ankawa

المنتدى الثقافي => أدب => الموضوع حرر بواسطة: نمرود قاشا في 11:24 16/03/2022

العنوان: شاكر مجيد سيفو ، ترنيمة حزن
أرسل بواسطة: نمرود قاشا في 11:24 16/03/2022
شاكر مجيد سيفو ، ترنيمة حزن
( الكلمة التي القيتها في الامسية الاستذكارية التي اقمها اتحاد ادباء نينوى في 15 أذار 2-22 للشاعر شاكر سيفو )
( لو متنا كلنا ، دفعة واحدة ،  من سيدق ناقوس رحيلنا ،  ومن سيشيعنا ،  ومن سيدفننا ،  ومن سيبكينا ،  ومن سيعزينا ،  ومن سيوارينا التفاح ) هذا مقطع من احدى قصائد سيفو ، اليست ترنيمة حزن مرمية في طريق موحش شح عدد سالكيه .
في بغديدي التي احبها بعشق جنوني ، أبصر النور في محلة مرحانا قبل سبعة وستين عاما ، قضى طفولته قريباً من جدّه الذي كان، مثلما روى في بعض حواراته الصحافية، حكواتياً ومغنّياً بارعاً، يقصُّ عليه في كلّ ليلة حكايات تراثية كان  لها، لاحقاً، أثرٌ على تجربته الشعرية التي يبرز فيها توظيفه للرمز والأسطورة ونهْله من الموروث الرافديني بشكل عام، والسرياني بشكل خاصّ.
شاكر مجيد سيفو ، الطالب في ثانوية قره قوش مطلع السبعينات ، تعرفت عليه من خلال النشرات الجدارية التي كانت تصدر وهي محملة بخواطر كنا نسميها قصائد ، بهموم الوطن ، وثورة الشباب حينها حالمين بدخول  عالم الادب الذي رسم خطواته الاولى شاعرنا الكبير ابن الموصل ( معد الجبوري )الذي كانت ثانوية قره قوش أول محطة في حياته المهنية بعد تخرجه من جامعة بغداد  ، وكانت اغلب نشرات الثانوية تحمل نصا له ، وحينها صدرت مجلة ( الكلمة ) بنسخة واحدة مكتوبة بخط الطالب صلاح ججي عولو واشراف مدرس اللغة العربية المرحوم معد الجبوري ، وقد صدر منها اربعة أعداد ، كنا خمسة  أساسيين نشارك في تحريرها  اضافة الى اخرين  : شاكر سيفو ، زهير بردى ، هيثم بردى ، بهنام عطالله ونمرود قاشا .
في تلك الفترة – مطلع السبعينات – بدأنا بالنشر في الصحف والمجلات العراقية والتي كان عددها لا يتجاوز اصابع اليد الواحدة ، ورغم الضوابط الصارمة التي كانت تضعها امام الناشر ، وظلت الشعرية تلهث وراء انزياحات الصورة لتؤكد بناء خطواتها الأساسية على عمارة اللغة وأساطينها وسحرها وتاريخها الايقوني والحلمي, فمن الحلم تنهض شعرية الأشياء .
شاكر سيفو ... خيمة متنقلة ، تحرص على استضافة كل من سحبت منه اجازة الاقامة في وطن الشعراء ، فهو الباحث دوماً في أزقة بغديدي ودربونات الموصل  بغداد عن  اصدقاء منفيين مزقت الغربة قمصان انتمائهم  ، فالأدب خيمة لم تثقبها رياح الاصطفافات والاجندات والتكتلات ، لان الادب العراقي الخالص يمتد عمقاً من سومر وآشور وبابل ، متجلياً وشامخاً حد اللحظة ، ومن خلال خطوات بحثه تلك نصل نحن ايضاً الى مناطق اشتغال لم نكن لنعرفها لولا كساء هذا السرياني المجنون برائحة الوطن .
وفي انتقالاته لم يترك ( سيفو ) بقعة يابسة الا وترك فيها اثراً يتبعه ،  وفي خلجته المخبأة ابداً بين سنديانة واخرى نجد احلام الفقراء تتحول الى نوتة شعرية ترسمها انامل سيفو بحرفة المتيقن من قطرات مطره ، فهو ومن خلال انثيالات روحه يضمد العثرات بأكمام قصائده ، ويرش عليها ماء السعادة الذي يحمله بدلو الصدق .
وبعد عقدَين ونصف من الكتابة بالعربية، اتّجه الشاعر الراحل إلى الكتابة بالسريانية - لغته الأُمّ؛ وهي تجرُبةٌ يقول عنها، في حوارٍ صحافي سابق: "كان عليّ الذهاب بها إلى أقصى تخومها المستقبلية لكتابة الذات بلغة الأم"، مُضيفاً: "لا توجد تقاطُعات في تجربتي الشعرية العربية والسريانية، بل هناك تلاصُق وتلاحُم والتئام بينهما، فالمخيّلة تشتغل في منطقة الشعري الخالص الجوهري، واللغة العربية والسريانية من أرومة واحدة وأصل واحد".
رحم الله فقيدنا شاكر سيفو ، وباقة ورد لاتحاد الجواهري الكبير وأدباء الموصل والمكتب السرياني لاتحاد الادباء وهم يكرمون الحرف من خلال رموزه .