عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - Nidal Elkadri

صفحات: [1]
1
وليم نصار: لموسيقاك، أول الغيث


يقول المفكر المشرقي جبران خليل جبران: "الموسيقى كالشعر والتصوير تمثل حالات الانسان المختلفة وترسم أشباح أطوار القلب وتوضح أخيلة ميول النفس وتصوغ ما يجول في الخاطر.". نعم، ففي كل إشارة وعند كل نوتة، ولكل عنوان حالة تمثيلية تعبر عن شعور سام وعواطف متأثرة وتأملات روحية ترفع النفس إلى عالم الأثير الدقيق حيث تصفو مما بها من الشوائب.
 
 التجلى شعور راق بل هو وحي روحي هابط من الأعلى، ولكنه ليس حكرا على طائفة من أنبياء السماء. نحن المشرقيون نخترق ستار التجلي في إبداعنا. لا يسعني إلا أن أعبر عن امتناني للفنان الموسيقار د. وليم نصار، الذي أصدر ألبومه (أطفال قانا /الجليل) ووقعة خلال المعرض الخامس عشر للكتاب الذي أقامه النادي السوري الكندي في مدينة أوتاوا الكندية، فهو برأيي من الذين اخترقوا مكنونا. في عناوين موسيقاه كما في المضمون، يشعرك بموسيقاه أنه يحاكي هذا التجلي، يتجلى على هيئة شهوات متأتية من حالة طبيعية لمخزونه الثقافي، أوجدها لنفسه المناضلة المتأتية من سبيل إزاحة الظلم والإحتلال والإستعمار اليهودي عن أرض بلاده. وفضلا عما تقدم،  إن ألبومه الموسقي (أطفال قانا/الجليل) المملوء شعورا راقيا، يريدك المؤلف أن تعرف به في الحياة حبا يتعدى حد الشهوات إلى التأثير على مجرى الحياة نفسها، كأنك تخاله يحاكي غناء روحيا وغنى يخرج بالأنفس من دائرة الملذات إلى منفسح المنعشات الروحية.
 
في إحدى مقارناتي الموسيقية المتواضعة، لاحظت التماسا فادحا بين جيلين يتقاطعان، همهما لم يتغير ولم ينزاح، ارتبطا بفلسطين ولم ينفك كل منها عن مجاراتها بالحياة الحرة الجميلة، ذلك زادني إيمانا بقدرة الموسيقى الناعمة والثائرة التي لا تشعل حروبا عبثية، بل ترتقي بالأنفس نحو سموها الأعلى وتكون قادرة على صنع النصر، فكان أن حدث وارتفعت الأسماء برتقالا في سماء حيفا، والقدس، وبيت لحم، وبلا شك، في لبنان والشام، فكان وليم نصار سفيرا متكاملا لمدن الملح الواحدة، ليكتب اسمه مع أخرين كالثلاثي جبران، سيمون شاهين، سميح شقير، مارسيل خليفة. البلاد واسعة، تطول اللائحة أكثر بكثير، ولكن لا تصمد الموسيقى كثيرا، فليست كل الموسيقى موسيقى، بعضها يوقفك قليلا عن التنفس لتقول شكرا، أيها الإبداع.
 
لوليم نصار أول الغيث، سمعته ولم أتمالك ما بقي من سحر، (أطفال قانا / قانا الجليل)، إنتاج موسيقي لا يعرف المهادنة، ثائر في نبضه، توزعت مقطوعاته الموسيقية الجميلة على 13 فاصلا: الزعتر الأخضر، وداعا يا أبي، نبيذ قانا، نشيد الحب، الولد والجمل الأحمر، حضن ستي، نهر البارد، المسيح الكنعاني، أطفال قانا، إيل، مقاومة، إم سعد، إلى مريم.
 
 ما كان ليشدني إلى الكتابة عن هذا الإنتاج الموسيقي المبدع، ولو لم يكن كذلك حقا هو وليم نصار، ولا كان أخذني إلى سماعه ذلك التأني والهدوء. إذا، هو الغرق والدوار الذي تسحبك إليه المخيلة، فالألبوم هو إنجاز أكثر من رائع لوليم نصار، لا أدري إن كان عن قصد وتصميم قد وقع/أوقع الإختيار على هذا النوع من الموسيقى الساحرة والثائرة أو أنه وليد صدفة. شخصيا، أرجح أمر القصد، فالموسيقي نصار هو من رعيل النضال في صفوف جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، وينتمي إلى جيل سوري لا يقدس الصدفة بل يعمل لها باستدامة، بجد ونشاط. فعلا هي نهضة الحياة.
 
لم أستغرب عندما رافقناه يرفع الصوت عاليا في الذكرى ألـ 60 لإغتصاب فلسطين وإقامة الكيان الإستيطاني، فالموسيقار د. وليم نصار  رفض استلام جائزة مهرجان الموسيقى الإتنية في مقاطعة كيبيك/كندا وقيمتها ستون ألف دولار أميركي، إذ كان من المتوجب عليه مصافحة موسيقية صهيونية معروفة بعدائها الشديد لحقوق الشعب الفلسطيني تدعى (هيلاينا آنجل)، وقال الموسيقار مخاطبا لجنة المهرجان:" فلتقطع يدي ألف مرة قبل أن أصافح ممثلة دولة تحتل بلادنا وتقتل أطفالنا". وأضاف: "لا يشرفني أخذ جائزة على حساب محو ذاكرتنا ودمائنا". وأعتقد أنك أصبت ألف مرة.
 
 لا لن أعجب بعد الأن لسماعه، فلوليم نصار أول الغيث، تتساقط موسيقاه الحالمة في ثورتها، تتعمشق على سرب حمام، تجوب بك في مدارات الأمة المعذبة، العطشى إلى الحرية المطلقة. حقا، مداراته سائبة وعند حافة كل سطر منها، أو شطر يختار الإبداع لنفسه وترا، لا يعزف فقط، لا بل يكتب نهاية ما تدع حدا فاصلا للفاصلة، هي كالحياة تتدفق في ألقها المتأني، تبحث عن وطن لم يتعذب، وفي عذابه لم يترمد، ولا تدري أي فينيق ستنفض عن جناحيها هذي الفصول اللامتناهية.
 
 هو المجتمع معرفة والمعرفة قوة، كما قال المفكر أنطون سعادة، والموسيقار د. وليم نصار يجيد معرفة مذاق كراته الأرضية، السماوية في التجلي كالمسيح السوري/الكنعاني، إذ هي تسبح في التنوع الثائر نحو الحياة، حتى لا يخفى عليك أن الحياة وقفة عز عند أول قافية. لقد كان ألبومه الموسيقي يعكس صورة عن حياة مجتمع مشرقي كامل، وبقليل من التواضع، أعرف أنه كان محطة، ولن تكون الاخيرة للموسيقي نصار . ولكن، القمة لا تنتهي!! موسيقاه كالشعر في وحيها تنسال من عذابات عشاقها أو ترسمك في وجه الإله الذي أخذوه منك عنوة في بداية الحلم، فلذا سميت بالثائر، وأنت لست القادر على فك ألغازها، وقت لا تنفع البندقية، أو حينما لا تنفع أن تكون وحدها أداه صيد لأحلام الوطن الثمينة. أعتقد أن الموسيقى التي تجلت في ألبومه (أطفال قانا/الجليل) عندما تبدأ بالعزف نحو عريك، لا يعرف الله مداها أكثر منك، ويتساوى الوحي بين المتلقي وصاحب الدعوة، والنبوءة تأخذك إلى حيث يريد اللحن، ويبدأ الإبداع من هناك، وتبدأ أنت، من دفاترك المتشوقة للنصر، عدا ونقدا لتسجيل أول انتصاراتك الفاصلة.
 
في شتاء لا يعرفه إلا الأنقياء، هو الوطن أول الغيث، والموسيقى ترتيلة يندس كل منا في نوتاتها. يتسارق الساسة نبض حروفها، والشعراء بعض الأبجدية، وقد أهملوا لوليم نصار، سهوا، صفحة من البياض تتقافز الموسيقى لتكتب عليها مدائحا لعناوين شكلت انتصارا في التاريخ  وتتساوى فيها مع مفاهيم الحق والخير والجمال، ومع حياة أحلى من كل شيء أخر!! وبخفة العارف العاقل يدعوك وليم نصار، بتفاؤل ألا تقرأ ما كتبوا من شقوق الهزيمة.
 
دائما إلى الأمام، وشكرا لك د. وليم نصار، على إصدارك الموسيقي الذي يليق بمكتبة الوطن، وبذاكرة الأنقياء، واثقون نحن من إبداعك، ومن نجاحك، في وقت صارت رايات الشر والطغيان أكثر ارتفاعا، والقبح أعمى، ورائحة الخيانة العظمى تفوح من "شرم الشيخ" إلى "سعسع"، وفوق هوامش الخيانة العظمى، رأيت في إصدارك صورة حية متكاملة بالحياة لكل فلسطين من البحر إلى النهر، متلمعة فينا، تحضر نفسها للعيد، أليست هي بداية البدايات ووجع النهايات، الذي لا ينتهي حتى ينتصر فينا فن الحياة؟!! وليم، ألف شكرا، هلا دلني فيك على وطني كي أعرف أنه بالحبر، بالموسيقى، وبالبندقية التي لا تكفى وحدها، ينكسر الموت ويحلو الإنتصار.
 
نضال القادري
أوتاوا، كندا - في 21-12-2010

2
المرأة بين الواقع والمرتجى في النظام الأبوي البطريكي "دراسة مقارنة"

نضال القادري

يحكى دائما عن مكتسبات في مسيرة الحركة النسائية وعن القرب من تحقيق المساواة. إن فكرة مساواة المرأة مع الرجل طرحت لعقود طويلة بطريقة لا تخلو من غياب الجوهر الحقيقي للموضوع، ويستطيع الباحث أن يرصد الكثير من الأقاويل والقصص المثيرة للجدل للتدليل على قهر المجتمع بصورة عامة للمرأة. فعندما تتحدث أي امرأة عن ظلم الرجل لها، ومطالبتها بحقوقها، يشار دائماً إلى فكرة أن الرجل أقوى وأقدر على الحماية والولاية على كل ما يتحكم بتفاصيلها الصغيرة والكبيرة، رغم كل ما يقال من أن المرأة هي نصف المجتمع ليس قناعة منه بذلك بل فقط ليدغدغ عواطفها، ولينقلب إلى شخص أخر في موقع المدح المدفوع سلفا للإقتناص من معنوياتها في وقت لاحق، والسؤال الذي يطرح نفسه علينا بطريقة مستدركة: إذا كانت المرأة نصف المجتمع، فكيف يمكن أن يتطور نصف المجتمع ويبقى نصفه الآخر بدون تطور؟!
إن ما يقال عن تحقيق مكتسبات في تاريخ العلاقة بين الصنفين لهو لغو نسبي لا يتعدى أكثر من إحصاء بسيط ولا يطال نواحي الحياة الفعلية لهما ولا يدلك على المجرى الحقيقي الطبيعي للمنطلقات الإنسانية بينهما. فالمكتسبات النسائية هي هشة بطبيعتها في المجتمعات العربية، وهي تواجه أنواعا عدة من العقبات أهمها ما يعرف بالهجمة الذكورية، والردة الإيديولوجية للمكنون الديني الذي يقود المجتمع بطريقة "بطركية" كما يقول الباحث هشام شرابي في كتاباته. وفي هذا الجو المحموم من العلاقة، تتكرر الموضوعات المستعارة المستوردة في أغلبها من الغرب، ومن الولايات المتحدة خصوصا، ومفادها أن مستنصري التوجه النسائي يبالغون في تصوير المشهد الأولي لاضطهاد المرأة في مجتمعاتنا، وعمليا قد يكون انتهى إلى غير رجعة ذلك الزمن من التحرش الجنسي المستتر، وكذلك الاغتصاب بين الأزواج، والزواج بالإكراه كما كان ساريا من قبل في مجتمعاتنا العربية، إذ هناك بعض النساء ممن لا يستسلمن بسهولة لأي وسيلة إخضاعية، وهذا النموذج يتخذ خطوات أكثر جرأة تبدأ بالتمرد على التهميش العائلي والإستفراد في منزل أهلها وتنتهي بطلب الطلاق والإفتراق من الزوج الذي لا تحبه أو أجبرت على الزواج منه، ولكن ذلك لا يشكل البطولة ولا الإنصاف المنشود الذي تسعى لتحقيقه الحركات النسائية. ولا بد للمتسائل أن ينبري للتوقف عند ما يزعم أنه التحرر والافتراق والإنعتاق من واقع مرير، لكن عند بعض المجتمع أو بعض الأسر قد تأخذ هذه الصفة (التحرر والافتراق والإنعتاق) وتعطيها معان أخرى بعيدة كل البعد عن المعنى الأصلي للكلمة، فمجتمعاتنا تحكم على المرأة المطلقة بالموت المعنوي والدعائي، مهما كانت ظروف طلاقها وأيضا دون النظر إلى حالتها السابقة التي مرت بها، ومهما كانت معروفة أطباع وسوء الرجل الذي انفصلت عنه، فلا بد أن تكون المرأة هي المخطئة في مجتمعاتنا ويكون بذلك الرجل المتحكم بها دائما على حق مبين، هذا إذا لم يطعن الرجل وأسرته وأحلافه القبليين في أخلاقها وشرفها، وغالبا ما يحدث هذا.بصورة بشعة، تخلق من دون أدنى شك صورة معنوية هزيلة للمطلقة في مجتمع يحكمه الذكور المتشوقين إلى ضحية وأصنام الأعراف الماضية البائدة التى لا توفر من لا يعنيهم الأمر.
إن الردة الرجعية لبعض المفاصل في القوانين التي تتحكم في حياة المرأة التي أصابها القدر السيء، تضعنا أمام تحديات جمة، خصوصا إذا ما أصبحت وحدها تجابه الريح العاتية الأتية من كل حدب وصوب، والمثال الأتي يشهد ما أقوله عندما تكون العِصْمَة التي بيد الرجل أبدية حتى بعد الموت، إذ تتحول إلى سيف قهار بتار لا يرحم نساءنا في الشرق، فالمرأة مثلاً لا يجوز لها أن تكون وصية على أطفالها بعد وفاة زوجها، لا في مسألة تزويجهم أو إدخالهم إلى المدارس أو تسفيرهم إلى الخارج أو توريثهم شرعا، وتبقى الأرملة على الدوام بحاجة أو تحت رحمة أحد أقارب زوجها المتوفىّ من أصحاب الصفة القانونية لكي يشرف على معاملاتها التي تبقى دوماً أسيرة لموافقة أو لمزاج أولي الأمر. والسؤال يطرح نفسه من دون مقدمات تذكر: من ينصف المرأة؟! من يحاسب ظلاّم المرأة ويأخذ لها حقوقها الأساسية أو يحافظ على ما تبقى منها؟! هل نذهب كما قال البعض: "لا بد من أيجاد محكمة نسوية صرفة"، الحاكمة فيها امرأة عانت ما تعانيه النساء من ضروب الظلم المتعددة والتي قد تبدأ بالحرمان من التعليم ولا تنتهي فقط عند تلقي الضرب والإهانة على يد الأزواج؟! الجواب: لا، إن الأمر ليس كذلك، لا أعتقد ذلك على الإطلاق، ففاقد الأشياء لا يعطيها، وكيف به إذا صار متحكما ويريد أن يسترجع ما فقده منذ زمن بلحظة حياة واحدة. إن تطبيق القانون يجب أن يكون سيد المواقف، وإن أي تشكيل لمحكمة نسوية صرفة سيقلل من مصداقية أحكامها وقراراتها واجتهاداتها، وسينظر الرجال إلى هيكليتها من زاوية عنصرية فاقدة لكل ما تقوم به حتى ولو كانت درجات الإستئناف بها تأخذ حيزا كبيرا. إن الناظر في الأشياء يرى أن جهاز القضاء، على سبيل المثال في لبنان، قد أصبح يعج بالأسماء النسوية وأصبح عدد النساء في مهعد الدروس القضائية يشكل ما نسبته 80 % من عدد الطلاب المقبولين، مما طرح أكثر من علامة إستفهام وسؤال داخل الجسم القضائي وخارجه لمعالجة ما اعتبر مشكلة بين الجنسين، ولكن هذا لا ينتقص من قيمتهن أو كفاءتهن، إذ أكبر دليل على كفائتهن السيدة القاضية "ربيعة عماش قدورة" التي دخلت تاريخ الجسم القضائي في لبنان والدول العربية كأول قاضية تتولى مهام "مدعي عام تمييزي".. مثال أخر هو السيدة القاضية "تهاني الجبالي"، أول امرأة تعتلي عرش القضاء المصري من بنات حواء للفصل في القضايا بنص القانون وروح العدل، إن قلبها يتسع للدنيا كلها لتحسم الكثير من الجدل حول مدى أحقية وكفاءة المرأة في أن تحكم بين الناس وتحل مشاكلهم وتفصل في نزاعاتهم، ولم تقف عند هذا الحد، بل تم إنتخابها عضوة في المكتب الدائم لإتحاد المحامين العرب، لتصبح بذلك أول سيدة عربية تنتخب في هذا المستوى بالإتحاد منذ تأسيسه في عام 1944م. ولم تكن المرأة في سورية بعيدة عن سلطة العدل، إذ وصلت على سبيل إلى أعلى درجات القضاء حيث تتولى منصب النائب العام القاضية "غادة مراد" وهي سيدة من أكفأ النساء العاملات في مجال القانون وحكمت في العديد من قضايا الإعدام والإفلاس الشائكة.
منذ القدم، لا يزال المجتمع الذكوري مسيطرا، بالرغم مما قدمته المرأة على كل الأصعدة، في الحرب والسلم والهدنة، وللمتسائل أقول أنه لا يوجد نص قرآني يمنع تعيين المرأة في القضاء، وفي ذلك يقول الله في قرأنه الكريم: (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)، فقد أعطى الدين الإسلامي للمرأة حق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكما قال أيضا محمد رسول الله: "خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء"، حيث أعطى حق الإفتاء للسيدة عائشة والصحابي عمر بن الخطاب، وأعطى القضاء في السوق لامرأة تفصل فيما ينشب من مشاكل بين التجار. إن الظلم يقرّه ولاة المجتمع، ويدعمه الجهلة من أتباعه رغم كل الأقوال البائتة في عدم جوازه، وإن أي محكمة تطرح على بساط البحث يجب أن تحفظ إنسانية الإنسان بالدرجة الأولى وكرامة المرأة كونها إنسانا رقيقا، فهي الأم والأخت والبنت والخالة والعمة.. ومن يقبل العبودية لأهله والإهانة لأهله فهو ليس أهلا للشورى والولاية على كل أنواعها، إن المحاكم التي تقر بوجوب أن تصدر أحكام على العنصرية والتفرقة بين الجنسين مرحب بها من كثير من أبناء الشعب، والمحاكم ليست مشكورة من قبل الهيئات التي ترى أن النتائج هي عملية إنتقاص من صلاحيات يدعون ألوهيتها بطلانا ويعتبرون أن ما ألت إليه الأمور باطلا بطلانا تاما وبائنا. نعم، لمحكمة تأخذ لنا حقوقنا من مجتمع الرجعية والتخلف دون النظر للجنس واللون والطائفة والدين لكل من أطراف النزاع والدفاع والحكام، واقتراح تشجيع استخدام الآليات القضائية ‏مثل الطعن في الأحكام غير الدستورية واستخدام آليات العدالة الاجتماعية مثل ‏المحكمة الجنائية الدولية وحث الدول على المصادقة عليها.
إن النظرة إلى المجتمع الأبوي في العالم العربي بطريقة أحادية الجانب لا تخلو من العنصرية، لذلك يعتبر الخطأ والخطيئة فخاً واحدا منصوباً أمام الفتاة الشرقية في كل زمان ومكان، علماً بأن العلاقات الشبابية بين الذكور والإناث هي علاقات أُلفة ومحبة مشروعة ومتبادلة، ولذا ينبغي أن يكون الخطأ والخطيئة (الذنب) أيضاٌ متبادلاً، أي عندما يتم ارتكاب أية هفوة فإنّ على المجتمع محاسبة الطرفين على حدٍ سواء، لكن الذي يجري في العادة لا يعكس الصورة الحقيقية لمجريات الحدث، بل تُنْسَب أي غلطة إلى الفتاة وتعتبر خطيئة لا تغتفر إلاّ بغسل العار الذي يتم عادة بقتلها، أو إلزامها بالبقاء ضمن أربع جدران إلى أبد لا نعرفه غسلا لعار مزعوم لم ترتكبه، ويتبين من معاناة المرأة أنها لا تزال تحت قيد المعاناة، وإن إزالة هذه الحالة عنها لا تعني أن المساواة قد تحققت، حيث أننا نجد من بين كل عشر إناث تعرضت سبعة منهن للضرب في المغرب ووصلت النسبة في مصر إلى 25% وفي اليمن إلى64 % ، بالإضافة إلى جرائم الشرف التي تقع ضحيتها النساء بنسبة 59%، ويخطرني في ذلك، حادثة السيدة "رانيا الباز"، المذيعة السعودية التي تصدرت حادثة ضربها من قبل زوجها، السعودي أيضًا، عنوانين الصحف وأجندة الاعلام العربي والغربي في عام 2005 لمدة لا يستهان بها. وبهذا المعنى، فإن النساء سيشكلن أقلية حتى لو وصلت نسبتهن ديموغرافياً إلى 70% أو 80% في بعض البلدان العربية في ظل مجتمع "بطركي" أبوي سلطوي المنشأ والمجرى، هذا المنطق سيكرس ثقافة التلاوين والتمايزات وعدم قبول الآخر، ويمكن أن يؤسس لمثنويات جوهرية سلبية في المستقبل المنظور (أبيض/ أسود، لغة سيدة/ لغة مبتذلة)، وبالتالي فإن المثنوية الجوهرية (رجل / إمرأة) ستفسح في المجال لتلاوين عنصرية أخرى، وستزرع ثقافة أقل ما يقال فيها بأنها "مضطربة" في مكنوناتها.
وفي هذا المجال لا يسعني إلا أن أعبر عن تقديري لرهافة الكاتبة "سوسن العطار" عندما تكلمت عن زميلتها "أحلام مستغانمي" ناقدة لفكرها القصصي الذي لا يعبر عن مكنونات المرأة العربية في التحرر والسيادة والإستقلال، خصوصا عندما تقدم هذه الأخيرة منهما أشخاص نسائها في القصة: "هذه هي أحلام مستغانمي، تحبها النساء وينام على عبق رواياتها الرجال، تنتظرها بشغف وإعجاب المثقفات المتحررات/.. من الزوجة الخائنة إلى الزوجة التي تدري بخيانات زوجها وتصمت كأن ذلك أحد حقوقه، أو الزوجة الغبية التي لا تدري أصلا بخيانات زوجها، إلى الأم الأرملة التعسة الجاهلة والمطلقة المستسلمة.../ ثم تنبري الكاتبة "سوسن العطار" لزميلتها قائلة:"بصدق أنا أستمتع وأنا أقرأك، وسأحاول أن أعيد قراءتك لعلي أجد فيها مخفيا بين الشخوص، عن امرأة ما أو رجل ما، لا أريده / أريدها مثاليا، ولكن عاديا، يعيش لفكرة ما، لهدف ما إلى جانب غرائزه، ولا يستخدم سحر قضاياه ورومانسية عذاباته لتجميل غرائزه وجعلها أكثر إغراءا، الخيانة ليست فضيلة، الخيانة خيانة لوطن، لزوج، لصديق، فلا يتزوج أو يستمر في الزواج من لا يشعر أن الآخر صديقه وزوجه ووطنه".. إن الزواج ليس إنعتاقا من حالة يأس بالقوة إلى حالة يأس بالفعل، إن الزواج حالة حياة مثلى لنظام كوني مصغر يختبر الإنسان فيه مكنوناته الأولى تمهيدا لولوج نهائيات الكون في جمالياته الأخيرة. إن الزواج عمليا بالنسبة للفتاة هو إحدى الوسائل المساعدة لحصولها على جزء من حريتها بطريقة أو بأخرى، ويجب ألا يكون إستعمارا جديدا واستعبادا قبليا من الناحية الأسرية والعائلية، وكذلك السياسية أيضا. وإذا كان الذي يحصل لا يدل على ذلك، فإن الأخذ بنظام "الكوتا" في الممارسة السياسية لهو ضرورة ملحة على أن يكون ذلك إجراءاً مرحليا ليحمي المرأة من مجتمع يتحكم الذكور في صغائره وكبائره، وهذا النظام الحصصي تعمل به حوالي 75 دولة في كافة أنحاء العالم، وبالتالي سيكون ضرورة للتصدي للإتجاهات المحافظة والرجعية التي إرتفع صوتها، ومن هنا أستدرك السؤال لأقول: ألا يعتبر النضال من أجل إصدار قانون عصري للأحوال الشخصية من الأولويات النضال؟!!
بعد كل ما تقدم، أعتقد أن سبب تردي أوضاع المرأة في السياسة كمشروع نهضوي يرجع لأسباب جوهرية من أهمها عدم إنخراط المرأة في العمل السياسي لفترة من الزمن، وعدم وعي المرأة الناخبة لأهمية مشاركتها في الانتخابات، ولنقص موارد التمويل للحملات الانتخابية أو لتأثرها بقرار الرجل في اختيار المرشح أو لغياب المؤسسة النسائية المنظمة القادرة على تبني المرشحات من النساء ودعمهن. ومن هنا، إن الدعوة لضرورة التصديق على إتفاقية "سيداو" (إتفاق إلغاء كل أشكال التمييز ضد المرأة) هو ضربة تشريعية في محلها تسهم إلى حد كبير بوضع الأمور في نصابها الصحيح. وعند مناقشة هذه الحالة، تحضرني آراء النهضويين الذين عاشوا في بلاد الشام أمثال الأساتذة الكبار أحمد فارس الشدياق، وبطرس البستاني، وفرح أنطون، وأنطون سعادة، وكانت مذاهبهم أكثر تنورا ممن عاشوا في باقي العالم العربي، إلا أن تأثير أفكارهم لم يكن كافيا ورسوليا على ما يبدو لتغيير العقلية الذكورية المسيطرة على سكان البلاد، مرد ذلك لما شهدته بلادنا من قهر سياسي قضى على أفكار بعضهم واغتالها تحت ذرائع الإنفتاح الممنوع. ضف إلى ذلك، أن العمل على وقف بثّ الصورة السلبية للمرأة في وسائل الاعلام التي تمثّلها كجسد والعمل على إزالة تكريس الصورة النمطية للمرأة هو إنجاز في محله يرفع درجة احترامها ويعيد الكثير من صورتها المفقودة كوجه متكامل بكل أبعاده الإنسانية. وسأذكر على سبيل المثال، الوجه المتكامل للمراة التي جسدت صورة بلادي من الناحية الإعلامية السيدة "لبيبة هاشم" التي أصدرت في عام 1906 مجلة (فتاة الشرق)، والسيدة "ماري عجمي" التي أسست في عام 1910 مجلة (العروس)، وأسست جمعيات نسائية عدة للنضال ضد المستعمر العثماني، وقد اتضحت مسيرتها النضالية حين التقت بالمناضل "بترو باولي"، لكن الأتراك قبضوا عليه، وأعدم مع مجموعة الشهداء في 6 أيار، وبقيت وفية له ولم تتزوج أبدا، كما واجهت بدورها الاستعمار الفرنسي بذات الروح النضالية، ولم أنس السيدة "عادلة بيهم الجزائري" التي شاركت في النضال السياسي ضد قهر السلطة العثمانية، وحمت ورفيقاتها أناسا كثرا من أعواد مشانقهم. ولا يخفى من بعدها، دور المرأة السورية التي ازدادت وتعاظمت في السمو، إذ نالت حق المشاركة في الانتخاب عام 1949، وفي شباط 1958 تم تشكيل مجلس أمة موحد في سورية كان من بينهم امرأتان هما السيدة "جيهان موصللي" والسيدة "وداد أزهري". وفي التاريخ الحديث، كان على المرأة في بعض البلدان العربية أن تسلك طريقا يعتمد في بعض أدواره على الكفاءة أو المحسوبية/ أو التلطي تحت سقف العباءات السياسية أو الإقطاعية/ وإما الإختباء في سلالة المورثين في الحزب والدولة والجمعية ونوادي السياسة وكل ما إلى ذلك من أجل الوصول إلى المنال والمراد، وهذه الذهنية لم تشكل حتى الأن صورة مقنعة عن المرأة المستقلة بقرارها إستقلالا تاما يؤدي إلى أعتبارها نموذجا صحيحا للإقتداء به بين جمهور النساء. ولكن كلامي في ذلك، ليس للتقليل من أهميتها بل للتدليل على أسلوب وصولها إلى الأضواء في الأنظمة المركبة بطريقة مثيرة للجدل، وتحضرني الأسماء التالية كنماذج يمكن إسقاطها على ما تقدم: (ربيعة عماش قدورة، نضال الأشقر، أليسار سعادة، بشرى مسوح، هيام محسن، جولييت المير سعادة، بهية الحريري، غنوة جلول، مها الخوري أسعد، نائلة معوض، منى الهراوي، نعمت كنعان، ندى السردوك، منى فارس، بثينة شعبان، أسمى خضر، حنان عشراوي، توجان الفيصل.(
إن الصورة الوحيدة التي لا تزال عالقة في أذهاني هي صورة المراة المقاومة البطلة التي تخطت كل عرائض المطالبات بالمساواة، إن ما قدمته لهو زيادة فوق الزيادات، صورة تختلف عن التي طالبت بها المشاركات في "مؤتمر المرأة العربية" الذي أقيم في بيروت بعد التحرير، ولا أنكر حق المرأة التي طالبت الأحزاب والقوى السياسية والاتحادات النقابية بترشيحها وإدراجها داخل هيئاتها القيادية على اللوائح الانتخابية تحت نظام "كوتا" أو التي اقترحت في إطار تنظيم الاعلام والاعلان الانتخابيين على تصويب صورة المرأة في وسائل الاعلام، بل رأيت أن الصورة الصواب هي أن نضع فسيفساء الصمود والتحدي أمام مهزلة التخلف التي نجتهد منذ زمن لتصحيحها. إن النموذج الفريد والأوحد الذي يهز المشاعر هو الذي شهدناه بعدما إزاحت المشاركات في المؤتمر الستار عن نصب وجدارية «المرأة المقاومة» التي صممها الفنان "وجيه نحلة"، هذا الستار الذي أسدلت ليل ظلماته في النضال ضد اليهود، إبنة المفكر "أنطون سعادة" مؤسس الحزب السوري القومي الإجتماعي الشهيدة "سناء محيدلي" ورفيقات من بعدها على مذابح الحرية الحمراء، إن هذه الصورة ليست بحاجة لمن يجملها، إنها البداية والنهاية ومساواة للمعنى والمبنى، إنه وطنها الأرحب الذي لا نشكل كلنا إلا أطراف مجده الأتي.. وخير ما أسعدني في ذلك اليوم أيضا، ما تقدم به رئيس بلدية بيروت د. عبدالمنعم العريس عندما أتحف المشاركات بالقول:"كان أوج المجد الذي وصلت إليه المرأة، ارتقاؤها إلى مستوى المرأة المقاومة، وفي تجربتنا اللبنانية لم تكتف المرأة بدور المساندة لأعمال المقاومة، بل ذهبت إلى ممارسة المقاومة فعلا، وصولا إلى السيادة، وإننا إذ نزيح الستار عن نصب وجدارية المرأة المقاومة في قلب بيروت، نؤكد على معنى المقاومة التي انطلقت من بيروت في عام 1982، وجسدها الشهيد البطل خالد علوان".
حقا، لا مساواة إلا في محبة الوطن وفي الذود عن بتلاته، ولا تكتمل المكتسبات إلا للذين يحبون الحرية.


 -1- إن "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" في الديباجة التمهيدية يقر بما يلي: "إن الدول الأطراف في هذا العهد، ترى أن الإقرار بما لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة فيهم، ومن حقوق متساوية وثابتة، يشكل، وفقا للمبادئ المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة أساس الحرية والعدل والسلام في العالم، وإذ تقر بأن هذه الحقوق تنبثق من كرامة الإنسان الأصيلة فيه، وإذ تدرك أن السبيل الوحيد لتحقيق المثل الأعلى المتمثل، وفقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، في أن يكون البشر أحرارا، ومتمتعين بالحرية المدنية والسياسية ومتحررين من الخوف والفاقة، هو سبيل تهيئة الظروف لتمكين كل إنسان من التمتع بحقوقه المدنية والسياسية، وكذلك بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإذ تضع في اعتبارها ما على الدول، بمقتضى ميثاق الأمم المتحدة، من الالتزام بتعزيز الاحترام والمراعاة العالميين لحقوق الإنسان وحرياته، وإذ تدرك أن على الفرد، الذي تترتب عليه واجبات إزاء الأفراد الآخرين وإزاء الجماعة التي ينتمي إليها، مسئولية السعي إلى تعزيز ومراعاة الحقوق المعترف بها في هذا العهد".
 -2- إن المادة الرابعة من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" في فقرتها الأولى تقر بالأتي: "في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تتهدد حياة الأمة، والمعلن قيامها رسميا، يجوز للدول الأطراف في هذا العهد أن تتخذ، في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع، تدابير لا تتقيد بالالتزامات المترتبة عليها بمقتضى هذا العهد، شريطة عدم منافاة هذه التدابير للالتزامات الأخرى المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي وعدم انطوائها على تمييز يكون مبرره الوحيد هو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي".

نضال القادري
nidal@mediawebplus.com[/b][/size][/font]

3
هوامش فوق سياسات الجنون  (19)
على درب فلسطين
بقلم: نضال القادري*

إذا جئت بالأسباب التي أدت إلى فوز "حماس" محللا للنتيجة فهل يمكن أن نأخذ بأن الناخبين الفلسطينيين صوتوا ‏دعما لسياسات "حماس"؟ النتيجة ستأتي بحكما: (لا)، إن النتيجة هي رفض لفساد امتد منذ ما قبل "أوسلوا" بل يرجع إلى أزمنة (أيلول الأسود) حينما أطبقت "منظمة التحرير الفلسطينية" الخناق على مشروع تحرير فلسطين، فصار المشروع عملية موضعية تارة تمر في (جونية) وطورا في (بعبدا)، ورهابا لزعزعة أمن المملكة الأردنية بمعزل عن حسابات الأخرين.
ضف إلى ذلك، عدم فعالية "فتح" على الصعيد العقيدي إذ إن محاولة أن تستعيض عن المقاومة بالسلطة وبالإغراءات وبالصفقات وأن تستبدل جلدها الثوري بتنفيعات السلطة من أجل إرضاء جمهورها لم تكن مقامرة ناجعة.
وفي أزمنة البحبوحة وجوائز الترضية من كرم الفضلات الأمريكية و "حاتم طي الأوروبي" لم تكن مجموعة السماسرة المحيطة بالراحل ياسر عرفات إلا موشومة بالسوء من خلال الإدارة الجماعية للسلطة الفلسطينية و‏للمساعدات التي يمنحها المجتمع الدولي لغزة وللضفة الغربية، مما شكل معضلة أرخت شيئا من الطبقية والتفرقة والمحسوبية في المجتمع الفلسطيني الذي يعاني تحت قيود الإحتلال.‏

اليوم، بعد ما سمي بالزلزال الإنتخابي الذي أزاح حركة "فتح" عن عنق السلطة، ما هي معضلة حركة المقاومة الفلسطينية (حماس)؟ إن المعضلة التي تواجهها (حماس) اليوم هي كيف ستتعاطى مع ‏مسؤولياتها السياسية الداخلية وهي التي لم تمارس السلطة في ظل صراع الحيتان والأحجام.
وبالنسبة للغرب أو ما يصطلح به "السياسة الخارجية" فالكلام يكثر من الواجهة الإسرائيلية، فلا أحد يُمكنه التشكيك في شرعية إنتصار (حماس) من الناحية الإجرائية فهذه الإنتخابات أشرفت عليها للجنة الرباعية الممثلة بالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وروسيا والإتحاد الأوروبي، وكان الحديث الشاغل ليلة ما يسمي العرس الوطني الفلسطيني (ليلية الدخلة) بأن الحركة التي ستمثل أحلام وأمال الشعب الفلسطيني (حماس) هي غير قادرة على التواصل مع أهداف شعبها.
والسؤال المليوني الذي لا يمكن لأحد أن يتذاكى في الأجابة عليه أو يبقيه في خانة المجهول والإستدراك: هل ستُعدّل (حماس) ميثاقها التأسيسي وتعترف بحق"إسرائيل" ‏في الوجود كما عدلت "منظمة التحرير" ميثاقها فألغت كل البنود المتعلقة (بتدمير إسرائيل وإلغائها من الوجود)؟
أو بالأحرى هل ستتجرأ (حماس) على تعديل ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية فتتنصل من جميع إتفاقات أوسلو المذلة التي قال عنها منظروها وقت اشتدت أزمة المفاوضات للطرف الأسرائيلي المتعنت:" إن ما نقوم به لا يعد تنازلا من وجهة نطر شعبنا، إنه بمثابة الخيانة فلا تضعونا في زاوية مقعرة.."؟!
ويبقى السؤال الأخير في أجندة الأخرين:هل ستتخلى عن سياسة الهجمات "الانتحارية"؟ أم نحن أمام سياسة المقايضات أو الحرب بالواسطة، وستكون حماس (غير الإرهابية) مقبولة عندما تتبنى مشروعا إسلامويا على الطريقة الباكستانية أو التركية قبل الولوج في النفق الأخير..
حذار من حرب مقايضة الإرهاب بالإعتراف حتى لا تقود شعبها نحو العزلة، وربما العزلة على الطريقة الإيرانية، أو السورية نموذجا؟
من ناحيته، كتب محرّر الشؤون الدبلوماسية في صحيفة الـ"تايمز" ريتشارد بيستون مقالا ‏بعنوان: "لمَ يجب على المنتصرين أن يشكروا المساعدة الأميركية؟"‏ وقال بيستون إن على "حماس أن تفكر بالرئيس جورج بوش ـ أو ربما تصلي من أجله ـ ‏عندما تحلّل أسباب فوزها بالانتخابات.
فقد ساهم الرئيس الأميركي أكثر من أي شخص آخر ‏في جعل الإسلام السياسي حقيقة في الشرق الأوسط".
وأنا أقول بأن هذه الحقيقة (فوز حماس) التي فرضت نفسها ليست وليدة القناعة بأن المشروع هو مشروعها بل لأن المنطقة العربية بأكملها والهلال السوري الخصيب خصوصا سيكون حافلا بالمناسبات الطائفية والتقاتل العشائري نتيجة النظريات الأمريكية في إدارة عملية الصراع بطرق إنشطارية مما ولد حلولا مقابلة بالطرق الإنشطارية العامودية ذاتها، إن لعبه الأمم تقوم على الحق وعلى القوة أيضا، ولكن لن يصلح من بعده رعيان الزمن الأتي وجهود كل المنظمات العالمية ما أفسده العطار الأمريكي!!
الخلاصة: على حماس (المنظمة الإرهابية  في القاموس الأمريكي) أن تختار ما بين شكلين للحياة: المقاومة أو الإرهاب..
وعند الجلوس على الطاولة ليس المهم أن تكون الطاولة مستديرة أو مستطيلة، أو تفرض حماس لونها الحركي فوق شكل هذه الطاولة.. على حماس ألا تفاوض أو تدخل في أي هدنة طويلة كما صرح السيد محمود الزهار عندما قدم عرضا مغريا بأن الهدنة "قد تمتد إلى 10 سنوات"!!
على حماس ألا تخون تاريخها :"من البحر إلى النهر"، فلسطين لا تنتظر إلا سواعد من يحيي مشروعها ويبقيه على قيد الصراع فوق أنقاض "أوسلو".
إن مشروع التحرر الوطني الفلسطيني برسم الإجابة وليس برسم الهدنة!! وأنت أيها الفلسطيني لا تنزع كوفيتك وردد شعارك المؤجل بأحلام القيامة: (سيف فلسطين أنا لا أنحني تعبا.. إلا لعينين أنسى فيهما التعبا).
نضال القادري
nidalkadri@hotmail.com[/b][/size][/font]

4
هوامش فوق سياسات الجنون (18)
بقلم: نضال القادري*

أقزام غووغل:

من هو الفائز؟! هل هي فلسطين؟ إنتخابات حرة ونزيهة وعادلة وشريفة في زمن البنج "الإسرائيلي"!! هادئة كشارون في العشر الأخير أعاده الله لجميع محبي السلام.. أمـ ـ ـين!! (وأيضا نحن في مدينة السلام نصلي لأجلك المبين).
ما استلفت انتباهي هو أن هناك محللون ومحلحلون ومراكز دراسات استراتيجية وإستفتاءات لم تلحظ علو الجدار في غزة والضفة بل أسمى معاني "ديمقراطية" السردين.. فهل من يدلنا في الزمن اللعين على طريق إلى القدس لا تمر في "جونية"، ولا تمر في جيوب المتعبين؟! هل من يدلنا على إسمنت من اللحم والدم المؤجل على درب فلسطين حتى نجتر من الحياة ومن المحبة ما ترك المسيح!!
القضية لا تزال تراوح مكانها في انتظار الموت المؤجل، أما العرب: كوما ـ كديما وإلى ربك لراجعون!!!

لقد صرح أحد أعضاء الوفد الفلسطيني في الوفد المفاوض في محادثات أوسلو في إحدى المرات حين تعقّدت المفاوضات، ووصلت إلى طريق مسدود في لحظة من لحظات الحقيقة:"إنّ ما نقدّمه من تنازلات هنا للإسرائيليين يُعدّ خيانة وطنيّة في نظر شعبنا"./ وهو كذلك.

وبالمناسبة، أنا عاتب على الكتاب الذين لا يجيدون البحث والقراءة، وعاتب أيضا على كل المحركات بمن فيهم الأمبراطور "غووغل" لأننا نحن أيضا كشعب نملك حقيقة إضافية لم يرد ذكرها في محرك الأقزام ألا وهي:"فن المتاجرة الكبير: بالعار وبالمحار وبالدولار، وأيضا بالكبار". إنتهى العتب المرفوع، والرزق على الله!!!

زجل علماني:

لابس عباءة الزير مصطفى طلاس الشامية السوبر وزير سليمان فرنجية يتقدم بمبادرة على إثر خروج سمير جعجع من السجن لإقامة جبهة مسيحية للحفاظ على المسيحيين في لبنان (العربشكي السيد الحر المستقل)!! طبعا رفض الحكيم، وكان حكيما برفضه ليس لأن الطرح السياسي كان طائفيا بل لأن كتلة النواب المسيحيين هي في يد العماد ميشال عون الذي يدعي بدوره أنه علماني ويحمل لواء الإصلاح!! وهنا العلمانية العونية لا تختلف عن علمانية المير الديمقراطية (إجر متروكة عند دروز البياضة والأخرى متحركة حسب أهوائه الإنتخابية).
المير بدوره قبل الإنتخابات النيابية عام 2005 أنشأ هيئة طوارئ إنقاذية في جبل لبنان الجنوبي مع الوزيرين وئام وهاب ومحمود عبدالخالق كان هدفها المناورة، وباعهم بعدها مع الهيئة (بفرنك) من أجل عيون الجنرال مقابل أن يركب على لائحة التسونامي الإنتخابية بعدما فشلت مفاوضات العماد مع سيد دروز المختارة على توزيع الحصص والمقاعد مما جعل الساحة معبدة لأن يطلق الجنرال تلاميذه وجها لوجه مع تلميذي المختارة الشاطر غازي وأبو "جاعور" على أن يبدأ عرض حلقات الشتائم ونشر الغسيل الوسخ بالجملة إلى حد لا يستطيع معه السفير الأمريكي أن يوقف الحملة!!
ماذا لو اتفق المزاج العوني مع تؤامه الجنبلاطي المجنون على محور كرسي الرئاسة من خلال صفقة ثنائية؟ .. سيقال للحكيم عندها (خليك بالبيت) ـ وعذرا من الصديق زاهي وهبي ـ إذ إنني شخصيا لا أستبعد أن يبيع الجنرال حزب الله (بفرنك) بعد الإستحقاق الرئاسي، وبرأيي لن يتجرأ أي حزب في لبنان، بإستثناء حزبي الشيوعي اللبناني والسوري القومي الإجتماعي، على إلغاء ذهنية التفكير الطائفي وحيادية المشروع العلماني وعدم مقايضته، ومن المرجح أن أي من السيناريوهات لحفلة إنتخابية لبنانية (حتى وإن كانت فرعية) بذاتها ستكون كفيلة بحدها الأدنى من أن ينفلت الجنرال التسونامي كما البيك الإشتراكي ليمسكا العصا كل من موقعه بحسب مصالحه وحده وليس حسبما تقتضيه "علمانية" حزبه المزعزم!!

ميشال عون يؤكد في معرض هجومه على الحكومة السنيورية على أنه:"أقرب الى حزب الله لا سيما في مسائل الإصلاح الداخلي والمقابر الجماعية (غامزا من نافذه خصمه في الإستحقاق الإنتخابي سمير جعجع)، مشدداً على إيجاد حل داخلي للقرار 1559 لا تلبية ما يريده الخارج، منتقداً تعهدات البعض للجهات الخارجية (بأنه يستطيع أن يحمل خمسة أطنان وهو لا يستطيع حمل خمسة كيلوغرامات)".
المحبة ليست يسوعية في كل الأحيان (دام ظلها)، وعلى هامش التقاذف بالمحبة والحوار في لبنان لا يسعني إلا أن أعبر عن بشاعة المشهد الذي سينكسر على رأس المقاومة، السيناريو في هوامشي ينضح:لا أدري كما سيصبر العماد على حمل البحصة التي في فمه!! هل سيبلعها التنين جوعا؟! أم سيبصقها غدرا في عيون المقاومين (لا عجل الله..) قبل أن تتكسر أحلامه السبعينية عند أبواب قصر الشعب الكئيب؟! إن غدا لناظره لقريب.
*نضال القادري ـ كاتب قومي إجتماعي، مقيم في كندا
nidalkadri@hotmail.com[/b][/size][/font]

5
هوامش فوق سياسات الجنون*(17)

بقلم: نضال القادري

تاريخ بالصدفة:

نحن مغبونون. لماذا نحن بممغبونين؟ لا أدري. ولماذا دائما نحن محكومين بقدرية الغبن؟! لا أدري.
نحن الذين بلانا الله بولادة طبيعية على أرض قال الأجداد أنها لنا، فأكلنا من لبنها وعسلها وفومها وبصلها بناء لرغبة أجدادنا الذين ولدوا على أديمها، وخلد العرق المتصبب من جباههم أطياف أشجارها العارمة بالعز والعنفوان. نحن هنا، كنا هنا، ولدنا هنا، سنموت هنا،  سنشرد هنا، سنقهر هنا، سنموت جوعا هنا، سنحيا هنا.. لا فرق بين الموت والحياة والفراغ والعدم. فالعبث حياة، والعيش حياة، والفراغ حياة، والقهر حياة.. ذلك أن الوطن هو الحياة وأنت فيه عضو عامل من أجل أن تحيا الحياة.
نحن مغبونون. لماذا نحن بممغبونين؟ لا أدري. ولماذا نحن محكومين بالغبن؟! لا أدري.
نحن الذين أورقت خيالاتنا رسل محبة وسلام لكل الدنى، فردت لنا وديعة الشر القابعة في نفوس مجوس الأرض وحي الفرقة والتقسيم فأمعن وحي سايكس وإبن جيرانه بيكو بما أوتيا من قوة التنكيل في حديقة بيتنا ومائدتنا الواحدة وفراشنا الواحد، حتى صرنا نأكل لحم بعضنا وزوادة أهلنا ونلعن تاريخنا الواحد وجسدنا الواحد وإلهنا الواحد، ونعبد ألهة من شمع وماء، ونقمع تحت شمس الله أهلنا بكوابيس بواسطة أناس يشبهون أجسادنا ويتقاسمون ملح جبالنا الواحدة ويستظلون بسماء بحرنا الأزرق. هذا هو تاريخنا المجيد.. التاريخ يعيد بكارته متى يشاء، وحقده متى يشاء، ويلعن عيد ميلاده وضيوفه متى يشاء، ويلعن زواره بالعناوين وبالأرقام وبالأسماء، لكنه لا يتوقف!! هكذا علمني الدرس الأول في التاريخ، فأوحى لي بأني موجود بالصدفة وأعيش بالصدفة وسأقتل بنيران صديقة بالصدفة، لذلك أنا كثير الحذر من الأصدقاء ومن صدقتهم بالصدفة.. نحن مغبونون من الدرجة الأخيرة في الزمن الأخير، فاخبروا ما تبقى ومن بقي بأننا سندخل في الريخ الأخير من البداءة، وسفر البدانة الأخير من موتنا، فأرجوكم أن نعلن، ولمرة واحدة، في وقفة عز واحدة، فن الحياة فوق صفحات الغباء!!!   


أنفلوانزا الثعالب:

توالت على بلادي المصائب بالجملة كما بالمفرق الممل منذ بدء الخليقة وحتى مولد قدرنا الأبرص الذي نعيشة مع ميليس كما مع من سبقه بالوكالة ومن سيخلفه بالأصالة!! ومن خلال خبرتي بالعقوق الوطنية المؤدية للحياة الكريمة للحيوانات الداجنة، وبحقوق الأنسان المكرسة وعقوق الحيوانات الزاحفة أيضا، يتبادر إلى ذهني أن ليست ظاهرة إنفلونزا الدجاج التي تجتاح الهلال السوري الخصيب في هذه الأيام وجواره القريب بمرض خطير وسلبي يهدد حياة أهلنا وشعوبنا بالقدر الذي تهابه السلطات المختصة في بلاد الموز (السيدة الحرة المستقلة)، فمنذ متى كان الدجاج يميت أهله الطيبين حينما الثعالب التي تأكل الدجاج لا تتعب ولا تموت، بل لا تتوب عن أكل الدجاج ولا تتورع إلا بنصيحة العناكب الأمريكية؟! ففي بلادي، كل يوم ألف ذئب والف وزير ونائب ومحتال وسمسار يقامر بقوت الشعب المسكين، هذا العتال مثله كمثل أهل جلدته لا يقوى على الوقوف بوجه الريح ولا يقوى على الأنحاء لتنحسر العاصفة!! في بلادي من يجيز في كل يوم قتل ألف مسيح؟! ومن يجيز للحياة أن تزف على ذمة البقاء في كل يوم ألف كسيح؟! من يقوى أن ينام هنئيا ويقبع نصف الوطن في أقبية الجلادين وهي تستضيف زوارا على مدار الساعة من دون قرائن؟! من؟! من؟! ونصفا أخر تحت جزمات العسكر الذي يسكر ما بين النهرين؟! من يقوى من بين الزعران أن يغدر بالشعب المقاوم ليجلس على رقبة الوطن الجريح مستحكما بزمان ليس زمانه وبأهل لا يشبهونه وبحق القوة لا بقوة الحق؟! 
بذريعة أني إنسان، بل إن شئت قل حيوان ـ لا فرق ـ فأنا أقول أن (من حقي أن أعرف) ففي النهاية هناك حق مكرس بدساتير حقوق الإنسان والرفق بالحيوان، وإذا لم تتوفر المؤهلات اللازمة لي، فعندها (من حقي أن أتعلم) ألم يقل (وقل رب زدني علما)، وبالمناسبة (كي لا ننسى) عندما قتل رفيق الحريري كنا نعرف أنه لن يكون الأخير، وما كانت من قبله الدنيا بألف خير، ووعدنا الأشرار الذين لوثوا بجزماتهم أرض الرافدين أن الدنيا ستقوم ولن تقعد ليس حبا بصدام أو كما يقول السكرجيون في قهوة أبو العبد البيروتي (كرمال عيون المدام)!! على فكرة، نفسه، أبو العبد البيروتي وكل الماكينة الإنتخابية، تعرف الحقيقة، وكل زبائن المحل، وسائق التاكسي المرابض عند زاوية المحلة، الذي يجتاحني بزموره ويتجنى بدوره على عزيمتي لأركب إلى جانبه وأغرق بضجيج بيروت، ليحط بأقدامي أمام كلية الحقوق في الصنانع، وقبل أن أدفع له 1000 (ألف ليرة لبنانية، فينيقية، أرامية، أو حتى شيكل لا فرق) يبادرني قائلا:( الله يرحموا) مع الترجومة الرنانة: "بيروت.. مدينة عريقة للمستقبل"/ وأنا أعرف.. أي مستقبل، ونحن لا نهنأ أكل الدجاج (الوطني) وحتى المهرب من أقرب الحدود!! أي مستقبل ونحن لا نحسن فن الحوار ولا نجيد إلا لوم الدجاج لمروره صدفة أمام الثعالب المتهالكة جوعا لضحية لم تولد بعد!! وقبل أن تخطو قدمي لأجتاز الشارع الرئيسي لأدخل كليتي (الحقوق) يأتي الأمر من ضابط في أحد أجهزة الجوع الوطني ليأمرني بالتوقف مع حركة السير المتوقفة فجأة لحين مرور موكب فخامة السفير الأميركي في دولتي الكريمة، طبعا أنا أحتكم لأمره ويمر الكابوس (بخير إن شاء الله وما باليد حيلة)، وعند الباب الخارجي للجامعة يبادرني شاب (يساري) ببيان يوزعه كغيره على الطلاب مفاده: "إعتبر رياض الترك أن "الخارج" أقام الدنيا وأقعدها ردا على جريمة قتل الحريري، ونحن بدورنا نستنكرها، لكن ما قيمة هذه الجريمة، وما تلاها من جرائم، أمام جريمة إبادة 30 ألف مواطن في مدينة حماه، هذه الإبادة الجماعية لم تكلف الولايات المتحدة في حينه أكثر من سطرين ونصف إحتجاجا، فأين الحريات؟ إنها مسألة تناقض سياسات وتناقض مصالح قبل أن تكون مسألة حريات وحقوق إنسان "مطالبا" قوى المعارضة السورية بالإدراك أن الخارج لن ينجدها، لأن مصالحه مع الأنظمة أقوى من مصالحه معها.. عندها عرفت كم بيروت هي متناقضة بدورها وتحرك بـ "الريموت كونترول" بعدما رأيت أبو العبد البيروتي وشوفور التاكسي وضابط الجوع وموكب السفير فخامته تتحرك بحرية ولا يكتب في الصحف إزعاجا من الظاهرة أيضا إلا سطرين من أقلام يشهد لأصحابها بأنهم من بقايا "المغضوب عليهم ولا الضالين"!! وعرفت كم دمشق ستكون متناقضة أيضا، وقرأت في العين السادسة بأن ليس عبد الحليم خدام كان وحده خائنا، مرئيا كان عبد الحليم خدام، وخائنا للمستقبل بين بقايا أترابه الغارقين في (القمامة)، فمن ذا الذي سيكون خائنا في المستقبل؟! إننا يا دمشق ننتظر الجواب!!

نضال القادري، كاتب قومي إجتماعي
nidalkadri@hotmail.com[/b][/size][/font]

6

هوامش فوق سياسات الجنون (13)



بقلم: نضال القادري


الماسونية.. الكيل بمكيالين

عقدت المحافل الماسونية في "شرق كنعان"، أي في المنطقة 351 أو فيما يعرف بسورية الطبيعية إصطلاحا، إجتماعاً إستثنائياً أدانت فيه، (كما ورد حرفيا في النص):"عملية الاغتيال التي تعرض لها الشهيد الصحافي النائب جبران تويني وأنها تدين الأعمال الإجرامية التي تحصل في لبنان كما أنها تؤيد طلب لبنان بإنشاء محكمة دولية وستطلب من المحافل العالمية دعم الأمم المتحدة لإنشاء هذه المحكمة بأسرع وقت ممكن. وبهذه المناسبة الحزينة قررت محافل "شرق كنعان" إقفال أبوابها لمدة أسبوع حداداً على فقيدها الغالي.
كم كنت أتمنى أن يكون الماسونيون ومنهم جبران تويني أكثر دقة في تصويب بنادقهم أو في تصويب "أقلامهم" (إنها أدق لغويا وبنيويا لعدم جواز الإستعارة هنا كونهم لا يتعاطون الأعمال العسكرية والإرهابية ولا يتدخلون في السياسة). وأسأل هل تدمير مخيم جنين في قلسطين المحتلة لا يستأهل بيانا من هؤلاء ليدين الإحتلال الإسرائيلي للأراضي التابعة لمحفلهم المقدس "محفل القدس" الذي عرف أيضا بمحفل "نجمة سورية" أو المنطقة 351، ألا يجدر بهم بأن يكونوا أكثر موضوعية ومساواة وحقا للشعوب التي يدعون تمثيلها وشرف العمل لأجلها؟! هل إن إسرائيل جمعية خيرية لا يطالبون المحافل العالمية بدعم الأمم المتحدة لإنشاء محكمة، بأسرع وقت ممكن مثلا، لإزالة الإحتلال من الجولان أو لتنفيذ القرار 425 أو لتطبيق قرار حق العودة الدولي (181)، أو لإزالة الإحتلال عن مدينة السلام (القدس)، أو للإعتراض الشكلي على بناء الجدار العنصري العازل في فلسطين؟! أين عدم التدخل في السياسة؟

هذا كله يحصل على دور "دولة جبران" و "جمهورية المونتيفردي" رغم ما تؤكِّده "دساتير أندرسُن" الماسونية، التي اشترطت اشتراطًا واضحًا عدم تدخُّل المحافل بالسياسة ظاهريا فقط، وأصرَّتْ على ضرورة أن يكون " الماسوني في الواقع تابعًا مسالمًا في كلِّ ما يتعلق بالسلطات المدنية، أينما كان مقرُّ إقامته أو عمله؛ وبالتالي، لا يُفترَض أن يتورط على الإطلاق في أية مؤامرة أو تآمر يمسُّ سلامة الأمة ورفاهيتها، ولا أن يتصرف بشكل غير لائق تجاه الحكام التابعين". وختاما لا يسعني إلا أن أعرب عن شكري لكل من حارب هذه الجمعية الخطيرة وحظر على الدخول فيها وأخص الحزب الشيوعي الروسي عام 1923 والحزب السوري القومي الإجتماعي وقادة الحركة التصحيحية في سورية عام 1965 إذ حُظِرَت الماسونية رسميًّا في سورية بموجب الأمرين العرفيين رقم 25، تاريخ 10 آب 1965، القاضي بـ".. إلغاء الجمعية الماسونية المسماة بالمحفل الأكبر السوري العربي والمحافل التابعة له في جميع أنحاء القطر العربي السوري، إن وُجِدَتْ. ويُحظَر على المؤسِّسين المنتسبين القيام بأيِّ نشاط لصالح الجمعية، وتُختَم بالشمع الأحمر، وتصفَّى موجوداتُها من قبل لجان وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ويلاحَق المخالِفون أمام المحكمة العسكرية المختصة، لإجراء محاكمتهم بجرائم الانتساب إلى جمعية ذات طابع دولي..."، ورقم 26، القاضي بـ"... إلغاء أندية الروتاري الدولي في دمشق وحلب وحمص وفي جميع أنحاء القطر العربي السوري، إن وُجِدَتْ".

أيها البناؤون الأحرار في جمهورية المونتيفردي، الرسالة وصلت.. لقد سقط القناع، وتم دحركم خارج الهيكل فلا تدخلوا علينا من الشبابيك الخلفية!!!

السيستاني.. ونشيد القبيلة
القائمة (555) المستقلة، هي ماركة سيستانية مسجلة لدى من يهمه الأمر، فهي تارة تدعي أنها شيعية بامتياز فوق كل الشيعة، وستكتسح العلمانيين "الكفرة" وستعيد سيادة وهيبة مسلوبة، فهي تدعي بأنها مدعومة من المرجعية الدينية، وتارة بأنها مستقلة، ولكن إذا كانت شيعية فذلك يؤكد أنها ليست وطنية شاملة، وإذا كانت مستقلة فما هو جدوى أن تكون كذلك وما هو دور المرجعية فيها؟! والسؤال هو عن من هذه اللائحة هي مستقلة؟! عن الشعب أم عن الشيعة أم عن السنة أم عن الإحتلال الذي لا تدعي شرف مقاومته؟! لقد بدأت الحملات الدعائية حول هذه اللائحة والرقم (555) المقدس. إن اللائحة تدخل في تسميات وهرطقات زالت منذ القرن الخامس عشر وأصبحت بالية جدا.. يقودني ذلك لأقول أن الدجل والشعوذة والضحك على ذقون الأبرياء من أبناء العراق بات الخبز اليومي للسلطة الدينية المتحكمة بأرزاق وأعناق الناس أجمعين. إن السلطة البطركية الأبوية الديكتاتورية العليا تستغبي الشعب لصالح رجال الدين الذين أكل الدهر من هالتهم وقوتهم الجسدية والتفكيرية.. هذه الوقاحة والإختزالات العقلية يجب أن تزول مع تطبيق لخط العلمانية الواقعي الذي يلبي حاجات الشعوب دون التوغل في التنظير.
لقد أصاب الائتلاف العراقي الشيعي الموحد بتصدع نتيجة الأداء الضعيف لحكومته الحالية خاصة بعد إنسحاب شخصيات فاعلة منه، واكتشاف معتقل سري في بغداد تجري فيه عمليات تعذيب، يحوي على 6000 عراقي، البعض منهم بريء من دون تهمة تذكر لكن تم احتجازه بناء لدسائس مصدرها عملاء الإحتلال. واللافت بأن المرجعية بدأت تغيير موقفها فبل الإنتخاب بقليل خوفا من خسارة الائتلاف لهذه الانتخابات فبدأت بإصدار تعليمات تحث العراقيين على التصويت لصالحها، ونشير إلى أن نجل السيستاني وهو الناطق باسمه ومبلغ تعليماته أكد خلال اجتماعه بوكلاء المرجع الاعلى (وكلاء أبيه) على ضرورة التركيز على ثلاث نقاط هي: أولا: يجب المشاركة بكثافة في الإنتخابات المقبلة. ثانيا: لا يجوز إنتخاب القوائم العلمانية ولا الصغيرة لأن ذلك سيشتت الأصوات وإن كان أهلها من المؤمنين. ثالثا: دعم قائمة الائتلاف العراقي الموحد. 
إن عدم تضمين هذه التوصيات في أوراق مكتوبة قيل عنه:"لكي لا يفهم موقف المرجعية الدينية على أنه تدخل في الإنتخابات" خشية من استخدام أي وثيقة مكتوبة قد تتسرب إلى الصحافة ضد المرجعية واتهامها بالإنحياز لفريق إنتخابي معين أو التشجيع على الطائفية...
العراق!! سيتلو نشيد القبيلة بـ 99.99 %.. وعن الإنتخابات، دامت الإنتخابات عامرة في دياركم المقدسة، سيستاني أون لين و (555) بعيون الخاسرين!!!
الحكمة.. ومشيخة العقل

السيد العميد عصام أبو زكي يستفز المعارضين لقانون تنظيم الأوقاف داخل طائفته الدرزية في لبنان ـ هذا الموعود جنبلاطيا بأن يكون على متنها ومن ركاب مواقعها الجدد ـ بما لا يصدقه غبي أحمق في الطائفة وبما لا يتحمله أمي أخر في باقي الطوائف!! يقول للمعارضين:"إن القانون يلغي دور رجال الدين ومشيخة العقل لمصلحة المجلس المذهبي.. فلتقرأ الناس القانون أولاً. لا يجوز أن نعترض على شيء قبل أن نقرأ. الشيخ (غيث) لم يقرأه وكذلك (طلال أرسلان) بعد أن سمعت كلامه في مؤتمره الصحافي منذ يومين (10/12/2005). الإطلاع عليه يبين لهم أين كنا وأين سنصبح. لم يكن هناك مجلس مذهبي، اليوم سنصل الى مجلس منتخب يترأسه شيخ عقل وله صلاحيات مهمة، خلقنا من المشيخة والمجلس مؤسسة، وليس شيخ عقل فقط، ومن بعده:(عمرو ما يكون دروز)".

طبعا الحكمة في مشروع القانون الجديد مأخوذة ومستنسخة من أروقة ودهاليز الحزب التقدمي الإشتراكي ولقائه الديمقراطي أيضا، لأنه هناك تراتبية في هذه الأروقة (وما حدا بياكل راس حدا)، والبيك إبن أبيه لا يتدخل في أعمال المؤسستين، وشفافية الأعضاء في المؤسستين أيضا شفافة وعلى خير ما يرام. بدوري ككاتب، لا أريد التدخل في الدين أو خلطه بالسياسة أكثر، ولكن لا يسعني إلا أن أؤكد بالعقل _ الذي هو الشرع الأعلى _ حرصي على إستمرارية مؤسسة الموحدين الدروز متوجسا خوف العقلاء من بيع الأوقاف مع المؤسسة والمجلس المذهبي والمولود الجديد (شيخ العقل) للبيك التقدمي الذي يختزل كل شيء محاضرا بالعفاف وبالجريمة التشريعية الجديدة، مرغما خصومه الموحدين، الأطهار والأشرار، على ترداد المثل الإنكليزي الذي يقول:"عندما تكون الحماقة نعيما، من الغباء أن تكون حكيما"!!!

نضال القادري – كندا
nidalkadri@hotmail.com


7
هوامش فوق سياسات الجنون
بقلم: نضال القادري
إعلان مجاني:
أعلن مجلس الكنائس في السويد عن عرض عدد من الكنائس في البلاد للبيع أو للتأجير نظرا لعدم قدرة المجلس على تغطية مصاريفها وذلك بعد القرار الذي اتخذ بفصل الكنيسة عن الدولة (فصل الدين عن الدولة) منذ خمس سنوات. ويقول رئيس مجلس الكنائس "يوهان ترونبلاد" في بيان له أنه بعد الفصل فإن السويديين الذين تركوا عضويتهم في الكنيسة وصل عددهم إلى 250 ألف نسمة مما جعل دخل الكنيسة السنوي لا يتجاوز (مليار كرونة = 120 مليون دولار أميركي)، ولذلك فإن 12 كنيسة خلال الخمس السنوات الماضية تم إغلاقها...
وأشارت الكنيسة في بيانها أيضا أنها أجرت عددا من الكنائس ولكن ترفض تأجير الكنيسة أو بيعها الى جهات قد تستخدمها كبيوت للدعارة أو ملاهي ليلية.
نحن في لبنان، بكل تواضع أيضا، على شفير وشخير الإفلاس ونريد أن نؤجر ما بقي من لبنان تحت عنوان "الخصخصة"، ولكن أيضا نرفض التأجير أو البيع الى جهات قد تستخدمها كبيوت للدعارة أو ملاهي ليلية لأن المؤسسات المحلية أصبحت كلها في حالة دعر حتى الذعر!!
بصفتي أحمل جواز سفر لبناني لمدة خمس سنوات قابلة للتمديد والتجديد وممهور من اللواء جميل السيد، سأسمح لنفسي بأن أتقدم، ولو لمرة واحدة، من مجلس "الأمة اللبنانية" بإقتراح معجل مكرر لتأجير مبنى البرلمان اللبناني حتى لا نتمادى في الدعارة بكافة أشكالها التشريعية والرقابية والسياسية والفكرية والمالية بعدما انتقلت الأغلبية البرلمانية الفائزة بفلوس "سعد" إلى باريس.
وتتمة لا نمانع بأن يستأجر برلماننا أو يستملكه لبنانيون مقيمون في فرنسا لأسباب شخصية أو أمنية أو لسبب مستجد:"شرعي وضروري ومؤقت"، ذلك أن هذه الدعارة ليست سرية وتتم فوق رؤوس الأشهاد "وعلى عينك يا تاجر" كما يقول المثل. نحن بانتظار الزبائن!!
رئاسة ومناقصة:
إنقطعت أخبار ثورةالبلوط وأبو أرز وحراسه العتاعيت، كما غابت أحاديث الجنرال وأزلامه العلمانيين عن "المعلقات السبع": إرسال الجيش إلى الجنوب، وسحب سلاح المخيمات الفلسطينية، وحزب الله، بما فيها عودة "أهلنا" وأحباؤه من "إسرائل" الذين رحلوا مع الإحتلال نتيجة تقصير الدولة عن تقديم الخدمات لهم إبان موسم السياحة "الإسرائيلية في دولة الأرز التي دام ظلها الميمون من عام 1978 وحتى العام 2000.
كما تسارعت أبيات الدجل والغزل التي يرتجلها في صالونات حزب الله وحركة أمل لتأخذ حيزا كبيرا من تفكير أخصامه، مساحي الجوخ، التي أرجح بقاءها حتى الرمق الأخير من ولاية فخامة إميل لحود.
كذلك فإن أخبار "الحكيم"، سمير جعجع، لم تعد قواتية بحته، فهي ذات بعد مسيحي عام هذه المرة، وتبشر بإنقراض المسيحين من لبنان عن الخريطة السياسية كما الديمغرافية إذا بقي إميل لحود متشبثا بكرسي الرئاسة الأولى على حد زعمه الكبير، وباتت النصائح الحكيمة والعظات الرنانة والغيرة على مصلحة البلد تزن جملا من ذهب، وتبقى الحسرة على من ذهب..
والذين لا يحق لهم الكلام، على اختلاف قناديلهم، يسجلون سمفونية الكسوف الضروري والشرعي والمؤقت، الذي ربما سيدوم إلى أجل لا يعرفه إلا المخابرجي أولا، والمقرب من وليد بيك ثانيا، والذي يأتيه الوحي من عنده ثالثا والراسخون في العلم " أخيرا.. علم السفارات لا المخابرات السورية هذه المرة..
وحاصل القول على هامش هذه الحدوثات السخيفة بين "الجنرال" و "الحكيم": ستجني براقش ما زرعتة يداها وفوهها ما نفخ، وبصراحة كالمعتاد (بدها قرعة مته عن روح المقاومة وكاسك يا بيك). وبالمناسبة، أنا في هذه المناقصة لا أطلب شيئا لنفسي.. والعياذ بالله!!!
كذابون بلا حدود:
صرح وزير الخارجية البريطاني الكذاب جاك سترو أنه "سيفاجأ جدا" إن لم تصدر الامم المتحدة قرارا يطالب سوريا بالتعاون مع التحقيق الدولي في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. وقال سترو لاذاعة بي بي سي: "سأفاجأ جدا إن لم نتوصل الى قرار بغالبية كبيرة"، وعلى سؤال أخر أضاف الكذاب أنه من المهم عدم تدخل أي دولة في مجلس الأمن بعمل اللجنة الدولية التي يترأسها القاضي الألماني ديتليف ميليس مؤكدا أن الهدف من القرار هو جعل المحقق الألماني يعمل باستقلالية وحرية لإكمال تحقيقه.
كنت أتابعه مباشرة، أعجبني الكلام وأضفى على مزاعمي المجلدة هامشا من حرية التفكير المحزن، وجعلني أهدس بأن رئيس الجمهورية العربية السورية سيستقيل تجاوبا مع مبادرة رياض الترك المفرطة من الخجل على قاعدة:"ليتسلم رئيس البرلمان الرئاسة موقتا حسب الدستور كمرحلة انتقالية باتجاه انتخابات حرة".
فيما رد وزير الخارجية السوري فاروق الشرع على الكذاب المذكور اعلاه بأن اتهامات لدول وقعت في ذات الكمين يجب أن تعامل كضحية كسوريا، وأنه يمكن أن توجه إلى الحكومة الاميركية في هجمات الحادي عشر من أيلول 2001، وللحكومة الاسبانية عن تفجيرات مدريد في أذار 2003، وللحكومة البريطانية عن الهجمات على وسائل النقل المشترك في تموز 2005 إتهامات مماثلة.
فما كان من سترو إلا أن رد بقوة قائلا "اذا كنت تلمح الى أن ما حدث في 11 ايلول والثالث من أذار والسابع من تموز حصل بموافقة حكومات الولايات المتحدة وأسبانيا والمملكة المتحدة فأظن أن عليك أن تقول ذلك وإلا فإن مقارنتك لا قيمة لها بتاتا".
برأيي كان على فاروق الشرع أن يقولها بوقاحة أكبر حتى لا ينزاح تفكير جاك سترو عن تأويلها أكثر. وعن الكذابين، سنقولها لكل الناس، ليس دفاعا عن الأسد، ولكن عن البلد وأهل البلد وأوادم البلد، أنني أكثر ميلا إلى الكذب من قول الحق متى كان وطني على حق، ومتى كان الحق سيقتل فينا كل يوم ألف مسيح!!
ولكن لأصدقاء جاك سترو في الداخل السوري نقول: للكذب قيمة معنوية حينما تموت الضحية ولا يبقى من وجه الجلاد سوى دموع تتضرج على قبر الوطن.. عندها سيكون سؤالي على قبر الوطن: لمن ستعطى الحرية؟ ولا من سامع ولا مجيب!!

نضال القادري
nidalkadri@hotmail.com[/b][/size][/font]

صفحات: [1]