين على آلة الناي والوقوف دقيقة حداد في وداع الفقيد،
 
ثم القى الاخ عبد المجيد حسين سكرتير الهيئة الادارية كلمة مقتضبة،مرحبا فيها بالحضور، مذكرا ببعض مناقب الفقيد ونضالاته،معزيا عائلته ورفاقه واصدقائه بهذا المصاب الجلل.بعدها قام الاخ سامي جواد كاظم بإلقاء كلمة منظمة الحزب الشيوعي العراقي في المانيا الاتحادية والتي جاء فيها:
(إن حياة الرفيق عزيز سباهي النضالية، بوصفه كادراً شيوعياً، زاخرة بالنشاطات السياسية الوطنية في مختلف الظروف وأصعبها، فكان كاتباً نشطاً وبارزاً في صحافة حزبنا العلنية والسرية وعضواً في هيئة ومجلس تحرير مجلة "الثقافة الجديدة" لسنوات طويلة. وشغل عضوية اللجنة الاقتصادية المركزية للحزب الشيوعي العراقي خلال السنوات 1974ـ 1978. وأصبح عضوا في قيادة تنظيم الخارج وفي لجنة العمل الأيديولوجي المركزية في السنوات الأخيرة من الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي.
وقد تعرض الرفيق عزيز سباهي خلال نضاله من أجل حرية وطنه وسعادة شعبه إلى ثمانية عشر عاما من السجن والإبعاد، بما في ذلك سنوات عديدة قضاها في سجن نقرة السلمان الصحراوي وفي سجن بعقوبة الانفرادي، وتحمل صنوف التعسف والاضطهاد الذي تعرض له السجناء الشيوعيون العراقيون. واضطر للهجرة من العراق في عام 1978 أثناء تعرض الحزب الشيوعي العراقي للقمع الوحشي من قبل النظام الدكتاتوري المقبور. لقد استفاد سباهي من إقامته في السجون لتطوير إمكانياته، فطوّر لغته الإنكليزية وأغنى معارفه، حيثما أمكن ذلك. نتوجه بأحر التعازي والمواساة لجميع افراد عائلته الكريمة.ونعزي أنفسنا والشعب العراقي لخسارة قلم مكرس للحرية والعدالة والمساواة والسلام،الذكر الطيب للرفيق الغالي عزيز سباهي والصبر والسلوان لذويه ولجميع محبيه.)
 

ثم القى د. صادق البلادي بنبرة حزن مؤثرة كلمة هيئة تحرير مجلة الثقافة الجديدة والتي تضمنت(كأن هذه القامات الواقفة شامخةً تأبى ان تظل تتنفس وهي ترى كل هذا القبح وكل هذا العجز،ليس في عراقنا وحده،بل في كل اصقاع الدنيا،فتدع القلب يتوقف عن الخفقان،دون ان تلحقها ذرة شك في ان الاشتراكية آتية لامحال وستكنس كل ادران الرأسمالية.بالامس فارقنا عميد الصحافة العراقية فائق بطي،فخسرنا فيه ماخسرنا،واليوم وقبل ان يوارى الثرى يلحقه ابوسعد،العزيز السباهي. الثقافة الجديدة وهي تودع ابا سعد عضو هيئة ومجلس تحريرها لسنوات عديدة ،تعزي رفيقة عمره ام سعد وأبناءه سعد وزياد وسامرة وجميع اهله ورفاقه وقرائه ومحبيه.)
بعدها سرد الاخ رحيم الحداد عضو الهيئة الادارية للملتقى سيرة حياتية موجزة للمناضل الصلب ابا سعد ومنذ رؤيته النور في مدينة قلعة صالح ولعائلة مندائية كادحة ،ونتيجة للحرمانات التي عاناها جعلت بواكير انحيازه الواضح للطبقات الكادحة والفكر اليساري .
 
ثم جاء دور د. حميد الخاقاني الذي تحدث عن رفيقه الاثير ابا سعد وعن معايشته له حزبيا واجتماعيا،واشار الى ان فقدان شخصيات مثل عزيز سباهي او فائق بطي ومن سبقهم من مناضلين ومثقفين تمثل خسارات لنا في زمن تكون مثل هذه الخسارات موجعة،لان هؤلاء فنارات تنطفيءفي زمن تسود فيه العتمة،واوضح ان من فقدناهم هم شهود وصانعوا زمن كان ملئ بالعنفوان والتضحيات والوعود الكبيرة،وهم كانوا ذاكرتنا على هذا الزمان ،واوصلونا به فصار ذلك الزمان زماننا ايضا.بعد ذلك اشار ماخلفه لنا ابو سعد من دراسات وبحوث وكتابات ،وابرز من بينها كتابيه: اصول الصابئة المندائيين الذي رأى فيه الخاقاني واحدة من اوائل الدراسات عن اهل هذا الدين العراقي القديم ،يكتبها مندائي في العربية .وكان يمكن لهذه الدراسة ان تكون اوسع واعمق مما ظهرت فيه لو توفرت للراحل مصادر اخرى،مندائية وعربية واجنبية ،واتيح له الاطلاع عليها.الدراسة الثانية المهمة هي كتابه ذوو الاجزاء الثلاثة والذي تناول فيه عقودا من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي،ورأى الخاقاني في هذا الكتاب احدى اهم الدراسات عن تاريخ الحزب واكثرها دقة واوسعها مساحة،بجوار كتابات الباحث حنا بطاطو،وختم الخاقاني مساهمته بالاشارة الى ان الراحل عزيز سباهي سيظل حاضرا وحياً فيما تركه لنا من هذه الدراسات،فضلا عما يحتفظ له من عرفوه بذاكرتهم.
بعدها تحدث الاخ حكمت شناوة السليم عن ذكرياته حول المناضل الشيوعي عزيز سباهي من خلال تقاسمه حياة السجن معه في نقرة السلمان ،وكيف كان هذا المناضل العتيد شعلة من النشاط والحيوية والحرص على تثقيف الرفاق‘ ورفع وعيهم الثقافي والنظري ،وكذلك تصليب مواقفهم ورفع معنوياتهم ،حيث كان المسؤول الحزبي عن العنبر الذي كانوا معتقلين فيه.
بعدها قُرأت قصائد وخواطر عن الفقيد ،وفي الختام قام الاخ سعد الخميسي ونيابة عن عائلة واقرباء الفقيد بتقديم خالص الشكر لكل من ساهم في تنظيم وانجاح هذه الامسية،واشار ان وفاةالمناضل عزيز سباهي هو خسارة لاتعوض لعائلته المناضلة ،ولجميع محبيه وووطنه العراق. واختتمت الامسية بدقيقة صمت مع لحن حزين من آلة الناي في وداع ايقونة النضال عزيز سباهي.
     

 

42
احتفال مهيب بيوم الشهيد الشيوعي في مدينة اولدنبورغ الالمانيه

شهدت مدينة اولدنبورغ مساء الخميس 11 شباط 2016 حفلا مهيبا لإحياء ذكرى يوم الشهيد الشيوعي .
خالدون في ضمائر العراقيين يا شهداء الحزب الشيوعي .
هذا ماعبرت عنه قلوب وعيون الجمهور الذي حضرالى قاعة ألأحتفال من رفيقات ورفاق واصدقاء من الجاليه العراقيه . وزينت القاعة بعدد من الشعارات التي تمجد الشهداء وتدعو الى الوحده الوطنيه وبناء دوله مدنيه ديمقراطيه وتحرير الاراضي المحتله من عصابات داعش وتحرير سبايانا وعودة النازحين ورعايتهم .
تصدرت القاعة شاشة كبيرة ,عرضت عليها افلام وقصائد شعر واغاني ,لتمجيد الشهداء .
في الساعه الثالثه والنصف عزف  النشيد الوطني العراقي ,واعتلى المسرح الرفيق (ميسر) ليلقي كلمة الترحيب ويطلب من الحضور الوقوف وقفة خشوع ومحبة وقفة الصمت اجلالا للشهداء ,كما وعزف النشيد الاممي. ثم ألقى الرفيق فيصل عبد العزيز (  ابوكفاح ) كلمة المنظمه والتي تطرق فيها الى مسيرة الحزب النضالية وتضحياته , و إلى الوضع السياسي الراهن , وما تشهده الساحة السياسية من صراعات وتدهور أمني واحتلال ثلث العراق من عصابات داعش المجرمه, وتدني المستوى المعاشي وسوء الإدارة في كافة المؤسسات وما يواجه القوى الوطنية الديمقراطية من تحد كبير يتطلب توحيد القوى المدنية الديمقراطية في التيار الديمقراطي من اجل التغير المنشود  في بناء دوله مدنيه والتصدي بحزم للفساد ولنظام المحاصصة الطائفية والأثنية. وأكد  على التضامن والدعم الكامل للحراك الشعبي بكل صوره - -  من التضاهرات في ساحات الحريه و الفعاليات الاخرى.
وعلى شاشة كبيرة من ضمن فقرات الاحتفاليه عرضت ثلاثة افلام وثائقيه عن التاريخ النضالي للحزب منذ تأسيسه و صور الرفيقات والرفاق الذين ضحوا بحياتهم من أجل الحرية والعدالة وحقوق ألأنسان على مدى تاريخ حزبنا المجيد. - - صور مجاميع من قوافل الشهداء ، نساء و رجال من مختلف القوميات و الأديان و المذاهب ، تركوا بصماتهم على طريق الحرية.  وعرض ايضا فلم عن شهداء الانفال  وعرضت مجموعة اغاني مصوره ومسجلة للفنان فاروق كنا والفنان الكبير فؤاد سالم والفنان جعفر حسن والفنان الكبير طارق الشبلي وفرقة الطريق- -التي تمجد الأنسان والشهداء وبطولاتهم .
.كما قدمت في فترة الأستراحة بعض الماكولات والحلويات .
و كان للمقاطع الشعرية التي ألقاها الرفيق عريف الحفل وقع جميل وتلونت بين اللغة العربية الفصحى و الشعر الشعبي.

واختتمت الاحتفاليه بنشيد طريقنا ساهم في انشاده جميع الرفيقات والرفاق والاصدقاء الحضور



43


تهنئة منظمة الحزب الشيوعي العراقي للأخوة الأيزيدين
 بمناسبة عيد صوم ايزي

 تتقدم منظمة ألمانيا للحزب الشيوعي العراقي باسم جميع رفيقاتها ورفاقها  بأجمل التهاني والتبريكات لأبناء الديانة الأيزيدية في العراق وفي الشتات بمناسبة حلول عيد " صوم أيزي "  الذي يصادف يوم الجمعة  18.12.15، في هذه المناسبة الطيبة على قلوبنا جميعا نجدد تضامننا الثابت مع أبناء هذه الديانة من أجل تحرير كافة مناطقهم من دنس تنظيم الدولة الإسلامية وتحرير المخطوفات والمخطوفين من عصاباتها المجرمة .
وندعو بهذه المناسبة إلى ضرورة إنصاف أبناء هذه الديانة في الحقوق والواجبات وإعادة تعمير مناطقهم وتوفير أسباب العيش الآمن والكريم فيها ، ونؤكد على أهمية بذل الجهود اللازمة من قبل السلطة المركزية وسلطات إقليم كوردستان من أجل توفير السبل الكفيلة لبقائهم في وطنهم وتجنيبهم مخاطر الموت في طرق الوصول إلى أوروبا .       
نكرر تمنياتنا لكل الأيزيديين ومعهم كل العراقيين بالأمن والاستقرار والسلام في بلادنا العزيزة وفي كل بقعة يعيشون فيها .
وكل عام والجميع بخير

منظمة الحزب الشيوعي العراقي في ألمانيا 

16- ديسمبر- 2015
                                  ‎‏.


44
الهجرة المتزايدة تهدد مستقبل الأيزيديين في موطنهم الأصلي
ناظم ختاري
منذ عقود من الزمن بدأ الأيزيديون العراقيون يهجرون موطنهم ويتوجهون إلى أوروبا طلبا للأمان والاستقرار والرفاهية ، ولكن رغم ذلك كانت هجرتهم  فردية وكانت تعد أمرا طبيعيا ، إذ لم ترتق إلى الشكل الجماعي إلا في العقدين الأخيرين اللتين تحقق فيهما حدثين كبيرين مترابطين .
الأول –  انسحاب إدارات النظام الدكتاتوري من مدن إقليم كوردستان وسقوطه النهائي في 2003 
والثاني – ظهور تنظيم  الدولة الأسلامية "داعش" وتمكنه من المناطق التي يسكنها الأيزيديون
فبعد انسحاب إدارات النظام الدكتاتوري من مدن إقليم كوردستان أثر انتفاضة آذار في 1990 وعدم زوال تهديداته الموجهة لكوردستان رغم حمايتها دوليا ، شعر الأيزيديون بدق ناقوس الخطر ، وهو يهدد استقرارهم إلى جانب الأوضاع الاقتصادية المزرية التي كان يعاني منها العراق كله بسبب الحصار الاقتصادي الدولي علاوة على وجود مدن ومجمعات سكنهم في منطقة التماس بين ذات السلطة المركزية وسلطة الإقليم الجديدة التي امتدت إلى العديد من بلداتهم ، والتي حرمت من الخدمات تماما وعدم وجود أي أفق واضحة بان المرحلة الجديدة ستنصفهم وتوفر لهم بعض ما يستحقونه من حقوق في المجالات المختلفة ، مما دفع بأعداد كبيرة من الأيزيديين إلى ترك مناطقهم والهجرة نحو أوروبا على غرار أقرانهم من أيزيدي تركيا وسوريا ، ورغم إن هذه الهجرة لم تتخذ الشكل الجماعي ، إلا أنها استمرت بوتائر أكبر بعد سقوط نظام صدام حسين في 2003 وذلك لنفس الأسباب المذكورة في أعلاه ، إضافة إلى فقدان الثقة بكل من السلطتين اللتين اهملتا كل طموحات الأيزيديين في مختلف المجالات بما في ذلك عدم الجدية في حمايتهم من تهديدات قوى الإرهاب التي قتلت منهم الكثير قبل أحداث سنجار الأخيرة ، وأمثلة تهميشهم وإقصاءهم وقتلهم كثيرة ومتنوعة ومنها ( منع العديد منهم من المشاركة في التصويت عند الدورة الأولى للانتخابات البرلمانية العراقية – عدم إشراكهم في صناعة القرار السياسي حتى بما يخص مصيرهم وإبعادهم عن مراكز القرار - إهمال ترشيح الأيزيديين إلى مجلس النواب العراقي وبرلمان اٌلإقليم – حرمان المناطق الأيزيدية من الخدمات العامة والتخلف الواضح في هذا المجال عن باقي المناطق - أحداث سيبا شيخ خدر وكر عزير الدموية في 2007– مقتل 24 عامل من عمال معمل النسيج في مدينة الموصل في نفس السنة – ممارسة التسلط والتشدد بحقهم وغيرها من الأمور التي تحدث عنها مثقفوا الأيزيدية عبر المنافذ الإعلامية لسنوات طويلة في وقتها ) .       
وارتباطا بهذا وأثر اشتداد قبضة تنظيم الدولة الإسلامية" داعش" على العديد من المدن العراقية أثر لعبة قذرة يشارك فيها العديد من القادة السياسيين المتنفذين في الداخل وفي المحيط الإقليمي والدولي وبتواطئي مشبوه استطاع هذا التنظيم الإرهابي من احتلال مدينة سنجار وتحويلها إلى ساحة مفتوحة لممارسة القتل العام بحق أبناء الديانة الأيزيدية وسبي نساءهم ونهب ممتلكاتهم وحرق بيوتهم تحت "راية الله أكبر "التي تعد الراية الأكثر رعبا  في العالم بعد هذه المجازر التي وصمت جبين من ينتمون لها بالعار والتوحش .
ناهيك عن احتلال بلدات ومدن أخرى تعرضت إلى نهب كل شيء فيها ، وهذا ما دفع بالأيزيديين إلى اختيار النزوح نحو المناطق الأمنة ومنها الهجرة إلى أوروبا ولكن هذه المرة بشكل جماعي لم يسبق له مثيل .
إذا كانت هذه الهجرة  ناجمة عن ما تعرض له الأيزيديون على يد تنظيم الدولة الإسلامية ، فإن الكثير منهم اعتقد إنها يمكن أن تتوقف بعد تحرير مدنهم من " رافعي رايات ألله أكبر " ولكن يبدو إن الأمر لم يكن كذلك ، فالايزيديون ما عدا المسؤولين منهم والذين انتفخت بطونهم من أموال التملق والمتاجرة بقضية أبناء جلدتهم ، أمامهم العديد من الأسباب التي تدعوهم إلى المزيد من القلق وعدم التراجع عن اندفاعهم  لمواصلة الهجرة الجماعية إلى أخر إمرء فيهم .
ومن بين هذه الأسباب يمكن التطرق إلى التالي .
1-لم يقتنع الأيزيديون إن سنجار تحررت بفعل إرادة صارمة ومواجهة حقيقية لتنظيم الدولة الإسلامية ، وإنما بفعل مسرحية مفتعلة ضامنة لمصالح كل الأطراف المشاركة فيها ،علاوة على الطمطمة على أطراف مساهمة وفاعلة في إرتكاب المجازر وجرائم خطف النساء الأيزيديات أثناء الغزو في 3.آب.2014 وثم بعد ذلك .
2- لم يعد السنجاريون ولا أي أيزيدي آخر ، مقتنعا وقادرا على العيش إلى جانب من أرتكب بحقه أفظع الجرائم في ظل نفس الأوضاع السابقة وبغياب الحماية الدولية .
3- إهمال تحرير بقية المناطق الأيزيدية مثل بعشيقة وبحزانى وتلك المختلطة مع المسيحيين ، يعتبر مؤشرا مخيفا حول إمكانية منحها إلى غيرهم في خضم احتمالات إعادة تقسيم وترسيم "الحدود " .
4- التطرف الديني الذي يجد له أرضية خصبة في كوردستان ، إلى جانب وجود أحزاب إسلامية قد تتحول بين لحظة وأخرى إلى ارتكاب ممارسات شبيهة بممارسات داعش ، وهذا ما يرتعب منه الأيزيديون بلا حدود .
 5- العلاقة السلبية بين الأطراف الكوردية في سنجار تنذر بعواقب لا يحمد عقباها ، فيخشى الأيزيديون من تحويلها إلى عداء مسلح يصبحوا فيه وقودا رخيصة .
6- لا يشعر الأيزيديون كما بقية أبناء الشعب العراقي والشعب الكوردي بأنهم السكان الأصليون في هذا البلد أو جزء من الشعب له حقوقه ، فكل السلطات تتعامل معهم على كونهم جالية أجنبية تعيش في العراق ، وكل الثروات التي تحت الأرض وفوقها هي ممتلكات تعود لعدة عوائل متنفذة في المركز والإقليم ، وما يحصلون عيله يعتبر هبة من هذا المتنفذ أو ذاك  ، يمكنها منعها عنهم متى ما شاءوا أو حتى طردهم .
7- الأيزيديون فقدوا ثقتهم بشكل مطلق بالأحزاب السياسية الكوردستانية المتنفذة ، وفقدوا ثقتهم بما يسمى قياداتهم الدينية والمدنية الذين تحولوا إلى أذيال وأبواق لمن يدفع لهم .
8- كل المتدخلين في الشأن العراقي ، هم في الواقع أعداء كل مكونات الشعب العراقي ، وتدخل الجيش التركي في الآونة الذي يرمز إلى التخلف والتطرف والدعشنة تاريخيا ، يعد أمر مخيفا للأيزيديين .
ولهذه الأسباب مجتمعة يواصل الأيزيديون الهجرة عبر أكثر الطرق مخافة للوصول إلى أوروبا حيث المجتمعات المسالمة والبيئة الأمنة لبناء مستقبلهم هناك ، ومن الجدير قوله هنا إذا ما استمرت  هذه الهجرة وبهذه الوتيرة ستشهد السنوات القليلة القادمة نهايتهم في موطنهم الأصلي المستباح من قوى التطرف والتوحش وأصحاب النفوذ والمصالح .
والأمر المخيف والصادم هنا ، هو سكوت الكل عن هذا الأمر ، وكانه لا يعني أحدا ، لا الحكومة ولا الأحزاب والقوى السياسية ولا الشعب العراقي .   

 


45
انتهاك الجيش التركي لسيادة العراق ليس جديدا

ناظم ختاري
في الأيام القليلة الماضية وصلت قافلة من قوات الجيش التركي إلى أطراف الموصل التي عدها العراقيون حكومة وشعبا بالأمر الخطير وانتهاكا صارخا لسيادة العراقية وحرمة أجوائه وأراضيه وكأن الأمر يحدث للمرة الأولى في تاريخ العراق ، ومن هناك لابد من القول بأنه إذا كان هذا الاختراق هو الأكثر إثارة بسبب حساسية الوضع في المنطقة وطبيعة الصراع وتضارب المصالح ، فإن تركيا لم تتوقف عن انتهاك سيادة العراق منذ عقود طويلة ، وذلك بموافقة الحكومات العراقية المتعاقبة ، ففي عهد نظام صدام حسين تفاهم مع النظام التركي على بنود اتفاقية تسمح بدخول القوات التركية إلى الأجواء والأراضي العراقية لمسافة 20 كيلومترا ، وكانت تركيا تستغل هذه الاتفاقية لكي تذهب إلى أبعد من ذلك لملاحقة المسلحين "المتمردين الكورد" ، والمؤسف إن الفترة التي أعقبت سقوط نظام صدام حسين وفرت إمكانيات أفضل للجيش التركي لاختراق الأجواء العراقية ودخول أراضيه وفق اتفاقيات جديدة غير معلنة بين النظام التركي وسلطات الإقليم أو الاستفادة من الاتفاقيات السابقة المذكورة في أعلاه ، حتى أسس النظام التركي عدة قواعد عسكرية لقواته في مناطق متفرقة من كوردستان .
وفي ظل الاعتداءات التركية تعرضت القرى الكوردية الحدودية وحتى تلك التي تقع في عمق كوردستان العراق لعمليات قصف متكررة أو اجتياح لأراضيها خلال هذه العقود الطويلة تحت ذريعة مطاردة مقاتلي PKK  راح ضحيتها العديد من أبناء الشعب الكوردي وألحقت ببنية هذه المناطق الكثير من الأضرار دون أن تعترض على ذلك أية سلطة عراقية سواء في المركز أو في الإقليم ، والقوة الوحيدة التي تصدت للقوات المعتدية على الأجواء والأراضي العراقية هي قوات الأنصار التابعة للحزب الشيوعي العراقي التي كانت تحتمي في المناطق الوعرة قرب الحدود التركية ، "راح ضحية أحدى المعارك مع الجندرمة التركية النصير الشيوعي أبو فكرت" .
فانتهاك السيادة العراقية وارد في كل وقت في ظل الظروف الحالية التي تتشرذم فيها القوى السياسية ويتوزع ولاءاتها إلى المحيط الإقليمي حسب انتماءاتها الطائفية ، ومما يؤسف له إن كل طرف من هذه الأطراف يحاول فرض إرادته في ظل عدم وجود إرادة عراقية مشتركة ، ولهذا يشعر المرء بالاشمئزاز إزاء التصريحات التي تدلي بها الأطراف المتنفذة في النظام العراقي الحالي بخصوص دخول القوات التركية إلى عمق الأراضي العراقية ، فالكل على علم بذلك والكل ليس لديه علم بذلك ، الكل يوقع الاتفاقات مع محيط الشر للتدخل في شؤون العراق ويقبض الثمن والكل يرفض انتهاك السيادة العراقية لأيهام الشعب العراقي .. إنها لعبة مقززة وقذرة ومكلفة .     
وصول قوات تركية جديدة أو تعزيز قوات قديمة لها موجودة في الواقع بالقرب من مدينة الموصل تثير الكثير من المخاوف ومنها.
1-الأخبار التي تتسرب من هنا وهناك تؤكد احتمال بدء معركة تحرير الموصل بالتزامن مع التحركات الدولية والإقليمية والمحلية بشأن احتمال وجود تفاهمات حول مصير المنطقة وإعادة ترسيم حدودها بما فيها العراق كأن تكون هناك محاولة تحويل العراق إلى دولة لا مركزية تتمتع فيها الأقاليم بصلاحيات واسعة وهذا جيد ولكن المشكلة إنها ستكون قائمة على الأساس الطائفي والعرقي ، أو قيام دولة كوردية من قسميها الجنوبي والغربي ، وتحقيق أحدى هاتين النتيجتين أو الاثنتين معا تنهيان أية حاجة إلى وجود تنظيم الدولة الإسلامية على الأرض وهذا أيضا جيد فإنه يأتي لصالح استقرار المنطقة ، ولكن في هذه الحالة ستكون هناك حاجة بالنسبة إلى دول الشر لإنقاذ قادة التنظيم لاستخدامهم في أزمة أخرى وفي مكان آخر ، والقوات التركية يمكنها أن تلعب هذا الدور بحكم علاقة النظام التركي المتميزة مع داعش ودعمه لهذه المنظمة الإرهابية كما تؤكد ذلك الكثير من الحقائق التي تظهر هنا وهناك وخصوصا ما ظهر بفعل التدخل الروسي .
2- وجود قوات YPG وPKK  في منطقة سنجار والتي لعبت الدور الأساسي في إنقاذ أهلها من ملاحقة تنظيم الدولة الإسلامية أثناء غزوتها والمشاركة الفعالة في تحريرها ، تثير مخاوف أطراف عديدة منها كوردية ومنها  تركية ، ولذلك ليس مستبعدا أن تلعب هذه القوات الواصلة إلى أطراف مدينة الموصل وتعزيزها بأعداد اكبر ، دورا أساسيا في محاولة طرد المقاتلين الكورد ، وإن حدث هذا فإنه إلى جانب العواقب الناجمة عن ذلك سيشكل الأمر خطرا جديا على المكون الأيزيدي الذي سيحارب في الخندقين المتقابلين المتحاربين بسبب ما لحق به من انقسام بعد 3 آب 2014 .
3- لا زالت تركيا  طامعة بمدينة الموصل وتهتم جديا من أجل استعادتها ، لأنها تعتقد إنها أرض مستقطعة من إمبراطورتيها ولابد أن تكون في حضنها ، ففي ظل الحديث عن احتمال حدوث تغييرات على خارطة المنطقة تحلم تركيا أن يتحقق لها هذا الطموح الذي تنتظره منذ أمد طويل .
4- الأزمة الناشئة بين تركيا وروسيا بسبب الدور الروسي في سوريا الذي يتقاطع مع طموحات أردوغان ، هذه الأزمة التي وصلت إلى ذروتها بعد إسقاط الطائرة الروسية تدفع تركيا للبحث عن ما يسهل لها الحصول على دعم أصدقائها من حلف الناتو ، وفي هذه المسعى ربما تعتقد الإدارة التركية إن تدخلها  الجديد في القضية العراقية سيثير الآخرين أي روسيا وإيران وسيشتد ويتعقد الصراع الذي سينجم عنه في النهاية أسبابا لوقوف دول حلف الناتو إلى جانبها ، للحفاظ على مكتسباتها من القضية السورية وتحقيق غيرها من القضية العراقية .                   


46
ألينا ...الهروب والنزوح واللجوء والحرمان ...!!
ناظم ختاري
لم تكن ألينا تبلغ من العمر أكثر من 10 أيام عندما أحتلت الدولة الإسلامية مدينة سنجار وارتكبت أبشع الجرائم بحق أبناء الشمس بما فيهم أطفالا بعمرها ، وعندما بلغت 16 يوما نزح الأيزيديون والمسيحيون في سهل نينوى من كل قراهم وبلداتهم وتوجهوا إلى الحدود التركية هربا من تقدم داعش نحوهم ، وكانت ألينا لا زالت حبيسة القماط ، انتقلت هاربة نازحة في حضن جدتها مع الجموع بين القرى الحدودية المحاذية لتركيا ومدينة دهوك والمجمعات القريبة منها  ، وعندما تعبت الجدة ووالدا ألينا  بعد أيام طويلة ومرهقة من التنقل بين هذه الأماكن وعاد بعض أهالي ختارة إلى قريتهم التي أصبحت من المواقع الأمامية لقوات البيشمه ركه في مواجهة داعش التي تموضعت على بعد عدة كيلومترات منها مهددة بمدفعيتها وعرباتها المفخخة أمن القرية والمنطقة كلها ، عادت ألينا مع جدتها ووالداها إلى هناك لتكون في حضن والدها وهو يحرس البيت ويراقب تحركات داعش من فوق سطح داره .
لم تكن جدة ألينا ولا والداها ولا بقية العائدين إلى القرية بما فيهم عددا من أقاربها واثقين من القوات المدافعة عن الحدود الجديدة بينها وبين داعش التي استقرت في المدن والبلدات الأيزيدية والمسيحية القريبة من ختارة وإمكانية التصدي لأي هجوم لها ، فقد كانت الشكوك وعدم الثقة هي السائدة لدى غالبية الناس وكانوا يعتقدون جازما إنها ستتركهم لقمة سائغة بيد داعش كما فعلت في سنجار ، ولكنهم رغم ذلك لم يطيقوا حياة التشرد والتنقل تحت قيض الصيف في خيم متهرئة وفي ظل انعدام الخدمات ، ولذلك جهزت عائلة ألينا سيارتها باحتياجات الهروب تحسبا لأي طارئ وأي تقدم لقوات داعش والهجوم على القرية ، وكانت معدة للانطلاق في الدقائق الأولى ،  باتجاه دهوك أو أبعد من هناك عندما تبدأ ساعة الصفر ، وهكذا كان حال الجميع  .
هكذا قضت ألينا أيامها وشهورها في القرية حتى أصبحت تملآ وقت جدتها ووالداها فرحا بحركاتها الطفولية الجميلة ، دون أن تعلم ما يجري حولها من مخاطر واحتمالات الوقوع في يد داعش الذي كان أمرا واردا ... ولأجل درء هذه المخاطر وتجنب القلق ولكي تكبر ألينا بعيدا عن الخوف والتشرد قررت عائلتها بالاتفاق مع بقية أفرادها في ألمانيا تصفية مصالحها وبيع ما يمكن بيعه من ممتلكات وشد الرحال نحو اوروبا "ألمانيا" التي أكدت إمكانية توفير الحماية والحياة الأمنة للأقليات عند وصولها إلى أراضيها .
لم تكن عائلة ألينا هي الوحيدة التي تستعد لهجرة موطنها ، فقد وجدت أعداد كبيرة من الأيزيديين أنفسهم على جميع الطرق المؤدية إلى أوروبا وكان هناك وما يزال من يسقط منهم موتا بسبب البرد أو الجوع والعطش والتيه في البراري والجبال أو غرقا في البحار ، استعدادات عائلة ألينا لم تأخذ كثيرا من الوقت ، فقد جرى تصفية الممتلكات في أيام قليلة وسرعان ما وجدوا أنفسهم يودعون القرية ومزاراتها من حكيم الفارس إلى بابا شهيد وبابا نوح علاوة على أقاربهم الذين أكدوا عزمهم على الرحيل ولكن في وقت لاحق .
طريق الوصول إلى ألمانيا لم يكن معبدا أو سهلا أمام عائلة ألينا .. ففي احدى المرات وعلى حدود دولتين افترقت ألينا مع جدتها من والداها  ، وعندما دخلت أراضي الدولة الثانية ألقت الشرطة القبض عليها وعلى جدتها وأخرين معهما ، فعانت في السجن من شحة الحليب ومن عدم وجود وسائل النظافة وأماكن اللعب كما في حديقة منزلهم الكبيرة التي تعلمت فيها السير على رجليها قبل سفرهم بفترة قصيرة  ، وعندما استطاع والداها عبور الحدود ، اعتقلا أيضا وزج بهما في نفس سجن ألينا وجدتها وهناك ألتم شمل العائلة ، ولكن بعد أيام قليلة افترقا مرة أخرى بعدما أطلق سراح ألينا مع الجدة والإبقاء على والداها ...
تعددت محطات لم شمل هذه العائلة وافتراقها  في الطريق ، حتى عند وصولهم إلى ألمانيا ، فقد حدث ذلك على دفعتين ، وألينا كانت مريضة بنزلة برد وتعاني تقلبات شديدة في درجات حرارة جسمها .. حتى كاد عمها الذي يعيش في ألمانيا يخشى عليها من المضاعفات ، لذلك أسرع إلى إيصالها مع جدتها بعد وصول والداها بوقت قصير إلى أحد ملاجئ اللاجئين .
ألينا مع عائلتها وعددا آخرا من أقاربها ، انتقلت بين أكثر من 5 ملاجئ خاصة باللاجئين وفي عدة مدن خلال الأشهر الـ 3  الماضية ، وآخر هذه الملاجئ عبارة عن كونتينرات ، مساحة الواحدة منها 5x 4 أمتار  مربعة ، موضوعة في مساحة كبيرة من الأرض ، مسيجة  بحيث لا يستطيع المرء الخروج  والدخول منها وإليها  إلا عبر مدخلين محروسين مشددا .
كل هذا لا يهم ألينا ، ولكن ما يهمها إنها تعيش في واحدة من هذه الكونتينرات دون أن تستطيع الخروج منها  إلا على كتف جدتها أو والدتها أو والدها أو أحد أقرباءها بسبب الوحل الذي حولها ، ولا تستطيع اللعب في داخلها لأن كل المساحة الداخلية مشغولة تماما ، ففيها 8 قريولات ذي طابقين للنوم ويعيش فيها 14 لاجئا من العراق وسوريا وأفغانستان والمساحة التي تستطيع اللعب فيها هي المسافة الواقعة بين قريولتين والتي لا تتعدى الـ 40 سنتمترا على طولهما ، دون  وجود أية لعب ، ولذلك تقضي غالبية وقتها بالبكاء والصراخ ..
وأخيرا من حقنا أن نسأل ، من يتحمل مسؤولية بؤس الطفولة العراقية ..؟؟؟     
     


47
اعضاء ومؤازري الملتقى العراقي في لايبزك ولفيف من ابناء الجالية العراقية       يستنكرون بشدة الاعتقالات والاعتداءات الهمجية على المتظاهرين السلميين

نحن اعضاء ومؤازري الملتقى العراقي في لايبزك ولفيف من ابناء الجالية العراقية ندين وبشده      ما حصل يوم الثلاثاء الفائت من اعتداءات واعتقالات مشينة بحق المتظاهرين السلميين من نساء ورجال وامام مجلس النواب، يثبت مرة اخرى ان نمط التفكير والسلوك السائد عند البعض لا يختلف كثيرا من حيث الروحية عن النظام السابق. حيث لم يكلف (ممثلو الشعب) انفسهم عناء حماية المتظاهرين وشجب اعتداءات قوى مسلحة مسعورة تعمل تحت عنوان القوات المسلحة، ولم يعملوا على تعليق عضويتهم في مجلس النواب، كذلك لم يكلفوا انفسهم عناء التعليق على ما جرى.
نطالب بإطلاق سراح المعتقلين وتعويضهم، ومحاسبة المعتدين، والتحقيق في الاعتقالات والتجاوزات السابقة، ونطالب الرئاسات الثلاث، وبشكل خاص رئيس الوزراء، بتقديم الاعتذار للمتضررين، وإصدار توضيحات رسمية تبين موقفهم من هذه التجاوزات على حقوق المواطنين .ليستمر الحراك المدني السلمي ،مهما استمات الفاسدون للوقوف بوجه المطالب العادلة لابناء شعبنا.
نحن اخوتكم واخواتكم في المهجر نقف معكم  في كفاحكم السلمي العادل من اجل الخلاص من نظام المحاصصة الطائفية والعرقية البغيض،ومكافحة الفساد والمفسدين وسراق قوت الشعب وتقديمهم للعدالة واسترجاع الاموال المنهوبة،وتوفير الخدمات اللازمة لابناء الشعب،وتقديم المساعدات الفورية للنازحين،نشد على اياديكم فأنتم الامل والمرتجى .

الهيئة الادارية للملتقى العراقي في لايبزك

48
أمسية في الملتقى العراقي في لايبزغ للاستاذ حكمت شناوة السليم حول الديانة المندائية

ضمن البرنامج الثقافي السنوي للملتقى العراقي في لايبزغ ،اقيمت في يوم الجمعة المصادف 13 تشرين الثاني، امسية للاستاذ حكمت شناوة السليم  حول " عقائد الديانة المندائية " تناول فيها أصلهم وأصل التسميات التي اطلقت عليهم ومعانيها ك : المندائيون .. من (مندا) أي العارفون بوجود الحي العظيم، أي الموحدون ،او الصابئة .. من (صبا) أي المصطبغون (المتعمدون) باسم الرب العظيم، الناصورائيون .. وهي تسمية قديمة جدا، وتعني المتبحرين أو العارفين بأسرار الحياة.، وقال حسب أغلبية الدلائل التي تشير إلى أن أصل المندائيين هو في وادي الرافدين، ومنه كان بروز أول دين يؤمن بالرب الواحد وهو الدين المندائي .. فارتباط المندائيين بأرض وادي الرافدين وخاصة في جزئيه الأوسط والسفلي إلى الأهوار، ليس ارتباط مهاجرين بأرض جديدة، وإنما ارتباط وثيق مع أصل هذه البلاد وحضارتها. ولا يخفى أيضا على أن للمندائيين امتداد عميق في حران (الشام) وفي فلسطين وحتى في مصر حسب ما أورده أغلبية الكتبة والمؤرخين العرب القدماء.
وتطرق الى اهتمام المفاهيم الدينية المندائية تنصب على حيازة النعيم في الحياة السعيدة في العوالم النورانية العليا .. فالحياة الأرضية وكل ما تحوي من نعم وراحة وملذات هي ليست مطلب المندائي المؤمن، وإنما طلبه الارتقاء إلى الملا الأعلى والاتحاد بالذات العظمى والحياة في عوالم النور.
وقال أن المندائية ديانة قديمة موحدة مستقلة بذاتها، لها فلسفة دينية ولاهوتية، وكتاب مقدس، ومجموعة من الآنبياء والمعلمين (الآباء) والتي تتبع تعاليمهم لحد الآن، ولها أيضا نظام ديني طقسي يتم بموجبه أداء كافة مراسيمها الروحية. ومثلما تتفق الديانة المندائية مع الديانات الأخرى في بعض المفاهيم والطقوس والفلسفة الدينية، تختلف مع بقية الأديان بكثير من الأمور وهذا ما يميز الديانة المندائية عن غيرها.وتحدث عن الكتاب المقدس (كنزا ربا ) ومعناه (الكنز العظيم)،وكذلك اهم انبياء المندائيين ،وتطرق حول مكانة المرأة في الديانة المندائية، واهم الطقوس الدينية كالتعميد والصلاة والصوم،واهم الاعياد وكذلك المحرمات في الديانة المندائية.
وفي نهاية الامسية فتح باب الاسئلة والمداخلات والتي تركزت حول توضيح بعض الطقوس الدينية، وقد لاقت الامسية صدى طيب لدى الحضور .

اللجنة الثقافية للملتقى العراقي في لايبزغ

49
بلاغ صادر عن الاجتماع  الدوري الموسع لمنظمة الحزب الشيوعي العراقي في ألمانيا
بدأت منظمة ألمانيا للحزب الشيوعي العراقي اجتماعها الدوري الموسع في 10و11اكتوبر 2015 بالوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء شعبنا العراقي وحزبنا والحركة الوطنية ، وبعدها رحب الرفيق  سكرتير المنظمة بكل الرفيقات والرفاق القادمين من المدن الألمانية للمساهمة في أعمال الاجتماع ورحب باسمهم بالرفيق أيوب عبد الوهاب عضو ل . م  لحزبنا مشرفا على الاجتماع .
 وناقش المجتمعون على ضوء التقارير المقدمة للاجتماع وأوضاع المنظمة في الجوانب المختلفة وتوقفوا عند الإنجازات التي تحققت خلال الفترة الماضية واعتبروها ثمرة للعمل الجماعي لكل رفيقات ورفاق المنظمة وتوقفوا كذلك عند المعوقات التي تعترض عمل اللجنة القيادية وهيئات المنظمة المنتشرة في المدن الألمانية واتخذوا جملة من القرارات والتوصيات لتذليلها ولتحسين دورها وتوطيد قدراتها لإدارة نشاطهم بنجاح في الجوانب المختلفة ولتعزيز دورهم في صفوف الجالية العراقية التي بدأت تتوسع وتكبر كثيرا بسبب استمرار الأوضاع المزرية في جميع المجالات في بلادنا ، حيث وصلت موجات كبيرة من اللاجئين العراقيين إلى ألمانيا وهم بحاجة إلى كل أشكال الدعم والمساعدة والاهتمام بقضاياهم في جوانب اللجوء وتخفيف المعاناة عنهم و تنشيط دور منظمات الجالية لديمومة التواصل معهم وتحقيق الحياة المستقرة لهم والحفاظ على قوة الوشائج التي تربطهم بالوطن وشدهم للوقوف إلى جانب قضايا شعبهم .
كما عبر الاجتماع عن تضامن رفيقاته ورفاقه الكامل مع الحراك الجماهيري في مدن العراق لمحاربة الفساد ومن أجل توفير الخدمات وإصلاح النظام وتحقيق الدولة المدنية الديمقراطية ودعا إلى أهمية استمرار زخم المظاهرات السلمية وحيا المتظاهرين بحرارة وندد بكل أشكال العنف التي تمارس هنا أو هناك ضدهم ، وشدد على حتمية وضع حد للمحاصة الطائفية التي تعد أس البلاء والبداية اللازمة لأي إصلاح  في بلادنا ، بما في ذلك إصلاح القضاء العراقي وبناءه على أسس المواطنة . ورفض الاجتماع أية محاولة للالتفاف على الإصلاحات والحزم التي أعلنتها الحكومة ومجلس النواب ووضع العراقيل أمام تنفيذها .
كما حيا المجتمعون بحرارة نضال حزبنا في الوطن في ظل الأوضاع  السياسية والأمنية المعقدة من أجل تحقيق برامجه وشعاراته ، ووجهوا تحية اعتزاز إلى رفاقهم الذين تغيبوا عن الاجتماع بسبب المرض ، وثمنوا عاليا جهود الرفاق الذين ساهموا في إعداد محل اجتماعهم ووفروا سبل نجاحه ، ومن الجدير بالذكر قام وفد يمثل المنظمة بعضوية سكرتيرها وعددا من الرفاق الآخرين قبل التئام الاجتماع بزيارة الرفيق سمكو مراد الذي يتعالج في احدى المستشفيات ، وقدم له باقة من الورد ومتمنيا له الشفاء العاجل والعودة إلى حياته الطبيعية  بين أهله ورفاقه وأصدقاءه.
منظمة الحزب الشيوعي العراقي/ ألمانيا الاتحادية
في 12.10.2015 
 
 
 

50
كل عام والشعب العراقي بخير
بمناسبة  حلول عيد الفطر تتقدم منظمة الحزب الشيوعي العراقي في ألمانيا بأحر التهاني لجماهير شعبنا العراقي في الوطن والجالية العراقية في المهجر ومنها ألمانيا الاتحادية ، و تنتهز هذه المناسبة لكي تؤكد حرصها على أهمية توحيد كل الجهود الوطنية المخلصة للوقوف بوجه داعش و جرائمها ودعم قواتنا المسلحة من أجل تحرير مدننا المحتلة و إنقاذ بنات وأبناء شعبنا المختطفين وعودة النازحين إلى ديارهم ودحر الإرهاب بمختلف مسمياته و إنهاء ظاهرة الميلشيات وحصر السلاح بيد الدولة.
 كما تدعو جماهير شعبنا على أهمية رص الصفوف لوضع حد للنزعة الطائفية في إدارة الدولة والتوجه لبناء العراق المدني الديمقراطي ، يرفل فيه شعبنا بالطمأنينة والرفاه وبناء مستقبله الآمن . 
منظمة الحزب الشيوعي العراقي / ألمانيا
في 16.7.15 



51
استضافة الكاتب والفنان الفوتوغرافي كفاح الامين كاردو في الملتقى العراقي في لايبزج الالمانية
دلالات الصـورة وسـلطتُهـا في مشروع كفاح الأمين
                       

استضافَ الملتقى العراقي في مدينة لايبزيج الألمانية في التاسع والعشرين من شهر أيار الماضي، وبحضور جمعٍ من العراقيين وأصدقاء عربٍ، الكاتبَ والفوتوغرافي كفاح الأمـين كاردو في ندوة حملت عنوانَ (الصراع بين العمامة والسـدارة : بغـداد في العشرينات من القرن الماضي؛ وثائق وصـور).
في البـدء عرَّف الأمينُ الحضورَ بمشروعه الكبير (يوميات يغدادية: وثائق وصور) ذي الأجزاء التسعة، والذي أصدرته وزارة الثقافة في إطار فعاليات (بغداد عاصمة الثقافة). وهو مشروع يُمثِّل ثمرةَ جهود واسعة وكبيرة، تَـمَّ الاشتغال خلالها على ملايين الوثائق والصور التي تؤرخ لأحوال ومشاهد ولحظات بغدادية، خاصة في العقدين الأولَّين من القرن العشرين.
الفترة التي اختارها الأمينُ لتكون موضوعاً لحديث الصورة والوثيقة كانت فترة تحولات جسَّدَتْ، في حينها، إرادةَ مجتمعٍ رغِبَ له متنوِّروه، من مثقفين ومصلحين دينيين وساسة وطبقة وسطى نامية، في أن يخرجَ من قرون الظلام الطويلة، ويخلعَ عنه أرديةَ التخلف والجهل، ويلتحقَ، من جديد، بركب التحضُّر والمدنية.
وفي هذا السياق كان لعين الأمين ووعيهِ قراءتهما الخاصة لمواد مشروعه. ظاهرُ الصورة الساكن بصَرَياً يصبح عنده مدخلاً لتاريخ متحرك. وقد أسهمت هذه القراءةُ، وكذلك الترتيب الزمني للمواد المعروضة، في تقديم حكاية ثقافية واجتماعية لصراع بدأ قبل أكثر من مائة عام، وما يزال يتواصل إلى اليوم. ما يبدو صراعَ مظاهر للوهلة الأولى هو، في جوهره، صراعُ مساراتٍ وخياراتٍ وهُوِيّاتٍ كذلك. بعضها مشدودٌ بحبال الماضي، وبعضُها الآخرُ ينشُدُ المستقبل.
هل كان لقراءة الأمين الخاصة هذه أثرُها في أن يستعيرَ لمشروعه المُهمِّ هذا توصيفَ :" التاريخ التطبيقي في مواجهة إرهاب التاريخ"؟
لقد أجمعَ الحاضرون في الندوة على أهمية ما أنجزه الأمين وأثنوا على منهجه في قراءة مواد مشروعه. كما تحدثت بعضُ المداخلات القصيرة عن (سلطة الصورة)، وأثرِها، في هذا العصر خاصة، وأشارت مداخلات أخرى إلى أن المحاولة التنويرية التي بدأت مطلع القرن الماضي ظلت مقتصرة على نُخَبٍ ثقافية واجتماعية وسياسية بعينها، ولم تتحول إلى حركة اجتماعية شاملة، مما جعلنا نصل الألفية الثالثة ورؤوس الكثيرين ملأى بـ"الزبالة!". 

52
عرض الفلم الوثائقي (نصيرات) للمخرج علي رفيق في الملتقى العراقي في لايبزج

بحضور جمع من بنات وابناء الجالية العراقية اقيمت أمسية سينمائية في الملتقى العراقي في لايبزج عرض فيها الفلم الوثائقي (نصيرات) من اخراج علي رفيق وسيناريو كريم كطافة،بعد الترحيب بالحضوروالضيف المخرج من قبل الاخ مجيد حسين سكرتير الهيئة الادارية افتتح الامسية الاخ سامي كاظم متناولا السيرة الحياتية والابداعية للمخرج علي رفيق ومشروعه المهم مع فريق عمله لتوثيق تاريخ حركة الانصار الشيوعيين الذي كان هو جزءا منها،هذه الحركة التي يراد لها اليوم النسيان والاهمال لكي لايتعرف العراقيون على هذه التجربة الكفاحية المهمة بما لها وما عليها، وقد ساهم فيها الالاف من خيرة بنات وابناء الشعب العراقي ومن جميع الاطياف من داخل الوطن وخارجه في مقاومة الهجمة الفاشية الشرسة التي بدأها نظام البعث الفاشي  ضد الشيوعيين والديمقراطيين العراقيين في نهاية السبعينيات من القرن الماضي ،حيث توجهوا الى كردستان ورفعوا السلاح للدفاع عن الحزب وتنظيماته ضد هذه الهجمة،بعدها عرض الفلم الوثائقي الطويل "نصيرات" الذي شد الحضورلمدة ساعة وربع متواصلة،صور ومشاهد متلاحقة ،موسيقى تصويرية تماهت مع المشهد ،وجوه نسوية تشع بالاصرارعلى الكفاح للحفاظ على الشرف الشيوعي ،لحظات انسانية قاسية تصور حجم المعاناة لتلك النسوة المناضلات واصرارهن على ممارسة الحياة وسط تلك الطبيعة القاسية لجبال كردستان،ماعز يصرخ وينوح تائها بين شعاب الجبال  بعد فقدانه موطنه وحياته الاليفة مع الانسان نتيجة قصف النظام للقرى الكردستانية ‘استذكارلنصيرات باسلات استشهدن خلال المعارك او خلال العمل السري لاعادة بناء تنظيمات الحزب داخل الوطن...
 
بعد انتهاء العرض،كانت ابرز مداخلات وملاحظات الحضور كالتالي:
د.ممتاز كريدي، بعد الثناء على الجهد المبذول في صناعة الفلم حيث اوصل الفكرة التي اراد ايصالها ،ثم طرح تساؤلا فيما اذا كانت هناك نية اوخطة للمخرج وفريق العمل في مشاريعهم القادمة لتوثيق "مجزرة بشت اشان"؟
د.جوهر شاويس،انه جهد متميزويثنى عليه،  لقد كانت وجهة نظره الشخصية في حينها هو عدم زج الشيوعيات في العمل القتالي الانصاري وذلك لعدم توفر الظروف المناسبة والطبيعة الصعبة والقاسية في المنطقة وعدم معرفتهن باللغة الكردية وثقافة سكان القرى ،كما اقترح ان تتجاوزالاعمال القادمة لفريق العمل طغيان الجانب الحزبي والتركيزعلى الجانب الوطني للحركة لايصال الفكرة للمشاهد بسهولة،وكذلك الاهتمام بابراز الجوانب الانسانية والظروف القاهرة التي عاشتها النصيرات والانصار.
النصيرة ام اسيل،تحدثت عن الظروف الموضوعية والذاتية التي رافقت تشكيل حركة الانصار،وتطرقت الى تجربتها كانسانة ونصيرة ،حين يتوحد الانسان مع الطبيعة ويتلائم مع قساوتها،العلاقات الانسانية الصادقة التي تشكلت بين الرفيقات والرفاق خلال النضال المشترك،لقد دافعت عن التجربة بشكلها العام واعتبرت مشاركة الرفيقات في الحركة شيئا ايجابيا منحهن مزيدا من الثقة بالنفس والصلابة ووضوح الموقف.
د.زهدي الداوودي،انه ينظر الى الفلم من جوانبه الفنية حيث اوصل للمشاهد لقطات عكست الاحاسيس الانسانية "ضعف ،صراحة،قوة وصمود،انه يثني على مشاركة المرأة العراقية في النضال المسلح ضد الدكتاتورية الفاشية،كما ويثني على الجهد الرائع للمخرج ولفريق العمل متمنيا لهم النجاح في مشاريعهم المقبلة .
بعد انتهاء المداخلات شكرالمخرج علي رفيق الملتقى العراقي في لايبزج لاستضافته له، والحضور الكريم على الملاحظات المهمة التي دونها وسيحملها لرفاقه في فريق العمل للاستفادة منها في الاعمال القادمة ،وتحدث بايجاز عن مشاريع العمل القادم الذي سيتحدث عن العمليات البطولية التي قام بها الانصار والنصيرات ضد ازلام النظام السابق وقواته القمعية،وانه اتى الى المانيا في رحلة عمل ليستمع الى ملاحظات ومقترحات المشاهدين ،وكذلك لانجازوتصوير مقابلات مع العديد من الانصاروالعوائل التي عايشت احداث الانفال في مختلف مدن المانيا ،كما تطرق عن الظروف الصعبة التي تواجه فريق العمل لانجاز المشروع ،بسبب توزع اقامة النصيرات والانصار في ارجاء الوطن ومختلف بقاع العالم، وكذلك ضعف الدعم المادي الذي يعتمد اساساعلى التبرعات وبيع اقراص الفلم ،كما عرج جوابا على السؤال حول بشت اشان ،ان الفلم تطرق الى الحدث ولكن بشكل موجز ولنا في مشاريعنا القادمة وقفة حول هذه المجزرة التي تعتبر جرحا نازفا في تاريخ الحركة الانصارية ،وفي الختام شكر الجميع على حسن المشاهدة والاستماع ،بعدها تحولت الامسية الى جلسة سمر عراقية تخللتها الموسيقى والمأكولات الشهية.   

53
سلامة عودة المحتلين إلى ديرستون .!!
ناظم ختاري
لأول مرة احتلت قرية ديرستون  "تربه سبى " في عام 1961 عندما اندلعت الشرارة الأولى للثورة الكوردية التي قادها البارزاني ملا مصطفى ، حيث كانت تسودها الفوضى كبداية أية ثورة ، إذ أقدمت العشائر الكوردية على ارتكاب بعض الأخطاء عندما مارست عمليات انتقام هنا وهناك فكان الأمر كذلك في أطراف ديرستون حيث قتل اثنان من  أبناء العشائر العربية الجارة لها .
وعلى أثر ذلك جهزت هذه العشائر قوة مسلحة من أبناءها وراحت تهدد أهالي ديرستون وتخييرهم بين قتال لا رحمه فيه والإجهاز عليهم أو تركها إلى حيث يشاؤون . وحقنا للدماء اختار الأهالي مغادرة قريتهم والانتشار في بقية القرى الأيزيدية ، إذا كان وقتها عدد العوائل الساكنة هناك يبلغ 37 ، وبذلك أصبحت العشائر العربية صاحبة السلطة الأوحد في التصرف بأملاك القرية إلى جانب شن الهجمات العدائية بين فترة وأخرى على القرى الأيزيدية المحيطة بديرستون وجراء ذلك خسر الأيزيديون الكثير من أبناءهم .
ولكن بقي حلم العودة إلى ديرستون يراود الأهالي ، ومن أجل ذلك تحركوا في كل الاتجاهات وقدموا مطلبهم إلى أعلى السلطات لدى كل الأنظمة التي تعاقبت على دفة الحكم في العراق ، وفي كل مرة جوبه مطلبهم بالرفض وعدم الاكتراث والإهمال ، حتى يأس الأهالي وتيقنوا من أنهم لن يعودوا إلى قريتهم مرة أخرى ، خصوصا عندما تقاس المواطنة وفق درجات تحددها الحكومات الشوفينية المتعصبة ..
وعندما توفرت الفرصة الملائمة بعد سقوط النظام البائد وانسحاب العرب من القرية خوفا من الانتقام وإدراكا منهم بأنه لم يعد بإمكانهم مسك الأرض بعد فقدان ظهيرهم ، حاول بعض الشباب من أهالي القرية من الأيزيديين العودة إليها فشكلوا مجموعة لحراستها تمهيدا لاتخاذ خطوات العودة الأخرى ولكنهم في هذه المرة تعرضوا إلى تهديدات قوات البيشمه ركه الحازمة على ضرورة ترك القرية لأسباب مجهولة ، وعلى أثرها طرقوا أبواب المسؤولين لدى السلطات الكوردستانية ، فكان الغموض هو سيد الموقف حول مصير القرية ، ولم يأبه أحدا منهم بمطلب الأهالي و أهمية السماح  لهم بالعودة إلى أحضان قريتهم ، ولكن ذلك  الغموض لم يدم طويلا إذ زال بعودة العرب معززين مكرمين إلى ديرستون المحتلة  بعد أيام ليست طويلة ، وتلقوا الاطمئنان من لدن قوات البيشمه ركه ، ومارسوا حياتهم بكل حرية بما في ذلك القيام بأنشطة مخالفة لمصلحة الحكومة الكوردستانية وكذلك مصلحة القرى الأيزيدية .
هكذا وفي هذه المرة أيضا أسدل الستار على حلم العودة ، وحرم الأهالي  حتى من المنحة المخصصة للمشمولين بالمادة 140 من الدستور العراقي رغم كل ما قيل بأن لجنة التعويضات التابعة إلى القائمين على هذه المادة صرفت بشكل فعلي المبالغ المطلوبة لتعويض أهالي هذه القرى المشردين .
ولكن تطورات الوضع وظهور تنظيم الدولة الإسلامية واحتلاله لمدينة الموصل وسنجار وتمدده إلى قضاء تلكيف وريفه إلى جانب غالبية القرى والقصبات والمدن الواقعة على خط التماس بين إقليم كوردستان والمناطق "السنية" والمعارك الجارية والانتصارات والهزائم المتبادلة بين الطرفين أي بين قوات تنظيم الدولة الإسلامية وقوات البيشمه ركه أدت إلى العديد من النتائج السلبية ، حيث التحق الكثير من أبناء العرب المحتلين لقرية ديرستون بقوات داعش ونزح الباقون إلى بلدات كوردستان ، ومن المعروف فإن جل الأيزيديين في هذه المناطق نزحوا إلى المدن الكوردستانية بسبب التقدم السريع لقوات داعش واحتلاله لبعشيقة وبحزانى وتلكيف وباطناية وتللسقف ومجمع بابيرة  وسد الموصل والخ .
وبتراجع قوات داعش الجزئي من هنا وهناك ووصول عديد قوات البيشمه ركه إلى المنطقة ، استقرت نتائج المعارك عند حدود معينة ، وعلى أثرها تمكن الأيزيديون العودة إلى الكثير من قراهم بما فيها تلك المحيطة بديرستون ولكنها ظلت تعيش تحت تهديد الخوف والخشية من إمكانية اختراق الدواعش لخطوط الدفاع التي تقف بينهم وبين هذه القوات المتوحشة ، وإلى جانب ذلك بقيت ديرستون متروكة ، فتوقع  أهلها من الأيزديين بأن حلم العودة إليها أصبح قاب قوسين أو أدنى ، خصوصا إذا تحررت مدينة الموصل من قوات دولة الخرافة واستقرت الأوضاع بعيدا عن أي تهديد ، ولكن أيضا هذا التوقع لم يكن واقعيا ، فبعد لقاء الرئيس بارزاني برؤساء العشائر العربية القاطنة في مناطق القتال قبل فترة من الأن في صلاح الدين والذي أشار فيه إلى إمكانية عودة العشائر العربية إلى قراهم ، بعد هذا اللقاء بأيام قليلة عاد المحتلون إلى ديرستون وبقي المشردون مشردين ، وأصبح بقية أهالي القرى المحيطة والقريبة من ديرستون مثل ختارة ومجمع بابيرة ودوغات يستعيدون صور مأساة أقرانهم من أيزيديي سنجار على أيدي جيرانهم من العشائر العربية المنخرطة في الجريمة مع داعش ضدهم .
سلامات أيها المحتلون .. وعودة ميمونة إلى ديرستون ..!!
المزيد من أحلام العودة أيها الأيزيديون من أهالي ديرستون ..!!
 

54
جينوسايد والحماية الدولية والإدارة الذاتية
ناظم ختاري
ليس هناك شك إن ما تعرض له الأيزيديون من حملة إبادة جماعية على يد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في 8.3.2014 تحقق في ظروف ملتبسة من صراع المصالح أدى إلى اشتداد قبضة قوى الإرهاب وانهيار الجيش العراقي في مدينة الموصل وسيطرة تنظيم الدولة على أراضي واسعة في مدن تكريت والأنبار وديالى وبالتالي انهيار قوات البيشمه ركه أمام زحفه على خطوط التماس بين إقليم كوردستان والأجزاء العراقية الأخرى ، إذ استطاع استباحة سنجار دون مقاومة ومارس أبشع قتل وسبي نساء وانتهاك حرمات بحق أبناء وبنات المجتمع الأيزيدي.   
وعلى أثر ذلك أتهمت هذه الجهة أو تلك بالمسؤولية إزاء الكارثة التي حدثت آنذاك والتي انسحبت عواقبها لحد يومنا هذا ووضعت العراق على كف عفريت والأيزيديون والأقليات الأخرى في دولاب طاحونة الانقراض عبر المزيد من القتل والتشرد والتهجير..  و لذلك من الطبيعي جدا أن يلجأ الضحايا إلى أية وسيلة نجاة والتمسك بها لإنقاذ ما تبقى لهم ، خصوصا عندما تتخلف الحكومتين المركزية والإقليم عن التحقيق حول الأسباب التي أدت إلى كل هذه الكارثة وعدم الجدية في معالجة نتائجها بما ينسجم مع حجم الدم المراق وهدر الكرامة والخراب وبالتالي انتشال العراق ومواطنيه وخصوصا الأيزيديين والأقليات الأخرى من فوهة الجحيم المستعر والمصير المجهول ، ولذلك فإن من حقهم دعوة المجتمع الدولي للتدخل لإيقاف محنتهم .
وهذا ما يتحرك عليه الأيزيديون والمسيحيون عبر مجموعة شبابية متحمسة ومدركة لحجم المخاطر التي تعرضوا لها وتأثيرها على مستقبلهم ، وتوج هذا التحرك المنظم بتظاهرة كبيرة جرى تنظيمها أمام مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل في 23.3.2015 وذلك قبيل جلسة البرلمان الأوروبي والمزمع انعقادها في يوم الخميس 26.3.2015 وجلسة مجلس الأمن الدولي والتي ستنعقد في 27.3.2015 يوم الجمعة  في جنيف بسويسرا .   
 
ورافقتها تظاهرات عارمة في كل مخيمات النازحين في إقليم كوردستان ، وثمة حاجة إلى القول بأن هذه التظاهرات مجتمعة حملت مطالب الأيزيديين الجدية إلى المجتمع الدولي والتي اختصرت بأهمية الحماية الدولية للمناطق الأيزيدية والمسيحية واعتبار ما حصل في سنجار حملة إبادة جماعية "جينوسايد" والعمل الجدي لتحرير المختطفات والمختطفين لدى داعش وتلبية احتياجات النازحين والتخفيف من معاناتهم والتوجه لتحقيق الإدارة الذاتية على مناطقهم .
هذه المطالب تنسجم تماما مع شراسة وتوحش تنظيم الدولة الإسلامية ، ومن واجب المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته تجاه هذه الأقليات التي تعاني محنة حملة الإبادة الجماعية والنزوح والتشرد والتهجير .. ومما يؤسف له إن هذا التحرك اصطدم ويصطدم برغبات البعض الذين ليس لهم الحق في منع هذه الأقليات من أيصال صوتهم إلى المجتمع الدولي لرسم مستقبلهم والحصول على حياة آمنة وضامنة لهم ، خصوصا إذا كانوا هم عاجزين عن توفير الحماية اللازمة لأبنائها ، كما ليس من حق قوى الأمن والآسايش التعرض لمظاهراتهم ونشاطاتهم وممارسة القمع والاعتقال بحقهم ، ومن الأهمية بمكان أن يقف الجميع إلى جانب هذه المطالب كونها تساهم على استقرار الأوضاع العامة وإيقاف العنف وإعادة الحقوق إلى أصحابها . 
فالأيزيديون والمسيحيون والشبك يشعرون بخيبة أمل ويشعرون بأنهم ضحية صراع لا ناقة لهم فيه ولا جمل ، يمتد منذ ما بعد سقوط النظام البائد والذي مر بمراحل قاسية حتى اتخذ هذا الشكل المتوحش بعد ظهور تنظيم الدولة الإسلامية ، هذا الصراع الذي تراهن عليه القوى الطائفية في الطرفين من أجل الحصول على المزيد من المكاسب في مواقع السلطة وبدعم إقليمي غير أخلاقي ثمنه الكثير من الدم والمزيد من التمزق الاجتماعي وتشظي العراق .         
     
     



55
امسية ثقافية في لايبزغ بمناسبة يوم الشهيد الشيوعي
                 
اقامت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في المانيا الاتحادية يوم الجمعة المصادف 13شباط امسية سياسية ثقافية في لايبزغ، حضرها
جمع من الشيوعيين واصدقائهم ومؤازريهم‘افتتحت الامسية بالوقوف دقيقة حداد على شهداء الحزب وجميع شهداء الوطن،والقى الرفيق سامي جواد كلمة منظمة الحزب والتي جاء فيها :
 (رغم لوعة الفقدان التي تكوي الروح، وغصة الألم التي تعتصر القلب، وما يتركه الحزن في الذاكرة من مرارات، نحتفل كل عام بيوم الشهيد الشيوعي ، ويبقى كل احرار العراق محتفين معنا، ومستذكرين بفخر المآثر التي اجترحها أولئك الغيارى من فتية وصبايا الحزب، من العرب والكرد والتركمان والاشوريين والكلدان والسريان والايزيدين والصابئة المندائيين.
أنه اكبر من مآتم للندب، واوسع من مناسبة للتعبئة، واعمق من وقفة تأمل، واشمل من فرصة للتضامن والتعاضد .. أنه يوم للفخر بكوننا حزباً للشهداء، لا حباً بالموت، بل ادراكاً واعياً للحياة، لضرورة ان نسترخص الدم الغالي من اجل ان يعيش البشر بحرية وكرامة وعدل، ومن اجل ان تعود للانسان آدميته .)
ثم القى الرفيق سعدون يوسف خصاف كلمة باسم عوائل الشهداء،وتحدث عن السيرة النضالية لاخيه الشهيد البطل (بشيريوسف خصاف) الذي اعدمه النظام الفاشي المقبور عام 1983 ومالاقته العائلة من اضطهاد وتنكيل واعتقال ...
بعدها القيت قصيدة "سعدون" للشاعر ناظم السماوي وجاء دور الرفيقة د.سامية الجاوشلي التي تناولت شذرات من الحياة النضالية الثرة للرفيق الشهيد عادل سليم ومواقفه البطولية وشخصيته المؤثرة،بعدها قام الرفيق رحيم الحداد بالقاء قصيدة (عتاب للزعيم) للشاعر الكبير عريان سيد خلف
وقرا الرفيق عبد المجيد حسين الذكريات التي كتبتها زوجة الرفيق الشهيد صفاء الحافظ والتي تناولت سيرته النضالية والعلمية،تلاها الاستماع لقصيدة الشاعر الشاب ادهم عادل التي تناولت معاناة المواطن العراقي وقد نالت استحسان الحضور.
ثم قرأالرفيق سامي جواد مقطعا عن حياة الرفيق الشهيد الخالد عدنان البراك الذي استشهد بعد انقلاب شباط الفاشي ،هذا المقطع الذي اذيع من اذاعة صوت الشعب العراقي بعد االانقلاب الذي اغتال ثورة تموز الفتية.وبعدها القى الرفيق رحيم الحداد القصيدة الخالدة للجواهري (اخي جعفر) بعد استشهاد اخيه في وثبة كانون الخالدة عام 1948 ،وتحدث الرفيق فاروق مهدي الوادي عن ظروف
استشهاد اخيه الرفيق الشهيد منعم مهدي الوادي متطرقا للظروف التي هيأت لقيام الوثبة المجيدة،ثم قام الرفيق يوسف ابو الليل بالقاء قصيدة (البراءة) للشاعر الفقيد كاظم اسماعيل الكاطع
وفي ختام الامسية شكرالرفيق سامي جواد  وباسم منظمة الحزب الحضور وجميع الرفاق والاصدقاء
الذين ساهموا بانجاح هذه الامسية .
 

56
احتفال مهيب بيوم الشهيد الشيوعي في مدينة اولدنبورغ الالمانيه

شهدت مدينة اولدنبورغ مساء السبت 14 شباط 2015 حفلا مهيبا لإحياء ذكرى يوم الشهيد الشيوعي .
خالدون في ضمائر العراقيين يا شهداء الحزب الشيوعي .
هذا ماعبرت عنه قلوب وعيون الجمهور الذي حضرالى قاعة ألأحتفال من رفيقات ورفاق واصدقاء من الجاليه العراقيه ,وممثلين عن الاحزاب الشقيقه والصديقه  ومؤسسات المجتمع المدني . وزينت القاعة بعدد من الشعارات التي تمجد الشهداء وتدعو الى الوحده الوطنيه وبناء دوله مدنيه ديمقراطيه وتحرير الاراضي المحتله من عصابات داعش وتحرير سبايانا وعودة النازحين ورعايتهم .
تصدرت القاعة شاشة كبيرة ,عرضت عليها افلام وقصائد شعر واغاني ,لتمجيد الشهداء وعلى مدى ساعه قبل بدء الاحتفال .
 في الساعه الرابعه عزف  النشيد الوطني العراقي ,واعتلى المسرح الرفيق (ميسر) ليلقي كلمة الترحيب ويطلب من الحضور الوقوف وقفة خشوع ومحبة وقفة الصمت اجلالا للشهداء ,كما وعزف النشيد الاممي. ثم ألقى الرفيق فيصل عبد العزيز (  ابوكفاح ) كلمة المنظمه والتي تطرق فيها الى مسيرة الحزب النضالية وتضحياته , و إلى الوضع السياسي الراهن , وما تشهده الساحة السياسية من صراعات وتدهور أمني واحتلال ثلث العراق من عصابات داعش المجرمه, وتدني المستوى المعاشي وسوء الإدارة في كافة المؤسسات وما يواجه القوى الوطنية الديمقراطية من تحد كبير يتطلب توحيد القوى المدنية الديمقراطية في التيار الديمقراطي من اجل التغير المنشود  في بناء دوله مدنيه والتصدي بحزم لنظام المحاصصة الطائفية والأثنية. وقامت الشابه ( تانيا ) بتلاوة ترجمه كامله باللغه الالمانيه لكلمة منظمة حزبنا الشيوعي العراقي بهذه المناسبه, كما ألقيت كلمة عوائل الشهداء الشيوعيين من قبل الرفيق توفيق ( ابو زكي ) واشاربها الى بطولة وتضحيات الشيوعيين العراقيين من أجل وطن حر وشعب سعيد، وتاريخه الوطني النضالي .واعقبتها كلمة السيده (غيداء سالم ) سكرتيرة رابطة المرأه العراقيه فرع المانيا وحيت فيها شهداء الحزب والشهيدات الرابطيات . وتليت اربعة برقيات موجه للمنظمه بمناسبة يوم الشهيد وردت من الحزب الشيوعي الالماني الشقيق , والحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني  والمركز الثقاقي الايزيدي  , حيت جميعها الحزب  وشهدائه  واشادت بتاريخه النضالي الحافل بالتضحيات  .
والقت الشابه( جيان) قصيدة شعر بعنوان- -( نداء السبايا)- -  كما قدمت الشابه(بسمه) قصيدة شعريه تمجد الحزب وشهدائه وقد لاقت القصيدتان استحسان الحضور . .
وعلى شاشة كبيرة من ضمن فقرات الاحتفاليه عرضت ثلاثة افلام وثائقيه عن التاريخ النضالي للحزب منذ تأسيسه و صور الرفيقات والرفاق الذين ضحوا بحياتهم من أجل الحرية والعدالة وحقوق ألأنسان على مدى تاريخ حزبنا المجيد. - - صور مجاميع من قوافل الشهداء ، نساء و رجال من مختلف القوميات و الأديان و المذاهب ، تركوا بصماتهم على طريق الحرية.  وتم عرض فيلم (الفرمان الاسود )لمخرجه نوزاد شيخاني الذي  يستعرض معاناة اهلنا في سنجار اثناء الهجمه البربريه لداعش وما حل بهم من قتل للرجال والاطفال  وسبي النساء وتشريد العوائل  . وعرض ايضا فلم عن شهداء الانفال .  وقدمت فرقة الشبيبه لوحة الشهيد أشادت بمآثر الشهداءمع استعراض للمئات من صور شهداء الحزب ،نالت استحسان الحضور. وعرضت مجموعة اغاني مصوره ومسجلة للفنان فاروق كنا والفنان الكبير فؤاد سالم والفنان جعفر حسن والفنان الكبير طارق الشبلي وفرقة الطريق- -التي تمجد الأنسان والشهداء وبطولاتهم .
 و تم تكريم عوائل شهداء الحزب بهدايه رمزيه .
.كما قدمت في فترة الأستراحة بعض الماكولات والقهوة والشاي .
و كان للمقاطع الشعرية التي ألقاياها الرفيق ميسر والرفيقه ام كفاح عريفا الحفل وقع جميل وتلونت بين اللغة العربية الفصحى و الشعر الشعبي. و دعا عريفا الحفل الحضور الى ضرورة العمل الجدي والعمل بهمة عالية من أجل تغيير الواقع المزري الذي يعيشه الوطن وتم قراءة شعارات الحزب ليوم الشهيد .

واختتمت الاحتفاليه بنشيد طريقنا ساهم في انشاده وقوفا جميع الرفيقات والرفاق والاصدقاء الحضور

57

شاهد عيان على مأساة بنات وابناء الديانة الازيدية على يد ارهابيي داعش، النصير كفاح كنجي العائد من ارض الوطن بعد ان كان على تماس مع النازحين الى الجبال، عاش معاناتهم وشاهد
ما تعرض له الاطفال والنساء من جوع وعطش ونوم في العراء، عاش حياة مفارز قتالية من
الانصار الشيوعيين ضد ارهابيي داعش وتنقل مع فرق الاغاثة التي شكلها الانصار الشيوعيين لتخفيف معاناة ضحايا الارهاب

السيدات والسادة من بنات وابناء الجالية العراقية في المانيا، تدعوكم منظمة الحزب الشيوعي العراقي لحضور هذه الامسية التي تقام على قاعة الديوان الشرقي الغربي في مدينة كولون، يوم السبت المصادف 29 نوفمبر بالمشاركة في طرح اسئلتكم حول ما جرى كيف ولماذا، الاسباب التي جعلت من ضحايا الازيدية غنائم حرب؟؟؟

تبدأ الامسية الساعة السابعة مساءً وعلى العناون التالي

Huhnsgasse 45-51
50676 Köln
بالقرب من  Barbarossa platz

منظمة الحزب الشيوعي العراقي في المانيا

58
 
لما يزل الأيزيديون في جبل سنجار وبقية مناطقهم مهددون بالمزيد من الموت..!!!
ناظم ختاري
 في الوقت الذي لازلنا نحاول جاهدين البحث عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى كارثة 3 آب وتداعياتها من قتل عام  وذبح واختطاف وبيع نساء وتدمير بيوتهم وتهجير عام وظروف عيش غير طبيعية لضحاياها من النازحين والأمطار التي غزت مخيماتهم والتي فاقمت مشاكلهم وضاعفت من مآسيهم وهم قوم لا يتمتعون بأية حماية ، لا في ظل القوانين الوضعية للدولة العراقية ولا في ظل تطرف الأعراف الاجتماعية ، ولا كذلك عمل المجتمع الدولي كثيرا من أجل ذلك رغم ما يمكنه من الاستناد عليها من قوانين دولية تحمله مسؤولية حماية الأقليات من الإبادة والإنقراض.
فبعد مرور أكثر من شهرين من تلك ألاحداث نجد أنفسنا أمام  إمكانية حدوث مخاطر كارثة أخرى في جبل سنجار الذي تحتمي فيه مئات العوائل ، وعدد ا كبيرا من المقاتلين يتحصنون فيه انتظارا لخوض غمار معركة واسعة وشرسة تهدف إلى تحرر مدينة سنجار وضواحيها من مخالب تنظيم الدولة الإسلامية "داعش " ، ولكن يبدو إن موازين القوى لم تتغير لصالح هؤلاء المقاتلين رغم كل ما يقال عن جدية التوجه نحو تحرير المناطق المحتلة بهذه القوات الغاشمة .
فإذا كانت الأسباب الرئيسية التي تستند عليها الأحزاب الكوردستانية في تبريراتها لانسحاب قوات البيشمه ركه من سنجار وغيرها من المناطق الكوردستانية هو الاختلال في موازين التسليح لدى الطرفين ( وجود سلاح متطور لدى داعش ودعم متواصل من دول عربية وإقليمية إلى جانب التمويل بالمال والمقاتلين والسلاح .. وبالمقابل عدم وجود هذا السلاح لدى القوات العراقية وقوات البيشمه ركه وعدم وجود دعم دولي ومقاتلين أشداء ) ، فإننا شاهدنا ونشاهد الآن كيف يتدفق السلاح إلى كوردستان وكيف يغطي الطيران الحربي للتحالف الدولي سماء العمليات العسكرية وكيف توجه ويتوجه الآلاف المؤلفة من المتطوعين إلى معسكرات التدريب والتحاق قسم كبير منهم حتى دون تدريب إلى جبهات القتال  وهم مستعدون لاقتحام السماء من أجل عودة سنجار وبقية بلداتها ، علما إن السلاح الثقيل المستخدم من قبل داعش في عملياتها هو ذات السلاح الذي يعود إلى الجيش العراقي والذي استولت عليه عند احتلالها مدينتي الموصل وتكريت .
ولذلك اعتقد إن إمكانيات البدء بمعركة تحرير المدن المحتلة من قبل داعش من السلاح والغطاء الجوي والمقاتلين متوفرة حاليا لدى قوات الإقليم ولدى قوات الحكومة المركزية ، وحققت قوات البيشمه ركه والجيش وقوات الحشد الشعبي انتصارات مهمة خلال الأيام القليلة الماضية ، ولكن يبدو هناك أسباب أخرى لم تتوضح ملامحها بالنسبة إلى الرأي العام تقف وراء عدم الإقدام على خوض معارك التحرير وخصوصا  في سنجار التي يقرر مصيرها ، مصير ووجود أبناء ديانة عريقة ، لهم دورهم المشرف في تاريخ العراق قديما وحديثا فهم امتداد لشعوبه الأصيلة .
ويراودني الشك في أن الاسباب الحقيقية التي كانت تقف وراء انسحاب البيشمه ركه وتركها لمواطني سنجار لكي يكونوا فريسة سهلة بين فكي الدواعش هي نفسها تقف وراء تفرج حكومة الإقليم على ما يجري في جبل سنجار ، وليس عدم التكافىء في السلاح والمال والامكانات الأخرى ، ولكن إلى جانب هذا يبدو هناك أسباب أخرى ، وقد تكون أهمها.
-القوى الطائفية المتنفذة في حكم العراق استطاعت انتزاع الروح الوطنية من الجيش العراقي الذي كان يخضع في كل الأحول لإرادة الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة وكانت أداة قمع بيدها استخدمتها في الصراعات الداخلية ، فتارة كانت تقمع الحركة القومية الكوردية وأخرى الحركات الوطنية العراقية وثالثة الحركات الشيعية المعارضة ، وإن إعادة بناءه بعد سقوط النظام الدكتاتوري خضعت لنهج المحاصصة الطائفية ، ولذلك من الصعوبة بمكان أن تدافع القطعات العسكرية المشكلة من طائفة واحدة عن بقية أبناء الشعب العراقي وإبعاد الأخطار عنهم .
- منظومة البيشمه ركه عند تشكيلها بعد انسحاب إدارات الحكومة المركزية اثر انتفاضة آذار قبل سقوط النظام بأكثر من عقد من السنين ، لم تخضع للمحاصصة الطائفية ولكنها خضعت للمحاصصة الحزبية ، ولذلك لم تصبح قوة فاعلة في الدفاع عن كوردستان مثلما كان ينتظر منها ، فبدلا عن ذلك زجت في الصراع الكوردستاني الداخلي بين الحزبين أوك وحدك وأحيانا مع الأحزاب الأخرى في الأجزاء الأخرى من كوردستان ، وهذه العملية دفعت بالحزبين إلى تعزيز هذه القوات بالكم على حساب الكيف ، مما أدى إلى تسلل العناصر الضعيفة والغير كفوءة إلى قيادات هذه المنظومة ، وبالتالي لم تبال بحدود الوطن وطموحات الشعب الكوردي في إقامة دولته ، واهملت ثقة قياداته السياسية بما كانت تطرحه من شعارات وبرامج بهذا الاتجاه ، فبدلا عن كل هذا أصبح الترهل صفتها العامة وأصبح الفساد ينخر كامل جسدها ، وصارت قياداتها تتعامل حتى مع أشد الأعداء في صفقات تجارية مشبوهة . وربما يكون هذا أحد أهم الأسباب وراء ترك مواطني سنجار بين فكي الدواعش ، وللقضاء على هذه الوشائج والمصالح هنالك حاجة إلى وقت أطول وجهد نزية ومخلص . 
- كان لكارثة سنجار رد فعل قوي من قبل الأيزيديين ، بعدما تخلت عنهم قوات البيشمه ركه ، فقتل تنظيم الدولة الإسلامية الآلاف  من المواطنين الأبرياء واختطف الآلاف من النساء ، وعاملهن ببشاعة لا نظير لها من اعتداء جنسي وبيعهن في سوق النخاسة وما إلى ذلك ، علاوة على الأوضاع المأساوية للنازحين في المدن الكوردستانية الذين يعيشون في الخيم والهياكل وتحت الأشجار وفي الطرقات ويتعرضون إلى الأمطار الغزيرة والبرد القارس والحرمان وغيرها ، كل هذه الأمور توقف عندها الأيزيديون واتخذوا موقفا واضحا إزاءها ، عندما أعربوا عن تصورهم بان هذا التخلي عنهم جاء وفق دراسة وتخطيط مسبقان ، ولذلك تخلى الكثير منهم عن قناعاتهم السياسية ما قبل 3.8.2014 وابتعدوا عن انتماءهم الحزبي إلى حدك وبدأوا يبحثون عن بديل آخر، وخصوصا كانت هناك قوات قادمة من غرب كوردستان دافعت عنهم ببسالة واستطاعت إنقاذ غالبيتهم بشكل أسطوري من بين مخالب تنظيم الدولة الإسلامية ، حيث أصبحت أقرب إلى طموح الأيزيديين ووجدانهم ، ليس في سنجار لوحدها بل لدى عموم الأيزيديين ، وجراء هذا انتظمت فعاليات عديدة في الداخل والخارج أغاضت حدك ، في الوقت الذي كان يحتفظ بأسباب كثيرة تدعم الخلافات القائمة بينه وبين تلك الجهة السياسية التي تنتمي إليها هذه القوة المنقذة ، سواءا كانت امتداد لتلك الخلافات القديمة بين القوى السياسية الكوردية شمال كوردستان وجنوبها أو تلك التي نشأت بين غربها وجنوبها .
إلى جانب هذا نشطت المجموعات الأيزيدية في المهجر من أجل تلبية المجتمع الدولي لمطالب الأيزيدية بعيدا عن تأثيرات حكومة الإقليم التي تزعزعت ثقة الأيزيديين بها كثيرا ، حيث اصطدمت مع توجهات حدك والعناصر الأيزيدية المصرة على تحقيق تلك المطالب تحت مظلة حدك ، وهذا أدى بالتالي إلى توسيع رقعة الخلاف في التوجهات والرؤى والإجراءات العملية ، فانحاز الأمير إلى جانب التحرك خارج تلك المظلة الأمر الذي أثار موجة قوية من الانتقادات وخصوصا من قبل الأيزيديين الموالين لحدك وحتى من أقرب الناس إليه جراء تصريحاته في برنامج نقطة نظام على قناة العربية ، ومن وجهة نظري فإن هذه التصريحات لم تكن سوى موقفا سياسيا لم يجر صياغته بشكل ملائم ، الأمر الذي وفر فرصة إضافية لإعادة النشاط إلى الطرف الثاني الذي كان محبطا أو محرجا بسبب أحداث 3 آب لبدء هجومهم الشرس بسبب هذا الموقف .
كل هذه التداعيات والمواقف الناشئة ما بعد 3 آب ربما تكون من بين أسباب التردد في التحرك إلى سنجار وتحريرها وبالتالي فإن تأخير ذلك يعتبر من وجهة نظري ضغطا إضافيا لإجبار عودة الأيزيديين إلى مظلتهم القديمة من غير شروط  ، وكأن ما حدث  من أهوال وفجائع هو خطأ تكتيكي ليس إلا .
-ورود العديد من التقارير الاستخبارية وردود الأفعال وكشف المستور عن الجهات التي تدعم تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" لم تأت من فراغ ، فالبعض من هذه التقارير أتهمت بشكل مباشر بعض تلك الجهات مثلما أعلن عنها وزير خارجية أميركا واتهامه الصريح للسعودية ، وهكذا بالنسبة إلى الدور القطري ، وإلى جانب هذا هناك العديد من التفاصيل والروايات الموثقة والقرائن حول الدور التركي في دعم داعش ، وما مناوراتها في مسألة عدم الانضمام إلى التحالف الدولي ضد داعش وتماطلها الذي طال كثيرا بخصوص الموقف من معركة كوباني إلا دعما لتلك الحقيقة التي تتهم الحكومة التركية في تقديم المزيد من الدعم  لداعش ، واعتقد إن هذا الدعم التركي لم يكن محصورا في تأمين عبور الإرهابيين إلى الأراضي السورية والعراقية وتسهيل بعض مجالات عملها الأخرى ، بل أمتد إلى تأمين مصادر تمويلها لآماد بعيدة مقابل الأرباح طبعا ، وتأمين قاعدة اقتصادية ثابته لها خصوصا بعد سيطرتها على مصادر استخراج النفط ، وبيعه كان الحلقة المشتركة بين الطرفين عبر وسطاء متنفذين في الإقليم ، ربما يكون من الصعوبة بمكان الانسحاب من هذا الدور بسهولة إلا وفق شروط صعبة قد تكون سنجار من بينها . 
رغم كل شيء تبقى حلقات الأجرام التي ينفدها تنظيم الدولة سببا مهما لأن يتخلى المتنفذون العراقيون والكوردستانيون عن مصالحهم الحزبية والفئوية الضيقة ، فالمرأة الأيزيدية المختطفة التي تتعرض إلى الاغتصاب لعشرات المرات في اليوم الواحد من قبل همج العصر، والعائلة الأيزيدية التي تموت جوعا في الجبل أو بردا تحت المطر في الخيم دون مأوى ، والمقاتل الأيزيدي في جبل سنجار أو بعشيقة الذي يخشى على رصاصاته من النفاذ  ، هي مسؤولية كل قادة الإقليم قبل الآخرين وثم قادة العراق و المجتمع الدولي ، فكل يوم يمر على هؤلاء يزداد الاغتصاب وتزداد حالات الانتحار بين النساء المختطفات ويزداد عدد الوفيات بين الأطفال وكبار السن في المخيمات ، ويزداد عدد الضحايا في الجبل .
وهؤلاء جميعهم بشر أيها القادة قبل أن يكونوا ايزيديين  ..!!!  ألا يستحقون التفاتة  جدية منكم ..؟؟ فمن هو المسؤول عن مصيرهم ..؟!     
 


59
المنبر الحر / لا لعودة غير آمنة
« في: 20:54 22/08/2014  »
لا لعودة غير آمنة
ناظم ختاري
أدت حملة داعش على سنجار وبقية مناطق سهل نينوى إلى إفراغها تماما من ساكنيها من الأيزديين والمسيحيين والشبك ، وكان الأيزيديون أكثرهم تضررا بسبب طبيعة المعركة التي دارت هناك في سنجار ، حيث انسحبت منذ اللحظات الأولى قوة حمايتها المتكونة بشكل خاص من البيشه ركه ، علاوة على قوى الأمن والأسايش والمقرات الحزبية دون خوض أية معركة تذكر أو حتى اطلاق رصاصة واحدة باتجاه العدو ، وتركت أهالي سنجار العزل تحت رحمة المرتزقة الذين فتكوا بالمئات منهم بشراسة قل نظيرها وخطفوا المئات من نساءهم وشردوا من تبقى منهم عن بكرة أبيهم وحاصروا الآلاف منهم في جبلها ، حيث مات منهم العديد من الأطفال وكبار السن بعد معاناة غير مسبوقة بسبب انعدام الطعام والشراب وإصابتهم بأمراض مختلفة ، ووصل من تبقى منهم وهم الغالبية بمساعدة مقاتلين كورد من سوريا والقوة الجوية العراقية وعبر طرق وأساليب مدهشة ومحفوفة بكل خطوة منها بمخاطر الموت الحقيقي ، إلى المناطق الآمنة في محافظة دهوك وأربيل  وإلى داخل الحدود التركية .
مأساة الأيزيدية في جبل سنجار ومشاهد ذبحهم وسبي نسائهم وموت أطفالهم وشيوخهم وتدمير بيوتهم ومقدساتهم وهجرة من تبقى منهم من قرى وبلدات شيخان وتلكيف وبعشيقة وغيرها ، أيقظت الضمير العالمي الغربي ماعدا العربي بما فيه القسم الأعظم من الضمير العراقي الذي لم يحرك ساكنا ، بل كان شامتا في أحيان ما ومحرضا للمزيد من قتل هؤلاء العزل في أحيان أخرى للأسف الشديد .
على أية حال ، فإن هذه الأهوال والتوغل في المزيد من الجريمة  من قبل مرتزقة داعش حشدت الرأي العالمي إلى حد مناسب ، وذكرته بمدى خطورة هذا التنظيم المتوحش ، الأمر الذي دفع بأمريكا والعديد من الدول الغربية إلى تقديم بعض شروط الإنقاذ وليس كلها ، وتقديم مساعدات عينية جديرة للمساهمة في تخفيف معاناة النازحين لو جرى تقديمها لهم دون عمليات فساد أو سرقة كبيرة .
وجراء هذا الموقف الأممي أصبحت حكومة الإقليم هي الرابح الأكبر بعد هذه الفاجعة وبعد حصولها على سلاح لم تكن تحلم به من مختلف دول الغرب ، فضلا عن دعم الولايات المتحدة الأمريكية بجهدها الجوي في العمليات القتالية ضد أوكار داعش وإيقاف تقدمها ومن ثم تقهقرها ، وهناك تقديرات تشير إلى إمكانية تحويل هذا الجهد إلى إنزال جنود على الأرض للمشاركة بشكل مباشر في العمليات القتالية .
 بطبيعة الحال يصل هذا السلاح إلى الحكومة الكوردستانية لأسباب سياسية تتعلق بطبيعة إدارة الحكم في العراق ، فضلا عن هدف تمكينها على حماية الأقليات المستهدفة أي الأيزيديون والمسيحيون والشبك من قبل داعش ، مع وجود الكثير من الآراء تشير إلى أن كل ما حدث ويحدث كان لأجل هذا السلاح ، أي مقايضة دم أبناء سنجار ودم أبناء بقية مناطق الأيزيديين وممتلكاتهم وكرامتهم وشرفهم بذلك السلاح الذي وصل وسيصل تباعا إلى كوردستان.
ولكن السؤال هنا بعد وصول هذا السلاح ، هل وصل الأمان إلى ديار الأقليات .. إلى الأزيديين والمسيحيين والشبك ..؟ هل سيستخدم هذا السلاح من أجل حمايتهم ، وبذلك سيكونون في مأمن من حملات داعش وغيرها من القوى المتطرفة وحتى من جيرانهم الذين فضلوا السير على سكة خيانة الجار ..؟ وأخيرا هل هذه الإجراءات الدولية والكوردية هي ما يطالب بها أبناء الأقليات بعد هذه الكارثة المفزعة ..؟
أعتقد جازما إن كل ذلك لن يحصل دون اتخاذ إجراءات أكثر عملية وقادرة على إعادة ثقة الفرد الأيزيدي و أبناء الأقليات الأخرى بالبقاء في سنجار أو تلكيف والشيخان وبعشيقة والحمدانية وبرطلة وحتى القرى والبلدات التابعة إلى دهوك بعد كل الذي جرى ، فأرى إن الادعاء بعدم وجود أسلحة قادرة في حوزة البيشمه ركه تؤهلها على مواجهة قوى داعش الغاشمة ، غير قابلة على الصمود كثيرا أمام استعراض قواتها والأسلحة التي كانت تمتلكها وتعرضها في العديد من المناسبات ، وأمام التصريحات الحماسية الواثقة التي كان يطلقها قادة الإقليم أيضا في العديد من المناسبات ، وأمام صمود السنجاريين بأسلحة بسيطة في جبلهم الأشم بعد الفاجعة ، ومعارك قوات YPG الدفاعية عن المحاصرين وفتح ممرات آمنة بأسلحة خفيفة ... وهنا يمكننا أن نطرح سؤالا.. لماذا لم يجر زج هذا السلاح وهذه التصريحات ولو لمشاغلة قوات داعش أثناء هجومها على سنجار كي يستطيع مواطنوها من الهروب أمام زحفها لتجنب تلك الخسائر الرهيبة التي تفطرت لها قلوب الملايين من البشر على كوكبنا ..؟
وأرى كذلك إن دعوة مواطني سهل نينوى للعودة إلى منازلهم بعد هذا الموقف الذي لما يزل يشوبه الكثير من الغموض وعدم استخدام السلاح المتيسر للدفاع عنهم أو حتى تسليحهم للتخفيف من الكارثة ، فضلا عن استمرار بقاء نفس الخطر ومن نفس المنشأ وإمكانية تحوله إلى إقليم متاخم لحدود بلداتهم وإشراكه بما يسمى بالعملية السياسية في العراق بوجوه قبيحة تمثل الهمج الذين مارسوا تلك الجرائم والعشائر العربية التي شاركتهم تلكم عمليات القتل والذبح .. أرى إنها دعوة غير قائمة على دعائم آمنة بالنسبة لهم ولا يثق بها أي فرد أيزيدي أو مسيحي أو شبكي ولن تكون عودتهم إلا اضطرارا ، لأن أسباب قطع رؤوسهم واغتصاب نساءهم وأسلمتهم وتدمير بيوتهم وأسباب  المقايضات والمساومات حول مصيرهم لازالت قائمة .
ولذلك فمن المهم وبعد تراجع قوات داعش وإعادة تنظيم قوات البيشمه ركه والتنسيق مع القوات المسلحة العراقية والمشاركة الفعالة لسلاح الجو الأمريكي وارتفاع المزيد من الأصوات في العالم لتحشيد القوى والتصدي لهذه البربرية ، و بعد تبدد الأمل الذي كان يراود الغالبية العظمى من أبناء الديانة الأيزيدية والمسيحية بتحقيق هجرة جماعية لهم .. فإن عودة غالبيتهم إلى منازلهم أصبح الخيار الوحيد المتاح أمامهم .. وما عليهم في هذه المرة إلا أن يتوحدوا من أجل أن تصاحب هذه العودة المطالبات التالية .
1- المطالبة الجادة بوضع حد نهائي للمخاطر الناجمة من قوى داعش الشريرة وذلك من خلال العمل على اقتلاع جذورها وتجفيف منابعها ومنعها من إبادة الأقليات .. ليس فقط في العراق بل في المنطقة كلها عبر اتخاذ إجراءات دولية رادعة وأخرى عربية وإسلامية وفي مختلف المستويات والاتجاهات وأخرى وطنية على مستويات شاملة وفي مقدمتها الشروع ببناء دولة المواطنة وتوديع المحاصصة الطائفية والعرقية ومشروع الدولة الدينية .. فكما لهذه الأقليات أصدقاء في العراق وكوردستان من أجل تحقيق هذا الهدف ، فلها أصدقاء أكثر في العالم لأسباب إنسانية ولأسباب خطورة "داعش" التي أصبحت تهدد المناطق الأمنة في العالم ، وهي تسعى بكل قوة للمزيد من التمدد على ارض واسعة وتهدد الشعوب الآمنة بالخضوع لإرادتها البربرية ، وما التصريحات الصادرة من قبل المسؤولين الفرنسيين وردود الفعل الصادرة من الإدارة الأمريكية بعد ذبح أحد مواطنيها الصحفيين جيمس فولي وتصريحات رئيس الوزراء البريطاني وغيرها في اليومين الأخيرين إلا دليلا واضحا على ما تشكله هذه القوى الإرهابية من خطر داهم على العالم كله ، وتوصلهم إلى قناعة راسخة بضرورة التصدي الدولي لهذا السرطان .
2-  المطالبة الجادة من أجل إقامة منطقة آمنة وإدارة ذاتية برعاية الأمم المتحدة للأقليات الأيزيدية والمسيحية والشبك في سهل نينوى ، باعتبارها معرضة إلى الإبادة الجماعية والأحداث الأخيرة وخصوصا في سنجار تشهد على ذلك ، وإن الحكومتين المركزية والإقليم غير قادرتين على حمايتها ، بسبب طبيعة القوى التي تستهدفهم والتي تمارس إرهابها على وفق قناعات دينية تستند على قاعدة اجتماعية واسعة في البلاد وسهلة الانقياد لارتكاب الجريمة حتى بغياب داعش ، فضلا عن إنها أي هذه المنظمة الإرهابية أصبحت  تشكل تهديد حقيقيا للأمن والاستقرار العالميين .. ومن هنا فإنه يتعين على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي العمل الجاد لحماية هذه الأقليات وفق قواعد وقوانين التدخل الإنساني لحماية الأقليات الواردة في ميثاق الأمم المتحدة.     


60
رسالة  قصيرة ومفتوحة إلى
السيد مسعود بارزاني رئيس إقليم كوردستان
ناظم ختاري
أعتقد ليس هناك أية حاجة أن أحيط سيادتكم بما يجري في ديار المكون الأزيدي من مذابح ودمار وتهجير ، لأن مستشاري سيادتكم أكثر اطلاعا على دقائق الامور على الأرض وأكثر قدرة على التعبير عن تلك المآسي التي يتعرض لها الأزيديون ، إذ ترك آخرهم أرض أباءهم وأجدادهم صبيحة هذا اليوم .
يا سيادة الرئيس ، الازيديون  .. نعم الازيديون .. أبناء هذا المكون الأصيل  ، أصلاء الكورد ، بحاجة إلى تفسير لما يجري ، بعدما كثر الحديث عن .
. إن القيادة الكوردستانية تتعمد الانسحاب من بعض المناطق المشمولة بالمادة 140 ، وذلك بهدف الضغط على الحكومة الأمريكية لتزويدها بأسلحة متطورة بدعوى التصدي لهمجية تنظيم داعش الإرهابي .
. وجود تنسيق بين حكومة الإقليم والحكومة المركزية وكتائب "ثوار" النجيفي من داخل مدينة الموصل .. كما يدعي البعض من كوادر حزبكم ، يهدف إلى تشتيت قوى داعش وتقديم أرض الأزيديين ودماءهم طعما لها كي تبدأ تلك "الكتائب " بانتفاضتها المسلحة ضد داعش من داخل المدينة وثم يبدأ الهجوم المنسق من قبل أطراف التنسيق  " حكومة الإقليم والحكومة المركزية " لدحر قواتها وتحرير العراق من رجسها .
كلا السببين يا سيادة الرئيس ثمنهما كبير وكبير جدا ومفزع جدا .. أولا – قتل وذبح بشع وبلا حدود للأزيديين في سنجار وموت جماعي أما عطشا أو جوعا في جبلها ، وسبي لبناتها ونساءها ، ودمار لبيوت سكانها في تجمعاتهم ، ونزوح جماعي من بقية قرى تلكيف والشيخان حتى وصلت غالبيتهم إلى أبواب ابراهيم الخليل في زاخو . ثانيا – الانسحاب المتكرر من ساحات الحرب أدى إلى شبه انهيار لمعنويات البيشمه ركه ، وهذا بدوره أصبح يؤثر سلبا شيئا فشيئا على معنويات كل الشعب الكوردي ، ومن هنا سيادة الرئيس أخشى أن يبدأ الانهيار التام  ويخسر الكورد كل شيء .
وإذا لم يكن الأمر كذلك فالحديث يجري على قدم وساق عن مؤامرة شاملة وكاملة لإفراغ العراق من المكونات الغير مسلمة ، بعدما شهد تهجير اليهود  في القرن  الماضي ، وبعدما شهد تهجير المسيحيين قبل عهد داعش وفي ظل عهدها ، و الآن .. نعم الآن ، جاء دور الأزيديين لاقتلاعهم من أرضهم ، فهل ستقولون أوقفوا قتل وهجرة أصلاء الكورد يا سيادة الرئيس .     

61
تسليم سنجار إلى داعش جريمة كبرى
ناظم ختاري
لم يكن بقاء السنجاريون في ديارهم الموبوءة بالمخاطر بعد سقوط  نظام صدام حسين ألا نتيجة ثقتهم العالية بتاريخهم الناصع وأمجادهم وقدرتهم على الدفاع عن عرضهم وأرضهم فضلا عن قناعتهم بإخلاص قوات البيشمه ركه للوقوف إلى جانبهم عند الشدائد والتي عززت تواجدها تدريجيا هناك .. على ضوء التطورات الحاصلة على الأرض و بروز الجماعات الإرهابية في المنطقة ودخولها إلى العراق عبر أراضيها علاوة إلى غيرها من المناطق المحاذية لسوريا ، والتي دشنت عهدها الدموي تحت مسمى القاعدة ومنظمات إرهابية أخرى وثم الدولة الإسلامية في العراق والشام " داعش " وأخيرا دولة الخلافة .
ثقة السنجاريون بأمجادهم كان ينبغي أن ترتكز على توفير مستلزماتها وفهم شراسة الخصم الجديد القديم والجار لهم ، وقناعتهم بإخلاص قوات البيشمه ركه كان من الضروري أن تتحكمها شروط منسجمة مع حجم الخطورة المتوقعة بفعل المعرفة المسبقة بمدى وحشية هذه المنظمات الإرهابية وخصوصا داعش وبعدما أحتلت مدينة الموصل وإعلان الخلافة الإسلامية على أرض ثابته والتي أصبحت بحاجة إلى خطوط دفاعية في محيطها لتأمين عوامل نجاحها والتواصل مع بقية أطرافها التي تمتد إلى الأراضي السورية ، حيث تعتبر سنجار بحكم خصوصية سكانها الدينية ووجود قوات البيشمه ركه هناك ، عائقا أمام حرية التحرك ضمن حدودها الداخلية والتمدد و إمكانية الحصول على المزيد من المصادر التي تعزز من اقتصادياتها .
وكان ينبغي أن لا يغيب هذا عن بال أهل سنجار ، وكان عليهم أما أن يبقوا بقوة هناك أي أن تكون لديهم إمكانيات دفاعية قادرة على حفظ أمنهم من خلال توفير شروط الدفاع  الذاتي والتأكد من إصرار حدك لحماية أمنهم وجاهزية قوة حماية شنكال وقدرتها الدفاعية من حيث المعدات والأعتدة والخبرة وقناعة الدفاع عن سكان هذا القضاء وخصوصيتهم وأراضيهم الشاسعة . وأما أن يرحلوا إلى الملاذات الأوربية ودول المهجر الأخرى  ونسيان تلك الأمجاد التاريخية وإهمال اهمية سنجار ضمن المادة 140 .
ومن الجانب الآخر كان ينبغي على فرع حدك باعتباره السلطة الأوحد و قوة حماية شنكال التابعة له أن يضعا في حساباتهما ليس فقط هذه العوامل التي ذكرتها وإنما طبيعة التعامل المحتمل من قبل داعش مع مواطنين ينفردون بخصوصيات دينهم وتعتبرهم كفارا وحد السيف هو الوسيلة الوحيدة في التعامل معهم بعد أن يرفضوا الدخول إلى الإسلام ، نعم كان على فرع سنجار لحدك والذي يقوده البابيري .. وقوة حماية سنجار التي يقودها سعيد كيستي أن يضعا هذا الأمر في الحسبان .. أي إن يكونوا بقدر مسؤولية كهذه أي مسؤولية حماية أرواح وممتلكات مكون يقع في أخطر المواقع وبمختلف مسمياتها الاجتماعية والجغرافية والسياسية وإدراك إن أي خلل في التعامل مع هذا الأمر ستكون عواقبه وخيمه كما نلاحظ ذلك اليوم من قتل وذبح مفجعان للصبية والشباب وسبي نساء شنكال واحتلال بيوتهم وفرض الإسلام على من لم يستطيع مغادرة مكان سكنه بسبب تقدم العمر ، وتطويق أكبر كتلة بشرية ضمن حصار محكم في ظل قيظ الصيف دون شراب وغذاء وهجرة عشرات الآلاف منهم إلى البعيد ، وتشتيت غالبية أسرههم .
ففي ظل هذه الفاجعة لم يتوانى الناس المنكوبون " السنجاريون الأشداء " بعد هذا الدم المراق وحملة الإبادة التي حلت بهم صعوبة في اتهام حدك بشكل علني وعلى الشارع  هذه المرة بالتآمر عليهم ، وعليه فإنه سيدفع ثمن ذلك غاليا من خلال وضع حد لهيمنته على شنكال التاريخ و الأمجاد والبطولات ، وإيجاد بديل عنه ، بحاجة إليهم وهم بحاجة إليه ، وهذا لا يقل تأثيرا عما فقدوه هم من دم وأرواح ذويهم وعواقب محنتهم ، الأمر الذي سيدفع بحدك في النهاية أما الاعتراف بهزيمته في سنجار أو تقديم بعض الرؤوس قرابين لما أفسده من أجل مصالحه الحزبية ، أو أفسدته نفس الرؤوس دفاعا عن ثرواتهم وأموالهم الغير مشروعة .
و ستبقى جريمة سنجار وصمة عار على جبين مرتكبيها .


62
الفتاوى الدينية تزيد من الشحن الطائفي .. نعم للوقوف الشعبي مع الجيش

ناظم ختاري
بعدما أحتلت قوى بعثداعش الإرهابية عددا من مدن العراق مثل الموصل وتكريت وتشديد قبضتها على الفلوجة وعددا من المدن والقصبات الأخرى والانهيار الذي أصاب قوات الجيش العراقي هناك وترك مواقعها ، سارعت المرجعية الدينية الشيعية إلى إصدارها فتاوي داعية  للنفير العام والتطوع من أجل قتال تلك القوات ومنع تقدمها وتحرير المدن المحتلة منها ، فلبت أعداد كبيرة من الشيعة دعوة المرجعية وفتاويها ، حتى بلغ عددهم مئات الآلاف من المقاتلين المفترضين .
و في نفس الوقت راح رجالات السلطة والحكم الطائفي يلتقون هذه الحشود البشرية ويلقون بالمزيد من أسباب الشحن الطائفي في المتطوعين ، واصدر المالكي بشأن ذلك أوامره من أجل تنظيم هذه العملية من خلال فتح مكاتب سميت بمكاتب الحشد الجماهيري ، دون مراجعة سياساتهم التي كانت سبب هذه الأحداث والتي ستكون مع اصرارهم على نفس النهج سببا لضياع العراق .
يظهر للعيان بوضوح إن الصراع الدائر في العراق هو صراع طائفي بامتياز وإن الدفع بهذا الاتجاه من طرفيه على قدم وساق ويتجلى ذلك من خلال .
1- إصدار الفتاوى الدينية من جانب واحد أي من جانب المرجعية الشيعية دون أن تحاول دعوة نظيراتها من المرجعيات السنية من أجل تهدئة الأمور والتخفيف من هذا الشحن الطائفي وتهدئة الأوضاع في ظل هذه الأوضاع العصيبة التي يتعرض لها العراق ، والتي من شأنها أن تجابه بفتاوي شبيهة في الطرف الآخر أي الطرف السني خوفا من الثأر على ما فعلته قوى بعثداعش .. فهذا ما تتمناه هذه القوى الإرهابية التي خطفت واحتلت المدن وهي تهدد كل العراق .
2- لم يلبي هذه الفتاوى غير أبناء الطائفة الشيعية ، هذا من جانب ومن الجانب الآخر يلاحظ المرء وكأن هؤلاء المتطوعون ذاهبون إلى حرب ضد السنة والكورد وليس لمقاتلة إرهاب بعثداعش ، فهناك أكثر من فيديو مليء بالسب والقذف ضد رموز السنة أو الأكراد و تصريحات المسؤولين ملئت الدنيا ضجيجا تدعو إلى الكراهية الطائفية والقومية  تتهم هذا الطرف وذاك .. والأهازيج الطائفية الصارخة التي ترتفع من قبل الطبالين في مراكز التطوع وغير ذلك من تأجيج مشاعر الطائفية ضد أخوتهم في الوطن بدلا من تأجيجها ضد داعش  ، وإلى جانب هذا هناك غياب متعمد للروح الوطنية في توعية المقاتلين وشحذ هممهم وتحشيدهم لهذه المعركة المصيرية .
3- كل المتطوعين أثناء لقاءاتهم مع الفضائيات يؤكدون بأنهم ذاهبون إلى القتال تلبية لفتوى المرجعية ومن أجل حماية مقدساتنا ، إذن من يلبي نداء الوطن الذي يتمزق ..!!
 4- من المعروف هناك عدد كبير من الميليشيات الشيعية الطائفية في العراق وغالبيتها خرجت إلى الشارع بعد صدور هذه الفتاوي " بل  كان يمكن لها أن تستعرض وتعربد حتى دونها " لأن قادتها يجدون في الظروف الحالية فرصتهم الذهبية لممارسة المزيد من القتل وتدمير البنية التحية للبلاد والحصول على السلطات والمال ، بعد أن جرى تعطيل بعض جوانب أدوارها وممارساتها لفترة من الزمن .. ولكن السؤال هنا من سيعيد هذه المرة عناصر هذه الميليشيات إلى بيوتهم ثانية بعدما تهدأ الأمور ، إن كانوا أصلا يريدون أن يستقر العراق ...؟
5- أغلب المتطوعين سيدخلون المعارك دون تدريب كافي .. دون أن يكتسبوا خبرة عسكرية أو فنون القتال مع أعتى وأشرس قوى إرهابية ، فلذلك ستكون أرواح أعداد كبيرة من الشبيبة المتطوعة ضحية لتلك النزعة الطائفية ، ودمائهم ستكون سببا إضافيا لاستمرار نار العداء الطائفي لمديات زمنية طويلة غير محددة ، حتى بعد أن تقف هذه الحرب التي على ما يبدو ستمتد وتتمدد .
فالطائفيون ذاهبون إلى حربهم الطائفية الشاملة ، بينما هناك معركة مصيرية أوراها مشتعلة بين قواتنا المسلحة والشعب من جهة والإرهاب من جهة أخرى ..الطائفيون ذاهبون إلى معركة أخرى ، أطرافها تتقاتل دفاعا عن مصالحها وغنائمها الشخصية والحزبية والطائفية الضيقة ، ساعية في نفس الوقت إلى إفراغ معركة الشعب من محتواها الوطني ... معركة الطائفيين هي ليست معركة الشعب ضد الإرهاب والدفاع عن الوطن بعيدا عن العناوين الفرعية  ، ولا هي معركة مشتركة مع القوى الوطنية - الديمقراطية من أجل نظام حكم ديمقراطي ، فمعركتهم هي من أجل كرسي الحكم والمال والنفوذ .
 ولذلك فانا من وجهة نظري إن الأوضاع الحالية في بلادنا بحاجة إلى بعض الإجراءات السريعة بعكس ما يذهب إليه الطائفيون ، ومن بين أهمها .   
أولا – ولأن الموقف العسكري لقواتنا يعاني من صعوبات كبيرة لأسباب ما حصل في الموصل وتكريت  بشكل دراماتيكي ، و تقدم قوى الإرهاب المتوحشة ، التي تشكل تهديدا جديا على بغداد والمدن الأخرى ومستقبل بلادنا ، لابد من تحقيق الاستعدادات العسكرية اللازمة لاستعادة زمام المبادرة وللوقوف بوجه زحفها وملاحقتها لتحرير المدن المحتلة وجعل الهزيمة من نصيبها ، فليس هناك أولى من إعادة التنظيم وهيكلة قيادات الجيش على أساس الكفاءة والإخلاص والوطنية وخصوصا إن تعداد قواتنا العسكرية والأمنية ليست قليلة فإنها تتعدى المليون مقاتل .
ثانيا - وبموازاة هذه المسألة فإن دعوة وطنية خالصة إلى التعبئة الشعبية الشاملة  للوقوف إلى جنب هذه القوات ومساندتها في المجالات اللوجستية وحماية المدن الآمنة وإدارتها وما إلى ذلك ، يعد أمرا دقيقا وهاما وصحيحا في ظروف البلاد الحالية الحرجة .
ثالثا – لا يمكن أن تكون الإجراءات العسكرية فعالة وقادرة على تحقيق إنجازات مهمة دون اتخاذ إجراءات سياسية شجاعة واعلان التخلي عن المحاصصة الطائفية وتشكيل حكومة انقاذ وطني ، بعيدا عن استئثار قوى الإسلام السياسي التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليها عبر سياساتها الرعناء ومنهج المحاصصة الطائفي ، فهل حكومة  المالكي المنتهية ولايتها ومجلس النواب الجديد المصادق عليه من قبل المحكمة الاتحادية حريصان على مصلحة العراق ونقل السلطة إلى مثل هكذا حكومة لفترة انتقالية كي تقود جهود شعبنا إلى الأمان والاستقرار ..؟
 اعتقد من هنا وبها ستنطلق المعركة الحقيقية لوقف زحف قوى الإرهاب ودحرها ومن هنا ينبغي أن تنطلق عملية سياسية جديدة تعيد العراق وتضعه على السكة الصحيحة استنادا على خارطة طريق تحقق  التغيير اللازم الذي عجزت عن تحقيقه  صناديق الاقتراع ، ولكن المخاطر التي ترتبت على نتائجها لابد أن تكون محطة انطلاق لهذا التغيير والذي ينبغي أن يحقق ما يلي .
أولا – وقف العمل بالدستور الحالي وكتابة دستور جديد ينسجم و مهام المرحلة الجديدة ، يراعى فيه تنوع المجتمع العراقي واعتباره مصدر ثراء وليس مصدر صراع ، وعليه فبدلا عن الصيغة الحالية للدولة العراقية المركزية ، لابد من اللجوء إلى بناء شكل آخر لهذه الدولة ينهي الخلل في صناعة القرار وتوزيع الثروات ، تشعر فيه مكونات الشعب العراقي المتعددة بالأمان ، وبأن هذه الدولة الجديدة هي دولتها ، تلك الدولة القائمة على أساس نظام حكم مدني ، يعالج مشاكل البلاد وفقا للدستور ، ويضع حدأ نهائيا للكراهية وممارسة العنف والتمييز وما إلى ذلك .   
ثانيا - فصل الدين عن الدولة ، فالدين حرية شخصية ، لذا فإنها لمن يريد ممارستها ، أما الوطن فهو للجميع ، وليس لأحد أن يأخذ أكثر مما له .
 
وأخيرا فأنا أرى أن العراق بانتظاره خيارين لا ثالث لهما ..  الأول ، أما أن نقسم الأرض وما عليها وما في باطنها من ثروات بين مكوناته وفقا لدستور مدني .. ووفقا لمبدأ العدالة والمساوات .. ووفق إرادة عقلانية مشتركة لهذه المكونات ، وبخلافه فإن الخيار الثاني ، خيار الاقتتال سيفرض نفسه بقوة وعندها فإن الأبواب ستكون مفتوحة على مصراعيها لمزيد من العنف الطائفي والقومي المدعوم و المفتوح ، حتى يجري تقسيمه إلى دويلات متطاحنة ضعيفة تابعة وتكون هدفا دائما لأطماع الآخرين .
 
 
 
 

63
سقطت الموصل ..؟؟ وماذا بعد ذلك ..!!

ناظم ختاري

يعد سقوط النظام الدكتاتوري في 2003 اثر حرب الإطاحة به ، سقوطا لنظام حكم مركزي طائفي ، سيطر عليه العرب السنة منذ نشوء الدولة العراقية ، وعلى أثر ذلك تشكلت على أرض الواقع دويلات طائفية  وقومية كانت الغلبة فيها للعرب الشيعة ، بعكس طموح الشعب العراقي الذي كان يتطلع إلى بديل وطني ديمقراطي وإقامة نظام حكم  قادر على تحقيق المواطنة العراقية الحقيقية ، حيث قدم الشعب العراقي بكل مكوناته من أجل ذلك أنهارا من الدماء وخصوصا في عهد الدكتاتور صدام حسين .
وعندما أقول إن العرب الشيعة تصدروا العهد العراقي المرتبك الجديد ، ففي نفس الوقت أقول إنهم أخفقوا في اختيار ممثليهم الحقيقيين لإيصالهم إلى قمة السلطة  بهدف بناء دولة المواطنة المنشودة التي كانت كفيلة لأقناع العرب السنة في العيش بشراكة حقيقية في كنفها ، ولكنه ومما يؤسف له فقد اختارت القوى الإسلامية الشيعية الطائفية وهي تصدرت المشهد السياسي وتعمدت على اقصاء الآخرين كالعرب السنة عن ذلك المشهد ، حتى ولو كان من يمثلهم هي أحزاب طائفية على نفس النمط في الجانب الشيعي ، حيث عملت تلك القوى على تعميق وتوسيع الفجوة بين المكونين وخصوصا في الفترة القصيرة ما بعد السقوط وعامل الاحتلال الأمريكي - البريطاني مهد الطريق لذلك ومعا وفرا الأرضية الخصبة لممارسة سياسة المحاصصة الطائفية بأشد أساليبها ، وهكذا كان الأمر مع الكورد ولكن وقع ذلك الأقصاء كان غير مؤثر عليهم ، بل إن الكرد كانت بيدهم مفاتيح أهم ويتمتعون بإدارة ذاتية منذ انتفاضة آذار 1990 وكانوا يعيشون تجربتهم الخاصة التي قد تفضي بعد هذه الأحداث المثيرة إلى إقامة دولة خاصة بهم حيث ناضلوا من أجلها طويلا .
 فقوى الإسلام السياسي الشيعية استثمرت ووظفت اضطهاد الطائفة التاريخي ، لبناء قاعدة اجتماعية لحكمها وحاولت منذ البداية على بناء نظام حكم طائفي على أساس ولاية الفقيه وضرب مكتسبات الشعب العراقي التقدمية التي حققها على مر عقود من الزمن ، نظاما ضعيف أو عديم الولاء لمعايير المواطنة العراقية ، ومارست  قتلا واضطهادا حقيقيا ضد العرب السنة وعلى مختلف المستويات ،على مستوى الحقوق والواجبات وعلى مستوى المشاركة في القرار السياسي وعلى مستوى بناء مناطقهم وأعمارها وما إلى ذلك ، إضافة إلى كل هذا فإنها اختارت أسوأ شخصيتين لإدارة حكمها الطائفي " الجعفري والمالكي" . كل هذا عمق الشعور لدى العرب السنة بأن السلطة  السياسية لابد وأن تعود لهم كي يستطيعوا من خلالها حماية انفسهم من الهجوم الشرس لحكم القوى الإسلامية الشيعية على مكسبهم "التاريخي" ألا وهو انفرادهم بالسلطة طيلة العقود الماضية ، ومما زاد من الطين بله فإن حزب البعث استطاع عبر هذه السنوات المشوهة من الحكم  الطائفي السائر نحو المزيد من التفرد في العراق والفوضى والحرب الطائفية والموت والفقر والحرمان والفساد الحكومي وترك بقايا الجيش العراقي وضباطه دون عمل أو اجتثاثهم ، أن يتغلغل في الأوساط الشعبية في المناطق السنية التي وجدت نفسها أمام سلطة قائمة على التمييز والتعسف والثأر الطائفي ، وهكذا عمل على إقامة  تحالفاته مع مختلف القوى المسلحة بما فيها التنظيمات الأكثر دموية مثل القاعدة منذ البداية وداعش فيما بعد، والتي رفضت ليس فقط مثل هكذا نظام حكم اسلامي شيعي الطائفي وإنما كل خطوة يخطوها العراق نحو إقامة نظام حكم ديمقراطي تعددي .
نعم وعلى غفلة من حكومة المالكي وأجهزتها الاستخبارية أو أمام أعينها ، عمل حزب البعث بكل أجهزته السابقة  كضباط الحرس الجمهوري وقادة الأجهزة الأمنية ، على بعث الروح في منظماته في العديد من المناطق العراقية ووفر حواضن اجتماعية واسعة له و لكل القوى الإرهابية التي كانت تضرب مؤسسات الدولة والمجموعات البشرية دون رحمة ، بل تمددت أذرع البعث إلى أهم المواقع في الدولة والتي أمدت الأعمال الإرهابية المشينة بالمال والسلاح والتسهيلات المختلفة ، وخلال الولاية الثانية للمالكي حصل هناك أكثر من خرق أمني مخيف ، وانعدمت الثقة بين الفرقاء السياسيين على كل المستويات وتورط مسؤولي الدولة في أعلى المستويات بعمليات إرهابية في الجانب السني بينما في الجانب الشيعي الحاكم مارس المسؤولون على أعلى المستويات الرشى والفساد ..  ولا نبالغ إن قلنا إن الدولة العراقية اضمحلت على أرض الواقع خلال  تلك الولاية "المنتهية الآن" ، والرجل" المالكي " واصل الكذب في أحلك الظروف .. فأخفى عظائم الأمور عن شركائه الفاسدين والإرهابيين والمواطنين العراقيين على حد سواء بدعوى الحفاظ على العملية السياسية.  
هروب السجناء وقضية الأنبار والفلوجة وأوضاع مدينة الموصل المعروفة للكل على مدار السنوات الماضية ومدى نشاط قوى الإرهاب فيها دللت بشكل قاطع على ضعف إدراك المالكي وحكومته بالمخاطر التي كانت تحيق بالعملية السياسية ، بل أكثر من هذا فقد أكدت على مدى إصرار المالكي التمسك بالسلطة والاستفراد بها حتى ولو كان ذلك على حساب وحدة العراق ودماء شعبه .
إذن الآن في الموصل ومدينة تكريت وبعض المدن الأخرى بعد أكثر من 10 سنوات ، تنظيم عائد لحزب البعث يحكم فعليا هناك ولو كان راكبا هذه المرة حصان داعش دون أن يدرك المالكي من الأمر شيئا سوى إنها "خدعة ومؤامرة "، هذه السيطرة النوعية للبعث تحت راية داعش على عدد من مدن العراق تفرض على القادم من الأيام شروطا قاسية ، ربما يرفع راية قبولها المالكي . بالرغم من معرفته إن "البعثداعش" لا يرغب بأقل من حكم العراق ، والثأر لكل شيء عبر جز رقاب العراقيين .
شخصيا ادرك الموقف منذ اليوم الأول من تولي المالكي إدارة الحكم في عراق ممزق في الواقع وموحد على وفق دستور فقط ، بان العراق سائر نحو الهاوية والانقسام ، ولعل احداث سقوط الموصل  وتداعياتها هي البداية الحقيقية والجدية  لتقسيمه وفقا للتوزيع العرقي والطائفي .  
ولوقف جزء من المخطط الذي ينتظر العراق فإنه بحاجة إلى حكومة إنقاذ وطني ، تحافظ على ما يمكن  الحفاظ عليه من وحدة البلاد والمكاسب الديمقراطية المتحققة بفضل نضال القوى الوطنية .  

64
يرفضون المالكي ويصرون على النهج الطائفي..!!

ناظم ختاري

لم تستغرق ولايتا المالكي لا الأولى ولا الثانية كثيرا حتى استفحلت المشاكل بينه وبين القوى السياسية الشريكة له في الحكم ، وامتدت ملامح التأزم إلى كل مناحي حياة البلاد والعباد بسبب قيام الحكومتين الأولى والثانية برئاسة المالكي على المنهج العرقطائفي ، علاوة على سوء إدارته ومحاولاته الجادة للتأسيس لحكم فردي وأبعاد شركاءه الطائفيين بمختلف انتماءاتهم عن ملف إدارة الحكم .
وكما هو معروف للجميع فشلت حكومتا المالكي في الدورتين على مستوى العديد من الملفات وفي مقدمتها عدم قدرتها على تخطي النهج الطائفي ، الأمر الذي خلف بيئة خصبة لأزمات متتالية مثل مواصلة الإرهاب بعدما توفرت بيئة موازية لإمكانيات الحكومة لاحتضانه على نفس النهج الطائفي "المقابل" والأزمات المتواصلة مع إقليم كوردستان بشأن العديد من الملفات ، وانطلاق عمليات فساد لامثيل لها في تاريخ العراق ، وفشل الحكومة في تقديم الخدمات وأسباب العيش الكريم إلى المواطنين وعدم القدرة على تحقيق أية انجازات في مجال إعادة أعمار بلدنا المدمر ، وغيرها الكثير من الأزمات التي أدت إلى الشلل التام في غالبية مرافق الدولة التي يعتبرها الكثيرون وهم محقون بذلك بأن العراق دولة فاشلة .
ومن هنا بات الجميع يشعر بخطورة ما وصل إليه البلد من انزلاقات حادة، والتي أصبحت تهدده بالتفكك على نفس النهج الطائفي ،  الأمر الذي أدى ليس فقط  إلى القطيعة بين المالكي وشركاءه من المكونات الأخرى ، بل حتى إلى القطيعة بينه وبين شركاءه من داخل البيت الشيعي ، ومن هذا المنطلق أصبح الجميع يشعر بضرورة التغيير رغم اختلاف مفهومه بين مختلف الجهات ، ولكن لم ترتق أية جهة سياسية متنفذة إلى مستوى المسؤولية الجادة لمعالجة هذه الوضع الخطير .. فالجميع دعا إلى التغيير، حتى ائتلاف المالكي نفسه الذي لم يألو جهدا إلا وسخره لمصلحته الطائفية الخاصة ، دعا ويدعو إلى الآن لتغيير حكومة "الشراكة الوطنية " إلى حكومة الغالبية السياسية ، بعيدا عن مصلحة البلاد والشعب العراقي ، وفي المقابل لم تستطع بقية الكتل السياسية الآتيان برؤية خارج هذا النهج العرقطائفي ، فكل أقطابها حملوا المالكي مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع وتناسوا إن المالكي الذي حل بديلا عن الجعفري هو أحد الأبناء الشرعيين لنهج المحاصصة العرقطائفية مثله مثل جميع الأزمات التي اجتاحت البلاد والتي هي الوليد الشرعي لنفس ذلك النهج في تشكيل إدارة الدولة .
وكما قلت إن كل الكتل السياسية داخل الحكومة وخارجها رفعت شعار التغيير ولكن أي منها لم تبتعد ولو شبرا واحدا عن انتماءها الطائفي غير التحالف المدني الديمقراطي ، الذي تشكل من مختلف مكونات الشعب العراقي بعيدا عن مفهوم المكون الكبير والمكون الصغير وعن مفهوم الطائفية ، فقد تشكل هذا التحالف على أساس وطني عراقي خالص، وتوجه بحرص شديد إلى تبني مفردات المواطنة الحقيقية بحكم انتماءه لها ، بينما واصلت بقية التحالفات والقوى بإصرار على تمثيل مكونات  عرقية - طائفية ، وواصلت التجييش على ذات النهج في الدعوة إلى التغيير في شخوص الحكم ، وليس إلى التغيير في نهجه القائم عليه .
ومن هنا نجد إن التغيير بالمعنى الحقيقي لم يتحقق ، رغم استعادة الديمقراطيين عبر تحالفهم  المدني لجزء بسيط من مكانتهم في السلطة التشريعية القادمة ، ولكنني أجزم إن نتائج الانتخابات التي جرت في الـ 30 من أبريل نيسان الماضي ، ستقف عائقا شائكا أمام تشكيل حكومة قادرة على عبور العراق إلى بر الأمان ، بل كل المؤشرات تؤكد إن الأيام القادمة ستحمل إلى العراقيين مفاجآت غير سارة ، وذلك لأسباب اصرار كل القوى الفائزة لنيل المزيد من المكاسب المالية والسلطات والنفوذ ، ولأجل هذا وليس لأي شيء آخر يصر المالكي على ولاية ثالثة لائتلافه الشيعي لإبقاء الغنيمة تحت تصرف تحالفه وحزبه وشخصه ، ويصر الآخرون على انتزاعها منه على أساس تحالف بين مكونات طائفية ، دون أي مساس بمنهج الحكم القائم على الأساس العرقطائفي  ، وهذا يعني إن الرئاسات الثلاثة والوزارات السيادية وغير السيادية وبقية مؤسسات الدولة سيتم إعادة توزيعها فيما بين هذه الأطراف لو نجحت على انتزاعها ، باعتبارها غنيمة أصبحت من حصتهم بعدما يشكلون الكتلة الأكبر وتحريرها من مخالب المالكي ، ولن يكون هناك من يتولى المسؤولية الأولى في هذه المؤسسات كلها غير ممثلي الطوائف المتحالفة المتصارعة ، وستكون السلطة الأقوى من بينها للطائفة الأقوى والسلطة التي تليها للطائفة التي تليها وفي النهاية سنكون أمام حكاما للسنوات الأربعة القادمة مثل الحكام الذين ولدتهم ماكنة الدورات الانتخابية السابقة ، يختلقون المزيد من الأزمات ويذهبون بالبلاد إلى الهاوية .



65
الانتخابات البرلمانية بعد يومين
ناظم ختاري
سيتوجه غالبية العراقيين بعد يومين من الآن إلى صناديق الاقتراع وذلك لاختيار أعضاء البرلمان للسنوات الأربع القادمة وربما سيعكف البعض الكثير عن المشاركة غير آبه بما يحدث في البلاد و بمستقبله ومستقبل أولاده أو ربما أصابه اليأس والقنوط وعدم القناعة بأي تغيير قادم ، هذا في الوقت الذي تتسابق فيه القوى التي هيمنت على السلطة عقب سقوط النظام الدكتاتور والتي أخفقت في تقديم أي شيء إلى العراقيين الذين سيشاركون في الانتخابات أو الذين يرفضونها ، بهدف تشديد قبضتها على الحكم في هذه المرة أيضا إلى جانب القوى المدنية الديمقراطية التي ترفض هيمنة هذه القوى التي أوصلت البلاد إلى الدمار والمجتمع إلى الانقسام الحاد على اساس طائفي وعرقي ، بحيث  أصبح من الصعوبة بمكان إعادة لحمته الوطنية تحت نفس الظروف .
ومن الجدير ذكره هنا إن الجميع يرفع شعار التغيير في هذه الانتخابات ، ليس لأن التغيير هو شعار جانبي أو يتماشى مع المتغيرات الحاصلة في محيطنا ، أو من خلال رفعه يمكن مواصلة الهيمنة على مقدرات البلد ومواصلة تمزيق النسيج الاجتماعي وتغييب مستقبل الشعب العراقي ، بل لأنه ضرورة حتمية لإيقاف هذا التمزيق وتخليص العراق من اللصوصية الطائفية والعرقية وانقاذ شعبه من النفق المظلم الذي طال أمده ، لذا فمن هنا يمكننا أن نحدد القوى التي تريد التغيير فعلا والقوى التي تتدعي التغيير كشعار انتخابي .
فتلك القوى التي تمسك بتلابيب الحكم منذ سقوط النظام السابق ولحد الآن من مصلحتها الإبقاء على هذه الأوضاع والصراعات الطائفية والعرقية في البلاد والوقوف بوجه أي تغيير إيجابي وذلك للأسباب التالية.
أولا –لأن كل رجالات هذه القوى غير مؤهلة لقيادة دفة الدولة بسبب غياب الكفاءة والقدرات القيادية وما إلى ذلك ، لذا فإن نهاية الصراع الطائفي تتطلب بناء دولة وهم ليسوا رجالات دولة .
ثانيا – كل هذه القوى دون استثناء تتميز بقدرة فائقة على سرقة المال العام ، لذا فإن من شأن نهاية الصراع الطائفي بناء ما دمرته آلة الحرب الطائفية ولا يمكن إعادة البناء بهؤلاء السراق والفاسدين .
ثالثا – كل هذه القوى تتميز بقدرة عجيبة على الكذب وتتخذ من الدين ومن الاضطهاد الطائفي والقومي التاريخي طريقهم الأسهل إلى ذلك ، ومن هنا فإن التغيير نحو بناء الدولة المدنية ، دولة المواطنة ، سوف لن يكون بحاجة إليهم ، بل سيكون التغيير كفيلا بنهاية دورهم وهذا ما لا يريدون تحقيقه أبدا .
رابعا – كل القوى الحاكمة والمتنفذة تفتقد إلى الشعور الوطني الحقيقي وكثيرا ما يكون ولاءها إلى الخارج أقوى من ولاءها إلى الوطن ، والتغيير في هذا المجال بحاجة إلى قوى وطنية ولاءها إلى الوطن وليس إلى الخارج . ولذلك فإنها ترفض التغير في واقع الأمر .
خامسا – كل القوى الحاكمة والمتنفذة لا تقيم أي شأن للمواطن ، بل تعتبره سلعة قابلة للبيع والشراء .. لقمة عيشه تشترى وتباع .. صوته يشترى ويباع .. فكره يشترى ويباع .. ولاءه يشترى ويباع .. مصيره يشترى ويباع ..كل شيء فيه يشترى ويباع .. والأحزاب والطوائف والأعراق والعشائر ورؤساءها في الوقع هم سماسرة هذا البيع والشراء .. بينما التغير نحو بناء المواطن الإنسان يمر بفك مصيره من هيمنة كل هذه الجهات وربطه بقوانين دولة مدنية حتى يصبح حرا سيدا لنفسه وعلى نفسه ، ولذا فإن هذا الشكل من التغيير ترفضه هذه القوى بقوة . 
وكل هذا يدفعني إلى التساؤل .. لو كانت هذه القوى الحاكمة المتنفذة راغبة في التغيير .. ما الذي يمنعها أو منعها من ذلك خلال هذه السنوات الطويلة من حكمها وكل أمكانيات الدولة كانت ولازالت تحت تصرفها ..؟
ولقناعتي بأن كل الذي حصل كانت ممارسات متعمدة لهذه القوى الحاكمة كان هدفها كسب المال والنفوذ والسلطة ، فإنني استبعدها من أي عملية تغيير قادمة ، بل أنني كمواطن تهمني مصلحة العراق وشعبه أحذر كل واع وكل ذو ضمير حي وكل أبناء الشعب العراقي من التورط على انتخابهم في هذه الدورة التي ينبغي لها أن تكون حاسمة وتضع حدا لمن أوصل العراق إلى هذه الوضع المأساوي .
من له مصلحة حقيقية بالتغيير ..؟
لا شك إن كل الشعب العراقي له مصلحة حقيقية في التغيير القادم ، المشاركون في الانتخابات أو الذين سيرفضون المشاركة في الاقتراع .
فعند التغيير الحقيقي وعندما يتصدر المدافعون الحقيقيون عن حقوق الشعب العراقي وعن العراق أو عندما يكون أمور الدولة وإدارتها في متناولهم ، يستحق شيعة العراق شيئين مهمين – الأول: الشعور بأمان وممارسة تشيعهم دون تميز أو خوف وإلى الأبد - والثاني : ممارسة حقوقهم الطبيعية كموطنين وهم رأسمال الدولة الأثمن في الدولة المدنية .. دولة المواطنة.
وعند ذلك أي عند التغيير الإيجابي يستحق سنة العراق أجمل الأشياء ، ومنها الشعور بأن السلطة التي كان يمسك البعض بزمامها كذبا ونفاقا تحت أسمهم بأنها لم تغب عنهم بل هم أصحابها عندما تتحقق المساوات بين الجميع في الدولة المدنية ، دولة المواطنة ، وإنهاء أي حاجة لهم للتجييش الطائفي بدعوى الإقصاء ووضع حد لاستغلال الدخلاء لأوضاعهم الاستثنائية في ظل حكومة طائفية ، وفسح كل الأفق لكي يكونوا شركاء ثروات الوطن وشركاء صياغة سياسات البلد وشركاء بناءه .
أما الكورد عند التغيير المنشود ، فيستحقون أن يتحقق لهم كل ما ناضلوا من أجله عبر تاريخهم المرير . وأن يتحول صراعهم في إطار الدولة العراقية إلى صراع قانوني يدار بشكل عقلاني من أجل حق تقرير المصير، وتنتهي التهديدات والعربدة العسكرية المتكررة من هذه الجهة أو تلك لكي يعيش هذا الشعب حرا كريما أبيا .
ولا شك إن الأقليات تستحق أن لا تبقى أقليات في التمتع بالحقوق والواجبات ، فأبناءها ينبغي أن يتمتعوا بحقوق أبناء القوميات الكبيرة عندما يصبح التغيير المنشود واقعا ، وأن يتمتع الجميع بالمساوات في رسم سياسة بلده ، وأن يعم السلام والمحبة والتسامح بين الجميع وتوفير كل الظروف اللازمة لممارسة شعائرهم الدينية وبقية طقوسهم وما إلى ذلك .
وأن يجد العمال عند التغيير قوانين موضوعية تنظم حياتهم وحياة أسرهم و تخصص لهم معونات بطالة تكفل كرامتهم وتضمن مستقبلهم علاوة على الاستحقاقات التقاعدية و قوانين الضمان الاجتماعي وغير ذلك .
أما المرأة في ظل التغيير الجذري فإنها  لابد أن تعيش إلى جنب الرجل بمساواة حقيقية وفق القوانين التي تكفل لها حق العمل وحق الأمومة والعيش في ظل قانون مدني تقدمي للأحوال المدنية ، خاص بجميع العراقيين تكفل لها كرامتها وتمنحها حريتها في اختيار شريكها بعيدا عن الاجحاف والإكراه والقوانين الرجعية المتخلفة كالقانون الجعفري على سبيل المثال التي تهين كرامتها .
 أن يعيد التغيير المنشود الأطفال من العمل في الشارع إلى مقاعد الدراسة ، لأنهم ثروة المستقبل وهدفه وبهم يتواصل مجتمعنا مع مستقبله الأمثل .
 أن لا يكون عند التغير هناك إرهاب يتحكم بمصائرنا وأن لا يكون هناك دم مسال في شوارع بلادنا وأن لا تكون هناك جثثت مرمية في الطرقات العامة وأن يكون الجميع قادرا على ممارسة حريته وأن يعود الجيش إلى ثكناته على الحدود للدفاع عن سلامة الوطن بعيدا عن زجه في الصراعات السياسية وضرب قوى الشعب .
عند التغيير الحقيقي ينبغي أن نبني بلدا يعيش فيه أبناء الشعب العراقي في ظل قوانين مدنية .. أن يعيش العراقيون في دولة الرفاه الاجتماعي دون فقر وعوز مادي و في ظل العدالة الاجتماعية .. أن يعيش العراقيون في دولة الخدمات ويتمتعون فيها بثرواتهم الهائلة .. أن يحقق التغيير السكن اللائق لهم والشارع النظيف والدواء الشافي والمدرسة المتطورة ومتنزهات للراحة وصالات جميلة للمسرح والرقص والغناء وإتاحة كل الفرص لحرية الإبداع الفني والفكري وغير ذلك.
     
من هي هذه القوى المؤهلة لقيادة التغيير المنشود وتبني مضامينه أعلاه ...؟
قلت في اعلاه بان القوى الدينية والطائفية والعرقية غير مؤهلة لقيادة هذا التغيير رغم تبجحها بذلك ، ولكنني أرى هناك قوى مدنية ، أرى هناك قوى ديمقراطية ، أرى هناك قوى يسارية ، أرى هناك قوى وطنية ، تهمها مصلحة حقيقية في التغيير ، وهم مارسوا هذا الدور في السابق ويمارسونه في الوقت الحالي ، قوى مشهود لها بتاريخها النضالي  وتضحياتها .. مشهود لها بتفانيها ونكران ذاتها .. مشهود لها بنزاهتها ونظافة أياديها .. مشهود لها باصراها وعزيمتها .. مشهود لها بدفاعها عن مصالح الكادحين والفقراء ومصالح الشعب العراقي ورغبتها في بناء دولة الرفاه الاجتماعي ، مشهود لها بالدفاع عن المساوات بين الرجل والمرأة  .. مشهود لها بالكفاءة والخبرة من أجل تأمين انتقال العراق من الخراب إلى البناء والعمران .. مشهود لها بمواقفها ضد الارهاب ...مشهود لها بمواقفها المبدئية من حق الشعوب في تقرير مصيرها .. كل هذ القوى مؤتلفة في قائمة التحالف المدني الديمقراطي والتي رقمها 232 وفي قائمة التحالف الوطني الكوردستاني ورقمها 212 وفي قائمة الوركاء ورقمها 299 وفي قائمة ائتلاف البديل المدني المستقل في البصرة ورقمها 209 وفي قائمة تحالف النجف الديمقراطي 245 ورقمها ، علاوة على قوى وشخصيات أخرى ضمن قوائم متفرقة ، بين مرشحيها كفاءات وقدرات متميزة وعالية وسياسيين ومستقلين بارعين وظالعين بقضايا الوطن والمجتمع ، فيها من جميع الأقوام والأطياف والأديان ومختلف مناطق العراق .. هذه القوائم ومرشحيها هم أمل العراقيين وخلاصهم من مهزلة حكم الإسلاميين .. فانتخبوهم دون تردد أيها الشرفاء وأيها الغيارى على مصلحة العراق ومستقبله .
 
     
   

     

66
أنصاريات .. قواعد ومفارز وإعادة بناء تنظيمات الده شت
ناظم ختاري
في بداية نشر هذه الحلقة لابد لي أن أتوجه باعتذاري الشديد إلى قراء أنصارياتي لغيابي منذ فترة ليست قصيرة واخفاقي في أيصال حلقاتها المتبقية إليهم في وقت معقول ، واعبر عن اسفي لطيلة انتظارهم .
تنويـــــــــــــــــــــــــــه - بخصوص الحلقة السابقة ( السادسة ) نبهني الرفيق أبو داود إلى خطأ وقعت فيه عندما اشرت بأننا استطعنا الوصول إلى سوارێ في ليلة واحدة ، فقد اكد الرفيق وأنا أميل إلى رأيه بأننا بقينا مضطرين وبسبب وجود ربيئة للجيش في كانياباسكا بقينا في المنطقة الواقعة بين بێنارينكێ "Benarinke"وكانياباسكا "kanya baska"ومن هناك في الصباح الباكر قمنا باستطلاع الأوضاع ، حتى استطعنا مساءا من عبور تلك المنطقة ، ويأتي بعد ذلك كل ما ذكر في الحلقة السابقة صحيحا .
ولابد من التأكيد بأن السنوات الطويلة التي تفصلنا عن تلك الاحداث تتحمل بعض اجزاء النسيان ، فعذرا لتوريطي قرائي الأعزاء في اعتماد تلك الأخطاء رغم قلتها ، وعادة كتابة التاريخ تحتمل الكثير من الأخطاء ، حتى قال أحدهم (إن التاريخ كذب متفق عليه )، ولكنني رغم هفوة هنا واخرى هناك فانا لا أكذب عليكم ولو لمرة واحدة ، ككتاب يكتبون تاريخا غير تاريخهم وهم يكذبون بين جملة وأخرى . 
 
 
الحلقة السابعة
 
إذن نحن في قرية 1"به‌لووتێ Baluta"و التي انطلقنا منها في اليوم الثاني إلى قرية 2"گویزێ Guze" وهناك في بيت العم ابراهيم كنت مع ابو داود نتناول امور السياسة معه ونستمتع بقصصه عن الثورة وعن أولاده الثوار ، وإذا بمجموعة من الپێشمه‌ركه يدخلون علينا وسألوا ما إذا كنا أفراد من" الجيش الشعبي "أم ماذا .. وكان من بين افراد هذه المجموعة ابن العم إبراهيم واسمه حسين الذي رفض الاستسلام منذ صغره بعد انهيار الحركة الكوردية اثر اتفاقية الجزائر المشؤومة ، فاختار اللجوء إلى ايران مع شقيقه جرجيس وبقية رفاقه وهناك عاش بين أقرانه في ظروف صعبة ولكنه تمكن من حمل السلاح مرة أخرى بعد المؤتمر التاسع للحزب الديمقراطي الكوردستاني المنعقد في 1979 و الذي أوصى بمواصلة الكفاح المسلح حتى تحقيق طموحات الشعب الـ كوردي في عراق ديمقراطي يتحقق فيه حكم ذاتي حقيقي .
ولما كانوا قادمين من أجل أن يتأكدوا من هويتنا ، قال لهم العم إبراهيم هؤلاء رفاقكم الجدد من پێشمه‌رگه الحزب الشيوعي العراقي ، حيث وصلت إلى مفرزتهم الكثير من التحذيرات بوجود مجموعة غريبة في المنطقة ، فتنفسوا الصعداء ورحبوا بنا ترحيبا حارا ، وانصرف افراد المفرزة إلى بقية البيوت وبقى حسين يعرفنا بشخصه ، فبعد الكثير من النقاش المتبادل حول الوضع السياسي ومهمات الپێشمه‌رگه المشتركة ، قال حسين لوالده إبراهيم ، حان وقت  سفري ولابد لي أن اتوجه إلى إيران والالتحاق برفاقي ، حيث كان يعمل لدي وحدات الحماية في قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني ، فقال لوالده ارجو أن يكون ضيوفك كأفراد من العائلة ، ولا تفرق في التعامل بيني وبينهم بغيابي ، فقال العم إبراهيم ، أعاهدك أن يكونا بمقامك في غيابك ، تعانقنا بدفً ، وتوادعنا بحرارة ثوار ، وقال لا تغيبا عن أهلي كلما تواجدتما في المنطقة ، قلنا سنكون عند حسن ضنك ، غادرنا حسين وعانينا صمتا رهيبا لدقائق كثيرة ، وبعدها جاء مندوب من پێشمه‌رگه خالد شلي يرحب بنا ضمن مفرزته .
هكذا أصبحنا في صبيحة اليوم التالي جزءا من مفرزت خالد شلي ، محتفظين بكامل استقلالنا المعنوي والفكري والسياسي ، نروج لمواقف حزبنا بحرية تامة في قرى به‌رێ گاره ، ونشاركها الواجبات اليومية بتمامها وكمالها ، وأثناء هذه الأيام التحق عدد من شباب دهوك وقصباتها بمفرزة خالد شلي ، صمد غالبيتهم ، ولكن احدهم تنازل واستسلم بحجة ظريفة عندما قال لم أعد احتمل تناول دولمة اللهانة " الملفوف" أكثر من هذا .
تجولنا في غالبية قرى به‌رێ گاره‌ مع مفرزة الپێشه‌رگه‌ خالد شلي الذي تربطه علاقات نضالية قديمة مع قادة أنصار الحزب إلى أن استعدت مفرزة  الپێشمه‌رگه سلو خدر لمغادرة المنطقة والذهاب إلى 3"كۆماته‌" komata فأخبرنا خالد بذلك وأقترح علينا أن نلتحق به للوصول إلى هناك ، وافقنا على المقترح وتحركنا مع مفرزته باتجاه جبل متين ، ونجحنا في الوصول إلى قرى حوض متين دون مخاطر أو تعقيدات ، ومن هناك عرفنا بوجود مفرزة لنا بالقرب من قرية بێشيلى "Beshile " تنوي النزول إلى گاره وكان يقودها القائد والنصير الشجاع أبو باز، أسرعنا إليها في واد قريب إلى القرية وكان علينا أن نقرر بسرعة ، هل نبقى مع مفرزتنا التي يقودها باز ، أو نغادر إلى مقر القاطع برفقة مفرزة سلو خدر..؟ جرى الاتفاق سريعا أن يبقى اثنين منا مع مفرزة أبو باز وأن يواصل النصيرين الباقيين إلى مقر القاطع وكنت احدهما مع صباح كنجي ، حيث واصلنا رفقتنا مع مفرزة سلو إلى مقر القاطع ، هناك تعرفت قيادة القاطع على نتائج جولتنا التي تحدثت فيها سابقا عن كل ما جرى ، علاوة على قضايا لم أتطرق إليها وهي تخص الجانب الأمني لما استطعنا إنجازه وإعادة العمل إلى بعض مفاصل التنظيم في مناطق الده‌ شت .
في القاطع مكثت أياما عدة ، تقرر خلالها  تكليف أبو ماجد ليكون على رأس مفرزة أخرى ذاهبة إلى الده شت بالتنسيق مع مفرزة أبو باز ونواة هيئة حزبية تشكلت لاحقا لقيادة العمل الحزبي  في سهل نينوى ومختلف مناطق المحافظة وإعادة المزيد من المنظمات المقطوعة الصلة ونشاطها والجدير قوله فقد كانت هذه النواة متكونة في بدايتها من الرفاق أبو داود والشهيد  أبو إيفان وناظم .
ففي شهر أب أغسطس من عام 1980 عند بداية الحرب العراقية – الإيرانية استعدت مفرزة أبو ماجد هذه المرة بشكل جيد ، مستفيدة من الأخطاء والنواقص السابقة التي وقعت فيها مفارزنا ، وكان غالبية رفاقها يتميزون بحماس منقطع النظير ويأملون بخوض معارك جادة مع قوات النظام . هكذا وبعزم  لا يلين بدأت المفرزة مسيرتها نحو هدفها عبر جبال مەتين وگاره‌ والمدن والقرى الواقعة على سفوحها واخترقت خلالها العديد من خطوط الجيش المرابطة في الأماكن الاستراتيجية ، ومن الجدير قوله فإن  قوات النظام بدأت تتناقص أعدادها في هذه المناطق بسبب  حاجته إليها وإرسالها إلى جبهات الحرب ، الأمر الذي أثر بشكل ايجابي على مزاج الجماهير الكوردية والتعاون اكثر مع مفارز الپێشمه‌رگه والأنصار ، حيث لاقت مفرزتنا تعاطفا واسعا من جماهير القرى التي مرت من خلالها .. لم نتوقف كثيرا في القرى الواقعة على الطريق ، فقد كان هدفنا أن نستطيع الوصول إلى العمق لتنفيذ عمليات نوعية هناك ومناطق الده شت التي لم تصلها مفارز الپێشمه‌رگه قبل هذا الوقت من هذه الحقبة النضالية ضد نظام صدام حسين من خلال استغلال ضعف قواته وعدم قدرتها على تغطية وحماية مؤسسات الحكومة ومنظمات حزب البعث وغير ذلك ، فلذلك كان هم جميع الأنصار الدخول في تجارب قتالية ومعارك مع قوات النظام ، فكانت منطقة الـ "ده‌شت" هي المنطقة الملائمة لهذا الحماس الذي تتصف به مفرزتنا ، فلذلك تقرر أن نستعرض قوتنا ونعلن تواجدنا في قرى تلك المنطقة ، وكنت مع  أبو داود  الذي التحق بمفرزتنا بعد انفصاله عن مفرزة أبو باز في زيارة إلى قرى واقعة في عمق الـ "ده‌شت" وبالتحديد قريتا ختارة ودۆغات لغرض الاتصال برفاق التنظيمات الحزبية المقطوعة ، وهناك التقيت في بيت الرفيق العزيز 4"سمكو مراد" بالرفيقين 5 "نادر دۆغاتي " سهيل " والرفيق المرحوم 6 "حازم "شاكر أبراهيم " وطلبت منها العمل على إعادة الاتصال برفاقنا من تنظيماتنا السابقة ، ولكنهما فضلا الالتحاق بالأنصار وأصرا على ذلك كثيرا ومحاولاتي الكثيرة التي بذلتها من أجل بقاءهما لضرورات العمل الحزبي لم تنفع معهما ، فأخبرت أبو دواد بالأمر وهو بدوره وافق على رغبتهما مضطرا ، فالتحقنا بالجبل والتقينا  بمفرزة أبو ماجد مرة أخرى و كانت فرحة الرفاق بالتحاق رفيقين جديدين كبيرة ، وبعدها جاءت أولى زياراتنا الاستعراضية والدعائية إلى قرية 7 "كەر‌سافا "Karsafa" في نهار متأخر من شهر أب أغسطس ، ومن الطرائف التي حدثت في القرية قبل أن يقوم المختار بتوزيع أفراد المفرزة على بيوت القرية وقف إلى جانبه الرفيق الشهيد أبو حازم "خورشيد" وقال له مام عبدال ألا تعرفني ..؟ فقال والله لا أعرافك يا ولدي ..! فرد عليه أبو حازم أنا بيبو قوجي ، جارك من قرية خورزان . فأثار تصرف أبو حازم موجة  من الضحك بين أفراد المفرزة ، كونه كان قد حذر الجميع بعدم مناداته باسمه "أبو حازم" والامتناع عن تناول أي شيء يذكر أبناء  "كه‌رسافا" به .
خلال هذه الساعات التي قضيناها في القرية تجمعت بعض المعلومات عن أفراد الجيش الشعبي في قرية بيبان ودورهم السلبي هناك ، ولذلك بعد تناول العشاء في "كه‌رسافا" خرجنا منها وتوجهنا نحو 8"بێبان "وعند نقطة معينة ، أعلنت قيادة المفرزة  بأنها قررت  تنفيذ عملية تجريد عدد من عناصر الجيش الشعبي من السلاح ، فتم سريعا وضع خطة لاقتحام أحد البيوت في القرية من أجل ذلك ، وبعدما تم كل شيء وانقسمت  المفرزة إلى عدة مجاميع وكل منها استلمت أو عرفت مهمتها ، توجهنا إلى القرية تحت كلمة سر الليل " هذه ليلتي " وكانت المفرزة بكل أنصار وكأنها تملك كل الدنيا ، لم يكن للخوف أي مكان لدى جميع الأنصار ، فقد كان الجميع متحمسا لقبول تنفيذ أية مهمة عسكرية مهما كانت تكلفتها ، المهم وسط هذا الاندفاع والحماس الثوريان توجهت المفرزة إلى القرية لتنفيذ أولى عملياتها .
كنت من بين مجموعة الاقتحام التي كان يقودها أبو ماجد بنفسه وقد كان عددها يقارب السبعة انصار أو أكثر وبقية أفراد المفرزة توزعت على عدة نقاط حول القرية لتغطية انسحابنا بعد العملية . أبو ماجد كان يعرف بدقة تفاصيل الدخول والخروج من وإلى القرية ويعرف كل البيوت هناك كونه عاش ردحا من الزمن فيها . دخلنا إلى القرية برفقة أبو ماجد وبحذر ، وكان المنزل المقصود يقع قريبا من وسط القرية ، فكان الأمر يتطلب المزيد من الحذر، لئلا نصطدم بأخرين أو ينكشف أمرنا قبل الوصول إلى الهدف  . فعبر جدار طيني أمرنا أبو ماجد بالقفز إلى فوق أحد الأسطح والذي يشرف مباشرة على باحة المنزل المقصود ، كانت هناك على السطح غرفة صغيرة ، وقبل النزول إلى باحة المنزل شعرت بأصوات خافته قادمة من تلك الغرفة ، فنبهت أبو ماجد بالأمر فعرفنا بوجود رجل وزوجته على فراشهما ،  فقرر على الفور ابقائي على السطح لحماية مجموعة الاقتحام ومنع من كان هناك من أية حركة قد تؤدي إلى فشل مهمتنا ، وأكد رغم كل شيء فإن هذه العائلة غير مؤذية ، وكانت هذه الغرفة هي لذلك الرجل وزوجته وينامان هناك عند هذا الوقت  من السنة ، فعند نزول أبو ماجد وبقية أفراد المجموعة حذرت ذلك الرجل من أية حركة يقوم بها وأمرته بالبقاء في فراشه ريثما تنتهي مهمتنا ، فالتزم الرجل وزوجته بتحذيري الصارم دون أن يصدرا أية حركة .
بقيت أراقب وصول أبو ماجد ورفاقه إلى باب أحدى الغرف لساكني المنزل ويدي على زناد بندقيتي الكلاشينكوف للرد على أي مصدر يشكل خطرا على المجموعة ، وما أن وصل أبو ماجد إلى باب أحدى الغرف حتى طرقها وحذر من فيها من أية مقاومة وقال نحن أنصار الحزب الشيوعي ، لا نريد ايذاءكم ولكننا نريد سلاحكم والكف عن التعاون مع السلطة ، وقال إن المنزل والقرية مطوقان بشكل محكم ، وبعد دقائق سريعة ُفتح الباب وخرجت امرأة كبيرة بالسن، كانت مرتبكة جدا ومرعوبة وحاول أبو ماجد التخفيف من روعها ولكنها لم تكن تتمالك نفسها وتوسلت إلى أبو ماجد وكررت بأنه لا يوجد أحدا من أولادها في البيت ، ولما لم تدل بأية معلومة تثق بها المجموعة كان لابد من تفتيش غرف المنزل كلها ، ورغم ذلك فلم تعثر على أي أثر لمسلحي هذه العائلة ، مما اضطر أبو ماجد على اعطاء مجموعته أمر الانسحاب ، وحذر المرأة من أية أصوات أو صراخ او طلب نجدة ، فغادرت المجموعة المنزل عبر نفس طريق الدخول ، حيث قفزنا من ذلك السطح بعدما حذرت بدوري ذلك الرجل وزوجته من صراخ أو ما شابه .
خرجنا من القرية دون أن نحقق أي شيء في اول عملية لنا ، فشعرنا بخيبة أمل وكان لابد من تجاوزها وإطفاء جذوة الحماس الموقدة في دواخلنا من خلال تنفيذ مهمة عسكرية وتوجيه ضربة إلى  أحدى مرتكزات النظام ، فاجتمعت المجموعات في نقطة محددة بين قرية "كه‌رسافا" وقرية بێبان وهناك امتنع الرفاق من العودة إلى الجبل قبل تنفيذ عملية ما حتى ولو كانت دعائية ، إذ قال الجميع لا انسحاب من هنا دون عملية عسكرية .
وكان رفاقنا في التنظيم قد زودونا بمعلومات عن مقر تللسقف لمنظمة حزب البعث ، فطرحنا الأمر كهدف يمكننا تحقيقه ، وجرت مناقشة سريعة حوله وسرعان ما جرى الاتفاق على ضربه في اليوم الثاني ..
وللقصة بقية
الهوامــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــِش
1"به‌لووتێ Baluta" . من قرى به‌رێ گاره‌ ، قدم أبناءها كل ما في استطاعتهم لأجل الثورة وأنتصار قضية الشعب الكوردي ، والقرية معروفة بتبوغها المتميزة وخبزها وطيبة أهلها .
2"گویزێ Guze" من قرى به‌رێ گاره‌ أيضا .. وهي أول قرية ألتقيت فيها بـ پێشمه‌ره‌گه‌ الحزب الديمقراطي الكوردستاني مع رفاقي اللذين  تحدثت عنهم  بعدو عودتنا من الده شت في هذه الحلقة أعلاه . وتفيد الأنباء بأن قوات النظام أقدمت على اعدام عدد كبير من أبناء القرية أثناء عمليات الأنفال . 
3"كۆماته‌" komata كلمة اشورية للوادي الذي كانت تقع فيه مقراتنا ..حاولت جاهدا معرفة معنى كۆماته ولكنني أخفقت .
4"سمكو مراد"  من أوائل الرفاق اللذين تم الأتصال بهم وهو أول من قام بأخطر مهمة حزبية تحدثت عنها في حلقة سابقة، وفي الانتخابات المحلية السابقة كان من بين مرشحي الحزب لمجلس محافظة نينوى ، فرغم حصوله على اصوات تؤهله للفوز بمقعد إلا أنه كان ضحية التلاعب الذي حصل في اقتراع مناطق ترشحه .   
5 "نادر دوغاتي " سهيل "  وهو نادر محمود من قرية دۆغات اسمه الحركي "سهيل " وينحدر من عائلة شيوعية ، عملنا معا منذ أيام الشباب في خلايا اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي  وثم في الخلايا الحزبية إلى فترة افتراقنا أثناء الحملة التي تعرض لها حزبنا على يد الأجهزة الأمنية لنظام صدام في عام 1978 . وفي أول لقاء لي معه ألتحق بصفوف الأنصار مع المرحوم شاكر ، ولكنه ترك الأنصار بعد أكثر من أربع سنوات  من تاريخ التحاقه في ظل ظروف معقدة ، ثم ترك الوطن طالبا اللجوء في ألمانيا والتي يعيش فيها منذ 1999 .   
6 "حازم "شاكر أبراهيم "  من عائلة شيوعية وهو أبن شقيق الشهيد ابو فؤاد وعمه سليمان سعدون وهو أيضا من شهداء الحزب ، وشاكر من أصدقاء أيام شبابي ، فألتحق بالأنصار في اول لقاء لي معه كما أوضحت في أعلاه ، واصل كفاحه في صفوف الأنصار لسنوات عديدة ولكنه عاد إلى قريته دۆغات  في ظروف صعبة ، و في 1999 لجأ إلى ألمانيا وهناك توفي أثر حادث سير مؤسف .مخلفا وراءه زوجته و بنتين علاوة على أبنه الذي ولد من بعد بعدة شهور .   
7 "كەر‌سافا "Karsafa"  وهي من القرى التابعة إداريا إلى ناحية القوش . تعرضت هذه القرية مع خورزان في ظل السنوات الطويلة من كفاح الپێشمەرگه إلى الخراب والتدمير لعدة مرات .. وقدمت القرية عددا كبيرا من الشهداء في صفوف مختلف الأحزاب المشاركة في عملية الكفاح المسلح ضد الأنظمة الشوفينية والدكتاتورية المتعاقبة بما في ذلك حزبنا الشيوعي الذي كان يملك تنظيما قويا هناك خلال مختلف المراحل . ونظرا لخدماتها الكثيرة إلى الثوار قامت السلطات بتدميرها مع خورزان تدميرا كاملا وهجرت سكانها إلى مجمعي شێخكا ونصيرية ، ورغم زوال النظام الدكتاتوري فإن القريتان لم يتم  إعادة بناءهما لحد الآن.
 "بێبان " وهي قرية تابعة إلى ناحية ألقوش أيضا . تقع في خط فاصل بين مناطق نشاط الأنصار ونشاط مفارز السلطة ولكنها رفدت الأنصار والبيشمه ركه بأبناءها وسقط عدد منهم شهداء في معارك الشرف . 
                     
 
 


67
المنبر الحر / وما هو القبض .. ؟
« في: 18:20 31/07/2013  »

وما هو القبض .. ؟
ناظم ختاري
إنه سؤال كبير رغم قصره ،  يردده عدد كبير من الناس والغالبية منهم بنية صافية ولكن هناك من يريد النيل من سنوات نضالنا وإلحاق الأذى بعوائلنا وحرف اعتزازها بماضي أبناءها وتحويله إلى حقبة سوداء وحماقة ارتكبوها ، حتى أصبحت سببا لمعانات لانهاية لها وحرمانها مما ينعم به الآخرون حتى ولو كانت مواقفهم معادية للحركة الكوردية والحركة الديمقراطية العراقية ووقفوا بكل قوتهم وقناعاتهم إلى جانب النظام البائد وألحقوا الكثير من الأذي بالمناضلين وعوائلهم ، نعم إنه سؤال يعترضني كثيرا ، يعترضني عندما أدون حكايات الأنصار على صفحات النت بمواقعها التدوينية والاجتماعية التغريدية ، ويعترضني عندما أكون بين أصدقائي فأنفض عن نفسي في جلسات الشرب والسكر والطرب وحتى جلسات الحزن غبار معركة استمرت لأكثر من 15 سنة في البيشمه ركايه تي ، ويعترضني عندما أدافع عن قضية بين الجموع اقتنعت بها وأفنيت شبابي في الطريق إليها ، ويعترضني عندما أكون بين تلك العوائل التي كانت تحفر مخابئنا في ثنايا قلوبها وتقدم لنا ما تعجز عن تقديمها ، ويعترضني عندما أكون بين أفراد اسرتي الكبيرة التي لم تشبع استقرارا في مكان واحد  منذ أن خطت قدماي وبقية أخوتي خطواتها الأولى نحو الجبل "الأشم "، واعترضني هذا السؤال مرة أخرى بعدما نشرت صورة شخصية تعود إلى تلك الأيام قبل فترة قصيرة حيث قال عنها صاحب السؤال ..  عزيزي صورة جميلة ولكن ما هو القبض ..؟ وحينها عاهدته أن أجيب على تساؤله بمقالة ، وخلال الأيام  القليلة الماضية ، وجدت الرفيق رزكار عقراوي يعترض على استلام بعض الأنصار لرواتب تقاعدية فوضع تضحياتهم الغالية في الميزان ورجح الكفة لغير صالحها في موضوعه النضال بمقابل ، حتى هب العديد من الأخوة والرفاق دون وجه حق لنهش لحمنا ومحاولة انتزاع اصرارنا الذي صمد منذ سنوات طويلة .
وهنا بالضبط أصبحت شخصيا أمام سؤالين نقيضين ومن طرفين نقيضين لقضية واحدة ، السؤال الأول وكما قلت يأتي عادة من المخلصين والشامتين على حد سواء ، ومفاده ماذا قبضت جراء كل ما أقدمت عليه في الجبل ..؟ مع تعليقات كثيرة ، فالمخلصين يقولون  الجحوش أصبحوا أكثر تقديرا منكم ، وعملاء السلطة اصبحوا اليوم يديرون الأمور وعليك أن تذهب وتتوسل إليهم حتى ينفذ لك معاملاتك في دوائر الدولة ، أما الشامتين ، فيقولون في العادة وماذا حصلتم من نضالكم ضمن صفوف حزب لا يستطيع توفير راتب بسيط لأعضاءه المناضلين وعوائلهم وغيرها من التعليقات المرة ، فمثلا قال أحدهم ذات يوم بعد سقوط النظام أي أحد  الذين كانوا يحملون صفة الرفيق في حزب البعث  موجها كلامه لأحد افراد عائلتي ، ألم اقل لكم بأنني سأكون أكثر منكم  تقديرا بقد سقوط النظام والآن أنا مناضل فمن أنتم ..!!!.
 والسؤال الثاني جاء من الأخ رزكار لاعتبارات يقدرها هو، ولكن وقف معه هذه المرة من لا يقدر قيمة التضحيات التي قدمها  ألأنصار ،  ومفاده لماذا تقبض ثمنا لما أقدمت عليه في الجبل ..؟ مع تعليقات كثيرة مثل الأنصار مرتزقة وهذه الرواتب التقاعدية هي رشوة من الأحزاب الكوردستانية لإسكاتهم وبهذا ينحسر دور اليسار وغيرها الكثير .
عليه أيها ألناس ، أيها الأصدقاء ، يا قراء تاريخ أكتبه ببساطة تامة عن إقدام مجموعات كبيرة من الشيوعيين لخوض تجربة نضالية أعتبرها معجزة لم يستطع الآخرون التفكير بها والتقرب إليها في ظل وضع معقد ، ويا ايها الناس الذين دافعت بين جموعكم عن قناعتي في مختلف المناسبات وفي مختلف الأماكن ، وأيتها العوائل التي ظلت قلوبها تخفق بعنف لسنوات طويلة خوفا علينا وحبا بنا ، أيتها الأمهات وأيها الآباء ، ويا أيها الشيوخ ، وأطفالا كبروا ويعترضهم نفس هذا السؤال الذي يعترضني ، ويا أفراد اسرتي التي امتنعت كل أطقم حكومتينا في أربيل وبغداد من أعلى أعاليها وإلى أسفل سافليها حتى كتابة رسالة امتنان لكم ، ويا رفيقي العزيز رزكار عقراوي سأحاول أن أقول لكم في السطور القادمة ، ماذا قبضت ولماذا أقبض ..!
إذ عندما كنت أستعد لتحويل اعتراضي ورفضي لممارسات البعث إلى تمرد في جبل كبير كجبل كاره لم أكن اتحمل بقدر كافي مسؤولية قناعتي بهذا الاستعداد ، ولكن عاطفتي وطموحي ورغبتي و حبي وإعجابي بقادة شيوعيون من أقصى شمال الكرة الأرضية وإلى جنوبها ، وبمناضلين من أمم مختلفة من شعوب كوكبنا الجميل الذين سطروا الملاحم من أجل التحرر و الانعتاق ، وشيوعيون أبطال من حولنا ، من قرانا ومناطقنا ومن بلادنا ، وعزيمة أشقائي وبقية أفراد أسرتي هي التي دفعتني وحفزتني لخوض تجربه كنت أحلم بها ، وها أصبحت  تلك التجربة في متناول اليد بعدما أقدم نظام صدام حسين على تنفيذ حملته الشرسة ضد منظمات الحزب الذي أنتمي إليه وأعمل فيه دونما كلل أو ملل أو مهابة أو خوف أو ما إلى ذلك ، وإذا كنت كذلك في ذلك الوقت وسنوات عمري القليلة تقودني إلى الهفوات ، فأنا اليوم أعلن عن قناعتي التامة بما أقدمت عليه ، ولو تحققت تلك الأجواء السائدة في ظل الظروف الحالية لاخترت نفس هذا الطريق الذي سرت فيه منذ أكثر من ثلاثة عقود مضت ولحملت بندقيتي بنفس ذلك الاندفاع ولكن في هذه المرة مسنودا بقناعة فكرية صقلت بقدر كافي عبر تلك السنين والتجارب القاسية .
وهنا بودي أن أشير أيضا ، إنه عندما كانت عاطفتي هي التي قادتني إلى الجبل ورغبتي هي التي دعتني لحمل سلاح الشرف ، وعندما أصبح أبطال أساطير نضالات الشعوب  منارا هاديا لي ، وعندما رفضت مع رفاقي قبل غيرنا دكتاتورية صدام ، والتي أمدت لنا سيرورة النضال ومواصلته ، لم يكن في البال عندها بأننا سنقبض ثمنا لسنوات نضالنا ، بل لم نكن نحلم أن نعيش إلى يوم انتصار قضيتنا ، وههنا أسألكم أيها المختلفون ، ببساطة ، من منا كان يفكر بثمن نضاله وآلاف الجنود  والمرتزقة ، كانوا يملئون وديان وقمم جبال كودرستان ويقتلوننا يوميا هناك ، من منا كان يفكر بثمن نضاله وملايين الطلقات كانت تتجه  يوميا نحو صدورنا والكثير منها كانت تخترقها وتوقعنا قتلى وموتى وجرحى ، حتى ضاعت قبور الكثيرين منا في هذا الوادي وذلك النهر وتلك القمة في شتى أرجاء كوردستان ، من منا كان يفكر بثمن نضاله ونحن كنا نواجه نظاما بشعا يستخدم كل قذارته وأدواته ، لقتلنا ونحن كنا نعلم بهذا ونتصدى له بجرأة لا تلين ، من منا كان يفكر بثمن نضاله ونحن كنا نموت بالسلاح الكيمياوي ، من منا كان يفكر بثمن نضاله وأفواجا من مسئولي العهد الحالي في كوردستان والمركز كانوا في المرصاد لنا ويتقدمون فرق الجيش والمرتزقة ويدلونها على مواقعنا النضالية ، ويتحرون عنا في كل زوايا بيوت عوائلنا وحتى مهود أطفالها ...؟!
نعم هكذا كنا ولما نزل ، لم نكن طلاب امتيازات ورواتب تقاعدية ، وإنما طلاب قضية ، تلك التي توصل شعبنا إلى بر الأمان وإلى الرفاهية ، وتعيد له حريته المسلوبة ، وثرواته المنهوبة ، وكرامته المستباحة ، ومن هنا كنا نشعر إن من سيبقى منا على قيد الحياة سيعيش بين أبناء شعبه وكما أبناء شعبه متنعما بخيرات بلده دون امتيازات وفوارق فاحشة ، بل كان يحدونا الأمل أن نستطيع مواصلة جهدنا وصرف كل طاقاتنا لخدمة بناء بلدنا المدمر وبناء انسان حر يعترف لأخيه وشريكه في الوطن حريته وحقه واختياره في كيفما يعيش وأينما يعيش .
وها يسقط هذا النظام ، ويأتي بديله على عكس طموحنا ، ففي الانتخابات البرلمانية الأولى التي جرت في كوردستان أخفقنا نحن الشيوعيون في الوصول إلى البرلمان وعندها شعرت شخصيا بمرارة لا تطاق لأنني أدركت الخلل منذ تلك اللحظة وعرفت إن كوردستان بكل ما فيها وحتى حزبها الشيوعي الذي تأسس فيما بعد ، سائرة في دربها  إلى التقسيم بين الحزبين حتى أصبحت ملكيتهما الحزبية ، يتصرفان بها كيفما يشاءا و تقاتلا كل على حصته دون وازع من ضمير في حرب اقتتال اخوة كلفتها دما ثمينا وأموالا باهظة .
وفي المركز يصبح بريمر خليفة دكتاتور العراق ويصبح هو من يقرر مصير بلد ملأت شوارعه دماء ابناءه حتى جاء ببديل مشوه لا يتفق مع حجم تضحيات الشعب العراقي ، مشوها النضال التقدمي لأبناء الجنوب واضطهادهم التاريخي ونضال القوى الوطنية الحقيقية في عموم العراق وأوصد الأبواب في وجه بديل ديمقراطي يليق بتضحيات شعبنا ، وكنا نحن أنصار الحزب الشيوعي العراقي  جزءا أساسيا من قوام هذا البديل المنشود .
رغم كل هذا بدأت الأمور تميل إلى استقرار على الأقل في كوردستان دعمنا  نحن انصار الحزب الشيوعي والشيوعيين بغالبيتهم الجوانب الإيجابية فيه وعبرنا عن عدم ارتياحنا لجوانب أخرى نظرا لما فيه من تعرجات جادة تتطلب معالجات جادة ، ولكنه رغم ذلك فإن هذا الاستقرار ظل ثابتا ، و على أثره بدأ الحزبان يمنحان أنصارهما الحصص والامتيازات وأصبحت ألأمور في هذا الاتجاه اكثر توسعا بعد سقوط النظام البائد ، حتى بات العديد من الأشخاص العاملين في الحزبين يتحولون طبقيا بعدما استحوذوا على الكثير والكثير بفضل قرارات البرلمان الكردستاني الخاصة بهذا الشأن  أي انجاز الرواتب التقاعدية  للبيشمه ركه علاوة على امتيازات أخرى استفاد منها حتى أعداء الحركة التحررية الكوردية المنضوين تحت لواء الأفواج الخفيفة " الجحوش " ، وعناصر متنفذة في أجهزة أمنية من الكورد قدموا خدماتهم على مدى سنوات طويلة للنظام البائد .
الأمر كان كذلك والشعب العراقي عاش تجربة مريرة  من الحرمان  في ظل الحصار الدولي ، وأكثر من عانى صعوبات تلك الفترة ولم يتعافى منها حتى الآن هي العوائل الشيوعية وخصوصا تلك التي كان لها أفرادها  في صفوف أنصار الحزب يقاتلون ضد النظام الذي كان يغلق كل الأبواب في وجهها وتزيد من حرمانها والضغط عليها ومحاربة مصادر رزقها  ووظائف أبناءها حرمانهم من مواصلة دراستهم وغير ذلك الكثير ، وإزاء هذا كان لابد أن يلتفت الأنصار الشيوعيون إلى ثمرة نضالهم والاستفادة منها اسوة بأقرانهم من الأحزاب الأخرى التي تنكرت لدورهم في الكفاح المسلح وتضحياتهم الجسيمة خلال تلك الحقبة ، حتى تحركت رابطتهم لشمول أنصار الحزب برواتب تقاعدية ، وتحقق هذا على مدى سنوات طويلة للعديد منهم ولكن بقييت اعداد كبيرة منهم وممن عانى وساهم في عملية الكفاح المسلح محرومة من هذا الحق المشروع ، وفي الواقع  كنت وأحدا ممن طالب منذ البداية مع أنصار آخرين يشعرون بحجم حاجة عوائل أنصارنا إلى مصادر تعيلها شريطة أن تكون مقننة ، إذ ليس من المعقول أن تبقى هذه العوائل المضحية تكابد الحرمان والجوع ، دفاعا عن مبدأ نضال دون مقابل ، فإذا كان مثل هذا الأمر متاحا في السنوات السابقة وفي مرحلة ما والتي كانت تختلف تماما عن متطلبات المرحلة الحالية في الجانب المعيشي والأوضاع الاقتصادية لم تكن تشكل على الإفراد كثيرا من الضغط ،  فإن كل ذلك  لم يعد متاحا الآن ، حتى وإن رفضته كل التقاليد والقوانين الثورية المتعارف عليها في ظروف سابقة ، ولكي يكون بمقدور المناضلين مواصلة مشوارهم لابد لهم من الاستفادة من الأوضاع المستقرة وإعانة عوائلهم وفقا للمتاح وهذا هو القانون والتقليد الثوريان،  وليس سواهما الذي يدعو إلى تجويع عدد كبير من الأطفال والنساء والشيوخ ، و ننتظر على وفق المثل الشعبي الدارج "عيش يا كديش حتى يطلع الحشيش"  فكيف يمكن لهؤلاء الجائعين في ظل وضع مشوه قائم على أرض الواقع دعم الفعاليات النضالية وحتى الاقتناع بها  ، ويرى من حوله يعيش لنفس السبب ببحبوحة غير مسبوقة ، ويبذل هؤلاء وبدعم من الأحزاب الكوردستانية المتنفذة قصارى جهدهم العمل في اتجاهين .
الأول ، وضع العديد من العراقيل أمام أحقية عوائلنا وأنصارنا في الحصول على امتيازاتهم وحقوقهم بما فيها الحقوق التقاعدية اسوة بأقرانهم من الأحزاب الآخرى .
الثاني ، تحريض هذه العوائل على أبناءها وحزبهم الذي لم يستطع تلبية حقوقهم في رواتب تقاعدية وبقية الامتيازات ودعوتها إلى الانتقال والانتماء إلى أحزاب السلطة لتنفيذ مستحقاتها النضالية من خلال إنكار تاريخها وتاريخ أبناءها .
إذن إزاء هذا الواقع والسؤال الذي يعترضني منذ سنوات عديدة وما هو القبض ، أستطيع القول باطمئنان بأنه يمكنكم أن تسألوا حكومة إقليم كوردستان ، أين تشريعكم القانوني بخصوص البيشمه ركه ، حقوقهم ، امتيازاتهم ، رواتبهم التقاعدية ..؟  ولماذا التمييز بين مناضل وآخر بسبب انتماءه الحزبي ..؟ ألم يكن نضالكم يستهدف قلع جذور هذا التمييز ، فلماذا تكرسوه الآن وأنتم في السلطة ..؟ ألا تشعرون  أو تخشون إنه سيأتي يوما وأحفاد هؤلاء المغدورين سيطيحون بكم ..!   
وأما عن ما أثاره الرفيق رزكارعقراوي " نضال بمقابل " فأعتقد إنه لم يعد يصلح في ظل الظروف الحالية وليس بوسعنا فرض تقاليد ثورية صالحة لفترة نضالية سابقة على واقعنا الحالي الذي لا يقبل بغير تقاليده الثورية المتجددة والتي يتطلبها الظرف الحالي ، إذ ليس هناك من تقليد ثوري يتطابق مع كل الظروف ، ولذلك إذا كانت هناك بعض الثورات رفضت مكافأة مقاتليها في ظرف تاريخي محدد فإنها كافأتهم في ظروف أخرى ، وأنصار الحزب الشيوعي السوفيتي الذين تصدوا للجيش الألماني النازي خلال الحرب العالمية الثانية جرت مكافأتهم بهذا القدر أو ذاك وجنود الجيش السوفياتي الذين خدموا في الخارج كوفئوا ايضا بامتيازات معينة ، وحتى في العديد من البلدان العربية تجري الإشادة بدور قواتها المسلحة ويجري منح أفرادها مكافآت ومنح مالية ورواتب تقاعدية تقديرا لجهودهم وتفانيهم في الدفاع عن قضايا أوطانهم ، وحتى في العراق حصل غالبية "الجحوش " وجنود الجيش العراقي السابق على رواتب تقاعدية .
وإذا كان هذا التقليد الثوري الذي يدعو إليه الرفيق رزكار يصلح لواقعنا المعاش في العراق في جانب معاشات الأنصار التقاعدية ، لكانت بقية  التقاليد الثورية ايضا صالحة لتغيير الواقع السياسي فيه .
ومما يؤسف له فإن هناك العديد ممن يتصيدون بالماء العكر اصبحوا يستغلون موقف العزيز رزكار للنيل من كفاح الأنصار الشيوعيين وحزبهم الذي يتعرض إلى كبوات وأخطاء في ظل ظروف سياسية معقدة ، لا يستثني منها أي حزب شيوعي آخر في مختلف بلدان العالم ، مع إدراكي بأن قيادة الحزب وكل الحزب تتحمل أو يتحمل مسؤولية هذه الكبوات والأخطاء بقدر معين سواءا كان هذا القدر كبيرا أم صغيرا ، وهنا لست بوارد الحديث عن هذا الموضوع .
ولكن لنعرج قليلا إلى الجانب القانوني بخصوص هذا الأمر ، إذ هناك العديد من القوانين الدستورية في العراق يمكن وفقا لها أن يحصل كل متضرر من النظام البائد على حقوقه الضائعة عن طريق التعويض ، كقانون مؤسسة الشهداء وقانون تعويض المتضررين من النظام السابق وقانون تعويض ممتلكات المتضررين من قبل النظام البائد وهذه القوانين تشمل من فقد وظيفته ومن فقد بيته ومن فقد مستقبله ومن فقد أفراد عائلته وغيرها الكثير ، وهنا لابد لي أن أسأل ، هل بوسع من يعترض على الرواتب التقاعدية أن يدلني على أناس أكثر تضررا من الأنصار الشيوعيين من النظام البائد ..؟؟ 

                       
   


68
أنصاريات .. قواعد ومفارز وإعادة بناء تنظيمات الده شت
ناظم ختاري
الحلقة السادسة

ها هي الأيام تمر ببطء شديد تحملنا فيها ما لا يتحمله جبل من هموم ومصاعب في التنقل وتعريض حياة العوائل إلى الخطر والبحث عن رفاق للعمل والسلاح للعودة وغيرها الكثير وها يعود صباح وأبو خلدون إلى قه نته رى "Qantare " ويلتقيان بنا عن طريق صدفة جميلة ، فقد كنا على أتم الاستعداد للتوجه إلى الجبل عند حلول الظلام ، الأمر الذي كان يؤرق عوائلنا ومن رافقنا والذين تابعوا رحلتنا وحرصوا على سلامتنا خلال هذه الجولة ، ولولا وصولهما في الوقت المناسب لأصبح موقفهما أصعب بكثير ، فبالنسبة لنا كان بإمكان أبو داود إيصالنا إلى جبل بيرموس ومن هناك كان ينبغي أن نعتمد على معرفتنا البسيطة التي اكتسبناها أثناء نزولنا ضمن المفرزة التي تحدثت عنها في الحلقات السابقة ، ولكن كل من صباح وأبو خلدون لم يكن يملكان أية معلومات عن طريق يوصلهما إلى منطقة "بيرموسPir Mus "  للاستفادة من طريق النزول إلى الده شت والوصول إلى كارا  Gara .
رغم كل تلك الأحداث التي مررنا بها شعرنا بفرح لا يوصف بعودة صباح وأبو خلدون سالمين، فأصبح مجموعنا أربعة أنصار الأمر الذي زادنا عزيمة وإصرار لتنفيذ خطتنا في بدء مسيرتنا والعودة إلى الجبل ، فبالرغم من حصولنا على 4 قطع كلاشينكوف فقد كان عدد مخازن العتاد قليلة والعتاد نفسه كما ذكرت في الحلقة السابقة كان متآكلا علاوة على عدم كفايته عند الدخول في معركة مفروضة أو للدفاع عن أنفسنا في الحالات الطارئة مع شكوكنا الشديدة في بقاءه صالحا للاستخدام ، ولكن لم يكن في اليد حيلة ، عملنا من أجل استغلال الوقت المتبقي على تنظيفه وتنظيف السلاح وإزالة الصدأ منه ، وفي هذه الأثناء تحدث لنا كل من صباح وأبو خلدون عن رحلتهما والصعوبات والمخاطر التي اعترضتهما في التنقل بين (1) "كه له ك Kalak" و بحزانى "Bahzane" و الموصل وتحدثا كثيرا عن المواقف المحرجة التي تعرضا لها خلال هذه الفترة التي أمضياها هناك ، وبدورنا تحدثنا لهما عن معاناتنا والمصاعب التي اعترضتنا والتي دفعتنا لاتخاذ قرارنا بالعودة إلى الجبل ، لم نشعر كثيرا بوطأة الوقت فقد كان يمشي سريعا ، فألف قصة وقصة حكيناها في هذا النهار عن هذه الرحلة التي كانت أشبه بمغامرة حقيقية ، وضعنا خطة للوصول إلى كارا "Gara" مهتمين بالدرجة الأساس على المرحلة الأولى والتي سيقودنا فيها أبو داود إلى منطقة بيرموس"Pir Mus "  ومن هناك سيخفف الضغط عنه لأننا أيضا سنتحمل مسؤولية اختيار الطرق التي توصلنا إلى جبل كارا"Gara" باعتباره منطقة آمنة ، اقترب موعد الغروب وبدأ موعد الحركة المتفق عليه ، فانتقلنا بين المنخفضات التي أوصلتنا إلى التلال المسيطرة على قرية (2) "مه كه نان Makanan " ، فمن هناك يتسنى لنا مراقبة الطريق الذي يمر عبر قرية(3)" بيبان Beban " أو محيطها وثم الوصول إلى أطراف خورزان (4)"Khorzan"وكه رسافا"Karsafa" وكلما كان الظلام يخيم على المنطقة كنا نتجنب المنخفضات ونتخذ من الأراضي المكشوفة طريقا لنا ، لم نعاني صعوبات كثيرة ولا اعترضتنا خطورة ما خلال هذه التجربة واستطاع ابو داود بجدارة ايصالنا إلى قمة جبلية في منطقة بيرموس"Pir Mus" ، اتخذنا من بقعة وعرة وحصينة وكثيفة الأشجار مكانا للاحتماء فيها بعد رحلة استغرقت الليل بكامله ، قبل حلول النهار بقليل قطعنا بعضا من أغصان أشجار البلوط ورتبنا مواقعنا بين الصخور للبقاء فيها نهارا ، كانت القمة تسيطر على قرية  جه مانى "Chamane " من جهة الشمال وعلى قرية بيرموس والقرى المحيطة بها مثل (5)"خوركي  "Khorkiوغيرها من جهة الجنوب ، كنا نحتاج إلى النوم كثيرا، فتناوبنا على الحراسة والتزمنا عدم الحركة لتجنب الكشف والحيلولة دون أن يترصدنا أحد.
وعندما اقترب وقت الحركة بدأنا بحذر نعد العدة لقطع مسافة طويلة نصل بها إلى بر الأمان وتأكدنا من أننا سنكون قادرين على معرفة الطريق إلى النهاية ولكن لم نكن متأكدين من إنه سوف يكون آمنا ، فقد كانت احتمالات الوقوع في كمائن الجيش أو الجحوش واردة في أي وقت وكان من شأن تعرضنا لأي كشف لدى عملاء السلطة أن نلاقي أسوأ الاحتمالات ، ولكن كل هذا لم يحصل عندما عقدنا العزم على مواصلة السير في تلك الليلة والوصول إلى آفوكى أو سوارى على الأقل ، بين كل مسافة وأخرى كنا نراجع انفسنا فيما إذا كنا نسير في وجهة صحيحة ، لم نشك أبدا إننا أخطأنا الطريق ولكننا أفترضنا إننا سنتأخر في الوصول إلى المنطقة المحددة ضمن برنامجنا ومخططنا ، وفعلا عندما وصلنا إلى أطراف قرية سوارى Sware" "بسط النهار ضوءه في يوم جديد على كل أرجاء المنطقة فوجدنا من الخطورة بمكان مواصلة السير إلى أفوكى " Avoke " من هناك في مثل هذا الصباح ، وبقينا نقارن بين مخاطر المواصلة والبقاء في بساتين سوارى Sware" " كي ينقضي النهار لتكملة المشوار ، فتقرر البقاء بعد ذلك وبعد أن شعرنا بالإرهاق وعدم القدرة على مواصلة السير ، اتخذنا من أحد البساتين الواقعة إلى الجنوب من القرية والمشرفة عليها موقعا للبقاء فيه إلى المساء على أن نتوجه إلى القرية عند حلول الظلام ، ذلك للحصول على المؤن والأخبار عن تواجد مفارز البيشمه ركه  في المنطقة ، ولكن ما أن اقتربت الساعة من العاشرة صباحا حتى جاء شاب من أهل القرية يتجول هناك لغرض الصيد واكتشف امرنا قبل أن نتمكن من الابتعاد عن أنظاره ، فرح الشاب كثيرا وجلس معنا وقال كانت أمنيتي أن أجلس مع البيشمه ر كه بعدما تأكد فعلا من أننا منهم ، وعندما حان موعد الأكل انشغلنا بإعداد ما تبقى من خبز يابس في حقائبنا علاوة على بعض المعلبات  المتبقية ، ولما وجد الشاب إن مائدتنا فقيرة اقترح أن يذهب إلى القرية ويطلب من والدته غداءا أفضل ، حاولنا منعه والعدول عن رأيه ولكنه أصر على الذهاب . نحن كنا نخشى من تسرب أي خبر منه حول وجودنا في هذا المكان بنية صادقة أو غير صادقة ، فكان يمكن أن يكون ثمنها باهظا ولكنه كان واثقا من نفسه وإخلاصه وصدقه في أن يقدم خدمة مميزة لنا في ظل وضع مليء بالمخاطر .
إصرار هذا الشاب وضعنا في موقف محرج ، ولأجل أن نقرر ما إذا كنا سنسمح له في أن يحقق رغبته صرنا نتحدث باللغة العربية فاتفقنا بعد قليل من النقاش أن نسمح له بالذهاب إلى القرية ، وقلنا إذا كان الرجل صادقا فسنتناول غداءا طيبا وإذا كان غير صادق فربما سندخل  في معركة البقاء أو الموت ، وقلنا إذا كان لنا أن نصل إلى هنا مرة أخرى ونحيا بعد كل تلك المخاطر ، فلن يتحقق موتنا على  يد شاب كله حماس وفرح برؤيتنا .
ذهب الشاب والذي نسيت أسمه للأسف الشديد إلى القرية ونحن أيادينا على قلوبنا .. هل سيجلب لنا الغداء ويعود مع طيبته التي أظهرها لنا أم سوف لن يعود وإلا بالطائرات تحلق فوق رؤوسنا  .. انتظرنا قدومه بقلق شديد وعندما عاد كان يحمل معه بعض الطعام الذي كان عبارة عن قدر صغير من الرز كان مطبوخا بطريقة ممتازة علاوة على عدة أرغفة من خبز تلك المنطقة الطيب جدا ومعلومة خطيرة جدا ، مفادها إن قوة من الحجوش وصلت إلى القرية وقال لم نتأكد من سبب وجودها ، ونحن من طرفنا تصورنا أن سبب وجودها هو استهدافنا بعد وشاية أو ما شابه ذلك ، فعلى الفور اتخذنا استعداداتنا للانسحاب من المنطقة وكنا بحاجة إلى مساعدة الشاب ولكنه اقترح أن نتناول الطعام الذي جلبه لنا وثم نبدأ بالانسحاب ، بعدها أكدنا له بأننا بحاجة إلى مساعدته وإدلاءنا على طريق بعيد عن أنظار قوة الجحوش ، بعد تردد رافقنا إلى مسافة محددة ابتعدنا خلالها عن القرية وشرح لنا كيفية الوصول إلى آفوكى Avoke"".
اتخذنا من سفح الجبل الذي يفصل سوارى Sware" "عن باك باكى " Bak Bake" طريقا للوصول إلى هناك عبر أراضي قرية ميزى وبانيا ته علا"Banya Taala " كان الحر شديدا ولكننا كنا نملك ما يكفي من الماء معنا وبعض أرغفة الخبز التي جلبها لنا ذلك الشاب السواري . ربما كانت مجموعتنا أول مجموعة بيشمه ركه تسير نهارا عبر أراضي هذه المنطقة ، فعندما وصلنا إلى الفتحة التي تفصل هذه المنطقة المذكورة عن آفوكى Avoke""وجدنا رجلا من اهالي تلك القرى  وبالتحديد من قرية صوصيا "Sosia"واسمه ياسين جالسا على ساقية الماء المارة من هناك وبيده كتابا يقرأه ، وعندما رآنا عبر عن دهشته بوجودنا وسأل باستغراب ، من أنتم ومن أين قادمون !! فاطمئن عندما أكدنا له بأننا من بيشمه ركه الحزب الشيوعي الذي اصبحت تعمل قواه المسلحة على اسقاط النظام ، فرح كثيرا بمرورنا من عنده ، ودلنا على الطريق حول تكملة المشوار إلى آفوكى Avoke""والتي لم يكن يفصلنا عنها إلا مسافة قصيرة وكان أحد الرعاة من أهالي قرية سوراى يصيف هناك في بداية الطريق المؤدي إلى مه رانى وعلى مسافة قريبة من النهر ، طلبنا منه أن يسمح لنا باستراحة قصيرة فقبلها برحابة صدر وأعد لنا شايا وأثناء تناولنا له وبعدما تأكد بأننا بيشمه ركه قال هناك على بعد مسافة قصيرة من هنا تتواجد مفارز سلو خدر وخالد شلي وحجي صالح ، فأسرعنا بالذهاب إليهم ولكننا لم نجد غير مفرزة حجي صالح وهو من قرية سبيندارى "Spindare " وكان عددهم بين 10 - 15 مسلحا وسرعان ما تعرفوا علينا ، وسألنا منهم عن مفرزتي سلو خدر وخالد شلي أكدوا  لنا بأنهم غادروا المكان إلى جهة مجهولة ولكنهم قالوا على الأرجح إنهم توجهوا إلى به رى كاره"Bare Gara "، وأضافوا يمكنكم اللحاق بهم ، وقالو أما بالنسبة لنا فإننا لا نستطيع مساعدتكم لأننا سنذهب بمهمة إلى جهة ما وأمامنا الكثير لكي ننجزه وربما نتأخر لعدة أيام ، في الواقع شعرنا بأنهم يعيشون وضعا غير اعتيادي ، ورغم ذلك لم نستطع أن نتوصل إلى أية نتيجة ، فقررنا على الفور أن نتركهم وذلك لكي نصل إلى به رى كاره "Bare Gara " في وقت مبكر ، وكنا نطمح أن نستطيع اللحاق بأحدى مفرزتي سلو أو خالد .
في وقت متأخر من النهار وصلنا إلى أطراف قرية كاره"Gara" ضمن به رى كاره "Bare Gara "وانتظرنا لفترة قصيرة حتى يحين وقت الدخول إلى القرية والتي استقبلتنا مساءا وفي البداية بحذر بسبب ملابسنا المتنوعة ، فكنت أنا وابو داود بملابس البيشمه ركه وصباح كان يلبس بدلة من تلك البدلات التي يرتديها " موظفوا الدولة " ورجال الأمن أما أبو خلدون فقد كان يلبس بنطلونا وقميصا مدنيان ، على أية حال العائلة التي كنت أنا بضيافتها تعرفت عليً بعدما حكيت لهم عن مرورنا من عندهم أثناء نزولنا إلى العمق فشعرت بالاطمئنان وربما أخبرت عددا من أهالي القرية بذلك ، بقينا في تلك الليلة هناك وعند الصباح تركنا القرية باتجاه قرية به لووتى Balute " " ، وهناك في المساء عرفنا تفاصيل قصة تواجد مفرزة الحجوش في قرية سوارى ، فقد كانت قادمة إلى هناك لاستقبال مفرزة حجي صالح الذي قرر تسليم نفسه إلى السلطات مع مجموعته ، عند هذا شعرنا بأننا كنا محظوظين عندما سمحت لنا هذه المفرزة بالانتقال إلى  به رى كاره "Bare Gara " دون أن تغدر بنا .
هوامــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــش
 - (1) "كه له ك Kalak" أي كه له كا ياسين آغا ، وهي ناحية تابعة إداريا إلى أربيل كان لعائلة المرحوم  المناضل جمعة كنجي علاقات اجتماعية واسعة مع العديد من عوائل القصبة ولهذا كلف المرحوم أحدهم بايواء أبو خلدون وصباح لعدة أيام .   
- (2)"مه كه نا Makana " تقع قرية مه كه نا إلى الجنوب من الشارع الذي يوصل بين مفرق ألقوش والشيخان أي جنوب قرية بيبان وشمال قرية دوغات وهي متروكة منذ سنة 1966 تقريبا حسب المعلومات المتوفرة لدي وذلك اثر أحداث مثيرة في تلك الفترة فقد كان سكانها مسيحيون وأراضيها تابعة إلى كنيسة ألقوش وكان سكان القرى الأيزيدية يعانون من شظف العيش فكانوا يتنقلون من قرية إلى أخرى للعمل في الزراعة لدي كبار المزارعين و اقطاعي تلك الفترة المستحوذين على أملاك تلك القرى إلى جانب الأراضي الأميرية ، وهكذا كان حال أسرة المرحوم أبو ماجد ذلك الشيوعي المعروف التي انتقلت من حتارة وعملت في مزارع عدة قرى حتى استقر بها المقام في مه كه نا وعاشت مع العوائل المسيحية وبعد مضي فترة قصيرة التحقت عدة عوائل ايزيدية أخرى بأسرة أبو ماجد في مه كه نا ، وكان أبو ماجد قد عرف طريقه إلى الحزب الشيوعي العراقي وأنظم إليه في دربندخان في أواخر الخمسينيات حيث كان يعمل هناك في البناء ، والذي حمل هذه الأفكار كشعلة نار إلى المنطقة فالتحق به فلاحوا تلك القرى المعدومين وأنتشرت أفكار الحزب بشكل واسع في أوساط الفلاحين هناك ، وأصبحت مه كه نا تشكل نقطة انطلاق لنشاط الشيوعيين في المنطقة ، و كان سكان القرية الأصليين أي المسيحيون قريبين إلى الحزب في توجهاتهم ، وكل هذا أثار غضب ملاكي المنطقة واستياءهم ، كون هذه الأفكار وهذه الأنشطة كانت تهدد مصالحهم وتدعو إلى توزيع الأراضي على الفلاحين ، فقاموا يفتشون عن أقذر الأساليب للتصدي لهذا النشاط الثوري إذ حرضوا العشائر العربية للقيام بطرد سكان قرية مه كه نا ، واستعد أبو ماجد ورفاقه لمقاومة هجوم مرتقب من قبل أفراد هذه العشائر الذين هزموا شر هزيمة بعدما تصدوا لهم في معركة عنيفة ألحقت بالقوة الغادرة خسائر فادحة.
ورغم ذلك لم يكف ملاكي الأرض والإقطاعيون في مواصلة محاولاتهم حتى اضطرت العوائل الملتفة حول أبو ماجد على ترك القرية والانتشار في بقية القرى وعندها اختار أبو ماجد قرية دوغات التي احتضنته ، بسبب قوة تنظيم الحزب هناك .
ولازالت أطلال هذه القرية ظاهرة للعيان وخصوصا قصر الملك. حيث كنا نختبيء هناك في بعض الأحيان ونتزود بماء ينبوعها الواقع في واد إلى الجنوب من القرية .                 
(3)"Beban" أحدى قرى الده شت تقع على شارع بدرية شيخان ، سكانها من أبناء الديانة الآيزيدية، قدمت الكثير من الخدمات لمختلف فضائل البيشمه ركه ، والتحق العديد من أبناءها بأنصارنا في ظروف بالغة الصعوبة ، وكانت بوابة الانتقال إلى قرى تلك المنطقة وخصوصا الواقعة في عمق الده شت ، والقرية تابعة إداريا لناحية ألقوش ، وشهدت في فترة ما وخصوصا الفترة التي تحدثت فيها عن نشاط المرحوم أبو ماجد صراعا طبقيا حادا بين كبار فلاحيها والفلاحين المعدومين بقيادة الشيوعيين .   
- (4)"Khorzan"وكه رسافا"Karsafa" قريتان معروفتان لغالبية البيشمه ركه ، حيث كانت تستقبل فصائلهم ليلا ونهارا ، وسكانها من أبناء الديانة الأيزيدية حيث التحق العديد منهم بمختلف الفصائل المسلحة وقدمت القريتين العديد من الشهداء سواء في المعارك مع قوات السلطة أو ضمن عمليات الأنفال في 1988 ، القريتان تابعتان إداريا لناحية ألقوش.   
- (5)"خوركي   "Khorkiمن القرى المهجرة والمدمرة منذ 1975، وكان يسكنها ابناء عشائر المزورية ، وكان في أغلب الشتاءات يلجأ إليها الرعاة القادمون من المناطق التابعة إلى قضاء العمادية وخصوصا من به رى كاره ، فكانت بمثابة محطة استراحة للأنصار أثناء انتقالهم إلى قرى الده شت.                             
 
 


69
أنصاريات .. قواعد ومفارز وإعادة بناء تنظيمات الده شت .
ناظم ختاري
الحلقة الخامسة
بحذر شديد خرجنا من المكان الذي كنا نحتمي فيه وانحدرنا إلى المنخفض حيث شقت مياه الأمطار في الشتاءات الممطرة قنوات عشوائية في اسفله توصل إلى وادي ألآبار ويقوم صيادو الطيور بنصب الفخاخ على جوانبها كونها ارض رطبة تلجأ إليها الطيور لتهوية نفسها والتمرغ في ترابها والتقاط حبات القمح وثمار الحشائش النابتة في بعض أماكن الشقوق علاوة على الحشرات وغيرها وثم الوصول إلى الآبار للشرب من المياه المنتشرة حول أفواهها ، سرنا لمسافة محددة وجدنا عددا من العصافير والزرازير وطيور القطى واليمام والحجل واقعة في فخاخ الصيادين وثم فجأة وجدنا صيادا قادما لينتزعها ويعيد عملية نصب الفخاخ ، ولذلك كان علينا وعلى وجه السرعة الاختفاء في شق جانبي ، لحين انتهاءه من مهمته التي لم تكن تحتاج إلا إلى عدة دقائق سريعة وبعدها مباشرة تركنا الشق وواصلنا السير إلى وادي الآبار الذي لم يبق للوصول إليه إلا امتار معدودات.
توقفنا سريعا عند أول بئر وقلت لرفاقي إنه يعود إلى والد رفيقنا النصير توفيق و قلت لهما لكننا سنشرب من ماء بئر آخر معروف بعذوبته إلى جانب ماء عدد قليل من الآبار في هذا الوادي و يسمى بئر "خليل عبو" وهو من أهالي قرية ختارة وهذا البئر يعد  من الآبار القديمة في هذا الوادي وتستخدمه عائلته بالدرجة الأساسية لسقي قطيعها والتزود به ونقله إلى ختارة ، ولكن هذا لم يكن يمنع بقية الأهالي من الاستفادة منه ، وعندما توقفنا عند حافته سألوني عن وسيلة لسحب الماء من البئر ، فذهبت سريعا إلى مخبأ الدلو حيث كنت أتذكره ، فوجدت إنهم استبدلوه بصفيحة دهن من حجم 16 كيلوغراما مع قص قسم منها ، يتوسط فوهتها وتد خشبي مربوط من وسطه بحبل طويل على قدر عمق البئر الذي كان يصل إلى حدود 15 مترا ، حملتها وأنزلتها إلى قاع البئر فامتلأت سريعا وسحبنا الصفيحة حيث كانت مياهها صافية وباردة شربنا منها ما روى عطشنا ، وثم جلسنا حول البئر من أجل الغسل وانتزاع ما نستطيع انتزاعها من الأشواك المغروسة في أطرافنا وفي أماكن أخرى من أجسادنا ، إذ كانت المئات منها قد اخترقت الجلد وسببت سيلان الدماء بشكل خفيف من كل مكان في مداخلها وكانت قد جفت على الجلد وقمنا بتنظيفها ، قضينا فترة استراحة حذرة هناك استعدادا للتوجه إلى القرية بعد أن قررنا خطة للأيام اللاحقة وما ينبغي الإقدام عليه في ظل وضع معقد .             
كان عليً أن أبذل مزيدا من الجهد لترتيب الأمور بخصوص انتقال كل من صباح وأبو خلدون إلى مدينة الموصل ، فأولا كان لابد لنا أن نجد حلقة وصل آمنة للاتصال بأهلي ، ولهذا قررنا أن أذهب أنا أولا إلى بيت أختي المتزوجة في ختارة  " khatara" لمعرفة إمكانية البقاء عندهم والقيام بالاتصال بأهلي في دوغاتا "Dogata "، ففي ظلمة حالكة وصلنا إلى أطراف القرية وتركت رفيقاي في العراء وذهبت إلى أختي ، ولما طرقت الباب وعرفوا بأنني من أطرق ، شعروا بفرح شديد ، فاستقبلني أفراد العائلة بالدموع في احضانهم ولما أراد (1) "الشيخ الجليل شيخ حسين" أن يسحبني إلى الداخل قلت له أنا لست وحيدا ، بل معي اثنان من رفاقي ، فقال وأين هما .. قلت في العراء نعم إنهما في العراء خارج القرية ، عاتبني بسبب تصرفي ، وقال لم تكن تحتاج إلى هذا فقد كان عليك أن تجلبهما معك دون معرفة موقفنا ، لأننا في كل الأحوال لن نتخلى عنكم ولن نقبل أن تعودوا أدراجكم وأنتم تطرقون باب بيتنا ، بل سنفعل كل ما في وسعنا من أجل الحفاظ عليكم لأي وقت تشاءون ، فأنتم بمثابة أبنائي ونحن عائلة واحدة  وهذا بيتكم ، شعرت بفرح عظيم إزاء موقف العم شيخ حسين وكل أفراد العائلة وقلت مع نفسي إنها بداية حسنة ستساعدنا على إيجاد الحلول لوضعنا المحرج ، علما لم أكن أتوقع غير هذا التعامل منذ البداية ، فرافقني أحدهم للمجيء بصباح وأبو خلدون .
لأول مرة منذ أيام طويلة شعرنا بالاطمئنان إلى حدود بعيدة كون هذه العائلة لا تتدخل في السياسة ، ولذلك فإنها بعيدة عن الشبهات وكان من الصعب أن يتصور رجال السلطة بأننا هناك ، بعد الكثير من الأحاديث خلدنا إلى نوم هانئ في أفرشة نظيفة وبملابس نظيفة . وفي اليوم التالي جرى الاتصال بأهلي وفي عصر نفس اليوم جاءت المرحومة والدتي للقائنا في بيت أختي و كان مجيئها فرحة لا توصف ، فبعد الكثير من الأحاديث جرى الاتفاق معها للعودة إلى دوغاتا لترتيب بعض الأمور التي تتعلق ببقائي في المنطقة ، على ننتقل نحن إلى الكه ند في الليل وكلفتها بتبليغ الرفيق (2) "سمكو مراد عبو" بقدومي إلى داره لذا  كان ينبغي عليه أن ينتظرني عند ساعة متأخرة من الليل وأن لا ينشغل بأمور أخرى لأننا سنحتاجه خلال الأيام القادمة .
في الليل تحركت الدماء في أوصالنا وصرنا اكثر حرصا واندفاعا على اكمال مهمتنا ، فرغم كل شيء أصر كل من صباح وأبو خلدون على المضي قدما ومواصلة المشوار إلى مدينة الموصل وكان ينتظرني الكثير لكي أعمل من أجلهما لغرض إنجاح مهمة الدخول إلى المدينة وثم التفرغ من أجل ترتيب أمور تواجدي في المنطقة ومن أجل إعادة النشاط  الحزبي إلى رفاق أجبرتهم إجراءات البعث أثناء الحملة البربرية على الحزب عن التوقف عن النشاط والعمل السياسي ، والعمل على لم شمل الشيوعيين في قرى تلك المنطقة وبناء خلاياهم السرية من جديد .
لم تتركنا عائلة اختي مغادرتها دون وجبة عشاء ، رغم تكرار وجبات الطعام فيما سبق من الوقت ، حيث كان طبقهم يحمل ما لذ وطاب من الأكل والشرب ، وبعدها كان لابد لنا أن نتسلل إلى ظلمة تلك الليلة بعيدا عن بيوت ختارة ، نتخذ من اتجاهات عشوائية طريقنا إلى كند دوغاتا ، ففي وقت مبكر من تلك الليلة وصلنا إلى (3) "قه نته رى" وبعد ذلك وعند ساعة معينة تركت رفيقاي هناك في كند دوغاتا وتوجهت إلى القرية ، فوصلتها في وقت متأخر وكان سمكو ينتظرني بفارغ الصبر في بيته القديم ولما طرقت الباب عرفني من عدد الطرقات المتفق عليها ففتح الباب دون أن يسأل من الطارق ، كان لقاءي به بعدما تركته منذ أكثر من سنة مليئا بالفرح رغم الحذر الشديد والمخاطر الممكنة وعواقبها لو اكتشف أمر وجودي في بيته ، استقبلتني والدته استقبال ام لولدها وزوجته استقبلتني استقبال اخت لأخيها ولم يتخلف أخيه درمان في التعبير عن عظيم سروره بهذه الزيارة ، قلت له هيا يا رفيقي سمكو فقد حان وقت العمل ، فأبدى كامل استعداده لأي مهمة يكلف بها ، فتحدثت له عن مهمته القادمة ولذلك كان عليه أن يرافقني إلى الكند للقاء صباح وأبو خلدون لاستلام تفاصيل مهمته والتي كانت تتمثل في الذهاب إلى مدينة الموصل واللقاء بالرفيق (4)"ماجد كنجي - كفاح " لغرض تدبير أمر نقل الرفيقين إلى الداخل ( مدينة الموصل )  .
غادرنا سمكو من قه نته رى في صبيحة اليوم التالي متوجها إلى مدينة الموصل على أن يعود في المساء ونلتقي ثانية في الكند لمعرفة نتائج مهمته ، والتي تكللت بالنجاح ، (أدعو بهذه المناسبة الرفيقين كفاح وسمكو  كتابة تعليقاتهما حول هذا المكتوب أو كتابة تفاصيل ما حققوه بخصوص هذه المهمة بشكل مستقل)  . وجاء معه  " ماجد "  فأمضى الليل معنا في الكند وفي الصباح الباكر من اليوم الثاني غادرنا ولا أتذكر في أي وقت من النهار كان ذلك ولكنني أعرف إنه أرسل سيارة لنقل صباح وأبو خلدون والتي انتظرت وفقا للاتفاق على الطريق المبلط والذي يوصل بين ألقوش والموصل فأودعت هناك صباح وأبو خلدون ، وكنت اشعر بحجم المخاطرة التي يخوضها هؤلاء الشيوعيون الثلاثة وأعني صباح وأبو خلدون والسائق ومع ذلك كنت واثقا من قدرتهم وحماسهم على النجاح ، ولا أخفي فقد شعرت بالحزن لهذا الفراق وكل منا يسير نحو مهمته المحفوفة بالمخاطر ، فعدت إلى قه نته رى وحيدا أنتظر حلول الظلام للتوجه إلى القرية لكي أبدأ من هناك اتصالاتي برفاقي في القرية الذين تركتهم منذ أكثر من سنة ولكي ابحث عن أبو داود الذي سبقني إلى المنطقة كما ذكرت سابقا فقد كان ذلك ضروريا لأنه كان مكلفا بالتنسيق وقيادة العمل الحزبي على مستوى منظمات نينوى وكان لابد من التشاور والتنسيق بصدد خططنا الآنية فقد كنا ملزمين بالعمل معا ، سواء البقاء في المنطقة لمواصلة المزيد من الاتصالات أو الابتعاد عنها والعودة إلى الجبل لمعاودة الكرة لاحقا .
أمضيت بقية النهار في قه نته رى أفكر مليا بأفعى ذات القرون ، التي تعيش في محيطها حسب روايات أهل القرية والتي تبلغ من الشراسة ما يكفي للتغلب على المرء وقتله ، إذ وفق نفس الروايات إنها استطاعت أن تقتل عددا من أهالي القرية منذ أزمنة بعيدة ولكن لا توجد معلومات كافية عن هوية الضحايا وإلى أي زمن ينتمون ، ليس هذا فقط ، بل كانت نفس الروايات تؤكد إنها تصدر أصواتا شبيهة بصوت الماعز وتهاجم البشر دون أن يردعها شيء ولذلك كان الأهالي يشعرون بخوف شديد بسبب اضطرارهم التواجد حول قه نته رى لأسباب الرعي أو غير ذلك ، ولكن طيلة بقائي في هذا اليوم هناك لم أجد شيئا ولم تهددني أية مخاطر صادرة من اية حيوانات مسمومة أو مفترسة ولكني بقيت كثير الحذر لأنه حتى لو كانت  تلك الأفعى الشرسة غير موجودة فإن غيرها يمكن أن تتواجد في المنطقة وكثيرا ما كنا نصادفها عند تواجدنا في هذه المنطقة فيما بعد . رغم كل الروايات عن الأفاعي وخوف الناس منها سمعت لمرات عديدة أصوات الرعاة وغيرهم يمرون بالقرب من مكان اختبائي في قه نته رى ، وكنت انتظر بفارغ الصبر أن ينقضي النهار لكي أقضي على وحدتي وأستطيع تقرير مصيري بعد سفر رفيقاي إلى مدينة الموصل .
في الليل دخلت القرية بحذر وكانت والدتي تنتظرني مع أخواتي وأخوتي رغم عدم وجود وقت محدد لزيارتي لهم في البيت ، حيث كانوا يسكنون بيتا يعود إلى عائلة مام نايف وكانت تربطنا ولما يزل علاقات طيبة تمتد إلى عقود طويلة من الزمن عندما كنا نسكن (5) "قرية ديرستون " التي احتلتها أحدى العشائر العربية في بداية الستينيات من القرن الماضي ولحد الآن . تحدثنا كثيرا في هذه الليلة عن كل شيء وسألوني عن كل شيء .. كيف نأكل ..وكيف ننام ..وشكل العلاقة مع جماهير القرى الكوردية وعن السلاح وأعداد البيشمه ركه وشكل العلاقة مع بقية القوى المسلحة من الأحزاب الكورستانية وتحدثت لهم عن معانات مجموعتنا أثناء الالتحاق وتحدثت لهم هذه القصة التي أرويها عبر هذه السطور وكيف استطعنا الانفلات من قبضة محمد علي  وجانكير في بانده وايى ، تحدثت لهم عن أخوي النصيرين المرحومين ياسين وهشام وكم يشتاقان للمجيء إلى زيارتهم ، وكان السؤال الكبير يتكرر بين الحين والآخر ومن واحد إلى الآخر والذي مفاده " هل أنتم قادرون على اسقاط صدام حسين ونظامه...؟؟؟ " كنت دون تردد وبسبب حماستي الشبابية المتزايدة أقول نعم نحن عازمون بكل جد من أجل ذلك وسنستطيع .!!
أكدت  المرحومة والدتي عندما تحدثت عن مجموعتنا هذه وحادثة بانده وايى فقالت عرفت من خلال الأخبار الواردة من والدته إن نبيلا محجوز في مركز شرطة ألقوش والشرطة لم تمانعها من زيارته ، لذا وجدت إنها فرصة ممكنة للتواصل معه والبحث عن طريقة لخروجه من التوقيف ، فأكدت والدتي بأنها مستعدة لزيارته هناك برفقة المؤنفلة شيرين زوجة الشهيد ابو فؤاد باعتبارها والدته ، لذلك فكرت بكتابة رسالة له أحثه فيها لإيجاد أية وسيلة للخروج من التوقيف ، المهم توصلنا  بعد هذا وذاك إلى فكرة اخفاء رسالتي في علبة سيكائر، فقد فتحتها من الأسفل بعناية فائقة وأخفيت الرسالة هناك ، وفي الصباح الباكر رتبت والدتي زيارتها مع شيرين "أم فؤاد " إلى مركز شرطة ألقوش لمقابلة نبيل ، وبقيت نهارا في دارنا وفي غرفة معزولة قريبة من مخبأ يمكنه ان يحميني من أية مفاجأة دهم أو ما إلى ذلك .
  أمضيت نهارا ملئه لقاءات محبة وشوق مع أخوتي وأخواتي إلى أن عادت المرحومة والدتي داي شيرين " الأم شيرين " كما كان يناديها رفاقنا وأصدقاءنا ومعارفنا مع الشهيدة المؤنفلة شيرين "أم فؤاد"  في منتصف النهار من ألقوش وهن يحملن أخبارا تؤكد إن نبيلا سيخرج من الحجز ( مركز شرطة ألقوش ) خلال اليومين القادمين ، وهذا الأمر أفرحني كثيرا ولكني لم أستطع معرفة سبب اخلاء سبيله ، المهم تأكدت من إنه عازم على اللقاء بي بعدما يتحرر من الحجز ، وعرفت إن العناصر التي حققت معه ذكرت له أسماءنا الصريحة ولكنه أنكر معرفته لنا بهذه الأسماء وقال لهم إنه يعرفنا بأسمائنا الحركية ولا يعرف أية معلومات أخرى عنا . بقيت في القرية متنقلا من بيت إلى آخر ، أرتب مسألة ايجاد وسيلة للاتصال بالرفيق أبو داود وكنت أعرف إنه أيضا سيحاول الاتصال بي وبسبب علاقاتنا العائلية لم يكن في الأمر صعوبة كبيرة إذ سرعان ما عرفت أخباره وكان من جانبه يتابع أخباري ايضا وحدث أن التقينا في مكان ما لا أتذكره ، فاتفقنا على إجراء بعض الاتصالات بعدد من رفاقنا بعدما تأكدنا من بقاءهم مخلصين رغم تنازلهم عن عضويتهم في الحزب تحت الضغط والإكراه ، وجرى تكليف المرحومة والدتي و المؤنفلة أم فؤاد لهذه المهمة فكان تجاوب البعض منهم ايجابيا ولكننا شعرنا بسيطرة الخوف الشديد على البعض الآخر،على العموم استطعنا خلال هذه الأيام جمع بعض التبرعات واستعداد بعض الشباب للعمل معنا ولكننا التزمنا الحذر بسبب الصعوبات التي عانيناها من جراء ما حدث في بانده وايى وحصول سلطات الأمن في المنطقة على  بعض المعلومات الغامضة عن تواجدنا هناك ، فقد عبأت دائرة أمن تلكيف عناصرها في القرية لمراقبة تحركات عوائلنا ،  حيث افتضح أمر عدد منهم من خلال استفسارهم لأطفال عوائلنا عن ما إذا  كانوا قد التقوا بنا ، وهل حصلوا على هدايا منا ، ولكن حرص أطفالنا كان أشد من مكرهم وكانت أجوبتهم عفوية وضيعت أية خيوط عثروا عليها ، وإلى جانب هذا كان تحركنا وانتقالنا من مكان إلى آخر يجري تحت مراقبة شديدة  وذكية من قبل شبابنا .   
تكررت لقاءاتي مع أبو داود الذي استطاع ترتيب أمور هامة في قرية حتارة بعدما أبدت مجموعة من الرفاق العمل ضمن صفوف الحزب وفق الظروف المستجدة ، وفي هذه الأثناء خرج نبيل من الحجز وتواصلت معه بشكل مستمر حتى التقيت به في أحدى المرات ، حيث روى قصة خروجه من ألمحتجز  وبسبب ثقتي المطلقة به كلفته بالذهاب إلى بانده واي لسحب قطعة السلاح المخفية هناك وأعداد طريق الشعب وكان من المهم جدا أن نحصل على السلاح وهو كان أكثر أهمية بالنسبة لنا من أعداد الجريدة في تلك الظروف ، وفي نفس الوقت تواصلت جهودنا من أجل الحصول على عدد آخر من قطع الكلاشينكوف التي أخفاها المرحوم أبا ماجد بمعرفة والدته داي به هار ، والتي أصرت في البداية بعدم معرفتها بهذا السلاح ، ولكن حاجتنا المتزايدة له دعتنا إلى بذل المزيد من المحاولات لإقناعها في الحصول عليه ، وفي هذه الأثناء عرفت إن نبيل أستطاع إعادة قطعة السلاح المخفية في بانده وايى ، فوجدت النساء الذاهبات لجمع الحصيدي إنه أي نبيل مستلقيا في ساقية محفورة بمحاذاة الشارع العام عمقها أكثر من متر واحد وهي مشروع لإيصال الماء إلى ألقوش ودفن أنابيب الإسالة فيها ، وعندما تجمعت النساء حول الحدث تعرفت أكثر من واحدة منهن عليه ولذلك تعاملن مع الأمر بحذر وجدية فقمن بإيقاظه ، وعندما وجد إن الوقت أصبح متأخرا سلم بندقيته إلى أحدى النساء وأبلغها بضرورة إيصالها إلى أهلي ولحسن الحظ فإن أغلبهن كن من عوائلنا أي تلك المحسوبة على الحزب ، وشخصيا ذهب هو إلى القرية دون سلاح وعاد منها في وقت متأخر من النهار ذاهبا إلى الشيخان .
 بعدما حصلنا على قطعة السلاح اتفقنا أنا وأبو داود العمل للعودة إلى الجبل مرة أخرى وكان همنا أن نحصل على بقية السلاح من داي به هار ففي انتظار الحصول عليه بقينا متخفين في قه نته رى ، نحصل على الطعام  والشراب من أهلي بواسطة أخي (6) "ايزدين"  و أختي  "جوانى"  اللذان بذلا حرصا شديدا طيلة بقاءنا في المنطقة ، وبقينا نتواصل مع داي به هار عبر والدتي وفي نفس الوقت لم يخفت حماسنا في إجراء المزيد من الاتصالات بالأنقياء من رفاقنا وعوائلنا عبر والدتي وشيرين "أم فؤاد " أو بشكل مباشر ، فحققنا عندها الكثير من النجاحات واصطدمنا بالكثير من المواقف وعرفنا الكثير ممن تعاونوا مع الجهات الأمنية .
اشتدت حاجتنا إلى قطعة كلاشينكوف أخرى ، إذ لم يكن من السهل أن تخترق مسافات طويلة تسيطر عليها السلطة بأشكال مختلفة للوصول إلى منطقة آمنة كجبل كارة مثلا ، واشتد  بالمقابل ولسبب غير معروف رفض داي به هار وجود علم لديها بصدد السلاح المخبأ ، ولكن في الأخير أكدت بوجوده ، وعندها كان الأمر يتطلب لمن يستطيع العثور عليه وجلبه إلى القرية أو إيصاله إلينا ، مضت أياما مرهقة ومليئة بالقلق في البحث عن وسيلة للحصول على هذا السلاح إلى أن تكلل جهدنا بالنجاح عندما أصبح تحت تصرفنا بيوم واحد قبل موعد سفرنا إلى الجبل ، و كان عبارة عن 3 قطع من الكلاشينوف وعددا قليلا من المخازن وعتادا قليلا أيضا .
كنا في قه نته رى أنا وأبو داود نعد العدة لمغادرة المنطقة نحو الجبل ننتظر حلول المساء ، وكنا نبذل جهدا كبيرا من أجل إعادة تأهيل السلاح القادم إلينا وتنظيفه فقد كان الصدأ والتآكل في بعض أجزاءه وفي العتاد بسبب طمره تحت التراب لمدة طويلة يخيفنا ويزرع الشك فينا حول صلاحيته ، وكانت حقائبنا مليئة بخبز المرحومة داي شيرين ومعلبات اشترتها لنا من دكاكين ألقوش ، وكنا في المساء قد أودعناهم أي المرحومة والدتي وأهلي والشهيدة أم فؤاد وبعض من كان يحرص على تواجدنا في المنطقة ، وفي وقت كان يقترب من الساعة العاشرة صباحا انتبهنا إلى فحيح أفعى سوداء اللون من داخل قه نته رى رافعة رأسها نحونا تهددنا بأشد الحركات ، فاضطرارا التزمنا طرفا من أحد مخارج قه نته رى وحاولنا ابعادها وفعلا نجحنا في ذلك عبر "الطرق السلمية " ولكننا خشينا في الدخول إلى المخبأ ، وعند وقت محدد  نبهت أبو داود وقلت له بأنني ذاهب لاستنشاق بعض الهواء ومراقبة ما حولنا بعيدا عن المكان عدة أمتار ، وعندما وصلت إلى المرتفع الذي يسيطر على الوادي وجدت رجلان يتقدمان نحونا ، فاندهشت من وجودهما هنا و اعتقدت في الوهلة الأولى بأنهما من رجالات السلطة وخصوصا كانت ملابس صباح تشبه مع ما كان يلبسها البعثيون في ذلك الوقت على الغالب ، ولذلك أردت العودة إلى المخبأ وتبليغ أبو داود بما يحصل و لكنهما رصداني وتعرفا عليً قبل أن أتعرف عليهما ، فسمعت صوت أبو خلدون  يقول ، صبــــــــــــــاح هذا نــاظــــــــــــــــــــــــــــم  وأنا صحت أبو داوووووود إنهما صباح وأبو خلدون .
وللحكاية بقية
الهوامـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــش   
(1) "الشيخ الجليل شيخ حسين" وهو من أهالي قرية حتارة ووالد زوج أختي ، توفي منذ عقد من السنوات فكان إنسانا طيبا يحترمه كل أهل القرية بسبب ذلك ، وكانت تربطه بعائلتنا علاقات طيبة بحكم علاقات الزواج التي تربط العائلتين ، وولده جندي وهو ابنه البكر وزوج اختي فقد في الفترة الأولى من الحرب العراقية - الأيرانية وحتى الآن لا توجد أية معلومات عنه ، وبعد هذه الزيارة أي زيارتنا لها استقبلت هذه العائلة على الدوام مجموعات الأنصار التي كانت ترافق أحد ألأنصار من عائلتنا وكانت تقدم لهم كل ما هو ممكن من أمن وحماية واحتياجات ، فقد كان جميع أفراد العائلة يبدون حرصهم الشديد على هذه المجموعات ، ومما يؤسف له لم يلتف أحدا لخدمات هذه العائلة والتي كبرت وتفرعت في الوقت الحالي ولا يزال جميع أفرادها يتمتعون بحب أهل القرية واحترامهم .
  (2) "سمكو مراد عبو"  وهو من أهالي قرية دوغاتا ، تعرفت عليه بعدما هاجرت عائلتي من قرية حتارة إلى دوغاتا أثر صدامات مسلحة ومؤسفة بين حزبنا وحدك في المنطقة ، كنا زملاء  في مدرسة واحدة ورفاق في هيئة حزبية واحدة وكنا ضمن مجموعة من الشباب ننشط في كل المجالات ، وكان حولنا عدد كبير من الأصدقاء غالبيتهم  كانوا أصدقاء للحزب أيضا ، عملت مع سمكو في اتحاد الطلبة العام واتحاد الشبيبة الديمقراطي ألعراقي ، خضنا معا تجارب حزبية كثيرة ، نقود خلايا الفلاحين والنساء وخلايا مرشحي الحزب من الشباب وحلقات الأصدقاء و الكثير من الأنشطة الأخرى ، وكنا ضمن مجموعة أقل عددا وضمن حلقة أضيق تربطنا علاقات شديدة نكتشف ضمنها تطلعاتنا إلى المستقبل ونمارس حريتنا ليس بعيد عن التزاماتنا الحزبية ، سمكو مراد  صديق مرحلة مهمة من حياتي الحزبية وأول شيوعي كلفته بعد الضربة بمهمة حزبية ، فحققها بإبداع ، و الآن يمارس نشاطه بلا كلل ضمن سباق انتخابات مجلس محافظة نينوى ويعد في التسلسل رقم 2 ضمن قائمة التآخي في نينوى وهو مرشح الحزبين الشيوعي العراقي والكوردستاني .
   (3) "قه نته رى" آه وما أدراك ماهية قه نته رى ، فإنها حافظت على أسرارنا طيلة سنوات الكفاح المسلح ننطلق منها أو من مخابئ في محيطها إلى كل عملنا الحزبي والأنصاري ، فقه نته رى عبارة عن قنطرة حفرتها مياه الأمطار عبر سنين طويلة وتوصل بين طرفي الوادي على شكل جسر طبيعي ، يتشكل سقفها وجوانبها من حجر الجبصين ، وتستمر مياه الأمطار في شق طريقها  في عتمة تمتد إلى أكثر من 30 مترا تحت الأرض ضمن حدودها ، وبعدها تنفرج الأعالي وتجري مياه الأمطار في وضوح في ذلك الوادي إلى أن تصل إلى المسطحات في عمق ده شت الموصل .
هناك في المخابئ المحيطة بها أمضينا سنوات كفاح مريرة ، ننطلق منها للعمل الحزبي ونستقبل فيها مناضلي التنظيمات الحزبية في المنطقة ونودع فيها رفاق يذهبون إلى  الموصل وإلى بغداد والناصرية والبصرة الفيحاء وبقية مدن العراق للتواصل من أجل بقاء الحزب سالما معافا  ، ومنها انطلقت مجموعات الأنصار إلى تنفيذ عمليات جريئة دكت فيها مواقع السلطة في المنطقة وألحقت بها خسائر كبيرة ، كما كانت هذه المخابئ منطلقا للأنصار للوصول إلى سوريا عبر مدينة الموصل أثناء عمليات الأنفال وكانت مخبأً دائما لكل أسرارنا . 
  (4)"ماجد كنجي - كفاح" قصة هذا الرجل هي امتداد لقصة عائلة أعطت كل ما لديها للوطن وللحزب ، فقد كان والده جمعة كنجي شيوعيا وهب جل عمره  في خدمة وطنه وأهداف حزبه وهكذا بالنسبة إلى أخيه حسين كنجي " أبو عمشة "، ولاحقوه أولاده في هذا المشوار ، وفي المقدمة منهم صباح لمواصلته ، وعند شدة بانده وايى ومحمية قه نته رى لم يتوانى ماجد في اللحاق بركب المناضلين الأشداء ، فانخرط بقوة في غمرة العمل الحزبي ، حيث نفذ أول مهمة بجدارة فائقة ، عندما استطاع أن يجول بنصيرين شيوعيين في مدينة الموصل وبقية أطرافها لبعض الوقت ، ثم توالت مهامه الحزبية والعسكرية في جبال كوردستان إلى أن انتصرت الانتفاضة الآذارية ، فعاد مع قوافل الأنصار إلى دهوك لكي يروى مدافئ سكانها في الشتاءات القارسة بوقود مفقود بتوازن و إنسانية أصيلة ، والآن يعيش مع عائلته في أحدى مدن ألمانيا .
خسرت هذه العائلة كثيرا من أفرادها في الأنفال تحدثت عنهم في محطات أنفال به هدينان  بشيء من التفصيل . وما يتبقى يعرفه عنهم كل الأنصار وكل من تابع ويتابع وقائع تضحيات الشيوعيين العراقيين في مسيرة كفاحهم المجيد . 
(5) "قرية ديرستون " كتبت عنها ذات مرة " هل ستعود ديرستون ذات مرة " كنا هناك في هذه القرية مع العديد من العوائل وكانت بينها  عائلة مام نايف التي كانت تربطنا بها علاقات وطيدة ، فقد كان ولده المرحوم  قاسو بعد الهجرة من ديرستون واحتلالها من قبل العشائر العربية في 1961  يسكن قرية حتارة والمرحوم حسين والمرحوم بيبو والأخ قرو يسكنون قرية دوغات ولكنهم غادروها إلى حيث وجدوا رزقهم في اللأسكندرية جنوب بغداد ، فهناك امتهنوا بيع المشروبات الكحولية علاوة على مهن أخرى مارسوها والآن غالبية أولادهم يعيشون في ألمانيا . 
(6) " ايزدين " و جوانى"   أمضيت جل عمري في صفوف الحزب فقدمت ما أتناوله في كتاباتي ، ولكني لو أمضيت بقية سنوات عمري في الكتابة عن هؤلاء الاثنين ، (الأول أخي والثانية أختي ) وعن بقية أخوتي وأخواتي وأفراد عائلتي وخاصة والدتي لما استطعت أن افي بحقهم لما قدموه من عمل شاق وخدمات دون حدود في سياق النضال ضمن صفوف الحزب ، فوالدتي التي كانت ربما أول إمرأة تنتمي إلى صفوف الحزب على مستوى المجتمع الأيزيدي المكبل آنذاك بالقيود الاجتماعية الصارمة ، والإمرأة الأيزيدية الوحيدة التي وقعت على مذكرة للحزب تدعو إلى حل القضية الكوردية حلا سلميا وذلك قبل اعلان بيان آذار للحكم الذاتي في 1970 ، فقرأ الناس اسمها في جريدة طريق الشعب واعتبروه أمرا استثنائيا ، فانقسموا بشأنه ، حيث كان هناك من اعتبره جرأة غير مسبوقة فوقف إلى جانب والدتي وأيد موقفها وهناك من لم يستسغ الأمر واعتبر إن مجرد وجود اسم إمرأة أيزيدية منشورا في الجريدة أمرا يتنافي مع تقاليد مجتمعنا ، تعرضت والدتي  مع بقية أفراد  العائلة خلال هذه الفترة إلى المزيد من المضايقات والتهديدات أي بعد التحاقنا بصفوف الأنصار ، وأتذكر كيف كانت تشعر بخوف وهي تروي لي عن قصة بعثيين في ألقوش عندما وجهوا مسدسا إلى رأسها وهم يهددونها ويريدون انتزاع المعلومات الخاصة بتواجد مجموعاتنا عنها ، أو إذا ما كانت تملك معلومات عن التنظيمات الحزبية الجديدة ، وكم كابدت عندما هاجرت عائلتنا إلى قصبة باعذرا بعد عملية عسكرية لأنصارنا في قرية دوغاتا  تاركة وراءها كل أشياؤها ، يعيش أفرادها في بيوت المعارف و تحت حمايتهم لأكثر من سنتين ملاحقين من قبل السلطات ، و كم عانت مع بقية أفراد عائلتنا من الملاحقات في قرية حتارة وكم مرة تعرضت محتويات البيت إلى البيع بالمزاد العلني بعدما كان رجال الأمن يصابون بخيبة الأمل في إلقاء القبض على أحدهم في البيت ، ولا أنسى أبدا إنها وأختي الكبيرة كانتا تحرسان البيت من غدر أعداء الحزب ببندقيتين عند غياب الرجال من البيت عندما كان غالبيتنا صغارا ، وللأسف الشديد توفيت والدتي قبل أن تفرح بالسقوط المهين للنظام البائد بفترة قصيرة .
 يعيش أيزدين الآن في ألمانيا مع عائلته وجوانى الحبيبة تعيش مع زوجها في ختارة ، تنشغل بأسرتها الكبيرة طوال النهار ، لا تنقطع عنها ذكريات الزمن الصعب كلما تكلمت معها عبر الهاتف أو زرتها في القرية فتسطرها بدموعها العزيزة الغزيرة .                             
 
                                 
     
       

70
أنصاريات .. قواعد ومفارز وإعادة بناء تنظيمات الده شت .
ناظم ختاري
الحلقة الرابعة
رغم المعنويات العالية لدى كافة الأنصار فإنهم كانوا يشعرون بحاجة متزايدة إلى الكثير من الماء والطعام لاسترجاع ما فقدوه من حيوية ونشاط وحركة لكي يكونوا قادرين على تحمل قسوة العمل الأنصاري ضمن هذه المنطقة الجرداء التي تختلف عن الجبل كليا ، فهناك في الجبل أينما تذهب تجد بسهولة مصادر الماء وحتى الطعام ، وإمكانية الدخول إلى قراه أقل خطورة من مناطق الده شت التي تقل فيها شروط المعارك البارتيزانية  بسبب طبيعتها الجغرافية وإمكانية وصول قوات النظام إليها بسهولة  .
هناك بالقرب من قرية "شيخ خدرى" وعند ارض منبسطة توقفت المفرزة و جلس الأنصار بصمت مطبق في مجاميع متقاربة ينتظرون وصول الماء والطعام ، والجدير ذكره إن انتظارهم لم يستغرق كثيرا حتى جاء شاب معه دابة تحمل برميلن من الماء  وكمية كبيرة من خبز التنور المعروف في المناطق الأيزيدية ، الماء كان كافيا لأن يغسل الجميع وجوههم به ولكنه كان دافئا غير قادر على كسر عطش الأنصار ورغم ذلك فرط الجميع بشربه حتى لم يعد بالإمكان تناول الخبز الذي جلبه ذلك الشاب ، لم نشعر عند ذلك الوقت بأية خطورة ، وكان هم الجميع أن يعود النشاط إلى اجسامهم بعد عدة أيام قاسية ، وقد كان الجميع منشغلا وإذا  بأبا ماجد يصل إلى مكان تجمع المفرزة مع والدته (1) "داي به هار" التي جاءت معه للتمويه لأن السيارة تمر عبر طرق يمكن وضع نقاط التفتيش فيها .
نحن مجموعة التنظيم لم نأبه كثيرا بأمر الخبز ولم نتناول منه إلا القليل  ، لأن الأمر كان يتطلب أن نتحرك بسرعة وإننا لابد ان نكون ضيوف سفرة غنية من الطعام في دوغاتا ، وكان على المفرزة أن تعود إلى المناطق الجبلية الأكثر أمنا والأفضل للحركة ، لم يبق لدينا غير قطعة سلاح واحدة " كلاشينكوف" وعدد من مخازن العتاد وما تبقى كانت منشورات حزبية وجرائد طريق الشعب وغير ذلك وكان في جيب كل واحد منا مبلغا قدره 10 دنانير عراقية للتصرف بها عند الانتقال من مكان إلى آخر ولتوفير احتياجاتنا الأخرى ، بدأنا نتوادع مع رفاقنا الأنصار، وإذا بأبا ماجد يشير إلينا بأن ( 2 ) "عيدو مراد - مختار" سيرافقنا إلى القرية وهناك سيتحرر ويذهب إلى سبيله ، فرغم إن الأمر كان فيه ما يكفي من الخطورة ولكن الوقت لم يكن يتسع لرفضه أو حتى مناقشته هذا من جانب ومن الجانب الآخر كان كل واحد منا يثق بمختار ثقة تامة رغم قراره بتسليم نفسه إلى السلطات بعد وصوله إلى هناك أي دوغاتا وحتارة .
قبل أن تتحرك المفرزة ، تحركنا نحن ، وكانت داي به هار تتقدمنا نحو مكان تواجد السيارة التي تنتظرنا لإيصالنا إلى القرية والعائدة (3)" للشهيد عيدو عبدي - أبو حلمي " وصلنا إلى الطريق الترابي ولكننا لم نجد السيارة ارتبكنا وارتبكت داي به هار ولكنها قالت لابد أن تكون السيارة قريبة من هذا المكان ... تحركنا على الطريق الترابي لمسافة محددة ولم نجدها ... علقنا إشارة ضوئية خافتة تؤكد وجودنا ، لم يرد علينا أحد... بحثنا عن السيارة دون جدوى...إذن نحن في مأزق ، المفرزة تحركت بعد حركتنا  بدقائق قليلة ولا يمكن لنا أن نلحق بها في كل الأحوال وفي نفس الوقت لم نسطع الوصول إلى السيارة وعرفنا إننا لم نجدها بعد مرور وقت غير قصير ... أدركنا إننا نخسر المزيد من  الوقت وكان لابد لنا أن نقرر ... فاقترحت أن نواصل مشوارنا إلى دوغاتا سيرا على الأقدام ... ولكن الرفاق استفسروا عن إمكانية ذلك ... قلت لهم أعرف الاتجاه ولكنني أجهل الطريق وكرر مختار نفس ما قلته ... لم يكن أمامنا حيلة أخرى غير أن نتخذ من الاتجاه طريقنا إلى  حتارة ومنها إلى دوغاتا .
عشرات المنخفضات وداي به هارى تخوضها معنا بحذاء رديء ، وكان الأمر يسير ببطء شديد ولكننا استطعنا الوصول إلى الجبل رغم المعاناة ، توقعنا أن نتسلقه بسهولة ولكن توقعاتنا اصطدمت بعشرات الارتفاعات والمنخفضات الجبلية بين قرية (4 ) "خه رشه نيا Kharshanya "غربا و (5) "كه لى بانده وايى   Bandawae" شرقا ... عشرات المرات صرنا نحمل داي به هارى على أكتافنا المرهقة والتي انهارت تعبا وجوعا ... وفي كل مرة ينفجر فينا السؤال عن سبب ما حدث وعدم الوصول إلى السيارة ... اصوات الغضب كانت جاهزة أن تصرخ ولكن المخاطر المحيطة كانت تخنقها... في وسط عذاب حقيقي من فقدان القدرة على السير ومن معادوة العطش وحدة الجوع وحمل داي  به هار على الأكتاف وصعود صخرة تلو صخرة وكبوة وراء كبوة وصلنا إلى قمة الجبل المشرف على بانده وايى بعد ساعات طويلة من جحيم تلك الليلة .
عند قمة الجبل بان الده شت بأكمله ... وبانت قراه بين خفوت وتوهج مصابيح شوارعها وأزقتها .. كنت قادرا من هناك تعريف رفاقي بها قرية بقرية ... كنت اقول لهم إنها القرية الفلانية وتليها القرية الفلانية إلى أن انتهت جميع القرى الحاضرة امام ناظرنا ، من هناك اتفقنا على المنافذ التي توصلنا إلى حتارة ... كنا لما نزل عازمين على مواصلة المشوار إليها  أو الاختباء بين هضابها ... وكانت داي به هار تكفكف والدمع في عينيها وتلوم نفسها وتعذبها وتؤنبها وتقول أنا سبب عذابكم وما سيحل بكم من اقدار ... تبكي بألم وحرقة ... قلنا لابد أن نسرع بالنزول من الجبل لكي نجتاز بانده وايى ونصل إلى "كه ند "هضبة حتارة "... أسرعنا النزول ولكننا اخفقنا في الوصول في وقت مبكر يساعدنا على مواصلة المشوار إلى كه ند حتارة  .
في صبيحة الرابع عشر من تموز وعند انبعاث اول خيوط ضياء النهار قبل شروق الشمس كنا بين الأحراش الكثيفة ونبات القصب على جانبي نهر با نده وايى إلى الجنوب من القرية ، عرفنا من هناك إن امكانية الوصول إلى الشارع وعبوره أصبح متعذرا على المجموعة بكاملها ... ولذلك قررنا على الفور بإيعاز أمر إلى المختار وداي به هار لمواصلة المشوار، وتركنا لكي نتدبر امورنا نحن وفق معرفتنا ...حرصنا على تلقينهما خطة الوصول إلى حتارة والتصدي لكل الاحتمالات التي يمكن ان يتعرضا لها في الطريق ولم ننسى أن يذكروا على ألأقل عائلتي بأنني مع رفاقي بخير وربما أصل إليهم في أية ساعة وعليهم أخذ ذلك في الحسبان ... وهذا كان سبيلنا الأوحد لتجنب المخاطر التي تنتظرنا في النهار القادم.
بعد مغادرة داي به هار و المختار حرصنا على أخفاء البندقية الوحيدة معنا علاوة على المنشورات وجرائد طريق الشعب بين الأدغال الكثيفة على جانبي النهر ، وتدبرت الأمر لوحدي ولكني أخبرت نبيلا بالمكان ، ابتعدنا قليلا من هذا المكان وحشرنا أنفسنا في بقعة كثيفة بالقصب والأحراش الأخرى ، وغطنا في نوم عميق استمر إلى الساعة العاشرة صباحا ، بعدها استيقظنا وبحثنا عن سبيل لقضاء باقي الوقت من نهار طويل ، وجدنا بركة مياه اصطناعية لجأ إليها شباب القرية وآخرون قادمون من قرى أخرى للسباحة فيها لقضاء نهارهم الذي احتد فيه الحر في ذلك النهار وفي منتصف تموز ، وللتمويه كنا قد أخفينا ملابسنا الخاكية وبقينا أما بسروايل وقمصان أو بناطيل وقمصان ولكننا كنا غير واثقين من الأمر ، تجمعنا حول البركة وقررنا النزول إلى الماء لكي يساعد على اخفاء ملابسنا المربكة ... فإذا كانت الملابس فاضحة لأمرنا ، فإن السراويل القصيرة ستخفي ذلك ... حرصنا لعدة ساعات أن نكون في الماء مع هؤلاء الشباب ، باعتبارنا سواح قاصدين مصيف بانده وايى من مدينة الموصل ، ولكن الساعات الطويلة والجوع أجبرتنا على الخروج من الماء ... سئلنا بعض الشباب إن كان  هناك مطعما فأكدوا وجوده ، أرسلنا نبيل وعبد معروف لشراء كمية من اللحم المشوي " التكة " فجاءا بها سريعا ... جلسنا تحت ظلال شجرة ضخمة لتناول غداءنا الذي لم نذق مثله منذ فترة غير قصيرة ، فإذا برجل يعتمر العقال والغطرة العربية ويلبس السروال الكردي يقف فوق رؤوسنا ... قائلا السلام عليكم ... ارتكبنا من أول تجربة عملية .. فبعضنا رد التحية باللغة العربية والبعض الآخر باللغة الكوردية... وواصلنا الخطأ عندما قال له  بعضنا تفضل وقال الآخرون "كه  ره مكه" ... لم يتردد الرجل  فجلس بيننا لتناول الغداء معنا ... ومثلما أخطأنا في دعوته لمشاركتنا ، كررنا الخطأ في الحديث معه باللغتين العربية والكوردية ... تناول معنا لقمة أو لقمتين ثم نهض وقال سأعود إليكم ...أثناء وجوده لم يتكلم كثيرا ... ولكننا عرفنا بأن اسمه (6) "جانكير" Gangir " كان من الطبيعيي أن تراودنا الكثير من الشكوك حوله ، ولكن مما يؤسف له لم يكن أمامنا أي سبيل لتجنب أي خطر يبدر منه ويستهدفنا والأمر الوحيد الذي تعاملنا وفقه هو التظاهر بأننا فعلا ناس مدنيين وكان علينا أن نقدم المزيد من الأدلة بأننا قادمون من المدينة لقضاء وقتنا هنا في مثل هذا اليوم في حال حدث أي طاريء ... بعد ذهابه وتناولنا الغداء حرصنا أن نبقى بسراويلنا القصيرة لكي تبقى بقية ملابسنا التي يشوبها الكثير من الريبة بعيدة عن أنظار المتواجدين هناك والذين جاءوا لغرض السياحة والسباحة في برك بانده وايى .
 اخترنا ظلال نفس الشجرة الكبيرة وحاولنا النوم تحتها ولكن بحراسة أي أن يبقى أحدنا مستيقظا لمراقبة ما حولنا ولكن جانكير لم يترك لنا المزيد من الوقت للنوم ، فعاد ومعه رجل بملابس عربية قدم نفسه إلينا تحت اسم محمد علي مختار قرية بانده وايى ، ولما جلس بادر فورا بالقول تفضلوا لنذهب إلى القرية فأنتم ضيوفنا...قدمنا له شكرنا وقلنا له لم يبقى لدينا من الوقت إلا القليل وسيصل زميلنا من الموصل ومعه سيارتنا التي تعطلت صباح هذه اليوم عند مجيئنا إلى هنا وذهب لإصلاحها والعودة إلينا ، كان صباح أكثرنا تأهيلا للحديث معه كونه كان يجيد لهجة العشائر العربية التي تعيش في قرى وقصبات محافظة نينوى .
ولكن محمدا لم يقتنع بما قاله صباح فكرر دعوته لتناول طعام الغداء في داره في القرية ، أشار إليه صباح بأننا تناولنا الغداء وكان جانكير شاهدا على ذلك ... ولكن مختار القرية أصر على أن نذهب معه إلى القرية ، وفقد صبره أما اصرارنا وعدم الذهاب معه إلى القرية ، فقال أنا ابن الثورة ، ينبغي علي أن اعرف من انتم ... إذن بدأت مرحلة الخطر والقصد من مجيئه إلينا ... رد عليه صباح قائلا نحن أيضا أبناء الثورة وليس ضروريا لمن يزور القرية بهدف السياحة أن يأتي إليك ... ولكن محمد علي أصر على تصعيد لهجته ... حينها قال له صباح أتريد أن تعرفنا ... قال طبعا أريد أن اعرف من انتم ولماذا أنتم هنا ... قال صباح نحن من آل الجبور ولذلك أدعوك الكف عن تهديداتك ... عندها لاحظنا إن محمد علي شعر بالإحراج ، ولكنه قال سأذهب وأعود ثانية وسنرى هل سترافقونني إلى القرية أم لا ..؟!
نهض بغضب نافضا دشداشته متجها نحو القرية دون أن يلتفت إلى ما حدث بعد خطوات من ابتعاده عنا ... عرفنا إن الوضع تأزم كثيرا ، وصرنا في وضع لا يحسد عليه فعندها نهضنا بسرعة لاتخاذ قرار سريع ... وجدنا جانكير بالقرب من مكان تواجدنا وعندما رأى بأننا سنترك المنطقة ، نادانا بعدم جدوى ذلك ومسك يد نبيل بقوة ... فقلت مناديا  نبيل أفلت وتعال لنذهب وقال بقية رفاقي أشياء كهذه له ولكن نبيلا لم يفعل شيئا لكي يفلت واكتفى بالقول اذهبوا أنتم ولا تفكروا بأمري كثيرا .
أشرت إلى رفاقى بضرورة أن يتبعوني ، ففعلوا ... توجهت جنوبا وصلنا إلى المكان الذي أخفينا فيه بندقيتنا وبقية أشياؤنا فوجدت إن صباحا يبحث عن شيء هناك ...
 ناديته ماذا تريد أن تفعل .. !
قال أين السلاح ..؟
 قلت وماذا تفعل به.. ؟
 قال سنقاتل ..!
قلت لا جدوى من المقاومة بسلاح وحيد ..  فقد كانت القرية مسلحة بالكامل وكانت هناك ربايا للجيش العراقي تسيطر على القرية وكان بإمكان قوات إضافية الوصول إلى المكان  في أسرع وقت ، وهذا يعني إن القتال بسلاح وحيد وحتى بسلاح كثير في مثل هذا الوضع هو الانتحار بعينه.
فقال وما العمل ..؟
قلت أتركوا أمر السلاح واتبعوني ، فحصل هذا ، توجهنا إلى وسط الأدغال والأحراش وأسرعنا جنوبا باتجاه (7) قرية "قه سرونى Qasruni  " .. البرك العميقة في وسط النهر كانت تعيقنا ، والأحراش الكثيفة في العديد من الأماكن كانت تتصدى لنا ، ولكن رغم كل ذلك واصلنا السير حتى صرنا بعد شق الأنفس وجها لوجه أمام بيوت قرية قه سرونى الواقعة على تل وحيد فيها وكان هناك عدد من الأشخاص يستظلون بجدران أحد المنازل مما اضطررنا لتغير المسار يسارا نحو ذلك السهل المنبسط متخذين من الاخاديد التي تتخلل الأراضي الزراعية طريقا للوصول إلى كه ند حتارة  ، الحر كان شديدا ، عاد فصل آخر من فصول العطش ثانية جراء العدو المتواصل ..الأشواك الكثيرة على طريقنا العشوائي والتي غُرزت في كل مكان من أطرافنا أصبحت تؤلمنا كثيرا ، وأحذيتنا أصبحت تعيقنا وتحد من سرعة حركتنا بسبب البلل وتشربها لكثير من الماء حتى اصبحت لا تطيع اقدامنا ، رغم كل شيء قطعنا مسافة طويلة وابتعدنا كثيرا عن قرية بانده وايى ولم يعد بمقدور المختار وجانكير أن يتلقفا  بسهولة اثرا لنا ولكن كان لما يزل هناك من المخاطر على الطريق ، وكان من شأن الوصول إلى كه ند حتارة الشعور بالاطمئنان ، إذن كان علينا  أن نستعجل أكثر ، فأسرعنا بين الوديان والأخاديد ، و رغم حراجة وضعنا والموقف الصعب والذي يشوبه خطر حقيقي فقد كان الضحك ممكننا ، وهذا ما حصل عندما وجدنا قطيع غنم أمامنا الأمر الذي أشعرنا بالقلق خشية أن يقوم الراعي بأخبار جماعة محمد علي عن وجهتنا ولذلك سرنا بحذر شديد ولكننا وجدنا أمامنا  وعلى بعد عدة امتار راعيا شابا ممددا على ظهر حمار، فقلنا سنطلب منه ماءا ولكننا تفاجأنا به حيث كان يغط في نوم عميق بل اكثر من هذا فقد كان صوت الشخير الصادر منه عاليا ، وجدنا حاوية ماء معلقة في مكان ما من السرج فأخذناها ولم يشعر الراعي بالأمر قط  ، ونحن بدورنا واصلنا السير وسريعا اختفينا بين المنخفضات الواقعة على الطريق ، وعندما وصلنا إلى الشارع القادم من مفرق  قرية "بدرية Badriya " عرقلتنا سيارة قلاب لدقائق سريعة لأحد المعارف وهو السيد "جاسم جكانيJagani " الذي كان يعمل في هذه القرى وينقل لهم حجر البناء من المناطق الجبلية فكان يعرفني معرفة تامة وهذا ما خشيت منه ، ولكن السيارة مرت سريعا دون أن يلاحظنا سائقها أو ينتبه إلى وجودنا على نقطة قريبة من حافة الشارع .
تقدمت السيارة إلى الأمام نحو مفرق ألقوش ونحن قفزنا في منخفض يقع إلى الجهة الثانية من الشارع وكان لابد لنا أن نسرع الخطى للابتعاد عنه وخلال وقت قصير عرفنا إننا صرنا في مأمن ، فقد تشعبت الأخاديد والتعرجات والتموجات الأرضية ، فكلما كنا نتقدم كانت  طبيعة المنطقة تزداد وعورة وهذا كان مبعث ارتياحنا لأننا تأكدنا إنه من الصعوبة بمكان أن تنجح قوات النظام بتعقبنا أوالنيل منا .
إذن نحن ضمن حدود قريتي حتارة الكبيرة فأعرفها شبرا فشبرا قضيت فيها سنين طفولتي وسط  أفراد عائلتي التي كانت تمارس حياتها البسيطة ككل عوائل القرية مشتغلة بالزراعة والرعي وتوفير مستلزمات الحياة اليومية التي كانت تتميز بالبساطة مثل جلب الماء من الآبار التي تبعد عن القرية عدة كيلومترات على ظهور الحمير وبواسطة حاويات مصنوعة خصيصا لهذا الغرض أو جمع بقايا سيقان السنابل أي الحصيدي بعد حصاد الحقل وكان يجري الاستفادة (منه ـ ها) إلى جانب " السركين Sergin  " أي مخلفات البقر التي كنا نجمعها بعدما نذهب صباحا لمرافقة قطيعها إلى مسافة بعيدة من القرية أو استقباله في المساء عند نقطة معينة خارجها ،لأغراض عدة وعلى سبيل المثال كوقود لاستخدامها في التنانير من أجل صناعة الخبز أو كعلف يقدم إلى المواشي والحيوانات الأخرى في فصل الشتاء وإلى جانب هذا كانت عائلتي تحتفظ بعدد من رؤوس الأغنام وتقوم برعايتها بين قطيع القرية وكنت أذهب إلى الده شت حيث مراعي القرية برفقة اخواتي لحلبها وثم رعاية صغارها فقد كنت أشارك في كل صغيرة وكبيرة من هذه الأعمال اليومية في فصلي الربيع والصيف وعندما يحين موعد الدراسة كنت ألتزم مقعدي الدراسي في مدرسة قريتنا الابتدائية رغم أنني لم أكن من الطلبة المجتهدين إلا انني واصلت دراستي إلى أن التحقت بصفوف الأنصار في 1978 ، هذا النمط من الحياة الذي كنا نعيشه نحن أبناء الريف جعلنا أن نكون على الدوام بحاجة إلى الطبيعة البرية رغم قسوتها في مناطقنا بحكم الجفاف الذي كان يصيبها بين كل عدة سنوات علاوة على مجمل الصعوبات الأخرى التي كانت تعاني منها مثل كل الريف العراقي فقد كانت تفصلنا سنوات طويلة عن بعض جوانب الحضارة التي تعيشها قرى مناطقنا في الوقت الحالي ، وهذه المشاركة في الحياة اليومية جعلتني أن اتعرف على كل الزوايا والاتجاهات المحيطة بقريتنا وأفادتني كثيرا في هذا اليوم وفي بقية أيام نضالنا اللاحق ضمن صفوف البيشمه ركه .
  في مكان ما من المنطقة القريبة إلى (8)"نه والا بيرا Nawala Bira " اتخذنا موقعا احتمينا فيه من المارة الذين كانوا يتواجدون هنا وهناك بسبب الرعي او صيد الطيور وما إلى ذلك .. بدأت الشمس تتوجه سريعا نحو الغروب وتقترب من سماء أعالي قرية بدرية الواقعة على تل عالي حيث ستغيب من وراءه في هذا اليوم ، وعندها لن يكون هناك من يتخلف ويصر على البقاء في وادي الآبار ، فالكل سيتوجه إلى القرية ماعدا أناس مثلنا وهم قليلون جدا شاءت ظروفهم أن يتخلفوا في مثل هذا المكان عن طريق الصدفة أو وفقا لتخطيط مسبق ، بين فرحتنا في الخلاص من فخ جانكير ومحمد علي وانتظار الهدوء التام في وادي الآبار فكرنا كثيرا بمصير نبيل وعبد معروف وكان قلقنا متزايدا من أجلهم ، وعند وقت محدد قررنا مغادرة المكان الذي كنا نحتمي فيه والتوجه نحو الآبار ،لكي نشرب ونغسل ونزيل عنا التعب وننزع قدر المستطاع الأشواك المغروسة في كل مكان من أجسامنا .
وللحدث بقية
هوامـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــِش
- (1) "داي به هار" وهي والدة الشهداء علي خليل "ابو ماجد " وجلال خليل "جمال " وكانت تبلغ من العمر أكثر من سبعين سنة عندما غيبتها عمليات الأنفال مع أكثر من 35 شخصا من عائلتها في عام 1988 ، والجدير قوله رافقت داي به هار رحلة ولدها علي خليل النضالية منذ بداية الستينيات من القرن الماضي وأصبحت عضوا في الحزب في وقت مبكر ، عملت ضمن الخلايا  النسائية التي تعددت في قرية دوغاتا ، وقبل التحاقها الإجباري مع بقية أفراد عائلتها بمقرات الأنصار كانت تقدم لهم وللحزب ما بوسعها ، من اخفاء وتزويدهم بالطعام والماء وأيصال مناشير الحزب إلى المقطوعين لإعادة صلتهم بالحزب وجمع التبرعات وغير ذلك.
- ( 2 ) "عيدو مراد - مختار" وهو من قرية ختارة الكبيرة ، ارتبط بالحزب منذ نعومة أظفاره مع آخرين من افراد عائلته وكان من الملتحقين الأوائل ، ولكنه لم يتحمل ظروف البيشمه ركايه تى الصعبة فقرر التخلي عن السلاح وتسليمه نفسه للسلطة ، ولكنه للأسف الشديد قتل أثر حادث اجتماعي فيما بعد، ومن الجدير قوله لقب بالمختار لأنه كان الأكثر تدبيرا لشؤون أصدقاءه في القرية .
- (3)" الشهيد عيدو عبدي - أبو حلمي " وهو من أقرباء المرحوم أبو ماجد وكان كبقية أفراد هذه العائلة مرتبطا بالحزب منذ سنوات طويلة ، وأثناء التحاقنا بصفوف أنصار الحزب قدم المزيد من الخدمات سواءا للعوائل أو للتنظيم أو للأنصار ، وفي 1986 التحق مع عائلته بمقراتنا واصبح نصيرا يؤدي خدماته في مقر مه رانى ، وأنفل مع عائلته ضمن عمليات أنفال به هدينان 1988 .
- (4 ) "خه رشه نيا  ،Kharshanya ". وهي من القرى الأيزيدية ، جرى تدميرها في1987 ضمن حملة واسعة للسلطات هدمت فيها العديد من القرى بهدف تحجيم نشاط البيشمه ركه وقطع صلتهم بجماهير القرى ، حيث جرى ترحيل أهلها إلى مجمع أقيم خصيصا لمجموعة من قرى تلك المنطقة تحت اسم تجمع شاريا ، ومن أبرز شخصيات هذه القرية سليمان خه رشه نى حيث كان مختارا للقرية ومغنيا تراثيا بارعا و بيشمه ركه (ا) قديما في صفوف حدك وشخصية معروفة على مستوى المنطقة .
- (5) "كه لى بانده وايى   Bandawae" كه لي يعني وادي.وبانده وايى قرية مسيحية تقع في أسفل الوادي ويجري إلى جانبها نهر يتشكل من روافد المياه القادمة من العديد من ينابيع القرى الجبلية ، وجرى تهجير سكانها  المسيحيين في فترة الستينيات من القرن الماضي وٍأسكنت السلطات عوائل عربية فيها حيث غادرتها بعد سقوط نظام صدام حسين ، والآن جرى فيها بناء مرافق سياحية متواضعة يقضي فيها الناس أيامهم في الربيع والصيف وإداريا  فهي تابعة إلى ناحية ألقوش .
-(6) "جانكير" Gangir " كوري من عشائر الكوجر الساكنة في قضاء شيخان وبسبب خلافات عشائرية هاجر قبل هذا الوقت إلى قرية بانده وايى  ولا أعرف أين حل به الدهر بعد السقوط ، ربما أصبح مسؤولا في كوردستان .
- (7) قرية "قه سرونى Qasruni  " تقع قه سرونى إلى الجنوب من بانده وايى وكان سكانها في قديم الزمان من الأيزيدينن ، ولكن سكنتها في وقت ما عوائل من الكوجر وإنها متروكة الآن .
-(8)"نه والا بيرا Nawala Bira " أي وادي الأبار ، الذي كان يعد المصدر الرئيس لمياه الشرب والغسيل لأهالي قرية حتارة إلى فترة نهاية التسعينيات من القرن الماضي عندما كانت القرية تعاني كثيرا من شحة الماء ، وتتواجد في الوادي العديد من الأبار حفرتها عوائل القرية لحسابها ، ولذلك كنت تجد الوادي مزدحما على طول النهار بأهالي القرية لنقل الماء أو سقي قطعان الأغنام والأبقار وكان يتحول في الكثير من الأحيان إلى ملتقى لأفراح الشباب والشابات عند الحلب أو غيرها من المناسبات ، خصوصا في أيام الربيع الجميلة .
 

71
اختطاف طفلة قاصرة .. قضية صراع بين قوى الظلام والحقوق المدنية
ناظم ختاري

اختطف بائع متجول من مجمع "كه له ك جى " فتاة قاصرة تبلغ من العمر 11 سنة و 5 شهورا من مجمع شيخكا بهدف الزواج منها وأسلمتها .
 ولما كان الزواج في هذه السن المبكرة وعن طريق الاختطاف مقبولا لدى المسلمين وفق شريعة دينهم ، فإنه يعد مخالفة صريحة للقوانين المدنية وتحديا صلفا لها وكذلك تعد جريمة كبرى وواضحة المعالم بحق الطفولة ،  قبل مخالفته للمحرمات الدينية لأقلية تعرضت على يد نفس أبناء هذه العشيرة الكردية المسلمة لعشرات الحالات من الاختطاف بين قصور صاحباتها أو نضوجهن ، علاوة على إن الأمر يعد إساءة صارخة للتعايش السلمي بين مكونات المجتمع الواحد المختلفة في انتماءاتها .
وعلى هذا الأساس ، فإن ما حصل  يعد أمرا طبيعيا بالنسبة إلى الفاعل ومن حوله ومن سبقوه لسببين اثنين .
1- كما بينت في أعلاه فإن الشريعة الإسلامية لم تضع قيودا أو حدودا لا بخصوص سن الزواج ولا بخصوص سبي النساء . فهناك لدى الإسلام يمكن للمرء أن يعقد زواجه أو نكاحه على أية امرأة عندما يشتهيها بغض النظر عن عمرها أو بلوغها من عدمه أو قصورها ، والعائق الوحيد لذلك هو شرط موافقة وليها الشرعي ، و لكم أن تحكموا كم من الجرائم ارتكبها هؤلاء الأولياء  بحق بناتهم حتى في الإسلام نفسه عندما أقنعوا أنفسهم بأن الزواج في السن الذي يختاره هو لأبنته ، هو لمصلحتها ، هذا من جانب وأما في الجانب الآخر فإن سبي نساء الكفار هو أمر مشروع انتقل من زمن الفتوحات إلى عصرنا الحالي وهو الوجه الحقيقي لعملية اختطاف فتيات المكونات الدينية الغير مسلمة لدى البعض القليل من العشائر الكوردية للأسف الشديد والتي تتكرر بين فترة وأخرى .
ففي قضية سيمون يتوفر الظرفان أو الشرطان فهي أولا، تجاوزت العاشرة من العمر ولذلك فإن زواجها أمر شرعي من وجهة النظر الأنفة الذكر في أعلاه أي عدم وجود تحديد سن الزواج في الإسلام ، وثانيا ، فإن شرط موافقة ولي أمرها لتزويجها تنتفي الحاجة إليه عندما تكون المسألة هي مسألة اختطاف الذي تتحقق فيه كل شروط السبي لدى هؤلاء القوم عندما يعود تفكيرهم إلى زمن الفتوحات والحروب التي كانت من أهم نتائج انتصار طرف على طرف هو السلب والنهب والسبي وهنا فإن النساء يدخلن في دين جديد تتوفر لهن مكاسب وهي أفضل من القتل مع ذويهن من المقاتلين وفق هذه المقولة الاسلامية "سبي النساء الكافرات من قبَل المسلمين قد يجر عليهن خيراً عظيماً ، وذلك بأن تدخل في دين الله تعالى فتصير مسلمةً ، وهي بذلك تُنجي نفسها من الخلود في نار جهنم" ولاشك إن غالبية القراء الكرام سمعوا أو شاهدوا أو عانوا من عمليات الأنفال التي أرتكبها نظام صدام حسين في عام 1988 بحق الشعب الكوردي ، والنساء اللائي يجري سبيهن أو أنفلهن هن جزء من غنيمة الكفار المستولى عليها  و "الأنفال هي الغنائم التي ينفلها اللّه من أموال الكفار" وهذا يعني إن سيمون الكافرة أنفلت وأصبحت على دين حق . 
2- رب سائل يسأل ولكن القوانين العراقية المدنية هي التي تحكمنا جميعا ، وبالتالي فهي تساوي بين كافة المكونات العراقية وفقا لما جاء في دستور العراق الدائم ( العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس او العرق او القومية او الاصل او اللون او الدين او المذهب او المعتقد او الرأي او الوضع الاقتصادي او الاجتماعي .. المادة  14  من الفصل الأول "الحقوق " أولا - الحقوق المدنية والسياسية) ، ولكن هل يتحقق هذا ولو في مفصل واحد من مفاصل الحياة ، الحقيقة لا يمكن إثبات هذا أبدا ، فأبناء المكونات الدينية الغير مسلمة يتعرضون باستمرار إلى الإساءات القانونية ، وأول هذه الإساءات فإنهم يعيشون تحت خيمة دستوردولة دينية ، دينها الرسمي هو الإسلام وهو مصدر أساسي للتشريع ، وهذا الأمر لوحده يكفي أن يكون سببا لمخاوف بقية المكونات الدينية في العراق والإجحاف بحقوقهم الدستورية فضلا عن بقية ما جاء به الدستور الدائم للعراق عندما يؤكد في المادة 2 .أولا. أ  بأنه (لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام)
ومن هنا فإن زواج سيمون لا يتم إلا وفقا للقوانين العراقية التي سترجع بأسباب اتمامه إلى المبادئ المبينة اعلاه . والجدير قوله هنا إن كل ما يحصل من إصرار في ارتكاب المزيد من الجرائم من هذا النوع من قبل أبناء عشيرة حسن نصر الله والإبقاء على  أبوابها مشرعة وتمريرها في ظل سيطرة حكومة الإقليم على هذه المناطق والصمت العجيب من قبل مدافعي حقوق الإنسان والطفولة والمرأة ليس إلا تملصا من مدنية المواد الدستورية وقبولا على تحريف مسار بناء دولة مدنية تحقق المساواة الواردة في الدستور العراقي .
وعند الحديث عن هذه القضية لا أريد الدخول في تفاصيل أكثر عن مدى الغدر الذي تتعرض له المكونات الدينية بين دستور يشرع المزيد من الحقوق والمساواة لكل العراقيين وبين السلطات والمجتمع اللذان يخرقان على الدوام كل بنود الدستور وكل القوانين المدنية ويعتديان بصلافة على حقوق وحريات الأقليات .   
3- إذا كان كل ما تحدثت به في الفقرة 1و2 من موضوعي هذا متوقعا ويمكن أن يحصل في كل يوم في مناطق الأيزيدية أو مناطق تجمع بقية الأقليات الدينية ، فإن الأمر الغير متوقع أن تنبري بعضا من منظمات المجتمع المدني وما يسمى بالمنظمات المدافعة عن حقوق المرأة والطفولة والإنسان علاوة على شخصيات نسائية ومحرر اللقاء مع الخاطف والمختطفة من قناة ك ن ن للدفاع عن الاغتصاب حتى ولو كانت الضحية طفلة كسيمون حيث لم يتعدى عمرها الحادية عشرة و5 شهورا وهناك في هذا الشأن  اثباتات واضحة يقدمها والدها أما الرأي العام عبر الصحافة ليس بالإمكان التلاعب بها بسهولة. فالمنظمات والشخصيات النسائية التي وقعت على نداء موجه إلى القيادة ا لكوردستانية والمحافل الدولية اثر حادث خطف سيمون يرتبكون خطئا فاضحا ليس بحق الأيزيدية عندما يتهمونهم بقاتلي الفتاة دعاء أو إثارة غيرها من المظاهر السلبية بصدد هذا المقتل المدان من قبل المجتمع الأيزيدي وإنما بحقها أو حقهن ،  فهنا نجد إن هذه المنظمات وقفت علنا إلى جانب اغتصاب ليس فقط المرأة وإنما القاصرات منهن بشكل خاص ، و بهذا فهي واهمة جدا بأن مثل هذا الدفاع عن الاغتصاب والنشاط المناوئ للطفولة سوف يكون له مكانة بين سطور وتاريخا طويل وعصيب خاضته النساء الديمقراطيات والمتحررات في العالم والعراق وكوردستان عبر منظماتها الديمقراطية وبمساندة القوى الاجتماعية والسياسية السليمة حتى تحققت الكثير من المنجزات التاريخية للمرأة والطفولة وإنسانيتها ، فنساء نداء سيمون ومنظماتها والرجال الذين التفوا حولهن سوف لن يرتقوا إلى مصافي المناضلات والمناصرين الحقيقيين ولن يكتب التاريخ عنهن أو عنهم كأبطال ومدافعين عن حقوق النساء ، بل سيفضحهم إلى نهاية التاريخ  بأنهن وإنهم من دعاة الاغتصاب ، لأن نداءهم يدعو صراحة إلى حق حسن في اغتصاب الطفلة سيمون ، ويدعوا في نفس الوقت إلى التمرد على القانون المدني ، وهذا أبشع انتهاك .
ولاشك إن هذا الانتهاك جاء ليترجم ما ذهب إليه الصحفي الفلتة أمير كوران من قناة ك ن ن الذي وقع في أكثر من مطب ، إذا لم يكن في إمكان القانون محاسبته واتخاذ اجراءات رادعة بحقه كونه خالف مهنيته بسبب طبيعة القوانين الغير قادرة من الخروج عن  دائرة بعضا من المواد التي تكبلها ، فإن لعنات كل من يشعر بضرورة التضامن مع حق الطفولة وحقوق المرأة  ومناهضي الاغتصاب ستبقى تلاحقه على مر الأجيال ، بسبب محاولته قلب كل الحقائق المتعلقة بطفولة سيمون ، إذ قلب الدنيا رأسا على عقب ولم يقعدها لإقناع المشاهدين بأنها امرأة بالغة السن وليست طفلة وأنها مسئولة عن افعالها وأشهرت إسلامها عن وعي بعد نزول الوحي عليها وعندما أقتنع بأن كل ذلك صحيح فلم يعتبره جريمة وتستر عليها بصراحة علاوة على توجيه أقذر تهمة لكافة الأيزيدية بأنهم قتلة دعاء وذلك على لسان الطفلة الضحية سيمون وتقويلها بأنني لو عدت إلى أهلي فإنهم سيقتلونني كما قتلوا دعاء.
4- عند الحديث عن القوانين المدنية العراقية أو العربية ، لا يمكن أن ننسى دور النساء المتحررات والديمقراطيات ومنظماتهن ودور القوى الديمقراطية والعلمانية ونضال الشعوب العربية الذي استطاع تحقيق الكثير من المنجزات من خلال سن قوانين مدنية لصالح المرأة والعمل من أجل مساواتها مع الرجل وغيرها من القوانين التي ترتبط بها كقوانين حماية الطفولة والأمومة وما إلى ذلك ، وفي نفس الوقت لا يمكن نسيان المقاومة العنيفة الضارية لقوى الظلام التي انتهكت كرامة المرأة بهمجية لا نظير لها عبر قرون عديدة من الزمن .
ولا ننسى إن هذا الصراع لما يزل متواصلا بعنف ، يتأثر بالأحداث التاريخية وموازين القوى ، فكلما كانت القوى المدنية والعلمانية قادرة على تعبئة الشارع وقيادة النضالات الجماهيرية ، كانت في نفس الوقت قادرة على تحقيق المزيد من المكاسب الدستورية والمنجزات التقدمية لصالح المرأة ، و استطيع القول إن هذا الضغط على قوى الظلام كان شديدا إلى فترة السبعينات من القرن الماضي ، عندما بدأت حركات التحرر في البلدان العربية تتراجع أو تترواح في مكانها أو تحولت إلى قوى معادية لمصالح شعوبها بسبب تحول مواقعها الطبقية عند أدارتها للسلطة وتبنيها للنهج الدكتاتوري البشع في البقاء على دفة الحكم ، وبسبب ظروف تاريخية معقدة لست بصدد الحديث عنها استعادت القوى الدينية المتخلفة نشاطها واستعادت بعض مواقعها في السلطة على مستوى المنطقة وانتشر الإسلام السياسي المتشدد والمتطرف في الحياة السياسية هنا وهناك  ، مما شكل تراجعا في الحقوق المدنية للشعوب وفي مقدمتها حقوق المرأة ، فقد تعرضت تلك الحقوق إلى هجوم واسع من قبل قوى الظلام و ظهر ذلك جليا بعد سقوط النظام الدكتاتوري وعند بدايات تبوء قوى الإسلام السياسي للسلطة ومحاولتها النيل من القوانين التي تحمي حقوق المرأة وكرامتها وإنسانيتها .
وما من شك إن المجتمع الكوردستاني بدأ يتأثر بشكل مباشر بهذا المد الديني على حساب المد القومي وبدأت لأول مرة تتشكل وتنتشر بشكل علني منظمات وأحزاب الإسلام السياسي في كوردستان بعد الانتفاضة ، وخاضت نشاطها على مختلف المستويات واتخذت من مختلف أساليب العمل نهجا لها بما فيها اللجوء إلى العنف ، ولابد من القول إنها استفادت من الدعم الذي كانت تستلمه من دول الخليج وتوسعت رقعتها الجماهيرية اثر قيام ثورات الربيع العربي والتي سرقها الإسلام السياسي المتطرف في غالبيتها ، ومن هنا بالذات بدأ المجتمع الكوردستاني يتبنى العديد من التهديدات للتعايش الديني الذي استقر لفترة غير قصيرة من الزمن وأصبح الأيزيدينون لأكثر من مرة هدفا مباشرا لهذه التهديدات ، ومن هنا أيضا نستطيع القول إن كل هذا يتفاعل مع قضية سيمون سلبيا ، فليس تقرير أمير كوران  في ك ن ن سوى فصلا آخرا ضمن هذه المسلسل ولن يكون نساء نداء سيمون سوى زيادة في تفعيل هذه التهديدات لتدوير عجلتها بوتيرة أسرع .
5- إذا كان حال القوانين كذلك والقضاء يحكم وفقا لها وسلطات الإقليم والمركز غير قادرة على ايجاد مخارج لمثل هذه القضايا والحد من جرائم على هذه الشاكلة بالرغم من إن المرتكب أو المرتكبين يعيشون على أرض من المفترض تقع تحت سيطرتها ، فإنه ليس بوسع ضحايا هذه الجرائم إلا اللجوء إلى الرأي المحلي والعالمي العام والمنظمات المناهضة بشكل فعلي للجرائم التي ترتكب بحق المرأة بمختلف أشكالها ، وذلك لتحريكها من أجل الضغط على مرتكبي مثل هذه الجرائم وكذلك للوقوف معها من اجل سن قوانين تستجيب للمساواة بين الجميع دون استثناء من خلال الدعوة إلى :
- سن دستور يفصل الدين عن الدولة .
- سن قوانين مدنية تحقق العدالة في كل مجالات الحياة بين المواطنين العراقيين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والعرقية والطائفية.
- سن قوانين خاصة تحقق للمرأة مساواتها وتصونها من أي تجاوز على حقوقها .
- سن قوانين لتجريم التميز الديني والعرقي والطائفي .
   
           
   


72
آخر الكلام في 2012
وزارة و وزير الشؤون الأيزيدية
ناظم ختاري
بدءا لابد من القول بأنني لست فرحا لوزارة الشؤون الأيزيدية التي صنعت لهم في وقت متأخر بعد تشكيل الكابينة الوزارية بقيادة السيد نيجيرفان بارزاني ، لأن سبب استحداثها جاء من أجل معالجة خلل شاب عملية تشكيل الكابينة التي خلت من مبدأ الشخص المناسب في المكان المناسب وهذا يعني  إنها ولدت مشوهة . و اجمالا جرى اسقاط  أكفاء أبناء الأيزيدية من الحقائب الوزارية الأخرى في الكابينة وبالتالي اسقاطهم من المشاركة في صناعة قرار كورديتهم ، وهذا  يعد  تقصيرا واضحا  بحد ذاته ، و هو كذلك إهمال لمبدأ المواطنة الذي ينبغي أن يُعمل به عندما نريد التأسيس لدولة المواطنة والقانون وهذا ما لم يتحقق عند هذه الحالة كما في أحوال أخرى كثيرة ، وكأن الحقائب الوزارية في الإقليم  وغيرها من المؤسسات هي مخصصة لمكون معين دون المكونات الأخرى التي تعيش في كوردستان ، وعلى أثر هذا الاسقاط  شعر الأيزيديون بمرارة الواقع ، وحجم المواقع الهامشية المعينة لهم سياسيا ، عبر عن ذلك  العديد من الأخوة على صفحات الانترنيت عبر العديد من الكتابات والمقالات والتي لم تضع هي الاخرى ، العجلة  السياسية الأيزيدية في كل الأحوال على السكة الصحيحة لمعالجة هذا الواقع المرير بشكل ايجابي وتخليص أبناء هذا المجتمع من الأوهام علاوة على الهوامش التي اختيرت لهم كمواقع اجبارية في السياسة والحياة العامة أيضا  ، وهكذا تحرك الأمير في الاتجاه المعاكس لدوران العجلة المفترض وتمخض نشاطه عن وزارة لم يجر استوزار وزير لها لحد الآن ، بل هناك منافسة حامية بين عدد كبير من المرشحين وضمنهم مرشح أو مرشحي الأمير .
 هناك حقيقة مرة يعيشها المجتمع الأيزيدي وتغض القيادة الكوردستانية الطرف عنها وأحيانا تشجع على تنميتها من خلال دعمها لمجموعة من السادة الذين يتصدرون المشهد الأيزيدي، وهم يدفعون بأبناء الأيزيدية  للانطواء و الركون في زاوية ضيقة والعيش في هموم وأوهام "خصوصيتهم " بعيدا عن حقيقة وجودهم  في مجتمع متعدد المكونات والثقافات ووجود تطلعات وهموم مشتركة ، وأعني بذلك  سعيهم بشتى السبل من أجل خلق انطباع عام لدى الأيزيديين بأن أصالتهم الكوردية تكفيهم ، ويتوجب عليهم عدم البحث عن معايير مواطنتهم الفاعلة في الحياة العامة ، أي ان طريق كورديتهم العامة مسدود  لا يجوز المرور فيه ، وأمر التصدي لما يعترض  ويواجه كل الكورد " من دون مصطلح الكورد الأيزيديون أوالكورد الفيليون "  أو غيرها من التسميات " التي اطلقها البعض على الكورد ، بشكل مشترك غير وارد ، بعكس ما ينبغي أن يجري العمل من أجل تأهيل الأيزيديين كي يكونوا في معترك الحياة العامة باعتبارهم مواطنين في كوردستان أو في العراق وإن قضايا وطنهم وانتماءهم القومي هي قضاياهم وهم مسئولين عنها كما بقية المكونات ، وبالتالي فليس هناك من تشريع يحدد لهم موقع قيادي خاص بشؤونهم كديانة ، دون غيرها من مواقع المسؤولية في الدولة والمشاركة في القرار السياسي ، فإذا كان هناك من يريد البقاء ضمن هذا المحيط الضيق ويسوق له عند ممارسة السياسة ، فأنا أعتقد إن الشباب الأيزيدي مطالب بالتحرر منه وتنمية ثقته بنفسه ، لعبور سور الدائرة الخاصة والوزارة الخاصة وكل الأشياء الخاصة للوصول إلى كورديتهم العامة ضمن الإقليم وحق المواطنة  ضمن العراق ، فمن هناك  وعبر هذا الحق  ولا غيره تنبع الحقوق الأساسية الأخرى وليس العكس .   
وعليه لابد من الإشارة بأنه جرى التعامل مع أحقية مطالبهم المعروضة بشأن المشاركة في  الكابينة الوزارية بشكل مشوه ، من قبل السيد رئيس الوزراء والبرلمان الكوردستاني ، من منطلقات ذكرتها في اعلاه ، وجرى حصرهم ضمن أسوار وزارة خاصة أو مؤسسات تعني بشؤونهم فقط ، خلافا لما اعتمد في الكابينة السابقة التي استوزرت وزيرا لزراعة الإقليم وليس مناطق سكنى الأيزيدية ، وبعيدا عن فضاءات المشاركة في القرار السياسي للإقليم والانخراط  في المؤسسات الكردستانية العامة باعتبارهم من أبناء عمومة الكورد ، علاوة على ما يترتب على ذلك  دائما من اعتبارها ( الوزارة ) التفاته صادقة ومكرمة وغير ذلك من برمكة القيادات المتعودة في شرقنا  المهزوم على اعطاء الهبات  بدلا من الحقوق لشعوبها .
و الأمر لم ينتهي عند هذا فقط ، عندما أصبح وجود الوزارة حقيقة وفقا للشرعية البرلمانية ، فقد تسارعت خطوات المعنيين بها للبحث عمن  يترأسها ، فمثلما كانت مقدمات مخاضها وولادتها مشوهة ، فأن عملية البحث عن قائدها بدأت مشوهة أيضا ، إذ يبدو هناك اصرار من قبل المسئولين على أن يكون الوزير القادم على رأس الوزارة الخاصة وشبه الدينية باعتبارها منحة خصوصيتهم ،  رجلا حزبيا وكورديا دون خصوصية بحكم موقعه الفكري والسياسي المفترض، لا علاقة له في الخصوصية سوى الجانب المشوه منها والسعي من أجل تمثيلها بدافع الكسب على حسابها ( الخصوصية ) ولا علاقة له في الدين سوى الانتماء إليه وبدافع الكسب أيضا على حسابه ، وفي الوقت نفسه يصر هؤلاء لخوض معترك هذه الوزارة بنفس السياسي المتدين لتعزيز التشوه في الخصوصية ، فحسب ما يتناقله العديد من الأخوة على صفحات الانترنيت هناك عدد كبير من الكوادر الحزبية يحومون حول القيادات  في الوطن للظفر في الوصول إلى قمة الوزارة ، وهذا الأمر أعتبره معيبا وبكل تأكيد يتنافى مع ما ينبغي عليهم أن يتحملوا من أدوار مستقبلية  تنسجم مع حاجة المجتمع وتقويمه .
ويتحتم على هؤلاء الاخوة رفض فكرة هكذا وزارة وعليهم العمل  الحثيث على استو زار مواطنين أيزيديين اسوة بباقي مواطني كوردستان للوزارات الكوردستانية الأخرى ، وعليهم أن يعترفوا بأن الخصوصية لا تتحقق عبر الوزارة الخاصة التي تعزز وفق قناعتي الانعزال أكثر ، بل تتحقق  عبر تعامل موضوعي مع اشكاليات المجتمع الأيزيدي وإيجاد الحلول الناجعة لها .       
نعم رغم الخطأ فالوزارة موجودة ، لذا أعتقد من المفيد الإبقاء على خطأ واحد وعدم تخطي حدوده لكي يصبح اثنان ، بل لابد من العمل في الخطوة التالية من أجل تقليل شأن الخطأ الأول من خلال اختيار الشخص المناسب لهذه الوزارة ، لكي يصلح من تشوهات مخاضها وولادتها وسباق رئاستها ولكي يعمل على وفق رؤية  مهنية وموضوعية واضحة  بعيدا عن تحزيب انجازات الوزارة إذا استطاع تدوير عجلتها .



73
من وراء مقتل هناء ادور؟؟!!

عندما نقول اننا نخشى تركيز الصلاحيات بيد فرد واحد أيا كان لون وجنس وطائفة وقومية  هذا الفرد , هو حرصنا على الديمقراطية وتوفير الامن والامان للمواطنين , لان هذا التركيز يدعوا الى اقصاء الاخر والهيمنة على كل شئ ويطغى الجانب النرجسي في هذا الفرد من حبه لذاته , وعدم قبول النقد من اي شخص او اية جهة كانت , واستقراء موجز  لحوادث التاريخ الحديث والقديم تؤكد ما نشير اليه.
بغداد – محمد الهيتي  " كشف مصدر امني عن مقتل الناشطة النسوية رئيسة منظمة امل هناء ادور بحادث سير على طريق المطار , وقال المصدر ان جثة هناء ادور تم العثور عليها وهي داخل سيارتها لافتا الى ان التحقيقات اثبتت ان الحادث كان مخطط له وبفعل فاعل ومن جانبه أكد مصدر طبي ان جثة هناء ادور تعاني من تكسرات عديدة في اغلب مراكز الجسم وارتجاج الدماغ , مؤكدا على ان الحاله صعبة جدا لو كانت على قيد الحياة ".
ويذكر ان هناء ادور توجهت بالحديث لرئيس الوزراء نوري المالكي بخصوص الشباب المعتقلين "أن هؤلاء الشباب الاربعة معتقلون من أجل حرية الرأي, بينما هناك مجرمين كانوا موجودين ضمن الوزراء وأعضاء مجلس النواب لماذا لم يحالوا الى العدالة ؟ بينما انتم تتحدثون عن مجرمين في منظمات المجتمع المدني , ونحن نستنكر هذه الطريقة لان المنظمات قدمت الكثير من التضحيات وبذلت الغالي والرخيص من أجل العراق " .
وزادت ادور " طلبت من رئيس الوزراء ان يعتذر رسميا لمنظمات المجتمع المدني ثم غادرت القاعة احتجاجا على موقف على موقف غير سليم من قبل رئيس الوزراء يتهم منظمات المجتمع المدني بالارهاب " .
وتساءلت ادور قائلة " أليس هناك مجرمين ومزورين بين الوزراء وأعضاء مجلس النواب ؟,و لماذا لا يحاسب القائد العام للقوات المسلحة وقادته الامنيين عند حدوث اختراقات امنية ؟  مبينة أن " رئيس الوزراء يحاول تعميم حادث واحد نعتقد انه مفبرك على منظمات المجتمع المدني في محاولة لضربها من خلال هذا التوجه " .
بقى ان نقول أن هناء ادور  قتلت في حادث يوم الاحد 25-11-2012 , واسدل الستار على الناشطة النسوية هناء ادور .
من يكون يا ترى وراء مقتل الناشطة النسوية , ومن الجهة المستفيدة من ورا ء مقتلها ؟؟!!

خليل كارده
 

74
ما هو موقف البرلمان الكوردستاني ؟؟!!

في أطار الجهود الديبلوماسية المبذولة لاحتواء الاحتقان السياسي والازمة الناشبة بين اقليم كوردستان والمركز على أثر تداعيات أرسال المالكي قوات دجلة لغرض فرض السيطرة على المناطق المتنازع عليها في محافظتي كركوك وخانقين والمناطق الاخرى , قام اسامة النجيفي رئيس مجلس النواب العراقي بزيارة خاطفة استمرت يومان الى اربيل لمقابلة مسعود البارزاني وتم التوصل الى اتفاق يقضي الرجوع الى اتفاقية 2009 لادارة المناطق المتنازع عليها بشكل مشترك وهو ما يمهد للتهدئة وفقا للدستور , وكان رئيس مجلس النواب النجيفي قد اطلق مبادرة لنزع فتيل الازمة بين بغداد واربيل التقى على أثرها في بغداد نوري المالكي كما التقى في اربيل مسعود البارزاني تم التوصل خلال هذه اللقاءات على العودة الى اتفاق عام 2009 والقاضي بادارة المناطق المتنازع عليها ادارة مشتركة  , وقد اشترط مسعود البارزاني على ان يكون رئيس الاركان بابكر زيباري قائدا لتلك القوة المشتركة .
وفي سياق متصل ولدراسة اثار تداعيات ارسال قوات  دجلة التقى مسعود البارزاني باربيل بالاحزاب الكوردستانية والمعارضة الكوردستانية في اطار ايجاد وتوحيد المواقف للخطر الداهم الاتي من بغداد والتي يسمى بقوات دجلة وكان هذا الاجتماع قبل قدوم اسامة النجيفي والاجتماع بالبارزاني  , وتم الاتفاق على توحيد المواقف وعدم التفريط بالمكتسبات القومية  , وفي هذا السياق  قدمت حركة التغيير مبادرة قيمة لاقت استحسان الجميع حيث بها يتم الاشارة الى الاخطاء التي اقترفها التحالف الكوردستاني ونوابهم ووزرائهم في بغداد وسبل تلافي ذلك مستقبلا ووضع الحلول المناسبة ووضع ألية وتحديد سقف زمني لتطبيق المادة 140 الدستورية والضغط على المركز من خلال تفعيل وتحسين عمل  النواب والوزراء الكورد في بغداد , وقد اجمع الحضور على تقديم ورقة حركة التغيير في اي مفاوضات محتملة مع بغداد لما فيها جوانب ايجابية قيمة . وتنبع من ارادة قومية حريصة على تحقيق العدالة وارجاع الحقوق لاصحابها من مغتصبيها .
وبعد هذا الاجتماع القيم , قدم النجيفي الى اربيل والتقى بمسعود البارزاني وتم موافقة مسعود البارزاني على مقترح النجيفي والعودة الى اتفاقية 2009 , دون الرجوع الى البرلمان الكوردستاني او حتى تناسى موافته السابقة في اجتماع الاحزاب الكوردستانية   بما فيها المعارضة قبل قدوم النجيفي  , هذا هو بالضبط ما نخشاه عندما يكون النظام الرئاسي هو السائد في مجتمعنا الكوردستاني فبدلا من  ان يكون المرجعية هي الشعب والامة متمثلة بالبرلمان الكوردستاني , نجده في الحقيقة  بيد فرد يهمين على مقدرات الشعب والامة وعلى صنع القرار .
ما نريده حتى يكون اقليم  كوردستان قوي الشأن مهابا من قبل المركز , ان يكون الشعب هو المرجعية عبر ممثليها في البرلمان الكوردستاني , ولا للنظام الرئاسي والتفرد بالقرار والتسلط .
وتنسائل هنا ماهو موقف البرلمان الكوردستاني من قوات دجلة ؟ ولماذا لم يصدر بيانا هو هذا الموضوع حتى الان ؟  من المفترض  هم ممثلي الشعب وعلى مستوى المسئولية , ويصدروا بيانا قويا حول تداعيات المالكي ارسال قوات دجلة للمناطق المتازع عليها ( المغتصبة ) , ولكنهم اذعنوا للنظام الرئاسي والقرارات الفردية التي تصدر  نيابة عنهم دون الرجوع الى الشعب والامة .

خليل كارده

75
أنصاريات .. قواعد ومفارز وإعادة بناء تنظيمات الده شت .
ناظم ختاري
الحلقة الأولى

بينما كان الأنصار الملتحقين من قرى وقصبات ده شت الموصل يتلهفون للعودة إلى منطقة به هدينان لممارسة نشاطهم ضد النظام وإنهاء تواجدهم في القاعدة الأنصارية الأولى الواقعة على الحدود العراقية - الإيرانية ضمن المنطقة الإدارية التابعة لـقضاء قلعة دزى ، في واد تكثر فيه الأنهر وقمم جبلية عديدة ووديان متفرعة ومقرات مختلف الأحزاب الكوردستانية والمعارضة العراقية وأسواق مبنية من خيم ومن أبنية من الطين والحجر فيها كل أنواع البضاعة العراقية والإيرانية علاوة على بضاعة قادمة من دول أخرى و فيها قرى عديدة  كانت أشهرها قريتا "ناوه زه نك و تووزه له "... تعلم في هذه  القاعدة هؤلاء الأنصار بدايات الحرب البارتيزانية من خلال التدريب على السلاح رغم قلته وكيفية تنظيم المجاميع الأنصارية في وحدات عسكرية وكيفية إدارتها  والتعرف على القوى الأخرى المتواجدة قبلنا هناك ، إذ كان من بين هذه القوى مقر المكتب السياسي للإتحاد الوطني الكوردستاني وقائده مام جلال طالباني ، إضافة إلى حضور المهرجانات الخطابية لقادة مختلف الأحزاب في المناسبات ، وتعرفوا خلال فترة تواجدهم على العديد من قادة الحزب الذين ترددوا على القاعدة ، وساهموا بنشاط في المناقشات التي كانت تجري بشأن سياسات الحزب والدفع باتجاه اتخاذ أسلوب الكفاح المسلح لإسقاط النظام الدكتاتوري ، وممارسة الأنشطة الثقافية المختلفة ، والمساهمة في بناء المزيد من الوحدات العسكرية بعد ازدياد عدد الرفاق الملتحقين من مختلف الاتجاهات وخصوصا من الداخل ، حتى تحول المقر الذي كان عدد الرفاق المتواجدين فيه لا يتجاوز الثلاثين رفيقا ، إلى عدة مقرات ووحدات عسكرية تحت تسمية فصيل ، فقد تشكل فصيل تحت اسم فصيل نينوى وأخر تحت اسم فصيل بتوين وكذلك فصيل بشدر وفصيل بغداد وفصيل المدفعية وغير ذلك من الوحدات الأنصارية وغدت قيادات الحزب تتواجد هناك لمتابعة أوضاع الرفاق وثم لقيادة العمل فقد كان من بين  الذين تواجدوا لهذه المهمة المرحوم فاتح رسول و القائد الأنصاري المعروف المرحوم توما توماس عضوي اللجنة المركزية وعمر علي الشيخ عضو المكتب السياسي وآخرين من قيادة الحزب .
افتتح الحزب قاعدة أنصارية أخرى هناك  في به هدينان في كه لي كوماته ضمن منطقة وعرة على الحدود العراقية - التركية بالقرب من نهر الخابور وضمن الحدود الإدارية لناحية باطوفة ، وذلك بعد وصول المجاميع  الأنصارية الأولى القادمة من العديد من الدول إليها عبر سوريا إذ كان بينهم القائد الأنصاري المعروف أبو باز " دنخا البازي "، حيث شيدت هذه المجاميع مقرا لها إلى جانب مقرات الفرع الأول لرفاقهم من بيشمه ركه الحزب الديمقراطي الكوردستاني في تلك المساحة الضيقة والمحصورة بين قمة جبلية ونهر صغير يحد جزءا من أرض كوردستان بين العراق وتركيا وينصب في خابور بعد مسافة قصيرة جدا ، والذي أصبح أي المقر رافدا رئيسا لتزويد بقية القواعد والمقرات الأنصارية التي انتشرت لاحقا في العديد من مناطق كوردستان بالسلاح والمقاتلين الأنصار القادمين كما أسلفت عبر سوريا ، إذ أغلبهم تركوا العراق بعد الحملة التي تعرضت لها منظمات حزبنا في 1978 على يد النظام الدكتاتوري ومنهم من كان يتمتع بمقاعد دراسية في "الدول الاشتراكية " أكاديمية كانت أم حزبية ولكنهم فضلوا الانخراط في عملية الكفاح المسلح لمقارعة الدكتاتورية على تلك الامتيازات ، وأصبح العديد منهم مقاتلين بواسل وقادة أشداء ، واستشهد الكثير منهم في المعارك مع قوات النظام .
وبعد ورود المعلومات عن قاعدة به هدينان توجهت أول مجموعة في نهاية 1979 ضمت القائد الأنصاري المعروف (1) "علي خليل  " أبو ماجد  إلى جانب"14 "  نصيرا آخرا من قاعدة "ناوه زنك " إلى كه لي كوماته للانضمام إلى رفاقهم .
 ومن هناك قاد أبو ماجد (2)"أول مفرزة " صغيرة إلى الده شت في بداية ربيع عام 1980 . والتي صاحبت مفرزة (3)"البيشمه ركه القديم خالد شلي "من الحزب الديمقراطي الكوردستاني حيث كانت تتوجه إلى منطقة "به رى كاره "،  بينما جرى تكليف كل من درمان سلو "أبو حربي "و ألياس عبدي "ياسين" للعمل في تشكيلة عسكرية سميت فيما بعد بمفرزة الطريق ، أما الأنصار سيدو خلو " أبو مكسيم " وصباح كنجي ولازار ميخو " أبو نصير " وآخرين  فقد جرى تكليفهم ببعض المهام الحزبية والعسكرية  في كه لى كوماته .
أٌبلغ ابو ماجد ان مهمة مفرزته تنحصر ضمن استطلاع الأوضاع والعمل من أجل أعادة الاتصال بالمنظمات الحزبية في مناطق ده شت الموصل كمهمة ثانية علاوة على كونها مفرزة دعائية لتعريف جماهير المنطقة ببدء نشاط الأنصار الشيوعيين في منطقة به هدينان ... شقت المفرزتان الحليفتان طريقها إلى حوض كارة وسط مواقع عسكرية منتشرة في كل الأنحاء على طول الطريق وهذا كان حال كل المواقع الإستراتيجية في كل كوردستان ، وكان وقتذاك الانتقال من مكان إلى آخر أو من منطقة إلى أخرى والوصول إلى المنطقة المطلوبة لوحده عملية شاقة ، حيث كانت تعترضها مصاعب ومخاطر جمة و كانت تتطلب من ألانصار والبيشمه ركه مهارة عالية ومعرفة جيدة بطوبوغرافيتها وأماكن تواجد النقاط العسكرية للجيش النظامي لتجنب الوقوع في كمائنها ، وبالرغم من كل ذلك كان الجيش وقوات النظام الأخرى تتمكن منهم في بعض الأحيان .
 من هناك أي من حوض كارة  اتفق الطرفان الوصول معا إلى المنطقة  المحيطة  بقرية "هه سنه كا "، ومن هناك تنفصل مفرزة أبو ماجد لمواصلة مشوراها إلى الده شت وسط مخاطر أكبر وأكثر تعقيدا حيث كانت المرة الأولى التي يتجول فيها الأنصار الشيوعيون لوحدهم في منطقة أعتمد بقية أفراد المفرزة على معرفة أبو ماجد القديمة بالطرق المؤدية إلى الده شت، فوسط هذه المخاطر العسكرية علاوة على المخاطر الأمنية الناجمة من عملية تجنيد العديد من وجهاء وشيوخ عشائر ومخاتير القرى في سلك الأجهزة الإستخبارية والذين كانوا عيونا للسلطة ترصد تحركات الأنصار والبيشمه ركه ، وفي ظل انحسار التعاون من قبل أهالي المنطقة بسبب الخوف الشديد من كل ما ذكرت علاوة على كون ذلك التجربة الأولى لأنصارنا كانوا يتحركون بغياب المعلومة الضرورية من ركيزة متعاونة أو غير ذلك ، سلكت المفرزة طريقها إلى هدفها متحملة الجوع والبرد والإرهاق والحرمان من النوم والانقطاع عن العالم ، الذي استغرق وقتا ثقيلا إلى أن وصلت إلى منطقة آمنة أي معروفة بشكل جيد للمجموعة وهي السلسلة الجبلية الممتدة بين ألقوش وشيخان .
من هناك قرر هؤلاء الأنصار الانقسام إلى مجموعتين بعدما عرفوا إن مشكلة ما تعترضهم ولابد من الاعتماد على قدراتهم الذاتية لمواصلة استطلاع الأوضاع وإيجاد الركائز وإعادة الصلات برفاق منظمات الحزب المتضررة والمقطوعة الصلة والمجموعات التي وقعت على استقالاتها تحت ضغط وإكراه الأجهزة القمعية المكلفة بالحملة الشرسة التي شملت كافة أنحاء العراق ، قدم الحزب  بسببها خسائر فادحة لازالت تشكل عبئا ثقيلا عليه وعلى حاضره ومستقبله السياسي .
فالمجموعة الأولى ضمت كل من أبو ماجد  وعيدو ابراهيم ودرويش عبدي وحيدر سليمان ، أما المجموعة الثانية فإنها ضمت كل من خليل أبو الشوارب وأبو إيفان و أبو سلام ، وكل مجموعة توجهت إلى سبيلها فالأولى التي كان أفرادها ينتمون  إلى  قرى "به ر بنى وبن كه ند " اتخذت منها محلا لعملها بحكم معرفتهم بتنظيمات الحزب السابقة ، وتوجهت إلى قرى حتارة ودوغاتا بالتحديد ، وتركت حيدر في خورزان حيث مسقط رأسه ، وهناك اختفى الرفاق متوزعين على بيوت سرية وبين عوائلهم على أمل اللقاء لاحقا لوضع الخطط للعودة إلى الجبل بعد جولة من استطلاع الأوضاع  ودراسة إمكانية الاتصال بأعضاء التنظيمات السابقة وما إلى ذلك .
 أما المجموعة الثانية فإنها واصلت طريقها إلى منطقة الكه ند ومن هناك تفرقت بعدما اتفق الرفاق على خطة ومواعيد الالتقاء داخل مدينة الموصل وخصوصا إن مهمة هذه المجموعة كانت تنظيمية وكان من المفترض أن تبقى في المنطقة لأطول فترة والتنسيق مع قيادة الحزب عبر الرفيق أبو ماجد ، وكانت وجهة كل واحد منهم مختلفة فأحدهم كان ذاهبا إلى سنجار والأخر إلى بعشيقة والثالث إلى ألقوش .
بعد عدة أيام من البقاء هناك في المنطقة أرادت مجموعة أبو ماجد العودة إلى الجبل مرة ثانية بعد أن اطلعت على الوضع في المنطقة ، ولكن مما يؤسف له فإنها فقدت قدرتها على لملمة نفسها للعودة رغم المحاولات المتكررة واللقاءات الثنائية بين أعضاءها ، حيث وقعوا تحت ضغط حرب نفسية وضخ إشاعات بأن أجهزة السلطة أصبحت لديها معلومات أكيدة عن تواجدهم في المنطقة وهي تلاحق أخبارهم من أجل الإيقاع بهم ، لذلك صعب تجمعهم وبالتالي انقطع أي اتصال بينهم  ، ووجد كل واحد من المجموعة بأنه غير قادر على العودة لوحده إلى الجبل بسبب عدم معرفة بالطرق السالكة والآمنة ، إزاء هذا شعرت العوائل بخطورة الأمر إن وقع أحدا من هؤلاء الأنصار بيد السلطات ، ولذلك عملت بعضها لتسليط المزيد من الضغط عليهم لتسليم أنفسهم إلى السلطات الأمر الذي أغلق كل الأبواب أمام الأنصار الأربعة ،  لذلك قرر 3 أنصار من أصل 4 الاستسلام اضطرارا ، أما أبو ماجد فقد بقى متنقلا من مكان إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى بحثا عن منفذ للعودة إلى الجبل ، لذلك طرق أبواب  سنجار لعبور الحدود ليتمكن من هناك وعبر سوريا الالتحاق بالرفاق ، ولكنه لم ينجح أختفى في مدينة الموصل وفي قرية دوغاتا وغيرها من الأماكن ، عانى خلالها الكثير من الوحدة وعدم القدرة على إيجاد حل لوضعه . ولكنه في الأخير استطاع الوصول إلى كارة بمساعدة أقرباءه من قرية شيخ خدرى في منطقة القائدية واللقاء بمفارز حدك والعودة إلى كوماته . 
وفي نفس هذا الوقت كان لرفاق المجموعة الثانية موعدا للالتقاء في مدينة الموصل بعد فترة من البقاء كل في منطقة عمله ولكن  لأسباب غير معروفة غاب  أبو سلام عن اللقاء ، وكان لذلك وقعه السلبي على كل من أبو خدر وأبو إيفان ، بسبب حساسية الوضع وخطورته في ظل هيمنة أجهزة السلطة الأمنية على كل مرافق الحياة وممارسة كل أشكال الضغط لكسب المزيد من العملاء لها لمراقبة المعارضين ، علاوة على عدم قدرتهما الاتصال بالرفيق أبو ماجد  الذي كان من المفترض أن ينسق بين المجموعة وقيادة القاطع وكل هذا دفعهما للعمل من اجل العبور إلى سوريا عبر سنجار ، وفعلا نجحا بذلك واستطاعا الاتصال بالرفاق المتواجدين هناك حيث كان للحزب مقرات تنظم حركة الرفاق وانتقالهم إلى كوردستان للانضمام إلى الأنصار ، وفي الواقع لا تتوفر المعلومات الكافية حول كيفية وصول أبو سلام ثانية إلى كوماته .
في هذه الأثناء أي في عام 1980 أوفدت قيادة قاطع به هدينان النصير أبو حربي  ترافقه مجموعة صغيرة إلى مقرات ناوزه نك لمرافقة أنصار الد ه شت الباقين فيها والتوجه بهم إلى قاعدة كه لى كوماته الأنفة الذكر ...  وفي طريقه إلى هناك  ألتقى بالرفيق أبو باز الذي كلف ببناء قاعدة أنصارية في منطقة روست في ظل ظروف بالغة القسوة حيث الأمطار والثلوج وغياب معرفة بظروف المنطقة والافتقار إلى أية علاقات مع القرى القريبة من تلك المنطقة وعدم اكتشاف طرق التمويل وما إلى ذلك ، و كانت معاناة مجموعة أبو باز التي نجحت في بناء مقر لها كبيرة ، إذ تعرض رفاقها إلى جوع وبردا حقيقيان كاد يؤدي بحياة العديد منهم علاوة على عزلة  شديدة عن الناس وفقدان العلاقة مع قيادة الحزب بسبب قساوة ذلك الشتاء الكوردستاني... وعند مرور مجموعة أبو حربي من هناك أنضم إليها ابو باز لعرض أحوال قاعدة روست الجديدة على قيادة الحزب والعمل على تخفيف معاناة الرفاق ، حيث واصلت طريقها إلى ناوه زه نك ووصلت إليها  في  نهاية نيسان من نفس العام .
تحدث الضيوف القادمون من به هدينان عن ظروف تأسيس القاعدة والمصاعب التي واجهت الأنصار وتصميمهم على النجاح والعلاقات المتطورة التي تربط رفاقنا بمقرات الحلفاء من الحزب الديمقراطي الكوردستاني  .. وبهذه المناسبة أقيمت العديد من الحفلات الأنصارية حفاوة بهم وبأخبارهم المفرحة والمؤلمة في نفس الوقت  وجرت الاستعدادات لمغادرة (4)"المجموعة المتبقية" بعد العديد من حفلات التوديع .
 
قدوم أبو باز وأبو حربي إلى ناوه زه ك  دشن مرحلة جديدة في حياة أنصار الده شت ووضعهم أمام مهام وتحديات كبيرة من بينها تعزيز قدرات قاعدة به هدينان البشرية وتطوير القابليات العسكرية والانتشار إلى مناطق أخرى من به هدينان وبناء علاقات إيجابية مع جماهير المنطقة علاوة على إعادة بناء العلاقات الحزبية  وإيجاد الركائز على مستوى المنطقة والبحث عن منافذ إلى مناطق العراق المختلفة لضخ الكادر الحزبي إليها بغية بناء خلايا حزبية من جديد .
تم خلال أيام قليلة تجهيز المجموعة وهي الغالبية من أنصار الده شت والتي تحركت مع عدد آخر من الرفاق الأنصار كان من بينهم خدر روسي ومجموعة من الرفاق الأخرين من أهالي تلك المنطقة ذلك لاستلام مهام إدارة قاعدة روست الجديدة وتعزيز قوامها ، حيث واصلت الطريق عبر المدن الإيرانية إلى مجمع زيوة الواقع على الحدود العراقية - الإيرانية - التركية وكان سكان هذه المجمع من عوائل وبيشمه ركه الحزب الديمقراطي الكوردستاني ، إذ  لجئوا إليه بعد انهيار الحركة الكوردية في 1975 اثر اتفاقية الجزائر المشؤومة ، ومن الجدير بالقول فقد كان استقبال هذه العوائل ومناضليها من البيشمه ركه استقبالا حارا ملئه الأمل بعدم تعثر الثورة مرة أخرى بمؤامرات الأعداء المتربصين لحقوق الشعب الكوردي .
بعد عدة أيام من بقاءنا بين هذه العوائل في مجمع زيوة معززين مكرمين وعندما أكد العارفون بالأنواء الجوية بأن خوض الطريق وعبور القمة الجبلية الواقعة في المثلث الحدودي أصبح ممكنا ، انتقلنا إلى قرية قريبة إلى الجبل تمهيدا للصعود في صبيحة اليوم التالي ، طبعا بعد توديع حار وتمنيات بتحقيق النجاحات في عملنا اللاحق ...  بعد وصولنا إلى القرية توزعنا بين بيوتها التي لا أتذكر اسمها للأسف الشديد ، وكان كل شيء جاهز للانطلاق في وقت مبكر من صبيحة اليوم التالي وكان هناك أدلاء لمساعدتنا على سلوك الطريق إلى قرية أخرى واقعة ضمن الحدود التركية ، ولكن سقوط ثلوج كثيفة في اليوم التالي جعلنا أن نتراجع عن مواصلة الطريق مما أضطرنا البقاء في هذه القرية لعدة أيام إلى أن اقتنع الادلاء بأن الطريق أصبح ممكنا مرة أخرى .
هكذا بدأت مسيرتنا التي انتهت بالوصول إلى كه لي كوماته بعد حوالي عشرون يوما مليئا بلحظات موت أكيدة بسبب البرد و الضياع بين كثبان الثلوج الكثيفة المتساقطة في تلك السنة والانهيارات الثلجية وارتفاع منسوب المياه في الأنهر التي هددت حياتنا لأكثر من مرة ، ودفعتنا عدة مرات إلى تغيير مسارنا ، مما أدى ذلك إلى فقدان الاتجاه الصحيح والتيه  بين وديان وقمم الجبال وكاد الجوع أن يقتلنا هو الآخر أثناء فترات فقدان الاتجاه هذه ، وكما كنا نتجنب مفارز الجيش التركي فقد كنا نواجهها لمرات عديدة... نعم لعشرات المرات كان الجميع يتوقع إن نهايتنا أصبحت وشيكة.. ليس هذا فقط  إنما واجهتنا في العديد من المرات أحداث سارة وأخرى محزنة ومخيفة وتخللت المسيرة والتي  توجت بالوصول إلى  قاعدة به هدينان دون خسائر في الأرواح طرائف عديدة في الكثير من القرى الواقعة على الطريق بعضها كان يرتبط بطبيعة معرفتهم بالحزب الشيوعي والشيوعيين او غير ذلك  إذ قال لنا أحدهم في أحدى تلك القرى عندما نجونا من فيضان خابور وبتنا ليلتها في ضيافته فقال لنا من أية جماعة أنتم .؟ قلت له نحن من  مفرزة تابعة للحزب الشيوعي العراقي ، لم ينتبه كثيرا في بداية الأمر ولكنه بعد لحظات استدرك قائلا والدهشة غالبته ، هل قلت بأنكم شيوعيون ...!!! قلت له نعم نحن شيوعيون .. فقال لكن أين هي قرونكم وأذيالكم .. ؟؟؟
 بعد وصولنا إلى كوماته انشغلنا لعدة أيام من أجل التخلص من القمل بواسطة غلي الملابس في صفائح السمن التي كنا نستخدمها  في حماماتنا وعلى الهواء الطلق أو بين الصخور وعلى مواقد من أحجار ضفاف الخابور .
الهوامـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــش
*-  (1) علي خليل " أبو ماجد  إلى جانب"14 "  نصيرا آخرا وهذه أسماءهم
1ـ  علي خليل عيسى ـ  ابو ماجد من قرية دوغاتا وهو قائد أنصاري معروف  توفي في كند دوعاتا
2ـ لازار ميخو ـ ابو نصير اغتيل في دهوك بعد الانتفاضة
3ـ  حجي حسو حسين - خليل أبو الشوارب  ـ من سنجار جرح في احدى المعارك ويعيش حاليا في ألمانيا
4ـ صباح كنجي من بحزاني جرح في احدى المعارك ويعيش حاليا في ألمانيا
5ـ  هرمز أصطيفان ـ أبو ايفان من القوش اغتيل في جبل كارة في كمين نصبه عملاء النظام في 1980. وأصيب كاتب هذه السطور بجرح في ساعده الأيمن في نفس الكمين 
6ـ  خديدا طيبان ـ أبو سلام من بعشيقة مغيب في الانفال
7ـ درويش عبدي علي  - ابو طارق من ختارة  توفي بحالة قلب في 1994، وهو الشقيق الأكبر لكاتب هذه السطور
8ـ  الياس عبدي علي ـ ياسين من ختارة توفي بحالة قلب في 1995، وهو شقيق كاتب هذه السطور
9ـ حيدر سليمان زراق- جاسم  من خورزان غيب في الانفال
10ـ  رمضان ايمنكي /عادل المزوري ـ ابو سربست من ايمينكي توفي
11ـ خورشيد دوسكي ـ حميد انتسب لحدك فيما بعد 
12ـ  سيدو خلو ـ ابو مكسيم من قرية كرى بانى ( خانكى ) استشهد في بشتاشان
13ـ  درمان سلو جندي ـ ابو حربي من ختارة توفي في هولندة ، وكان عضوا في اللجنة المركزية لحشكع 
14ـ  عيدو أبراهيم سعدون - فاخر من دوغات وهو لما يزل يمارس عمله الحزبي ضمن محلية ده شت الموصل لحشكع 
15ـ علي أبراهيم سعدون ـ محسن من دوغات وهو شقيق عيدو ابراهيم

*-(2)"أول مفرزة " صغيرة إلى الده شت في بداية ربيع عام 1980.. و كان أفرادها الأنصار التالية اسماءهم  - أبو إيفان - درويش عبدي علي "أبو طارق" - حيدر سليمان زراق - خديدا طيبان" أبو سلام "  - خليل أبو الشوارب - عيدو ابراهيم سعدون" فاخر" .
*- 3)"البيشمه ركه القديم خالد شلي ".. وهو بيشمركه قديم وشهير واصل نضاله في صفوف الحزب الديمقراطي الكوردستاني من ستينيات القرن الماضي ، وصديق دائم لقوات أنصارنا حيث نفذا في العديد من المناسبات فعاليات مشتركة
*- (4)"المجموعة المتبقية" وتكونت من الأنصار التالية أسماءهم .
1- أبو باز قائدا للمجموعة ، وهو نصير معروف وغني عن التعريف
2-  خديدا حسين -أبو داود وهو من قرية حتارة ، قادء محلية نينوى في ظروف بالغة التعقيد
3- ابو حربي، تحدثت عنه في أعلاه ولاحقا قاد مفرزة الطريق التي زودت الأنصار بالسلاح والأفراد والأموال في ظروف قاسية جدا
4- كامل حسين  من ختارة وهو شقيق أبو داود 
5- علي عبدي علي - هشام من ختارة توفي بحالة قلب في 1999 وهوشقيق كاتب هذه السطور
6- آودي حسن - هادي من دوغاتا ، لما يزل يعمل ضمن صفوف حشكع في محلية ده شت الموصل
7- كريم درويش - حمة من دوغاتا
8- عيدو مرا د - مختار من ختارة قتل في حادث مؤسف
9- شمو سليمان سعدون - شاكر من دوغاتا ، غيب في الأنفال مع زوجته  شيرين وطفليه به روه ر و به رزين
10- عادل عيسى - سعيد آطوشي ، يعيش الآن في ألمانيا ، غيبت عائلته  المتكونة من والديه وأحد أشقاءه وشقيقتين وزوجته وولده ألند  مع أكثر من 30 آخرين من أقرباءه في الأنفال
11- بيبو قو جى - أبو حازم من خورزان غيب في  الأنفال
12-  ناظم - كاتب هذه السطور
13 - خيري درمان - توفيق من قرية حتارة ، أسس لاحقا قاعدة هه ركى وقادة السرية الخامسة التي عملت في منطقة العمادية وأخيرا قاد الفوج الأول ويعيش حاليا في ألمانيا
14- بيبو رشو - أبو ليلى الكجل من دوغاتا قاد لاحقا فصيلا أنصاريا ، وهو يعيش في القرية ويتواصل مع منظمة الحزب
15- عبد معروف من القوش سلم للسلطة وجرى اغتياله فيما بعد

- كان ضمن المجموعة عدد آخر من الرفاق ، مما يؤسف له لا أتذكر أسماءهم
- شكري وامتناني للأنصار أبو خدر وصباح وأبو داود وتوفيق لمساعدتي في تدقيق بعض المعلومات التي فقدتها  ذاكرتي
 
   
 
 
 




76
أنصاريات ...
طيران في "كاني كولان"1 واستشهاد النصير "نيشتمان"2

ناظم ختاري
كان ذلك في شتاء عام 1983 عندما كنت أعمل في مفرزة أنصارية  قوامها فصيلا واحدا يقودها عسكريا النصير سلام قوال وكنت أحد أعضاء مكتب الفصيل بصفة مستشار سياسي والنصير الشهيد زكي كان إداريا ومن المتبع ضمن النظام العسكري لوحدات الأنصار فإن المكاتب العسكرية كانت تتشكل من هذه الصفات الثلاثة ابتداء من الفصيل فما فوق .
 و ثمة حاجة إلى القول كان فصيلنا تابعا لسرية أنصار يقودها الشهيد "أبو نصير الصغير" هرمز خوشابا ومعه في المكتب العسكري كل من النصيرين أبو محمود بصفة مستشار سياسي وأبو حازم بصفة إداري السرية .
ونظرا للعلاقة الإيجابية المتبادلة بين المكتب العسكري للفصيل وجميع الأنصار فيه والانسجام بين أعضاء المكتب إلى جانب اعتقادنا بأن قوام المفرزة عندما يتشكل من سرية كاملة  فإنه يصبح عائقا جديا أمام حركتها ونشاطها وثم يؤدي ذلك إلى ترهلها وخصوصا إن قوام الفصيلين الذين تتشكل منهما السرية كان حينذاك يصل إلى أكثر من سبعين نصيرا بسبب التحاق أعداد متزايدة من الشبيبة مع قوات أنصار حزبنا ، ومن الطبيعي إن نشاطات حرب الأنصار في الغالب لا تحتمل هذا العدد الذي يعد كبيرا ، ولذلك وجدنا ضرورة الحصول على مساحة معينة من حرية الحركة والنشاط وهذا ما عملنا من أجله مع مكتب السرية الذي وافق بدوره بأن نتجول لوحدنا والنشاط  خارج قيود هذا العدد الكبير، شريطة أن تكون العمليات العسكرية ضد الأهداف التي ننتخبها مدروسة ومخطط لها بمشاركته أو مشاركة الفصيل الثاني التابع لنفس السرية إذا كانت هذه الأهداف تحتاج إلى قوة أكبر من قوام فصيل واحد ، علاوة على إعلامه بتفاصيل برنامج حركة الفصيل عند الانفصال لفترة زمنية معينة ذلك لتسهيل استدعاءه عند الضرورة ، وحقق الفصيل وفقا لذلك العديد من المهام التعبوية والعسكرية في هذه الأثناء .
وفي كانون الأول ديسمبر من نفس هذا العام توجهت مجموعة من قيادة قاطع به هدينان ومكتب الفوج الأول الذي نتبع له عسكريا وحزبيا ، متكونة من عضو مكتب القاطع النصير ملازم هشام ومن النصير الشهيد أبو نصير لازار ميخو آمر الفوج و النصير أبو أمجد المستشار السياسي للفوج إلى الده شت للإشراف ميدانيا على عملنا فالتحمت السرية بكل قوامها والتحقت بها مجموعة الإشراف حيث كان عددها يتجاوز الـ 15 نصيرا ، وذلك للوقوف على سير العمل وتذليل المصاعب من خلال تشديد اللحمة الرفاقية بين الأنصار وتعزيز دور التنظيم الحزبي بينهم وتكثيف النشاطات التعبوية الجماهيرية ومواصلة العمليات العسكرية لتشكيل المزيد من الضغط على مؤسسات السلطة في المنطقة وإضعافها ، ثم بدأت تنعقد اجتماعات حزبية وعسكرية التي توصلت إلى العديد من التوجهات الجديدة لعملنا اللاحق .
وبدأت هذه المفرزة الكبيرة بالتجول في منطقة  الده شت متنقلة بين قرى "لحفا قائيديا" وقرى "به ر بني"  وهي تسمية محلية  لـ القرى المحاذية للسلسلة الجبلية الممتدة بين ألقوش والشيخان وثم الوصول إلى العديد من القرى الأخرى في عمق الده شت وكان لعملية الإشراف أثر طيب في نفوس جميع الأنصار، علاوة على  تأثير جولة هذه المفرزة الكبيرة ووجود قيادة الفوج بينها بشكل إيجابي على جماهير المنطقة ورفع معنوياتها والمزيد من التعاون مع مفارزنا ، وفي الجانب الآخر كانت السلطات تتحسب لهذه القوة الأنصارية ، وتتصيد لها وهذا ما لم نحسب له بشكل جيد إذ استمر تجوال هذه المفرزة  في منطقة معروفة لفترة طويلة قياسا بما هو متعارف عليه من سرعة الحركة فعادة إن مجموعات الأنصار التي تخوض معارك الكر والفر لا تلجأ إلى هذا الأسلوب والبقاء في منطقة معروفة لفترة طويلة ، الأمر الذي أعطى لقوات السلطة فرصة ملائمة لمتابعة حركتنا والتخطيط للإيقاع بنا .
ففي ليلة باردة من ليالي برد كانون الأول ديسمبر كنا نتوزع على بيوت قرية بوزان القريبة من مركز ناحية ألقوش ، كان للتنظيم الحزبي فيها العديد من الركائز الحزبية تجمعها علاقة تنظيمية مناسبة ، أعضاءها كانوا نشيطين يخاطرون بكل شيء لمواصلة العمل وتزويد الأنصار بمعلومات عن تحركات السلطة وعناصرها التي تشكل عامل تهديد لنشاطنا ، إضافة إلى العديد من الأصدقاء وأقارب الأنصار إذ يقدمون لنا مساعدات ذات أهمية خاصة من النواحي الأمنية وحاجيات الأنصار الأخرى ، تجولنا في القرية وذهبنا إلى زيارة بعض المعارف والأصدقاء والرفاق من التنظيم الحزبي  إذ قضينا هناك عدة ساعات مليئة باللقاءات الشخصية والحزبية وما إلى ذلك .
 وبسبب ارتباط المفرزة بمهمة ليلية وتحسبا من قيام قوات النظام بتطويق القرية وتوجيه ضربة موجعة إلى قوتنا وخصوصا كانت المزيد من الأخبار تصل بأن أجهزة النظام تتعقب حركتنا خرجنا في وقت مبكر من قرية بوزان باتجاه الجبل ، وكان ضمن مخططنا أن تتوجه مجموعة من بينها قيادة الفوج لاستطلاع عدة مواقع عسكرية مرابطة في جبل ألقوش تمهيدا لتخطيط وثم تنفيذ عملية عسكرية  كبيرة ضدها ، أما بقية المفرزة فكان عليها مواصلة طريقها إلى واد بالقرب من  قرية "كاني كولان" وهذه البقعة تقع في بداية" الكلي " أي الوادي وهي المكان الدائم لاستراحة الأنصار في النهار عندما تكون متواجدة  في هذه المنطقة ، ولكن ثمة حاجة إلى القول إنها لم تكن المكان المناسب للمقاومة عند الحالات المفاجئة ولكنها كانت قريبة إلى منطقة وعرة من نفس هذا "الكلي" الوادي مؤهلة للمقاومة والدفاع عن النفس بشكل جيد وهذه المنطقة تسمى "كه فرى  وه زيري " 3 .
وصلنا إلى هذا المكان في وقت مبكر من الصباح واحتمينا بين الصخور وأشعلنا النيران للتدفئة إلى أن أشرقت الشمس .. إذ عندها بدأت مجاميع الأنصار تنتشر في قاع الوادي وأعدت فطورها من ما حملتها من طعام من بيوت الطيبين من أهالي قرية بوزان .. بالرغم من برد الليل فإن دفء الشمس في النهار أتاح لنا  فرصة الاغتسال بماء النهر حيث مرت أيام عديدة لم نسطع الاستحمام بسبب عدم وجود أماكن آمنة لذلك ، وما أن انتهى غالبية الأنصار من الاستحمام بالتناوب وبدءوا يفترشون بين الصخور أوراق أشجار البلوط المتساقط للنوم عليها تحت دفء الشمس حتى صاح الحارس .. رفـــــــــــــــاق طيرااااااان ..!! وأضاف ، هناك طاترتان سمتيتان تتجهان نحونا .. تيقضوا .. أنتشروا..!! وحالا بدءنا بالانتشار ولكن لم يكن هناك متسع من الوقت لاتخاذ مواضع قتالية وخصوصا إن هذه البقعة لم تكن تصلح للمقاومة في حالة الطيران مثلا .. وصلت طائرتان سمتيتان إلى فوق رؤوسنا وكان لما يزل هناك بعض الأنصار في قاع الوادي فأعطيت الأوامر لهم بعدم الحركة والبقاء بين الأحراش .. أخذتا تحلقان وتحومان في سماء منطقة تواجدنا وعلى ارتفاع منخفض دون أن تجد أية حركة أو دليلا لوجودنا هناك ولكنها كانت عازمة على إفراغ حقدها في بداية هذا الوادي والتي طالما وصلتها الأخبار الأكيدة بأن هذه البقعة هي مكان استراحة الأنصار والبيشمه ركه ... تكرر دورانها وتحليقها لعدة مرات دون أن تجد هدفا ترميه بنيران حقدها ، ولكنها أصرت على التحليق والدوران إلى أن وجدت دليلا أثار المزيد من الشكوك لدى قائديها ، إذ كان هناك دخان خفيف يتصاعد من بقايا نيران أحدى المجموعات التي لم تتمكن من إطفاءها بشكل كامل بسبب المفاجئة وسرعة وصول الطيران إلى موقعنا .
تأكدنا بشكل قاطع إن قائدا الطائرتين يعرفان بوجودنا في مساحة ما من هذه المنطقة ولكنهما يبحثان عن أية علامة تؤكد هذا الأمر أو هدف يتحرك للنيل منه واستخدامه كدليل حي لوجود الأنصار وذلك لإفراغ حمم الحقد على رؤوسهم ، ولذلك فإنهما لم يتأخرا في توجيه رشقة نيران حاقدة من مدفعية أحدى الطائرتين الرشاشة صوب الدخان .. سقطت صواريخها كالمطر في قاع الوادي وبالقرب من الأنصار المختبئين بين الأحراش ، وهذا ما دفع بالنصير نشتمان  الذي وجد من الصعوبة أن يستطيع هذا المكان حمايته أمام هذه النيران اللعينة والبقاء بين تلك الأحراش والأدغال مختبئا ولهذا ترك موقعه متوجها إلى كهف يقع في الجهة المقابلة لمكان اختباءه بالرغم من تحذيرات العديد منا بأن يتوقف عن الجري و عن أية حركة ، ولكن أحدى الطائرتين في المرة التالية كانت رصدت حركته ولم تترك له سبيلا للوصول إلى مكان آمن ، فاستهدفته بنيرانها اللعينة الحاقدة وأسقطته أرضا وأنهت حياته على الفور، وأدخلت حزنا عميقا في قلوب رفاقه الذين لم يستطيعوا فعل أي شيء من أجله ، لأن تحليق الطيران استمر فوق رؤوسنا واشتدت نيرانها  كثافة نحو موقعنا وخصوصا تلك النقطة التي تحرك فيها الشهيد .
 ولما كان القصف في أعنفه من قبل الطائرتين كانت هناك طائرة ثالثة  تحلق بعيدا عن موقع الحدث عرفنا إنها طائرة نقل الجنود، وبالتأكيد كانت تنتظر دورها لعملية إنزال جوي للدخول في معركة حاسمة مع الأنصار .. وعلى حلقة ضيقة من سماء هذه البقعة من الأرض استمرت الطائرتان في الدوران والقصف عشوائيا وفي بعض الأحيان استهداف بعض الأهداف كالضوء الذي كان ينعكس من قرص "عفاروف"4  النصير "مكسيم "5 لمدة قاربت من ساعة كاملة .
 كانت جميع المجاميع الأنصارية المنتشرة في قاع الوادي وسفح الجبل متقاربة  جدا ، إذ كانت تتوزع على مساحة صغيرة وكان من السهولة اتخاذ قرار بشأن التعامل مع الوضع من قبل قيادة الفصيلين وإيصاله إلى جميع الأنصار، ولذلك قررنا على الفور عدم مبادلة الطائرتان بالرمي لأننا كنا على يقين إنها قصفت الموقع للتأكد من وجودنا فيه من خلال مقاومتها ، ذلك لمواصلة معركتها وفرض سيطرتها على الأنصار أو ربما حدوث إنزال جوي بواسطة المزيد من الطائرات العسكرية لتكبيدنا خسائر كبيرة ، وكنا ندرك تماما إن الوضع على الأرض لصالحها بسبب المفاجأة وطبيعة الموقع .
النصير مكسيم الذي كان يتخذ موقعا قريبا مني يلح علي بالرد على الطائرتين ومقاومتها  بواسطة رشاشه العفاروف ، فكان يوجه لها فوهة الرشاش .. ولكني كنت أمنعه من الرمي ، وكان من شأن هذه الحركة أن تجعل من قرص العفاروف عرضا لأشعة الشمس فينعكس منه ضوءا والطائرتان ترصدانه فكان القصف على موقعه لا يتوقف .. وبالرغم من أن موقع  النصير مكسيم كان حصينا من الجهة المشرفة على الوادي فإنه كان مكشوفا إلى حد كبير من الجهة الأخرى لذلك أصيب بإصابات عديدة ولكنها كانت خفيفة ، و بدأ لون الدم يظهر من أماكن عديدة في ملابسه حيث اخترقتها شظايا الرصاص والحجر عند انفلاقها  بالقرب منه .
بقينا نمنع رغبة بعض الأنصار لمقاومة الطيران، بسبب عدم وجود أي سلاح مقاوم لدى المفرزة ، وخشية حدوث إنزال جوي وعدم اتخاذنا لمواقع قتالية ، فقد كنا مقتنعين إن خسارتنا ستكون فادحة في حالة الإعلان عن تواجدنا في هذه المساحة والدخول في معركة مع الطيران ، لذلك كان إصرارنا شديدا بعدم المقاومة.
ربما استنفذت الطائرتان ذخيرتها بعد جولة قصف عنيفة أو لسبب آخر تركت المكان متوجهة إلى مكان ما في دهوك ، وبعد هذا قررنا على الفور الانسحاب من المكان والتوجه إلى "كه فرى وزيري"  ذلك الموقع الحصين تحسبا لعودة الطيران من جديد والدخول في معركة طويلة لأن النهار كان لما يزل في منتصفه أو بعده بقليل ، أعطيت الأوامر إلى الجميع بالانسحاب أفرادا أو مجاميع صغيرة والتحصن في "كه فرى وه زيري " والاستعداد للمعركة القادمة .
كنت أرابط مكاني حتى يكتمل انسحاب القوة ومراقبة الأجواء إن كان الطيران سيعود ثانية ، وجدت النصير مكسيم يترنح  يمسك بهذه الصخرة وتلك .. بغصن هذه الشجرة وتلك وهو يحاول الوصول إلى الوادي حيث الانسحاب من هناك .. فناديته هل تستطيع المواصلة ..؟ قال سأحاول .. ولكن قواه خارت بسبب النزف من عشرات الجروح الخفيفة من جسمه ، فقال لم أعد اقوي على السير .. احتاج إلى مساعدة .. ناديت النصير "سعيد " وهو آمر الفصيل الثاني والذي كان ينظم انسحاب الأنصار من موقع قريب إلى قاع الوادي أن يحمل عنه سلاحه العفاروف ورغم ذلك فإنه لم يقو على السير .. سحبه سعيد لمسافة قصيرة وساعده على عبور النهر إلى الجهة الثانية ، وعندها كان الانسحاب من الموقع قد تم .. نزلت مسرعا .. وعلى عجل سحبنا جثة الشهيد نشتمان إلى داخل ذلك الكهف الصغير ، وأنصار آخرون كانوا يساعدون الجرحى على الانسحاب وبقى مكسيم في الأخير مع عدد من الأنصار الآخرين بينهم سلام قوال وسعيد وأبو حازم وآخرون ولا أتذكر أسماء البقية ، حاولت حث مكسيم على السير ومواصلة الانسحاب ولكنه فشل في السير على قدميه فاقترحت على سعيد أن يأخذ بندقيته العفاروف ويلتحق بالأنصار الآخرين لترتيب الأمور لمعركة أخرى محتملة ويترك مكسيم لي لمعالجة أمر خلاصه وسحبه إلى موقع آمن.
علقت حزام بندقيتي في رقبتي وحملت مكسيم على ظهري .. و كما هو معرف لدى الأنصار فإن مكسيم ذو بنية ضخمة وربما كان وزنه يعادل وزني بمرتين آنذاك وهو أطول مني قامة بقليل ، ولذلك كانت قدماه وساقاه تتعلقان أو تصدمان وتضربان الشجيرات والأحراش والصخور المتواجدة على طرفي الطريق .. وكان ذلك يسببان له ألما كبيرا بسبب إصاباته العديدة والتي امتدت إلى كل مكان في جسمه ، فكان يناديني ، نزلـنــي أنت صغير نزلنــــــي  .. ! كنت أقول له أنا لست صغيرا ولكني ناعم البنية مقارنه مع جسمك الضخم ، فضحك وقال كنت أقصد ذلك .. ولما نزلته بعد مسافة من السير وهو على ظهري من أجل استراحة قصيرة ، قال أرجوك أن لا تتركني إن حدثت معركة مع الطيران أو حدوث إنزال جوي .. قلت له لا تقلق، فهذا لن يحصل أبدا  وليس بمقدور أي قوة أن تهزمنا في هذا المكان ، طمأنته وواصلنا جولة أخرى إلى أن بلغنا مكانا اقترحت عليه أن يمكث فيه وأواصل اللحاق ببقية الأنصار لمتابعة أمر الإعداد للمعركة المحتملة.. فوافق بعدما عدلت من المكان بواسطة بعض أوراق الأشجار المتساقطة والأغصان المتناثرة قرب المكان ومددته هناك مؤكدا له بأننا سنكون حريصين على وجوده في هذا الموقع إن حدثت أية معركة وعليه أن لا يخشى شيئا لأننا لا نتخلى عنه مهما كان الثمن .
ذهبت إلى الرفاق فوجدت بقية الجرحى في مكان آمن وقريبا من النهر في كه فرى وه زيري، وكانت مجاميع قتالية قد انتشرت على مساحة منه استعدادا لمعركة قادمة محتملة ، وعندما كنت أريد مع أنصار آخرين كانوا في عمق الوادي الانضمام إلى مواقع قتالية وتسلق الجبل صعودا ، نادى بعض الأنصار رفـــــاق استعدوا الطيران يعود ثانية توقفوا عن الحركة ... اقترب صوت الطيران من المكان ، وفي دقائق معدودة وصلت ربما كانت نفس الطائرتين إلى سماء كه فرى وه زيري ولكنها مرت سريعا  وعلى ارتفاع منخفض جدا دون أن تحاول تكرار التحليق أو القصف أو ما إلى ذلك .. بعدها عادت أدراجها باتجاه دهوك ، عندها عرفنا إنها لن تعود مرة أخرى ولكن رغم ذلك بقينا متحصنين في مواقع قتالية لفترة محددة ، وفي هذه الأثناء وجدنا مجموعة الاستطلاع قادمة نحو موقعنا وعندما وصلت إلى المكان كان الرفاق يريدون معرفة كل ما حصل .. قمنا بإحاطتها تفاصيل ما حدث فاستحسنوا إجراءاتنا وعبروا عن حزنهم وأسفهم لاستشهاد النصير نشتمان والجرحى .
انتظرنا بعض الوقت قبل اتخاذ  أي قرار ، وعندما تأكدنا من إن الطيران لم يعد يملك الوقت الكافي للعودة مرة أخرى قمنا بتجميع قوانا .. وأحصينا جرحانا الذين بلغ عددهم 11 نصيرا جريحا كان من بينهم إضافة إلى مكسيم الأنصار أصلان ووليد وأبو هلال أما بقية الجرحى لم أعد أتذكر أسماءهم للأسف الشديد، ولحسن الحظ فإن جراح الجميع كانت خفيفة ما عدا مكسيم الذي لم يصب هو الآخر بجروح خطيرة ولكنه نال من الشظايا ما مجموعها 75 شظية من الحجر والرصاص والمواد المتفجرة الأخرى في كل أجزاء جسمه.
أعددنا مجموعة للذهاب إلى كاني كولان لإحضار عدد من الحيوانات لنقل الجرحى إلى قرية جه مانكى ومن هناك إلى مقر الفوج في مه رانى ، وكنت من بين أفراد تلك المجموعة التي جلبت معها أدوات لحفر قبر الشهيد ودفنه.. اخترنا نقطة معينة من الوادي لأجل ذلك وعندما اكتمل الحفر وجهز القبر وسط دموع غزيرة وحزن عميق وضعنا فيه الشهيد وأطلقنا 3 رصاصات تكريما له وإيذانا بدفنه.
عدنا إلى المجموعة الكبيرة وبدأت استعداداتنا لنقل الجرحى .. فاتخذنا من الطريق المحاذي للنهر ممرا للانسحاب عبر كه لي كورتك ، مع إجراء المزيد من التحوطات لتجنب أية غارة طيران محتملة .. وصلنا إلى جه مانكى قبل غروب الشمس وهناك استعرنا من أحد المواطنين جرارا (تراكتور) لنقل الجرحى إلى مرانى بعد أن افترشنا العربة الملحقة به ببعض التبن وأوراق الأشجار وعددا من البطانيات لكي تساعد الجرحى بالوصول إلى المقر دون  كثير من آلام اهتزاز العربة في ذلك الطريق الجبلي الوعر .       
               
 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- "كاني كولان"  وتعني بالعربية نبع الورود ، وهي قرية تابعة إداريا إلى ناحية  القوش تقع إلى الأسفل من سفح الجبل من الجهة الثانية لقرية بوزان أي إلى الشمال منها ، وتسكنها عوائل من الكوجر " الرحل " إذ كان عددها لا يتعدى العشرة عوائل ، التي قدمت خلال هذه الفترة من الكفاح المسلح والفترات التي سبقتها خدمات كبيرة إلى مختلف قوى الأنصار والبيشمه ركه .   
2-"نيشتمان"، اسمه رشيد خدر وهو من أهالي ناحية باعذرة ، ترك وراءه زوجته وبنتين ، وله من الأخوة 3 وهم سليمان وفاخر وشمدين كانوا أوفياء لشقيقهم الشهيد فقد عاشت زوجته وبنتاه معهم تحت سقف واحد، وكان قد  ألتحق الشهيد بصفوف أنصارنا منذ فترة ليست بطويلة .. بعد انتفاضة آذار وانسحاب قوات النظام من كل المنطقة طلبت والدة الشهيد "داي ريحان "  التي توفيت فيما بعد زيارة قبر ولدها ، تمهيدا لنقل جثمانه إلى باعذرة ، فجاءت برفقة أبنها الأكبر سليمان إلى دهوك ومن هناك توجهنا إلى كاني كولانى وبحثنا عن القبر ولكن مما يؤسف له لم أتمكن التأكد من مكانه بسبب تغييرات حصلت على طبيعة الأرض في تلك البقعة ، واعتقد ربما يستطيع أهل قرية كانى كولان معرفة القبر كونهم رافقوا كل عملية تغيير على الأرض في منطقتهم .
3 - "كه فرى وزيري"  أي صخرة الوزير وهي مساحة جبلية وعرة تقع ضمن السلسلة الجبلية الممتدة بين ألقوش والشيخان وفي الجهة الثانية من سفح الجبل مقابل مقر بيرموس الشهير .
4-  "عفاروف"  سلاح رشاش روسي الصنع وهو فعال في العمليات القتالية نال إعجاب الناس والأنصار وأرهب قوات النظام بفعاليته هذه وتتركب عليه اسطوانة تسع لـ 48 طلقة و قطره ربما يصل إلى 30 سنتمترا وعادة ما كان حاملوها الأنصار من ذوي اللياقة البدنية الجيدة وبنية جسمية تؤهلهم على تحمل ثقله .
5- "مكسيم " اسمه بيبو جبور وهو من قرية شيخكا ارتبطت عائلته بالحزب منذ عقود من الزمن والتحق مبكرا بقوات أنصارنا ، كان نصيرا شجاعا لا يهاب الموت ، نفذ مع رفاقه الأنصار العديد من العمليات العسكرية وأنشطة أخرى في منطقة الده شت .
ملاحظة - اعتذر للأنصار الواردة أسماءهم دون الإشارة إلى أية تفاصيل عنهم ، فحقيقة أنا لا أعرف إلا القليل من المعلومات عنهم في فترة ما قبل الأنصار ، رغم العمل معا لسنوات طويلة في ظروف بالغة التعقيد .

77
أنصاريات..
 
ندوة في "كه ر كاميش"

ناظم ختاري
 
 
في بداية فصل الخريف من عام 1984  .. في شهر أب بالتحديد كنت مع الرفيق صباح كنجي ننوي النزول إلى قرى بن كند وخصوصاً قرية حتارة . بالنسبة ليٌ كنت سأنفذ بعض مواعيدي الحزبية في نفس المنطقة، أما صباح فإنه وجد هناك حلقة وصل مع بعض الخطوط الحزبية في الموصل وغيرها من القرى الصغيرة المحيطة بالمدينة.
 
أثناء استعدادنا للمهمة من مخبأ في "هه رفطه"* وجدنا هناك تحركات مكثفة لسرية أنصار يقودها الرفيق الشهيد "أبو نصير الصغير"* مع  وجود الرفيق  صباح ياقو صادق "أبو ليلى" القائد الأنصاري المعروف  في المنطقة، حيث كانت قوات الأنصار تستخدم منطقة وعرة بالقرب من مخبأنا عند تواجدها في المنطقة.
 
تساءلنا أنا وصباح فيما بيننا عن سبب هذه التحركات.. لكننا لم نصل إلى نتيجة فتوجهنا إلى أبو نصير للاستفسار منه عن سبب هذه التحركات.. لكنه قال إن الأمر طبيعي جداً وخصوصاً نحن نتواجد في منطقة تستطيع قوات النظام الوصول إليها.. قلنا له مستفسرين: 
 
ـ ألا تنوون القيام بعمل عسكري..؟ أنكر ذلك بالمطلق، فقلنا له إنْ حدث ذلك فإنه يؤثر على طبيعة مهمتنا .. وقد يشكل خطراً علينا.
 
وثمة حاجة إلى القول أن الحرب العراقية الإيرانية كانت تستنزف المزيد من شبيبة العراق، بما في ذلك شبيبة مناطق التماس، والتحق أعداد منهم  في صفوف أنصارنا والقوى الأخرى، وزجت السلطات بكل طاقاتها من  شرطة  عسكرية  ومدنية وعناصر حزبية وما يسمى بالجيش الشعبي في ساحات الحرب مع إيران.. كانت السلطات في المنطقة تمر في أضعف أوقاتها وفصائل أنصارنا  تخترق العديد من مواقعها وتنفذ فيها عمليات عسكرية نوعية علاوة على كثافة حركة الكادر الحزبي ( التنظيم المحلي ) على نطاق واسع في المنطقة وفي العمق وحصول إمكانيات إضافية للوصول إلى مناطق ومدن جديدة  بما فيها الانطلاق من الموصل إلى العمق في بقية مدن العراق.
 
في ظل هذا الوضع.. كنا نعتبره وضعاً "مريحاً" لممارسة مختلف أشكال العمل الحزبي و العسكري، قررنا النزول لتأدية مهامنا دون أن نشك بحركة ونشاط سرية الرفيق أبو نصير واحتمال قيامها بتنفيذ عملية في المنطقة.. وحتى لو كنا متأكدين أن السرية ستنفذ عملا عسكرياً،  فإننا لم نكن نتوقع أن يكون هذا العمل بالقرب من القرية التي نتواجد فيها وهي قرية حتارة، إذ أن ما حصل كان مفاجأة للسلطات ولجماهير الحزب وحتى لنا .
 
المهم بعد وصولنا.. نفذنا مهامنا وانطلاقا من ختارة  توجهنا لتنفيذ بعض المهام الأخرى  في مناطق قريبة، في عصر اليوم الثاني في بيت من بيوت رفاقنا  في القرية ارتبك الوضع داخله بعد سماع لعلعة صوت الرصاص من البنادق الرشاشة مع إنفجارات RBG 7 من جهة الشرق  بشكل واضح..  ثم توالت وصول أخبار مفادها  إن أحد أهم عناصر الجيش الشعبي في المنطقة المدعو "أبو رسالة"* قتل مع أحد رجال حمايته في كه ر كاميش في كمين نصبته مفرزة تابعة للحزب الشيوعي العراقي.
 
 بالرغم من أن السلطات في المنطقة كانت تحاول في كل المناسبات إلحاق الأذى ونشر الخوف والذعر بين الناس، إلا أن معنويات جميع رفاقنا وجماهير القرى ارتفعت كثيراً  بعد تنفيذ العملية، وعكس ذلك انطباعاً جديداً عن مزاج منظماتنا  وجماهير المنطقة التي كانت تخشى جبروت السلطات وانتقامها في المرات السابقة، وعادة ما كان شعور الناس الذين كنا نتعامل معهم يعبر عن قدرات السلطة بضعفها وجبروتها..
 
في هذا اليوم واليوم التالي أدركنا إن السلطات في المنطقة تمر في حالة ضعف ووهن شديدين، لكن رغم ذلك غيرنا موقعنا تحسباً لحدوث مفاجآت، في نفس الوقت لم يكن من الطبيعي اللجوء للجبل، كنا نتوقع صعوبة الوصول إليه، ولابد  للسلطة أن تحاول استعراض ما تبقى لها من قوة، لإيهام الناس أنها لازالت تمتلك المبادرة، هذا ما تحسبنا له..
 
لذلك بعد متابعة وضع رفاقنا وأصدقاءنا وتقييمه اخترنا عائلة لم نلتقي بها قط خلال هذه المرحلة من الكفاح الأنصاري للبقاء عندهم لحين مغادرة القرية كي نكون في مأمن وكذلك عوائل رفاقنا وعندما أرسلنا لهم خبر زيارتنا انتظرونا بفرح غامر..
 
ذهبنا للعائلة المذكورة عند حلول الظلام .. استقبلنا أفرادها استقبال المنتصرين   شعرنا كأننا ضيوف يحضرون فرح عائلي ولسنا مطلوبين للسلطات رغم  وضعنا الحرج بعد عملية أنصارنا.. حيث وجهوا ضربة موجعة  لقوات السلطة في عقر دارهم.. التمسنا أثناء وجودنا مع العائلة بثقة عالية أشعرتنا أن السلطات بدأت تنهار.. و بين وقت وآخر  كانت تصل المزيد من أخبار العملية حتى تأكدنا فعلا إن المفرزة التي نفذت المهمة هي سرية أبو نصير الصغير، التي نزلت إلى كند دوغات في الليلة التي سبقت العملية واتخذت من  مخبأ "قه نته رى " * ملجئاً لها، إلى أن حل وقت الذهاب للشارع  عصر اليوم التالي  لتنفيذ عمليتهم التعبوية، التي تحولت إلى معركة عسكرية سريعة وخاطفة في المنطقة الواقعة بين قرية شرفية التي يسكنها الآشوريون وبين نقطة "كه ر كاميش "* على الشارع الذي يربط القوش بالموصل عبر الشرفية وتللسقف وباطنايا وقضاء تلكيف.. بين تلال منتشرة على جانبي طريق الهضبة نصبت المفرزة سيطرة لغرض إيقاف السيارات المارة والتحدث إلى ركابها حول سياسة الحزب وكوارث حرب النظام التي أشعلها ضد إيران، وما يترتب عليها من خسائر بشرية ومادية ودعوتهم إلى مقاطعة الحرب المدمرة ورفضها والمشاركة في النضال ضد نظام صدام حسين الدكتاتوري.. توزعت لعدة نقاط  تسيطر على التلال المشرفة على الشارع المذكور لحماية المجموعة التي تقوم بالتحدث  عبر ندوة خاطفة للجمهور المكون من ركاب الحافلات وبقية السيارات..
 
كانت المفرزة معدة بشكل جيد من ناحية السلاح والكادر العسكري والسياسي ومقاتليها كانوا شباب أشداء يتمتعون بنشاط وحيوية كبيرين وحماس منقطع النظير.. جرى إيقاف عدة سيارات وإنزال ركابها وتحدث إليهم احد الأنصار عن مهمة المفرزة ودعاهم إلى عدم الخوف، لأنهم لا يقصدون أية إساءة للأبرياء والغرض من نصب هذه السيطرة هو إيصال صوت الحزب إلى الناس وتحدي سلطات البعث.
 
 من جانب آخر علمت السلطات في القوش بوجود مجموعة من الأنصار وهم يعقدون ندوة في كه ر كاميش، فاستنفرت وحشدت قواها التي تقدمت نحو موقع الحدث.. لكن إطلاق النيران التحذيرية نحوها من قبل مجموعات الأنصار المتواجدة في نقاط الحماية،  والتصدي لها لاحقاً أوقف تقدمها و جعلها  تتجمع عند قرية الشرفية.. حاولت هذه القوة مراراً تجاوز نقاط الحماية لكن مقاتلينا الأنصار كانوا لهم بالمرصاد، رغم ذلك استطاعت أحدى السيارات الإفلات وتوجهت بسرعة فائقة نحو نقطة سيطرة الحماية.. هناك تصدى لها الأنصار فحدث اشتباك على جانبي الشارع بالأسلحة الرشاشة وجها لوجه، كانت نتيجته مقتل أبو رسالة وأحد أفراد حمايته وإصابة أحد أنصارنا "الشهيد البطل سنحاريب – فاضل اسطيفو" بجروح بليغة بعد حسم المعركة جرى فسح المجال لركاب السيارات المارة بمواصلة طريقهم وانسحبت المفرزة بعد ذلك إلى عمق كند دوغات دون خسائر إضافية.
 
في القرية كانت أخبار العملية حديث المواطنين.. يشيدون بجرأة القوة المنفذة وأفرادها ويعدونهم أبطال من طراز خاص.. فرحتهم لا توصف بمقتل أبو رسالة الذي أذاقهم المر بملاحقته للمواطنين وإجبارهم للانخراط في صفوف الجيش اللاشعبي.. منذ الصباح أنشغل أفراد العائلة التي ضيفتنا بإعداد أشهى المأكولات وقدمت لنا ما لذ وطاب من مأكل ومشرب دون انقطاع بالرغم من اعتراضنا الذي تكرر كثيراً.. إذ لم نحتمل المزيد من الأكل وخصوصاً كانت حرارة آب تتسلل إلى الغرفة العلوية التي نختفي فيها الملحقة لزريبة حيوانات العائلة وفيها فتحة صغيرة تربطها بالزريبة تؤدي لملجأ الطوارئ ..
 
الحرارة تزداد مع تقدم  وتجاوز  النهار لمنتصفه.. العائلة تصر على التهامنا للمزيد من الأطعمة والسوائل، حتى أصبحنا لا نطيق النظر للطعام .. كانت الحرارة لا تحتمل.. العرق يتصبب من أجسادنا.. حتى تبللت كل ملابسنا.. لم يكن لنا خيار  آخر أو بديل  للحالة التي ينطبق عليها المثل الكردي القائل " ته باخى ئاكر به ربو ئاخى" أي " في أب احترق التراب " .
 
 الأسوأ  من كل ذلك تعرضنا بسبب الحر الشديد للإسهال ..  المغص والألم هلكنا .. وضعنا لم يسمح لنا مشاركة العائلة والاستماع إلى معاناتها في زمن ملاحقة البعث  لأفرادها أثناء الحملة ضد منظمات حزبنا وبعد لجوءنا إلى الجبل.. بحثنا عن حل فأكثرنا من الشاي الثقيل "السنكين" لكن الحر الشديد  لم يكن يدعنا لنتناول المزيد منه .. اتخذنا من  الفتحة التي تفصلنا عن زريبة الدواب طريقاً المؤدي للحمام.. لم يتوقف النزول عبرها إلا بعد أن تهيأنا للخروج من  المنزل قبل حلول الظلام بشكل كامل.. عندها كانت درجة الحرارة قد تراجعت ، بدأت تهب نسائم هواء منعش .. 
 
بعد خروجنا من القرية دون أية مشاكل بدأنا نستجمع قوانا في محاولة للتغلب على الإسهال ومواصلة الطريق عبر قرية دوغات، لوجود موعد سريع لـ صباح مع أحد الرفاق القدامى من القرية، إذ كلفه بمهمة الاتصال بركيزة حزبية في إحدى المدن، فبالرغم من أننا كنا ندرك مدى خطورة التوجه إلى دوغات في ظل إصابة السلطات بهستريا بعد عملية كه ر كاميش.. التي أدت لحالة إستنفار واستعراض لقوة السلطة لتخويف الناس، بالإضافة الى وضعنا الصحي الذي لم يكن يسمح لنا بالمناورة في الحالات الطارئة، لكن أهمية الموعد حسب صباح دفعتنا إلى الإصرار لتنفيذه، حيث كان عبارة عن لقاء قصير في فناء منزل الرفيق الذي يقع على طرف من القرية، وعدنا سريعاً لمواصلة الطريق إذ أكد لنا الرفيق إن مفارز السلطة ترددت بشكل مكثف إلى نقاط مختلفة من المنطقة بما فيها القرية.
 
في الطريق باتجاه الجبل في كند دوغات فقدنا الاتجاه لأكثر من مرة.. لكن دائما كنا نحاول السيطرة على الموقف واتخاذ الاتجاه الصحيح حتى وصلنا بالقرب من "ره قسى"* الواقعة ضمن أراضي قرية شيخكا.. عرفنا بوجود رعاه أغنام بسبب نباح الكلاب التي هاجمتنا من مسافة بعيدة ، بعدما اقتربنا من خيام الرعاة سمعنا صوتا يطلب منا أن نفصح عن أنفسنا.. قلنا نحن بيشمه ركه ، فقام بفك الكلاب عنا ودعانا إلى الخيمة بحذر شديد.. تبين إنه من سنجار جاء إلى هنا لإنقاذ ماشيته من الجفاف الذي أصاب سنجار، بدوره سألنا من أية مجموعة نحن؟، فقلنا له: نحن من الحزب الشيوعي.. قال: كان رفاقكم البارحة في وقت متأخر من الليل عندنا هنا بعدما نفذوا عملية عسكرية على الشارع... وأكد كان معهم جريحاً.. وبسبب حالته الحرجة توفي مع الأسف الشديد.. وأكد بأن اسمه  كان سنحاريب.. وتابع قائلا نحن نعبر عن حزننا لخسارة مثل هؤلاء الأبطال حاولنا مساعدة المفرزة بقدر المستطاع  وأعطينا لهم دابتنا لنقل جثة الشهيد إلى الجبل.
 
استفسرنا من الرجل إن كان بالإمكان أن يعمل لنا شايا للتغلب على ما تبقى من الإسهال ففعل رغم تأكيده إن اكتشاف النار من قبل قوات السلطة سيعرضنا معاً إلى مصاعب ومخاطر، لكنه عمل من أجل أن لا تظهر أية أضواء، وجهز الشاي بعد دقائق قليلة شربناه ثقيلا ومراً.. بعد  هذه الاستراحة القصيرة ودعنا الرجل مع عائلته، بدوره حذرنا من وجود كمائن في أنحاء عديدة من المنطقة باتجاه الجبل خاصة على الشارع العام الذي يمر بالقرب من قرية شيخكا، وأكد مشاهدته لتحركات كثيفة لمفارز السلطة في المساء قبل حلول الظلام .
 
كان ظلام  الليل حالكاً.. الرؤية صعبة للغاية.. ومما زاد من الطين بله الإسهال الذي لازمنا بالإضافة إلى مساحات واسعة من الأراضي أحرقها الفلاحون بعد الحصاد لكي يساهم الرماد المتبقي على خصوبة الأرض تمهيدا لحرثها للموسم القادم، لذلك كل شيء تحول في تلك الليلة إلى سواد لا تطاق فيه الرؤية إلا بصعوبة بالغة ..
 
بحذر شديد وصلنا إلى نقطة معينة بين شيخكا والشارع.. من هناك بدأنا نراقب عن كثب ما إذا كانت كمائن.. في الحقيقة لم نتمكن من رؤية أي شيء حتى اقتربنا  من الشارع بالرغم من إننا كنا نستخدم النواظير للكشف عن الطريق،  لم نستطع تحديد المسافة التي تفصل بيننا وبين الشارع، لكن مفاجأة ما أرشدتنا إلى طريق للعبور بين نقطتي كمين محكم على الشارع التي عرفنا من خلالها إننا قريبون جدا منه ، إذ وصلت مدرعة دورية تسير بين نقطتي الكمين الذي على الشارع من اليمين، فأضاءت الشارع بشكل واضح.. وجدنا الجنود يتحركون نحوها كأنهم استلموا منها شيئاً معيناً أو أمراً ما.. بعد دقيقة أو دقيقتين تحركت المدرعة وتوقفت ثانية على مسافة لا تتعدى 300 متر على الشارع من الجهة اليسرى.. تكرر نفس السيناريو الذي حدث مع النقطة الأولى من الكمين، وعلى وجه السرعة قررنا اختراق الشارع وعبوره من نقطة تقع بين نقطتي الكمين بعدما افتضح أمره لنا في الوقت المناسب ، في دقائق سريعة وجدنا أنفسنا في الجهة الثانية من الشارع.
 
لكن  المدرعة لم تترك لنا  المزيد من الوقت حتى عادت ثانية... كنا قريبين جداً من الشارع.. على الفور اقترح صباح أن نقذفها بسيل من نيران رشاشاتنا، لكني سحبته إلى حفرة قريبة لئلا ينكشف أمرنا وقلت له كيف تريدنا أن نقاوم سيارة مدرعة ببنادق كلاشنكوف؟!.. انتهى الأمر سريعاً مرت المدرعة مسرعة ونحن بدأنا مسيرنا نحو قرية طفطيان.
 
بعد الابتعاد لمسافة معينة من الشارع شعرنا بالأمان.. لكن التعب تسلل إلى أجسادنا.. أطرافنا لم تعد قادرة على حملنا والسير بها لمسافة أطول، وبينما كنت أقترح على صباح أن نبقى في منطقة قريبة من الجبل  لاستعادة نشاطنا وثم مواصلة الطريق في الصباح إلى مخبأنا، قال صباح: لكن لابد أن نمر على قرية طفطيان .. فقلت له: وماذا سنفعل في القرية إذ نحتاج إلى المزيد من النوم ..! وهناك لا تتوفر الفرصة المناسبة لذلك .. فقال إن بدلتي متهرئة لا تصلح أكثر، لقد تمزقت لابد  لي أن اشتري غيرها .. فقلت:
 
ـ من أين تشتري مثل هذه البدلة؟ والقرية ليس فيها محلات لبيع الملابس.. ! فقال بلى .. دهشت.. قلت أين؟!.. قال: قبل فترة ابتاع  المختار"مام قوجى" * بدله من المدينة.. لكنه عندما وصل إلى البيت وجدها طويلة على قامته وعريضة على خصره لذلك اتفقنا أن اشتريها أنا مقابل سعر معقول... !!! ضحكت كثيراً وضحك هو الآخر.
 
بعد وصولنا إلى مسافة معينة من القرية اخترنا البقاء في مزرعة لأزهار عباد الشمس ونمنا بحذر خشية وجود قوات الجيش في القرية.. عندما بدأ الفجر بإرسال خيوط أشعته في تلك السهول المترامية الأطراف، وجدنا كمائن الجيش تنسحب من الشارع.. كانت أعدادها كثيرة.. راقبنا القرية فكانت خالية من أية حركة مشبوهة، عندها اتجهنا إليها.. هناك تركت صباح يذهب لشراء بدلة  المختار مام قوجي، و بحثت أنا عن عائلة لأتناول فطور الصباح عندها.. ما أكثر الطيبين في هذه القرى، بعدها توجهنا لمخبأنا في الجبل ..
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
هوامــــــــــــــــــــــــــــــــش
 
 - هه ر فطه- منطقة وعرة ضمن سلسلة جبل خورزان، يبدو إنها تعرضت إلى انهيار منذ زمن قديم وأحدث فيها تشققات كثيرة استخدمها الهاربون من الجيش مخابئ لهم ونحن أيضا استفدنا من بعض هذه المخابئ غير المعروفة فيها إذ كان فيها أنفاق يصل عمقها إلى أكثر من 40 متر .
 
- أبو نصير الصغير -  هرمز خوشابا من قرية عين بقري سمي بالصغير لتمييزه عن النصير الشهيد أبو نصير لازار ميخو ، حمل السلاح في مراحل عديدة دفاعا عن حزبه ومبادئه ومصالح الشعب العراقي وكان يتميز بشجاعة نادرة .. استشهد أبو نصير الصغير في معركة مع أزلام النظام في أحدى قرى الده شت ، 
 
- أبو رسالة - كان من كوادر حزب البعث، ثم تولى مسؤولية قاطع القوش للجيش اللاشعبي، وكان يتمتع بسمعة سيئة بسبب ملاحقته لأهالي المنطقة لتجنيدهم في صفوف هذا الجيش السيء الصيت .   
 
-  قه نته رى  -  وهي من بين العديد من الشقوق التي حفرتها المياه منذ أقدم الأزمنة  في كند دوغاتا ، واستخدمناها كمخبأ لفترة طويلة وكان الشق كبيرا ويمكن لعدد كبير من الأنصار الاختباء فيه وكانت فتحة الدخول إلى قه نته رى صغيرة تسع لشخص واحد، ثم تسير حوالي 20 مترا لكي تصل إلى المكان المخصص للنوم أو البقاء وعملنا فيه أماكن للنوم عليها على شاكلة مخبأنا  في كيجين ختارة الذي تحدثت عنه في الحلقة الأولى من أنصاريات.       
 
- كه ر كاميش - منطقة معروفة تقع على الشارع المذكور وهي ضمن أراضي قرية ختارة، وترجمتها بركة الجاموس، فيها كميات من المياه المالحة، وهي غير صالحة للشرب .
 
- ره قسى -  وادي إلى الجنوب من قرية شيخكا فيه مزار يسمى " أيزدين أمير " يحج إليه أهالي قرية شيخكا  في مناسبات عديدة ويؤدون طقوس طوافه في الربيع من كل سنة .
 
- مام قوجى- من أهالي قرية طفطيان كان مختاراً فيها ..يتميز بطيبة قلب وتواضع وكان رجلا طويلا وضخما لا يقارن البتة بقامة صباح وجسمه النحيل في تلك الفترة، وهذا ما دعاني الضحك عندما أراد صباح شراء بدلته الكبيرة، توفي الرجل بعد سنوات من هذه الأحداث . 
 

78
المنبر الحر / أنصاريات
« في: 12:44 12/12/2011  »
أنصاريات
ناظم ختاري
الرئيس وطباخه من دون محاصصة 
في غمرة الكفاح ضد النظام الدكتاتوري كنت أساعد  الرفيق أبو خدر في أداء مهمة حزبية خاصة إلى جانب قيادة منظمات الحزب السرية  في منطقة ريف تلكيف ، وحقيقة كان هذا العمل يتطلب جهدا مميزا ، من قناعة شديدة بقضية الشعب والحزب ودقة في تنفيذ المهام والسرية التامة في التحرك وما إلى ذلك من متطلبات العمل عند تلك الظروف المعقدة التي كانت فيها أجهزة الأمن والجهات الحزبية( البعث) الأخرى تصول وتجول في مختلف مناطق العراق وتنشر الخوف والذعر فيها ، حيث استطاعت تجنيد أعداد كبيرة من الناس للتعاون معها وممارسة أدوار قذرة بما فيهم العديد ممن يمارسون نفس الأدوار في الأحزاب الحاكمة ويحتلون مراكزا  متقدمة ومهمة فيها ، وهذا ما كان يخلق لنا المزيد من المصاعب في التحرك والاختفاء عند تواجدنا في مناطق المهام المكلفين بها .
ومن بين إحتياطاتنا كان لابد لنا أن نختار الملاجئ الملائمة للاختباء فيها أثناء التواجد وكان لابد لها أن تكون غير معروفة بالنسبة إلى الناس بما فيهم رفاقنا الذين كنا نتعامل معهم من تنظيمات الداخل وِكذلك رفاقنا الأنصار المتواجدين في ساحات القتال والمقرات وغيرها من المناطق ، تجنبا لأية خروقات أمنية  قد يتعرض لها عملنا الحزبي وبالتالي إلحاق الأذى والإضرار برفاقنا وأٌسرنا .
ومن بين تلك الملاجيء ، كان لنا ملجئا لا يعرفه غيرنا نحن الاثنان كنا نسميه "لانده شير"  أي"عرين الأسد" فبالرغم من أنه كان يقع في منطقة معروفة ويتواجد فيها الرعاة والصيادين في أوقات عديدة من النهار ولكنه لم يكن من المتوقع بالنسبة لهم وإلى الآخرين بأن هذه الحفرة تقود إلى مخبأ استخدمناه لسنوات عديدة نؤدي انطلاقا منه مهامنا الحزبية.
حاولت في محطات أنفال به هدينا ن إيصال صورة من هذه المخابئ إلى ذهن القارئ ، ولكنني أرى من الضروري أن استفيض في تعريف القارئ الكريم بهذا المخبأ وخصوصا كنت والرفيق أبو خدر نعد فيه خططا لرئاسة العراق وتعين طباخ له ومن هنا فإن هذا الموقع يعد من المواقع المهمة في سير عملية الكفاح ضد النظام الدكتاتوري وتحديد مستقبل العراق السياسي ، نعم فقد كان هذا المخبأ يقع في سفح "كيجين" * وهي منطقة عائدة إلى قرية حتارة تقع إلى الشمال الشرقي منها وهي ضمن منطقة "الكند"* ويجري استغلالها من قبل عامة الناس في الرعي والصيد ونقل حجر الجبصين وغير ذلك وحتى الحكومة اكتشفت فيه بئرا للنفط ولكنها أخفت على الناس مدى قدرته الإنتاجية رغم اكتمال أعمال الحفر فيه ، ولا بد من التأكيد بأن المنطقة ليست صالحة للزراعة ، عموما فإنها ليست مملوكة لعائلة معينة من القرية ولكنها تعد ضمن حدود القرية السيادية ، والمخبأ لانده شير يقع في شق من بين عشرات الشقوق الموجودة في كيجين حفرتها مياه الأمطار عبر آلاف السنين ، فتحته تمتد إلى خمسة أمتار طولا وحوالي مترين عرضا وعمقه قد يصل إلى أكثر من مترين ثم يبدأ الشق مخترقا الجبصين على شكل أنبوب غير متجانس في التصميم تجري فيه مياه الأمطار شتاءا لكي تنصب في الوادي الذي يقع إلى الأسفل من هذا الشق والشقوق الأخرى بحوالي 200-300 مترا فقط ، هنا وعلى بعد 3 أمتار فقط من الفتحة أقمنا فيه المخبأ وجرى بناءه بواسطة الألواح الخشبية المستخدمة في البناء كنا نتطاول عليها من أبنية سكان القرية التي هي في قيد الإنشاء ولكن ليس  كتطاول الحكومة على حقوق الناس وأملاكها في الوقت الحاضر، المهم كان يجري شد هذه الألواح الخشبية بواسطة مسامير نحصل عليها من الأسواق عبر رفاقنا ويجري حصرها في منطقة ضيقة من النفق الأنبوب ويترك القسمان الأسفل منه لجريان المياه عند سقوط الأمطار والأعلى نفترش عليه بعض المطارح البسيطة نحصل عليها من عوائل رفاقنا إضافة إلى أغطية للنوم ، وكان طول المخبأ والجزء المشيد منه على قدر قامتي وقامة أبو خدر ومعلوم إن أبو خدر كان يحتل محلا أطول من محلي بسبب طول قامته وقصر قامتي ، وكان عرضه يترك لنا المجال للتقلب أثناء النوم بشيء من الحرية ولكن ارتفاعه لم يكن يسمح لنا بأكثر من الجلوس فالخروج منه والدخول إليه كان يجري زحفا ، وكان في أحد الجانبين أي في أحد الجدارين مكان محفور على هيئة شباك من شبابيك البيوت الطينية في قرانا القديمة جعلنا منه مطبخا بعد الكثير من الحفر والتعديل حتى اتسع المكان لـ " جولة" صغيرة يعمل على الفتائل وقليلا من النفط الأبيض وعددا من علب الحليب الصغيرة  نحفظ فيها أغذيتنا الجافة  مثل الرز والبرغل و العدس وبعضا من السمن إضافة إلى مكان لعدد من حاويات الماء إذ كنا نستخدمها للشرب والطبخ والغسل علاوة على قدرين صغيرين وصحنين وثلاثة ملاعق أحدهم كان احتياطا .
لم نكن نحتاج إلى كثير من الجهد في عملية الطبخ إذ كانت تجري بسلاسة ، فقد كان مطبخنا أمامنا وكل شيء فيه في متناول اليد وفيه من الأدوات بقدر حاجتنا لها كما قلت وتصل إليها أيادينا دون الاضطرار إلى الحركة  أو الوقوف الذي كان في الأساس غير ممكن بسبب قصر ارتفاع المخبأ ، وأكثر الوجبات شهية كانت تعد في هذا المطبخ عند الوصول إلى المخبأ بعد رحلة طويلة من مقراتنا الجبلية وحين كان الجوع يداهمنا  بعد هذه الرحلة المتعبة والمليئة بالخوف والحذر ، فقد كنا نحرص على عدم التوقف في القرى عند النزول تجنبا لوصول أخبارنا إلى السلطات وتجنبا لأية محاولة منها للإيقاع بنا وهكذا كنا بلذة رهيبة نتناول ما نطبخه من طعام متواضع ولكنه لذيذ في هذا المطبخ الأصغر ربما في كل العالم  ونعتبره أشهى ما صنعته أيادينا ، وبعدما نتناول وجبتنا الشهية  يزداد حماسنا إلى مناقشات حامية في السياسة حول شؤون العراق ، وهنا نزداد طمعا ونتجاوز الحدود ، إذ لا نفكر بالانتماء المذهبي والطائفي ، ولا نفكر بالانتماء العرقي ، ولا كذلك نعرف ما هي المحاصصة ، الشيء الوحيد الذي كان يشغل بالنا هو انتماءنا إلى الوطن وحقوقنا كمواطنين ولهذا لم نكن نخشى في ذلك المخبأ أن نحلم بأن يصبح أحدنا رئيسا ( طبعا للمزح) وعندما كان أحدنا يشعر بأسى لأنه ربما لن يصبح رئيسا بعد سقوط النظام ومجيء بديله الديمقراطي عبر انتخابات حرة ونزيهة ، فقد حاولنا التخلص من هذا الشعور وذلك من خلال الاتفاق على دستور جرى الاستفتاء عليه من قبلنا نحن الاثنان ، وقلنا فيه إننا كمواطنين من هذا البلد يحق لنا نحن الاثنان أن نترشح لرئاسة  العراق ، ولا يحق لأي منا أن يمنع هذا الحق عن الآخر أو أن يشعر بالغضب إزاء نية ترشح رفيقه للرئاسة لأن ذلك حق مشروع وممارسة ديمقراطية في منتهى الشفافية وفي الوقت نفسه لا يحق لأي أحد منا أن يمارس أي نوع من الضغوط على الآخر بقوة السلاح أو ما إلى ذلك لحين سقوط النظام وخصوصا نحن ندعو إلى إقامة نظام ديمقراطي يجري تداول السلطة فيه بشكل سلمي علاوة على بند آخر وهو مهم جدا وقمنا بصياغته على الشاكلة التالية ، إن فوز أي أحد منا في انتخابات الرئاسة بعد سقوط النظام الدكتاتوري يشترط عليه أن يقبل بالآخر للعمل في قصر الرئاسة طباخا للرئيس ، طبعا جاء هذا بعد أن تأكدنا من أن لا أحدا يستطيع منافستنا في الطبخ في مثل هذه الظروف وفي مطبخ كهذا .
ولكن أيها السادة الكرام فكما أرعبتنا ذات يوم أفعى سامة  قصيرة وغليظة أثناء خروجنا من المخبأ كانت تقتحمه حينها  صرخت بصوت عال أبو خدررررر الذي كان يتبعني إنها أفعى  وهي تجري تحت أرجلنا ، ولكن في لحظات سريعة تسلقنا جدران فتحة المخبأ والأفعى واصلت اقتحامها للمخبأ ، وبعد هذا الحدث تحول المخبأ إلى مكان حذر أخشى منه كثيرا رغم اضطراري التواجد فيه عند كل مهمة ، هكذا أيضا أرعبنا حلم الرئاسة والطبخ في عراق ما بعد صدام بعدما صار كل شيء فيه يتوزع على أساس المحاصصة المرعبة التي  اقتحمت وتقتحم كل مناحي الحياة السياسية في العراق ، حتى حرمت أبناء الأقليات رغم اعتزازهم بالانتماء إلى الوطن واعتزازهم بمواطنتهم من حق الترشيح إلى منصب مدير عام مثلا .         
* كيجين - الأسم الكردي للمكان الذي يتشكل من حجر الجبصين وهذه المادة موجودة بشكل كبير على شكل تلال في كند حتارة ودوغاتا وفيه الكثير من المغارات الكبيرة والعميقة والشقوق التي اخترقتها المياه على مر قرون من الزمن .
*الكند- يسمى في الأطلس بجبل كند وهو يشكل من تلال ووديان وعرة تمتد من قرية بدرية غربا وتصل إلى الشارع الذي يوصل مدينة شيخان بمدينة الموصل عند قرية شيف شيرين شرقا .
ملاحظة - ترقبوا المزيد من الأنصاريات التي تتحدث عن فترة نضالية مهمة تصدى فيها أنصار الحزب الشيوعي أشرس نظام دكتاتوري شهدته المنطقة.     
 
 

79
ديرستون ( تربه سبى ) .... هل ستعود ذات مرت .؟
ناظم  ختاري
تقع قرية ديرستون على الطريق الدولي الواصل بين دهوك ومدينة الموصل وقريبا إلى مفترق طرق يمتد منه شارعا يتجه شرقا نحو أربيل مخلفا وراءه ناحية ألقوش الواقعة إلى الشمال منه والتي تتبعها القرية إداريا ، مارا بقرى وقصبات أخرى إلى أن يتقاطع مع شارع قادما من مدينة الموصل  ويتجه شمالا عبر مدينة شيخان . ولهذا فإن القرية تتميز بموقع مهم وخصوصا إن الكثير من أراضيها تصاحب نهر دجلة لعدة كيلومترات ، الذي يجري غربها وغير بعيد عن بيوتها .
تستوطن القرية في الوقت الحاضر عوائلا من عشيرة الحديدية العربية ، احتلتها منذ سنة 1961 بقوة السلاح وطردت سكانها من الأيزيديين بعد انطلاقة البوادر الأولى للثورة الكوردية  وعلى اثر عملية  عسكرية  لقوات البيشمه ركه الناشئة بالقرب منها أدت إلى مقتل اثنين من المواطنين العرب ، إذ احتشدت قوات كبيرة من القرى العربية المجاورة بهدف شن هجوم على القرية مما اضطر الأهالي لإخلائها لقناعتهم بعدم جدوى الدفاع عنها أمام هذه الحشود الكبيرة وتجنبا لإراقة دماء شبابهم ، حيث تركوا كل أموالهم ماعدا الماشية التي انتقلت معهم إلى القرى التي لجئوا إليها  وبهذا تعتبر القرية من القرى الأيزيدية المغتصبة تحت ضغط السلاح وهي من أوائل خسائر الثورة الكردية ،  فتوزع هؤلاء المشردون بعد ذلك ، في قرى حتارة وسريجكا وجراحية وشاريا وغيرها ، إذ كان يبلغ عدد هذه العوائل والتي كانت تسكن القرية آنذاك 27 عائلة ، وهذه العوائل لما تزل تعرف بالديرستونية (ون) أو أهالي تربه سبى .
ولهذه القرية حكاية طويلة ، فيها الكثير من المتاعب يرويها سكانها الذين يحنون للعودة إليها ثانية لاستغلال أراضيها وخيراتها الأخرى التي حرموا منها منذ ما يقارب نصف قرن .
فتعتبر ديرستون من القرى الأيزيدية منذ أقدم الأزمنة ، ولكن سكانها كانوا يتعرضون إلى التشرد والطرد من قبل العشائر العربية على الدوام ، بتحريض من ملاكي مدينة الموصل الذين كانوا يتبعون مختلف السبل لغرض وضع اليد على أملاكها مع غيرها من القرى الأيزيدية مثل خورزان وكرسافا والخ .. إذ رغم إن القرية مع قرى أخرى من المنطقة كانت موطنا للأيزيديين وليس لغيرهم ، فإن هؤلاء الملاكين من الأغوات والبكوات ظلوا يتبعون كل الوسائل لانتزاع القرية من ساكنيها خصوصا بعدما رحل العثمانيون ونشوء الدولة العراقية الجديدة  في سنة 1920وذلك للهيمنة على المزيد من الأراضي الأميرية ، إذ جاؤوا يقدمون لهم قروضا في ظاهرها خيرية وهي تساهم على معالجة بعض مشاكلهم ، ولكن الهدف الحقيقي من وراء هذه القروض كان إيقاعهم في فخ قانوني ، عندما كان السكان يمضون ( يبصمون ) على عقود بيع لهذه الأملاك دون معرفتهم بذلك . وهناك من يقول ، إن قاضيا خيرا وشريفا  في مدينة الموصل وقف إلى جانب سكان هذه القرى ، وأوضح  لهم إن هذه العقود التي يقومون بالإمضاء عليها هي بمثابة عقود بيع لأملاكهم . وهذا الموقف المشرف للقاضي دفع  بالسكان إلى الامتناع وعدم الإمضاء على عقود بيع ملزمة لأملاكهم ، ولكنهم أي ملاكي الموصل واصلوا نهجهم الشوفيني بشكل خبيث للهيمنة على القرية فقاموا هذه المرة بالتحريض على قتل بعض المواطنين العرب من العشائر التي كانت تسكن المناطق المجاورة لقرية ديرستون ، وفي نفس الوقت توجيه الاتهام إلى السكان الذين كانوا يتعرضون إلى إجراءات السلطات التعسفية من سجن ودفع فدية علاوة على عداوات مع هذه العشائر ، وبالتالي كانوا يتظاهرون بأنهم المدافعين عن حقوق هؤلاء الناس ، الأمر الذي كان يضطرهم إلى اللجوء إليهم لحماية النفس بهؤلاء الملاكين الذين كانوا يسيطرون على أملاكهم وأرضهم ويعملون لديهم كعمال زراعيين وفق نسب ضئيلة من المحاصيل والإجحاف بحقهم .
وهذا لا يعني إن السلطات العثمانية في ولاية الموصل قبل رحيلها لم تكن تساند محاولات ملاكي الموصل وإجراءاتهم التعسفية ضد سكان هذه القرى للاستحواذ على أملاكهم  وتوسيع الرقعة التي  كانوا يسيطرون عليها ، ومما يجدر قوله  إن  هذه المحاولات اشتدت  وتيرتها في زمن نشأت بك الذي كان يهيمن على المزيد من أملاك الناس ويعرض حياة سكان هذه القرى إلى مخاطر العداوات العشائرية مع العرب وإلى السجون وغيرها ، وبعد وفاته جاء عبد الله بك الذي واصل ممارسة نفس النهج متماديا في استغلال الناس وابتزازهم إلى أن  باع  القرية مع كل أراضيها إلى المدعو  السيد قاسم ديوجي .
   لم يتوقف هؤلاء عند هذا الحد من الظلم ضد سكان القرية ، بل حاولوا تغيير أسم القرية من ديرستون حيث اسمها القديم ، إلى تربه سبى ، بعدما جرى تهديمها وبناء أخرى جديدة تحت هذا الأسم الجديد ، إذ جرى جمع كل العوائل التي كانت تسكن على أراضي القرية وفي أماكن متفرقة منها في القرية الجديدة ، ولابد من التأكيد إن القرية القديمة والتي كانت تتميز بوجود نبعين للمياه الكبريتية والمعالجة للكثير من الأمراض الجلدية وذات طبيعة جميلة واخضرار دائم ، كانت تقع إلى الغرب من شارع دهوك – الموصل بحوالي سبعة كيلومترات وعلى بعد حوالي 3 كيلومتر عن موقع تربه سبي القديم إذ تحولت القرية إلى موقعها الحالي بمحاذاة الشارع الدولي  بين دهوك والموصل بعد بناء سد أسكي موصل في بداية الثمانينات من القرن الماضي ، وكان الغرض من هذه العملية ( التهديم والبناء)هو التأكيد على عدم وجود قرية تحت اسمها القديم ديرستون والتي كانت مقيدة لدى الدوائر الحكومية ذات الشأن مع أملاكها وأراضيها الزراعية لحساب سكانها الأصليين من الأيزيدية ، وفي هذه الحالة سيكون من السهولة بمكان تسجيل القرية الجديدة على حساب أي مالك يقوم بشرائها من آخر ، وبذلك تكون ديرستون قد سرقت من سكانها و إلى الأبد ، ولكن الذي حصل إن الحكومة لم تكن مستعدة على تغير اسم القرية فجرى الإبقاء على اسمها القديم ، ورغم ذلك استطاع الأغوات فرض هذا الاسم الجديد على السكان مما ازدوجت القرية تحت اسمين ، إذ كان اسم ديرستون يتداول في السجلات الحكومية الرسمية واسم تربه سبي يتداول بين السكان بعدما فرض عليهم  كرها.
سكانها الذين تشردوا منها في الفترة المذكورة أعلاه لما يزل يكنون بالديرستونيون كما قلت في الدوائر الحكومية مثل النفوس وغيرها وقد جاؤوا إليها  في عهد عبد الله بك وبقي السكان يعملون كعمال زراعيين في القرية رغم انتقالها من مالك إلى آخر إلى أن تشردوا منها على اثر ما ذكرت في أعلاه . وكان هؤلاء ينحدرون من قرى داكان وبعض القرى القائيدية وختارة الكبيرة وختارة الصغيرة .
لم تنتهي قصة القرية وسكانها عند هذا الحد ، ففي مرات عديدة شكلوا وفودا أوصلوا أصواتهم إلى أعلى القيادات في الدولة العراقية  وفي مختلف المراحل عبر تحرير العديد من المذكرات وجمع التواقيع ورفعها إلى السلطات ذات الشأن بهذا الخصوص ، وحينها اهتمت صحافة الحزب الشيوعي العراقي وخصوصا طريق الشعب بالأمر بشكل جيد إذ غطت مختلف نشاطات أهالي القرية ومطالبهم في العودة إلى القرية ، ولكن التوجهات الشوفينية لمختلف هذه القيادات والأنظمة كانت تحول دون استرجاع القرية إلى أصحابها أو عودتهم إليها ، بالرغم من أن بقايا عائلة ديوجي فكت ارتباطها بالقرية تماما .
وعند سقوط النظام الدكتاتوري في 2003 ، اعتقد أهالي القرية إن حلم العودة إليها قد تحقق وأنها أصبحت في متناول اليد وخصوصا إن العوائل العربية  التي  استوطنتها  لهذه الفترة الطويلة رحلت عنها  وتركتها خوفا من انتقام قوات البيشمه ركة القادمة من دهوك وأهالي القرية السابقين ، ولهذا حزم بعض الشباب أمرهم وذهبوا إليها لحراستها تمهيدا للانتقال إليها مع عوائلهم ولكن قوات البيشمه ركه منعتهم وطردتهم شر طردة متذرعة بضرورة إلتزام الأساليب القانونية للعودة ثانية إلى القرية دون أن  يخطر في بالهم ولو للحظة واحدة بأن أهل القرية تركوها مرغمين وتحت ضغط السلاح وبقيت العوائل العربية فيها واستغلت أراضيها  بقوة السلاح وبقرارات سياسية من الحكومات الشوفينية المتعاقبة وحمايتها لها ، وبانتهاء عهود هذه الأنظمة  وترك العوائل العربية للقرية في ظل ظروف خاصة تكون العودة "الحرة "لسكانها إلى القرية دون قيود أو شروط ، قانونية ومشروعة .
وكذلك إن قوات البيشمه ركه لم تبال تماما بكل ما قيل من وعود من قبل العديد من المسئولين الكبار في الإقليم بأن القرية يجب أن تعود إلى أصحابها ، لأنها ضحية انطلاقة الثورة الكوردية وسكانها ضحايا انتمائهم القومي الكوردي وأرضها كوردستانية ، الأمر الذي يفرض على الحكومة الكوردستانية القيام بمعالجته من خلال الضغط  لعودة الأهالي إلى قريتهم أو تعويضهم تعويضا ينسجم مع حجم معاناتهم أثناء التشرد ومدى الخطورة التي تهددتهم علاوة على خسائرهم المادية .
بعد تراجع الشباب تحت ضغط أوامر قوات البيشمه ركه بأيام قليلة تقدمت القوات الأمريكية نفس هذه العوائل العربية وأعادتهم إلى القرية رغم ما  كان يعتصر قلوب سكانها من الأيزيديين  من آلام , هذه الواقعة لم تنل من عزم أهالي القرية بقدر غيرها وما تلاها من تصريحات وإهمال من قبل السلطات  والمسئولين في كوردستان ، وخصوصا بعدما أغلقت الأبواب في وجوههم ولم يبقى غير وسيلة واحدة وهي  اللجوء إلى سلطات الإقليم وتشكيل الوفود  لزيارة المسئولين فيها والمطالبة بالقرية ، فبالرغم من أنه قيل لهم الكثير مما يسرهم من قبل البعض المسئول ولكن لا أحدا فعل لهم ما يسرهم ولو على قيد شعرة ، بل أسمعوهم في بعض الأحيان كلاما مفرطا في التشاؤم  وبعيدا عن أية مسئولية يهدف إلى فك المطالبة بالقرية إلى الأبد ، فمثلا قال أحدهم أي أحد المسئولين الكوردستانيين لوفد قام بزيارته عله أن يفعل شيئا كونه من الأيزيديين إذ قال لهم "كنا نستطيع إعادة السكان إلى القرية  منذ البداية ولكن غالبيتهم للأسف أصبحوا شيوعيون .. فلم نفعل " .. أي كلام مسئول هذا .. فالسيد المسئول هذا يفرط بقرية وأراضي كوردستانية لأن سكان القرية أصبحوا شيوعيون .. والشيوعيون شاركوا بكل ثقلهم في الثورات الكوردستانية إلى جانب بقية حلفاءهم من الأحزاب الكوردية .. بل دافعوا أكثر منه عن كورديتهم في إحصاء 1977" إذ لم يبقى شيوعا واحدا إلا وأصر على كورديته بينما من كان على شاكلة هذا المسئول قدم نفسه وباعتزاز بأنه من القومية العربية .
 وضمن سياق تشكيل الوفود وزياراتهم ، أبلغت جهة حكومية أخرى في نفس هذه الفترة وفي الإقليم أيضا  وفدا من أهالي القرية وذلك في مدينة دهوك " إذا أردنا أن نعيد القرية فسنعيدها لغيركم ، ولا تنتظروا كثيرا بأن القرية ستكون لكم .
إذا كان هؤلاء اللذين وضع الشعب كل ثقته فيهم للحفاظ على التراب الكوردستاني  والدفاع عن تجربتها على هذه الشاكلة ، فإن أمن كوردستان لن يكون  بخير . .!
ولازال السكان يبحثون عن القرية ، ولكن هذه المرة أرادوها حتى وإن كانت تعويضا بالرغم من أن هذا الأمر كان بالنسبة لهم كالعلقم ، فكانت حينها ولما تزل المادة 140 تمنح القاطنين والمهجرين من السكان تعويضات مادية في مختلف مناطق العراق وتعيد السكان إلى مناطق سكنها ، وكان كلام المسئولين الآنف الذكر في كوردستان حجر عثرة أمام سكان القرية للمطالبة بحقوقهم في العودة إلى القرية  ووضع حدا قطعيا للبحث عنها ترابا ، ولذلك قبلوا بالتعويضات المادية وهي أفضل من لاشئ ، حيث وضع المسئولون الحزبيون في المنطقة برنامجا للبحث عن سكان القرية في القرى التي توزعوا عليها وكتبوا الأسماء من الكبير إلى الصغير وقالوا إن كل واحد منهم سيمنح 10,000,000 عشرة ملايين دينار عراقي ، حزنت العوائل الأيزيدية لأن قريتهم  ستباع دون رغبة منهم وبثمن بخس ولكنها رغم ذلك حسبت رأسمالها بعد اليأس الذي أصابهم من أهل الدار ورسمت مشاريعها ، كان بينها الكثير من المشاريع الاقتصادية التي ستجني أرباحا لهذه العوائل وللدولة لـ"كوردستان " وكان بينها أيضا مشاريع لعبور الحدود إذا كانت الحقوق  تضيع بهذه السهولة في زمننا الغابر والمتعثر ، حيث يقود مجتمعنا أناس أمثال ذلك المسئول الذي لم يرغب في إعادة القرية لسكانها لأنهم شيوعيون ، " وهنا بودي أن أخبر القارئ العزيز إن عدد العوائل التي التحقت في صفوف الحزب الشيوعي من أهالي هذه القرية  لاتتعدى الـ 5 عوائل  ومن بينها عائلة كاتب هذه السطور "، وفي سياق انتظارهم العشرة ملايين  دينار  كتعويضات وفق المادة 140 من الدستور العراقي جرى إبلاغ الأهالي بأن المسجلين في إحصاء  1957هم من ستشملهم التعويضات و استلام العشرة ملايين  وحرمان المولودين في القرية بعد هذا التاريخ ، وعلى شاكلة قبول كل سرقة من جزء لحقوقهم قبل الأهالي هذه السرقة أيضا بانتظار عشرة ملايين فقط حتى ولو تشطرت العائلة الواحدة إلى أكثر من عشرة عوائل ، ولكن لا هذه العوائل ولا الفرق الحزبية التي روجت لعشرة ملايين سواءا للفرد الواحد أو لعدد من الأفراد  تعرف لحد الآن مصير هذه الملايين العشرة .
 
أين تقف حكومة كوردستان من كل ما ذكرت ؟
وأين تقف لجنة المادة 140 من كل ما ذكرت ؟

 

80
لو كانت المهلة ألف يوم ... لأخفقت حكومة المالكي .

ناظم ختاري
على أثر موجة احتجاجات شعبية واسعة اجتاحت غالبية مدن العراق بسبب سياسة المحاصصة الطائفية و انعدام الخدمات وغياب دولة القانون وخرق الدستور  ، ألزمت حكومة المالكي نفسها  بمهلة المائة يوم ووضعت ننفسها أمام المساءلة وكل وزير فيها معرضا لعقوبة إقالة فيما إذا أخفق خلالها في تنفيذ برنامج وزارته الخدماتية أو وضع حدا لحالات الفساد فيها .. وها هي المهلة تصل إلى  نهايتها دون أن يجد المواطن العراقي الذي خرج إلى الشارع وتظاهر وقال بأعلى صوته "باطل " لكل ما هو  باطل ودعا إلى إصلاح النظام السياسي ألذي لا يمكن إصلاحه بحكم درجة فساده التي وصل إليها ، حلا لمعاناته ، مع أنني أقتنعت منذ اليوم الأول من هيمنة قوى الإسلام السياسي الشيعية والسنية  على المشهد السياسي  في العراق أبان حكم بريمر  بأن العراق لن يكون بخير  في ظل هذه الموازين المختلة .
ولذلك اعبر عن استغرابي لقوى سياسية روجت  طويلا لوطنية هؤلاء المزيفة وتعاملت معها على إنها مؤهلة في هذا الجانب ، وخصوصا تبين وبشكل صارخ في كل المعارك الانتخابية  إن هؤلاء ليسوا سوى مرشحي انتماءهم الطائفي والقومي ، وكانت  شعارات المواطنة والوطنية إضافة إلى المظلومية الطائفية  والتاريخية طريقهم السهل للوصول إلى السلطة .
ومرة أخرى أعرب عن استغرابي للحشود الجماهيرية التي وثقت بهذه القوى الغاشمة وأودعتها صوتها لكي تحتل المراتب المتقدمة في الانتخابات البرلمانية التي يظل  فائزوها المزورين عاطلين عن العمل من بداية جلسة القسم  ومنافقين خلال جلسات البرلمان  وإلى نهاية دورتهم التشريعية ، دون أن يرف جفن لأحدهم على ضرورة تشريع قوانين تخدم الجماهير العراقية المحرومة و تحمي مصالحها .
لذلك أجد من المنصف أن اختار الوقوف في صف الذين تجرؤا وقالوا لا لهذه المهزلة وتجردوا عن هوياتهم الفرعية دفاعا عن هويتهم الوطنية في ساحة التحرير وقبلها المتنبي وفي أزادي في السليمانية ، ورفضوا استمرار حكومات المحاصصات والعشائر ، لأنني أرى وببساطة إن القوى المتنفذة منذ سقوط النظام العراقي البائد ليست بديلا جديرا  ، وليس بمقدورها أن تعالج قضايا الوطن الديمقراطية وبنا دولة القانون  وإطلاق الحريات المدنية وتوفير وسائل الرفاهية للشعب العراقي .
لأن مختلف هذه القوى لا تمثل شرائح مجتمعها وطوائفها بقدر تمثيلها لمصالحها وحماية مصالح انتماءها الطائفي والعرقي التي برزت على الواجهة السياسية بحكم الصدفة وغياب دور القوى الوطنية الحقيقية  وإشكالات أخرى ناجمة عن نظام دكتاتوري تسلط على رقاب الشعب لعقود من الزمن  وعملية إسقاطه على أيدي قوى وجيوش أجنبية احتلت العراق في المحصلة النهائية .
ومن هنا فإن حكومة المالكي التي تتشكل من صفوة هذه القوى الطائفية والعرقية  والموالية لغير العراق والعراقيين ليس بمقدورها أن تعالج أي من القضايا الوطنية التي تلزم نفسها بها حتى ولو أمهلت نفسها ألف يوم وأمهلها الشعب أكثر من ذلك  .
لذلك ليس أمام الشعب العراقي سوى الطريق إلى ساحة التحرير التي تنبع منه  سلطة الشعب  وحريته والقدرة على تحطيم هذا النظام الطائفي المصر .

81
طفح الكيل .. ألا ينتفضون .!؟
ناظم ختاري

بدءا أستميح الرفيق رضا الظاهر عذرا لأنني استحوذت على عنوان مقالته المنشورة قبل أكثر من أسبوعين في العديد من المواقع الالكترونية مع تغيير في مقطعه الثاني فكانت مقالته الموسومة "طفح الكيل ..ألا يستحون " ، في الواقع لست بصدد مناقشة رأي الكاتب ، ولكنني أرى ضرورة التأكيد بأن هؤلاء الذين يتنافسون على كراسي السلطة والمال والنفوذ والامتيازات ما كانوا يستحون من أي وسيلة يتبعونها للوصول إليها ولا من كيفية ممارستها ولا من كذبهم ونفاقهم ولا من الالتفاف على وعودهم ولا من قمع يمارسوه بحق الجماهير وقوى المعارضة ولا من التخلف الذي يبثوه في أوساط الناس الكادحين ولا من الفساد الإداري والسياسي والمالي ولا من حرمان الناس من حقوقهم ومن الخدمات العامة ولا من عدم قدرتهم على توفير الأمن والاستقرار ولا من فرطهم للسيادة الوطنية ولا من غيرها من الكوارث التي تحيق بالوطن جراء سياساتهم ، لا في السابق والذين كنستهم جرافات قوى الشعب عبر ثورة جماهيرية عارمة كالنظام الملكي أو جرافات القوى الأجنبية كما حصل للطاغية صدام عندما دخلت عليه القوات الأمريكية والبريطانية و الشعب العراقي لم يتقدم ولو خطوة واحدة للدفاع عنه ، ولا هؤلاء القادة الحاليين الذين سوف لا يجدون من يبكي عليهم أو يحن إليهم ويدافع عنهم إن سحقتهم بساطيل جنود القوى الأجنبية المحتلة قبل مغادرتهم أرض بلادنا أو قذفت بهم قوى الشعب في هبة مصيرية إلى مزبلة التاريخ .

وكما قلت فإنني لست بصدد هذا أو ذاك مما جاء في مقالة الرفيق الظاهر إذ قال كثيرا مما يراد قوله وأتفق معه أيضا في الكثير مما قال ، ولكن السؤال ههنا يقول ، كيف ندعوهم إلى الحياء وهم لا يستحون أصلا ويعملون كل ما  ذكرت عن دراية تامة وعن سبق إصرار تمسكا بمصالحهم الخاصة ..!؟

أليس من الضروري البحث عن كلام آخر معهم  ووسيلة تعامل أخرى تتلاءم مع حجم ما يرتكبوه من فضائح وحماقات وجرائم  بحق شعبنا من خلال تشديد قبضتهم على الحكم والاستعصاء في كل شيء وليس فقط  تشكيل الحكومة .!؟

وهذا الذي ينبغي مناقشته ونحن نشاهد ما يجري على أرض الواقع وما تمارسه القوى المتنفذة من صراع غير شريف على السلطة وتعنت وتمسك بمصالح ضيقة تصطدم في كل لحظة مع مصالح الشعب العراقي وأوصلت البلاد إلى دروب مظلمة ، حتى أصبحت القوى التي يقع على عاتقها مسئولية إيقاف انحدار البلاد نحو مصير مجهول ومخيف عبر النهوض واستنهاض من له مصلحة حقيقية من قوى وشخصيات وطنية في بلادنا وتعبئة الجماهير في هذا الاتجاه ، لا تجد الطريق إلى ذلك وكيفية سلوكه ، وهي لما تزل تراهن على "وطنية "هذا الطرف أو ذاك من بين القوى المتنفذة في الوقت الذي تفتقد إليها تماما ، على أمل تعديل مسار العملية السياسية أو تشكيل حكومة "وحدة وطنية"  .

في الوقت الذي لا توجد فيه أية بوادر لدى أي من هذه الأطراف من بين هذه القوى بأنها ستذعن إلى أصوات ناخبيها وتعمل على تحقيق الأمن والاستقرار والرفاهية لهم أو تمتثل إلى الدستور وتسلم السلطة إلى غيرها بشكل سلمي و تشكل مثل هذه الحكومة كي تقدم خدماتها إلى الشعب .
 
ومن هنا يحق لنا أن نسأل أنفسنا ألم يحن الوقت أن ندرك حقيقة إن هذه القوى التي تسلطت على رقاب شعبنا منذ سقوط النظام البائد هي ليست مؤهلة لمثل هذه المهام الوطنية ، بل أكثر من هذا فهي  قوى غاشمة وليست أقل جبروتا من دكتاتورية صدام نفسه ولكن على شاكلة دكتاتوريات متعددة قائمة في مناطق نفوذها المختلفة ، وهي لا تتخلى عن دكتاتوريتها ولا عن سلطتها وهيمنتها ولا عن مصادر أموالها ، إلا عندما تتلقى الطرق بقوة على رؤوسها  .!

وهنا فإنني أرى بأننا أمام مهمة توجيه الجماهير إلى رفض هذه القوى وممارساتها وسلطاتها التي تقود بلادنا إلى المجهول ، وتوجيه أنظار هذه الجماهير نحو انتفاضة شعبية تسعى إلى تغيير الواقع الحالي  حتى وإن لم يتحقق ذلك على المدى القريب ، ولكننا كي نكون بحق عامل تغير لمسار العملية السياسية ووضعها على السكة الصحيحة  وإيقاف اللعبة القذرة للقوى المتنفذة وإنهاء الأزمة الخانقة التي تمر بها البلاد ووضع حد لهذه الأوضاع المزرية التي يعيشها الشعب العراقي فإن أمر الإعداد لمثل هذه الانتفاضة يعد من بين مهام و مستلزمات نضالنا الوطني .

و في الواقع  هذه هي مهمة كل القوى والشخصيات الديمقراطية والوطنية وكل من له مصلحة حقيقية في بناء دولة المؤسسات الدستورية وتعزيز دعائم الديمقراطية في بلادنا كونها الوحيدة التي تمثل الشارع العراقي بشكل حقيقي وعليها أن تعبر عن مصالحه ، لذا فإنه يتحتم عليها خوض نضال حقيقي واضح المعالم ، لا يقبل التهاون على مصالح الشعب والوطن وإعلان المعارضة الواضحة لنهج القوى المتنفذة الطائفي والأثني القائم على أساس المحاصصة المقيتة ، وضرورة طرح نفسها بديلا قادما من خلال قيادة نضالات الجماهير العراقية وصولا إلى انتفاضة شعبية حاسمة ، لأنه في الوقع هذه القوى تحولت إلى عامل تهديد للعملية السياسية وأصبحت خطر مباشرا للمؤسسات الديمقراطية ، فهذه القوى بصراعاتها وتنافسها على توزيع السلطات فيما بينها توفر أكبر الفرص للإرهاب والتدخل الخارجي وغير ذلك ، وهي قوى غير مؤهلة من كل الجوانب ينتهي ولاءها الوطني في ظل التسابق على كراسي السلطة والمال والنفوذ  والإمتيازات ، والتي وصلت إلى الحكم على أثر ظروف معقدة مرت وتمر بها بلادنا .

وهنا يقع على عاتق القوى الديمقراطية والوطنية أن تدرك أيضا إن هذه المهمة تتطلب من بين ما تتطلبه اصطفافها على أساس برنامج وطني ديمقراطي يشكل نقطة التقاء وانطلاق في هذا الاتجاه و يقع على عاتق كل أطراف هذه القوى البحث فيه بشكل مشترك لإيجاد ما يتلاءم ومستلزمات نضالها الوطني على المستوى العملي ، وخصوصا هناك مشتركات غير قليلة على مستويات التوجه والأهداف في الجانب النظري أي إن الآمر يتطلب من هذه القوى البحث بشكل جماعي لإيجاد شكل تنظيمي ملائم للعمل المشترك ولتعزيز التنسيق بين أطرافه المختلفة  .

وثمة حاجة إلى القول بأنه لابد للكثير من بين هذه القوى الديمقراطية التخلي عن الركض وراء القوى الطائفية والاسترزاق منها كما حصل لها عند دخولها في قوائم انتخابية طائفية بهدف الحصول على مواقع لها في الدولة ، وعلى غيرها التخلي عن بيانات الشتم والقذف بحق أطراف مؤثرة من بين هذه القوى ، فأمامنا ملايين المحرومين والجياع والساخطين وهؤلاء هم أهدافنا ووسيلتنا في تحقيق ما نصبو إليه من أمن واستقرار ورفاهية وازدهار لشعبنا وبلدنا ، فالنزول المشترك إلى الشارع والانخراط في صفوف الجماهير  لتعبئتها هي مهمتنا الأساسية .

 ولا أعتقد من الصحيح التعويل على عامل الانتخابات لوحده بالشكل الحالي لتحقيق التغير المنشود ، إذ إنها أي الانتخابات في العراق تعاني ألف علة وعلة في ظل هيمنة القوى الطائفية اعتبارا من تزييف الوعي الاجتماعي ومرورا بعاملا الترهيب والترغيب وصولا إلى التدخل الخارجي والمال السياسي القادم من خارج الحدود ، ولا يمكن للقوى الديمقراطية أن تحقق نجاحات تذكر دون أن تخوض نضالا جماهيريا واسعا وتعزز تحركها وتحرض مختلف شرائح المجتمع  لأجل الدفاع عن مصالحها ، ولا أعتقد بأن اللجوء إلى أساليب نضالية كهذه هو التفاف على العملية السياسية أوالتوجه الديمقراطي ، بل يمكن تصوره على أنه رغبة حقيقية لتثبيت هذا التوجه والحفاظ على ديمومته ، وهناك العديد من الأمثلة نفذت فيها جماهير الشعب انتفاضات و ثورات بيضاء حافظت بواسطتها على ديمقراطيات بلدانها .

 وهنا لابد من الإشارة بأن القوى المتنفذة  والمهيمنة على المشهد السياسي قد هيأت أفضل الشروط  لقيام مثل هذه الانتفاضة الشعبية .

 فقد وصل عدد الفقراء والجائعين إلى 30 % وهذا يعد رقما مخيفا في بلاد تقع على بحر من النفط  وغيره من الثروات الطبيعية ، وهؤلاء عادة هم من يفجرون الانتفاضات وهم كذلك وقودها .

وهناك تراجع حاد في مستوى الخدمات كالكهرباء والماء والعلاج والتعليم وطرق المواصلات والسكن إذ وصلت إلى أوضاع مزرية ، وأزمة الكهرباء في ظل قيظ الصيف العراقي أشعلت نيران هذه الانتفاضة في العديد من المدن  والتي لازالت شرارتها تتوهج ، والحكومة بسياساتها العرجاء في هذا المجال غير قادرة على إطفاءها رغم خفوتها المؤقت وعند اشتداد اشتعالها مرة أخرى وبقيادة مجربة فإن انخراط المحرومين من فيها لا يفقدهم غير حرمانهم الأزلي .

انهيار الوضع الأمني إلى حد كبير، إذ لا يمر يوما و إلا تحدث جرائم بشعة في مختلف مدن العراق ترتكبها قوى الإرهاب والميليشيات المسلحة التابعة لهذه القوى ، ومن المؤكد بأن الجماهير المكتوية بنارها سترفع صوتها في وجه من لا يستطيع توفير الأمن والأمان أو تغطي على الإرهاب ، إذ لابد أن يكون غضبها قادما لا محال  وخصوصا عندما تجد في طليعتها قوى تقودها وترفض التلاعب بمصائر الوطن .


السياسات الطائفية والعرقية وغيرها من المتضيقات ألحقت ضررا فادحا بالمواطنة العراقية ، ويقينا أن المواطن العراقي  الذي خبر السياسات الطائفية سيثأر لذلك .

تعمل مختلف هذه القوى وأمام أنظار الجماهير على سرقة المزيد من الثروات العراقية وانتزاع لقمة الكادحين ، وهذا الأمر أيضا لا يمكن السكوت عنه طويلا في ظل تواصل مسلسل الجوع والحرمان .

وفي ظل حكم هذه القوى عمت البطالة في صفوف الشبيبة في مختلف مناطق العراق وقد تصل نسبتها إلى 50 % ، ولا يمكن لها أن تنتظر إلى ما لانهاية لأنها بصدد فرصة عمل من أجل تحقيق حلمها لتكوين حياة عائلية مرفهة ومستقبل آمن ومستقر ومزدهر . 

هذه القوى جعلت من الحياة العامة جحيما لا يطاق ، إذ شردت الملايين من مناطق سكنها إلى  مختلف مدن العراق أو خارجه جراء ما ترتكبها المليشيات التابعة لها من جرائم قتل وتهجير وغيرها والتي عادت تنشط مجددا وتنفذ برنامجا واسعا للقتل العام .

كل الأقليات العراقية تتعرض إلى حملات  قتل أو تهجير منظمة ، إذ لا يمكن لها إلا أن تقف إلى جانب قوى الشعب الحقيقية .

لم تبقى دولة من الدول المجاورة والإقليمية والعربية إلى جانب أمريكا وبريطانيا إلا وانتهكت سيادة البلاد ، وشعبنا العراقي لا يمكن له أن يسكت عن ذلك عندما تقوده قوى مجربة .

ولما كانت القوى الفائزة في انتخابات السابع من آذار غير قادرة على  تشكيل الحكومة  وتجاوزت المدة الدستورية دون تحقيق سبب إجراء الانتخابات من أجله أي تشكيل الحكومة  لكي تقرر وتعمل ما لها وما عليها من مهام لخدمة الشعب ، وتمسك رئيس الحكومة السابقة على البقاء على رأس السلطة  التنفيذية وإصرار من لم يفز بالأغلبية التي تؤهله لتشكيل الحكومة بأن ذلك من حقه الانتخابي ، إنما هو توجه صارخ نحو تنفيذ المصالح الشخصية والحزبية أو الطائفية وبالتالي تحقيق الدكتاتورية المطلقة على العراق حتى وإن كان ذلك دون صدام حسين .

وأخيرا يقضي أكثر من ثلث أعضاء مجلس النواب أجازات ترف وسياحة واستجمام في الخارج على رمال شواطئ البحار ومنتجعاتها والفنادق الفاخرة وملاعب القمار تاركين العراقيين في محنتهم الساخنة ، فهل سيسكتون إزاء هذا .؟



82
وماذا بعد تشكيل الحكومة .. !
ناظم ختاري
منذ انتخابات السابع من آذار والشارع العراقي ينتظر تشكيل الحكومة التي سميت ب"الوطنية" حتى وإن استعصت على التشكيل ، هذا الشارع الذي سرعان ما أبدى قدرا كبيرا من التذمر إزاء مماطلة القوى الفائزة على توليد هذه الحكومة "الوطنية" المنتظرة ، بل راحت الجماهير تعبر عن سخطها الشديد عبر شتى الفعاليات وخاصة المظاهرات التي عمت العديد من المحافظات العراقية طلبا للكهرباء ، بينما استمر الفائزون في الانتخابات في تماديهم على نكران  شعاراتهم التي خدعوا بواسطتها هذه الجماهير المظلومة ، ليس هذا فقط بل توجهوا مرة أخرى إلى الخنادق المليئة بالرصاص والبارود وتمترسوا في دواخلها لخوض غمار صراع شرس من أجل السلطة والمال ، ووجهوا فرق الموت لممارسة عملها في تفجير المجموعات البشرية وقتل الناس في الشوارع ضمن مخطط من يستطيع ترهيب من ، وتغييب أي حل دستوري وفرض شروطه في مفاوضات تشكيل الحكومة "الوطنية" مستخدمين عامل الاستقواء بدول الشر الجارة من أجل حرمان الشعب العراقي من أي أمل على مواصلة الصبر في سبيل تثبيت ما جرى إرساءه من مؤسسات ديمقراطية ضعيفة .
وهنا أعتقد إن لاشيء  يتحقق على الإطلاق من قبل حكومة تتشكل على أيدي قوى متنفذة حققت الفوز في الانتخابات المتتالية عبر ألف وسيلة ووسيلة غير مشروعة  ، وعبر شعارات براقة ترفعها في المحافل والمنعطفات والانتخابات وعبر خداع الجماهير العراقية المتعطشة للأمن والاستقرار وللحرية وللقمة عيش كريمة وعبر تزييف وعيها وسلب إرادتها وسرقة أصواتها وأصوات قوى أخرى بواسطة قانون انتخابي غير دستوري .
وأسأل هنا كيف اتفق من يقول إن حكومة وطنية ستتشكل من قوى لا تؤمن بالوطنية قطعا وهي تلجا كلها ودون استثناء ليلا ونهارا وفي كل صغيرة وكبيرة بما يخص الشأن العراقي إلى دول الإقليم للاستماع إلى حلولها  وتنفيذ خططها التي تنفث سموما قاتلة لأماني العراقيين في إقامة دولة الأمان والاستقرار والمؤسسات والرفاه الاجتماعي .. ؟ ومن قال إنها ولو مرة واحدة سعت بهذا الاتجاه و شعرت بمظلومية هذا الشعب الذي عاني طيلة تاريخه الطويل من استبداد وجبروت حكامه  ..؟   
أليست هذه القوى هي نفسها التي حكمت العراق وأدارت مؤسساته منذ سقوط نظام صدام حسين و استعصت على الاتفاق من أجل العراق ومصلحة شعبه  وإيصال سفينته إلى بر الأمان .! ولكن الشيء المؤكد إنها استطاعت الاتفاق على إعلان عداءها الصارخ لهذه المصالح ولكل ما يرتبط بكرامة شعب العراق واستقلال دولته وسيادته الوطنية .   
ألم تكن هذه القوى نفسها التي خاضت حربا طائفية طاحنة ملأت الشوارع والطرقات والأنهر وحتى البراري بجثث العراقيين وسالت دماءهم أنهارا على الهوية ..!
 أية مجموعة من هذه القوى تأخرت في تشكيل ميليشيات لها ، ولم تشارك في هوس القتل والذبح العامين ، وكم من قادة ميليشيات وقادة فرق إرهابية كانوا في مواقع ومؤسسات سيادية .. !
أليست هذه القوى هي نفسها التي سرقت ولازالت تسرق ثروات العراق ونفطه وتبيعها إلى دول انتماءها الطائفي وتحصل منها مالا وسلاحا لإدامة شرورها ..!
كم وزيرا من بين هذه القوى هرب بمليارات الدنانير العراقية من لقمة كادحي شعبنا إلى دول مختلفة يبذرها في مدن القمار والسيكار والخمر والنساء ..؟
 وكم وزيرا دخل الحكومات العراقية من غير أن يملك قرشا واحدا  ولكنه في فترة قياسية أصبح يملك  أفخر الفلات في أجمل مدن العالم وأموالا لا يتخيلها في أغنى بنوك العالم ..!
أليست هذه القوى هي من تدير دفة الحكم  ويعيش رجالاتها في أفضل مستويات من المعيشة بينما الناس تعاني فقرا  مدقعا وأمراضا وبطالة ونقصا حادا في الخدمات كالكهرباء والدواء والتعليم والمواصلات وغير ذلك ، ناهيك عن الموت المتواصل بسبب المفخخات والعبوات وكواتم الصوت. 
وأخيرا أليست هي هذه الحكومة التي تعلن عداءها الصارخ لمصالح الطبقة العاملة وترفض انتظامها في نقاباتها الخاصة  المدافعة عن حقوقها تاريخيا وهي التي هاجمت مقراتها في بعض الوزارات واستولت على ممتلكاتها . !
كل هذا ولازلنا ننتظر وندعو هذه القوى لتشكيل حكومة وطنية ، وكيف ستكون وطنية وأمر تشكيلها يجري البث فيه في طهران أو السعودية أو في دمشق وغيرها من الدول المتدخلة بشكل فض في شؤون بلادنا ، ويتخذ قادة تلك الحكومة المقبلة هذه العواصم مرتعا للبذخ والتبذير من أموال العراقيين  . 
هل ينبغي على الشعب العراقي أن يمنح هذه القوى صفات الوطنية والإخلاص والنزاهة وغيرها في الوقت الذي يفتقدون لها ، وهل منح الشعب العراقي مثلها لحكومات سابقة كانت مطية بيد الأجنبي وقدمت بسخاء خدماتها  وثروات البلد لغير العراقيين  وأعلنت عداءها لمصالح الشعب والوطن .؟
ما الفرق بين ممارسات هذه القوى المتنفذة والمعادية لمصالح العراق وشعبه وممارسات مشابهة لحكومات سابقة ذهبت إلى مزبلة التاريخ .؟
 
أجزم إن الحكومة القادمة ستكون كسابقاتها القديمة والجديدة أداة بيد الغير ولا يمكن لها إلا أن تمثل مصالح دول انتماءها الطائفي أو مصالحها الطائفية  والحزبية والجهوية الضيقة بعيدا عن تقديم أي شيء للشعب العراقي أو تحقيق أي من شعاراتها الانتخابية .
لذا أرى إنه في المرحلة الحالية يتطلب من كل القوى الوطنية الحريصة وبكل اتجاهاتها الفكرية إلى التقارب مع بعضها ورص صفوفها في جبهة رافضة لهذه القوى المتعنتة والتي أدخلت البلاد في نفق مظلم لانهاية له ، ولابد في هذا الطريق إعلان الوقوف وبحزم إلى جانب مصالح الشعب العراقي والدفاع عن سيادة البلاد التي تتعرض إلى تهديدات جدية وإلى المزيد من الانتهاكات على أيدي القوى الفائزة في انتخابات السابع من آذار ورفضها بشدة لسياساتها الهادفة إلى الهيمنة على السلطة والمال وخلق المزيد من الأزمات والكثير من الظروف المعقدة التي تجعل من حياة الشعب جحيما لا يطاق .
  واعتقد إن الطريق إلى ذلك يبدأ
-          بإعلان تحالف مدني لقوى وطنية وديمقراطية من مختلف المنابع الفكرية والتي يهمها مصلحة الشعب والوطن وفق برنامج وطني ديمقراطي رافض للأجندة الخارجية والحلول الطائفية  والعرقية والمناطقية أو عودة الأوضاع إلى المربع الأول .
-          تمرين المنظمات الحزبية لهذه القوى الوطنية الحريصة  وجماهيرها على كيفية إدارة الصراع الاجتماعي ، وتنظيم الجماهير الساخطة وخوض المزيد من النضالات المطلبية اليومية .
-          الدعوة إلى إعادة الانتخابات بعدما فشلت القوى الفائزة في انتخابات السابع من آذار أثبات استقلايتها عن محيطها الطائفي أو حرصها على مصالح  الشعب العراقي وأنكرت وعودها الانتخابية وخرقت الدستور وعجزت عن إنقاذ البلاد من كوارث القتل الطائفي  ومن كل الأوضاع المزرية تمر بها .
   

83
أصواتكم أداة كفيلة لديمومة الديمقراطية الوليدة 

ناظم ختاري
منذ أن بدأت العملية السياسية بعد سقوط النظام الدكتاتوري ، وولادة العديد من المؤسسات الديمقراطية في بلادنا أصبحت الناس تشكو من التوجه الطائفي والعرقي للقوى السياسية المتنفذة في الحكومة العراقية وإدارة البلاد على أساس المحاصصات ، فحتى الانتخابات التشريعية المتكررة لم تستطع تخطي هذه الدائرة والتحرر من قبضة الانقسام الاجتماعي على الأساس الطائفي ، والمدعوم من دول الجوار على أساس دعم كل واحدة منها لطائفة تنتمي إليها وتتبنى الولاء لها على حساب ولاءها إلى الوطن الأم ، ومن المعروف لدى الجميع مدى المخاطر التي تعرض لها العراق وشعبه من جراء هذا النهج السياسي الخطير والذي أجج نار حرب شرسة على الهوية أودت بحياة مئات الآلاف من أبناء الشعب العراقي ، وشوهت وحدة نسيج المجتمع وقسمته إلى مجاميع منعزلة عن بعضها وضعت المواطنة العراقية جانبا وبدأت تبحث أو تتمسك بهويات فرعية بتشجيع من قوى سياسية موالية إلى هذه الدول ، وأوقفت هذه الحرب عجلة الاقتصاد العراقي تماما ودمرت بنيته التحتية ، والتي أدت بدورها إلى تجويع قطاعات واسعة من أبناء الشعب العراقي .
وإلى جانب هذا فإن الحكومات التي تمخضت عن هذه العمليات الانتخابية ، كانت تزداد ثراءا بشكل فاحش بسب الفساد الذي لا مثيل له في جميع دول العالم ، فقد نهب مسئولي الدولة المتحاصصون خلال سنوات حكمهم القليلة أموالا طائلة من ثروات الشعب العراقي ، بمختلف الأشكال ومنها وفقا للقوانين التي يتم إقرارها في المؤسسة التشريعية ( مجلس النواب ) وتوزيع الإمتيازات الكبيرة على المشاركين المتنفذين  في إدارة دولة الطوائف والأعراق والمكونات الكبيرة .
واليوم وفي ظل الاستعدادات الجارية لخوض الانتخابات النيابية القادمة تعمل نفس القوى بمختلف السبل من أجل الحفاظ على مواقعها في إدارة البلادة التي من شأنها توسيع الهوة بين المناطق العراقية على أساس الهوية الطائفية والقومية وتسهيل الهيمنة على مقدرات هذه المناطق وتركيع مواطنيها أمام الشعارات المذهبية أو الطائفية أو العرقية والتي تتصدر كل تحرك لها ، من خلال تشريع قوانين تؤهلها للبقاء أطول فترة في إدارة دفة الحكم ، وما هو قانون الانتخابات الأخير إلا تراجعا خطيرا عن النهج الديمقراطي ومحطة مهمة في اتجاه بقاء هيمنتها على مقدرات البلاد وتسلطها على رقاب الشعب ووفقا لهذا القانون ستجري سرقة الملايين من أصوات الناخبين ، وإسقاط الأقليات السياسية والعرقية عن المشاركة في بناء الدولة العراقية  المدنية والتوجه بها إلى دويلات دكتاتوريات متعددة ، وبالتناغم مع مواد القانون الجائرة ، جرى تشكيل العديد من التحالفات الانتخابية على نفس النهج الطائفي السابق ، و التي ستفرض جبروتها خلال الأربع سنوات القادمة من عمر مجلس النواب الجديد على الحياة السياسية  ، وستعيد الكرة ثانية لخلق المزيد من الأزمات السياسية بهدف حرف اهتمام الشعب عن ما ستسرقه في الجولة الجديدة ضمن إدارة البلاد من ثروات وأموال الشعب .
ولكي نعيد العملية السياسية إلى مسارها الصحيح ، ونقف في وجه تمادي هذه القوى الطائفية وسرقتها لجهد الشعب العراقي وطاقاته وكذلك أصواته في الانتخابات ، وكبح جماحها في الوصول المكثف إلى قبة البرلمان وإضعاف قدرتها على التحكم بالقرار السياسي للدولة العراقية ، وتفويت الفرصة عليها في هذه المرة ، ولأجل إعلاء شأن المواطنة العراقية ، والحفاظ على ديمومة النهج الديمقراطي الناشئ في بلادنا ، أجد إن لا مفر من تعبئة الجماهير العراقية ، للالتفاف حول مصلحتها والدفاع عنها في نضالات يومية متواصلة ، وتدريبها من أجل المشاركة الحقيقية في تغيير مسار العملية السياسية في الاتجاه الصحيح ، وخصوصا إن بيدها أكبر وأقوى أداة لهذا التغيير المنشود ، وهي صوتها الذي ينبغي أن يذهب هذه المرة لقوى الشعب الحقيقية ومن بينها قائمة اتحاد الشعب .         
           
فقائمة اتحاد الشعب ، تتألف من الحزب الشيوعي العراقي وقوى ديمقراطية علمانية وشخصيات ومنظمات مجتمع مدني قريبة إليه في توجهاته البرنامجية ، رفضت الدخول في القوائم الطائفية أو قبول التبعية لها ، هذه القوائم التي ملأت الدنيا ضجيجا وذلك من خلال ادعاءها بأنها تتبنى المصلحة الوطنية عبر مسميات في هذا الاتجاه ، في الوقت الذي تعتبر إنها إعادة لإنتاج المزيد من الطائفية . وإن قائمة اتحاد الشعب لا تتوقف عند حدود معينة لطائفة معينة أو عرق معين ، بل حدودها كل العراق بكل مواطنيه كما هو معهود لحزبها العريق ، والذي يعد حزبا لكل المكونات العراقية دون تمييز ، والتي تجد فيه جماهير هذه المكونات وطنا كبيرا لها كالعراق الجميل . ليس فيه من هو أقلية أو أكثرية من جهة الحقوق والواجبات ، فالجميع فيه متساوون دون أي إنكار أو هضم  لحقوق أية جهة . 

وقائمة اتحاد الشعب دخلت في التناقس الانتخابي دون أي يكون لها ما توزعه من بطانيات أو مدافئ نفطية على الجماهير التي ستنتخبها أو تشتري ذممها بأموال مسروقة من الشعب الكادح أو ممنوحة لها من الجوار العراقي ، غير صدق التزامها بما تتوعد به من برنامج قابل للتحقيق تسعد وتستقر به القطاعات الواسعة من كادحي الشعب العراقي ، وليس في القائمة أعضاء متهمون بسرقة أموال الشعب أو ارتكاب رشاوى أو جرائم قتل أو زرع الضغينة والشقاق الطائفي أوالعرقي بين أبناءه أو قادة لميليشيات الموت والدمار أو تغليب ولاءهم إلى جهة خارجية على ولاءهم إلى الشعب والوطن ، إذ جميعهم يدينون بالنزاهة ونظافة الأيدي والإخلاص في خدمة الشعب .
وقائمة اتحاد الشعب تتبنى برنامجا ناصعا و نابعا من مصلحة كل كادحي بلادنا ، فهو يطالب بالخدمات العامة والضمان الاجتماعي والرعاية الاجتماعية والقضاء على البطالة ورفع مستوى معيشة الأفراد ومحاربة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية وتحقيق المساواة للمرأة العراقية والسعادة للطفل وتوفير التعليم للجميع وإطلاق الحريات  الخاصة والعامة بعيدا عن أية قيود لكل مواطني بلادنا و تحقيق الأمن والاستقرار وبناء الدولة المدنية وتحقيق مبدأ المواطنة الحقيقية وتحقيق السيادة الوطنية وبناء مدن نظيفة وتعبيد طرقها وانتشال ريف العراق من الخراب وتدوير عجلة الاقتصاد وتشييد بنية تحتية متينة ، وكل هذه ليست شعارات انتخابية ينتهي مفعولها عندما تتوقف الحملة الانتخابية ، بل هي من صلب برنامج حزب الشيوعيين ، وإن جماهير القائمة ومؤيديها من أعضاء قواها المؤتلفة وخصوصا الشيوعيون منهم يخوضون مع جماهير الشعب في مختلف مدن العراق وأريافه نضالا مطلبيا يوميا من أجل تحقيق ما ورد في برنامج القائمة ، فهم يطرقون أبواب الناس من مختلف الشرائح وينحازون إلى االكادحين ويتواجدون في المعامل بين العمال وفي المزارع بين الفلاحين وينظمون صفوفهم ويتبارون من أجل تحقيق المزيد من الإنجازات لهم والدفاع عن مصالحهم ، وهم مصرون وعاقدون العزم على موصلة دربهم إلى النهاية.
لذلك فإن تصويتكم لقائمة اتحاد الشعب هو بداية لنهاية النفق العراقي المظلم ، وبداية لغد مشرق لعراق مزدهر ، وأصواتكم كفيلة بتقدم مسيرة الشيوعيين وبقية أعضاء القائمة ومؤيديها وزيادة حماسهم ، وإيصالهم إلى مواقع القرار لتمثيلكم هناك خير تمثيل والذي سيكون كفيلا بتقليص عدد سارقي لقمة عيشنا والمتلاعبين بمصيرنا والعابثين بمستقبلنا وغيرهم من دعاة الطائفية ومن مثلهم من الأشرار .


84
هل سيتحرك الأيزيديون بعد نقض الهاشمي ..!؟
ناظم ختاري
في الثامن من شهر نوفمبر الحالي أقر مجلس النواب العراقي قانون تعديل قانون الانتخابات وخرج الأيزيدون منه خال الوفاض إلا من مقعد وحيد ، ليس هذا فقط ، إنما احتوى القانون على مواد مجحفة تستطيع من خلالها القوائم الكبيرة سرقة الملايين من أصوات الناخبين والتي هي من حق القوائم الصغيرة ، علاوة على المقاعد القليلة المخصصة للعراقيين في الخارج الذين غالبا ما تتهمهم الكتل الشيعية الكبيرة بالانتماء إلى البعث ، ويتناسون بأن غالبتهم تركوا العراق تحت ضغط ملاحقة أجهزة النظام الدكتاتوري القمعية . وعلى أثر  صدور هذا القانون أبدت العديد من القوى السياسية  ومنظمات المجتمع المدني في داخل العراق وخارجه اعتراضاتها على القانون ، إذ وجهت العديد من البيانات السياسية الهامة وقدمت الكثير من المذكرات ونظمت حملات جمع تواقيع عديدة ، دعت فيها مجلس الرئاسة إلى نقض القانون أو بعض بنوده  ، ولكن المنظمات الخاصة بالأيزيدية السياسية منها والمدنية منها أيضا ، ألتزمت جانب الصمت على المستوى الإعلامي على الأقل ، ماعدا المواقف التي أبداها بعض المهتمين في الشأن الأيزيدي ولكنها عموما لم تكن بمستوى وحجم ما سرق من حق لهم .
لا أريد أن أقول ، بأنه كان من شأن تحرك واسع على مستوى كل الشارع الأيزيدي ، أن يحقق النتائج المرجوة ، ولكنني أجزم بأنه كان بالإمكان إحراج مواقف هذه الكتل التي لازالت ترفض وبتعنت إقرار أية حقوق للأقليات وخصوصا لأبنا ء المجتمع الأيزيدي الذي لا يملك قراره المستقل ، ولا كذلك أصدقاء حقيقيين يقفون معه في الشدائد ، أو يعملون في اتجاه  حصوله على  حقوقه كمواطن "عراقي" أو " كوردستاني  فقط " .
فكما هو معروف إن الحكومة الاتحادية في بغداد والقوى المتنفذة فيها تتجاهل وجود الأيزيدية في الخريطة السياسية العراقية أصلا ، لسبب أساسي وبسيط هو اعتبار الأيزيدية أقلية دينية لا يمكن لها وفقا للشريعة أن تشارك في صنع قرار يخضع لها متدين من رعية الدولة الاتحادية المسلمة ( فعلا الدولة مسلمة لأن الدستور أوجد لها دينا رسميا ) ، وعند الحديث عن حقوق المواطنة الواردة في الدستور ، فيمكن لها وبكل سهولة أن تتعامل مع هذه الأقلية المغلوبة على أمرها باعتبارهم أكرادا ، ولأبناءها عند ذلك مكانة خاصة وهم أكراد أصلاء ، ولكن أيضا لا مكان لهم بين صانعي القرار السياسي ليس فقط  لكوردستان ، بل لهذه الأصالة نفسها ، ولنفس السبب الذي ترتكن عليه الحكومة الاتحادية للأسف الشديد .
اليوم أرى إن الوضع يختلف عن يوم صدور القانون ، هناك رفض واسع له وهناك نقض رئاسي هاشمي له أيضا ، هناك كتل انتخابية عديدة لهذا السبب أو ذاك ولهذا الحق أو ذاك ترفض القانون أو  بعض مواده ، وهناك موقف الأقليات التي حصلت على بعض من مقاعد الكوتا ولكنها تطالب بالبعض الآخر، وهناك الموقف الكوردستاني الجديد من القانون والخاص بمسألة نسبة مقاعد المحافظات الكوردستانية  ، والذي يشكل تهديدا قويا لقانون الانتخابات ، واعتبره موقفا صحيحا ، ولكن ما يؤخذ على قائمة التحالف الكوردستاني ، رغم بعض الطرح من قبل بعض أعضاءه بشأن نسبة الأقلية الأيزيدية من الكوتا ، عدم اتخاذها موقفا مماثلا عند إقرار القانون ، إذ نشير بهذا الصدد ألم تكن لهذه المقاعد الأيزيدية المسروقة وفقا للقانون شأن مقاعد المحافظات المسروقة وفقا للقانون أيضا الذي يتخذ من البطاقة التموينية القابلة للكثير من التزوير حجة لتوزيع مقاعدها..!! ، فمقاعد الكوتا للأيزيدية هي مقاعد كوردية أصيلة والمخصصة على أساس المحافظات هي أيضا  كوردية ولكنها دون أن تكون أصيلة ، ما علينا أيها القارئ ، فتهميش واقصاء الأقلية الأيزيدية من المشاركة بمسئولية إدارة الدولة تعودنا عليهما ، فما الذي يضر عندما تهمش في الدفاع عن حقوقها ..!! 
رغم كل ذلك وفي ظل ما استجد اليوم من موقف جديد وكما ذكرت ، لابد أن يستغل المهتمين بالشأن الأيزيدي هذا الموقف لصالح أبناء مجتمعهم  ، واعتقد بمقدور الأيزيدية  العمل على النحو التالي .
- لما كان هناك في بغداد ممثلين عن القائمة الأيزيدية المستقلة ، أرى أن يتحركوا على مختلف الاتجاهات المعترضة على القانون وليس الاتجاهات المتعنتة التي تصر على موقفها من إقصاء الأيزيدية من قانون الكوتا وبالتالي حرمانهم من المساواة مع بقية مواطني العراق ، وأشجع ما ينوي عليه رئيس القائمة باللجوء إلى المحكمة الاتحادية لنقض القانون فإنه خيار صحيح وضروري عند الإصرار على عدم أعادة هذا الحقوق ( تعديل حصة الكوتا ) .
- الإستفادة من الموقف الكوردستاني الجديد والتحرك على أعضاء التحالف وخصوصا أبناء الأقليات الكوردستانية ومن بينهم السيد محما خليل لزج هذه القضية بين اعتراضات قائمتهم الأخرى والوقوف إلى جانب حقوق الأيزيدية .
- على منظمات المجتمع المدني الأيزيدية وكل أبناء هذا المجتمع  وشخصياته السياسية والاجتماعية والثقافية في الداخل والخارج البدء بحملة جمع تواقيع سريعة وإرفاقها بمذكرة تطالب مجلس النواب ومجلس الرئاسة بإعادة هذه الحقوق القانونية وتعديل نسبة الأيزيدية من نظام الكوتا ، وهنا أعتقد إن  قطاعات واسعة من جماهير الشعب العراقي ستقف إلى جانب هذا الحق .
 
         

85
قانون الانتخابات المعدل و الأيزيدية وقوائمهم


ناظم ختاري  

بعد صراع محتدم بين الكتل المتنفذة أقر مجلس النواب العراقي قانون تعديل قانون انتخابات مجلس النواب ، وفي نفس هذا الوقت يدور صراعا تنافسيا في البيت الأيزيدي لتشكيل المزيد من القوائم التي ستخوض الانتخابات القادمة والتي ستجري في شهر يناير القادم لو شاءت الكتل النيابية الكبيرة في المجلس .

من الواضح إن هناك المزيد من التناقضات بين مواد القانون المختلفة ، والتي تشكل تراجعا مخيفا عن التوجه الديمقراطي ، وتهديدا للعملية السياسية برمتها ، وذلك من خلال فرض المزيد من إرادة الطائفية والعرقية على شكل إدارة البلد ، بعكس ما تحاول القوائم الكبيرة المتشكلة من لملوم طائفي وعرقي متناقض إلى حد اللعنة أيهام جماهير الشعب بأنها بدأت تمقت الطائفية وتتراجع عن نهجها التحاصصي وتتبنى مصالح الشعب والوطن عبر برامج وطنية عابرة للطائفية ، ولاشك إن هذه القوائم هي امتداد للحالة الطائفية القائمة  المسنتدة على آلة ميليشيات الموت المتواصل ، وما هي التفجيرات الأخيرة ، الرهيبة ، إلا المزيد من الضغظ  باتجاه فرض هذه الإيرادات على صياغات قانون الانتخابات ، والمزيد من الهيمنة المدججة بالفكر الديني المتطرف الذي تتبناه أحزاب الإسلام السياسي ، وانعكاس تفصيلي عن ما يدور في المجلس النيابي من صراعات على نفس النهج من أجل السلطة والنفوذ والمال ، والتي أسست للكثير من قتل العراقيين وتدمير بنية بلدهم التحتية وسرقة لقمة عيشهم ، وما يهمنا من هذه التناقضات ضمن موضوعنا هذا ، هو الإشارة إلى ما يؤسس للمجتمع الأيزيدي من وضع قانوني لا يحسب له أية قيمة إنسانية ضمن المجتمع العراقي ، وهذا ما أكدت عليه ردود فعل سريعة من لدن عدد من أبناء المجتمع الأيزيدي عندما قالوا ، يبدو إننا لسنا عراقيين ، وكاتبا قال .. مقعد يتيم ليتامى العراق ، وآخرين استنكروا ، والأغلبية تعمل المزيد من أجل شد الرحال للبحث عن وطن بديل كألمانيا ، وما إلى ذلك .

الغريب ، ما ورد في هذا القانون حول نظام الكوتا المخصص للأقليات الدينية والعرقية من تناقض، فبالرغم من أن الأيزيديون يشكلون نسبة ، يتطلب تخصيص خمسة مقاعد كوتا لهم ، فإن ذلك لم يحصل بل جرت مساواتهم عدديا مع الإخوة الصابئة والشبك وخصص لهم مقعدا واحدا بالرغم من الفرق الشاسع بين عدد نفوس هذه الأقليات ، وهذا خطأ جسيم ترتكبه الكتل الكبيرة في مجلس النواب عن عمد وسبق إصرار ، ففي الوقت الذي كان يمكن مساواتهم مع الأخوة المسيحيين بحكم التقارب في عدد نفوس الطرفين وتخصيص عدد من مقاعد الكوتا انسجاما مع عدد نفوسهم ومع أحكام القانون الواردة في المادة أولا ، والتي تشير "يتألف مجلس النواب من عدد من المقاعد بنسبة مقعد واحد لكل مائة ألف نسمة وفقاً لآخر إحصائية تقدمها وزارة التجارة " وإلخ . تعمد مجلس النواب على تخصيص مقعد واحد للأيزيدية وهذا هو أحد أهم المتناقضات الواردة في هذا القانون ، إذ أين هم الأيزيديون من هذه النسبة ،؟ ما الذي يحصل كي يجرد الأيزديون من هذه الحصة من الكوتا !! فمن من القوى الكبيرة تبنت تمثيلهم بشكل حقيقي في الانتماء إليها ، كي يتيقنوا إن حقوقهم مصانه هناك ، أو يشعروا بمواطنتهم الكاملة فيها حتى ولو كانت ناقصة عراقيا !!.

ففي الوقت الذي تشير فيه كل الدلائل إن عدد نفوس الأيزيدية يقترب من الستمائة ألف نسمة ، فإن تخصيص مقعد وحيد لهم في نظام الكوتا ضمن قانون الانتخابات إن ذلك يعني إن مجلس النواب تعامل مع كل خمسة أفراد من أبناء المجتمع الأيزيدي باعتبارهم فردا واحدا يتساوون مع نظير لهم من المكونات العراقية الأخرى الكبيرة منها والصغيرة ... وهذه القضية بعينها تعد مأساة حقيقية إذا لم يكن أعضاء مجلس النواب من الكتل الكبيرة يضمرون في صدورهم ما هو أهم أعظم لأبناء الأقليات .

وإذا كان هذا يحدث في ظل هيمنة قوى طائفية بغيضة على حكم بلادنا والمفروضة على البديل الديمقراطي للنظام الدكتاتوري البائد ، فإن حقوق الأيزيدية  غائبة تماما عن أجندات أقرب القوى إليهم ناهيك عن صيام ما يسمى ممثل الأيزيدية السيد أمين فرحان عن الكلام الذي لزم جانب الصمت المعتاد عليه منذ يومه الأول عندما شغل مقعدا في البرلمان قضاءا وقدرا .

وفي ظل وجود هذا  القانون الانتخابي المجحف في العديد من جوانبه ، تعمل قوى أيزيدية على تسجيل المزيد من القوائم التي ستتبرع بأصوات الأيزيديين إلى الحيتان الكبيرة التي ستسرق غالبية أصوات الناخبين في الانتخابات القادمة وفقا للقانون المقر وفي ظل غياب مصلحة أبناء هذا المجتمع عن توجهات هذه القوائم دون استثناء ، بسبب التشتت وبحكم معروفيتها لدى الجماهير الأيزيدية التي اختبرتها في مجالات وأوقات أخرى في نفس هذه المعركة التهميشية المتواصلة علاوة على عدم أخذها في الحسبان مواد القانون الجائرة ، بل الاعتماد على حسابات وهمية دون قراءة  أجندات القوى الكبيرة التي حسمت أمرها في اتجاه الضغط على البرلمان كي يكون برلمانا لها ، لا مكان للقوى الصغيرة فيها ، بعيدا عن التعددية التي يتميز بها المجتمع العراقي في مختلف توجهاته ، وهنا فإذا حاولنا أن نخفف على القائمة الأيزيدية المستقلة مثلا بعض عيوبها ، فإن تحركها الذي حاول نشطائه وضعه في خانة الإنجازات المهمة لم يتعدى محاولة الحصول على صفة طائفية غير ناجعة في ظل معركة كبيرة تخوضها هذه القوى الكبيرة ، عندما ألغت ما أحرزته من تقدم في برنامجها الانتخابي في مؤتمر هانوفر بالرغم من ثغراته ، فإنها تقدمت إلى الكتل الغارقة في طائفيتها وعرقيتها ، كي تنجدها في تحصيل حقوق للأيزيديين في الوقت الذي كانت أو من المفترض إنها كانت تدرك مدى طائفية أو عرقية هذه القوى الكبيرة ، ومدى حجم هيمنتها على حقوق المواطنة العراقية ، فكيف بها أن تقف إلى جانب حقوق "الأقلية الأيزيدية " وهي نفسها التي جاءت بقانون الانتخابات الكفيل بحرمان العديد من هذه الأقليات العراقية من التمثيل الحقيقي في البرلمان القادم فالمادة ثانيا من قانون الانتخابات تنص : تكون كل محافظة وفق للحدود الإدارية الرسمية دائرة انتخابيه واحده تختص بعدة مقاعد متناسبة بعدد السكان في المحافظة حسب آخر الإحصائيات المعتمدة  للبطاقة التموينية. وهذه المادة من شأنها إضعاف أصوات الناخبين الراغبين التصويت إلى القوائم غير الطائفية أو حتى القوائم الطائفية الصغيرة وعدم وصولها إلى القاسم الانتخابي الحاسم ، إذ أعتبر القوائم الأيزيدية من بين هذه القوائم ألأخيرة  ، ناهيك عن إن هذا الأمر يؤدي إلى تكريس المزيد من الطائفية والمناطقية والعرقية وحرمان المواطن العراقي من ممثليه الحقيقيين .

فحول "المكون الأيزيدي" إذ من المعروف إن أفراده يعيشون في محافظتين من محافظات العراق وهي الموصل ودهوك ، لذا فإنه من المفترض أن تتنافس قوائمه المتعددة في المحافظتين ، وإذا ما اعتبرنا إن هناك ثلاث قوائم أيزيدية وهي موجودة في الأعلام على إنها ستدخل الانتخابات البرلمانية القادمة أو تقدمت بالفعل لتسجيل نفسها كيانات خائضة للانتخابات ، زائدا قائمة التحالف الكوردستاني والتي  ستضم عددا من المرشحين الأيزيديين إضافة إلى قوائم أخرى محتملة أو قد تحصد هي مع غيرها من القوائم العديد من الأصوات الأيزيدية ، وبهذا فقد يصل عدد مرشحي هذه القوائم إلى أكثر من 10 مرشحا متنافسا على ما يقارب 200000  مائتا ألف صوت ، ولأن الانتخابات ستجري وفق القائمة المفتوحة وعلى الناخب أن يختار أحدا من هؤلاء المرشحين ، فإنه من الصعب جدا أن يحصل أفضل مرشح من بينهم أو قوائمهم على القاسم الانتخابي للفوز بمقعد في البرلمان عن محافظته . وبذلك ووفقا لقانون الانتخابات  المادة ثالثا  والتي تنص في الفقرة (رابعاً: تمنح المقاعد الشاغرة للقوائم الفائزة التي حصلت على عدد من المقاعد بحسب نسبة ما حصلت عليه من الأصوات.*) فإن أصوات الناخب الأيزيدي ستذهب إلى الكتل الكبيرة حتى لو حققت القاسم الانتخابي ناقصا صوت واحد ، بينما القائمة التي تحقق مقعدا واحدا زائدا عدد قليل من الأصوات ستهيمن على أصوات المرشح الأيزيدي الذي ينقصه صوتا واحدا لكي يمثل كيانه الكبير ويحصل على مقعدين وهكذا دواليك ، وقد يكون من فاز بهذه الأصوات  وفقا لهذه السرقة المفضوحة والمساندة بقوة القانون الجائر نائبا برلمانيا لا يعلم بوجود الأيزيديين في هذه البلاد أصلا ، وهذا المثال ينطبق تماما على القوائم الصغيرة الأخرى ، لاشك من بينها قوائم وطنية وديمقراطية تهمها مصلحة الشعب العراقي قبل ما يهمها مصلحة طائفة معينة أو عرق معين ، وهذه القضية تعد من أخطر ما تتعرض له التجربة الديمقراطية والشعب العراقي بكل مكوناته على أيدي الكتل الكبيرة ، وهي كفيلة تماما بإلغاء المواطنة العراقية الحقة .

وهذا يعني شئنا أم أبينا إن القوائم الأيزيدية تساهم في هذا الجهد ، في الوقت الذي تستطيع أن تتوحد في قائمة واحدة تتكون من عدد من المرشحين في المحافظتين تتناسب مع نسبة التمثيل الواردة في قانون الانتخابات ، و تستخدم تكتيكا أنتخابيا تتغلب بواسطته على تشطير القوة التصويتية للأيزيدية وتكون في نفس الوقت حليفا للقوى الديمقراطية المدافعة عن حقوقها ، وهذا الأمر لا يلغي إلقاء الكثير من اللوم على نفس هذه القوى التي تهمل مصلحة الأقليات العراقية والدفاع عنها . وهذا جانب من القضية أما الجانب الآخر فلابد أن ينظر الأيزيدي الذي يخشى من تشيتت صوته أن يمتنع عن التصويت في الخارج كي لا يذهب صوته إلى الغير في ظل وجود عدد قليل من المقاعد التعويضية والتي سيذهب الفائض منه إلى القوائم الكبرى التي نسجت كل مادة من مواد قانون الانتخابات على مقاساته .

 

 

86
حانت ساعة العمل .. ملفات ملحة
                             
ناظم ختاري
يبدو إن الأوضاع التي يمر بها بلدنا ، والتي وصل فيها إلى مآل محزنة ومخيفة ، يعاني فيها كل فرد من أبناء العراق وبناته الكثير من الفقر والتميز في المستوى المعاشي والحرمان والظلم والاضطهاد وأخطار الموت على يد قوى الإرهاب والقوى الطائفية والقومية المتطرفة وميليشياتها المتنفذة في إدارة البلاد ، في الوقت الذي كان يتطلع فيه أن يكون حرا كريما مرفها في ظل نظام بديل لدكتاتورية صدام حسين ، يبدو إن ويلات البديل عن النظام البائد ، التي لم تعد تطاق كانت الدافع الأقوى لأن يرفع حزبنا الشيوعي العراقي شعار "حانت ساعة العمل" لكي يشارك بكل قواه من أجل إيقاف المزيد من هذه المعانات  وانزلاق البلاد إلى المزيد منها ، خصوصا وهو يستعد لخوض الانتخابات النيابية القادمة في قائمة ائتلافية مع حلفاءه وأصدقاءه من الديمقراطيين والوطنيين الحريصين على مستقبل العراق تحت اسم قائمة "اتحاد الشعب" ، وهذا الشعار يتفق مع حماس الشيوعيين ورغبتهم في خوض غمار نضال حقيقي من أجل تغيير الخارطة السياسية لصالح قوى الشعب الحقيقية من اليساريين والديمقراطيين والوطنيين ، وكذلك ينسجم تماما مع ما كان ينبغي على الحزب أن ينهض به والوقوف إلى جانب مصالح الشعب العراقي بكل أطيافه ، وحمايتها منذ اليوم الأول من سقوط النظام الدكتاتوري ، وهو ما دأب عليه منذ نشوءه في بداية ثلاثينيات القرن الماضي ، إذ لم يتوانى في الوقوف إلى جانب طموحات الشعب ومصالحه الوطنية في كل مراحل نضاله ، فقد كان في كل الأوقات ومنذ ذلك التاريخ في طليعة القوى الوطنية العازمة على تحقيق هذه الطموحات ، ولذلك فإن كل لحظة من لحظات عمره الطويل والشاق كانت فرصة لمنظماته وتدريبا حقيقيا لرفاقه لخوض المزيد من النضالات اليومية الجماهيرية المطلبية وقيادتها وتحقيق المزيد من التقدم والانخراط في صفوفها ، فقد كان الحزب بكل منظماته ورفاقه في جاهزية دائمة لحراسة هذه المصالح ، ولهذا السبب بالذات ، وليس لغيره كانت هذه الجماهير العراقية العريضة تلتف حول سياساته وتمده بالدماء الجديدة بعد كل جولة من الملاحقة والقمع على أيدي الحكومات العراقية المتعاقبة والمعادية لمصالح الشعب.
وإذا كان شعار" حانت ساعة العمل" أمام تحدي الانتخابات النيابية المزمع إجرائها في منتصف يناير من السنة القادمة ، فلابد أن يتوجه الحزب بكل قواه وبحماس  لا نظير له من أجل حشد طاقات جماهير الشعب العراقي بغية التصدي للعديد من الملفات ، ليس فقط خلال هذه الفترة التي يخوض فيها نشاطه الانتخابي ، بل لابد لهذا النشاط  أن يمتد إلى المراحل المقبلة ، لأن هذه الملفات بحاجة إلى قوى وطنية حقيقية ، والقوى الطائفية والقومية المتطرفة وقوى البعث التي بدأت تتسلل إلى مواقع المسئولية في إدارة الدولة ليس في واردها مثل هذه الملفات ولا تتحرك قيد أنملة للدفاع عن مصالح الشعب العراقي . ومن بين هذه الملفات .
*ملف دستور الدولة العراقية الدائم .. وأهم مفاصل العمل ضمن هذا الملف .
-  الدعوة إلى فصل الدين عن الدولة .
- تشريع القوانين القادرة على حماية حقوق المرأة ومساواتها الفعلية بالرجل .
- الدفاع بقوة عن حق المواطنة والمساواة بين جميع سكان العراق وإطلاق طاقاتهم من أجل بناء العراق الحر المزدهر ، بعيدا عن التميز والتفرقة الطائفية والعنصرية ، وإلغاء الإشارة إلى الانتماء الديني أو العرقي للفرد في وثائقه الشخصية .
- تشريع القوانين التي من شأنها توزيع ثروات العراق على سكانه بشكل عادل ، وتحقيق الرفاهية الاجتماعية في البلاد .
- العمل على تحشيد الجماهير من أجل قانون انتخابي ديمقراطي يهيئ للعراقيين فرص انتخاب ممثليهم في مجالس المحافظات ومجلس النواب على أساس البرامج بكل حرية ، بعيدا عن فروض عرقية أو طائفية أو جهوية ،  تهدد العملية الديمقراطية .
- العمل على تحشيد الجماهير من أجل تشريع قانون الأحزاب يمنعها من استخدام المال العام أوتنفيذ أجندات خارجية ، أوتبني برامج و توجهات  طائفية وعرقية تمس بوحدة نسيج المجتمع العراقي ،
- العمل من أجل إلغاء كافة القوانين التي منحت المسئولين امتيازات خاصة ( جوازات سفر دبلوماسية لأعضاء مجلس النواب وعوائلهم ) وغير ذلك من القوانين غير المنصفة .   
*ملف الأمن .. أهم مفاصل العمل ضمن هذا الملف .
- العمل من أجل تحشيد الجماهير لرفض المليشيات و الضغط على الحكومة العراقية  ، لإنهاء أي دور لها ومنعها من العبث بحياة العراقيين ، من خلال محاربتها بكل حزم حتى يتم القضاء عليها نهائيا .
- فضح أمراء الحرب والإرهاب والميليشيات من قوى وشخصيات تستغل وجودها في مؤسسات الدولة السيادية كـ ( رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس النواب )  وغيرها من هذه المؤسسات وتحشيد الرأي العام العراقي لرفضهم والعمل على تقديمهم إلى القضاء لمحاسبتهم على الجرائم التي ارتكبوها وذلك من خلال توجيه تهمة الإبادة الجماعية إليهم ، كون العديد منهم يعلنون صراحة انحيازهم إلى الإرهاب والميليشيات وحزب البعث ، ولا يتورعون القيام بجرائم فظيعة .
- العمل على بناء المؤسسات العسكرية والأمنية على أساس المواطنة ، بعيدا عن التحزب والولاء لهذه الجهة أو تلك ، وحصر ولاءها للشعب والوطن وحمايتهما .
-  فضح دول الجوار المتدخلة في شؤون العراق وتصدير الإرهاب إليه ، وشراء ولاءات قوى وأحزاب وشخصيات على حساب مصالح الشعب العراقي .
* ملف الفساد .أهم مفاصل العمل ضمن هذا الملف .
- العمل من أجل إلغاء كافة القوانين التي هدر ويهدر بموجبها المال العام والمطالبة بإعادة الأموال التي خسرها الشعب العراقي من خلال الرواتب العالية التي ذهبت إلى الرئاسات الثلاث وأعضاء مجلس النواب وجيوش المستشارين وغير ذلك ، ورفع شعار تخفيضها وبما يحقق التناسب بين مستوى معيشة الأفراد من عامة الشعب العراقي وأعضاء مجلس النواب في الدورات المقبلة .
- العمل على إعادة كل الأموال المسروقة من قبل قوى وشخصيات سياسية ، الهاربة من العراق والباقية فيه لسرقة المزيد ، والدعوة إلى تقديمهم إلى القضاء .
- العمل على إعادة ممتلكات وعقارات الدولة التي استولت عليها القوى والشخصيات المتنفذة في الحكم واعتبارها ملكا للشعب .
* ملف الخدمات .. أهم مفاصل العمل ضمن هذا الملف.
-   المطالبة من أجل توفير الماء والكهرباء والدواء والتعليم وخدمة الاتصال الهاتفي والطريق المبلط لكل مواطن من مواطني بلادنا .
- المطالبة بإعداد خطة لتنمية جميع مناطق العراق ، وبما يتناسب مع واقعها وما يتوفر فيها من ثروات طبيعية .
-  المطالبة بتنفيذ مشاريع خدمية في كافة مناطق العراق وبما يتناسب مع ما تتطلبها حاجات سكانها .
- المطالبة بتشديد الرقابة على الوزارات الخدمية من أجل تنفيذ خططها ، ومحاسبة المقصرين من بينها .
- رفض مصطلح مكرمة الرئيس أو الوزير أو المرجع ، واعتبار ما يحصل عليه المواطن من خدمات حق طبيعي مفروض على الدولة .
- شمول كافة فئات الشعب العراقي بقانون الرعاية الاجتماعية ، عند تعذر أفرادها من حصولهم على العمل في أحدى مؤسسات الدولة الإنتاجية أو الخدمية أو أية وظيفة أخرى ، لأسباب صحية أو بسبب الأزمات الاقتصادية أو غيرها من الأمور التي تعيق الحصول على العمل . 
- مكافحة البطالة عبر اعتماد سياسة اقتصادية قادرة على استيعاب الأيدي العاملة العراقية ، وإعطاءها الأولوية والأفضلية على العمالة المستوردة من الخارج من خلال الشركات أو غيرها من المرافق الاقتصادية .
- مكافحة الفقر الناجم عن سياسات كل الأنظمة التي تسلطت على رقاب شعبنا ، بما في ذلك النظام الحالي الذي حل بديلا عن نظام صدام حسين في انتخابات شابتها الكثير من الثغرات الجدية .
* ملف القضايا القومية وقضايا الأقليات ، وأهم مفاصل العمل ضمن هذا الملف .
- الوقوف إلى جانب الحقوق المشروعة للشعب الكوردي ، وفق مصلحته ورؤية الحزب الشيوعي الكوردستاني ، وبقية قوى اليسار والديمقراطية ، شريطة تحررها من التبعية في المواقف من أحزاب السلطة في كوردستان ، ودخولها الانتخابات العامة في قائمة موحدة مع الحزب الشيوعي العراقي .
- تبني مطالب الأقليات العرقية والدينية  وخصوصياتها التي رفدت الحزب بدماء أبناءها في كافة مراحل نضاله كـ ( المسيحيين والأيزيديين والصابئة والفيليين والهورامانيين والشبك ) ، والسعي إلى التحالف مع ممثليها لتبني مواقف مشتركة من القضايا العراقية العامة .   
* ملف الخطاب السياسي للحزب ، وأهم مفاصل العمل ضمن هذا الملف .
- العمل على تعبئة الجماهير العراقية من أجل تحقيق البديل الديمقراطي الحقيقي ورفض كل أشكال الإصطفافات الطائفية و القومية وكل أساليب المحاصصات في إدارة البلاد .
- السعي في هذا السبيل لتعزز مواقع الحزب ومواقع قوى اليسار والديمقراطية والقوى الوطنية في العملية السياسية وإدارة البلد ، لأن ذلك  كفيل على تعزيز قدراته للدفاع عن مصالح الجماهير العراقية الكادحة ، وكبح جماح قوى الإسلام السياسي الطائفية والقوى القومية المتطرفة المتلاعبة بمصير الشعب العراقي والعابثة بأمنه واستقراره  وحياته .
- السعي الجاد إلى تعبئة الجماهير العراقية العريضة لخوض نضالات يومية مطلبية واسعة ودعوتها للالتفاف حول شعارات الحزب السياسية لتحقيق أهدافه في وطن حر وشعب سعيد .


87
بلاغ صادر
عن الكونفرنس الخامس عشر لمنظمة الحزب الشيوعي العراقي في المانيا الاتحادية.
عقدت منظمة الحزب الشيوعي العراقي كونفرنسها في 3و4 اكتوبر 2009 ( كونفرنس الفقيد خضر عبد الحسن ، أبو مالك ) وبإشراف رفيقين من هيئة تنظيم الخارج .
في بداية افتتاح الكونفرانس دعا الرفيق سكرتير المنظمة الحضور للوقوف دقيقة صمت حدادا على أرواح شهداء شعبنا وحزبنا الشيوعي العراقي ، ثم  قدم كلمة ترحيبية بالرفيقات والرفاق الحاضرين . أشار فيها إلى أهم ما يواجه الشيوعيون في ألمانيا خلال هذه الفترة التي يستعد فيها حزبنا للدخول في الانتخابات البرلمانية القادمة والتي من المزمع أن تجري في منتصف يناير القادم مؤكدا بأن دعم المنظمة في مختلف الميادين لقائمة الحزب هي المهمة الأساسية لجميع الرفاق من خلال أداء فعاليات جماهيرية في مختلف المدن الألمانية وتعزيز الروابط بالقوى والشخصيات الديمقراطية وجمهرة المثقفين وحث أبناء الجالية العراقية للتصويت لقائمة الحزب ، مشيرا في هذا الصدد على ضرورة أن تلعب مختلف الهيئات الحزبية دورا متميزا من أجل تعزيز نشاطها التنظيمي وتجاوز الإشكالات التي تعيق عملنا اليومي .
بعدها شكل المجتمعون لجان الكونفرانس وأقروا شرعيته وجدول عمله المقترح من قبل الهيئة القيادية المنتهية ولايتها ، ففي مجال مناقشة المستجدات السياسية قدم الرفيق المشرف شرحا وافيا للوضع السياسي في العراق أشار من خلاله إلى الصراعات الطائفية التي تهدد العملية السياسية الجارية في البلاد والدور الذي يلعبه حزبنا  من أجل تعزيز المصلحة الوطنية والذي يهدف إلى تعزيز المؤسسات الديمقراطية والتصدي للسياسات الطائفية وكل أشكال المحاصصات في إدارة شئون البلاد والتأكيد على معيار المواطنة الحقيقية ، وتوقف الرفيق مطولا عند مساعي الحزب التي بذلها من أجل اصطفاف القوى الوطنية لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة وفق برنامج وطني ، يصل بالعراق إلى بر الأمان عبر دحر قوى الإرهاب وتعزيز السيادة الوطنية الكاملة ، وأشار في هذا المجال أيضا إلى دور الحزب ومساعيه باتجاه توحيد  قوى التيار الديمقراطي واليساري باعتباره الضمان لترسيخ دولة القانون والمؤسسات في بلادنا ، وبذل الجهود من أجل خوض الانتخابات بقائمة تضم قوى فاعلة من هذا التيار .
وفي نفس الاتجاه ، تحدث الرفيق عن استعدادات الحزب في الجوانب المختلفة لخوض العملية الانتخابية مشيرا إلى إشراك كل قوى الحزب في العملية ، باعتبارها المهمة الأساسية له ، وركز في حديثه على مهام منظمات الحزب في الخارج وأهمية دعمها بقوة لنشاط الحزب الانتخابي ، والمشاركة الفاعلة في عملية التصويت ، عند مشاركة عراقيي الخارج في هذه الانتخابات .   
وناقش المجتمعون مستجدات الوضع السياسي بحيوية تامة  قدموا خلالها أراء بناءة وأعلنوا وقوفهم إلى جانب سياسة الحزب ودعمه من أجل تعزيز مسيرته الوطنية ومكانته بين الجماهير العراقية العريضة من خلال الانحياز التام إلى مصالح الكادحين وفقراء العراق وكل من له مصلحة في ترسيخ النظام الديمقراطي في البلاد ، و ضرورة خوض النضالات الجماهيرية المطلبية وقيادتها ، وعبروا عن سرورهم للنشاطات المتحققة في هذا المجال ، ثم ناقش أعضاء الكونفرانس الوثائق التنظيمية المقدمة إليه بحماس شديد ، وأبدوا ملاحظات قيمة على مجمل نشاط المنظمة وبحثوا بإخلاص شيوعي نزيه السبل الكفيلة للتغلب على معوقات عملنا الحزبي ودفعه إلى الأمام وتعزيز دور المنظمة بين جماهير الجالية العراقية وفي مجال دعمها لنشاط الحزب في الوطن .
كذلك جرت مناقشة الورقة الانتخابية واهميتها في الارتقاء بدور الشيوعيين واصدقاءهم وحث الجماهير للتصويت لصالح  قائمة الحزب الذي يسعى  لتثبيت الأسس الصحيحة لدولة ديمقراطية .
وبعد إقرار الوثائق المقدمة إلى الكونفرانس والتصويت لصالح جملة من القرارات التنظيمية التي من شأنها تحريك الجسم الحزبي للمنظمة ، وجه المجتمعون برسائل تحية إلى العديد من الرفاق أعضاء المنظمة الذين منعهم المرض من حضور الكونفرانس معبرين عن اعتزازهم بهم ومتمنين لهم دوام العافية والعودة إلى النشاط ، ثم انتخب المجتمعون هيئة قيادية جديدة للمنظمة التي عاهدت بدورها الكونفرانس بنشاط متميز خلال الفترة المقبلة واختتم الكونفرنس أعماله والذي سادته روح الحرص العالي باغنية سالم حزبنا .

                               منظمة الحزب الشيوعي العراقي في المانيا الاتحادية
                                            في 6 – 10 – 2009




88
أصواتنا مع قائمة   307
قائمة الحزب الشيوعي العراقي في محافظة واسط

 
نحن مجموعة من مواطني ومواطنات محافظة واسط, الذين اضطرتهم الظروف أن يكونوا خارج الوطن, نعلن عن منح أصواتنا لقائمة 307, قائمة الحزب الشيوعي العراقي في محافظة واسط.
إن وجودنا بعيدا عن الوطن, وعن الأهل والأحبة والأصدقاء, وعدم حساب أصواتنا ضمن قانون الانتخابات, سوف لن يمنعنا من أن نقف إلى جانب قائمة الحزب الشيوعي العراقي 307, قائمة القول والفعل, قائمة الطيبات والطيبين, الذين اختبرهم الشعب أيام الشدائد والمحن, وكانوا أول المتقدمين في سبيل الدفاع عن مصالح الوطن والناس.
إلى جماهير محافظة واسط !!!!
إلى كل الأحبة والأهل والمعارف والأصدقاء !!!!
إلى العمال والفلاحين والشباب والنساء والطلبة وكل الكسبة والكادحين.
 إلى كل أبناء مدن وقصبات وأرياف محافظتنا الحبيبة واسط !!!!
ندعوكم للتصويت لمرشحات ومرشحي قائمة 307, قائمة الحزب الشيوعي العراقي في محافظة واسط !!!
إن في مشاركتكم في الانتخابات, و تصويتكم لقائمة 307, ضمانة لأن يكون مجلس المحافظة القادم أكثر قدرة, وأكثر كفاءة, وأقدر على حل مشاكل الناس اليومية, والبدء في تعمير المحافظة, وإيجاد سبل العيش الكريم لأهلها.
صوتوا للنزاهة والوطنية والصدق.....
للأكثر قدرة واستعدادا لتبني مصالحكم والدفاع عنها !!!!
صوتوا لقائمة الحزب الشيوعي العراقي 307, الحزب الذي لم يدخر يوما جهدا في تبني مصالح الناس والدفاع عنها, حزب الشهداء والكفاح والعمل.
 
الموقعون (حسب الحروف الأبجدية)
 
1- الدكتور إبراهيم إسماعيل ألركابي (أبو دجلة)
2- إبراهيم عباس الدعج(مهندس زراعي)
3- بشرى صاحب محمود(خريجة كلية الآداب)النعمانية
4-امجد علي ابراهيم(كادر طلابي سابق –النعمانية)
6- حسن محمد حسن جاسم حسن العلاف(طالب جامعة)
7- حسين كريم هاني(أبو زياد)الكوت-العزة
8- حيدر جواد كاظم عبيد الريش(خريج المعهد الصناعي في الكوت)
9- سيد حميد سيد حسن الياسري(مهندس زراعي وكاتب)
10- خولة مريوش(خريجة معهد التدريب المهني/الكوت- تعمل في مجال النقابات)
11- خيون عبيد راشد السراي(معاون صيدلي)
12- رائم مفيد ناجي الراضي(طالب)
13- رمزي شاكر سعيد الترجمان(موظف)
14- ريم مفيد ناجي الراضي(طالبة)
15- سامي جواد كاظم عبيد الريش(معلم سابق)
16- سعد محمد طاهر(سعد مامكه)
17- سعدون جواد(أبو جيشي- مدرس ورياضي معروف)
18- شاكر سعيد الترجمان(موظف سابق في وزارة الأشغال والإسكان)
19- ضياء جعفر العمار(مدرس فيزياء)
20- عادل سامي جواد كاظم(طالب جامعي)
21- عدنان ملك حسين(عدنان ملا درويشه)
22- عدنان محمد اللبان (مدرس وفنان مسرحي)
23- عكار عاطي (مهندس زراعي ورياضي معروف)
24- عدي إبراهيم عبد الحسين(مهندس مدني) النعمانية
25- علوان عبد كاظم(رياضي وموظف سابق في سايلو الكوت)
26-علي محمد حسن جاسم حسن العلاف(طالب جامعي)
27- غسان احمد الراضي(مهندس مدني)
28-كريم ناصر(شاعر وكاتب)
29- مجيد ناجي الراضي(مساح سابق في مديرية الأشغال والإسكان في الكوت
30- مفيد ناجي الراضي
31- محمد حسين العلاق(فنان تشكيلي)
32- محمد حسن صبيح (مدرس لغة إنكليزية في إعدادية الكوت)
33-محمد كحط عبيد(إعلامي)
34-محمد حسن جاسم حسن العلاف(خريج إدارة واقتصاد)
35- الدكتور محمد شطب ( دكتوراه في اللغة الألمانية) من أهالي ناحية الزبيدية
36- مي ناجي الراضي(موظفة سابقة في مديرية الأشغال والإسكان في الكوت)
37- ناجي ناجي الراضي
38- نجم عبد محمد خطاوي(شاعر وكاتب)
39- هادي بزون(مهندس مدني)
38- هاشم ظاهر نادر(دكتوراه هندسة/ رومانيا)
40- هدير سامي جواد كاظم(طالب في المعهد الصحي)
41- هيام عزيز جبر(خريجة المعهد الفني في الكوت)
42- ياسمين محمد حسن جاسم حسن العلاف(طالبة ثانوية)
 

89

إذن .. فعلها مجلس النواب ..!!

ناظم ختاري
عبرت في عدة مقالات نشرت لي  ،  حول إلغاء المادة رقم 50  من قانون انتخابات مجلس المحافظات ، والاحتجاجات الشعبية الواسعة التي اندلعت اثر ذلك والحملات التضامنية التي وقفت إلى جانب حقوق الأقليات الانتخابية ، وثم المقترحات التي تقدم بها السيد دي مستورا والذي حاول جهده من أجل إعادة حقوق الأقليات إلى نصابها ، بعدما ضاعت بضياع المادة رقم 50 التي لم تكن منصفة هي الأخرى لحقوق الأقليات الانتخابية ، عبرت فيها عن قناعتي بأن الحقوق لا تعطى وإنما تؤخذ ، وأكدت فيها أكثر من مرة وبأكثر من صيغة ، إن العديد من الكتل البرلمانية ستخصص الكثير من جهودها كي لا تحصل الأقليات على حقوق متوازنة في انتخابات مجالس المحافظات ، وطبعا من منطلقات تعصب قومي وطائفي ، وبدافع العداء الأعمى لكل حق من حقوق هذه الأقليات الموغلة في أعماق تاريخ هذه البلاد ، أو اقتلاعها من أرض هذه البلاد نهائيا ، وأعتقد إن الهجرة الواسعة التي بدأها أبناء الأقليات في عهد الدكتاتورية البائدة والتي تضاعفت في ظل الظرف الحالية ، التي تهيمن فيها القوى الطائفية المتعصبة والقومية الشوفينية على زمام الأمور في العراق ، تسير بهذا الاتجاه ،  وقد يكون من المفيد أن نذكر بأن مصيرها هو قريب إلى مصير يهود العراق الذين تم تهجيرهم قسرا في العقود الماضية عن بكرة أبيهم و بنفس هذه الأساليب القذرة ، مع اختلافات بسيطة .
إذ صوت مجلس النواب ، بأغلبية أصوات الحاضرين على تقزيم مقترح السيد دي مستورا ، والإبقاء على حقوق  تمثيل رمزية للأقليات ضمن قانون انتخابات مجالس المحافظات ، وعلى مستوى عدد من المحافظات العراقية وهي البصرة وبغداد والموصل ,  فقد حدد التصويت الذي جرى أمس في مجلس النواب على مقعد واحد للمسيحيين في  البصرة ومثله في محافظة بغداد وإلى جانبه مقعد وحيد للصابئة المندائية ، ومقعدا واحدا لهم في الموصل مع واحد للإيزيدية وآخر للشبك ، وهذا يعني في حقيقة الأمر تحجيم قانوني  لتمثيلها في المؤسسات الدستورية للدولة العراقية وتهميش دور أبناء هذه الأقليات في صناعة القرار المتعلق بمصيرهم على مختلف الأصعدة ، في الوقت الذي كانوا يعانون من إقصاء حاد ، خلال الفترات الماضية على مختلف الصعد . 
شخصيا لست مستغربا منما فعله مجلس النواب  في هذه المرة ، ولا استغربت في السابق من غرائب أخرى ليس بينها وبين الجريمة ولو شعرة واحدة سوى التسمية ( القانون – الجريمة ) ارتكبها نفس هذا المجلس ، أو الأحزاب التي تتشكل منها كتله المتنفذة  ، سواء خلال هذه الدورة البرلمانية الاعتيادية أي منذ الانتخابات العامة الأخيرة ، أو قبلها أثناء ولاية الجمعية الوطنية المؤقتة أو المجلس الانتقالي والأمثلة عليها كثيرة ولكن ليس هناك مجال لذكرها الآن ، لست مستغربا من مساعيها كونها وببساطة شديدة أحزاب طائفية وقومية تعبر عن نفسها بوضوح ، فمن الطبيعي أن تكون ولاءاتها إلى انتماءاتها وليس إلى الوطن الذي يتشكل من قوس قزح  جميل وألوان عراقية  زاهية من أقوام وأديان وطوائف مختلفة ، وليس هناك ما يشير إلى أنها تستطيع تبني مشروعا وطنيا قادرا على الحفاظ على هذا التنوع وحماية العراقيين جميعا بما فيهم أبناء الأقليات القومية والدينية  ،  ليس هذا فقط  ، بل إنها مستعدة لأن تقذف بأي واحد من أبناء الأقليات في البحر لحساب هذا الولاء الطائفي أو القومي المتعصب والمتخلف .
على أية حال نحن أمام حقيقة واقعة ، تتكرر فصول السطوة على حقوق الغير على الدوام وبشكل يومي في كافة أنحاء العراق وعلى كافة مستويات مؤسسات الدولة العراقية ، التنفيذية منها أو التشريعية ، فالإجراءات والجرائم التي كانت ترتكب في السابق بحق أبناء الأقليات ، كانت عادة من غير غطاء قانوني ، كون القانون كان في الغالب مغيبا وغير ذي أهمية حتى بالنسبة إلى أخطر القرارات التي كانت تتخذها مختلف الحكومات التي تعاقبت على دفة الحكم في بلادنا المغضوب عليها  ، كانت كلها تحصل بفعل المتنفذين فيها والذين كانوا يحاولون عادة إضفاء الطابع الاجتماعي عليها ، والذي لم ينجح كثيرا إلا في ظل الأوضاع الحالية الحرجة ، والتي تسعى فيها قوى أشرت لها ، إلى إضفاء الطابع القانوني عليها ما دامت هناك أرضية اجتماعية تحققت أو تتحقق لها ، وأعني بذلك العلاقة التي كانت تربط العراقي بالعراقي الآخر من قومية أخرى أو دين آخر أو طائفة أخرى ، لم تعد قائمة على أساس الانتماء إلى الوطن  أو على أساس مبادئ التسامح والمحبة للأسف الشديد ، بينما تتسع يوما بعد آخر الفجوة بينهم ، والقوى الطائفية المتعصبة والقومية الشوفينية أصبحت تدفع بشكل أقوى في هذا الاتجاه .
إلا أنه وأمام هذا الوضع الذي يعتبر مأزقا متأزما لكل العراقيين ، وليس فقط لأبناء الأقليات ، ومحاصرة لدور القوى الوطنية والديمقراطية الحقيقية وتحجيما له ، ينبغي أن لا ندع ونترك المجال كي تمرر هذه القوى ، مخططاتها الرامية لإقامة دولة الميليشيات والعنف الطائفي والديني والتعصب القومي ، وهذه المسألة بقدر ما هي ضرورية للحفاظ على بقاء أبناء الأقليات في أرض الوطن وإيقاف مخططات تهجيرهم إلى خارجه  ، فإنها تعد ضرورية أيضا للتصدي بهمة عالية لقيام دولة القانون والمواطنة ، البديل الحقيقي عن الهجرة الجماعية وترك البلاد للضواري ، كون عواقب هذه الهجرة ستكون وخيمة على أبناء الأقليات ومستقبلهم ، إذ يبلغ تعدادهم أو من تبقى منهم في الوطن أكثر من مليون ونصف مليون نسمة ،  ليس من السهولة بمكان ، أن يحزموا أمرهم وهاجروا خلال شهر أو شهرين وإلى الأبد وينتهي الأمر، إذ أن هجرة هذه الأعداد تحتاج إلى سنين طويلة تفقد  في سياقها حتى تماسك علاقاتها العائلية ، وتشكل عبئا ثقيلا وعميقا على تكوين أفرادها في الجانب النفسي ، علاوة على إمكانيات مادية هائلة مفروضة على أبناءها ، التي تستنزف كل طاقاتهم  منذ أن بدأت الهجرة هذه تشتد بوتائر عالية .       
ومثل هذا الأمر يفرض على القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية أن تدعو إلى رص الصفوف ، وترجمة الوقوف إلى جانب محنة الشعب العراقي التي تشكل محنة الأقليات جزءا معقدا منها  ، إلى خطوات عمل حقيقية ، إذ ليس هناك من قوى بين مجموع القوى العراقية قادرة على تبني مشروع عراق القانون وعراق المواطنة وعراق الأمن والاستقرار والرفاهية والعدالة الاجتماعية ، غير هذه القوى الأنفة الذكر التي تفرض عليها وطنيتها ومحنة الشعب العراقي ، أن تتبنى مشروعا من أجل تضافر جهودها المشتركة مع جهود ممثلي هذه الأقليات وبقية القوى ذات المصلحة الحقيقية ، في المراحل الانتخابية القادمة ، لانتزاع الأغلبية البرلمانية من أيدي القوى الحالية ، وبهذا المشروع لوحده ، يمكن للشعب العراقي إيقاف المزيد من الانزلاق ، وتحرير العراق من الطائفية العمياء والتعصب القومي البغيض ، وانتزاع حقوقه كاملة .             

90
مام جلال .. تريد أرنب خذ أرنب .. تريد غزال خذ أرنب ...!

ناظم ختاري
في لقاءه مع السفير الأمريكي في بغداد قبل يومين ، شدد السيد مام جلال طالباني رئيس جمهورية العراق ، على ضرورة تعريف الشعب العراقي بمضمون الاتفاقية الأمنية المزمع توقيعها مع الولايات المتحدة . 
لاشك إن توجها كهذا وتعريف الشعب بقضاياه المصيرية من قبل قادته السياسيين يعد أمرا صحيحا  وضروريا وواجبا  وطنيا في الأنظمة الدستورية ، ولكن يبدو لي إن دعوة السيد الرئيس جاءت متأخرة إلى حد بعيد ، كون الاتفاقية وصلت إلى نهايتها ، وهي قاب قوسين بين التوقيع عليها أو رفضها ، ولا يوجد هناك أية إشارة لطرح مثل هذا الأمر على استفتاء شعبي لكي يقول الشعب كلمته فيها ، ولكنها أي الاتفاقية ستطرح على مجلس النواب للموافقة عليها أو رفضها ، ومعروف لدى الجميع إن مجلس النواب تشكل على غفلة من الزمن في انتخابات غاية في التزوير وفرض الإرادات ، إذ هناك كتل وأعضاء فيه قد  يقبلون بالاتفاقية أو يرفضوها اعتمادا على موقف جهات خارجية  ومصالحها ، وهي معروفة  للجميع .
 إن الدعوة إلى تعريف الشعب بمضمون الاتفاقية ، جاءت بعد شهور طويلة من مفاوضات عسيرة جرت بين الفريقين العراقي والأمريكي ، افتقد فيها الفريق العراقي إلى الدعم الشعبي بسبب حجب المعلومات عنه ، والآن وصلت إلى مرحلة تستخدم فيها الولايات المتحدة الأمريكية  مختلف الأساليب لكي يتم تمريرها والتوقيع عليها ، دونما انتظار الطرف الثاني باعتباره شريكا في هذه الاتفاقية التي لا تتم من غيره ، بينما العديد من القوى السياسية العراقية لازلت تتعامل مع هذه القضية المصيرية من منطلقات مصالح الغير ، عبر عنها بوضوح وزير التربية العراقي الخزاعي تمسكا بفتوى خامنئي بِشأن هذه الاتفاقية ، فأقل ما يقال عن هذا الموقف ، فإنه يعد خروجا عن المصلحة الوطنية وعدم ولاء للعراق من قبل هذه الأطراف ، وفي نفس الوقت يعد تدخلا سافرا من جانب خامنئي في شؤون العراق ، والموقفان كانا ولما يزل بحاجة إلى ردع شعبي على الأقل ، كون الوزير عبر ومثلما أشرت عن موقف أقطاب عديدة في الحكومة نفسها التي تتولى المفاوضات عن الطرف العراقي ، علاوة على مواقف كتل عديدة في مجلس النواب ، الذي تتوقف عنده عملية التصويت على الاتفاقية رفضا أو قبولا  .
أثناء هذه الفترة الطويلة من المفاوضات تجاهلت القوى الحاكمة ، أية مطالبة أو دعوة مخلصة ، حول ضرورة إشراك الشعب العراقي في هذه المفاوضات المصيرية التي بقيت طي الكتمان بالرغم من إنها تهم سيادة بلده وتمس مصالحه ، فقد كان لابد من إضفاء الشفافية على سيرها وتوفير الأجواء اللازمة لإطلاع جماهير الشعب على مراحل التفاوض ، ولاشك إن مساهمة جماهير الشعب العراقي في هذه المفاوضات وإطلاعها على كل ما كان يدور بين الفريقين ، كانت ستساهم إلى حد بعيد على توحيد الصفوف من هذه الاتفاقية علاوة على توفير المزيد من الثقة سواء لجهة التوقيع عليها أو رفضها .
أما أن تأتي الدعوة في مثل هذا الوقت المتأخر ، فلاشك إنها غير موفقة ، ولا تنم عن حرص كاف على مشاركة الشعب العراقي في قضية مصيرية بهذا الحجم ، خصوصا ليس هناك في ثنايا الدعوة آلية محددة توفر للشعب العراقي  إبداء رأيه في بنود هذه الاتفاقية ، سوى ما يقال بأن مجلس النواب يعتبر ممثلا عن الشعب العراقي ، مع  إن مواقف كتل عديدة في مجلس النواب معروفة ، لا يمكن لها أن تختلف عن مواقف المحيط العراقي الذي عمل كل ما في استطاعته ، لاحتواء التجربة العراقية والهيمنة الفعلية على العراق وشعبه ، وفي هذا المجال ارتكبت جرائم فضيعة بحقه ، لا ينبغي على العراقيين نسيانها .
   ومن هنا يمكن للمرء أن يقول في دعوة السيد الرئيس ، إنها دعوة لتعريف الشعب بها ، وحثه على قبولها دون أن يكون هناك وضوح تام لبنود الاتفاقية بالنسبة له ، وتغيبه المقصود عن المساهمة في صياغتها أو الإطلاع على سير المفاوضات بشأنها ، وليست دعوة لأن تكون كلمة الشعب هي الفيصل بصدد المسودة النهائية  .
 ومن المعروف ، ليس فقط الشعب العراقي كان مغيبا عن هذه المفاوضات وأسرارها التي كانت حبيسة أيدي القوى الحاكمة ، بل إن القوى السياسية العراقية المشاركة في السلطة أو العملية السياسية أوغير المشاركة فيها ، كانت هي الأخرى مغيبة أيضا ، مما أدى الأمر بإجماله إلى عدم تبلور الموقف العراقي القوي والمطلوب في قضية بالغة الأهمية  والخطورة .
إذ أن التوقيع على الاتفاقية أو رفضها لابد أن يترافق مع ما يجمع عليه الشعب العراقي من مفهوم واضح حول السيادة الوطنية وشروطها ، والحاجة الماسة إلى حماية هذه السيادة من القوى التي تعمل داخل الحكومة وفي مجلس النواب لتقوضها أو التفريط بها لصالح إيران أو أية دولة عربية وقفت على الدوام  بالضد من مصلحة الشعب العراقي منذ سقوط النظام الدكتاتوري .
 ولذلك فإن ما تبقى من الوقت ، قبيل التوقيع على الاتفاقية أو رفضها يستدعي البحث في آلية لبناء موقف سياسي واضح  مبني على أساس المصلحة الوطنية ويستند على دعم الشعب العراقي له ، وليس إلى توجيه دعوة  إليه  ، أفضل ما فيها  ، لا تخرج عن خيارات المثل العراقي الشهير  ( إذا تريد أرنب خذ أرنب ... وإذا تريد غزال خذ أرنب ) .
 هذه الدعوة وعلى هذه الشاكلة ودون أية آلية وفي هذا الوقت المتأخر ، لا تضيف شيئا لموقف الأحزاب المتنفذة في الحكومة العراقية بشأن مشاركة الشعب في تقرير مصيره وتبني شكل علاقاته ، في ظل هذه الظروف الغير الاعتيادية وتركة النظام البائد ، وبالتالي فهي لا تترك الفرصة للشعب العراقي  لإبداء ملاحظاته على مسودة الاتفاقية وعملية رفضها أو قبولها.
أما أصحاب القرار فإنهم أحرار وأخيار ، أن يأخذوا الأرنب أو الغزال أو الاثنان معا ،  ويذهبوا بها إلى إيران أو سوريا  أو أي مكان آخر ، فلا شأن للشعب بهم أبدا .

91
لماذا أيتها ألأقليات ، الاستحواذ دائما على حقوق المكونات "الأساسية " ..؟

ناظم ختاري
بعد أن تنفس أبناء الأقليات الصعداء ، اثر تقديم السيد ديمستورا مقترحا بصدد تمثيل الأقليات في عدد من المحافظات بعد الوتيرة المتصاعدة من الاحتجاجات ، هذا المقترح الذي من المفترض أن يصبح ضمن مادة ملحقة بقانون انتخابات مجالس المحافظات ، والذي طرح في قراءته الأولى على مجلس النواب ، اعترضت عليه أهم كتل مجلس النواب التي تمثل المكونات الكبيرة عدا الكتلة الكوردستانية التي أكدت عدم اعتراضها منذ البداية ( بعد الإعلان عن مقترح ديمستورا مباشرة  ) لأسباب عدم حرمان الأقلية المسيحية من حق التمثيل في مجالس المحافظات ، رغم اعتراضها على نسبة الأيزديديين والشبك كما جاء على لسان السيد فؤاد معصوم رئيس الكتلة ( علما إنه كان غامضا ، فلم يشر لا إلى قلة هذه النسبة أو كثرتها ولا قال لا يمكن اعتبار هؤلاء إلا أكرادا) .
الأمر المضحك في اعتراضات أعضاء الكتل النيابية الذين احتلوا مواقعهم في مجلس النواب ، قضاءا وقدرا ، بعد انتخابات غابت عنها كل شروط النزاهة والأمانة وحرية الاختيار ومعايير المواطنة الحقيقية ، هو اعتبار تخصيص هذا العدد من المقاعد جاء على حساب "المكونات الأساسية " أو مصادرة لحقوقها الانتخابية وفق وصف الطائي من كتلة التوافق ورئيس لجنة الأقاليم في مجلس النواب ، وكأنه جرى انتزاعها أوسرقتها من جيوبها ، وكانت أملاكها الشرعية لا يجوز إلا أن تكون في هذه الجيوب وإلى الأبد ، ثم قال ، إنها لا تتناسب والحجم الحقيقي لهذه الأقليات في هذه المحافظات ، ويعني إنها أكثر من حجمها  ، مشيرا إلى عدم  وجود إحصائيات دقيقة حول عدد نفوسها .
لنفتش سريعا في هذه التبريرات.
أولا – متى تمتعت الأقليات العراقية في ظل كل الحكومات العراقية المتعاقبة ومنذ نشوء الدولة العراقية  الحديثة بحقوقها ..؟ حتى يكون مقترح  ديمستورا وتخصيص عددا من المقاعد وفق نظام الكوتا والذي يحاول إعادة شيء من حقوقها المهدورة ، إجحافا بحق المكونات الكبيرة أو مصادرة لحقوقها الانتخابية  . !
لا أريد أن أرجع كثيرا إلى الماضي البعيد ، ولكنني أحاول أن أعيد ذاكرة هؤلاء المعطوبة ، إلى معانات الأقليات مع هذه الحقوق على الأقل في فترة ما بعد سقوط النظام الدكتاتوري ، حيث بدأت مرحلة سياسية جديدة ، استعر فيها الصراع من أجل تقسيم العراق وثرواته وسلطات الحكم فيه ، بين المكونات الثلاثة الكبيرة عدديا  ، وهي العرب الشيعة والعرب السنة والأكراد ، وجرى تقسيم كل شيء فيما بينها على أساس التحاصص ، وحرم أبناء الأقليات من كل حق طبيعي لهم ، بما في ذلك منعهم في سهل الموصل من الإدلاء بأصواتهم ، عندها أحجم السيد الطائي عن القول بأن هذه العملية كانت مصادرة لحقوق الأقليات الانتخابية , طبعا بعد خوض طرفين من هذه المكونات الكبيرة لمعارك ميليشياوية دموية لازالت مستمرة تحصد أرواح العراقيين ، وتتدخل فيها العوامل الخارجية على نفس الأساس الطائفي أو العرقي ، أهلكت العراق وشعبه ، وأوصلت الدماء إلى الركب في مدن البلاد وأريافها ، وضاعفت من الخراب الإقتصادي والبنى التحتية والخدمات وما إلى ذلك ، لم يكن ولن تكون  لأبناء الأقليات أية أدوار في هذا الصراع ولا في إهدار هذا القدر من الدماء الزكية لأبناء العراق ، ولا كانت لهم حقوق تحفزهم على القتال من أجلها ، ولكنها أي هذه الأقليات اكتفت تتناوش الواحدة مع نفسها وفي دواخلها من أجل "البحث عن  انتماء لها أو تثبيت تسمياتها " ، وفي بعض الأحيان تطالب ببعض حقوقها التي لم تتوفق في شكل المطالبة بها والتي لم تتحقق أيضا ، كما في هذا المطلب الأخير الذي من المحتمل أن يتعرض إلى الإجهاض في دهاليز مجلس النواب ، أو نكتشف في نهاية الأمر إن هذا الحق الانتخابي لكل أقلية من هذه الأقليات سيكون عبارة عن بالون هوائي  في مجلس المحافظة يفيد المكونات الكبيرة أكثر مما يفيد أبناءه  .
عموما هذا التراجع في حين والتملص في حين آخر وتقزيم الحق الانتخابي في حين ثالث ،  يؤكد بما لا يقبل الشك إن القوى التي تشدقت اضطرارا  بحقوق الأقليات بعد الاحتجاجات الواسعة  وتحت ضغوط معينة ، بأنها كانت تعي ما تقصده عندما أقدمت على إلغاء المادة رقم 50 من قانون انتخابات مجالس المحافظات ، هذا من جانب ، ومن الجانب الآخر ، فإن هذه القوى الطائفية والدينية المتعصبة والشوفينية القومية ، غير مستعدة أو لا تتحمل العيش مع أبناء هذه الأقليات الذين يرفضون تصوراتها بصدد بناء الدولة العراقية على أساس المحاصصة  ، ويتطلعون لدولة القانون والحقوق والمؤسسات المدنية ، ويرفضون سعي هذه القوى من أجل فرض أجندتها الطائفية القائمة على المحاصصة بين المكونات الكبيرة ، بشتى الوسائل ، هذه القوى التي تدرك تماما إن هذه الأقليات لا يمكن أن تكون رصيدا لمثل هذه الدولة أو لمثل هذا التوجه ، ولكنها تبقى رصيدا لدولة القانون والمواطنة وموقعها في العملية السياسية يقع إلى جوار القوى الديمقراطية واليسارية والعلمانية ، وهذا ما يعميها حقدا ، ويصيبها بهستيريا في وجه أبناء الأقليات الذين يتعرضون لأبشع  حملات بربرية الواحدة بعد الأخرى ، من قتل وتهجير وتشتيت إلى بلدان اللجوء ، وما إلى ذلك .   
ثانيا – إذا كان السيد الطائي ، لا يعرف عدد نفوس هذه الأقليات ولا يعرف نسبتها في كل محافظة ، لماذا يصر ويتعامل معها ، وكأن عدد نفوسها دون هذا العدد من المقاعد الواردة في مقترح ديمستورا .. ؟ لماذا لا يفترض إن هذه المقاعد المقترحة قليلة مقارنة بعدد نفوسها ، فمثلا عدد نفوس "الأقلية الأيزيدية" يتراوح بين 600 – 700 ألف نسمة وغالبيتهم يعيشون في محافظة نينوى ، أي تقدر نسبتهم إلى مجموع السكان في هذه المحافظة  بـ 20 % ، ووفق هذه النسبة تكون هذه الأقلية مغبونة ولم تحصل على حقوقها الانتخابية بتخصيص 3 مقاعد لها ، وإن هذه الحقوق تكون قد صودرت من قبل السيد الطائي وكتلته ومن قبل بقية الكتل الطائفية ، وابتلعتها "المكونات الأساسية"  ، وليس هي التي صادرت حقوق "المكونات الأساسية " ، كما يدعي . 
ثالثا – ولنفترض جدلا إن المقاعد السبعة مثلا ، والمخصصة للمسيحيين والأيزيديين والشبك في محافظة نينوى هي أكثر مما تحصل عليه المكونات "الأساسية " وفق السيد الطائي ، فهل ستحصل هذه الأقليات على الأرض على أكثر من حقوق المكونات الكبيرة أو تصدرها ..؟ ، قطعا  هذا لن يتحقق ولا كذلك ستحصل هذه الأقليات حتى على جزء يسير من حقوقها الطبيعية في ظل هيمنة "الأكثريات الدكتاتورية" على حد وصف الكاتب بروكا " و"المتعصبة " ، على كل مقدرات البلاد  إلى جانب صراعاتها الدموية من اجل المزيد من الأموال والسلطات والنفوذ ، وفي ظل عدم احترامها لحقوق الغير ، وإصرارها على إفراغ البلاد من أبناءها الأصلاء  .
رابعا – يصر السيد الطائي على تسمية المكونات الكبيرة عدديا ، بـ "المكونات الأساسية" ، ولهذا فإن الحقوق بالدرجة الأساسية ستكون من حصتها ، وبالتالي فإن الأقليات تبقى هي الأقليات وهي ليست مكونات أساسية بل هامشية ، وهكذا فإن حقوقها لن تكون إلا في الهوامش أو ملحقات حقوق ، كما هو الحال مع المادة الخاصة بحقوقها الانتخابية والتي ستكون ملحقا بقانون انتخابات مجالس المحافظات .   
 

92
قانون انتخابات مجالس المحافظات وتوزيع  الأقليات على مراتب



ناظم ختاري  

تابع الجميع ، كيف ألغت الكتل البرلمانية في مجلس النواب العراقي ، المادة رقم 50 من قانون مجالس المحافظات ، الخاصة بنظام الكوتا للأقليات العرقية والأثنية والدينية  ، وتابع  الجميع الفعاليات الواسعة الرافضة لإسقاط هذا الحق عن أبناء الأقليات وتراجع نفس هذه الكتل عن عملية الإلغاء والتنصل من عملية تصويت أعضاءها لصالح الإلغاء ، وفي هذا الشأن قيل الكثير ، وقيل إن الأقليات هي أصل العراق وإن الدفاع عن حقوقها الدستورية والسياسية واجب كل الكتل البرلمانية وهو واجب وطني وله أولوية تفوق كل الأولويات الأخرى كالطائفية والقومية والحزبية ، وقيل إن الأمر لم يكن مقصودا ، ولكنه نجم عن خطأ ما ، ووجدنا إن غالبية مراجع هذه الكتل وقادتها وأعضاءها ، تحولوا بين لحظة وأخرى ، إلى أهم المدافعين عن هذه الأقليات ، بل إلى جزء منها ، من شدة حماسهم ودفاعهم عن حقوقها ، حتى شعر البعض منا إن عددا منهم قاب قوسين وسيتبرأ ون من انتماءهم لقوميتهم الكبيرة أو من طائفتهم المهيمنة أو من أحزابهم وسيتوزعون وفق القانون وبالتساوي ودون أي تميز على هذه الأقليات ... فمثلا ، أحدهم قد ينتمي وفق مراسيم دينية رسمية وعلى مرأى الجميع إلى المسيحية .. ولماذا لا .! فهو يفعل هذا لإلغاء التميز بين الأديان العراقية وإيمانا منه بأنه لا فرق بين هذا الدين أو ذاك ، ولتلقين الآخرين دروسا في الإخلاص لمواطني بلاده وأديانهم ، حيث كلها موجودة على أرض العراق وتنعم بخيراته وتشارك في قراره وبناءه .. وآخر ربما سيعود إلى ديانته الأيزيدية القديمة دون خشية من أحد ، لأنها ديانة أجداده ، فلا ضير على الجميع أن يعودوا إليها ويعملوا حتى في الأحزاب الدينية لهؤلاء الناس ، فلا فرق بين هذا الحزب أو ذاك ، إذ أن القانون يحمي للجميع حق ممارسة النشاط السياسي في أي حزب كان وأينما كان ، وثالثا قد يسرع إلى الصابئة المندائية طالبا منهم الصفح عنه ، وقبوله في حزب خاص بهم يبدأوا بتأسيسه في الحال ، طبعا استنكارا لقرار مجلس النواب الذي شاركت كتلته فيه وألغي بموجبه المادة رقم 50 .
وقلنا إزاء هذا  إذن من فعل هذا .. من كان وراء قرار إلغاء المادة رقم 50  .. ؟؟ وقلنا  ربما ... نعم ربما إن وفودا أو جموعا من الأقليات كانت تقف أمام مبنى مجلس النواب وتهتف ، لا لحقوق خاصة بنا ولاسيما نحن متساوون في كل شيء مع الآخرين ، فلا تميز بيننا وبين الآخرين ، ولا هناك قتل يستهدفنا على الهوية ولا تهجير ولا أي شيء آخر ، ونحن مثل الآخرين نصنع القرار السياسي العراقي .
 كل الذي حصل من تنصل وتبريرات وخطابات ثورية مدافعة عن حقوق الأقليات وغيرها ، كاد أن  يبكينا كثيرا ولأيام طويلة ، لثلاثة أسباب طبعا .
 الأول ، فرحا لأن هذه الحقوق ستعود ، بعد الحمية من قبل الجميع ، وستبقى الأقليات ممثلة في مؤسسات الدولة المنتخبة وخصوصا في مجالس المحافظات التي يقع عليها عبء بناء عراق المواطن المتساوي ، مادام كل هذا الجمع السياسي العراقي يجتمع عليها وعلى أحقيتها .
 والثاني ، بسبب شعورنا ، لأننا لم نقدر حق التقدير ، مدى حرص هؤلاء القادة الميامين على مصالح العراقيين وفي مقدمتهم أبناء الأقليات  ، ولذلك أخطأ من منا كتب كلمة غير لائقة بحق هذا القائد السياسي أو ذاك واتهمه بالطائفية أو بالعنصرية أو غيرها من النعوت ، التي هو على بعد آلاف الأميال منها ، أو من منا خرج في مظاهرة تطالب بحقوق الأقليات في أحدى دول المهجر ، وهتف لا لضياع حقوق الأقليات .. لا للتهميش .. يا إلهي ، ضد من كتبنا وهتفنا  ..؟ أضد هؤلاء قادتنا "النازكين " .. ؟ ومن منا أحرص منهم على حقوق الأقليات وبقية العراقيين .. !.
فإذا أردت أن تعرفهم بشكل جيد  ، يمكنك أيها ألأقلياتي ، أن تفتش في كل دائرة من دوائر الدولة ، إبتداءا من مؤسسات مجلس الرئاسة ، وانتهاءا بآخر مجلس للإسناد ، فسوف لا تجد قطعا ولو عنصرا واحدا ينتمي إلى أحزاب هؤلاء القادة أو أي حزب طائفي آخر ، يعمل موظفا أو حتى فراشا فيها ، إذ كل العاملين فيه هم من أبناء الأقليات ... ولو دققت في حسابات كل أعضاء أحزابهم فسوف لا تجد ولا واحدا منهم يملك غير راتبه المتدني جدا وبيتا للإيجار غير صالح تماما للسكن ، معلقا في بابه ، لوحة كبيرة تقول " أعوز بالله من الفساد ومن ملك منا نحن المؤمنون ومن أبناء الأحزاب والكتل الحاكمة أكثر من العامة" ، و لو تجولت نهارا جهارا في كل شوارع المدن العراقية بما فيها مدينة الموصل لما وجدت فردا واحدا من الميليشيا يحمل سلاحا وينغص لك فرصتك في التجوال فيها ، بل الأكثر من هذا ، سيقدمون لك ما ترغبه من حماية .. ولكن ما لك وللحماية وأنت تعيش الأمان بنسبة غير مسبوقة في كل بلدان العالم ، أما الخدمات أيها ألأقلياتي ، فحدث ولا حرج  ، المولدات الكهربائية يجري شراءها على حساب رواتبهم المنخفضة وتتوزع على أبناء الأقليات ، والفائضة على باقي كادحي العراق ، وهكذا بالنسبة إلى الأدوية ومقاعد الدراسة وووووووو إلخ ، إذ  يرفضوها لأبنائهم ويقدموها إلى أبناء الفقراء وفقا للقانون . ألم أقل لك إننا لم نقدر لهؤلاء حق التقدير .. وقلنا فيهم الكثير ولكنهم جاؤوا يطبطبون على ظهورنا ، يخففون عنا عبء خطأنا ، بسبب اتهاماتنا لهم دون وجه حق في هذه القضية . 
أما السبب الثالث الذي جعلني أن أشعر ببكاء مر في هذه المرة  أيها السادة ، ويا أبناء الأقليات العراقية ، فإنه يكمن في نفس الموضوع ، فبعد هذه التصريحات النارية من قبل جميع قادة وأعضاء هذه الكتل البرلمانية إزاء هذا الحق المضيع ، وبعد المظاهرات الصاخبة التي خرجت تنديدا لهذا الضياع والكتابات المتضامنة مع هذا الحق الضائع ، تبين إن كل الكتل التي شحنت أعضاءها كذبا بمشاعر التضامن والدفاع عن الحق الضائع ، رفضت أن تحمل معها مشروعا لحل المعضلة المتعلقة بحقوق الأقليات الانتخابية ، وتبين  أيضا إن الكتل التي تمثل الأقليات والتي قلبت الدنيا ولم تقعدها هي الأخرى لم تقدم مشروعا موضوعيا للتمثيل ألأقلياتي في مجالس المحافظات ، مما حدا بالسيد خالد شواني عضو التحالف الكوردستاني إلى طرح مقترحا باسم التحالف ، يقول بصدده " ان التحالف قدم مقترحا جديدا بشأن تمثيل الاقليات في انتخابات مجالس المحافظات وسيكون الحل لقضية تمثيل الاقليات.
واضاف شواني" ان المقترح يقضي بفصل قضية الاخوة المسيحيين عن الاقليات الاخرى كالايزدية والشبك لان المسيحيين كل الكتل البرلمانية تؤكد انهم لا اعتراض عليهم ولا توجد خلافات حول تمثيلهم في انتخابات مجالس المحافظات وعدد المقاعد التي يستحقونها في المحافظات وبالتالي بالامكان ان يعرض مشروع القانون بمادتين منفصلتين.

"وتابع يقول "المادة الاولى تنص على حقوق المسيحيين وسيتم بشكل سلس واعتيادي لطالما لا توجد هناك اعتراضات عليه من قبل الكتل البرلمانية ويتم التصويت عليها اما بخصوص الشبك والايزديين من الممكن اجراء مناقشات حولها وايجاد الية وفصل قضية الاقليات الاخرى عن المسيحيين.واكد "تكلمنا مع الاخوة المسيحيين حول هذه المقترح وهم وافقوا على المقترح وراضون ايضا وبالتالي تبقى موافقة الكتل البرلمانية على هذا المقترح. واضاف "اعتقد انه حل مناسب لهذه القضية وخروج من مشكلة تمثيل الاقليات
.
  "
مع تضامني المطلق لحق المسيحيين التمثيل في مجالس المحافظات ، إلى أن هذا المقترح يأتي كمحاولة لتفريق التقارب الذي حصل بين جهود أبناء الأقليات للمطالبة بحقوقهم التمثيلية ويهدف في نفس الوقت إلى التعامل مع هذه الأقليات وفق درجات تعتمد على شكل الدعم الذي تحصل عليه كل أقلية من العالم الخارجي ، "فالأقلية المسيحية العراقية" وخصوصا بعد تعرضها إلى حملة تهجير ظالمة وواسعة من مدينة الموصل حضيت بمساندة دولية وإقليمية واسعة " رسمية وشعبية ودينية" لا يمكن للأطراف العراقية أن لا تأخذها بنظر الاعتبار أو أن لا تحسب لها حسابات متوازنة ، أما الأقليات الأخرى فليس لها ظهير كهذا ، وعليه فإن أبناءها كمواطنين عراقيين يشغلون في المعادلة الحالية المرتبة الثالثة .         

93
ضمان حقوق الاقليات تجسيد للمواطنه الحقه في العراق


يستنكر الملتقى الثقافي العراقي مايتعرض له ابناء شعبنا الاشوري  الكلداني  السرياني  من عمليات قتل وتهجير في محافظة نينوى على يد العصابات الارهابيه .

لقد توافقت هذه الحمله البشعه مع محاولات كتل وقوى سياسيه متنفذه في البرلمان العراقي لتهميش وحرمان الاقليات القومية والدينية من المساهمة في انتخابات مجالس المحافظات  والتي تجسدت بالغاء الماده 50  من القانون الخاص بهذه الانتخابات في محاولة لإذابة أبناء الأقليات في بودقة الكتل الكبيرة.

إن من غير المنطقي حرمان  أبناء الأقليات عن ممارسة حقهم الديمقراطي والوطني في اختيار من يمثلهم  وهم أبناء أصلاء لوطننا  تحملوا قسطهم في نضال شعبنا الوطني في السراء والضراء ولايحق لاية جهة مهما بلغ حجمها ان تبخسهم حقهم لاسيما وان عمرهم من عمر العراق  وجذورهم موغلة في ترابه الحبيب.

على الحكومة وجميع المؤسسات الدستورية العراقية  أن تسرع في انهاء هذه الاعمال الارهابية التي تعيد انتاج العنصرية الدينية والقومية بابشع صورها ‘ وتضمن لأبناء الأقليات حقوقهم وسلامتهم .

نجدد استنكارنا  لجميع الاعمال البربرية ونعلن تضامننا مع ضحاياها ونحمل الحكومة و مؤسساتها الامنية مسؤلية حماية جميع الأقليات وخصوصا إخواننا المسيحين


الملتقى الثقافي العراقي في منطقة الراين – نيكر / المانيا
10.10.08



94
النضالات الجماهيرية المطلبية كفيلة بعودة الحقوق دائما .

ناظم ختاري
أثبت تراجع القوى الأساسية المهيمنة في مجلس النواب ، عن تصويتها لصالح إلغاء المادة رقم 50 من قانون انتخابات مجالس المحافظات ، والمتعلقة بتخصيص نظام الكوتا الذي يضمن للأقليات بعض المقاعد في مجالس بعضا من المحافظات العراقية ، جدوى التحرك الجماهيري ونشاطات قواها السياسية ، فالأحزاب والكتل البرلمانية التي تجاهلت حقوق الأقليات عندما أقدمت على التصويت على القانون المذكور وإلغاء المادة المذكورة منه ، بدأت تشعر الآن بمدى حراجة موقفها ، جراء احتجاجات أبناء الأقليات على هذه القرصنة التي أضاعت حقوقهم  أو أرادت ذلك ، والانتقادات الموجهة لها على نطاق واسع على المستويات الوطنية والدولية ، والتي لم تكن تتوقعها ، وأثبتت نضالاتها المتنوعة من مظاهرات وبيانات شجب واستنكار وتحريك المسألة دوليا ، والتي خاضتها منذ اليوم الأول من إلغاء المادة  المذكورة ، ووقوف القوى الفعلية المدافعة عن حقوقها إلى جانبها من أحزاب ومنظمات مجتمع مدني وشخصيات سياسية وثقافية دورها الفاعل في ردع كل من يحاول إقصاء الآخرين والتملص إزاء حقوقهم الطبيعية  .
ولاشك إن التصريحات المتوالية في الأيام الأخيرة والتي أعقبت هذا النضال ألمطلبي من قبل غالبية أصحاب القرار في هذه الكتل والأحزاب التي ألغت المادة رقم 50  وضرورة عودتها والوقوف إلى جانب  حقوق الأقليات ، والحلول والمقترحات التي تقدمت بها هذه الجهة أو تلك وتأكيد الجميع على هذه الحقوق ، إنما تأتي من منطلق " الحق يؤخذ ولا يعطى " فقبل هذه التصريحات والتبجح بالدفاع عن حقوق الأقليات ، وأثناء التصويت على القانون ومنذ بداية العملية السياسية ما بعد سقوط النظام ، كانت هذه الأقليات موجودة وكانت تشكو كثيرا من إقصاءات وإسقاطات متكررة واعتداءات  شملت كل جانب من جوانب حياتهم الخاصة والعامة بل حتى وجودهم على أرض بلادهم ، والذين يتعرضون إلى هجمة شرسة لتركها وراءهم والتوزع في دول المهجر ، وكان لابد من هذه الحقوق ، ولكنه ومن منطلق التعصب الديني والطائفي والعرقي أصرت هذه القوى على ممارسة أسلوب المحاصصة الذي غيب هذه الحقوق وهمش إشراك أبناء الأقليات في الجهد الوطني لبناء دولة العراق المدنية  ، وشوه مسيرة العملية السياسية التي تحتاج إلى مراجعة جدية وإلى تغيير أدواتها ومعالجة أغلب ما يرافقها من تصدعات لصالح الجماهير العراقية العريضة .
ولكنه رغم ذلك ، أود القول هنا بأن هذه القوى الطائفية لا يمكن لها أن ترضخ بسهوله لمطالب الأقليات ، وخصوصا إن ما تطرحه لحد الآن بهذا الخصوص لا يتعدى عن كونها وعود على شكل اقتراحات ، ربما تتراجع عنها  في غفلة عن الآخرين ، كما تراجعت أو تتراجع عن الكثير مما قالته في برامجها الانتخابية ووعدت جماهير الشعب العراقي بها ، ولكن ما أن اشتدت قبضتها على دفة الحكم حتى بدأت هذه الجماهير التي صوتت لصالحها تشكو بمرارة عن حرمانها من أية إنجازات تحققت لها ، لذا لابد من التأكيد هنا على ما يلي .
1- ضرورة استمرار هذه الاحتجاجات الجماهيرية المصحوبة بتأييد الأحزاب الوطنية لها ، وكل المخلصين من أبناء العراق الغيارى ، والسعي لتعزيز وتيرتها وتوسيعها حتى تشمل بقية الأقليات التي أحجمت عن المشاركة الفعلية واكتفت ببعض بيانات خجولة صدرتها في أوقات متأخرة .
2-  لابد لهذه الأقليات أن تقدم تعديلا موضوعيا أو بديلا آخرا عن المادة رقم 50 باعتبارها تشكل جزءا من حقوقهم التمثيلية في مجالس المحافظات ، وليس كل حقوقهم ، فمثلا لا يمكن أن يكون القانون منصفا عندما يجري تخصيص مقعد واحد لأبناء الأقلية الأيزيدية في مجلس محافظة نينوى وهكذا بالنسبة إلى مجلس محافظة دهوك ، وكما هو معلوم بأن عدد نفوس الأيزيدية ربما يفوق الـ 500000  نسمة في محافظة نينوى.
3- لابد للقوى الوطنية والأحزاب السياسية الديمقراطية والعلمانية أن استفادت من هذه التجربة ، والسعي بشكل جدي من أجل قيادة النضالات المطلبية للجماهير العراقية العريضة وخصوصا الأوساط الكادحة منها وأبناء الأقليات الدينية والقومية والمرأة والشبيبة والطلبة ، التي تعاني المزيد من الحرمان بسبب تراجع أحزاب السلطة عن تنفيذ برامجها وجشع المتنفذين من رجالاتها وسطوتهم على أموال الشعب ومقدراته  وحقوقه ، والمزيد من شرور إرهاب القاعدة والقوى المتحالفة معها وإرهاب الميليشيات التي لازالت تمتلك مقومات المبادرة والقدرة على إعادة الأوضاع الأمنية إلى مستويات سيئة  يكتوي بها العراقيون مرة أخرى ، بسبب الخلل الذي يترافق عملية محاربتها ، والسعي المتزايد من قبل جميع الأطراف الأساسية  للاحتفاظ  بميليشياتها أو تأسيس المزيد منها  ، كما عند مجالس الإسناد التي تتشكل بجهود السيد المالكي في مناطق الفرات الأوسط والجنوب .
 
 

95

بطاقة تهنئة


تتقدم منظمة الحزب الشيوعي العراقي في ألمانيا الاتحادية بأحر التهاني إلى كافة الأيزديين بمناسبة حلول أعياد رأس السنة الشرقية ( سه رصال) ، وتتمنى لهم ولكل الشعب العراقي الأمن والاستقرار وأن يزول هذا الإرهاب الذي حول العراق إلى ساحة للموت ، وتشرق شمس الحرية والديمقراطية  وتنطلق الأفراح والأعياد في كل بقعة من وطننا العزيز .
منظمة الحزب الشيوعي العراقي / ألمانيا
في 13 – 4 – 2008
     

صفحات: [1]