"
إسمعوا أقوالهم ولا تفعلوا أفعالهم .." (متى: 23 : 2-3)
.....................
الموضوع هو جزء من كتاب "الآشوريون بعد سقوط نينوى" للمؤرّخ الآشوري وليم وردة، ويمكن الحصول على الكتاب بالإنكليزية عبر الرابط التالي :
http://www.amazon.com/dp/0615756905/ref=cm_sw_su_dpولد وليم م. وردة في ايران، هاجر الى الولايات المتحدة الامريكية لاكمال دراسته وعاش هناك منذ حينها. لديه الكثير من الابحاث التي تخص التاريخ القديم للاشوريين بعد سقوط نينوى، وكذلك تاريخ الاشوريين المسيحيين. كتب العشرات من المقالات حول هذين الموضوعين والتي نشرت في الاصدارات الاشورية وعلى صفحات الانترنت ايضاً. في عام 2003 أسس موقع
www.christiansofiraq.com لجذب انتباه العالم حول ما يتعرض له مسيحيو العراق من اضطهاد وارهاب على يد الاسلاميين. تبوأ منصب رئيس وعضو رئاسة الجمعية الامريكية الاشورية في جنوب كاليفورنيا.
التراث الآشوري في الكنيسة السريانية الأرثوذكسية
ترجمة: د. شمائيل قره داغي
تشهد الوثائق التاريخية باللغة السريانية كلمة الحق بشأن التراث الآشوري في الكنيسة الآرثوذكسية السريانية. وجاءت كتابات الأسقف الكلداني آدي شير متوافقة مع ما ذكره الباطريرك ميخائيل الكبير (1126 ـ 1199) باطريرك الكنيسة السورية الأرثوذوكسية في ان الإغريق آذوا اليعاقبة في النصف الأول من القرن التاسع للميلاد. وقد دوّن ما يلي:
"يفتقر مذهبكم السرياني الى الأهمية ويفتقر الى الشرف الرفيع Honour, حيث إنكم لم تقُم لكم مملكة على الإطلاق, ولم يكن لكم أبداً ملك شريف Honourable King”"
وقد أجاب اليعاقبة بان الإسم الذي تم إطلاقه عليهم أي (سريان Syrian) حتى لو جاء بهذا اللفظ فإنه في أصله (آشوريون Assyrians) وهم قوم كان لهم ملوك عديدون من ذوي الشرف الرفيع.
ويتفق هذا القول مع الخطاب الآشوري المعاصر الحالي الذي يرى ان هذه الألفاظ (سريان, سوريويي) إنما تنطبق بدلالتها على معنى (الآشوريين).
وأضاف قائلاً:
"تقع سوريا في غرب الفرات وسكانها يتحدثون بلغتنا الآرامية ويطلق عليهم اسم (السريان) وإنما هم يمثلون جزءاً من "الكل", اما الجزء الآخر الذي كان في الجانب الشرقي من نهر الفرات التابع الى فارس كان لهم ملوك عدّة من بلاد آشور Assyria وبابل Babylon و اورهاي Urhay."
ومن الواضح ان الإغريق كانوا يوجهون تعليقاتهم لليعاقبة في سوريا ولهذا السبب فإن الباطريرك ميخائيل ميّزهم عن اولئك الذين كانوا يعيشون على الجهة الشرقية من الفرات. ولقد أضاف مستطرداً:
"ان الآشوريين هم الذين أطلق الإغريق عليهم لفظ السريان. وهم ذاتهم الآشوريون بأنفسهم, واعنى بذلك إن الآشوريين هم الذين من آشور اي الذين شيدوا مدينة نينوى. وهذا يتفق مع معاصره كوركيس أربيلايا [أي الذي من أربيل] وآخرين سبقوه وآخرين جاؤوا بعده, وهؤلاء أجمعوا على تعريف شعبهم بلفظ (الآشوريين) و (البابليين)."
لقد حدث خلال حياة مار ميخائيل وفي الأعوام ما بين 1160 و 1170 أن قام جون اوف ورزبرغ بزيارة القدس وأشار الى المسيحيين الناطقين بالسريانية في تلك المدينة بصفة (الآشوريين). لقد كان في المدينة المذكورة النساطرة كما كان فيها اليعاقبة بالإضافة الى الآخرين في تلك المدينة. وهذا هو ما قام بتدوينه: "بالنسبة للآشوريين [وهم المسيحيون المحليون السوريون] فإن آباءهم كانوا من استوطن تلك البلاد منذُ الاضطهاد الأول.
وهم يقولون ان بعد جمعة آلام ربنا المسيح After our Lord's passion". فإن هذه المدينة تم احتلالها وتخريبها سبع مرات, وشمل التدمير كافة الكنائس, إلا إنها لم يتم تسويتها بالكامل مع سطح الأرض.
وهنالك وثائق لاحقة تُبرز هوية الكنيسة الأرثوذكسية السريانية والاعضاء المنتمين لها بصفتهم آشوريين منذ ما قبل القرن التاسع عشر. وعندما قام السلطان محمد الثاني بسنّ تشريع لتنظيم الملل, فإنه قام بتعيين باطريرك الأرمن بصفة رأس الملّة. ولقد تم منحه السلطة على الطوائف المسيحية الأخرى ومن بينهم "الغَجَر Gypsise والآشوريون Assyrian والطائفة المونوفيزية Monophy sites التي تقطن في سوريا وفي مصر وطائفة مسيحيي البوغوميل Bogomil في بلاد البوسنة", وتم لاحقاً الاعتراف بكل من هذه المجتمعات بصفة ملّة مستقلة عن الأرمن.
وعندما زار هوراشيو ساونكايت مجتمعات الطائفة الأرثوذكسية السريانية في تركيا عام 1843، فإنه لاحظ ان أهل هذه الطائفة يشيرون الى انفسهم بصفة الآشوريين وبلفظ (سوريويي أوتورويى Suryoye Othoroye) ودوّن ذلك كله كاتباً ما يلي:
"بدأت بالإستقصاء والاستفهام عن السريان SYRIANS. ولقد أخبرني الناس هناك لهم اكثر من مائة عائلة في بلدة خاربوت, وإن لهم قرية يقطنونها في السهل. ولاحظت ان الأرمن لا يعرفونهم تحت المُسمى الذي كنتُ استعمله (السرياني SYRIANI) بل كانوا يطلقون عليهم تسمية آسوري ASSOURI والتي ادركت لدى سماعي لها فوراً مدى قربها من اللفظ الانجليزي لإسم (ASSYRIANS) الآشوريين. لقد صعقتني هذه الكلمة منذ لحظة سماعي لها لأنها شبيهة جداً بالاسم الإنجليزي لدينا وهو (ASSYRIANS) أي الآشوريون. وهذا هو الأصل الذي يقولون إنهم ينتسبون إليه. وهم يقولون أيضاً انهم أولاد آشور, أي آسور (ASSUR) ASSOUR الذي من تلك الأرض خرج الى آشور وبنى نينوى ورحبوت وكالح ورسن التي بين نينوى وكالح وهي المدينة العظمية (الكتاب المقدس سفر التكوين الاصحاح العاشر الآية 11 الى نهاية الآية 12)".
اما الاسقف الانجليكاني اوزوالد هـ . بيري فلقد زار مجتمع السريان الارثوذكس بناء على دعوة الباطريرك مار اغناطيوس بطرس الثالث, وقد جاء هذا في كتاب تم نشره عام 1895 بعنوان (ستة أشهر في أحد الأديرة السريانية), ويذكر في كتابه ان عبارة (سرياني) يتم تداولها بالملول ذاته لعبارة Assyrian (آشوري) أي ان كلاّ منهما يستعاض به عن الآخر Used interchangeably. وذلك من قبل ابناء الكنيسة اليعقوبية, وبعد وقوع المذابح في عام 1895 و 1896 فلقد هاجر عددٌ ضخم من الآشوريين تاركين تركيا بإتجاه الولايات النتحدة الأميريكية حيث أسسوا الكنائس و أقاموا المؤسسات مثل (رابطة الرعاية الآشورية The Assyrian Benefit Association) وتارخ تأسيسها يرجع للعام 1897 على يد الدكتور أبراهام ك. يوسف في مدينة ورستر, وكذلك (الرابطة القومية الآشورية للمدارس في اميركا/ او الرابطة الوطنية الآشورية للمدارس في أميركا) ولقد تمت إعادة تسميتها لاحقاً تحت عنوان (الرابطة الآشورية لملاجئ الأيتام والمدارس في أميركا).
وبناءاً على أقوال القنصل الفرنسي, فإن شيخ زيلان Sheikh of Zeilan سيئ الصيت, هو الذي كان مسؤولاً عن التحريض الجماعي في بلدة ساسون عام 1894 وهو الذي اشترك في وضع الخطط لتنفيذ المذابح. وخلال حصول المجزرة, إلتجأ الى دار القنصلية الفرنسية عدد يقدر ما بين خمسمائة الى سبعمائة أرمني وآشوري. ولقد كانت دار القنصلية الفرنسية تقع عملياً تحت الحصار.
الحقيقة هي ان اعضاء الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية كانوا يرون انفسهم آشوريين وهذا واضح في كتاباتهم التي قدمها أدباؤهم مثل نعوم فائق (شباط 1868 ـ توفي في الخامس من شباط عام 1930)
وهذان أنموذجان من قصائده:
{إنهض يا إبن بلاد آشور إنهض!
إنهض يا إبن آشور إنهض!
إنهض وانظر كيف تنّور العالم!
ان الفرصة تفلت من أيدينا
والوقت يجري مسرعاً
إنهض يا إبن آشور!
إنهض في الثأر ستلوذ لاجئاً
وإن لم ينهض المرء فإننا سنكون قد فقدنا فرصتنا
فبغياب الهدف, ستحل الكارثة على أرضنا}.
قصيدة الوطن: للشاعر نعوم فائق
{أتحولت قلوبنا الى حجر؟
أفتحولت قلوبنا الى حديد؟
أم هل ترى أصيبت أعيننا بالعمى؟
فليتدفق دمنا الأحمر القاني
ولتخفق قلوبنا الصامتة
وليقل الشباب الآشوري دوماً}
"أفلا يزال هناك من الكوارث مالم يحل بنا بعد؟ منذ اللحظة التي جئنا بها لهذا العالم "
من الميلاد الى الممات
يستعذر علينا ان نبعد وطننا عن أذهاننا
أمنيتي الوحيدة من الرب, ألاّ ياخذ روحي (أنْ يمد في عمري) حتى اراك يا وطني!}.
وعندما سافر المطران أبرم برصوم الى مؤتمر السلام في باريس عام 1920 للتباحث في الالتماس الذي رفعه الأرثوذكس السريان فإنه قد عرّف أبناء كنيسته بلفظ (الآشوريين) ASSYRIAN
هذا نص الالتماس الذي قدمه المار برصوم في شباط 1920:
نتشرف بإبلاغ مؤتمر السلام بأن صاحب القداسة باطريرك انطاكيا قد أوكل إلىّ مهمة جليلة بأن أضع امام انظار المؤتمر معاناة أمتنا الآشورية العريقة وآمالها, وهذه الأمة تقطن بشكل رئيسي في أعالي واديي دجلة والفرات في بلاد ما بين النهرين.
وطبقاً لما جاء في عدد عام 1927 من صحيفة ورستر تليكرام ووقائعها الرسم Gazette فإن مار ابرم برصوم الذي صار باطريركاً على الكنيسة السريانية الأرثوذكسية استمر في شعوره بالفخر لانتمائه مع شعبه الى الآشوريين (أي انه ظلّ فخوراً بانتمائه للأمة الآشورية هو وشعبه/ فريق الترجمة). وهذا ما جاء في نصه:
"إن صاحب القداسة قدّم عدداً من المحاضرات حول سايكولوجية الشعب الآشوري في الولايات المتحدة ومهمته هي خلق التفهم لدى الأميركيين إزاء الشعب الآشوري, وسبب ذلك ان اغلبية الآشوريين وبالرغم من انهم نالوا ثقافةً وتعليماً عالياً في بلاد آشور Well – educated in Assyria إلا انهم اضطروا لممارسة اعمال أدنى من مستواهم وذلك بسبب تبدل البيئة والظروف".
وتذكر المقالة ايضاً اشتراك قداسة المار أبرم برصوم في مؤتمر باريس عام 1919 بهذا النص:
"خلال مؤتمر السلام ظهر صاحب القداسة وطالب بتعويض الأضرار التي لحقت بالكنائس الآشورية المنهوبة خلال الحرب العالمية وبهذه المناسبة أيضاً أهدى قداسته للرئيس الفرنسي عصا ذات مقبض يعلوه الذهب gold – headed cane وكان الرئيس الفرنسي هو دوميرك Donmergue, إن قداسة الباطريرك, بالاضافة الى هذا كله، شخصٌ معروف في المراكز الأكاديمية والثقافية في أوروبا ومنها اوكسفورد وباريس وفيينا".
تغيير الانتماء الإثني في سبيل السياسات الدينيةبعد أن كان الباطريرك يُعرّف ذاته وشعبه في الشطر الأكبر من حياته بصفة الآشوريين, نشاهده يصدر مرسوماً بتغيير قومية شعبه الذين يقودهم, لقد اصدر الباطريرك مار ابرم برصوم مرسوماً بتغيير القومية الى (الآرامية) ARAMEANS ولقد مهر هذه الوثيقة بختمه في 2/ كانون الثاني/ عام 1952 وجاءت هذه الوثيقة باللغة السريانية و باللغة العربية وتم لاحقاً نشر ترجمتها بالإنجليزية من قبل رئيس أساقفة وأبرشيات أنطاكيا للكنيسة السريانية تحت هذا العنوان "الكنيسة السريانية في انطاكيا من حيث تسميتها وتاريخها".
ومن المحتمل ان قرار الباطريرك أبرم برصوم قد تأثر بحقيقة انالباطريركPatriarch الذي ابعدته تركيا عن أراضيها عام 1924 مع أغلبية أتباعه اضطروا للاقامة في سوريا التي كان اغلب المسيحيين المحليين فيها (وهم غالبية أعضاء كنيسته) يفتقرون الى الرغبة في تعريف انفسهم بالآشوريين.
الكنيسة السورية في انطاكيا من حيث تسميتها وتأريخها:كان كتاب ابرم برصوم ينوي بوضوح أنْ يعطي هوية جديدة لأتباعه. ولو كان الأمر مثلما لمح إليه هو مع آخرين, بأن لفظ Suryoyo معناه (الآراميون ARAMEANS) لكان هذا صار من المعلومات الشائعة عبر ألفي عامٍ منصرمة, أي لأصبح السورايي, والسورايويى SURAYE and SURYOYO يدعون أنفسهم بالآراميين في هذه الأعوام الألفين الأخيرة الماضية وبهذا تكون الحاجة قد انتفت لتأليف كتاب حول الموضوع. لكن الذي حصل في الواقع هو إنهم (أي السورايي) لم يفعلوا ذلك (أي انهم لم يطلقوا على أنفسهم لقب الآراميين).
ولقد حاول ابرم برصوم تبرير هذا التغيير الجذري في ذهنيته بالقول ان الكنيسة في الهند وفي الوطن (أي الشرق الأوسط) معروفة بلفظ (الكنيسة الأرثوذكسية السريانية) ولهذا السبب فإن استخدام لفظ (الآشوري او الآشورية Assyrian) في بلاد الشتات Diaspora سيؤدي الى خلق الغموض حول الكنيسة ووحدتها. ولقد زعم علاوةً على ذلك ان العبارة التي تدل على اسم Assyrian اي آشوري جاء استخدامها في الإنجليزية تحديداً للدلالة على الكنيسة المشرقية خلال القرن التاسع عشر من طرف الارساليات الانجليكانية.
ولقد مثلت هذه الحُجة الجدلية محاولة تخاطب القناعات الدينية المسبقة لأتباعه المستعدين للتخلي عن هويتهم الآشورية لكي يتجنبوا خلطهم مع النسطورية المقيتة. والحقيقة هي كما يظهر بوضوح اعلاه أي ان الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية وكنيسة المشرق كانتا معاً تعرّفان ذاتهما بصفة الآشوريين Assyrians قبل وصول الارساليات الانجليكانية بأمد طويل.
ولقد اصرّ برصوم ان من الخطأ تاريخياً استعمال العنوان (آشوري/ آشورية/ آشوريين Assyrian) للدلالة على كنيسته لأنها معروفة بصفة سريانية (SYRIAN) ولكن بما ان هذا العنوان استخدمه أصلاً أهل (كنيسة الروم الارثوذكس الأنطاكيين في شمال أميركا) ولتفادي الخلط، فإنه اقترح الاسم (آرامي ARAMEA كصفة للتعبير عن اللغة السريانية، كما واقترح اسم آرامي Aramean) للتعبير عن الصفة التي تشير الى الكنيسة.
ومن المفارقات ان على غلاف كتابه جاء تعريف لغة الكتاب بأنها (السوريويو, او السريانية). وجاء استخدام لفظ (آرامي وآراميين) الذي اوعز به ابرم برصوم عوضاً عن (الآشوريين) منافياً للحقيقة التأريخية، ولكن المقصود منه كان منع اتباعه من الاستمرار في الانتساب بذاتهم الى الانتماء الآشوري كما كانوا من قبل يفعلون.
وهناك اسباب اضافية جعلت ابرم برصوم يندفع باتجاه فَصل الكنيسة الأرثوذكسية السريانية عن الانتماء الآشوري ومنها (على الأقل جزئياً) حالة الخصومة اللاهوتية بين الطوائف الآشورية وكما وصفها المستشرق الألماني المعروف ادوارد ساخاو Eduard Sachau في عام 1899. ولقد جاء في كتابات ساخاو ما يأتي:
"يَمقتُ النساطرة واليعاقبة بعضهما بعضاً كما يمقتان خصمهما المشترك أي أتباع محمد (المحمديون/ المسلمون, أي Mohamedans/ المترجم)".
"ينظر النسطوريون واليعقوبيون الى بعضهما البعض النظرة ذاتها التي ينظرانها الى خصمهما المحمدي المشترك. ولقد جعلت خصومتهما وخلافاتهما من السهل على المحمديين ان يبسطوا حكمهم عليهما [....] ومن اتصالاتي وعلاقاتي الشخصية تولد لدي انطباع ان حقيقة انتسابهما إلى نَسب مُشترك Common descent يعود الى الشعب نفسه حقيقة اختفت من وعيهما بشكل كامل وتام, وان اعترافهما بالإيمان المسيحي العائد الى المصدر ذاته يقصر عن ان يوفر لهما الإحساس بأهمية التحالف او الوحدة او حتى المصالحة". [انظر أريو مككو اٍريولأ مٍكولأ: المسالك التأريخية للمسائل الخلافية المعاصرة. الإحياء القومي والمفهوم الآشوري للوحدة. مجلة الدراسات الأكاديمية الآشورية، المجلد 24 العدد 1 عام 2010 الصفحات 60 ـ 61].
ولقد تم حذف كافة الإشارات منذ عام 1952 التي تدل على ان هذه الكنيسة وأبناؤها آشوريون. وبالرغم من هذا الشطب, ظّلت بعض الإفادات والعبارات الدالة على استخدامها في الماضي حيّة. ففي رسالة الى هيئة تحرير المجلة الأرثوذكسية السريانية الموسومة بيث نهرين، المؤرخة في السادس من حزيران 1947, كتب اثاناسيوس يشوا صموئيل وهو مطران باصوم على القدس في دير القديس مرقس:
"نُصلي الى العاليّ القدير أنْ يبارككم ويبارك هيأتكم ويبارك موظفيكم وقراءكم وقرّاء هذا العدد والمجتمع الآشوري في العالم أجمع وان يتوج جهودكم بالنجاح". ومع هذه الرسالة تظهر صورة تم التقاطها من دير القديس مرقس في القدس يبدو واضحاً ان قطعة العنوان مكتوب عليها بالإنجليزية أصلاً (دير آشوري او صومعة آشورية Assyrian Convent). ولكن لاحقاً تم وضع الطلاء على حرفي (As) في Assyrian لكي يتحول الاسم الى SYRIAN, او سوري. لكن الإملاء العبراني على القطعة ما زال كما هو بعبارة (آشوريم Ashurim والتي تعني آشوري Assyrian).
وعندما وصل مار آثاناسيوس ايشو صموئيل الى الولايات المتحدة كان لقبه التعريفي في وثائقه هو "أسقف الكنيسة الأرثوذكسية الآشورية في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا". وفي رسالة مؤرخة في 12 آب 1952 الى الأبرشيات, كتب ما يلي: "سأكون بحاجة الى تعاون كل فرد آشوري محب لكنيسته ومحب لشعبه من صميم قلبه".
منذ ذلك التاريخ، اطلقت السلطات الكنسية في تلك الكنيسة حملة قاسية ضدّ أعضائها للتطهير العرقي, وقد طالت هذه الحملة اولئك الذين يعرّفون انتماءهم بأنهم آشوريون. وكان المرحوم فرانك شافور حتى نهاية رحلة حياته، يتذكر بالتفصيل كيف كان أعضاء من كنيسته يدافعون ببسالة ضد محاولات إزالة وشطب عبارة Assyrian (الآشورية) من قطعة عنوان كنيستهم في مدينة هاربورت بولاية كونيتيكت Harport in Connection. لكن جرى ابعادهم بأمر من المحكمة استحصله اسقف الابرشية لإجلائهم عن المكان.
هنالك أسباب قادت أبرم برصوم لتبني سياسته المناهضة للآشوريين من ضمنها تطور العلاقات بين آشوريي الكنيسة الأرثوذكسية السريانية وأعضاء من كنيسة المشرق (Church Of the East). وفي عام 1933 وكرد فعل واستجابة لمذابح سميل التي تم ارتكابها بحق آشوريي العراق, فلقد تم تأسيس (الفدرالية القومية الآشورية في الولايات المتحدة الاميركية Assyrian National Federation The او الفدرالية الوطنية الآشورية في الولايات المتحدة). وكان تأسيس هذه الرابطة الإتحادية مشتركاً على يد أعضاء من الطائفتين. ولا بد ان هذا التأسيس مَثّل صدمة لأبرم برصوم، عندما عرّف ديفيد بيرلي العضو البارز في كنيسته وصاحب التأثير العميق الشعور الوطني الآشوري والقومية الآشورية بهذا الشكل:
"هذه هي ثورة الجيل الجديد التي وحدتنا جميعاً معاً ضد الإقليميات الضيقة الموروثة عن الماضي بصرف النظر عن العقيدة, تحت لواء قائدنا القومي ETUNARCY المار إيشاي شمعون الحادي والعشرين [وهو باطريرك كنيسة المشرق]. إنه بطلنا روحياً وزمنياً في صراعنا من أجل البقاء. وعبر فترةٍ من الزمن طولها عَقد, كانت روح الأنشطة السياسية لهذا الشاب البالغ من العمر سبعة وعشرين عاماً والذي ابتدأ حياته في ميدان المعركة, روحاً تتميز بالرغبة العقلانية بتأسيس وطن تسود فيه الحرية".
لقد تم نشر هذه الوثيقة في كتاب يوسف مالك (خيانة البريطانيين للآشوريين) او (خيانة بريطانيا للآشوريين).
لقد كان يوسف مالك عضواً في الكنيسة الكلدانية، لكنه كان ينظر لنفسه ولشعبه بصفة الآشوريين. ظهر في تركيا عام 1964 كتاب ألفه جبرائيل آيدن يشهد بالميراث الآشوري لسوريويي وسوريايي بين النهرين The Suryaye and Suryoye Of Mesopotamia وجاء عنوان الكتاب بهذه الصيغة (تاريخ مملكة سوريوتو The History of suryoyto Kingdom) وقد رتب مدراء الفدرالية القومية الآشورية بمن فيهم أبناء الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في الولايات المتحدة ان يقوم الباطريرك آيشاي شمعون Eishay Shimun بتقديم "إلتماس قومي آشوري" لمؤتمر الأمن العالمي World Security Conference المنعقد في سان فرانسيسكو في السابع من أيار عام 1942.
ان التعاون ما بين ممثلي الطوائف الثلاثة اماط اللثام وازاح الستار عن قرون من الممارسات الانعزالية التي قامت بها الكنائس الناطقة بالسريانية التي كرست جهدها لإبقاء اعضائها المنتمين إليها بعيدين قدر الامكان عن بعضهم البعض، وبهذا كان لازماً القيام بشئ ما لإنهاء حالة الإنعزال هذه. وفي الثاني عشر من أيار عام 1952 قام قداسة الباطريرك أفرام الأول برصوم بتعيين الأسقف مار اثاناسيوس ايشو صموئيل نائباً باطريركياً على عموم الولايات المتحدة وكندا. وبالرغم من احتجاجات أعضاء الكنيسة الأرثوذكسية السريانية, في الولايات المتحدة فإن الاسقف أثاناسيوس بدأ بإزالة اسم (الآشوريين/ الآشورية Assyrian) عن جميع كنائس الولايات المتحدة باستثناء كنيستين اثنتين. أما الأعضاء الذين اعترضوا فقد تم استبعادهم وحرمانهم كنسياً وتم اجلاؤهم بعيداً.
لقد رفض أبناء أبرشية كنيسة مريم العذراء فس ورستر بولاية ماساتشوستس وكنيسة باراموس في نيوجرسي ان يستجيبوا لتغيير انتمائهم. ونجحوا في الإحتفاظ بالتسمية الآشورية "عن طريق تسجيل أبرشياتهم كوحدات مستقلة عن الكنيسة الرئيسية وتحت مجموعة أمناء Trustee Group". لقد نجح الاسقف مار قورلس أبرم كريم لاحقاً في إزالة عبارة Assyrian آشوري عن كنيسة مريم العذراء في ورستر، ولكن في كنيسة باراموس PARAMUS فإن الهوية الآشورية للكنيسة ما زالت سائدة.
وهذا أنموذج كلاسيكي حول منزل منقسم على ذاته وفي شقاق مع نفسه، وجاء هذا الانقسام المؤدي الى فقدان الأهمية على يد رجال الكنيسة ذاتها. واخيرا أفلحت سياسات أبرم برصوم المناهضة للروح الآشورية في إيقاف مدّ متنام كان سيوحد الشعب الناطق بالسريانية وكان سيجعلهم معروفين باسم واحد موحد, بدلاً من عبارة (الآراميين) التي دخلت لتشجع التجزئة والتقسيم. وهناك لحد يومنا هذا كثيرون في قطاعات من الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في أوربا وفي الولايات المتحدة وفي الشرق الأوسط يفتخرون بالإنتماء الى الميراث الآشوري, في الوقت نفسه الذي يصرّ فيه الباقون, أي من تبقى من هذه الأوساط بأنهم آراميون، والسبب في هذا الاصرار هو إنّ الباطريرك أبرم برصوم هو الذي قال لهم ذلك.
ولقد أدى تغيير الاسم من (الكنيسة الآشورية الأرثوذكسية) الى (السريانية الأرثوذكسية) الى جدال مع كنيسة الروم الأرثوذوكس في أميركا الشمالية. الى ان تم تسوية الأمر بترتيبات قانونية مع المحكمة التي منحت حق استخدام الاسم والصفة لطائفة أبرم برصوم.
تم في العام 2000 في الولايات المتحدة الأميركية احصاء للسكان, ولمنع أعضاء الكنيسة السريانية الأرثوذكسية من تسجيل أنفسهم بصفة آشوريين, فإن اسقف امريكا قورلس أبرم كريم وزميله قليمس يوجين قابلان أصدرا بياناً كان إعلاناً عن تغيير اسم الكنيسة الى Syriac Orthodox أي الكنيسة الأرثوذكسية السريانية وأشارت الى أعضائها بالسريان Syriac أو السريانيين Syriac. ومنذ ذلك الحين, تم وضع تسمية (سرياني) جنباً الى جنب مع (آرامي) لزيادة البعد بين اعضاء الكنيسة وهويتهم الآشورية.
وفي هذا السياق فأن معنى السرياني ليس سوى طائفة دينية, ويفتقر هذا اللفظ الى أي مدلول يتعلق بالهوية القومية. في الوقت الذي كان هذا اللفظ او هذه العبارة (عبارة سرياني/ سريانية/ السريانية Syriac) تدل فيما مضى على اللغة التي ينطق بها المسيحيون في بلاد ما بين النهرين وفي سوريا. في الحقيقة ان عبارة (سرياني Syriac) تستخدم غالباً الى جانب (آرامي Aramean) معاً من قبل اولئك الراغبين في ابعاد أنفسهم عن الهوية والميراث الآشوريين, وهذا معناه ان هاتين العبارتين بعيدتان ان تكونا مترادفين Synonyms أي انهما إسمان اثنان ويتعذر على ايّ منهما ان يشرح بصورة دقيقة هوية (الكنيسة الأرثوذكسية السريانية) او يشرح هوية أعضائها. إنّ اجبار شعبنا على تعريف هويتهم بناءاً فقط على اللغة التي يتحدثون بها, يشبه لحد كبير إجبارنا للشعوب الأوروبية في يومنا هذا أنْ يُعرفون إنتماءهم الذاتي بصفة (لاتينيين) بدلاً من قومياتهم وجنسياتهم, كلّ حسب قومه. وهكذا هو إجبار شعبنا على الانتماء بناءاً على اللغة التي يتحدثون بها بدلاً من ميراثهم القومي والتاريخي.
ولتبرير هذه الهوية الآرامية الجديدة المستحدثة, صار أعضاءُ الكنيسة الأرثوذكسية السريانية الواصفين انفسهم بالآراميين يجادلون في ان هذه الألفاظ (سوري, سورايا, وسريويو معناها جميعاً هو آرامي او آراميين) والسبب هو الاغريق ترجموا (العهد القديم) في القرن الثالث قبل الميلاد, وفي كل مرة جاءت عبارة (سوري) في النص قاموا بترجمتها بعبارة (آرامي) لكن هناك خطأ فادحاً في هذا الرأي وخلطاً في هذا المنطق. والصحيح هو إنّ عبارة (سوري) موجودة وجرى استخدامها منذ القرن الخامس قبل الميلاد. وبناءاً على أقوال المؤرخين الاغريق والرومان مثل كل من: هيرودوتس, وسترابو, وجوستنيوس وغيرهم فإن العبارة معناها عندهم هي آشوري (Meant Assyrian) وعلاوة على هذا كله, فإن سكان بلاد وادي الرافدين كانوا يجهلون التحدث باللغة الإغريقية عندما اعتنقوا الدين المسيحي، وهذا معناه ان إكتراثهم كان معدوماً وغائباً حول ما يصفهم الاغريق به أي سواءً أطلق الاغريق عليهم لفظ (آراميين) او غيره, فهذا بالكاد كان يؤثر على أي منهم بأي شكل من الأشكال.
وفي القرن الثالث قبل الميلاد صار السكان في آبار ـ نهرا ABAR – NAHRA (عثِرـ نٍىرِا)غربي الفرات يتألفون من الآراميين بالإضافة الى الإغريق والرومان والكنعانيين والعرب والآشوريين. وبحلول القرن الثاني عشر للميلاد اعترف باطريرك الكنيسة السريانية الأرثوذكسية (ميخائيل الكبير) ان الآراميين والآشوريين معاً كانوا معروفين بعبارة سريان وسوريايي وسوريويي Suryoye & Suryaye & Syrian لكنه يميز بوضوح بينهما بتدوينه لهذه الكلمات القائلة ان اولئك الذين (عاشو في شرق الفرات, الذين ارتحلو الى بلاد فارس, كان لهم ملوك عدة من آشور ومن بابل ومن أورهايUrhay ) وبعبارة اخرى كان يُعدّ غرب الفرات وطن الآراميين حتى في ذلك التاريخ. ولقد استطرد في كتابته قائلاً:
"الآشوريون أطلق الاغريق عليهم لفظ السريان Syrians وهم الآشوريون أنفسهم ذاتهم الذين أعني انهم من آشور Assure وهم الذين بنوا نينوى وشيدوها (انظر هامش 2)".
ولقد حاول جون جوزيف أيضاً John Joseph الخلط والتشويش على هوية الآشوريين المعاصرين وذلك بقوله ان عبارة آسورى Asoreاو آسوري Asuri هي الفاظ يطلقها الأرمن والجورجيون والروس على الآشوريين المسيحيين طويلاً قبل القرن التاسع عشر إنما هي ألفاظ تدل على السوريين Syrians بدلاً من الآشوريين, لأن التسمية الصحيحة في اللغة الأرمنية للآشوريين حسب قوله هي "آسوريستانتجي" Asorestantji ويستند على على اقتباس من قاموس آنورايري دو بيزانجي الصادر عام 1884 كإثبات لما يقول.
لقد لاحظنا فيما سبق ان لفظ سور Syrian جرى عبر التاريخ استعماله بديلاً عن (الآشوريين). عبارة Asore الأرمنية او Asuri الفارسية, تتألف من Asore او Asure ومعناها بلاد آشور Assyrian بالاضافة الى اللاحقة الاشتقاقية الدالة على الاضافة للاشارة الى حيازة الصفة Assyrian. واذا كانت حقا Asore الأرمنية تعني سريان تحديداً فهذا بحد ذاته دليل اثبات يعزز كافة الآراء القائلة ان سريان Syrian هو شكل إضافي من اشكال عبارة "آشوري" عندما يتم تطبيقها على المسيحيين في بلاد وادي الرافدين.
وفي النماذج الأدبية الكلاسيكية للشعر الأرمني تجد نسخة من (حكمة خاكار) وهي من آثار القرن الخامس عشر الميلادي وهي مأخوذة عن (حكمة أخيقار) الآشورية الموغلة في القدم, وفي النسخة الأرمنية يدعى الآشوريون بإسم (آسوريس Asores) وتدعى بلاد آشور بإسم (آسوريستان Asorestan) وهذا يتفق مع النمط الشائع في اللغات الهندو أوروبية في صياغة الاسم الدال على الأمة ثم اشتقاق اسم البلاد من اللفظ ذاته. مثلاً (أفغان) هو اسم يدل على القوم. و(هندي) لفظ يدل على القوم ونشتق منها (أفغانستان) وايضاً لفظ (هندستان)، وكذلك بالنسبة للفظ (أرمني) نشتق منه لفظ (أرمنستان) وهكذا دواليك وهَلمّ جرّاً.
وعلى المرء ان يتساءل: اذا كان (آسور Asor) في لفظ (آسورستانتجي) يعني بلاد آشور, فما الذي يمنع ان يكون لفظ Asor الدال على بلاد آشور Assyria ؟! وهناك اشتقاق آخر في اللغة الفارسية جاء من Asuri وهو لفظ سوريان Surian الذي هو بدوره صورة مختصرة من Asurian (آسوريان) ومعناها هو (الآشوريون Assyrians) وقد استعمل العرب هذا اللفظ بعد القرن الميلادي السابع في أعقاب غزوتهم, فاطلقوا عبارة (السريانيون/ السريانيين Al - Syrianiyyun) وتعني الآشوريين وهذا ما إعترف به وما اقرّ به في القرن العاشر الميلادي مترجم كتاب (التاريخ اللآتيني لبولص أوروسيوس) حوالي (961 ـ 976) ميلادية. حيث تمت في هذا الكتاب مساواة هذه الكلمة بمقابلها اللآتيني وهو آسيري = آشوري (Assyrian) Assyri.
وبالرغم من كافة محاولات الكنسية الأرثوذكسية السريانية في إبعاد ذاتها عن ميراثها الآشوري فإن تراثها الآشوري يظل حيّاً في تركيا. ان المقالات التي يكتبها الأتراك في تركيا عن المسيحيين تظل تشير اليهم وتشير الى أعضاء كنيستهم بالآشوريين. وهناك موقع في الانترنيت عنوانه (ماردين والمناطق المحيطة بها: الأديرة والصوامع الآشورية). ويمتدح هذا المقال عن ذلك الموقع البنّائين الآشوريين الذين استخدموا الحجر مادةً إنشائية لتشييد المباني الضخمة الجليلة في ماردين ويقول مستطرداً في مدرجه: "لربما كانت الأديرة الآشورية المنتشرة النطاق على المنظر الطبيعي في الأرض المحيطة بماردين هو أكثر المناظر تأثيراً وأكثر جذباً من ماردين ذاتها. ويرى الآشوريون انفسهم انهم هم العامل الحقيقي فهم المسيحيون الأصلاء الذين لا يزالون يتحدثون باللغة الآرامية القديمة التي كان يتحدث بها يسوع المسيح".
ويبدو ان جوزيف يجهل الحقائق المذكورة هنا وغيرها من المقالات. وهكذا ينهي تعليقاته بأن يُسطر ما يأتي: "أنا أومن بشكل جاد ان المشكلة الأكثر أهمية التي تواجه مجتمعنا الآشوري وأهم أسباب إنقسامنا تعود الى انه لا احد يأخذ على محمل الجدية فيما يخص مسألة هويتنا. لا اصدقاؤنا ولا اعداؤنا يأخذونها على محمل الجدية. والواقع، انهم على ما يبدو يعرفون تاريخنا أفضل مما نعرفه نحن, سواءً أكان هؤلاء الآخرون كُرداً او عرباً أو أرثوذكس سريان او كلدانيين او احزاباً عراقية او علماء اوكسفورد وهارفارد ويايل Yale او شيكاغو او مكتب احصاء النفوس الأميركي في واشنطن العاصمة او وزارة الخارجية الأميركية ولن نستطرد أكثر من هذا...".
ومن المذهل ان جوزيف يقول في أعلاه ان هؤلاء جميعاً "يعرفون تاريخنا أفضل مما نعرفه نحن", وهذا خطأ نمطيّ يتميز به جوزيف, وهو الافتقار الى فهم الحقيقة الواقعة. انه يفتقر لفهم الواقع, إذ جاء الخلط في هويتنا كنتيجة ابتكرتها الخصومات الدينية وليس الحقائق التاريخية. لقد امضت الكنيسة الكلدانية قروناً من الزمن, وكذلك فعلت الكنيسة الأرثودكسية السريانية وكنيسة المشرق, وكذلك فعل اتباع هذه الكنائس: لقد انفقوا قروناً من الزمن في مهاجمة بعضهم بعضاً وفي إعلان البراءة من بعضهم البعض وذلك بناءً على أسباب لاهوتية. ولقد وجد الكهنوت في كل من تلك الكنائس إنّ من المفيد لمصالحهم ايجاد الانقسام والإنفصال والإنعزال ما بين اتباعهم واتباع الكنيستين الأخريتين. وأي وحدة لشعبنا بناءً على العرقية Ethnicity تُعدّ تهديداً لمصالحهم الطائفية ولهذا فإنهم يستحدثون هويات عرقيةً مصطنعة من اجل ان تظل أبرشياتهم في حالة إنعزال.
وعندما تأسست كنيسة جديدة في عام 1553 أطلقت عليها الكنيسة في روما (الكنيسة الكلدانية) وحالياً يستخدم رجال الدين في هذه الكنيسة عبارة (كلداني) للدلالة على الهوية القومية لأبناء هذه الكنيسة وقادتها الروحيين. ومنذ عام 1952 بدأ قادة الكنيسة الأرثوذكسية السريانية يطلقون على كنيستهم وعلى أعضائها لقب (الآرامي/ الآرامية/ الآراميين) فلقد اتخذوا قرارهم لأسباب دينية.
ولقد أسهم جوزيف في زيادة الخلط في كتبه الثلاثة ومقالاته العديدة ومحاضراته بين الطلبة وبين الجماهير، إذ قد أساء تقديم الحقائق التاريخية. وبناء على هذه الوقائع فإن ادعاءه بأن (الكورد والعرب والأرثوذكسية السريانية والكلدان والأحزاب العراقية وعلماء جامعات اوكسفورد وهارفورد ويايل وشيكاغو ومكتب الاحصاء للنفوس في واشنطن العاصمة... يعرفون تاريخنا افضل مما نعرفه نحن) وهو ادعاء يجافي العقل والمنطق Preposterous.
ان الولايات المتحدة او الحكومة العراقية الجديدة اعترفت بشعبنا ومجموعاته بصفة (الآشوريين) الى ان قذفهم رجال الدين الكلدانيون برسائل تزعم ان أعضاء كنائسهم ليسوا آشوريين. لقد لعب رجال الدين لعبة تبديل الاسم التي لعبها قادة الكنيسة الأرثوذكسية السريانية وقد انقسمت بواسطتها العائلة الواحدة نفسها الى عوائل عديدة تتوزعها هويات عرقية عديدة: كيف يمكن ان يكون الأخ آشورياً وأخوه الآخر آرامياً وأخوه الآخر سريانياً؟! كيف يصح هذا؟!.
ان هذه النتيجة بسبب الألعاب العبثية (Silly game) الخالية من العقل التي يلعبها رجال الدين, ومازالوا يلعبونها, بحق هويتنا.
في الوقت الذي يتزايد تفهم العالم من حولنا للقوة السحرية في الوحدة والعمل بشكل متناغم, فإن قادتنا الدينيين يقضون قروناً من الزمن في خلاف على مسائل جدالية لاهوتية فجعلوا شعبنا منقسماً الى كتل متخاصمة يدعي كلّ منها إنها قومية مختلفة عن الأخرى, وكل طائفة تستمر بالتمسك بنفوذها ومجال نفوذها الديني القروسطوي الإقصائي (أي مجال النفوذ الديني الإقصائي العائد بتكوينه للقرون الوسطى/ فريق الترجمة) ولكل منها كهنوته الكامل في سلالته من الكهنة والأساقفة والبطاركة المستعدين لشن الحروب المقدسة ضد غيرهم في اية لحظة.
وقد جاء في نشرة مجلة الكنيسة الأرثوذكسية السريانية عام 1965 اللوم ضدّ نسطوريي الامبراطورية الفارسية لأنهم وجهوا ضربة قاسية ضد الكنيسة القديمة في عام 480 ميلادية. وبعد قراءة هذا المقال, كتب ديفيد بيرلي ما يأتي: تخيّل! هذه العبارة جاءت على لسان قائد روحي في عهد الكنيسة العالمية المتوحدة التي تؤمن بأن البشر جميعاً اخوة بصرف النظر عن أي دين، فروحيه الأخوّة هي النجم الهادىء ليلاً! اي هو الاكثر اهمية الان؟ مستقبل إيمان أجدادنا, واستمرارنا بالعيش المشترك في وجود متاح للجماعات كافة, ام ذكريات الأيام الماضية من قرون أيام أفسس وأيام خلقيدونية, التي سادت فيها صياغات دقيقة لحد الشعرة لتصف نقاطاً عقائدية غامضة ومغمورة تؤدي بالناس ان يخوضوا المعركة ضد اخوتهم البشر الآخرين بصفتهم "أعداء الله"! في رأي ان الاشوريين اكثر تنويراً من ان ان يعودوا الى تلكم الايام.
ان القرون الطويلة من الصراعات الدينية منعت شعبنا من تشكيل قيادة زمنية حيادية لا طائفية (لا مذهبية, او حيادية من حيث الرؤيا العقيدية Nonsectarian Leadership) لرعاية المصالح العامة لشعبنا ولقيادتهم بحكمة خلال الأزمنة الحساسة. واليوم يواجه شعبنا خطر إبعادهم عن وطنهم في العراق. لقد هرب عشرات الألاف منهم الى الاردن للنجاة بأرواحهم وسيلحق بهم عدد اكبر من هذا لاحقاً, هاربين الى الاردن وسوريا وغيرها. والعديد من أبناء شعبنا تعرضوا للإختطاف والقتل. أما التعاون والاستشارة والتنسيق بين طوائف العراق فهو مفقود فيما يخص كيفية مساعدة شعبنا المنكوب. ان العون الوحيد الذي هم متفقون ومستعدون لتقديمه هو الصلاة لأجل أعضائهم هم فقط, على الأرجح.
"To ask for prayers, probably, just for their own members".
History of Mikhael The Great" Chabot Edition (French) P: 750) as -
1quoted by Addai Scher, Hestorie De La Chaldee Et De "Assyrie")
2- (ibid P: 748)
3- (F. E. Peters, "Jerusalem", Princeton University Press 1985 pp. 297-8 citing
Saewulf 1896; "Saewulf. 'Pilgrimage to Jerusalem and the
Holy Land', Trans. the Lord Bishop of Clifton. 'Palestine Pilgrims Text Society 4' Reprint New York Ams Press, 1971)
4- (Stanford Shaw "Empire of the Gazis: Rise of the Ottoman Empire, 1280-1566" Volume I, p. 152)
5- (Horatio Southgate, "Narrative of a Visit to the Syrian [Jacobites] Church", 1844 P 80)
6- (Edip Aydin, "The History of the Syriac Orthodox Church of Antioch in North America: Challenges and, Opportunities" http://www.saintgabrielsyouth.com/syriac_church.htm, April 1, 2004)
7- (Christopher J. Walker, "Armenia The Survival of a Nation," Martin's Press, New York 1980 p. 161)
8-
http://bethsuryoyo.com/Code/Articles/Articles.html46A-
http://en.wikipedia.org/wiki/Naum_Faiq 9- (Edip Aydin ibid )
10- (Edip Aydin ibid )
11- (Edip Aydin ibid )
12- (Edip Aydin ibid )
13- History of Mikhael The Great" Chabot Edition (French) P: 750) as
quoted by Addai Scher, Hestorie De La Chaldee Et De "Assyrie")
14- (Edip Aydin ibid)
(
http://www.bethsuryoyo.com/currentevents/Census/bishopseng.html)
(Abdel Rahman Badawi Ed. "Orosius, Tarikh Al 'Alam", Al Muassasa al Ararabiyya lil Dirasat wal Nashr, Beirut, First Edition, 1982.)
http://www.gokdemir.com/nj/august-2000-trip-turkey-borderlands.html