عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - د.نجم الدليمي

صفحات: [1]
1
نداء لمن يعنيه الامر
نداء لابناء الشعب العراقي
 

تسعى بعض القوى الاسلامية الشيعية وبالتعاون مع حلفائها من الاحزاب المتنفذة في السلطة وبدعم وإسناد من قبل الحكومة العراقية اللاشرعية والمليشيات المسلحة التابعة للأحزاب السياسية المتنفذة في السلطة وغير التابعة للاحزاب والمدعومة من قبل قوي اقليمية، تحت غطاء طرد قوات الاحتلال الامريكي في العراق وهذا ما تريده ايران لتصفية حساباتها مع الاميركان وبايادي عراقية .
ان المظاهرات يوم 24/1هدفها الرئيس هو  محاولة لتقويض ثورةاكتوبر الشعبية الشبابية السلمية. نقول لمن ينفذ قرار النظام الايراني على الارض العراقية سيكون هوالخاسر وسوف يفقد شعبيته،وخاصة اذا هاجم المتظاهرين السلميين. نقول لمن يريد طرد القوات الامريكية من العراق عليه ان يتوجه إلى
1-    التوجه نحو المنطقة الخضراء.
 
2التوجه نحو القواعد العسكرية الاميركية في بلد،الرمادي،اربيل.....
 
ان التوجه نحو المتظاهرين السلميين الابطال في ساحة التغيير والتحرير والدخول في معركة غير شرعية وغير متكافئة لن يعد نصرا لمن ينفذ رغبة ايران ويكون اداةتنفيذ لها.ان النصر دائما مع الشعوب،في  كفاحها العادل والمشروع،النصر للمتظاهرين السلميين، النصر للثورة الشعبية الشبابية السلمية، النصر لشعبنا العراقي وقواه السياسية الوطنية والتقدمية واليسارية، والخزي والعار للقتلة المجرمين من الطابور الخامس وعملاء النفوذ في السطة .
اذا تم تنفيذ الهجوم الغادر واللاقانوني في24/1/سيكون مصيره الفشل الذريع، لان الشعوب لا تقهر لا بالسلاح الأبيض ولا بالرصاص الحي، ولا بالغازات المسيلة للدموع، ولابالاغتصاب،ولا بالخطف وقلع العيون وكسر الاصابع.....، النظام الديكتاتوري السابق قدجرب كل هذه الاساليب الرخيصة والدنيئة والقذرة بما فيها السلاح الكيماوي، اين مصيره؟
 
على من يريد ان ينفذ قرار اقليمي بالضد من شعبه سيكون خاسرا ولن يقف معه في النهاية ذلك النظام الذي دفعه لتنفيذ قراره الخاطئ، لتصفية الحسابات  مع اميركا.
النصر للمتظاهرين السلميين،
النصر للثورة الشعبية الشبابية السلمية
الخزي والعار للقتلة المجرمين


2

((الطرف الثالث)) المعلوم -المجهول؟ ))

 
اولا..ليس غريب حقا ان رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ورئيس البرلمان، ووزير الدفاع والداخلية والامن الوطني وجهاز الاستخبارات العسكرية والمخابرات، و((قادة)) منظومة9 نيسان الفاسدة لم ((يعرفوا من هو الطرف الثالث))، وما هي القوى المكونة له،وما هي القوى التي تقف وراء ذلك،ومن يخطط،ومن ينفذ،ولماذا، وما هو الهدف المطلوب، ولمصلحة من يتم كل ذلك...؟

ثانياً.. ان((قادة)) النظام، الحكومة، البرلمان... يعرفون وبشكل مؤكد من هو الطرف الثالث؟ ولكن لن يستطيعوا الحديث عنه وبشكل علني خوفاً على مناصبهم، كراسيهم الهاوية، وخوفا على امتيازاتهم المادية وغير المادية....اما الشعب فليذهب الى الجحيم.....؟!.

ثالثاً.. نقول ان الطرف الثالث يتكون من قادة الاحزاب السياسية المتنفذة في السلطة اليوم وتحديداً ((الشيعية)) ومن المليشيات المسلحة التابعة للأحزاب السياسية المتنفذ في السلطة وغير التابعة للاحزاب والمدعومة من قبل قوي اقليمية -ايران..

رابعاً.. لقد استخدام الطرف الثالث، اسلوبين ضد المتظاهرين السلميين، الاسلوب الاول : استخدام القوة المفرطة والإجرامية والمتوحشة ضد المتظاهرين السلميين ومنها الرصاص الحي، الغازات المسيلة للدموع، القناصين المجرمين، الماء الحار والملوث.......، اما الاسلوب الخسيس والقذر الثاني هو يتمثل بالاختطاف والاعتقال والاغتصاب والتعذيب الوحشي للمعتقلين بالكهرباء.... وبالضرب المبرح والعبوات الناسفة والسلاح الابيض وكسرالاصابع وقلع العيون...... وهذه الأساليب اللاقانونية واللاانسانية معروفة للجميع عبر نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي والمقابلات مع المعتقلين، كل ذلك حدث ضد المتظاهرين السلميين..
خامساً.. ان الاسلوب الذي استخدم من قبل ما يسمى بالطرف الثالث لن يثتي من عزيمة شعبنا الابي، ولن يثني من عزيمة واصرار المتظاهرين السلميين في الاستمرار في المظاهرات السلمية، بل اعطت نتائج سلبية على النظام الحاكم، على السلطة الغاشمة والموغلة في الاجرام ضد المتظاهرين السلميين، وبنفس الوقت زاد تأييد الغالبية العظمى من الشعب العراقي للمتظاهرين السلميين..

سادساً.. ان عدد الشهداء والجرحى قد تجاوز 20000بين شهيد وجريح منهم مابين700-800 شهيد ونفس العدد او اكثر من المعوقين وبشكل كبير....، من المسؤول عن ذلك؟ وهل يحتاج شعبنا الابي الى مثل هذا النظام الطفيلي والمتخلف ، والى الحكومة والبرلمان..... والى الاحزاب السياسية المتنفذ في السلطة اليوم؟!

سابعاً.. يتطلب تشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة حول الاجرام الذي حدث ضد المتظاهرين السلميين ويتحمل عادل عبد المهدي وفريقه العلني-والخفي وقادة المليشيات المسلحة التابعة للأحزاب السياسية المتنفذ في السلطة وغير التابعة للاحزاب والمدعومة من قبل قوي اقليمية..... كل الجرائم التي ارتكبت ضد المتظاهرين السلميين..

ثامناً. لقد اثبت الواقع وبما لا يقبل الشك بأن نظام المحاصصة السياسي والطائفي والقومي المقيت والفاشل، والعملية السياسية التدميرية واللصوصية الفاشلة، قد افقدت ثقة الشعب العراقي وقواه الوطنية والتقدمية واليسارية بالنظام الحاكم والعملية السياسية وبالتالي من حق المتظاهرين السلميين الابطال ان يرفعوا شعارهم السلمي وهو انهاء نظام المحاصصة الحاكم، واقامة نظام ديمقراطي شعبي يضمن الديمقراطية وحقوق الانسان والعدالة الاجتماعية للجميع..

النصر للمتظاهرين السلميين..
النصر للثورة الشعبية الشبابية السلمية.
النصر لشعبنا العراقي.


3
السلطةالتشريعية اللاشرعية والتعديلات الجديدة على قانون التقاعد.
 
 
1-يكلف قانون رفحاء الشعب العراقي سنوياً 30مليار دولار.
 
2-في التعديل اللاشرعي واللاقانوني لقانون التقاعد اصبح كل شخص مشمول بقانون رفحاء يستلم شهرياً مليون ونصف دينار.
 
3-في حين بلغت  زيادة راتب المتقاعد 100الف دينار شهريا.؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟.
 
4-ان كل.عائلة من عوائل رفحاء مكونة من اب،وام،و3  اولاد وفق التعديل الأخير لقانون التقاعد يستلمون 7 مليون وخمسمائةالف دينار شهريا.
 
5-يشير طارق حرب الخبير القانوني الى ((ان هذا الراتب (يقصد راتب الرفحاني)يفوق اي راتب تقاعدي يتقاضاه الوزير،النائب،واعلى الرتب العسكرية، والدرجات القضائية، ورؤساء الجامعات)). هل هذا منطق ومعقول؟!؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!؟؟؟؟؟،.
 
6-ان هذا التعديل اللاقانوني والتميز المرعب بين ابناء الشعب العراقي يشكل استهتار واستخفاف بالشعب العراقي اليوم، فهل افراد رفحاء نزلوا من المريخ، السماء، وماذا قدموا للشعب العراقي، ام لكون ان السلطة التنفيذية والتشريعية هم من الشيعة ويشكلون الاكثرية في السلطة، وهذا يعني انصر اخاك ضالما او مضلوما، ويعكس    غياب العدالة الاجتماعية في المجتمع وخرق للقانون.
 
7-تفشي البطالة والفقر والبؤس والمجاعة والجريمة المنظمة في المجتمع العراقي، نهب لثروة الشعب العراقي، فضائين، مشاريع وهمية، افراد يحصلون على 3؛5؛7......مرتب تقاعدي وتحت اساليب غير شرعية..... هنا يمكن القول اللادولة، اللاسلطة..........؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!؟؟؟؟؟؟.
 
8-ان تحقيق العدالة الاجتماعية في المجتمع ووفق القانون يجب ان يتم التعامل مع الرفحاوين وفق قانون التقاعد الذي يشمل جميع المتقاعدين فقط ولن يشمل اعضاء اسرهم،والا ينبغي تطبيق قانون رفحاء اللاقانوني على الشعب العراقي. وعليه يتطلب تشريع قانون لالغاء قانون رفحاء من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية
 
9-ان السلطة التنفيذية والتشريعية هي سلطات غير شرعية وفق نتائج الانتخابات البرلمانية الاخيرة وبالتالي فإن جميع القوانين التي تم تشريعها بعد الانتخابات البرلمانية الاخيرة تعد غير شرعية وفق شرعية الشعب والقانون العراقي، ويجب على النخبة السياسية الحاكمة اليوم من ان تدرك ان وجودها غير شرعي في الحكم اليوم.
 
10-من الضروري تشريع قانون جديد للتقاعد في العراق يعتمد على مبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية النسبية، وان يكون الحد الأدنى للراتب  التقاعدي نحو800الف دينار شهريا، والحد الاعلى 5000000 مليون دينار شهريا، وان يتم تقديم منحة شهرية للعاطلين عن العمل نحو 400الف دينار وان تحقيق ذلك ممكن من خلال محاربة جادة للفساد المالي والإداري، ارجاع الاموال التي سرقت من قبل السلطة وهربت للخارج،انهاء ضاهرة الفضائيين والذين يستلمون اكثر من راتب تقاعدي، العمل على الغاء الامتيازات المادية الخيالية للرئاسات الثلاثة وكبار المسؤولين في السلطة التنفيذية والتشريعية، التصرف العقلاني بموارد النفط وغير ذلك
عليكم الرحيل، الرحيل ثم الرحيل هذا ما قاله الشعب العراقي في ثورته الشعبية الشبابية السلمية، عليكم ادراك هذه الحقيقة ولن يفلت من محاسبة الشعب كل من اهدر وسرق..... ثروة الشعب العراقي.
..
النصر للمتظاهرين السلميين.
والخزي والعار للقتلة المجرمين بحق المتظاهرين السلميين


4
رسالة مفتوحة
 
إلى المتظاهرين السلميين.
الى قادةالمظاهرات السلمية.
 
الى قادة الاحزاب الوطنيه والتقدمية واليسارية.
د.نجم الدليمي
 
ان الثورةالشعبية الشبابية السلمية التي اندلعت في الاول من اكتوبر عام 2019 قد شكلت انموذجا حيا وملموسا في تاريخ العراق الحديث، انها ثورة شعبية شبابية سلمية وبدون مشاركة الاحزاب السياسية، وجاءت الثورة بسبب الفشل الذريع لنظام المحاصصة السياسي والطائفي والقومي المقيت.
 
لقد قدمت الثورة تضحيات جسيمة لم يشهدها
تاريخ العراق المعاصر حيث اختلفت التقديرات ما بين 300-600 شهيد واكثر من14000 جريح،والمئات من المعتقلين والمختطفين من قبل السلطة الحاكمة والمليشيات المسلحة التابعة للأحزاب السياسية المتنفذة في السلطة وغير التابعة للاحزاب والمدعومة من قبل قوي اقليمية.
 
نؤكد على جميع الاحزاب السياسية المتنفذة في السلطة من عام 2003 ولغاية اليوم ان لا يتعكزوا ولا يقدسوا دستور بريمر الذي شرع بغفلة من الشعب العراقي وفي فترة غير واضحة الاهداف والمعالم في وقتها.ان التقديس للشعب وللشعب فقط.
 
ان المخرج من الازمة التي عاشها ويعيشون شعبنا العراقي منذ الاحتلال الامريكي للعراق ولغاية اليوم لا يمكن الخروج منها الا من خلال الاتي::
 
اين يكمن الحل.
 
اولا..على شعبنا العراقي وقواه السياسية الوطنية والمتظاهرين السلميين وقادة المظاهرات السلمية توجيه دعوة الى منظمة الامم المتحدة، مجلس الامن الدولي للتدخل المباشر في الشؤون الداخلية للعراق من اجل ايقاف نزيف الدم العراقي والحفاظ على وحدة العراق ارضا وشعباً وثروة.
و بسبب تمسك حكومة السيد عادل عبد المهدي بالسلطة وبدعمه من قبل المليشيات المسلحة و القوى الاقليمية  ، حصلت خسائر بشرية هائلة وغير مبررة من قبل السلطة الحاكمة.
 
ان عدم تحقيق ذلك يمكن ان تسير الامور في البلاد  نحو المجهول ونحو بحر من الدماء الزكية وتكون النهاية كارثية، فالتدخل الشرعي من قبل الأمم المتحدة، مجلس الامن الدولي، اصبح ضرورة ملحة اليوم من اجل تحقيق مايلي::
 
ثانياً.. مرحلة انتقالية وبنظام رئاسي للمرحلة فقط ومن اهم المهام هي الاتي:
 
1-اقامة مرحلة انتقالية ما بين 2-3سنة وبنظام رئاسي للمرحلة الانتقالية.
 
2-تشكيل حكومة انقاذ وطني، حكومة كفاءات وطنية من الشخصيات الوطنية العراقية المستقلة ومن المنظمات المهنية والشعبية ومن قادة المظاهرات السلمية.... بدون مشاركة الاحزاب السياسية المتنفذة في السلطة منذ عام 2003 ولغاية اليوم.
 
3-اشراك قيادات عسكرية وطنية مخلصة وكفوئة معروفة للشعب العراقي.
 
4-يتراس حكومة الانقاذ الوطني، حكومة كفاءات وطنية شخصيات وطنية مستقلة كفوئة ومخلصة للشعب العراقي او شخصية عسكرية وطنية ومخلصة للشعب العراقي ولمدة المرحلة الانتقالية فقط.
 
ثالثاً.. اهم مهام حكومة الكفاءات الوطنية خلال مرحلة الانتقال هي الاتي::
 
1-حل البرلمان العراقي خلال مرحلة الانتقال.
 
2-حل مجلس المحافظات كحلقة فائضة وفاسدة في النظام الاداري وكذلك في الاقضية والنواحي وفق قانون.
 
3-المطالبة بالغاء  الامتيازات المادية الخيالية للرئاسات الثلاثة وكبار المسؤولين في السلطة، هذه الاموال وخلال فترة المرحلة الانتقالية يمكن ان توجه نحو اعادة وتشغيل المصانع والمعامل المتوقفة وتطوير الخدمات من الكهرباء والماء.. ومعالجة البطالة من خلال تطوير القطاع الصناعي والزراعي وقطاع السكن...
 
4-تشكيل لجنة لكتابة دستور جديد للبلاد ويكتب بايادي عراقية متخصصة في الميدان القانوني والاقتصادي والسياسي، لان اس المشاكل التي واجهت شعبنا العراقي هي بسبب دستور بريمر بالدرجة الأولى. فالدستور لم يكن مقدسا التقديس للشعب وللشعب فقط.
 
5-تشريع قانون جديد للانتخابات البرلمانية والاحزاب السياسية وقانون من اين لك هذا، وقانون تشكيل لجنة مفوضية جديدة تظم القضاة وشخصيات وطنية مستقلة كفوئة ومخلصة للشعب العراقي.
 
6-معالجة جذرية لمشكلة الكهرباء لانها تشكل المفتاح الرئيس لحل جميع المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وتطوير الاقتصاد الوطني.
 
7-العمل على الغاء قانون رفحاء الذي يكلف الشعب العراقي نحو 30مليار دولار سنوياً، وشمولهم بقانون المفصولين السياسيين مثلا،والعمل على استرجاع كافة الاموال المسروقة والمهربة للخارج،والتدقيق بظاهرة الفضائيين في السلطة والمشاريع الوهمية وعقارات الدولة التي تم الاستحواذ عليها من قبل الاحزاب السياسية المتنفذة في السلطة اليوم، ووضع يد الدولة على المنافذ الحدودية وبشكل مباشر ووقف تهريب النفط العراقي سواء في الجنوب او في الشمال من قبل الاحزاب السياسية المتنفذة في السلطة اليوم هذه الثروة هي ملك للشعب وليس لقادة الاحزاب السياسية.
 
8-العمل على تشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة حول الاجرام الذي ارتكب ضد المتظاهرين السلميين، ومن اصدر الامر ومن نفذ امر قتل المتظاهرين السلميين.
 
9-حصر السلاح بيد الدولة قولاً وفعلاً، وحل جميع الميليشيات المسلحة التابعة للأحزاب السياسية المتنفذ في السلطة وغير التابعة للاحزاب والمدعومة من قبل قوي اقليمية فمن غير المعقول والمنطق وجود نحو 164 مليشيا مسلحة (شيعية، سنية، كردية اثنية...)في العراق اليوم.
 
10-العمل على فصل الدين عن السياسة، وضمان الحريات والمعتقدات، وحرية التعبير والفكر وتحريم الفكر الطائفي ومن يروج له ويحاسب وفق المادة4من القانون.
 
11-العمل على اقامة علاقات مع جميع الدول على اساس مبدأ المساواة والنفع المتبادل والمصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة
 
رابعاً.. مهام ما بعد انتهاء مرحلة الانتقال هي الاتي ::
 
1-العمل على اجراء انتخابات برلمانية وفق القانون الجديد ولجميع الاحزاب السياسية العراقية وتحت اشراف الامم المتحده.
 
2-المطالبة باجراء استفتاء شعبي ديمقراطي وبإشراف المنظمات الدولية حول طبيعة النظام في العراق، رئاسي  او  برلماني، والشعب هو صاحب القرار النهائي في تحديد شكل وطبيعة النظام الذي يرغب اليه.
 
4-الاقرار بتعدد الأنماط الاقتصادية في الاقتصاد العراقي، وتعزيز دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي في المجتمع والاقتصاد، وتعزيز الرقابة الشعبية على السلطة التنفيذية والتشريعية.
 
5-العمل على اعطاء الاولوية لتطوير القطاع الصناعي والزراعي وقطاع السكن، اضافة الى وضع استراتيجية واضحة لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي وقطاع الصحة.
 
6-وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وبعيداً عن المحاصصة والمحسوبية  التي دفع شعبنا الابي ثمناً باهظا بسببها منذ عام 2003 ولغاية اليوم.
 
7-التاكيد دستوريا على حق العمل للمواطن، ومجانية التعليم والصحة والسكن للفقراء ويجب أن يتضمن الدستور الجديد ذلك.
 
8-العمل على ضمان حرية التعبير والاعتقاد وحرية الصحافة... وفق الدستور الجديد وبما يضمن الامن والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والامني والعسكري للمجتمع.
 
9-المطالبة بتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية في المجتمع وانهاء كامل لنظام المحاصصة السياسي والطائفي والقومي المقيت والفاشل بامتياز.
 
10-العمل على تعزيز وحدة العراق ارضاً وشعباً وثروةً  لصالح الشعب العراقي وفق الدستور الجديد،
 
11-العمل على تشريع قانون الخدمة الإلزامية للشباب وفق اسس واضحة،والعمل على تعزيز القوة العسكرية للعراق وفق عقيدة وطنية وهي الدفاع عن العراق ارضاً وشعباً وثروةً وابعاد عناصر الدمج من الجيش العراقي واعادة النظر بتركيبة وزارة الداخلية والامن الوطني......،
 
12-عدم السماح بالتدخل في الشؤون الداخلية للعراق من قبل القوى الدولية والاقليمية
 
النصر حليف شعبنا العراقي
النصرحليف الثورة الشعبية الشبابية السلمية

5
مقترح الى المتظاهرين السلميين الابطال

نجم الدليمي
   

الى قادة المظاهرات السلمية الاحرار.

اولا..نقترح عليكم عدم الاستجابة لطلب حكومة ع.ع.وفريقه،او قادة الاحزاب، الكتل المتنفذة في السلطة حول ضرورة كشف اسماء قادة المظاهرات السلمية من اجل التفاهم معهم وايجاد مخرج لحل الأزمة في البلد،انه فخ وخدعة من قبل السلطة الحاكمة ومن يقف خلفها لكي يتم التعرف على قادة المظاهرات السلمية، وهناك احتمالين، الاول يتم ((قط))من يقاوم رائ حكومة عادل عبد المهدي اي يتم تصفيتهم والحجج جاهزة لديهم وعبر اساليب متعددة وهذه تشكل خسارة كبيرة للشعب العراقي وللثورة الشعبية الشبابية السلمية، الاحتمال الثاني.تقوم السلطة وعبر اجهزتها القمعية بممارسة الضغوطات المختلفة على قيادة لجنة المفاوضات للمتظاهرين السلميين، عليهم،على عوائلهم... وبالتالي الرابح الأكبر هو السلطة.

ثانياً.. في حالة وجود الضرورة القصوى لتحديد ممثلي الثورة الشعبية السلمية يمكن تحديد ما بين 2-3من قادة المظاهرات السلمية من ذوي الخبرة والمعرفة السياسية ومن اصحاب المواقف المبدئية والوطنية ويتم ذلك عبر ممثل منظمة الأمم المتحدة في العراق وبحضوره في المباحثات وفق جدول معد مسبقاً، وان اي قرار نهائي للمباحثات ليس من صلاحية الوفد المفاوض بل الرجوع إلى قيادة الثورةالشعبية السلمية من اجل التشاور واتخاذ القرار النهائي وتبلغ السلطة بذلك.

ثالثاً.. من الضروري تشكيل لجنة ضل لقيادة الثورة الشعبية غير معروفة للنظام واجهزته القمعية بهدف حماية قادة المظاهرات السلمية واستمرار الثورةالشعبية السلمية حتى تحقيق الهدف المطلوب.

رابعاً.. على المتظاهرين السلميين وقاد الثورة الشعبية الشبابية السلمية ان يدركوا الحقيقة الموضوعية وهي ان الوقت يسير لصالح الثورة الشعبية الشبابية السلمية وليس لصالح السلطة، فالصمود والسلمية والأناشيد الوطنية ورفع العلم العراقي واللحمةالحميمة بين الثوار الاحرار، والحذر من المندسين من قبل السلطة الحاكمة وكشفهم.......، كلها تشكل عوامل اساسية لنجاح الثورةالشعبية السلمية.

النصر حليف شعبنا العراقي.
النصر للمتظاهرين السلميين.
النصر للثورة الشعبية الشبابية السلمية.
 


6
من((منجزات)) عادل عبد المهدي خلال عام من حكمه؟
د.نجم الدليمي
 
 
عادل عبد المهدي مجرم بامتياز
1-استخدم عادل عبد المهدي وفريقه منذ الاول من شهر اكتوبر ولغاية 24،منه،اسلوب قذر لقمع المتظاهرين السلميين من خلال استخدام قناصين مجرمين مدربين بشكل جيد والغالبية العظمى منهم هم من المليشيات المسلحة التابعة للأحزاب السياسية المتنفذة في السلطة ومن مليشيات مسلحة اخرى تابعة لاحزاب مدعومة من قبل قوي اقليمية، وخلال الفترة المذكورة استشهد العشرات من الشباب الثائر سلمياً برصاص القناصين المجرمين وغيرهم، وشنت حملة اعلامية في الداخل والخارج لاستنكار ما يقوم به ع.ع وفريقه ناهيك عن المئات من الجرحى، والمعتقلين والمختطفين من قبل السلطة والمليشيات.
 
2-بعد25 من شهر اكتوبر ولغاية اليوم بدا عادل عبد المهدي وفريقه باستخدام مكثف لسلاح جديد وهو القنابل المسيلة للدموع التي تكاد تكون غير مالوفة حسب راي المختصين يصل وزن القنبلة الواحدة ما بين220-250غرام (العادية ما بين25-50 غرام).
 
3-ان الشئ المتعارف عليه هو ان القنابل المسيلة للدموع تستخدم لتفريق المتظاهرين السلميين ويتم اطلاقها بشكل مرتفع وبعيدة نسبياً ولن تلحق اي ضرر للمتظاهرين السلميين، اما عادل عبد المهدي وفريقه فقد استخدم قنابل مسيلة للدموع وهي غير مالوفة ويتم اطلاقها من مسافات غير  بعيدة يتم توجيهها مباشرة نحو المتظاهرين السلميين والهدف للمجرمين هو نحو راس او صدر المتظاهر بحيث تعمل حفرة في صدر المتظاهر او تعمل فجوة كبيرة في راس المتظاهر السلمي ، والشباب الثائرون سلمياً يدركون ذلك ولديهم ادلة كثيرة حول جرائم عادل عبد المهدي.
 
4-لقد وصل عدد الشهداء والجرحى اكثر من 12000 شخص والغالبية العظمى منهم مصاب بجروح خطيرة جدا، والشهداء تجاوز عددهم اكثر من 300شهيد،ناهيك عن المئات بل الالاف من المعتقلين والمختطفين وغير معروف مصيرهم لغاية الآن.
 
5-يطرح سؤال مشروع؟ ، لمصلحة من يتم كل ذلك؟وانتم تدّعون الاسلام والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، ألم يصل عادل عبد المهدي وحكومته وقادةالكتل، وقادة الاحزاب السياسية المتنفذة في السلطة عن طريق الاحتلال الاميركي منذ عام 2003 ولغاية اليوم .
ان ثورة اكتوبر الشعبية السلمية هي افضل نموذج حي وملموس وديمقراطي شعبي يقدمه الشعب العراقي الذي فقد الثقة في النظام الحاكم، فقد الثقة بقادة الكتل السياسية الحاكمة، وفقد الثقة بقيادة الاحزاب السياسية المتنفذة في السلطة  التنفيذية، والتشريعية،  وعليكم الاستجابة لمطالب الشعب العراقي والمتظاهرين السلميين بالرحيل عن السلطة  ،والشعب هو صاحب القرار النهائي في ذلك ولا تتعكزوا على دستور بريمر الذي لا يعبر عن مصالح وتطلعات الشعب العراقي
 
6-نقترح على قادة المظاهرات السلمية والمتظاهرين السلميين، وقادة الاحزاب الوطنيه والتقدمية واليسارية ان يقدموا شكوى ضد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وفريقه الى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، الى منظمة الامم المتحده، الى مجلس الامن، الى دول الاتحاد الأوروبي الى منظمة حقوق الإنسان الدولية وغيرها من المنظمات الدولية الاخرى تبين وتؤكد جرائم رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وفريقه من المشاركين في حرب الابادة ضد المتظاهرين السلميين


7
مسيرة نضالية مشرفة
   دروس وعبر

 
(بمناسبة الذكرى الـ 85 لميلاد
 حزبنا الشيوعي العراقي 1934ـ2019 )
 
                                                         بقلم الدكتورنجم الدليمي
 

مقدمة
  في31/3/1934 ، يحتفل الشيوعيون العراقيون واصدقاؤهم بذكرى ميلاد حزبهم المجيد ، حزب الشهداء ، حزب فهد ـ سلام عادل ، الذي كان عن حق حزبا وطنيا وثوريا في ظل قيادة ثورية حقة ، انه الحزب الذي قدم عشرات الالاف من الشهداء من اجل (وطن حر وشعب سعيد ). لايوجد حزب شيوعي في العالم قدم مثل ما قدمه الحزب الشيوعي العراقي من تضحيات جسام ، واولها اقدام الانظمة الرجعية والعميلة والفاشية على اعدام مؤسس الحزب الرفيق فهد عام 1948 ، وبعده سكرتير الحزب الشيوعي سلام عادل عام 1963 في استشهاد بطولي نادرا ان يحدث في تاريخ العراق الحديث .
  لا يمكن فهم ودراسة اللوحة السياسية والصراع السياسي والطبقي في العراق منذ العشرينات من القرن الماضي ولغاية اليوم من دون الرجوع الى التاريخ النضالي المشرف للحزب الشيوعي العراقي ومعرفة دوره ومكانته في المجتمع العراقي ، حيث كان له دورا فاعلا وحضورا مشهودا له في الميدان الفكري والسياسي والجماهيري والاقتصادي ـ الاجتماعي .
  ان ذكرى تأسيس حزبنا الشيوعي العراقي ، هي ذكرى بالغة الاهمية في مسيرة الحزب والشعب العراقي ، وعلى الشيوعيين العراقيين المخلصين لحزبهم وفكرهم النيير ان يقيّموا هذه المسيرة النضالية الهامة لحزبهم ، وبكل جوانبها الايجابية والسلبية ، من اجل اخذ الدروس والعبر ومواصلة النضال المبدئي والجاد الذي رسمه مؤسس حزبنا الرفيق فهد والرفيق سلام عادل .
 
 اولا : وصايا هامة
  في 26/1/1924 ، القى الرفيق ستالين ، وصايا هامة للرفيق الخالد لينين ، حول الحزب ـ وقال : علينا ان نحافظ ونتمسك وبشكل كبير وعال بلقب عضو الحزب الشيوعي ،وان نحافظ على الحزب كما نحافظ على قرة العين ، وان نصون ونرسخ ديكتاتورية البروليتاريا (سلطة الشعب ) ،وان نعزز ونوطد بكل قوانا وحدة العمال والفلاحين .
  ان هذه الوصايا الهامة كانت ولا تزال وستبقى حية ومفيدة ونافعة لآي حزب شيوعي ثوري حقيقي ، ولكننا نطرح سؤلا مشروعا : منذ خط آب التحريفي عام 1964 ولغاية اليوم ، هل أن قيادة الحزب الشيوعي العراقي المتمثلة بالسيد عزيز محمد ، وحميد مجيد ، ورائد فهمي قد التزموا بهذه الوصايا الهامة لحزب فهد وسلام عادل ؟ نقول لا والف لا ، بل هم عملوا بشكل مباشر او غير مباشر على تفتيت الحزب الشيوعي العراقي ، واضعاف دوره ومكانته في المجتمع العراقي ، وبالتالي اوقعوا الحزب في وضع لا يحسد عليه وفي جميع الميادين التنظيمية والسياسية والفكرية ، وجعلوه مريضا سريريا ، بسبب تخليهم عن الثوابت المبدئية،فلا حزب ثوري بدون وحدة فكرية ثورية ، ولا حزب ثوري بدون نظرية ثورية ، وبدون وحدة تنظيمية مبدئية وسليمة .
 
ثانيا : لاحياد عن الثوابت المبدئية
  ان الاحزاب الشيوعية ،هي احزاب طبقية وثورية ، تستند في نضالها العادل والمشروع على ثوابت مبدئية ، ومن اهم هذه الثوابت المميزة للاحزاب الشيوعية هي الاتي :
1- ينبغي الالتزام الثابت بالنظرية الماركسية ـ اللينينة، كدليل عمل لها والدفاع عنها وعن قادتها ، والعمل على تطويرها واغناءها حسب ظروف عمل ونشاط كل حزب شيوعي ، فالماركسية خارج اللينينية ،لا تتجاوب ومصالح الطبقة العاملة وحلفاؤها ، وان فصل الماركسية عن اللينينية ، يعد نهجا تحريفيا وانتهازيا ومدان ويلحق الضرر بمصالح الشغيلة وحلفاؤها ،فلا يمكن فصل الرأس عن الجسد .
2- الالتزام بقانونية الصراع الطبقي في ظل المجتمع الطبقي ، وقانون الصراع الطبقي هو المحرك الرئيس لتطور المجتمع الطبقي .
3- من الضروري الالتزام بدكتاتورية البروليتاريا (سلطة الشعب) وبدونها لايمكن بناء المجتمع الاشتراكي كهدف سامي ومشروع ، فهي ترعب الطبقة البرجوازية ولكن يجب ان لا ترعب من يدعي انه قائد شيوعي ، سكرتير حزب شيوعي ؟ .
4- يجب الالتزام بمبدأ التضامن الاممي والاممية البروليتارية ،لان الطبقة العاملة وحزبها الشيوعي يحتاجون باستمرار الى التضامن والاسناد والدعم من الاحزاب الشيوعية واليسارية العالمية ،بالضد من تسلط وقهر واستغلال الطبقة البرجوازية الحاكمة في المجتمع الطبقي .
5- يجب على الحزب الشيوعي ان يلتزم ويتمسك بالوحدة الفكرية والتنظيمية على اساس الفكر الماركسي - اللينيني ، وان يلتزم ويطبق ويحترم مبدأ المركزية الديمقراطية ، ومبدأ النقد والنقد الذاتي ، في حياة الحزب من اعلى ىسلطة حزبية الى ادنى سلطة حزبية وفق النظام الداخلي ، وان يحافظ على هويته واستقلاليته الوطنية والطبقية والأيديولوجية والتنظيمية ، وان يكون حقا قائدا سياسيا للطبقة العاملة وحلفائها .
6- ينبغي الالتزام المبدئي في النضال لمحاربة التيارات الانتهازية والتحريفية والقومية المتطرفة داخل الحزب ، وكما أكد لينين ، يجب ان يكون نضال حزبنا موجها ضد الانتهازية والوصولية والبيروقراطية ،التي اصبحت الآن اداة منظمة للطبقة البرجوازية داخل الحركة العمالية .
7- من الضروري الالتزام المبدئي والثابت بالدفاع عن الوطن وصيانة استقلاله وسيادته ووحدته الوطنية ، وهذا يتطلب بنفس الوقت النضال المبدئي والجاد ضد النظام الامبريالي العالمي بقيادة الامبريالية الاميركية المتوحشة والاجرامية والعدوانية التي تهدف الى اختراق واضعاف وتفتيت وتخريب الحركة الشيوعية العالمية وتقويض حركة التحرر الوطني في البلدان النامية ونهب ثروات الشعوب والعمل على زرع عملاؤها وطابورها الخامس في الاحزاب الشيوعية والانظمة الوطنية التقدمية ، وغورباتشوف وفريقه الخائن خير دليل على ذلك ، وهناك عشرات بل ومئات مثل غورباتشوف في الاحزاب الشيوعية والوطنية والتقدمية مع شديد الأسف ،ولكنها حقيقة موضوعية .
  يمكن القول وخلال المسيرة النضالية المشرفة لحزبنا الشيوعي العراقي لـ 85 عاما ،قد رافقتها صعوبات كثيرة وبنفس الوقت نجاحات ملموسة وبالاخص اعوام 1934-1958 ومنها صمود حزب فهد- سلام عادل تنظيميا وفكريا وجماهيريا رغم حملات الاعتقالات والاعدامات ... وثورة تموز عام 1958 ومنجزاتها الكثيرة في الميدان الاقتصادي والاجتماعي والعلاقات الخارجية ، ولكن منذ خط آب 1964 ولغاية اليوم ، فان حزب فهد - سلام عادل تم اختطافه من قبل قيادة السيد عزيزمحمد وفريقه والمؤتمر الرابع انموذجا، واستمر على نفس النهج السيد حميد مجيد ورائد فهمي ، فهؤلاء القادة  قد ابتعدوا عن الثوابت المبدئية التي يتميز بها كل حزب شيوعي بشكل عام . ومن المؤتمر الخامس الذي شكل نقطة تحول تحريفية - انتهازية خطيرة في تاريخ حزب فهد - سلام عادل بشكل خاص ، حيث تم التخلي الكامل عن الثوابت المبدئية تحت غطاء ما يسمى بالتجديد والديمقراطية ، وعلى غرار نهج الخائن غورباتشوف - البيروسترويكا ، وبالنتيجة اصبح لدينا اليوم حزب شيوعي بالشكل فقط وبقيادة اصلاحية - ليبرالية ليس لها علاقة بالفكر الشيوعي من حيث المبدأ اما ( الدراويش ) فهم في سبات اهل الكهف لا يفكرون بما يحدث من حولهم لانهم " يعبدون " القيادة بلا وعي متكامل ، هذه هي الحقيقة الموضوعية المرة ، التي يجب ان يدركها اعضاء والكادر المخلص في الحزب سواء اكانوا داخل التنظيم ام خارجه !.
ثالثا : مع مبدأ التحاف ... ولكن
   لا اعتراض على مبدأ التحالف ، ولكن هناك اسئلة مشروعة في هذا الموضوع : مع أي قوى سياسية نتحالف ، مع قوى حاكمة ام مع قوى غير حاكمة ؟ لماذا نتحالف ومع من نتحالف ؟ وماهي المرحلة التي يعيشها الشعب وقواه السياسية ؟ ماهي طبيعة النظام الحاكم ؟ وغيرها من الاسئلة المشروعة .
  خلال المدة 1968 -1973 وجه نظام صدام حسين حملة ارهابية شعواء ضد الحزب الشيوعي العراقي وخاصة القياديين (المعارضين لنهج التحالف) وكذلك لكوادر واعضاء الحزب ، هدفها هو ممارسة الضغوطات على الحزب بهدف قبول مشروط لجبهة صدام اللاوطنية ، وقدم الحزب شهداء عديدين في مقدمتهم شاكر محمود وستار خضير وعلي البرزنجي وكاظم الجاسم وعبد الامير سعيد وغيرهم من الرفاق الاخرين .
  خلال المدة 1973 -1980 ،وقعت الجبهة اللاوطنية وكانت القاعدة الحزبية وكادرها واغلب قيادة الحزب لديهم تحفظات على شروط الجبهة اللاوطنية ، وبسبب ضغوطات وارهاب النظام الحاكم ضد الحزب الشيوعي والرغبة الجامحة لعزيز محمد وعامر عبد اللة وبتشجيع من السوفييت في اقامة الجبهة حتى يقول عامر عبد اللة " مستعد اوقع على البياض ... " وعقدت الجبهة بشروط شبه استسلامية لقيادة عزيز محمد -عامرعبداللة لصالح حزب صدام ، حيث تم الاعتراف فعليا لحزب صدام بقيادة الجبهة اللاوطنية وحل المنظمات الجماهيرية للحزب وتسليم قيادة الدولة لحزب البعث وحل التنظيمات العسكرية التابعة للحزب ، وغيرها من التنازلات التي لم يصدقها حتى الطاغية وفريقه ، وهذا ما قاله في جلسة خاصة نعيم حداد . ان قيام الجبهة اللاوطنية تم بفعل ثلاث عوامل - ضغط وارهاب النظام الحاكم - والرغبة اللامحدودة لعزيزمحمد وعامرعبد اللة - وضغط الرفاق السوفيت من امثال بريماكوف وياكوفلييف وغيرهم . وخلال المدة المذكورة لم تتوقف حملة الارهاب 1973-1978 وبالتالي خرج الحزب رسميا من الجبهة عام 1980 .
  ان من المفارقات الكارثية وضعف الوعي الفكري لا نقول اكثر من ذلك هو ان قيادة الحزب توصلت الى استنتاج خاطئ وكافر الا وهو " يدا بيد نبني الاشتراكية !".
أي اشتراكية ؟ وفي ظل قيادة أي حزب ؟ ثم يقول عزيز محمد ( ثورتنا بخير ، صدام بخير ، جبهتنا بخير، والتطور اللاراسمالي بخير ...ومن لا يرضى بهذا فالباب يسع الجميع ) .  شوكت خوزندار، ص 262 . وفي 29/7/1987 وفي دمشق يخاطب عزيز محمد شوكت خوزندار " ابو جلال انا لوحدي اقمت الجبهة ووقعت الجبهة " ص 239،ان الهدف الرئيس للجبهة من قبل صدام حسين هو كشف تنظيمات الحزب بالكامل وبعدها توجيه الضربة المنظمة للحزب وخاصة لقاعدة الحزب وكادره بالدرجة الاولى ، حيث قال حتى لو تهدمت الكعبة يستمر الضجيج لمدة شهر وينتهي ، يقصد بذلك شن حملة واسعة ضد الحزب الشيوعي العراقي ، حتى لو ثارت الضجة الاعلامية في البلدان الاشتراكية لا تتعدى اكثر من شهر وتنتهي ، وهو بذلك قد كسب ود الرجعية العربية والامبريالية الاميركية وحلفائها في الغرب الامبريالي ، بدليل تم اعتقال نحو 250 الف عضو وصديق للحزب ولفترات طويلة ، وتم اعدام المئات من الرفاق والرفيقات لكونهم اعضاء بالحزب الشيوعي العراقي ، ناهيك عن الاغتصاب والتعذيب الوحشي وغيرها من الممارسات الفاشية ضد معتنقي فكر انساني .
  الغريب في الامر ان قيادة الحزب عزيز محمد - فخري كريم - حميد مجيد - رائد فهمي ... لم تتعض من التجربة الفاشلة والخاطئة والمريرة بالتحالف مع حزب صدام حسين والخسائر الكبيرة للحزب في صفوف اصدقاؤه واعضاؤه وكادره بالدرجة الاولى ( فتقوم بالتوقيع مع الاتحاد الوطني في شباط عام 1983 على وثيقة من قبل اعضاء المكتب السياسي تضمنت تطوير التحالف حتى بناء الاشتراكية ) عدنان عباس ، هذا ما حدث ، ص 302.أي اشتراكية بنيتم مع الطاغية صدام؟ وأي اشتراكية تريدون بنائها مع طاغية ودكتاتور على حزبه وشعبه ؟
  في آيار عام 1983 أقدمت قيادة الأتحاد الوطني بزعامة جلال - نيشروان بارتكاب جريمة بشعة ونكراء بالهجوم على مقر حزبنا الشيوعي العراقي وبالتنسيق والتعاون مع اجهزة نظام صدام مقابل مبلغ تافه ، لم يدفع لهم من قبل النظام كما تشير المصادر ، وراح ضحية هذا الهجوم الفاشي اكثر من 150 رفيق ورفيقة وحذاء كل من هؤلاء الرفاق الابطال يشرف الطغمة الفاشية ،فأي مستوى من الوعي السياسي والفكري لقيادة الحزب التي تكرر الاخطاء ، وهل هي صدفة ام خيانة ؟ المستقبل القريب سيكشف لنا الحقيقة الموضوعية .
  لقد فشلت قيادة الحزب الشيوعي ، عزيز محمد ، حميد مجيد ، رائد فهمي في جميع التحالفات السياسية من عام 1973 ولغاية اليوم ، والمتمثلة بالجبهة اللاوطنية عام 1973 وفي تحالف جود وجوقد والتحالف مع اياد علاوي وكذلك التحالف مع مثال الالوسي وفايق الشيخ علي وتحالف سائرون ودخول سائرون بتحالف مع تحالف الاصلاح والبناء وهذا التحالف يضم عمار الحكيم وأياد علاوي والمالكي وهادي العامري واسامة النجيفي وقيس الخزعلي وخميس الخنجر ، ان جميع هذه التحالفات السياسية فاشلة لانها متنافسة فيما بينها على تقاسم السلطة والثروة بالدرجة الاولى وهي خاضعة تحت اشراف وضغوطات اقليمية ودولية وفاقدة الاستقلالية في اتخاذ القرار السياسي والاقتصادي والامني والعسكري ...، ونقول لقيادة الحزب الشيوعي الحالية وللسيد رائد فهمي وفريقه المتنفذ بعد فشل هذه التحالفات ! مع من ستتحالفون بعد هذا ؟؟؟.
  نعتقد ان السبب الرئيس لتخبط قيادة الحزب ، عزيز محمد ، حميد مجيد ، رائد فهمي ، والركض السريع وراء الاوهام ، يعود الى التخلي عن الثوابت المبدئية للحزب ، ووجود دكتاتورية السكرتير العام على المكتب السياسي واللجنة المركزية ، وغياب الديمقراطية داخل الحزب بشكل عام وفي قيادته بشكل خاص ، وعدم الاخذ براي القاعدة الحزبية والكادر الحزبي في القضايا الهامة والمصيرية ، مثل التحالفات السياسية ، حل المنظمات الشبابية والطلابية والنسائية ... عام 1973 ارضاء لرغبة صدام حسين ، وكذلك ما حدث في جميع التحالفات السياسية الاخري وخاصة التحالف مع سائرون ، اما تحالف سائرون مع تحالف الاصلاح والبناء نعتقد حتى بعض قيادة - كادر الحزب لم يعرف بذلك ؟؟.
رابعا : مؤتمرات الحزب بين الشرعية واللاشرعية
  ان عقد مؤتمر للحزب يجب ان يشكل نقلة نوعية في حياة الحزب وفي كافة ميادين العمل الحزبي ، وان يضع له هدفا مركزيا ضمن المرحلة المحددة التي يعيشها الحزب ، وان يعمل المؤتمر على تعزيز وحدة الحزب التنظيمية والفكرية والجماهيرية والسياسية  ، وان يعقد المؤتمر وفق الشرعية والديمقراطية ، وان لا يكون المؤتمر اسلوبا لتصفية الحسابات مع الرفاق الذين لديهم وجهة نظر معينة ، وان يبتعد اعضاء المؤتمر وخاصة المتنفذين فيه عن اسلوب التكتلات والتآمر والانقلاب الحزبي بهدف تصفية وابعاد الرفاق ، لأن هذا يعني ان المؤتمر لم يكن شرعيا ، بل هو انقلاب فوقي وتامري ويعمل على تمزيق وحدة الحزب ، وهذا ما حدث في المؤتمر الرابع عام 1985، وهومؤتمر غير شرعي .
  وان مؤتمرات الحزب من الثالث حتى المؤتمر العاشر ، كانت تتسم بسمات غير مبدئية  وغير ديمقراطية ، من خلال وجود التكتلات الحزبية قبل وداخل المؤتمر ، وبين ما يسمى بالجناح اليميني واليساري ، وتلعب الارتياحات والعلاقات اللامبدئية مع القادة المتنفذين في الحزب دورا كبيرا في الترشيح لعضوية اللجنة المركزية للحزب ، في حين الكادر المبدئي الملتزم والكفؤ وله تاريخ نضالي مشرف وغير متملق يتم تجاهله وابعاده ، وعدم حضوره للمؤتمر . يشير الرفيق شوكت خزندار الى الرفيق الشهيد البطل الدكتور  صفاء الحافظ  وعدم ترشيحه لعضوية اللجنة المركزية ، وحسب رأي القيادي في الحزب سليمان اسطيفان ،لا تنطبق عليه الشروط الثلاثة وهي ان يكون ( اخرس ، اطرش ، اعمى )، أي موافج ،ص 289. وهذا ينطبق ايضا على الشهيد الدتور صباح الدرة .
  يعد المؤتمر الرابع من اخطر المؤتمرات من الناحية التنظيمية والشرعية وغياب الديمقراطية في حياة الحزب من عام 1934 ، ويشير الرفيق شوكت ( جاء المؤتمر ليشرع الانقلاب الفكري والسياسي والتنظيمي داخل الحزب ، حيث عقد المؤتمر باسلوب تأمري ... ويعد اكبر ضربة للشرعية الحزبية ) ص 218 . وكما يؤكد الرفيق عدنان عباس الى ( ان ما تم تدبيره بصورة تآمرية من قبل حلقة ضيقة من اعضاء القيادة الذين استهدفوا اقصاء نصف اعضاء اللجنة المركزية من مراكزهم القيادية ) ص  289. ويوضح الرفيق الدكتور رحيم عجينه ان (انتخابات المندوبين للمؤتمر رافقه نقصا بالغا في مجال تطبيق الديمقراطية ... وافراط في البيروقراطية وحرمان القاعدة من انتخاب ممثليها للمؤتمر ) ص 175 . وكما بين الرفيق أراخاجادور الى ( انه مؤتمر لموظفين حزبيين المطلوب منهم المصادقة على وثائق اعدت واقرت على عجل لأضفاء الشرعية على اشخاص اثبتوا ضعفهم وعدم مقدرتهم وعجزهم وخشيتهم ونفورهم من أي محاسبة شرعية موضوعية ) ص 44 .
  ان الغريب في المؤتمر ان يحصل عزيز محمد على موافقة المؤتمر بأختيار (10) اعضاء جدد للجنة المركزية وعدم معرفة أي شئ عنهم من قبل المؤتمر او اعضاء اللجنة المركزية ، وتم ذلك تحت غطاء وهمي ومخادع الا وهو السرية في العمل ! !. وان بعضهم تم اختيارهم من العناصر غير المرغوب فيهم واطلق عليهم ( العشرة المبشرة ) ، وهذا الاسلوب اللاشرعي تم لاول مرة بتاريخ الحزب . ويضيف السيد عزيز محمد في اجتماع اللجنة المركزية ( اننا اجتمعنا لكي يلغي نصفنا النصف الآخر )، عدنان عباس ص 290 . انه انقلاب فوقي غير شرعي وتآمري قاده عزيز محمد وفريقه المتنفذ ، حيث اعتمد في المؤتمر الرابع ( مبدأ ) وهو = بقص الحواشي الرخوة = وفي النهاية  وبعد ترتيب البيت الداخلي وفقا لرغبات عزيز محمد وفريقه ، تم تسليم قيادة الحزب في المؤتمر الخامس عام 1993 للوريث الشرعي السيد عزيز مجمد .
  ان المؤتمر الخامس للحزب ، كان اخطر مؤتمر في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي من الناحية الفكرية - الآيديولوجية ، حيث تم تحويل حزب فهد - سلام عادل من حزب ثوري طبقي الى حزب اصلاحي - ليبرالي وفق شعارات المؤتمر ، التجديد ، الديقراطية ... وتم ذلك على غرار مافعله الخائن والمرتد غورباتشوف عبر البيروسترويكا للاعوام 1985 -1991 ، وشعاراتها الجوفاء الكاذبة ،( الديمقراطية ، العلنية ، التجديد ...) . وخلال قيادة السيد حميد مجيد " ابو داود " للحزب للمدة (1993 -2016) تم تسليم القيادة للسيد رائد فهمي ، وتم تقديم ( العشرة المعصومين ) واغلبهم لا يستحقون ذلك ولم يكن مصيرهم افضل من مصير ( العشرة المبشرة ) ، حيث اغلبهم اليوم خارج التنظيم الحزبي .ان الابتعاد والتخلي عن الثوابت المبدئية قد ادى الى ارباك واضعاف الحزب في الميدان افكري والتنظيمي والسياسي والجماهيري ، والواقع الذي نعيشه الآن وخاصة بعد الاحتلال الاميركي ومشاركة السيد حميد مجيد بمجلس الحكم البريمري الاميركي          والاستمرار بالعملية السياسية الفاشلة والمرفوضة من قبل اكثر من 80% من الشعب العراقي ودخول قيادة الحزب في تحالفات سياسية متناقضة مع فكر فهد - سلام عادل ادى كل ذلك الى ( تحول الحزب منذ فترة طويلة الى سفينة بلا اتجاه في بحر هائج ). آرا خاجادور ، ص 119 . وكما يشير ايضا ( ان الحفاظ على اسم الحزب عندهم حاليا هو لضرورة المصلحة ، ولمهمات انتهازية ومن اجل خدمة " الرسالة الراهنة والعصرية " للغزاة ، ومن اجل عدم الانكشاف امام من تبقى لهم من جماهير ، وهم يؤجلون موضوع التخلي النهائي الى وقت اخر لاحق ...) ص178 . يمكن طرح سؤال مشروع على رفاق واصدقاء الحزب : هل استطاعت قيادة الحزب منذ عام 1964 ولغاية اليوم ، صيانة والحفاظ على وحدة الحزب الفكرية والتنظيمة ، وهل سارت هذه القيادة على نهج سياسة الرفيق فهد -سلام عادل من اجل تحقيق الشعار الرئيس ( وطن حر وشعب سعيد ) .
  نؤكد ماقاله الرفيق فهد ، مؤسس حزبنا الشيوعي العراقي عند النطق بحكم الاعدام وفي ليلة تنفيذ اعدامه قال ( ان مات فهد ، ففي العراق فهود) .
 
المراجع
 
1- مؤلفات الرفيق فهد ، من وثائق الحزب الشيوعي العراقي ؛ 1934 - 1974، منشورات الثقافة الجديدة ، بغداد .
2- سلام عادل ، سيرة مناضل ، ثمينة ناجي ، نزار خالد ،الجزء الاول والثاني ، بغداد دار الرواد للطباعة والنشر ، الطبعة الثانية ، السنة 2004 .
3- آراخاجادور وسكنيان ، نبض السنين ، ( حول الصراعات داخل الحركة اليسارية والوطنية ، بيروت ، الطبعة الاولى ، السنة 2014 .
4- د. رحيم عجينه ، الاختيار المتجدد ، ، ذكريات شخصية وصفحات من مسيرة الحزب الشيوعي العراقي ، بغداد ، السنة 2009 .
5- شوكت خزندار ، سفر وحطات ، ( الحزب الشيوعي العراقي ... رؤية من الداخل ) بيروت ، السنة 2005 .
6- عدنان عباس ، هذا ما حدث ، دمشق ، دار كنعان للدراسات والنشر والتوزيع ، السنة 2008 .
7- صباح زيارة  ، اختطاف الحزب الشيوعي العراقي ، دار سلام عادل للنشر ، الطبعة الاولى ، السنة 2014 .
8- د. نجم الدليمي ، رؤية مستقبلية حول ضرورة وحدة الشيوعيين العراقيين ، واقع وافاق الديمقراطية في العراق المرحلة ما بعد عام 2014 ( بمناسبة الدكرى الـ 80 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي ) دار الآداب للطباعة والنشر ،بغداد ، السنة 2014 .
9- د, نجم الدليمي ،لينين والحزب ، (بمناسبة الذكرى 134 عاما على ميلاد لينين ، جرية الطريق ، العدد الثالث عشر ، بغداد 2013 .
 
                                                                         موسكو
                                                                   27/3/2019
 

8
نظرة من الداخل :
 
       ملاحظات أولية حول نتائج الانتخابات الرئاسية في روسيا الأتحادية *

 
اولا- في 18/3/2018 جرت الانتخابات الرئاسية في روسيا الأتحادية ، وشارك فيها 8 مرشحين ، ويمكن القول أن الصراع الرئيس حول رئاسة روسيا كان ولايزال  بين حزب السلطة - حزب روسيا الموحدة اي بين فلاديمير بوتين المرشح ( المستقل ) والمدعوم من قبل الحزب الحاكم ، ، وبين الحزب الشيوعي الروسي ، أما القوى الليبرالية المشاركة في الانتخابات فليس لها وزن وتأثير ملموس في الساحة السياسية في روسيا  بالرغم من دعم الغرب واميركا لها ،اما بقية المرشحين الأربعة فهم  " حلفاء - اصدقاء "  لحزب السلطة وكان دورهم أشبه باللعبة السياسية والمسرحية الفاشلة وتم ذلك تحت غطاء <الديمقراطية > والمناظرات السياسية .
  يلاحظ أن جميع المرشحين كانوا يشنون هجوما منظما عبر المناظرات السياسية التلفزيونية على مرشح الحزب الشيوعي الروسي بافل غرودين ، حتى وصلت بهم الوقاحة للتعرض لاموره الشخصية بهدف تشويه سمعته أمام الجمهور الروسي الناخب ، وكان هذا الهجوم افتراء ومخطط له مسبقا ،علما أن فلاديمير بوتين كمرشح  " مستقل "  لم يشارك في المناظرات السياسية .
ثانيا - ان الخطأ الكبير الذي ارتكبته قيادة الحزب الشيوعي الروسي في الانتخابات الرئاسية هو ترشيحها لمرشح من خارج اطار الحزب الشيوعي الروسي ، الا وهو بافل غرودين ،الذي هو ( صديق الحزب ورجل اعمال ثري وناجح ،كرئيس "مزرعة " لينين ، ويقال عنه انه كان عضوا في حزب السلطة الحاكم ، حزب روسيا الموحدة )!!.
  يمتلك الحزب الشيوعي الروسي من الكوادر السياسية والاقتصادية والاجتماعية ... ومن ذوي الخبرة والتجربة في ميدان ادارة الدولة ما يؤهلهم لقيادة الدولة الروسية ،وكان الأجدر بقيادة الحزب الشيوعي الروسي منذ انتهاء الانتخابات الرئاسية عام 2012 من أن تدرس وتقيم النتائج السلبية على دور الحزب ، وأن يتم تشخيص رفيق مؤهل لهذه المهمة ويتم اعداده خلال الفترة 2012 -2018 ،وكان بامكانه الحصول على نتيجة ايجابية بما لا يقل عن 30 -35 % من الاصوات ، وليس كما حصل بافل غرودين على ما يقدر 12 % من الاصوات .
  ان السياسة الاصلاحية التي اتبعتها قيادة الحزب الشيوعي الروسي منذ عام 1992 ولغاية اليوم قد افرزت نتائج سلبية على دور ومكانة الحزب الشيوعي الروسي في المجتمع .وأثبتت الحياة  وبالملموس فشل النهج الاصلاحي ، والدليل على ذلك الانتخابات الرئاسية لعام 1996 فكثير من الأدلة والتصريحات قد أكدت فوز زوغانوف بالرئاسة ، الا أن هذه القيادة كانت غير حازمة ومترددة ، بالرغم من أن يلتسين قد انفق على حملته الانتخابية 50 ترليون روبل بما يعادل 10 مليار دولار في حينها  علما أن الدستور الروسي قد حدد لكل مرشح نحو 14 مليار روبل ، وحتى زوغانوف لم يحصل على المبلغ المخصص دستوريا كما اعلنت الصحف الرسمية في وقتها .
ان من اهم النتائج السلبية لهذا النهج الاصلاحي هو تقلص عدد اعضاء الحزب الشيوعي الروسي من 500 الف عضو بعد تفكك الاتحاد السوفيتي الى 165 الف عضو لغاية عام 2017 ، وتقلص عدد اعضاء الحزب واصدقاؤه (كتلة الزراعيين ...) في مجلس الدوما (البرلمان ) من 218 عضوا  الى 50 عضوا لعام 2018 ، ونعتقد في حالة عدم اشراك الحزب الشيوعي في الحكومة الروسية وبشكل فاعل وجاد ، على قيادة الحزب الشيوعي الروسي ان تنتقل الى المعارضة السياسية الوطنية السلمية ، لأن دورها في البرلمان لا يقدم ولا يؤخر ولا يؤثر على القرارات والقوانين التي يشرعها الحزب الحاكم وحلفاءه في البرلمان ، بل وجود الحزب الشيوعي في البرلمان وفي هذه الحالة يشكل عاملا سلبيا على دور ومكانة الحزب الشيوعي في المجتمع الروسي ، وانتقال الحزب الشيوعي للمعارضة السياسية السلمية سيكون لصالح روسيا والمجتمع الروسي بالدرجة الاولى .
ثالثا- لقد كان فوز فلاديمير بوتين كمرشح " مستقل " مضمونا 100% ويعود السبب الرئيس كونه يقود روسيا فعليا منذ عام 2000 ولغاية اليوم ، وان اجهزة السلطة التنفيذية والتشريعية والمال والاعلام ... كلها في خدمة الرئيس بوتين اضافة الى غياب التكافؤ بين المرشحين بالمال والاعلام والنفوذ بالسلطة ، كما أن معارضته لنهج اميركا قد اكسبه وزنا وتأيدا شعبيا كبيرا من الشعب الروسي ، لأن الشعب السوفيتي بشكل عام والشعب الروسي بشكل خاص يدرك وبشكل جيد ان جميع الكوارث والمشاكل التي حلت بهم سببها الامبريالية الاميركية وحلفاءها ومؤسساتها الدولية المتوحشة والمتمثلة بصندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية وغيرها.. وبسبب هذه العوامل فأن فوز بوتين مؤكد وبلامنازع بدليل حصوله على 77% من الاصوات وبافل غرودين حصل على المرتبة الثانية بما يقارب من 12% ، وحتى لو افترضنا كان هناك تزوير وتلاعب بالنتائج ،فهذا التزوير لا يتعدى نسبة 10 -15 % في افضل الاحوال وهي تكاد تكون قاعدة معروفة في ظل انتخابات المجتمعات البرجوازية ،لذا فأن بوتين يفوز بالجولة الاولى وبلا منازع حقيقي له .
رابعا - ان الوضع الاجتماعي - الاقتصادي الداخلي في روسيا يعد وضعا معقدا وصعبا ومتناقضا بسبب الاستمرار بالنهج الليبرالي - النيولبرالي المتوحش في الميادين الاجتماعية والاقتصادية الذي لا يمثل مصالح الغالبية العظمى من المواطنين الروس ، بل مصالح  الطغمة المالية المفرطة في وحشيتها .
  ان اسؤ واخطر افرازات النهج السياسي الاقتصادي - الاجتماعي المعمول به منذ عام 1992ولغاية اليوم والتي تشكل اليوم اكبر تحدي حقيقي وملموس أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحزب السلطة والمجتمع هي كالأتي  : (1) تفشي ظاهرة الفساد المالي والاداري " الرشوة " في المجتمع فهي اشبه بمرض السرطان في جسم السلطة والمجتمع .(2 ) تنامي معدلات الفقر والبطالة وخاصة وسط الشباب وانخفاض الدخل الحقيقي للغالبية العظمى من المواطنين الروس .(3 ) استمرار تعمق الفجوة الاجتماعية - الاقتصادية في المجتمع لصالح الأوليغارشية اللصوصية ،بدليل في عام 2017 بلغت ثروة 200 مليارديرروسي نحو 485 مليار دولار ، وهذا يشكل اكثر من الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي وهي تعمل لصالح الاقتصاد الغربي بالدرجة الاولى . (4 )هناك مشاكل حادة تواجه القطاعات الانتاجية (صناعة ، زراعة ...) والقطاعات الخدمية ( تعليم ، صحة ، سكن ...) .(5 ) استمرارعملية هروب روؤس الاموال الروسية للخارج بدليل تهريب 60 ترليون روبل بما يعادل ( خمسة ميزانيات للحكومة الروسية وهي ايضا تعمل لصالح الاقتصاد الرأسمالي في الغرب الأمبريالي .( 6 ) يتسم الاقتصاد الروسي بالاقتصاد الريعي ، حيث تبلغ الايرادات المالية لبيع ( النفط ، الغاز ، الماس ... ) نحو 20 ترليون روبل ، يدخل منها للخزينة فقط  8  ترليون روبل . ( 7 ) يواجه المجتمع والنظام والاقتصاد الروسي خطر هيمنة رأس المال الأجنبي على أهم فروعه وتبلغ نسبة الهيمنة مابين 45-95% وهذا يشكل خطرا جديا وتمهيديا للأستغلال الاقتصادي والسياسي لروسيا كمجتمع وكنظام حاكم . هذه هي بعض أهم وأسؤ افرازات التحول من  الاقتصاد الاشتراكي الى الاقتصاد الرأسمالي التابع والمتوحش
خامسا - من أجل وضع حلول جذرية للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه النظام الحاكم في روسيا اليوم يتطلب اتخاذ ما يلي : (1) العمل الجاد على التغيير الجذري للنهج الاجتماعي - الاقتصادي المعمول به منذ عام 1992 ولغاية اليوم . (2) تغيير جذري في بنية وتركيبة الحكومة الروسية  من خلال ابعاد العناصر الليبرالية الموالية لأميركا وحلفاءها ومؤسساتها الدولية ، وكما نعلم أن 80% من النخبة التنفذة في السلطة هي موالية لأميركا والمؤسسات الدولية ، وان هذه النخبة تتحكم بأهم المفاصل الاقتصادية والمالية . (3)العمل الجاد على تعزيز دور ومكانة الدولة في المدان الاقتصادي - الاجتماعي لصالح المجتمع الروسي . (4) ضرورة اعادة النظر ببرنامج الخصخصة منذ عام 1992 ولغاية اليوم وفق القانون ولصالح المجتمع الروسي . (5) الخروج من منظمة التجارة العالمية لانها منظمة دمار وتخريب لاقتصاديات الدول وروسيا اليوم أنموذجا . (6) العمل على تعزيز الرقابة الشعبية على السلطة التنفيذية وفق القانون ولصالح المجتمع . (7) ينبغي تعزيز الرقابة الحكومية والشعبية على السلع المستوردة - السلع الغذائية والأدوية والمشروبات الكحولية -،لان معظمها غير صالحة للاستهلاك . (8) العمل على اشراك الحزب الشيوعي الروسي في الحكومة الروسية لما له من خبرة وتجربة في ادارة الدولة . (9) العمل على تحجيم دور ومكانة الأولغارشية الروسية الطفيلية في الميدان الاقتصادي والمالي . (10) العمل على جعل الموارد الطبيعية ( غاز ، نفط ، ماس ،غابات ...) ملكا للدولة وتحت اشرافها المباشر . (11) جعل صناعة الدخان والمشروبات الكحولية تحت مراقبة الدولة المباشر وعدم تركها في يد القطاع الخاص الماوفوي ، حيث تفقد روسيا سنويا نحو 40 الف مواطن بسبب ردائة المشروبات الكحولية والدخان .
  ان هذه الاجراءات وغيرها من المهام الرئيسية امام الرئيس بوتين بهدف تعزيز دور ومكانة الدولة في الميدان الاجتماعي والاقتصادي لصالح المجتمع الروسي والحفاظ على وحدة روسيا ارضا وشعبا ، ان تحقيق هذه الاجراءات سوف يساعد على تعزيز الاستقلال الاقتصادي والسياسي لروسيا الاتحادية ، فلا قيمة للتحرر السياسي بدون التحرر الاقتصادي ،وهذا سوف يساعد على تعزيز دور ومكانة روسيا على الصعيد الاقليمي والدولي وبالتالي سوف يتم توافق وانسجام بين السياسة الداخلية والخارجية لروسيا الاتحادية .
  ان عدم تحقيق ماتم ذكره اعلاه،فان روسيا ستكون معرضة لمخاطر جدية من الداخل من خلال  < اصدقاء وحلفاء اميركا ومؤسساتها الدولية > لأن هدف الغرب الامبريالي بزعامة اميركا كان ولايزال هو العمل على تفكيك روسيا الى دويلات مستقلة وتقويض رأس النظام في موسكو وبسط هيمنتها ونفوذها السياسي والاقتصادي على موارد روسيا وخاصة الموارد الطبيعية وتحويلها الى بلد تابع ومصدر للمواد الخام الأولية .
ان توتر  العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية بين أميركا ودول الاتحاد الاوروبي من جهة وبين روسيا من جهة اخرى يعكس حدة التناقض بين واشنطن وموسكو وبنفس الوقت  يعكس تفاقم أزمة النظام الامبريالي بزعامة أميركا وفي كافة الميادين .
  في تموز عام 1927 حذر الرفيق ستالين من خطر وسائل النظام الامبريالي تجاه الشعوب وبااستخدام كافة الاساليب اللاشرعية والقذرة والخارجة عن القانون الدولي ، وما حدث ليوغسلافيا والعراق وسوريا وليبيا وغيرها الا دليل حي وملموس على ذلك . لقد أكد ستالين ( ليس غريبا من أن الامبريالية تحضرالى حرب جديدة وهي السبيل الرئيس لمعاجة أزمتها وان الانفاق العسكري الخيالي " تجاوز في أميركا اكثر من 700 مليار دولار " يشكل اليوم الاتجاه العام للحكومات البرجوازية وعلى اساس اسلوب فاشي للأدارة ـ ان كل هذا التباين والاختلاف لهذه الظاهرة التي تعني التحضير الى حرب جديدة من أجل تقاسم العالم ) .
    فالمستقبل القريب سيكشف لنا مفاجآت كثيرة .
*انظر مقالتنا " من سيحكم روسيا بعد عام 2024 " الحوار المتمدن في 20/2/2018
                                                                   موسكو ابريل/2018



9
لماذا الخصخصة ـ قطاع الكهرباء انموذجا
                                                                                                              بقلم  الدكتور نجم الدليمي

خطة الدراسة

 
 
 
مقدمة
 
اولا :ـ  نشأة صندوق النقد والبنك الدوليين  (مؤسسات الحكم العالمي ).
 
ثانيا :ـ  مفهوم الخصخصة .
 
ثالثا : ـ  محاور وصفة صندوق النقد الدولي ،الوصفة المرعبة والمآساوية .
 
رابعا :ـ  اهداف الخصخصة .
 
خامسا : ـ  نتائج الخصخصة .
 
سادسا : ـ وجهة نظر ـ ما العمل ؟
 
مصادر الدراسة .
 
 
 
مقدمة : يعد مفهوم الخصخصة مثار نقاش حاد وواسع بين ممثلي المدرسة البرجوازية والمدرسة الأشتراكية من الاقتصاديين والسياسيين وغيرهم  في اي بلد ، فانصار المدرسة البرجوازية يؤيدون وبحماس قوي تنفيذ برامج الخصخصة ،أما انصار المدرسة الأشتراكية فانهم يرفضون الخصخصة شكلا ومضمونا ،وكل فريق ينطلق من الآيدولوجية التي يؤمن بها .
 ان الواقع الموضوعي الحي والملموس الذي يعكس تجارب تنفيذ الخصخصة التي طبقت في عشرات الدول ، ومنها البلدان النامية وبلدان أوروبا الشرقية ورابطة الدول المستقلة ( جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقا) ، خير دليل وبرهان كارثي على تنفيذ برامج الخصخصة .
 
أولا : ـ  نشأة صندوق النقد والبنك الدولي .
 
   نشئت مؤسسات الحكم العالمي في عام 1944 وفق معاهدة بريتون وودز ، والمقر الرئيسي لهذه المؤسسات هو واشنطن  ، وتعتبر هذه المنظمات الدولية المتمثلة بصندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية ،ادوات طيعة ومنفذة تستخدمها الولايات المتحدة الاميركية للتدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة في بلدان اسيا وافريقيا واميركا اللاتينية ودول اوروبا الشرقية ورابطة الدول المستقلة (جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقا ) ،من اجل تحقيق اهداف سياسية واقتصادية وآيديولوجية لصالح الغرب الامبريالي وبقيادة اميركا المفرطة في عدوانيتها ووحشيتها ضد شعوب العالم .
   ان منظمات الحكم العالمية ، هي منظمات دولية خاضعة بشكل مباشر او غير مباشر لنفوذ الولايات المتحدة الاميركية ولخدمتها  لغرض انقاذ اقتصادها الرأسمالي المتأزم بنيويا ، كما تشكل هذه المنظمات الدولية احد اذرع ما يسمى بالنظام الاقتصادي العالمي الجديد الذي يتميز بوحشيته المفرطة .
   تتسم هذه المنظمات بالتناقض الصارخ  بين اهدافها المعلنة عند تأسيسها وبين ممارساتها الفعلية وانعكاسها على الواقع الموضوعي لغالبية اقتصاديات شعوب العالم بالنشاط الهدام والتخريبي ، وتستخدم الحكومة العالمية هذه المنظمات الدولية وفقا لاهدافها ومصالحها السياسية والاقتصادية والآيديولوجية .
   ان الهدف الرئيس لعمل ونشاط هذه المنظمات الدولية يصب بالدرجة الاولى لصالح انقاذ النظام الرأسمالي من الانهيار الحتمي بسبب ازماته الاقتصادية والمالية المتكررة .
 
ثانيا :ـ   مفهوم الخصخصة .
 
   ان مفهوم الخصخصة يعني بالمفهوم العلمي المبسط ،هو بيع مؤسسات الشعب ( انتاجية ـ خدمية ) ، وباسعار زهيدة لاتتعدى 3% من قيمتها الفعلية ، الى قادة وكوادر (ملاكات) الحزب اوالسلطة الحاكمة ، والى البرجوازية الادارية والبيروقراطيين والطفيليين ، والى فئة لصوصية / اجرامية متمثلة بقوى اقتصاد الظل ( المافيا ) ،وهؤلاء جميعا ليس لهم علاقة بخلق الانتاج المادي . (هذا ما حدث على سبيل المثال ، في روسيا الاتحادية وبقية رابطة الدول المستقلة ، وفي دول اوروبا الشرقية ) ، وما يحصل في غالبية البلدان النامية .
   ان تحالف المافيا السياسية والمافيا الاقتصادية والمافيا الاجرامية صاحبة رأس المال الغير مشروع ، وتحالف المافيا البرجوازية الادارية ـ البيروقراطية المدعومة من قبل مؤسسات الحكم العالمي وعبر الولايات المتحدة الاميركية ، يهدف بالاساس على الاستحواذ والهيمنة على ثروات الشعوب ، ويكاد يكون ذلك اشبه بالمجان ( ففي روسيا مثلا تم بيع < خصخصة > 500 مؤسسة صناعية عملاقة بـ 7 مليار دولار، بينما تقدرقيمتها الحقيقية بـ 900 مليار دولار ) ، وتم تنفيذ برامج الخصخصة في روسيا من قبل خبراء غربيين واميركان بلغ عددهم نحو 30 الف غالبيتهم على علاقة وثيقة بوكالة المخابرات الاميركية ، انهم خبراء في التخريب والدمار الاقتصادي ـ الاجتماعي وحتى الاخلاقي ، هدفهم الرئيس من الخصخصة هو خلق ما يسمى بالطبقة المتوسطة ، وقد فشلوا في تحقيقها .
   تم تطبيق ما يسمى برامج الخصخصة منذ السبعينات من القرن الماضي ولغاية اليوم وتحت مسميات عديدة ،منها على سبيل المثال (سياسة الباب المفتوح ، وسياسة العلاج بالصدمة )، وغيرها من التسميات الاخرى .
  يحمل مفهوم  الخصخصة طابعا سياسيا واقتصاديا وآيديولوجيا يهدف الى بناء العلاقات الرأسمالية التابعة والمتخلفة ، وهو مفهوم مناقض 100% لمفهوم التأميم الأشتراكي الذي يحول الملكية الخاصة لوسائل الانتاج الى ملكية عامة ،اي ملكية الشعب .
 
 
ثالثا : ـ  محاور وصفة صندوق النقد الدولي ،الوصفة المرعبة والمآساوية .
 
   ان من أهم محاور وصفة صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية في ظل ما يسمى بالنهج الليبرالي ـ النيوليبرالي المتطرف ،تكمن في العمل على لبرالية التجارة ولبرالية الاسعار ، وتنفيذ ما يسمى ببرامج الخصخصة ، والعمل الجاد على اضعاف دور الدولة في الميدان الاقتصادي ـ الاجتماعي ،والعمل على تصفية مؤسسات القطاع العام الانتاجية والخدمية ، والغاء مجانية التعليم والعلاج والسكن بشكل تدريجي ،والتخلي عن ضمان حق العمل للمواطنين بشكل عام وللشباب بشكل خاص ، والتدخل المباشر وغير المباشر عبر " عملاء النفوذ " و " الطابور الخامس " الموالين والمنفذين لتوجيهات اميركا المتواجدين في السلطات التنفيذية والتشريعية ، من اجل تنفيذ توجيهات وارشادات مؤسسات الحكم العالمي ، والتدخل في الشؤون الداخلية وخاصة في الميدان الاقتصادي ـ الاجتماعي .
   ان جوهرهذه المحاور اللاشرعية والمرعبة والمخالفة لارادة الغالبية العظمى من شعوب العالم ، هو العمل على تنشيط وتفعيل دور ومكانة القطاع الخاص الرأسمالي ،المافيوي ، اللصوصي ،المحلي واللأجنبي ،وفي جميع القطاعات الاقتصادية الانتاجية والخدمية ، ويتم التركيز على قطاع الأستخراج (نفط ، غاز ... ) والقطاع الخدمي بسبب سرعة تعظيم الأرباح الخيالية .
   ان تطبيق محاور هذه الوصفة ،يتم لصالح الاقتصاد الرأسمالي العالمي بشكل عام ولصالح الاقتصاد الرأسمال الاميركي بشكل خاص ،وليس لصالح تطوير وتعزيز الاقتصاد الوطني ، ومن يمتثل لتطبيق هذه الوصفة بمحاورها الكارثية يرتكب خيانة عظمى بحق وطنه وشعبه .
 
رابعا :ـ  اهداف الخصخصة .
 
  ان اي برامج أو وصفات  لابد وان يكون لها اهداف عديدة ، وللخصخصة اهداف في الميادين السياسية والاقتصادية ـ الاجتماعية ،وهذه الاهداف مترابطة ومتشابكة بعضها مع البعض الاخر ولا يمكن الفصل بينها .
في الميدان السياسي  يكمن الهدف السياسي للخصخصة ، في العمل على تقويض / تفكيك النظام السياسي والاقتصادي ـ  الاجتماعي للدول الاشتراكية والأنظمة الوطنية والتقدمية الرافضة للنهج الاميركي المرعب ، والعمل على خلق فوضى سياسية ، وتأسيس عشرات بل مئات من" الدكاكين " السياسية المفلسة جماهيريا ، وكذلك العمل على اختراق الاحزاب اليسارية والشيوعية والاحزاب الدينية  والقومية ، وخصوصا اختراق قياداتها وكوادرها (ملاكاتها ) الحزبية الشابة ، والعمل الجاد على ايجاد اصدقاء ـ حلفاء حميمين لها في السلطات الحاكمة  ، تنفيذية كانت ام تشريعية ، لتنفيذ توجيهات منظمات الحكم العالمية ، وكذلك تنفيذ رغبات واهداف أميركا ، والعمل على تأسيس ما يسمى بمنظمات المجتمع المدني تحت لافتات ومسميات عديدة ، لتصبح اكثرها اوكارا مولدة لعملاء النفوذ والطابور الخامس في البلد ، ويتم تمويل هذه المنظمات كلها أو اغلبها من قبل مؤسسات امريكية  " مستقلة " تهدف الى نشر ما يسمى بـ " الديموقراطية النموذج الاميركي  " ! فهل من المعقول ان يصل عدد منظمات المجتمع المدني في العراق الى ما يقارب 6000 منظمة ؟ وفي روسيا الاتحادية الى اكثر من 10000 منظمة مجتمع مدني ؟ لمن ولمصلحة من يتم ذلك ؟
في الميدان الاقتصادي ـ الاجتماعي  يكمن الهدف الاقتصادي من تنفيذ برنامج الخصخصة هو العمل على ابعاد دور الدولة في الميدان الاقتصادي والاجتماعي ، وكذلك العمل على اضعاف دور ومكانة القطاع العام وعبر اساليب عديدة منها ( غياب الجدوى الاقتصادية ) للقطاع العام وتشريع قانون ( افلاس المؤسسات ) من اجل شراء هذه المؤسسات باثمان بخسة او شبه مجانية من قبل المتنفذين في السلطة وحلفائهم ، والعمل المستمر لتحويل القطاع العام الى بقرة حلوب لصالح البرجوازية الادارية والبيروقراطية ، ولصالح الأوليغارشية والمافيا وقوى اقتصاد الظل ، ويرافق ذلك تفشي الرشوة والفساد المالي والاداري بشكل مرعب ،الذي اصبح يشكل سرطانا قاتلا في جسم السلطة والمجتمع .
   ان البرجوازية الادارية والبيروقراطية وقوى اقتصاد الظل  والأوليغارشية يشكلون النواة الاقتصادية ـ الاجتماعية لقوى الثورة المضادة ، وهم بنفس الوقت الوقت يشكلون النواة الرئيسية للرأسمالية المتخلفة والمتوحشة في البلد الذي طبق هذه الوصفة  "  السحرية  " ، وبسبب تطبيق هذه الوصفة الكارثية تم تحويل البلد الغني في ثرواته المادية والبشرية الى بلد فقير يعاني من البطالة والمجاعة وتفشي الامراض والتخلف وظهور وتنامي ( اقتصاد الظل ) المافوي المتشابك المصالح مع السلطات المحلية والاقليمية والدولية .
 
خامسا :ـ  نتائج الخصخصة .
 
  تؤكد تجارب الدول التي طبقت  وصفة صندوق النقد والبنك الدوليين ،بما لايقبل الشك في بلدان اسيا وافريقيا واميركا اللاتينية وفي دول اوروبا الشرقية ورابطة الدول المستقلة ( جمهوريات الاتحاد السوفياتي )، الى نتائج مشتركة رئيسية واساسية وهي :ـ 1- تحويل البلدان من منتجة الى بلدان مستهلكة وخاصة البلدان الغنية بمواردها الطبيعية (نفط ، غاز ... ) .2- هبوط مستمر للأنتاج المادي في قطاعات ( الزراعة و الصناعة ) ،وتقليص الأستثمارات لهذه القطاعات الهامة ،انها عملية تخريب منظمة وممنهجة . 3- تدهور مستمر لأهم المؤشرات الاقتصادية ، ومنها انخفاض الدخل القومي وانخفاض مستمر لانتاجية العمل وانخفاض مستمر  لمعدل النمو السنوي للناتج المحلي الاجمالي.4-انحطاط المستوى المعاشي للغالبية العظمى من المواطنين وخاصة اصحاب الدخول المحدودة ، والعيش الدائم في حالة العوز والفقر المدقع والدائم ،فالغني يزداد غنا والفقير يزداد فقرا ، وتتعمق الفجوة الاقتصادية  - الاجتماعية في المجتمع لصالح 1% الذين يمثلون الحيتان والديناصورات  المالية الفاسدة ، والعمل التدريجي على الغاء التعليم والعلاج والسكن ، وغياب ضمان حق العمل للموطنين بشكل عام وللشباب بشكل خاص ، فمن يملك المال يستطيع الحصول على التعليم والعلاج والسكن ... ومن لايملك ذلك فليذهب الى الجحيم !!،  و يرافق ذلك عادة انتشار ظواهر الانتحار والقتل والسرقة وتهريب الاطفال والنساء " المتاجرة بالسلع الحية " وبيعهم باسعار بخسة . 5- تنامي ظاهرة التضخم النقدي بسبب الاختلاف بين التيار النقدي والتيار السلعي لصالح التيار الاول مما يؤدي الى تدهور القوة الشرائية للعملة الوطنية وتدهور مستمر لمستوى معيشة اصحاب الدخول الثابتة .6- تنامي معدلات البطالة وخاصة وسط الشباب ، وتنامي معدلات الجريمة المنظمة ،وظهور المافيات التي تتاجر بالبشر ، وتفشي المخدرات وخاصة لدى الشباب ،وانتشار الامراض المختلفة ومنها الايدز "نقص المناعة " والسرطان وغيرها من الامراض الخطيرة في المجتمع .7- تفشي الفساد والرشوة في السلطة والمجتمع بشكل واسع ، وهروب رؤوس الاموال الوطنية للخارج ،ويرافق ذلك تنامي معدلات المديونية الداخلية والخارجية ، وبالنتيجة تشديد التبعية السياسية والاقتصادية والمالية للغرب الأمبريالي ولمؤسسات الحكم العالمي .
 
سادسا : ـ وجهة نظر ـ ما العمل ؟
 
   ان برنامج الخصخصة ما هو الا برنامجا آيديولوجيا وطبقيا منحازا ومعبرا عن مصالح الطبقة البرجوازية ، فالموقف المبدئي والوطني للقوى اليسارية والشيوعية ينبغي ان ينطلق من الموقف الطبقي والوطني الرافض لمشروع برامج الخصخصة ، وان اي قوى سياسية تتخلى عن هذه الثوابت الوطنية والمبدئية  سوف تضع نفسها في صف او خانة اعداء الطبقة العاملة وحلفائها ، أي انها ستقف مع مصالح الطبقة البرجوازية ، وهذا يشكل قمة الخيانة الوطنية والطبقية فكريا واقتصاديا وسياسيا .
  ان موقف احزاب الاسلام السياسي ( الشيعية والسنية ) هي مع تنفيذ برنامج الخصخصة ولجميع قطاعات الاقتصاد الوطني ، بما فيها خصخصة قطاع الكهرباء ، وهي تنطلق من تبنيها لاقتصاد السوق الرأسمالي وهيمنة القطاع الخاص الرأسمالي على الاقتصاد الوطني ، وان موقف الاحزاب القومية (العربية والكردية ) لن يختلف عن موقف احزاب الاسلام السياسي فيما يتعلق بالخصخصة .
   ان موقف قيادة الحزب الشيوعي العراقي ايضا لا يختلف كثيرا عن موقف احزاب الاسلام السياسي والاحزاب القومية حول الخصخصة والملكية الخاصة لوسائل الانتاج ، بدليل قول السيد حميد مجيد وعبر التلفزيون " نحن لبراليون " ، وان قيادة الحزب تقر بوجود أقتصاد السوق القائم على الملكية الخاصة لوسائل الانتاج .
 
      يشير القائد العمالي والمناضل الشيوعي النزيه والمخلص والامين للافكار الماركسية - اللينينية الرفيق اراخاجادور في كتابه  <نبض السنين > ماهو الاتي (( كشف مكتب الأرسال بعض جوانب زيارة حميد مجيد موسى سكرتير الحزب الشيوعي العراقي الى أميركا . في البداية لم يتجرأ " سكرتير الحزب الشيوعي العراقي " على اعلان طبيعة زيارته ... وتحدث التقرير عن الندوات التي عقدها ابو داوود وعن الأنتقادات المريرة للـ " أشقاء الاميركان " وكفى المؤمنين شر القتال . وعندما جاءت معلومات هيئة الأرسال لتوضيح طبيعة جدول زيارة وفد الحزب اضطر مكتب اعلام الخارج الى اصدار ورقة أخرى بعد تلك النشرة الصادرة في 31/7/ 1998. فجاء الايضاح في 5/8/1998 ليكشف جزءا من حقيقة الزيارة ... وفي الايضاح اللاحق أعترف ابو داوود بأنه التقى موظفين أميركيين ... وان اللقاءات كرست لنصيحة الأميركيين وتوجيه النقد لهم !!. لا نظن ان الشيوعيين والوطنيين العراقيين يجهلون طبيعة المساعدات الأمريكية ولا طبيعة المسؤلين عن اقسام وزارة الخارجية الأميركية ولا نعتقد ان " قيادة"ابي داوود غير مطلعة على برامج المخابرات المركزية الأميركية بصدد تنظيم الزيارات والدعوات المخصصة لدعم المعارضة العراقية . اننا ندين الزيارة وطريقة التفكير التي أدت اليها .. وندين التعويل على أميركا ولا نرى في سياسة " عدو عوي صديقي " ما ينسجم مع طبيعة وتاريخ الشيوعيين العراقيين الذي يمتد عميقا في التاريخ الوطني لشعبنا .. ومن منطلق الحرص عليه نطلب نشر محاضر لقاءاته مع الأميركان خدمة للحقيقة )). صفحة 93-95 .
 
   ان زيارة ابو داوود للخارجية الأميركية والمعروف ان الغالبية من العاملين فيها هم وثيقي الصلة مع وكالة المخابرات المركزية ،نقول من هنا ان الزيارة خاطئة وغير مبررة ،ومثيرة لتسأولات عديدة ومشروعةمن قبل اعضاء واصدقاء الحزب  ومنها : ماهي اسباب ودوافع الزيارة ؟ وما هو الهدف الرئيس منها ؟ وماهي نتائجها ؟ ولماذا لم يعرف اعضاء الحزب عنها اي شيء ؟ وغيرها من الاسئلة المشروعة التي تحتاج اليوم الى توضيح رسمي للتنظيم الحزبي ، وعدم التوضيح يعني هناك شيء ما ؟ ؟.
 ويشير أراخاجادور (( ... ان القائدين  الوطنيين  فهد وسلام عادل اللذين حفظا وصانا الشرف الوطني لحزبنا تحت اقسى الظروف والمحن التي حلت بالشعب وبهما شخصيا )) .
 
 ومن الاخطاء الجسيمة التي ارتكبتها قيادة الحزب الشيوعي العراقي ، هي مشاركتها بما يسمى مجلس الحكم البريمري ، وبغض النظر عن طبيعة المشاركة سواء كانت على اساس طائفي أو غيره ، فهي خطوة مدانة أصلا وغير مبررة ونقطة سوداء في تاريخ قيادة الحزب الشيوعي العراقي ، والخطاء الآخر ان نسمع من ابو داوود على ان امريكا " تقر وتعترف بحق تقرير المصير للشعوب " !!  هنا ماذا نقول عن قمع ثورة مصدق عام 1953 ؟ وعن الانقلاب الفاشي في العراق 1963 وفي اندونيسيا عام 1965 وفي شيلي عام 1973  ؟وغيرها من الانقلابات الفاشية الاخرى ، وماذا نقول عن ما يسمى بالربيع العربي ونتائجه المآساوية ؟ وما يحدث الان في فنزويلا وفي العراق وسوريا ، هل هو حق تقرير المصير ؟؟.
 
 نعتقد ان على الشعب العراقي ادراك حقيقة موضوعية ، وهي ان قادة وكوادر أحزاب الاسلام السياسي (سنية اوشيعية ) وقادة وكوادر الاحزاب القومية (عربية او كردية ) وقيادة الحزب الشيوعي ،لن تعارض برنامج الخصخصة من حيث المبداء ،ومنها خصخصة قطاع الكهرباء ،لأن هناك توافق وتشابك وترابط في المصالح السياسية والاقتصادية ـ الاجتماعية بين قادة هذه الاحزاب السياسية وبدرجات متفاوتة مع نهج الولايات المتحدة المحتلة للعراق اليوم . ان الهدف الرئيس لنهج اميركا تجاه العراق هو اضعاف ثم تخريب الاقتصاد الوطني ، عبر وصفات متعددة ومنها تنفيذ برنامج الخصخصة ، ناهيك عن اشاعة الفوضى وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي- الاجتماعي ، فأميركا تتحمل كامل المسؤولية عما حدث منذ احتلالها العراق عام 2003 ولغاية اليوم .
   ان المراهنة الوحيدة والحقيقية لافشال برنامج الخصخصة بشكل عام وخصخصة قطاع الكهرباء بشكل خاص تعتمد على جماهير الشعب العراقي وقواه الوطنية والتقمية واليسارية . ويجب ان يلعب اصدقاء واعضاء وكوادر هذه الاحزاب بالتعاون والتنسيق مع اتحاد نقابات العمال والجمعيات الفلاحية والمنظمات الشبابية والمهنية بهدف افشال مشروع خصخصة الكهرباء ، أي بمعنى أخر العمل الجاد على قيام جبهة وطنية شعبية واسعة تظم كل القوى السياسية المعارضة لمشروع الخصخصة في العراق . هذا هو الحل الجذري لافشال وصفة صندوق النقد والبنك الدوليين   .                                       
 
 لا لخصخصة قطاع الكهرباء
 
  يعد قطاع الكهرباء من القطاعات الاستراتيجية الهامة للشعب العراقي ، ولن تختلف أهميته عن قطاع النفط والغاز ، وتكمن مشكلة الكهرباء منذ الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 ولغاية اليوم ،في ان هناك قوى اقليمية ودولية تقف عائقا ومعرقلا للحكومة العراقية في ان لا تضع حلولا جذرية لهذا القطاع الحيوي ، لأن هذه القوى لها مصلحة في بقاء هذه المشكلة من دون حلول جذرية تخدم الشعب العراقي .
   ان المعالجة الجذرية لهذا القطاع الاستراتيجي الهام يتطلب قرارا جريئا من الحكومة العراقية وعدم الاذعان لضغوط العوامل الاقليمية والدولية ،وان تدرك ان هذا القطاع يجب ان يكون ملكا للشعب - طبعا - اذا كانت الحكومة تشعر بمسؤوليتها اتجاه الشعب والاقتصاد العراقي .
   ان الحلول الجذرية لهذا القطاع الاستراتيجي يعني اولا رفض خصخصته وثانيا تأميم القطاع وسيطرة الدولة على انتاجه بالكامل ، وثالثا تخفيض اسعاره وجعلها رمزية بما يتناسب ودخول الشريحة العظمى من العوائل العراقية ولكون العراق يعد من اغنى البلدان المصدرة للنفط والغاز ، يتوجب تسعير الكيلوواط على غرار البلدان المصدرة للنفط باسعار بخسة ،فعلى سبيل المثال ان سعر كيلوواط الكهرباء في الكويت أرخص 20 مرة ... من كلفة الإنتاج ،ولكون قطاع الكهرباء يشكل البداية الحقيقية لعملية التطور الاقتصادي - الاجتماعي  في العراق ، وهذا يعني ايضا البدء بتشغيل المعامل والمصانع والمزارع وقطاع الخدمات (صحية ،تعليم ،فندقة ...) وتوفير الراحة للمواطنين في ظرف مناخي قاسي صيفا على الشعب العراقي .
   لا يمكن اعادة اعمار البلاد والنهوض بالاقتصاد الوطني بكل فروعه الأنتاجية والخدمية الا من خلال توفير وضمان الكهرباء بشكل مستمر ومنتظم ، وتوفير الكهرباء يعني تشغيل الاقتصاد الوطني وهذا يعني معالجة البطالة وخاصة وسط الشباب وكذلك يعني توفير الغذاء والدواء وغيرها من السلع الضرورية للمواطنين ، وبالنتيجة سوف يتم تقليص عملية الاستيراد من السلع والخدمات من الخارج وبشكل تدريجي وهذا يصب في صالح تطوير الاقتصاد العراقي ، وهذا ما ترفضه القوى الاقليمية والدولية ومنظمات الحكم العالمية .
 
   الانفاق هائل والنتائج ضعيفة
 
    لقد انفقت الحكومة العراقية مبالغ فلكية على قطاع الكهرباء ، ويمكن القول ان النتائج لا تعني شيا بالمقارنة مع الانفاق المالي الكبير . يشير النائب فرات الشرع عضو لجنة الطاقة البرلمانية وخلال اعوام (2004 -2012 ) تم انفاق 37 مليار دولار على قطاع الكهرباء ، اما النائب حسين الاسدي يشير خلال الفترة (2003 -2011 ) تم انفاق اكثر من 60 مليار دولار ،بينما النائب شيروان الوائلي فيشير الى انفاق 40 مليار دولار لنفس الفترة ، اما رافع العيساوي وزير المالية السابق فيؤكد انه تم انفاق اكثر من 100 مليار دولار خلال الفترة (2003 - 2012 ) بالوثائق الرسمية ، هنا يطرح سؤال مشروع وهو : كم بلغ الانفاق المالي على قطاع الكهرباء للفترة (2004 - 2017 )؟؟؟.
خسائر مالية هائلة وغير مبررة
 
   يمكن القول ،بأن متوسط الانفاق المالي على قطاع الكهرباء للفترة (2003 -2012 ) بلغ نحو 50 مليار دولار ، والنتيجة فوق الصفر بقليل ، وكان يمكن للحكومة العراقية ان تبني اكثر من 20 محطة كهروذرية في العراق على غرار ما بنته ايران ليصبح العراق البلد الأول في الشرق الاوسط مصدرا للكهرباء ... ولكن تبا للفساد المالي !!!.
   يشير عصام الجلبي وزير النفط السابق وخلال الفترة ( 2003 - 2013 ) استوردت الحكومة العراقية مشتقات نفطية بقيمة 50 مليار دولار ، وهناك تقديرا آخر يؤكد ان كلفة استيراد المشتقات سنويا بلغ 20 مليار دولار (20 ×14 سنة ) يساوي 280 مليار دولار ، وينشر بعض الخبراء ان حرق الغاز المصاحب لأنتاج النفط يقدر مابين 25 - 30 مليار دولار خلال الفترة ( 2003 - 2014 ) ، وكما يؤكد الوكيل الأول لوزارة الكهرباء السابق رعد الحارس ، تم انفاق 23 مليار دولار على ثلاثة مشاريع فاشلة وفاسدة وخاسرة . هذه الخسائر المادية الهائلة فقط لقطاع الكهرباء ، أما بقية القطاعات الاخرى الأنتاجية والخدمية فكم كانت خساراتها المادية يا ترى ؟ أما هروب رأس المال الوطني من العراق الى الدول الاقليمية والبلدان الرأسمالية وخاصة بريطانيا - أميركا ... فقد  بلغ أكثر من 400 مليار دولار .
 
   بعض الحلول والمقترحات
   ان اللوحة السياسية والأقتصادية - الأجتماعية في العراق منذ الغزو و الاحتلال الأميركي للعراق منذ عام 2003 ولحد اليوم غاية في التعقيد والتشابك بسبب نهج المحاصصة الطائفي / القومي - السياسي ،اضافة الى ذلك فأن العامل الدولي والأقليمي أصبح المحرك والموجه والمنظم للعامل الداخلي ، أي موجه للسلطة التشريعية والتنفيذية ، وان قادة المثلث الطائفي / القومي موزعة ارتباطاتهم وولائاتهم على دول اقليمية وكأنما حسب العائدية الطائفية / القومية ، فالطرف الشيعي مع ايران بالدرجة الاولى ، والطرف السني مع السعودية وبقية دول الخليج وتركيا ،والطرف الكردي موزع بين ايران وتركيا والسعودية ، والجميع لديهم علاقات جميمة ووطيدة وقوية مع الولايات الأميركية وحلفائها .
   نعتقد ، ان بعض الحلول والمقترحات التي سيتم ذكرها تشكل محاولة اولية لمعالجة اللوحة السياسية في العراق وهي :- 1) العمل على نبذ ورفض نهج المحاصصة السياسي / الطائفي والقومي من قبل قادة المثلث الطائفي قولا وفعلا وبشكل علني . 2 ) عدم الأخذ بوصفة صندوق النقد والبنك الدوليين ،لانها وصفة كارثية لا تتلأم مع واقع العراق ، وبالمقابل العمل على تعزيز دور الدولة الأقتصادي - الأجتماعي من خلال تعزيز دور ومكانة القطاع العام . 3 ) العمل الجاد على رفض الخصخصة شكلا ومضمنا ، وبالمقابل ضرورة القيام بتأميم الموارد الطبيعية وغيرها ،وجعلها في يد الدولة ،أي ملك للشعب العراقي (نفط ، غاز ، كهرباء ، التجارة الخارجية ... ) والعمل على اعادة النظر بالمؤسسات التي خصخصتها سابقا وارجاعها للشعب العراقي . 4 ) العمل على تحقيق مجانية التعليم ولجميع المراحل الدراسية ومجانية العلاج والسكن وضمان حق العمل للمواطن وفق الدستور . 5 ) العمل على تشجيع المنافسة الحرة بين قطاع الدولة وبقية القطاعات الأقتصادية الأخرى من حيث الأنتاج ونوعيتة والأسعارويتم ذلك وفق ضوابط قانونية عادلة . 6 ) وضع سياسة سعرية عادلة من قبل الحكومة على السلع الغذائية والدواء والسلع المعمرة وغيرها من السلع بما يتناسب والدخول النقدية للمواطنين وخاصة أصحاب الدخول المحددة . 7 ) على جماهير الشعب العراقي من عمال وفلاحين وشباب ومثقفين ونساء ... من أن يعلنوا موقفهم الرافض   لخصخصة قطاع الكهرباء لأنه سيكون البداية لخصخصة قطاع الصناعة والزراعة والخدمات والبنوك والتجارة الخارجية والموانئ والنقل والمواصلات وسكك الحديد والمطارات وغيرها وحتى الماء والشوارع لصالح فئة لصوصية / اجرامية سرقت قوت الشعب وتريد اليوم شراء مؤسسات الشعب بثمن بخس لا يتعدى 3% من قيمتها الفعلية / الحالية اليوم ، وفي حالة عدم سماع الحكومة لرأي الشعب وقواه الوطنية ، فالشعب لديه خياران لا ثالث لهما : الخيار الاول : اعلان الأضراب العام السلمي والمفتوح من قبل العمال والفلاحين والشباب والنساء والموظفين والمتقاعدين و... ، الخيار الثاني : مقاطعة الانتخابات البرلمانية القادمة في آيار عام 2018 ، وعدم التصويت لاحزاب  الاسلام السياسي (شيعية / سنية ) والاحزاب القومية ( عربية / كردية ) ، فالشعب العراقي وقواه الوطنية واليسارية هم اصحاب القرار الأخير وليس حيتان وديناصورات الفساد المالي .
 
مصادر الدراسة .
1- آرا خاجادور ، نبض السنين ( حول الصراعات داخل الحركة اليسارية والوطنية العراقية ) دار الفارابي ،بيروت  2014 .
2- د. رحيم عجينة ، الأختيار المتجدد ( ذكريات شخصية وصفحات من مسيرة الحزب الشيوعي العراقي ) مطبعة أوفسيت اليقظة ، بغداد ،السنة 2007 .
3- ريتشارد بيت وأخرون ، الثالوث غير المقدس ، ترجمة شوكت يوسف ، الهيئة العامة السورية للكتاب ، دمشق ، السنة 2007 .
4- د. نجم الدليمي (ملاحظات اولية حول تنفيذ برنامج الخصخصة نموذج روسيا الاتحادية ) كلية العلوم السياسية - جامعة بغداد ، العدد 34 ،كانون الثاني -حزيران ، السنة 2007 .
5- د . نجم الدليمي ( الآثار الاقتصادية - الاجتماعية للنهج الاقتصادي اللبرالي ، روسيا انموذجا ) مجلة العلوم السياسية / كلية العلوم السياسية - جامعة بغداد ، كانون الثاني - كانون الاول ، السنة 2009 .
6- جريدة البينة الجديدة في 17/6/2014 .
8- قناة البغدادية لقاءات مع اعضاء البرلمان العراقي (برنامج انور الحمداني )  في 12/5/2013 و 22/4/2014 .
 
 
                                                                                                                                                                                                                                                                                                      موسكو                                                                                               12/12/2017


10
وتفكيك الدول الى دويلات ضعيفة ومتناحرة ومتصارعة وفق استراتيجية الفوضى الخلاقة التي تستند اللى فكرة مفادها:كيفية تفكيك الدول العربية الى دويلات صغيرة ضعيفة وإعادة أنتاجها واو تشكليها من جديد بحيث تصبح غير قادرة على إداء دور سياسي واقتصادي واجتماعي وامني فاعل ومؤثر في المنطقة العربية بمعزل عن الارادة الاسرائيلية، وان كل ذلك تم ويتم لمصلحة الولايات المتحدة الامريكية وحليفها الاستراتيجي في المنطقة– اسرائيل .
نعتقد، انه يمكن ايجاد  مجموعة من الحلول لمعالجة المشاكل التي يعاني منها الشعب العراقي والتي نستطيع ان نؤشرها وفق النقاط الاتية :-
1. العمل الجاد على تعديل الدستور العراقي وبشكل جذري وفق الاليات الشرعية والديمقراطية وبما يخدم وحدة العراق وتحقيق الامن والاستقرار، وهذا هو المفتاح الرئيس لمعالجة جميع القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية .... في العراق .
2. ينبغي التخلي عملياً ونظرياً ودستورياً من مبدأ المحاصصة السياسي والطائفي/ القومي، المخالف للديمقراطية والشرعية، ويجب ان يتم رفض هذا المبدأ وبشكل علني من قبل الاحزاب السياسية وقادتها السياسيين، ولاسيما الاحزاب المتنفذة في السلطة .
3. ينبغي العمل الجاد والتطبيق الفعلي والسليم وفق الدستور على الفصل وعدم التدخل بين السلطات الثلاث(السلطة التشريعية/السلطة التنفيذية/السلطة القضائية)، اي يجب العمل على تعزيز عمل واستقلالية السلطات بشكل حقيقي وليس شكلياً، ويكون دور كل سلطة مكملاً لدور السلطات الاخرى ووفق الدستور، وان يكون الهدف الرئيس لجميع السلطات الثلاث هو احترام وخدمة المواطن، واحترام وتطبيق القانون على الجميع وبدون تمييز بين مواطن واخر.
4. من الضروري اعتماد مبدأ وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وخاصة في المفاصل الرئيسة في السلطتين التنفيذية والقضائية وان يعتمد في ذلك مبدأ الكفاءة والنزاهة والاخلاص والوطنية والشعور بالمسؤولية، ونبذ ورفض الولاءات الطائفية والقومية والعشائرية والمناطقية لتولي المهام في السلطة، لأن ذلك يعد اساس للفوضى والتخريب السياسي والاقتصادي والاجتماعي والامني ... .
5. ينبغي ان يتم وضع رؤية استراتيجية لمشروع وطني واضح المعالم والاهداف في الميدان السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعسكري والامني...ولمرحلة انتقالية لاتقل عن عشرة سنوات، ويتم اعداد هذه الرؤية من قبل خبراء متخصصين مخلصين ووطنيين، ومن ثم تقديمها للسلطة التنفيذية من اجل مناقشتها وتطويرها، ثم احالتها للسلطة التشريعية بهدف اغناؤها وتطويرها واقرارها واعتبارها قانوناً ملزماً للتنفيذ على جميع السلطات، ومحاسبة من يخالف او يقصر او يعرقل تنفيذ هذا القانون .
6. يجب التخلي عن كل اشكال العنف سواء كان عنفا سياسياً او عنفاً عسكرياً او عنفاً اقتصادياً او عنفاً ثقافيا او عنفاً ايديولوجياً من قبل كافة الاحزاب السياسية وخاصة الاحزاب المتنفذة في السلطة، وكما يتطلب ايضا حل جميع الميليشيات المسلحة الموجودة اليوم في الميدان السياسي واعتبارها خارجة عن القانون، وحصر السلاح في يد الدولة فقط .
7. ينبغي عدم الاخذ "بنصائح وارشادات" المؤسسات الدولية المتمثلة بصندوق النقد والبنك الدوليين، ومنظمة التجارة العالمية فيما يتعلق برسم السياسة الاقتصادية والنقدية والمالية، لان سياسة مايسمى بالاصلاح الاقتصادي والوصفات "السحرية" التي قدمها الثالوث غير المقدس، دفعت البلدان التي طبقت هذه السياسة وهذه الوصفة نحو دوامة من الفوضى وعدم الاستقرار الامني والاقتصادي والاجتماعي، وادخلت الغالبية العظمى من دول الاطراف الفقيرة والغنية ومنها العراق في مأزق مظلم له بداية وليس له نهاية واضحة .
8. من الضروري العمل على تعزيز دور ومكانة الدولة في الميدان الاقتصادي والاجتماعي واعطاء الاولوية للقطاعات الانتاجية (الزراعة والصناعة) بهدف تعزيز الاستقلال السياسي والاقتصادي وتوفير الغذاء والدواء ومعالجة البطالة والفقر ... في المجتمع .
9. تعزيز فرص العمل الجادة من اجل ايجاد لغة مشتركة وارضية سليمة وصحيحة وقائمة على القناعة والادراك الفاعل والمتوازن لكيفية إدارة الدولة في ظل إرادة قوية متوازنة- تعاونية تصب في نسق تحقيق مصالحة وطنية عامة وشاملة بهدف تشكيل معادلة قائمة على مرتكزات اساسية لتحقيق الاستقرار السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، والامني وتطبيق صارم للقانون بحق الذين ارتكبوا جرائم بحق الشعب العراقي وقواه السياسية الوطنية منذ عام 1980 ولغاية اليوم، مما يسهم بشكل واضح في بناء دولة المؤسسات والقانون، ولكن في الوقت نفسه يتطلب الامر التخلي والابتعاد عن عقلية او فلسفة النزعة المناطقية- الجهوية وسياسة الانتقام لانها سياسة فاشلة، والابتعاد عن تطبيق ازدواجية المعايير او سياسة الكيل بمكيالين في الميدان السياسي والعلاقات السياسية .
10.                        يجب العمل الجاد والحقيقي على فصل الدين عن السياسة، وتجربة اوربا خير دليل على نجاحها وتطورها واستقرارها في الميادين السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية، والامنية .
ان هذه الحلول وغيرها ان تم تطبيقها من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية سوف تتحقق الديمقراطية والاستقرار في العراق وفي حالة تعذر ذلك والعمل بعكس وخلاف ما تم ذكره، سوف يحصل الشعب العراقي على نظاماً ديكتاتورياً وبأمتياز.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
الخلاصة
1-       ان العراق أرضاً وشعباً يواجه اليوم خطراً محدقاً وجدياً يهدد كيانه الاجتماعي- الاقتصادي والسياسي ألا وهو ظهور مقدمات الحرب الاهلية ذات الطابع القومي/ الطائفي وبالتالي بروز بوادر حقيقية وخطر تفكك العراق الى دويلات، اقاليم متصارعة ومتحاربة، وهذا السيناريو الكارثي الذي اعدته قوى الثالوث العالمي اصبحت ملامحه وسماته تظهر بشكل جدي وملموس وخطير، ومايحدث في المحافظات الغربية وغيرها والتي تعاني أوضاعاً امنية سيئة إلا دليل حٌي وملموس على مؤشرات تلك التحديات أعلاه.
2-       تفرض الضرورة الموضوعية العمل الجاد على وحدة الاحزاب والفصائل الشيوعية العراقية في حزب شيوعي واحد، وان تشعر قيادات وكوادر واعضاء هذه الاحزاب والفصائل الشيوعية بمسؤلياتهم الوطنية والتاريخية في تحقيق هذه الوحدة من اجل ان يكون هذا الحزب قوة سياسية فاعلة وحقيقية في المجتمع العراقي.
3-       ينبغي القيام بتشكيل جبهة وطنية عريضة وشاملة تسهم في اعادة ترسيم مشهد العملية السياسية في العراق وبما يتوافق مع توجهات التحول الديمقراطي الحقيقي في العراق.
4-       العمل على تعزيز انساق منتظمة لركائز التحول الديمقراطي من خلال ترسيخ مبدأ التداول السلمي الحقيقي للسلطة، وتحقيق الامن والاستقرار، وقبول الاخر، مما يفضي ذلك الى ارساء الركائز الحقيقية لاستراتيجية التعايش السلمي الذي يصب في خانة تعزيز ضرورات واسس الوحدة الوطنية الحقيقية، فضلاً عن تفعيل إستراتيجية مكافحة الارهاب والفساد المالي والاداري والسياسي لانهما وجهان لعملة واحدة، والعمل الجاد على رفض منطق وفلسفة نهج المحاصصة السياسي والطائفي والقومي الذي استند بطبيعة الحال الى الانقسامات الاثنية التي أوجدت بفعل الغزو والاحتلال الامريكي في بنية المجتمع العراقي.
5-       ان تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية وتعزيز الممارسات الديمقراطية الحقيقية في المجتمع العراقي يسهم في ارساء مقومات ايجابية وفاعلة ومتوازنة في منظومة المجتمع العراقي التي تؤدي الى الحفاظ على العراق أرضاً وشعباً... والمستقبل القريب سيكشف لنا كثيراً من المفاجأت.
 
 


________________________________________
(1) جريدة طريق الشعب، في 17/4/2014.
[1]- مقابلة مع عضو البرلمان العراقي صباح الساعدي مع القناة البغدادية في 4/4/2014 وانظر ايضا جريدة طريق الشعب في 20/2/2014 .
(2) جريدة طريق الشعب ، العدد 129 ، في 20/2/2014 .
(3) جريدة طريق الشعب ، العدد 157، في 1/4/2014 .
 


11
وحدة الشيوعيين العراقيين ضرورة موضوعية لمرحلة مابعد الانتخابات البرلمانية للعام 2014
( رؤية مستقبلية لواقع العراق السياسي)

الدكتور. نجم الدليمي     
 
                 الحلقة الثانية
 
                                       
 
 
                           خطة البحث
المقدمة
الفصل الاول: دعوة ملحة لوحدة الشيوعيين العراقيين في المرحلة الراهنة للنهوض بأعباء النضال الوطني الاممي
المبحث الاول أهمية وضرورة وحدة الشيوعيين اليوم.
المطلب الاول:أحذروا خطر العدو الطبقي
المطلب الثاني: لينين يقول_ لينين يحذر.
المطلب الثالث: دعوة ملحة لماذا؟
المبحث الثاني: مبادئ وثوابت الوحدة الفكرية والسياسية.
المطلب الاول: هدف نبيل.
المطلب الثاني: صمود الحزب.
المطلب الثالث: الحزب الجماهيري
المبحث الثالث: وجهة نظر ورؤية تحليلية لمسارات وحدة الشوعيين العراقيين
المطلب الاول: من الرابح ومن الخاسر؟
المطلب الثاني: وصايا لينين... ولمن المستقبل.
الفصل الثاني: العراق في مفترق طرق – ديمقراطية ام ديكتاتورية
المبحث الاول: اهمية الانتخابات البرلمانية
المطلب الاول: المكونات السياسية الرئيسة في العملية الانتخابية
المطلب الثاني: شروط وظروف الانتخابات البرلمانية العادلة والنزيهة
المبحث الثاني: مأزق الديمقراطية في العراق
المطلب الاول:واقع وظروف الانتخابات البرلمانية في العراق
المطلب الثاني: وجهة نظر- ماهو الحل
   
 
 
الفصل الثاني
العراق في مفترق طرق – ديمقراطية ام ديكتاتورية
 
المبحث الاول
اهمية الانتخابات البرلمانية
 
ان الاحزاب السياسية العراقية لم تمارس الديمقراطية كسلوك وتعامل حضاري فيما بينها، ناهيك عن غياب الممارسة الديمقراطية داخل هذه الاحزاب السياسية من الناحية الفعلية والحقيقية بل تمارس من الناحية الشكلية فقط. ان الديمقراطية، هي سلوك حضاري واعي وراقي وهادف، هدفها الرئيس الانسان بالدرجة الاولى في التطبيق العلمي وليس الشكلي، فالجميع يدعون ويرفعون شعار الديمقراطية ولكن الغالبية العظمى منهم غير ديمقراطيون اصلا، فشكلهم ديمقراطي وجوهرهم وسلوكهم دكتاتوري وبأمتياز .
لقد اتسمت مسيرة "الديمقراطية المستوردة"  منذ الاحتلال الامريكي ولغاية اليوم بالفوضى "المنظمة" وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي– الاجتماعي والامني... وتفاقم واشتداد الأحتراب المرعب وبكل اشكاله بين جميع التيارات السياسية بشكل عام وبين التيار الاسلامي (الشيعي) والتيار القومي (السني) بشكل خاص، ولعبت وتلعب اليوم العوامل الداخلية والخارجية بتكاملها وتفاعلها دورا رئيساً في تفاقم حدة هذه الصراعات واصبح العامل الخارجي (اقليمي– دولي) عاملا فاعلاً وموجهاً للعامل الداخلي، ومن هنا ينشا الخطر على التجربة والمسيرة الديمقراطية وعلى وحدة العراق ارضاً وشعباً .
في 30 / 4 / 2014 ، ستجري عملية الانتخابات البرلمانية وللمرة الثالثة {علما ان مخاطر التاجيل قائمة ولاسباب عديدة ...} وتعد هذه الانتخابات حقاً مهمة ومصيرية للشعب العراقي ومستقبله اللاحق، وسوف تشارك فيها (39) ائتلاف سياسي كبير من التيارات السياسية العراقية، فضلا عن وجود (244) كيانا سياسيا من جميع انحاء العراق وبمشاركة 9040 مرشحا يتنافسون على (328) مقعدا برلمانيا وتم فتح ما يقارب من (8000) مركز انتخابي للتصويت في انحاء العراق ووجود (60) الف وكيل سياسي و (38179) مراقب محلي و 1445 من المراقبين الدوليين كمشرفين على عملية الانتخابات، وبحضور 1325 اعلامي محلي وحوالي 278 اعلامي اجنبي، وبلغ عدد الناخبين الذين يحق لهم الاشتراك في الانتخابات (21.592.882) شخصا(1)، لانعرف هل ان هذا الرقم دقيق اذا افترضنا ان عدد سكان العراق لايتجاوز 30 مليون نسمة، وهل يوجد لدينا احصاء سكاني دقيق تم معرفة عدد المواطنين الذين لهم حق التصويت؟ نعتقد، يكمن جوهر العبث السياسي المنظم والواعي له من قبل الاحزاب السياسية المتنفذه في السلطة وحلفاؤها من اجل افشال وافساد العمل السياسي النظيف والمبنى على اساس البرنامج والايديولوجية الواضحة، من خلال تأسيس المئات من الاحزاب السياسية والتي لاتمتلك الاسس الموضوعية والسليمة لتأسيس الحزب بالمفهوم العلمي والسياسي والطبقي للحزب، ناهيك من ان هذه "الاحزاب" السياسية مختلفة من حيث الشكل (المظهر) ولكن من حيث الجوهر فهي متشابهة ان لم تقل هي وحدة واحدة الهدف الرئيس هو خداع المواطن وكسبه ولو لمرحلة معينة من اجل تحقيق "الفوز"، فلماذا هذا العبث السياسي؟ وهل هذه هي التعددية السياسية المطلوبة؟ ان هذه الفوضى السياسية والارباك السياسي شيء مقصود من اجل ارباك المواطن وعدم استطاعته من ان يميز بين هذه المكونات، الائتلافات، الاحزاب..المختلفة وبالتالي سوف يدخل الناخب العراقي في حيرة ودوامه من الفوضى وعدم الاختيار السليم والصحيح في اختيار الحزب، ناهيك من ان داخل كل كيان/ائتلاف سياسي عدة احزاب/ كتل متصارعة سياسياً، هدفها الرئيس هو السلطة بالدرجة الاولى، فالتيار الاسلامي والتيار القومي العربي والكردي،الا دليل حي وملموس على ذلك.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
                        المطلب الاول
المكونات السياسية الرئيسية في العملية الانتخابية
 
نعتقد، توجد في العراق اربعة تيارات سياسية رئيسة فاعلة في الحياة السياسية وهي تعكس اللوحة السياسية والاجتماعية – الاقتصادية والايديولوجية للمجتمع العراقي وهذه الاتجاهات هي الاتي :-
اولا:- التيار الاسلامي الشيعي :- يتكون هذا التيار من الاحزاب والتنظيمات الشيعية الاساسية والمتمثلة بحزب الدعوة بقيادة السيد نوري المالكي، والمجلس الاعلى بزعامة السيد عمار الحكيم، والتيار الصدري بزعامة السيد مقتدى الصدر، اما بقية الاحزاب والتنظيمات الشيعية الاخرى فهي ترتبط بعلاقة بهذا الشكل او ذاك مع هذه التيارات الرئيسية، فهي تنسق عملها وتتعاون وتتحالف حسب مصلحتها الخاصة مع هذا الحزب الشيعي او ذاك .
ثانيا :- التيار القومي العربي (السني) :- يتكون من عدة احزاب سياسية ومختلفة في التوجهات السياسية ومنها العلماني ومنها القومي، ومنها الاسلامي واهم التنظيمات السياسية المكونه لهذا التيار اليوم هي : القائمة الوطنية بزعامة اياد علاوي، وقائمة متحدون بزعامة اسامة النجيفي، والقائمة العربية بزعامة صالح المطلك، اما الاحزاب او القوائم الاخرى، فهي ايضا تنسق نشاطها وتعاونها مع هذه القوائم الرئيسة وفقاً لمصالحها واهدافها الخاصة بالدرجة الاولى .
ثالثا :- التيار القومي الكردي :- يتكون هذا التيار القومي من ثلاثة احزاب رئيسة فاعلة وناشطة في الحياة السياسية للشعب الكردي، وهي الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة مام جلال، وحركة التغيير بزعامة نوشيروان مصطفى، ناهيك عن وجود احزاب اسلامية وتنظيمات قومية اخرى، فهي ايضا تتعاون مع هذه الاحزاب الرئيسة وحسب رؤيتها ومصالحها الخاصة بها، اضافة الى وجود الحزب الشيوعي الكردستاني الذي ينسق وينظم نشاطه مع الحزب الشيوعي العراقي.
رابعا :- التيار اليساري والديمقراطي :- يتكون هذا التيار السياسي من الحزب الشيوعي العراقي والفصائل (الاحزاب) الشيوعية الاخرى اضافة الى بعض التيارات والاحزاب السياسية الوطنية الاخرى .
يتسم هذا التقسيم السياسي للوحة السياسية في العراق بالاتي :-
1. ان الغالبية العظمى من هذه التيارات السياسية ليس لديها تنظيمات سياسية اي ( هيكل تنظيمي/هرمي) منظم باستثناء الحزب الشيوعي العراقي، وبالتالي لايمكن ان يطلق على هذه التيارات احزاب سياسية بالمفهوم العلمي للاحزاب، فوحدة التفاف الجماهير حول قيادة هذا التيار السياسي او ذاك تقوم لأعتبارات دينية/ قومية/ شخصية... وليس على اساس ايديولوجي واضح الاسس والمعالم .
2. لاتوجد فوارق رئيسة بين هذه التيارات السياسية فالتيار الاسلامي (الشيعي) والتيار القومي العربي والتيار القومي الكردي، فهم جميعا يؤمنون بالملكية الخاصة لوسائل الانتاج، اي يؤمنون بنظرية اقتصاد السوق الراسمالي بهدف بناء الرأسمالية كنظام سياسي واقتصادي– اجتماعي وايديولوجي، وهم يمثلون ويعبرون عن المصالح السياسية والاقتصادية– الاجتماعية للطبقة البرجوازية في المجتمع العراقي .
3. ان الغالبية العظمى من هذه التيارات السياسية لديها علاقات سياسية وفكرية مع البلدان الراسمالية وخاصة مع الولايات المتحدة الامريكية، وهناك تعاون وتنسيق بين غالبية قيادة هذه التيارات السياسية مع البلدان الرأسمالية في الميدان الاقتصادي والفكري.
4. ان هذه التيارات السياسية الرئيسة متصارعة ومتحاربة سياسياً واقتصاديا....حول السلطة بالدرجة الاولى، ناهيك عن الصراع السياسي داخل كل تيار وحول نفس الهدف الرئيس الا وهو الاستحواذ والهيمنة على السلطة حتى وصول هذا الصراع الى درجة العداء والاقتتال فيما بينهم .
5. ان جميع هذه التيارات السياسية الرئيسة تطرح شعارات واحدة تقريباً ومتشابهة من حيث الشكل، فهي ترفع شعار المساواة والعدالة الاجتماعية والديمقراطية والانتقال السلمي للسلطة ومحاربة الفساد المالي والاداري، ومع الفقراء....، الا ان هذه الشعارات ما هي الا شعارات وقتية وبامتياز هدفها الاول خداع الجماهير وكسبها خلال فترة لن تتجاوز الشهر واحد خلال الحملة فترة الانتخابية فقط، في حين ان الغالبية العظمى من هذه التيارات السياسية لم تطرح برنامجاً سياسيا واقتصادياً واجتماعياً وايديولوجياً واضح المعالم والاهداف على الناخبين، فهي لن تملك هذا البرنامج بالمفهوم العلمي للبرنامج اصلاً .
6. ان الصراع السياسي الدائر اليوم بين التيارات السياسية الرئيسة وقد غًلب عليه الصراع الطائفي / القومي بالدرجة الرئيسة، بالرغم من ان جوهر الصراع الحقيقي هو اقتصادي وايديولوجي حول مستقبل العراق، نظام رأسمالي أم نظام إسلامي أم .....؟ مما اثر ذلك وبشكل مباشر وسلبي على المجتمع العراقي ودفعه ويدفعه اليوم نحو مازقاً خطيراً .
7. ان التعددية السياسية في العراق اليوم ، وبهذا الشكل اللاعقلاني وغير المنطقي، ماهي الا فوضى سياسية مقصودة بهدف عدم ظهور احزاب سياسية حقيقية لها ايديولوجيتها المعلنة والواضحة من اجل تسهيل عملية الاختيار الافضل للناخب العراقي اي ينبغي ان تقوم الانتخابات بالنسبة للاحزاب السياسية المشاركة على اساس البرامج السياسية والاقتصادية التي تحمل طابعاً ايديولوجياً بالدرجة الاولى. ان وجود المئات من الاحزاب السياسية المختلفة في الشكل والمتفقة من حيث الجوهر، هدفها الاول والرئيس هو تضليل الناخب، وهي سخرية وتلاعب وخدعة للناخب والتلاعب على مشاعره من اجل عدم الاختيار السليم والمبني على اسس واضحة وفي مقدمتها النزاهة والاخلاص والكفاءة والوطنية والشعور بالمسؤولية وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.
8. ان التنافس والسباق والصراع بين التيارات السياسية الرئيسية في العراق يدور من حيث الشكل حول خدمة المواطن وتلبية حاجاته ومعالجة مشاكله وايجاد الحلول لها، اي "هدفهم" هو الانسان اولا واخيرا؟! . الا ان واقع الحال ليس هذا، فالغالبية العظمى من قيادات هذه التيارات ان لم نقل جميعها هدفها هو الوصول للسلطة اولا والبقاء والتشبت بها من اجل تحقيق اهداف خاصة، فالسلطة والحصول على الامتيازات المادية وغير المادية هي الهدف الرئيس وليس خدمة المواطن، هذا هو الواقع الحي والموضوعي والملموس.
 
بعض اسس (ضوابط) الترشيح للانتخابات البرلمانية :-
أ‌.        ضرورة ايجاد ألية تستند الى نسق معياري لتحديد راتب عضو البرلمان أسوة براتب الوزير الشهري.
ب.الحد من الامتيازات الممنوحة لعضو مجلس النواب، ولاسيما المتعلقة بصفة الحصانة البرلمانية التي يتمتع بها على الرغم من كونه مواطناً أسوة بغيره من أفراد الشعب العراقي.
   ج.تقليص العناصر الامنية المسؤولة عن الحماية الشخصية لعضو مجلس النواب العراقي.
   د.ان لايتمتع عضو مجلس النواب بالمزايا المترتبة على حصوله على راتب تقاعدي مغري جداً، بل يجب ان يعود الى دائرته إذا كان موظفاً او الى مهنته إذا كان يعمل في نشاط معين، واعتبار الخدمة البرلمانية في مجلس النواب تحتسب لاغراض الترقية والتقاعد...  .
ذ‌.        يجب على كل مرشح ان يقدم كشفاً عن وضعه المالي وممتلكاته العقارية او غيرها موثقة من الدوائر المختصة وذات العلاقة .
ان هذه الاسس او الضوابط وغيرها يجب ان تشرع وفق قانون خاص بها، وجميع المرشحين معنيين بها، فهي تحقق نوعا من العدالة والنزاهة والاخلاص والوطنية الحقة وتكبح السباق "الجنوني" نحو السلطة التشريعية، فالذي يقبل بهذه الشروط هو البرلماني المطلوب وهو الذي سوف يقدم الخدمة الحقيقية للمواطن، وليس البرلماني الذي يهدف الى الاثراء الفاحش واللا شرعي له ولعائلته واقاربه المقربين. ومع ذلك يدعون بالعدالة الاجتماعية .
المطلب الثاني
شروط (ظروف) الانتخابات البرلمانية العادلة والنزيهة
1. ينبغي ان يتمتع البلد بحالة وبدرجة معينة من الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والامني لان تحقيق ذلك سوف يساعد على زيادة نسبة المشاركة الانتخابية وانتقاء المرشح الافضل. ان ما يحدث في محافظة الانبار وصلاح الدين وديالى ونينوى وكركوك وبغداد وبابل لايعكس الاستقرار المطلوب لاجراء الانتخابات في هذه المحافظات الكثيرة، لان هذه الحالة الغير طبيعية ستؤثر سلباً على عملية الانتخابات والتشكيك فيها .
2. يجب ان يتم تشريع قانون خاص بالاحزاب السياسية، واضح المعالم والاهداف وخالي من ازدواجية التفسير وان تلتزم جميع الاحزاب بهذا القانون، لأن هذا القانون سينظم نشاط وعمل الاحزاب السياسية المشاركة في عملية الانتخابات ويبعدها عن العمل الفوضوي، ويحقق هذا القانون العدالة السياسية بين الاحزاب وبغض النظر سواء كانت كبيرة او صغيرة مشاركة في الحكم او غير مشاركة في الحكم .
3. من الضروري ان يشرع قانون خاص بالتعداد السكاني وانجازه، لأن مثل هذا القانون سيساعد على وضع برامج سياسية واقتصادية واجتماعية، كما يساعد الحكومة ايضا على معرفة العدد الحقيقي للسكان بشكل عام وعدد الذين لهم حق التصويت بشكل خاص وليس الاعتماد على البطاقة التموينية التي فيها الكوارث ...، كما ينبغي ايضا ان يتم تشريع قانون عصري للانتخابات يضمن جميع الحقوق لجميع الاحزاب السياسية الناشطة في المجتمع العراقي، ويجب الابتعاد عن تشريع القوانين التي تشبه "البدلة الانيقة" والمخصصة لشخص معين وفق مقاسات او حسابات مصالح فئوية معينة، لان غياب هذا القانون يتعارض مع الديمقراطية والعدالة الاجتماعية .
4. ينبغي ان يمنع قانوناً ويحرم شرعياً توظيف المال العام من قبل الحزب الحاكم او الاحزاب المتنفذه في السلطة لأغراض النشاط السياسي والاعلامي في الحملة الانتخابية، وكذلك منع استخدام المنصب الاداري وبغض النظر عن اهمية هذا المنصب في السلطة في اطلاق الوعود (توزيع الاراضي، توزيع البيوت السكنية، توزيع البطانيات والصوبات، والشاي، والسكر، والموبايلات، والنقود، وحاويات الاوساخ..)، ومنع استخدام وسائط النقل الحكومية (سيارات، طائرات....) واستخدام اللوحات الالكترونية الثابتة والمتنقلة وغيرها من الوسائل اللاشرعية واللاقانونية، لأن كل ذلك يتم تحقيقه من خلال المركز الاداري في السلطة والمال العام ، وهذا لايعكس العدالة والنزاهة في الانتخابات .
5. يجب ان يتم تطبيق قانون الانتخابات على جميع المرشحين وبدون تميز من قبل الجهات القضائية او من قبل لجنة المفوظية للانتخابات وعدم استخدام ازدواجية المعايير في التعامل مع المرشحين ومنع استخدام النفوذ السياسي والاداري من قبل الحزب الحاكم او اي حزب اخر متنفذ في اقصاء/ معاقبة المرشحين المعارضين للسلطة، وما حدث للشيخ صباح الساعدي وجواد الشهيلي وحيدر الملا... ومشعان الجبوري الا دليل ملموس على ذلك فالكيل بمكيالين، يعد نهجا خاطئا وضاراً وغير عادلاً ومنافياً للديمقراطية، وقد لعب العامل الشخصي والسياسي بقيادة الحزب الحاكم الدور الرئيس في ذلك، ومع ذلك يدعون يدعون العدالة والديمقراطية ؟!.
6. يجب على كل حزب سياسي ان يقدم برنامجاً سياسياً واقتصادياً– اجتماعياً واضحاً في شكله ومضمونه وان يكون برنامجه واقعياً، وان يعلن ايديولوجيته للشعب، وان يكون جوهر البرنامج هو الانسان اولاً واخيراً، وان لايتم التلاعب في مشاعر المواطنين وخاصة الفقراء منهم من خلال رفع وتبني شعارات براقة وغير صادقة. ان الغالبية العظمى من الاحزاب ان لم نقل جميعها لم تطرح على الناخب العراقي برنامجها والافاق المستقبلية للعراق .
7. غياب المشروع الوطني العام لدى الاحزاب السياسية العراقية وخاصة المتنفذة في الحكم مما يضع العراق ارضا وشعبا في خطر جدي وحقيقي .
8. من الضروري ان لايسمح للقوات المسلحة من منتسبي وزارة الدفاع والداخلية وقوى الامن والمخابرات والاستخبارات الاشتراك في الانتخابات ولمدة 10 سنوات مثلاً من اجل ضمان العدالة ونزاهة التصويت وهذا يمكن ان يتم من خلال تشريع قانون خاص لمرحلة انتقالية خاصة فقط، يمكن ان يحرم هؤلاء من حق التصويت، كحق شرعي لهم، الا انه يحقق نوعاً من العدالة، لان الحزب الحاكم يستحوذ على حصة الاسد في التصويت لصالحه وهذا يتم من خلال استخدام السلطة وادواتها المختلفة لتحقيق هدف الحزب الحاكم .
9. ينبغي الابتعاد عن المعايير الطائفية والقومية والاثنية والعشائرية والمناطقية والعاطفية في عملية الانتخابات البرلمانية واعتماد مبدأ (أُسس) الكفاءة والنزاهة والاخلاص والمصلحة العامة....، ان تحقيق ذلك يعتمد بالدرجة الاولى على الوعي السياسي لدى قادة الاحزاب السياسية العراقية، وعلى نضج الوعي السياسي للمواطنيين المشاركين بالعملية الانتخابية .
10.        يجب ان يحرم اي حزب سياسي من المشاركة بالعملية الانتخابية البرلمانية، اذا كانت لديه مليشيا مسلحة، لأن ذلك يشكل تهديداً وخطراً على المواطنين والعملية الانتخابية، وتعد هذه المليشيا خارجه عن القانون، ويجب حصر السلاح في يد الدولة فقط .
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
                             المبحث الثاني
مأزق الديمقراطية في العراق
ان كل شيء يصدر/ ينقل ميكانيكياً الى خارج بيئته ويفرض على الشعوب وبأساليب متعددة بما فيها القوة العسكرية الغاشمة، وهو غير ملائم ولا يتعايش مع الواقع السياسي والاقتصادي – الاجتماعي للشعوب وسوف يخلق ازمات ومأزق كبير وسيكون في النهاية مصيره الفشل الكبير لأنه غريب على واقع جديد، وهذا ما حدث ويحدث اليوم من تصدير وفرض النموذج الديمقراطي بالوصفة الامريكية على العراق، فهذا النموذج المستورد قد ولد مازقاً خطيراً على المستويات السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، والعسكرية-الامنية، وبدأ ينذر بخطر جدي على العراق ومستقبله، وهنا يمكن لنا إبراز ذلك ضمن أطار النقاط الاتية:
المأزق الاول :- يكمن المأزق الاول والرئيس في صياغة وجوهر الدستور العراقي الحالي الذي تم اعداده وبشكل سريع وتحت ضغوطات متعددة اذ تم وضع فيه "الألغام" و"القنابل" الموقوته والقابلة للتفجير وفي اي وقت مناسب، ويمكن القول ان الدستور العراقي يعتبر المصدر الرئيس لظهور واستمرار الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا الدستور قد كرس النهج الطائفي/ القومي في المجتمع العراقي وهذا ليس من باب الصدفة، فضلاً عن عدم التطبيق الفعلي والملموس لفصل واستقلالية السلطات الثلاثة، السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، فاصبحت السلطة التفيذية مؤثرة على السلطة القضائية وباساليب مختلفة، ومتخاصمة وبشكل مستمر مع السلطة التشريعية وهذا لم يحدث في اي بلد من بلدان العالم إلا في تجربة العراق "الديمقراطية" المستوردة والمفروضة على المجتمع العراقي، أضافة الى ذلك سيطرة السلطة التنفيذية على السلطة الرابعة( الاعلام) مما جعلها في خدمة السلطة التنفيذية حصراً .
المأزق الثاني :- لقد كرس الدستور العراقي نهجاً خاطئاً الا وهو النهج السياسي/ الطائفي القومي... في نظام الحكم، كما افرز هذا النهج بناء خاطئ للدولة يقوم على اساس مبدأ الكيانات الطائفية/ القومية وليس اعتماد مبدأ المواطنة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب.... مما ادى هذا النهج الخطير الى بروز وتنامي ظاهرة فكرة الحزب الواحد، القائد الأوحد، وبروز مقدمات لظهور الدكتاتورية من جديد، وبنفس الوقت تم اضعاف وتهميش بقية الاحزاب السياسية ومن مختلف الكيانات السياسية وخاصة في السلطة التنفيذية، مما ساعد ذلك على تفاقم واشتداد حدة الصراعات بين المكونات السياسية بعضها مع البعض الاخر، وداخل المكون السياسي الرئيسي الا وهو المكون الشيعي، وبين السلطة التنفيذية من جهة وبقية المكونات السياسية الاخرى، مما ادى كل ذلك الى عدم الاستقرار الامني والاقتصادي في عموم البلاد، فالاحزمة الناسفة والسيارات المفخخة والانتحاريين وتفشي الفساد المالي والاداري بشكل مرعب وخطير. ان هذه الظواهر الخطيرة في المجتمع العراقي ومن دون معالجة جذرية يمكن لها ان تعمل على تفكيك وتقويض النسيج الاجتماعي بهدف انهاء الشعب العراقي كوحدة سياسية واقتصادية واجتماعية وهذا ماتسعى اليه القوى الاقليمية والدولية لتحقيقه في العراق اليوم .
المأزق الثالث :- يكمن جوهر هذا المأزق في غياب الثقة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية ، وهذا نابع بالدرجة الاولى من غياب الثقة والتعاون بين قادة الأحزاب والكتل البرلمانية الرئيسة والمتنفذة في السلطتين، مما اثر ذلك سلباً على عمل السلطتين، ولمصلحة السلطة التنفيذية . ان الاحتراب والصراع بين السلطتين يرجع الى اسباب سياسية تاريخية اضافة الى التنافس والصراع حول السلطة، وان كل سلطة تفسر الدستور، القانون.... وفقا لرؤيتها ومصلحتها الخاصة، وبالتالي فان كل هذا ساعد على فقدان الثقة واللغة المشتركة بين قادة السلطتين وانعكس ذلك سلبا على المواطن، والمجتمع والاقتصاد الوطني، مما ادى ذلك الى وقوع الأحزاب والمجتمع ومنذ الاحتلال ولغاية اليوم في ازمات متكررة لها بدايةً وليس لها نهايةً، فكل سلطة تسعى الى تحقيق الامتيازات المادية الخاصة بها ، في حين ان الشعب لم يحصل على ما كان يطمح اليه من رخاء ورفاهية .
ان الامتيازات المادية وغير المادية التي حصل عليها اعضاء السلطتين وبشكل مفرط اثار حقد ونقمة الشعب على السلطتين وفقدان الثقة بهم، وعليه يمكن القول ان الغالبية العظمى من زعماء الأحزاب والكتل هم زعماء سلطة طائفيون وليس زعماء سلطة سياسيون حقيقيون هدفهم الرئيس هو خدمة المواطن والمجتمع، وان زعماء السلطة الطائفيون هدفهم الرئيس هو الاثراء المفرط وبكل الوسائل المتاحة من اجل الحصول على الجزء الكبير من الكعكة الدسمة، انهم زعماء المغانم وجمع الثروات الهائلة وبشكل غير شرعي .
المازق الرابع :- يكمن هذا المازق في تفاقم واشتداد حدة الصراع/ والتنافس بين السلطة المركزية وسلطة اقليم كردستان حول قضايا متعددة وفي مقدمتها القضايا الاقتصادية والسياسية والامنية والعسكرية ... اضافة الى فقدان الثقة بين قادة المركز وقادة اقليم كردستان ، مما اصبح ذلك عاملاً معرقلاً لتحقيق الامن والاستقرار السياسي والاقتصادي – الاجتماعي على عموم العراق ، وفي الوقت نفسه اصبحت سلطة اقليم كردستان مستقلة عن سلطة المركز في كثير من المسائل في الواقع الملموس ومن هنا ينشا الخطر على تفكك العراق .
المأزق الخامس :- ان السلطة في العراق اليوم هي سلطة مكونات قائمة على مبدأ المحاصصة الطائفي/ القومي...، لقد فرض الغرب الراسمالي بقيادة الامبريالية الامريكية نموذجاً سياسياً واقتصادياً – اجتماعياً تابعاً ومتخلفاً على الشعب العراقي، وقد افرز هذا النموذج اقتصاداً ريعياً وبأمتياز، وتم تكريس هذا النموذج السئ في شكله ومضمونه من قبل قوات الاحتلال الاميركية وحلفاؤها ولايزال هذا النموذج مستمراً حسب توجيهات المؤسسات الدولية ومنها صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية .
ولقد افرز هذا النموذج المتخلف والبعيد عن واقع وطموحات الشعب العراقي كل امراض النظام الراسمالي والمتمثلة بتنامي معدلات الفقر والبطالة، وانتشار معدلات الجريمة، والتلوث الاجتماعي وبيع "السلع الحية"، وعودة الامية واغراق المجتمع باشباه الاميين، وظهور الشعوذة والدجل، وتحويل المجتمع العراقي الى مجتمع استهلاكي وبأمتياز .
المأزق السادس :- ان جوهر هذا المأزق يكمن في فشل نموذج الحكومة التوافقية، وفشل حكومة الشراكة الوطنية، وفشل حكومة الوحدة الوطنية، ويعود السبب الرئيس الى فشل هذه النماذج للسلطة التنفيذية الى غياب الثقة السياسية بين قادة الاحزاب والكتل الرئيسة في السلطتين، فكل طرف يهدف الى اضعاف، ثم تفكيك، ثم اسقاط الطرف الاخر وبأساليب متعددة، وبالتالي أدى هذا النهج الخاطئ الى تفاقم واشتداد وتأزم العلاقات السياسية في عموم البلاد، وتفاقم وتأزم العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بدليل ظهور الاستقالات من السلطة التنفيذية ولاكثر من مرة، والانسحاب والمقاطعة للسلطة التشريعية ولعدة مرات. ان كل هذا دليل حي وملموس على تأزم وفقدان الثقة بين قادة المكونات السياسية في العراق وهذا يهدد أمن واستقرار البلاد .
ان استمرار التنافس والصراع بين السلطتين التنفيذية والسلطة التشريعية له تداعيات خطيرة على مستقبل الاقتصاد والمجتمع العراقي، فلا يمكن تحقيق الاستقرار السياسي والتطور الاقتصادي والاجتماعي واعادة بناء ما خربته الحروب العبثية غير العادلة منذ عام 1980 ولغاية اليوم من دون تعاون وتفاهم وتنسيق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية واعتبار دور ومكانة كل سلطة مكملاً لدور ومكانة السلطة الاخرى .
يمكن القول وخلال الفترة من عام 2003 ولغاية اليوم، فأن السلطة التنفيذية قد فشلت في تأدية مهامها الرئيسة وخاصة في معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وكذلك مستوى الخدمات المتدني، فمشكلة الفقر والبطالة... في تنامي مستمر، وتدني مستوى الخدمات ومنها على سبيل المثال مشكلة النقص في الكهرباء، حيث تم استثمار اكثر من (50) مليار دولار للفترة 2006 – 2013 في ظل بقاء المشكلة قائمة، فهل هذا معقول ؟!، وبالمقابل فأن السلطة التشريعية ايضاً قد فشلت في تشريع القوانين المهمة والجادة من اجل انقاذ الاقتصاد والمجتمع من التدهور والتفكك، وبالتالي فأن السلطتين التنفيذية والتشريعية قد فشلتا في تأدية المهام الرئيسة خلال الفترة من عام 2004 ولغاية عام 2014، بسبب عدم الاستقرار السياسي وغياب الثقة بين قادة الكتل المتنفذة في الحكم، بالمقابل ساعد كل ذلك على تنامي ظاهرة الفساد المالي والاداري، وتهريب ثروة الشعب العراقي، وظهور الحيتان والديناصورات المالية التي ارتبطت وتشابكت مصالحها مع الغرب الامبريالي ومؤسساته الدولية، ويعود السبب الرئيس الى بروز هذه الظواهر الخطيرة الى غياب الديمقراطية الشعبية، وغياب الرقابة الجماهيرية على السلطتين التنفيذية والتشريعية، وضعف تطبيق القانون على الخارجين عنه .
المأزق السابع :- ان من اخطر ما افرزته "ديمقراطية" الاحتلال هو ان الغالبية العظمى من الاحزاب المتنفذة في السلطة شيعية كانت أم سنية، لديها ميليشيات مسلحة، وهي تعد خارج اطار القانون ومخالفة للشرعية والديمقراطية ، فعلى سبيل المثال بعض الأحزاب الشيعية المتنفذة لديها ميليشيات مسلحة وتحظى بدعم من السلطة وتستخدم كأدوات مسلحة ضد الخصوم السياسيين سواء داخل البيت الشيعي او خارجه من أجل تحقيق اهداف سياسية واقتصادية واجتماعية ، ويمكن القول ان الميليشيات ماهي ألا ادوات عنف وقهر سياسي تستخدم لتصفية الحسابات السياسية وغير السياسية وعلى الصعيدين المحلي والخارجي، فهي ظاهرة خطيرة على امن واستقرار المجتمع وينبغي ان تحرم قانونا فيما يتعلق بمختلف انشطتها غير المشروعة .
المازق الثامن :- نرى، أنه غياب الرؤى السليمة والموضوعية في الميدان السياسي والاقتصادي والاجتماعي والايديولوجي، وغياب البرامج الحقيقية والموضوعية، وغياب المشروع الوطني، لدى قادة الاحزاب السياسية العراقية وخاصة المتنفذين منهم في السلطة، حول مستقبل النظام السياسي في العراق، هل سيكون نظاما اسلاميا ام نظاماً رأسمالياً ام نظاماً اشتراكياً؟ فالدستور واضح ولكن الواقع شيء اخر .
نعتقد، ان ما تم تحديده اعلاه لايهم الكثير من القادة السياسيين العراقيين، بل ان هدفهم الوحيد هو الصراع حول السلطة وكيفية الاستحواذ عليها والحصول على المناصب الرئيسة وخاصة منصب رئيس الحكومة، علما ان الدستور او العرف، او الدستور والعرف سوية قد تم حسم موضوع منصب رئيس الحكومة للمكون الشيعي ، ومنصب رئيس لبرلمان للمكون السني، ومنصب رئيس الجمهورية للمكون الكردي، وهذه المناصب الرئيسة حسمت لهذه المكونات واصبح ذلك عرفاً معمولاً به منذ عام 2003 ولغاية اليوم، انه نهج المحاصصة الطائفي/ القومي / السياسي وهذا النهج مخالفاً للشرعية والديمقراطية وينبغي على قادة الاحزاب السياسية رفض هذا النهج والتخلي عنه اصلاً وان يتم العمل وفق مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب. ان نهج المحاصصة الطائفي/ القومي يشكل خطراً جدياً على تفكيك واختفاء العراق من الخارطة الجغرافية والسياسية، فالمصلحة من يتم الاستمرار على هذا النهج الخاطئ ؟ .
المأزق التاسع :- ان تنامي معدل الانفاق العسكري وبشكل مفرط له تداعيات سلبية على الاقتصاد والمجتمع، وبهذا يشير صباح الساعدي، عضو البرلمان العراقي الى ان اجمالي الانفاق العسكري العراقي للفترة 2003 – 2013 قد بلغ 125 مليار دولار [1]. وبالتالي يمكن القول ان هذا الانفاق العسكري يؤكد العودة الى عسكرة الاقتصاد والمجتمع، بالمقابل نلاحظ هناك انهيار شبه كامل للقطاعات الانتاجية وتدهور خطير في قطاعي التعليم والصحة وتفاقم مشكلة السكن والخدمات، وفقدان الامن والاستقرار وتنامي ظاهرة الارهاب بشكل مرعب. ان المستفيد الاول من هذا الاتفاق الكبير هم الحيتان والديناصورات المالية في السلطة وخارجها وكذلك المجمع الصناعي – الحربي الغربي – الامريكي.
المأزق العاشر :- يلاحظ التدهور الشامل والكبير للاقتصاد الوطني بشكل عام وللقطاعات الانتاجية(الزراعة والصناعة...) بشكل خاص ويعود السبب الرئيس الى تنفيذ سياسة مايسمى بالاصلاح الاقتصادي المفروضة على السلطة العراقية من قبل صندوق النقد والبنك الدوليين، وبسبب هذه السياسة تحول العراق الى بلد مستهلك لاكثر من 85 % من السلع الغذائية والدوائية مستوردة مقابل ذلك دفع عشرات المليارات من الدولارات مقابل هذه السلع والتي معظمها غير صالحة للاستهلاك البشري، وكما ساعد هذا النهج الى تنامي الهجرة من الريف الى المدينة مما فاقم ذلك المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في المدينة وان سياسة مايسمى بالاصلاح الاقتصادي قد عمقت حدة التفاوت الاقتصادي والاجتماعي داخل المجتمع لصالح البرجوازية الادارية والبيروقراطية والطفيلية وجماعة اقتصاد السوق وجماعة المافيا (اقتصاد الظل)، بدليل في عام 2007 ظهر ان الخمس الاغنى، اي 20% من الاسر حصل على 43 % من مجموع الدخل على مستوى البلاد (وفي عام 2014 اكثر من ذلك بكثير)، بينما يحصل 20 % الافقر على 7% ، وان الفقراء يتحملون العبء الاكبر في الايرادات العامة فالارقام الواردة في موازنة 2012 تشير الى ان حصة الضرائب المفروضة على الفقراء وذوي الخل المحدود تعادل اضعاف تلك المفروضه على الاغنياء كما تبلغ حصة الفقراء من اجمالي مصروفات موازنة 2012 ما يعادل 42 % في حين تبلغ حصة الاغنياء 58 % ، وان مستويات الفقر في الريف بلغت 65% اي انها تعادل ثلاثة امثال النسبة في المناطق الحضرية (2)، وتفشي ظاهرة الفساد المالي والاداري ، ويشير مدير عام دائرة استرداد الاموال في هيئة النزاهة على ان الاموال المتواجدة (المهربة)في الدول المراد استردادها تقدر بـ(بترليون) و 14 مليون دولار(3)، ناهيك عن غياب الحسابات الختامية لماذا ؟ وما هو السبب ؟.
المأزق الحادي عشر :- تواجه القطاعات الخدمية وفي مقدمتها قطاع التعليم ولجميع مراحله وقطاع الصحة وقطاع الكهرباء والسكن ... مشاكل كثيرة ومعقدة والسبب الرئيس لهذه المشاكل يعود الى غياب إستراتيجية الدولة لهذا القطاع المهم والحيوي فتدني مستوى التعليم ولجميع مراحله المختلفة والأخطر في ذلك انتقل مع الاسف هذا المستوى المتدني للدراسات العليا( الماجستير والدكتوراه)، ولقد لعب العامل السياسي الدور السلبي في ذلك التدهور سابقاً، إذ كانت سياسة التبعيث واثبتت فشل هذا النهج وحصلنا على نتائج كارثية، واليوم نهج اسلمة التعليم فسوف تظهر النتائج الكارثية بعد 10-15 سنة قادمة، بالرغم من انها اليوم اصبحت ملموسة، فالجامعات والمعاهد العراقية اصبحت تخرج في الغالب اشباه الاميين، وتفشي ظاهرة تزوير الشهادات وعلى مختلف المراحل الدراسية، فضلاً عن هجرة الكفاءات العلمية ولاسباب امنية وسياسية وغيرها، اما قطاع الصحة، فهو ايضا يعاني من قلة التخصيصات المالية وتقادم الاجهزة الطبية وقلة الابنية والمستوصفات والمستشفيات وقلة الكادر الطبي والكوادر المهنية الطبية، وهجرة الاطباء فخلال الفترة 2003 – 2013 هاجر اكثر من 20 الف طبيب خارج العراق، فلا خدمة طبية جيدة ولا دواء جيد بالرغم من اسعار هذه الخدمات خيالية، وتفشي الامراض وخاصة امراض السرطان ناهيك عن الولادات المشوهة وبشكل مخيف ومرعب وتنامي معدلات البطالة وخاصة وسط الشباب التي وصلت الى اكثر من 30%، ووجود اكثر من 4 مليون مهاجر داخل وخارج العراق، ويوجد ما بين 6 – 7 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر، ووجود ما يقارب من 7 – 8 مليون امي.
المأزق الثاني عشر :- ان العراق يواجه ضغوطات كثيرة ومتعددة وفي مقدمتها الضغوط السياسية والاقتصادية ... ومن قبل اطراف اقليمية ودولية سواء كان ذلك بشكل مباشر او غير مباشر واصبحت هذه التدخلات وممارسة الضغوطات ظاهرة ملموسة للجميع، والسبب الرئيس في ذلك يعود الى ان كل طرف اقليمي او دولي له حلفاء واصدقاء في السلطة العراقية وهؤلاء الحلفاء – الاصدقاء هم قادة متنفذين في السلطتين التنفيذية والتشريعية، وفي الوقت نفسه هم قادة لاحزاب سياسية موجودة في الساحة السياسية العراقية، وهؤلاء القادة السياسيين والمتنفذين يلجأون الى الاطراف الاقليمية والدولية عند "الضرورات" و "الازمات" التي تظهر في البلاد بهدف ايجاد مخرج لهذه الازمة، ويمكن القول لقد اصبح العامل الخارجي هو الموجه والمنظم الرئيس للعامل الداخلي، وهذه الحالة سوف تؤثر سلبا على صانعي القرار السياسي والاقتصادي والامني الداخلي، ومن هنا ينشا الخطر الجدي على السيادة الوطنية العراقية سواء كان من جهات اقليمية او دولية او اقليمية ودولية في آن واحد .
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
المطلب الاول
واقع وظروف الانتخابات البرلمانية في العراق اليوم
1. عاش ويعيش الشعب العراقي اليوم اوضاعاً غير مستقرة وفي كافة ميادين الحياة منذ الاحتلال الامريكي للعراق ولغاية اليوم، وهذا لم يكن وليد للصدفة، ولعب العامل الخارجي بالتعاون والتنسيق مع العامل الداخلي في فرض نموذج سياسي واقتصادي– اجتماعي لايتلائم مع واقع وتطلعات وطموحات الشعب العراقي .
2. ان الانتخابات البرلمانية تجري اليوم في ظروف واوضاع بالغة الخطورة والتعقيد، فالمحافظات الغربية، ولاسيما محافظة الانبار تعيش حالة من الحرب غير المعلنة رسمياً، اي انها تعيش حالة اللاسلام فتصعيد مسار هذه الحرب غير صحيح ولم يأتي في الوقت المناسب في محاربة الارهاب وبالتالي سوف تواجه المحافظات صعوبة في اجراء الانتخابات البرلمانية السليمة والموضوعية والناجحة لأن هذه المحافظات تواجه اوضاعا شاذةً، فالحرب والفيضانات والانتحاريين والسيارات المفخخة والقتل على اساس الهوية .... واصبح ذلك من السمات المميزة للمحافظات الغربية وكذلك في محافظة بغداد وبابل وكركوك، وبالتالي سوف يتم الطعن في شرعية هذه الانتخابات في هذه المحافظات .
3. لايمكن ان تكون الانتخابات البرلمانية لها مصداقية وشرعية في ظل تفاقم واشتداد الصراع والاحتراب بين السلطة المركزية وسلطة اقليم كردستان سواء كان ذلك بشكل مباشر او غير مباشر، اضافة الى ذلك التنافس والصراع بين المكونات السياسية الرئيسة وبين قادة هذه الكيانات السياسية، وكما يلاحظ ايضا هناك دوراً كبيراً سواء كان ذلك الدور بشكل مباشر او غير مباشر للسلطة التنفيذية على السلطة القضائية والهيئات المستقلة وخاصة الهيئة المشرفة على الانتخابات المستقلة مثال على ذلك: مرشح يتم قبوله وبعد فترة يتم استبعاده، ثم بعد فترة يتم قبوله في المشاركة الانتخابية، وفق اي مادة قانونية ثم كل ذلك ؟!.
4. غياب التكافؤ بين الاحزاب السياسية المشاركة في عملية الانتخابات البرلمانية في ميدان السلطة والمال والاعلام...، فالاحزاب المتنفذة في السلطة وخاصة الحزب الحاكم لهم دوراً متميزاً في السلطة وامتلاك المال والاعلام يتم تسخيره لصالحهم بهدف الفوز في الانتخابات، اما الاحزاب الصغيرة وغير المشاركة في الحكم فليس لديها من مثل هذه الامكانيات المادية وغيرها، ويعد هذا وغيره خللاً كبيراً في العملية الانتخابية، ناهيك عن غياب تشريع قانون الاحزاب وقانون التعداد السكاني، وقانون منصف وعادل للانتخابات يحقق المساواة والعدالة ولو بشكل نسبي بين احزاب السلطة وغيرها من الاحزاب .
5. تنامي وتفاقم الصراعات السياسية بين الاحزاب الاسلامية والاحزاب القومية العربية والكردية حول السلطة ومستقبل العراق اللاحق ، ناهيك عن تنامي الصراع السياسي داخل البيت الشيعي، والبيت السني، والبيت الكردي حول الاستحواذ والهيمنة على السلطة وخاصة حول السلطة التنفيذية ورئاستها، فمثلا حزب الدعوة بزعامة السيد نوري المالكي وحلفاؤه لايريدون تسليم رئاسة الحكومة وبأي ثمن كان، اما التيار الصدري والمجلس الاعلى الاسلامي يريدون قيادة السلطة التنفيذية ويؤيدهم السيد اياد علاوي واسامة النجيفي والحزبيين الكرديين، الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني....، وبالتالي يمكن تشكيل حكومة الاكثرية التي ستقود السلطة التنفيذية والتشريعية بعد الانتخابات البرلمانية، اما دولة القانون بزعامة السيد نوري المالكي وحلفاؤه لن يستطيعوا تشكيل حكومة الاكثرية السياسية في السلطة التشريعية .
6. نعتقد، ستبلغ نسبة المشاركة في عملية الانتخابات البرلمانية ما بين 50 – 60 % وهو الرأي الاقرب والمرجح حسب الاحتمالات المتاحة ومن خلال قراءة وتشخيص المشهد السياسي العراقي وهي نسبة مشاركة معقولة بالنسبة لضروف العراق غير الطبيعية، وسوف تحقق الاحزاب الاسلامية الشيعية المرتبة الاولى في الاصوات، وتأتي الاحزاب القومية العربية (السنية) بالمرتبة الثانية والاحزاب القومية الكردية بالمرتبة الثالثة، اما بقية الاحزاب والائتلافات الجديدة ستحتل المرتبة الرابعة، الا ان دورها وفاعليتها لم تكن كبيرة في السلطتين التشريعية والتنفيذية، بل انها تشكل قوى سياسية جديدة في السلطة التشريعية ، وبهذا سيتم كسر احتكار السلطة من قبل المكونات الثلاث الرئيسية، وطرح رؤى وتصورات إستراتيجية جديدة تسهم في إعادة الترويج لمفاهيم وطروحات سياسية جديدة ضمن هيكلية النظام السياسي تنأى بها عن منطق فلسفة القوة والهيمنة، لاسيما خلال المرحلة 2014-2018.
7. لازال العامل الديني يلعب دوراً كبيراً في عملية الانتخابات البرلمانية على الرغم من ان للمرجعية الدينية الشيعية دوراً ايجابياً في حث المواطنين على المشاركة في الانتخابات وتأكيدها على المرشح الكفوء والمخلص والنزيه والوطني، كما تؤكد على ضرورة التغيير، كما يلاحظ ان الغالبية العظمى من الاحزاب السياسية وخاصة حزب السلطة يعتمد على التحشيد العشائري والولاء الطائفي/ القومي في العملية الانتخابية بهدف الفوز في الانتخابات، ان كل ذلك يتم في ظروف غير طبيعية وضعف في الوعي السياسي داخل المجتمع العراقي .
8. نعتقد، ان هذه الانتخابات سوف لن تحدث تغيرات كبيرة ومهمة ونوعية في اللوحة السياسية، فالمثلث الطائفي/ القومي/السياسي سيبقى كما كان سابقا، فالمكون الاسلامي (الشيعي) والمكون القومي العربي (السني) والمكون القومي الكردي هم الاركان الرئيسة لهذا المثلث القومي/السياسي، وهناك احتمال دخول قوى واحزاب سياسية جديدة ذات توجهات سياسية وطنية، ولكنها لن تكون مؤثرة على الاتجاه العام الطائفي/ السياسي/ القومي لتوجهات السلطة التنفيذية والتشريعية، وكما يمكن القول ان السلطة التنفيذية والتشريعية الجديدة للفترة 2014 – 2018 هي سلطات "اصلاحية" وليست سلطات تغيير تقوم بالاصلاحات الجذرية بل ستبقى على نفس نهجها السابق .
9.  وفق رؤية تحليلية منهجية، نعتقد، ان فترة 2018 – 2022 ستكون فترة تغيرات سياسية واقتصادية – اجتماعية جذرية في شكلها ومضمونها، ان لم نقل قد تحدث هذه التغييرات قبل ذلك الموعد، وخاصة في حالة استمرار نهج المكونات السياسية الرئيسية على نفس سياساتها الخاطئة تجاه الشعب العراقي ويمكن ان يحدث التغيير الشعبي الحقيقي وتحت زعامة وطنية جديدة وتحت شعار رئيس "الشعب يريد إسقاط النظام" .
10.                        حسب تقديرنا، في حالة استمرار تفاقم واشتداد الازمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية ... واستمرار الحرب في محافظة الانبار واحتمال توسع ذلك الى المحافظات الغربية الاخرى، وعدم الاستقرار الامني في محافظة بغداد، بابل واحتمال استمرار عملية التفجيرات والمفخخات والاحزمة الناسفة...، فلا يمكن من ان نستبعد مشهد احتمالي قابل للتحقق ألا وهو إمكانية ان يعلن السيد نوري المالكي رئيس الحكومة العراقية حالة الطوارئ وتأجيل الانتخابات البرلمانية لفترة قادمة بالرغم من انه لايملك هذه الصلاحية، فهي من صلاحية السلطة التشريعية حصراً ، ولكن يمكن ان يتم فرض ذلك كواقع حال وغير قابل للنقاش، لاسيما وان قانون حالة الطوارئ جاهزاً لدى السلطة التنفيذية، فالعراق مقبل على كثير من المفاجأت الغريبة والكثيرة، فالمستقبل القريب سيكشف لنا ابعاد واهداف تلك المفاجأت.
 
 
 
 
 
 
 
المطلب الثاني
وجهة نظر – ما هو الحل ؟
ان الديمقراطية في العراق ما هي ألا نموذج تم تصديره من قبل الولايات المتحدة الامريكية للشعب العراقي، وهذا النموذج في شكله ومضمونه منحاز لمصلحة الاقلية في المجتمع، اي انها ديمقراطية طبقية منحازة لمصلحة الطبقة الحاكمة. ان هذا النموذج لم يأخذ بنظر الاعتبار الظروف والواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي للعرق، فهذا النموذج وخلال الفترة من عام 2003 ولغاية اليوم اثبت فشله وادخل العراق في دوامة من الفوضى وعدم الاستقرار الامني والعسكري والاقتصادي – الاجتماعي، بل كرس النهج الطائفي/ القومي، وفي حالة الاستمرار على هذا النهج الكارثي فلا يستبعد من ان مصير الشعب العراقي محفوف بالمخاطر الجدية وخطر تفكك العراق الى دويلات "مستقلة"، وما حدث للاتحاد السوفيتي السابق ودول اوربا الشرقية، وما حدث ليوغسلافيا والسودان، وما حدث ويحدث اليوم في ليبيا واليمن وسوريا ومصر...، تحت غطاء "الربيع العربي" الا دليل حي وملموس على دور العامل الخارجي في تخريب وتقويض وتفكيك الدول الى دويلات ضعيفة ومتناحرة ومتصارعة وفق استراتيجية الفوضى الخلاقة التي تستند اللى فكرة مفادها:كيفية تفكيك الدول العربية الى دويلات صغيرة ضعيفة وإعادة أنتاج

12
 إن انجاز ما تم ذكره أعلاه يعد قوة جديدة للحزب والرابح الرئيس هو الشعب العراقي بشكل عام والطبقة العاملة العراقية وحلفائها بشكل خاص، وبهذا يصبح حزب الشهداء حزباً قوياً وطليعياً للطبقة العاملة ومدافعاً أميناً عن مصالحها ومصالح حلفائها، أما في حالة عدم تحقيق هذه الدعوة الهامة فمن نتائجها السلبية هي إضعاف دور ومكانة الحزب والفكر في المجتمع العراقي وسيكون الرابح الرئيس من كل ذلك هو الخصم الإيديولوجي/ الطبقي للحزب.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
المطلب الثاني
وصايا لينين... ولمن المستقبل
    يجب على المخلصين من الشيوعيين أن يتذكروا وصية قائد البروليتاريا العالمية فلاديمير لينين(( إن الأحزاب الثرية التي فنيت حتى ألان، فنيت لأنها أصيبت بالغرور، ولم تستطع إن ترى أين تكمن قوتها، وخافت من التحدث عن نقاط ضعفها، أما نحن فلن نفنى، لأننا لا نخاف من التحدث عن نقاط ضعفنا وسنتعلم كيف يمكن التغلب على نقاط الضعف... إن الإخلاص والنزاهة في السياسة ما هي ألا نتيجة للقوة، أما الرياء فهو نتيجة للضعف)).
    وكما أكد لينين(( في السياسة لا يوجد فرق بين الخيانة بسبب الغباء أو بشكل متعمد ومحسوب)).
    إن الحتمية التاريخية وتطور المجتمع البشري تؤكد حقيقة موضوعية وهي إن المستقبل هو لحزب الطبقة العاملة، الذي يستند في عمله ونشاطه على نظريته العلمية والثورية، وهي النظرية الماركسية- اللينينية، ولا يمكن فصل أو تجزئة هذه النظرية العلمية، فأن حدث فهو يعد خيانة عظمى وتحريف يصب لصالح الطغمة المالية الحاكمة في الغرب الامبريالي وحلفائها في البلدان الأخرى.
    إن المستقبل للشعوب الطامحة لبناء مجتمعها العادل المجتمع اللاطبقي وهذه هي سنة وتطور الحياة الحتمي، إن تحقيق هذا الهدف السامي والنبيل يتم من خلال وحدة الأحزاب الشيوعية على صعيد كل بلد وعلى الصعيد الإقليمي والعالمي، والمبنية على أساس الفكر الماركسي اللينيني، والالتزام بالثوابت المبدئية، فالشيوعية هي الخيار وهي مستقبل الشعوب، وهي تشكل النهاية الحقيقية لتاريخ المجتمع البشري.
    هذه هي الحقيقة، فالحقيقة مرة، ويجب الاعتراف بها، والحقيقة ثورية بطبيعتها، ويجب أن تؤمن بها، فقيادة أي حزب أو فصيل شيوعي، يتم رفض هذه الدعوة من حيث المبدأ فيعد ذلك خيانة للفكر والمبدأ والحزب، وستتحمل المسؤولية التاريخية عن هذا الموقف السلبي وما سيحصل في المستقبل.
    أن التاريخ والأجيال الثورية القادمة ستحاسب كل من يقف ويعرقل تطبيق هذه الدعوة الهامة والملحة اليوم.
 


13
وحدة الشيوعيين العراقيين ضرورة موضوعية لمرحلة مابعد الانتخابات البرلمانية للعام 2014
( رؤية مستقبلية لواقع العراق السياسي)

الدكتور. نجم الدليمي     
 
               
 
 
             الحلقة الاولى
 
 
                                       
 
 
                           خطة البحث
المقدمة
الفصل الاول: دعوة ملحة لوحدة الشيوعيين العراقيين في المرحلة الراهنة للنهوض بأعباء النضال الوطني الاممي
المبحث الاول أهمية وضرورة وحدة الشيوعيين اليوم.
المطلب الاول:أحذروا خطر العدو الطبقي
المطلب الثاني: لينين يقول_ لينين يحذر.
المطلب الثالث: دعوة ملحة لماذا؟
المبحث الثاني: مبادئ وثوابت الوحدة الفكرية والسياسية.
المطلب الاول: هدف نبيل.
المطلب الثاني: صمود الحزب.
المطلب الثالث: الحزب الجماهيري
المبحث الثالث: وجهة نظر ورؤية تحليلية لمسارات وحدة الشوعيين العراقيين
المطلب الاول: من الرابح ومن الخاسر؟
المطلب الثاني: وصايا لينين... ولمن المستقبل.
الفصل الثاني: العراق في مفترق طرق – ديمقراطية ام ديكتاتورية
المبحث الاول: اهمية الانتخابات البرلمانية
المطلب الاول: المكونات السياسية الرئيسة في العملية الانتخابية
المطلب الثاني: شروط وظروف الانتخابات البرلمانية العادلة والنزيهة
المبحث الثاني: مأزق الديمقراطية في العراق
المطلب الاول:واقع وظروف الانتخابات البرلمانية في العراق
المطلب الثاني: وجهة نظر- ماهو الحل
مقدمة
تعٌد وحدة الأحزاب والفصائل الشيوعية العراقية اليوم على الصعيد المحلي من إحدى أهم المهام الرئيسة التي ينبغي إن يتحملها قادة وكوادر وأعضاء الأحزاب الشيوعية في البلد.
 إن تحقيق هذه المهمة النبيلة هي هدف مهم وسامي يصب في تعزيز دور ومكانة ووحدة الحزب بين الجماهير، ولاسيما وسط الشغيلة.
   أن الخصم الإيديولوجي للأحزاب الشيوعية يسعى إلى تمزيق وتفتيت وإضعاف واختراق هذه الأحزاب وخاصة في قياداتها وكوادرها المتقدمة بهدف إضعاف وتهميش دورها الطليعي لقيادة الطبقة العاملة وحلفاؤها بهدف عدم تحقيق الهدف السامي والشرعي ألا وهو المجتمع الاشتراكي.
    إن كل من يقف ضد هذه الدعوة الهامة والملحة اليوم أو غداً فأن هذا الموقف سيصب سواء بشكل مباشر أو غير مباشر في خدمة الخصم الإيديولوجي للطبقة العاملة وحلفائها، وعلى هذا الأساس نوجه الدعوة إلى كافة القادة والكوادر والأعضاء الحزبين المخلصين لشعبهم وفكرهم وحزبهم من إن يناضلوا من اجل تحقيق هذه الدعوة وعلى أسس مبدئية، وهذا هو المطلب الرئيس في هذه المرحلة الراهنة والصعبة، ومن يعارض ذلك سيكون مصيره في مزبلة التاريخ.
يحتدم الصراع السياسي اليوم في المجتمع العراقي حول مستقبل العراق اللاحق ويحمل هذا الصراع طابعا سياسيا واقتصاديا– اجتماعيا وايديولوجيا في ان واحد، ويشتد ويتفاقم هذا الصراع بين التيارات السياسية الر ئيسية والمتمثلة بالتيار الاسلامي الشيعي، والتيار الاسلامي القومي / السني، والتيار القومي الارادي، والتيار اليساري والديمقراطي، اي يمكن القول ان هذا الصراع يحتدم بين اربعة احزاب سياسية رئيسة .
ان التيارات السياسية اسلامية كانت ام قومية، هي تعبر عن المصالح السياسية والاقتصاداية والايديولوجية للطبقة البرجوازية المتمثلة بالملكية الخاصة لوسائل الانتاج، وتتبنى سياسة اقتصاد السوق الراسمالي، اي في النهاية تسعى الى بناء الراسمالية في العراق، وهذه التيارات السياسية الاسلامية والقومية لم تعلن بشكل واضح وصريح في شعاراتها وبرامجها الانتخابية – طبعا – ان وجدت لانها تدرك جيدا ان الغالبية العظمى من ابناء الشعب العراقي يرفضون ذلك، ومن هنا فهي تخادع الجماهير في بعض شعاراتهاالسياسية والاقتصادية وخاصة شعار العدالة الاجتماعية والتداول السلمي للسلطة .....؟
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
الفصل الاول
دعوة ملحة لوحدة الشيوعيين العراقيين في المرحلة الراهنة
للنهوض بأعباء النضال الوطني الاممي
 
المبحث الاول
أهمية وضرورة وحدة الشيوعيين اليوم
    تواجه الأحزاب والفصائل الشيوعية في العراق أوضاعاً معقدة ومربكة في الميدان السياسي والفكري ارتباطا بتعقيد وانعكاس الوضع الداخلي في البلاد، وكما تواجه هذه الأحزاب والفصائل الشيوعية حالة من الضعف والإرباك التنظيمي والإيديولوجي وضعف الصلة بالجماهير الشعبية.... وفي حالة الاستمرار على هذه الحالة اللامنطقية، سوف يؤثر ذلك سلباً على دورها ومكانتها ووجودها ومستقبلها السياسي في العراق.
    أن الانقسامات والضعف الموجود داخل الحركة الشيوعية في العراق له عدة أسباب موضوعية وحقيقية ومنها: ضعف أو غياب الممارسة الديمقراطية الحقيقية داخل هذه الحركة، والابتعاد التدريجي عن النظرية الماركسية- اللينينية، وعدم التطبيق السليم للمبادئ اللينينية في حياة الحزب الداخلية، وينبغي الابتعاد والتخلي عن ظاهرة الغرور والتكبر والتعالي الموجود لدى بعض قيادات وفصائل الأحزاب الشيوعية، وكما ينبغي على هذه القيادات ان تشعر بدورها ومسؤوليتها التاريخية في وحدة الحركة الشيوعية العراقية، فالحزب الشيوعي حزباً طبقياً يدافع عن مصالح الطبقة العاملة وحلفائها من الفلاحين والمثقفين الثوريين، وليس حزباً لفئة أو جماعة أو شخص.
    إن الوحدة التنظيمية للحزب الشيوعي ينبغي ان تستند على الأسس اللينينية وهذا يساعد على تعزيز الوحدة الفكرية التي تقوم على أسس النظرية الماركسية- اللينينية، فالوحدة التنظيمية والفكرية على الأسس العلمية تشكل البوصلة الرئيسة والسليمة لنشاط وعمل أي حزب شيوعي.
     يشكل الصراع الفكري داخل أي حزب شيوعي أهمية كبرى في حياته الداخلية، ويعد ظاهرة سليمة وصحيحة وموضوعية وحتمية، وكما يشكل الصراع الفكري أسلوبا مهماً لتطوير عمل الحزب، ويبعد الحزب من ظاهرة الانقسامات والفوضى الفكرية، وبغياب الديمقراطية العلمية الموجه والمنظمة وذات المضمون الطبقي والصراع الفكري يساعد ذلك على ظهور التكتلات والانقسامات داخل الحزب والمستفيد الأول من ذلك هو خصم الحزب الإيديولوجي.
    إن الوحدة الإيديولوجية والتنظيمية للحزب الماركسي- اللينيني تقوم على أساس البرنامج والنظام الداخلي، وان التنظيم الثوري بلا فكر ثوري، ما هو ألا شكل من أشكال الثرثرة والهراء والدجل وفقدان الأصدقاء والأعضاء والجماهير... بالفكر والحزب، وهذا التنظيم يحول الطبقة العاملة وحلفائها من الفلاحين والمثقفين الثوريين  لإتباع وذيول تابعة للسلطة البرجوازية الحاكمة ويفقدها شرعيتها ومبدئيتها واستقلالها التنظيمي والسياسي والإيديولوجي.
أن وحدة الحركة الشيوعية على الصعيدين المحلي والعالمي يعد مطلباً مبدأ ومطلباً وطنياً واممياً هاماً ورئيساً غير قابل للتأجيل من اجل تعزيز دور ومكانة الحركة الشيوعية عالمياً  بشكل عام وتعزيز دور ومكانة الحزب الشيوعي محلياً بشكل خاص.
    أن الأعداء الطبقيين للحركة الشيوعية اليوم يوظفون كل ما لديهم من أموال وعقول وأعلام أصفر ومؤسسات بحثية ودعايات مفبركة وكاذبة وشراء ذمم والعمل على اختراق هذه الأحزاب وخاصة قياداتها الرئيسة بهدف إبقاء هذه الأحزاب ضعيفة ومربكة فكرياً وتنظيمياً، متصارعة ومتحاربة وغير فاعلة في المجتمع، وزرع الشكوك بينها وبين الجماهير وبأساليب خبيثة وغير موضوعية وغيرها من الأساليب المظللة وغير شرعية، هذا هو الهدف الرئيس للأعداء والخصوم الطبقيين للفكر الماركسي- اللينيني.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
المطلب الاول
احذروا خطر العدو الطبقي
واجهت الحرة الشيوعية العالمية ولا تزال تواجه اليوم عدواً طبقياً وشرساً متمثلا بقوى الثالوث العالمي وحلفاؤه على الصعيد الإقليمي والدولي، ويملك هذا العدو الطبقي أدوات سياسية واقتصادية ومالية وإعلامية ومخابراتية متمثلة بالمؤسسات المالية والاقتصادية الدولية، وبرأسمال مالي عالمي، وبالشركات المتعددة الجنسية وبوسائل إعلام عالمية وبأجهزة مخابرات عالمية وعلى رأسها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية(CIA).
     لقد كان الهدف الرئيس لهذه القوى السوداء هو العمل المستمر من اجل إضعاف واختراق وتفتيت الحركة الشيوعية العالمية كعدو رئيس وخصم إيديولوجي رقم واحد، متمثلا بالاتحاد السوفيتي وحلفاؤه في أوربا الشرقية...، ومما يؤسف له ((نجحت)) هذه القوى الغاشمة في تحقيق هدفها وتحت غطاء ما يسمى بالبيرويسترويكا، مشروع الحكومة العالمية السيئ الصيت، وبفعل الخيانة العظمى في قيادة الحزب الشيوعي السوفيتي وعلى رأسه الخائن ميخائيل غورباتشوف وفريقه المرتد تم تفكيك الاتحاد السوفيتي واختفاؤه من الساحة السياسية، واختفاء اكبر حزب شيوعي في العالم، واختفاء الجزء الهام من المعسكر الاشتراكي المتمثل بدول أوربا الشرقية، واختفاء حلف وارسو...، وانعكس هذا وغيره بشكل سلبي وكبير على الحركة الشيوعية العالمية.
     لقد نجحت هذه القوى السوداء في أرباك وإضعاف وانقسام الحركة الشيوعية العالمية على الصعيدين الداخلي الخارجي، من خلال تأجيج الخلافات السياسية والإيديولوجية وحتى الشخصية بين قادة هذه الأحزاب وبشكل مفتعل، وتم تفتيت الحزب الشيوعي الواحد في البلد الواحد إلى عدة أحزاب وفصائل شيوعية بدليل يوجد اليوم في رابطة الدول المستقلة( جمهوريات الاتحاد السوفيتي) أكثر من (40) حزباً شيوعياً!.
    من حق أي مخلص مبدئي سواء كان عضوا أم كان كادرا أم قيادياً في الحزب الشيوعي أن يطرح جملة من الأسئلة المبدئية والمشروعة ومنها على سبيل المثال: لمن ولمصلحة من يتم سيناريو التفتيت والتجزئة في الحركة الشيوعية العالمية؟ من المستفيد من ذلك؟ وما هو دور العامل الداخلي ومدى الالتزام بالثوابت المبدئية في الحياة الحزبية؟ وماهو دور الخصم الإيديولوجي داخلياً وخارجياً؟ هل غابت جميع الحلول والمعالجات لمعالجة هذا الخطر القاتل الذي يواجه الحركة الشيوعية العالمية؟ وهل ستبقى هذه الحالة على ما هو عليه اليوم بدون وقفة جادة؟
    يواجه بلدنا وشعبنا العراقي اليوم أوضاعاً صعبة وخطيرة واستثنائية وتشكل خطراً جدياً على وحدة العراق أرضاً وشعباً، وترجع هذه الإخطار إلى السياسات الخاطئة التي اتبعها النظام السابق، وان ما يعانيه بلدنا وشعبنا اليوم من إخطار حقيقية تهدد بأختفاؤه من الخارطة السياسية ما هو إلا نتيجة وإفراز حقيقي للنهج الخاطئ للنظام السابق، وفي الوقت نفسه يلاحظ إن النظام السياسي الجديد قد اغرق العراق أرضاً وشعباً بمشاكل لا تعد ولا تحصى، ولم يستطيع النظام الحاكم من إن يحقق الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي المطلوب، بل لعب سواء بشكل مباشر أو غير مباشر على تأجيج الصراع الطائفي/ القومي والسياسي، وقد افرز هذا الوضع الكارثي بصماته السلبية والمباشرة على تعقيد للوضع السياسي وتصعيد الاحتراب بين الأحزاب السياسية العراقية على أساس طائفي- قومي وليس على أساس صراع سياسي/ أيديولوجي نظيف وقد انعكس هذا الاحتراب سلباً على الأحزاب والفصائل الشيوعية في العراق.
    إن من اخطر نتائج سياسة الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق هو تكريس مبدأ المحاصصة الطائفي- القومي سيء الصيت، ومنذ الاحتلال الأمريكي للعراق ولغاية اليوم، فأن هذا النهج الطائفي/ القومي قد أدخل الشعب والأحزاب السياسية وبمختلف اتجاهاتها الفكرية في دوامة من الصراع والفوضى وعدم الاستقرار ويشكل هذا النهج خطراً جدياً على وحدة العراق أرضا وشعباً، ناهيك من إن هذا النهج يمكن إن يؤدي إلى إشعال حرب طائفية، حرب أهلية في العراق.
    تلعب القوى الإقليمية والدولية بالرغم من تناقضاتها  المعلنة وغير المعلنة بعضها مع البعض الأخر، وعبر أجندتها الخاصة بها على تأجيج وتصعيد وتيرة الاحتراب الطائفي/ القومي، ناهيك عن دورها في تفتيت الأحزاب السياسية ومنها أحزاب الإسلام السياسي والأحزاب القومية عربية كانت أم كردية والأحزاب والفصائل الشيوعية في العراق.
 
 
 
 
 
المطلب الثاني
لينين يقول- لينين يحذر
يقول فلاديمير لينين(( نحن نسير جماعة متراصة في طريق وعر وصعب، متكاتفين بقوة، يطوقنا الأعداء من كل الجهات، لقد اتحدنا بمليء أرادتنا، اتحدنا بغية مقارعة الأعداء بالذات، لا للوقوع في المستنقع المجاور.... اتحدنا في جماعة.... وفضلنا طريق النضال على طريق المهادنة....)). وكما أشار لينين إلى مسألة غاية في الأهمية وهي( يجب علينا قبل ان نتحد، ولكي نتحد، أن نضع الحدود الفاصلة بصورة حازمة وقاطعة... وان الوحدة عمل عظيم وشعار عظيم، ولكن القضية العمالية بحاجة إلى وحدة ماركسيين، لا إلى وحدة ماركسيين مع أعداء الماركسية ومشوهيها، وان أساس الوحدة يكمن بالانضباط الطبقي للحزب)).
 
المطلب الثالث
دعوة ملحة لماذا؟
     إن القيادة التي قادت الحزب الشيوعي العراقي منذ أواسط الستينات من القرن الماضي ولغاية اليوم هي التي تتحمل المسؤولية الكاملة لما وصل إليه حزب الشهداء من وضعاً  غير طبيعياً وغير منطقياً والذي شمل جميع مرافق النضال المشروعة سواء في الميدان الفكري والتنظيمي والجماهيري وغيرها من الميادين الأخرى، وعلى القيادة الحالية للحزب ان تتحمل مسؤوليتها التاريخية والمبدئية بهدف معالجة الظواهر غير السليمة وغير الطبيعية معالجة جذرية وصائبة، لان هذه الظواهر تنخر في جسم الحزب، وان تستفيد من الإرث النضالي للحزب والحركة الشيوعية العربية والعالمية وبما يخدم وحدة الحزب وبقاؤه والدفاع المبدئي عنه والالتزام بنظريته وفكره الثوري الفكر الماركسي- اللينيني، كدليل ومرشد عمل في حياة الحزب الداخلية.
    من المؤسف حقاً، وبعد ثمانية عقود من النضال المشروع والبطولي إن يصل حزب الشهداء إلى ما هو عليه اليوم في حالة غير طبيعية هذا من جهة، وان نجد ما يقارب من عشرة أحزاب وفصائل شيوعية عراقية متناحرة ومتصارعة بعضها مع البعض الأخر من جهة أخرى، نطرح سؤال مشروع وهو: لمن ولمصلحة من يجري كل ذلك؟!.
    إن هذا الوضع المأساوي الذي تعيشه جميع الأحزاب والفصائل الشيوعية العراقية ينبغي إن لا يستمر طويلاً، ويتطلب وقفة جادة من قبل جميع قيادات وكوادر وأعضاء هذه الأحزاب والفصائل الشيوعية، وان يعملوا جميعاً وبغض النظر عن الموقع الحزبي الذي هو فيه من اجل إيجاد معالجة جذرية ومبدئية لجميع الحالات والأوضاع الشاذة والغريبة على الحزب ولما فيه خدمة للشعب والحزب الواحد الموحد.
    إن هذه الدعوة الملحة اليوم، غير قابلة من حيث المبدأ للتأجيل أو التسويف أو التبرير اللاعلمي وتحت أي مصوغ كان، فهي- كما نعتقد- مهمة وطنية ومبدئية وأممية في شكلها ومضمونها، وبمناسبة الذكرى الثمانون لتأسيس حزب فهد-سلام عادل، ندعوا كافة القيادات والكوادر والأعضاء والأصدقاء المخلصين في أحزابهم إن يلعبوا دورهم التاريخي والمبدئي من اجل تحقيق هذا الهدف النبيل، ألا وهو وحدة الأحزاب والفصائل الشيوعية العراقية في حزب واحد، لان هذا الهدف النبيل هو هدفاً لا يعلوا عليه أي هدف أخر، وينبغي إن يشكل هذا الهدف الحلقة المركزية في نضال جميع الشيوعيين المخلصين اليوم.
ينبغي على هذه القيادات والكوادر والأعضاء والأصدقاء المخلصين إن يدركوا حقيقة موضوعية وهي إن الرأسمالية كتشكيلة اقتصادية- اجتماعية لا مستقبل لها، وهذه هي حتمية وسن التطور للمجتمع البشري هذا أولا، وكما يجب إدراك حقيقة أخرى وهي إن أحزاب الإسلام السياسي قد فشلت في إدارة الحكم ووصلت إلى طريق مسدود، وهذا ما أثبتته الحياة وبالدليل القاطع والملموس والمتمثل بما يسمى بالربيع العربي الإسلامي- الأمريكي، المشروع العالمي لإخوان المسلمين قد فشل أيضا، والسبب الرئيس يعود إلى إن أحزاب الإسلام السياسي بما فيهم حزب إخوان المسلمين، فهم يشكلون من الناحية الإيديولوجية والاقتصادية... جزءاً من الفكر والإيديولوجية الرأسمالية في الغرب الرأسمالي، وكما يلاحظ أيضاً إن هذه الأحزاب ليس لديها رؤية علمية واضحة ولا برامج سياسية واقتصادية- اجتماعية واضحة المعالم والأهداف من اجل خدمة الشعوب، وان مواقفها وبرامجها تتناغم وتغازل النظام الامبريالي العالمي، فهي تشكل طرفاً من الناحية الإيديولوجية للمركز الامبريالي العالمي الغارق في أزماته السياسية والفكرية والاقتصادية- الاجتماعية وحتى الأخلاقية، فلا مستقبل لهذا النظام غير العادل، ولا مستقبل لمشروع الإخوان المسلمين، وعليه فان فرصة الأحزاب الشيوعية والقوى القومية والتقدمية الديمقراطية من إن تتوحد وتكون البديل السياسي والحقيقي في تشكيل الأنظمة السياسية من اجل خدمة الشعوب.
                             المبحث الثاني
مبادئ وثوابت الوحدة الفكرية والسياسية
    نعتقد تملي علينا الضرورة الملحة اليوم وخاصة في ظل الظروف الصعبة التي تتطلب وحدة الأحزاب والفصائل الشيوعية العراقية، بحزب طبقي واحد موحد، وطني وثوري وأممي، وهذا ما كان يهدف إليه الرفيق فهد مؤسس الحزب الشيوعي العراقي، وكما نعتقد لا يوجد تعارض بين الوطنية والأممية، ولا بين الوطنية والشيوعية.
نعتقد إن أهم الأسس المبدئية لوحدة الشيوعيين العراقيين تكمن بالاتي:
أولاً: ينبغي الالتزام والاسترشاد بالنظرية الماركسية- اللينينية كدليل عمل للحزب، فالماركسية بدون اللينينية لا تتجاوب مع مصالح الطبقة العاملة وحلفائها، وفصل الماركسية عن اللينينية كما تفصل أو تقطع الرأس عن الجسد، وبنفس الوقت يعد ذلك نهجاً تحرفياً خطيراً يصب في مصلحة الامبريالية الأمريكية وحلفاؤها، وكما يجب العمل الجاد والتمسك بالوحدة الفكرية والتنظيمية للحزب وعلى أساس مبادئ النظرية الماركسية- اللينينية، وينبغي المحاربة الجادة والمبدئية للعناصر الانتهازية والتحريفية والوصولية والنفعية داخل الحزب.
ثانياً: من الضروري النضال من اجل إقامة ديكتاتورية البروليتاريا- أي قيام سلطة الشعب الحقيقية والالتزام بمبدأ الأممية البروليتارية، وكما يتطلب الالتزام المبدئي والعلني الثابت بالهدف النهائي ألا وهو بناء المجتمع الاشتراكي، ويجب النضال وبلا هوادة ضد النظام الامبريالي العالمي بقيادة الامبريالية الأمريكية والذي  يعتبر العدو الطبقي رقم واحد، وان الصهيونية والامبريالية من حيث الجوهر والمبدأ هما وجهان لعملة واحدة، هدفهما المشترك هو إضعاف ثم تفتيت وتخريب الحركة الشيوعية العالمية على الصعيدين الداخلي والخارجي، وكما يتطلب أيضا وفي ظروف العراق اليوم هو النضال الثابت والمبدئي ضد النهج الطائفي/ القومي... الذي يدفع العراق أرضاً وشعباً نحو المجهول.
ثالثاً: يجب النضال وبكل أشكاله بالضد من نهج سياسات المؤسسات المالية والاقتصادية والتجارية الدولية، وفي مقدمتها صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية... إذ تهدف هذه المؤسسات الدولية التي تقودها الامبريالية الأمريكية إلى فرض نموذجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي المتوحش على الشعوب وبأساليب متعددة من اجل تطبيق وإتباع سياسة اقتصاد السوق الرأسمالي، وهذه السياسة قد أنتجت للشعوب البطالة والفقر والمجاعة والجهل والإمراض وتعمق الفجوة الاقتصادية والاجتماعية لمصلحة الطغمة المالية الحاكمة وحلفاؤها من البيروقراطيين والطفيليين و المافيا، وكما يتطلب النضال الجاد من اجل أتباع وتطبيق نهج اقتصاد السوق الاشتراكي الذي يقضي على البطالة والفقر والمجاعة والجهل والإمراض.... ويحقق العدالة الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين قولاً وفعلاً.
رابعاً: ينبغي الالتزام بمبدأ المركزية الديمقراطية في نشاط وعمل الحياة الداخلية للحزب، وكما يتطلب العمل الجاد على تعزيز استقلالية الحزب التنظيمية والفكرية والسياسية، والعمل الهادف والمسؤول على التحرك نحو الأصدقاء والرفاق الحزبيين وبغض النظر عن موقفهم الحزبي ومعالجة مشاكلهم من اجل تصحيح القرارات الخاطئة التي اتخذت بحق الغالبية العظمى من الرفاق والأصدقاء سواء كانوا في الداخل أو في الخارج، لأن هولاء يشكلون الوزن الحقيقي والنوعي للحزب، وكما يتطلب العمل على احترام العادات والتقاليد والمشاعر الوطنية والقومية والدينية في المجتمع، وينبغي الالتزام المبدئي والثابت بالدفاع عن الوطن وصيانة استقلاله وسيادته الوطنية والعمل الجاد على وحدة العراق أرضاً وشعباً، وعدم تبني شعارات لا تتلائم والمرحلة التي نعيشها اليوم، إذ أدخلت هذه الشعارات اليوم العراق في مأزقاً ومفترق طرق وتهدد وحدة العراق أرضا وشعباً، وكما ينبغي الرفض المبدئي لأي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية للبلاد سواء كان ذلك من قبل جهات إقليمية أو دولية.
    إن وحدة الأحزاب والفصائل الشيوعية في العراق اليوم، تعد ضرورة ملحة ولا تقبل التأجيل أو المراوغة والتسويف، وينبغي إن يتم بناء هذه الوحدة على الأسس المذكورة وغيرها، فهي أسس مبدئية وسليمة وواضحة، وهي قابلة للحوار السياسي الهادف من اجل قيام حزب شيوعي واحد وموحد في العراق، وهذا ما أكد عليه الرفيق فهد مؤسس الحزب الشيوعي العراقي، هذا الحزب هو حزباً طليعياً يخدم مصالح وتطلعات الطبقة العاملة وحلفائها.
 
 
 
 
 
 
المطلب الاول
هدف نبيل
إن تحقيق هذا الهدف النبيل سوف يساعد على ترسيخ دور ومكانة الحزب الشيوعي العراقي الواحد الموحد، وكذلك يساعد على تعزيز دور ومكانة وفاعلية الحركة الوطنية في العراق، وهذا سوف يساعد على تعزيز مكانة العراق إقليميا ودولياً ويحافظ على وحدة العراق أرضاً وشعباً.
    إن الإخلاص و النزاهة في العمل السياسي يعكس القوة المبدئية العالية في العمل الحزبي، أما الرياء والمراوغة واللا مبدئية والاستكبار على الآخرين يعني ذلك ضعف مبدئي وخدمة مجانية للعدو الطبقي وخيانة للفكر الماركسي- اللينيني. فالمهمة الرئيسة اليوم أمام أصدقاء وأعضاء وكوادر وقيادات الأحزاب والفصائل الشيوعية في العراق من إن يستيقظوا من السبات الطويل اللامشروع واللامبرر، وان يطالبوا ويناضلوا ويعملوا سوية من اجل قيام حزب شيوعي عراقي واحد موحد قولاً وفعلاً وعلى أسس مبدئية، حزب يعبر عن مصالح الطبقة العاملة العراقية وحلفائها، يعبر عن مصالح الشعب العراقي.
    إن وحدة الشيوعيين العراقيين اليوم تعد وتشكل شرطاً رئيساً وضامن لوحدة العراق، والتعاون والتنسيق المبدئي والفعال بين الحزب الشيوعي العراقي وبقية الأحزاب الوطنية العراقية بما فيها بعض أحزاب الإسلام السياسي المعتدل، يشكل كل ذلك أساساً متيناً لوحدة العراق وتبعده عن أخطار التفكك والتفتيت الذي قد يقوم على أساس طائفي/ قومي.
 
                             المطلب الثاني
صمود الحزب
عن حق إن حزب فهد- سلام عادل هو حزب الشهداء الإبطال، وحزب التضحيات الكبيرة، واليوم يحتفل الشيوعيون العراقيون وأصدقائهم بذكرى حزبهم المجيد الـ80 عاماً. إن هذه المسيرة البطولية التي عكست قمة النضال الفكري والسياسي- الاجتماعي المملوء بالتضحيات الجسام، فهو حقاً حزباً فريداً من نوعه في الحركة الشيوعية العالمية، وفي هذه المسيرة النضالية المشرقة تم إعدام مؤسس الحزب الرفيق الخالد فهد ورفاقه الإبطال، وبعد فترة تم اعدم السكرتير العام للحزب الرفيق والشهيد سلام عادل ورفاقه الأمجاد وغيرهم من الكوكبة البطولية من الأصدقاء والأعضاء والكوادر والقيادات الحزبية المناضلة والمبدئية، هذه النخبة الحزبية الصادقة والوطنية والتي ضحت بنفسها من اجل الوطن والحزب والمبادئ السامية، ومن اجل الطبقة العاملة وحلفائها، وان هذه التضحيات لازالت مستمرة، وان سر بقاء وديمومة الحزب ونضاله المشروع والعادل يعود بالدرجة الأولى إلى الالتزام بالثوابت المبدئية وفي مقدمتها الالتزام والدفاع عن النظرية الماركسية- اللينينية كمنهج ودليل عمل في حياته الداخلية.
    إن الحزب الشيوعي العراقي هو حزب المناضلين الثوريين والمخلصين، انه حزب الميادين والتضحيات فهو على طول نضاله السياسي الوطني المشروع واجه وبمواقف مبدئية جميع الأنظمة الرجعية والأنظمة الديكتاتورية والإرهاب الدولي الذي تقوده الامبريالية الأمريكية وحلفائها عبر اخطر مؤسسة إرهاب دولية ألا وهي وكالة المخابرات المركزية الأمريكية((CIA وجريمتها المعروفة بالانقلاب الأسود عام 1963 والتي ذهب ضحيتها 5000 شهيد شيوعي، وواقع الحال أكثر من ذلك بكثير ما هو إلا خير دليل على ذلك.
     منذ أواسط الستينات من القرن الماضي ولغاية اليوم أُدخلت ودخلت قيادة الحزب الشيوعي العراقي في مطبات سياسية وفكرية معقدة وخطيرة وغير صائبة وغير مدروسة بشكل جيد وكانت النتائج سلبية على الحزب، ومنها على سبيل المثال الخطأ في أسس ومبادئ قيام التحالفات، الجبهات السياسية الكثيرة ومنها(( الجبهة الوطنية في عام 1973، جبهة جود، جبهة جوقد، التحالف مع القائمة العراقية في الانتخابات البرلمانية....؟!.
    لقد كانت هذه التحالفات، الجبهات السياسية، تتم بفعل وضغط العوامل الخارجية والداخلية، وتمثل العامل الداخلي بضغط النظام السياسي الحاكم على الحزب، وبضغط أخر من بعض الأحزاب  القومية المتنفذة في حدودها الجغرافية الخاصة بها، إضافة إلى ذلك وهو الأهم والأخطر في العامل الداخلي إلا وهو إن قيادة الحزب لم تأخذ وتصغي إلى أراء وملاحظات القاعدة الحزبية حول أسس التحالفات السياسية التي تمت منذ أواسط السبعينات من القرن الماضي ولغاية اليوم، وهذه هي إحدى واخطر ما تميزت به قيادة الحزب منذ عام 1973 ولغاية اليوم، مما أدى هذا النهج الممنهج والمخطط من الابتعاد عن الثوابت المبدئية، وافرز هذا النهج إرباك وبلبلة سياسية وفكرية وتنظيمية... داخل الحزب، وكما انعكس ذلك على ضعف دور ومكانة الحزب وشعبيته داخل المجتمع العراقي بشكل عام وداخل صفوف الطبقة العاملة وحلفائها بشكل خاص، وهذا النهج شكل ويشكل اليوم ناقوس الخطر الجدي على الحزب الشيوعي العراقي.
     إن قيادة أي حزب شيوعي أو قيادة أي فصيل شيوعي لا تلتزم بهذه الدعوة المهمة ولا بالثوابت المبدئية والشرعية لهذه الدعوة، سوف تفقد مبدئيتها وشرعيتها وسوف ترتكب خيانة عظمى تجاه مصالح الطبقة العاملة وحلفائها من الفلاحين والمثقفين الثوريين، وعلى هذا الأساس تُملي الضرورة الموضوعية اليوم القيام بالإصلاح السياسي والتنظيمي للبيت الشيوعي العراقي الواحد والموحد داخلياً، وتتحمل قيادات هذه الأحزاب والفصائل الشيوعية العراقية هذه المهمة اليوم، والتي تعد مطلباً رئيساً وهدفاً سامياً وموقفاً مبدئياً من اجل بقاء الحزب الشيوعي العراقي حزباً واحداً موحداً وقوياً، وان قوة الحزب تنبع بالدرجة الأولى من الالتزام بالثوابت المبدئية، وهذه الثوابت تعد خطاً احمراً لا يمكن التنازل أو التخلي عنها أو تجزئتها أو تحريفها، لأنها تشكل قوة الحزب ومبدئيته وديمومته واستمرا يته في الحياة السياسية والحزبية.
 
 
 
 
 
 
 
 
المطلب الثالث
الحزب الجماهيري- ضرورة ملحة
    إن القاعدة المعروفة للجميع وهي إن الأحزاب الشيوعية كانت ولا تزال تشكل أحزابا جماهيرية لأنها تعبر عن مصالح الغالبية العظمى من المواطنين، أي تعبر عن مصالح الطبقة العاملة والفلاحين والمثقفين الثوريين. إن الزلزال الكبير الذي حدث في عام 1991، قد ترك اثأرا سلبية على معظم الأحزاب الشيوعية العالمية، وهذه حقيقة موضوعية يجب الاعتراف بها ولا يمكن إنكارها، إلا إن بعض القيادات والكوادر الحزبية في بعض الأحزاب الشيوعية قد اهتزت قناعتهم وإيمانهم بالفكر والنظام الاشتراكي بسبب ما حدث في الاتحاد السوفيتي ودول أوربا الشرقية، والسبب الرئيس-كما نعتقد- يعود إلى إن هولاء الرفاق لم تكن لديهم قناعات راسخة وفهم وإدراك علمي لا للفكر ولا للنظرية ولا للنظام بدليل إن قسماً منهم قد ترك النضال السياسي، أي هجر العمل السياسي بالكامل، والقسم الأخر قد تحول إلى عدواً شرساً وأصبح خصماً سياسياً وإيديولوجيا للفكر الاشتراكي وللحزب الشيوعي وانضم إلى أحزاب هو لا يؤمن بها ولكن لديه أهداف محددة وفي الغالب طموحات خاصة، والبعض الأخر قد انتقل للتجارة والبزنس السياسي... وللهو والراحة، ولكن هولاء جميعاً لم يشكلوا الغالبية في أحزابهم الشيوعية، بل شكلوا أقلية صفراء معادية لأحزابهم الشيوعية.
     يجب على القيادات والكوادر والأعضاء المخلصين من إن يدركوا حقيقة موضوعية وهي إن الاشتراكية كنظام غير مذنب فيما حدث، وان الشيوعية لم تمت، لأنها لم تطبق أصلا، وان النظرية الماركسية- اللينينة لم تفشل، بدليل هذا النظام وهذه النظرية عندما ظهرت له قيادة سياسية مخلصة وكفوءة ومبدعة لفكرها ونظريتها استطاعت إن تحول روسيا من بلد المحراث الخشبي إلى دولة صناعية متطورة، دولة نووية وذرية، دولة أصبحت قطباً رئيساً في العالم استطاع إن يخلق توازناً لصالح المجتمع البشري لأكثر من أربعة عقود، وتم القضاء وبشكل نهائي على البطالة والأمية والجهل والإمراض وضمن هذا النظام مجانية التعليم والعلاج والسكن، وكما ضمن حق العمل دستورياً للمواطن وضمن أمنه ورفاهيته، أي تم تحويل وتحقيق الأهداف من النظرية إلى التطبيق الفعلي والملموس لصالح الإنسان وخدمته، وعليه فالخطأ ليس في النظام ولا في النظرية، بل المسألة تكمن في القيادة السياسية الحاكمة ومدى فهمها وتطبيقها المبدع للنظرية.
    أن السبب الرئيس في حدوث هذا الزلزال الكبير يعود إلى عوامل داخلية، تمثلت بالخيانة العظمى في قيادة الحزب الشيوعي السوفيتي متمثلة بغارباتشوف وفريقه المرتد، والتحالف الوثيق بين قوى الثورة المضادة التي نشطت وفسح لها المجال في النشاط العلني خلال الفترة 1985-1991، ولعبت العناصر غير الروسية في قيادة الحزب الحاكم دوراً كبيراً في قيادة وتوجيه قوى الثورة المضادة، لأنها استخدمت(( حصانتها)) الحزبية والبرلمانية في عملها وتحركاتها السياسية والفكرية مع قوى الثورة المضادة خلال فترة حكم الرئيس المرتد غورباتشوف وفريقه، وكما تحالفت قوى الثورة المضادة مع قوى اقتصاد الظل الإرهابية، وأصبح قوة القرار السياسي والاقتصادي في يد قوى الثورة المضادة وحلفاؤها، إضافة إلى ضعف تطبيق الديمقراطية الشعبية سواء داخل الحزب أو في المجتمع، تأليه وتجميد النظرية، وتفشي البيروقراطية الحزبية والإدارية في جهاز الحزب وجهاز الدولة الإداري وغيرها من العوامل الأخرى، أما العوامل الخارجية، فقد لعب الغرب الامبريالي بقيادة الامبريالية الأمريكية دوراً كبيراً في عملية الزلزال الكبير وتقويض الدولة العظمى، وكما لعبت وتحالفت كل من واشنطن وباريس وبون وتل أبيب... دوراً هاماً في عملية تفكيك دولة الاتحاد السوفيتي، وفي الوقت نفسه لعبت المؤسسات الدولية والمتمثلة بصندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية وأجهزة المخابرات الغربية وخاصة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية دوراً هماً وبالتنسيق والتعاون مع غورباتشوف وجماعته الخائنة. إن كل ذلك وغيره قد ترك اثأرا سلبية على مجمل سياسات ونشاطات الغالبية العظمى من الأحزاب الشيوعية العالمية، مما أدى ذلك إلى إضعاف دورها ومكانتها بين الجماهير ولفترة زمنية غير قصيرة، وكما لعبت ماكنة الإعلام الغربية- الامبريالية وخاصة أعلام الامبريالية الأمريكية دوراً كبيراً في تشويه الحقائق، لأنه أعلام غير صادق وغير نظيف ومزور ومزيف للحقائق الموضوعية، فهو أعلام غير ديمقراطي ومنحاز لصالح الطغمة المالية الحاكمة في الغرب الامبريالي.
  إن قيام حزب جماهيري حقيقي ينبغي إن تتوفر له شروط ومن  هامها الأتي:
1-    يطلب وجود قيادة سياسية كفوءة ومخلصة مؤمنة بفكرها الثوري قولاً وفعلاً، وان تكون أنموذجا يحتذى بها في كل شيء.
2-    وجود وحدة تنظيمية وفكرية تستند على نظرية علمية وهي النظرية الماركسية- اللينينة.
3-    يتطلب من القيادات والكوادر الحزبية والأعضاء النزول إلى الشارع ومخاطبة الجماهير بلغتهم وبشكل مباشر وتبني مشاكلهم والدفاع عنهم وبالطرق الممكنة والمتاحة.
4-    التحول السريع من فكرة (( الموظف)) الشيوعي الجالس في المقرات ولساعات طويلة إلى مناضل شيوعي حقيقي كما حدث في حياة الحزب منذ تأسيسه حتى عام 1973.
5-    العمل الجاد على تغيير نهج ومحتوى وسياسة جريدة الحزب ومجلته، فالجريدة والمجلة لا تعكس الجدية السياسية والفكرية، باعتبارهما أعلام حزبي ملتزم يدافع عن الفكر الاشتراكي والنظرية الماركسية- اللينينة، وان يتم نشر هذا الفكر العلمي بين أوساط العمال والفلاحين والطلبة والشبيبة والمرأة...
6-    من الضروري وضع خطة منتظمة ومستمرة لإعداد الكادر الحزبي من خلال فتح الدورات الحزبية المركزية وفي كل محافظة حسب الإمكانية واختيار الكوادر الشابة لهذه الدورات، وان تكون مواد التدريس تعتمد بالدرجة الأساس على مصادر الماركسية وهي الاقتصاد السياسي والشيوعية والفلسفة الماركسية- اللينينية والتجارب الغنية للحركة الشيوعية العربية والعالمية، إضافة إلى مواد أخرى تخص الاقتصاد العراقي، التحالفات...
7-    العمل الجاد والحقيقي والنشيط بين صفوف العمال والفلاحين والطلبة والشبيبة والمرأة والمنظمات المهنية، لان هذه الميادين هي التي تشكل القوة الرئيسة للحزب ورفده بالأعضاء النشطين وتحوله إلى حزب جماهيري، وكما تشكل هذه الجماهير القاعدة الطبقية للحزب، وكما ينبغي الابتعاد عن الروتين والبيروقراطية الإدارية- الحزبية القاتلة للحزب، وعدم الجلوس في المقرات الحزبية على أمل إن الجماهير تأتي إليها، بل ترك المقرات والاتصال بالجماهير مباشرة والتفاعل معها ومعرفة مشاكلها وهمومها، ودفع وقيادة الجماهير من اجل مطالبة الحكومة لحل مشاكل الجماهير.
   إن ما موجود اليوم من نشاط للحزب هو ضعيف وغير مرضي إن لم نقل يسير نحو الاحتضار، ومن هنا ينشأ الخطر على الحزب، وهذه هي حقيقة موضوعية، وهي مرة وقد لا يتقبلها البعض، ولكن نقول ذلك من واقع الحرص والشعور بالمسؤولية، إننا نعيش الواقع وننطلق منه بشكل واعي وموضوعي وملموس.
8-يجب العمل الفعال من اجل القيام بتأسيس محطة تلفزيونية فضائية خاصة بالحزب، ومن خلال وجود معلومة مؤكدة قالها لنا احد القياديين في الحزب بوجود إمكانية مادية لهذه الفضائية، والبعض الأخر حدد موعداً للقيام بهذا العمل...، فهذا شيء يفرح حقاً، ألا إن التنفيذ بهذا المشروع لم يتم! لماذا؟.
     إن تحقيق هذا الهدف يتطلب القيام بدراسة علمية وفنية ومعرفة الجدوى الاقتصادية والإمكانيات المادية والبشرية، كل ذلك وغيره يساعد الحزب على معرفة الكلفة الحقيقية للمحطة التلفزيونية، وفي حالة ((تعذر)) الإمكانية المادية، يمكن اللجوء إلى حملة إكتتاب مالية على الرفاق والأصدقاء في الداخل والخارج آو جمع تبرعات مالية من الرفاق والأصدقاء من داخل العراق وخارجه أو اعتبار هذه المحطة التلفزيونية(( شركة)) مساهمة وبعد معرفة كلفتها الحقيقية وطرح الأسهم بعد تحديد قيمة السهم والسماح للرفاق والأصدقاء بشراء الأسهم وبحرية ووفقاً للإمكانية المادية لكل رفيق وصديق.
    إن تحقيق هذا المشروع على أرض الواقع يجب على المحطة الفضائية إن تلتزم بالنهج الوطني والفكري للحزب، وان يتميز نشاطها وعملها بالموضوعية الهادفة والمنحازة للفقراء وان لا تجامل في عملها لا الحكومة ولا حلفائها.
    إن هذا المقترح سوف يصب في مصلحة الحزب أولا وأخيرا، ولكن لدينا هواجس وقلق من إن هذا المقترح لا يجد طريقه للتطبيق، وقد لا يأخذ بمأخذ الجدية أو حتى رفض هذا المقترح من قبل قيادة الحزب وتحت مبررات عديدة وفي مقدمة هذه المبررات هي (( غياب)) الإمكانية المادية للحزب؟!.
    نعتقد هناك ثلاثة احتمالات تواجه هذا المقترح وهي:-
الاحتمال الأول: في حال القيام بتأسيس هذه المحطة التلفزيونية-ونتمنى ذلك- وان تلتزم هذه المحطة ببرنامج الحزب الوطني والإيديولوجي الواضح والهادف والسليم، فسوف يتم كسب ثقة الجماهير الحزبية وغير الحزبية لصالح الحزب، وسوف يتحول الحزب إلى قوة جماهيرية كبيرة، فاعلة ومؤثرة على الساحة السياسية العراقية، قوة يحسب لها حساب هذا من جهة، وان هذا النهج الوطني سوف يثير غضب وحساسية النظام الحاكم وغالبية أحزابه السياسية وحلفاؤهم، ومن هنا ينشأ الصراع السياسي والإيديولوجي ذو المضمون السلمي والديمقراطي، وهذا الصراع لا يتعارض مع القانون الرئيس للدولة، فحرية الإعلام مكفولة دستورياً، فالحزب وجماهيره هم الرابحون.
 
الاحتمال الثاني:- في حال قيام هذه الفضائية، وان عملها ونشاطها وبرنامجها السياسي والإيديولوجي والثقافي والاقتصادي- الاجتماعي لم يكن بالمستوى المطلوب، وعدم تبنيها وبشكل جدي لهموم ومشاكل الكادحين من العمال الفلاحين....، ولم تكن محطة تلفزيونية ملتزمة بالثوابت المبدئية للحزب كما هو مطلوب، أي إتباع نهج سياسة المراوس مثلاً، فان هذا النهج سوف يثير ويزعج رفاق وأصدقاء الحزب وبالتالي سوف يضعف الثقة بالفكر والحزب وبقيادته، ومن هنا ينبع الخطر الجدي على الحزب. أما المستفيد من هذا النهج هم خصوم الحزب الإيديولوجيون والسياسيون، لأن من مصلحتهم وهدفهم الرئيس هو ان يكون الحزب الشيوعي العراقي حزباً غير فاعلاً وغير جماهيرياً وهذا ما تريده في الواقع غالبية الأحزاب السياسية العراقية وحلفاؤهم.
 
الاحتمال الثالث:- لا يستبعد من إن تتخذ قيادة الحزب قراراً-كما نعتقد- تدعي به بعدم وجود أمكانية لتأسيس محطة تلفزيونية محلية كانت أم فضائية بسبب غياب الإمكانية المادية للحزب، ومن خلال هذا القرار والموقف يمكن إقناع أعضاء وأصدقاء الحزب بهذا الموقف، وفي الوقت نفسه يتم الابتعاد عن المواجه أو إزعاج النظام الحاكم وحلفاؤه، أي يمكن القول إن يتم مسك العصا من الوسط، وهذا إن تحقق فهو يعكس موقفاً غير صائباً وغير مبدئياً، فالصراع السياسي الطبقي هو قانون موضوعي وحتمي لا يمكن لأحد إنكاره.
    إن الهدف الرئيس من تأسيس المحطة التلفزيونية هو نشر الفكر والوعي الاشتراكي العلمي بين الجماهير وخاصة بين العمال والفلاحين... والعمل على كسب الجماهير وبشكل واع للحزب والدفاع عن مصالح الطبقة العاملة العراقية وحلفائها من الفلاحين والمثقفين الثوريين ويجب إن يكون أعلام الحزب جريدة، مجلة، محطة تلفزيونية مكمل بعضهم للبعض الأخر ووفق رؤية وإستراتيجية إعلامية واحدة، ومن خلال كل ذلك وغيره، يمكن إن يتحول حزب الشهداء، حزب فهد-سلام عادل إلى حزب جماهيري فاعل ومؤثر في الوضع المحلي والعربي، ومما يؤسف له، إن بعض(( الرفاق)) وفي جلساتهم الخاصة يصرحون(( نحن لا نريد حزب جماهيري))؟! فهل هذا صحيح؟ ولماذا؟
8-  إن يضع الحزب الواحد والموحد مشروعاً أو رؤية إستراتيجية، الهدف هو ان يتحول الحزب إلى قوة فاعلة ومؤثرة في الميدان السياسي وهدفه الرئيس هو وصوله الشرعي للسلطتين التشريعية والتنفيذية بوزن حقيقي وفاعل ومؤثر وان يحقق تطلعات وأماني الطبقة العاملة وحلفائها، ويمكن تحقيق ذلك من خلال ما تم ذكره أعلاه، وان تحقيق هذا الهدف المشروع يتم عبر الطرق الشرعية والديمقراطية وببرنامج الحد الأدنى للفترة 2014-2021، أي برنامج لمدة ثمانية سنوات، وببرنامج الحد الأعلى وهو للفترة 2014-2025، أي ببرنامج لمدة 12 سنة قادمة، هذه الرؤية الإستراتيجية ممكنة التحقيق أذا توافرت الإرادة والقوة والرغبة الحقيقية والشعور بالمسؤولية التاريخية ووضع مصلحة الحزب فوق كل لمصالح الضيقة لدى قيادات وكوادر وأعضاء وأصدقاء الأحزاب والفصائل الشيوعية من اجل التوحد في حزب واحد بأسرع وقت خدمة للفكر وللحزب وللطبقة العاملة العراقية وحلفائها.
 
 
المبحث الثالث
وجهة نظر ورؤية تحليلية لمسارات وحدة الشيوعيين العراقيين
 
المطلب الاول
من الرابح ومن الخاسر؟
    ينبغي على قيادة الحزب الشيوعي العراقي،وبناسبة الذكرى الثمانون لميلاد حزب الشهداء من إن يبادروا بالحوار الجاد والموضوعي والهادف مع قيادات الأحزاب والفصائل الشيوعية العراقية وكذلك مع القيادات والكوادر والأعضاء وحتى الأصدقاء المخلصين الذين ابعدوا وبقرارات خاطئة وغير مبدئية وغير ديمقراطية، وكذلك مع الذين ابتعدوا عن الحزب ولظروف وأسباب عديدة، فهولاء في اغلبهم يشكلون قوة جماهيرية للحزب، فوحدة الحزب وعلى أسس مبدئية هي هدف مهم لا يعلوه أي هدف أخر، ويعد تحقيق هذه المهمة واجب وطني ومبدئي، ومسؤولية فردية وجماعية في آن واحد، وتتحمل القيادات والكوادر والأعضاء والأصدقاء المسؤولية الفردية والجماعية في آن وحد.
    إن الهدف الرئيس من هذا الجهد الكبير ينبغي ان يصب في توحيد الجهد السياسي والتنظيمي والفكري ووفق الأسس المبدئية وبعيدا عن المجاملات والإقصاء والتعالي والتكبر على الأخر، من اجل ظهور حزب شيوعي عراقي واحداً وقوياً، حزباً جماهيرياً، حزباً واحداً للطبقة العاملة العراقية وحلفائها، وان يصبح هذا الحزب إحدى أهم القوى السياسية الرئيسة في البلاد والنواة القوية الجامعة للأحزاب الوطنية والتقدمية بهدف بناء المجتمع الاشتراكي، مجتمع الرفاهية، والعدالة الاجتماعية، مجتمع ديمقراطي يضمن ويحقق الإخاء والأمان للشعب العراقي، مجتمع رافض وعابر للطائفية السياسية والقومية... مجتمع رافض للمحاصصة السياسية والقومية المقيتة.
   إن الانفتاح المسؤول من قبل قيادة الحزب الشيوعي العراقي على الأحزاب والفصائل الشيوعية العراقية، لا يعد ضعفاً للقيادة أو الحزب، بل يعد قوة للحزب والفكر وشعور بالمسؤولية المبدئية والتاريخية، وان معالجة الأخطاء والقرارات التنظيمية غير الصائبة وغير الموضوعية والتي اتخذت بحق عدد غير قليل من القياديين والكوادر والأعضاء  وحتى الاصدقاء سواء كان ذلك في داخل العراق أو في الخارج، تعد مهمة ملحة وضرورة مبدئية اليوم، لان هولاء الرفاق والأصدقاء كانوا ولا يزالون يشكلون القوة والسند الرئيس للحزب، وان الغالبية من هولاء الرفاق كان لهم دوراً مشرفاً في حقبة النضال السري عبر الأنظمة السياسية المختلفة وخاصة ضد النظام الديكتاتوري البائد، ودورهم النضالي اليوم بالضد من نظام المحاصصة السياسي والطائفي والقومين ومن اجل تحقيق مجتمع عراقي ديمقراطي واحد موحد.
     ينبغي على قيادة الحزب من إن تكون قوة جذب واستقطاب حقيقية لهولاء الرفاق والأصدقاء المخلصين والمبدئيين الذين حافظوا ولا يزالون يحافظون ويدافعون عن الحزب ومبادئه وهويته الطبقية. وعن النظرية العلمية النظرية الماركسية اللينينية، وان تكون هذه القيادة( المقصود بعض القياديين المتنفذين في قيادة الحزب) قوة طرد وإبعاد لهولاء الرفاق والأصدقاء الذين كانوا ولا يزالون يشكلون القوة والسند الرئيس للحزب، ومن اجل الاستفادة من هذه القوة الحقيقية(( المجمدة)) يتطلب من قيادة الحزب وقفة جادة ومبدئية وان تشعر بمسؤوليتها التاريخية تجاه الحزب والطبقة العاملة العراقية، وهذا يتطلب تشكيل لجنة حزبية مبدئية ومخلصة من قيادة الحزب وان تحضى باحترام وتقدير هولاء الرفاق لبحث مشاكلهم التنظيمية والفكرية... والعمل على المعالجة الجذرية والجادة للأخطاء والقرارات غير الصائبة التي اتخذت بالضد من هولاء الرفاق وعبر فترات زمنية مختلفة.
   إن انجاز ما تم ذكره أعلاه يعد قوة جديدة للحزب والرابح الرئيس هو الشعب العراقي بشكل عام والطبقة العاملة العراقية وحلفائها بشكل خاص، وبهذا يصبح حزب الشهداء حزباً قوياً وطليعياً للطبقة العاملة ومدافعاً أميناً عن مصالحها ومصالح حلفائها، أما في حالة عدم تحقيق هذه الدعوة الهامة فمن نتائجها السلبية هي إضعا

14
قراءة أولية في المصطلحات والمفاهيم بين الوهم والواقع
مثالا
 (الليبرالية , الفاشية , الاصلاحية)
د. نجم الدليمي
تعد المصطلحات السياسية والأقتصادية / الأجتماعية والفلسفية، أحدى أهم المفاتيح أو المداخل الرئيسة لفهم اي بحث او دراسة علمية، وبدون التحديد العلمي والموضوعي لهذه المصطلحات يصعب على الباحث أو القارئ من أن يفهم مايقراء ويصعب عليه ايضاً التوصل الى المعرفة والحقيقة العلمية عن الشأن الذي يرغب الوصول اليه.
إن الموقف المبدئي من المصطلحات والمفاهيم يتحدد من خلال الأنتماء الفكري / الأيديولوجي للباحث او القارئ ، ولايمكن التعامل وفهم المصطلحات العلمية خارج أطار الأيديولوجية. فالأيديولوجية هي المحدد الرئيس لشكل ومضمون هذا المصطلح أو المفهوم ، لمن ؟ ولمصلحة من؟ ، أي بمعنى أخر لايمكن لهذه المفاهيم من ان تكون منعزلة عن الأيديولوجية وهناك علاقة وثيقة وترابط موضوعي بين الأيديولوجية والمفاهيم والمصطلحات العلمية السياسية والأقتصادية والأجتماعية والفلسفية ، ولكل ايديولوجية مصطلحاتها ومفاهيمها الخاصة بها والمعبرة عن مضمونها وبالتالي فأن الأيديولوجية التي يعتنقها الباحث العلمي تعد المنطق الرئيس في تحديد موقفه العلمي في الميدان السياسي والأقتصادي / الاجتماعي.
في هذ الموضوع سوف نتناول ثلاثة مفاهيم أساسية مترابطة ، قد تختلف في الشكل ولكنها متطابقة ومتوافقة بعضها مع البعض من حيث المضمون، وهي تعبر عن إنحيازها الكامل للأيديولوجية الرأسمالية، وهي نابعة من حيث المبدأ من التشكيلة الأجتماعية- الأقتصادية الرأسمالية وهي: الليبرالية ، الفاشية ، الأصلاحية.
 
الليبرالية
ان اصل كلمة الليبرالية قد جاء من اللاتينية [Liberalis]- حُر، وتعد الليبرالية لون من الفلسفة السياسية والأقتصادية – الاجتماعية ظهرت في ظل الرأسمالية ، فهي كانت ولاتزال تشكل برنامجاً أيديولوجياً وأقتصادياً- اجتماعياً للطبقة البرجوازية، ففي السياسة تنعكس المصالح الأقتصادية والاجتماعية للطبقة سواء كانت حاكمة أو غير حاكمة ، وبالتالي فأن السياسة ماهي إلا تعبيراً مكثفاً عن الأقتصاد، وهناك ترابط موضوعي بين السياسة والأقتصاد لايمكن الفصل بينهما.
إن الجذر الفكري لمفهوم الليبرالية قد ظهر في مذهب لوك، وان الليبرالية ظهرت في القرن السابع عشر- الثامن عشر وتطورت مع تطور الرأسمالية،وهي تشكل نهجاً فلسفياً وسياسياً يعكس مصالح الطبقة البرجوازية الحاكمة،ودورها التقدمي إذا ماقورنت بالتشكيلة الأجتماعية – الأقتصادية الأقطاعية.
إن مفهوم الليبرالية قد تطور مع تطور التشكيلة الأجتماعية- الأقتصادية للرأسمالية ،ومع تعمق الأزمة الأجتماعية والأقتصادية والمالية للرأسمالية بسبب تناقضاتها الداخلية، وفشل الرأسمالية في أيجاد حلول جذرية لأزمتها التي تتسم بالطابع البنيوي ، ففي أزمة الثلاثينيات من القرن الماضي(1929- 1933) إستطاع كينز بنهجه الليبرالي " المعتدل" من إن ينقذ النظام الرأسمالي من الأنهيار، إذ أكد على أهمية دور ومكانة الدولة في الحياة الأقتصادية والأجتماعية وبضرورة تدخل الدولة الرأسالية من اجل انقاذ الطبقة الرأسمالية من الانهيار السياسي والاقتصادي والاجتماعي بشكل مباشر ثم وضع حلول للأزمة العامة التي وقعت في الثلاثينيات من القرن الماضي وتم إنقاذ الرأسمالية من الأنهيار الحتمي.
إن الليبرالية تدعوا الى تعزيز دور ومكانة القطاع الخاص الرأسمالي في الأقتصاد الوطني، والعمل على ترسيخ وتطوير الملكية الخاصة لوسائل الأنتاج في المجتمع الطبقي، وكما تهدف الى ضمان مبدأ المنافسة الحرة والسوق الحرة ، والعمل على ترسيخ وتطوير الديمقراطية البرجوازية في الميدان السياسي والأقتصادي والاجتماعي لصالح الطبقة البرجوازية الحاكمة، أي أنها ديمقراطية مؤدلجة وتحمل طابعاً طبقياً وأيديولوجياً.
إن تطور التشكيلة الأجتماعية- الأقتصادية ودخولها المرحلة المتقدمة وإلا وهي الأمبريالية ظهر النهج النيوليبرالية المفرط في وحشيته وعدوانيته وجوهر هذا النهج بزعامة فريدمان ومدرسة شيكاغو في ليبرالية التجارة ، وليبرالية السوق ، وليبرالية الأسعار ،والعمل على تنفيذ مايسمى ببرنامج الخصخصة، ورفع الدعم الحكومي للقطاعات الأنتاجية[ الصناعة- الزراعة] . وقطاع الصحة والتعليم، وألغاء مجانية التعليم والعلاج والسكن، والعمل على أضعاف ثم ابعاد دور الدولة الأقتصادي- الأجتماعي، والعمل على تصفية مؤسسات الشعب العامة، اي القطاع العام، وبنفس الوقت العمل على تعزيز دور ومكانة القطاع الخاص الرأسمالي الطفيلي في شكله ومضمونه ،واشاعة الفوضى السياسية تحت غطاء مايسمى بالتعددية السياسية.
إن النهج الليبرالي والنيوليبرالي المتوحش قد عكس ويعكس اليوم المصالح السياسية والأقتصادية الأجتماعية للأوليغارشية الطفيلية ولصالح البرجوازية الأدارية – البيروقراطية ولصالح قوى أقتصاد السوق المافوية – الأجرامية، وبنفس الوقت ساعدت النيوليبرالية الكارثية تحول الرأسمالية الأنتاجية الى الرأسمالة الخدمية / الطفيلية،وكما ساعدت ايضاً على تعميق الفجوة الأقتصادية – الأجتماعية لصالح الأقلية في المجتمع ، وتم تكريس صفة وهيمنة الاحتكار المطلق كسمة مميزة لأيديولوجية السوق الحر المتوحش.
يشير نيسلون سوزا الى " ان الليبرالية الجديدة هي ايديولوجية هشة، لأنها تمارس عكس ماتنادي به على الدوام.. وأنها تتبجح بأرتكازها على الحرية ولكنها تنتهكها باستمرار من اجل ديمومة النظام الرأسمالي". ويؤكد جوزيف ستكلتز إن( سياسات المؤسسات الدولية[ المقصود صندوق النقد والبنك الدوليين] غالباً ماتكون جميعها منحازة بشكل وثيق الى المصالح التجارية والمالية لأولئك الموجودن في البلدان المتقدمة... ولم تنجح إستراتيجية الأصلاح المتطرف ولم تلح له نهاية في الأفق)). وكما يؤكد بريماكوف انه في(( منتصف عام 1998 إزدادت بقوة العمليات التي بدأت تدفع البلاد نحو الهاوية... وظهر خطر حقيقي من حدوث شلل في الأقتصاد الوطني كله.. وان النهج الليبرالي أدى الى ظهور أزمة ثقة  ونتيجة لذلك كله تكونت لدى المواطنين نظرة متشائمة نحو فكرة الأنتقال الى أقتصاد السوق الرأسمالي... وان النهج النيوليبرالي الذي أقره الليبراليون المزيفون في مجال الأقتصاد الذي أدى الى استفحال الفاسدين بين موظفي الدولة وانتشار الجريمة ... وأوصل البلاد الى طريق مسدود)).
إن الليبرالية والنيوليبرالية من حيث المبدأ هما بالضد من الأشتراكية كنظام سياسي وأقتصادي – إجتماعي وبالضد من دور ومكانة القطاع العام وبالضد من ضمان حق العمل وبالضد من مجانية التعليم والعلاج والسكن للمواطنين، وهي أيديولوجية طبقية منحازة للطبقة البرجوازية وهي نقيض ومعادية للأشتراكية والشيوعية، و تجلب الذَّل والفقر والمجاعة والحروب غير العادلة للشعوب وطليعتها الطبقية العاملة ، في حين يؤكد رئيس حزب شيوعي وينقله تلفزيون النظام الحاكم قائلاً(( نحن ليبراليون..))؟! وكما يصرح ايضاً ان(( أميركا تقر بحق تقرير المصير للشعوب..))؟! نسأل هل حرق وتخريب ودمار وقتل وأبادة الشعوب يعكس (( حق تقرير المصير))؟ من أباد عشرات الملايين من الهنود الحمر؟ ومن دمر وحرق وضرب الأطفال والشيوخ والنساء والابادة شبه الكاملة للشعب العراقي ، والشعب السوري، والشعب اليمني، والشعب الليبي... تحت سيناريو مايسمى بالربيع العربي؟ هل هذا هو" حق تقرير المصير" ؟ أو مافعلته (( رائدة الديمقراطية)) من جرائم بشعة وأنقلابات فاشية وبأمتياز في بلدان أسيا وافريقيا واميركا اللاتينية هل هذا هو حق تقرير المصير) ايها السيد العزيز؟!. 
وانت تعلم جيداً مافعلته الأمبريالية الاميركية المفرطة في وحشيتها وعدوانيتها بالشعب السوفيتي خلال فترة مايسمى بالبيرويسترويكا سيئة الصيت في شكلها ومضمونها ، وما فعلته بالشعب الأفغاني واليوغسلافي وشعوب بلدان أوربا الشرقية من دمار وخراب اقتصادي واجتماعي وأنتهاج سياسة الأبادة الجماعية وسياسة الأرض المحروقة ضد هذه الشعوب فهل هذا هو(( حق تقرير المصير))؟! ، فلماذا (( تناضلون)) من أجل الفقراء والمسحوقين والطبقة العاملة وحلفائها و((تنادون بالليبرالية)) و(حق تقرير المصير))، فالأفضل ان تعلنوا عن هويتكم السياسية/ الفكرية وبشكل علني ولاتستمروا بخدعة الرفاق والأصدقاء والفقراء ، عليكم ان تعلنوا وبشكل علني انكم تمثلون حزباً إشتراكياً – ديمقراطياً وليس حزباً شيوعياً ، لأن ذلك يتطابق مع قناعتكم الفكرية.
 
الفاشية
ياتي[ أصل هذه الكلمة من الكلمة الايطالية (Fascio) التي تعني الجمع او الحزمة] وهي ديكتاتورية إرهابية دموية لأكثر الطبقات الاستغلالية رجعية وشوفينية وعدوانية ولدتها الأزمة العامة للنظام الرأسمالي العالمي، وكما تشكل نمط من أنماط الدكتاتورية الأرهابية وبشكل علني، وهي مثلت وتمثل المصالح السياسية والاقتصادية للطبقة الرأسمالية والاحتكارية والتي تتميز بعدوانيتها ووحشيتها عندما تصبح الأمبريالية عاجزة وفاشلة عن إيجاد حلول جذرية لمشاكلها السياسية والاقتصادية / الاجتماعية والفكرية، يلجأ النظام الأمبريالي بقيادة الأمبريالية الأميركية الى استخدام الفاشية كأسلوب لمعالجة مشاكله وأزماته ذات الطابع البينيوي وخاصة عندما تظهر المقدمات المادية للتحول الثوري الجماهيري ، وخلال هذه المرحلة (السوداء) يتم تبني سياسة عدوانية واجرامية وغير شرعية ضد الشعوب ويتم الرفض الكامل للأساليب الديمقراطية وحتى وفق المنظور والعرف البرجوازي.
ان الأيديولوجية الفاشية هي مزيج من الأفكار الأكثر رجعية وتتبنى شعارات ذات طابع ديماغوجي وهي تروج للحروب غير العادلة بهدف الأستحواذ والهيمنة على ثروات الشعوب وبهدف قيادة العالم. وهذا شكل نهجاً للأنظمة التي تبنت هذه الأيديولوجية السوداء وخاصة وقت تفاقم الأزمة التي يعاني منها البلد المحكوم بهذه الأيديولوجية الكارثية ، ومن أهم مايميز هذه الأيديولوجية الأجرامية والعدوانية هو العداء المتطرف للشيوعية والتنكر لكل ماهو انساني في الحياة ، وكما تعمل على تقسيم المجتمع على أساس طبقي فاسد (( فالعرق الاعلى)) يجب ان يهيمن ويسيطر على (الأعراق) الأخرى.
يسعى (منظروا) الفاشية الى تمجيد الفرد والسلطة الفردية والعمل على خداع المواطنين على ان الفاشية ماهي الا شكل من إشكال (الصلح الطبقي) وكما يتم خداع الشغيلة حول غياب الاستغلال والاضطهاد الطبقي في المجتمع، وكما يؤكد(منظروا) الفاشية وباسلوب ماكر حول ضرورة ان يقوم المجتمع على اساس الوحدة.
نشأت الفاشية على عتبة عشرينات القرن الماضي ، كرد فعل على الأزمة الكبرى التي حلت في النظام الأمبريالي العالمي خلال الفترة(1929- 1933) هذه الأزمة التي شملت كافة ميادين الحياة السياسية والأقتصادية والاجتماعية والفكرية... سرعان ماتحولت الفاشية الى عدواً شرساً وخطراً على المجتمع البشري التقدمي بالدرجة الاولى وضد الحركة العمالية العالمية وطليعتها الأحزاب الشيوعية.
ان الفاشية القديمة- الجديدة، هي اللقيط الشرعي للنظام الراسمالي العالمي وخاصة في مرحلته المتقدمة الأمبريالية، وهي من أسوء وأخطر وأقذر إفرازات النظام الأمبريالي العالمي المفرط في وحشيته واجرامه، فالرأسمالية (المنتج) الرئيس للفقر والمجاعة، والفقر هو  (المنتج) الرئيس للفاشية، وعليه يمكن القول ان النظام الرأسمالي العالي وخاصة في مرحلته المتقدمة – الأمبريالية هو (المنتج) والمولد للفاشية القديمة- الجديدة.
تمثل الفاشية القديمة- الجديدة السلاح (المجرب والفعال) الأقتصادي والأيديولوجي للنظام الأمبريالي العالمي بقيادة (رائدة الديمقراطية) من اجل تحقيق اهداف سياسية واقتصادية وعسكرية والاستحواذ على ثروات شعوب العالم وقيادته تحت مبررات واهية وكاذبة ومظللة وان الحملة المسعورة والصفراء التي تقودها الأحزاب السياسية الحاكمة وغير الحاكمة ، فاشية أو(اشتراكية- ديمقراطية) في أوربا وغيرها من الدول حول مايسمى بالمساواة بين هتلر وستالين ، وبين الفاشية والشيوعية وغيرها من التفاهات والخزعبلات القذرة في ظل صمت مطبق لغالبية الأحزاب الشيوعية العربية؟! إلا يستحق من اعضاء وكادر هذه الأحزاب من طرح السؤال المشروع على قيادتهم الحزبية: لماذا هذا الصمت؟ ولماذا لم يتم استنكار وادانة هذه الحملة الصفراء والمسعورة؟  ولمصلحة من هذا الصمت المطبق؟!.
إن الفاشية هي نتاج حتمي وطبيعي للنظام الرأسمالي العالمي وخاصة في مرحلته المتقدمة الأمبريالية، فالنظام الأمبريالي العالمي يعاني من أزمات عديدة سياسية واقتصادية ومالية وفكرية ولها طابع بنيوي.
 يكمن السبب الرئيس لأزمة هذا النظام في اساسه الأقتصادي – الأجتماعي المتمثل بالملكية الخاصة الأحتكارية لوسائل الأنتاج ، ولايمكن معالجة هذه الأزمة جذرياً إلا من خلال تحطيم والغاء الملكية الخاصة الأحتكارية لوسائل الأنتاج .ويلجأ النظام الأمبريالي العالمي الى أساليب متعددة خارج حدود بلده بهدف تصريف أزمته حتى ولو لفترة زمنية معينة ، فالسيناريو الأول، هو القيام بالأنقلابات العسكرية ذات الطابع الفاشي ضد الأنظمة الوطنية والتقدمية المناهضة للأمبريالية الأميركية وحلفائها فعلى سبيل المثال، الأنقلاب الفاشي عام 1956 في أندونيسيا، الأنقلاب الفاشي عام 1963 في العراق، الأنقلاب الفاشي عام 1973 في شيلي ، الأنقلاب الفاشي في شباط عام 2014 في اوكرانيا- كييف وغيرها من الأنقلابات الفاشية في بلدان اسيا وافريقيا واميركا اللاتينية. السيناريو الثاني، تقوم وكالة المخابرات المركزية الأميركية (C.I.A) بالتعاون والتنسيق مع المخابرات الغربية ومع المخابرات الحليفة لها في بلدان اسيا وافريقيا واميركا اللاتينية بعملية اغتيال لقادة الدول الشرعيين والرافضين للنهج الأميركي العدواني والأجرامي، ولقادة الأحزاب الوطنية والتقديمة والشيوعية ومنهم على سبيل المثال باتريس لوموبا، عبد الفتاح اسماعيل، هواري بومدين ، حافظ الأسد، معمر القذافي ... وجيفارا والقيام بأكثر من 600 محاولة اغتيال ضد فيديل كاسترو وتصفية الرفيق فهد ورفاقه، والرفيق سلام عادل ورفاقه، وتم تصفية أكثر من (5000)شيوعي عراقي وغيرهم في الأنقلاب الفاشي الأسود عام 1963، وواقع الحال هو أكثر من ذلك بكثير، وغيرهم من الرؤساء والقادة السياسيين الوطنيين وتم تصفيتهم بأساليب متعددة وقذرة ودنيئة وغير إنسانية ، وبنفس الوقت تقوم(رائدة الديمقراطية) من خلال اجهزتها القمعية بالتخلص من(عملاؤهم) عندما ينتهي الدور المرسوم لهم حسب وجهة نظر اميركا ومنهم على سبيل المثال: الشاه، السادات، صدام ، موبوتو وغيرهم.
السيناريو الثالث: العمل على تأسيس مايسمى بالأحزاب السياسية (الليبرالية) و(القومية) و(الحركات الديمقراطية) ومايسمى بمنظمات المجتمع المدني وغيرها من التنظيمات الأخرى المعادية للاشتراكية والشيوعية، فيتم تقديم الدعم المادي والتكنولوجي والأعلامي... لقادة هذه (الاحزاب) و(المنظمات) بهدف تقويض هذا البلد او ذاك مثال على ذلك ماحدث للاتحاد السوفيتي خلال الفترة(1985- 1991) تحت قيادة الخائن غورباتشوف وفريقه الفاسد وتحت غطاء سيناريو مايسمى بألبيريستوريكا ، وتم تفكيك دولة الاتحاد السوفيتي واستخدم هذا السيناريو مع تعديل جزئي في دول أوربا الشرقية .
السيناريو الرابع: عملت وتعمل اليوم الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها في الغرب الأمبريالي ومن خلال التعاون والتنسيق بين وكالة المخابرات المركزية الأميركية والمؤسسات الدولية المالية والأقتصادية والتجارية وبالتنسيق مع حلفائها في البلدان النامية من اجل (صنع) تنظيم أرهابي بأمتياز يمول ويدعم مادياً وعسكرياً واعلامياً من قبل (رائدة الديمقراطية) وحلفائها، ويتم استخدام هذا التنظيم الأرهابي كأداة ضغط سياسة وعسكرية بهدف تقويض هذا النظام او ذاك.
إن تنظيم مايسمى بالقاعدة ، وطالبان، والدولة الاسلامية في الشام والعراق (داعش) ومايسمى بجبهة النصرة ، وبوكو حرام غيرها من التنظيمات الأرهابية ، ماهي إلا منظمات فاشية بأمتياز صنعت في مختبرات الغرب الأمبريالي ولعبت (C.I.A) الدور الرئيس والفاعل والموجه لهذه التنظيمات الأرهابية ، فهي حاربت ولاتزال تحارب الشيوعية كعدو رقم 1 لها.
إن هذه التنظيمات لاعلاقة لها بالأسلام اصلاً والأسلام بريء منها، فهي منظمات اجرامية إرهابية تقتل وتحرق الأطفال والشيوخ والنساء، وتقطع الرؤوس ، وترمي المواطنين في أحواض التيزاب، وتدمير المدن والمدارس والمستشفيات وتحولها الى إشباح وتهدم الجوامع والمساجد والكنائس ... ، إنها منظمات أرهابية بامتياز ، فهم أكلة لحوم البشر، هذه التنظيمات الأرهابية أسست ودعمت من قبل اميركا وحلفائها: السعودية ، قطر ، الامارات ، تركيا...
ان الهدف الرئيس لهذه السيناريوهات السوداء – الصفراء يكمن في العداء للاشتراكية والشيوعية والأحزاب الشيوعية ، تقويض الأنظمة الوطنية والتقدمية المناهضة والرافضة لسياسة الأمبريالية الأميركية، تخريب وتدمير المجتمع سياسياً واقتصادياً- اجتماعياً، اشاعة الفوضى وعدم الأستقرار ، العمل على تقسيم (تفتيت) الدول الموحدة على اسس جهنمية طائفية / قومية/ إثنية، الهيمنة والاستحواذ على ثروات الشعوب (نفط، غاز..) وتكريس التبعية والتخلف والجهل في المجتمع، والعمل على تصريف جزء من الأزمة السياسية والاقتصادية والمالية التي يعاني منها النظام الأمبريالي العالمي بشكل عام والأمبريالية الاميركية بشكل خاص، وخير دليل على هذا السيناريو الكارثي هو مايسمى بالربيع اوالحريق العربي.
إن هذه السيناريوهات الأجرامية وغيرها ومن خلالها يمكن التوصل الى استنتاج علمي موضوعي إلا وهو إن النظام الأمبريالي العالمي قد فشل في ايجاد حلول جذرية لأزماته المتعددة والحتمية، وان الأيديولوجية الفاشية سواء في بلدان المركز أو في بلدان الأطراف ماهي إلا أحدى أقذر وأسوأ إفرازات الرأسمالية كتشكيلة إقتصادية – إجتماعية وخاصة في مرحلتها المتقدمة- الأمبريالية المتوحشة والطفيلية والعداونية، وان الولايات المتحدة الأميركية هي التي كانت تقف وراء الأنقلابات الفاشية وتقويض الأنظمة الوطنية والتقدمية والأشتراكية المناهضة لسياستها ونهجها العداوني، وبنفس الوقت تقوم بدعم واسناد الأنظمة الفاشية في بلدان الأطراف وغيرها، وبالتالي فأن الفاشية والأرهاب هما وجهان قبيحان لوجه الرأسمالية المتوحشة ، وهما أحدى أسوأ افرازات النظام الراسمالي العالمي المأزوم بأزماته البنيوية المتعددة والحتمية وخاصة في مرحلته المتقدمة- الأمبريالية.
 
الأصلاحية
الأصلاحية – هي تيار سياسي ظهر داخل الحركة العمالية العالمية ، وهذا التيار ينكر اهمية وضرورة الصراع الطبقي والثورة السياسية والسلطة السياسية للطبقة العاملة وحزبها الطليعي ،الحزب الشيوعي اي إنكار ديكتاتورية البروليتاريا، وينادي أصحاب هذا التيار بتعاون الطبقات اي تعاون الطبقة العاملة مع الطبقة الرأسمالية ؟ّ، ويسعى أنصار هذا التيار الى تغير (تحويل ) الرأسمالية من خلال النشاط الدعائي وعبر مايسمى بالأصلاحات السياسية والأقتصادية والأجتماعية وفي إطار وشرعية حكم الطبقة البرجوازية الحاكمة، وهم ضد تصفية الملكية الخاصة الاحتكارية لوسائل الأنتاج.
يطالب أنصار هذا التيار الأصلاحي- الأنتهازي في إعادة النظر بالنظرية الماركسية- اللينينية ، وعدم الاقرار بقانونية الصراع الطبقي في المجتمع ، وعدم الأعتراف والرفض لمبدأ الأممية والتضامن الأممي، ورفض التحول الثوري للمجتمع وعدم الأعتراف ، بل الرفض للدور القيادي للطبقة العاملة وطليعتها الحزب الشيوعي.     
بعد ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى عام 1917، ظهر تياران سياسيان متصارعان ومتعارضان فكرياً وسياسياً واقتصادياً – اجتماعياً . التيار الأول- التيار الشيوعي المؤمن والملتزم بوحدة النظرية العلمية ، النظرية الماركسية – اللينينية، ويدعوا الى استخدام كافة الأساليب من أجل الثورة بهدف بناء المجتمع الأشتراكي، مجتمع العدالة والرخاء والرفاهية ، مجتمع ديمقراطي خالي من الظلم والاستغلال والفقر والبطالة والحروب ، وضمان كافة حقوق الانسان دستورياً. أما التيار الثاني- فهو التيار الأشتراكي – الديمقراطي الذي ينادي بالتحول السلمي من الرأسمالية الى (الاشتراكية) وينكر الثورة الشعبية وقانونية الصراع الطبقي ، وعدم الاعتراف بالنظرية الماركسية- اللينينية، كنظرية وحدة واحدة غير قابلة للفصل، ويتم الأعتماد على النهج الأصلاحي في الميدان السياسي والأقتصادي- الأجتماعي والتحول وفق ذلك من الرأسمالية الى(الاشتراكية) ويتم ذلك في أطار حكم وسلطة الطبقة البرجوازية بهدف تعزيز دور ومكانة هذه الطبقة الحاكمة.
إن الأحزاب الأشتراكية- الديمقراطية تمثل اليوم المنهج الرسمي للأصلاحية الحديثة فهي تعادي الأشتراكية والشيوعية العلمية من حيث المبدأ، و ترفض النظرية العلمية. النظرية الماركسية- اللينينية ولاتعترف بوحدتها الفكرية/ النظرية،و تدعي بالتزامها بالمنهج الماركسي، وينادون زوراً وكذباً بشعارات وهمية ومظللة للشغيلة وحلفائها حول(المساواة والعدالة والحرية والنزعة الأنسانية والديمقراطية...) وهي تعتقد بامكانية تحقيق ذلك وغيره في ظل هيمنة سلطة الطبقة البرجوازية وهيمنة وسيادة الملكية الخاصة الأحتكارية لوسائل الأنتاج وفي ظل وأطار(الديمقراطية) البرجوازية، ومن خلال ذلك وغيره يتم خداع وتضليل الطبقة العاملة وحلفائها ومحاولة أبعادها من خوض الصراع الطبقي الحقيقي في المجتمع بهدف بناء المجتمع الأشتراكي والشيوعي، وإن نهج هذه الأحزاب كان ولايزال يصب ويخدم اليوم لصالح النظام الأمبريالي العالمي.   
 
المشتركات
        •إن الليبرالية والأصلاحية والفاشية تشكل أتجاهات سياسية وفكرية واقتصادية- إجتماعية ، وهذه الأتجاهات ماهي إلا نتاج طبيعي وموروث من التشكيلة الأجتماعية- الأقتصادية للراسمالية وخاصة في مرحلتها المتقدمة إلا وهي الأمبريالية ، وهذه الأتجاهات من حيث المبدأ تعبر عن المصالح الطبقية للطبقة الحاكمة التي تستحوذ وتهيمن على السلطة والمال والأعلام ، وتطورت هذه الأتجاهات بتطور المجتمع الطبقي وهي معادية للطبقة العاملة وحلفائها.
        •إن هذه الأتجاهات معادية ورافضة للمجتمع الاشتراكي والشيوعي، وتسعى وبكل الوسائل المتاحة وبالأساليب اللاشرعية بهدف تقويض الأنظمة المعادية لها وسيناريو مايسمى بالبيريسترويكا قي الأتحاد السوفيتي (1985- 1991) وماحدث لدول أوربا الشرقية وبقية الدول الوطنية والتقدمية في أسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية ،وماحدث ويحدث في منطقة الشرق الأوسط تحت غطاء مايسمى بالربيع العربي، إلا إدلة حية وملموسة على ذلك.
        •إن هذه الأتجاهات ماهي إلا إفرازات حقيقية للأزمة العامة التي يعاني منها النظام الأمبريالي العالمي، ويتم إستخدام الحروب غير العادلة والسيناريوهات الكاذبة... بهدف تصريف أزمة هذا النظام، وكما تهدف هذه الأتجاهات على تصفية الملكية العامة لوسائل الأنتاج(القطاع العام) وتحت غطاء مايسمى بالخصخصة، وبنفس الوقت تعمل على تعزيز دور ومكانة القطاع الخاص الراسمالي المتوحش في المجتمع.
        •ان هذه الأتجاهات تعزز امراضاً سياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة في المجتمع ومنها تنامي معدلات البطالة وبالتالي تنامي معدلات الفقر والمجاعة والجريمة، تدهور المستوى المعاشي للغالبية العظمى من المواطنين ، وتعمق الفجوة الأقتصادية – الأجتماعية لصالح الحيتان والديناصورات ، وتنامي معدلات الجريمة والفساد المالي والأداري ، وتدهور القطاعات الأنتاجية[صناعة ، زراعة]والقطاعات لخدمية[ تعليم، صحة..] ، وتنامي معدلات المديونية الداخلية والخارجية ، ودور متنامي للمافيا وقوى أقتصاد السوق المافوي(اقتصاد الظل) ، وتفشي الأمراض والشعوذة في المجتمع، هذه هي بعض أهم واخطر افرازات النهج النيوليبرالي والنهج الأصلاحي...؟!.
        •بعد حدوث الخيانة العظمى في قيادة الحزب الشيوعي الحاكم في موسكو وخلال الفترة (1985- 1991) والتي شكلت الزلزال الكبير والذي بسببها اختفى الجزءالهام من المعسكر الأشتراكي والمتمثل بالأتحاد السوفيتي ودول أوربا الشرقية وبالنتيجة حدث الأختلال في موازين القوى السياسية على الصعيد الدولي لصالح القطب المتوحش، القطب الأمبريالي بقيادة امريكا، وهذا الأختلال في موازين القوة السياسية على الصعيد الدولي لصالح القطب المتوحش ، القطب الأمبريالي بقيادة الأمبريالية الأميركية، وهذا الأختلال في موازين القوى ماهو إلا شيء مؤقت ولن يستمر طويلاً، وبسبب هذا الحدث المرعب وغير المالوف ، إختلت قناعات بعض (قيادات) الأحزاب الشيوعية في بعض دول المركز والأطراف، فمنهم من تحول مباشرة وبشكل علني من حزب شيوعي الى حزب اشتراكي – ديمقراطي، اي حزب إصلاحي وبأمتياز وتم تغيير اسم الحزب والتخلي عن الثوابت الفكرية والمبدئية للحزب، وتغيير جذري في برنامجه وخطابه السياسي لصالح المنهج الأصلاحي ، ومنهم من بقي في الشكل حزباً(شيوعياً) ولكن في الجوهر هو يمثل حزباً اشتراكياً- ديمقراطياً مساوماً ومهادناً للطبقة البرجوازية الحاكمة، وهذا مايعكسه برنامجه وخطابه السياسي، اي أنه اصبح حزباً إصلاحياً وبأمتياز وتخلى عن الثوابت المبدئية في الميدان الفكري والتنظيمي ، ومنها:- عدم الأعتراف بوحدة النظرية الماركسية - اللينينية، وعدم الآعتراف بقانونية الصراع الطبقي . وعدم الأعتراف بدكتاتورية البروليتاريا ومبدأ التضامن الأممي...، إن هذه الأزدواجية والخدعة والتضليل لن تستمر طويلا وعلى هذه (القيادة) ان تعلن عن نفسها وان تكون صريحة مع ضميرها ومع اعضاء حزبها من ان تعلن عن نفسها وبشكل علني على انها تمثل حزبا اشتراكيا –ديمقراطيا ,وليس حزبا شيوعيا ثوريا وبسبب استمرار هذه الخدعة والتضليل قد اوصلت هذه (القيادة) الحزب الثوري الى حزب (مريض) وطريح الفراش وينتظر (الموت) ولكن هذا سوف لن يتحقق ، لأن هذا النهج المرعب سواء كان مخطط له أو بسبب الجهل... فهو يعُد خيانة عظمى ، وبسبب ذلك ساد وهيمن اسلوب التفكير المثالي واصبح (الغذاء) الرئيس لأكثرية اعضاء وكادر الحزب، وعلى هذه  (القيادة) المتنفذة أن تعلن رسمياً من إنها تمثل حزباً إشتراكياً- ديمقراطياً وليس حزباً شيوعياً، فالمستقبل القريب سيكشف لنا كثيراً من الحقائق والمفاجأة.
        •ان النظام الأمبريالي العالمي بقيادة الأمبريالية الأميركية، عانى ويعاني اليوم وسيعاني في المستقبل من أزمات دورية متعددة وحتمية وملازمة له سواء كانت سياسية او اقتصادية أو مالية او غيرها. حاول ويحاول (منظروا) النظام الأمبريالي من معالجة أزمات نظامهم المأزوم وتحت سيناريوهات عديدة ومنها: تطبيق مايسمى بسياسة الأصلاح الأقتصادي ، وبالليبرالية والنيوليبرالية وغير ذلك الا إن هذه السيناريوهات قد فشلت في ايجاد الحلول الجذرية لأزمة نظامهم المتوحش.
        •إن هذه السيناريوهات قد افرزت منظمات ارهابية / فاشية وبامتياز وتم استخدامها كأدوات ضغط وهدم سياسي واقتصادي بهدف تقويض الأنظمة الوطنية والتقدمية... المعادية للنظام الأمبريالي العالمي اللاإنساني والمتوحش بهدف تصريف جزء من أزمة هذا النظام العداوني، فتنظيم القاعدة وفروعها الجديدة ومنها الدولة الأسلامية في العراق  والشام (داعش) ومايسمى بجبهة النصرة وأحرار الشام وغيرها من التنظيمات الارهابية اللا اسلامية في البلدان العربية، وظهور تنظيم مايسمى بوكو حرام في أفريقيا ، والجناح اليمني المتطرف والأرهابي في اوكرانيا، والتنظيمات الفاشية في جمهوريات البلطيق وظهور المنظمات والأحزاب العنصرية/ القومية المتطرفة والأرهابية في غالبية الدول الأوربية، كل هذه التنظيمات ماهي إلا افرازات حقيقية تعكس تفاقم واشتداد أزمات هذا النظام اللاانساني .
        •إن النيولبيرالية والأصلاحية والفاشية ماهي إلا إفرازات للنظام الامبريالي العالمي ولهما أهداف مشتركة من حيث المبدأ، وهذا النظام هو المولد والمنتج الحقيقي لهذه التنظيمات الارهابية، وتنتعش وتتطور هذه التنظيمات بسبب صناعة السيناريوهات الارهابية التي تساهم في اعدادها ودعمها دوائر الغرب الأمبريالية وخاصة وكالة المخابرات المركزية الأمبركية وبالتنسيق مع حلفائها في بلدان اسيا وافريقيا واميركا اللاتينية.
        •ان هذه المصطلحات الثلاثة (الليبرالية, الفاشية ,الاصلاحية) هي مؤدلجة بأيديولوجية طبقية , تعكس مصالح الطبقة الرأسمالية ومنحازة للرأسمالية ساسيا ̎واقتصاديا واجتماعيا , وهناك قواسم وسمات مشتركة بينهما يكمن في مقدمة ذلك العداء الثابت للنظرية الماركسية – اللينينية والعداء الثابت للأشتراكية وللشيوعية , والعداء الثابت للاحزاب الشيوعية العالمية والعمل المنظم والممنهج في تشويه دور ومكانة وسياسة هذه الاحزاب وعلى مختلف الاصعدة المحلية والاقليمية والدولية , والعمل على تشويه النظرية العلمية والافتراء عليها  .                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                             

15
روسيا
والخيارات الصعبة
د.نجم الدليمي
نعتقد على الشعب السوفيتي- الروسي ان يتذكر ما قاله المفكر والشاعر خاجان نصر الدين عن روسيا :
(( عندما تتوجه روسيا نحو الغرب تصبح أشبه بالببغاء أو القرد، وعندما تتوجه نحو الشرق تصبح كالذئب أو الدب))
في تقديرنا ومن خلال القاء نظرة فاحصة على هذه المقولة الهامة ولتحليل مضامينها وابعادها السياسية والايديولوجية والاقتصادية- الاجتماعية نستطيع ان نقول: ان فكرة المفكر خاجان نصر الدين،   تحمل طابعاً مجازياً لها مصداقية بواقع روسيا اليوم في خيارين رئيسين وهما:
الخيار الاول: عندما تتوجه روسيا نحو الشرق تصبح روسيا دولة عظمى، دولة قوية سياسياً واقتصادياً- اجتماعياً وعسكرياً وايديولوجياً وتكمن عناصر هذه القوة بالاتي:
الميدان السياسي: وجود حزب سياسي من نمط وطراز جديد بقيادة لينين- ستالين حزب ثوري لديه نظرية ثورية، حزب طبقي يدافع عن مصالح العمال الفلاحين والمثقفين، حزب يتبنى الاشتراكية كنظام سياسي واقتصادي- اجتماعي، وجود دولة قوية وعظمى ووجود قادة سياسيين ومفكرين وعلماء وقادة عسكريين كفوئين ومخلصين وفي مقدمتهم لينين، ستالين، درجينسكي، كورجاتوف، جوكوف، غروميكو، غاغارين....وغيرهم.
 الميدان الاقتصادي- الاجتماعي: لقد تم تحويل روسيا من بلد المحراث الخشبي الى دولة نووية عظمى، وتم بناء قاعدة صناعية- زراعية متطورة، واصبح الاتحاد السوفيتي- روسيا يحتل المرتبة الاولى صناعياً في اوربا والمرتبة الثانية عالمياً، وتم القضاء على الامية والبطالة والفقر والمجاعة والامراض، وضمن في الدستور حق المواطن في العمل وضمان مجانية التعليم والعلاج والسكن والشيخوخة.... وتم تحقيق العدالة الاجتماعية- الاقتصادية والرفاهية لجميع المواطنين، وتم غزو الفضاء، واصبح الاتحاد السوفيتي- روسيا حليفاً اميناً ومخلصاً لشعوب اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية، واصبح قطباً سياسياً اقتصادياً وعسكرياً رئيساً واساسياً في تحقيق الاستقرار والتوازن على الصعيد الاقليمي والدولي لصالح شعوب العالم خلال الفترة 1946-1991.
الميدان العسكري: اصبح الاتحاد السوفيتي- روسيا دولة عسكرية كبرى، اذ امتلك السلاح الذري والنووي والكيماوي والصورايخ بكافة انواعها واشكالها وخاصة العابرة للقارات وغيرها من الاسلحة، وشكل قطباً وقوة عسكرية عظمى في الساحة الدولية وضمن نوعاً حقيقياً من التوازن العسكري بين المعسكر الاشتراكي والمعسكر الرأسمالي على الصعيد الدولي، ومن خلال القوة الاقتصادية والعسكرية ووجود قادة سياسيين وعسكريين مخلصين وأكفاء تم تحقيق النصر في حربه الوطنية العظمى والعادلة(1941- 1945) على الفاشية الالمانية اللقيط الشرعي للنظام الرأسمالي العالمي وفي مرحلته المتقدمة- الامبرايالية، وانقذ شعوب العالم كافة من هذا الطاعون الاسود، وتم تقديم الدعم العسكري غير المشروط للانظمة الوطنية والتقدمية في بلدان اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية، ناهيك عن وجود حلف وارشو بقيادة الاتحاد السوفيتي الضامن للسلام العالمي لمصلحة كافة شعوب المعمورة.
ان هذه الميادين المختلفة مجتمعة ومترابطة قد عكست ظهور ووجود القوة الحقيقية للاتحاد السوفيتي- روسيا كدولة عظمى وفي كافة المجالات، وان هذه القوة كانت نابعة من خلال التبني للاشتراكية كنظام سياسي واقتصادي- اجتماعي، وهذا هو جوهر فكرة المفكر خاجان نصر الدين المجازية، حين قال: عندما تتوجه روسيا نحو الشرق تصبح قوة عظمى دولة عظمى في كافة الميادين، وهذا ما أثبته التاريخ الحديث وهذا ماتحقق فعلاً خلال الفترة 1917-1991.
 الخيار الثاني: يؤكد المفكر خاجان نصر الدين عندما تتوجه روسيا نحو الغرب سوف تفقد دورها وهيبتها وتضعف قوتها الاقتصادية ثم العسكرية وعلى مختلف الاصعدة، ومن اجل توضيح ذلك ينبغي ان نفكك ابعاد ومضامين هذه المقولة على الشكل الاتي:
في اذار عام 1985 تقلد ميخائيل غورباتشوف مقاليد الحزب والسلطة السوفيتية(( وخدع)) نفسه أولاً، ثم خدع الحزب والشعب السوفيتي بشعارات واهية وجوفاء وبنهج فوضوي تخريبي مقصود خدم الماسونية والصهيونية والامبريالية العالمية ألا وهو نهج مايسمى بالبيروسترويكا سيئة الصيت في شكلها ومضمونها للفترة 1985-1991.
 ان نهج البيروسترويكا الكارثي وشعاراته الكاذبة قد أدخل الحزب الحاكم والشعب والدولة السوفيتية في دوامة من عدم الاستقرار واشاعة الفوضى السياسية والفكرية والاقتصادية- الاجتماعية والقومية في أن واحد، وان هذا النهج كان مخطط له من قبل قوى الثالوث العالمي وينفذه عملاء النفوذ في الحزب والسلطة وبشكل واعي ومدروس ومنظم ومعروف النتائج، اذ تم اضعاف دور ومكانة الحزب الحاكم من خلال الغاء المادة السادسة من الدستور السوفيتي والتي تنص على قيادة الحزب للسلطة والمجتمع وتم أرباك واضعاف السلطة السوفيتية وفي كافة الميادين وعلى مختلف الاصعدة، وبهذا الخصوص أشار يناييف نائب رئيس حكومة الاتحاد السوفيتي قائلاً: (( ان السلطة أصبحت مشلولة تماماً وجرى تجاهل القوانين ولم ينفذ منها ألا أوامر منح الاوسمة....))، واصبح نفوذ دولة الاتحاد السوفيتي كدولة عظمى يتضائل تدريجياً بسبب نهج البيروسترويكا على الصعيد الداخلي والاقليمي والدولي، واصبحت الدولة السوفيتية أشبه بالتابعة للغرب الامبريالي بشكل عام والامبريالية الامريكية بشكل خاص، ولعب كل من الماسونيين السوفيت- الروس وفي مقدمتهم غورباتشوف وشيفرنادزه وياكوفلييف وغيرهم من الماسونيين الذين كانوا في قمة الحزب والسلطة دوراً اساسياً ورئيساً في اضعاف وشل دور ومكانة الحزب الحاكم والدولة السوفيتية حتى أوصلوا الحزب والسلطة الى درجة التفكك والاختفاء من المسرح السياسي في عام 1991، وهذا مافشل وعجز عن تحقيقه كل من هتلر وترومان وريغان وبوش الاب ....؟ !.
ماذا يتوقع القارى الكريم والسياسي المبدئي والنظيف من غورباتشوف وفريقه المرتشي والفاسد، فغارباتشوف ماسوني ومرتشي ورخيص الثمن، فهو الذي أستلم رشوة مالية مقدارها 100 ألف دولار من رئيس كوريا الجنوبية السابق، وماذا يتوقع من خائن عندما كان يقوم بالدعاية لأكلة(( البيتزا)) مقابل حفنة من الاوراق الخضراء( الدولارات)، وماذا  كان يتوقع منه عندما قال:((ان هدفي في الحياة هو القضاء على الشيوعية))، وكما قال ايضاً(( كانت الشيوعية بالنسبة إلي ماهي ألا مجرد دعاية))، وماذا يتوقع من المتسول السياسي والجائع الذي حمل حقيبته وتجول في العواصم الغربية من اجل القاء محاضرات رخيصة الثمن؟! الدفع طبعاً بالدولار الامريكي بالضد من الفكر الانساني، الفكر الاشتراكي العادل. اما شيفرنادزه وزيرخارجية الحكومة السوفيتية السابق، فهو لم يختلف عن غورباتشوف لا بالسلوك ولابالرشاوي... فقد إستلم مكافئة نقدية من حكومة المانيا الغربية أكثر من 300 ألف مارك، ثمناً رخيصاً لجهوده في توحيد الالمانيتين، من المستفيد ولمصلحة من كل ذلك؟!
في عام 1992 تسلم بوريس يلتسين الحكم في روسيا،ولعبت امريكا ومؤسساتها الدولية ووكالة المخابرات المركزية الامريكية(CIA)  الدور الرئيس في ذلك، فهو رئيس ضعيف ومخمور في أغلب أوقاته، وقد كان لعبة أو دمية في أيدي العناصر المتنفذة في الحكم من غير القومية الروسية، فهو ماسوني وحائز على وسام مالطا الماسوني، وخلال فترة حكمه 1992-2000، قام بأضعاف دور ومكانة وهيبة روسيا الاتحادية وعلى مختلف الاصعدة المحلية والاقليمية والدولية، واصبحت روسيا الاتحادية رهينة وتابعة للغرب ولامريكا وللمؤسسات الدولية لاسيما صندوق النقد والبنك الدوليين، وكما لعب أندريه كوزوروف وزير خارجية روسيا السابق الماسوني ومن عملاء النفوذ دوراً خطيراً وسلبياً في اضعاف دور ومكانة روسيا على المسرح السياسي الدولي لمصلحة الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها، وأطلق على كوزوروف في حينها (( الموظف الصغير في الخارجية الامريكية)، وهو اليوم هارب في أمريكا ويطالب من امريكا(( بتقويض النظام الحاكم في موسكو)). وخلال فترة حكم يلتسين انتشر(( عملاء النفوذ) وبشكل كبير في السلطتين التنفيذية والتشريعية، وكانوا لايزالون يعملون من اجل اضعاف وتفكيك روسيا الى عشرات الدويلات لصالح امريكا وحلفائها.
أما من الناحية الاقتصادية، فأصبحت روسيا الاتحادية تنفذ 100% وصفة صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية، وبسبب تطبيق هذه الوصفة انتشر وعم الخراب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي...، وتحولت روسيا الى شبه مستعمرة تابعة للغرب الامبريالي بشكل عام والامبرايالية الامريكية بشكل خاص، مما أدى كل ذلك الى ان تفقد روسيا أمنها الاقتصادي والغذائي.. وعمت الفوضى السياسية والانقلابات الحكومية المدعومة من قبل امريكا وحلفائها، واصبح التدخل المباشر في الشؤون الداخلية لروسيا من قبل امريكا  ومؤسساتها الدولية معروف للجميع في رسم السياسة الاقتصادية والاجتماعية لروسيا.
لقد افرزت هذه الوصفة وهذا التدخل المباشر في نقل أخطر امراض النظام الرأسمالي الى روسيا والمتمثلة في تنامي معدلات البطالة والفقر، وتفشي الجريمة والرشوة والمخدرات، وتنامي معدلات المديونية الداخلية والخارجية وبيع السلع الحية، وتدهور كبير للعملة الوطنية، وتدهور المستوى المعاشي للغالبية العظمى من المواطنين وخاصة اصحاب الدخول المحدودة، وظهور الحيتان والديناصورات المالية والمتمثلة بالمليونيرية والملياردرية، وانعكست هذه الافرازات الخطيرة على اضعاف دور ومكانة وهيبة روسيا الاتحادية على الصعيد الدولي سياسياً واقتصادياً وحتى عسكرياً وبشكل ملموس، وتعد فترة حكم يلتسين من أسوء فترات حكم روسيا سواء قبل ثورة اكتوبر عام 1917 أو بعدها، اذ فقدت حرية اتخاذ القرار السياسي والاقتصادي.... وأصبحت شبة تابعة او(( ملحق)) لامريكا وحلفائها، ولعب(( الطابور الخامس)) و (( عملاء النفوذ)) المتنفذين في السلطة هذا الدور السلبي لصالح الولايات المتحدة الامريكية بالدرجة الاولى، هذه الحالة الخطيرة التي عاشتها روسيا كانت تجسيداً حياً وملموساً لمقولة المفكر خاجان نصر الدين عندما تتوجه روسيا نحو الغرب الامبريالي.
بعد عام 2013، وفي ظل حكم الرئيس فلاديمير بوتين، وبسبب المواقف السلبية الكثيرة والمتعددة من قبل امريكا وحلفائها تجاه روسيا، والدعوة العلنية وغير العلنية من قبل خصوم روسيا في الغرب الرأسمالي وخاصة الولايات المتحدة الامريكية حول ضرورة تقويض النظام الحاكم في روسيا من خلال الاعتماد على (( الاصدقاء- الحلفاء)) من الليبراليين المتطرفين وعلى (( عملاء النفوذ)) في السلطة او خارجها من أمثال أندريه كوزوروف، وكسيانوف، رئيس الوزراء السابق والملقب (( ميشا 2%) وعلى الملياردرية وفي مقدمتهم كوزوروف وغيرهم.
لقد شعر الرئيس الروسي بوتين بهذا الخطر الجدي على نظامه وسلطته، والعلاقة السلبية بين موسكو وبعض اهم العواصم في الغرب الرأسمالي وخاصة لندن وبون وباريس ....، ان الامة الروسية كانت ولاتزال أمة قوية لها مكانتها ودورها في التاريخ ولايمكن ترويضها او احتوائها، فروسيا الاتحادية اليوم تسعى لاعادة دورها وهيبتها ومكانتها وعلى مختلف الميادين والاصعدة، وهي تسعى اليوم للدفاع عن مصالحها الحيوية وامنها القومي وبما لايتعارض مع القانون الدولي.
لقد دخلت روسيا الاتحادية اليوم في حالة تنافس وليس صراع مع الدول الرأسمالية، لأن روسيا اليوم تشكل جزءاً من النظام الرأسمالي العالمي، وتسعى القيادة الروسية إعادة دور ونفوذ روسيا كدولة عظمى سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وعلى كافة الاصعدة المحلية والاقليمية والدولية، هذا الدور والنفوذ الذي فقدته روسيا من خلال تطبيق سياسة مايسمى بالاصلاح الاقتصادي للفترة 1992-2012، وفي ظل تبنيها للرأسمالية كنظام سياسي واقتصادي- اجتماعي يصعب على القيادة الروسية من ان تحقق اهدافها وضمان مستقبلها، فالمستقبل القريب سوف يكشف أمكانية او عدم امكانية تحقيق هذه الاهداف.
أن قوة ونفوذ ودور اي نظام سياسي واقتصادي- اجتماعي تتحدد بطبيعة الطبقة الحاكمة، وبطبيعة دور قادة النظام السياسي القائم من حيث كفائتهم واخلاصهم ومبدئيتهم وايمانهم بنظامهم ودرجة تضحيتهم من اجل الحفاظ على نظامهم، وان قوة النظام تعتمد وترتبط بطبيعة القيادة السياسية الحاكمة، بدليل ان لينين وستالين ودرجينسكي وكوجاتوف وجوكوف وغروميكو وغاغارين وغيرهم قد أسسوا وبنوا دولة عظمى ، دولة قوية بنظامها الاشتراكي العادل والقوي، هولاء القادة وغيرهم قد مثلوا القوة السياسية التي انجزت وبنت القوة الاقتصادية- الاجتماعية والعسكرية والايديولوجية،  فاصبحت عن حق دولتهم الاتحاد السوفيتي- روسيا قطباً أساسياً ورئيساً في الميدان الايديولوجي والسياسي والاقتصادي والعسكري، وضمنوا وحققوا التوازن والاستقرار والسلم الاهلي لشعوب العالم كافة خلال الفترة 1946-1991، هذا ماكان يعنيه المفكر خاجان نصر الدين عندما تتوجه روسيا نحو الشرق مع وجود قيادة حقيقية وتتبنى الاشتراكية كنظام سياسي واقتصادي- اجتماعي.
أن غورباتشوف وشيفرنادزة وياكوفلييف ويلتسين وغايدار وبوربوليس وكوزوروف وكسيانوف وجوبايس وكراجوف وكريف وبوبوف ويافلنسكي وفولسكي وأرباتوف وغيرهم، ما هم ألا أفرازات سلبية وسيئة لتوجه روسيا نحو الغرب، وان هولاء قد أضعفوا دور ومكانة وهيبة روسيا على مختلف الاصعدة لصالح الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها، فهم (( أصدقاء- حلفاء) الغرب الامبريالي، وقد كانوا ولايزالون أدوات طيعة في يد الغرب- امريكا والمؤسسات الدولية والمخابرات الغربية من اجل تنفيذ المخطط الهدام المرسوم لهم والذي يهدف الى تفكيك روسيا الى دويلات وتحت غطاء مايسمى بالاصلاح الاقتصادي والنهج الليبرالي المتطرف ولكن هذا النهج سيكون مصيره الفشل، لأن سيناريو تفكيك الاتحاد السوفيتي تحت غطاء البيروسترويكا لايمكن ان يتكرر مرة اخرى.
أن هولاء وغيرهم قد خربوا وأذلوا شعبهم وعلى مختلف الميادين لصالح أمريكا وحلفائهم وهولاء قد نفذوا ماعجز عن تنفيذه أو ما كان يطمح إليه كل من هتلر والرئيس الامريكي السابق ترومان ودالاس رئيس جهاز وكالة المخابرات المركزية الامريكية(CIA)  وكذلك ريغان وبوش الاب... بيل كلينتون.... وأوباما... وبريجنسكي، وكيسنجر.... ولم يخطىء المفكر خاجان نصر الدين حول توجه روسيا نحو الغرب وخطر ودور(( عملاء النفوذ)) في السلطة وما الى ذلك من مخاطر جدية على روسيا وشعبها.
 نعتقد ان (ثوب) روسيا هو( ثوباً) وتوجهاً وطنياً ويسارياً واشتراكياً، فروسيا لايمكن ان تصبح دولة عظمى سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وأيديولوجياً ألا من خلال تبنيها للاشتراكية كنظام سياسي واقتصادي- اجتماعي، وهذا ما أكدته وأثبتته وزكته الحياة وبالملموس منذ ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى في عام 1917 ولغاية عام 1985.
نعتقد ان على الشعب السوفيتي- الروسي ان يحذر من تبني وتطبيق الرأسمالية كنظام سياسي واقتصادي- اجتماعي، فهو أدرك وبالملموس فضائل الاشتراكية، وهو اليوم يعيش مرارة وبؤس هذا النظام  الرأسمالي غير العادل، وكذلك عليه من ان يحذر من ارشادات وتطبيق سياسة وبرامج المؤسسات الدولية المتمثلة بصندوق النقد الدولي، البنك الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، هذه السياسة التي أدت وتؤدي اليوم الى الفقر والاذلال والبطالة والحروب غير العادلة والازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكما ينبغي على الشعب السوفيتي- الروسي من ان يرفض برنامج الخصخصة، لأنه برنامج التخريب وإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار ويعمق حالة الاستقطاب وبشكل مرعب لمصلحة 1%، والخصخصة تولد العبودية والقهر والاستغلال وتعمق التفاوت الاقتصادي- الاجتماعي في المجتمع وبشكل مفرط ووحشي.. فالمستقبل القريب سيكشف لنا مصداقية كل ذلك وغيره.



16
الاشتراكية
الخياارت الصعبة.... المكاسب والانتصار الكبير على الفاشية

http://uploads.ankawa.com/uploads/1430427805161.pdf

17
الاشت ا ركية
الخيا ا رت الصعبة.... المكاسب والانتصار الكبير عمى الفاشية
)5151- )بمناسبة الذكرى السبعون لمحرب الوطنية العظمى 59

http://uploads.ankawa.com/uploads/1430427805161.pdf

18
العراق امام مفترق طرق - ديمقرطية ام الدكتاتورية

 
د. نجم الدليمي
 
مقدمة
يحتدم الصراع السياسي اليوم في المجتمع العراقي حول مستقبل العراق اللاحق ويحمل هذا الصراع طابعا سياسيا واقتصاديا– اجتماعيا وايديولوجيا في ان واحد، ويشتد ويتفاقم هذا الصراع بين التيارات السياسية الر ئيسية والمتمثلة بالتيار الاسلامي الشيعي، والتيار الاسلامي القومي / السني، والتيار القومي الارادي، والتيار اليساري والديمقراطي، اي يمكن القول ان هذا الصراع يحتدم بين اربعة احزاب سياسية رئيسة .
ان التيارات السياسية اسلامية كانت ام قومية، هي تعبر عن المصالح السياسية والاقتصاداية والايديولوجية للطبقة البرجوازية المتمثلة بالملكية الخاصة لوسائل الانتاج، وتتبنى سياسة اقتصاد السوق الراسمالي ، اي في النهاية تسعى الى بناء الراسمالية في العراق، وهذه التيارات السياسية الاسلامية والقومية لم تعلن بشكل واضح وصريح في شعاراتها وبرامجها الانتخابية – طبعا – ان وجدت لانها تدرك جيدا ان الغالبية العظمى من ابناء الشعب العراقي يرفضون ذلك، ومن هنا فهي تخادع الجماهير في بعض شعاراتهاالسياسية والاقتصادية وخاصة شعار العدالة الاجتماعية والتداول السلمي للسلطة .....؟!.
اولا :- اهمية الانتخابات البرلمانية :-
ان الاحزاب السياسية العراقية لم تمارس الديمقراطية كسلوك وتعامل حضاري فيما بينها ، ناهيك عن غياب الممارسة الديمقراطية داخل هذه الاحزاب السياسية من الناحية الفعلية والحقيقية بل تمارس من الناحية الشكلية فقط. ان الديمقراطية، هي سلوك حضاري واعي وراقي وهادف، هدفها الرئيس الانسان بالدرجة الاولى في التطبيق العلمي وليس الشكلي، فالجميع يدعون ويرفعون شعار الديمقراطية ولكن الغالبية العظمى منهم غير ديمقراطيون اصلا، فشكلهم ديمقراطي وجوهرهم وسلوكهم دكتاتوري وبأمتياز .
لقد اتسمت مسيرة "الديمقراطية المستوردة" منذ الاحتلال الامريكي ولغاية اليوم بالفوضى "المنظمة" وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي– الاجتماعي والامني... وتفاقم واشتداد الأحتراب المرعب وبكل اشكاله بين جميع التيارات السياسية بشكل عام وبين التيار الاسلامي (الشيعي) والتيار القومي (السني) بشكل خاص، ولعبت وتلعب اليوم العوامل الداخلية والخارجية بتكاملها وتفاعلها دورا رئيساً في تفاقم حدة هذه الصراعات واصبح العامل الخارجي (اقليمي– دولي) عاملا فاعلاً وموجهاً للعامل الداخلي، ومن هنا ينشا الخطر على التجربة والمسيرة الديمقراطية وعلى حدة العراق ارضاً وشعباً .
في 30 / 4 / 2014 ، ستجري عملية الانتخابات البرلمانية وللمرة الثالثة {علما ان مخاطر التاجيل قائمة ولاسباب عديدة ...} وتعد هذه الانتخابات حقاً مهمة ومصيرية للشعب العراقي ومستقبله اللاحق، وسوف تشارك فيها (39) ائتلاف سياسي كبير من التيارات السياسية العراقية، فضلا عن وجود (244) كيانا سياسيا من جميع انحاء العراق وبمشاركة 9040 مرشحا يتنافسون على (328) مقعدا برلمانيا وتم فتح ما يقارب من (8000) مركز انتخابي للتصويت في انحاء العراق ووجود (60) الف وكيل سياسي و (38179) مراقب محلي و 1445 من المراقبين الدوليين كمشرفين على عملية الانتخابات، وبحضور 1325 اعلامي محلي وحوالي 278 اعلامي اجنبي، وبلغ عدد الناخبين الذين يحق لهم الاشتراك في الانتخابات (21.592.882) شخصا(1)، لانعرف هل ان هذا الرقم دقيق اذا افترضنا ان عدد سكان العراق لايتجاوز 30 مليون نسمة، وهل يوجد لدينا احصاء سكاني دقيق تم معرفة عدد المواطنين الذين لهم حق التصويت؟ نعتقد، يكمن جوهر العبث السياسي المنظم والواعي له من قبل الاحزاب السياسية المتنفذه في السلطة وحلفاؤها من اجل افشال وافساد العمل السياسي النظيف والمبنى على اساس البرنامج والايديولوجية الواضحة، من خلال تأسيس المئات من الاحزاب السياسية والتي لاتمتلك الاسس الموضوعية والسليمة لتأسيس الحزب بالمفهوم العلمي والسياسي والطبقي للحزب، ناهيك من ان هذه "الاحزاب" السياسية مختلفة من حيث الشكل (المظهر) ولكن من حيث الجوهر فهي متشابهة ان لم تقل هي وحدة واحدة الهدف الرئيس هو خداع المواطن وكسبه ولو لمرحلة معينة من اجل تحقيق "الفوز"، فلماذا هذا العبث السياسي؟ وهل هذه هي التعددية السياسية المطلوبة؟. ان هذه الفوضى السياسية والارباك السياسي شيء مقصود من اجل ارباك المواطن وعدم استطاعته من ان يميز بين هذه المكونات، الائتلافات، الاحزاب...المختلفة وبالتالي سوف يدخل الناخب العراقي في حيرة ودوامه من الفوضى وعدم الاختيار السليم والصحيح في اختيار الحزب، ناهيك من ان داخل كل كيان/ ائتلاف سياسي عدة احزاب/ كتل متصارعة سياسياً، هدفها الرئيس هو السلطة بالدرجة الاولى، فالتيار الاسلامي والتيار القومي العربي والكردي، الا دليل حي وملموس على ذلك .
ثانيا :- المكونات السياسية الرئيسية في العملية الانتخابية :-
نعتقد، توجد في العراق اربعة تيارات سياسية رئيسة فاعلة في الحياة السياسية وهي تعكس اللوحة السياسية والاجتماعية – الاقتصادية والايديولوجية للمجتمع العراقي وهذه الاتجاهات هي الاتي :-
اولا:- التيار الاسلامي الشيعي :- يتكون هذا التيار من الاحزاب والتنظيمات الشيعية الاساسية والمتمثلة بحزب الدعوة بقيادة السيد نوري المالكي، والمجلس الاعلى بزعامة السيد عمار الحكيم، والتيار الصدري بزعامة السيد مقتدى الصدر، اما بقية الاحزاب والتنظيمات الشيعية الاخرى فهي ترتبط بعلاقة بهذا الشكل او ذاك مع هذه التيارات الرئيسية، فهي تنسق عملها وتتعاون وتتحالف حسب مصلحتها الخاصة مع هذا الحزب الشيعي او ذاك .
ثانيا :- التيار القومي العربي (السني) :- يتكون من عدة احزاب سياسية ومختلفة في التوجهات السياسية ومنها العلماني ومنها القومي، ومنها الاسلامي واهم التنظيمات السياسية المكونه لهذا التيار اليوم هي : القائمة الوطنية بزعامة اياد علاوي، وقائمة متحدون بزعامة اسامة النجيفي، والقائمة العربية بزعامة صالح المطلك، اما الاحزاب او القوائم الاخرى، فهي ايضا تنسق نشاطها وتعاونها مع هذه القوائم الرئيسة وفقاً لمصالحها واهدافها الخاصة بالدرجة الاولى .
ثالثا :- التيار القومي الكردي :- يتكون هذا التيار القومي من ثلاثة احزاب رئيسة فاعلة وناشطة في الحياة السياسية للشعب الكردي، وهي الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة مام جلال، وحركة التغيير بزعامة نوشيروان مصطفى، ناهيك عن وجود احزاب اسلامية وتنظيمات قومية اخرى، فهي ايضا تتعاون مع هذه الاحزاب الرئيسة وحسب رؤيتها ومصالحها الخاصة بها، اضافة الى وجود الحزب الشيوعي الكردستاني الذي ينسق وينظم نشاطه مع الحزب الشيوعي العراقي.
رابعا :- التيار اليساري والديمقراطي :- يتكون هذا التيار السياسي من الحزب الشيوعي العراقي والفصائل (الاحزاب) الشيوعية الاخرى اضافة الى بعض التيارات والاحزاب السياسية الوطنية الاخرى .
يتسم هذا التقسيم السياسي للوحة السياسية في العراق بالاتي :-
ان الغالبية العظمى من هذه التيارات السياسية ليس لديها تنظيمات سياسية اي ( هيكل تنظيمي/هرمي) منظم باستثناء الحزب الشيوعي العراقي، وبالتالي لايمكن ان يطلق على هذه التيارات احزاب سياسية بالمفهوم العلمي للاحزاب، فوحدة التفاف الجماهير حول قيادة هذا التيار السياسي او ذاك تقوم لأعتبارات دينية/ قومية/ شخصية... وليس على اساس ايديولوجي واضح الاسس والمعالم .
لاتوجد فوارق رئيسة بين هذه التيارات السياسية فالتيار الاسلامي (الشيعي) والتيار القومي العربي والتيار القومي الكردي، فهم جميعا يؤمنون بالملكية الخاصة لوسائل الانتاج، اي يؤمنون بنظرية اقتصاد السوق الراسمالي بهدف بناء الرأسمالية كنظام سياسي واقتصادي– اجتماعي وايديولوجي، وهم يمثلون ويعبرون عن المصالح السياسية والاقتصادية– الاجتماعية للطبقة البرجوازية في المجتمع العراقي .
ان الغالبية العظمى من هذه التيارات السياسية لديها علاقات سياسية وفكرية مع البلدان الراسمالية وخاصة مع الولايات المتحدة الامريكية، وهناك تعاون وتنسيق بين غالبية قيادة هذه التيارات السياسية مع البلدان الرأسمالية في الميدان الاقتصادي والفكري.
ان هذه التيارات السياسية الرئيسة متصارعة ومتحاربة سياسياً واقتصاديا....حول السلطة بالدرجة الاولى، ناهيك عن الصراع السياسي داخل كل تيار وحول نفس الهدف الرئيس الا وهو الاستحواذ والهيمنة على السلطة حتى وصول هذا الصراع الى درجة العداء والاقتتال فيما بينهم .
ان جميع هذه التيارات السياسية الرئيسة تطرح شعارات واحدة تقريباً ومتشابهة من حيث الشكل، فهي ترفع شعار المساواة والعدالة الاجتماعية والديمقراطية والانتقال السلمي للسلطة ومحاربة الفساد المالي والاداري، ومع الفقراء....، الا ان هذه الشعارات ما هي الا شعارات وقتية وبامتياز هدفها الاول خداع الجماهير وكسبها خلال فترة لن تتجاوز الشهر واحد خلال الحملة فترة الانتخابية فقط، في حين ان الغالبية العظمى من هذه التيارات السياسية لم تطرح برنامجاً سياسيا واقتصادياً واجتماعياً وايديولوجياً واضح المعالم والاهداف على الناخبين، فهي لا  تملك هذا البرنامج بالمفهوم العلمي للبرنامج اصلاً .
ان الصراع السياسي الدائر اليوم بين التيارات السياسية الرئيسة وقد غًلب عليه الصراع الطائفي / القومي بالدرجة الرئيسة، بالرغم من ان جوهر الصراع الحقيقي هو اقتصادي وايديولوجي حول مستقبل العراق، نظام رأسمالي أم نظام إسلامي أم .....؟ مما اثر ذلك وبشكل مباشر وسلبي على المجتمع العراقي ودفعه ويدفعه اليوم نحو مازق خطير. .
ان التعددية السياسية في العراق اليوم ، وبهذا الشكل اللاعقلاني وغير المنطقي، ماهي الا فوضى سياسية مقصودة بهدف عدم ظهور احزاب سياسية حقيقية لها ايديولوجيتها المعلنة والواضحة من اجل تسهيل عملية الاختيار الافضل للناخب العراقي اي ينبغي ان تقوم الانتخابات بالنسبة للاحزاب السياسية المشاركة على اساس البرامج السياسية والاقتصادية التي تحمل طابعاً ايديولوجياً بالدرجة الاولى. ان وجود المئات من الاحزاب السياسية المختلفة في الشكل والمتفقة من حيث الجوهر، هدفها الاول والرئيس هو تضليل الناخب، وهي سخرية وتلاعب وخدعة للناخب والتلاعب على مشاعره من اجل عدم الاختيار السليم والمبني على اسس واضحة وفي مقدمتها النزاهة والاخلاص والكفاءة والوطنية والشعور بالمسؤولية وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.
ان التنافس والسباق والصراع بين التيارات السياسية الرئيسية في العراق يدور من حيث الشكل حول خدمة المواطن وتلبية حاجاته ومعالجة مشاكله وايجاد الحلول لها، اي "هدفهم" هو الانسان اولا واخيرا؟! . الا ان واقع الحال ليس هذا ، فالغالبية العظمى من قيادات هذه التيارات ان لم نقل جميعها هدفها هو الوصول للسلطة اولا والبقاء والتشبت بها من اجل تحقيق اهداف خاصة، فالسلطة والحصول على الامتيازات المادية وغير المادية هي الهدف الرئيس وليس خدمة المواطن، هذا هو الواقع الحي والموضوعي والملموس.
بعض اسس (ضوابط) الترشيح للانتخابات البرلمانية :-
ضرورة ايجاد ألية تستند الى نسق معياري لتحديد راتب عضو البرلمان أسوة براتب الوزير الشهري.
الحد من الامتيازات الممنوحة لعضو مجلس النواب، ولاسيما المتعلقة بصفة الحصانة البرلمانية التي يتمتع بها على الرغم من كونه مواطناً أسوة بغيره من أفراد الشعب العراقي.
تقليص العناصر الامنية المسؤولة عن الحماية الشخصية لعضو مجلس النواب العراقي.
ان لايتمتع عضو مجلس النواب بالمزايا المترتبة على حصوله على راتب تقاعدي مغري جداً، بل يجب ان يعود الى دائرته إذا كان موظفاً او الى مهنته إذا كان يعمل في نشاط معين، واعتبار الخدمة البرلمانية في مجلس النواب تحتسب لاغراض الترقية والتقاعد... .
يجب على كل مرشح ان يقدم كشفا عن وضعه المالي وممتلكاته العقارية او غيرها موثقة من الدوائر المختصة وذات العلاقة .
ان هذه الاسس او الضوابط وغيرها يجب ان تشرع وفق قانون خاص بها، وجميع المرشحين معنيين بها، فهي تحقق نوعا من العدالة والنزاهة والاخلاص والوطنية الحقة وتكبح السباق "الجنوني" نحو السلطة التشريعية، فالذي يقبل بهذه الشروط هو البرلماني المطلوب وهو الذي سوف يقدم الخدمة الحقيقية للمواطن، وليس البرلماني الذي يهدف الى الاثراء الفاحش واللا شرعي له ولعائلته واقاربه المقربين. ومع ذلك يدعون بالعدالة الاجتماعية .
ثالثا:- شروط (ظروف) الانتخابات البرلمانية العادلة والنزيهة :-
ينبغي ان يتمتع البلد بحالة وبدرجة معينة من الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والامني لان تحقيق ذلك سوف يساعد على زيادة نسبة المشاركة الانتخابية وانتقاء المرشح الافضل. ان ما يحدث في محافظة الانبار وصلاح الدين وديالى ونينوى وكركوك وبغداد وبابل لايعكس الاستقرار المطلوب لاجراء الانتخابات في هذه المحافظات الكثيرة، لان هذه الحالة الغير طبيعية ستؤثر سلباً على عملية الانتخابات والتشكيك فيها .
يجب ان يتم تشريع قانون خاص بالاحزاب السياسية، واضح المعالم والاهداف وخالي من ازدواجية التفسير وان تلتزم جميع الاحزاب بهذا القانون، لأن هذا القانون سينظم نشاط وعمل الاحزاب السياسية المشاركة في عملية الانتخابات ويبعدها عن العمل الفوضوي، ويحقق هذا القانون العدالة السياسية بين الاحزاب وبغض النظر سواء كانت كبيرة او صغيرة مشاركة في الحكم او غير مشاركة في الحكم .
من الضروري ان يشرع قانون خاص بالتعداد السكاني وانجازه، لأن مثل هذا القانون سيساعد على وضع برامج سياسية واقتصادية واجتماعية، كما يساعد الحكومة ايضا على معرفة العدد الحقيقي للسكان بشكل عام وعدد الذين لهم حق التصويت بشكل خاص وليس الاعتماد على البطاقة التموينية التي فيها الكوارث ...، كما ينبغي ايضا ان يتم تشريع قانون عصري للانتخابات يضمن جميع الحقوق لجميع الاحزاب السياسية الناشطة في المجتمع العراقي، ويجب الابتعاد عن تشريع القوانين التي تشبه "البدلة الانيقة" والمخصصة لشخص معين وفق مقاسات او حسابات مصالح فئوية معينة، لان غياب هذا القانون يتعارض مع الديمقراطية والعدالة الاجتماعية .
ينبغي ان يمنع قانوناً ويحرم شرعياً توظيف المال العام من قبل الحزب الحاكم او الاحزاب المتنفذه في السلطة لأغراض النشاط السياسي والاعلامي في الحملة الانتخابية، وكذلك منع استخدام المنصب الاداري وبغض النظر عن اهمية هذا المنصب في السلطة في اطلاق الوعود (توزيع الاراضي، توزيع البيوت السكنية، توزيع البطانيات والصوبات، والشاي، والسكر، والموبايلات، والنقود، وحاويات الاوساخ..)، ومنع استخدام وسائط النقل الحكومية (سيارات، طائرات....) واستخدام اللوحات الالكترونية الثابتة والمتنقلة وغيرها من الوسائل اللاشرعية واللاقانونية، لأن كل ذلك يتم تحقيقه من خلال المركز الاداري في السلطة والمال العام ، وهذا لايعكس العدالة والنزاهة في الانتخابات .
يجب ان يتم تطبيق قانون الانتخابات على جميع المرشحين وبدون تميز من قبل الجهات القضائية او من قبل لجنة المفوظية للانتخابات وعدم استخدام ازدواجية المعايير في التعامل مع المرشحين ومنع استخدام النفوذ السياسي والاداري من قبل الحزب الحاكم او اي حزب اخر متنفذ في اقصاء/ معاقبة المرشحين المعارضين للسلطة، وما حدث للشيخ صباح الساعدي وجواد الشهيلي وحيدر الملا... ومشعان الجبوري الا دليل ملموس على ذلك فالكيل بمكيالين، يعد نهجا خاطئا وضاراً وغير عادلاً ومنافياً للديمقراطية، وقد لعب العامل الشخصي والسياسي بقيادة الحزب الحاكم الدور الرئيس في ذلك، ومع ذلك يدعون يدعون العدالة والديمقراطية ؟!.
يجب على كل حزب سياسي ان يقدم برنامجاً سياسياً واقتصادياً– اجتماعياً واضحاً في شكله ومضمونه وان يكون برنامجه واقعياً، وان يعلن ايديولوجيته للشعب، وان يكون جوهر البرنامج هو الانسان اولاً واخيراً، وان لايتم التلاعب في مشاعر المواطنين وخاصة الفقراء منهم من خلال رفع وتبني شعارات براقة وغير صادقة. ان الغالبية العظمى من الاحزاب ان لم نقل جميعها لم تطرح على الناخب العراقي برنامجها والافاق المستقبلية للعراق .
غياب المشروع الوطني العام لدى الاحزاب السياسية العراقية وخاصة المتنفذة في الحكم مما يضع العراق ارضا وشعبا في خطر جدي وحقيقي .
من الضروري ان لايسمح للقوات المسلحة من منتسبي وزارة الدفاع والداخلية وقوى الامن والمخابرات والاستخبارات التصويت ولمدة 10 سنوات من اجل ضمان ونزاهة التصويت وهذا يمكن ان يتم من خلال تشريع قانون خاص لمرحلة انتقالية خاصة فقط، يمكن ان يحرم هؤلاء من حق التصويت، كحق شرعي لهم، الا انه يحقق نوعاً من العدالة، لان الحزب الحاكم يستحوذ على حصة الاسد في التصويت لصالحه وهذا يتم من خلال استخدام السلطة وادواتها المختلفة لتحقيق هدف الحزب الحاكم .
ينبغي الابتعاد عن المعايير الطائفية والقومية والاثنية والعشائرية والمناطقية والعاطفية في عملية الانتخابات البرلمانية واعتماد مبدأ (أُسس) الكفاءة والنزاهة والاخلاص والمصلحة العامة....، ان تحقيق ذلك يعتمد بالدرجة الاولى على الوعي السياسي لدى قادة الاحزاب السياسية العراقية، وعلى نضج الوعي السياسي للمواطنيين المشاركين بالعملية الانتخابية .
يجب ان يحرم اي حزب سياسي من المشاركة بالعملية الانتخابية البرلمانية، اذا كانت لديه مليشيا مسلحة، لأن ذلك يشكل تهديداً وخطراً على المواطنين والعملية الانتخابية، وتعد هذه المليشيا خارجه عن القانون، ويجب حصر السلاح في يد الدولة فقط .
رابعا :- واقع وظروف الانتخابات البرلمانية في العراق اليوم :-
عاش ويعيش الشعب العراقي اليوم اوضاعاً غير مستقرة وفي كافة ميادين الحياة منذ الاحتلال الامريكي للعراق ولغاية اليوم، وهذا لم يكن وليد للصدفة، ولعب العامل الخارجي بالتعاون والتنسيق مع العامل الداخلي في فرض نموذج سياسي واقتصادي– اجتماعي لايتلائم مع واقع وتطلعات وطموحات الشعب العراقي .
ان الانتخابات البرلمانية تجري اليوم في ظروف واوضاع بالغة الخطورة والتعقيد، فالمحافظات الغربية، ولاسيما محافظة الانبار تعيش حالة من الحرب غير المعلنة رسمياً، اي انها تعيش حالة اللاسلام فتصعيد مسار هذه الحرب غير صحيح ولم يأتي في الوقت المناسب في محاربة الارهاب وبالتالي سوف تواجه المحافظات صعوبة في اجراء الانتخابات البرلمانية السليمة والموضوعية والناجحة لأن هذه المحافظات تواجه اوضاعا شاذةً، فالحرب والفيضانات والانتحاريين والسيارات المفخخة والقتل على اساس الهوية .... واصبح ذلك من السمات المميزة للمحافظات الغربية وكذلك في محافظة بغداد وبابل وكركوك، وبالتالي سوف يتم الطعن في شرعية هذه الانتخابات في هذه المحافظات .
لايمكن ان تكون الانتخابات البرلمانية لها مصداقية وشرعية في ظل تفاقم واشتداد الصراع والاحتراب بين السلطة المركزية وسلطة اقليم كردستان سواء كان ذلك بشكل مباشر او غير مباشر، اضافة الى ذلك التنافس والصراع بين المكونات السياسية الرئيسة وبين قادة هذه الكيانات السياسية، وكما يلاحظ ايضا هناك دوراً كبيراً سواء كان ذلك الدور بشكل مباشر او غير مباشر للسلطة التنفيذية على السلطة القضائية والهيئات المستقلة وخاصة الهيئة المشرفة على الانتخابات المستقلة مثال على ذلك: مرشح يتم قبوله وبعد فترة يتم استبعاده، ثم بعد فترة يتم قبوله في المشاركة الانتخابية، وفق اي مادة قانونية ثم كل ذلك ؟!.
غياب التكافؤ بين الاحزاب السياسية المشاركة في عملية الانتخابات البرلمانية في ميدان السلطة والمال والاعلام...، فالاحزاب المتنفذة في السلطة وخاصة الحزب الحاكم لهم دوراً متميزاً في السلطة وامتلاك المال والاعلام يتم تسخيره لصالحهم بهدف الفوز في الانتخابات، اما الاحزاب الصغيرة وغير المشاركة في الحكم فليس لديها من مثل هذه الامكانيات المادية وغيرها، ويعد هذا وغيره خللاً كبيراً في العملية الانتخابية، ناهيك عن غياب تشريع قانون الاحزاب وقانون التعداد السكاني، وقانون منصف وعادل للانتخابات يحقق المساواة والعدالة ولو بشكل نسبي بين احزاب السلطة وغيرها من الاحزاب . .
تنامي وتفاقم الصراعات السياسية بين الاحزاب الاسلامية والاحزاب القومية العربية والكردية حول السلطة ومستقبل العراق اللاحق ، ناهيك عن تنامي الصراع السياسي داخل البيت الشيعي، والبيت السني، والبيت الكردي حول الاستحواذ والهيمنة على السلطة وخاصة حول السلطة التنفيذية ورئاستها، فمثلا حزب الدعوة بزعامة السيد نوري المالكي وحلفاؤه لايريدون تسليم رئاسة الحكومة وبأي ثمن كان، اما التيار الصدري والمجلس الاعلى الاسلامي يريدون قيادة السلطة التنفيذية ويؤيدهم السيد اياد علاوي واسامة النجيفي والحزبيين الكرديين، الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني....، وبالتالي يمكن تشكيل حكومة الاكثرية التي ستقود السلطة التنفيذية والتشريعية بعد الانتخابات البرلمانية، اما دولة القانون بزعامة السيد نوري المالكي وحلفاؤه لن يستطيعوا تشكيل حكومة الاكثرية السياسية في السلطة التشريعية . .
نعتقد، ستبلغ نسبة المشاركة في عملية الانتخابات البرلمانية ما بين 50 – 60 % وهو الرأي الاقرب والمرجح حسب الاحتمالات المتاحة ومن خلال قراءة وتشخيص المشهد السياسي العراقي وهي نسبة مشاركة معقولة بالنسبة لضروف العراق غير الطبيعية، وسوف تحقق الاحزاب الاسلامية الشيعية المرتبة الاولى في الاصوات، وتأتي الاحزاب القومية العربية (السنية) بالمرتبة الثانية والاحزاب القومية الكردية بالمرتبة الثالثة، اما بقية الاحزاب والائتلافات الجديدة ستحتل المرتبة الرابعة، الا ان دورها وفاعليتها لن تكون كبيرة في السلطتين التشريعية والتنفيذية، بل انها تشكل قوى سياسية جديدة في السلطة التشريعية ، وبهذا سيتم كسر احتكار السلطة من قبل المكونات الثلاث الرئيسية، وطرح رؤى وتصورات إستراتيجية جديدة تسهم في إعادة الترويج لمفاهيم وطروحات سياسية جديدة ضمن هيكلية النظام السياسي تنأى بها عن منطق فلسفة القوة والهيمنة، لاسيما خلال المرحلة 2014- 2018.
لازال العامل الديني يلعب دوراً كبيراً في عملية الانتخابات البرلمانية على الرغم من ان للمرجعية الدينية الشيعية دوراً ايجابياً في حث المواطنين على المشاركة في الانتخابات وتأكيدها على المرشح الكفوء والمخلص والنزيه والوطني، كما تؤكد على ضرورة التغيير، كما يلاحظ ان الغالبية العظمى من الاحزاب السياسية وخاصة حزب السلطة يعتمد على التحشيد العشائري والولاء الطائفي/ القومي في العملية الانتخابية بهدف الفوز في الانتخابات، ان كل ذلك يتم في ظروف غير طبيعية وضعف في الوعي السياسي داخل المجتمع العراقي . .
نعتقد، ان هذه الانتخابات سوف لن تحدث تغيرات كبيرة ومهمة ونوعية في اللوحة السياسية، فالمثلث الطائفي/ القومي/السياسي سيبقى كما كان سابقا، فالمكون الاسلامي (الشيعي) والمكون القومي العربي (السني) والمكون القومي الكردي هم الاركان الرئيسة لهذا المثلث القومي/السياسي، وهناك احتمال دخول قوى واحزاب سياسية جديدة ذات توجهات سياسية وطنية، ولكنها لن تكون مؤثرة على الاتجاه العام الطائفي/ السياسي/ القومي لتوجهات السلطة التنفيذية والتنشريعية، وكما يمكن القول ان السلطة التنفيذية والتشريعية الجديدة للفترة 2014 – 2018 هي سلطات "اصلاحية" وليست سلطات تغيير تقوم بالاصلاحات الجذرية بل ستبقى على نفس نهجها السابق . .
وفق رؤية تحليلية منهجية، نعتقد، ان فترة 2018 – 2022 ستكون فترة تغيرات سياسية واقتصادية – اجتماعية جذرية في شكلها ومضمونها، ان لم نقل قد تحدث هذه التغييرات قبل ذلك الموعد، وخاصة في حالة استمرار نهج المكونات السياسية الرئيسية على نفس سياساتها الخاطئة تجاه الشعب العراقي ويمكن ان يحدث التغيير الشعبي الحقيقي وتحت زعامة وطنية جديدة وتحت شعار رئيس "الشعب يريد إسقاط النظام" .
حسب تقديرنا، في حالة استمرار تفاقم واشتداد الازمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية ... واستمرار الحرب في محافظة الانبار واحتمال توسع ذلك الى المحافظات الغربية الاخرى، وعدم الاستقرار الامني في محافظة بغداد، بابل واحتمال استمرار عملية التفجيرات والمفخخات والاحزمة الناسفة...، فلا يمكن من ان نستبعد مشهد احتمالي قابل للتحقق ألا وهو إمكانية ان يعلن السيد نوري المالكي رئيس الحكومة العراقية حالة الطوارئ وتأجيل الانتخابات البرلمانية لفترة قادمة بالرغم من انه لايملك هذه الصلاحية، فهي من صلاحية السلطة التشريعية حصراً ، ولكن يمكن ان يتم فرض ذلك كواقع حال وغير قابل للنقاش، لاسيما وان قانون حالة الطوارئ جاهزاً لدى السلطة التنفيذية، فالعراق مقبل على كثير من المفاجأت الغريبة والكثيرة، فالمستقبل القريب سيكشف لنا ابعاد واهداف تلك المفاجأت.
خامسا :- مأزق الديمقراطية في العراق :-
ان كل شيء يصدر او ينقل ميكانيكياً الى خارج بيئته ويفرض على الشعوب وبأساليب متعددة بما فيها القوة العسكرية الغاشمة، هو غير ملائم ولا يتعايش مع الواقع السياسي والاقتصادي – الاجتماعي للشعوب وسوف يخلق ازمات ومأزق كبير وسيكون في النهاية مصيره الفشل الكبير لأنه غريب على واقع جديد، وهذا ما حدث ويحدث اليوم من تصدير وفرض النموذج الديمقراطي بالوصفة الامريكية على العراق، فهذا النموذج المستورد قد ولد مازقاً خطيراً على المستويات السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، والعسكرية-الامنية، وبدأ ينذر بخطر جدي على العراق ومستقبله، وهنا يمكن لنا إبراز ذلك ضمن أطار النقاط الاتية:
المأزق الاول :- يكمن المأزق الاول والرئيس في صياغة وجوهر الدستور العراقي الحالي الذي تم اعداده وبشكل سريع وتحت ضغوطات متعددة اذ تم وضع فيه "الألغام" و"القنابل" الموقوته والقابلة للتفجير وفي اي وقت مناسب، ويمكن القول ان الدستور العراقي يعتبر المصدر الرئيس لظهور واستمرار الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا الدستور قد كرس النهج الطائفي/ القومي في المجتمع العراقي وهذا ليس من باب الصدفة، فضلاً عن عدم التطبيق الفعلي والملموس لفصل واستقلالية السلطات الثلاثة، السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، فاصبحت السلطة التفيذية مؤثرة على السلطة القضائية وباساليب مختلفة، ومتخاصمة وبشكل مستمر مع السلطة التشريعية وهذا لم يحدث في اي بلد من بلدان العالم إلا في تجربة العراق "الديمقراطية" المستوردة والمفروضة على المجتمع العراقي، أضافة الى ذلك سيطرة السلطة التنفيذية على السلطة الرابعة( الاعلام) مما جعلها في خدمة السلطة التنفيذية حصراً .
المأزق الثاني :- لقد كرس الدستور العراقي نهجاً خاطئاً الا وهو النهج السياسي/ الطائفي القومي... في نظام الحكم، كما افرز هذا النهج بناء خاطئ للدولة يقوم على اساس مبدأ الكيانات الطائفية/ القومية وليس اعتماد مبدأ المواطنة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب.... مما ادى هذا النهج الخطير الى بروز وتنامي ظاهرة فكرة الحزب الواحد، القائد الأوحد، وبروز مقدمات لظهور الدكتاتورية من جديد، وبنفس الوقت تم اضعاف وتهميش بقية الاحزاب السياسية ومن مختلف الكيانات السياسية وخاصة في السلطة التنفيذية، مما ساعد ذلك على تفاقم واشتداد حدة الصراعات بين المكونات السياسية بعضها مع البعض الاخر، وداخل المكون السياسي الرئيسي الا وهو المكون الشيعي، وبين السلطة التنفيذية من جهة وبقية المكونات السياسية الاخرى، مما ادى كل ذلك الى عدم الاستقرار الامني والاقتصادي في عموم البلاد، فالاحزمة الناسفة والسيارات المفخخة والانتحاريين وتفشي الفساد المالي والاداري بشكل مرعب وخطير. ان هذه الظواهر الخطيرة في المجتمع العراقي ومن دون معالجة جذرية يمكن لها ان تعمل على تفكيك وتفويض النسيج الاجتماعي بهدف انهاء الشعب العراقي كوحدة سياسية واقتصادية واجتماعية وهذا ماتسعى اليه القوى الاقليمية والدولية لتحقيقه في العراق اليوم .
المأزق الثالث :- يكمن جوهر هذا المأزق في غياب الثقة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية ، وهذا نابع بالدرجة الاولى من غياب الثقة والتعاون بين قادة الأحزاب والكتل البرلمانية الرئيسة والمتنفذة في السلطتين، مما اثر ذلك سلباً على عمل السلطتين، ولمصلحة السلطة التنفيذية . ان الاحتراب والصراع بين السلطتين يرجع الى اسباب سياسية تاريخية اضافة الى التنافس والصراع حول السلطة، وان كل سلطة تفسر الدستور، القانون.... وفقا لرؤيتها ومصلحتها الخاصة، وبالتالي فان كل هذا ساعد على فقدان الثقة واللغة المشتركة بين قادة السلطتين وانعكس ذلك سلبا على المواطن، والمجتمع والاقتصاد الوطني، مما ادى ذلك الى وقوع الأحزاب والمجتمع ومنذ الاحتلال ولغاية اليوم في ازمات متكررة لها بدايةً وليس لها نهايةً، فكل سلطة تسعى الى تحقيق الامتيازات المادية الخاصة بها ، في حين ان الشعب لم يحصل على ما كان يطمح اليه من رخاء ورفاهية .
ان الامتيازات المادية وغير المادية التي حصل عليها اعضاء السلطتين وبشكل مفرط اثار حقد ونقمة الشعب على السلطتين وفقدان الثقة بهم، وعليه يمكن القول ان الغالبية العظمى من زعماء الأحزاب والكتل هم زعماء سلطة طائفيون وليس زعماء سلطة سياسيون حقيقيون هدفهم الرئيس هو خدمة المواطن والمجتمع، وان زعماء السلطة الطائفيون هدفهم الرئيس هو الاثراء المفرط وبكل الوسائل المتاحة من اجل الحصول على الجزء الكبير من الكعكة الدسمة، انهم زعماء المغانم وجمع الثروات الهائلة وبشكل غير شرعي .
المازق الرابع :- يكمن هذا المازق في تفاقم واشتداد حدة الصراع/ والتنافس بين السلطة المركزية وسلطة اقليم كردستان حول قضايا متعددة وفي مقدمتها القضايا الاقتصادية والسياسية والامنية والعسكرية ... اضافة الى فقدان الثقة بين قادة المركز وقادة اقليم كردستان ، مما اصبح ذلك عاملاً معرقلاً لتحقيق الامن والاستقرار السياسي والاقتصادي – الاجتماعي على عموم العراق ، وفي الوقت نفسه اصبحت سلطة اقليم كردستان مستقلة عن سلطة المركز في كثير من المسائل في الواقع الملموس ومن هنا ينشا الخطر على تفكك العراق .
المأزق الخامس :- ان السلطة في العراق اليوم هي سلطة مكونات قائمة على مبدأ المحاصصة الطائفي/ القومي...، لقد فرض الغرب الراسمالي بقيادة الامبريالية الامريكية نموذجاً سياسياً واقتصادياً – اجتماعياً تابعاً ومتخلفاً على الشعب العراقي، وقد افرز هذا النموذج اقتصاداً ريعياً وبأمتياز، وتم تكريس هذا النموذج السئ في شكله ومضمونه من قبل قوات الاحتلال الاميركية وحلفاؤها ولايزال هذا النموذج مستمراً حسب توجيهات المؤسسات الدولية ومنها صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية .
ولقد افرز هذا النموذج المتخلف والبعيد عن واقع وطموحات الشعب العراقي كل امراض النظام الراسمالي والمتمثلة بتنامي معدلات الفقر والبطالة، وانتشار معدلات الجريمة، والتلوث الاجتماعي وبيع "السلع الحية"، وعودة الامية واغراق المجتمع باشباه الاميين، وظهور الشعوذة والدجل، وتحويل المجتمع العراقي الى مجتمع استهلاكي وبأمتياز .
المأزق السادس :-ان جوهر هذا المأزق يكمن في فشل نموذج الحكومة التوافقية، وفشل حكومة الشراكة الوطنية، وفشل حكومة الوحدة الوطنية، ويعود السبب الرئيس الى فشل هذه النماذج للسلطة التنفيذية الى غياب الثقة السياسية بين قادة الاحزاب والكتل الرئيسة في السلطتين، فكل طرف يهدف الى اضعاف، ثم تفكيك، ثم اسقاط الطرف الاخر وبأساليب متعددة، وبالتالي أدى هذا النهج الخاطئ الى تفاقم واشتداد وتأزم العلاقات السياسية في عموم البلاد، وتفاقم وتأزم العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بدليل ظهور الاستقالات من السلطة التنفيذية ولاكثر من مرة، والانسحاب والمقاطعة للسلطة التشريعية ولعدة مرات. ان كل هذا دليل حي وملموس على تأزم وفقدان الثقة بين قادة المكونات السياسية في العراق وهذا يهدد أمن واستقرار البلاد .
ان استمرار التنافس والصراع بين السلطتين التنفيذية والسلطة التشريعية له تداعيات خطيرة على مستقبل الاقتصاد والمجتمع العراقي، فلا يمكن تحقيق الاستقرار السياسي والتطور الاقتصادي والاجتماعي واعادة بناء ما خربته الحروب العبثية غير العادلة منذ عام 1980 ولغاية اليوم من دون تعاون وتفاهم وتنسيق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية واعتبار دور ومكانة كل سلطة مكملاً لدور ومكانة السلطة الاخرى .
يمكن القول وخلال الفترة من عام 2003 ولغاية اليوم، فأن السلطة التنفيذية قد فشلت في تأدية مهامها الرئيسة وخاصة في معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وكذلك مستوى الخدمات المتدني، فمشكلة الفقر والبطالة... في تنامي مستمر، وتدني مستوى الخدمات ومنها على سبيل المثال مشكلة النقص في الكهرباء، حيث تم استثمار اكثر من (50) مليار دولار للفترة 2006 – 2013 في ظل بقاء المشكلة قائمة، فهل هذا معقول ؟!، وبالمقابل فأن السلطة التشريعية ايضاً قد فشلت في تشريع القوانين المهمة والجادة من اجل انقاذ الاقتصاد والمجتمع من التدهور والتفكك، وبالتالي فأن السلطتين التنفيذية والتشريعية قد فشلتا في تأدية المهام الرئيسة خلال الفترة من عام 2004 ولغاية عام 2014، بسبب عدم الاستقرار السياسي وغياب الثقة بين قادة الكتل المتنفذة في الحكم، بالمقابل ساعد كل ذلك على تنامي ظاهرة الفساد المالي والاداري، وتهريب ثروة الشعب العراقي، وظهور الحيتان والديناصورات المالية التي ارتبطت وتشابكت مصالحها مع الغرب الامبريالي ومؤسساته الدولية، ويعود السبب الرئيس في بروز هذه الظواهر الخطيرة الى غياب الديمقراطية الشعبية، وغياب الرقابة الجماهيرية على السلطتين التنفيذية والتشريعية، وضعف تطبيق القانون على الخارجين عنه .
المأزق السابع :- ان من اخطر ما افرزته "ديمقراطية" الاحتلال هو ان الغالبية العظمى من الاحزاب المتنفذة في السلطة شيعية كانت أم سنية، لديها ميليشيات مسلحة، وهي تعد خارج اطار القانون ومخالفة للشرعية والديمقراطية ، فعلى سبيل المثال بعض الأحزاب الشيعية المتنفذة لديها ميليشيات مسلحة وتحظى بدعم من السلطة وتستخدم كأدوات مسلحة ضد الخصوم السياسيين سواء داخل البيت الشيعي او خارجه من أجل تحقيق اهداف سياسية واقتصادية واجتماعية ، ويمكن القول ان الميليشيات ماهي ألا ادوات عنف وقهر سياسي تستخدم لتصفية الحسابات السياسية وغير السياسية وعلى الصعيدين المحلي والخارجي، فهي ظاهرة خطيرة على امن واستقرار المجتمع وينبغي ان تحرم قانونا فيما يتعلق بمختلف انشطتها غير المشروعة .
المازق الثامن :- نرى، أنه غياب الرؤى السليمة والموضوعية في الميدان السياسي والاقتصادي والاجتماعي والايديولوجي، وغياب البرامج الحقيقية والموضوعية، وغياب المشروع الوطني، لدى قادة الاحزاب السياسية العراقية وخاصة المتنفذين منهم في السلطة، حول مستقبل النظام السياسي في العراق، هل سيكون نظاما اسلاميا ام نظاماً رأسمالياً ام نظاماً اشتراكياً؟ فالدستور واضح ولكن الواقع شيء اخر .
نعتقد، ان ما تم تحديده اعلاه لايهم الكثير من القادة السياسيين العراقيين، بل ان هدفهم الوحيد هو الصراع حول السلطة وكيفية الاستحواذ عليها والحصول على المناصب الرئيسة وخاصة منصب رئيس الحكومة، علما ان الدستور او العرف، او الدستور والعرف سوية قد تم حسم موضوع منصب رئيس الحكومة للمكون الشيعي ، ومنصب رئيس لبرلمان للمكون السني، ومنصب رئيس الجمهورية للمكون الكردي، وهذه المناصب الرئيسة حسمت لهذه المكونات واصبح ذلك عرفاً معمولاً به منذ عام 2003 ولغاية اليوم، انه نهج المحاصصة الطائفي/ القومي / السياسي وهذا النهج مخالفاً للشرعية والديمقراطية وينبغي على قادة الاحزاب السياسية رفض هذا النهج والتخلي عنه اصلاً وان يتم العمل وفق مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب. ان نهج المحاصصة الطائفي/ القومي يشكل خطراً جدياً على تفكيك واختفاء العراق من الخارطة الجغرافية والسياسية، فالمصلحة من يتم الاستمرار على هذا النهج الخاطئ ؟ .
المأزق التاسع :- ان تنامي معدل الانفاق العسكري وبشكل مفرط له تداعيات سلبية على الاقتصاد والمجتمع، وبهذا يشير صباح الساعدي، عضو البرلمان العراقي الى ان اجمالي الانفاق العسكري العراقي للفترة 2003 – 2013 قد بلغ 125 مليار دولار . وبالتالي يمكن القول ان هذا الانفاق العسكري يؤكد العودة الى عسكرة الاقتصاد والمجتمع، بالمقابل نلاحظ هناك انهيار شبه كامل للقطاعات الانتاجية وتدهور خطير في قطاعي التعليم والصحة وتفاقم مشكلة السكن والخدمات، وفقدان الامن والاستقرار وتنامي ظاهرة الارهاب بشكل مرعب. ان المستفيد الاول من هذا الاتفاق الكبير هم الحيتان والديناصورات المالية في السلطة وخارجها وكذلك المجمع الصناعي – الحربي الغربي – الامريكي.
المأزق العاشر :- يلاحظ التدهور الشامل والكبير للاقتصاد الوطني بشكل عام وللقطاعات الانتاجية(الزراعة والصناعة...) بشكل خاص ويعود السبب الرئيس الى تنفيذ سياسة مايسمى بالاصلاح الاقتصادي المفروضة على السلطة العراقية من قبل صندوق النقد والبنك الدوليين، وبسبب هذه السياسة تحول العراق الى بلد مستهلك لاكثر من 85 % من السلع الغذائية والدوائية مستوردة مقابل ذلك دفع عشرات المليارات من الدولارات مقابل هذه السلع والتي معظمها غير صالحة للاستهلاك البشري، وكما ساعد هذا النهج الى تنامي الهجرة من الريف الى المدينة مما فاقم ذلك المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في المدينة وان سياسة مايسمى بالاصلاح الاقتصادي قد عمقت حدة التفاوت الاقتصادي والاجتماعي داخل المجتمع لصالح البرجوازية الادارية والبيروقراطية والطفيلية وجماعة اقتصاد السوق وجماعة المافيا (اقتصاد الظل)، بدليل في عام 2007 ظهر ان الخمس الاغنى، اي 20% من الاسر حصل على 43 % من مجموع الدخل على مستوى البلاد (وفي عام 2014 اكثر من ذلك بكثير)، بينما يحصل 20 % الافقر على 7% ، وان الفقراء يتحملون العبء الاكبر في الايرادات العامة فالارقام الواردة في موازنة 2012 تشير الى ان حصة الضرائب المفروضة على الفقراء وذوي الد
خل المحدود تعادل اضعاف تلك المفروضه على الاغنياء كما تبلغ حصة الفقراء من اجمالي مصروفات موازنة 2012 ما يعادل 42 % في حين تبلغ حصة الاغنياء 58 % ، وان مستويات الفقر في الريف بلغت 65% اي انها تعادل ثلاثة امثال النسبة في المناطق الحضرية ، وتفشي ظاهرة الفساد المالي والاداري ، ويشير مدير عام دائرة استرداد الاموال في هيئة النزاهة على ان الاموال المتواجدة (المهربة)في الدول المراد استردادها تقدر بـ(بترليون) و 14 مليون دولار ، ناهيك عن غياب الحسابات الختامية لماذا ؟ وما هو السبب ؟.
المأزق الحادي عشر :- تواجه القطاعات الخدمية وفي مقدمتها قطاع التعليم ولجميع مراحله وقطاع الصحة وقطاع الكهرباء والسكن ... مشاكل كثيرة ومعقدة والسبب الرئيس لهذه المشاكل يعود الى غياب إستراتيجية الدولة لهذا القطاع المهم والحيوي فتدني مستوى التعليم ولجميع مراحله المختلفة والأخطر في ذلك انتقل مع الاسف هذا المستوى المتدني للدراسات العليا( الماجستير والدكتوراه)، ولقد لعب العامل السياسي الدور السلبي في ذلك التدهور سابقاً، إذ كانت سياسة التبعيث واثبتت فشل هذا النهج وحصلنا على نتائج كارثية، واليوم نهج اسلمة التعليم فسوف تظهر النتائج الكارثية بعد 10-15 سنة قادمة، بالرغم من انها اليوم اصبحت ملموسة، فالجامعات والمعاهد العراقية اصبحت تخرج في الغالب اشباه الاميين، وتفشي ظاهرة تزوير الشهادات وعلى مختلف المراحل الدراسية، فضلاً عن هجرة الكفاءات العلمية ولاسباب امنية وسياسية وغيرها، اما قطاع الصحة، فهو ايضا يعاني من قلة التخصيصات المالية وتقادم الاجهزة الطبية وقلة الابنية والمستوصفات والمستشفيات وقلة الكادر الطبي والكوادر المهنية الطبية، وهجرة الاطباء فخلال الفترة 2003 – 2013 هاجر اكثر من 20 الف طبيب خارج العراق، فلا خدمة طبية جيدة ولا دواء جيد بالرغم من اسعار هذه الخدمات خيالية، وتفشي الامراض وخاصة امراض السرطان ناهيك عن الولادات المشوهة وبشكل مخيف ومرعب وتنامي معدلات البطالة وخاصة وسط الشباب التي وصلت الى اكثر من 30%، ووجود اكثر من 4 مليون مهاجر داخل وخارج العراق، ويوجد ما بين 6 – 7 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر، ووجود ما يقارب من 7 – 8 مليون امي.
المأزق الثاني عشر :- ان العراق يواجه ضغوطات كثيرة ومتعددة وفي مقدمتها الضغوط السياسية والاقتصادية ... ومن قبل اطراف اقليمية ودولية سواء كان ذلك بشكل مباشر او غير مباشر واصبحت هذه التدخلات وممارسة الضغوطات ظاهرة ملموسة للجميع، والسبب الرئيس في ذلك يعود الى ان كل طرف اقليمي او دولي له حلفاء واصدقاء في السلطة العراقية وهؤلاء الحلفاء – الاصدقاء هم قادة متنفذين في السلطتين التنفيذية والتشريعية، وفي الوقت نفسه هم قادة لاحزاب سياسية موجودة في الساحة السياسية العراقية، وهؤلاء القادة السياسيين والمتنفذين يلجأون الى الاطراف الاقليمية والدولية عند "الضرورات" و "الازمات" التي تظهر في البلاد بهدف ايجاد مخرج لهذه الازمة، ويمكن القول لقد اصبح العامل الخارجي هو الموجه والمنظم الرئيس للعامل الداخلي، وهذه الحالة سوف تؤثر سلبا على صانعي القرار السياسي والاقتصادي والامني الداخلي، ومن هنا ينشا الخطر الجدي على السيادة الوطنية العراقية سواء كان من جهات اقليمية او دولية او اقليمية ودولية في آن واحد .
سادسا :- وجهة نظر – ما هو الحل ؟
ان الديمقراطية في العراق ما هي ألا نموذج تم تصديره من قبل الولايات المتحدة الامريكية للشعب العراقي، وهذا النموذج في شكله ومضمونه منحاز لمصلحة الاقلية في المجتمع، اي انها ديمقراطية طبقية منحازة لمصلحة الطبقة الحاكمة. ان هذا النموذج لم يأخذ بنظر الاعتبار الظروف والواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي للعرق، فهذا النموذج وخلال الفترة من عام 2003 ولغاية اليوم اثبت فشله وادخل العراق في دوامة من الفوضى وعدم الاستقرار الامني والعسكري والاقتصادي – الاجتماعي، بل كرس النهج الطائفي/ القومي، وفي حالة الاستمرار على هذا النهج الكارثي فلا يستبعد من ان مصير الشعب العراقي محفوف بالمخاطر الجدية وخطر تفكك العراق الى دويلات "مستقلة"، وما حدث للاتحاد السوفيتي السابق ودول اوربا الشرقية، وما حدث ليوغسلافيا والسودان، وما حدث ويحدث اليوم في ليبيا واليمن وسوريا ومصر...، تحت غطاء "الربيع العربي" الا دليل حي وملموس على دور العامل الخارجي في تخريب وتقويض وتفكيك الدول الى دويلات ضعيفة ومتناحرة ومتصارعة وفق استراتيجية الفوضى الخلاقة التي تستند اللى فكرة مفادها:كيفية تفكيك الدول العربية الى دويلات صغيرة ضعيفة وإعادة أنتاجها او تشكليها من جديد بحيث تصبح غير قادرة على إداء دور سياسي واقتصادي واجتماعي وامني فاعل ومؤثر في المنطقة العربية بمعزل عن الارادة الاسرائيلية، وان كل ذلك تم ويتم لمصلحة الولايات المتحدة الامريكية وحليفها الاستراتيجي في المنطقة– اسرائيل .
نعتقد، انه يمكن ايجاد مجموعة من الحلول لمعالجة المشاكل التي يعاني منها الشعب العراقي والتي نستطيع ان نؤشرها وفق النقاط الاتية :-
العمل الجاد على تعديل الدستور العراقي وبشكل جذري وفق الاليات الشرعية والديمقراطية وبما يخدم وحدة العراق وتحقيق الامن والاستقرار، وهذا هو المفتاح الرئيس لمعالجة جميع القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية .... في العراق .
ينبغي التخلي عملياً ونظرياً ودستورياً من مبدأ المحاصصة السياسي والطائفي/ القومي، المخالف للديمقراطية والشرعية، ويجب ان يتم رفض هذا المبدأ وبشكل علني من قبل الاحزاب السياسية وقادتها السياسيين، ولاسيما الاحزاب المتنفذة في السلطة .
ينبغي العمل الجاد والتطبيق الفعلي والسليم وفق الدستور على الفصل وعدم التدخل بين السلطات الثلاث(السلطة التشريعية/السل

19

قراءة أولية في قانون الخدمة الجامعية: التناقضات.... والأهداف

د.نجم الدليمي
 
إن المهمة الرئيسة للسلطة التشريعية هي إصدار القوانين والرقابة على تنفيذها وبما يخدم المجتمع والاقتصاد، بهدف تطوير المجتمع وتحقيق الرفاهية لأبناء الشعب، وكما ينبغي إن تكون القوانين المشرعة مدروسة من جميع جوانبها وان تتميز بالرصانة العلمية واللغوية ووضوح المعنى، وان لا تتحمل التأويل والتفسير الذي يمكن أن يلحق الضرر المادي أو المعنوي للمواطن، وكما يجب أن لا تحمل  جميع القوانين المشرعة في طياتها وجوهرها وخفاياها ازدواجية المعنى أو الكيل بمكيالين، وان لا يطغى عليها الطابع السياسي المتميز والمنحاز أو المعاقبة الجماعية تحت طائلة القانون، لان جوهر أي قانون يشرع يجب أن يكون هدفه الإنسان ولصالحه ولصالح الشعب من اجل تحقيق الاستقرار والرفاهية والتطور وإعطاء الحقوق الجماعية للمواطنين جميعاً وبدون تمييز سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر.
     نعتقد، الأجدر بالسلطة التشريعية أو التنفيذية عندما تقوم بتشريع أي قانون أن يتم عرض مسودة القانون على الجهات ذات العلاقة والجهات ذات الاختصاص بهدف أغناء وتطوير القانون، وعلى سبيل المثال(( قانون الخدمة الجامعية)) ينبغي أن يطرح هذا القانون على أساتذة الجامعات والكليات لأنهم أصحاب اختصاص ومعرفة، وسوف يدلي أعضاء الهيئة التدريسية بآرائهم وملاحظاتهم من اجل تطوير هذا القانون ومن خلال المعايشة والواقع الموضوعي الملموس، وبعد ذلك يتم إرجاع مشروع القانون للسلطة التشريعية  لمناقشته والتي في الغالب ستكون شكلية، لان أصحاب الاختصاص قد أدلوا بدلوهم وملاحظاتهم وبالتالي سوف يتم تشريع القانون وبشكل كامل وسليم وبما يخدم المسيرة التعليمية وأعضاء هيئة التدريس، ومن خلال هذه الطريقة أو الأسلوب سوف يتم تجنب تكرار دراسة هذا القانون على سبيل المثال.
     إن تشريع قانون الخدمة الجامعية، قد جرت عليه أكثر من مرة تعديلات من قبل السلطة التشريعية، ومما يؤسف له، إن كل تعديل يتم هو نقيض التعديل السابق او فيه الغموض والتناقض والتأويل والتفسير، مما يربك منفذ القانون ويلحق الأذى بأصحاب العلاقة من أعضاء هيئة التدريس، وهذا تم ويتم بسبب تفاقم واشتداد حدة الصراع السياسي في المجتمع بشكل عام وبين الأحزاب السياسية والكتل المتنفذة داخل البرلمان بشكل خاص، وهذه التعديلات على قانون الخدمة الجامعية لا تخلوا في شكلها ومضمونها من الانحياز لجهة معينة وبالضد من الجهة الأخرى، وهذا الطرح يحمل طابعاً سياسياً وإيديولوجيا ولا يمكن إن يكون غير ذلك.
تشير المادة(39) من مشروع قانون التقاعد الذي وافق عليه مجلس الوزراء في 4/9/2013- قانون التقاعد الموحد، إذ تبين هذه المادة من أولاً( تلغى كافة النصوص القانونية الواردة في التشريعات والأوامر التي تقرر للمتقاعدين أو المستحق حقوقاً تقاعدية( راتباً أو مكافأة) خلافاً لإحكام هذا القانون.
   النقطة ((8)) من المادة ((39)) تؤكد على إلغاء قانون الخدمة الجامعية رقم ((23)) لسنة 2008 المعدل؟!
   نعتقد، أن أهم الملاحظات على قانون الخدمة الجامعية رقم ((23)) لسنة 2008 التعديل الثاني هي الأتي:
أولاً: ينبغي التأكيد على بقاء قانون الخدمة الجامعية والالتزام به والعمل بموجبه على اعتبار انه قانون خاص بفئة معينة من المجتمع لها خصوصيتها الخاصة.
ثانياً: ينبغي التأكيد على احتساب الراتب التقاعدي لموظف الخدمة الجامعية ( التدريسي) على أساس 80% من إجمالي الراتب الاسمي وللسنة الأخيرة من راتبه.
ثالثاً: من الضروري إعطاء حق الاختيار للتدريسي في العمل وحسب رغبته وفي حالة تعذر ذلك ينبغي تحديد عمر التدريس بـ(75) سنة.
رابعاً: ينبغي احتساب مدة الفصل السياسي للتدريسيين العاملين في الجامعات والمعاهد العراقية والمشمولين بقانون إعادة المفصولين السياسيين رقم 24 لسنة 2005 واعتماداً على تاريخ الحصول على الشهادة العليا ( الماجستير والدكتوراه) كتاريخ لاحتساب الخدمة كخدمة جامعية.
خامساً: من الضروري احتساب مدة الخدمة الجامعية التي قضاها حامل الشهادة العليا في الجامعات والمؤسسات العلمية خارج العراق كخدمة جامعية عند تعينه في الجامعات والمعاهد العراقية مع تقديم الأدلة الثبوتية بخصوص ذلك.
سادساً: ينبغي عدم الأخذ بالمادة (11/5) من قانون الخدمة الجامعية رقم 23 لسنة 2008 والتي تؤكد(( لمن أعيد تعينه بعد 7/5/2012)) إن هذه المادة  تخلوا من الإنصاف والعدل القانوني والإنساني، وغياب للموضوعية العلمية.
سابعاً: إن المادة(11) تميز بين المدرس الدكتور ويتم إحالته على التقاعد عند إكماله سن 65 عاماً، أما الأستاذ والأستاذ المساعد يحال على التقاعد عند إكماله سن (70) عاماً، المقترح: يحال عضو هيئة التدريس المدرس الدكتور والأستاذ و الأستاذ المساعد عند إكماله سن 75 عاماً، علماً إن غالبية الجامعات العلمية العريقة لا تحدد سن التقاعد لعضو هيئة التدريس ولن تميز بينهما.
ثامنا: المادة (11/3) تنص (( يمنح موظف الخدمة الجامعية المحال على التقاعد بسب إكماله السن القانونية.... ومكافئة تعادل راتبه لمدة ستة أشهر أو سنة بمقياس الراتب الأخير من تاريخ الإحالة)).
التعديل
1-  في التشريعات القانونية الرصينة لا توجد كلمة أو، لان هذه الكلمة يمكن استخدامها من قبل الدوائر وبعض المسؤولين سلاحاً ذو حدين وأحيانا قاسية.
2- ((يمنح موظف الخدمة الجامعية ( التدريسي) والمحال على التقاعد مكافئة تعادل سنة بمقياس الراتب الأخير من تاريخ الإحالة...)).
تاسعاً: المادة (12) الفقرة أولاً تنص هذه المادة(( أذا أحيل إلى التقاعد بسبب إكماله السن القانونية وله خدمة تقاعدية لا تقل عن (25) سنة بضمنها خمس أو عشر سنوات خدمة جامعية في الأقل)).
التعديل
(( أذا أحيل إلى التقاعد بسبب إكماله السن القانونية.... بضمنها (5) سنوات كحد أدنى....)).
 
    وفي حالة عدم الاستجابة لهذه التعديلات من قبل السلطات التشريعية والتنفيذية فنقترح على رابطة التدريسيين وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات والمعاهد العراقية الأتي:
1- تقوم كل كلية أو معهد، والجامعة بتقديم مذكرة فيها الملاحظات والمقترحات المذكورة أو غيرها بهدف أغناء القانون وإبقاؤه كقانون خاص بفئة معينة، وتحمل هذه المذكرة اسم الكلية/ المعهد/ الجامعة، واسم عضو هيئة التدريس وتوقيعه، ويمكن أن يتم توحيد هذه القوائم على أساس الجامعات العراقية.
2- يتم تشكيل وفد من كل جامعة أو وفد يمثل الجامعات والمعاهد العراقية كافة يضم فيه كافة الأطياف السياسية بتسليم المذكرة إلى السيد رئيس البرلمان والسيد رئيس الوزراء والسيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي، بهدف شرح الموقف وبما يخدم عملية تطوير العملية التربوية، ومن اجل معالجة النواقص القانونية في قانون الخدمة الجامعية.
3- في حالة عدم الأخذ بهذه المقترحات والملاحظات الموضوعية، نقترح على جميع أعضاء الهيئة التدريسية في الكليات والمعاهد والجامعات العراقية بإعلان الاحتجاج السلمي من أجل تحقيق المطاليب المشروعة، وفي حالة عدم استجابة السلطات التشريعية والتنفيذية لهذه الملاحظات والمقترحات الموضوعية، ندعوا جميع أعضاء الهيئات التدريسية في الجامعات والمعاهد العراقية إلى إعلان الإضراب السلمي إلى حين تلبية وتنفيذ هذه المطاليب المشروعة التي تخدم العلم والتعليم وعضو هيئة التدريس في العراق.
   وهذا يتماشى مع الأسباب الموجبة لقانون الخدمة الجامعية رقم 23 لسنة 2008 والذي نص (( تثميناً للملاكات العلمية في بلدنا، ومن أجل توفير الفرص لدعم شريحة أعضاء الهيئة التدريسية وتشجيعهم على البحث العلمي والجودة العالية وبما يتلائم مع الحاجات الحقيقية للعاملين في المؤسسات التعليمية)).


20
دعوة ملحة
لوحدة الشيوعيين العراقيين في المرحلة الراهنة ضرورة موضوعية للنهوض بأعباء النضال الوطني والاممي
(بمناسبة الذكرى 80 عاماً لتأسيس الحزب الشيوعي العراق)
                                                               

بقلم
الدكتور نجم الدليمي

 
 
 
أولاً: احذروا خطر العدو الطبقي
واجهت الحرة الشيوعية العالمية ولا تزال تواجه اليوم عدواً طبقياً وشرساً متمثلا بقوى الثالوث العالمي وحلفاؤه على الصعيد الإقليمي والدولي، ويملك هذا العدو الطبقي أدوات سياسية واقتصادية ومالية وإعلامية ومخابراتية متمثلة بالمؤسسات المالية والاقتصادية الدولية، وبرأسمال مالي عالمي، وبالشركات المتعددة الجنسية وبوسائل إعلام عالمية وبأجهزة مخابرات عالمية وعلى رأسها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية(CIA).
     لقد كان الهدف الرئيس لهذه القوى السوداء هو العمل المستمر من اجل إضعاف واختراق وتفتيت الحركة الشيوعية العالمية كعدو رئيس وخصم إيديولوجي رقم واحد، متمثلا بالاتحاد السوفيتي وحلفاؤه في أوربا الشرقية...، ومما يؤسف له ((نجحت)) هذه القوى الغاشمة في تحقيق هدفها وتحت غطاء ما يسمى بالبيرويسترويكا، مشروع الحكومة العالمية السيئ الصيت، وبفعل الخيانة العظمى في قيادة الحزب الشيوعي السوفيتي وعلى رأسه الخائن ميخائيل غورباتشوف وفريقه المرتد تم تفكيك الاتحاد السوفيتي واختفاؤه من الساحة السياسية، واختفاء اكبر حزب شيوعي في العالم، واختفاء الجزء الهام من المعسكر الاشتراكي المتمثل بدول أوربا الشرقية، واختفاء حلف وارسو...، وانعكس هذا وغيره بشكل سلبي وكبير على الحركة الشيوعية العالمية.
     لقد((نجحت هذه القوى السوداء في أرباك وإضعاف وانقسام الحركة الشيوعية العالمية على الصعيدين الداخلي الخارجي، من خلال تأجيج الخلافات السياسية والإيديولوجية وحتى الشخصية بين قادة هذه الأحزاب وبشكل مفتعل، وتم تفتيت الحزب الشيوعي في الواحد في البلد الواحد إلى عدة أحزاب وفصائل شيوعية بدليل يوجد اليوم في رابطة الدول المستقلة( جمهوريات الاتحاد السوفيتي) أكثر من (40) حزباً شيوعياً!.
    من حق أي مخلص مبدئي سواء كان عضوا أم كان كادرا أم قيادياً في الحزب الشيوعي أن يطرح جملة من الأسئلة المبدئية والمشروعة ومنها على سبيل المثال: لمن ولمصلحة من يتم سيناريو التفتيت والتجزئة في الحركة الشيوعية العالمية؟ من المستفيد من ذلك؟ وما هو دور العامل الداخلي ومدى الالتزام بالثوابت المبدئية في الحياة الحزبية؟ وماهو دور الخصم الإيديولوجي داخلياً وخارجياً؟ هل غابت جميع الحلول والمعالجات لمعالجة هذا الخطر القاتل الذي يواجه الحركة الشيوعية العالمية؟ وهل ستبقى هذه الحالة على ما هو عليه اليوم بدون وقفة جادة؟
    يواجه بلدنا وشعبنا العراقي اليوم أوضاعاً صعبة وخطيرة واستثنائية وتشكل خطراً جدياً على وحدة العراق أرضاً وشعباً، وترجع هذه الإخطار إلى السياسات الخاطئة التي اتبعها النظام السابق، وان ما يعانيه بلدنا وشعبنا اليوم من إخطار حقيقية تهدد بأختفاؤه من الخارطة السياسية ما هو إلا نتيجة وإفراز حقيقي للنهج الخاطئ للنظام السابق، وفي الوقت نفسه يلاحظ إن النظام السياسي الجديد قد اغرق العراق أرضاً وشعباً بمشاكل لا تعد ولا تحصى، ولم يستطيع النظام الحاكم من إن يحقق الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي المطلوب، بل لعب سواء بشكل مباشر أو غير مباشر على تأجيج الصراع الطائفي/ القومي والسياسي، وقد افرز هذا الوضع الكارثي بصماته السلبية والمباشرة على تعقيد للوضع السياسي وتصعيد الاحتراب بين الأحزاب السياسية العراقية على أساس طائفي- قومي وليس على أساس صراع سياسي/ أيديولوجي نظيف وقد انعكس هذا الاحتراب سلباً على الأحزاب والفصائل الشيوعية في العراق.
    إن من اخطر نتائج سياسة الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق هو تكريس((مبدأ)) المحاصصة الطائفي- القومي سيء الصيت، ومنذ الاحتلال الأمريكي للعراق ولغاية اليوم، فأن هذا النهج الطائفي/ القومي قد أدخل الشعب والأحزاب السياسية وبمختلف اتجاهاتها الفكرية في دوامة من الصراع والفوضى وعدم الاستقرار ويشكل هذا النهج خطراً جدياً على وحدة العراق أرضا وشعباً، ناهيك عن إن هذا النهج يمكن إن يؤدي إلى إشعال حرب طائفية، حرب أهلية في العراق.
    وتلعب القوى الإقليمية والدولية بالرغم من تناقضاتها  المعلنة وغير المعلنة بعضها مع البعض الأخر، وتقوم هذه القوى وعبر أجندتها الخاصة بها على تأجيج وتصعيد وتيرة الاحتراب الطائفي/ القومي، ناهيك عن دورها في تفتيت الأحزاب السياسية ومنها أحزاب الإسلام السياسي والأحزاب القومية عربية كانت أم كردية والأحزاب والفصائل الشيوعية في العراق.
 
ثانياً: أهمية وضرورة وحدة الشيوعيين اليوم
    تواجه الأحزاب والفصائل الشيوعية في العراق أوضاعاً معقدة ومربكة في الميدان السياسي والفكري ارتباطا بتعقيد وانعكاس الوضع الداخلي في البلاد، وكما تواجه هذه الأحزاب والفصائل الشيوعية حالة من الضعف والإرباك التنظيمي والإيديولوجي وضعف الصلة بالجماهير الشعبية.... وفي حالة الاستمرار على هذه الحالة اللامنطقية، سوف يؤثر ذلك سلباً على دورها ومكانتها ووجودها ومستقبلها السياسي في العراق.
    أن الانقسامات والضعف الموجود داخل الحركة الشيوعية في العراق له عدة أسباب موضوعية وحقيقية ومنها: ضعف أو غياب الممارسة الديمقراطية الحقيقية داخل هذه الحركة، والابتعاد التدريجي عن النظرية الماركسية- اللينينية، وعدم التطبيق السليم للمبادئ اللينينية في حياة الحزب الداخلية، وينبغي الابتعاد والتخلي عن ظاهرة الغرور والتكبر والتعالي الموجود لدى بعض قيادات وفصائل الأحزاب الشيوعية، وكما ينبغي على هذه القيادات ان تشعر بدورها ومسؤوليتها التاريخية في وحدة الحركة الشيوعية العراقية، فالحزب الشيوعي حزباً طبقياً يدافع عن مصالح الطبقة العاملة وحلفائها من الفلاحين والمثقفين الثوريين، وليس حزباً لفئة أو جماعة أو شخص.
    إن الوحدة التنظيمية للحزب الشيوعي ينبغي ان تستند على الأسس اللينينية وهذا يساعد على تعزيز الوحدة الفكرية التي تقوم على أسس النظرية الماركسية- اللينينية، فالوحدة التنظيمية والفكرية على الأسس العلمية تشكل البوصلة الرئيسة والسليمة لنشاط وعمل أي حزب شيوعي.
     يشكل الصراع الفكري داخل أي حزب شيوعي أهمية كبرى في حياته الداخلية، ويعد ظاهرة سليمة وصحيحة وموضوعية وحتمية، وكما يشكل الصراع الفكري أسلوبا مهماً لتطوير عمل الحزب، ويبعد الحزب من ظاهرة الانقسامات والفوضى الفكرية، وبغياب الديمقراطية العلمية الموجه والمنظمة وذات المضمون الطبقي والصراع الفكري يساعد ذلك على ظهور التكتلات والانقسامات داخل الحزب والمستفيد الأول من ذلك هو خصم الحزب الإيديولوجي.
    إن الوحدة الإيديولوجية والتنظيمية للحزب الماركسي- اللينيني تقوم على أساس البرنامج والنظام الداخلي، وان التنظيم الثوري بلا فكر ثوري، ما هو ألا شكل من أشكال الثرثرة والهراء والدجل وفقدان الأصدقاء والأعضاء والجماهير... بالفكر والحزب، وهذا التنظيم يحول الطبقة العاملة وحلفائها من الفلاحين والمثقفين الثوريين  لإتباع وذيول تابعة للسلطة البرجوازية الحاكمة ويفقدها شرعيتها ومبدئيتها واستقلالها التنظيمي والسياسي والإيديولوجي.
أن وحدة الحركة الشيوعية على الصعيدين المحلي والعالمي يعد مطلباً مبدأ ومطلباً وطنياً واممياً هاماً ورئيساً غير قابل للتأجيل من اجل تعزيز دور ومكانة الحركة الشيوعية عالمياً  بشكل عام وتعزيز دور ومكانة الحزب الشيوعي محلياً بشكل خاص.
    أن الأعداء الطبقيين للحركة الشيوعية اليوم يوظفون كل ما لديهم من أموال وعقول وأعلام أصغر ومؤسسات بحثية ودعايات مفبركة وكاذبة وشراء ذمم والعمل على اختراق هذه الأحزاب وخاصة قياداتها الرئيسة بهدف إبقاء هذه الأحزاب ضعيفة ومربكة فكرياً وتنظيمياً، متصارعة ومتحاربة وغير قابلة في المجتمع، وزرع الشكوك بينها وبين الجماهير وبأساليب خبيثة وغير موضوعية وغيرها من الأساليب المظللة وغير شرعية، هذا هو الهدف الرئيس للأعداء والخصوم الطبقيين للفكر الماركسي- اللينيي
ثالثاً: لينين يقول- لينين يحذر
يقول فلاديمير لينين(( نحن نسير جماعة متراصة في طريق وعر وصعب، متكاتفين بقوة، يطوقنا الأعداء من كل الجهات، لقد اتحدنا بمليء أرادتنا، اتحدنا بغية مقارعة الأعداء بالذات، لا للوقوع في المستنقع المجاور.... اتحدنا في جماعة.... وفضلنا طريق النضال على طريق المهادنة....). وكما أشار لينين إلى مسألة غاية في الأهمية وهي( يجب علينا قبل ان نتحد، ولكي نتحد، أن نضع الحدود الفاصلة بصورة حازمة وقاطعة... وان الوحدة عمل عظيم وشعار عظيم، ولكن القضية العمالية بحاجة إلى وحدة ماركسيين، لا إلى وحدة ماركسيين مع أعداء الماركسية ومشوهيها، وان أساس الوحدة يكمن بالانضباط الطبقي للحزب)).
رابعاً: مبادئ وثوابت الوحدة الفكرية والسياسية
    نعتقد تملي علينا الضرورة الملحة اليوم وخاصة في ظل الظروف الصعبة التي تتطلب وحدة الأحزاب والفصائل الشيوعية العراقية، بحزب طبقي واحد موحد، وطني وثوري وأممي، وهذا ما كان يهدف إليه الرفيق فهد مؤسس الحزب الشيوعي العراقي، وكما نعتقد لا يوجد تعارض بين الوطنية والأممية، ولا بين الوطنية والشيوعية.
نعتقد إن أهم الأسس المبدئية لوحدة الشيوعيين العراقيين تكمن بالاتي:
أولاً: ينبغي الالتزام والاسترشاد بالنظرية الماركسية- اللينينية كدليل عمل للحزب، فالماركسية بدون اللينينية لا تتجاوب مع مصالح الطبقة العاملة وحلفائها، وفصل الماركسية عن اللينينية كما تفصل أو تقطع الرأس عن الجسد، وبنفس الوقت يعد ذلك نهجاً تحرفياً خطيراً يصب في مصلحة الامبريالية الأمريكية وحلفاؤها، وكما يجب العمل الجاد والتمسك بالوحدة الفكرية والتنظيمية للحزب وعلى أساس مبادئ النظرية الماركسية- اللينيينة، وينبغي المحاربة الجادة والمبدئية للعناصر الانتهازية والتحريفية والوصولية والنفعية داخل الحزب.
ثانياً: من الضروري النضال من اجل إقامة ديكتاتورية البروليتاريا- أي قيام سلطة الشعب الحقيقية والالتزام بمبدأ الأممية البروليتارية، وكما يتطلب الالتزام المبدئي والعلني الثابت بالهدف النهائي ألا وهو بناء المجتمع الاشتراكي، ويجب النضال وبلا هوادة ضد النظام الامبريالي العالمي بقيادة الامبريالية الأمريكية والذي  يعتبر العدو الطبقي رقم واحد، وان الصهيونية والامبريالية من حيث الجوهر والمبدأ هما وجهان لعملة واحدة، هدفهما المشترك هو إضعاف ثم تفتيت وتخريب الحركة الشيوعية العالمية على الصعيدين الداخلي والخارجي، وكما يتطلب أيضا وفي ظروف العراق اليوم هو النضال الثابت والمبدئي ضد النهج الطائفي/ القومي... الذي يدفع العراق أرضاً وشعباً نحو المجهول.
ثالثاً: يجب النضال وبكل أشكاله بالضد من نهج سياسات المؤسسات المالية والاقتصادية والتجارية الدولية، وفي مقدمتها صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية... إذ تهدف هذه المؤسسات الدولية التي تقودها الامبريالية الأمريكية إلى فرض نموذجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي المتوحش على الشعوب وبأساليب متعددة من اجل تطبيق وإتباع سياسة اقتصاد السوق الرأسمالي، وهذه السياسة قد أنتجت للشعوب البطالة والفقر والمجاعة والجهل والإمراض وتعمق الفجوة الاقتصادية والاجتماعية لمصلحة الطغمة الحاكمة وحلفاؤها من البيروقراطيين والطفيليين و المافيا، وكما يتطلب النضال الجاد من اجل أتباع وتطبيق نهج اقتصاد السوق الاشتراكي الذي يقضي على البطالة والفقر والمجاعة والجهل والإمراض.... ويحقق العدالة الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين قولاً وفعلاً.
رابعاً: ينبغي الالتزام بمبدأ المركزية الديمقراطية في نشاط وعمل الحياة الداخلية للحزب، وكما يتطلب العمل الجاد على تعزيز استقلالية الحزب التنظيمية والفكرية والسياسية، والعمل الهادف والمسؤول على التحرك نحو الأصدقاء والرفاق الحزبيين وبغض النظر عن موقفهم الحزبي ومعالجة مشاكلهم من اجل تصحيح القرارات الخاطئة التي اتخذت بحق الغالبية العظمى من الرفاق والأصدقاء سواء كانوا في الداخل أو في الخارج، لأن هولاء يشكلون الوزن الحقيقي والنوعي للحزب، وكما يتطلب العمل على احترام العادات والتقاليد والمشاعر الوطنية والقومية والدينية في المجتمع، وينبغي الالتزام المبدئي والثابت بالدفاع عن الوطن وصيانة استقلاله وسيادته الوطنية والعمل الجاد على وحدة العراق أرضاً وشعباً، وعدم تبني شعارات لا تتلائم والمرحلة التي نعيشها اليوم، إذ أدخلت هذه الشعارات اليوم العراق في مأزقاً ومفترق طرق وتهدد وحدة العراق أرضا وشعباً، وكما ينبغي الرفض المبدئي لأي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية للبلاد سواء كان ذلك من قبل جهات إقليمية أو دولية.
    إن وحدة الأحزاب والفصائل الشيوعية في العراق اليوم، تعد ضرورة ملحة ولا تقبل التأجيل أو المراوغة والتسويف، وينبغي إن يتم بناء هذه الوحدة على الأسس المذكورة وغيرها، فهي أسس مبدئية وسليمة وواضحة، وهي قابلة للحوار السياسي الهادف من اجل قيام حزب شيوعي واحد وموحد في العراق، وهذا ما أكد عليه الرفيق فهد مؤسس الحزب الشيوعي العراقي، هذا الحزب هو حزباً طليعياً يخدم مصالح وتطلعات الطبقة العاملة وحلفائها.
 
 
 
خامساً: هدف نبيل
إن تحقيق هذا الهدف النبيل سوف يساعد على ترسيخ دور ومكانة الحزب الشيوعي العراقي الواحد الموحد، وكذلك يساعد على تعزيز دور ومكانة وفاعلية الحركة الوطنية في العراق، وهذا سوف يساعد على تعزيز مكانة العراق إقليميا ودولياً ويحافظ على وحدة العراق أرضاً وشعباً.
    إن الإخلاص و النزاهة في العمل السياسي يعكس القوة المبدئية العالية في العمل الحزبي، أما الرياء والمراوغة واللا مبدئية والاستكبار على الآخرين يعني ذلك ضعف مبدئي وخدمة مجانية للعدو الطبقي وخيانة للفكر الماركسي- اللينيني. فالمهمة الرئيسة اليوم أمام أصدقاء وأعضاء وكوادر وقيادات الأحزاب والفصائل الشيوعية في العراق من إن يستيقظوا من السبات الطويل اللامشروع واللامبرر، وان يطالبوا ويناضلوا ويعملوا سوية من اجل قيام حزب شيوعي عراقي واحد موحد قولاً وفعلاً وعلى أسس مبدئية، حزب يعبر عن مصالح الطبقة العاملة العراقية وحلفائها، يعبر عن مصالح الشعب العراقي.
    إن وحدة الشيوعيين العراقيين اليوم تعد وتشكل شرطاً رئيساً وضامن لوحدة العراق، والتعاون والتنسيق المبدئي والفعال بين الحزب الشيوعي العراقي وبقية الأحزاب الوطنية العراقية بما فيها بعض أحزاب الإسلام السياسي المعتدل، يشكل كل ذلك أساساً متيناً لوحدة العراق وتبعده عن أخطار التفكك والتفتيت الذي قد يقوم على أساس طائفي/ قومي.
 
 
سادساً:صمود الحزب
عن حق إن حزب فهد- سلام عادل هو حزب الشهداء الإبطال، وحزب التضحيات الكبيرة، واليوم يحتفل الشيوعيون العراقيون وأصدقائهم بذكرى حزبهم المجيد الـ80 عاماً. إن هذه المسيرة البطولية التي عكست قمة النضال الفكري والسياسي- الاجتماعي المملوء بالتضحيات الجسام، فهو حقاً حزباً فريداً من نوعه في الحركة الشيوعية العالمية، وفي هذه المسيرة النضالية المشرقة تم إعدام مؤسس الحزب الرفيق الخالد فهد ورفاقه الإبطال، وبعد فترة تم اعدم السكرتير العام للحزب الرفيق والشهيد سلام عادل ورفاقه الأمجاد وغيرهم من الكوكبة البطولية من الأصدقاء والأعضاء والكوادر والقيادات الحزبية المناضلة والمبدئية، هذه النخبة الحزبية الصادقة والوطنية والتي ضحت بنفسها من اجل الوطن والحزب والمبادئ السامية، ومن اجل الطبقة العاملة وحلفائها، وان هذه التضحيات لازالت مستمرة، وان سر بقاء وديمومة الحزب ونضاله المشروع والعادل يعود بالدرجة الأولى إلى الالتزام بالثوابت المبدئية وفي مقدمتها الالتزام والدفاع عن النظرية الماركسية- اللينينية كمنهج ودليل عمل في حياته الداخلية.
    إن الحزب الشيوعي العراقي هو حزب المناضلين الثوريين والمخلصين، انه حزب الميادين والتضحيات فهو على طول نضاله السياسي الوطني المشروع واجه وبمواقف مبدئية جميع الأنظمة الرجعية والأنظمة الديكتاتورية والإرهاب الدولي الذي تقوده الامبريالية الأمريكية وحلفائها عبر اخطر مؤسسة إرهاب دولية ألا وهي وكالة المخابرات المركزية الأمريكية((CIA وجريمتها المعروفة بالانقلاب الأسود عام 1963 والتي ذهب ضحيتها 5000 شهيد شيوعي، وواقع الحال أكثر من ذلك بكثير ما هو إلا خير دليل على ذلك.
     منذ أواسط الستينات من القرن الماضي ولغاية اليوم أُدخلت ودخلت قيادة الحزب الشيوعي العراقي في مطبات سياسية وفكرية معقدة وخطيرة وغير صائبة وغير مدروسة بشكل جيد وكانت النتائج سلبية على الحزب، ومنها على سبيل المثال الخطأ في أسس ومبادئ قيام التحالفات، الجبهات السياسية الكثيرة ومنها(( الجبهة الوطنية في عام 1973، جبهة جود، جبهة جوقد، التحالف مع القائمة العراقية في الانتخابات البرلمانية....؟!.
    لقد كانت هذه التحالفات، الجبهات السياسية، تتم بفعل وضغط العوامل الخارجية والداخلية، وتمثل العامل الداخلي بضغط النظام السياسي الحاكم على الحزب، وبضغط أخر من بعض الأحزاب  القومية المتنفذة في حدودها الجغرافية الخاصة بها، إضافة إلى ذلك وهو الأهم والأخطر في العامل الداخلي إلا وهو إن قيادة الحزب لم تأخذ وتصغي إلى أراء وملاحظات القاعدة الحزبية حول أسس التحالفات السياسية التي تمت منذ أواسط السبعينات من القرن الماضي ولغاية اليوم، وهذه هي إحدى واخطر ما تميزت به قيادة الحزب منذ عام 1973 ولغاية اليوم، مما أدى هذا النهج الممنهج والمخطط من الابتعاد عن الثوابت المبدئية، وافرز هذا النهج إرباك وبلبلة سياسية وفكرية وتنظيمية... داخل الحزب، وكما انعكس ذلك على ضعف دور ومكانة الحزب وشعبيته داخل المجتمع العراقي بشكل عام وداخل صفوف الطبقة العاملة وحلفائها بشكل خاص، وهذا النهج شكل ويشكل اليوم ناقوس الخطر الجدي على الحزب الشيوعي العراقي.
     إن قيادة أي حزب شيوعي أو قيادة أي فصيل شيوعي لا تلتزم بهذه الدعوة المهمة ولا بالثوابت المبدئية والشرعية لهذه الدعوة، سوف تفقد مبدئيتها وشرعيتها وسوف ترتكب خيانة عظمى تجاه مصالح الطبقة العاملة وحلفائها من الفلاحين والمثقفين الثوريين، وعلى هذا الأساس تُملي الضرورة الموضوعية اليوم القيام بالإصلاح السياسي والتنظيمي للبيت الشيوعي العراقي الواحد والموحد داخلياً، وتتحمل قيادات هذه الأحزاب والفصائل الشيوعية العراقية هذه المهمة اليوم، والتي تعد مطلباً رئيساً وهدفاً سامياً وموقفاً مبدئياً من اجل بقاء الحزب الشيوعي العراقي حزباً واحداً موحداً وقوياً، وان قوة الحزب تنبع بالدرجة الأولى من الالتزام بالثوابت المبدئية، وهذه الثوابت تعد خطاً احمراً لا يمكن التنازل أو التخلي عنها أو تجزئتها أو تحريفها، لأنها تشكل قوة الحزب ومبدئيته وديمومته واستمرا يته في الحياة السياسية والحزبية.
سابعاً: من الرابح ومن الخاسر؟
    ينبغي على قيادة الحزب الشيوعي العراقي،وبناسبة الذكرى الثمانون لميلاد حزب الشهداء من إن يبادروا بالحوار الجاد والموضوعي والهادف مع قيادات الأحزاب والفصائل الشيوعية العراقية وكذلك مع القيادات والكوادر والأعضاء وحتى الأصدقاء المخلصين الذين ابعدوا وبقرارات خاطئة وغير مبدئية وغير ديمقراطية، وكذلك مع الذين ابتعدوا عن الحزب ولظروف وأسباب عديدة، فهولاء في اغلبهم يشكلون قوة جماهيرية للحزب، فوحدة الحزب وعلى أسس مبدئية هي هدف مهم لا يعلوه أي هدف أخر، ويعد تحقيق هذه المهمة واجب وطني ومبدئي، ومسؤولية فردية وجماعية في آن واحد، وتتحمل القيادات والكوادر والأعضاء والأصدقاء المسؤولية الفردية والجماعية في آن وحد.
    إن الهدف الرئيس من هذا الجهد الكبير ينبغي ان يصب في توحيد الجهد السياسي والتنظيمي والفكري ووفق الأسس المبدئية وبعيدا عن المجاملات والإقصاء والتعالي والتكبر على الأخر، من اجل ظهور حزب شيوعي عراقي واحداً وقوياً، حزباً جماهيرياً، حزباً واحداً للطبقة العاملة العراقية وحلفائها، وان يصبح هذا الحزب إحدى أهم القوى السياسية الرئيسة في البلاد والنواة القوية الجامعة للأحزاب الوطنية والتقدمية بهدف بناء المجتمع الاشتراكي، مجتمع الرفاهية، والعدالة الاجتماعية، مجتمع ديمقراطي يضمن ويحقق الإخاء والأمان للشعب العراقي، مجتمع رفض وعابر للطائفية السياسية والقومية... مجتمع رافض للمحاصصة السياسية والقومية المقيتة.
   إن الانفتاح المسؤول من قبل قيادة الحزب الشيوعي العراقي على الأحزاب والفصائل الشيوعية العراقية، لا يعد ضعفاً للقيادة أو الحزب، بل يعد قوة للحزب والفكر وشعور بالمسؤولية المبدئية والتاريخية، وان معالجة الأخطاء والقرارات التنظيمية غير الصائبة وغير الموضوعية والتي اتخذت بحق عدد غير قليل من القياديين والكوادر والأعضاء  وحتى الاصدقاء سواء كان ذلك في داخل العراق أو في الخارج، تعد مهمة ملحة وضرورة مبدئية اليوم، لان هولاء الرفاق والأصدقاء كانوا ولا يزالون يشكلون القوة والسند الرئيس للحزب، وان الغالبية من هولاء الرفاق كان لهم دوراً مشرفاً في حقبة النضال السري عبر الأنظمة السياسية المختلفة وخاصة ضد النظام الديكتاتوري البائد، ودورهم النضالي اليوم بالضد من نظام المحاصصة السياسي والطائفي والقومين ومن اجل تحقيق مجتمع عراقي ديمقراطي واحد موحد.
     ينبغي على قيادة الحزب من إن تكون قوة جذب واستقطاب حقيقية لهولاء الرفاق والأصدقاء المخلصين والمبدئيين الذين حافظوا ولا يزالون يحافظون ويدافعون عن الحزب ومبادئه وهويته الطبقية. وعن النظرية العلمية(( النظرية الماركسية اللينينية))، وان تكون هذه القيادة( المقصود بعض القياديين المتنفذين في قيادة الحزب) قوة طرد وإبعاد لهولاء الرفاق والأصدقاء كانوا ولا يزالون يشكلون القوة والسند الرئيس للحزب، ومن اجل الاستفادة من هذه القوة الحقيقية(( المجمدة)) يتطلب من قيادة الحزب وقفة جادة ومبدئية وان تشعر بمسؤوليتها التاريخية تجاه الحزب والطبقة العاملة العراقية، وهذا يتطلب تشكيل لجنة حزبية مبدئية ومخلصة من قيادة الحزب وان تحضى باحترام وتقدير هولاء الرفاق لبحث مشاكلهم التنظيمية والفكرية... والعمل على المعالجة الجذرية والجادة للأخطاء والقرارات غير الصائبة التي اتخذت بالضد من هولاء الرفاق وعبر فترات زمنية مختلفة.
   إن انجاز ما تم ذكره أعلاه يعد قوة جديدة للحزب والرابح الرئيس هو الشعب العراقي بشكل عام والطبقة العاملة العراقية وحلفائها بشكل خاص، وبهذا يصبح حزب الشهداء حزباً قوياً وطليعياً للطبقة العاملة ومدافعاً أميناً عن مصالحها ومصالح حلفائها، أما في حالة عدم تحقيق هذه الدعوة الهامة فمن نتائجها السلبية هي إضعاف دور ومكانة الحزب والفكر في المجتمع العراقي وسيكون الرابح الرئيس من كل ذلك هو الخصم الإيديولوجي/ الطبقي للحزب.
 
ثامناً: دعوة ملحة
     إن القيادة التي قادت الحزب الشيوعي العراقي منذ أواسط الستينات من القرن الماضي ولغاية اليوم هي التي تتحمل المسؤولية الكاملة لما وصل إليه حزب الشهداء من وضعاً  غير طبيعياً وغير منطقياً والذي شمل جميع مرافق النضال المشروعة سواء في الميدان الفكري والتنظيمي والجماهيري وغيرها من الميادين الأخرى، وعلى القيادة الحالية للحزب ان تتحمل مسؤوليتها التاريخية والمبدئية بهدف معالجة الظواهر غير السليمة وغير الطبيعية معالجة جذرية وصائبة، لان هذه الظواهر تنخر في جسم الحزب، وان تستفيد من الإرث النضالي للحزب والحركة الشيوعية العربية والعالمية وبما يخدم وحدة الحزب وبقاؤه والدفاع المبدئي عنه والالتزام بنظريته وفكره الثوري الفكر الماركسي- اللينيني، كدليل ومرشد عمل في حياة الحزب الداخلية.
    من المؤسف حقاً، وبعد ثمانية عقود من النضال المشروع والبطولي إن يصل حزب الشهداء إلى ما هو عليه اليوم في حالة غير طبيعية هذا من جهة، وان نجد ما يقارب من عشرة أحزاب وفصائل شيوعية عراقية متناحرة ومتصارعة بعضها مع البعض الأخر من جهة أخرى، نطرح سؤال مشروع وهو: لمن ولمصلحة من يجري كل ذلك؟!.
    إن هذا الوضع المأساوي الذي تعيشه جميع الأحزاب والفصائل الشيوعية العراقية ينبغي إن لا يستمر طويلاً، ويتطلب وقفة جادة من قبل جميع قيادات وكوادر وأعضاء هذه الأحزاب والفصائل الشيوعية، وان يعملوا جميعاً وبغض النظر عن الموقع الحزبي الذي هو فيه من اجل إيجاد معالجة جذرية ومبدئية لجميع الحالات والأوضاع الشاذة والغريبة على الحزب ولما فيه خدمة للشعب والحزب الواحد الموحد.
    إن هذه الدعوة الملحة اليوم، وغير قابلة من حيث المبدأ للتأجيل أو التسويق أو التبرير اللاعلمي وتحت أي مصوغ كان، فهي- كما نعتقد- مهمة وطنية ومبدئية وأممية في شكلها ومضمونها، وبمناسبة الذكرى الثمانون لتأسيس حزب فهد-سلام عادل، ندعوا كافة القيادات والكوادر والأعضاء والأصدقاء المخلصين في أحزابهم إن يلعبوا دورهم التاريخي والمبدئي من اجل تحقيق هذا الهدف النبيل، ألا وهو وحدة الأحزاب والفصائل الشيوعية العراقية في حزب واحد، لان هذا الهدف النبيل هو هدفاً لا يعلوا عليه أي هدف أخر، وينبغي إن يشكل هذا الهدف الحلقة المركزية في نضال جميع الشيوعيين المخلصين اليوم.
ينبغي على هذه القيادات والكوادر والأعضاء والأصدقاء المخلصين إن يدركوا حقيقة موضوعية وهي إن الرأسمالية كتشكيلة اقتصادية- اجتماعية لا مستقبل لها، وهذه هي حتمية وسن التطور للمجتمع البشري هذا أولا، وكما يجب إدراك حقيقة أخرى وهي إن أحزاب الإسلام السياسي قد فشلن في إدارة الحكم ووصلت إلى طريق مسدود، وهذا ما أثبتته الحياة وبالدليل القاطع والملموس والمتمثل بما يسمى بالربيع العربي الإسلامي- الأمريكي، والمشروع العالمي لإخوان المسلمين قد فشل أيضا، والسبب الرئيس يعود إلى إن أحزاب الإسلام السياسي بما فيهم حزب إخوان المسلمين، فهم يشكلون من الناحية الإيديولوجية والاقتصادية... جزءاً من الفكر والإيديولوجية الرأسمالية في الغرب الرأسمالي، وكما يلاحظ أيضاً إن هذه الأحزاب ليس لديها رؤية علمية واضحة ولا برامج سياسية واقتصادية- اجتماعية واضحة المعالم والأهداف من اجل خدمة الشعوب، وان مواقفها وبرامجها تتناغم وتغازل النظام الامبريالي العالمي، فهي تشكل طرفاً من الناحية الإيديولوجية للمركز الامبريالي العالمي الغارق في أزماته السياسية والفكرية والاقتصادية- الاجتماعية وحتى الأخلاقية، فلا مستقبل لهذا النظام غير العادل، ولا مستقبل لمشروع الإخوان المسلمين، وعليه فان فرصة الأحزاب الشيوعية والقوى القومية والتقدمية الديمقراطية من إن تتوحد وتكون البديل السياسي والحقيقي في تشكيل الأنظمة السياسية من اجل خدمة الشعوب.
 
تاسعاً: الحزب الجماهيري- ضرورة ملحة
    إن القاعدة المعروفة للجميع وهي إن الأحزاب الشيوعية كانت ولا تزال تشكل أحزابا جماهيرية لأنها تعبر عن مصالح الغالبية العظمى من المواطنين، أي تعبر عن مصالح الطبقة العاملة والفلاحين والمثقفين الثوريين. إن الزلزال الكبير الذي حدث في عام 1991، قد ترك اثأرا سلبية على معظم الأحزاب الشيوعية العالمية، وهذه حقيقة موضوعية يجب الاعتراف بها ولا يمكن إنكارها، إلا إن بعض القيادات والكوادر الحزبية في بعض الأحزاب الشيوعية قد اهتزت قناعتهم وإيمانهم بالفكر والنظام الاشتراكي بسبب ما حدث في الاتحاد السوفيتي ودول أوربا الشرقية، والسبب الرئيس-كما نعتقد- يعود إلى إن هولاء الرفاق لم تكن لديهم قناعات راسخة وفهم وإدراك علمي لا للفكر ولا للنظرية ولا للنظام بدليل إن قسماً منهم قد ترك النضال السياسي، أي هجر العمل السياسي بالكامل، والقسم الأخر قد تحول إلى عدواً شرساً وأصبح خصماً سياسياً وإيديولوجيا للفكر الاشتراكي وللحزب الشيوعي وانضم إلى أحزاب هو لا يؤمن بها ولكن لديه أهداف محددة وفي الغالب طموحات خاصة، والبعض الأخر قد انتقل للتجارة والبز نس السياسي... وللهو والراحة، ولكن هولاء جميعاً لم يشكلوا الغالبية في أحزابهم الشيوعية، بل شكلوا أقلية صفراء معادية لأحزابهم الشيوعية.
     يجب على القيادات والكوادر والأعضاء المخلصين من إن يدركوا حقيقة موضوعية وهي إن الاشتراكية كنظام غير مذنب فيما حدث، وان الشيوعية لم تمت، لأنها لم تطبق أصلا، وان النظرية الماركسية- اللينينة لم تفشل، بدليل هذا النظام وهذه النظرية عندما ظهرت له قيادة سياسية مخلصة وكفوءة ومبدعة لفكرها ونظريتها استطاعت إن تحول روسيا من بلد المحراث الخشبي إلى دولة صناعية متطورة، دولة نووية وذرية، دولة أصبحت قطباً رئيساً في العالم استطاع إن يخلق توازناً لصالح المجتمع البشري لأكثر من أربعة عقود، وتم القضاء وبشكل نهائي على البطالة والأمية والجهل والإمراض وضمن هذا النظام مجانية التعليم والعلاج والسكن، وكما ضمن حق العمل دستورياً للمواطن وضمن أمنه ورفاهيته، أي تم تحويل وتحقيق الأهداف من النظرية إلى التطبيق الفعلي والملموس لصالح الإنسان وخدمته، وعليه فالخطأ ليس في النظام ولا في النظرية، بل المسألة تكمن في القيادة السياسية الحاكمة ومدى فهمها وتطبيقها المبدع للنظرية.
    أن السبب الرئيس في حدوث هذا الزلزال الكبير يعود إلى عوامل داخلية، تمثلت بالخيانة العظمى في قيادة الحزب الشيوعي السوفيتي متمثلة بغارباتشوف وفريقه المرتد، والتحالف الوثيق بين قوى الثورة المضادة التي نشطت وفسح لها المجال في النشاط العلني خلال الفترة 1985-1991، ولعبت العناصر غير الروسية في قيادة الحزب الحاكم دوراً كبيراً في قيادة وتوجيه قوى الثورة المضادة، لأنها استخدمت(( حصانتها)) الحزبية والبرلمانية في عملها وتحركاتها السياسية والفكرية مع قوى الثورة المضادة خلال فترة حكم الرئيس المرتد غورباتشوف وفريقه، وكما تحالفت قوى الثورة المضادة مع قوى اقتصاد الظل الإرهابية، وأصبح قوة القرار السياسي والاقتصادي في يد قوى الثورة المضادة وحلفاؤها، إضافة إلى ضعف تطبيق الديمقراطية الشعبية سواء داخل الحزب أو في المجتمع، تأليه وتجميد النظرية، وتفشي البيروقراطية الحزبية والإدارية في جهاز الحزب وجهاز الدولة الإداري وغيرها من العوامل الأخرى، أما العوامل الخارجية، فقد لعب الغرب الامبريالي بقيادة الامبريالية الأمريكية دوراً كبيراً في عملية الزلزال الكبير وتقويض الدولة العظمى، وكما لعبت وتحالفت كل من واشنطن وباريس وبون وتل أبيب... دوراً هاماً في عملية تفكيك دولة الاتحاد السوفيتي، وفي الوقت نفسه لعبت المؤسسات الدولية والمتمثلة بصندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية وأجهزة المخابرات الغربية وخاصة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية دوراً هماً وبالتنسيق والتعاون مع غورباتشوف وجماعته الخائنة. إن كل ذلك وغيره قد ترك اثأرا سلبية على مجمل سياسات ونشاطات الغالبية العظمى من الأحزاب الشيوعية العالمية، مما أدى ذلك إلى إضعاف دورها ومكانتها بين الجماهير ولفترة زمنية غير قصيرة، وكما لعبت ماكنة الإعلام الغربية- الامبريالية وخاصة أعلام الامبريالية الأمريكية دوراً كبيراً في تشويه الحقائق، لأنه أعلام غير صادق وغير نظيف ومزور ومزيف للحقائق الموضوعية، فهو أعلام غير ديمقراطي ومنحاز لصالح الطغمة المالية الحاكمة في الغرب الامبريالي.
  إن قيام حزب جماهيري حقيقي ينبغي إن تتوفر له شروط ومن  هامها الأتي:
1- يطلب وجود قيادة سياسية كفوءة ومخلصة مؤمنة بفكرها الثوري قولاً وفعلاً، وان تكون أنموذجا يحتذى بها في كل شيء.
2- وجود وحدة تنظيمية وفكرية تستند على نظرية علمية وهي النظرية الماركسية- اللينينة.
3- يتطلب من القيادات والكوادر الحزبية والأعضاء النزول إلى الشارع ومخاطبة الجماهير بلغتهم وبشكل مباشر وتبني مشاكلهم والدفاع عنهم وبالطرق الممكنة والمتاحة.
4- التحول السريع من فكرة (( الموظف)) الشيوعي الجالس في المقرات ولساعات طويلة إلى مناضل شيوعي حقيقي كما حدث في حياة الحزب منذ تأسيسه حتى عام 1973.
5- العمل الجاد على تغيير نهج ومحتوى وسياسة جريدة الحزب ومجلته، فالجريدة والمجلة لا تعكس الجدية السياسية والفكرية، باعتبارهما أعلام حزبي ملتزم يدافع عن الفكر الاشتراكي والنظرية الماركسية- اللينينة، وان يتم نشر هذا الفكر العلمي بين أوساط العمال والفلاحين والطلبة والشبيبة والمرأة...
6- من الضروري وضع خطة منتظمة ومستمرة لإعداد الكادر الحزبي من خلال فتح الدورات الحزبية المركزية وفي كل محافظة حسب الإمكانية واختيار الكوادر الشابة لهذه الدورات، وان تكون مواد التدريس تعتمد بالدرجة الأساس على مصادر الماركسية وهي الاقتصاد السياسي والشيوعية والفلسفة الماركسية- اللينينية والتجارب الغنية للحركة الشيوعية العربية والعالمية، إضافة إلى مواد أخرى تخص الاقتصاد العراقي، التحالفات...
7- العمل الجاد والحقيقي والنشيط بين صفوف العمال والفلاحين والطلبة والشبيبة والمرأة والمنظمات المهنية، لان هذه الميادين هي التي تشكل القوة الرئيسة للحزب ورفده بالأعضاء النشطين وتحوله إلى حزب جماهيري، وكما تشكل هذه الجماهير القاعدة الطبقية للحزب، وكما ينبغي الابتعاد عن الروتين والبيروقراطية الإدارية- الحزبية القاتلة للحزب، وعدم الجلوس في المقرات الحزبية على أمل إن الجماهير تأتي إليها، بل ترك المقرات والاتصال بالجماهير مباشرة والتفاعل معها ومعرفة مشاكلها وهمومها، ودفع وقيادة الجماهير من اجل مطالبة الحكومة لحل مشاكل الجماهير.
   إن ما موجود اليوم من نشاط للحزب هو ضعيف وغير مرضي إن لم نقل يسير نحو الاحتضار، ومن هنا ينشأ الخطر على الحزب، وهذه هي حقيقة موضوعية، وهي مرة وقد لا يتقبلها البعض، ولكن نقول ذلك من واقع الحرص والشعور بالمسؤولية، إننا نعيش الواقع وننطلق منه بشكل واعي وموضوعي وملموس.
8-يجب العمل الفعال من اجل القيام بتأسيس محطة تلفزيونية فضائية خاصة بالحزب، ومن خلال وجود معلومة مؤكدة قالها لنا احد القياديين في الحزب بوجود إمكانية مادية لهذه الفضائية، والبعض الأخر حدد موعداً للقيام بهذا العمل...، فهذا شيء يفرح حقاً، ألا إن التنفيذ بهذا المشروع لم يتم! لماذا؟.
     إن تحقيق هذا الهدف يتطلب القيام بدراسة علمية وفنية ومعرفة الجدوى الاقتصادية والإمكانيات المادية والبشرية، كل ذلك وغيره يساعد الحزب على معرفة الكلفة الحقيقية للمحطة التلفزيونية، وفي حالة ((تعذر)) الإمكانية المادية، يمكن اللجوء إلى حملة اكتساب مالية على الرفاق والأصدقاء في الداخل والخارج آو جمع تبرعات مالية من الرفاق والأصدقاء من داخل العراق وخارجه أو اعتبار هذه المحطة التلفزيونية(( شركة)) مساهمة وبعد معرفة كلفتها الحقيقية وطرح الأسهم بعد تحديد قيمة السهم والسماح للرفاق والأصدقاء بشراء الأسهم وبحرية ووفقاً للإمكانية المادية لكل رفيق وصديق.
    إن تحقيق هذا المشروع على أرض الواقع يجب على المحطة الفضائية إن تلتزم بالنهج الوطني والفكري للحزب، وان يتميز نشاطها وعملها بالموضوعية الهادفة والمنحازة للفقراء وان لا تجامل في عملها لا الحكومة ولا حلفائها.
    إن هذا المقترح سوف يصب في مصلحة الحزب أولا وأخيرا، ولكن لدينا هواجس وقلق من إن هذا المقترح لا يجد طريقه للتطبيق، وقد لا يأخذ بمأخذ الجدية أو حتى رفض هذا المقترح من قبل قيادة الحزب وتحت مبررات عديدة وفي مقدمة هذه المبررات هي (( غياب)) الإمكانية المادية للحزب؟!.
    نعتقد هناك ثلاثة احتمالات تواجه هذا المقترح وهي:-
الاحتمال الأول: في حال القيام بتأسيس هذه المحطة التلفزيونية-ونتمنى ذلك- وان تلتزم هذه المحطة ببرنامج الحزب الوطني والإيديولوجي الواضح والهادف والسليم، فسوف يتم كسب ثقة الجماهير الحزبية وغير الحزبية لصالح الحزب، وسوف يتحول الحزب إلى قوة جماهيرية كبيرة، فاعلة ومؤثرة على الساحة السياسية العراقية، قوة يحسب لها حساب هذا من جهة، وان هذا النهج الوطني سوف يثير غضب وحساسية النظام الحاكم وغالبية أحزابه السياسية وحلفاؤهم، ومن هنا ينشأ الصراع السياسي والإيديولوجي ذو المضمون السلمي والديمقراطي، وهذا الصراع لا يتعارض مع القانون الرئيس للدولة، فحرية الإعلام مكفولة دستورياً، فالحزب وجماهيره هم الرابحون.
 
الاحتمال الثاني:- في حال قيام هذه الفضائية، وان عملها ونشاطها وبرنامجها السياسي والإيديولوجي والثقافي والاقتصادي- الاجتماعي لم يكن بالمستوى المطلوب، وعدم تبنيها وبشكل جدي لهموم ومشاكل الكادحين من العمال الفلاحين....، ولم تكن محطة تلفزيونية ملتزمة بالثوابت المبدئية للحزب كما هو مطلوب، أي إتباع نهج سياسة المراوس مثلاً، فان هذا النهج سوف يثير ويزعج رفاق وأصدقاء الحزب وبالتالي سوف يضعف الثقة بالفكر والحزب وبقيادته، ومن هنا ينبع الخطر الجدي على الحزب. أما المستفيد من هذا النهج هم خصوم الحزب الإيديولوجيون والسياسيون، لأن من مصلحتهم وهدفهم الرئيس هو ان يكون الحزب الشيوعي العراقي حزباً غير فاعلاً وغير جماهيرياً وهذا ما تريده في الواقع غالبية الأحزاب السياسية العراقية وحلفاؤهم.
 
الاحتمال الثالث:- لا يستبعد من إن تتخذ قيادة الحزب قراراً-كما نعتقد- تدعي به بعدم وجود أمكانية لتأسيس محطة تلفزيونية محلية كانت أم فضائية بسبب غياب الإمكانية المادية للحزب، ومن خلال هذا القرار والموقف يمكن إقناع أعضاء وأصدقاء الحزب بهذا الموقف، وفي الوقت نفسه يتم الابتعاد عن المواجه أو إزعاج النظام الحاكم وحلفاؤه، أي يمكن القول إن يتم مسك العصا من الوسط، وهذا إن تحقق فهو يعكس موقفاً غير صائباً وغير مبدئياً، فالصراع السياسي الطبقي هو قانون موضوعي وحتمي لا يمكن لأحد إنكاره.
    إن الهدف الرئيس من تأسيس المحطة التلفزيونية هو نشر الفكر والوعي الاشتراكي العلمي بين الجماهير وخاصة بين العمال والفلاحين... والعمل على كسب الجماهير وبشكل واع للحزب والدفاع عن مصالح الطبقة العاملة العراقية وحلفائها من الفلاحين والمثقفين الثوريين ويجب إن يكون أعلام الحزب جريدة، مجلة، محطة تلفزيونية مكمل بعضهم للبعض الأخر ووفق رؤية وإستراتيجية إعلامية واحدة، ومن خلال كل ذلك وغيره، يمكن إن يتحول حزب الشهداء، حزب فهد-سلام عادل إلى حزب جماهيري فاعل ومؤثر في الوضع المحلي والعربي، ومما يؤسف له، إن بعض(( الرفاق)) وفي جلساتهم الخاصة يصرحون(( نحن لا نريد حزب جماهيري))؟! فهل هذا صحيح؟ ولماذا؟
8- إن يضع الحزب الواحد والموحد مشروعاً أو رؤية إستراتيجية، الهدف هو ان يتحول الحزب إلى قوة فاعلة ومؤثرة في الميدان السياسي وهدفه الرئيس هو وصوله الشرعي للسلطتين التشريعية والتنفيذية بوزن حقيقي وفاعل ومؤثر وان يحقق تطلعات وأماني الطبقة العاملة وحلفائها، ويمكن تحقيق ذلك من خلال ما تم ذكره أعلاه، وان تحقيق هذا الهدف المشروع يتم عبر الطرق الشرعية والديمقراطية وببرنامج الحد الأدنى للفترة 2014-2021، أي برنامج لمدة ثمانية سنوات، وببرنامج الحد الأعلى وهو للفترة 2014-2025، أي ببرنامج لمدة 12 سنة قادمة، هذه الرؤية الإستراتيجية ممكنة التحقيق أذا توافرت الإرادة والقوة والرغبة الحقيقية والشعور بالمسؤولية التاريخية ووضع مصلحة الحزب فوق كل لمصالح الضيقة لدى قيادات وكوادر وأعضاء وأصدقاء الأحزاب والفصائل الشيوعية من اجل التوحد في حزب واحد بأسرع وقت خدمة للفكر وللحزب وللطبقة العاملة العراقية وحلفائها.
عاشراً:- وصايا لينين... ولمن المستقبل:
    يجب على المخلصين من الشيوعيين أن يتذكروا وصية قائد البروليتاريا العالمية فلاديمير لينين(( إن الأحزاب الثرية التي فنيت حتى ألان، فنيت لأنها أصيبت بالغرور، ولم تستطع إن ترى أين تكمن قوتها، وخافت من التحدث عن نقاط ضعفها، أما نحن فلن نفنى، لأننا لا نخاف من التحدث عن نقاط ضعفنا وسنتعلم كيف يمكن التغلب على نقاط الضعف... إن الإخلاص والنزاهة في السياسة ما هي ألا نتيجة للقوة، أما الرياء فهو نتيجة للضعف)).
    وكما أكد لينين(( في السياسة لا يوجد فرق بين الخيانة بسبب الغباء أو بشكل متعمد ومحسوب)).
    إن الحتمية التاريخية وتطور المجتمع البشري تؤكد حقيقة موضوعية وهي إن المستقبل هو لحزب الطبقة العاملة، الذي يستند في عمله ونشاطه على نظريته العلمية والثورية، وهي النظرية الماركسية- اللينينية، ولا يمكن فصل أو تجزئة هذه النظرية العلمية، فأن حدث فهو يعد خيانة عظمى وتخريف يصب لصالح الطغمة المالية الحاكمة في الغرب الامبريالي وحلفائها في الإطراف الأخرى.
    إن المستقبل للشعوب الطامحة لبناء مجتمعها العادل المجتمع اللاطبقي وهذه هي سنة وتطور الحياة الحتمي، إن تحقيق هذا الهدف السامي والنبيل يتم من خلال وحدة الأحزاب الشيوعية على صعيد كل بلد وعلى الصعيد الإقليمي والعالمي، والمبنية على أساس الفكر الماركسي اللينيني، والالتزام بالثوابت المبدئية،فالشيوعية هي الخيار وهي مستقبل الشعوب، وهي تشكل النهاية الحقيقية لتاريخ المجتمع البشري.
    هذه هي الحقيقة، فالحقيقة مرة، ويجب الاعتراف بها، والحقيقة ثورية بطبيعتها، ويجب أن تؤمن بها، فقيادة أي حزب أو فصيل شيوعي، يتم رفض هذه الدعوة من حيث المبدأ فيعد ذلك خيانة للفكر والمبدأ والحزب، وستتحمل المسؤولية التاريخية عن هذا الموقف السلبي وما سيحصل في المستقبل.
    أن التاريخ والأجيال الثورية القادمة ستحاسب كل من يقف ويعرقل تطبيق هذه الدعوة الهامة والملحة اليوم.
 
         
                                               بغداد
                                              اذار- 2014


21
دور الرقابة الشعبية على الأداء الحكومي في الميدان السياسي والاقتصادي – الاجتماعي

                                                                                                                    د. نجم الدليمي
المقدمة
يتحدد دور وهدف الرقابة الشعبية بطبيعة النظام الحاكم ولا يمكن إن يكون دورها خارج إطار النظام القائم، فالرقابة الشعبية في شكلها ومضمونها تحمل طابعاً سياسياً وإيديولوجيا.
تم تناول دور الرقابة الشعبية في الميدان السياسي وأثرها على مستقبل الاقتصاد العراقي والمهام التي تواجه الحكومة ودور الرقابة في محاربة الفساد، كما تم التطرق إلى أنواع وأهداف الرقابة الشعبية والعوامل الرئيسة لنجاح الأداء الحكومي.
أولا: دور الرقابة الشعبية في معالجة المشكلات السياسية والاقتصادية- الاجتماعية:
يتميز واقع العراق السياسي غاية في التعقيد والتأزم، يرافق ذلك غياب/ ضعف دور الرقابة الشعبية على الأداء الحكومي ويعود السبب الرئيس إلى غياب التشريعات القانونية وضعف الوعي السياسي. إن أهم المشاكل التي تواجه تفعيل الدور الرقابي للجماهير هو غياب او ضعف الثقة بين الأحزاب السياسية وخاصة بين قياداتها السياسية وغياب الرؤى المشتركة حول مستقل العراق وازدواجية المعايير وتكريس نهج المحاصصة السياسي والطائفي.                                                                                                                   
يوجد تياران سياسيان رئيسيان ومتصارعان حول مستقبل الاقتصاد والمجتمع العراقي ويحمل هذا الصراع طابعاً إيديولوجيا وسياسياً واقتصادياً فالتيار الأول يمثل القوى الديمقراطية واليسارية ويؤكد أصحاب هذا التيار على حتمية وموضوعية الإصلاح الاقتصادي ولكن بشرط إن يحمل طابعاً اجتماعياً وإنسانيا وان يكون في خدمة الشعب وليس في خدمة النخبة الحاكمة ويقر بتعدد الأنماط الاقتصادية، إما التيار الثاني، وهو يمثل غالبية الأحزاب السياسية المتنفذة في الحكم وبتبني المنهج الاقتصادي الليبرالي، ويؤكد على ضرورة الانتقال إلى اقتصاد السوق من خلال تطبيق وصفة صندوق النقد والبنك الدوليين ويكمن جوهر الوصفة في ليبرالية التجارة وليبرالية الأسعار وتنفيذ برنامج الخصخصة والعمل على أضعاف، ثم إبعاد دور الدولة، والعمل على تعزيز دور ومكانة القطاع الخاص الرأسمالي.
نعتقد إن حسم هذا الصراع الدائر بين التيارين يكمن بالرجوع إلى الشعب ومن خلال الاستفتاء الشعبي الحر والديمقراطي وهذا هو جوهر الديمقراطية الشعبية التي تساعد على تحديد وجهة التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي اللاحق للاقتصاد والمجتمع العراقي.
إن من أهم التحديات التي تواجه الأداء الحكومي والبرلمان هي التدهور المستمر للقطاعات الإنتاجية وخاصة القطاع الزراعي والقطاع الصناعي، وتنامي معدلات البطالة والفقر وتدني المستوى ألمعاشي للغالبية العظمى وخاصة أصحاب الدخول المحدودة وتنامي وتفشي ظاهرة الفساد السياسي والمالي والإداري والتدهور السريع والخطير للرعاية الصحية ولقطاع التربية والتعليم العالي، وتفاقم مشكلة الخدمات وفي مقدمتها مشكلة الكهرباء والماء الصالح للشرب، وتنامي ظاهرة اجتماعية خطيرة في مجتمع شرقي إلا وهي الأرامل والمطلقات والأيتام، ناهيك عن المهجرين داخل وخارج العراق.
إن معالجة هذه المشكلات وغيرها يتطلب من السلطة التنفيذية اعتماد خطة إستراتيجية واضحة الأهداف والمعالم بهدف معالجة هذه المشكلات، وان تعطي الخطة الإستراتيجية الأولوية إلى القطاعات الإنتاجية ومنها القطاع الزراعي والصناعي وكذلك إعطاء أهمية لقطاع السكن، لان هذه القطاعات تستطيع إن تعالج مشكلة البطالة وتحقيق الأمن والاستقرار وينبغي إشراك القطاع الخاص المحلي والعربي والأجنبي وفق تشريع قانون خاص ينظم عمل هذه القطاعات.
إن نجاح هذه الإستراتيجية يعتمد على تفعيل دور ومكانة الرقابة الشعبية القطاعية ومنظمات المجتمع المدني يرافق ذلك ضرورة تطبيق مبدأ الرقابة والحساب وعدم التساهل إزاء المقصرين ومن الضروري أيضا اعتماد مبدأ الحافز المادي للمبدعين والمنفذين وهذا كله يساعد على تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع.
إن معالجة الفساد السياسي والمالي والإداري... يعتمد على توفير الرغبة الجادة والصادقة والهادفة من قبل البرلمان والحكومة، ويتم ذلك من خلال تشريع قانوني واضح وهادف وان يطبق بشكل عادل، وان يجري اعتماد مبدأ ديمقراطي إلا وهو وضع الرجل المناسب في المكان المناسب والعمل على تعزيز استقلالية القضاء ومحاسبة المفسدين واللصوص محاكمتهم علنيا ووفق القانون وإنزال أقصى العقوبات بما فيها عقوبة الإعدام كعقوبة رادعة وعادلة ومشروعة لكل من تسول له نفسه في سرقة ونهب واستحواذ مال وثروة الشعب.
إن جميع هذه الإجراءات وغيرها لا يمكن ان تكون ناجحة وفاعلة ومؤثرة الأمن خلال تعزيز الرقابة الشعبية وإشراك منظمات المجتمع المدني كرقيب على نجاح الأداء الحكومي والبرلماني في إن واحد.

أنواع الرقابة الشعبية:
هناك علاقة وثيقة بين طبيعة النظام القائم والرقابة الشعبية، فلا يمكن قيام نظام ديمقراطي شعبي بدون رقابة شعبية حقيقية وذات محتوى ديمقراطي، وبدون تعزيز الديمقراطية الشعبية لا يمكن قيام برلمان وحكومة شعبية وديمقراطية، ولا يمكن تقييم الأداء ومحاربة ظاهرة الفساد بكل أنواعها إلا من خلال تعزيز الرقابة الشعبية.
هناك نوعان من الرقابة في النظام الديمقراطي وهما: الرقابة البرلمانية والرقابة الشعبية، وتعد الرقابة البرلمانية إحدى أهم أنواع الرقابة القانونية من اجل تقييم الأداء الحكومي ومن أهم الوظائف الرئيسة للرقابة البرلمانية هي: الوظيفة التشريعية والوظيفة الرقابية ووظيفة المحاسبة، وان تطبيق هذه الوظائف ونجاحها يعتمد على المستوى الرفيع من الوعي السياسي والشعور بالمسؤولية القانونية والأخلاقية من قبل أعضاء البرلمان وخاصة من قبل الأحزاب السياسية وقادتها، وكما يتطلب وجود معارضة سياسية قوية داخل البرلمان، وان يتم الابتعاد عن سياسة الكيل بمكيالين أو ازدواجية المعايير في عمل السلطة التشريعية.
إما الرقابة الشعبية، فهي إحدى أدوات الرقابة الناجحة والفاعلة على عمل البرلمان والحكومة، وتتكون الرقابة الشعبية من الرقابة السياسية، وتعني رقابة الأحزاب السياسية سواء كانت مشاركة ا وغير مشاركة في الحكم ومن حق هذه الأحزاب وخاصة المعارضة منها ممارسة حقها المشروع في ممارسة النقد الموضوعي الهادف من اجل تقويم عمل الحكومة والبرلمان ويتطلب ذلك تشريع قانون عمل للأحزاب السياسية، إما الرقابة الاجتماعية وهي تشمل نشاط وعمل ومشاركة النقابات والجمعيات المهنية مشاركة فاعلة وحقيقية من اجل مساعدة وإنجاح الحكومة وبما يخدم المصلحة العامة ومن أهم هذه النقابات والروابط هي: اتحاد نقابات العمال، اتحاد الجمعيات الفلاحية، اتحاد الطلبة، اتحاد الشبيبة، رابطة المرأة، جمعية المعلمين ورابطة التدريسيين في الجامعات والمعاهد وجمعية الأطباء والمهندسين والزراعيين والاقتصاديين والصحفيين والفنانين وغيرها.
إن تفعيل نشاط وعمل هذه النقابات والجمعيات والروابط يتطلب تشريع قانون خاص لها  بهدف تثبيت شرعيتها وحقها في العمل والتظاهر والاعتصام السلمي المشروع. إما الرقابة الإعلامية ويقصد بها –كما يقال- بالسلطة الرابعة الفاعلة والمتمثلة بالتلفزيون والراديو والصحف والمجلات والانترنت... وتلعب الرقابة الإعلامية دوراً هاماً وفاعلاً ورقابياً على عمل والأداء الحكومي والبرلماني وكما تساعد على خلق الوعي السياسي داخل المجتمع.
ينبغي إن يكون دور الإعلام الوطني دوراً تحريضياً ورقابياً ويجب إن يحظى بدعم وإسناد من قبل الحكومة سواء كان أعلاما حكومياً أو إعلاما مستقلاً وان يكون هدفه هو خدمة الشعب وليس خدمة النخبة الحاكمة.
ومن الضروري إن يتمتع الإعلام الوطني بالاستقلالية ويجب إن لا يرتبط بأي جهة أجنبية سواء كانت إقليمية أو دولية، لان ارتباط الإعلام الوطني المحلي بدول أو منظمات أجنبية رسمية أو غير رسمية يعني ذلك ضعف الولاء والشعور الوطني للإعلام وأضعاف دوره الرقابي وسيكون نشاطه مؤدلج لمن يدفع له المال الكبير، أي انه يتحول من إعلام وطني إلى إعلام مرتزق ومأجور ومن هنا ينشأ الخطر على دور وأهمية سلطة الإعلام كجهاز رقابي على عمل البرلمان والحكومة بدليل توجد 220 صحيفة ومجلة تمولها أجهزة مخابرات أجنبية، و 45 قناة تلفزيونية تمولها أجهزة المخابرات الأجنبية، و 67 محطة راديو تمولها الأجهزة الأمنية. ابن حرية ومهنية واستقلالية الإعلام؟ وأين الأمن الوطني الإعلامي؟ وأين السيادة الوطنية؟ وأين ...؟
انظر الشكل رقم (1)
نلاحظ من المخطط ما يلي:
1. إن الرقابة الشعبية هي أعلى سلطة رقابية في أي مجتمع ديمقراطي فهي تراقب عمل البرلمان والحكومة وبما يخدم المصلحة العامة.
2. إن المكونات الرئيسة للرقابة الشعبية وهي الرقابة السياسية والاجتماعية والإعلامية وهذه المكونات تتفاعل وتتكامل في عملها ونشاطها لما فيه خير المواطن.
3. إن الهدف الرئيس للرقابة الشعبية هو العمل على تحسين جودة وفاعلية الأداء البرلماني والحكومي.
 


شكل رقم (1):
صياغة أنموذج رقابي لأداء عمل الحكومة والبرلمان





 
ثانياً: اثر الرقابة الشعبية على الأداء الحكومي:
أ- الأهداف الرئيسة للرقابة الشعبية:

تعد الرقابة الشعبية العين الساهرة على عمل ونشاط الحكومة لما فيه خدمة المصلحة العامة، وان من أهم الأهداف الرئيسة للرقابة الشعبية هو: العمل على تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع وهذا يساعد على تقليص الفجوة الاقتصادية والاجتماعية داخل المجتمع والنضال من اجل ربط الأجر بطبيعة العمل وهذا يشكل قمة العدالة الاجتماعية، وينبغي العمل على إلغاء استغلال الإنسان لأخيه الإنسان وهذا يساعد على محاربة الفساد السياسي والمالي والإداري ومن الضروري إن يتم التطبيق الصارم للقوانين واحترامها وعدم الالتفاف عليها ومحاسبة المخالفين والمفسدين والطفيليين وفق القانون وبغض النظر عن الانتماء والموقع السياسي والبرلماني والحكومي.
إما العوامل التي تساعد على نجاح الأداء الحكومي فهي تكمن في: ينبغي التخلي قولاً وفعلاً عن منهج المحاصصة السياسية والطائفي والمذهبي لان هذا النهج مخالف للدستور وهو بمثابة أفيون للشعب، ومن الضروري إن يتم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب واعتماد المعايير العلمية والموضوعية وفي مقدمة ذلك: التخصص والكفاءة والنزاهة والمبدئية والتضحية وهذا سوف يساعد على محاربة الفساد وبكل إشكاله ومصادره ويضعف البيروقراطية الإدارية فالفساد والبيروقراطية هما وجهان لعملة واحدة، ويجب الالتزام المبدئي بالقوانين المشرعة واحترامها وتطبيقها من قبل الجهات ذات العلاقة والعمل بمبدأ فصل السلطات واحترام استقلاليتها وكما ينبغي إقامة علاقات سياسية واقتصادية مع الدول الإقليمية والدولية على أساس مبدأ الاحترام والتكافؤ والنفع المشترك في العلاقات الاقتصادية الدولية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية فالشعوب هي التي تعزز مصيرها بإرادتها وبنفسها وهي صاحبة القرار الشرعي في ذلك. ان هذه العوامل وغيرها تساعد على نجاح الأداء الحكومي.

الخلاصة:
إن للرقابة الشعبية أثرا كبيراً على عمل الحكومة وفي كافة الميادين بهدف تحسين جودة الأداء الحكومي وان تحقيق ذلك يتطلب التعاون والتنسيق بين عمل البرلمان والحكومة ولا يمكن فصل دور البرلمان عن دور الحكومة لأنهما واحداً مكملاً للأخر فنجاح عمل الحكومة يعتمد على التعاون والتنسيق مع البرلمان من اجل تحقيق هدفها المشترك إلا وهو خدمة المجتمع.
في المجال التشريعي: يتطلب إجراء تعديلات جادة وضرورية على الدستور وفق الإلية الدستورية والديمقراطية بهدف التخلص من (القنابل) المؤقتة، ومن الضروري أيضا إعادة النظر بقانون الانتخابات البرلمانية واعتبار العراق دائرة انتخابية واحدة وهذا يضمن حقوق الأحزاب الكبيرة والصغيرة ويحقق العدالة السياسية والاجتماعية، وكما ينبغي تشريع قانون خاص بالأحزاب السياسية يضمن شرعيتها وحقها في العمل وان يمنع القانون قيام الأحزاب على أساس ديني أو طائفي أو عنصري، وان لا تملك ميليشيات مسلحة، وان توضح مصادر تمويلها وان لا ترتبط بالخارج ولا بقوى "اقتصاد الظل" إن تقر بمبدأ التداول السلمي للسلطة وان تعلن نظامها وبرنامجها السياسي والاقتصادي- الاجتماعي للشعب، وكما يتطلب تشريع قانون خاص بالرقابة الشعبية يضمن دور وفاعلية النقابات والجمعيات والروابط المهنية، ومن الضروري تشريع قانون خاص بالأرامل والمطلقات والأيتام بهدف ضمان حقوقهم المشروعة.
في المجال الاقتصادي- الاجتماعي:
من الضروري إن يتم الإقرار بتعدد الأنماط الاقتصادية وان يلعب قطاع الدولة الدور الرئيس، وهذا يتطلب تعزيز دور ومكانة الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وكما ينبغي عدم الأخذ بوصفة صندوق النقد والبنك الدوليين و "نصائح" منظمة التجارة العالمية، لان هذه الوصفة الكارثية وصفة منحازة ومؤد لجة مائة بالمائة وجلبت كل الكوارث والماسي والعذابات للشعوب الفقيرة، وان ما حدث ويحدث في غالبية البلدان العربية اليوم إلا دليل قاطع على فشل سياسة هذه المؤسسات وفشل وصفتها فهي أنتجت للشعوب البطالة والفقر والمجاعة وتدني المستوى ألمعاشي وغياب العدالة وظهور الحيتان والديناصورات المالية مرعبة وغير شرعية.
إن من الضروري إعطاء الأولوية للقطاعات الإنتاجية وخاصة القطاع الزراعي والصناعي وكذلك قطاع السكن لان هذه القطاعات الوحيدة والرئيسة التي تساعد على معالجة البطالة وتحقيق الاستقرار، وكما يجب إعطاء الأهمية لقطاع الخدمات وخاصة مشكلة الكهرباء والماء الصالح للشرب، والعمل على تحسين مستوى التعليم والرعاية الصحية، لان هذين القطاعين الهامين يسيران نحو الانحدار المأساوي ومن الضروري العمل على تحديد دور القطاع الخاص أو إلغاء دوره لان هدفه الربح وتعظيم الربح بالدرجة الأولى، لان هذه القطاعات لا تخضع للتجربة والتجريب.
إن التقييم الموضوعي لأداء الحكومة منذ عام 2004 ولغاية اليوم، يمكن القول عنه انه عمل غير ناجح وغير مرض للغالبية العظمى من المواطنين ويعود ذلك لأسباب موضوعية وذاتية وفي مقدمة ذلك: إن المسالة العراقية أصبحت مدولة، أي لعب ويلعب العامل الخارجي اليوم دوراً مؤثراً على الأوضاع في العراق، استمراروتفاقم حدة الصراع السياسي/ الطائفي وتكريس نهج المحاصصات السياسية والطائفية، والمستوى المتدني للملاكات المتنفذة في الحكومة، وتفشي البيروقراطية والفساد المالي والإداري، إن كل ذلك وغيره ساعد على إضعاف دور ومكانة الحكومة في تحقيق الأداء الناجح.
إن الجماهير الشعبية هي خير رقيب لتنظيم عمل ونشاط الحكومة وان مظاهرات "جمعة الغضب" و "جمعة الحق" و "جمعة الندم" وغيرها من الجمع في المستقبل هي خير دليل على إعطاء التقييم الموضوعي لأداء الحكومة وكانت مطالب الجماهير تحمل طابعاً خدمياً بالدرجة الأولى.
إن من الأخطاء الكبرى التي ارتكبتها الحكومة ضد المتظاهرين السلميين هي استخدامها إجراءات غير ديمقراطية وغير قانونية فقمع المتظاهرين بالرصاص والماء الحار والضرب بالهراوات والاعتقال وممارسة التعذيب الوحشي وتصوير المتظاهرين وخاصة النشطاء منهم، وقطع الطرق وإعلان حالة منع التجوال وغير ذلك، أنها إجراءات تتعارض وتتقاطع مع جوهر الديمقراطية والدستور ونأمل من إن بعض المتنفذين في قمة الحكومة إن يسهموا في وضع ركائز أساسية للعمل الديمقراطي في العراق لتعزيز مقتربات النهج الديمقراطي في عراق المستقبل.
إن تحديد (مائة يوم) من اجل تفعيل الأداء الحكومي لا يكفي حسب وجهة نضرنا لانجاز برنامج العمل الحكومي المقترح اصلاً، وان أي حكومة لا تستطيع معالجة جميع الجبال المتراكمة من المشكلات إلا بخطط خمسيه أو أكثر من خلال وضع خطة إستراتيجية ذات إبعاد زمنية مختلفة قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل مع تحديد الأولويات الضرورية للشعب وحسب الأهمية ومنها معالجة جذرية لمشكلة الأجور والمرتبات للموظفين والعمال ومشكلة مرتبات المتقاعدين والبطاقة التموينية، ونظافة المدن (طرق، مجاري، حدائق...)، ورفع الحواجز، وحل مشكلة الاختناقات المرورية، ومحاسبة المفسدين واللصوص وبشكل علني وإنزال أقصى العقوبات، وإبعاد الفاشلين ومحاسبة المقصرين في جهاز الدولة الإداري، والتخلي عن النهج الطائفي ووضع خطة جذرية لمعالجة الكهرباء لأنها تعد المفتاح الرئيس لمعالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية ويمكن القول إن تحقيق سلطة الشعب الحقيقية مضافاً أليها الكهرباء نحصل على مجتمع العدالة الاجتماعية الراقي والمزدهر والمستقر.
إن عدم إعطاء الأهمية لهذه المشكلات وغيرها وعدم معالجتها سوف يخلق خيبة أمل كبيرة لدى الغالبية العظمى من الجماهير وكما لا يستبعد من تفعيل دور العامل السياسي مما يؤدي ذلك إلى دخول الحكومة في مأزق سياسي خطير وان ترفع الجماهير بدلاً من شعارها الحالي "الشعب يريد أصلاح النظام" إلى إشعار أخر وهو "الشعب يريد إسقاط النظام".
إن تفعيل وتحقيق المهام التي تم ذكرها لا يمكن إن تتم وتعالج إلا من خلال تعزيز دور الرقابة الشعبية والالتزام بالديمقراطية ومن خلال تفعيل عناصرها الرئيسة والمتمثلة بالرقابة السياسية والرقابة الاجتماعية والرقابة الإعلامية، إضافة إلى ذلك ينبغي تعزيز دور ومكانة الدولة في الميدان الاقتصادي والاجتماعي، إن كل ذلك يصب وبهدف لتحسين عمل الحكومة في كافة الميادين، وبدون ديمقراطية شعبية لا يمكن تحقيق الرقابة الشعبية، وبدون رقابة شعبية لا يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين منظومة الأداء الحكومي المتميز.





بغداد
31/3/ 2011   

   



22
نظرة من الداخل:
ليس دفاعاً... الحقيقة ثورية دائماً... والحقيقة مرة
(بمناسبة الذكرى العشرين لتقويض الاتحاد السوفيتي 1991 -2011)
                                                 بقلم الدكتور نجم الدليمي
       
                         
                          خطة البحث
مقدمة
أولاً: دور وأهمية الإيديولوجية.
ثانياً: اشتداد الصراع... انجازات كبيرة... ومقارنات بالأرقام
ثالثاً: أهم ((منجزات)) البرويسترويكا- الإصلاح الاقتصادي للمدة 1985-2010
رابعاً: قالوا... وحذروا
خامساً: وجهة نظر: بعض أهم عوامل التقويض
أ‌-   العامل الداخلي
ب‌-   العامل الخارجي
      سادساً: بعض الاستنتاجات
 
 
 
 
 
 
مقدمة

إن الكتابة عن الزلزال الكبير والمتمثل  بتقويض الجزء المهم من المعسكر الاشتراكي وخاصة الاتحاد السوفيتي هي حاجة موضوعية وهامة وملحة وتحتاج إلى جهداً جماعياً من قبل الأحزاب الشيوعية وكوادرها المخلصة بهدف تبيان الأسباب الموضوعية والعلمية لهذه الكارثة التي وقعت في نهاية العقد الأخير من القرن العشرين.
 
إنما حدث في الاتحاد السوفيتي هو مخلف لسنة التطور الاقتصادي- الاجتماعي للمجتمع البشري وينبغي على قيادة الحزب الشيوعي السوفيتي وكوادره دوراً رئيساً في عملية تقويم تجربة البناء الاشتراكي للفترة من عام 1917- 1991 تقيماً موضوعياً وعلمياً، وكما ينبغي أيضا إن تساهم الأحزاب الشيوعية العالمية في إبداء الملاحظات العلمية حول تجربة البناء الاشتراكي وعملية تقويض الاتحاد السوفيتي.
 
وامتداداً لذلك فأن هذا العمل يتطلب عقد مؤتمراً عالمياً للأحزاب الشيوعية بهدف التقييم العلمي والموضوعي ووضع برنامج برنامج عمل مستقبلي للحركة الشيوعية العالمية اخذين بنظر الاعتبار ظروف كل حزب واستناداً إلى النظرية الماركسية- اللينيية، مع التركيز على الأخذ بالمستجدات في ميدان الثورة العلمية والتكنولوجية بهدف تجاوز الإخفاقات والنواقص والتطلع إلى المستقبل بثقة  عالية والعمل على تعزيز دور ومكانة الطبقة العاملة وحلفائها من اجل بناء المجتمع الاشتراكي، مجتمع العدالة والتقدم الاجتماعي.
 
 
 
 
 
 
ينبغي على المخلصين من الشيوعيين إن يتذكروا وصية قائد البروليتارية (فلاديمير لينين) إن:
 
( الأحزاب الثورية التي فنيت حتى الآن، فنيت لأنها أصيبت بالغرور ولم تستطع إن ترى أين تكمن قوتها، وخافت من التحدث عن نقاط ضعفها، أما نحن فلن نفنى، لأننا لانخاف من التحدث عن نقاط ضعفنا وسنتعلم كيف يمكن التغلب على نقاط الضعف... وان الإخلاص والنزاهة في السياسة ماهي إلا نتيجة للقوة، إما الرياء فهو نتيجة للضعف)
                      " لينين"                                                                                                     
 
 
( في السياسة لايوجد فرق بين الخيانة بسبب الغباء أو الخيانة بشكل متعمد ومحسوب)
                      " لينين"
 
 
 
 
 
 
 
أولا- دور وأهمية الأيديولوجية:
ان أي كاتب يستند في كتاباته وتحليلاته وأستنتاجاته الفكرية الى منابع ومصادر فكره وأيديولوجيته التي يؤمن بها وينتمي اليها ومن الصعوبة ان يكون خارج ذلك الانتماء- طبعاً بأستثناء الانتهازين المارقين، هناك أيديولوجيتان، مدرستان فكريتان متصارعتان ومتناقضتان على طول الخط وهذه حتمية موضوعية، ويستحيل التوافق والانسجام بينهما وهما: المدرسة البرجوازية والمدرسة الاشتراكية.
ان المدرسة البرجوازية لديها ايديولوجيتها الخاصة بها ويكمن جوهرها في الدفاع عن مصالح الطبقة الرأسمالية بشكل عام والطغمة المالية الحاكمة بشكل خاص، فهذه المدرسة تسعى وباستمرار على تعزيز وتطوير الرأسمالية كنظام سياسي واقتصادي- اجتماعي قائم والدفاع عنه وهذا ما يحدث في المجتمع الرأسمالي اليوم، وخاصة في مرحلته المتقدمة الامبريالية اما المدرسة الاشتراكية فلها ايديولوجيتها الخاصة ونظريتها العلمية وهي النظرية الماركسية- اللينينية، فهي تدافع عن مصالح الطبقة العاملة وحلفائها من الفلاحين والمثقفين الثوريين، هدفها الرئيس بناء مجتمع عادل يخلوا من الاستغلال والاضطهاد.
ان اشتداد وتفاقم حدة الصراع السياسي والأيديولوجي بين المدرسة البرجوازية والمدرسة الاشتراكية، قد أنتج وافرز "مدارس وتيارات سياسية جديدة"، وكما نعتقد فأن هذه المدارس والتيارات السياسية الجديدة تعبر في جوهرها عن مصالح طبقية محددة، أي انها ستكون في النهاية منحازة أما للمدرسة البرجوازية او للمدرسة الاشتراكية ولا يمكن لها ان تكون خارج أطار وفلسفة المدرستين الفكريتين.
 
إن الأيديولوجية هي "نسق من الآراء والافكار والنظريات السياسية والحقوقية والدينية والأخلاقية والجمالية والفلسفية. ان الايديولوجيا كونها جزءاً من الوعي الاجتماعي تتحدد بفروض حياة المجتمع المادية، وتعكس العلاقات الاجتماعية، وفي المجتمع الطبقي تتسم بطابع طبقي ويأتي الصراع في ميدان الايديولوجيا انعكاساً طبيعياً لتضاد المصالح الطبقية ويمثل شكل من أشكال الصراع الطبقي الأساسية".
ان خرافة "نهاية الايديولوجيا" والتي صارت تعرف فيما بعد "نظرية نزح الايديولوجيا" وفكرة "نهاية التاريخ" و "صراع الحضارات" فهذه النظريات والأفكار واللاعلمية كانت موجه بالضد من النظرية الماركسية- اللينينية، وأثبتت الحياة فشل وبطلان هذه النظريات والافكار وهدفها الرئيس هو عزل العلوم الاجتماعية عن المشكلات التي تقلق وتربك المجتمع.
ان الماركسية- اللينينية، هي ايديولوجية الطبقة العاملة وحلفائها، وهي منظومة علمية من الاراء الفلسفية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تشكل رؤية العالم لدى الطبقة العاملة، وشكلت النظرية الماركسية- اللينينية ثورة حقيقية في تاريخ المجتمع البشري فقد اجابت على المسائل التي طرحها التطور الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع، وهي تختلف عن النظريات الاخرى بأنها لا تفسر العالم علمياً فقط، بل تبين شروط تغير العالم.
لقد بينت النظرية الماركسية- اللينينية ان تطور المجتمع البشري ليس رهن قوى غيبية فالجماهير الشعبية هي تصنع تأريخها ومجتمعها اللاطبقي، وان مبدأ الارتباط الوثيق بين النظرية الثورية والحركة الثورية يعتبر من اهم مبادئ النظرية الماركسية- اللينينية، فالسلاح النظري والروحي للطبقة العاملة وحلفائها يكمن بالنظرية العلمية، فهي تشكل مرشداً ودليلاً في النضال من أجل تغيير وتطوير المجتمع وفي كافة الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية... وان النظرية ليس حشداً من العقائد الجامدة والوصفات الجاهزة، بل هي نظرية لها أسسها وقوانينها الموضوعية تتطور وتغتني باستمرار، وان صحة وعلمية وموضوعية النظرية يكمن في توافقها وانسجامها مع عملية التطور الاجتماعي والاقتصادي.
ان أهم شرط رئيس للطبقة العاملة وحلفائها من الفلاحين في تحقيق رسالتها التاريخية هي وجود حزبها الطبقي الثوري والطليعي، فالحزب هو تنظيم سياسي وله ايديولوجية ويعبر عن مصالح طبقية ويسعى لتحقيق أهداف هذه الطبقة ولا يمكن للطبقة العاملة وحزبها الطليعي من تحقيق مجتمعها اللاطبقي، مجتمع الرفاه والعدالة الاجتماعية الا من خلال الاسترشاد بالنظرية الماركسية- اللينينية وهذا احد أهم قانون الثورة الاشتراكية.
ان قيادة أي حزب شيوعي تسعى الى أضعاف وتشويه النظرية بقصد او بدونه او العمل على فصل الماركسية عن اللينينية فهي ليست قيادة شيوعية وليست قيادة مبدئية وليس لها علاقة لا بالماركسية ولا باللينينية، فهي قيادة تحريفية ، وان عملها هذا يعد خيانة فكرية كبرى تصب  في خدمة اعداء النظرية الماركسية – اللينينية والمتمثلين بقوى الثالوث العالمي. فلا يمكن فصل الرأس عن الجسد، فعلى القيادات والملاكات الشيوعية المخلصة والمبدئية ان تحذر من هذاالنهج التحريفي- الانتهازي الخطير، وعليهم تقع مسؤولية النضال ضد هذا النهج التخريبي والنضال من اجل أبعاد هذه القيادات والكوادر التحريفية من الحزب في اطار الشرعية والديمقراطية الحزبية بهدف الحفاظ على نقاء النظرية ووحدة الحزب التنظيمية والفكرية.
 
 
 
 
ثانياً- اشتداد الصراع.... إنجازات كبيرة.... ومقارنات بالأرقام:
 
ان الزلزال الكبير الذي حدث في الاتحاد السوفيتي عام 1991، كان ولا يزال وسيستمر النقاش حوله ولفترة غير قصيرة، لانه زلزال مخالف لسنة التطور الاجتماعي والاقتصادي، ونعتقد،هناك ثلاث تيارات رئيسة لها مواقف متباينة ومتناقظة مما حدث في الاتحاد السوفيتي خلال المدة 1985- 1991 وهي:
التيار الأول- التيار اليمني المرتد:
ان من أهم قادة وممثلي هذا التيار البيرويسترويكي هم غورباتشوف وياكوفليف وشفيرنادزة وبوريس يلتسين وكرافجوك وغيرهم من المرتدين وخونة الفكر والشعب وبدرجة امتياز، وان هذا التيار وقادته قد حظوا بدعم واسناد من قبل الغرب الامبريالي وخاصة من قبل الامبريالية الامريكية ومن أدواتها السياسية والاقتصادية والمالية والمتمثلة بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ودوائر المخابرات الغربية وعلى رأسها وكالة المخابرات المركزية الاميركية "C.I.A".
ان هذه القوى مجتمعة عملت سوية من اجل تقويض الاتحاد السوفيتي وان "نجاحهم" المؤقت لن يتحقق لولا وجود عملاء وخونة في قيادة الحزب الشيوعي السوفيتي الحاكم وفي السلطتين التشريعية والتنفيذية وخاصة منذ عام 1985 ولغاية 1991، واصبح العامل الخارجي هو الفاعل والمؤثر والموجه للعامل الداخلي وهذه هي الطامة الكبرى في هذه الكارثة الكبرى
 
والمتمثلة في أن قيادة حزب تقوض حزبها ودولتها بنفسها لصالح الغرب الامبريالي انها مفارقة تاريخية نادرة الوقوع.
لقد وجدت الإمبريالية الأمريكية وحلفائها ضالتهم في زمرة منحرفة وخائنة في قيادة الحزب الحاكم ولديها كامل الاستعداد لتنفيذ المؤامرة الكبرى ضد حزبهم ودولتهم العظمى وكان على رأس هذه الزمرة كل من ميخائيل غورباتشوف والاكسندر ياكوفلييف وادوارد شيفرنادزة وبوريس يلتسين وكرافجوك وارباتوف وبوبوف وبوربوليس... فهولاء هم "قادة" و "كادر" الحزب الحاكم، خدعوا الشعب بشعاراتهم البراقة والخادعة والكاذبة والغير صادقة ومن اهمها هي (التجديد والتعجيل والديمقراطية وحقوق الانسان واقتصاد السوق...) واصبح هولاء منفذين مبدعين لخطط الامبريالية الأمريكية ووكالة المخابرات المركزية الامريكية وحلفائها من اجل تقويض دولتهم العظمى سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وعسكرياً، بدليل في عام 1945 وضع ألان دالاس رئيس وكالة المخابرات المركزية الاميركية خطة لتقويض الاتحاد السوفيتي ووضع لها سقفاً زمنياً الا وهو عام 2000 وحصل ستالين على خطة التقويض عبر أجهزة الدولة السوفيتية ذات العلاقة واتخذ إجراءات غير قليلة ضد خونة الشعب والفكر والحزب...ولكن...؟!.
كتب دالاس في خطة التقويض (...سنُسخر كل ما لدينا من ذهب ومال وموارد اخرى من اجل جعل المواطن السوفيتي احمقاً ومتبلداً... وسنجد لنا انصاراً وحلفاء ومؤيدين في روسيا... سنزرع هناك الفوضى وسنبدل وبشكل ملحوظ قيمهم بقيم مزيفة... نحن سندعم الفنانيين الذين سيعملون على زرع وحشر عبادة الجنس والعنف والسادية والخيانة... فالشرف والنزاهة سيصبحان موضوعاً للسخرية... النذالة والوقاحة والكذب والخداع والادمان على السكر والمخدرات والتعصب القومي والكراهية للشعب الروسي... كل ذلك سنغرسه بحذاقة وبشكل غير ملحوظ... سنبدل وندمر أسس الاخلاق الشعبية للمجتمع السوفيتي).
ان هذه الخطة الماسونية- الصهيونية قد تم تنفيذها وبأبداع من قبل غورباتشوف وفريقه واستمر بوريس يلتسين على نفس نهج غورباتشوف، اذ تم تحديد ادواراً محددة لكل من غورباتشوف ويلتسين في تنفيذ هذه الخطة.



التيار الثاني- التيار اليساري:
يرى أصحاب هذا التيار ان التجديد والتطوير واجراء الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية حتمية وضرورية وهذه هي سنة التطور وهذا جوهر قانون الديالكتيك، ولا يمكن للحياة ان تكون ثابتة وساكنة لان ذلك مخالف لسنة وشرعية التطور الاقتصادي- الاجتماعي للمجتمع.
يؤكد أصحاب هذا التيار أن عملية التغيير والبناء هي عملية مهمة وملحة ولكن بشرط ان يكون الهدف الرئيس لهذه العملية هو الحفاظ على النظام السياسي والاقتصادي- الاجتماعي والعسكري... القائم، وكما ينبغي ان يكون هدف البيرويسترويكا (أعادة البناء) هو تعزيز وتطوير وترسيخ النظام القائم وفي كافة الميادين لما فيه خدمة الشغيلة وليس تقويض النظام الاشتراكي تحت شعارات كاذبة وخادعة وجوفاء ووهمية كما فعل غورباتشوف وفريقه ويلتسين وفريقه.
ان القادة الحقيقيين لهذا التيار كانوا يشكلون الاقلية في المكتب السياسي في الحزب الشيوعي السوفيتي، ومن اهم المأخذ الجدية على مواقفهم خلال الفترة 1985- 1991 لم يتميزوا بالحزم المبدئي المطلوب وغياب الجرأة في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، وكما اتصفت مواقفهم السياسية وباللحظة الحاسمة بالتردد والخذلان حتى وصل عند البعض منهم بالخوف والجبن ولم يلتزموا بتطبيق الدستور الاشتراكي الذي خولهم كامل الصلاحيات الدستورية من اجل الحفاظ على نظامهم ودولتهم الاشتراكية، ومنذ عام 1989 ولغاية عام 1991 فدولتهم العظمى يتم تقويضها وبشكل تدريجي يومياً وشهرياً وسنوياً على يد زمرة غورباتشوف- يلتسين وهم يتفرجون لما يحدث لدولتهم وبالملموس وفي كافة الميادين وهم يملكون كافة وسائل الردع والدفاع الحقيقية سياسياً وجماهيرياً وعسكرياً... ولكن...؟!.
 
التيار الثالث: التيار التوفيقي- الانتهازي:
ليس سراً من القول، ان الغالبية العظمى من الأحزاب الشيوعية بشكل عام والحاكمة بشكل خاص، يوجد فيها هذا التيار وهذا التيار قد وطـد مواقعه داخل الحزب والدولة، واتسم بمواقفه اللامبدئية ودعمه اللامحدود سواء كان داخل الحزب الشيوعي السوفيتي او من قبل غالبية الاحزاب الشيوعية العالمية لنهج ما يسمى بالبيرويسترويكا سيئة الصيت وبهذا الموقف اللامبدئي قد ساعد غورباتشوف وفريقه في تنفيذ مخططهم الاجرامي بهدف تقويض سلطة الحزب الشيوعي السوفيتي والنظام الاشتراكي.
لقد نسقت قوى هذا التيار الانتهازية وفي غالبية الاحزاب الشيوعية العالمية سواء بشكل مباشر او غير مباشر في دعم نهج غورباتشوف وفريقه من اجل انجاح مشروع الحكومة العالمية حتى وصل الامر عند بعض "قيادات" الاحزاب الشيوعية من اصدار توجيهات حزبية داخلية بضرورة دعم نهج غورباتشوف والتثقيف به وعقد الندوات المحلية والاقليمية... وكانت هذه "القيادات الشيوعية" يشاهدون وبأنفسهم ومن خلال زياراتهم المتكررة لموسكو وخلال الفترة 1985- 1991 النتائج الكارثية لنهج الخيانة العظمى الذي اضعف دور ومكانة الحزب وكذلك السلطة التشريعية والتنفيذية مما ادى ذلك الى اضعاف النظام الاشتراكي وخلق المقومات المادية لتقويض الاتحاد السوفيتي ودول اوربا الشرقية.
 وبعد عام 1991 فأن الغالبية العظمى من "القادة" و "الكوادر" الحزبية الرئيسيين في بعض الاحزاب الشيوعية كانوا الممثلين الحقيقين لهذا التيار فقسماً منهم من ترك العمل السياسي والقسم الاخر انظم الى احزاب السلطة الحاكمة وبدأ يعملون لخدمة النظام الحاكم ويحصلون على المنافع المادية وغير المادية، اما القسم الاخر قد شكلوا "حزباً، تياراً، منظمة..." في خدمة السلطة الحاكمة، أي بدأوا بمزاولة البزنس السياسي وأصبحوا اعداءاً حقيقيين للفكر الاشتراكي وللنظرية الماركسية- اللينينية، والقسم القليل منهم لم يخرج من الحزب، بل احياناً يركبون الموجة "اليسارية" واحياناً يبثون سمومهم وعبر وسائل الأعلام المختلفة حزبية كانت ام حكومية "حليفة" لهم.
ان الهدف الرئيس لهذا التيار هو اضعاف دور ومكانة الحزب داخل المجتمع والعمل بكل السبل على تشويه تاريخه النضالي وبالتالي العمل وبهدوء من اجل تقويض الحزب من الداخل وطرح افكار وشعارات خبيثة بين الحين والاخر ومنها على سبيل المثال "ضرورة" تغير اسم الحزب، تحويل الحزب الشيوعي من حزباً طليعياً وثورياً للطبقة العاملة وحلفائها الى حزب اصلاحي، الى حزب اشتراكي-ديمقراطي، الى حزباً ليبرالياً- اصلاحياً. ناهيك عن تفتت الاحزاب الشيوعية بشكل مرعب ومخيف، بدليل يوجد الان اكثر من 40 حزباً شيوعياً في رابطة الدول المستقلة (جمهوريات الاتحاد السوفيتي) وهذا المرض قد انتقل الى غالبية الاحزاب الشيوعية العالمية ومنها الاحزاب الشيوعية في البلدان العربية.
ان المهمة الرئيسة امام القياديين والكوادر والاعضاء الحزبين الواعين والمخلصين في بعض الاحزاب الشيوعية من ان يدركوا حقيقة موضوعية وهي ان حزبهم في خطر فكري وتنظيمي وهي تسير في طريق تحريفي- إصلاحي ومن اجل معالجة هذا التوجه الخطير معالجة جذرية ينبغي ان يحشدوا وينظموا انفسهم من اجل ابعاد هذه العناصر التي استحوذت على الحزب وشوهت نضاله وتاريخه النضالي المشرف وتحت غطاء ما يسمى بشرعية المؤتمر، وان يستخدموا الأساليب المبدئية والشرعية والديمقراطية بهدف عزل هذا التيار التحريفي- الإصلاحي، وينبغي ايضاً الالتزام بالثوابت المبدئية الفكرية والتنظيمية وهي: الاسترشاد بالنظرية الماركسية- اللينينية في عمل وسياسة الحزب، وان فصل الماركسية عن اللينينية يعد نهجاً تحريفياً واصلاحياً خطيراً ولا يتجاوب مع مصالح الطبقة العاملة وحلفائها من الفلاحين والمثقفين الثورين ولا مع رسالتها التاريخية النبيلة، وينبغي الالتزام بالهدف النهائي الا وهو بناء المجتمع الاشتراكي والعمل المبدئي الواضح والصريح بهذا الاتجاه، وان يؤمن الحزب قولاً وفعلاً بسلطة دكتاتورية البروليتاريا أي سلطة الشعب، فالمجتمع البرجوازي يؤمن ويطبق دكتاتورية البرجوازية اي دكتاتورية راس المال الاحتكاري وهذا ما موجود في الغرب الامبريالي وخاصة في الولايات المتحدة الاميركية انموذجاً حياً وملموساً لا يقبل الدحض والنقاش فلماذا الخوف من تبني دكتاتورية البروليتاريا؟ وينبغي العمل بمبدأ الاممية البروليتارية وان يتم التمسك بالوحدة الفكرية والتنظيمية على أساس النظرية الماركسية- اللينينية والحفاظ على الاستقلالية الطبقية والتنظيمية والأيديولوجية للحزب، ومن الضروري تشديد النضال المبدئي الثابت والصارم ضد التيارات التحريفية والانتهازية وتطهير الحزب من هذه العناصر التي تشكل النواة الرئيسة لقوى الثورة المضادة التي تعمل على ابعاد الحزب من الثوابت المبدئية وتحويله من حزب طبقي ثوري وطليعي الى حزب اشتراكي- ديمقراطي وهذا ما تريده وتسعى اليه القوى الامبرالية العالمية وحلفائها، ومن الضروري ان يتم النضال المبدئي والجاد ضد النظام الامبريالي العالمي بقيادة الامبريالية الاميركية لانه يشكل العدد رقم 1 والخصم الايديولوجي الرئيس للحركة الشيوعية العالمية، ولا يمكن ان يكون حزباً شيوعياً حقيقياً وبنفس الوقت يؤمن بالليبرالية.
ان هذه الثوابت المبدئية لا يمكن التجاوز عليها بل ينبغي الالتزام بها، وهي بنفس الوقت تساعد الحركة الشيوعية عالمياً، اقليمياً وداخلياً الى تعزيز وحدتها التنظيمية والفكرية وهذا الالتزام يساعد الحركة الشيوعية العالمية من ان تتخلص من ظاهرة خطيرة ومؤلمة الا وهي الانقسامات داخل كل حزب، وعليه يجب النضال من اجل انهاء عملية  تفتت الاحزاب الشيوعية وينبغي ان يكون حزباً شيوعياً واحداً في كل بلد يلتزم بالثوابت التي تم ذكرها أعلاه ويتعامل معها وفق منظور مبدئي لما فيه خدمة الحزب والطبقة العاملة.
ان دعوات بعض "القيادات والكوادر" الحزبية، بضرورة التخلي عن هذه الثوابت  أذ أصبحت قديمة ولا تتلائم مع ما يسمى بعصر العولمة المتوحش، وان من ينادي بالالتزام بهذه الثوابت فهو من الحرس القديم او من اليسار المتطرف او اليسار المحافظ وغيرها من الوصفات الجاهزة فهولاء الذين يطلقون هذة الوصفات الجاهزة هم يشكلون النواة الرئيسة للتيار التحريفي- الانتهازي وقوى الثورة المضادة في أي حزب شيوعي، فالحياة أثبتت حقيقة موضوعية لا تقبل
 
 
التأويل وهي إن الابتعاد عن الثوابت التي تم ذكرها قد ساعدت على تقويض اكبر حزب شيوعي واكبر دولة عظمى الا وهو الحزب الشيوعي السوفيتي والاتحاد السوفيتي خلال الفترة 1985- 1991 بقيادة الخائن والمرتد ميخائيل غورباتشوف وزمرته. هذا ما تصبوا اليه الامبريالية العالمية وفي مقدمتها الامبريالية الاميركية، فأحذروا هذا النهج التحريفي والتخريبي والاصلاحي في الحركة الشيوعية العالمية.
 
إنجازات الاشتراكية للمدة 1922- 1950:
الدليل والبرهان:
1. ان قوة وأفضلية الاشتراكية تكمن في انها حولت روسيا من بلد زراعي متخلف وتابع تحت هيمنة الشركات الغربية الى دولة عظمى سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وبهذا الخصوص اشار تشرشل "لقد تحولت روسيا من بلد المحراث الخشبي الى دولة نووية عظمى..." وبقوة وأفضلية الاشتراكية على الرأسمالية تم القضاء وبشكل نهائي على البطالة والأمية والفقر والجريمة... وأصبحت روسيا تحتل المرتبة الأولى في الانتاج الصناعي في أوربا، المرتبة الثانية في العالم بهذا المؤشر الاقتصادي الهام.
2. تم تشيد 9000 مؤسسة صناعية كبرى وازداد انتاج وسائل الانتاج بـ 13.4 مرة بالمقارنة مع عام 1913، وتجاوز الانتاج الإجمالي لكل صناعة الاتحاد السوفيتي في عام 1940 مستوى الانتاج الصناعي لروسيا عام 1920 بمقدار 38 مرة، بينما ازدادت منتجات بناء المكائن بـ 512 مرة، وشغل الاتحاد السوفيتي قبل الحرب الوطنية العظمى من حيث حجم منتجات المكائن واستخراج خامات الحديد المرتبة الثانية في العالم والاولى في اوربا، وفي صهر حديد الزهر والفولاذ وانتاج الطاقة الكهربائية المرتبة الثالثة في العالم والثانية في اوربا.
3. وخلال الحرب الوطنية العظمى (1941- 1945) تم انشاء 3500 مؤسسة صناعية جديدة واعيد في المناطق المحررة بناء 7500 مؤسسة صناعية كبرى، ويشير اوليغ شينين السكرتير العام للحزب الشيوعي السوفيتي الى ان الانتاج الصناعي في الاتحاد السوفيتي ازداد خلال المدة 1922- 1982 بنسبة 500 مرة في روسيا، و 730 مرة في اوكرانيا، و 969 مرة في ملدافيا، و 938 مرة في كازاخستان و 1084 مرة في ارمينيا وبلغ معدل النمو السكاني السنوي في ظل السلطة السوفيتية ما بين 2-3 مليون نسمة.
4. حققت الاشتراكية وبقوتها السياسية والاقتصادية والعسكرية والإيديولوجية اكبر نصراً شعبياً ووطنياً على الفاشية الالمانية الوليد الشرعي للنظام الامبريالي العالمي خلال حربها العادلة للمدة 1941- 1945 وبتضحيات بشرية هائلة تراوحت ما بين 27- 30 مليون
شهيد، وكما خلقت توازناً سياسياً واقتصادياً وعسكرياً على الصعيد الدولي وشكلت قطباً شعبياً توازنياً لصالح الشعوب الفقيرة، وما حدث بغياب هذا القطب ليوغسلافيا والعراق وأفغانستان والبلدان العربية منذ مطلع كانون الثاني عام 2011 ولغاية اليوم إلا دليلاً وبرهاناً على استهتار وعنجهية الامبريالية الأميركية وحلفائها بهدف الاستحواذ على ثروات الشعوب وتقويض الأنظمة الرافضة لهيمنة القطب الواحد.
أن ماحدث ويحدث اليوم في البلدان العربية من بيروسترويكا امريكية !! [على غرار بيروسترويكة غورباتشوف وفريقه ونتائجها معروفة اليوم للجميع ولاتحتاج الى تعليق] أو سيناريو مايسمى بالفوضى الخلاقة، من تدخل مباشر مخالف للقانون والشرعية الدولية من قبل أمريكا- الناتو وتحت غطاء وشعارات ومبررات واهية ومنها(( الديمقراطية وحقوق الإنسان...)) !!
فأن الهدف الرئيس للبرويسترويكا او الفوضى الخلاقة الامريكية، هو الاستحواذ على ثروات شعوب المنطقة من نفط وغاز... والعمل على تغيير الخارطة السياسية والاقتصادية والجغرافية للبلدان العربية وتقسيم هذه البلدان لمصلحة ضمان امن اسرائيل والمصالح الاقتصادية والسياسية لامريكا، وهذا هو الجوهر الرئيس لما يسمى بمشروع الشرق الاوسط الكبير( الجديد). أن ما يحدث اليوم في البلدان العربية يذكرنا بـ(سيناريو) تفكيك الاتحاد السوفيتي ودول اوربا الشرقية ويوغسلافيا والثورات البرتقالية والبنفسجية والزيتونية وغيرها من التسميات المفتعلة.
أكدت وتؤكد الإحداث المأساوية اليوم في البلدان العربية حقيقة موضوعية الا وهي فشل مايسمى بسياسات الاصلاح الاقتصادي والنهج الليبرالي المتوحش وفشل وصفة صندوق النقد والبنك الدوليين، لان هذة الاصلاحات وهذة الوصفة قد انتجت وافرزت لشعوب البدان العربية وغيرها من شعوب بلدان اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية وشعوب الاتحاد السوفيتي وشعوب بلدان اوربا الشرقية اخطر امراض المجتمع الرأسمالي المريض والمتمثلة: بغياب العدالة الاجتماعية، والفقر، والمجاعة، وتنامي معدلات البطالة والجريمة، وتفشي الفساد المالي والإداري، وتنامي المديونية الداخلية والخارجية وهروب رؤوس الاموال وبيع ((السلع الحية))، وانحطاط المستوى المعاشي للغالبية العظمى من السكان وخاصة اصحاب الدخول المحدودة من الفقراء، وعودة الأمية والشعوذة في المجتمع، والتخريب المنظم للقطاعات الانتاجية المادية وخاصة للقطاع الصناعي والزراعي والتردي والتراجع لقطاعي التعليم والصحة...، وتعمق الهوة الاقتصادية والاجتماعية لصالح النخبة الطفيلية والمافوية والبيروقراطية الإدارية الحاكمة.
نعتقد ان فقراء الشعوب العربية سوف لن يستطيعوا تحقيق مطالبهم المشروعة في ظل هذا الزلزال الكبير والمخطط له من قبل قوى الثالوث العالمي والسبب الرئيس يعود الى غياب التحالف الوطني الحقيقي بين الأحزاب الوطنية، وتنامي دور قوى الثورة المضادة التي تهدف الى ابعاد الشغيلة من استلام السلطة، فهل سينقلب السحر على الساحر؟ فالمستقبل القريب سيكشف لنا كثيراً من الحقائق والمفاجأت.

5- قدمت الاشتراكية العون والمساعد النزيهة وغير المشروطة لشعوب البلدان النامية بهدف تحررها السياسي والاقتصادي، ويعتبر التحرر الاقتصادي اساساً صلباً لتحرر شعوب البلدان النامية، فلا قيمة للتحرر السياسي من دون انجاز حقيقي للتحرر الاقتصادي، فعلى سبيل المثال كان الاتحاد السوفيتي يستقبل سنوياً 100 الف طالب وطالبة ومن مختلف الدول النامية ولمختلف الاختصاصات العلمية ويخرج سنوياً نفس العدد وبالمجان وهذه المساعدة بدأت من عام 1960- 1990، كما قام الاتحاد السوفيتي ببناء اكثر من 6000 مصنع ومعمل واكثر من 300 مشروع زراعي في افريقيا، ومن الامثلة الحية والملموسة على هذا الدعم اللامشروط لشعوب البلدان النامية بشكل عام والشعوب العربية بشكل خاص وهي: بناء مشروع السد العالي في مصر، ومشروع سد الفرات في سوريا، ومشروع قناة الثرثار في العراق وغيرها من الادلة والبراهين.
6. حققت الاشتراكية انجازات اقتصادية واجتماعية وثقافية وتحمل هذه الانجازات طابعاً انسانياً ولخدمة الانسان والمجتمع والاقتصاد الاشتراكي، وبنفس الوقت حققت الاشتراكية انجازات عسكرية كبيرة بهدف خلق التوازن العسكري على الصعيد الدولي وخاصة مع المعسكر الامبريالي بقيادة الامبريالية الامريكية لصالح الشعوب الفقيرة وتحقيق السلام والتعايش السلمي، فعلى سبيل المثال في عام 1949 تم صنع القنبلة الذرية، وفي عام 1953 تم صنع القنبلة الهيدروجينية، وفي عام 1954 تم تشييد اول محطة كهروذرية في العالم، وفي عام 1957 تم غزو الفضاء، وفي عام 1959 تم صنع اول غواصة ذرية حربية في العالم، وفي عام 1961 اول بلد يغزو الفضاء برجل الفضاء المعروف يوري غاغارين.
ان هذه المنجزات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية قد أثارت حفيظة وحقد الحكومة العالمية ومؤسساتها وأدواتها الفعالة الاقتصادية والمالية والتجارية والعسكرية الدولية، فأول خطوة أقدمت عليها الامبريالية الاميركية هي إعلان ما يسمى بالحرب الباردة، فشهد العالم خلال المدة 1946- 1991 حرباً ساخنة وغير عادلة بين المعسكري الامبريالي والمعسكر الاشتراكي، وبين الامبريالية الاميركية وحلفائها وبين الاتحاد السوفيتي وحلفاؤه، وتم انفاق مبلغ فلكي لهذه الحرب غير المشروعة وغير العادلة قد تراوح ما بين 13- 15 تريليون دولار، وكانت حصة الأسد لهذا الانفاق المالي الكبير يعود للولايات المتحدة الاميركية.
        من اجل تقييم موضوعي لما حدث من زلزال كبير خلال المدة 1985- 1991 لابد من الرجوع الى لغة الأرقام الرسمية ومقارنتها بالواقع الملموس من جهة أخرى ومقارنة أهم المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية التي تم تحقيقها في ظل الاشتراكية مع ما تم إنجازه في ظل الرأسمالية المتوحشة خلال المدة 1992- 2010، بعيداُ عن العاطفة السياسية وبعيداً عن الموقف السياسي اللاموضوعي فالعلمية والموضوعية هي أسس سليمة للتقييم، فمثلاً بعض الكتاب افتقدوا الى العلمية والموضوعية حيال ما حدث للاتحاد السوفيتي للمدة 1985- 1991، بدليل تم ابداء وجهات نظر نحترمها لو اتسمت بالعلمية والمعرفة الموضوعية بدليل يقول احد المعلقين على ما حدث في الاتحاد السوفيتي ان "الذي ينهار انهياراً مزرياً هو الشيء الخطأ"، والاخر يؤكد على ان "العالم تغيير" ولكن الى اين؟ ولمصلحة من؟ واقع واثر التغيير على الشعوب الفقيرة؟ والاخر يقول "يجب ان نتحرر من قبضة الماضي..." والرابع يصف النظام السوفيتي بـ"نظام حكم احادي ديكتاتوري"!!.
نعتقد، ان هذه الانتقادات وغيرها لا تتسم لا بالعلمية ولا بالموضوعية، فهي وجهة نظر منحازة ويغلب عليها الجانب العاطفي والانحياز للرأسمالية، ولا تود في احسن الأحوال للنظام الاشتراكي، فهذه وجهات نحترمها ولكن نقول، ان ما حدث في الاتحاد السوفيتي خلال المدة 1985- 1991 هو تقويض مقصود ومخطط له من قبل قادة ما يسمى بالبيرويسترويكا وبشكل واع وهادف وتم التعاون والتنسيق مع واشنطن ولندن ويون وباريس وتل ابيب ومع صندوق النقد والبنك الدوليين، ولعب "عملاء النفوذ" في قيادة الحزب والسلطة الدور الرئيس في ذلك.
وينبغي الاعتراف بأن العالم قد تغير، ولكن يجب ان نقول لمن ولمصلحة من تغير العالم اليوم؟
        ويجب ان نؤكد على حقيقة موضوعية وهي من ليس له ماض ليس له مستقبل فالاعتماد على الماضي وقرأته بشكل موضوعي، واخذ ما هو ايجابي ومعالجة ما هو سلبي، هو الموقف العلمي والموضوعي اما فيما يتعلق ان النظام السوفيتي هو نظام أحادي ديكتاتوري؟ نقول أي دكتاتورية؟ فأذا كان المقصود دكتاتورية البروليتارية أي سلطة الشعب فهذا صحيح.
ان ظروف وتجربة ثورة أكتوبر أنتجت تجربة الحزب الواحد والأيديولوجية الواحدة..هذه الخصائص هي وليدة مرحلة تاريخية محددة، فلماذا هذا الخوف؟ ولماذا لم يتم او تناسي النموذج الأميركي أي قيام دكتاتورية البرجوازية في المجتمع الاميركي، أي دكتاتورية الطغمة المالية الحاكمة فالنظام السياسي والاقتصادي في الولايات المتحدة الاميركية هو نظام الحزب الواحد من حيث الجوهر فالحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري هما وجهان لعملة واحدة، فالحزبان من حيث المبدأ هما حزباً واحداً، حزباً برجوازياً يدافع عن مصالح الطبقة الرأسمالية الحاكمة "فالحزبان" يدافعان عن مصالح الطبقة الرأسمالية والنظام الرأسمالي بكل الوسائل، فلماذا يحرم نشاط الحزب الشيوعي الاميركي؟ فأين الديمقراطية وحقوق الانسان في المجتمع الاميركي؟!.
ان الخوف غير المشروع من دكتاتورية البروليتاريا (سلطة الشعب) والهجوم المستمر على هذا الشكل من أشكال نظام الحكم من قبل "رفاق الأمس.." و "عملاء النفوذ" غير مبرر اصلاً، في حين لم يتم التطرق حول نموذج الحكم في أمريكا أي دكتاتورية البرجوازية، دكتاتورية راس المال المالي الاحتكاري الذي دفع ويدفع اليوم شعوب العالم نحو كارثة حقيقية وفي مقدمة ذلك تدمير وانحطاط القيم الانسانية... من اجل معالجة ازماته المستمرة فالمأساة والكوارث التي حلت للشعب السوفيتي- الروسي اليوم، والشعب اليوغسلافي والشعب الافغاني والشعب العراقي وغيرها من شعوب بلدان اسيا وافريقيا واميركا اللاتينية الا دليل ملموس على وحشية ولا انسانية دكتاتورية البرجوازية وهمجية راسمالها المتوحش.
 
ثالثاً- اهم ((منجزات)) البيرويسترويكا- الإصلاح الاقتصادي للمدة 1985- 2010:
ان من "المنجزات" التي أقدم عليها "قادة" عملية البناء والإصلاح الاقتصادي وبشكل واع ومخطط لها هي الأتي:
1. تم تقويض الجزء الهام من المعسكر الاشتراكي والذي يمثل الاتحاد السوفيتي ودول اوربا الشرقية، وكما اختفى اكبر حزب شيوعي يقود دولة عظمى، وتم حل مجلس التعاضد الاشتراكي وحلف وارسو وتم كل ذلك بفعل الخيانة وخاصة في قيادة الحزب الحاكم.
2. أضعاف الحركة الشيوعية العالمية على الصعيد الدولي والعمل المستمر على أضعاف وتفكيك الاحزاب الشيوعية وظهور عدة أحزاب شيوعية في البلد الواحد متصارعة بعضها مع البعض الآخر وهذا هو الهدف الرئيس لخصوم الحركة الشيوعية أي افساد العمل السياسي واضعاف ثقة الجماهير بهذه الأحزاب.
3. محاولة هيمنة القطب الواحد أي القطب الاميركي، مما ادخل ذلك شعوب العالم في دوامة من الفوضى وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وفتح شهية القطب الواحد وحلفاؤه من محاولة بسط النفوذ والسيطرة والاستحواذ على ثروات شعوب العالم وتحت مبررات واساليب غير شرعية وغير ديمقراطية. إن العالم لا يمكن ان يقوم على قطب واحد، بل يقوم على اكثر من قطب، وان يكون القطب الجديد له ايديولوجية خاصة به ومن خلال ذلك يمكن ان يستقر العالم على اساس مبدأ التعايش السلمي بين الشعوب.
4. ان التحول من الاشتراكية الى الراسمالية روسيا انموذجاً قد خلق مصاعب سياسية واقتصادية واجتماعية للنظام الحاكم اليوم، إذ يلاحظ تدهور مستمر للقطاعات الانتاجية وخاصة القطاع الزراعي والقطاع الصناعي، بدليل انخفض انتاج سيارات الحمل لعام 2010 بالمقارنة مع عام 1991 ما بين 6-7 مرة، وانتاج الحاصدات بـ 14 مرة، والتراكتر بـ 34 مرة، وماكينة قطع المعادن بـ 41 مرة، والاخشاب بكل انواعها بـ 31 مرة، والساعات بـ 90 مرة، والكاميرات بـ 600 مرة، وتستورد روسيا الاتحادية اليوم 62% من الطائرات المدنية و 77% من الادوية، و 80% من السلع الغذائية، و 85% من السيارات، و 90% من الاحذية. اما في الاتحاد السوفيتي على سبيل المثال، اذ تم بناء 15 مصنع لصناعة الطائرات وكان يصنع سنوياً 1500 طائرة، اما في روسيا فتنتج 14 طائرة أي اقل بـ 107 مرة مما كان ينتج في الاتحاد السوفيتي، وتستورد روسيا سنوياً 38- 40 مليار دولار قيمة السلع الغذائية وغيرها، وفي الاتحاد السوفيتي وخلال حربه العادلة للمدة (1941- 1945) وجد 600 الف طفل يتيم، في حين يوجد في روسيا وفي ظل غياب الحروب ما بين 2- 4 مليون طفل يتيم، واختفاء 30 الف قرية في الريف الروسي.
5. وفق الاحصاءات الرسمية تفقد روسيا سنوياً بسبب العنف 300 الف شخص، وما بين 30- 40 الف شخص بسبب الخمور غير الصالحة للاستعمال، وما بين 40- 60 الف شخص بسبب الانتحار، ويوجد في روسيا 30 مليون يتعاطون المخدرات و 42 مليون يتعاطون الكحول بشكل مفرط، وتبلغ نسبة النساء المطلقات 62% وذلك لاسباب اقتصادية بالدرجة الاولى، وكما يوجد 4 مليون طفل مشرد ووجود 12.5 مليون معوق، واكثر من 10 مليون امي، و 39 مليون متقاعد، ولا تتجاوز نسبة الاطفال الذين يتمتعون بصحة جيدة في روسيا 20%، وحسب تقرير منظمة الامم المتحدة فان الاتحاد السوفيتي احتل المرتبة الثالثة عالمياً في ميدان التعليم، اما روسيا ففي عام 2007 احتلت المرتبة 41 عالمياً في ميدان التعليم وفي عام 2008 احتلت المرتبة 54 عالمياً وان مستوى وحالة التعليم وبكل مراحله يرثى له وهي في تدهور مستمر ويعود السبب الرئيس الى رفع وتخلي الدولة عن هذا القطاع العام واعطاء دور هام ورئيس للقطاع الخاص الطفيلي، فشعاره اليوم (نقود- شهادة- نقود اضافية) أي اصبح قطاع التعليم قطاعاً تجارياً وليس علمياً الهدف هو تعظيم الربح للديناصورات المالية فقط.
6. بلغت ميزانية روسيا العام 1990 بـ 600 مليار دولار، في حين بلغت ميزانيتها بسبب سياسة الاصلاح الاقتصادي وخصخصة القطاع العام لعام 1998 بـ 20 مليار دولار، وان 80% من الشعب الروسي فقراء، وحسب تقديرات الخبراء في الامم المتحدة فان مستوى الانتاج الصناعي لعام 2010 يشكل 74% من مستوى الانتاج لعام 1990 وللقطاع الزراعي 81% والثروة الحيوانية لمستوى 60% بالمقارنة مع عام 1990 وكما بلغت نسبة مساهمة روسيا في انتاج التكنولوجيا الحديثة 0.3% في السوق العالمية بعدما كانت 8%.
7. بلغ اجمالي الخسارة المادية خلال ما يسمى بالاصلاح الاقتصادي باكثر من 2.7 تريليون دولار اما الخسائر البشرية فهي تعادل ما فده الشعب السوفيتي خلال حربه العادلة 1941- 1945، أي ان الثمن البشري لوصفة صندوق النقد والبنك الدوليين ما بين 27- 30 مليون شخص.
8. تفشي ظاهرة الفساد السياسي والمالي والاداري، اذ بلغ متوسط الرشوة في التسعينات من القرن الماضي ما بين 36- 40 مليار دولار، ثم زاد الى 70 مليار دولار ثم الى 300 مليار دولار، وبنفس الوقت بلغت الاموال المهربة (غسيل الاموال) للمدة 1992- 2008 بـ 7 تريليون دولار، وهذه تشكل خسارة مادية كبيرة للمجتمع والاقتصاد الروسي وهذه الاموال تعمل لصالح الاقتصاد الراسمالي العالمي بشكل عام والاقتصاد الاميركي بشكل خاص، وفي ظل ضعف الاستقرار السياسي وضعف دور الدولة في الميدان الاقتصادي- الاجتماعي وتفاقم حدة الصراع السياسي في روسيا وتفشي البيروقراطية الادارية وضعف الرقابة المالية والشعبية كل هذه العوامل وغيرها ساعدت على هروب راس المال وتفشي ظاهرة الفساد المالي.
خلال الفترة 1992- 2007، بلغ عدد الجرائم وبالمتوسط ما بين 10- 11 مليون جريمة وفي عام 2008 زاد عدد الجرائم الى 14.5 مليون جريمة وهذه الظاهرة الخطيرة في تصاعد مستمر، في حين بلغ عدد الجرائم في الاتحاد السوفيتي خلال المدة 1955- 1985 بـ مليون و 800 الف جريمة، علماً ان الاتحاد السوفيتي كان يشكل سدس مساحة العالم.
9. في ظل اتباع سياسة الاصلاح الاقتصادي والمتمثل بالمنهج الليبرالي المتوحش، وبسبب هذه السياسة المؤدلجة لصالح النخبة الحاكمة، فان روسيا فقدت امنها الغذائي والدوائي والعلمي... اما وضعها الامني- العسكري فأنها تعتمد على القوة العسكرية التي تم تصنيعها في ظل السلطة السوفيتية، وفي ظل تطبيق سياسة اقتصاد السوق الراسمالي والحرية والتعددية والديمقراطية... التي ينادي بها صقور الليبرالية المتطرفة اذ تحول الانسان الى بضاعة يباع ويشترى فالاطفال يباعون في السوق عبر "شركات" وهمية ومنظمات مافوية داخل روسيا حتى وصل سعر الطفل عشرات الالوف من الدولارات، وفي رابطة الدول المستقلة اليوم (جمهوريات الاتحاد السوفيتي يتم تصدير سنوياً 75 الف شابة "للعمل" منها 50 الف شابة من روسيا، ويعود السبب الرئيس الى البطالة وغياب حق العمل المشروع.
10. ان التحول من الاشتراكية الى الراسمالية في روسيا ساعد على تعميق الفجوة الاقتصادية- الاجتماعية داخل المجتمع الروسي وبشكل مرعب، اذ يشير قادة سياسيون روس الى ان 25 عائلة روسية تستحوذ على حصة الاسد من الدخل القومي الروسي والغالبية العظمى منهم من غير القومية الروسية، وكما تشير الدراسات عن وجود اكثر من 100 ملياردير وغالبيتهم من غير الروس تقدر ثروتهم المعلنة فقط باكثر من 520 مليار دولار، وان 0.2% من سكان روسيا يستحوذون على 70% من ثروة الشعب الروسي، وتحتل روسيا المرتبة الثانية في العالم بعدد المليارديرية، في حين احتلت اميركا المرتبة الاولى في هذا المؤشر.
11. اقدم الليبراليون المتطرفون في روسيا على خدعة الشعب الروسي بلعبة ما يسمى بالفاوجر (سند مالي قيمته 10 الف روبل سوفيتي) وحسب اللعبة الخبيثة تم تقدير ثروة روسيا بـ 1،5 تريليون روبل وحسب الإحصاءات الرسمية في وقتها بان عدد سكان روسيا كان 150 مليون نسمة، أي ان لكل مواطن من الطفل حتى كبار السن يحصلون على فاوجر قيمته 10 الف روبل بهدف تحقيق نوع من "العدالة في المجتمع الديمقراطي" علماً ان الغالبية العظمى من المواطنين الروس لا يفهمون ولا يعرفون ماذا يعملون بالفاوجر، بعد ان خدعهم أناتولي جوبايس احد اهم المسؤولين عن تنفيذ هذه الخدعة الكبرى، اذ قال ان قيمة الفاوجر تساوي 2 سيارة روسية!!.
أقدمت المافيا السياسية وبالتنسيق والتعاون مع المافيا الاجرامية وقوى اقتصاد الظل وبدعم واسناد وتخطيط من قبل المتنفذين في قمة السلطة وخاصة من العناصر غير الروسية بجمع هذه السندات (الفاوجر) وبأسعار بخسة تراوحت ما بين 200- 500 روبل، وحتى وصل قيمة الفاوجر سعر قنينة فودكا واحدة، ومن خلال هذا الاسلوب اللاشرعي واللاقانوني استطاعت العناصر غير الروسية ان تجمع حصة الاسد من الفاوجرات في يدها، مما ساعدها على الاستحواذ اللاقانوني ولكن بشكل "قانوني" على اهم المؤسسات الانتاجية ذات الجدوى الاقتصادية الكبيرة.
لقد قدرت الثروة الروسية المكتشفة فقط بـ 335 تريليون دولار، ومن خلال تنفيذ برنامج الخصخصة اللاقانونية وخاصة خلال الفترة 1992- 2000، تم خصخصة 500 مؤسسة صناعية كبرى بـ  7.2 مليار دولار، في حين قيمتها الحقيقية هي 900 مليار دولار، هذه هي السرقة والجريمة الكبرى التي اقدم عليها لصوص البيرويسترويكا- الإصلاح الاقتصادي وتحت شعارات جوفاء وكاذبة وفي مقدمتها: الديمقراطية والتعددية وحقوق الانسان واقتصاد السوق...؟!.
12. ضمن الدستور الاشتراكي للمواطن السوفيتي حق العمل والتعليم والعلاج والسكن المجاني اما في ظل سياسة الاصلاح الاقتصادي فان المواطن فقد فعلياً هذه الحقوق، فمثلاً اصبح الحصول على السكن للغالبية العظمى من المواطنين الروس حلماً بعيد المنال اصلاً، فهو فقط في متناول النخبة الحاكمة والمافيا، فمثلاً المواطن في ظل الاشتراكية يحصل على السكن مجاناً من الحكومة، وبنفس الوقت كان يوجد قطاع تعاوني للسكن تحت أشراف الدولة ايضاً يقوم ببناء مساكن للمواطنين وبسعر معقول، فمثلاً شقة تعاونية مكونة من 3 غرف سعرها 14 الف روبل (أي ما يعادل 3000 دولار حسب سعر الصرف للعام 1987) يتم دفع 5 الف روبل وبقية المبلغ يقسط على اساس 25 سنة.
ان الشقة التي كان سعرها 3000 دولار هي نفسها اليوم يتراوح سعرها ما بين 600- 700 الف دولار، واذا اخذنا بنظر الاعتبار متوسط الاجر الشهري 500 دولار هذا يعني ان المواطن يحتاج ما بين 100- 118 سنة يجمع المبلغ من اجل شراء الشقة وبدون أي انفاق!! هذه هي الراسمالية المتوحشة، وهذه هي سياسة اقتصاد السوق الراسمالي.
لقد رفع ويرفع "الاصلاحيون- الديمقراطيون" الروس بان الاشتراكية هي الجحيم والرأسمالية هي النعيم، نحن لانتفق مع هؤلاء "القادة" ولكن نقول إنهم بالأمس القريب كانوا "قادة- كوادر" شيوعيين في الحزب الحاكم وهم رفعوا الشعارات ومنها: المجد للشيوعية، المجد الى لينين، اما اليوم المجد للرأسمالية... رفضهم للاشتراكية لانهم لا يستطيعون سرقة أموال الشعب وتهريبها للخارج... فهم مع الرأسمالية لأنها تسمح لهم العبث وسرقة ثروة الشعب وبدون حساب ورقابة.
ان الرأسمالية تسحق وتذل الفقراء وباستمرار، فهي نظام مؤدلج وطبقي ومنحاز يخدم الطغمة المالية الحاكمة بالدرجة الاولى.
 


رابعاً- قالوا... وحذروا:
1. يوسف ستالين:
في أيار عام 1941، حذر ستالين من خطر عودة قوى الثورة المضادة في الاتحاد السوفيتي اذ قال ان "ان المهمة الرئيسة لاعداء الشعب السوفيتي هي إسقاط النظام السوفيتي واقامة الرأسمالية... ومن خلال ذلك فسوف تتحول البلاد الى ملحق للغرب، بلداً مصدراً لمواد الخام الأولية وان الشعب السوفيتي سوف يتحول الى عبيد للامبريالية يرثى له...وان هولاء الخونة والحقراء والاذلاء عازمين (من امثال غورباتشوف وياكوفلييف وشفيرنادزة وبوريس يلتسين وكرافجوك...) قبل كل شيء التخلي عن الملكية الاشتراكية وبيعها..".
 
2. غينادي زوغانوف:
ان &q

23
دور الدولة الاقتصادي ـ الاجتماعي في المرحلة الانتقالية
للفترة ( 2010 ـ 2020 ) العراق إنموذجاً

 
 
د . نجم الدليمي
 
 
 
 
مقدمة
 
المبحث الاول :ـ خصائص الاقتصاد والمجتمع العراقي .
 
المبحث الثاني :ـ أثر النهج الليبرالي في الميدان  الاقتصادي والاجتماعي .
 
المبحث الثالث :ـ المهام الرئيسة للمرحلة الانتقالية .
 
1ـ في الميدان السياسي .
 
2ـ في الميدان الاقتصادي ـ الاجتماعي .
 
3ـ في الميدان الخدمي .
 
الخاتمة
 
المصادر
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
مقدمة

ان اشتداد الصراع السياسي الاقتصادي ـ الاجتماعي الدائر اليوم في العراق بين مختلف القوى السياسية  العراقية يكمن جوهره الرئيس حول طبيعة ومستقبل النظام السياسي في العراقي , وفي هذا الصراع تتفاعل العوامل الداخلية مع العوامل الخارجية والمتمثلة بالدول الاقليمية والدولية , والشيء المميز في عملية تحديد الافاق المستقبلية للنظام السياسي العراقي هو ان العامل الخارجي اصبح المؤثر والموجه الرئيس في تحريك العامل الداخلي وفقاً لمصالح القوى الخارجية المتصارعة والمتناقضة في ان واحد .
 
ان المرحلة الانتقالية هي مرحلة ضرورية لاعادة اعمار العراق وتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وهي ترسي المقدمات المادية لعراق امن ومستقر ومتطور , وبلداً متحرراً سياسياً واقتصادياً من القوى الاقليمية والدولية , وفي ظل تحقيق ذلك سوف يحصل الشعب العراقي على كامل سيادته واستقلاله الوطني , وان كل ذلك يتوقف على النضج والاخلاص والوعي لقادة الاحزاب السياسية في العراقي .
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
المبحث الأول :ـ خصائص الاقتصاد والمجتمع العراقي
 
منذ ثورة 14 تمور عام 1958 ولغاية اليوم , كان الاقتصاد العراقي في شكله ومضمونه اقتصاداً رأسمالياً تابعاً ومتخلفاً وشديد الارتباط بالاقتصاد الرأسمالي العالمي .ان من اهم الخصائص الاقتصادية للاقتصاد العراقي هي الاتي:
 
1ـ الاختلال في البنية الهيكلية للاقتصاد العراقي ويتجلى هذا بالدرجة الاولى , في ضعف دور القطاعات الانتاجية الاقتصادية وضعف مساهمة هذه القطاعات في النائج المحلي الاجمالي بدليل في عام 1965 بلغت مساهمة القطاع الزراعي والصناعي في الناتج المحلي والاجمالي نسبة 18 بالمئة و8 بالمئة على التوالي , وانخفضت هذه النسبة في عام 2009  الى 3 بالمئة , و1 بالمئة على التوالي ( 1 ).
 
2ـ ان الاقتصاد العراقي اقتصاداً ريعياً واحادي الجانب , وتطوره , اعتمد بالدرجة الاولى على عوائد النفط , بدليل ان الايرادات النفطية تشكل اكثر من 80 بالمئة من الدخل القومي , وهذه الايرادات تشكل اكثر من 90 بالمئة من ايرادات الميزانية العامة , وكما ان صادرت النفط تشكل اكثر من 95 بالمئة من الصادرات الكلية , هذا يعكس جوهر الاقتصاد الاحادي الجانب .
 
3ـ تنامي وتفاقم ظاهرة الفقر في المجتمع العراقي بدليل ان 23 بالمئة من العراقيون يعيشون تحت خط الفقر وتعمق هوة التفاوت في الفقر بين المدينة والريف , اذ يلاحظ ان مستويات الفقر في الريف العراقي بلغت 65 بالمئة اي ما يعادل ثلاثة اضعاف النسبة في المدينة , وكما تشير الدراسات الى ان 11 بالمئة من الاسر في المجتمع العراقي تعاني من الفقر المدقع و43 بالمئة من الاسر تعاني الفقر المدقع والمطلق (2).
 ونعتقد ان واقع الحال هو اكثر بكثير من المعطيات الرسمية , ومن هنا ينشأ الخطر في المجتمع العراقي , في حالة تنامي معدلات  الفقر . وكما يلاحظ ان حوالي 9مليون من العراقيين يقعون تحت خط الفقر, فمثلاً بلغت نسبة الفقر في المدينة, في محافظة المثنى 49بالمئة وبابل 41بالمئة,وصلاح الدين                              40 بالمئة اما في الريف فبلغت النسبة 75بالمئة,61بالمئة,60بالمئة على التوالي فثورة الجياع في مصر والمغرب ... وما حدث في امريكا الاتينية وما يحدث اليوم في جمهورية قرقيزيا اليوم الادليل ملموس على تنامي  مخاطر الفقر في المجتمع . واصبح الفقر يشكل ظاهرة خطيرة ومتنامية على الصعيد العالمي بدليل ان اكثر من 3مليار شخص في العالم يعانون من الفقر والجوع الحقيقي.
4ـ تنامي معدلات البطالة , بسبب السياسات الخاطئة والحروب غير العادلة , ومنذ عام 2003 تتحمل الحكومة العراقية المسؤولية الأولى في تنامي معدلات البطالة والتي بلغت نسبتها 30 بالمئة وخاصة وسط الشباب , ويعود السبب الرئيس الى تطبيق النهج اللبيرالي المتوحش وكما تشير الدراسات الاخرى الى ان نسبة البطالة بين الذكور بلغت 2،30 بالمئة والاناث  بنسبة 16 بالمئة , وهناك تقدير أخر يؤكد على 30 بالمئة لدى الذكور و 25،4 بالمئة لدى الاناث وفي محافظة الناصرية بلغت نسبة البطالة 2،46 بالمئة والانبار نسبة 2 33 بالمئة (3).
تشكل البطالة ظاهرة اقتصادية واجتماعية رافقت النظام الرأسمالي , وفشل هذا النظام في ايجاد حلول جذرية لها , وفي العراق تعد أخطر مشكلة وهي في تنامي مستمر وبشكل كبير , وتنامي هذه الظاهرة الاقتصادية ـ الاجتماعية الخطيرة يعود الى تطبيق وصفة صنوق النقد والبنك الدوليين وخاصة فيما يتعلق بتنفيذ ما يسمى ببرنامج الخصخصة ، الذي يولد تنامي معدلات الفقر والبطالة والجريمة والتلوث الاجتماعي ... فأحذروا من تطبيق هذا البرنامج المأساوي . 
5ـ ظهور بوادر خطيرة في المجتمع العراقي اذ يلاحظ تعمق الهوة الاقتصادية والاجتماعية داخل المجتمع العراقي اليوم واصبحت عملية الفرز الطبقي والاجتماعي واضحة وملموسة فالحيتان والديناصورات بدأت تظهر اليوم فمن يملك السلطة امتلك المال وتراكمت الثروات وبشكل غير شرعي ومن خلال انشطة ريعية ومضاربات السوق السوداء وعن طريق المقاولات الحكومية غير النظيفة والمتاجرة بقوت ودواء الشعب الذي اغلبه غير صالح للاستعمال ناهيك عن دورالمافيا في قطاع النفط والغاز ... , ومن خلال تفشي ظاهرة الفساد المالي والاداري , بدليل يشير تقرير اميركي على ان (( فشل عملية اعادة الاعمار في العراق التي تبنتها ادارة بوش الابن بعد ان هدرت منذ الاحتلال حتى  منتصف عام 2008 مبلغاً مقادره  (( 117 مليار دولار )) (4). وكما يلاحظ تنامي دور ومكانة اقتصاد الظل او (( الاقتصاد المافوي )) وما له من دور ملموس في تهريب الاموال خارج العراق والمتاجرة بالمخدرات والسلاح ... فهذا يعني اضعاف وتخريب الاقتصاد العراقي .
 
6 ـ سوء نظام الحماية الاجتماعية واستمرار تفاقم مشكلة الخدمات وخاصة الكهرباء والماء والنقل , وتدهور مستمر لقطاعي التربية والتعليم العالي والصحة والاختفاء التدريجي لمفردات الحصة التموينية ولا يستبعد من الغاؤها حسب رغبة صندوق النقد والبنك الدوليين وحلفاؤهما في السلطتين التشريعية والتنفيذية , وفي حالة تحقيق ذلك , سوف تحل الكارثة الاقتصادية والاجتماعية للغالبية العظمى من المواطنين العراقيين وخاصة اصحاب الدخول المحدودة , ومن هنا ينشأ الخطر على المجتمع والاقتصاد العراقي .         
   
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
المبحث الثاني : أثر النهج اللبيرالي في الميدان الاقتصادي والاجتماعي
 
ان صقور الاصلاح الاقتصادي الذين يطالبون ومن خلال مواقعهم في السلطة التنفيذية والتشريعية ... بتطبيق وصفة صندوق النقد والبنك الدوليين وفي مقدمتها ليبرالية الأسعار وليبرالية التجارة وتنفيذ برنامج الخصخصة سيضعون المجتمع والاقتصاد العراقي في حالة من عدم الأستقرار والتأزم المستمر وسيكون المجتمع والأقتصاد العراقي على مفترق طرق وستكون النتائج السياسية والاقتصادية والاجتماعية وخيمة على الغالبية العظمى من افراد المجتمع والمستفيد الوحيد من ذلك هي فئة اجتماعية لاتتعدى في احسن الاحوال 5 بالمئة فقط .
 
يتحمل الثالوث (( المقدس ))  والمتمثل بـ  صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية المسؤولية الأولى في تنامي معدلات المديونية الخارجية للبلدان النامية . وتشكل المديونية فخاً مخططاً لها وبشكل واعياً وهادفاً من اجل ان يمارس هذا الثالوث سلطته الدكتاتورية وممارسة ضغوطاته السياسية والأقتصادية على بلدان اسيا وافريقيا وامريكا الاتينية ... من أجل فرض سياسة أقتصاد السوق الراسمالي على هذه الشعوب , اي تصدير الراسمالية للبلدان النامية .
 
تشكل المديونية الخارجية عبئاً سياسياً واقتصادياً كبيراً على البلدان النامية بدليل بلغ اجمالي الدين الخارجي للبلدان النامية حتى عام 2009 ما يقارب من 3 تريليون دولار , فحكومات البلدان النامية أصبحت عاجزة عن تسديد خدمة الدين ناهيك عن الدين الأجمالي  , فالحل الوحيد يكمن في شطب الديون وخدمتها بالكامل . 
 
ان تنفيذ سياسة الاصلاح الاقتصادي في البلدان النامية ومنها العراق يحمل طابعاً سياسيا وايديولوجيا , اي انه اصلاح اقتصادي مؤدلج , وهو يصب في خدمة مصالح الشركات المتعددة الجنسية ومصالح النخب الحاكمة في هذه البلدان , وتشابكت مصالح هذه النخب الحاكمة السياسية والاقتصادية والايديولوجية مع مصالح الشركات الاجنبية فالاصلاح الاقتصادي حسب وصفة صندوق النقد والبنك الدوليين ليس في صالح الشعوب الفقيرة .
 
ان تنفيذ برنامج الخصخصة سوف لن يعالج المشكلة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تواجه  البلدان النامية بشكل عام وفي العراق بشكل خاص بل سيؤدي الى تفاقم هذه المشاكل , فالخصخصة لايمكن ان تكون بديلاً عن دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي ولايمكن ان تكون بديلاً عن قطاع الدولة
ان من اخطر نتائج النهج الليبرالي هي الاتي :ـ
 
1ـ ان تنفيذ برنامج الخصخصة في جوهره يعني ابعاد دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي , وفسح المجال امام تعزيز وتطوير دور ومكانة القطاع الخاص الرأسمالي وان (( منظرو )) الاصلاح الاقتصادي والخصخصة اعتمدوا على تبريرات غير علمية وغير موضوعية وهي ان قطاع الدولة قطاعاً فاشلاً وانه عديم الجدوى الاقتصادية وهو غير كفوء . ان الهدف الرئيسي لترويج هذه الافكار هو تحويل دور الدولة من مالك لوسائل الانتاج الى دور الراعي والحامي لملكية وسائل الانتاج العائدة للقطاع الخاص الرأسمالي وان (( عبادة وتأليه )) اقتصاد السوق والترويج له يعني فرض وتبني  الرأسمالية كنظام سياسي واقتصادي ـ اجتماعي .
 
2ـ ان الهدف الرئيس لسياسة الاصلاح الاقتصادي حسب وصفة صندوق النقد والبنك الدوليين يعني  معالجة العجز في الميزانية الحكومية والميزان التجاري وميزان المدفوعات وكذلك معالجة المديوينة على الصعيدين الداخلي والخارجي  وأبعاد دور الدولة الأقتصادي والأجتماعي والعمل على تطوير القطاع الخاص الرأسمالي , وتؤكد جميع تجارب دول اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية ودول الرابطة المستقلة ( جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة) ودول اوربا الشرقية , فشل هذه الادعاءات , فالعجوزات المالية والمدوينية ... في تزايد مستمر بالنسبة لهذه الدول .
 
3ـ تعمق الهوة الاقتصادية والاجتماعية على الصعيدين الداخلي والخارجي بدليل , في عام 2008 بلغ عدد المليارديرية في العالم 1125 ملياردير وقدرت ثرواتهم المادية بـ 6،4 تريليون دولار اما في عام 2009 فكان عددهم 1110 ملياردير وقدرت ثروتهم المادية بـ 6،3 تريليون دولار , وثروة هولاء تعادل ثروة مايملكه 3مليار شخص في العالم  , وكما يلاحظ ايضاً زاد عدد المليارديرية في روسيا الاتحادية من 6 ملياردير عام 1996 الى اكثر من 100 ملياردير 2009 (5).
 
4- أن تطبيق النهج الليبرالي ساعد وسيساعد على تفشي ظاهرة الرشوة والفساد المالي والأداري في هذه البلدان المطبقة لهذا النهج , وبحسب رئيس مفوضية النزاهة الأسبق في العراق الى (ان نسبة الفساد في الحكومة العراقية بلغت 70 % وفق تقارير وتصنيفات هيئة الشفافية الدولية )(6) . ويشير تقرير مراجعة مالية أكده مكتب البحرين التابع لشركة  مراجعة امريكية ونشر التقرير في صحيفة الجارديان في 7/تموز عام 2005 وكشف التقرير عن فضائح فساد مالي من قبل سلطة الأحتلال والحكومة العراقية المؤقتة  , ويؤكد التقرير انه خلال ثمانية شهور كان فيها ( الحاكم المدني بريمر مطلق اليد بالعراق حيث قدر ان قرابة 9مليارات دولار  ... قد (اختفت ) !! حين غادر بريمر  في 28 /6/2007 وكانت سلطة التحالف قد أنفقت 20 مليار دولار من أموال العراق (7) .
 
وكما يلاحظ ان ظاهرة الفساد المالي والأداري في العراق هي أشبه بمرض ( السرطان ) أذ يلاحظ تنامي هذه الظاهرة بشكل مخيف أذ تم ( أستشراء الفساد المالي والأداري في مرافق الدولة كافة وهم من كوادر هذه الأحزاب والمتمثله بضياع 300 مليار دولار تخصيصات للسنوات الاربع الماضية
( 2006 – 2009 ) التي لم يرى منها المواطن شيئاً ملموساً )  (8) . ومن أخطر الأفرازات الأقتصادية والأجتماعية الأخرى التي ظهرت في البلدان التي طبقت النهج الليبرالي هو تنامي معدلات الجريمة المنظمة في المجتمع ففي روسيا على سبيل المثال بلغ معدل الجريمة للفترة من عام 1992 حتى عام 2009 مابين 10 – 11 مليون جريمة  , وفي عام 2008 بلغ عدد الجرائم 14,5 مليون جريمة , ناهيك عن تنامي معدلات البطالة والأنتحار وبيع الأطفال والنساء وتفشي ظاهرة المخدرات وخاصة وسط الشباب وهذه هي اهم نتائج التحول الى أقتصاد السوق الرأسمالي في بلدان أسيا وأفريقيا وأمريكيا اللأتينية ... ؟ !
 
فأحذروا خطر الخصخصة
     
 
 
 
 
 
المبحث الثالث :المهام الرئيسية للمرحلة الانتقالية
 
منذ عام 2003 ولغاية اليوم يواجه المجتمع والاقتصاد العراقي ظروف غايـة في التعقيد وأزمات عديدة
سياسية واقتصاديــة واجتماعيــة وأمنيــة..... أي خلال سبع سنوات ( 2003- 2010 ) عاش ويعيش المجتمع والاقتصاد العراقــي حالــة مـن الفوضى وعدم الاستقرار ونتج عن ذلك وضعاً مأساوياً ما لا يحمد عقباه ، فغياب عمليــة التنميــة الاقتصاديــة والاجتماعيــة وسوء التصرف بعوائد النفط أدى الى تنامي البطالة وخاصــة وسط الشباب ، وتفشي ظاهــرة الفساد المالي والأداري والمخدرات والمتاجرة بالسلع ( الحية) وتعمق نهج المحاصصــة الطائفية والسياسية المقيتة وأحتدام الصراع السياسي والاقتصادي بين قــادة الاحزاب السياسيــة فــي العراق حول السلطة والمال وأفاق التطور اللاحــق للنظام السياسي  في العراق ، وبالتالي يمكن القول خلال هذه المرحلة الصعبــة (2003-2010) قد دخل العراق وأقتصاده في مأزق حقيقي لا يمكن ان يستمر طويلاً على ماهو عليه اليوم .
 
نعتقد ان الحديــث عــن المهام الرئيسيــة للمرحلــة الانتقاليــة (2010-2020 ) فــي الميدان السياسي والاقتصادي والاجتماعي تتحدد بالدرجة الاولى بطبيعـة النظام الاقتصادي والاجتماعي اللاحق ولا يمكن فصل هذه المهام عن طبيعة الطبقة الحاكمـة وماهي فلسفتها الأيديولوجيــة، ويمكن القول ان الظرف الذي يعيشــه الشعب العراقي ظرفاً صعباً ومعقداً إضافـة الى ذلك حالة الاقتصاد العراقي شبه المنهار،ان هذه الظروف قد تجعل من العراق حالــةً خاصــةً وشاذةً ينبغي على القوى السياسيــة الوطنيــة من ان تتبنى مشروعاً وطنياً عراقياً خالصاً نابعاً من الواقع الملموس والمعبر عن طموحات هذا الشعب وان يتم تحديد الحلقــة المركزية للمرحلة الانتقالية والتي تكمن في الآتي :-
 
* تحقيق الأمن والأستقرار وإنهاء الأحتلال الأجنبي وبلا وجود قواعد عسكريـة على أرض العراق وان   تنفيذ هذه الحلقــة المركزيــة لا يحتاج الى توظيف رأسمال كبير بل تحتاج الى خلق ثقة وتفاهم ولغــة صريحـة   ومشتركة وواعية وهادفة ومخلصــة بين قادة الأحزاب السياسية العراقية الوطنية.
 اما المهام الاخرى فهي تتمثل بالمهام في الميدان السياسي والذي يتطلب مشروعاً وطنياً اي قيام جبهــة وطنيــة عريضــة تضم كــل الاحزاب السياسيــة العراقيــة وبغض النظر سواء كانت مشاركــة فــي الحكم أو خـارج الحكم وفي الميدان الاقتصادي يتطلب أعطاء اهميــة كبيرة لتطوير القطاعات الأنتاجيــة المادية وخاصة قطاع الزراعة والصناعة، أي خلق تنمية إقتصادية واجتماعية هدفها الأول والاخير هو الانسان وهذا هو أحدالمعالجات لمكافحــة البطالــة فــي المجتمع العراقي ، واعطاء اهمية اضافيــة لقطــاع الخدمات الذي لــه علاقـة مباشرة بحياة المواطن وفي مقدمة ذلك توفير الكهرباء فبدونها لا يمكن ان نحقق طفرة كبيرة فــي تطوير القطاعات الأنتاجيــة وغيرها اضافـة الى توفير الماء الصالح للشرب وتطويــر جاد ومدروس لقطاع الصحــة والتعليم لأنهما علــى حافــة الانهيار شبه الكامل.
 
ان هذه المهام المذكورة أعلاه لا يمكــن تحقيقها الا مــن خلال تعزيــز دور ومكانــة الدولــة فــي الحياة
الاقتصاديــة  والاجتماعية، ويعد الموقف من دور الدولة أحد أهم محاور الصراع السياسي بين الاحزاب السياسيــة العراقيــة ، وكما هو معروف تسعى بعض القوى السياسيـة والمتنفذة في السلطة على ابعاد دور الدولـة من الميدان الاقتصادي والاجتماعي والاعتماد على قوى اقتصاد السوق الحر واعتباره القوة الرئيسية  في الحياة الاقتصاديــة والاجتماعيــة والاعتماد على تطبيق وصفات المؤسسات الدوليـة دون التمعن بجوهر هذه الوصفــة ودراســة تجارب الدول التــي اعتمدتها علــى انها وصفـة مؤدلجةُ وبسبب تطبيق هــذه الوصفــة يؤكد جوزيف ستكلتنر (( كانت النتيجة في العديد من الشعوب الوقوع في مهاوي الفقر في العديد من البلدان بالاضافة الى فوضى اجتماعيــة وسياسيـة . فصندوق النقد الدولي ارتكب أخطاء فــي جميــع الميادين التي شارك فيها .... ولــم تجلب برامج التكيف الهيكلي للنمو المستدام حتى لتلك البلدان كبوليفيا التي التزمت بظوابطــه ))(9) .
 
وكما يـــــراهن بعـــض صــــــقور الاصـــــلاح الاقتصــادي علــى تبني سياسات أقتصاديــة ضارة وبعيدة كــل البعد عــن الواقـع الأقتصادي والأجتماعي ومنها لبرلــة  الاقتصاد العراقــي فــي حين ان (( السياسات النيوليبراليــة تدمر اي أمكانيـة لتدخل حكومي كيزني الطابع لأنتاج أقتصاد رأسمالــي).
وان النهج ((النيوليبرالي هو وصفــة من اجل كارثة اقتصاديـة واجتماعية وبيئية عالمية)) (10).
ان المؤسسات الدوليـة والمتمثلــة بصندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية ... ماهي الا
ادوات سياسية واقتصادية وايديولوجية هدفها الرئيسي السيطرة الاقتصادية على الاقتصاد العالمي وبما يخدم المصالح الايدولوجية والاقتصادية للأمبريالية الاميركية .
 
ان وضع السياسات الاقتصاديــة والاجتماعيـة في القسم الكبير في بلدان آسيا وافريقيا واميركا اللاتينية يعود الى (( مجموعــة مــن العلماء الأقتصاديين فــي هذه البلدان ممن تدربوا فـي الغرب وطبقوا تحليلاً معيارياً تقليدياً وتسنموا  مناصب وزاريــة هــم الذين أدخلــوا فــي الغالب اصلاحات سياسيــة واقتصادية ضخمة بخصوص كبح دور الدولة والاعتماد على آليات السوق ))( 11).
 
يشير فرانسيس فوكوياما (يعمل دعاة الخصخصة وسماسرة السوق المفتوح...على تقطيع اوصال الدولة وتهشيم مؤسساتها) بحيث تغدو مشلولة تماماً في مواجهة معضلاتها القديمة-الجديدة,الفقر والمرض والتنمية,ومؤخراً الارهاب...لم يكن في جعبة نبي الليبرتارية الجديد ، ملتون فريدمان إلا كلمة واحدة يبشر بها المؤمنين من اتباعه الخارجين حديثاً من الفلك السوفياتي:خصخص , خصخص , خصخص لكن فريدمان نفسه أدرك في أواخر ايامه انه كان على خطأ) (12)
 
يلاحظ ان الخطاب السياسي لغالبيــة قادة الاحزاب السياسيــة العراقيــة لم يتغير جذرياً منذ الاحتلال في عام 2003 ولغايــة اليوم فلم يتم التخلي علناً وبالملموس عــن النهج الطائفــي والمحاصصة، ويتم الحديث بالشكل فقط  وليس بالمضمون عـن المساواة وبناء الدولــة المدنية واحترام القانون... وبالمقابل يلاحظ سلوك خطير الا وهو محاولة التفرد بالسلطــة وصناعــة القرار السياسي والاقتصادي مما أدى ذلك الى أشتداد وتفاقــم وتوتر فــي العلاقــات بيــن قـادة الاحزاب الرئيسيــة والحاكمــة إذ يلاحظ (( مازل بعض الماسكين بالسلطــة وصناعــة القرار يمارسون فــي الخفاء ما يرفضونــه فــي العلـن الأمر الذي يتطلب مواصلــة  النضال ضد المحاصصــة والتعصب الأثني اللتين أصبحتا غطاءاً للفساد المستشري في البلاد ومعرقل لأستقراره واعادة بناءه واعماره )) (13).
 
ان كلفــة اعادة اعمار البلاد هــي كلفـة باهضة جداً وفق الامكانيات المتاحة للشعب العراقي وان القطاع الوحيد الرئيسي والذي يلعب الدور الكبير فــي توفير رأس المال هوقطاع النفط وفـي حالة بقاء وأستقرار اسعار النفط مابين 80-90 دولار للبرميل الواحــد ، أذ تشير بعض الدراسات ومنها الدراسات الاميركيــة الى ان كلفــة إعادة اعمار العراق ولغاية 2005 تبلغ (500) مليار دولار، أما بعد 2005 ولغاية اليوم فكـم ستكون الكلفــة ؟ . وكما تشير تقديرات الخبراء الفرنسيين الــى ان كلفــة اعادة اعمار العراق تبلغ ( 600) مليار دولار.
 نعتقد ان الكلفـة الحقيقية لأعادة اعمار العراق ولجيع قطاعاته الأنتاجية والخدمية والالتزامـات والتعويضات الماليــة المتبقيــة مــن الديون تبلغ تريليون دولار والسؤال المشروع هــو : كم سنة نحتاج لتوفير هذا الرقم الفلكي الذي سنحصل عليه من عوائد النفط والغاز ، أما في حالة انخفاض أسعار النفط الى النصف مثلاً فكم ستكون الكلفة ؟!.
 
أن حل المهام الاقتصاديــة والاجتماعيــة ومن أهمها حل مشكلة الكهرباء والماء والبطالة وأزمة السكن والقضاء علــى الأميــة والتي عادت مــن جديد وحسب تقديرات منظمــة اليونسكو كــان عدد الاميين في العراق بعد سقوط النظام السابــق ثلاثــة ملايين فاصبح اليوم أكثر من سبعة ملايين (14). ، وانهاء ملف المديونية والتعويضات وإزالة الألغام التي يتراوح عددها مابين 25-27 مليون لغم ، ناهيك عن تفشي الامراض الخطيرة  في المجتمع  وتلوث البيئــة ...ان كل هذه المهام تحتاج الى تخصيصات مالية كبيرة.
 
ان حل هذه المهام وغيرها يتطلب من الحكومــة الحالية  والحكومات القادمــة وخلال فترة الانتقال مــن ان تضع برنامجاً سياسياً واجتماعياً واقتصادياً مــن أجــل اعادة اعمــار البلاد وان تشارك فــي وضعــه السلطــة التنفيذيــة والتشريعيـة والاحزاب السياسية سواء كانت مشاركة في السلطة او غير مشاركة وان تساهم المنظمات المهنيــة مــن اتحاد نقابــات العمال والفلاحيــن والمثقفين والشخصيات السياسيــة والعلميــة المستقــلة ويتم مناقشة هذا البرنامج عبر وسائل الاعلام المختلفة، وبعد اقرار البرنامج من قبل السلطة التشريعيــة يصبح هذا البرنامج بمثابة قانون خطة العمل للمرحلة الانتقالية وملزماً على جميع السلطات التنفيذيــة والتشريعيــة وعلى الاحزاب السياسيــة وقادتها.... ومــن الضروري ان تتم محاسبـة الجهات الرسميــة والمسؤوليــن الذين يتقاعسون عــن تنفيذ هذه المهام وفق القانون وبغض النظر عـن الموقع الاداري  والسياسي لهذا المسؤول أو ذاك.
 
 
أولاً :- في الميدان السياسي 
 
يعد تحقيق الامــن والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي المفتاح الرئيسي لأعادة أعمار العراق وخلق تنميــة اقتصاديــة واجتماعيــة وان يكـون هدفها الانسان أولاً فلا تنميــة ولا اعادة الاعمار بدون أستقرار في عموم البلاد .
 
ثانياً:- ولاعادة اعمار حقيقية بدون مشاركة فعلية لجميع الاحزاب السياسية العراقية الوطنية بهدف الحفاظ على وحدة العراق ارضاً وشعباً.
ان من أهم الاجراءات السياسية خلال فترة الانتقال هي الآتي :-
 
1- إنهاء تواجـد قوات الاحتلال الاجنبي فــي العراق من أجل إسترجاع كامــل السيادة الوطنيــة ، وان يتم سحب قوات الاحتلال كاملةً من العراق حتى نهايـة عام 2011 ويصبح العراق أرضاً وشعباً متحرراً من القواعد العسكرية الاجنبية وبشكل كامل.
 
2-اجراء تعديلات على الدستور وفق آلية ديمقراطية ومتوازنة من أجل حل جميع التناقضات والغموض
والازدواجيــة فــي كثير من مواده وفقراتــه وتحقيق ذلك سوف يساعد على تحقيق الاستقرار السياسي ويصبح الدستور العراقي أكثر ديمقراطيــة لأنــه القانون الرئيسي فـي البلاد، وبهذا سيساعد على وحدة العراق أرضاً وشعباً.
 
3- العمل على أصدار قانون الاحزاب السياسية ، ينظم عملها ونشاطها وشرعيتها ، والتزامها بالدستور ومنع أستخدام المال العام مــن قبل حــزب أو عدة أحزاب حاكمــة ومنعها مــن أستخدام الدولة لصالحها ومنع الميليشيات سواء كانت عسكريــة منظمــة أو شبــه عسكريـة لأي حزب سياسي وان يعلن الحزب برنامجه ونظامه الداخلي وفقاً لايديولوجيته.
 
4- مــن الضروري اجراء تعديلات جذريــة وجوهريــة وديمقراطيــة علــى قانون الانتخابات سواء كان للبرلمــان أو لمجالس المحافظات... وان تضفي هذه التعديلات علــى القانون الجديد طابعاً ديمقراطياً في شكلــه ومضمونــه، وان يخدم جميــع الاحزاب السياسيــة سواء كانت كبيرة أو صغيرة ، مشاركــة فــي السلطـة أو غير مشاركــة ، ومــن خلال ذلك يمكـن أن نحقق فرص التكافــؤ والعدالـــة والديمقراطية بين الاحزاب السياسية والمجتمع العراقي في آن واحد .
 
5- العمل علــى تشريع قانون ديمقراطي للأتحادات العماليــة والفلاحيـة وكذلك للطلبة والشبيبة والمرأة والمنظمــات المهنيــة الاخرى لكــي تمارس هــذه المنظمات دورها ونشاطاتها المطلبيــة وفــق القانون وضمان واحترام أستقلاليتهـا التنظيميــة والماليــة .... وعــدم التدخل فــي شؤونها الداخليــة وزج هـذه الجماهير فــي عمليــة اعادة الاعمــار لأنها هــي صاحبــة الحق الشرعي في عمليـة التنمية الاقتصادية والاجتماعية .
 
6- اعطاء الحــق الشرعــي والديمقراطــي للشعب العراقــي فــي أختيار نظامــه السياســي والاقتصادي والاجتماعي ومــن دون ممارســة الاساليب الغير شرعيــة والغير ديمقراطية على المواطنين وتحت أية مبررات بهدف فرض النظام السياسي .
 
7- على قادة الاحزاب السياسيــة العراقيــة ان يتفقوا على أيجاد معالجة جذرية لأخطر آفة تفتك في جسم المجتمــع والاقتصاد العراقــي الا وهــي الفساد المالـي والاداري واستخدام القانون كقوة ردع لمن يهدر ويسرق مــال الشعب تبدأ من مصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة حتى يمكن إيصال العقوبــة الى عقوبة الاعدام وبغض النظر عن الانتماء السياسي أو الطائفي وهذا هــو أحد أهم الحلول الجذرية لهذه المشكلــة الخطيرة ، إنها مرض (( سرطان )) يفتك بالاقتصاد والمجتمع العراقي.
 
8- إنتهاج سياسة خارجية مع الدول العربيــة والاقليميــة والدولية تقوم على مبدأ التعايش السلمي بين الشعوب وعلى مبدأ الأحترام والتكافؤ وعدم التدخل في الشؤون الداخلية .
 
 
ثانياً: في الميدان الاقتصادي - الاجتماعي   
 
ان معالجــة المشاكل الاقتصاديــة والاجتماعيــة للأقتصاد والمجتمع العراقــي لا يمكن ان تتم مــن خلال تطبيق وصفــة صندوق النقــد والبنك الدوليين، فأن تــم ذلك سوف يدخل المجتمــع والاقتصاد في مأزق ونفق مظلم لــه بدايــة وليس له نهاية وسوف يلحق ذلك ضرراً بالغالبية العظمى للمواطنين والمستفيدالاول من هذه الوصفــة السحريــة هــي البرجوازية الادارية والطفيليين والسماسرة والمافيا، ومن أجل خلق عملية تنميــة اقتصادية واجتماعية عادلة وهادفة وتحقيق مستوى معاشي مناسب للغالبية العظمى من أبناء الشعب العراقي يتطلب الآتي:-
 
اولاً:- الأقرار بتعدد الانماط الاقتصاديــة فــي مرحلة الانتقال والمتمثلة بقطاع الدولة والقطاع التعاوني
والقطــاع المختلط والقطاع الخاص، وان يكون مبدأ المنافســة المبدأ الرئيسي في المبادرات الاقتصادية بين هـذه القطاعات الانتاجيــة والخدميــة ، وان تضع خطة إقتصادية متوازنة تنظم نشاط هذه القطاعات وان يكون دور كل قطاع مكملاً لدور القطاعات الاخرى وعلى ان يكون نشاط جميع القطاعات الانتاجيـة والخدمية تحت اشراف ومراقبة قطاع الدولـة على أعتباره القطاع الاقتصادي الرئيسي، وان جميع هذه القطاعات تنشط وتعمل وفق آلية قانونية واضحة الأدوار والمهام لكل قطاع.
 
 
ثانياً: اعطاء الدور الرئيسي خلال هذه المرحلة للقطاعات الانتاجيــة الاقتصادية وهي القطاع الصناعي
والزراعي ، وهذا يتطلب وضع إستراتيجيــة صناعيــة وزراعيـة واضحة المعالم والاهداف وتتطلب هذه الاستراتيجيــة تدخل الدولــة المباشر فــي هذه القطاعات الهامــة مــن خلال وضع التخصيصات الماليـة اللازمة لها والتركيز على الصناعات الاستراتيجية وفي مقدمتها الصناعات الكيمياوية
 والبترو كيمياوية والصناعات التعدينية ... ، والعمل على تشجيع الصناعات الخفيفة وكما يتطلب القيام بجرد كامل لمؤسسات القطاع الصناعي ومعرفـة المشاكل والمعوقات والتركيز على المؤسسات ذات الجدوى الاقتصادية ودعم المصرف الصناعي برأسمال بهدف تطوير القطاع الصناعي ، والعمل على إعادة تأهيل الكوادر العمالية الصناعية من العمال المهرة وأستخدام الاساليب الحديثة في العمل ، والعمل على مكافحة البيروقراطيــة والطفيلية واللصوص فــي هذا القطاع الهام. ان كل هذا وغيره ينبغي ان يتــم وفق خطــة علميـة ووفق القانون والتشريعات القانونية واعطاء دور لنقابات العمال في تنفيذ هذه الخطة .
 
اما بخصوص القطــاع الزراعي والذي يعتبر أحد أهم القطاعات الانتاجيــة ويشكل مـع القطاع الصناعي القطاعان الرئيسيان والبديلان بعــد انتهاء عصر النفط . ان القطــاع الزراعي يواجــه مشاكل اقتصاديــة واجتماعية وماليــة كبيرة فهو قطاع يعاني من مشكلة تدهور الانتاج والانتاجية وتقادم الالات والمعدات الزراعية وقلة التخصيصات المالية ومشكلة التصحر والملوحة والهجرة الكبيرة من الريف الى المدينــة وقلة الخدمات وتنامي معدلات الأمية وضعف مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي وغيرها من المشاكل الأخرى .
 
 أن القطاع الزراعي في العراق لا يمكن النهوض به ومعالجة مشاكله العديدة إلا من خلال تدخل
الدولة المباشر ومــن خلال القيام بتأسيس مزارع دولــة متخصصــة بالانتاج الزراعي والحيواني والعمل على تشجيع القطاع التعاوني والخاص.
 
ان أهم دور للدولة في معالجــة ووضع الحلول يكمن من خلال تعزيز دورها ومكانتها وبشكل مباشر في دعــم وتطوير هــذا القطاع الهام ومــن خلال إقامــة المجمع الزراعي- الصناعي ودعم وحمايــة الانتاج ( زراعي – حيواني ) من خطر سياســة الأغراق ووضع سياســة سعرية تخدم المنتج والمستهلك في آن واحد وحتــى لو تحملت الدولة بعض الأعباء والمال، ووضع خطــة علميــة تعالج مشكلــة الملوحــة والتصحر والهجرة من الريف الى المدينة ومعالجة الأميـة وتوفير الالآت والمعدات والبذور والاسمدة ... وبأسعارمدعومة من قبل الدولة والعمل على زيادة التخصيصات الماليــة للقطاع الزراعي وتفعيل دور المصرف الزراعي فــي تقديم القروض الميسرة بهدف تطوير وزيادة الانتاج مع المراقبـة والمتابعة الشديدة حول طبيعة إستثمار القروض ومحاسبــة المخالفين لشروط القرض الأنتاجي . ومـن الضروري ان تكون لدىالحكومــة العراقيــة رؤيــة إستراتيجيــة واضحة المعالم والاهداف حول إعادة إعمار العراق .
 
ينبغي ان تبدأ بوضع خطــة لتطوير القاعات الأقتصاديــة والانتاجيــة ، خطة تنسيق وتكامل بين القطاع
الصناعــي والقطاع الزراعــي ، فالقطاع الصناعــي هــو مصدر إشعاع وتطويــر للقطاع الزراعي وهذه الخطــة تحتاج الى تدخل مباشر مــن قبل الدولــة ، وتوفير التخصيصات الماليــة اللازمـة وإعداد الكادر البشري المتعلم وإصدار التشريعات القانونية التي تنظم عمل هذه القطاعات الرئيسية .
 
ينبغــي ان تكون هذه الأستراتيجيــة جزءاً مــن الأستراتيجيــة العامــة للبلاد من أجل إعادة  الاعمار والتطوير وخلــق المناخ السياسي والأقتصادي والأجتماعــي المناسب وبهـذه الأستراتيجيــة سوف نعالج مشكلــة البطالــة والفقر ونحقق مستوى معاشي لائـق للشعب العراقي ، وهذا هو الهدف الرئيسي لعملية التنمية الأقتصادية . 
 
 
ثالثاُ : في الميدان الخدمي 
 
يُعد قطاع الخدمات مــن احدى أهم القطاعات التي لها علاقـة مباشرة مع حياة المواطن اليومية وبالتالي فأن توفير هذه الخدمات سوف تخلق نوعاً مــن الأمن والاستقرار السياســي والأقتصادي وحتى النفسي للمواطن ولا يمكن تحقيق ذلك إلا مــن خلال التدخل المباشر للدولـة في بعض اهم هذه الأنشطة الخدمية وخاصة في مجال التربية والتعليم وقطاع الصحة .... ومن أهم الميادين التي يجب ان تتدخل فيها الدولة
 
هي الآتي :-
 
أ- قطاع التربية والتعليم العالي
 ينبغــي علــى وزارتــي التربيــة والتعليم العالي من وضع خطــة إستراتيجيـة علمية من أجل أنتشال هذا القطاع مــن حالتــه الكارثيــة وعلــى مختلف المستويات لأن هــذا القطاع الهام هـو الذي يرفد الأقتصاد الوطنــي بالملاكات التعليميــة والمهنيــة المختلفــة التي يحتاجها الأقتصاد والمجتمع العراقــي ومن أهم محاور هذه الأستراتيجية والتي يمكن وضعها لعقدين أو أكثر هي الآتي :-
 
اولاً:- زيادة التخصيصات الماليــة لهــذا القطاع بنسبـة تتراوح مابين 8 – 10 بالمئة من الناتج المحلي الأجمالــي وهذه النسبــة ليست ثابتــة بل قابلة للزيادة السنوية وحسب ما يحتاجه هذا القطاع الرئيسي.
 
ثانياً:- العمل الجاد والمخطط له مــن أجــل تغيير المناهج الدراسيــة تغييراً جذرياً وبما يتلائم ومصلحــة المجتمع والأقتصاد الوطنــي ولجميع المراحل الدراسيــة وهــذا يتم مــن خلال تشكيل لجنـة مركزية من مختلف الأختصاصات العلميــة ولها لجان فرعيــة متخصصـة ويكون أعضاء هذه اللجان متفرغين لهذه المهمــة الصعبــة والنبيلــة وان يكونوا اعضاء هذه اللجان من ذوي الخبرة والنزاهة والكفاءة العلمية .
 
ثالثاُ:- وضع خطة لمعالجــة مشكلــة البطالــة وسط الخريجين فأكثر من عقدين هم يعانون البطالة وهذه خسارة علميــة وماديــة كبيرة تحملها المجتمــع والأقتصاد العراقــي ، والحل السريع لهذه المشكلـة هو إحالـة المعلمين والمدرسين على التقاعد الذين تجاوزت خدمتهم أكثر من 25 سنة مع تحديد مرتب تقاعدي يليق بهم وبما قدموه مـن خدمة جليلة للمجتمع وإحلال محلهم من الخريجين واعتماد سنة التخرج أساس للتعيين وهذا شيء عادل ومنصف.
 
رابعاً:- بناء المدارس وتحديث وترميم المدارس الأخرى وحسب خطــة خاصـة بوزارة التربية اذ تحتاج الى أكثر من 4000 مدرسة جديدة وتوفير الكتب الدراسية والقرطاسية وبالمجان وتوفير الكتب العلمية ولمختلف الأختصاصات والنشرات الدوريــة العلميــة الحديثة للمكتبات في الكليات والجامعات العراقية .
 
خامساً:- وضع خطة لأعداد الكوادر العلميــة بالتعاون والتنسيق مع باقي الوزارت العراقية وخاصة مع
وزارة الصناعــة والزراعــة والعمل على فتح معاهد مهنيـة وفنية صناعية وزراعية وتجارية وسياحية ... وان تحقق هذا سوف نعالج مشكلة البطالة وسط الخريجين وخاصــة خريجي الثانويات وبهـذا يمكن ان نخلق كوادر وسطيــة يحتاجها الأقتصاد الوطني فنحن ليس بحاجـة الى الملايين من الخريجين وهم يحملون شهادات علمية وهم دون المستوى المطلوب أو أشبه الأميين.
 
سادساً:- ينبغي على الدولة ان تعالج مشكلة هجرة الكوادر العلمية واعادتهم للوطن وهذا يتطلب تشريع قانون يضمن لهم كافة حقوقهم وفي مقدمة ذلك توفير السكن الملائم لهم. ان هجرة العقول هـي خسارة علمية ومادية للبلد ، اذ تشير الدراسات الى ان عدد الأساتذة الجامعيين العراقيين العاملين في الجامعات الاميركية بلغ ( 11550 ) إستاذاً جامعياً ، وفـي كندا يوجد ما يقارب ( 3000 ) تقني عالــي المستوى من أصل عراقي (15). فكم عدد الأساتذة في الدول الأوربية والعربية والبلدان النامية الأخرى ؟ إنها فعلاً كارثة علمية حقيقية تحتاج الى وقفة مبدئية من قبل الجهات المسؤولة .
 
سابعاً:- من الضروري ان يكون التعليم إلزامياً حتى المرحلة المتوسطة كخطوة اولى وان يكون ولكافة مراحله وبما فيها الدراسات العليا مجانياً .
 
ثامناً:- الحذر من فسح المجال امام القطاع الخاص فــي ممارســة التعليم لأن هدفــه الأول والأخــير هو تعظيم الربح وليس العلم وهناك أدلــة واضحــة وملموسـة وحتى يمكن القول عنها فاشلة ومأساوية في كثير من البلدان العربيــة ودول أوربا الشرقيـة فالجامعات المفتوحة والجامعات والمعاهد الاهلية اغلبها لم تؤدي الرسالة العلميــة المطلوبة فأحذروا من الأفراط في توسيع دور القطاع الخاص في التربية والتعليم ، فالتعليم لا يخضع للتجربــة فضياع التجربة يعني نحن نخسر زمناً ثميناً يتراوح مابين 40-45 سنة في إعداد الكادر العلمي .
 
 
 
ب- قطاع الصحة
 
1- يجب علــى وزارة الصحــة وبالتعاون والتنسيق مع وزارتي التعليم العالي والتخطيط من وضع خطة لأعداد الكادر الطبي والمهني وبما يحتاجه العراق ولمدة لا تقل عن 20 سنة قادمة .
 
2- ينبغــي زيادة التخصيصات الماليــة لقطاع الصحــة وبنسبــة تتراوح مابين 7-8 بالمئــة مــن الناتج
المحلي الاجمالــي بهدف بناء المستشفيات والمستوصفات الجديدة والعمل الجاد علـى ترميم المؤسسات الصحية في المدينة والريف .
 
3- مــن الضروري تزويد قطاع الصحــة بالاجهزة والمعدات الطبيــة المختلفة والحديثة ومن المناشئ
المناسبة والملائمة في اسعارها وكذلك العمل على تطوير الصناعات العراقية الدوائية.
 
4- ينبغــي على وزارة الصحــة حصراً ان تقـوم بأستيراد الدواء اللازم والضروري ومــن خلال شركات حكوميــة متخصصــة وتتحمل هذه الشركات المسؤوليـة القانونية والأخلاقية حول نوعية وكمية الدواء المستورد ، وضرورة توفيــر الدواء مــن قبل الحكومــة ومدعــوماً ، وفي حالة السماح للقطاع الخاص بأستيراد الدواء فلابــد مــن وضع ضوابط قانونيــة صارمــة لهذا العمل ووضع سياســة سعريـة للدواء للقطاعين العام والخاص .
 
5- من الضروري وضع ضوابط قانونيــة حول طبيعــة ونشاط القطاع الخاص وخاصــة للعيادات الطبية الخاصة وخاصــة فيما يتعلق بكشفيــة المريـض وأسعار إجهزة الفحوصات مثل تخطيط القلب والسونار والمفراس ... وأسعار الدواء الخيالية ، واصبحت هذه العيادات ادوات ضغط نفسي واقتصادي كبير على اصحاب الدخول المحدودة ,فاحذروا من ظهور الحيتان والديناصورات الحديثة في هذا القطاع.
 
6- يجب على وزارة الصحــة ان تضع خطـة هادفة لعودة الكفاءات الطبية التي غادرت العراق ولأسباب مختلفــة إذ تشير الدراسات العلميــة وتقديرات كبار ألمسؤولين العراقيين الى أكثر من (20) ألف طبيب غادر العراق وفــي لندن فقط يوجد (5000) طبيب عراقي اما البقية فهم موزعون بين البلدان الأوربية والعربية ...
 
7- ينبغـي على وزارة الصحة ان تنسق وتتعاون مع وزارة العلوم والتكنولوجيا وغيرها من الوزارات
العراقيــة التي لها علاقــة بموضوع التلوث الأشعاعــي وتفشي الامراض السرطانيـة والجلطة الدماغية والسكتــة القلبيــة وامراض السكر وضغط الدم وغيرها مـن الامراض . ان هذا يحتاج الى وقفة جاده من قبل وزارة الصحــة لان هذه  الامراض بدأت تفتك بالمجتمع العراقي ، إذ يمكن القول ان هــذه الامراض تشكل اليوم الكارثة الحقيقيــة علــى الشعب العراقي ، وفي حالــة عدم معالجة هذه الكارثة فالشعب العراقي وخاصة فقراءه وهم يشكلون الغالبية العظمى محكوم عليهم بالموت البطيء والحتمي .
 
ان الوضع الصحــي بالعراق يمكن وصفــه بالمأساوي فالحروب العبثيــة والحروب غيــر العادلــة كانت السبب الرئيسي فــي  ظهورهذه الكارثــة ، إذ توجد علاقــة وثيقــة بين التلوث الأشعاعي وأستخدام
الأسلحــة المحرمــة دولياً ومنها إسلحــة الأبادة الشاملــة واليورانيــوم المنضــب والاسلحة الكيمياويــة ... التي استخدمتها الامبرياليــة الاميركيــة وحلفائها الدوليين بالضد مــن الشعب العراقي وكــان مــن أحدى أخطر نتائج هذه الاسلحة هي إنتشار الأمراض الخطيرة والكثيرة وفي مقدمة ذلك السرطان. يذكر ان نسبــة التلوث الأشعاعــي فــي العراق بلغت نسبـة 75 بالمئة من مناطق العراق أغلبها مناطــق الوسط والجنـوب ، وان أغلب سكان العراق فــي هــذه المناطــق قــد تعرضــوا لأمراض سرطانيــة ، وفــي العديد مــن المناطق ومــن خلال المسح الأشعاعــي وجد ان 12500 طن من الحديد السكراب ملــوث إشعاعياً ، وأكتشاف الأشعاع فــي مناطق مكتظــة بالسكان ، ففي محافظة البصرة عام 2009 وجــد إرتفاع كميــة اليورانيوم في تربة البصرة من 60-70 بيكريل للكيلو غرام الواحد قبل عام1991 الـى 10000 بيكريل للكيلــو غرام عام 2009 ، وتم تسجيل 36.205 بيكريل للكيلو غرام في المناطــق التــي تركت بها مخلفات الحرب اي القطع الحربيــة الملوثـة بالأشعاع ، فعلى سبيل المثال في محافظــة بابــل هناك مناطق تم تحديدها وتبين ان الجرعــة الأشعاعيـة هي : في المسيب 4.12 ، وفي المحاويــل 5.61 ، وفي الهاشميــة 5.08 وقرب سيطرة الآثار 2.36 ، وفي بنايــة (( فدائي صدام )) السابقــة 2.89 ، اما فــي جامعــة بابــل فكانت 3.33 في حين ان الجرعــة المسموح بها خلال السنـة الواحدة ( 0,5 ). ويوجد أكثر من 40 موقعاً في مختلف انحاء العراق ملوثة بمستويات عالية من خلال الأشعاع وسمــوم ديوكسين ، ومــن أهم المدن هــي البصرة والنجف وبغداد والفلوجـة ...، وان ساحات الخردة المعدنية في بغداد والبصرة تحتوي على مستوى عالي من الأشعاع وهذا من مخلفات اليورانيوم الذي استخدم فــي عامــي 1991 و 2003 ، وتشيــر تقارير وزارة الصحــة بــأن ( 63923) شخص أصيبوا بالسرطان خلال  5 سنوات مضت منهم 32281 من الذكور 31552 مـن الأناث . وكما يلاحظ  ان نسبــة العراقييــن المصابين بمرض السرطان هـي 10 بالمئة ، وان نسبة 18 بالمئة من السكان في جنوب العراق مصابون أو معرضون للأصابــة بأمراض السرطان ، ووصل عدد الأصابات الموجودة في العراق الى أكثر من( 14000) حالة سنوياً .
يؤكد الدكتور جواد العلـي المتخصص بالامراض السرطانية ان العراق يشهد (15000) حالة سرطانية بالسنة منها ما لايقل عن 12 بالمئة في البصرة فقط .
 
يشير تقريـر لشبكــة الأنباء الانسانية (( إيرين)) التابعــة لمكتب الامم المتحدة في عام 1988 سجلت
17 حالــة ، زادت الــى 93 حالة عام 1997 وخلال الفترة من (2001-2008) زادت الى 340 حالة
وتفشي مرض سرطــان الدم لدى أطفال البصرة دون العمر 15 سنــة حيث ارتفــع المعدل السنوي مــن 2.6 فــي عام 1993 الــى 12.2 لكل 100 ألف طفل في عام 2006 . وتدل الارقام والأحصائيات بأن نساء الفلوجــة بتن يتجنبن الحمل والأنجاب خشيــة إنجاب اطفال مشوهيــن إذ ازداد عدد الاطفال الذيـن يولدون بتشوهات خلقية مروعة أما بلا رأس او عين واحدة في وسط الجبهة أو بشرة مصدفة واعضاء مفقودة كليــاً . خلال عامي 1991 و 2003 بأن الحكومــة العراقيــة لم تطمر أكثر من 10 بالمئــة من الدبابات والآليات العسكريــة الملوثــة باليورانيــوم المنضب ، بينما 80 بالمئــة مــن الواقع مرصود ... وحوالي 10 ملايين لغم تلوث البلاد وهناك أكثر من 300 موقع ملوث في العراق
(( 16)) . تتحمل الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها الدوليين و الإقليميين كل المأسي و الكوارث التي حلت بالشعب العراقي منذ عام 1980 و لغاية اليوم وبدليل: استخدمت القوات الامريكية نحو 320 طنا من الذخيرة التي يدخل في صناعتها اليورانيوم منخفض الاشعاع خلال العمليات العسكرية التي شنها التحالف الدولي ضد القوات العراقية لحملها على الانسحاب من الكويت عام 1991.وسجلت السلطات الصحية العراقية ارتفاعا حادا في الاصابة بمرض السرطان وتشوه الاجنة... التشوهات الخلقية. ان الرقم من الارطال الملقاة على العراق من قذائف الدبابات ذ

24
 
الاقتصاد الروسي وسياسة
 ((العلاج بالصدمة ))
  و
 د ور المؤسسات المالية والاقتصادية
  في عملية الانهيار الاقتصادي






                                                                   د.نجم الدليمي                                 



المقدمة

        ان عملية التحول الاجتماعي والاقتصادي التي جرت في الاتحاد السوفييتي السابق من نموذج التخطيط المركزي الى نموذج اقتصاد السوق ، تعد من اولى التجارب  على الصعيد العالمي ، وهي التي كانت ولا تزال مثار الجدل والنقاش الحاد والواسع بين الاطراف المؤيدة والمناهضة .
     لقد تم التحول الى اقتصاد السوق بفعل تضافر العوامل الداخلية والخارجية في آن واحد ،  لتحقيق الهدف المخطط له ، اذ لعب الغرب وخاصة الولايات المتحدةالامريكية والمؤسسات المالية والاقتصادية الدولية دورا كبيرا في هذا التحول من خلال تطبيق وصفة صندوق النقد والبنك الدوليين عبر " البريسترويكا " و " الاصلاح الاقتصادي " منذ عام 1985 حتى يومنا هذا . لقد تم التركيز على التجربة الروسية في عملية التحول ،  لما لروسيا من دور واهمية وخصوصية ،في الميدان السياسي والاقتصادي والاجتماعي على مختلف الاصعدة .
   احتل برنامج < العلاج بالصدمة> ونتائجه العمود الفقري في هيكل ما يسمى بـ( التحول الاقتصادي ) ، وهذه الدراسة هي محاولة لتقييم اهم الابعاد والنتائج لعملية التحول هذه عبر المحاور الاساسية التالية:
المحور الاول : دور الغرب والمؤسسات الدولية في عملية < التحول الاقتصادي > .
المحور الثاني : التحول الى اقتصاد السوق من خلال تطبيق سياسة < العلاج بالصدمة > .
المحور الثالث : تنفيذ برنامج التخصيص .
المحور الرابع : بعض النتائج الاجتماعية ـ الاقتصادية التي تحققت خلال الفترة 1985 ـ 1998 .                               

                                 المحور الاول
 
  دور المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية في عملية التحول الاقتصادي .

      قبل ان نبدأ بتحليل سياسة < العلاج بالصدمة > ينبغي علينا ربط هذه الحلقة الجديدة مع سابقاتها من حلقات سلسة المتغيرات التي جرت في الاتحاد السوفييتي السابق منذ عام 1985 حتى الوقت الحاضر . لابد من معرفة ماذا حدث ويحدث الآن في الاتحاد السوفييتي ــ روسيا ،هل هو اصلاح اقتصادي ام تخريب اقتصادي ؟ ولمصلحة من ؟ . ان هذا يتطلب تبيان اهم المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية التي تحققت منذ وصول ميخائيل غورباتشوف للسلطة حتى يومنا هذا ، وبالتالي يمكن اعطاء وجهة نظر حول ما تم انجازه خلال الفترة من عام 1985 وحتى عام 1998 .
     في عام 1985 بدأت عملية اعادة البناء ، ومنذ عام 1987 بدأ بتشريع قوانين اقتصادية كثيرة تحمل في نواياها وجوهرها جذور للعلاقات الانتاجية الراسمالية في ظل السلطة السوفيتيية، وارست هذه التشريعات مفهوما جديدا وعلاقات انتاج جديدة هو (( القطاع التعاوني )) وهذا القطاع لا يمثل في جوهره الكلخوزات التعاونية التي كانت تشكل احد اهم ملامح الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي السابق، فهذا القطاع التعاوني هو من النمط الراسمالي ، وكان يراد من خلاله العبور من النمط الاشتراكي الى النمط الراسمالي ، واكتسى هذا القطاع الجديد هالة صاخبة من المصطلحات  والشعارات البراقة التي رافقت ولادته ومنها مثلا " التجديد والتعجيل ، اقتصاد السوق ، العلنية ، حقوق الانسان ، والديموقراطية .. " .  فعلى سبيل المثال ( قانون التسيير الذاتي للمؤسسات الحكومية ) ، ان هذا القانون اعطى لمؤسسات الدولة استقلالية شبه كاملة في اتخاذ القرار سواء فيما يخص السياسة الانتاجية والسعرية والتسويق والبيع ، وانتخاب المدراء ... وان الدولة لن تتدخل في شؤون المؤسسات بحجة التخلص من "" المركزية القاتلة "" و "" المعرقلة "" ! علما ان الوضع العام في البلاد لم يكن مهيئا لذلك .

                                      فوضى شاملة

   لقد ادت هذه السياسة الجديدة الى خلق فوضى سياسية واجتماعية واقتصادية ، ثم الى اضعاف وتحجيم دور الدولة الاجتماعي والاقتصادي ، ونتيجة لذلك ظهر الانخفاض المستمر في الانتاج الصناعي والزراعي ، واصبحت المخازن الحكومية شبه فارغة من السلع الغذائية وغيرها ، وظهر نظام البطاقات التموينية (اول ما ظهرنظام البطاقات التموينية كان  اثناء الحرب العالمية الثانية ) هذا ما ادى الى تذمر غالبية المواطنين السوفييت من الوضع الاقتصادي الجديد وعدم الارتياح من الحزب الحاكم والسلطة السوفيتيية، كما رافق ذلك ايضا ظهور (( اقتصاد الظل )) الذي بدأ يتاجر بالانتاج الحكومي بالدرجة الاولى تحت غطاء ( القطاع التعاوني ) مما ساعد هذا التوجه على ظهور الطفيليين والسماسرة والمافيا ، التي تاجرت بقوت الشعب وتشابكت مصالح هؤلاء مع مصالح المتنفذين في السلطة التنفيذية، مما ساعد على خلق وتراكم الثروة لدى البرجوازية الادارية والبيروقراطية والطفيليين والسماسرة والمافيا .   
   بدأت معظم المؤسسات الحكومية " المستقلة "  بزيادة الاجور والمرتبات على اساس " حوافز " مادية من اجل " تشجيع " الانتاج ، و تم هذا بدون ادخال التقنية الحديثة للمؤسسات الانتاجية ، مما ساعد على خلق الفوضى في السوق وغياب التوازن بين السوق النقدي والسلعي ، اذ اصبح عرض النقد المتداول اكثر من عرض السلع مما ادى الى ظهور التضخم النقدي وهبوط قيمة العملة الوطنية وتدهور المستوى المعاشي للغالبية العظمى من المواطنين .
    الغريب في الامر ان نهج " البريسترويكا " قد اقر من الحزب الحاكم والسلطة التشريعية والتنفيذية من اجل تحقيق << العدالة والرفاهية والمساواة!  >> في المجتمع السوفييتي ، معتقدين انه اذا ما انتهت الحرب الباردة بين المعسكرين ، سوف يتم تحرير جانب كبير من الموارد التي كانت توجه للاغراض العسكرية لتحول الى الانتاج المادي .الا ان تحول الاتحاد السوفييتي ودول اوربا الشرقية الى النظام الراسمالي قد خلق طلبا هائلا من جانبها على المعدات والتجهيزات الانتاجية ، وتلك هي بالدقة ، الفرصة الذهبية التي تتطلع اليها كثير من عواصم دول المنظومة الراسمالية للتخفيف من حالات الكساد التي تمر بها .

                      "البريسترويكا" .. نهجا مخططا.

   لقد كانت " البريسترويكا " نهجا واعيا ومخططا له مسبقا منذ وصول غورباتشوف للسلطة عام 1985 ، من اجل تحقيق اهداف محددة الا وهي تصفية الاشتراكية كنظام سياسي واجتماعي ــ اقتصادي ، وتفكيك الاتحاد السوفييتي الى دويلات ضعيفة ومتناحرة ، اذ حدث تفكك روسيا القديمة الموحدة بتاثير عوامل سياسية داخلية ودولية ، وان احد اسباب هذا التفكك هو فساد تلك النخبة الحاكمة , وان الديموقراطيين الروس الجدد الذين فقسوا من بيضة الطغمة الحاكمة في نظام غورباتشوف الفاسد ، " ليس لديهم شعور بالمسؤولية ولا فهم عميق لواجبهم " ، وليس من المستغرب في مثل هذا الجو ان تنال المصالح الشخصية والفئوية افضلية كبيرة امام الحاجات القومية العامة، وتنتصر هنا عقلية " الموظف المؤقت " مع شعاره القذر "" اسرق اكثر وخبئ في مكان ابعد "" وان هذا النهج سوف يجر البلاد الى كارثة اقتصادية وانقلابات اجتماعية ، وفي النهاية اخضاع البلاد للدول الامبريالية.
   لقد بذل الغرب ومؤسساته الدولية جهدا هاما وكبيرا من اجل خلق قاعدة سياسية واجتماعية تكون السند الرئيسي للنظام الاجتماعي ـ الاقتصادي الجديد ، اي بناء الراسمالية في البلدان الاشتراكية، ففي بولونيا تم تاسيس ( حركة التضامن ) لمناهضة النظام الاشتراكي ، وحظيت بالدعم المادي والمعنوي من قبل الغرب ومؤسساته الدولية ، وفي الاتحاد السوفييتي من خلال ما يسمى بــ ( البريسترويكا)التي سهلت عمل ونشاط البلدان الراسمالية ومؤسساتها الدولية من خلال تبني شعارات منها " حقوق الانسان " و" الديموقراطية " و"العلنية"، وفي عام 1990 تم تاسيس اول حركة سياسية داخل مجلس السوفييت الاعلى باسم ( حركة النواب بين الاقاليم)، ذات التوجه الغربي ، وان معظم مؤسسيها وقيادييها هم من قادة وكوادر الحزب الحاكم ، وحظيت هذه الحركة بالدعم المادي والمعنوي والاعلامي من قبل البلدان الراسمالة وخاصة امريكا ، وفي الوقت نفسه فان هذه الحركة كانت على صلة وثيقة مع ممثلي " اقتصاد الظل " في الاتحاد السوفييتي، وبعدها ظهرت حركات ومنظمات سياسية واجتماعية موالية للغرب ومنها على سبيل المثال ( خيار روسيا الديموقراطي ) برئاسة يغور غايدار ، وكتلة ( يابلكا ) برئاسة غورغي يافلينسكي ، وحركة ( بيتنا روسيا ) برئاسة تشيرنوميردن. يقول زيوغانوف : ( لقد وضعت ، منذ البداية ، امام معدي سيناريوهات مأساتنا المعاصرة الذين يقفون وراء الكواليس، مهمة اعداد وتطبيق اسلوب تحويل البلاد تحويلا مسيطرا عليه الى نظام سياسي جديد مطعم بالدكتاتورية).

             استنتاجات البنك الدولي

     في عام 1990 اعد الصندوق الدولي والبنك الدولي ومنظمة الامن والتعاون الاوربي وغيرها من المنظمات تقرير خيوستونسكي  بــ (1200) صفحة بعنوان " اقتصاد الاتحاد السوفييتي .. الاستنتاجات و التوصيات "  كان الهدف من ذلك هو اعطاء تصور ومقترحات لقادة الدول الراسمالية للعمل بها وتحديد علاقتهم السياسية والاقتصادية مع الاتحاد السوفييتي وفقا لشروط محددة من اهمها : تم التاكيد على ان الانتقال السريع يتطلب الانفتاح وادخال نظام اللامركزية في التجارة من اجل تعجيل تكامل واندماج الاقتصاد السوفييتي بالاقتصاد العالمي / وخلال ثلاث سنوات لابد من ضرورة الانتقال الى الاسعار العالمية في العلاقات التجارية ، وخلال سنة الى سنتين ضرورة اقرار الروبل كعملة قابلة للتحويل ، وتحرير الاسعار، وادخال ضرائب جديدة والغاء فروع الوزارات المحلية ، والمساواة في الحقوق والمصالح بين قطاع الدولة والقطاع الخاص المحلي والاجنبي ، وتقليص الاعانات والدعم ، وزيادة سن التقاعد ، وتحديد مستوى الاجور ... ) .

               برنامج الـ 500 يوم

    لقد تم وضع برنامج500 يوم على ضوء تقرير خيوستونسكي من قبل الاقتصاديين السوفييت برئاسة البروفيسور س . شاتالين، وبتراكوفا ، ويافلينسكي وفيودروف وغيرهم ، لقد كان الهدف من ذلك هو زج المختصين والسياسيين والمواطنين السوفييت في مناقشة هذا البرنامج ، واصبح الشغل الشاغل لوسائل الاعلام الرسمية بكل انواعها نقل المناقشات العقيمة للمواطنين لهذا البرنامج المأساوي دون التوصل الى نتيجة ملموسة ، مما ادى ذلك الى خلق الفوضى والارباك السياسي والاقتصادي داخل المجتمع السوفييتي . ان جوهر هذا البرنامج هو شل واضعاف دور الحزب في قيادة وتوجيه جهاز الدولة والمنظمات المهنية والاجتماعية ثم الغاؤه ، والعمل على تكوين قاعدة اجتماعية وسياسية تكون السند للنظام الجديد ، وعلى ضوء هذا البرنامج تم وضع ( برنامج 90 يوم) من قبل القوى " الديموقراطية " الروسية. ففيما يخص القطاع الزراعي :
    تشير الفقرة الثالثة من هذا البرنامج فيما يتعلق بالارض الزراعية ما يلي ، تحويل الملكية العامة للارض الى ملكية خاصة واعطاءها لمن يرغب ولمدة عمل تجريبية تصل الى خمس سنوات ولا تقل مساحتها عن 200 هكتارللمزارع الواحد، والغاء السفخوزات ( مزارع الدولة) والكلخوزات ( المزارع الجماعية ) ، وتحويل كافة ممتلكاتها للقطاع الخاص ومجانا ، وفي حالة ظهور مقاومة محلية لهذا البرنامج لا بد من تشكيل فرق مسلحة يصل عدد افراد كل فرقة الى 50 شخص من اجل الاستيلاء على الارض بالقوة .

                       ضغوطات كبيرة

   في عام 1991 وقع الاتحاد السوفييتي تحت ضغوطات سياسية واقتصادية كبيرة من قبل الغرب ومؤسساته الدولية ، فاقترحت المؤسسات الدولية تشكيل فرق من الخبراء الدوليين لعمل خطة من اجل اصلاح زراعي في الاتحاد السوفييتي تحت عنوان ( استراتيجية الاصلاح في المسالة الغذائية والقطاع الزراعي في الاتحاد السوفييتي ) واهم مقترح في هذه الدراسة هو تنفيذ الاصلاح الزراعي في الريف السوفييتي.
   ان( البريسترويكا) خلقت كل المقدمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية من اجل اضعاف ومن ثم تفكيك الاتحاد السوفييتي ، وفي شباط ـ اذار من عام 1990 التقى ممثلو غالبية البلدان الراسمالية مع قيادة " الحركة الديموقراطية " الروسية برئاسة غينادي بوربوليس وتم وضع ثلاثة سينوريوهات من اجل القضاء على السلطة السوفيتيية وحددت لذلك فترة حتى نهاية 1993، ونشرت صحيفة < البرق >الروسية هذه الوثيقة بعنوان " خطة بوربوليس" ، وفي الواقع تم تنفيذ اخر حلقات هذه الخطة عندما قام الرئيس بوريس يلتسن وفريقه بانقلابهم العسكري في ايلول ـ تشرين الاول عام 1993 ، اذ تم حل البرلمان الروسي المنتخب ديموقراطيا بقوة الدبابات وتم الغاء الدستور السوفييتي كاخر حلقات النظام السوفييتي . وبهذا الخصوص يشير زيوغانوف (( فكل مرحلتنا المضطربة يمكن ان يطلق عليها اسم مرحلة" خيانة النخب العظمى " ، فعندما يدير البلاد موظفون صغار ولصوص وسكيرون فان الاكاديميين ينتحرون )) .

                             المحور الثاني .

   التحول الى اقتصاد السوق من خلال ما يسمى بـ ( العلاج بالصدمة ) ، في 27/ 2/1992 اعلنت حكومة ايغور غايدار" الاصلاحية" برنامجها الاقتصادي المتمثل في تطبيق وصفة صندوق النقد والبنك الدوليين ، وبمساعدة رئيسية من قبل الخبراء الغربيين من امثال جيفري ساكس ، وم . برينشتام ، وغيرهم ، وكان هدف " الاصلاحيين " الروس والخبراء الاجانب هو الغاء اسلوب الانتاج الاشتراكي وخلق اسلوب الانتاج الراسمالي والعمل على اضعاف دور الدولة ومن ثم الغائه فيما بعد ،( وبسبب هذا التحول السريع تدهورت الاوضاع الاقتصادية في روسيا تدهورا حادا في اعقاب تفكيك الاتحاد السوفييتي . وقد اعتقد يلتسين ان الطريقة الوحيدة للتغلب على هذه الازمة هو التحول الى الراسمالية خطوةواحدة ، او ما يسمى بالعلاج بالصدمة . ويتضمن هذا تخفيض الميزانية، وتحرير الاسعار ، واصلاح النظام الضريبي ، وخصخصة الزراعة والصناعة ). ان " الاصلاحيين " الروس الغوا الية السوق الاشتراكي ولم يستطيعوا خلق الية جديدة للنظام الجديد ، اي الية اقتصاد السوق الراسمالي / مما ادى الى دخول البلاد في دوامة من الفوضى السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، كما حولوا بلدهم من بلد منتج الى بلد يعتمد على استيراد اكثر من 70% من السلع الغذائية وغيرها ، واصبحت روسيا بلدا مصدرا لاهم الموارد الخام الاساسية : مثل المعادن والاخشاب والذهب والماس والنفط والغاز.حيث  (( ان انتاج الالماس وتصديره لا يزال حقا حصريا لشركة < ديبرس > الانجليزية اليهودية ، كما تسيطر شركة شيبرون الامريكية على معظم انتاج نفط الشمال وتسويقه ، وقد تحولت العديد من المصانع العسكرية ذات التقنيات العالية الى مصانع للاواني المنزلية والدراجات الهوائية ووسائل التدفئة، وباتت اي صفقة لبيع الاسلحة لاتمر دون الموافقة المباشرة او غير المباشرة للامريكان عليها )).
   لقد عملت حكومة غايدار ـ تشوبايس " الاصلاحية " المتطرفة منذ عام 1992 على رفع يد الدولة في تحديد اسعار السلع وتركها الى الية السوق القاسية دون وضع ضوابط معينة ، مما ادى الى انفجار التضخم الذي ادى الى انهيار شبه كامل للاقتصاد الروسي ، ورافق ذلك هبوط في قيمة الروبل وفقدان اهم وظائفه الاساسية، وبسبب هذا النهج المتطرف الحق  ضرر مادي كبير وخاصة باصحاب الدخول المحدودة .اذ قدرت الخسائر المادية لهؤلاء في ظل حكومة غايدار وحكومة تشيرنوميردين ما بين 470 ـ 530 ترليون روبل ، وبلغ عدد المتضررين ما بين 70 ـ 80 مليون شخص ، واذا اضفنا الى ذلك الانهيار المالي الذي حدث في آب عام 1998 فستصل الخسارة المادية الى ما يقارب 600 ترليون روبل .ان سياسة تحرير الاسعار المفاجىء والسريع وتركها الى فوضى السوق < اي الى السماسرة والمافيا والطفيليين > ادى الى ارتفاع كبير في الاسعار وخاصة في السلع الضرورية منها ، فقد زادت الاسعار في عام 1995 بالمقارنة مع عام 1991 من 3000 الى اكثر من 26 الف مرة ، كما وزادت اسعار بعض السلع عام 1996 بالمقارنة مع عام 1991 من 1000 الى 208333 مرة / وقد ادى ذلك الى هبوط المستوى المعاشي للغالبية العظمى من المواطنين ، وبنفس الوقت تراكمت الاموال الهائلة وبشكل غير مشروع لدى النخبة البيروقراطية الحاكمة والطفيليين والمافيا ....
     ان وقوع روسيا بازمة عامة وشاملة لم يكن سببه  فساد وعدم صلاحية بعض القرارات الادارية فحسب ، بل بسبب الافكار التي كانت للنهج المتبع ايضا ، افكار المذهب النقودي واساليب " العلاج بالصدمة" . ان هذا السلاح المعد من قبل اختصاصي المنظمات المالية العالمية خصيصا للدول النامية والتابعة ، لم يستخدم في اية دولة متطورة ولم يوْت ثمارا ايجابية ، كما ان هذه التعويذه لم تؤد الا الى دفن الانتاج ونهب الناس وتجويعهم .

                  المحور الثالث .
 ما هو الهدف من تنفيذ برنامج الخصخصة؟ 

    تطرح تساؤلات كثيرة عن اسباب تنفيذ برنامج الخصخصة منها : من المستفيد الحقيقي من برنامج التخصيص وما هو الهدف ؟ لماذا لم يتم بيع مؤسسات الدولة بقيمتها السوقية الحالية والحقيقية ؟ هل يمكن اعتبار الخصخصة سرقة منظمة تحت غطاء " القانون " لصالح فئة محددة من المجتمع ؟.
   ان تجربة روسيا بخصوص برنامج التخصيص تعطي اجابات على اسئلة كثيرة ، حيث يدعي " الاصلاحيون " الروس ان الهدف الاساسي من تنفيذ برنامج الخصخصة هو توزيع الثروة على الشعب بالتساوي ، من اجل تحقيق ( العدالة والمساواة) ! كذلك من اجل زيادة الانتاج وتحقيق الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية ، وخلق طبقة متوسطة تكون السند الاجتماعي والاقتصادي للنظام الحاكم . الا ان تجربة روسيا بخصوص الخصخصة تعني بيع المؤسسات الحكومية الانتاجية والخدمية ( القطاع العام ) والتي تم بناؤها بجهد وتعب ومال المجتمع الى القطاع الخاص الراسمالي الذي يمثل نواته الاساسية بعض قادة وكوادر الحزب الحاكم واولادهم البيروقراطيين والطفيليين والمافيا والشركات الاجنبية باسعار زهيدة حتى بلغت في بعض الاحيان جانبا شكليا في تحديد قيمة هذه المؤسسات .
   لقد اعتمد  في تنفيذ برنامج الخصخصة  في روسيا بالاساس على الخبراء الغربيين، حيث اشارت الصحف الروسية الرسمية الى وجود 30 الف خبير اجنبي اكثر من نصفهم يعملون في جهاز لجنة الدولة لادارة الاملاك العامة في روسيا من اجل تنفيذ برنامج الخصخصة .
  عمل " الاصلاحيون " المتطرفون الروس وفي مقدمتهم ايغور غايدار ، اناتولي تشوبايس ، الفريد كوخ ، بوريس فيودروف ، غافريل بوبوف ، وغيرهم بالتعاون والتنسيق مع الخبراء الاجانب على بيع مؤسسات القطاع العام التي لها جدوى اقتصادية وخلال فترة قصيرة دون ضوابط شرعية وقانونية ، كما ان السلطة التشريعية منذ عام 1992 حتى الوقت الحاضر لم تقر او تصادق على هذا البرنامج ، بل تم تنفيذه من خلال قرارات رئاسية فقط ! وهذا ما عكس ويعكس اليوم حدة الصراع بين السلطة التنفيذية والتشريعية حول اخطر برنامج اجتماعي  ـ اقتصادي تم تنفيذه في روسيا ، انه اسلوب غير قانوني واحتيالي ماكر خدع الشعب السوفييتي ـ الروسي فيه من خلال صفقة ( الفاوتشير ) ، وبسبب التنفيذ السريع لبرنامج الخصخصة تم اضعاف دور الدولة الاجتماعي والاقتصادي بشكل كبير وغير منطقي اذ < تشكل مشاركة الدول اليوم في تنظيم الاقتصاد حتى في البلدان المتطورة ، حسب تقديرات الخبراء الاجانب ما بين %40 الى 50% بينما مشاركة الدولة في روسيا انخفضت الى نسبة 15%ـ 20% فقط > .
  نورد بعض الامثلة الملموسة على تنفيذ برنامج الخصخصة في روسيا ، اذ تم بيع 500 مؤسسة حكومية كبيرة بسعر 7،2 مليار دولار ، في حين قدرت قيمتها الفعلية بـ 220 مليار دولار ، وهناك تقديرات تقول ان قيمتها 900 مليار دولار. وتم بيع مصنع ليختشوف والذي يعتبر من اكبر المصانع في موسكو بسعر  44مليون دولار ، في حين قدرت قيمته الحقيقية باكثر من مليار دولار ، وفي صناعة الالمنيوم، اشترى مواطن اسرائيلي 26% من اسهم مصنع الالمنيوم  واشترى آخر 48% من مصنع المنيوم آخر ، وتم بيع مصنع اورال ماش من اكبرالمصانع في الاتحاد السوفييتي بسعر 3،27 مليون دولار ، وتم بيع مجمع الحديد والصلب في مدينة تشيلابينسك لقاء 3،73مليون دولار، ومصنع للجرارات في نفس المدينة تم بيعه بمبلغ 2،2 مليون دولار ،  وهي مبالغ اقل من قيمها الفعلية بشكل خيالي .
   جلب تنفيذ برنامج الخصخصة الكوارث والمآسي الاجتماعية والاقتصادية للشعب السوفييتي ـ الروسي ، فقد قدرت الخسائر الاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن تنفيذ هذا البرنامج خلال الفترة من عام 1996 باكثر من 9،5 كفادريليون روبل باسعار عام 1995.
   كما ان برنامج الخصخصة لم يحقق زيادة في الانتاج ولا تحسين المستوى المعاشي للمواطنين ولا الرفاهية الاجتماعية ـ الاقتصادية ولا خلق طبقة متوسطة التي وعدوا بها ، بل على العكس من ذلك تماما ، فالانخفاض المستمر للانتاج المادي وزيادة معدل البطالة وتركز الثروة بشكل غير شرعي في ايدي 3% من السكان ، وازمة عامة وشاملة في المجتمع ، وعدم دفع الاجور والمرتبات في اوقاتها المحددة . يؤكد البروفيسور ايالكيين ،( بلغت قيمة المتأخرات المستحقة للاقتصاد الوطني حتى الاول من نيسان عام1997 كفادريليونا ومائتا ترليون روبل ) . كما يؤكد فلاديمير يفلوفيج رئيس لجنة الدولة لادارة الاملاك العامة في روسيا السابق في لقاء له مع فيكتور تشيرنوميردين رئيس الورزاء السابق والملياردير الجديد حول التجاوزات التي تمت من خلال تنفيذ برنامج الخصخصة وبشكل غير شرعي وغير قانوني ، موضحا لرئيس حكومته بالارقام والادلة والحقائق الملموسة ، فكان الجواب هو ( لا تعرقل مسيرة الاصلاح .... لا تعرقل عمل اناتولي تشوبايس ... لا تعرقل عملي ... ) ، وبعد فترة تمت اقالته من منصبه .
   اعتبر الكاتب الروسي الكسندر سولجنيتسين المعادي للنظام الاشتراكي السوفييتي ، والذي هاجم عملية الخصخصة على طريقة غايدار  ـ تشوبايس ـ كوخ ، انها ( مآساة ونهب واسع النطاق )  وصرح بان  ( الديموقراطيين لم يجدوا وسيلة لعلاج روسيا من الشيوعية سوى نهبها وتدميرها ) ويتسائل ( كيف امكن لبلد عملاق مثل روسيا ان ينهار فجأة وان يتهاوى روحه وجسده دون ان يتعرض لهزيمة كبرى او حرب اهلية ) ويربط الكاتب بين ذلك الانهيار ووقائع محددة فيقول ( ان شخصا واحدا يملك واحد وخمسون بالمئة من اسهم  اورال ماش  الروسية العملاقة ، وآخر يشتري مائتان وعشرون مليون سهم من مؤسسة غازبروم بروبلات فقدت قيمتها منذ زمن طويل، ومنذ عام 1990 لم يرتفع في روسيا بناء واحد لمصنع كبير ، وخضعنا خلال ذلك كله لشروط صندوق النقد القاسية، بدءا من عام 1990 فاقت نسبة الوفيات في روسيا نسبة المواليد بمليون نسمة تقريبا ) ، لقد رفض الكاتب قبول ارفع وسام قدمه له الرئيس يلتسين وقال ( لا يمكنني ان اقبل وساما وتقديرا من سلطة قادت روسيا الى كارثة ) .
   ان تنفيذ برنامج الخصخصة في روسيا كان لصالح < القطط السمان > والشركات الاجنبية ، وخلق طغمة اوليغارشية ، واعادة توزيع ثروة الشعب لصالح الاغنياءالروس الجدد ، وبالمقابل املاق الغالبية العظمى من المواطنين وتحويلهم الى عبيد ومتسولين وجياع ، مضطرين لبيع قوة عملهم بابخس الاثمان من اجل ابعاد شبح الموت عنهم .
 
                 المحور الرابع .

النتائج الاجتماعية ـ الاقتصادية لسياسة < العلاج بالصدمة > بعض المؤشرات الاقتصادية.

   بينت التخصيصات المالية للقطاعات الاقتصادية وحجم الدخل المتداول والدخول النقدية للمواطنين ، حجم الانخفاض المستمر للتخصيصات الاقتصادية الاستثمارية لجميع القطاعات ، بسبب النهج الاقتصادي الجديد ، مما ادى الى الانخفاض المستمر للانتاج المادي ، كما لوحظ انخفاض تخصيصات التنمية الاقتصادية بالمقارنة ما بين عامي 1985 و 1995 بـ 9،2 مرة ، والضمان الاجتماعي بـ 6 مرات ، والدفاع بـ 7 مرات ، وتطوير العلم باكثر من 17 مرة ، علما ان وزارة الداخلية هي الجهه الوحيدة التي حافظت على مستوى التخصيص المالي ، بل هناك زيادة ملموسة ، والغريب بالامر هوان معدل الجريمة في زيادة مستمرة .
      يعاني نظام الحكم في روسيا من ازمة ماليةحادة ادت الى انهيارشبه كامل للنظام المصرفي ، وهذا يدل على فشل السياسة النقدية " للاصلاحيين " الروس ، اي فشلوا في تحقيق الاستقرار النقدي والنموالاقتصادي ، كما ويلاحظ ايضا انخفاض قروض البنك المركزي ذات الطبيعة الاقتصادية بالمقارنة مع عامي 1985 و1995 بـ 17 مرة ، وحجم الاوراق المالية بـ17 مرة ، والنقد المتداول بـ 11،4 مرة ، للفترة نفسها ، ويلاحظ ايضا انخفاض الدخل النقدي للمواطنين من 245 مليار روبل عام 1985 الى 115 مليار عام 1995، وانخفض الانفاق الاستهلاكي من 200 مليار روبل الى75 مليار روبل ، وانخفض متوسط الاجر من 200 روبل الى60 روبل ، وانخفض متوسط الراتب التقاعدي من 74 الى 30 روبل للفترة نفسها .ان فشل السياسة الاقتصادية للنظام الحاكم في روسيا ترك اثرا سلبيا على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي وبشكل عام و على اصحاب الدخول المحدودة بشكل خاص ، حيث ان 70% من العاملين بالادارات والمؤسسات الحكومية يتقاضون اجورهم ومرتباتهم بعد عدة اشهر من استحقاقها، وحتى تصل في بعض الاحيان الى اكثر من سنة، وان فئة المتقاعدين تشكل ما بين 25الى 30% من عدد السكان ، وان متوسط دخل الفرد منهم لا يتعدى 50 دولار شهريا ، في حين ان كلفة المعيشة في روسيا تعتبر من اعلى المستويات العالمية.
  ويلاحظ انخفاض جميع المؤشرات الاقتصادية ، ويعود السبب الى غياب السياسة الاجتماعية والاقتصادية العقلانية ، وانعدام الاستقرار في البلاد ، كما يستمر الهبوط بقيمة الانتاج المحلي الاجمالي في روسيا من عام 1991 حتى عام 1996. ومنذ عام 1991 اصبحت روسيا  تاتي بعد الهند في خلق قيمة الانتاج المحلي الاجمالي ، ومنذ عام 1993 حتى عام 1996 جاءت روسيا بعد البرازيل واندونيسيا ، اي يمكن القول ان النهج السياسي والاقتصادي ارجع روسيا الى مصاف البلدان النامية بعد ان كانت تعد من الدول المتقدمة، وخلال فترة 1987ـ1988 احتلت روسيا المرتبة الخامسة عالميا في تحقيق الناتج المحلي الاجمالي ، اما في عام 1997 فقد تراجعت الى المرتبة الرابعة عشر ، في حين كان الاتحاد السوفييتي السابق يحتل المرتبة الثالثة عالميا في تحقيق الناتج المحلي الاجمالي .
  ان روسيا كانت ولا تزال البلد الغني بثرواته البشرية والمادية ، وان التحول الى اقتصاد السوق ، وجهل وتطرف " الاصلاحيين " الروس في تطبيق افكار اقتصادية بعيدة عن واقعهم وخصوصيتهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، والامتثال شبه الكامل للغرب وللمؤسسات الدولية وتنفيذ شروطهم الاقتصادية القاسية ، كل ذلك جلب للشعب الروسي الكوارث والمآسي الاجتماعية والاقتصادية ، بدليل تراجعت حصة الفرد الواحد من الناتج المحلي الاجمالي من 6625 دولار لعام 1987 الى 3962 دولار لعام 1996 ، كما تراجعت مرتبة روسيا الدولية في حصة الفرد الواحد من الناتج المحلي الاجمالي من مرتبة 55 لعام 1987 الى مرتبة 99 لعام 1996 ، وبهذا انتقلت روسيا الى فئة البلاد الفقيرة من بلدان اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية فيما يخص حصة الفرد الواحد من الناتج المحلي الاجمالي .
هنا يمكن التوصل الى بعض الاستنتاجات :

1 ـ  نعتقد ان الهدف الرئيسي للغرب ومؤسساته الدولية ليس بناء الراسمالية في الاتحاد السوفييتي ــ  روسيا ، وانما تخريب وتفكيك الاتحاد السوفييتي الى دول ضعيفة ومتناحرة وقليلة وغارقة في المشاكل ، عن طريق البيريسترويكا سيئة الصيت .وجعلها دويلات صغيرة تعيش حالة دائمة من عدم الاستقرار ، كما يمارسون ضغوطا متعددة عليها ، وفي مقدمتها الحصار الاقتصادي غير المعلن على روسيا وخاصة فيما يتعلق ببيع التكنولوجيا والسلاح العسكري لبعض البلدان ، وبالتالي فان كل هذا وغيره يؤدي الى ترويض وتطويق وتقزيم دور روسيا على صعيد علاقاتهم مع رابطة الدول المستقلة وعدم التقارب او الاتحاد فيما بينها ، وبالتالي اضعاف وتهميش دورها على الصعيد العالمي .ان ( اضطراب الاوضاع في روسيا قد يكون ذريعة للحديث عن ضرورة السيطرةعلى سلاحها النووي، اومشاركة حلف الاطلنطي في قوات ردع لمعالجة الازمات الداخلية ، والالتفاف على روسيا سيكون تمهيدا لمخططات اوسع تبدأ باقامة علاقات وثيقة مع دول البالطيق والقوقاز وتنتهي بضم الجمهوريات السابقة الى حلف الاطلنطي ، ومن ثم السيطرة على البحار الاستراتيجية الثلاثة ، بحر قزوين والبحر الاسود وبحر البلطيق ، ان عدوان الناتو على الشعب اليوغسلافي ما هو الابداية حقيقية وخطرة لمشروع الهيمنة والتوسع الامريكي عالميا ،وهو ايضا يعتبر ناقوس خطر جدي وحقيقي على روسيا وبلدان اخرى.
 2ـ جهل وتطرف غالبية " الاصلاحيين " و " الديموقراطيين " الروس في ادارة وتنظيم الاقتصاد الوطني ، اذ اعتمدوا في نهجهم على افكار اجنبية ، افكار فريدمان المتطرفة ، وجيفري ساكس ، وغيرهم . متجاهلين عن عمد واقع وظروف بلدهم ، وليس لديهم رؤية سياسية واجتماعية ـ اقتصادية واضحة في مسيرة " اصلاحهم الاقتصادي " ، فتارة يطرحون تطبيق النموذج الامريكي ، وتارة النموذج الصيني ،وتارة النموذج الارجنتيني ، وتارة يطالبون بتطبيق ( ديكتاتورية اقتصادية ) في ظل اقتصاد السوق الراسمالي ! .
3 ـ نعتقد ان هدف الغالبية من " الاصلاحيين" الروس هو تصفية كل منجزات الاشتراكية ، وان ايديولوجيتهم هي كيف تصبح وباقل وقت ممكن مليونيرا ،ثم مليارديرا ، حيث ان ( طبقة الاثرياء الجدد الذين اغتنوا بسرعة والذين تشبثوا حتى الموت بالسلطة رأوا فيها الضمانة الوحيدة للمحافظة على ملياراتهم الاثمة ) .

25
النتائج الاقتصادية والاجتماعية لسياسة التحول الى اقتصاد السوق   
 الرأسمالي في ظل هيمنة الاحتلال الأجنبي :   (  العراق نموذجا  )



                                                                                  بقلم الدكتور . نجم الدليمي



  الهدف الرئيسي.
 
    ان سياسة التحول الى اقتصاد السوق الرأسمالي وخاصة بعد غياب الاتحاد السوفييتي ، هي احدى اهم الاهداف الرئيسية للامبريالية الامريكية والمؤسسات المالية والاقتصادية الدولية التابعة لها، ومنها صندوق النقد والبنك الدوليين، ومنظمة التجارة العالمية وغيرها من المؤسسات الأخرى , ومن اجل تصدير وزرع النموذج الرأسمالي التابع والمتخلف في هذا البلد او ذاك، يتم اتباع اسلوبان وهما :ـ

الاسلوب الاول .
    يكمن جوهر هذا الاسلوب ، في قيام امريكا ومؤسساتها المالية والمخابراتية ، بالتنسيق والتعاون مع قوى الثالوث العالمي بتأسيس ( احزاب معارضة ) موالية لها ومعارضة للأنظمة الحاكمة الرافضة للنهج الامريكي، وخاصة في البلدان الغنية بثرواتها الطبيعية ،ويحمل هذا الاسلوب اهداف ايديولوجية واقتصادية في آن واحد.
   تقوم الامبريالية الامريكية  لتحقيق هذه الاهداف بشراء ذمم كبار المسؤولين في قمة الحكم او في السلطتين التشريعية والتنفيذية، ومن خلال ذلك تحصل الولايات المتحدة على " حلفاء" او "اصدقاء" يتمثلون بما يسمى احزاب المعارضة وهم القاعدة السياسية والاقتصادية للقيام بالثورة المضادة. و يطلق على هؤلاء بـ( عملاء النفوذ ) ، تقدم امريكا ومؤسساتها الاقتصادية والمالية والمخابراتية لهم كل وسائل الدعم المادي والتكنولوجي ، بهدف تقويض النظم في هذا البلد اوذاك، وقد طبق هذا الاسلوب في الجزء الهام من المعسكر الاشتراكي اي الاتحاد السوفييتيي ودول اوربا الشرقية ،وتحت شعارات وهمية وسيئة الصيت مثل " البريسترويكا" او "حقوق الانسان" او " الديموقراطية" . ومما يؤسف له ان قوى الثالوث العالمي نجحت في تحقيق اهدافها الا ان نجاحها مؤقت ، لأن التحول الى اقتصاد السوق، اي الى الرأسمالية فشل في ان يكون بديلا افضل من الاشتراكية ، وها نحن نرى كيف تعاني رابطة الدول المستقلة ( جمهوريات الاتحاد السوفييتي ) من ازمات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية واخلاقية فهي تسير في طريق مسدود!
  وقد تم تطوير هذا الاسلوب باسلوب اكثر "حداثة"وهو القيام بما يسمى "ثورة الالوان" وهذا ما حدث في اوكراينا وجورجيا.... والمحاولات جارية بالضد من فنزويلا وزمبابوي ولبنان وغيرها من الدول في افريقيا وامريكا اللاتينية واسيا.
  ان من اخطر نتائج التحول الى اقتصاد السوق الرأسمالي المتوحش ، هو ظهور حيتان وديناصورات تسرق وتبتلع ثروات الشعوب ،ومن ثم تحول حصة الاسد منها الى الخارج ويتم ايداعها في بنوك غربية وامريكية، ناهيك عن ظهور اسوء امراض النظام الرأسمالي المتعفن والطفيلي الا وهي ، تفشي الرشوة وتنامي معدلات البطالة وازدياد الجريمة وتعاطي المخدرات والبغاء وتعمق الهوة الاقتصادية والاجتماعية لصالح النخبة العميلة الحاكمة وتشديد التبعية السياسية والاقتصادية للغرب الامبريالي وخاصة الولايات المتحدة.
 
الاسلوب الثاني .
 
 يتمثل هذا الاسلوب باستخدام القوة العسكرية المباشرة والمخالفة للقانون الدولي ,تحت مبررات واهية مثل " غياب الديموقراطية " و"غياب حقوق الانسان" و" الارهاب " و"اسلحة الدمار الشامل" الخ من الشعارات الفارغة اصلا.
 الهدف الرئيسي من هذا الاسلوب هو تقويض النظام السياسي القائم والمعادي لامريكا وحلفاءها . وهذا ما تم في يوغسلافيا السابقة ،عبر الاسلوب العسكري وتقويض نظام صديق او حليف لهم ولكن اصبح غير مرغوب به لاعتبارات خاصة. وما حدث في العراق حيث كان الهدف الرئيسي اقتصادي اي الاستحواذ على منابع النفط والغاز ، اما في افغانستان فقد اوصلت المخابرات الامريكية والباكستانية نظام طالبان للحكم " وكان ابشع نظام عرفه المجتمع البشري " ، وهم قاموا بتقويضه بالقوة العسكرية.

             الحرب من اجل النفط .

   يشير بول.ك. وينيس الى " ان الحرب على العراق مهمة جدا لامريكا لأنها ستؤمن سيطرتها على منابع النفط في هذا البلد الغني بالنفط" ، و" ان امريكا لم تشن الحرب على العراق بحجة وجود اسلحة دمار شامل او ارهاب ، بل لكون العراق يمتلك 60% من فائض النفط الاجمالي". وكما يبين البروفسور الامريكي جون هانز الى ان " النفط يمثل صمام الامان للاقتصاد الامريكي الأن وفي المستقبل" (1)  .
    في عام 1950 كانت الولايات المتحدة تنتج 52% من اجمالي الانتاج العالمي من النفط ، وتقلصت هذه النسبة اليوم الى 11% فقط ، وان الولايات المتحدة تستهلك يوميا 25% من الانتاج العالمي للنفط ، وتحصل على 53% من حاجاتها النفطية من مصادر خارجية، ويتوقع ان ترتفع النسبة الى 62% بحلول عام2020 (2).   تحدث تشيني في معهد النفط سنة 1999 أمام عدد من الشركات النفطية الكبرى قائلا اننا " في سنة 2010 سنحتاج الى كميات اضافية من النفط تعادل 50 مليون برميل يوميا" (3) .
    يبلغ الاحتياطي الاصلي للنفط في العراق 310 مليار برميل < وهناك تقدير آخر يؤكد بأن الاحتياطي النفطي في العراق يتراوح ما بين 400 ـ 500 مليار برميل، اما الغاز فيمتلك العراق احتياطي من الغاز يقدر بـ111  ترليون متر مكعب، وليس من باب الصدفة ان يقترح فيرثون سميث خصخصة القطاع النفطي العراقي وحسب رأيه هو الخيار الامثل للثروة النفطية في العراق (4) .   ان قانون النفط والغاز المطروح بأكثر من مسودة على البرلمان العراقي جوهره خصخصة النفط في العراق . وليس غريبا من ان مؤسسة ( مكتب الولايات المتحدة للتطوير العالمي ) قد دفعت 240 مليون دولار امريكي ـ اي اكثر من 300 مليار دينار عراقي  الى 
    )      bearing point      شركة (
لغرض كتابة قانون النفط والغاز والدعاية له لتمريره في مجلس النواب العراقي ( 5)  .

                                     بعض النتائج


اولا : في الميدان الأقتصادي.

   * تشير تصريحات المسؤولين في هيئة النزاهة الى ان خسائر العراق منذ سقوط النظام الدكتاتوري السابق الى الان بلغت 250 مليار دولار ، بسبب تفشي ظاهرة الفساد المالي ، وفي مجال آخر فقد خسر العراق خلال هذه الفترة 45 مليار دولار من تهريب النفط.... اضافة الى حرق 600 مليون متر مكعب من الغاز سنويا من دون الاستفادة منها (6) .وتقدر خسائر العراق المادية من حرق الغاز سنويا 10 مليار دولار؟!!
 
 * يشير فؤاد قاسم الامير ، الى ان عقود " التنقيب والانتاج" هي عقود مشاركة الانتاج ولكن تم تبديل الاسم ، لان عقود المشاركة في الانتاج ليست مرغوب فيها ، كما يشير الى ان خسارة العراق المادية في حالة تمرير قانون النفط والغاز وفق النموذج الروسي ، وبأفتراض ان سعر البرميل 30 دولار ستكون 143 مليار دولار ، وفي حالة ان يزداد السعر الى 40 دولار للبرميل الواحد ، فستكون الخسارة 194 مليار دولار ، ام اذا زاد الى 50 دولار للبرميل ، فستكون الخسارة250 مليار دولار، اما في سعر 60 دولار فستكون 300 مليار دولار ، وفي حالة ان يكون سعر البرميل 120 دولار ، فستكون الخسارة 600 مليار دولار (7).

* يشير بيرت كيبستسن، احد المسؤولين في صندوق النقد الدولي في هيئة الامم المتحدة للرقابة والأستشارات ، الى ان اكثر من 100 مليار دولار تدفقت على صندوق نفط العراق منذ انشائه عام 2003 ، ولم تستطع هيئة الامم المتحدة للرقابة والأستشارات ان تعلن من جانب واحد ان كل عائدات النفط استخدمت لمصلحة الشعب العراقي في بلد تمزقه الحروب ، وفي عام 2007بلغت عائدات النفط ما بين 25 ــ 30 مليار دولار (8) .

* تشير دراسة اعدها مجلس العلاقات الخارجية الامريكي ، ان الخبراء الاقتصاديون يتوقعون تكلفة حربي العراق وافغانستان ستتراوح ما بين 214 ـــ 415 ترليون دولار حتى عام 2017 ؟! وكما تشير تقديرات مكتب الميزانية التابع للكونغرس الامريكي ،تؤكد في الوقت الراهن ، ان التكلفة الاجمالية لحرب العراق ستبلغ نحو21 ترليون دولار ، وكما يشير الاقتصادي الامريكي جوزيف ستيغليتز، الى ان تكلفة حرب العراق التي تدخل عامها السادس عام 2008 قد تضاعفت ثلاث مرات عن الاعوام السابقة لتصل الى 12 مليار دولار شهريا في عام 2008 (9 ) . سؤال مشروع هنا:  من سيدفع هذه المبالغ الخيالية في المستقبل القريب !!! ام ان كل ذلك "هدية " من اجل " تحرير" الشعب العراقي ؟!!.

* ان شركة بلاك ووتر ، تملك اقوى جيش للمرتزقة في العالم ، وهي شركة امريكية ، ويبلغ عدد اعضاءها في العراق  120 الف مرتزق ويتقاضى كل مرتزق اجور يومية مقدارها 1500 دولار وبحساب بسيط ( 120000×1500=180مليون دولار في اليوم × 30 =5400 مليون دولار في الشهر× 12 شهرا = 64800مليون دولار سنويا.

* كما تشير جريدة طريق الشعب الى ان شركة بلاك ووتر قد استهلكت في عام واحد من حكم بريمر 30% من ميزانية اعمار العراق ، وهي شركة تظم مرتزقة من مختلف الجنسيات ويشكلون ثاني اكبرقوة في العراق ، وهم مدججون بأحدث الاسلحة والمعدات التكنولوجية ، ويكاد يكون نشاطهم وسلوكهم الاجرامي فوق القانون (10) .


ثانيا :  في الميدان الاجتماعي.

1ــ  يلاحظ ان 11% من الاسر العراقية في حالة فقر مدقع،و43% منهم في حالة فقر مطلق ، وان 44% منهم في حالة متوسطة ، وان 2% فقط في حالة غنية ، اي يمكن القول ان 89% من الشعب العراقي في حالة فقر وعوزمادي كبير (11) .
ويلاحظ ان متوسط الاجر الشهري للموظف يتراوح بين 600 ـــ 700 الف دينار عراقي ، اي ما يعادل 500 ــ580 دولار امريكي. اما الحد الادنى للمرتب في دوائر الدولة فهو 120 الف دينار عراقي ، والحد الاعلى للمرتب هو 24 مليون دينار؟! (12) . وبالمقابل يلاحظ ان كلفة او ماينفق على الكلب الامريكي في المنطقة الخضراء والمعروفة بأسم كلاب الحراسة او الحماية لانهاتستطيع بفضل ما تتمتع به من حاسة شم حادة وما تتلقاه من تدريب خاص من اجل التعرف على الاسلحة المحظورة والمتفجرات والارهابيين !!! وكذلك على اعداء العملية السياسية!!ونظرا لدقة هذه المهمة الامنية ، فان الكلب الواحد يتقاضى مرتبا شهريا قدره 10 الاف دولار اي ما يعادل 15 مليون دينار عراقي... وهذا المرتب في الحقيقة خاص بالكلاب البالغة او الراشدة ، اما ابن ( الكلب ) فيتقاضى مرتبا شهريا مقداره 8 الاف دولار امريكي ، يقول احد كتاب جريدة الصباح في عموده اليومي : لقد تمنيت ان اكون كلبا راشدا لاتقاضى 15 مليون دينار او كحد ادنى ابن ( كلب ) لاتقاضى 12 مليون دينار شهريا بدلا من مرتبي البالغ 500 الف دينار ؟! (13) .

2 ــ يلاحظ ان 70% من سكان العراق لا يحصلون على امدادات المياه الصالحة للشرب والاستحمام ، وان 80% من سكان العراق لا يحصلون على خدمات الصرف الصحي ، ويعاني 30% من الاطفال من سوء التغذية < واقع الحال اكثر بكثير من ذلك... > وان 15% من سكان العراق لا يستطيعون توفير ما يحتاجونه من اكل وبشكل منتظم(14) .وان اكثر من ربع مليون طفل عراقي مشرد في الشوارع وهذه الظاهرة الخطيرة في تزايد مستمر ، وان 15% من اطفال العراق المحتل يعملون اعمالا غير نظيفة ( 15) . كما واعتقلت " رائدة حقوق الانسان " 2500 طفل خلال 6 سنوات من الاحتلال وهم من دون سن 16 سنة، منهم 2400 طفل عراقي(16)  .

3ــ منذ سقوط النظام البائد وحتى اكتوبر عام 2007 ، بلغ عدد الاطفال اليتامى 5 مليون طفل عراقي ـ اما تقديرات منظمة اليونسييف حول عدد الاطفال اليتامى في العراق حتى عام 2007 فقد بلغ  5مليون و 700 الف طفل يتيم ، وبسبب هذه الظاهرة المتنامية والخطيرة على مستقبل العراق ، والتي ادت الى ارتفاع نسبة جرائم الاطفال ، وتفشي ظاهرة الشذوذ الجنسي ، والامراض النفسية والعنف والعدوانية والجريمة ، وخاصة وسط الذكور ، وهناك تقدير آخر يؤكد على وجود 7 مليون طفل يتيم ولهذه الظاهرة اسباب متعددة منها الحروب غير العادلة ومن ثم العامل الاقتصادي وغير ذلك من اسباب (17)  .اما عدد النساء الارامل ولاسباب مختلفة كما تم ذكرها ، فقد اختلفت التقديرات حول ذلك ، فقسم يشير الى وجود 5 ملايين امرأة ارملة ، وهناك تقديرات اخرى تؤكد على وجود ما بين 8 ــ 9 امرأة ارملة .

4 ــ خلال الفترة من عام1976الى 1990 ،بلغ عدد المهجرون والمواطنون الذين تركوا الوطن ولأسباب سياسية واقتصادية وامنية ودينية ما بين 4 ـ5 مليون شخص ، اما خلال فترة الاحتلال فقد بلغ عدد النازحين الى خارج العراق اكثر من 2 مليون شخص ، و2 مليون شخص نازح داخل العراق ،تحت وطأة التهديد والعنف الطائفي .... (18) .هذه هي احدى جرائم الانتقال الى الرأسمالية عبر ما يسمى باقتصاد السوق !! .

 
ثالثا : في ميدان الفساد المالي .

  *  يشير رئيس لجنة النزاهة بمجلس النواب العراقي السيد صباح الساعدي " من الصعب تحديد حجم الفساد في البلاد فلا تكاد تخلو وزارة او هيئة عراقية من الفساد " .
*   لقد بلغت ميزانية عام 2007 ، 90 مليار دولار ، وهذا المبلغ يتكون من المبلغ المخصص للعام نفسه ، اضافة الى المبلغ المالي المدور من عام 2006 ، وكذلك المبلغ المتبقي من ما تم رصده للبطاقة التموينية : السؤال هنا، هل تستطيع الحكومة العراقية ان تقدم تقريرا مفصلا حقيقيا وموضوعيا للسلطة التشريعية و للشعب العراقي ، حول كيف تم انفاق هذا المبلغ الفلكي بالنسبة للعراق ؟ نشك في ذلك . وهذا ما اكده ولأكثر من مرة وعبر التلفاز العراقي القاضي وائل عبد اللطيف ، عضو مجلس النواب العراقي .
*  لقد اعلنت وزارة الداخلية العراقية عن وجود 9000 من عناصر الشرطة والضباط وموظفين كبار لديهم شهادات مزورة ، كما وتم ضبط 905 من العراقيين لديهم شهادات مزورة في وزارة التعليم والبحث العلمي يحملون شهادات الماجستير والدكتوراه ، وبنفس الوقت يؤكد وزير التربية والتعليم ان الوزارة قد كشفت 1000 من الشهادات المزورة ....(19) ، والحبل على الجرار كما يقال !! .كما وتم ضبط 4000 شهادة مزورة صادرة من الولايات المتحدة الامريكية .(20) ، كما واشارت الصحف الرسمية الى تورط احد المسؤولين في مجلس الوزراء يعمل في الامانة العامةلمجلس الوزراء بقضية فساد مالي من خلال شرائه سيارتين بقيمة مليار ونصف المليار دينار عراقي واستخدمها لاغراض شخصية ، ضمن صفقة سيارات خاصة تم شراؤها للأمانة العامة (21) .
*  اشارت الصحف العراقية الى ان كبار المسؤولين في وزارة الدفاع العراقية ، بما فيهم وزير الدفاع السابق حازم الشعلان وفريقه ، قد سرقوا اكثر من 4 مليار دولار !! ويقول رئيس هيئة النزاهة وكالة السيد موسى فرج الى " ان الفساد المالي قد انتشر في البلاد بعد سقوط النظام البائد وبشكل كبير من خلال ملف الاعمار" ويؤكد ايضا " ان الهيئة ستفضح ملف المبالغ المودعة من قبل النظام السابق خارج البلاد والتي قد تصل الى اكثر من 200 مليار دولار ، والمعلن اليوم عن ما يقارب 60 ملياردولار منها. (22) ، واعلن نائب رئيس الوزراء الدكتور برهم صالح الى ان العصابات المسلحة والفساد المالي والاداري في الموانئ العراقية تسببت في خسارة مالية تقدر بـ 3 مليار دولار سنويا ...(23) .
* تشير دراسة اقتصادية الى ان " الراتب الذي يتقاضاه عضو البرلمان العراقي لم يتمتع به اي عضو برلمان في العالم ، فمجموع رواتب نواب الشعب العراقي السنوية البالغ عددهم 275 عضو بلغت 49 مليار و500مليون دينار عراقي !!! ويقدر مرتبه في اليوم بـ500 الف دينار عراقي ، وسوف يزداد المرتب كل دورة بمعدل 9 مليار و840 مليون دينار عراقي " على ما يبدو اخذوا بنظر الاعتبار وجود تضخم مفرط في الاقتصاد العراقي ..."وسوف يصبح اجمالي الرواتب للدورة القادمة 59 مليار و364 مليون دينار عراقي ، وتتوالى هذه الزياد كل اربع سنوات حتى تصبح كل ميزانية العراق رواتب للبرلمانيين...(24) .

سفير ام حلمدار.
   نشرت جريدة البينة  بتاريخ11/6/2008 ما يلي < ابدى كثير من الزوارالايرانيين امتعاظهم  من عدم ظهور اسمائهم في قوائم افواج الزائرين الراغبين في زيارة الاماكن المقدسة في العراق ، رغم دفعهم كافة المستحقات المالية لمنظمة الحج..... ونتيجة للاحتجاجات  الكثيرة التي اثارها الزوار واللغط الكثيرالذي اخذ يتداوله المواطنون الايرانيون ، واتهام مكتب الحج بالتلاعب بالأسماء ،  تسربت بعض المعلومات من بعض العاملين في مكتب الحج تفيد بأن المدعو ( مهدي ) ابن السفير العراقي محمد مجيد عباس الشنيج والذي يملك شركة ( مهد اوزير) في ايران يقوم بالتعاون مع والده السفير بأستبدال الأسماء التي حصلت على الموافقة عليها من قبل وزارة الخارجية العراقية بأسماء زوار أخرين بعد دفعهم عمولة مجزية للسفير العراقي >  كما واوضحت الجريدة   < اشار العاملون المذكورون بأن السفير وابنه لم يكتفوا باخذ عمولة قدرها 515 دولار امريكي لحسابهم الشخصي عن كل زائر ايراني بالأتفاق مع منظمة الحج... وان الاتفاقية الموقعة بين الجانبين الايراني والعراقي تتضمن ارسال افواج متكونة من 3500 زائر يوميا ، ويزداد العدد الى 5000 زائر في المناسبات الدينية ، وبحساب بسيط فأن مردود السفير العراقي في طهران لا يقل عن 19250 دولار امريكي في الايام الاعتيادية ويصل الى 27500 دولار امريكي في ايام المناسبات الدينية.... اي ان المردود السنوي الثابت لهما من الزيارة فقط يصل الى عشرة ملايين بالتمام والكمال للحملدار وابنه> . ( جريدة البينة 11/6/2008 .
   نقول لقادة الاحزاب السياسية الرئيسية وغير الرئيسية ، المشاركة في الحكم وغير المشاركة في الحكم ، ان يتخلوا عن الاستحواذ للمنافع الشخصية ، وان يتخلوا عن المبدأ السيىء الصيت الا وهو مبدأ المحاصصة الطائفية ـ السياسية في التعيينات سواء كان ذلك للوزارات ا ولمختلف الدرجات الوظيفية الاخرى وكذلك في تعيين السفراء والدرجات الوظيفية الاخرى في السفارات العراقية في الخارج.
 ان هذا الاسلوب قد اثبت فشله عندما استخدمه النظام البائد ، وأنتم جميعا ايها القادة والكوادر الحزبية للاحزاب المشاركة في الحكم اليوم قد ادنتم وبشدة هذا الاسلوب السيىء عندما كنتم في المعارضة السياسية؟ فماذا حدى بكم اليوم تطبقون هذا المبدأ وبابشع صوره ؟ امن المعقول انكم لم تدركوا النتائج المآساوية لهذا الاسلوب؟!!! .
    نعتقد من الضروري على قادة الاحزاب السياسية ان يرشحوا الاشخاص من ذوي الكفاءة والنزاهة والاخلاص الذين يشعرون بالمسؤولية من ابناء شعبنا ، ومن حملة الشهادات العلمية المرموقة والمعترف بها ، وان لا يتم حصر ذلك على الحزبيين فقط .ان السلطة التنفيذية هي ملك لكل العراقيين الخيرين والأكفاء وليس حصرا على البعض الذين يتصفون بالألوان المتعددة والزاهية والتي لا تعد ولا تحصى ، وانتم ايها القادة السياسيون عندما تجلسون في البرلمان وتناقشون اسماء المرشحين لسفراء في الخارج او مناصب اخرى وهي لاتحمل ادنى المواصفات المطلوبة ، حتى وصفتهم بعض الجرائد بنعوت من العيب ذكرها هنا ، كيف توافقون على ترشيحهم لهذه المناصب ؟؟! . ان تحويل غالبية الوزارات والسفارات العراقية الى اقطاعيات ومحميات متخلفة في شكلها ومضمونها ، امر لا يخدم تطلعات الشعب العراقي ، ولا يخدم اي حزب من الاحزاب ، بل العكس هو الصحيح ، فالحياة اثبتت وبما لايقبل الشك فشل عدد غير قليل من الوزراء العراقيين ، واصبحوا لا يحضون بثقة واحترام الشعب العراقي ، ومن اهم الوزارات هي وزارة النفط ووزارة الكهرباء ووزارة التجارة ، فنقترح على هؤلاء الوزراء ان يقدموا استقالتهم لانهم فشلوا  ولفترة طويلة في تأدية مهامهم، وفي حالة عدم تقديم استقالتهم ، نطلب من رئيس الوزراء السيد/ نوري المالكي ان يقيلهم ، وفي حالة تعذر ذلك ، يتوجب على مجلس النواب العراقي ان يقيل هؤلاء وابدالهم بوزراء ذوي كفاءة وخبرة .... تتلائم ومستوى المهام الموكلة اليهم . ان هذه الوزارات وغيرها اصبحت " تفرخ " حيتان وديناصورات مالية مرعبة اثرت وبشكل غيرشرعي على اقتصاد الشعب العراقي .
  ان الاستمرار على اسلوب المحاصصة الطائفية ـ السياسية ، سوف يسيء الى سمعة العراق والعراقيين وللاحزاب الحاكمة ، فبنهجكم هذا تكررون وترتكبون نفس اخطاء النظام السابق وعلى كل الاصعدة والميادين المختلفة والنتيجة معروفة لكم جميعا وبدون استثناء . فلماذا هذا الاصرار على النهج المقيت والسيىء ، فالعراق هو المالك لجميع العراقيين وليس هو ملكا لهذا الحزب اوذاك ؟!.    ان اي تقدم وتطور للحياة السياسية والاقتصادية والثقافية لا يمكن ان يتم ويتحقق الا من خلال وضع الرجل المناسب في المكان المناسب  بغض النظر عن التوجه السياسي ، فالولاء للوطن وخدمة الشعب العراقي هي فوق كل اعتباروتتفق عليه كل الشرائع والقوانين، فا لعمل بهذا المبدأ من اجل تحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية والرفاهية والاستقرار لشعبنا المعذب والمضطهد ولفترات طويلة .
 

رابعا :في ميدان قطاع التعليم.

   ان الخطر الذي يواجه قطاع التعليم اليوم ، لم يكن وليد الصدفة ، بل بدأ هذا الخطر في بداية السبعينات من القرن الماضي ، عندما اقدم النظام السابق على تبعيث نظام التعليم وخاصة الكليات الانسانية ( كلية التربية ، والفنون ... ) وهذه احدى الجرائم البشعة التي ارتكبها النظام السابق في ميدان التربية والتعليم، لأن نتائج هذه السياسة كانت كارثيةحقا سواء على صعيد المدرسة الابتدائية او المتوسطة او الاعدادية ومن ثم الجامعية ، وحتى الدراسات العليا ( الماجستير والدكتوراه ) لم تكن بالمستوى المطلوب ، وفي ظل الاحتلال الاجنبي تعمق هذا الاتجاه الخطير ولكن بثوب آخر ،فمستوى الطلبة العلمي وبجميع المراحل مستوى كارثي ومتدني جدا .
  ان من اهم الاسباب التي ادت الى ذلك هي : غياب الخطة العلمية لقطاع التربية والتعليم من قبل وزارتي التربية والتعليم العالي والبحث العلمي ، فقلة التخصيصات المالية وسوء التصرف بها اصلا ،وقلة المصادر العلمية والنشرات والدوريات العلمية ، وتفشي الرشوة ، وبيع الاسئلةالامتحانية للطلاب ، وتفشي ظاهرة الشهادات المزورة وعلى مختلف المستويات ، وتكريس الهيمنة السياسية ـ الطائفية في الجامعات والمعاهد والاعداديات لاتجاهات محددة ..... ، ان كل هذه الامراض الخبيثة قد ادت الى تدني المستوى العلمي لجميع المراحل الدراسية بما فيها طلبة الدراسات العليا، فهل من المعقول ان يسمح للطالب ان يعيد الامتحان للدور الاول والدور الثاني والدور الثالث ....؟ وبسبب هذه السياسة الغير علمية فأن المعاهد والجامعات العراقية والاعداديات بدأت تخرج في الغالب اشباه اميين وغالبيتهم لن يصلحوا ولن يستطيعوا ان يخدموا بمستواهم العلمي المجتمع والاقتصاد ، واصبح الحصول على الشهادة وعبر وسائل متعددة هدفها الرئيسي .

اغتيال وهجرة الكوادر العلمية.
   ان مسلسل استهداف الاساتذة والكفاءات العلمية والاطباء والمهندسين .... طال العديد من اساتذة الجامعات العراقية في الآونة الاخيرة على ايدي جماعات مسلحة " مجهولة " مما دفع العديد منهم للهجرة خارج البلاد خشية تعرضهم للتصفية الجسدية .
  و خلال فترة الاحتلال تم اغتيال 232 استاذا وتم خطف 80 منهم واعتقال 30 ، وهجر اكثر من 3000 استاذ جامعي . وذكر في آخر احصائية نشرت في جريدة المركز الدولي لرصد الانتهاكات في العراق بأن نحو 500 عالم عراقي تم اغتيالهم على ايدي مجهولين .
   افاد تقرير اعدته المنظمة الدولية للتربية و الثقافة والعلوم( اليونسكو) ( ان ارتفاعا ملحوظا قد سجل في السنوات الثلاث الاخيرة في وتيرة الاعتداءات وعمليات الاغتيال والخطف و التعذيب التي تطال الأوساط التربوية في العراق ، فمنذ سقوط نظام صدام  قتل 280 استاذا جامعيا و296 موظفا في القطاع التربوي عام 2005 فقط و180 استاذا بين شباط ـ تشرين الثاني من عام 2006(25 ) .
 هنا يطرح السؤال التالي : لماذا ولمصلحة من يتم ذلك؟ وما هي القوى " الخفية: التي تقف وراء ذلك ؟ . وتشير تصريحات كبار المسؤولين ، منذ سقوط النظام البائد ولغاية 2007 ، قد هاجر 20000 طبيب عراقي وان 70-% من الاطباء قد غادروا العراق ، وان 80% من كبار الاطباء والمستشارين قد غادروا العراق . وبهذا الخصوص يشير ناظم عبد الحميد  نقيب الاطباء العراقيين ، ان ما بين 60 ــ 70 % من الاطباء قد غادروا العراق ولأسباب امنية بالدرجة الاولى ( 26 ) .

خامسا : في الميدان العسكري .

   اتهم وزير الدفاع  العراقي السيد عبد القادر العبيدي " القوات الامريكية وجهات داخلية باثارة الشكوك حول صفقة الاسلحة مع صربيا ، بهدف اعاقة تسليح الجيش العراقي "   كما    " وجهه انتقادات لاذعة للقوات الامريكية في تلكؤ التسليح ، في عقد امريكي سابق لتدريب طلبة عراقيين في مجال الطيران ، مبينا ان هذه العقود تقضي بتدريب الطلبة مقابل 2 مليون دولار تتقاضاها عن كل طالب في العام الواحد ، مشيرا الى ان هذا المبلغ وحده يقارب سعر شراء طيارتين عسكريتين"   كما اشار الى   "  ان الجانب الامريكي قد طلب نسبة < عمولة> نحو 4% من قيمة العقد مع جمهورية صربيا " (27 ) .
   يشير القاضي وائل عبد اللطيف ،عضو مجلس النواب الى " وجود اكثر من 28 مليشيا مسلحة من الاحزاب التي تقود السلطة، ويمكن ان يطلق عليها المافيا الاجرامية المنظمة والموجهة " . وهناك تقدير آخر يشير لوجود اكثر من 50 مليشيا اجرامية تعود للاحزاب السياسية سواء كانت في السلطة اوخارجها ؟؟ ، ثم يؤكد القاضي وائل عبد اللطيف " لقد اصبح سياسيونا للاسف هم يخلقون المشاكل ويؤزمونها عمليا ولا يعالجونها"  ، نتمنى على المراهقين في العملية السياسية ان صح التعبير ان ينتبهوا الى الواقع الذي يجري في العراق!!، ثم اشار ايضا الى " ان الاحزاب الدينية التي ادت دورا كبيرا في ما وصل العراق اليه من رداءةالوضع الامني ، اتمنى ان يدرسوا تجربتهم ويعيدوا تقييم الوضع .... ( 28)  .

جيش جديد او مليشيا رسمية جديدة.
   لقد بلغ عدد اعضاء مجالس الصحوة في العراق80 الف شخص ، وهناك تقديرات اخرى ان العدد 92 الف شخص ، وهم في تزايد مستمر ، ولا ينكر من ان اعضاء الصحوة قد لعبوا دورا ايجابيا في اضعاف تنظيم القاعدة والمتطرفين من المليشيات الاخرى ، علما بان 80% من عناصر الصحوة من السنة و20% من الشيعة (29 ) ان اغلب اعضاء الصحوة من السنة قد تم ضمهم الى الجيش والشرطة والأمن بهدف ايجاد توازن طائفي في هذه المؤسسات.
    وليس غريبا في ظل الفوضى وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي ـ الاجتماعي في العراق ، ان تنشط اجهزة الأمن والمخابرات الاجنبية ، فحسب تصريح وزارة الداخلية يوجد اكثر من 25 جهاز مخابرات اجنبية يعمل في الوقت الحاضر في العراق بشكل غير رسمي ، ولكن واقع الحال ـ كما نعتقد ـ ان عدد اجهزةالأمن الاجنبية يفوق ذلك ، والرقم الأكيد يمكن ان يكون لدى جهاز المخابرات الامريكية، وجهاز الموساد . فهل هذا معقول؟ واين السيادة الوطنية واين الأمن الوطني !!!.

 ان التحول نحو اقتصاد السوق الرأسمالي سوف يساعد على تعميق الهوة الاقتصادية ـ الاجتماعية داخل المجتمع ولصالح النخبة الحاكمة وبشكل كبير ومرعب ، ويفاقم الصراع الطائفي ـ القومي ، ويضعف الوحدة الوطنية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمع العراقي ، ويكرس التبعية والتخلف والاذلال والفقر للغالبة العظمى من الشعب العراقي ، ولا يستبعد من  ان هذا التحول قد يؤدي الى تقسيم العراق الى " دويلات" رأسمالية هشة وضعيفة ومتخلفة ومتصارعة فيما بينها ، وخير دليل على ذلك ظهور فكرة الأقاليم ومنها اقليم الشمال ، اقليم الوسط ، اقليم الجنوب ، وغيرها من الاقاليم المحتملة الظهور في المستقبل.
   ان هذا النهج الخطير سوف يخلق المقدمات السياسية والاقتصادية ـ الاجتماعية والثقافية لظهور نمط معين من الفاشية في العراق ، لان الفاشية هي الوليد الشرعي للنظام الرأسمالي .
   هذه هي النتائج السياسية والاقتصادية والاجتماعية لسياسة التحول نحو اقتصاد السوق الرأسمالي الذي جلب وسوف يجلب كل المآسي والعذابات والفقر والمجاعة والحروب وعدم الاستقرار في العراق.
              فالحذار من هذا التحول ؟!.
   
المصادر.

1ـ مجموعة مؤلفين ، النفط العراقي والسياسة النفطية في العراق والمنطقة ، في ظل الاحتلال الامريكي ، مركز العراق للدراسات ، رؤية مستقبلية ، بغداد ، السنة 2007 ، صفحة 175.
2ـ انظرالمصدر السابق صفحة139،145،172.
3ـ فؤاد قاسم الامير ، ثلاثية النفط العراقي ، بغداد ، السنة 2007 ، صفحة 22ـ23 .
4ـ مجموعة مؤلفين ، مصدر سابق ، صفحة 153،340.
5ـ فؤاد قاسم الامير ، مصدر سابق ، صفحة 27.
6ـ طريق الشعب ، 9/6/2008.
7ـ فؤاد قاسم الامير ، مصدر سابق ، صفحة 146، وجريدة بلاغ الشيوعية ، العدد 24، تشرين الثاني السنة 2007.
8ـ جريدة المشرق ،13/4/2008 .
9ـ نفس المصدر .
10ـ طريق الشعب ، 25/9/2007.
11ـ جريدة الصباح ، 4/5/2007.
12ـ طريق الشعب ، 28/5/2008.
13ـ جريدة الصباح ، 17/1/2008.
14ـ طريق الشعب ، 2/10/2007.
15ـ جريدة الصباح ، 1/10/2007.
16ـ جريدة البينة ، 28/5/2008.
17ـ جريدة المدى ، 29/10/2007 ، 16/12/2007.
18ـ جريدة المدى ، 13/3/2008.
19ـ جريدة الصباح، 5/12/2007.
20ـ جريدة الصباح ، 13/8/2007.
21ـ جريدة الصباح ، 19/1/2008.
22ـ جريدة الصباح ، 9/1/2008.
23ـ جريدة الصباح، 13/3/2008.
24ـ جريدة صوت الاهالي ،العراقية، 29/4/2008.
25ـ جريدة الصباح، 20/11/2007.
26ـ جريدة المدى ، 8/11/2008.
27ـ جريدة الصباح ، 27/4/2008.
28ـ جريدة المدى ، 24/4/2008.
29ـ جريدة الشرق الاوسط ، 10/3/2008.
30ـ جريدة السيادة ، 29/5/2008.


                                                                                    موسكو
                                                                               اكتوبر /2008


26
هجرة الكفاءات العلمية العراقية
الاسباب والمشاكل والحلول  *


                                                                                                     د. نجم الدليمي
مقدمة
تُعد مشكلة هجرة الكفاءات العلمية واحدة من اخطر المشاكل التي تواجه بلدان آسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية ، فهي تشكل ظاهرة سلبية وخطيرة على هذه البلدان من الناحيتين العلمية والمادية، وان المستفيد والرابح الاول من هذه المشكلة هي البلدان الاجنبية، أذ تقوم هذه البلدان وعبر وسائل وطرق متعددة على جذب هذه الكوادر العلمية المؤهلة من خلال تقديم وعرض المغريات المادية وغير المادية من اجل الهجرة والبقاء والعمل لصــالح البلد " المضيف" لهم.
ان دراسة مشكلة عودة الكفاءات العلمية هي من المشاكل الهامة التي تواجه العراق اليوم، فلابد من دراسة هذه المشكلة من خلال أبعادها العلمية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، وماهي الأسباب الحقيقية التي تقف وراؤها ، وكذلك لابد من تحديد المشاكل الرئيسية التي تواجه عودة الكفاءات العلمية العراقية ، وماهي الحلول والمقترحات الجذرية لهذه المشكلة ، وهذه هي المهمة الرئيسية التي تقف امام السلطتين التشريعية والتنفيذية وامام مؤتمر الكفاءات العراقية خارج العراق.

اولاً: أبعاد المشكلة والعوامل المؤثرة فيها
نعتقد ان مشكلة "هجرة العقول" لها ثلاثة ابعاد رئيسية مترابطة ومكملة بعضها مع البعض ولايمكن الفصل بينهما وهي الآتي:-
1_ البعد العلمي: كما هو معروف ، تسعى البلدان المتقدمة على استغلال الظروف السياسية والاقتصادية – الاجتماعية ... الصعبة التي تواجه الكوادر العلمية في البلدان النامية ومنها العراق بالعمل على سحب هذه الكوادر عبر اساليب مختلفة لصالحها لما تملكه هذه الكوادر العلمية من مؤهلات وخبرات علمية رصينة وكفوءة وبالتالي تستطيع البلدان المتقدمة من استثمار هذه الكفاءات لصالح تطورها الاقتصادي – الاجتماعي والعلمي، وبنفس الوقت يتم حرمان البلدان النامية ومنها العراق من جهد وخبرة هذه الكوادر العلمية ، اي بمعنى أخر افراغ البلد النامي من خيرة كوادره العلمية الوطنية.
2_ البعد الأقتصادي: يكمن البعد الأقتصادي في ان " هجرة العقول" العلمية تشكل مكسباً مادياً كبيراً للبلدان المتقدمة ، اذ تحصل هذه البلدان على كوادر علمية جاهزة لم يتم اي انفاق مالي عليها، وبالتالي يمكن القول انها تشكل ربحاً اقتصادياً كبيراً للدول المتطورة ، وبنفس الوقت تشكل هجرة الكوادر العلمية خسارة علمية ومادية كبيرة على بلدانها لايمكن تعويضها، وبالمقابل تبقى هذه البلدان النامية متخلفة من الناحية العلمية والاقتصادية بالمقارنة مع البلدان المتطورة.
3_ البعد السياسي : تشكل النخبة العلمية في اي بلد النواة السياسية والعلمية الرئيسية لما لها من دور ومكانة وتأثير مباشر على الحياة والاحداث السياسية والاقتصادية – الاجتماعية والثقافية ، ويعود سبب هذا الدور لما تملكه هذه الكوادر العلمية من وعي ونضج سياسي ومن معرفة علمية وهذا ماتخشاه بعض الانظمة في البلدان النامية ومنها البلدان العربية.

ان هجرة الكوادر العلمية لم يكن وليدة صدفة، بل احياناً يتم التخطيط لها من قبل الدول المتقدمة من اجل تحقيق عدة اهداف في مقدمتها اهداف علمية واقتصادية وسياسية وثقافية في آن واحد ، وان هذا النهج سوف يؤدي تكريس تبعية هذا البلد او ذاك مع البلدان المتطورة ، وهذا مايذكرنا ماقاله احد السياسيين العراقيين في فترة الستينات من القـــرن الماضي اذ قال" ألف أمي خيرٌ من مثقف هدام"؟!.
ومن هنا جاءت الدعوة الهامة لعقد مؤتمر علمي لمناقشة هذه الظاهرة الخطيرة من اجل عودة الكوادر العلمية الوطنية للعراق ومن كافة الاختصاصات العلمية بهدف مساهمة هذه الكوادر في اعادة اعمار العراق في كافة ميادينه العلمية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ، وان يصبح عراق اليوم عامل جذب لهذه الكوادر العلمية وليس عامل طرد لها، ولايمكن تحقيق هذا الهدف الكبير والمشروع إلا من خلال تدخل الدولة المباشر وفق خطة علمية وموضوعية واضحة المعالم والاتجاهات ، وعليه فأن مشكلة " هجرة العقول" العلمية تحمل طابعاً علمياً وسياسياً واقتصادياً ، ولايمكن ان تكون هذه المشكلة الخطيرة خارج هذه الابعاد.

ثانياً: مراحل المشكلة وعواملها الموضوعية
لقد مرت هجرة الكوادر العلمية بمراحل زمنية مختلفة واختلفت نسبة هجرة الكفاءات العلمية بأختلاف طبيعة المرحلة الزمنية ، وكما كانت تشكل إنعكاساً لاحتدام وتفاقم الصراع السياسي والاقتصادي والايدولوجي بين القوى السياسية العراقية ، ولها اسباب موضوعية وذاتية.
ان اهم المراحل التي اتسمت بها " هجرة العقول" العراقية هي:

المرحلة الأولى: امتدت من عام 1963 حتى عام 1970.
خلال هذه المرحلة القاسية مارست الانظمة السياسية الحاكمة في العراق مختلف اساليب الاضطهاد والتنكيل والتعذيب والقتل وحتى ممارسة الاسقاط السياسي لخيرة الكفاءات العلمية العراقية وخاصة ذات التوجه الوطني واليساري ، مما أجبر قسماً من هذه الكفاءات والتي سنحت لها الفرصة بمغادرة العراق ولأسباب سياسية بالدرجة الأولى.

المرحلة الثانية: بدأت من اواسط السبعينات من القرن الماضي حتى عام 2002.
تميزت هذه المرحلة باشتداد الصراع السياسي بين الحزب الحاكم من جهة ، وبين الاحزاب السياسية العراقية التي كانت معارضة للنظام الحاكم من جهة اخرى وكانت طبيعة الصراع تحمل طابعاً سياسياً وايديولوجياً ، اي صراع على السلطة وخلال هذه المرحلة العصيبة عانى الشعب العراقي بشكل عام والنخبة العلمية بشكل خاص من مرارات وقهر وعذابات انسانية واقتصادية لامثيل لها في العالم ، وبسبب الاضطهاد السياسي والحروب غير العادلة وفرض الحصار الاقتصادي اللاشرعي والظالم كل هذه الاسباب وغيرها قد شكلت عوامل رئيسية دافعة في هجرة غالبية الكوادر العلمية بما فيها المحسوبة على النظام الحاكم سابقاً.

المرحلة الثالثة: بدأت من ابريل عام 2003 ولغاية عام 2007.
بعد سقوط النظام الحاكم على ايدي قوات الاحتلال الاجنبي سادت الفوضى السياسية والأمنية والاقتصادية وخاصة منذ اواسط عام 2004 حتى اواسط عام 2007، حيث اشتد الصراع الطائفي والسياسي في آن واحد حتى وصل الأمر بأن الشعب العراقي على ابواب الحرب الأهلية ، وكانت قوى داخلية واقليمية وحتى دولية تقف وراء هذه "الفوضى المنظمة" ولكل قوى حساباتها الخاصة بها.
           ان أهم ما تميزت بها هذه المرحلة هي اشتداد او تفاقم العامل الطائفي بالاضافة الى العامل السياسي والأمني ، مما ترك كل ذلك أثره السلبي على النخبة العلمية العراقية وبغض النظر عن انتمائها السياسي او الطائفي مما دفع نسبة غير قليلة من خيرة الاساتذة وخيرة الاطباء والمهندسين والفنانين ... الى مغادرة العراق بسبب المضايقات والتهديدات والقتل ، إذ خسرت الجامعات والمعاهد العراقية المئات من خيرة الكوادر العلمية سواء الذين استشهدوا او الذين غادروا العراق بسبب الانفلات الأمني والصراع الطائفي ، وهذه تعُد اكبر خسارة علمية ومادية على الشعب العراقي ومستقبله.
نعتقد ، هناك اربعة عوامل رئيسية واساسية لعبت مجتمعة دوراً كبيراً في هجرة الكفاءات العلمية العراقية وهي:
1.    العامل السياسي
2.    العامل الاقتصادي
3.    العامل الطائفي
4.    العامل الأمني

نعتقد ، ان هذه العوامل الأربعة أختلف دور ومكانة وطبيعة كل عامل منها ارتباطاً بطبيعة المرحلة وطبيعة النظام الحاكم، فمنذ الستينات من القرن الماضي وحتى عام 2002 لعب العامل السياسي اي الاضطهاد السياسي والعمل الاقتصادي دوراً كبيراً في " هجرة العقول" العلمية ، واخذت هجرة الكفاءات العراقية الهجرة الواسعة ومعظمها بشكل غير رسمي ، فقسماً منها اتجهه نحو البلدان العربية وفي مقدمتها جمهورية اليمن الديمقراطية والجزائر وليبيا ، والقسم الآخر هاجر الى بلدان اوربا للعيش والاستقرار ، اما المرحلة من عام 2003 حتى اواسط عام 2007، فأن السبب الرئيسي لهجرة الكفاءات العراقية يعود بالدرجة الاولى للعامل الطائفي – الأمني والسياسي، وذهب ضحية هذا الصراع الطائفي والأنفلات الأمني المئات والالاف من خيرة الكفاءات العلمية بحثاً عن العيش والاستقرار، وشكلت هذه الهجرة خسارة علمية ومادية وكارثية لايمكن تعويضها في الأمد القصير.
وكما لايستبعد من ان هذه الهجرة الكبيرة للنخبة العلمية ان تكون عفوية بل هناك قوى داخلية واقليمية ودولية تقف وراء جذب الكفاءات العلمية العراقية والهدف الرئيسي من ذلك هو افراغ العراق من كوادره العلمية الوطنية وابقاء البلد يدور في دوامة من الفوضى السياسية والاقتصادية والاجتماعية وجعله بلداً تابعاً ومتخلفاً في ميدان العلم والتكنولوجيا.
إن المعالجة الجذرية لهذه العوامل بهدف عودة الكفاءات العلمية العراقية من الخارج يتطلب من قادة الاحزاب السياسية العراقية ان تتوحد وفق برنامج وطني موحد والذي يتضمن: نبذ مبدأ المحاصصة الطائفية المقيت، الرفض والتخلي عن العنف والاغتيال السياسي، واقرار مبدأ التداول السلمي للسلطة وعلى مختلف المستويات والعمل بالمبدأ السليم والعادل ألا وهو الرجل المناسب في المكان المناسب بغض النظر عن الانتماء السياسي واعتماد مبدأ الانتخابات الديمقراطية الحرة والمباشرة في الجامعات والمعاهد العلمية، إبتداءاً من رئاسة الجامعة وعمادات الكليات ورؤساء الاقسام العلمية، وتوزيع الصلاحيات العلمية والأدارية توزيعاً عادلاً بين الجامعة والكلية والقسم العلمي بما يخدم المسيرة العلمية.
           أن الالتزام بهذه المبادئ سوف يضع حداً لكل الأساليب اللاشرعية واللاديمقراطية وسوف يساعد على تحقيق دعائم الأمن والاستقرار لعموم الشعب العراقي بشكل عام ويساعد على عودة الغالبية العظمى من الكفاءات العلمية، اضافة الى ذلك لابد من وضع حلول جذرية لبعض اهم المشاكل الخاصة التي تواجه عودة النخبة العلمية وفي مقدمتها مشكلة السكن ، مشكلة احتساب الخدمة ومشكلة الترقيات العلمية وغير ذلك ، وبدون تحقيق ذلك سوف لن يتحقق الهدف المطلوب إلا وهو عودة الكفاءات العلمية للوطن.

ثالثاً: أهم المشاكل التي تواجه عودة الكفاءات العلمية
هناك مشاكل كثيرة تواجه عودة الكفاءات العلمية العراقية ويمكن ان تكون عاملاً مانعاً ، ومعرقلاً لعودة هذه النخبة العلمية في حالة تعذر الجهات المسؤولة عن ايجاد حلول جذرية لهذه المشاكل ، ونذكر من اهمها الآتي:
1.    مشكلة السكن.
2.    مشكلة الترقيات العلمية.
3.    مشكلة إحتساب الخدمة الجامعية.
4.    مشكلة الجهاز الاداري – اي البيروقراطية الأدراية.
5.    مشكلة الجانب الأمني.

1.    مشكلة السكن .

تٌعد مشكلة السكن احدى اهم واعقد المشاكل التي تواجه عودة الكفاءات العلمية الى العراق ، فكما هو معروف ومنذ السبعينات من القرن الماضي ولغاية اواسط عام2007، فأن الغالبية العظمى من الكفاءات العلمية التي هاجرت الى الخارج ولأسباب مختلفة قامت ببيع بيوتها الخاصة وغيرها من الممتلكات الآخرى، وان هذه النخبة العلمية المتواجدة في الخارج وخاصة في اميركا وكندا ودول اوربا الغربية وغيرها من البلدان الآخرى قد حصلت على عمل او مساعدات إنسانية وسكن, فاليوم وفي حالة عودة هؤلاء فهم لايستطيعون شراء بيت او شراء قطعة أرض سكنية بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار، وعليه تعتبر هذه المشكلة هامة جداً ولابد من ايجاد حلول لها.
هناك اسلوبان امام الحكومة العراقية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي لحل هذه المشكلة وهما:
الأسلوب الأول:- العمل على بناء مجمعات سكنية [مدينة جامعية] تتوفر فيها كافة الخدمات الضرورية ، وأن تقوم كل جامعة وبالتنسيق مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على تنفيذ هذه المجمعات السكنية ويمكن ان تقوم بذلك شركات عراقية وحسب المواصفات الدولية، اوالتعاقد مع الشركات الاجنبية وفي مقدمتها الشركات الصينية ، الروسية ، اليابانية ، الكورية التي لها خبرة في البناء الجاهز ، مع الأخذ بنظر الاعتبار في عملية البناء الجاهز ظروف وعادات وتقاليد المجتمع العراقي ، وان يتم تأثيث البيت/ الشقة وبشكل كامل وفق المواصفات التي يتم الأتفاق عليها بين الجامعة والشركة الأجنبية مع تحديد فترة زمنية للبناء تتراوح مابين سنة وسنة ونصف.

الأسلوب الثاني:- تقوم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وبالتنسيق مع الجامعات والمعاهد العراقية بتحديد قطع اراضي سكنية يتم توزيعها على الأساتذة العائدين من الخارج مع تقديم القرض الميسر للأستاذ وبدون فوائد ولفترة طويلة من اجل بناء بيوت لهم.
ويمكن اعطاء خيارمسبق للأستاذ اي من الأسلوبين يختار.
ان حل هذه المشكلة الهامة يتطلب من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والجامعات والمعاهد العراقية القيام بالجرد الكامل للأساتذة العائدين بعد ابريل عام2003 ولغاية اليوم والذين يعملون في الجامعة او في الوزارات الاخرى ، وكما يجب ان لايتم غبن الزملاء الذين لم يغادروا البلاد من ان يشملوا بذلك ، ولكن بشرط ان يتم تقديم كافة الوثائق الرسمية المطلوبة والتي تثبت ليس لديه بيت خاص به وهذه الوثائق تصدر من المديرية العامة للتسجيل العقاري.

2- مشكلة الترقيات العلمية
ان مشكلة الترقيات العلمية تُعد من المشاكل الهامة التي تواجه عودة الكفاءات العلمية والتي غادرت العراق خلال الفترات المختلفة، وان الغالبية العظمى من هذه الكوادر العلمية عملوا ولايزال يعملون في جامعات عربية واجنبية معترف بها، ولكن في حالة عودتهم سوف يواجهون قوانين الجامعات العراقية، والتي لاتعترف بالخدمة السابقة ولايتم احتسابها لاغراض الترقية العلمية والتقاعد وتحت مبررات بيروقراطية وغير علمية، حيث يرجع العائد الى الخدمة الجامعية من الصفر؟!.
           ان الترقية العلمية في الجامعات العراقية محددة بعدة شروط فمثلاً الترقية من مدرس الى استاذ مساعد يتطلب العمل لمدة 4 سنوات وتقديم مالايقل عن 3 بحوث علمية يجري تقييمها وصلاحيتها فلا غبار على ذلك، ولكن هناك شروط اخرى ومنها دخول دورة كمبيوتر ودورة طرق تدريس لمدة شهر؟!.
فكيف لاستاذ عائد ولديه خبرة تدريسية 10 سنوات او 15 سنة او اكثر من ان يدخل هذه الدورة؟! وبالرغم من اهمية دورة الكمبيوتر فهي مسألة خاصة بالأستاذ فهو اذا اراد ذلك يستيطع تحقيق ذلك الهدف وبأي طريقة يراها مناسبة له.
ان حل هذه المشكلة يتطلب الآتي:
1.  على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والجامعات العراقية ان تعترف بالخدمة الجامعية للأساتذة الجامعيين الذين عادوا والذين سيعودون للعمل الجامعي ، سواء كان عملهم في جامعات عربية او اجنبية وان تحسب هذه الخدمة لاغراض الترقية العلمية والتقاعد ، ولكن بعد تقديم الوثائق الرسمية المطلوبة.
2.  إلغاء شروط الترقية وخاصة دورة الكمبيوتر ودورة طرق التدريس الخاصة بالترقية العلمية من مدرس الى استاذ مساعد، وكذلك ضرورة إلغاء شرط أرسال البحث او البحوث العلمية الأصلية الى الخارج للتقييم من قبل خبراء عرب ، وهذا مايتطلب بالترقية العلمية من استاذ مساعد الى درجة استاذ لأنه من غير المقبول والمعقول ان الجامعات العراقية ليس لديها خبراء علميين متمرسين في عملية تقييم البحوث العلمية.
3.  من الضروري ان يتم تطبيق شروط الترقية وهي دورة الكمبيوتر ودورة طرق التدريس للمتخرجين حديثاً من حملة الشهادات العليا الماجستير والدكتوراه واعتبارها شروط رئيسية واساسية للتعيين في الجامعة.

3- مشكلة إحتساب الخدمة الجامعية
تعتبر مشكلة احتساب الخدمة الجامعية من احدى أهم المشاكل التي سوف تواجه عودة الكفاءات العلمية العراقية ، ومن اجل ايضاح جوهر المشكلة لابد من معرفة مايلي:-
1.  كما هو معروف ان قسماً من الذين غادروا العراق هم من حملة الشهادات العليا الماجستير والدكتوراه بسبب الاضطهاد والملاحقة السياسية أو لأسباب أقتصادية او غيرها وكانت لديهم خدمة جامعية في الجامعات والمعاهد العراقية وقسماً منهم اليوم عمل او يعمل في جامعات عربية او اجنبية.
2.  ان البعض من الكفاءات العلمية كانوا يعملون في السلطة التنفيذية (الوزارات..) وبدرجات ادارية عليا وهامة، فقسم منهم هاجر الى خارج العراق للأسباب المذكورة اعلاه والقسم الآخر لم يستطيع مغادرة البلاد ولأسباب مختلفة.
3.  ان بعض الشباب الذين هاجروا العراق وللأسباب اعلاه قد حصلوا على شهادات عليا, (الماجستير والدكتوراه) وهم اليوم يعملون في جامعات عربية واجنبية مرموقة ولديهم مايثبت ذلك.
4.  من الضروري ان يتم احتساب الخدمة الجامعية للمفصولين السياسيين الذين يحملون الشهادات العليا(الماجستير والدكتوراه) وعادوا الى الوطن بعد ابريل عام 2003 وهم يمارسون الخدمة في الجامعات والمعاهد العراقية كخدمة جامعية كاملة لاغراض الترقية والتقاعد.
5.  من الضروري ان يشمل الزملاء من حملة الشهادات العليا(الماجستير والدكتوراه) والذين لم يغادروا البلاد ويعملون اليوم في دوائر الدولة المختلفة بكل الأمتيازات التي سيحصل عليها زملاؤهم  العاملين في الجامعات والمعاهد العراقية.

ومن اجل إنصاف حقوق الكفاءات العلمية العراقية واعطائهم حقوقهم المشروعة ، ولكي نتجنب ماحدث لقانون الكفاءات العلمية الذين صدر في السبعينات من القرن الماضي من روتين قاتل وبيروقراطية مفرطة، فأن الهدف الرئيسي والمنشود من هذا المؤتمر الهام هو عودة الكفاءات العلمية العراقية للوطن، فمن الضروري ان يتم احتساب خدمة العائدين من اصحاب الكفاءات العلمية العراقية خدمة جامعية كاملة ويطبق عليهم قانون الخدمة الجامعية الذي صدر عام 2008 والذي يحتاج الى تعديلات جوهرية في كثير من مواده وفقراته ، بما ينسجم مع اهداف المؤتمر.
           ومن الخطأ الكبير ان يتم التفريط او عدم الأهتمام بهذه النخبة العلمية المدربة والتي تملك من القدرات العلمية والفنية والتي يحتاجها المجتمع والاقتصاد والعلم في العراق، حيث اعداد الكادر العلمي من حملة الشهادات العليا يحتاج الى 30 عاماً ، فخسارة هذه النخبة يعني خسارة المجتمع العراقي ضعف الفترة الزمنية اي 60عاماُ ؟!.

           ان تحقيق ماتم ذكره اعلاه سيكون عاملاً هاماً ومحفزاً لعوة الكثير من الكفاءات العلمية العراقية من اجل الأسهام في إعادة بناء العراق وتطور العلم والتكنولوجيا ، فعلى السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية وقادة الاحزاب السياسية وعلينا نحن جميعاً ان نفكر بأمن ووحدة ومستقبل العراق السياسي والاقتصاادي والاجتماعي والعلمي، وأن لايتم او ينحصر التفكير لدى البعض كم سنعطي هذه الكفاءات من المال ، لأن هذه النخبة العلمية هي رأسمال لايعوض ولايمكن تقييمه تقييماً مجرداً من ناحية اعطاء المال لهم فقط.

4- مشكلة الجانب الأداري – الروتيني والبيروقراطية:
ان من أخطر المشاكل التي تواجه السلطة التنفيذية هي الروتينية المقيتة والبيروقراطية الكارثية، إذ يمكن القول أن أنضج القوانين الموضوعة التي يتم تشريعها ، واحسن التوجيهات السليمة التي يمكن ان تصدر من اي جهة تنفيذية يمكن ان تدفن وتموت ولن ترى النور بشكلها الكامل ويتم التفسير حسب المزاج وغير ذلك، ان السبب الرئيس وراء كل ذلك هو تفشي "مرض" الروتين وخطر البيروقراطية الادارية القاتلة ، والتي يمكن أن تشبه مرض "السرطان" في جسم الانسان ، فهذا المرض الخطير كان ولايزال موجوداً اليوم، ويشكل احدى اهم العقبات الخطيرة التي تواجه اي تشريع قانوني ، فمن أجل معاجلة هذه الظاهرة الخطيرة والمأساوية والعمل على احتضان وتسهيل عملية عودة الكفاءات العلمية الى الوطن لابد من اتخاذ مايلي:-
1.  من الضروري ان يتم تشريع قانون خاص ، قانون الكفاءات العلمية العراقية ، وان يكون القانون واضح في معناه وغير قابل للتفسيرات والرغبات الأدارية، وان يتضمن القانون معالجة المشاكل التي تواجه عودة الكفاءات العلمية العراقية وفي مقدمتها مشكلة السكن ومشكلة احتساب الخدمة والترقيات وغير ذلك.
2.  على وزير التعليم العالي والبحث العلمي اصدار أوامر وزارية واضحة وصريحة وملزمة التنفيذ من قبل الجامعات والمعاهد العراقية لمعالجة المشاكل التي تم ذكرها في البحث ، وان يتم تشكيل لجنة كفوءة ومخلصة تتابع تنفيذ قرارات وزير التعليم العالي والبحث العلمي بهدف تطبيق القانون لما فيه المصلحة العامة والخاصة في آن واحد.

5- مشكلة الجانب الأمني:
نعتقد ان مشكلة توفير الأمن والاستقرار هي مشكلة عامة وليست مشكلة خاصة بعودة الكفاءات العلمية العراقية، بالرغم من أهمية الحفاظ على الكادر العلمي في ظل اوضاع غير مستقرة ، ولكن من اجل تحقيق الهدف العام والخاص يتطلب مايلي :-
1.  من الضروري ايجاد الثقة بين قادة الاحزاب السياسية والتخلص من الريبة والشك والتخندق بين هذه القيادات لما في ذلك من مصلحة للعراق أرضاً وشعباً.
2.  ضرورة التخلص قولاً وفعلاً من "مبدأ" المحاصصة السياسية والطائفية المقيتة ، لان الأستمرار على ذلك يمكن ان يضع العراق في المجهول ، والخاسر الوحيد هو الشعب العراقي.
3.  العمل على رفض اسلوب العنف والعنف المضاد في العلاقات السياسية بين الاحزاب السياسية العراقية ، لأنه طريق خاسر ولن يستفيد منه إلا اعداء الشعب العراقي.
4.  من الضروري اعتماد اسلوب الحوار الديمقراطي في العلاقات السياسية بين قادة الاحزاب السياسية العراقية بهدف معالجة كل المشاكل الناشئة.

ان تحقيق ماتم ذكره اعلاه وغير ذلك يمكن ان يرسي قاعدة متينة للعلاقة بين الاحزاب السياسية وسوف يَعم الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي – الاجتماعي وكتحصيل حاصل سوف نحقق الهدف الرئيسي إلا وهو عودة الكفاءات العلمية العراقية.

رابعاً: بعض المقترحات
من خلال إستعراضنا لأهم الأبعاد والعوامل ومراحل مشكلة عودة الكفاءات العلمية العراقية وماهي اهم المشاكل التي تواجه النخبة العلمية التي من الممكن عودتها للوطن لذلك نقدم بعض المقترحات آملين ان تكون هذه المقترحات وغيرها عامل جذب لعودة زملاؤنا المتواجدون في الخارج ومن أهم هذه المقترحات هي الآتي:-
1.  من الضروري العمل على تشريع قانون خاص بعودة الكفاءات العلمية العراقية من قبل السلطة التشريعية وان يضمن هذا القانون كافة الحقوق الأقتصادية والعلمية وغيرها.
2.  من الضروري على السفارات العراقية والملحقيات الثقافية في الخارج ان تقوم بجرد كامل للكفاءات العلمية العراقية ولمختلف الأختصاصات المتواجدة في البلد واللقاء المباشر بهم وشرح أبعاد القانون لهم، وبنفس الوقت العمل على اعداد قوائم تفصيلية حول هذه النخب العلمية من حيث الأسم الكامل ، والاختصاص ، سنة التخرج، أسم الجامعة المتخرج منها، وتحديد رغبته بالعمل الجامعي او الوظيفي.
3.  على الوزارات ان تدرس وتحدد احتياجاتها من مختلف الاختصاصات العلمية العائدة للوطن وان يتم التنسيق بينها وبين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بخصوص ذلك.
4.  على كل وزارة ان تضع برنامج ملموس لأستيعاب عودة الكفاءات العلمية وحَلّ مشاكلهم وفي مقدمتها مشكلة السكن ، ضمن خطة زمنية تتراوح مابين سنة الى سنة ونصف بهدف توفير السكن اللائق لهم.
5.  من الضروري شمول أصحاب الكفاءات العلمية الذين لم يغادروا الوطن بكل الأمتيازات المادية وغير المادية التي سيحصل عليها اصحاب الكفاءات العلمية العراقية وفق قانون الكفاءات العلمية العراقية.
6.  العمل على أبقاء الأساتذة المحالين على التقاعد وحسب رغبتهم كمستشارين في الجامعات والوزارات وكل حسب أختصاصه ورغبته- طبعاً- في حالة تعذره على الأستمرار بالعمل التدريسي، وان يأخذ ذلك شكلاً قانونياً.
7.  وعند الأحالة على التقاعد- وهي طبعاً- يجب ان تكون إختيارية لعضو هيئة التدريس, ان يحصل على اجمالي آخر راتب تقاضاه وليس على أساس الراتب الأسمي، وان تحقيق ذلك يُعدُ تكريماً ومكافئة للأستاذ الجامعي لما قدم من خدمة علمية طيلة حياته العلمية وان يعيش بكرامة انسانية تليق بمكانته العلمية في المجتمع العراقي، وهذا يشكل حافزاً للأخرين بالأنخراط بالمسيرة التعليمية.
8.  من الضروري على قادة الأحزاب السياسية العراقية المشاركة في الحكم او غير المشاركة في الحكم من ان تلعب دوراً هاماً وكبيراً مع اعضاؤها وأصدقاؤها المتواجدون في الخارج واقناعهم بالعودة للوطن، وهذه هي مسؤولية وطنية كبرى امام قادة الاحزاب السياسية العراقية ، وهذا هو المحك الرئيس لها وبنفس الوقت يعكس درجة ايمانها واخلاصها للعلم وللعملية التعليمية وللوطن.

*  ( بحث مقدم الى مؤتمر الكفاءات العراقية الذي عقد في بغداد للفترة من21 الى 23 كانون الاول 2008  )

بغداد
6/12/2008




صفحات: [1]