1
المنبر الحر / توحيد ولا تفكيك المقطورة !
« في: 17:21 13/10/2017 »توحيد ولا تفكيك المقطورة !
برئاسة البطريرك مار لويس ساكو عقد في بداية شهر تشرين الأول في مدينة روما عاصمة ايطاليا سينودس أساقفة الكنيسة الكلدانية ، وفي الختام صدر بيان ونشر عبر وسائل الاعلام المختلفة ومنها موقع عنكاوا كوم الألكتروني بتاريخ 9 تشرين الاول 2017 وفي الرابط ادناه :http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,855753.0.html
شخصيا كنت أتأمل بالإضافة الى اهداف السينودس اللاهوتية والإيمانية والكنسية الخاصة بين المسئولين اصحاب الشأن، ان أقرأ شيئا يخص الرعية المهجرة الهاربة من بطش داعش المتواجدة في الأردن ولبنان وفي تركيا منذ أكثر من ثلاث سنوات وثلاثة أشهر، ولو بكلمة مؤاساة وعزاء يخفف معاناتهم يبرر اهماله في تركهم كل هذه المدة بين انياب الظروف القاهرة وقسوة الزمن الجائر، كلمة من أعلى مسئول روحي تكون بلسما للروح تطيب مرارة غربتهم وانتظارهم المميت، من المسئول الذي يفترض ان يتحمل المسؤولية التاريخية والدينية والممثل المفروض ان يكون الراعي الصالح الباحث عن حال خرافه المنتشرة في هذه الدول ، عدا حال بقية الرعية المستقرة المتواجدة في اوروبا وأمريكا واستراليا التي تشكل الاغلبية من تعداد رعيته التابعين للكنيسة الكلدانية، وإنما ما جاء في البيان الذي علقت عليه في احد المواقع للتواصل الاجتماعي (فيسبوك) بأنه : ــ بيان مخجل ، اضعت وقتي في قراءته ــ
جل ما جاء ان سيادة البطريرك يناشد رعيته البعيدة عن بابل كبعد الارض عن الشمس، ويخص بالذات المتواجدين في ارض اشور شمال العراق الواقع تحت سيطرة الأكراد ، يناشدهم ويطالبهم بالحفاظ على اسم الكلدان وهو يعلم جيدا لا يوجد نفر واحد من رعيته يسكن في بابل او في اور الكلدانية وما حولها ، ويطالب حكومة الأكراد الى تفكيك الارتباط القطاري لاسم الكلدان المدون في دستور الاقليم المرتبط مع الاسم الاشوري والسرياني، ويتناسى او ينسى ان الذين معه في المقطورة هم من نفس دينه ولهم نفس لغة الصلاة والعادات والتقاليد والتراث للتاريخ المشترك الواحد ، واعتقد لو كان معه في المقطورة من غير دين وقومية وجنس لما كان يطلب الانفصال والتنافر ، لكان يناشد ويدعي بالإخوة والإنسانية والتعايش السلمي والمصير الواحد المشترك ..
دائما كان مثل هذا الواقع المخجل والحقيقة التاريخية المرة في نهج قادة الكنيسة الشرقية تحديدا تجاه مؤمنيها منذ بدء انشقاقاتهم اللاهوتية ابتداءا بمؤتمرهم الاول في بداية القرن الرابع الميلادي الذي لم يكن حبا وتقربا لله وللمسيح الفادي الراعي الصالح المتواضع ، ولكن كما اتضح من عديد مؤتمراتهم اللاحقة وفرزتها السنين والحياة والنتائج فيما بعد ولا زالت ، كان حبهم للسلطة الارضية والصراع على الزعامة وعلى الكرسي والصولجان ، والكارثة كانت انعكاساتها سلبا على المعنيين مستغلين الرعية المسكينة المنقادة خلفها والمطيعة لها بسبب تعلقها وإيمانها الديني السماوي بحيث اهملوا حقوقهم الارضية والإنسانية والحياتية، ومن وراء صراعات القادة الدينيين فيما بينهم وتعدد الانشقاقات والتقسيم بالجسد الواحد وبتأثير سياسة الخنوع والخضوع خسرنا كل شيء ولم يبقى لنا لا وطن ولا ارض تجمعنا في بابل او في اور غير الاطلال المكتشفة بين الفترة والأخرى ، وبدلا من ان يفكروا ويهتموا بأمورهم الدينية والإيمانية لشعبهم الذي في اغلبه منتشر في القارات ، خرجوا بقرار التمسك بالاسم الكلداني لرعيتهم المتواجدة على ارض اشور الاسم الذي يثير الشيطان النائم في نفوسهم المريضة بحيث يدعمون الغريب ولا يذكروا سلبياته او ينتقدوه بشيء رغم تجاوزاته المستمرة واحتلاله للقرى والأراضي وتسلطه بكل شيء تقريبا، وإنما يحاربون اخوتهم في الايمان واللسان والتاريخ الواحد الموحد .
اخيرا خرجوا من السينودس من كوكب الرومان بعد عناء سفر وتكلفة نقل ومصاريف الاقامة والطعام لكي يصرحوا من هناك علنا بان الاسم الاشوري أو الاسم السرياني ضمن المقطورة العرجاء في دستور الوطن وخاصة في الاقليم لا يعنيهم، بل يطالبون حكومة الاقليم بفك ترابط الاسم الكلدان من المقطورة (الكلدان السريان الآشوريّون) التي بالكاد تجد سكة وارض صحيحة تقبلها، كان المفترض ان يوحدوا الاسماء ودمجها في اسم واحد يخص عربة واحدة كبيرة قوية متماسكة تسير بثبات على سكة الزمن الصعب الذي ذكروه بقلق كبير لأوضاع البلد السياسية المتزامنة مع ازمة اقليم كردستان ورغبته في الاستقلال (وكأن الاقليم كان محتل ويريد الاستقلال، أي لم يذكروا كلمة الانفصال الذي سيقود الى تجزئة الوطن، وأن أول الخاسرين في التجزئة والتقسيم سيصيب رعيتهم الموزعة بين الجنوب والوسط وفي الشمال الاشوري !) ..
سؤال اطرحه وأهمس في اذن كل مسئول كلداني : ما هو موقع وحقوق شعبكم السياسية والقومية وهو يتواجد خارج العراق وبعيد عن ارض بابل حقوقه الحقيقية التاريخية فيما اذا اصبحت الدولة الكردية واقع ومعترف بها عالميا !؟
واجزم اذا يوما نالوا الكلدان حقوقهم القومية في امريكا او اوروبا أو في استراليا ، فلن ينالوها من دولة الاكراد القادمة، لان اغلب الكلدان سيتحولوا الى قومية كردية مسيحي، ولن يقبلوا ان يكونوا اشوريين أصحاب الارض والحضارة، وهذا هو مخطط لاجتماع السادة في روما تمهيدا لهذا الاجراء في مستقبل المنطقة القادم كرها للاسم الاشوري ( وما تأييد المطارنة ولهفتهم على الاستفتاء على قيام دولة قومية كردية على اراضيهم ارض الاشوريين خير دليل)، واعتقد لو انهم صرحوا في بيانهم بأنهم اكراد مسيحيين لكان أجرا امام رعيتهم، وتأجيلهم هذا الأمر لكي لا يخسروا رد فعل الكثيرين من الكلدان الغيورين المغرور بهم الى ان تحين الساعة ويصبحوا تحت الامر الواقع ، ولكن بعد فوات الاوان سيكون حالهم لا يختلف عن الذي يسكن في النمسا او كندا او استراليا وفي باقي دول العالم (لاجئ أو مستشرق في دولة كردية كحال المغترب في الدول الغربية) ...
بالمناسبة اطرح مسألة ربما يتغافل عنها البعض عن حقيقة الانتماء القومي وخاصة لعدم وجود وثيقة رسمية مكتوبة لأنه لم يسبق ان جرى جرد او احصاء كنسي او وطني حكومي يبين هوية او انتماء الفرد القومي وخاصة عدد الكلدان او الاشوريون او السريان تعدادهم القومي وليس الطائفي الكنسي، علما ان في التعدادات السكانية الماضية التي جرت في العراق وأتذكر جيدا تعداد عام ١٩٧٧ في زمن البعث العربي، كانت الكنيسة الكلدانية تدعوا اتباعها ان يسجلوا في حقل القومية بالعربية ، ولا زال لحد اليوم الكثير منهم يؤمن ولا يتخلى عن ذلك، مع حبي واعتزازي الكبيرين بالقومية العربية العراقية التي تتشارك معنا عبر التاريخ المشترك في كثير من الخصائص والعلاقات البشرية والاجتماعية والحضارية وتتقارب جذورنا التاريخية المشتركة العميقة المتغلغلة في التاريخ وجغرافية الشرق عموما والعراق خاصة ..
يخطئ او يتوهم من يعتقد ان الانتماء الديني او المذهبي له علاقة بالقومية ، فالمسيحية ومذاهبها وطوائفها وكنائسها توجد في اغلب قوميات الارض . اي ان الذي ينتمي الى الكنيسة الانجيلية التي ولدت في انكلترا ليس بالضرورة ان يكون انكليزيا او اسكتلنديا او عربيا او هنديا و.. الخ ، وبالتأكيد لأن الانجيلية ليست قومية ، وكذلك ايضا الكنيسة الكاثوليكية ، وهذا ينطبق ايضا على الكنيسة الكلدانية وكذلك الكنيسة الاشورية لان فيهما من ينتمي من القومية العربية والهندية والكردية وغيرها بالإضافة الى الاشورية والكلدانية ..
اقترح على رئاسة الكنيسة الكلدانية اجراء استبيان لمعرفة تعداد قومية اتباعها ورعيتها المنتشرة والمسجلة لدى كنائس ابرشياتها في دول العالم ، وأن يشترطوا على رعاياهم اما الكلدانية او الانتقال يعني الطرد والتحول الى احدى كنائس الرب الأخرى ، لتصبح الكنيسة الكلدانية خاصة لقومية الكلدان فقط !!
اتمنى للكنيسة الكلدانية الخير والامان وأن نقرأ في ختام السينودس القادم بيان التوحيد بين الكنائس وانتخاب رئيس كنيسة شرقية واحدة وان تقف على مسافة واحدة بين البشر عموما وتكون عون لمؤمنيها في الشؤون الدنيوية المدنية خارج لعبة السياسة والاقتصاد ..
ــــ زاهر دودا / 12 تشرين الاول 2017