عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - صميم

صفحات: [1]
1
أدب / رد: في قبضة اليأس و الأحزان
« في: 15:30 24/10/2007  »
الى العزيزة غادة

     عهدتك تراقبين ومضات الحكمة السارحة في فضاء الفكر كمن يتطلع مندهشاً الى سماءٍ صافية  مرصعة النجوم. تتساءلين وكأنك أودعت النجوم سر التساؤل؛ سر البحث عن عين ثالثة؛ عين القلب في سواد العمق. ما أعظم حياتنا حين تنطوي على تساؤلات دون أجوبة. انه سر الوجود. ففي السؤال ظلام ساحر يتحدر من المجهول. لربما يكلفنا الجواب على سؤال واحد الحياة كلها. هذا هو شعار الحكمة :

1. سؤال دون جواب
2. مجهولُ ساحر
3. فكر بأجنحة

       كلماتك عميقة، وتساؤلاتك جوهرية...

     اتمنى لك حياة ملؤها التساؤل والبحث عن الحقيقة ...


                                                              صميم
3.  

2
عزيزي ابونا بشار،

      بوركت أفكارك التي ما فتأت تمثل صدى لرأي مسيحيي العراق بكنيستهم ورؤسائها.
لا نحتاج اليوم الى كلام ينطلق  من المنابر ، بل الى افعال من الواقع تصرخ بالغيرة والمحبة.
لا نحتاج لكلمات تصدر من اشخاص باتت كروشهم في عقولهم بل الى افعال تصدر عن قلب مفعم  بغيرة مسيحية.
لا نحتاج الى أشخاص يخافون الحرية، بل الى من يحارب من اجلها .   

   لا نحتاج الى رؤساء يعشقون المادة، بل الى أشخاص قد اختبروا حرية انبياء الله. لننظر الى  عاموس وأرميا وحزقيال واشعيا ... الخ، كلهم كانوا ضعفاء بأنفسهم لكنهم وجدوا قوتهم بالله.. ولننظر الى حالنا اليوم ّّّّ!!

    يا ترى من هو  " مسيّا " مسيحيي العراق ؟
    لنصل ... كي نكون متوحدين بأفكارنا وأهدافنا. طالبين أن تستوطن الغيرة قلب رؤساءنا، كي يكونوا مشاعل تنير دروبنا، وملجأ نتحسس فيه الأمان..

 

      بارك الله بك يا ابونا بشار، ودمت مفكرا ومبدعا وكاشفا لأوجه الحقيقة بكل ابعادها..

      صميم

3
أدب / رد: مخاض المحبة
« في: 00:10 06/11/2006  »
عزيزي وسام

      شكرا على كلماتك الهادئة التي تحملني على كتابة ما ينوء به القلب من احمال الكلمات المرهقة... ليست الحكمة في ان نبوح فحسب بل في ان نصوِّر خبرة الاندهاش بكل ما تحمل الكمة من معنى. الاندهاش طاقة الايمان ، والقلب المندهش ليس سوى خاطرة الزمن المقدس...

    اشكرك من صميم قلبي، ودمت مبدعا

    أخوك
   صميم

4
أدب / مخاض المحبة
« في: 02:10 04/11/2006  »

                                                         مخاض المحبة

اعتصمت أمام باب المحبة بقلب تثلج من اللامبالاة، وانصهر بنار القسوة البشرية، وتدلى من بوابة الفكر المتراوح بين القدرية والتعنت. هناك، اعتصمت طالباً من المحبة أن تكشف النقاب عن نفسها، وتعلن التجلي، فناديتها:
متى تفتحين بابك ايتها الفتاة الخجلة، متى ترأفين بحال قلبي الهرم، المنكسر؟ كيف تسألين القلب الخاضع، المُحتَل، المخدَّر أن يجذل حدوده وينظر الى نفسه من خلالك ؟ كيف تسألين الشاة المعلقة أن تتحرر، فهل بامكان ملائكة القدرة أن تفك القيود وتحرر الضحية من أيدي كهنة الزمن المزدرد ؟ الا يكفي توسيع  الضحية احلاما تتحدث عن حرية عرجاء، وهي في طريقها الى وداع الحياة ؟

    أليسَ الموت فيك هو قمة التحرر، أم التحرر يتجسد في نبذ صوتك المخنوق. في عالم اليوم، بات الأمر سيان، فصوتك أمسى اهزوجة يتغنى بها الاطفال قبل النوم، وفردوسك بات جحيما في قلوب الالهة الصغار. هل يصح أن تكوني محض خيال، تقفزين بين حقبة وحقبة في عالم الفكر، ولا تكوني يوما واقعا يُعاش؟  أم يا ترى أنك مصلوبة في جلجثة القلب البشري وهو يعلن الاحتضار ؟

    تقفين أمام الشر مكبلة الأيدي، عرجاء، خرساء، طرشاء، لا حول لك ولا قوة سوى سحر نظرتك، وهشاشة رغبتك وعمق حضورك الى درجة الانطمار تحت طبقات الغباء والجهل الانساني. مُسَيْطَر عليك، تعربين عن خلجاتك باسلوب الجبناء، قائلة :" طوبى لك ايتها النفس حين تعلنين حرية الوجود! " وهل حرية الوجود هي أن أُشعِر الخصم بقدرته وسطوته، واعلنه البطل ؟ لربما أن قداستك تكمن في صيرورة هوجاء في قلب المهانة والرذل. لم أجدك يوما مُكرّمة، مُرَفعَّة، من يرفعك في كلماته، يطمرك بافعاله، ومن يقدس حضورك بأفعاله، يرذله الكون بقسوته.  في كل مرة أجد دعاتَك إما مصلوبين، أو مقتولين أو مُهَمَشين. فهل أن شرعة وجودك تضادد الوجود نفسه أم انك تجوهرين قداستك في قلب خفاءك ؟

    طرقت أبواب الصمت، باحثاً عمن جبل قداستك، ووهب لحضور كحياة العمق ، طالبا معرفة الوصفة السحرية التي أُعِدَت لطرحك في العالم، ما هي تلك الأنامل الغريبة التي شكلت جسدك الموهون في صحن الزمن. انه السامي، ها هو يأتي، حاملاً معه نسيم عذب يتزاوج بشعاع الشمس الذي يرتجف معلنا الكسوف أمام شمس المتسامي، انها شمس تنبع من عيون لا مكان لها سوى في القلب. خفت من حضرته، هاربا خلف شجرة تعرشت اغصانها، حتى اخفتني بالكاملز جاء ينظر الى الكون بعين تبكي واخرى تبتسم للطبيعةوهي تخر ساجدة أمام باريها ..

     فنادى بصوت أم فقدت وليدها، قائلاً :

ايتها المحبة .. ايتها المحبة
اين أنت ؟
جبلتك، لكنك انسللت هاربة من بين أناملي،
هربت نحو جلجثتك ؟
لم لم تتركيني أكمل خلقتك،
وأعلن ولادة العمق في قلب الوجود،
بألق الكشف ؟
لكنك أجبتيني في خلسة الكون :" يا ايها الباري الحنون
اتركني أكتمل بأيادي من جبلته ، بايدي انسان، خالقي الجديد .
انا أعلم أنه سيحتضنني كما تحتضن الام وليدها، بل سيقدمني الى الوجود
كمن ينبت وردة في حديقة الخلود".
ولكن أيتها المحبة لم أشهد مذ تلك اللحظة سوى وقائع صلبك.
ولم أسمع سوى صوت آهاتك وهي تتوسل ولوج رحم الكون من جديد .
سألتك أن تأتي وتعتلي عرش الخلق الفريد والاكتمال.
الا انك اعلنت أن ألمك هو مخاض الحقيقة في حقيقيتها
حين يولد العمق وقداسة المعنى كتوأم في رحمك .
طوبى لك ، وأنت تنزفين معنى
تزاوجين الألوهة بانسانية الاله
وتعدين طريقا نحو العمق، حيث تتجلى صورة المحب
وهو في انتظار ...

هكذا.. تركت المتسامي، قافلا نحو مضجعي...
مسدلا الستار عن تساؤلاتي
فعيوني قد تعمذت بالألم ...
وقلبي طهره احتراق الماضي ..
وروحي حلق في سماء الوهة الاله المحب
هناك ...حيث لقاء الوجوه ... وسحر الوجود 



5
أدب / رد: عزلة ياكية
« في: 13:15 20/07/2006  »
    عزيزي مهند ...

      اشكرك على ردك الجميل، وأؤيد مقصدك؛ فهو يحمل فكرة معبرة تفسر نظرتك للحياة وادلجتها اليومية .

    يرمينا الأنا في صمت أخاذ ساحر، فهو من يجرح ويداوي بالكيان، يزرع ويستأصل، يساند ويهدم، يلين ويقسي... هكذا دواليك،  حتى يغرقنا في تناقض لذيذ - مؤلم.  ولربما تمسي الحياة وبالا بلا هذا التناقض . ففي رأيي، علينا أن نتصالح مع مفاهيمنا التي ما فتأنا نغرقها  في ضحالة الحياة السطحية اليومية.  ونلجأ الى تأمل الذات في عمق ايجابية الأنا ، لانه نعمة وجودي أمام أصالة كياني، ومرآة كاشفة لكل مواطن ضعفي وقوتي تجاه نفسي ...


    يا مهند العزيز، اشكرك جدا على رأيك ، متمنيا لك المزيد من الابداع والتألق ...

   أخوك
صميم 

6
أدب / رد: عزلة ياكية
« في: 15:06 18/07/2006  »
عزيزتي الأخت غادة ...

    في ظلمة أضداد العصر، ودهاليز عالم اللاحس، ينبثق بصيص شمعة الأمل بضآلة نوره  ليحارب كل سلبية الظلمة. هل من جمال يساوي جمال الضعف حين يتحول الى قوة في قمة ضعفه. انا مدعوون كذلك أن نحارب بعزلتنا مهما لفها تنين القسوة الأنوية سطحية الخارج. ولنكن في قلب الفوضى روحاً يتأمل فرادته ...

   أشكرك من أعماق قلبي على كلماتك الجميلة المرهفة الحس، فقد مر زمان طويل ولم أطا أرض الموقع. بسبب الانشغالات وضياع كلمة السر.

    مع تحياتي وتقديري ..

   صميم 

7
عزيزي راهب الحب ...

    جمال تعبيرك يوميء بشخص عاني الحب وتلوع به حد الجنون... لكنك جنون حبك يخبر بشهادة عميقة للحبيب وأمانة لحضوره في حياتك... يبقى أن نتوغل في العمق كي نعثر على الحب الضائع الذي لم نستدل عليه لحد الان... فهو حب يجمع كل الذين ولجوا قلبك النابض ...

     مع تحياتي وتقديري... زمزيدا من الابداع ...

      أخوك
    صميـــــــــم

8
أدب / رد: قصة القصة.....(قصة قصيرة)
« في: 17:15 04/05/2006  »
عزيزي مجهول ...

      قصتك ترطم كياننا بحائط التاريخ المسنن. يا لوقع اللحظة الاليم على قلب الطفلة المنتظرة. فسحر الانتظار دعوة عيش الرجاء، ولكن اي رجاء أمام تفجير الاب... ذهبت كل امكانية التسربل في فردوس الروح الابوي. توغل بسهولة في قلب اللاشيء. افسد الزمن معنى الانتظار، وكأنه يحرق بقايا جسده بدافع الرجاء. تاريخنا للاسف امتلا بقصص تنكس رؤوسنا وتدمع عيوننا وتسخر من وجودنا.

    يبقى انتظارنا قائما، فنحن في ارض مؤقتة الزمن... فلا التفجيرات ولا القتل او غيره سيوقف عجلة الانتظار الخلاقة، فهناك يتم اكساب سلام الداخل، سلام الاحشاء... وستكبر هذه الفتاة حاملة حساسية هذه اللحظة وروح الحب يرفرف على كل عائلتها...

    شكرا جزيلا على قصتك الجميلة والتي تركت في بالي شيئاً... للاسف ان هذا الواقع حاضر، ولا يمكن تفاديه. متمنيا لك المزيد من الابداع والتالق ...

    مع حبي وتقديري ...
 
    أخوك
   صميم

9
أدب / رد: قصـةُ لحظـة
« في: 16:58 04/05/2006  »
عزيزتي دينا ...

     أمست لحظتك خلاقة الى درجة حوار العمق... أجد في حوارك مونولجا داخلياً يخاطب الجمال المستدر في الذات العميقة.. انها كلمات تغازل حضور مقدس، متألق، يخبر  بالابدية. ففي الجمال الحقيقي يكمن سحر لا يلتمسه سوى من رأى جمال العمق بعيون الحب. تطيب لنا الاقامة في احضان جمال العمق، فهي ملكنا ولكن للاسف بتنا بعيدون كل البعد عن رؤية جمال العمق في المعنى، في الحياة، في العائلة، في الاصدقاء... انها نعاني من موت المعنى، من عمى متفشي اليوم ، يُدعى " عمى العمق".  فهل هناك من يملك الدواء ليفتح عيون الداخل، عيون العمق... تصلبنا وصلبنا ذواتنا على صليب الحياة اليومية واضمحلال المعنى الى درجة الاضمحلال... فاين الجمال الحقيقي... واين تكمن حورية جمال العمق ؟
لابداع والتواصل...
    تحياتي لك على كلماتك الجميلة متمنيا لك التواصل والابداع

    أخوك
    صميم

10
أدب / رد: غريق الروح و مجد الصباح
« في: 16:46 04/05/2006  »
عزيزتي غادة ...

       لم يخرج الميت عن دائرة الموت، لكنه في قيامة مستمرة تحدث في العمق . أخضعنا ذواتنا الى استقباله في قبرنا، فحسبناه ميتا مثلنا، الا انه عطر مهجعنا برائحة الانفتاح نحو المجهول، نحو التسامي، نحو ولوج قبرنا المظلم؛ يهزج هناك " أنا هو "، يوسع مداركنا لادراك واقع موتنا في قلب الحياة. لكنه يموت معنا، فيشهد تهاوي انسانيتنا في قلب الزمن ... يقول " أنا هو ..." بنبرة محِّب يهوى الحياة في القبور.

   نعمة الحضور تكمن في كلمته " أنا هو " التي تعني " أنا هو أنت " انسانيتنا واحدة، تؤلف انسانية الله وتدمج قلبه بقبرنا. فلم نبكي على القبر ّ؟ لم لا نهزج أننا في قبر الالفة ، بعيدا عن سلبية الموت المؤلمة، قريباً من " أنا هو "... فاذا كان حضور الله يتجلى في قلبي، فلم الخروج. القيامة هي الايمان بقبر فارغ... قبر مفتوح، حيث لا خوف من الموت...

   " أنا هو " تعزية يصدرها القائم لمن هم أحياء أموات في حياتهم، في علاقاتهم، في عائلتهم، في نظرتهم ... الخ... انها دعوة نحو عيش القبر الفارغ...

    شكرا جزيلا عزيزتي غادة على كلماتك التي تعزف على اوتار الروح المتألمة، والرازحة تحت وطأة مجهولية الزمن .. متمنيا لك كل التالق والابداع ...

     صميم

11
أدب / رد: تـعــــذب :::
« في: 13:23 12/04/2006  »
 عزيزي راهب الحب ...

       يتجوهر ايماننا على الصليب ... بدونه لسنا بمؤمنين ... خشبة ثقيلة حملها يسوع تمثل نير انسانية يزداد حملها كلما توغلت في الزمن ... هذه الخشبة جهالة في عيون الاخرين أما في عيوننا فرح الحقيقة والمعنى ...

    قبل أن نفكر بأن المسيح مات من أجلنا ... علينا أن نفكر بأننا من صلبه. ففي هذه العبارة دعوة الى الانعكاس على ذواتنا وقياس قيمنا ونظرتنا الى " الاخر - المسيح - الفقير - المحتاج - المتألم " حينها ندرك قداسة عيش الصليب ... معنى الصليب ليس معنى مازوخي يتلذذ بالعذاب ... بل معنى يستدر قلب الانسانية لينجب منها في قيامة حية معنى الكون انساناً حقاً.

    لحظات يسوع في درب ألمه، وخيانة تلاميذه ... ودربنا المتعرج معه ... تصب في اناء المعنى الذي يحتاج الى تفحص ... قراءة يومية  ... سبر اغوار العمق ... فالمصلوب هناك هو أنا، ومن يحتاج الى قيامة هو أنا ... لأننا في المسيح وبالمسيح نعيش ...

      عزيزي راهب الحب ... أتصور ان معالم نسكيتك بدت تلوح في الافق، وتوجب عليك ان تطأ أراضي المعنى الرهباني المتوحد ....


      دمت متألقاً ومبدعاً .....

      أخوك
     صميم

12
أدب / رد: ســــــامية
« في: 13:07 12/04/2006  »
عزيزي هدير ...

     جميل ان تتشح الحبيبة بتمسية توغلها في العلو ... هناك صعود في الحب ... توغل في العمق ... توغل في احشاء القلب... ففي الحب سماوات تستدر فلب العمق.  التسامي جوهر العلاقة، يصرخ في احشاءها بنداء روحي وكّأنها جنين يحتاج الى ولادة بعد لقاء حر  من رحم الكيانين ... علاقة بلا تسامٍ كموت في قلب الحياة ... القيامة نداء نحو الاتحاد بالعلو ... بالارتقاء ... ففي احضان العلاقة تدور احداث حياة وموت وقيامة ... القاسم الأوحد هو التسامي ...

    فلتكن حبيبتك سامية، واسمها سامية، ومن يحبها يتسامى في معناها، ويزاوج روحه بسموها .... هناك يحدث الارتقاء في قلب العمق ...



       عزيزي هدير ... هنيئا لك لقابليتك على نثر ما تحمله من معنى في حديقة الروح ...أملا ان تكون بذارا  حيا في ارض خصبة ...


      مع محبتي وتقديري


      أخوك

     صميم 

13
الاخ العزيز مجهول ...

     رياح الشر بدت تهب بقسوة على انسانيتنا؛ وانعدم صوت الحب المختنق في قلوبنا وأمسى حشرجة طفيلية لا نيتغي الانصات اليها في كياننا. وفقد " الاخر" سحره الاخروي والوجودي في حياتنا واصبح سلعة يمكن عرضها في سوق المشاعر الموهونة. ورحنا نسير بتظاهرات استعراضية في شارع الزمن رافعين شعار " الشيئية " التي تسجن كل ما حولنا في قفص اللامبالاة واللاوجود.

   ولكن ... يبقى " الاحر المطلق " الذي يقبع سماء روحنا، عمقنا، كياننا هو من يضفي على انسانيتنا سحرها، وهو الذي يجسد قداسة ترابيتنا. لا يمكن للانسان بقسوته  تحطيم اواصرنا معه لانه يستدر العمق ... هناك لا مجال لأحد سوى من أحب ...


     شكرا جزيلا عزيزي مجهول على خاطرتك الجميلة ، متمنيا لك دوام الابداع والتالق


      مع محبتي وتقديري

      أخوك
  
     صميم

14
أدب / رد: أبحث
« في: 05:54 11/04/2006  »
عزيزي الاخ مهند

    اشكرك على مرورك الرشيق لكلماتي الموهونة من تعب العنى في ارحام تجهض حتى نفسها ... ولكن يبقى البحث نعمة في حد ذاته تقود الى الخلاص من البقاء في حضيض الركود المعنوي في الحياة ... فطوبى لمن يبحث في الظلام، فهناك يستدر كنز الكون انساناً ...

     مع محبتي وتقديري الخالصين ...


     أخوك
   
     صميم

15
أدب / رد: الــحــائـــــر
« في: 12:49 08/04/2006  »
عزيزي عبود ....

    جميل ان تهب لسلبية الحياة معنى، وتغزل من خيوط المنا وما ينتظرنا من صراعات نسيج وجودنا الحسي واللاحسي. فلطالما امسى الانسان محاربا مخاوفه حد الموت ومحتضن اياها حد الوله.            فهو تناقض في عمق التناقض. اما الجوع الذي ختمت به خاطرتك جاء معبرا بشكل ايجابي عن عمق بشريتنا :

   عبر الجوع نتحسس فقرنا
   نتحسس حاجتنا،
   نتحسس فراغنا ،
   نتحسس قدرة رغبتنا الخلاقة في الامتلاء ....

    من جوعنا يخاطبنا الاله
    فهي نقطة ارتكاز حضوره ...
     ومن لم يتعلم البقاء جائعاً لن يتحسس تدخل الله ...

      وطوبى لمن يبقى فارغاً اذا كان فراغه حيز حضور اله المعنى ...

     عزيزي عبود ... اشكرك على هذه الكلمات الجميلة ودمت مبدعاً ومتألقاً

         مع محبتي وتقديري


       أخوك
     
     صميم

16
أدب / رد: أبحث
« في: 21:48 07/04/2006  »
أخي الحبيب مجهول ...

    يسرني ان تطرق بابي في كل حين، فدقاتك معروفة الهوية، بالرغم من انك مجهول، لها وقع نبضي في القلب، ووقع تحرري في الفكر، ووقع كياني في الروح .... دقات تناغم مجهوليتي بمعرفتك.
    أتأسف من كل قلبي لاستعمالي كلمات اكل عليها الدهر وشرب، وباتت كلمات تنفض ترابها الذي يعود الى القرون الوسطى ... ولكن صدقني حين اصف العمق أمسي عاجزا حتى عن العثور على كلمات بسيطة... فهي ومضات يطلقها الروح في لحظات حرة الهامية.

    عزيزي مجهول، الحكمة لا تُكتَسَب، بل تُكتَشَف .... انها في عمقك وليست في الخارج، أودعها الله في مقدسك، محرابك اللامكتَشَف؛  انها اشارات الداخل المنطلقة في مساحة انفتاحك على الروح ... خطاب الحكمة خطاب يفلت من أي انحسار أو تحديد ، لكنه ... يصفع النفوس المنقسمة بمعناه ...  ويقدس القلوب الحرة بكلمات اللامكان واللازمان ... يجسد سلام الاحشاء في صراع الحياة ... 


    عزيزي مجهول .... طوبى لك إنْ أمست حياتك ارتحال نحو العمق لكشف لآليء الوجود الحقيقي القاطن هناك... هناك أنت ... مفاتيح كينونتك ... مسرح تجسيدات افكارك الخجولة .... أشعار لم يقوَ حتى المتنبي على تنظيمها ... ان الحكمة تناديك يا مجهول في العمق ... فلا تتواني في البحث وطرق المسير !

     ارتحال موفق، ولا تخفْ إنْ صادفك الوهن والتعب ... فالصحراء نقطة موت وولادة جديدة ...


     مع تمنياتي لك بالموفقية والتأصل في الحكمة ....


         مع محبتي وتقديري ...

 

       أخوك المحب ...

        صميم
       

     

   

17
عزيزي كرم ...

     احلامي نعمة تهبني التحرر على صعيد الروح ... قد باتت الوحيدة بلا مساس من اقوام  غريبة .. فلم َنجهضها ّ ؟ ... لم لا نجعلها تتسربل في عمقنا كتسربل جدول ماء عذب في جنة تبتعد عن معترك صراعنا اليومي. .. انها تنتشل  دواخلنا من مغبةالاختناق والكآبة .. تؤلف من كل تاريخنا غموضاً لا يمكننا فك رموزه الا اذا اصحبنا سادة ذواتنا وليس موهوني الارادة والقرار...

    لم نبتغي تحقيق ما نحلم ؟ لم نقتل حتى طبيعة الحلم الانساني ... انه لم يُخلَق للتحقيق بل خُلَق للحرية، خُلَق كي نكون نحن، فلطالما امست حياتنا ارتداءً متواصلاً لأقنعة لا عد لها ولا أحصاء ... فلم لا نترك الأحلام تعبر عن ذاتنا المغتربة، التي تنادي بالهوية في العمق ؟

    عزيزي كرم .. اشكرك على هذا الموضوع الذي جعلني اتأمل في واقع الحياة بعيون اخرى ... عيون الايمان التي تستدر القلب ...


      متمنياً لك النجاح والتألق والابداع ...

     ودمت فناناً ومهندساً تشيد من الكلمات صروح سكنى " القلب المقدس """


      مع محبتي  وتقديري

     أخوك
    صميم

   

18
أدب / رد: أبحث
« في: 13:47 07/04/2006  »
  الى الاخت العزيزة فيان  ..

      نعمة البحث هي ان نواري اللحظة في الزمن، ونستهل معتركاً مع الانا العميق كي يرينا وجهه؛ فما فتأ  يبحث عن جوهر وجوده في عمق خالقه ...
    لا يمكننا غور الاسبار إنْ لم  تكن هناك جوهرة ضائعة هناك ، شيء ثمين حين أضعناه فقدنا هويتنا بضياعه.
    قداسة البحث تكمن في قدرة الأنا على الاعتراف بضعفه وشلله، برذائله ... بأنويته ...  فهناك الكنز الاعظم... حين ننكر ... ولكن نبحث ... نقاسي ... نتألم ... نُصْفَع من الزمن ... ولكن نبحث عن شيء فقدناه ولربما نملكه ولا نعلم ...

     جمال البحث يكون في ان الهي يبحث عن نفسه فيّ. فالهي يبحث عني وأنا أبحث عنه ، هكذا نلتقي في الاحشاء ... هناك يستدر الكنز ...

      شكرا عزيزتي فيان على كلماتك الجميلة والمعبرة .. ..

      متمنياً لك المزيد من التألق والابداع


      أخوك
    صميم 

19
أدب / رد: أبحث
« في: 01:20 07/04/2006  »
عزيزي هدير

   في كل مرة تطل علي بكلمت ارتعب منها، اخافها لأنها تضعني أمام مسؤولية تهد كاهل الكيان .... اتعلم حين تنطلق الكلمة فانها تبحث عن محتضن، تبحث عن ارض خصبة لتموت كي تنمو في العمق... طوبى للكلمة حين تنكر جمال جسدها وتقدس جمال معناها ... جمال هدفها ... فهي ساحرة بقبحها ونضارة شيخوختها ...

    حين تنطلق الكلمة من الاحشاء، بسلام .. بحرية ... بألق وجود مرير ... فانها تبرعم في حديقة الفكر براعم مستقبل يسير في ظلام ولكن بثقة ...

    هكذا تقدس لفكرة اثيرها ومحتضنها ...

   عزيزي هدير اشكرك على كلامك الجميل .... متمنيا لك مزيد التألق والإبداع

    أخوك المحب

     صميـــــــــــــــم

20
أدب / رد: أبحث
« في: 16:52 05/04/2006  »
عزيزي كرم....

      قسوة الحياة أصابت كل نفس مغتربة. هناك من ترك وطنه، أهله، حبيبته، ولكن الغربة الأعظم ترك الذات ... ألم العمق العميق... لا استطيع ايصال خبرة الارتقاء نحو سلام الاحشاء، نحو وجدان من بحثت عنه... بوضوح ... فهي خبرة تصوفت في بعديتها وأمست تخص الكيان العميق، وكيف ننظر للواقع....

    سلامة النفس في العمق تعتمد  على انعكاسنا  على ذواتنا في لحظات اليمة بصمت وحوار عميق مع ذات الحب الذي اودعه الله الانسان ... لو تأملنا حياتنا بحق سنراها نعمة لا يمكن التخلي عنها أو رذلها و التنازل عنها مهما بلغ المنا او عوقنا او مرضنا او كآبتنا... بل نثمنها فقط حين نلفيها تذوب بين ايدينا...

    لو تأملت بعمق بكل ما يجري في العالم، ستجد أنك المنصور الوحيد فيه... انظر بتأمل :

- ألم من يتمرغ بتراب الامراض والاورام الخبيثة...
- ألم الام التي فقدت وليدها في انفجار ...
- طفل يبكي على والديه وقد ماتا في حادث، وتركاه وحيداً في الحياة بلا جذور ..
- عائلة ينهشها الفقر الى درجة تخلي الأم عن كرامتها ...
- شخص قرر الانتحار بسبب ابتعاد حبيبته عنه أو انعدام المعنى...
- شخص تعرض الى تشوه وبات قانطا في مكانه ... أو وُلِد مشلولاً ... أو أعمى ...
- شخص الفى نفسه في الحياة بلا سلاح : التعليم ... الصحة ... الامان ... المعنى .

      عزيزي كرم، الحياة نعمة لا يمكن تذليلها هكذا، أو رذلها، فهي عظيمة، يتمسرح فيها معنى كل قيم حياتنا... يناصرنا في مسيرتنا الهنا المحب الفقير المحتاج الينا ...
     ليس من أحد في هذا العالم يحقق كل ما يرغب ، وكل ما يريد، بل هناك فترة في عمق الزمن، ستجلي انجراحاته والامه... وحسراته ... ولكن بنمو ... بقدرة ... فالألم يعلم ... الرفض الذي نتلقيه من الزمن رفض منضج... الصفعات التي نتلقاها لا تمثل الا صفعات الحكمة ...

    أنا عالم بأني لا ادرك واقعك وظروفك بشكل كامل، واقدر كل كلمة تقولها، واتلمس مدى العذاب الذي يبرز عبر كلماتك ... لكن حياتنا طريق نحو الانسانية والسلام مع ذواتنا ... فهو معترك مع الزمان ...

    سلام الاحشاء ان تعيش الوحدة مع ذاتك في قلب هذا الصراع، ان تحمل المك الى محراب الاله القابع في عمقك، وتنظر الى داخلك ... هناك فردوسك ... هناك أنت وليس اخر ... هناك تولد وتموت وتقوم من جديد ... هناك لا تحتاج الى بكاء الاخر والتعزية ... فكيانك يمثل لك الاخر .. لأنك انت الاخر ...

   لا أرغب ان اقدم موعظة بلا واقع، بلا تحقيق ... بل اردت أن أقول كلمة في عظمة الحياة ، في حضور الله، في قداسة الزمن ، في فرحة القلب المحب ...في دمعة الم مفرح ...  في كل اشارة تنطلق من سلام الاحشاء ...

     من هناك أتكلم ... ولن أكون يوماً في الخارج بل  ساحتضنه في العمق ...

      عزيزي كرم ... اشكرك لصبرك معي ورحابة صدرك ... وأنا متأكد أن خلف كلماتك التي تطلقها بمعنى لا ينضب معينه، هناك حب عميق، هناك الم ، هناك انجراح يحتاج الى الاندمال ولكن عبثا المحاولة ...  يبقى سلام الاحشاء في الصمت ينادي بولادةالمعنى، وانت سيد المعنى ...


    تذكر اني معك، اخوك، اصلي من اجلك ... نتعاضد في المحبة ، متمنيا ً لك مزيدا من الابداع ... واجتراحا مقدسا للمعنى ... وتلمسا لحضور اله المعنى ...

      فالى الامام .... وباركك الله ...


      أخوك

     صميم
   

   

21
أدب / رد: اعتـــراف ...
« في: 03:00 05/04/2006  »
عزيزي راهب الحب ...

    ما أجمله غزلك حين ينطلق من محراب ديرك القابع في العمق ... صورة الحبيبة صورة تتألق بألوان طيف وجودك... تناجي ذاتك من خلالها، وتقيس مقدرات مصيرك بميزانها... انك لست براهب الحب بل أمير يتربع على كرسي العشق، يبحث عن أميرة تقبع بعيداً هناك حيث صراخها المسموع في كلماتك ... في قلبك دفعة لعبور القارات لوجدانها ... وفي قلبها سحرك يتفاعل في محرابها ... لا تقم ذبائح للاله كي يقربكما بل اطلب قرة هرقل في العبور نحو اللقاء بقوة .. في عمق الالم .. في لجة الاغتراب ... حيث العثور على الاخر ... انه اصعب من اللقاء حتى بذاتنا ...


     دمت مبدعا عزيزي وسام ... متألقا بحسك وحبك المفعمين بالروح ...

     حبيبي وسام أتأمل أن أراك بعد العيد في سوريا، فأنا سأنطلق من روما نحو بيروت لقضاء عشرة ايام أيام ومن ثم سأتوجه الى سوريا لرؤية العائلة رؤيتكم يا اعز الاصدقاء حيث تجتمع قلوب الاحبة والاصدقاء ....


     مع محبتي وتقديري .....

       أخوك المحب

      صميم 

   

22
أدب / رد: أبحث
« في: 02:50 05/04/2006  »
الاخت العزيزة غادة ...

    لربما البحث لا يقودني الا الى الموت في قلب التناقض ... ولكني وجدت سلام الاحشاء ... سلام لا يمكن ان يحسه الا من اختبر  الروح وهو يقف مشدوها امام حضور المقدس في محراب الذات العميقة ...

    مهما كتبنا ... ومهما زخرفنا كلماتنا بمعان قد تفلت من زمام نفسها ..
    مهما علقنا وأجبنا ...
    مهما فعلنا ... مهما امتلكنا ... حب ...مال ..  عائلة ... اخوان .. اخوات ... أم ... أب ... أمان ...          كلها لا تسوى شيئا دون سلام الاحشاء ....

    أعترف يا عزيزتي غادة .... اني في سلام الاحشاء ... ليس سلاماً من حرب .. أو موت ... بل النظر الى العالم بعيون المقدس .... بعيون المحب ....

      سلام الاحشاء نعمة ... تجعلنا نعيش الحياة بفرحة وابتسامة وانشراح قلب وقبول الاخر بعيون مندهشة ...

       شكرا عزيزتي غادة على كلماتك الجميلة ...

     ودمت متألقة في ابداعك ...


     أخوك

     صميم

     

23
أدب / رد: تفتيش
« في: 03:08 04/04/2006  »
عزيزي لطيف ...

   انك اسم على مسمى، فكم لطيف ومترقرق كلامك، تتمتع ببساطة زواجتها بعمق معنوي جميل يدخل الكيان دون اشتئذان ..

   اهنئك من صميم قلبي ... متمنيا لك المواصلة والابداع


    أخوك
 
    صميم

24
أدب / أبحث
« في: 03:05 04/04/2006  »
أبحث ...

أبحث عن وجه يدعوني باسمي مرتين؛ مرة لأني الآخر ، ومرة لأني أنا هو.   
أبحث عن قلب يحتضن دمعة حياتي، وهي تترقرق مطهرة وجوداً خلبَته الكلمة وخدعَه الفعل.
أبحث عن عين تنظر طفولتي في مرآة عمقي، فهي الوحيدة التي بقت بلا مساس. 
أبحث عن روح تقودني الى وطن الآخر دون تهجم او تطفل بل بشرعية احترام الحدود والمقدسات.
أبحث عن اذن تصغي الى كلام بات كحَجري الرحى في عمقي، انه يخشى الخروج وهجر مهجعه، ففي الخروج دوما مخاطرة اللامكان، اللاهوية، اللاوجود. ولكن لربما يمسي اللامكان فردوس المكان، واللاهوية كل الهوية واللاوجود سحر مجهولية الوجود.
أبحث عن زمن يزاوج صحراءي بعزيمتي، هشاشتي برقّتي، مصيري بحاضري، 
أبحث عن يد تنزع مسامير صليبي، وتقبرني بعد موتي معه، فقمة المفارقة في موت يقود للحياة. 
أبحث عن قدم تسير بي نحو ملكوت خفي، حيث لا مكان سوى العمق، ولا زمان سوى الأزل.
أبحث عن ألم يطرحني خارج زهرته حين أمتص كل رحيقه، لأنه يعشق ويكره تطفلي في الوقت نفسه.
أبحث عن سلام الأحشاء الذي لا يسعى الى نزع السلاح النووي بل نزع سلاح الذات المنجرحة.
أبحث عن وطن فقدتُه حين قَلَعَت جذوري عاصفة هوجاء، ورمتني في أحضان أوطان غريبة مخيفة
أبحث عن فكر يخلو من مثالية تهيم بي في فضاءات خيالية لا واقع لها،
فكر يخلو من واقعية مجردة تسمرني على صليب اللحظة حيث الموت بلا قيامة، لا أريد ان أمسي بواقعيتي كزواحف لا تلوك الا تراب الأرض، ولا تقوى على التطلع الى فوق.
 فكر يخلو من زخرفة بناته اللاتي يعشقن الظهور كما هن دون أي تحسين أو تغليف.
أبحث عن حكمة الأفاعي حين تحوّل سمها الى علاج يشفي كل أمراض الانسان
أبحث عن لغة جميلة عميقة ليست من ابتداع البشر بل ابتداع الكون، انها لغة الصمت
أبحث عن ذاتي المفقودة حتى لو كان على حساب هجر كل أوطان حياتي. فما نفع المعنى إنْ لم يستقر في قاع الذات المتهجرة، اذ يبدو كملء إجان مثقوب.
أبحث عن اله المستقبل يفتح لي حين اطرق أبواب زمني المجهول، انادي اعماقي الضائعة في زمنها، فأنا لا أقوَ على البقاء هكذا، في جوع شديد للحظة الحاضرة والقادمة، متشبثاً بما تغدقني به من فرحة تهيم في سماء الزمن المؤقت. أما المستقبل فقد جعل من جوعي مرارة، ومن استقراري اضطراب ومن صلاتي تطلُع. قالوا لي أن طريق الإله يقلب الكيان ويرمي الإنسان في أحضان عمقه، لكني ما فتأت متشنجاً في هذه الرحلة، فزمني فرغ من معناه الآن، ويتطلع الى الامتلاء غداً، ولكن حين يأتي الغد، أتفاجأ بانه فارغ المعنى وفي حاجة الى الامتلاء بالحاضر. 
  قد اعتدت أن أحوك خطط مستقبلي من خيوط الزمن الحاضر، كما يحوك العنكبوت شبكته باحكام كي يكون، لكني ما فتأت ارتطم بقوله : لا تفكروا في الغد"، كيف يمكن ان أعيش اللحظة الحاضرة بعمقها وحقيقتها إنْ لم أكسوها بغطاء المستقبل، وأصيرها في أحضان التطور؟ وهل يمكن استحمال الحاضر بدون تعزية تتحدر من مستقبل مشرق أفضل ؟ ألم ينظر لنا الله ولم نكن نحن سوى جبلة بين يديه بعيون المستقبل ؟ ألا كيف اذن، يعِد ابراهيم ويواصل مسيرته مع شعبه رغم خياناته. اليس هو اله المستقبل؟ [/color] [/size] [/size]

25
الاخ العزيز عامر ...

     لا يمكن لحبك ان يحتضن الاخر فحسب بل ان يغرقه في كونيته، فقرارة نفس الانسانية محدودة في معناها ومرتجى تحسسها لكونها. بهذا، علينا التفكير بحب يهيم عن حدود الذات كي نتمكن من تحسس دفق عواطفك، ولنتجاوز حدود المرئي، مطلقين عبرات الحب في اثير مقدس ، هناك لربما يحتضن حبك قداسة اللامرئي، وحينها تعلن نفسك صوفي القرن الواحد والعشرين ...

    جميلة كلماتك، يا عامر، فيض معناها يتسربل في أودية الاحساس الانساني بهدوء ساحر ...

    اتمنى لك الابداع المتواصل ...


    مع محبتي وتقديري


    أخوك

    صميم

26
أدب / رد: الله حب
« في: 02:49 04/04/2006  »
الاخت العزيزة فيان

    نهضة الحقيقة تحتاج الى ألم كي تبصم تاريخها على لحم البشرية المتألمة ... ما فتأت تفقد انسانيتها كلما غاضت في قلب الصراع، أعلنت التنازل عن مقررات الكرامة والعفة نحو ابتذال في التقاليد واستيراد للاخلاق .... ولكن ... نعمة الله تظهر في قدرة زهرة على النهوض بين كومة أوساخ، في قدرة انسان يحافظ على جذوره في عالم يجتث بدايء ذي بدء الجذور ... فلنصل ... ان يجد الله مكانا ولو مظلما في قلب من صاموا عن المحبة ...


      اتمنى لك التواصل والابداع

      مع محبتي وتقديري

      اخوك
 
     صميم 

27
أدب / رد: هسترياااا....!!!
« في: 02:44 03/04/2006  »
عزيزي كرم ...

      أمسى عالمنا ناكراً لكل انتظار. حين ننتظر فاننا نهب اللحظة طاقة الوجود في الفضاء المقدس، ونغدو فلاسفة اللحظة المنقطعة عن الزمن. لا يمكن العيش دون انتظار، فحكمة الأقدمين خطت على فكرنا شيب الشيخوخة النفسية ... آهات الانتظار تنطلق حين يصدر الزمن قرار الصلب على خشبة اللاحقيقة.. هكذا هو اغترابنا ... نحسب اغترابنا جسدي الحقيقة، كلا .. انه اغتراب عن الوطن الأم .. عن النفس .. الذات ... هناك الوطن ... حين نجد هذا الوطن سيسهل علينا ايجاد وطن الولادة ..
    لنقدس الانتظار حتى لو احتضننا بين اجنحة مليئة بسكاكين ...
    ولنتذكر ...

الله في انتظار  الخاطيء المتألم بقلب ينبض بمحبة لا زمنية ...
الاب في انتظار لابنه الضال ورأى وجه الحقيقة في قلب الصراع...
الأم في انتظار وليدها الذي يحمل ثمرة تزاوج الزمن بالوجود...


    عزيزي كرم ... لأول مرة أقرأ لك ، وقد أعجبتني افكارك وتعبيرك ... اشجعك من صميم قلبي كي تواصل ابداعك والى الامام ....

    مع محبتي وتقديري ...


    أخوك

    صميم


 

28
أدب / رد: ..خاتمــــــــــــه..
« في: 16:24 30/03/2006  »
عزيزي الاخ رحيم ...

     نهضة الأمم ليست كنهضة الافراد، فلربما مسيرة التحرر قد تطول الاعوام والأعوام، ولكن مسيرتنا تبدأ من انسانيتنا، من عمقنا، هناك عراقنا. أصبح كشخص يقنط التاريخ، وينتظر تجمد الزمن حتى يعلن القيامة.. تشردنا ... ابتعدنا ... ولكنا نزول والعراق لا يزول.. انه ابدي الحضور، مخنوق النفس، ولكنه الهي الوجود ... قد هرب نحو الزاوية كي يسخر من التاريخ وهو يتمسرح على أرضه... ينظر وقائع دراما محبوكة، وسيعطي رأيه الاخير حين يهبه اله صوتا نبوياً... فلننتظر ... فنحن نزول ولكن العراق لن يزول ...


    تحيات قلبية ارسلها لك وانت في دبي، احساسات المغترب تحطم الفؤاد لكن بقاء النفس نعمة يهبها الخالق ... فدمت سالماً ، متاملين المزيد من ابداعاتك.

     مع محبتي وتقديري ....


      أخوك 


    صميم

29
أدب / رد: سيدتي
« في: 16:12 30/03/2006  »
  الأخ العزيز هدير

    اقتراب الاخر مخاطرة ... اذا حاولنا احتضانه في سجننا ... فقداسة الحب لا تستدر الحس بل اللاحس، حين أعيش الحبيب في الفراغ، حين انظر اليه كطائر يحلق في سماء الفكر   ... حين يبدو لي كملاك يبشرني بحضور كياني أكثر من كونه حضور على الفراش ... رياح الحب عاصفة تدمر كل اغصاننا اليابسة ... تطهر رغبات جسدنا القلق، المتعطش الى لذة اللحظة... ليس الهوى سوى أن أحب الآخر في فكري، احتضن وجوده وليس جسده، بهذا أهب الاخر نعمة التحرر من أداتيته، فليس لي منفعة، بل ربح  منه سوى أن يكون ... أن يصير ... أن يتقدس .... معي. حينها تتغلغل المحبة كل جسدنا وتملأه نوراً بدل القلق والألم ... 

      الاقتراب نعمة ... حين أغدو محرراً ...



     عزيزي هدير ... تهنئة من القلب الى كلماتك وشعرك الجميل ... متمنياً لك المزيد من التألق والابداع ...


      مع محبتي وتقديري ....


       أخوك

      صميم

30
أدب / رد: أسأل نفسك
« في: 15:40 30/03/2006  »
الاخت العزيزة دينا

   النفس المتألمة تنوء بحمل الانسان الجاهل،
    الانسان يصلب نفسه على صليب اوهامه،
    مزدرداً حياة العمق، ناكراً العيش في ملكوت الحب، ملكوت القداسة حين يحتضن شبيهي بكل كيانه.
   لم تكن يوماً النفس غبية، فباريها يخاطبنا من هناك. بل من مزّق جسدها الطاهر انسانها الهائم في طرق الزمن باقدام عارية، بعمق مطمور، بهدوء جبان ...

    ولكن ... هناك انتظار في قلب النفس الجريحة، تنادي بالاهتداء العميق لانسانها الضائع، والرجوع الى رحم العنق حيث ملكوت الحب ... 


     اهنئك على كلماتك المعبرة، وهدفك في كشف المكنون بشكل حسي ...


      تمنياتي لك بالنجاح والتواصل ..

      مع محبتي وتقديري ...


    أخوك

   صميم

31
أدب / رد: مخاض المحبة
« في: 10:08 30/03/2006  »
عزيزي مهند


     أشكرك على مرورك الكريم وكلماتك المعبرة ... وأقول :


     جمال المحبة انها تتسربل في الكيان بشكل يداعب طفلنا العميق، لا تحتاج الى سمة للدخول في العمق، لكنها تناضل من أجل الخروج من الحدود، والعبور نحو كيانات تحتاجها... ان حواسنا تخبر بالمحبة، كلماتنا، حضورنا، نظرتنا، ولكن ما فتأنا نبقى في حدود النطق، النظر، التحسس، ولم نتجرأ على (" الكون مع) " على  ( تجسيد القلب النابض في فعل حنو نحو المحتاج )، ولهذا، يمسي " التمييز " نقطة البداية نحو اطلاق العنان للمحبة أن تغزو القلوب وتقفز نحو الكيان المحتاج ...


      عزيزي مهند، اتمنى أن يتسربل الحب في كل حواسك وبقدرة على التمييز، لأننا بحاجة الى الآخر ...


       تمنياتي لك بالتواصل والابداع ...


      مع  محبتي وتقديري ...


     أخوك 

    صميم

32
أدب / رد: الجلوس على الأرض
« في: 09:59 30/03/2006  »
العزيزة غادة ...

       تفترض قداسة الحياة متجهين، يصعب فصلهما، يتسربلان في عمقنا كتسربل الزمن في هدوء السارق. ما فتأن حياتنا معترك نحارب فيه أرضيتنا، طبيعتنا، ترابنا. لم أرَ شاعراً تغنى بقداسة التراب، بطهارته، لأانه مرادف للكون تحت، في الأسفل، الابتعاد عن الأضواء، الابتعاد عن عيون تنظر وبنان يشير... هذا المتجه يقابلنا بروح التواضع ونعمة تحسس الاخر بعرائه، انه تشير الى قبرنا المنسي والمُتناسَى . ولكن حين نرى أن يد الله قد جبلت من هذا التراب انساناً يقدس الحياة بخطوته وحضوره، يجدر بنا النظر الى الأعلى، نحو التسامي في حب أعظم من وجودنا، النظر الى فوق، حيث الانطلاق من " الأرض "، بصلاة فقير معدم، يحدث تزاوج مقدس بين الأرض والسماء، بين النزول والصعود ... بين الكون في قلب التسامي ونار الانسانية ...

   هكذا يمسي عمقي نقطة التقاء ضعفي بقدرتي ...
فلنتحسس وضاعتنا ثم نتسلق جبل الله!! 



     عزيزتي غادة ... اهنئك على اجتراحك معنى كياني ينقلنا الى أماكن غريبة لم نطأها يوماً..

       متمنياً لك دوام الابداع والتألق ...


     أخوك
 
   صميم

33
أدب / رد: مخاض المحبة
« في: 20:25 29/03/2006  »
  الاخ العزيز أبدل


       أشكرك جداً على كلماتك المعبرة والكريمة والتي لا استحقها، لكني أقول :

      يتحسس الروح نفسه حين يحب، صارخا بخطاب القداسة في صحراء الانسان.
      يا لمرارة حياتنا حين تودعها المحبة، وتحتل موقعها شياطيننا الجميلة، فنحن من يجبلها وينفخ فيها الروح.
      نهر الحب يتسربل هادئاً في اراضي الشر التي تملئها وحوش ظمآنة لوجودها، لكنها تعلن غلق منافذ هذا النهر لأنها تخاف الرجوع الى أحضان الوجود الحي.

      للأسف دم المحبة متخثر في قشرة رؤوسنا، ولم يتحرك بدورة تخترق قلبنا؛ انه يعيش على نبض تعب من نفسه ....

     لم يبقَ الا التكاتف في الحب، فحبي الضئيل الايل للسقوط، يمكن أن يسند حبك الايل للسقوط، وهكذا يلتقي الحائطان ولا يهويان الارض بل يصبحان كحيطان الموصل. ..


     أشكرك يا عزيزي أبدل على مساهماتك العميقة، متمنياً لك الابداع والتواصل....


      مع محبتي وتقديري ...
 


       أخوك
   
     صميم
     

34
أدب / رد: مخاض المحبة
« في: 20:00 29/03/2006  »
الاخت العزيزة فيان

       تستجمع المحبة قواها حين تغدو ماثلة أمام كآبة طاهرة تصيّر الانسانية وفق عمق يحتضن الاخر بفرح، ولكنها كئيبة في زمننا، لأن الاخر مهان، مُحتَقَر حين يحمل رايتها... صوت الألم هو صوت المحبة حين تطرح جنينها المشوه في قلب الشر. انه يجهضها وهي تبكي حتى الثمالة.. ولكن لنصلي أن نبحث عن مغارة للمحبة كي تهدي الحياة جنيناً تنضجه انسانيتنا في فقرناوبين حيواناتنا ... 


     شكرا لك يا فيان على كلماتك الجميلة، اتمنى ان نواصل مسيرة القدرة في وهب الكلمة سحر ولادة المعنى ....


     مع محبتي وتقديري ...


      أخوك

    صميم 

35
أدب / رد: مخاض المحبة
« في: 10:54 29/03/2006  »
الاخ العزيز راهب الحب ...

      في المحبة ثنايا لم يتوغل فيها حتى الله، فهناك لا يمكن البقاء  وحيداً، انه مكان يشترط وجود الاثنين،  مكان اللقاء الحميم، حيث يرىالاب نفسه في الانسان، والانسان في الاب. ولكن ... ما فتأ الله ينتظر في العمق، أما الانسان مخلوب بسحر السطحية، يجبر الله على اللقاء هناك .... وحين لا يجده، لا يرغم فسه على ولوج العمق، بل يخلق اله يتناغم وفق ايديولوجياته، وطبيعة حياته ... حتى تبقى هذه الثنايا مهجورة ... ولكن ... يبقى الله في انتظار ...


     عزيزي وسام، شكرا ً على ردك الجميل، ومزيد من التواصل والابداع ..

      أخوك

    صميم 

36
أدب / رد: حزن البنفسج
« في: 10:59 28/03/2006  »
عزيزي أبدل ...

     في كلامك يستدر انصهار في قلب الوجود من أجل المحب. انك تكمن في كل مكان، متلاشياً كشعاع يبحث عن وجه المحب كي يصليه بحرارة ليست دافئة بل مقدسة، تنبع من عمق خجول. انك في المرايا، بل في ريح تهب كنسيم عذب يخبر بحضور غير مرئي، يفعّل القلب للكون والموت والقيامة من جديد ...

    تهنئة من القلب يا عزيزي ابدل على قصيدتك الجميلة التي نظمتها حبيبتك في عمقك ....


     تمنياتي لك بالابداع المتواصل ...

      مع محبتي وتقديري

     أخوك
   صميم


   

37
أدب / رد: مخاض المحبة
« في: 10:49 28/03/2006  »
عزيزتي غادة ...

       حين ننظر بتأمل الى الكلمات في سحر معناها، فاننا نعيد خلقها، بل نسربلها في وجود يتجاوز وجودها ... هكذا يكون مرور المتأملين على كلماتي، فهي تتصير من جديد وفق ما يناضله المتأمل من صراعات نحو الحياة في المعنى... وانت يا غادة ... تتوسطين هؤلاء المتأملين ... فمرحى للروح التي تدعو لحرية الفكر وهي تهيم في تأمل سحرها، مرحى للقلب الذي ينبض بالمحبة التي كشفها الانسان على صليب الحياة.

      اشكرك على كلماتك المعبرة، متمنياً لك حياة هنيئة مع عائلتك التي تحتضنيها في كل كلماتك كأساس نحو انطلاقة في قلب المعنى ....


      مع محبتي وتقديري ...

      أخوك
    صميم

   

38
أدب / رد: رسالة من القبر
« في: 23:22 27/03/2006  »
الاخ العزيز عبود

   
     اهنئك على كلماتك المعبرة في وصف لوم أموي ينطلق من القبر  ... وأقول :

     أني اتحسس هذا القبر... انه ليس بقبر يحتضن الاموات بل الأحياء...
   
     ان هذه الأم ليست بميتة .... بل تحارب موتها في عقول بنيها ..

    أن كلماتها حية في عصر في عصر يحارب الحياة نفسها ... 

    اذا كانت تحسب ان حياتها نعمة بين بنيها، فموتها هو كآبة في زمن موتها ...

    هكذا يمسي قبرها حياة تعيشها ....

     نعيشها ...

    ملكوت العمق الامومي ينفتح عبر القبر،
   
    ينادي بالاهتداء لبنين ضائعين في دهاليز الموت الحي ...

   يدعو لقداسة العمق وهو يطلق صوت الامومة الضائعة ...

    فأين نحن من أمومة فقدت معنى الاحتضان
 
    قبرناها كما نقبر اموات الطاعون ...

    هناك ... تحت التراب ... لا صوت الا سحر سكون الكون...

   ولا نجد سوى أننا قبرنا ذواتنا ...


    اننا امهات ذواتنا ...
 أبوتنا تتجلى في سحر امومتنا،
 وامومتنا تستدر عمق ابوتنا ...

    فهنيئا لمن يعلن قيامة الامومة من قبر الزمن الحي  !




     عزيزي عبود .... جميل ان نقدس معنى صيرورتنا كبشر تحتضن انسانيتها في كلمتها ....



     مع تمنياتي لكل بالمزيد  من التالق والابداع



     أخوك


   صميم
       

39
أدب / رد: مخاض المحبة
« في: 19:36 27/03/2006  »
عزيزي الاخ مجهول ...

       حين تقترب كلماتي من سواحل عمقك، فهذا يعني انها ادركت الهدف المنشود... ولكن ... تبقى خبرة الزمن تعاني الموت نحو الولادة الجديدة... الرابط الأصيل هو تحسس البصيص في قلب الظلمة، والامساك بالكلمة في عقر دار المعنى.... هناك يتجلى روح الفكر، وتبدو هيئة الكيان ناصعة البياض، لأن سحر القلب ينبض بالوجود ...

      شكرا جزيلا على مرورك الرائع، وكلماتك الكريمة .... متمنيا لك دوام الابداع والازدهار ...

      مع محبتي وتقديري ...

      أخوك
     صميم

40
أدب / مخاض المحبة
« في: 00:59 27/03/2006  »
مخاض المحبة

اعتصمت أمام باب المحبة بقلب تثلج من اللامبالاة، وانصهر بنار القسوة البشرية، وتدلى من بوابة الفكر المتراوح بين القدرية والتعنت. هناك، اعتصمت طالباً من المحبة أن تكشف النقاب عن نفسها، وتعلن التجلي، فناديتها:
متى تفتحين بابك ايتها الفتاة الخجلة، متى ترأفين بحال القلب الهرم، المنكسر؟ كيف تسألين القلب الخاضع، المُحتَل، المخدَّر أن يجذل حدوده وينظر الى نفسه من خلالك ؟ كيف تسألين الشاة المعلقة أن تتحرر، فهل بامكان ملائكة القدرة أن تفك القيود وتطلق الضحية من أمام كهنة الزمن المزدرد ؟ هل يكفي ان توسعين  الضحية احلاما تتحدث عن حرية عرجاء، وهي في طريقها الى وداع الحياة ؟

    أليسَ الموت فيك هو قمة التحرر، أم التحرر يتجسد في نبذ صوتك المخنوق. في عالم اليوم، بات الأمر سيان، فصوتك أمسى اهزوجة يتغنى بها الاطفال قبل النوم، وفردوسك بات جحيما في قلوب الالهة الصغار. هل يصح أن تكوني محض خيال، تقفزين بين حقبة وحقبة في عالم الفكر، ولم تكوني يوما واقعا يُعاش؟  أم يا ترى أنك مصلوبة في جلجثة القلب البشري وهو يعلن الاحتضار ؟

    تقفين أمام الشر مكبلة الأيدي، عرجاء، خرساء، طرشاء، لا حول لك ولا قوة سوى سحر نظرتك، وهشاشة رغبتك وعمق حضورك الى درجة الانطمار تحت طبقات الغباء والجهل الانساني. مُسَيْطَر عليك، تعربين عن خلجاتك باسلوب الجبناء، قائلة :" طوبى لك ايتها النفس حين تعلنين حرية الوجود! " وهل حرية الوجود هي أن أُشعِر الخصم بقدرته وسطوته، واعلنه البطل ؟ لربما أن قداستك تكمن في صيرورة هوجاء في قلب المهانة والرذل. لم أجدك يوما مُكرّمة، مُرَفعَّة، من يرفعك في كلماته، يطمرك بافعاله، ومن يقدس حضورك بأفعاله، يرذله الكون بقسوته.  في كل مرة أجد دعاتَك إما مصلوبين، أو مقتولين أو مُهَمَشين. فهل أن شرعة وجودك تضادد الوجود نفسه أم انك تجوهرين قداستك في قلب خفاءك ؟

    طرقت أبواب الصمت، باحثاً عمن جبل قداستك، ووهب لحضور كحياة العمق ، طالبا معرفة الوصفة السحرية التي أُعِدَت لطرحك في العالم، ما هي تلك الأنامل الغريبة التي شكلت جسدك الموهون في صحن الزمن. انه السامي، ها هو يأتي، حاملاً معه نسيم عذب يتزاوج بشعاع الشمس الذي يرتجف معلنا الكسوف أمام شمس المتسامي، انها شمس تنبع من عيون لا مكان لها سوى في القلب. خفت من حضرته، هاربا خلف شجرة تعرشت اغصانها، حتى اخفتني بالكاملز جاء ينظر الى الكون بعين تبكي واخرى تبتسم للطبيعةوهي تخر ساجدة أمام باريها ..

     فنادى بصوت أم فقدت وليدها، قائلاً :

ايتها المحبة .. ايتها المحبة
اين أنت ؟
جبلتك، لكنك انسللت هاربة من بين أناملي،
هربت نحو جلجثتك ؟
لم لم تتركيني أكمل خلقتك،
وأعلن ولادة العمق في قلب الوجود،
بألق الكشف ؟
لكنك أجبتيني في خلسة الكون :" يا ايها الباري الحنون
اتركني أكتمل بأيادي من جبلته ، بايدي انسان، خالقي الجديد .
انا أعلم أنه سيحتضنني كما تحتضن الام وليدها، بل سيقدمني الى الوجود
كمن ينبت وردة في حديقة الخلود".
ولكن أيتها المحبة لم أشهد مذ تلك اللحظة سوى وقائع صلبك.
ولم أسمع سوى صوت آهاتك وهي تتوسل ولوج رحم الكون من جديد .
سألتك أن تأتي وتعتلي عرش الخلق الفريد والاكتمال.
الا انك اعلنت أن ألمك هو مخاض الحقيقة في حقيقيتها
حين يولد العمق وقداسة المعنى كتوأم في رحمك .
طوبى لك ، وأنت تنزفين معنى
تزاوجين الألوهة بانسانية الاله
وتعدين طريقا نحو العمق، حيث تتجلى صورة المحب
وهو في انتظار ...

هكذا.. تركت المتسامي، قافلا نحو مضجعي...
مسدلا الستار عن تساؤلاتي
فعيوني قد تعمذت بالألم ...
وقلبي طهره احتراق الماضي ..
وروحي حلق في سماء الوهة الاله المحب
هناك ...حيث لقاء الوجوه ... وسحر الوجود 

41
عزيزي راهب الحب .....


       اهنئك على تعبيرك الجميل، وتسلسل موضوعك ... وأقول :
 

       حين يطوي النسيان أشخاصاً جرحونا، دمرونا، مرغونا بتراب الألم .... يبقى الزمن حافظ سر الجرح، لكنه يبقي ندبة ، أثر يسجل نفسه في قلب التاريخ، فتاريخنا لحمي، مسطور في جسدنا... ولكن حين نرى الندبة، نضحك ، ونولي رأسنا نحو عبثية الزمن من جديد... هذا هو الانسان ... قدرة خلاقة على مناورة الزمن بالزمن نفسه ... ولهذا ، نضحك اليوم أو ننظر الى الارض نظرة تأمل على أمور عشناها وخضناها، مع اناس ابكونا دما ولكنهم لم يزهقوا نفسا تتألق في المستقبل ...


      اهنئك مرة اخرى ... وتمنياتي لك بالنجاح والازدهار الدائم

   أخوك صميم

42
أدب / رد: ياموج البحر ..
« في: 11:27 22/03/2006  »
عزيزي الاخ حكمت


  قداسة بلدي الهية، لم تتحدر من واقع انساني بل مسرح لحضور الهي. منذء أن بدأ الله تاريخه مع الانسان، اختار هذا المهد كي يضجع فيه انسانه. ولكن انسانه منقسم، اصبح فريسة لوحوش كاسرة  تكالبت عليه، وحملته على الانتحار في قلب التاريخ. ولكن ...

    بلدي ليس لحداً بل انه ينتظر في اللحد للقيامة. كالمسيح الذي قام بقدرة الهية وليست انسانية.

   بلدي ليس انساناً كي يُمحَى ... ليس حجارة كي تُهدَم ... ليس زجاجاً كي يُكسَر ...
       بل انه ثالوث ... اله ... تاريخ ... انسان.   
   
    بلدي اصبح في عمقي، احمله معي حيثما يهب الروح . انه يصرخ بالحب كلما ابتعدت عنه.

   فكيف لعمقي أن يصبح لحداً ...
   كيف لقداسة عراقي ان تُدَنَّس ...
   كيف للوطن ان يُدَمَّر وهو محفور في قلب الله ؟


     تهنئة قلبية لاخي العزيز خكمت، متمنيا لك دوام الابداع والتالق ...


     مع بالغ حبي وتقديري


        اخوك
       
     صميم

43
أدب / رد: خـاطـرة.........
« في: 10:52 22/03/2006  »
عزيزي اندي

     يسرني قراءة سطورك بعين تنظر ما يعتلج الداخل من انهاك، انفصال عن الروح الحر في العمق، كآبة يخيم عليها طابع الحياة اليومية. لربما تمسي منادياً فؤاداً ليس له اذن تصغي، وليس له عيون تنظر، لكن له قائد مقدس ... انه أنت ...

 حين نعلن الصمت في قلب الفوضى، انها قيادة حكيمة.

 حين نفتح عيوننا متفائلين بالحاضر رغم مشقاته، فاننا نطلق العنان للفؤاد كي يتحرر من سجونه.

 حين نُخضِع الزمن للتوقف أمام زمننا الكاسح، فاننا نقود الفؤاد نحو تحقيق ذاته.

حين ننظر بعيون القلب الى حضور الله والآخر المحتاج، فاننا سنخضع الفؤاد الى الانفتاح، وسيشهد حينها خروجا نحو العمق، تعلقا بالحياة، استنشاقا لفؤاد الاخر وهو يدعو، يلتقي، يحاور.

 
حين نشهد انكفاء الفؤاد على نفسه، فهي اشارات أكيدة ان الفؤاد في عزلة مريرة، يبحث عن وجه يحتضن دعوته، يبحث عن كيان يقدس حضرته، يبحث عن " آخر " لانه" آخر " فهو لا يهوى الفراغ.


    هكذا يتألق الفؤاد متفاعلاً مع صيرورة الكيان....


      تهنئة قلبية أقدمها لك مجدداً، متأملاً لك دوام التألق والابداع ...


     مع بالغ تقديري ومحبتي

   

      اخوك
   
     صميم


   
 

44
أدب / رد: فراق
« في: 17:22 21/03/2006  »
عزيزي هدير ..

      اضفت نهاية خاطرتك سحراً لا مثيل له لما ابتغيت البوح به ( في الخروج انتصار ). انها الحقيقة العظيمة التي علينا الانطلاق منها في تصيير حياتنا وفق نعمة الوجود :

 - الخروج من شرنقة الاحكام والافكار السلفية والخانقة ... انه انتصار .

- الخروج من ارض السطحية والتفكير المتسخ بتاريخ الحقد الانساني، واعلان الولوج الى العمق، انه خروج ... انه انتصار.

- الخروج من العلاقات المتعفنة، والتعلقات المرة التي تغرق الانسان في عزلة مريرة، والانفتاح على الاخر وقبوله بكل سلبياته وايجابياته، فهو هدية الله لنا، ... انه انتصار.

- الخروج مع من احب ... يعني أن أهب الحبيب مجالا كي يعيش، كي يحس بحريته، كي يفكر فيّ أني المختلف المتشابه. اني أنا هو.... انته انتصار

- الخروج نحو الداخل : قداسة في قلب الخروج !

     عزيزي هدير، تهاني الحارة لهذه الخاطرة ... ومزيدا من التالق والمواصلة
   


    أخوك
   صميم

45
أدب / رد: عزما ً....ياغربة روحي
« في: 02:05 21/03/2006  »
عزيزي مجهول ..

     
      يا لهول الألم ... حسرات، نكبات،  أموات هنا وهناك، انمساخ الهوية، هجرة نحو اللاهدف، رياح تدمر كل أخضر في حياتنا، وتبقى كل يابس يقسينا. كل ما نذكره مؤلم، وتاريخنا يبكي بحسرة، لأنه تاريخ ألم.
 ولكن،من يفعل هذا سوى الانسان، من يدمر، من يكره، من يحقد... للأسف، عنواننا اتسخ بالاحقاد. ولكن ... لن أندب الحال، فنحن ككل البلدان التي أصابها حقد الانسان. ولكن لن يبقى الشر لأنه منقسم على نفسه، وليس من بقاء لمملكة منقسمة على نفسها... لربما نحن من يدفع ثمن هذه الشرور ا، لكنّا سنكون طريقا نحو ازدهار لأخوتنا القادمين.

   لن أبكي، لأني ضيف في هذا العالم، الموت مرحلة وليس نهاية ... كلامي ليس بمثالي، بل خطاب ينطلق من عمق الالم واستسلام كلي لارادة الله. ولهذا لا نبالغ بتقييم الحياة بشكل مطلق، فالموت طريق نحو الحياة إنْ كنا مؤمنين. نصلي أن تزول الاحقاد قبل أن نموت.. نصلي كي يتصالح الانسان مع ذاته اولا ومع الاخر الغريب . نصلي كي نودع الحياة بابتسامة فرح خير من دمعة وانفجار. نصلي أن يكون الله حاضرا في دقائق حياتنا، فهو لا يوجد في مجالس الترف والسهر بل في مجالس الحب، والالم والفقر..

     اتمنى يا عزيزي مجهول، ان تنحسر هذه الازمة قريباً، ونعود كسابق عهدنا ... ولكن لا ننسى ليس من ولادة بلا مخاض، وليس من عبور بلا ألم ..

      باركك الله على الافصاح عن شجونك ... وانا معك مساند اياك في كل كلمة تكتبها ... ا
  مع بالغ حبي وتقديري


    أخوك
   صميم

     
   
   

46
أدب / رد: ســــنة أخيـــرة حـــب
« في: 17:55 19/03/2006  »
عزيزي بسام

   جمال تصويرك احتضن فلسفة اللحظة بخبرة حب تتسربل من واقع الحياة، تفلت من زمام الحتمية الوضعية. ففي خبرة الحب، هناك لقاء، وحين يحدث اللقاء، تتحاور الكيانات، ويا لشدة غرابة الكيان حين ينعكس على ذاته، مكتشفاً أنه  خرج "خاوي اليدين" من مشوار تزاوج بصيرورة الزمن مع "الاخر المنادي"، لم ينجز شيئاً سوى     " الكون مع"...  هكذا هو الانسان ... يجهل عمقه ... ولكن في عمق جهله ... تكمن حلاوة القرار ... البحث من جديد...

      عزيزي بسام .. اهنئك على جمال تعبيرك، وسلاسة لغتك ... واحساسك المرهف ...

     متمنياً لك مزيدا من الابداع والتواصل ...

     أخوك
    صميم

47
أدب / رد: حدث في كم دقيقة
« في: 16:20 18/03/2006  »
عزيزي مهند

    سحر الموقف تجلى في مونولوج داخلي، أمسيت أنت الحبيب والحبيبة، فلطالما ابتغينا زرع الحب في قلوب تكمن الخارج، متناسين عمقنا المحتاج الى مناجاة، مناغمة، حوار.. لربما كنت بالفعل تحاور حبيبتك، ولكني ارى عمق حوارك متوجه للأنا العميق، وهو يطلب الصلح والرجوع الى لحظة الخلق..

    تهنئة من القلب على حوارك الجميل، متمنياً أن تكون قد وجدت قلباً يحصد ثمار الكلمات ..

    مع محبتي وتقدير .. ومزيد من الابداع

    أخوك
   صميم

48
العزيز مجهول


    طلبت التقويم، ولن أقيمك ! أتعلم لماذا؟

    لأن خبرتك العميقة تتناهى في سطور مرتجفة، منهوكة التاريخ، مشلولة الحس وهي تتشح بحلة الكلمة المحدودة. منذ ابر الازمنة والانسان يعني من حرب ضروس داخل نفسه، فنحن لسنا باناس متوحدون، نفسنا منقسمة، لا تعرف السكون، لربما يجدر القول باننا نقوم على جيش في الداخل.

    لقد فهمت ما اردت البوح به، وأؤكد لك أنك في قلب المعركة ولن تنتهي منها مهما حييت، لأنها معركة تتجسد في كل انسان عاش خبرة صعبة تحدرت من واقع حياته، ولا دخل له بها . ولهذا اقول لك ، لم يتبقَ شيء سوى ان تقرر ... أن تقرر التوحد، أن تقوم على نفس موحَدة، فتجمع اشلاء الذات المتبعثرة، باحثاً عن الحقيقة في قلب الصمت، ليس هناك عيون تقوّم ما انت عليه حقيقة سوى انت، المشكلة أننا اصدقاء لكثيرين ولسنا للاسف اصدقاء ذواتنا، نستجدي الاخر كلمة ، علاقة .. تاركين الاخر في خاصتنا، الساكن في عمقنا، يحارب باسلحة منهوكة. لم لا ننعكس على ذواتنا، ولنقم برحلة عميقة نحو وجدان لالئ الكون الداخلي.. هناك الله اودعنا مفاتيح كل عمقنا ووجودنا.

     لم يتبقَ لك شيء سوى الكون هناك، فالابتعاد خطر، وقد يجعلك تنوء تحت أحمال الخارج المرير... العمق يا عزيزي ليس ترك العالم والبقاء وحيداً، بل الكون في قلب العالم، متسلحاً بالصمت، والفرح بأنك تحيا، تتنفس، وتقدس المعنى رغم كل صعوباتك.. هذه هي الحكمة اليوم ...


     عزيزي مجهول ... شكرا جزيلا على كلماتك الرائعة، وتوليفك الحسي لكل الصراعات التي تحدث في عمقك...

   اتمنى ان تتواصل بهذا الابداع، فالكلمة الصادقة لا تحتاج الى تزويق او تكلف ، وقد اجدتها وقدمتها لنا..ز


     مع محبتي وتقديري ...

      اخوك
     صميم

49
أدب / رد: الدواء
« في: 16:46 17/03/2006  »
عزيزتي غادة


    تنوء النفس رازحة تحت عبء الحياة اليومية... هجر المعنى بات ديدن الساكنين على ظهر البسيطة . طوبى لمن يطلق العنان للنفس كي تتحد مع انسانية متألمة قائمة. لا يمكننا البقاء في سواد الحياة لأننا قائمون مع النفس ... هكذا تسربلين الأمل في سطور مقطوعة الكلمات، كي تهبي للمعنى السباحة في فضاء الفكر الخفي، وتجعلين من القارئ مسرحاً يحتضن رقصة الكلمة مع معنى الحياة المتألمة

    شكرا على تعبيرك ... باركك الله


    اخوك
صميم

50
أدب / رد: لم نحب؟
« في: 01:37 16/03/2006  »
عزيزتي د. نهلة


     لماذا نحب ؟

    سؤال لا يجيب عنه حتى الله ! اتعلمين لماذا  ؟ لأن الله بسبب حبه هذا دخل التاريخ الانساني، تعذب مع الانسان، وتحمل خياناته، ولم يكن كسائر الالهةالاخرى، بل انه بقى في حالة حب، وكان يسأل نفسه :" لماذا خلقت الانسان، لماذا يقابلني بهذا السلوك ؟ يقرر الابادة ، لكنه يتنازل عن قراره.. انه حب حتى الله بات يتساءل عن مصدره في ذاته العميقة.

    بعد تاريخ يجسد التحام الزمن بالجسد بوشيج الهي، يمسي الجواب عن هذا السؤال بعيد كل البعد عن مخيلة انسان بات عاجزاً حتى عن ادراك مصدر مشاعره، واحكامه، وايديولوجياتهّ...

    لكني سأجيبك ...

    أنا أحب .. كي أوجد .. أكون ... أصير .

        هذا هو الثالوث المقدس
   الحب هو الوجود ... الكينونة ... الصيرورة .

   


    شكرا جزيلا على خاطرتك الجميلة .. متمنيا لك المزيد من الابداع والتألق ...


     مع محبتي وتقديري

     صميم

51
أدب / رد: أهواك
« في: 17:51 14/03/2006  »
عزيزي هدير ...

    جمال الهوى يكمن في خطاب الحب العميق ، فيا لقداسة الرغبة حين تعلن احتضان الاخر في الفكر والروح ! إذ يمسي الأنا مكسوفا على نفسه، مرتضياً بأنا آخر، يشبهه ويضادده، ولكنه يستمد النضوج منه. الروح يبحث عن وجهه المفقود، ولن يجده الا حين تعكسه  مرآة الاخر. فوجه كياني أودعه الله قلب الاخر، المسؤول عني، وعن حياتي. هكذا هو الهوى، هوى الصورة، هوى الوجه، هوى الكيان ...

     تهنئة قلبية عزيزي هدير لمحاولتك الناضجة ومزيدا من التقدم والابداع ..

     مع محبتي وتقديري ...

    أخوك
    صميم

52
أدب / رد: قلبي اصدقهم
« في: 01:13 14/03/2006  »
الاخت مارلين ...

    كلامك جميل، يجسد طموح المرأة للتحليق في قلب يهبها فضاءات رحبة ... طموح المرأة بأن تقدس حضور الآخر بشكل الحبيب... لكن ما أجمل أن يطلق الاخر صرخة المبادرة، ويعلي كرامة المرأة.... تتعظم قدرة الانوثة حين يُبحَث عنها، حين يُصارَع من أجلها، حين تقول ... هناك قلوب تهواني ولكني اخترتك، خصصتك من بين الكل، واخترتك... هكذا رحلة المرأة في انتظارها، وما أجمل ان تكون المبادرة من الاخر ... فالمرأة في انتظار ... ولا يمكنها المبادرة ... لأن في التحفظ سحرها، وفي الانتظار عنوانها ...

     تهنئة من القلب اليك ، لاحساسك المرهف، والى الامام


   أخوك
صميم

53
 عزيزي المبدع رحيم

                جمال تصويرك وتوليفك اللغوي، يجعلني اخبر بابداعك على صعيد الشعر المؤثر. لايمكن لصورة الحب أن يُعَبر عنها الا في لغة تراقص الكلمة على مسرح المعنى... انها نعمة الصوفي أمام خبرته مع الله، ونعمة الشاعر حين يحاور ربة الشعر في عمقه...

      هنيئا لك عزيزي رحيم ، متمنياً لك مزيدا من الابداع ...


     مع حبي وتقديري

   أخوك
   صميم

54
أدب / رد: اه..........اه......ا ....
« في: 00:59 14/03/2006  »
عزيزي مجهول ...

      حين يتكلم الألم، فان لغته مشفرة لا يفكها سوى صاحبها، مدمجاً اياها في مجريات حياته، مذيبا اياها في فكره المتحسر، المحتضر. .... ولكن ... يبقى أن أقول، خبرة الألم نعمة سوداء في قلب الخبرة الانسانية، إنْ لم تقد الى الموت، فانها ستقود بالتأكيد الى الحياة ، وبأصالة.... ولكن .... حاول أن تضفي هويتك على ألمك، ارمي بثقل مجهوليتك في احضان ألمك، وتحسس معرفتك بعظمة الرب الذي برى  بأن عمقك... صدقني، أننا ضحايا هجرتنا للعمق.. هناك حيث الألم المريح، حيث المعنى الحي وهو يشق جدار هيكل قلوبنا...

    أتمنى أن تضيف لهاذين الحرفين لامين، كي تصبح " الله " بدل " آه "، ولنذلل الصعوبات في حياتنا إنْ أحسسنا أن الله معنا....

     اشكرك جدا على كلماتك المعبرة، وصراحتك في كشف خبرتك ...

    تهنئة من القلب ...

    دمتم تحت حماية الرب ...

     اخوك
صميم

55
أدب / رد: الى متى نكون او لا نكون
« في: 02:25 13/03/2006  »
عزيزي ابن الانبار ...

    جمال الانسانية سحر يستدر عمقنا، فنحن خليقة الله ... ما فتأت البشرية تمر بأزمات وجودية تجهض جنين الحب قبل أن يرَ النور، تدمر كل امكانية لتوطيد مجتمع يعم فيه السلام والخير. ولكن، مهما حصل، فأنا ابقى أمجد الله على خليقته، أصلي من أجل كل انسان يعيش ازدواجية مرة في حياته، يعيش اغترابا عن انسانيته، لا أحب المثالية ولا اجاهد في اعلاء رايتها، ولكني أرى الله في عمق الحياة، ولهذا علي ان اصلي كي يظهر في مثال كل انسان، اصلي من اجل اهتداء كل انسان منقسم على ذاته، بحيث امسى الاخر الغريب العدو الوحيد بالنسبة له. فمهما بلغت قسوة الايام وسطوتها على نفسيتنا وحياتنا، تبقى رحمة الله التي نناشدها لاعداءنا قبل اصحابنا.

     اشكرك عزيزي على كلماتك الطيبة، وتساؤلك الواقعي الذي ينم عن رغبة في تأصيل الواقع الانساني ...

    مع مخبتي وتقديري

صميم

56
أدب / رد: هل يجوز أن أصلي
« في: 02:17 13/03/2006  »
الاخت العزيزة دينا

      ان خطاب " الصلاة " في عالم  اليوم بات حرجاً الى درجة ذوبانه في ايديولوجيات العصر المريرة. ومن قال أن الصلاة سهلة ؟ انها دينونة اللحظة، امتداد لا حسي لدينونة أعظم. في كل كلمة نحاور بها الله، يحدث لقاء جوهري على صعيد الحس بكلمة الله الفعالة. وتغدو حياتنا احتضانا لقداسة الله في عمقنا. ولهذا، اننا نحاول أن نصلي، قد نطوي أوراقاً، قد نرميها في سلة المهملات، لكن القلب باق، ينبض بحضوره، ينبض بتناغم مع ضربات قلبه، التي تصرخ بالحب. 

   أهنئك على اسلوبك الجميل، واحساسك المرهف، متمنيً أنت تتحسي حضور الله في كل كلمة وكل فعل يستدر حياتك ..


    مع محبتي وتقديري

صميم

57
الاخ والصديق الحبيب وسام

    حين تُعلَن ساعة اللقاء بالآخر بشكل كياني، لا يمكن للذات اعلان التراجع، بل انها تنطلق مرنمة في مسرح الحياة اغنيات ما انفكت متناغمة مع صوت الكيان. هناك اغنيات تطلقها كيانات الامومة، وهناك اخرة تطلقها كيانات الاخر -المرآة... نعم كيان الاخر حين يعكس صورتي بعمق، كيان الاخر الذي يحتضن حضوري باخرويته، مختلف كل الاختلاف عني، ولكنه يشبهني. هذا الاحساس هو دعوة نحو ولوج عمق الاخر.. اما كيان الامومة ، فهو جوهر ولا يمكن أن يكون بديلاً لكيان آخر ...


     باركك الله على ابداعك ... وحبك ..


    محبك
صميم

58
أدب / رد: انبثاق الروح
« في: 20:32 03/03/2006  »
عزيزتي د.نهلة

    لن أتساءل عن مستوى الحزن الذي يعتري كلماتك، ولكن سأقدس الحزن إنْ كان وقعه كوقع النار حين تطهر الجرح. فبين الابداع والألم علاقة عميقة يتناغم فيها سحر الوجود وقداسة الواقع.
تهنئة من القلب ... ومزيدا من التقدم

صميم

59
أدب / رد: نكران الرحم
« في: 20:24 03/03/2006  »
عزيزي عبود

    في قلب الانسان حنين عميق الى الرحم، ولكن هذا الحنين ليس لاحتضان العمق بل للهروب نحو الدفء، الاتكالية .. طوبى لمن يجعل العودة الى الرحم كلقاء مع الذات وليس الهروب من واقع الكون انساناً...
   تحية من الاعماق اقدمها لرهافة حسك ..
   ومزيدا من التقدم ...

   صميم

60
أدب / رد: حكمة على طريق الزمن
« في: 05:14 02/03/2006  »
عزيزي الاخ مهند

    حين يولد الصمت، فان السطحية تمسي مرتعشة الجسد أمام الوهة العمق. ويعيش المعنى مخاض الولادة في افق الداخل. هكذا حين نصبح المعلم والتلميذ والمعنى المنطلق من العمق كي يخاطب الذات. انها لحظة تجسد الثالوث في الانسانية، المعلم : الله... التلميذ : يسوع ... أنا ، والمعنى هو خبرة الروح في عمق التلميذ .. هكذا نعيش عمق الثالوث ونحن في مصنع المعنى ...

   شكرا جزيلا على مرورك وكلماتك الجميلة التي تعكس تحسسك المرهف لبعدية الكلمة في جنين معناها... متمنيا لك المزيد من التالق والابداع

    مع محبتي وتقديري ...

   اخوك
صميم

61

    حين سُأْلتُ عن بعد الموقف في العراق، وما هي تبعاته على الساحة الدولية، ولا سيما العربية المشلولة. كان الجواب يتألق من ذاته، وكأنني ارى بداية النهاية لهذا البلد الجريح، تعجبت من سائر المندهشين لواقع ما يحدث هناك، وكأنهم من أهل الكهف، ينادون بـ " أمل النهوض" كمفهوم يتراوح في الفكر كتراوح اللعاب في الفم. ان الموقف لا يحتاج الى تحليل بل يحتاج لوصف، يخرج عن دائرة المحاباة وسياسة التخفي؛ بل يحتاج الى لسان ينطق به.
    مسكين شعبنا، تعود على شعارات، يقدسها العظماء، الاغلبية. تتراوح بين ديمقراطية أليمة لا واقع لها الا في الأحلام، وتقوية مريضة، ثمنها أحمر، راياتها ترفرف على عقول الجهلاء، ممن اتخذ الدين تعويذة يشعوذ بها الاخر بدباسيسه المؤلمة. دولتنا الحرة الأبية بلا حدود، يقدم اليها كل من هب ودب، استقبلنا الى الان حسب اخر احصاءيات البعد الديمقراطي والشعور الوطني شراذما من مختلف الجنسيات والأطياف، فالماضي خلق لنا اعداء ما فتؤا ينتظرون لحظة تمزيق الفريسة. أمسى العراق مسرح ارهاب يزاوج العصبية الدينية بالغباء السياسي، والعكس صحيح.
   في السابق، كنا ننقد الوضع خلسة في مجالس الخفية، بحجة ان الدكتاتورية لا تسمح بهذا. أما اليوم، فان الديمقراطية التي يعيشها بلدنا، لا تفسح لنا حتى العيش في الوجود كي نتكلم، فالتفجيرات تتألق في سماء بلدنا كتألق الألعاب النارية. والضحايا مرميين في الشوارع دون أي نجدة، حتى الكلاب قد ضجرت من لحم الاجساد المتعفن. أما الحكومة القديرة، ليس عليها سوى ان تدير الاسطوانة المشروخة، منادية بأمجاد الماضي، " لقد تحررنا، لقد تحررنا ... من ربقة  الدكتاتورية " ولكن لم لا يكملوا الاسطوانة : لقد أُستُعبِدنا بعدو أعظم هو " الطائفية، الفوضوية، الرجعية، العصبية، التخلف .. الخ". مبعوثيها لا يذهبون الا الى بلد وحيد، يكن لنا كل الحب، يقدس علاقته بنا، ويود لو يعم السلام أرجاء العراق، سكانه يصلون كل يوم بأن تلغى الحدود  بيننا وبينهم الى درجة مسح الهوية، وغرز كل ايديولوجياتهم الدينية المتعفنة.

    أصبح العراقي رخيص الى درجة أن ترى اعضاء جسده تتطاير فوق السطوح، وكأن الكون قد حكم عليه بهدر الدم، فهو مستَهدف في أي لحظة، ووجوده مهدَد. والميتة التي يتلقاها عجيبة غريبة، يموت وهو  يصلي في جامعه أو كنيسته، يموت وهو في طريقه لشراء الخبز لاطفاله، يموت وهو ينتظر استلام راتبه الشهري. ماذا ترك الارهابيون لنا، حتى شكل الميتة قد بخلوا عليها بنا، فأمواتنا غرباء عن سجل التاريخ المشرف، لم يُسَطروا كأبطال، بل حتى لم يُستَدَل على جسدهم بكامله. من ننتظر للخلاص ؟ هل ننتظر حكومتنا القديرة، وهي ما فتأت تناجي الارهابيين وهم في عقر دارها يسرحون يمرحون ، وتداعب الامريكان وهم يمتصون نفطها.... أم ننتظره من دول الجوار، الذين يتمتعون والحمد لله ببرودة اعصاب لا مثيل لها، كجامعتهم العربية بشكل ظاهري، وتراهم يكسرون كل اجنحة العراق بشكل مبطن، لقد فاقت محبتهم كل المقاييس لدرجة أن نرى المفجِرين يحملون جنسيات دول الجوار. هل ننتظر الخلاص من الأمريكان، وهم ينبحون كلما رأوا نفطاً، وكأنه عصير عظام مغذي. إنْ ضحوا بواحد منهم، فهذا يعني أن هناك ألفي عراقي قد مات قبله.  فما هو الحل ؟
1.   فصل الدين عن الدولة :
في شرع السياسة الدولية، يجدر برئيس الدولة أن يكون على اطلاع بتاريخ العالم، يؤونه بواقع اليوم. حينها يدرك بمغبة مزاوجة الدين بالسياسة. فهو خطر اتعظت منه اوروبا بعد القرون الوسطى. فلم نقع به اليوم ؟ فباسم الله بدأنا نقتل اخينا الانسان، وباسمه بدأنا نستولي على السلطان. لم لا نفهم أن بنية الدين لا تقبل الحكم، فهذا يدفعها الى الخروج من طورها، واتشاح تسمية اخرى غير الدين. لم لا يتركون رجال الدين حرفة السياسة للسياسيين ويتوجهوا الى دعوتهم الحقيقية، وهي وعظ الناس، والتكلم عن الله الغفور الرحيم، والرأفة باخينا الانسان المحتاج.   

2.   تطبيق نظام القوة على صعيد الوضع الداخلي :
نسمع عن وزارة الداخلية، والشرطة، والقوات المسلحة، ولكنا لم نرَ سوى قوات هزيلة، ليس بامكانها حتى الدفاع عن نفسها. كل الاهتمام كان على صعيد القشور، سيارات جديدة، ملابس جديدة، اسلحة جديدة، ولكن عقول قديمة، والمشكلة حين يخرج الشيء مرتقاً. فهل من قرار يوحد الصفوف، ويرمي بالارهابي في دركات ما يقوم به؟

    في هذين الامرين، يمكن للسلام أن يستتب تدريجيا، ومن ثم يأتي القادم. فإنْ لم يُسَيْطَر على الأمن، وإنْ لم يتخذ رجال الدين مكانهم المناسب، فان الفوضى ستشتد، والطائفية ستوصد كل ابواب الحوار، ويغدو الانسان حينها ضحية أكيدة وفريسة سهلة لكل الحيوانات المفترسة.
   
    أما ألأمر الجوهري هو أن نصلي الى الله كي يزرع في قلبنا الرحمة على أخينا الانسان المحتاج، نحترمه في اخرويته، نقدس حضوره رغم اختلافه، لأن الاختلاف لا يمكن أن يخلق خلافا الا في القلوب المريضة. فالسني والشيعي والمسيحي والصابئي وغيرهم، هم خليقة الله، مجبولين على الكون في تناغم وانسجام مع الاخ المحتاج، وهكذا لربما سيعم السلام، وتنتهي المهزلة التي يدفع ثمنها ابناءنا الابرياء.
    فلنصل بقوة الى الله، كي يمد رؤساءنا بالحكمة، ويهدي من حسبوا انفسهم ارهابيون، متناسين انهم خليقة الله، بعد أن نُوُموا ايديولوجياً واجتماعياً ودينياً. حينها قد نرى النور من نهاية النفق...
 

                                   صميم يوسف                     

62
عزيزتي غادة ...

     ان ازمة اليوم هي الكون انساناً ، تعليلها يكمن في انفصال الانسان عن مناجاة طفل الداخل، العمق وهو يرنم كل لحظة نشيد الكون في حقيقته والوهة صانعه. ان الروح  يحمل طفلا مشلولا في منطقنا، ولكن، لربما امسى الانسان المشلول الوحيد في عالم الحقيقة. فطوبى لمن يناغم كيانه مع فلسفة الطفولة حين تحتضن روح البراءة معلنة عن افول عالم التقنع، والازدواجية. طوبى لمن يناشد الحقيقة الكامنة في العمق، فهي لن تُعلَن الا على لسان أطفال.

     شكرا على كلماتك التي تحلق في سماء الحب، كفراشة حرة لا تفكر الا في " أن تكون " ....

      مع محبتي وتقديري ...

     صميم 

63
أدب / رد: هكذا يجب ان تكوني
« في: 13:54 23/02/2006  »
الى الاخ/ الاخت توانا حسيب

    رحم الحب يعيش مخاض الولادة ... وقداسة اللحظة لا يمكن أن تُعلَن الا اذا كان مُقدِّسُها حاضر بحبه وقداسته. فليس من ولادة دون قداسة اللحظة في الوجود وليس من قداسة دون فعل الوجود حين يتناغم مع العمق. هكذا يمكننا أن نحتضن الحبيب في قداسة اللحظة وفي رحم الحب. هناك مخاض، نعم، هناك مخاض، ولكن في لحظة الحنو ، يتسربل الحب كجدول ماء عذب في خلسة الوجود حين يُسمَع خرير المياه وصوت الصمت في رحم الحب ...

   شكرا على كلماتك ...
    ومزيدا من التقدم
     


   صميم

64
أدب / رد: مناجاة!!!
« في: 13:48 23/02/2006  »
مع كل التقدير، أريد أن اوجه هذه السطور الى شخصك. كلماتك تعكس نضج علاقتك بالاب، نعم بالفعل، ان لقاء الله لا يحتاج الى توليف، بل الى تزويق، ان ما يخرج في قلب الصمت، حقيقي، لان احضان الاب لا تُحَس الا في تلك اللحظات. جمال المشهد في لقاء الله مع القلب المتعطش الى الحضور، الى ارتشاف كأس الحب. علينا ان نخاطب الله بلغة تتناهى في البساطة والعمق... موعد يجمع حبيبين.... يا لجمال المشهد ..

   اهنئك من كل اعماقي ...
   والى مزيد من التقدم والابداع ...

   صميم

65

الصبر : محراب الصمت المقدس
                                                                               بقلم : صميم


    أوصيكم بالصبر، فهو كلمة السر التي أودعها الله كيان الزمن، من يفك رموزها يفتح جميع ابواب الحياة الموصدة، فحين تزاوجون الصبر بالزمن، ستقعون على كنز يقطن اعماقكم. فبالوقت والصبر تصبح ورقة التوت رداء حريرياً. بل حين يتحدان سيفوقا القوة والعاطفة انجازا. انهما المحاربان الأكثر قوة وبأساً.
أما حين تزاوجون الصبر بالحب، فلن يكون هناك فراغ في العمق يقض مضجعكم، بل ليس من خطاب للمستحيل. اسألوا الام حين يلتهم المرض جسد وليدها. انها تحتضنه بذراع الزمن، وبعيون صبورة.
حين تزاوجون الصبر بالمثابرة، فستُعِّدون خلطة سحرية لحياتكم، بل تميمة لتذليل أي صعوبة تواجهكم.
لا تطالبوا ذواتكم بصبر عظيم لنيل قوة أعظم، بل تتحدر اعظم قوة من صبر بسيط. وحين ترون شخصا عبقريا لا تنطلقوا في تحليل عبقريته الا من مبدأ الصبر.
إنْ لم تُمتَحَن أفكاركم وأفعالكم في بوتقة الصبر الشجاع فلا جدوى منها. بل الأجدر بكم حرقها وذر رمادها في بحر النسيان.
كونوا حذرين من أن لا يقودكم صبركم الى الجبانة، بل تأملوا كل لحظة صابرة وهي تحتضن الاصرار على تغيير الواقع. فالصبر رفيق الحكمة، والحكمة لا تعالج الامور الا باصرار يعشق الصمت.
اصبروا لتمتلكوا الصبر، فليس سهل على المرء تجاوز حدود ذاته والولوج في جحيم الذات حين تعاني قوة ترطم رغباتها وامانيها بحائط مسنن.
إياكم أن تذوبوا في جسد الصبر، وتصبحوا اناسا صلدين الى حد انعدام الحس ، بل أذيبوا الصبر في مادة حياتكم الهلامية، وارسموا له حدودا وطاقة ونتائج.
ما لا يمكنكم علاجه، اعهدوه للصبر كي يتولى تليينه مع صيرورة الزمن. فالصبر يسوس الزمن.   
ان التحمل أعظم من التجاسر؛ امتلكوه كي تقضوا على عدائيتكم مع الاخرين؛
كي لا تكونوا مرتعبين امام أي صعوبة من شأنها اذلالكم؛
 كي تُبقوا قلوبكم نابضة بين أموات المجتمع ؛
 كي تعيشوا اثارة نقية في قلب فساد البشرية؛
 كي تتخلوا حتى عن الطموح المهلك، بل تقنعون بما حصلتم عليه
إذن من قال انها ليست عظمة بحد ذاتها .
كي تكونوا مستعدين لمواجهة مجهولية الزمن وما أعده لكم، تحتاجون الى الصبر كسلاح فعال. فالصبر كفيل بأن يخلق من ألمكم إكسير الشفاء.   
حين تصبرون فانكم تستدعون الى ارض الواقع قوة مجهولة المصدر كانت مختفية في اعماقكم، ولم تستدلوا عليها يوماً. فاغلب الاكتشافات العظيمة تحدسها افكار الالم.
أصبروا على بلاياكم بثبات، إذ قد يحمل لكم هذا الصبر بشرى الازدهار والمصالحة بين الجسد والروح، فكلاهما يقود الاخر.
إن كنتم بصحبة قساة الزمن، ممن يحوّلون البشر الى أدوات لتحقيق مآربهم وتثبيت كراسيهم، لا تتركونهم فهم بحاجة لحضوركم، بل كونوا في مجلسهم كطُرُش يسمعون، كعميان ينظرون، كخُرُس يتكلمون.
حين كنت مع معلمي الأعظم، ذات مرة، جاء شخص وأهانه أمامي، فطلبت منه قائلاً :" اتركني لاعاقبه يا معلم" فقال لي المعلم :" ليس حكيم من يسمح بعمل الخطأ، فاصبر لربما صمتك هذا ابلغ دافع لاهتداءه". 
اعلموا ان الصبر يعلمكم السيطرة على ذواتكم، ومن وصل بينكم الى سواحل هذا الصبر، فطوبى له لانه سيتعلم الولوج الى اعماق الاخرين الهزيلة.

أنهى المعلم الشيخ حديثه وقد بدا منهكا لعمره الكبير الذي ناهز التسعينات، فابتسم امام أصغر تلميذ عنده، وقد تجمعت في هذه الابتسامة كل دلائل الثقة والائتمان على الرسالة التي سيحملها تلاميذه بعد حين. وأطرد قائلاً :" أوصيكم بالمثابرة التي تجبر الصخر أن يؤسس بيتاً، الجائع للالبحث عن لقمة يسد بها رمقه".   
فقال له هذا التلميذ: إذاً..  كلمنا يا معلم عن المثابرة  ..
المثابرة
     
اياكم أن تنظروا لفشلكم كعدو لدود، بل انْ طرق ابوابكم، افتحوا له. فهو ضيف مُرحَب به شئتم أم أبيتم. لكن لا تسمحوا له بالاقامة لفترة طويلة. فهو كفيل بأن يهدم اسس بنيانكم غداً.           انه يغلق عيونكم حتى على رؤية ما قد فعلتموه بشكل سليم أو تقدمتم به في مجمل حياتكم.        انه ضيف لأيام معدودة، وما زاد عن ذلك فمن الشرير.
اعلموا أن المثابرة تسبح في بحر المحاولة، ومن لم يحاول لا يمكنه ان يثابر. فكروا لتسعة وتسعين مرة، لانكم في المرة المئة ستفلحون. فالمثابرة تعشق اجترار الزمن.
 المثابرة لا تعرف خطاب الحتمية والمستحيل، بل تغمض عيونها عما يفعله الاخرين، وتسد آذانها  عما يقولونه، وتغلق فمها عن أي تصريح الى أن تحين النتيجة. حينها هي من ستتكلم، ويمسي الاخرون بأفواه مغلقة، وإذان موصدة، وعيون مغمَضَة.   
لا يبرز التاريخ اولئك الذين أمسوا أجنة الفشل، بلا نمو يُذكَر، ما فتأوا يتربعون على عرش القزمية، كونهم باتوا تحت إمرة الفشل العملاق. ولكن بالمقابل، يخر التاريخ ساجداً أمام من يحطم قشرة الفشل الصلدة ويطحنها كي يحولها الى علاج ناجع لأمراض الذات. وهكذا ثابروا على الخروج، فمن خلاله تكتشفون الأشياء. لا تستلموا الى الفشل، فهذا لا ينفعكم بشيء، لانه سيعود لكم بوجه آخر، ويسألكم على الاستسلام,, وهكذا دواليك، الى أن إمَعّة الوجود في زمن الحكمة.
لا تنطلقوا في مشوار حياتكم من اليقظة او المهارة، بل اشرعوا من المثابرة، فهي تحتضن روح الفعل. وعبر تمسككم بالرؤية،، ستلد أرحام أفكاركم أولى اجنة الامجاد. ولكن تنبهوا ! فكل فعل عظيم يواجه في البدء احباطاً وفشلا. فإنْ اجتزتوهما، فانكم بالفعل أبناء النور.  وإنْ لم تصادفوا هاتين العقبتين في الطريق، فهذا يعني أن أهدافكم لا تقوم على أي معنى.
ضعوا في مخيلتكم قصة " الارنب والسلحفاة" ، فالاخيرة كانت تحمل روح المثابرة، أما الأول فكان يحمل غرورا بقوته الممتزجة بالمستقبل الأكيد. فالمثابرة لا تبغي ضمان المستقبل بل يكمن موطن رغبتها في قلب الحاضر. يتغذى جسدها على رؤية المستقبل اللامعاش وليس ضمانه أو الإمساك به في قلب الحاضر. انها لا تحرق مراحل الحاضر لتلج عمق المستقبل، إذ يتحول الأخير الى حاضر حال ولوجه.
إن تأملتم حياتكم فستجدون انها سلسلة من التجارب، واحدة منها تجعلكم تنمون بشكل أكبر حتى لو بدا ذلك صعب الادراك. قد خُلِق العالم لتطوروا فيه انفسكم ، وعليكم أن لا تنسوا أن النكسات والاحزان التي تتحملونها قد تساعدكم على الزحف الى الأمام. 
ليست الحياة سهلة لأي واحد منا ولكن ما هذا ؟ علينا ان نمتلك المثابرة وقبل كل شيء الثقة بانفسنا. علينا أن نؤمن اننا خُلِقْنا  لفعل شيء ما ، وهذا الشيء يحتاج التحقق.
لتكن شجاعتكم رهن اشارة مثابرتكم. فمهما فعلتم، فانكم بحاجة الى الشجاعة. ومهما بلغ عملكم أوج الدقة والمهارة، سيظهر شخص ما ليقول لكم :" لقد أخطأتم هنا ". لكن تنبهوا لأولئك الذين ينقدون لغرض النقد وتحطيم الآخر، فبمثابرتكم ستكشفون معدن نقدكم وناقديكم.   
النجاح ليس نهائياً والفشل ليس قاتلا : انها الشجاعة للاستمرار. لذا اجعلوا الفشل رقيب غروركم، والنجاح رقيب فشلكم.   
حين تقومون بفعل يوغلكم في لجة الملل والكراهية، حاولوا أن تقولوا في قرارة أنفسكم                  :" أن المكسب الأعظم هو اكتساب الثقة بانجاز عمل مقرف، فكيف بالأحرى لو كان عملاً مُحَبَذاً . وهذا هو الأهم. فالطريق الى النجاح يحتاج الى مثابرة مُرَكَزة وليس السير بسبعة أحذية، بل خطوة خطوة، حتى طرق ابواب الحكمة والمجد.

   ثم تأمل المعلم وجوه تلاميذه، فوجدها تنطق بالألم والعزلة، تصدر خطاباً يطمس الحقيقة في سعير النار، بل تعكس خبرة الألفة مع ارواح الذات الشريرة. فقال :" ما بالكم ؟ أني أحس بكرب يمتص رحيق كيانكم. انكم كسجناء الحقيقة؛ اولئك الذين ينادون في الطرقات: " انّا اصحاب الحقيقة، اسجدوا لنا، والا أسقطنا ما يقبع داخلنا من شر على رؤوسكم". انكم مكتئبون. فباطل خطاب حقيقتكم أن لم يكن منبعها منفتحاً على فرح الكلمة. اياكم أن تحملوا وجوها مكتئبة لكونكم تشعرون بمسؤولية أو تملكون معرفة ما. لأنكم ستبدون أطفالا يستجدون الانتباه والاعتناء.     
أجاب أحد التلاميذ، وقد لاحت على محياه بوادر التجلد الناضج، ومعالم الحكمة المستقبلية:                   :" يا معلم، انك تخاطب كياننا المغترب. اننا مكتئبون، كأننا اقترفنا ذنباً عظيماً تجاه ذواتنا والآخر. بل أن حياتنا أمست " الخوف من الوقوع بالخطأ " لكوننا تلاميذك.
ثم قال المعلم :" ومن قال لكم، أن لا تقعوا في الخطأ. فلكل خطأ هناك مغفرة، ونحن البشر، كائنات تقوم على " تغير التغير "، لهذا لا يمكننا الحفاظ على أي وعد نلتزم به في الزمن بشكل كامل. ولكن لا تقامروا على المغفرة، فهي لا توهب لمن يدرجها في مخططاته، بل انها لصيقة القصد الدفين. فكلما كنتم أغبياء في الخطيئة، تحدّرت المغفرة بشكل انسيابي.
إن مشكلتكم تكمن في المغفرة. فطوبى لمن يغفر لنفسه وللآخر.

ثم طفق تلميذ آخر، وقد بدت على سيماءه، ملامح الأنانية والإستحواذ، وإباء النفس، قائلاً : لكن يا معلم، الى الآن لم أقع على معنى المغفرة  الصحيح، فقد تناهت الى مسمعي افكارا لا عد لها ولا احصاء عن المغفرة . هل لك أن تخصص واحدة بامكاني اتباعها؟     

66
عزيزي وسام
 
   بارك الله جمال تعبيرك، متأملا أن تنهل من توق الروح الى الوطن، هناك حيث احضان الاب ...

    الى الامام يا عزبزي


اخوك
صميم



67
أدب / رد: سحر المجهول
« في: 00:24 21/02/2006  »
عزيزتي غادة ...

   المجهول ينادينا للتصالح معه، انه متعشق في كل تلافيف كياننا، أننا نجهل حتى مجهولنا. يا للمفارقة. فالمجهول كيان يستدر عمقنا، ولكنه قدس اقداس الروح، وذبيحة الانسانية في تطلعها وصيرورتها. لا يريد اللقاء بنا بل يريدنا أن نقبله دون أن نرى وجهه، لاننا  في رؤيتنا له قد نموت في المعنى ...

   شكرا على مرورك واهتمامك...
     صميم

68
أدب / رد: طموح نحو العمق
« في: 00:23 21/02/2006  »

        الاخ العزيز مجهول ...

    أشكرك من اعماق القلب على مرورك الرشيق على كلماتي. فهي لم تكن سوى فتات يتساقط من مائدة الفكر حين ينعكس على ذاته، ويتامل نفسه في عراء الوجود. ان القدرة الوهاجة  المتبصرة لا تكمن الكلمات بل تكمن في الحيز الذي يحتضن الكلمات، ويتلمس بعدها.
مع حبي وتقديري  ...

أخوك
صميم 



69
أدب / رد: طموح نحو العمق
« في: 00:21 21/02/2006  »
الاخت غادة ..
    ما أعظمه طلب المرأة ، أن تطلب عيون المعلم. انها لا ترى الاشياء بل تتبصرها، وبين الرؤية والتبصر بون شاسع.  ان الكيان  يصرخ بعمقه في فعل التبصر. فطوبى لمن يتبصر حتى سلبياته، ويقبل عمقه كمعلم يحتاج الى صوتنا كي ينطق بالحكمة. ففي لحظة الخلق، أودعنا الله سر الخلق، بل كان  حدث كل الخلق في عمق الانسان قبل الكون.
   شكرا جزيلا على مرورك الكريم .. متأملاً لك الابداع والموفقية ... باركك الله ..


70
أدب / طموح نحو العمق
« في: 02:20 13/02/2006  »
                                               طموح نحو العمق

                                                                                                             بقلم  : صميم

    وحالما انتهى المعلم من حديثه، نظر الى أحد تلاميذه، وقد كان شارد الذهن، عيونه تتراقص اندهاشاً امام سير اللحظة وكأنه أما حلبة التاريخ المجتر، بل ما فتات نظرته تقدس النار التي  تذيب الحاضر في الوهة المستقبل، وترذل بلا بد الماضي بحجارة الرجعية والتخلف. قام المعلم بهمة وقصد الذهاب نحوه مباشرة، فقد أحسّه كمن علق في شباك لذة الرغبة وانخطاف الـ" آن"، ربت على ظهره بحركة اردت التلميذ ارض الواقع بعد ان كان طائرا في سماء الاحلام الملونة التي لا عد لها ولا احصاء.
 قال له : لربما ستسأل في قرارة نفسك أني سأسلك بماذا تفكر ؟
أجاب التلميذ : نعم، صدقت ايها المعلم.
ثم ابتسم المعلم قائلاً : بل سأسلك: ما الشيء الذي لم تفكر به ؟
فرد التلميذ وكأنه قد تلقى إهانة من المعلم : لكن يا معلم، أنا شاب طموح ؟
أجاب المعلم : 
قد قيل لك :" حاول أن تتحدى كي تكون وتصير في المساقبل"، ولكن الا ترى هنا احتقارا للحاضر،  ولهذا أقول لك:" عليك باحترام نموك في الحاضر، كي تكون في المستقبل، فاحترام النمو يقوم على تقديس الخطأ ( الماضي)، وهذا ما يقود الى تعلم الكون انساناً ( الحاضر والمستقبل).   
ثم نظر للجمع قائلاً:
إنْ لجأتم لله لطلب المعونة فحسب فلن ترونه ولن تتلقونها، فهو يتملص من كل خطاب نفعية أو طموح يعتمل مرجل أفكاركم ورغباتكم. بل اعهدوا لله ارواء ارضكم العطشى وذر بذار انقلاب الذاخل، ولكن أنتم من تثورون، من تسعون، من تتغيرون.. طالبوا ذواتكم اذن بالنمو وابعدوا الله عن مخطط رغباتكم، حينئذ  تقدسونه وتقدسون ما تنطوون عليه.
اياكم والانبياء الكذبة الذين يرذلون الطموح بحجة انها تضادد توجههم الروحي. فهم لا ينطوون على شيء يُذكَر سوى عقد النقص وكآبة تستدر خلف تقوية مرة. فما من انسان الا ويطمح، متمنياً التحليق باجنحة الخيال نحو مراسي الحرية. ففي الصلاة طموح ، في العلاقة طموح، في الطبيعة طموح بل حتى في الموت طموح.
طوبى لمن يطمح الى مزاوجة الروح بالعقل في عالم يعيش احتضار الروح وسيادة العقل. فالعالمَ يَتحرّكُ بسرعة عجيبة ، فبينما يشرع شخص بالقول : "أنا لا استطيع فعل ذلك الا اذا ..."، الا ويتفاجأ بظهور شخص أنجز الفعل وانتهى منه. بينما الاول ما زال يتمنطق. 
كونوا كمن لا يعرف متى تأتي ساعة السَحَر، لذا يظطر لفتح كل الابواب استعدادا لاستقباله. كونوا سارقي الزمن في مجهوليته.  ليكن هكذا طموحكم، انفتاح وخيال ملتهب بالانتظار.
اياكم أن تحرقوا الحاضر بشعلة المستقبل. بل أن تنيرونه. فنعمة " العينين" لم تُعطَ جزافاً، بعين واحدة تنظر "الان وهنا"، والاخرى تنظر "ما بعد الان وهناك." فالحياة ليست سوى قنديل صغير ينير لفترة وجيزة وينفذ زيته. طموحكم هو زيت حياتكم. فالزيت نافذ لكن القنديل باقٍ. لهذا عيشوا حياتكم بطموح الحاضر، ولا تخافوا على الاجيال القادمة فلها زيتها الخاص بها، لكن حافظوا على القنديل وهذا الاهم.
من لا يعرف معنى الفشل لن يتذوق لذة الطموح، فالاخير ليس سوى صلاة تنطلق من محراب الفشل نحو العلى.
أحبوا وافعلوا كل ما تخشون القيام به. فهي أولى خطوات الطموح. إذ ليس كل ما نواجهه يمكن أن نغيّره، لكن ليس من شيء يمكن أن نغيره دون أن نواجهه. ففي الجرأة يكمن كل السحر والعبقرية والقوة . 
كونوا حكماء في تحقيق طموحكم، فليس بمستطاعكم تَغيير إتّجاهِ الريحِ، لكن بمقدوركم تعديل أشرعتَكم وفق هبوبها، والوصول الى غايتكم الاخيرة.
إنْ اضجعكم الطموح على فراش الخمول وخيبة الحاضر: فحاربوه بقناعة الذات، ورددوا كل يوم :" كنت أبغي أن أكون، والان أنا كائن .. وكفى". وليكن في معلومكم مهما حققتم من طموحات، فأنتم أنتم، لن تتحركوا قيد انملة. فقد يمسي تافها كل ما فعلتموه أو تفعلونه في عيون الكون الهائل. لكن المهم في الأمرأنكم تفعلون " شيئاً".
إنْ كان طموحكم يقتصر على تغيير العالم نحو الاحسن، فكونوا انتم أول البادئين به. وإن كان طموحكم بقتصر على تغيير ذواتكم، فحاولوا ان تغيروا نظرة العالم عنكم.
لا تجالسوا اقزام العصر ممن يحاول تحضيض مساعيكم نحو التطور. بل جالسوا حكماء عصركم وانبياءه ممن تتسربل في نظرتهم غبطة الحياة وفرص البقاء وثقل اللحظة.
 إنْ أردتم طموحا جوهريا يطرز انسانيتكم، اسعوا لامتلاك قلب ممتلئ النعمة وروح مولود من رحم الحب واذن تصغي لصوت الداخل.
ولا تفعموا عقول الناس بسير امجادكم أو معاناتكم التي كابدتموها لتحقيق اهدافكم فانكم تسحقون بذلك اندهاشكم أمام ذواتكم، بل اجعلوا الناس فضوليين في معرفتها، فالصمت ابلغ تعبير عن الخبرة المندهشة.
ليس الشيء العظيم أن نقف بلا حركة  أو أن نعرف وجهتنا، بل تكمن العظمة في أن نبحر أحيانا مع الريح، واحيانا ضده. لكنّا يجب أن نبحر، لا ننجرف مع التيار، لكن لا ننكص في الوقت نفسه فنُنْزِل المرساة خوفاً من هبوب العاصفة.
تأملوا دائماً، أن هناك عقبتان تصادفكم، الاولى يضعها الزمن أمامكم، والاخرى تضعونها أنتم أمام نفسكم، بطموحكم تتحملون الاولى، وتحطمون الثانية.
قد قيل لكم:" ابحثوا تجدوا" أما انا اقول لكم، ليس في كل الامور، فغالبا ما يخنق البحث خطاب العفوية ويبخسه، ويبدو طريقاً يؤدي للتكلف وضياع الهدف. بل ابحثوا حين تدفعكم الحقيقة، وكفوا عن البحث حين يدفعكم الكبرياء والتنافس البغيض.
قد سمعتم :" ان الطموح طريق يؤدي الى الامتلاء" أما أنا فأقول لكم:" اطمحوا في اكتشاف الفراغ، قدسوا معبده الخفي، فلطالما امسينا عَبَدَة صنم " الامتلاء"، نأكل ولا نشبع، نرغب ولا نكتفي، نفكر ولا نفعل، نعيش ولا نقنع. فكيف نسعى للامتلاء ونحن من غرق في خضمه؟!
احرصوا على ابقاء نار الحماسة متقدةً في مرجل طموحكم، فليس من شيء عظيم قد أُنجِز بدونها. ففي انطفاءها تضعف الدهشة، ويلفي المرء نفسه كمستنقع مياه آسنة، حيث تتجمع الحشرات والاوساخ.
أتعلمون كيف يتولد الطموح:" حين تمرون في طريقكم، قد ترون اشياءً وتتساءلون: لماذا هذه الاشياء موجودة هنا. حاولوا بالاحرى أن تروا اشياء غير موجودة، حينها تقولون:" لماذا هذه الاشياء غير موجودة هنا ؟"   
لا تبرروا فشلكم بصعوبة الامور بل بعدم جرأتكم على الاعتراف بصعوبتها. فقد تنتفخون بالكبرياء الى درجة عجزكم عن النظر أبعد من أنوفكم. 
يسير الطموح برجلين : الفكر والفعل، في الاول يُمسي عجينة هلامية في حيز الحدس، لها وجه كياني وكوني شامل، وفي الثاني يحدث التجسد الفعلي في حيز المادة، يلبس وجهاً معنوي ، ويفقد تسميته ومجهولية مستقبله اللامتحقق لانه قد وُلِد الآن. لكن بين الفكر والفعل تتصير الانسانية. ولهذا اقول لكم، لا يمكن للطموح وجود بلا فعل. إذ تتضاعف الفرص حين تُنتَهَز.
في الطموح، لا تحشدوا قواتكم وتخططوا لاستنزاف طاقاتكم قبل استنزافها في العدو، بل افعلوا ما يمكنكم فعله، بما عندكم من طاقة، وحيثما كنتم. وإنْ هُزِمتُم ، اياكم الجلوس في منتصف الطريق نادبين حظكم، فقد تفقدون البداية والنهاية.
إنْ ابتغيتم أن تعرفوا مصيركم، عليكم ان تزرعوا " ميزاتكم" في أرض خصبة، وإن أردتم حصد           "ميزات تغير وجه الكون، عليكم بزرع " عاداتكم" لان بتكرارها تنمو الميزة. وإن اردتم حصد عادات عظيمة ما عليكم الا زرع " افعالكم " في ارض الزمن الايجابي، فهو بذار العادة.
حين تطمحون، تأكدوا أنكم في أحضان الهكم وليس في أحضان أصنامكم التي قد تحقق كل أمانيكم بمجرد تخليكم عن أبيكم السماوي.
أياكم أن تكشفوا اوراقكم للطموح، فانه يملك وجهاً قاسياً، عديم الرحمة، كل استحقاق لا يُدرَج ضمن مخططه، يعده حقيراً. وغالباً ما يكسر روابط الدم، ويُنسيكم حتى العرفان بالجميل.
لا تخافوا ان تطرقوا دهاليز رغباتكم، فكل غاية عظيمة تفترض درباً متعرجا مليء الحفر، حافظوا على الطريق مهما بلغت صعوبته.
قد قيل لكم :" متى ما حققتم انجازا عظيما، حفرتم اسماءكم في سجل التاريخ"، أما أنا أقول لكم :" متى ما أفلحتم بالامور الصغيرة، فانكم تطرقون باب العظمة الاكيد، فهو باب صغير وضيق. بل انه خفي على من يحاول امتلاك العظمة كحرفة، فهو يناغم ذاته مع مُثُل تحتقر انسانيته. فالعظمة تكمن في جسد الرغبة المتواضعة. 
أوصيكم أن لا تحققوا طموحاتكم على حساب تعاسة وسذاجة الاخر. إذ يمسي الطموح  رذيلة بحد ذاته، لكنه طريق أكيد نحو الفضائل إن رأى طريق النور. فبلا الطموح نفقد "اندهاش الزمن أمام نفسه" في ذواتنا. فطوبى لمن يطمح بانسانيته، ولا يطمع بكبرياءه.

   انتهى المعلم من حديثه وقد لاحت على سيماءه بوادر الاندهاش لما انطوى عليه تلاميذه من نعاس دب عيونهم وعقولهم، فقال لهم بلهجة تنم عن صرامة:"
انكم بهذا تضيعون فرصة التحرر، ما الفرق بينكم وبين الأموات، فكلاكما يبحث عن ركن يضع رأسه عليه، ويسلم ذاته الى فراغ الزمن، حيث يغرق في خضم الاشكال الشاردة من مخيلة الواقع. في اذانكم يستدر ثقب كبير، يسرب وقود الكلمة، ويوما بعد يوم، يُعلَن فقدان المعنى بلا ادراك. كيف يمكنكم ادراك معنى التحرر إنْ لم تُسجَنوا خلف قضبان معناكم. فالمعنى سجن الحرية لكن مفاتيحه في يد السجين لا السجان.
تعلموا أن المعنى مغلف بقشرة صلدة لا يكسرها الا الصبر والرغبة المتقدة.

    ثم طفق أحد تلاميذه يقترب منه حاملا بيده حجارة كبيرة، نحتتها عوامل التعرية الى درجة انها بدت تعكس وجه شخص متألم لكنه يولد انطباعاً بصلادة الداخل. ثم نظر المعلم الى وجه التلميذ قائلاً :" هناك بون شاسع يا بني بين وجهك الناعم، العاري والمبرقَع في الوقت نفسه، وبين وجه هذه الصخرة. فلو وهبها الخالق لغة بشرية لنطقت بخبرة تهز الكيان وترطم البشرية بخساسة معناها.

ثم قال التلميذ:" لكن يا معلم، ما هو الطريق للمعنى ؟"
أجاب المعلم :" في الصبر ".
ثم أضاف التلميذ :" كلمنا عن الصبر !".



- يتبع -

71
أدب / رد: حكمة على طريق الزمن
« في: 16:15 08/02/2006  »
عزيزي وسام ...

    اشكرك على كلماتك الجميلة التي نبعت من مقدس العمق حين ينفتح على الروح، ويعلن صلب الموت في عمق القيامة. هكذا نحن، ارواح تحتاج الى العمق كي تتغذى على خبرة الألوهة التي تستدر عمق الانسانية .. اشكرك من جديد على كلماتك المشجعة، واتمنى  لك الابداع والتواصل ...

مع بالغ احترامي وتقديري ...


صميم

72
أدب / رد: سحر المجهول
« في: 16:08 08/02/2006  »
الى العزيز أمير فريتي

   اشكرك على مرورك، وكلماتك التي تعكس اصالة تحسسك لوقع الكلمة وغاية وجودها. لم أفض بالمعاني بل أنت من عكس وجه معانيه، وتلمس انعكاس الفكر على ذاته. اتمنى أن نتواصل في اجتراح المعنى وانتزاعه من خدر الزمن ...

  لك كل تحياتي وتقديري ..


صميم

73
أدب / رد: سحر المجهول
« في: 13:03 07/02/2006  »
عزيزي الاخ مجهول ..

   أردت فقط أن أقول لك أن في نهاية الزمان سينبثق العمق متجليا بابها صوره الالهية.  هناك حيث ننغم الروح على اوتار الحقيقة. فمرحى لصوت الوجود الحر.

صميم

74
أدب / رد: حكمة على طريق الزمن
« في: 12:51 07/02/2006  »
الاخت غادة ...

    بقلب ملئه الغبطة والسرور، لستقبلت اطرائك على الموضوع، وأقول :

    كم جميل استخدامك مفهوم " مواجهة الله" ، متذكرا الصراع الذي دار بين الله ويعقوب ليلاً. نعم، ان الله بحاجة الى كياننا المتدارك في تناهيه، والمتعظم في  تجسد الله فيه. فعرش الله يستوطن العمق، وألقه يشع ظلاما في عيون من يدعون التنور، ويشع نورا في عيون من يدركون انهم عميان. حينها يتكلم العمق بلغة   الصمت ، ويُطرَق السؤال، أما الجواب لن يتأتى في زحمة الافكار، بل في صمت الروح حين يتقدس وهو يحتضن الحب كغاية الوجود.

شكرا جزيلا ...

75
أدب / حكمة على طريق الزمن
« في: 02:49 07/02/2006  »

                      حكمة على طريق الزمن

                                                                       تأليف : صميم يوسف باليوس


   اجتمع المعلم بتلاميذه على جبل عال جدا، وقد الفاهم يلهثون في نهاية طريق التسلق، وقد نال منهم التعب الى درجة تقوس ظهورهم. بدأ بالحملقة في محيا كل تلميذ مبتسماً، ثم سكت فجأة ونظر الى الاسفل وقال، لننزل من جديد ! نظر التلاميذ الى بعضهم البعض مستغربين من هكذا قرار. فنزلوا الى الاسفل، ولم يعد يُسمَع أي حس من أنفاسهم المختنقة. كل منهم كان يمسك  بخاصرته المتثاقلة وكأنها في الطريق الى الانفجار. فسكت مبتسماً من جديد. ونظر الى الاعلى، وقال: " لنصعد من جديد ! فصعدوا ولم يتفوه اي تلميذ بشيء، وحين وصلوا الى القمة، تطلب منهم وقتا اطول لانهم اصبحوا جد متعبين. ثم على عادته ، نظر المعلم الى الاسفل مبتسماً، وقال :" لننزل من جديد ! ولكن أحد التلامبذ قد لملم شجاعته المترامية الاطراف وقال :" يا معلم، لماذا ترغب في رمينا باحضان الانهاك ، فقد نال مني التعب مأخذه، ولا يمكنني النزول الان، فما الجدوى من ذلك؟". فأجاب المعلم باشراقة تلتمع وجهه، وكأنه كان يبحث عن شيء قد وجده بعد عناء طويل، قائلاً :" طوبى للذين يطيعون بعيون مفتوحة وعقول متساءلة. تزودوا حين تطيعون بـ :" لماذا وكيف ؟ كي لا يحولكم " الفتور" في الطاعة الى حشرات تحركها مباديء غريزية. اياكم واقتفاء آثار " وهم المفاهيم" حين تغدو انسانيتكم انعكاس من الخارج نحو الداخل وليس العكس. فتختبرون بالتالي " عفة وهمية" و " طاعة وهمية" و" فقر وهمي".

الصداقة   

   ثم أجلسهم على قمة الجبل، وبدا يفسر لهم كل شيء على طريقته المعهودة. فسأله أحد التلاميذ: يا معلم كلمنا عن الصداقة؛
فقال:" لا يمكنكم عيش الصداقة مع الاخرين ان لم تختبروها مع ذواتكم. إذ تتعظم حياتكم حين تحتضن صداقات مشرقة، سليمة - حين التقيت زميل لي في " مدرسة الحكمة" كان يخبرني قائلا             :" لا تسِرْ أمامي، فلن ألحق بك، ولا تسِرْ خلفي، فلن أقودك، بل سِرْ بجنبي، فأكون صديقك" - انها تتغذى على التفهم، وتستقي من نبع العفوية حين يصدر من جوف الكيان الحر. تعشق تقادم الزمن كأنه بوتقة تتمحن معدنها، بل كالخمر الجيد كلما عتق كلما أضجع الحس في خدر الأخدار.
    تنادي بتوحد الروح في الاجساد، منطلقها ومؤداها خيِّر، ما فتأت تشطر الشر لتدب الوهن في جسده الضخم ، وتلاشيه في قلب العدم. انها كالصحة الجيدة، لا يمكننا تثمينها الا حين نفقدها بالتدريج.
   لا تحب الخطط والمشاريع المسبقة فهي حرة ومشاعرها صادقة عفوية لا تندرج ضمن برامجيات العقل. تحوم في سماء اللاتوقع، حيث الفضاءات الرحبة. لكنكم مطالبون بخلق فضاءات مناسبة لطائركم هذا.
  مهما وطأتم اراض مقدسة من العقلانية، مهما بلغتم من قوة نفسية، الا انكم تبقون في حاجة ماسة الى الصداقة.
   اياكم والاصدقاء الذين يقطر لسانهم عسلاً، ويغدو حضورهم بمثابة مرآة تعكس جمال سطحيتكم. بل اسعوا نحو من ينقدكم ويحطم اوهامكم واصنامكم!
    لا تهبوا الثقة لمن يطلبها بسرعة، ولا تبخلوا بها لمن وهبكم تضامنا عميقا مع ذواتكم!
   لا تحلقوا في سماء المثالية والرسمية مع اصدقاءكم، فإن بات أحدهم لقمة سائغة لعاديات الدهر المحطِمة، لا تقولوا له : هل بامكاننا مساعدتك" بل هبوا لمساعدته قبل ان ينطق بصرخة النجدة.
   لا تقدسوا ما يعرفه الصديق عنكم بل قدسوا حبه اياكم.
   
الصداقة مرآة تكشف مواطن ضعفكم قبل قوتكم. نبيلة التوجه والمنطلق؛ ما فتأت تغدو  شعور بالامان في الحضور الأخروي. لا يمكن تصويرها بكلمات محدوده بل يمكن تلخيصها في موقف ما كونها لا تقوم على مَنطَقَة الافكار أو قياس الكلمات وابعادها.
تقصد حوار القلب للقلب. ممتلئة بالمعنى الصامت، ذاك الذي يُفجِّر كل ايجابية تعتمل العمق. فلا حاجة اذن لعقاقير تخدر اعماقكم ان كانت الصداقة تتربع على عرش عقلكم. انها علاج لامراض ذواتكم.  والاصدقاء الجيدون افضل اطباء لاجسادكم وارواحكم.
   مبدأها لا يتشح الكلمات لباساً بل يتجذر في الحس تجذراً.
   لا تهوى مبدأ السعادة الوقتية، تناضل لدرأ البؤس عبر مضاعفة المحبة وتبدبد الاحزان.
   طوبى لمن حصر سر الصداقة في فعلية المواقف، وجعل من الصديق صخرة يُبنى عليها أعظم هيكل يمكن للروح سكناه.
   ملعون من عدَّ الصداقة فرصة، ولم يستلذ بطعم مسؤوليتها الطيب.   
   تبنوا عقيدتها الحقة، التي تنص على " حضور مَلَكَتَي الفهم والتفهم.
   لا تخافوا إنْ أحسستم أنكم أرض يابسة لا يمكن احتواء بذور الصداقة، إذ يمكنها الازدهار والتكيف مع كل الترب، لكنها قد تحتاج الى تبادل بعض الهدايا السخيفة لتحفظ التربة من الجفاف الكلي.
    كي تكونوا قادرين على صون الصداقة من الاضمحلال، تحلوا بـ" طيبة القلب" و" قوة العقل"، فالاولى تجعلكم صادقين دوماً، والثانية تطلق العنان لافكارككم في الصراخ بصوت عال. بهذا تصونون صداقتكم.
   لا تحكموا على معدن صداقتكم بأيام الوفرة والفرح، فالكثير سيلتف حولكم، بل انتظروا اياماً سوداء حين يغربلكم القحط والعوز وتمزقكم انياب الزمن المتقلب، حينها من يبقى معكم للمنتهى هو المعزي بصداقته.
    عاملوا الصداقة بعناية ورقة، فهي هشة من الخارج وقد تُكسَر باقل سقطة. بل انها كالمال، قد تكون سهلة الحصول لكن صعبة الحفظ,
    كونوا حكماء في صداقتكم، فقد قيل من ثمارهم تعرفونهم، فمن يزرع مجاملة يحصد عطفاً، ومن يزرع صداقة يحصد حباً. 
    لا تولد الصداقة بشهادة ميلاد، لانها لا تُلمَس. بل تهبكم شعورا بأن مجمل حياتكم ماض في اختلاف وتغير. تُعِّد لكم مخططا متنامياً لمعدل اتساع قلبكم بعد ولوجها فيه، حيث اتساع قدرتكم على الحب والاعتناء؛ عجائبية المنشأ والتفعيل؛ اشبه بتأجير بيت صغير بغرفة واحدة ً، وهناك شخص يعيش معكم فيها، وبدل أن تصبح الحياة فيها مزدحمة ومقرفة، تصبح ممتدة الفضاء، بحيث تكتشفون غرفاً لم تكونوا  على علم بها، هذا اذا كان هناك صديق واحد فكيف اذا كان هناك أصدقاء ؟ 
   الا تتصوروا أن نعمة الوجود تكمن في أن تُحِبوا وتُحَبوا؟ فطوبى لكم إن وصلتم هذه المرحلة من الصداقة. اعظم صداقة تلك التي يتوقع فيها الاصدقاء الكثير من بعضهم البعض ولكنهم لا يطالبون بها. 
    ملعون من يسلك وكأنه صديق الكل، لانه لا ينطوي على أي موقف حياتي، فصداقته دوما مؤسسة على الرمال، فهو لا يريد الصداقة بل أن يُفَكَر به كصديق.
مافتأ الصديق يكشف عما يمكننا فعله، والعدو عما يجب فعله. لا تثقوا بكل من يعجن الصداقة بخميرة الزمن المتراكض، إذ يأتي اليوم الذي تنفذ فيه كل مؤنته في طريق الحب، ويشرع باحثا عن سراب البقاء.   
لا تلبسوا الاقنعة مع اصدقاءكم، بل الطريق الامثل لأكتسابهم  أن تكونوا انفسكم في كل المواقف.
حين تحاربون اعداءكم، تشعرون بمفخرة عظيمة، وحين تحاربون اصدقاءكم فانكم تعدّون نجوم السماء لمللكم وضيقكم، بل تظطرون الى طرق شوارع الزمن كالبلهاء.
إن ابتغيتم تعلم الصداقة، عيشوا العزلة أولاً، فما أعز " الصداقة على قلب " المتوحد " و " المنفي".   
لا تطلبوا من الصديق شيئا سوى الوقوف بصمت جنبكم حين تلفكم نائبة الحياة، لا تبغوا منه علاجا فهو قد لا يوفر لكم سوى اذن للاصغاء، وقلب للاحتضان، وروح  للاستبطان.إن كان لديكم خوف من الحياة، فلاشوه بالصداقة.
لا تتوقعوا ان تُفرَش الارض ورداً في الصداقة، بل بالاحرى توقعوا ليال سوداء حالكة، فخطاب الانسانية خطاب مؤسس على عنصر "التغير"، ولربما تصادفون صديق البارحة ليس كصديق اليوم. لا تمرغوه بتراب الاهانة، بل ادخلوا الى مقدسه واشعلوا شمعة تنير اسودادات نظرته، ليراكم من جديد.
إن كانت صداقتكم هربا من العزلة، فباطل سعيكم، وإن كانت صداقتكم طمعا بتعزيز اعتباركم تجاه انفسكم، فباطل سعيكم، وإن ترعرت في احضان برمجتكم ومنطقكم، فباطل سعيكم، بينما لو عشتم اختلاء الروح في قلب الصداقة، فمبارك سعيكم، وإن كانت طمعاً بجعل الاخر مدركا لمدى قيمته أمام نفسه، فمبارك سعيكم، وإن كانت عفوية وتحترم واقع الزمن، فمبارك سعيكم.
كرروا في قرارة أنفسكم "انكم تستحقون اعداءكم ولكن لا تستحقون اصدقاءكم"، كي تثمنوا حضورهم في حياتكم..
كونوا حكماء متمهلين في ارساء دعائمها، لكن إنْ أحسستم أنها أمست ضرورية كضرورة الماء في الحياة، فلا تخافوا من التورط بها، فلربما تبدو أجمل ورطة تمرون بها.
ان فقدان الصديق كفقدان عضو من اعضاء الجسم، فالزمن كفيل بشفاء الم الجرح، لكن الخسارة خسارة ولا يمكن أن تُعَوَّض.
ليكن لديكم لسان طيب وليس مرا، وجه مبتسم وليس متجهما، وقلب فيه غرف كثيرة، وليس غرفة واحدة. فهي تحترم شرعة التعددية، ولا تقدسوا الوحدوية المريضة، فالصديق كتاب مفتوح، يفلت من أي خنّاق له تصنعون.
الصداقة اكتشاف وليس اختراع. فحياتنا ليست سوى شطرين، شطر نحن من جبله، والاخر جبلته أيدي اصدقاءنا.

 ثم نظر الى السماء متحسرا وصوت التنهدات يتعالى ويخفت وكأنه مقياس يشير الى اظطراب في التوازن، وإنباء يكارثة قادمة. ثم  قال: اسالوا الطيور لماذا تريد الطيران، هل لانها تحتاج الى الطيران أم انها مجبولة على الطيران. إنْ كان الاول صحيحاً، فانكم تحتاجون بالمثل الى الصداقة لتعيشوا انسانيتكم الضائعة، وإنْ كان الثاني صائبا، فانكم مجبولون على عيشها ولهذا من ينكر الصداقة ينكر جبلته ومن ينكر جبلته، ينكر خالقه، ومن ينكر خالقه، ينكر أعظم شيء في حياته؛ وهو " الكون محبوبا رغم عيوبه"




76
أدب / رد: سأصمد ...
« في: 03:32 06/02/2006  »
العزيز الغالي .. راهب الحب ...

    جميلة مشاعر الصمود حين تمتزج بالرغبة في البقاء. فانك تتراوح بين فن الوصف وفن الخيال بشكل انسيابي. ممتحنا كل مشاعرك الجياشة في بوتقة الصبر والجلد ... بارك الله سعيك ، ودمت لنا فنانا وشاعرا ...

اخوك
صميم

77
عزيزي سرمد ..

   مبارك ولوجك عالم الخاطرة، وكأنك تحمل فكرة الجمال كشعار يصدح به عمقك قبل حنجرتك.. اتمنى لك المزيد من التقدم والتالق ..

مع تحياتي وتقديري ..


صميم

78
أدب / رد: سحر المجهول
« في: 03:25 06/02/2006  »
عزيزي الاخ مجهول ...
   
   اشكرك على كلماتك، وتهمني تحفضاتك، فهي تنم عن كونك قد خلصت المفهوم، ولو ان اللغة تبدو صعبة وتدخل عمق المجهول... لقد قرأت خاطرتك وهي جميلة .. اهنئك من اعماق قلبي .. ومزيدا من التقدم والتألق ..
   مع حبي وتقديري ..

صميم

79
أدب / سحر المجهول
« في: 00:27 04/02/2006  »
   انفردت في مسرح الحياة، وكأنني الوحيد الذي وُهِب نعمة التمثيل على منصته؛ انه مسرح خلاب، ستاره مطرز بنقشات فاق جمالها ستار هيكل اورشليم. لونه أحمر كلون الدم حين يصرخ الى السماء. لم يكن حقيقة ستارا واحدا بل ستائر ولكنها أُدمِجَت مع بعضها البعض كي تخذل رغبات العيون المتلهفة لمعرفة ما يستدر خلف هذا الستار، ثخنه بشع، لكن في بشاعته تكوّن معبد المجهول، حيث تنتكس الرؤوس امام لا تناهيه، فالعيون تعبد ما تجهله، والمجهول يحمل سراً. كنت خلف الستار أضحك الى درجة الموت على الصليب. فقلت في نفسي :
اين انت ايها الجمر الملتهب، تعال واحرق عيني كي اطهّر بصري ..
احرق شفتي كي اعاني مرارة التفوه بكلمة واحدة،
اجعلني اجذل حدودي في صمتك،
واجعل صمتي امتدادا لقداستك ...
فلا اريد التمثيل على منصة بالية، ترميني في قذارة مجهول البشر،
فالمجهول قدس اقداس الوجود المتسامي، حيث لا تطأه اقدام السفهاء، ممن يعبدون الستار.
لا يعلمون ان المجهول كشف وليس اختفاء،
حقيقة تستدر عالم الاوهام
عمق فضّل العيش على السطح.
وجهه واضح كجلاء الشمس، الكل يراه، ولكن كلٌ بطريقته وفنطازيته
الكل يقدس مِسخه؛ لانهم يرونه بعيون مجهولهم، فهو اشعة انجبتها شموس افكارهم المظلمة، وحبل بها صنمهم المجهول.
لا يمكنهم رؤية المجهول إن لم يحترقوا بنار الجمر الملتهب،
ولا يمكن للمجهول القيامة إنْ لم يفقهوا انهم أموات بمجهولهم.   
اين انتم يا صالبي الحقيقة، لمَ تتوانون عن صلبي ؟ 
اتبتغون تعذيبي بالعيش في فردوس الحياة ؟
أنا لا اهرب،
 ولكني اعمى بعيون ناظرة،
اعرج بأرجل تمشي،
أبرص بجسد قدسه المرض.
 ظهرت تقيحات في جسدي، ويا لعفونتي، جلدي يفرز صديدا، والناس تحسبني قديس الستار، يُخرج زيتا من احشاءه، هذا لاني خلف الستار.
أخطأتم، فالمجهول لم يختف يوما، ولم يبارح نظرنا، ولكنكم من يبتغي اخفاءه، من يبتغي الهروب من صوته، من يبتغي الباسه حلة اللاوجود كي تُربّعوا مجهولكم على عرشه، انه صارخ في برية عدن، من يسمعه يبرأ من صحته، ويناشد المرض بان يسكن خدره، فحضوره يطرحنا في فراش الموت عن الكلام. 
انطلقوا وحضروا اكفانا سوداء لسطحيتكم، ونادوا الدفان كي يقبر كل افكاركم، ويحرقها حتى تتحول الى رماد يُذَر في بحر الحقيقة. اني ادعوكم الى حضور جنازتي التي ستُعّد في شروق شمس المجهول. سيكون يوما عظيما حيث يخرج صوت من هناك، قائلا : كفاك العيش خلف الستار، واظهر، طوبى لك أيها المبادر، يا ممزق الستار.

    فلنكن امواتا في عالم احياء اليوم
    ولنرفس كل قداسة يلبسنا اياها العالم،
   ولنطالب بقداسة المجهول ... هناك حيث لا أحد سوى الكل..

             

       

 
       

80
أدب / رد: قيامة من بين أحياء موتى
« في: 20:59 18/01/2006  »
عزيزي سرمد

   لنصل أن يكون الزمن خير عون لنا في تطهيرنا من كل هؤلاء الرعاع، لن بحدث الا اذا كان العمق هو الراجح وخطابه الحي بالغا الى كل القلوب التواقة الى الاهتداء ... لنصل، حينها سيتجلى الله على جبل المنا، ويزفر خطابه العميق " هذا هو شعبي المتألم، به تستمدون معنى حضوري في عمق الالم".


    مع حبي وتقديري ...


    اخوك / صميم

81
أدب / رد: قيامة من بين أحياء موتى
« في: 20:54 18/01/2006  »
عزيزي راهب الحب ...

   اشكرك على اطرائك، متمنيا ان نتواصل معا في التبشير ببلدنا لانه ما زال الى اليوم في قبره كجثة هامدة بل كمسيح ميت على الصليب، ولكن لا بد من قيامة، لا بد لها ان تحدث في عمقنا قبل ان ننتظرها كحقيقة كونية...

    مع حبي وتقديري

     اخوك / صميم

82
أدب / قيامة من بين أحياء موتى
« في: 20:11 17/01/2006  »
قيامة من بين احياء موتى

 أمسى بلدي أسمى من عمقي، بل انه منطلق اغتراب فرحي.
   حين أتأمل بلدي، أجد نفسي تموت بمعنى حياتها، حيث يُزَف مشهد  اللاهوية واللاتجذر، وكأن بلدي أم تجهض نفسها من جنين رحمها قبل ولادته.
     
 اليس على الزمن أن يقول كلمته بحق جسد أوهنته لحظاته!
أليس على البنوة أن ترفع الراية البيضاء أمام وحشية الفردانية!
أليس على القلب التنحي عن نبض الحنان، ولبس السواد على طبيعته التي مرغها الاوغاد بتراب الحقد!

   كفاكم تعذيباً، انزلوا المسيح عن صليبه، فمساميركم تتوغل في احشاء روحه. لا نريد الشهادة إنْ أمست نقطة تبرر حقارتكم.  فالشهادة أبلغ لوحة لمعنى الموت ... لا مقابل لها مهما بلغت معاني العالم ... اخلاء الذات هو طريق نحو النهاية، نحو الاضمحلال .. نحو اللاوجود، كل شئ ينتهي. ولكن ... من قال أن ثقل الوجود هو في الوجود نفسه إنْ لم يكن في معنى الوجود... طوبى لمن يمت من أجل اتشاح المعنى، من اجل أن يقدس صيرورة أخروية الاخر ... لقد نسج الله الشهادة من خيوط طبيعته، وأرقاها في اللاتناهي في المعنى والهدف.

   لم يقتلنا سوى جبانتكم، لانكم تقتلون متخفين، هاربين من ضعفكم، من شركم الداخلي..
صوت من السماء ينادي:" طوبى لكم يا شهداء الكلمة، فانكم تتربعون على عرش اللازمن واللامكان، حيث عشق الروح للحرية، إن يداي لم تجبل مُضطَهِديكم يوماً، بل انهم ابناء جبلة الشيطان".

   ولكن هل من قيامة من بين الاحياء الموتى يا رب ...

    بلدي ... انسان شارد، بكْر اخوته، يهوى الاستقلال عن القطيع، يحب الجري ليس كما يجرون، بل كمن يتبنى شرعة جري الآلهة .. يتجرع سقماً لجرأته، يبغي الحرية لكنه يعيش وفق آيديولوجية قطيعه. حياته أمست دفاعاً عن هجوم مفترس طارئ. شروده نقطة تمرده ومنطلق رسالته.           حكم عليه القطيع بالاضمحلال، لأنه أنكر الوصايا الخالدة... استحق الصلب والموت، لكنه سيقوم بعد ثلاثة أيام :
اليوم الأول : بلدي ميت في القبر، أضجعه موت العالم في المعنى، في الكيان، في الانسانية، ملفوف بكفن أبيض، لكنه إحمَّر ، فما يزال ينزف رغم موته.

ينزف روحاً، فلم يعد يرغب بامتلاكه في عالم وضع الروح في محك " التدين وانصاف الحقائق"
ينزف معنى لأنه لا يرغب  بامتلاكه في عالم يجهض أجنة الفكر قبل أن تر النور ...
ينزف حباً لأنه لا يستطيع أن ينشر حباً في عالم تسفَّلت قيمة حبه، وبات شعار " مادية الحب " نشيداً تصدح به حناجر الجهلة..
 
اليوم الثاني : بلدي نائم، لكن دود القبر يقف  مشدوهاً أمام جسد هزيل منهوك لكن في انتظار، لا يقوى الدود اختراق جسده، فانتظاره ممتزج بألوهته المحجوبة، انه يتنفس روح المستقبل في عالم الأموات. دماءه أصبحت تترقرق من أربع مناطق، كأربع أنهار تحمل شرعة " مقاومة الموت " .
اليوم الثالث : بلدي ينتظر يد الله كي تقيمه، إنه ينبئ بقيامة قريبة، دود القبر مات بأسرابه من الصبر. رياح " الروح " بدأت بالهبوب لكن بوقع ثقيل، كغريق يلفظ أول أنفاسه مقاوماً الموت تحت الماء، تحت الشر، تحت الجهل ...
   
   لكن الباري .. يبكي ..   
   فمن هزج لابنه  في السعانين،  قام بصلبه على الجلجثة ..
لكن الباري .. يضحك ..
   ساخراً من كل أصنام العالم الخرساء .. فبرج بابل ما زال قائماً. 
لكن الباري .. يغفر ...
مطلقا العنان لفيض عمقه بالانسكاب على نفسه، ويتحد الالم بالامل.. 
ها ان السماء تنفتح من جديد،
 أخي يولد من جديد
شرعة المصالحة تُكتَب من جديد
الريح تهب على المشارق والمغارب من جديد ..
  لكننا في انتظار .. انتظار ... لأنه " لم يحدث الى الآن "
فمتى تُزَّف لحظتك أيها اليوم الثالث ...       


83
الاخت العزيزة مها ....

    اهنئك على قابليتك في ايصال خطاب العمق بلغة تترقرق من صمت العبرات وعنفوانها في الآن نفسه. حين يمسي الموت بطل المشهد، تخور القلوب وهناً، وترتطم بسلبية الوجود الذي يسلخ كل قيم الحياة. كم أتمنى لو أسبر اغوار مشاعر تلك الفتاة التي أسرها الانتظار، وبات بالنسبة لها معنى الوجود، انها لحظات تصطرع في العمق بقسوة، توعز الاحشاء بالتمرغ في ترلاب المرارة والالم. ولكن، يبقى البعد الرمزي للكنيسة ماثلاً كالمعزي، كمن يسند جداراً آيلا للسقوط. كمن يؤكد على حقيقة بصيص النور من نهاية النفق. بهذا، يغدو مشهد القيامة حاضرا برمز الكنيسة ...

    باركك الله على مشاركتك الوجدانية هذه، والتي تذيب الولادة بالموت، ثم تتجلى القيامة في قلب الكنيسة ...

    اتمنى لك دوام الازدهار والتقدم ...


صميم

84
أدب / رد: صلاة انسان اخرس
« في: 01:35 01/12/2005  »
عزيزتي نهلة ...

     ا شكرك على ما نثرته من كلمات تعكس عمق منطلقك ...

     أود القول أن الخرس لغة بحد ذاتها، عميقة بخطابها ، لا تهوى سوى أن تكون عبر تراقص العيون المندهشة ... هذا هو الخرس الذي اسعى اليه، انه وقوف أمام اللامتناهي... انه علامة الاندهاش أما العمق اللامكشوف ... ولهذا أهوى الخرس أمام كلمات ما فتأت تمسي مسخاً بلا معنى ...


    هذه هي رحلتي مع الخرس، آملا ادراكه يوماً . ..

    اتمنى لك التقدم الدائم والازدهار المتواصل ...

     مع تحياتي وتقديري ...

 صميم
     

85
أدب / رد: الحب.. مغدوراً
« في: 01:30 01/12/2005  »
عزيزتي نادين ...


     أشكرك على ردك السريع ...

    أنا لم أقل مطلقاً أن التألم لا يمنعك من الصراخ،
     أنا مع كل لحظة تألم يختبرها المرء، ولو الألم لما كان هناك سعي نحو العمق ...
    ولكني ..
     تفاجأت حين رأيت الخبرة الأليمة تنخر في نخاع فكرك وتقود فكرك الى منطقة مسدودة ...
   فأنت من كتبت :
اعماقي ..غرفةموحشة ستا ئرها
رمادية ...ويعبر فيها نسيم هواء بارد ...يجمد كل شيء فيها...حتى جدرانها مرايا محطمة..كل قطعة فيها تنظر الي وتعكس وجهي ..
تريني وجعي وتسخر مني ..احاول ان الملمها لعلي انقذ ما تبقى...
ولكني ارى نفسي بين انقاض؟؟انقاض المشاعر التي تحترق...انقاض الغضب الذي يعصف..انقاض الخيبة التي تهد الكيان....فلا استطيع ان الملمها ....لانها اضحت كذرات الرمال تتقاذفها الرياح...
ولكني اصرخ في جوفها لعلها تنصت وتفهم
...

    إني فقط أعقب على وصفك للعمق بهذه السلبية وهو فردوس لم يُكشَف ...
    تمنيت لو كان العمق نقطة التقاء ألمك بأملك، لتجعلي من خبرتك الأليمة منطلقا نحو العبور، كشعب اسرائيل مع الله...

     أنا لم أهبك نصائحاً، اعذريني على عدم ايصالي الفكرة بشكلها الصحيح، ولكني كنت أريد القول ...
   أن العمق ثراء أكثر من كونه مخلفات خبرة أليمة ، أكثر من غرفة موحشة ، أكثر من أنقاض ...
    انه هوية الكيان، بل مصنع السلام الداخلي ...

         أشكرك جدا على استقبالك كلمتي برحابة صدر ..
      ودمت صديقة الى الأبد


  صميم


86
أدب / رد: من انت يا انسان؟؟؟؟
« في: 18:15 30/11/2005  »
عزيزتي شميرام ....


     انك تسألين سؤالا حيّر حتى الله بعد خلقه الانسان ..
     ففي أول موقف معه، حاول تجاوز الحدود والجلوس على عرش الله  ( آدم وحواء) ثم ابتغى الوصول الى الله ( برج بابل ) ثم تمرد على الله ( صحراء سيناء ) .. وحتى ( صلب ابنه ) ... ثم اضطهاد ابناءه في الكنيسه الاولى على يد الطغاه ( نيرون وتابعيه)
        ألم يخبر الله بدمار الانسان بعد خلقه، ثم يتراجع عن قراره بتوسل الابنياء ...  ؟
     ولكني أقول كلمة توجز كل اجابتي ....

     حياة الانسان نعمة في حد ذاتها، ولكن المعضلة تكمن في ان الانسان ميال الى التأكيد على ذاته، والاخر كذلك، وهكذا دواليك، يمسي الانسان في حرب غير مباشره مع الاخر المنافس... وهكذا، يلجأ الى استخدام العنف الذي يحتويه  في الداخل ....

     ولكني أقول ... كلما نبتغي بناء برج بابل جديد، كلما ننبئ بدمار العالم .. فخطاب العمق هو الذي يحافظ على حقيقة الله في الكيان، وبقاء عرشه ...

      نصلي من أجل عالم عميق، منفتح على ماضيه، ومقدّس حاضره.. يقدس الاخر لأنه هديه الله اليه ...


     اهنئك على تساؤلاتك العميقة التي قدمتها باسلوب جميل ...

    مع بالغ شكري واعتزازي ...


صميم

     

       

87
أدب / رد: الحب.. مغدوراً
« في: 17:40 30/11/2005  »
عزيزتي نادين ...

      أشكرك على هذا الرد الجميل الرشيق ...

     أود أن أقول ..

      عمقنا محتجب ، لا يمكننا ادراكه الا اذا زاوجنا الحقيقة بالكيان، وطرزنا من ألمنا حلة العرس الجديد ... كيف يمكنني أن أصف عمقي وهو مغترب عني، يصهرني في نار مجهوليته كما ينصهر الحديد في اتون النار 
كيف يمكنني أن أمسك بعمقي وهو عرش الله ...
ليست الخبرة الأليمة هي التي تخبر بفحوى عمقي، بل ربما تصبح الحياة غرفة مراياها مكسرة، وهذا لاننا ابتعدنا عن عمقنا :
حين نصلي الى اله ذواتنا ..
حين نحب .. ولسنا نحب سوى ذواتنا في عين الاخر...
حين ننطق بالحقيقة بأفواه يمكنها أن تزفر الكلمة بوجهين ...
حين نهيم في عالم الاخر بشرعة خرق الحدود، ولم نطأ حتى أرض ذواتنا الرحبة ...


    عزيزتي نادين ... الخبرة السلبية سلاح ذو حدين :
إما أن تدفعنا الى الانكفاء قليلا كي نكشف  لالئ الذات بمعنى أكثر عمقاً، والخروج الى الحياة بمعنى اخر اكثر كياني ...
أو ان ترمينا بين انقاض افكارنا، وليس عمقنا... فلو تمكننا من ادراك العمق، لما أصبح عالم اليوم عالماً ينقصه معنى، فكل ما نملكه عن العمق سوى خبرة أعمى في الفردوس .....



وليحفظك الرب الذي يقطن عمقك، واالذي بحاجة الى سبر الاغوار ... 


مع تحياتي واعتزازي ...


صميم

88
أدب / رد: عشق بلا حدود
« في: 17:13 30/11/2005  »
عزيزي مهند ..

 حين أتمعن في شعرك، ألتمس فيك رغبة الوصول الى شواطئ التصوف ... انها شواطئ قد تُغرِق المرء أو قد تضعه في مصاف القديسين ... اللغةالصوفية مغامرة ليست بالهينة .. ولكني أتوسم فيك خيراً،و انك قد وطأت سواحل هذه الشطآن ...

    اهنئك على قداسة رغبتك، ومن تقدم الى تقدم .. انشاء الله ...

صميم 

   

89
أدب / رد: موال حزين الى ابي،
« في: 16:20 29/11/2005  »
عزيزتي غادة ...


    الأبوة ... نبع نستقي منه طعم الألوهة ..
    الأبوة ... حنان يملك وجهاً غربلته خبرات السنين، خيمت عليه مشاعر الزمن الموهون...
    حامل الابوة رجل ظهره محني، وقلبه يجذل حدوده لحظة تأليه انسانيته ...
    رياح الحب تحمل لقاح الابوة في كياننا، تُنبِت معنى يحتاج الى قلب يحتضنه، وهو قلب أبي


   عزيزتي غادة، فليباركك ا لله على اجلائك لمعنى الابوة باسلوب سلس جميل ، يلج القلب دون استئذان .. متمنيا لك التقدم والازدهار ....

   مع بالغ تحياتي واحتراماتي ...


    صميم

90
أدب / رد: لن ارحل
« في: 14:06 28/11/2005  »
عزيزتي قطرة مطر ...

    اهنئك على اسلوبك الجميل، متمنياً لك بالاستمرار ...
    يبقى أن أقول،
   ما أعمق شرعة الحب حين تتجذر على المسافة، فهناك سيتغلغل الروح،
   وما أروع اللقاء حين يسبقه اندهاش وشوق ..
   وما أقدس " الآخر " حين يعلن احتضان وجودي ... ..

       فليباركك الله ... ومزيدا من التقدم ...

صميم 

91
أدب / رد: من أوراقِ عاشقٍ شرقي
« في: 18:59 27/11/2005  »

عزيزي عمار كنو ..

   أمست الغربة الأخاذة بجلبتها مُهلِكة بصمتها. حينها تذكرت المقولة الشائعة ( لا شيء جديد تحت الشمس). تأملت نفسي حتى ضاق صدري ، ليال خرساء يملأها صوت يكل القلب والاحساس قبل الاذن بل يشنق الفكرة بحبل العدم. تكشف لي خطاب مرير يلف ايام المغترب ويوغله في صيرورة مخدرَّة تعصر الكيان بالم وقسوة سنين العزلة: ( هذه الحضارة كالهيروين، حال تناولها للمرة الاولى، تأسر الاعصاب وتحطم الجسد. تخلف المرء عبدا ذليلا مُشترى من سوق الجهل، يكره سيده لكنه لا يقوى على العيش بدونه او بعيدا عنه). أحسست بشوق لا مثيل له للرجوع الى احضان بلدي لكني لم استطع، فانا مُخدَّر بحضارة اكبر واقوى مني
   ولكن خطاب " الهوية الشرقية " التي تعتز به هو تعزية بل سلوى القلوب المغتربة ... فشكرا على هذه الكلمات التي وإن عبرت فستعبر عن حنين الى الوطن وتأصل في الج\ور ..
فمبارك ابداعك ، متمنيا لك المزيد من التقد م ....


صميم

92
أدب / رد: شهيد الوطن ..... !
« في: 18:57 27/11/2005  »
عزيزتي نضال كابريال ...
 
   الشهادة أبلغ لوحة لمعنى الموت ... لا مقابل لها مهما بلغت معاني العالم ... اخلاء الذات هو طريق نحو النهاية، نحو الاضمحلال .. نحو اللاوجود، كل شئ ينتهي. ولكن ... من قال أن ثقل الوجود هو في الوجود نفسه إنْ لم يكن في معنى الوجود... طوبى لمن يمت من أجل اتشاح المعنى، من اجل أن يهب الحياة لاخرين ... ان الشهادة لا متناهية المعنى، كونها الهية ليست من صنع البشر ...

   فليباركك الله، وينير فكرك أكثر فأكثر، كي تنقبين على لآلئ قد ألبسها عالم اليوم ثوباً أسوداً .. متنمنياً لك التقدم والازدهار الدائم ...

صميم ...     

93
أدب / رد: كتمان في الحب
« في: 18:51 27/11/2005  »

عزيزتي د. نهلة الصالحي ..

     كم عميقة تساؤلاتك، انها نفسها التي تتحشرج في عمقي، ولا ترغب أن تتجاوز حدود حُرمتي الكيانية ...
ولكني أجبت نفسي ...

     من  ذا الذي يسعف صمتي : لأ أحد ... فالصمت أبلغ لغة يدركها الكيان ، ليس لها قواعد أو حروف بل لها عبثية أليمة لكن بامكانها أن تكون لغة العمق المتكلم اللامتكلم. ...
من ذا الذي يسرقني من زنزانة أحزاني : لا أحد سوى أنا ... لن يبدأ خطاب " التحرر " الا مني أنا، ولن ينتهي سوى مني أنا ... فالاحزان ليست الا لتطهيرنا، أما الحياة فلربما قد تمسي الزنزانة ، ولكن الجميل فيها أننا نملك مفتاحها ...
من ذا الذي يضمد جراحاتي : أنا ، فجراحاتي تكتنف عمقي، حرمتي، لا أحد بامكانه أن ينفذ الى هناك الا اذا كانت لديه مفاتيح انسانيتي ..
   
   يا ترى من تتحمله روحه، لقد وهبنا الله إياه، ولربما قد تندم، قولي لي أي فعل يتمتع به انسان اليوم ، انه مسكين شارد، فليس له من مقام في كياننا، قتلتنا النرجسية  والسلطة والمال ، فكيف لا يهرب الروح ..
انفاسنا تهوي كل يوم في عالم الأموات، حيث انتظار تموز لانتشالنا من هناك ... يا للغرابة أن  تكون القيامة قبل الموت ...
كم جميل  هو مزجك لسلبية الانسحاق بايجابية " تحطيم الأوهام . لربما النزول الى عالم الأموات هو الطريق الى  اختبار طريق الفردوس ...

   فقت بكلماتك الابداع ابداعاً ، اتمنى ان تبقي هذا النبع  مستمر الجريان، كي تنهل منك الارواح العطشة ...

مع بالغ شكري واخلاصي ...

صميم

94
أدب / رد: حزن بغداد
« في: 18:48 27/11/2005  »

عزيزي أبو فادي

   لقد بلغت قمة الوصف، واتحدت في خطابك لغتك بانسانيتك، وجرى تسمية دمك تسمية أخرى " بغداد، إنه يحمل نبض قلبك، يجري في عروقك. يناغم حسك ويداعب وجودك المتساءل ...
بارك الله هذه الايدي التي خطّت هذه السطور، ومزيدا من الابداع، متأملاً أن يكون شيئا  مشتركا بينا، وهو " دم العراق " ..

   مع بالغ تحياتي وشكري ...

صميم

95
أدب / رد: من ابكاك يا وطني
« في: 18:45 27/11/2005  »
الصديق العزيز حكمت البيداري ...

      أمسى بلدي أسمى من عمقي، بل انه منطلق اغترابي ...
    جين أتأمل بلدي، أجد نفسي ميتاً، بلا هوية ولا تجذر .. فأنا بعيد عن أمي التي ينحر جسدها فلذاتها...
    حين أرى التفجيرات، أقول في قرارة نفسي ، هل هذا بلدي ؟ هل هؤلاء هم أخوتي ؟  وهل يصح القول أن مسببيها قد ولجوا العالم عبر يدي الله المدهشة والمندهشة ؟ يا الهي، تساؤلات تقض مضجعي وتوغلني في عمق الألم، لأن بلدي لا يستحق هذا التمزيق والوهن ...

     ولهذا ، كما أنا مؤمن بقيامة المسيح، أؤمن بنفس القدر أن قيامة بلدي وشيكة ...
    فلنرفع صلواتنا للباري كي يعززنا بقوته ...

  مع شكري الجزيل لكلماتك الجميلة والمشجعة ... متمنياً أن نلتقي ببعضنا البعض عبر صلواتنا واسهاماتنا ...
    مع بالغ تحياتي وتقديري ...


صميم

96
عزيزي الوردة .. آشور ..

    كما عودتنا حين كنا في العراق، على أشعارك التيمزجت فيها بعمق هويتك الايمانية واندهاشك الحر أمام  قرارك في العيش كتلميذ للمسيح، أصالة لغتك وروحك هي التي تنفذ الى القلب برهافة واقتدار ... موظفاً بشكل كياني كل مواهبك في سبيل التبشير بكلمة الله في أي موقع كنت، وأي مناسبة ...
باركك الله على دأبك ، وأتمنى لك المزيد من التقدم، ولا تحرمنا من أشعارك الأصيلة ...

 أخوك
صميم - ايطاليا 

97
أدب / رد: شعر
« في: 17:27 26/11/2005  »
عزيزي رحيم ...

      حين أقرأ أشعارك، لا اعرف وكأنك تذكرني بأيامي الجميلة، حيث كنا نجتمع ونؤلف اشعارا شاردات، " دارميا، ابوذيات .. " وهكذا حس العراق وحس التحسس الشعبي يدور في خلدي ... ما أجمله من احساس ...
   أتمنى أن أطلع على دارمياتك التي تعزف على وتر الماضي وغربة الحاضر ...
   تمنياتي بالمزيد من التقدم والازدهار ...

صميم

خليني الك نيران تبرد وأدفيك                    لو برد وكت الصيف تعطش أرويك

جنت أعصر العينين حتى انت تروى             كالو تموت شبيك ... كلت آنا فدوة

حملتك تسع اشهر وملت أمك                  وك آنا صارلي سنين دلال أضمك

98
عزيزتي رنا ....

    كم جميل صوت الانا حين ينعكس على ذاته ويعلن الخروج من شرنقة الاحكام المسبقة والمفاهيم المتعفنة، انه الطريق الى قداسة من نوع اخر، تتحدر من الداخل بعد أن أمست قداسة الخارج سلعة تُباع وتُشتَرى بايدي الباعة .... وأي قداسة تبتغون ايها البشر : قداسة الكلام ام قداسة الفعل ؟!

     طوبى لمن ينادي بالتغيير حين يحتدم كبركان في العمق، ويمسي الصراخ به حاجة قصوى لا مناص من اسكاتها.
     طوبى لمن يحطم أصنامه، ويستبدلها بإله انساني يستدر العمق ...
     طوبى لمن يقدس زمنه، متمسرحا عليه بكل الأدوار، في الماضي والحاضر والمستقبل، ففي كل دور هناك معنى ...

   أهنئك يا رنا على حماسك بالتغيير، متمنياً أن تكون خطاباتك صادرة من " العمق "، فاليوم نحن بحاجة الى ثورة نحو الداخل وليس الخارج ...

    ومزيداً من التقدم ..
ليباركك الله  ..
صميم

99
أدب / رد: الحب.. مغدوراً
« في: 16:59 26/11/2005  »

عزيزتي نادين ...

 (( الحب دعوة لعيش سعادة مُرَّة، طريق شائك مليء الحفر، لكنه خلاب. دعوة لسبر احساس جذري بدفء الاحتضان بين اجنحة الوجود حيث دبابيس القيود تُخْفي نفسها بين ريش الالفة. انه يقلع ويهدم، يُهلِك وينقض، يبني ويغرس. صوته مسلوخ الهوية بلا اسم ولا قومية. بل صوت يشتت أحلام الفتى الطائر ويرديه حيا على ارض الحياة، ويُعلي هامات من حسبوا انفسهم زواحف لا بشر. أنه ولادة وصَلب وقيامة في مشهد واحد. بل ولادة على صليب القيامة. يتوغل اعماق الجذور لكنه غالب الاحيان يعيش على السطح حيث اليبوسة عاقبته. يدعو الى عبودية مطعّمة الحرية، من يتذوقها يسلَخ سِنيَ عمره رِقا تحت سلطتها. بودقة تمتحن عراء الذات مع تقنُعها بنار مقدسة تُزاوج اسرار القلب بمعرفة الوجود. أناني الكيان لكنّ عناءه في انه يعطي أكثر مما ياخذ، بل يغدو عبدا لاشخاص تمنى لو سادهم. يهب ذاته كمحرقة خشبها لا ينطفيء ولكنه قد يحرق المعبد         بأسره )).

    نادين ...
    تألمك ليس سوى فرصة للانعكاس على الذات بشاعرية وارهاف حسي عميقين، وقراءة لعلامات الكسوف والانبعاث التي تدعوك من جديد للشروع بشئ جديد .
    وقع " الخيانة " ثقيل على الروح الحر، أليم لأنه يجسد " وهم الواقع " و " يوتوبيا الحلم " الذي كانت تستدر خلفه الذات الغافية.
   ولكن .. حان الوقت لتسليم مفاتيح الذات الى صاحبها، وتقديس معنى " الحب " من جديد، فيُبنى المعبد الجديد على حطام المعبد القديم، إذ لا نفع أن نسافر هاربين الى حيث "اللامكان"، هرباً من الذكريات والبكاء على الأطلال، فالمعبد بحاجة الى التقديس على أيدي الكيان المغترب ، وهذا دورك "أنت".
  فلتكن  " الكرامة والكبرياء والثقة " أول لَبَنَات المعبد الجديد ...
   ولننظر الى الشمس، وكفانا كسوفاً … لأن ساعة التقديس قد زُفَّت، وألق المستقبل يعيش صيرورة العماد من جديد …

    (( اهنئك على اسلوبك الجميل، وبلاغة تصويرك. لن أقول إني ساترك خاطرتك بلا تعليق، بل سأقول إنها جعلت فكري حبلى بأفكار لم أطأ مواطنها من قبل. مشبهّاً ابداعك بضفيرة متماسكة تجامع قوتك بضعفك، رهافتك بقسوتك. عنفوانك بفتورك … انه خطاب الروح الموهونة حين تبدع، وخطاب الروح المبدعة حين توهن …

     مبارك سعيك / والى مزيد من التقدم والابداع …
       
                 مع بالغ شكري واعتزازي ...


صميم   

100
أدب / رد: صلاة انسان اخرس
« في: 13:02 26/11/2005  »
عزيزي أبو ماريو ...

    كلماتك تعكس اندهاشك أمام " خطاب العمق"، فأنت تفكر بالـ" الحس والحدس " دون أن تلبسهما حلة الكلمة، بل دون أن تجهضهما من رحم الكيان. فإن قلت لي أن : أن كلماتي تدخل الى الصميم دون استئذان" فهذا لأنك قد شققت طريقاً نحو العمق، ممتحَن بخبرات السنين، فليست كلماتي هي التي تلج الصميم، بل " لأن صميمك هو من يهبها المعنى " ...

    أشكرك على هذه الكلمات الجميلة التي تقودني الى التناغم مع حسك  المرهف، متأملاً أن نتواصل في " تقديس هذا الخطاب في عالم اليوم"
  فليباركك الله ...

صميم

101
أدب / رد: من ابكاك يا وطني
« في: 13:01 26/11/2005  »

عزيزي، يا ابن العراق ...

    كم أعجبني ما طرزته على هويتك من اسم قد يعبر عن فحوى رسالتك في الحياة، " ابن العراق "، يا ليتنا نتغذى من معنى           " البنوة " لوطننا ولانسانيتنا، فهي محراب قدسنا، ومرجع أصالتنا. فكلما ابتعدنا كلما أحسسنا بالبنوة، فهي روح العمق المغترب.

   أشكرك يا " ابن العراق" على كلماتك وتشجيعك بالاستمرار، متمنياً أن نجوهر بنوتنا لوطننا عبر هويتنا الأدبية  التي قد تؤنسن حتى قساة القلوب ...

مع بالغ تحياتي ...

أخوك صميم 

102
أدب / رد: من ابكاك يا وطني
« في: 17:55 25/11/2005  »
عزيزتي غادة ..

  في مشهد الموت، هناك قيامة ضمنية، وتحطيم لكل الصور المبهمة التي أغرقت الذات في بحبوحة كاذبة. 
من لا يختبر مخاض الوجود لن يحفل يوماً بقيامة نحو " ما بعد الوجود ."" ...
ففي عمق الألم يمكننا تبني خطاب " الجذرية" ،  حينئذ تتولد فكرة " الانبعاث" ،
بلدي اليوم يعيش مخاضاً أليما،
يتقئ المعنى كي يرتاح ...
ولكنه سيرتاح، فهو يزاوج الألم بالمعنى، كي يتعزى في الزمن ...

   
 ( أشكرك على كلماتك الجميلة، التي تنم عن فكر تمكّن من مزاوجة المعنى بالأمل، والروح بالحقيقة، انه خطاب ينبئ بحضور الله في قلب حياتك ... "
مع شكري وامتناني ...

صميم   

103
أدب / رد: صلاة انسان اخرس
« في: 17:53 25/11/2005  »

 عزيزي الدكتور فيليب ..

    أشكرك على مرورك الهادئ على كلماتي ...  وجملتك التي أوجزت ما تريد الافصاح عنه ... باركك الله على عطاءك واهتمامك .. آملاً أن نكون أصدقاء عبر الروح والكلمة ، فكلاهما أدوات الله في هذا العالم ...

   لك مني جزيل الشكر والعرفان ...
صميم   

104
أدب / رد: صلاة انسان اخرس
« في: 17:52 25/11/2005  »

عزيزتي سارينا ..

تصْدق  أحاسيسي حين  ترتطم بحاجز محدوديتي، حين ألتقي بالهي في لحظة تسرمدها أياد الزمن المقدسة، اتنفس الصعداء لحظة خروجه  من دائرة كياني، فحضوره  يكتنف ما أنا جاهل بوجوده. أناديه ويجيبني :" أنا هنا، ولكنك لست هنا " ، أنه اله المتناقضات، اله الصليب والقيامة، يسكن عمقي الذي أنا لست ساكن فيه.

     ( شكرا على  ردك الجميل، متمنيا لك بالمقابل التقدم والازدهار، لأن من يطلق العنان لخواطر الذات بالإفصاح عن ماهيتها، سيلتقي يوما بكنز المعنى المفقود ... )

مع شكري وامتناني ...

صميم
         
   

105
أدب / رد: صلاة انسان اخرس
« في: 02:14 25/11/2005  »

عزيزتي نادين ...

    لقد تعودت أن ارى اشراقتك في كل تأمل أكتبه، وأقول :

    طوبى لمن يناغم عمقه مع عمق الله ...
    فلن تكون بعد الآن صلاته، بل صلاة الله في عمقه ...
    طوبى لمن يترك شفتيه طوع الآب،
    فهو من يتمتم ويعشّق امنياته في قلب المصلِّي ..
    سألته ذات مرة :
    يا رب  ... لمَ الكلام إن كان الصمت جوهر حضورك ..
    يا رب ... لم الحياة إنْ لم تحتضنها لحظة اندهاشك ..
   هكذا ، يمسي الخرس أبلغ جواب على مكوثك في عمقي،
    لا تجعلني أتكلم، فأنا أمام اللامتناهي، ولكن إجعلْ عيوني تتراقص، فهذا ما يجعلني أستدر خلف عمقي كشخص عارٍ لا يبغي الانكشاف .. ولكنك يا رب جعلتني أحب عرائي، فهو عراء الذات الموهونة التي تسعة الى تغطية نفسها كما فعل آدم ..

لكن صوتا أجابني :

اقتصد بالكلمة، حينها ستهب جناحا اضافيا للفكرة وترقيها الى مصاف المخلوقات الملائكية كالساروفيم أو الكاروبيم المسدسي الاجنحة. إنْ اصبح فكرك ملائكيا، فجسدك بالتالي سيحمل دمغات الوهة مؤنسَنة. وإن اردت الكلام، قاوم طريقه وانصب عقبات أمام تطوافه الى أن يُمتَحَن معناه وجوهره في بوتقة العمق، حينها نرى الروح هو المتكلم وليس نحن. ألم تقرأ الحكمة القائلة :" في البدء كان الكلمة "، أما أنا اضيف :" في البدء كان الكلمة الخلاقة القاطنة احشاء الصمت، ".

    انه عمقي ... فكيف لا أخرس ؟


عزيزتي نادين :

    أشكرك جداً على كلماتك الجميلة التي أرسلتها لي، ولو أني لا أستحق هذا الوصف. الا اني ألتمس منك قدرة الحضور والتفاعل. إنك تولفين من جوابك شعراً وكأنه طين اصطناعي يمكنك صياغته كما شئت. قدرتك هي منطلق ابداعك، وعلامة على ارتحال متواصل نحو العمق ..

     مع تحياتي واخلاصي العميق ...

صميم ... 
   
   
     

106
أدب / رد: صلاة انسان اخرس
« في: 02:13 25/11/2005  »
عزيزي الصديق عامر فريتي

    حين أنظر الى العمق، فاني أرى بئراً عميقا لا يعكس الا وجهي المشتاق الى " أن يكون " بحقيقيته وكلانيته، لكنه ما فتأ يفقد سحره كلما اتجهت الى سطح الحياة. 
    حين أصرخ في العمق، فان الصدى المنعكس من البئر يبشر بخرسي، فأصلي عسى أن يختارني الخرس عرش عمقه، فأهجر اللغة التي عفنها السطح ..
    حين أبحث في العمق .. فاني سأجد نفسي مُحتَضَناً من قبل والج الأعماق، الله.. فكيف لي أن لا أهوى وأناجي خرس العمق ؟؟


    صديقي العزيز عامر، أشكرك على هذا الاطراء، متأملاً أن أرافقك في تأملاتك كذلك، كي أسبر أغوار " رهافة انسانيتك " التي ناغمتها مع صلاة الأخرس ...

مع بالغ شكري واخلاصي ..

صميم


107
أدب / رد: المهاجر
« في: 01:33 25/11/2005  »
عزيزتي سارينا ...

الابحار في بحر الكلمات ليس سهلا، والتقاط الفكرة من رحم العقل كالتقاط موجة تتناهى ثم تتلاشى. ولكني ارى انك تنطوين على مشاعر تتراوح بين متجهين، لا يمكن التعمق بهما سوى انت. فهي شوارد خبراتك العميقة..

   اهنئك على ابداعك واجادتك في استخدام اللغة بشكل شعري رقراق...
     ومزيدا من العطاء والتقدم

   صميم 

108
أدب / صلاة انسان اخرس
« في: 02:05 22/11/2005  »


يا رب الأرباب ..
لقد خلقت العالم
بلا حدود
بلا ألوان
بلا أديان
كانت أرض حرة
تقدس نفسها
بحضورك
وتقدس نفسها
لانك منها خلقت ابنها
الانسان
كيف سيغدو العالم
حين يمتص رحيق فكرك .. يا رب
كيف ستمسي الشمس
حين ترى نورها بمرآتك
. حيث تلقاك 
يتحد عمقها
 في رغبتك بالوجود
العالم ينطق بحضورك
لكن لا يجسده قط
الا في عالم الأحلام
حيث تعيش الحية مع الانسان
والأسد مع الغزال..
والفقير مع صاحب التيجان
لكن معك يا رب
تتحقق كل المتناقضات ..
فلا يعد للحزن من مكان
لاننا في القافلة
مفلسون من عثرات الاقنان
اثرياء بحضور هازم الزمان. .
هكذا ايها العمق
قمْ من جديد
في عالم رعديد
قم من جديد !
 

109
عزيزي بسام

هذه هي المرة الأولى التي أقرا فيها خاطرتك،
لقد أعجبتني سلاسة لغتك واسلوبك الراقي في التعبير.
تملك قدرة وصفية واسلوب تشبيهي متمكن.
إن التشبيه الذي استخدمته لوصف الحياة بأنها امراة جدير بالملاحظة، فهي جرأة لا يتمتع بها الى الذي اطلق العنان لخياله ومشاعره بالتدفق، وألبس الكلمات حلة المعنى الكياني.
يبقى أن أقول : أن الافعال التي وصفت بها المرأة كلها تنحو منحى ايجابياً ( تستهوي .. تفتن .. تحب .. ) ولكن :
       يكمن قلب الحياة ألم قد يُنضِج وقد يُميت.
      يكمن قلب الحياة عمق قد يُكشَف أو قد يغيب.
     يكمن قلب الحياة نور قد يتسربل العمق أو يولي الادبار.
     يكمن قلب الحياة ظلام قد يكشف معنى النور الحقيقي أو يرمينا في دركات عالم المعنى السفلي.
     وفي النهاية يكمن قلب الحياة الله الذي يصرخ في العمق، قد يُسمَع أو يُخنَق بأيد من حديد.

    لا أنفي قداسة المرأة في مخيلة الشاعر، ولكنها جوهر من جواهر الحياة وليست هي كل الحياة.

    أهنئك من جديد على سحر كلماتك، متأملاً خواطر أخرى ومزيد من الأبداع …

صميم

       

110
أدب / رد: أبحث
« في: 02:39 18/11/2005  »

 عزيزي بسام ..

   اشكرك على هذا الاطراء الذي لا استحقه. لم أكتب سوى خلجات الروح حين تخاطب ذاتها المختنقة، ففهي ديدن كل انسان.
ما فتأنا نحرق سني حياتنا في " البحث " في خضم الاشكال والمفاهيم عن حقيقة تستر عري فكرنا وتنير في عمقنا ألق الوجود.. ولكن .. من قال أن الحياة هي رحلة بحث، بل ان الحياة هي من تناجي نفسها في ذواتنا. ففي الخلق، أودع الله كياننا "الحقيقة" ولكنه رسم عليها ضريبة، الا وهي  " البحث". فلمَ نبحث عن نور الشمس، إنْ كانت   " الشمس هي من تسجد لنور " الحقيقة " في اعماقنا.
   فلنبحر في عوالم الداخل، فهناك لآلئ تحتاج الى الكشف، وحينها سيخلَّد الكيان في ملحمة الخلود.

   أشكرك يا عزيزي بسام على كلماتك الجميلة، فأنا صديق جديد وأحتاج الى الوقت كي ّأقرأ خواطرك التي تحتاج الى تأمل وانعكاس. فأنت عضو فعال، ولقد تكون " فعال جداً في " البحث "، وهذا هو جوهر وجودنا ...

مع تحياتي واعتزازي ...

صميم   

111
أدب / رد: كلمة.. اعتذار ؟؟
« في: 02:08 18/11/2005  »
الى العزيزة نادين ....

     حين يقترن الألم بالكبرياء، فان وطن الذات يعلن الاستقلال، وتمسي الحدود صرح الكرامة، والكلمات ثناء الوجود...
لطالما أمست حياتنا رجوعا مقسرا الى الرحم، حيث مناجاة الحضن الدافئ الذي نرفسه ونلكمه ولكنه يبقى في احتضان.. هكذا أمسينا حين نحب، نلتمس الحبيب أن يصبح أُماً كي يتجرع صبيانتنا وضيق افقنا، نهين الحبيب ونؤذيه ثم نبحث عن اعتذار ..
   من قال أنه حين نحب، نلغي الحدود ونذيب الذات في بوتقة الكرامة المتقهقرة. فليس خطاب العمق أن نلغي الحدود بل أن نقدسها فهي انعكاس لامتداد كياننا وغرض وجودنا. ويبقى شعار " المسافة" أقدس شعار لأقدس العلاقة ...

   عزيزتي نادين .. اهنئك على هذا الابداع والتقدم ... متمنياً أن تكون أشعارك وخواطرك منهلا لعطاش الكلمة ...

      مع تحياتي واحتراماتي ...

صميم   

112
أدب / رد: عزلة ياكية
« في: 20:02 16/11/2005  »
عزيزتي نادين ...

    أشكرك على حسك المرهف، الذي سربلني في عالم العمق المكشوف المحجوب، مكشوف لأنه بلا قناع ومحجوب لأنه يحتاج الى سبر الأغوار...
   كم أتمنى أن أكون قنديلاً للاخرين، إن كان ذلك مجدياً وليس مؤذياً، وتدور الحياة وأرى أمامي القنديل، وأنا المُنار ولست المنير.
 أشكرك لأني رفعت القنديل بعد أن كان محجوباً.

    نادين، أنا من يكتب هذه الخواطر. كنت أكتبها وأحتفظ بها، قائلاً لربما سيأتي اليوم الذي تكبر فيه هذه الخواطر شيئا فشيئاً وتنضج. فمنذ نعومة أظفاري وأنا أعشق الخيال متمنيا لو احلق  في فضاءه كطائر يبحث عن السماء حيث العمق. كلها لا تتجاوز المحاولات.. وعن طريق الصدفة وجدت هذا الموقع، وأعجبني أن أنطلق من خلاله. وأنا بدوري وطنت نفسي على الكتابة لأنه لحظات جوهرية اتفقد فيها ما اضعته في الطريق. فلربما ألتقي بعمقي يوماً.

ولكني اتساءل : لقد كتبت ثلاث خواطر ( عمق يبحث عن الجمال" و " صراع الرغبة " و " حكمة على طريق الزمن ") ولكني لم أجدها في الموقع بعد فترة . ( هل يتكرر ذلك كثيرا أم قد حذفت لأسباب متعلقة بمسؤولي الموقع .

    المهم عزيزتي نادين ... أنا من يكتب هذه الخواطر وليس سواي.. شاكراً اياك على اهتمامك .. آملا التواصل والعطاء ..

صميم / روما 
       

113
أدب / عزلة ياكية
« في: 17:21 16/11/2005  »




تنين العزلة الباكية

     بألم سأودع الحياة، وباجنحة الموت البيضاء سأطير، محلقا في سماء الحرية اللامدركَة ، وبدمعة ساحفر ذكرى وجودي في تاريخ الموت الصامت. وددت أن أسخر من بقائي؛ فأنا فريسة  تجمعت حولها نسور كوّرها الجوع، وباتت تشبه الانسان حين يطرق ابواب الذات النائمة. نسور تمزق اشلائي بمناقير  قدستها أزمنة التضور، تدعوني للقيامة حتى اختبر بصمت عذاب الجسد وهو يُمزَق.
    هلموا لنجدتي، يا معشر حكماء العصر. انها ليست نسور بل اشعة شمس التنين الهائل، انه يلاحقني في وحدتي، يذيب وجودي كذوبان الحديد في سعير النار، يمتص رحيق نشوى الحياة من قلبي كامتصاص الارض القاحلة لرذاذ المطر. لا أقوى على المخاتلة. أنه يقترب ويبتعد في لحظة تُسرمِد التاريخ كلعبة في ايدي الكلاب؛ يقدس وحدتي ويمرغني بترابها. يوهمني بسعادة منخورة الاساس. لم يكن بوسعي الا أن اجرب خطط المناورات، وأطرق أبواب مُنظرّي الاوهام، ولكن بلا جدوى !!

      التمست معونة سادة العصر والزمان، وليس من مفر، فهو قابع في ركن الحياة، يتربص انهيار صرح صيرورتي بعيون شاخت من النظر، كعيون التمساح. لم أتق يوماً الا للحظة فرح، وكأنها لحظة سبرت اغوار اللاوجود، وأمست حلماً لا تطأه سوى الافكار، يفوح بعبير أموات الاساطير، وابطال الشعوب المقهورة... شرعت أصلي صلاة الخطر،  تلك التي علقت في ذهني كما يعلق الطفل في احشاء المقر. طلبت الانقاذ واحسست بصغري أمام ذاك الذي يسمع. شرعت انادي:" يا من أخاف عليه من نجاستي، يا من أدعوه ليصلب من جديد، لا تجبني، فانا لا استحق!
    اطرق ابوابك في الخطر، وانت تطرق بابي كل لحظة تمر. ولكن ما العمل، فالتنين يقطن  تلافيف مسمعي ليهمس في اذني أغنية العبودية، يستوطن ملكَة بصري مُلاشيا ملامحك ويرسم بدلا عنها بالوان زاهية ملامح الوهته، ما فتأت تخدش قلب البصر. انك أسد يزأر، صوته يهز كيانات اثخنتها جراح الاغتراب، لكن نار التنين تحرق وتُلاشي. يا ملك السموات، أنا جيش كامل، قسمه التنين الى ارتال. وبات كل رتل يحارب في جبهة الاستقلال. فكيف يمكن أن تزاوج الارواح المترامية في كيان واحد. بل كيف تبلج النهار في قلب الليل الحالك، وتعلن اتحادا بلا انفصال. أنا ضعيف، وسابقى حتى بزوغ شمس الاصيل، شمسك الخافتة الضوء ، الصامتة الحضور، العظيمة الحرارة، لا تدفأ الجسد بل الذات، وتخزن دفأها في ذاكرة صامتة ... ولكن اين صوتك يا ملك السموات، لماذا انا الوحيد الذي يتكلم .أسمعني صوتك يا رب .. يا رب .. أين أنت !!".

أيتها الوحدة فارقيني، فانك منصة يتمسرح عليها سيد الاقدار، هروبي مواجهة، بقائي فرار ، فهل من قرار ؟ مللت اللحن الحزين، حين تتناغم حشرجة الفراغ مع صوت الكرب، صوت الحروب مع صوت السلام الممسوخ، والفى نباح التاريخ اهزوجة تعظم انجراحاته، وتمجد محاسن مزيفيه.. أين أنت ايها الفرح، أرني وجهك، لم تحملك سوى كلمات ينطق بها حكماء جِهال، كلمات تسبح في الاوحال، بلا واقع، بل على رمال.. كلها لحظات منفردة تصدر نغماً متوحدا، كانغام الكمان حين يبكي في عزلة باكية:" أين أنت يا رب ، أين أنت" !!

     قد قيل : " حين تحب لا تقل:"  ان الله في قلبي"، بل قل :" أنا في قلب الله". ولكن يا معشر الحكماء، انكم تنطقون بما تجهلون، هل يسمح التنين أن تعبدوا الها آخر سواه، هل يسمح بشريك يعتلي عرشه، ويسرق مقتنياته بمرأى منه. انكم صنّاع كلام، تتراوحون من رحم الى رحم، تبحثون عمن يغذيكم، ويكسيكم. فمنذ أن قذفتكم أرحام امهاتكم في رحم الارض الكبير وانتم تلعنون يوم ولادتكم، ولم تعرفوا معنى الشبع قط. تبغون عبادة الله، وانتم تسجدون للتنين في غلسة الليل، تقدمون له قرابينا باهضة الثمن ليست كمثل قرابينكم لله.
    سمعتم أنه قد قيل:" اذا اردت أن تصلي، ادخل غرفتك واغلق الباب وابوك السماوي في الخفية هو الذي يراك". نعم، نغلق الباب، ولكن ليس هناك الله بل تنين يحتضن اللحظة، يستر العيوب، يُلبس الوجوه البراقة، يُنشي الذات بخمر المحاسن. هكذا نحن البشر:

•   نمجد البطولة ونوهم البطل انه فرادة العصر والزمان، وانه سيد الاكوان، حتى يختنق بكبرياءه ويموت بنرجسيته، وفي النهاية نكتب على قبره ( هنا يرقد انسان عظيم، قدّس أفكار  مجتمع اعظم).   
•   نبني في سنين ونهدم في لحظات.
•   نبرر عيوب من نهوى، وندين محاسن من لا نهوى.
•   نبجل من لا يكترث لنا، ونتجاهل من يحرق نفسه لينير دربنا.
•   نقدس الحلول الجاهزة والكليشهات، ونُسكِت كل محاولة للخروج من المألوف.
•   نتظاهر بالتواضع، ونحن في الداخل نَئِد الايام التي لم تُجلِ اسماءنا كعظماء قد غيروا عجلة الزمن.
•   نعشق المفاهيم ونحترفها لنُسكت أفواه الواقع المتساْءلة.

   مساكين نحن البشر، نعاني، ونحن في قلب الجماعة، العزلة الباكية، فالتنين حقن دماءه في اجسادنا الفكرية، لتنتشر كسرطان هاديء: يُُتلف خلايا الفكر وهي تحتضن الله، في مجد شرع بالأفول أمام لاهوت التنين المؤنسَن، تتلف خلايا القلب، وهي تقلب مغارة الطفل المتسخة بفضلات الحيوانات الى قصر يليق بطفل التنين.
هل عرفتم من هو التنين؟
سؤال يطرح نفسه، ويحتاج الى تجسيد  ..
أنه الــ( أنا ).. فطوبى لمن يعرف من يعبد !



114
المنبر الحر / عمق يبحث عن الجمال
« في: 20:09 15/11/2005  »



•   كم جميل ان نتحسس دفْ البيت حين تهب عاصفة هوجاء، انه دفْ الارحام! فلطالما أمست حياتنا سباقاً للرجوع الى الرحم. حيث الامان، الطمأنينة وليس من شريك. أما  في رحم الله نقبع قلب العاصفة، ليس من بيت، ولا طمأنينة، ولا حتى ضمان، بل شي وحيد ... هناك شريك :  جوهر وجود الله في حياتنا ..

•   كم جميل لو تصفحنا اوراق كتاب يحكي قصة خلق الاخر وولادة الحضارات وابتعدنا عن تصفح " الاخر " في كتب صفحاتها سوداء، يمكننا تأليفها في لحظات.

•   ما اجمله من منظر حين أصمت واهب الاخر مجالا  ليتكلم ويعبر عن فرادته؛ انه يصرح بما لدي !

•   كم جميل حين نصلي بفرح، لطالما أمست صلاتنا لصيقة الشعور بالحزن والالم. نصلي حين تلفنا نائبة أو حاجة، ولا نتفوه بها حين نمر بأيام فرح ووفرة. حين سُئِل أحد الحكماء عن سر الصلاة، أجاب :" ما نفع الصلاة  إن لم تُمسِ امتدادا لذواتكم في الاثير الحي حيث تلتقون بالروح اناسا لم ترونهم ولن ترونهم أبدا لكنكم تحملونهم في مخيلة كلامكم حين ينطلق في فراغ العمق . إن كنتم ترغبون بالقاء ظلامكم في حيز الصلاة، حاولوا بالاحرى ان تلقوا بنوركم فيه. وإن أحسستم بالبكاء حين يدعوكم الروح للصلاة ، أخرِسوه حتى تتحول الدمعة الى ابتسامة. فليست الصلاة سوى زيارة للمعبد اللامنظور حيث نشوى لقاء الله والاخر. إن ذهبتم هناك، لا تحملوا معكم أي طلب، لانكم لن تستلموا شيئا : فإنْ دخلتم هناك رغبة بالتواضع فلن تُرْفَعوا، وإن دخلتم لطلب صلاح الاخرين ، لن تُسْمَعوا. أدخلوا الى المعبد .. وهذا يكفي. لا تطلبوا مني تعلم الصلاة. لان الله لا يصغي الى كلماتكم إن لم يكن هو نفسه من يتمتمها على شفاهكم، فاصمتوا فقط، وسترون كل العالم يهمس في داخلكم، فالحقيقة تقطن الداخل ".       


•   ما أجمل زفاف لحظة العمق، حين يسلم المرء مفاتيح انسانيته لله، ومفاتيح تكوينه للزمن، وينهي مسيرة التصنع والتكلف التي قد تثقل كاهله طيلة سني عمره !

•   كم جميل ان نُبعِد الاخر عن مدار برمجتنا، فهو مسيرة مجهولة، تخرج عن نطاق الدراسة.

•   كم جميل لو احببنا المجهول وتصالحنا معه! فهو سر قداسة الزمن.

•   كم جميل لو منعنا انفسنا عن القاء الوعود في اناء الزمن العميق بقرارات مصيرية تصدر ( الان وهنا ) .. فقد تمسي وبالا لا مناص منه أو نيراً يُعلَّق على االارقاب .. ومن كان له اذنان للسمع .. فليسمع !

•   كم جميل لو احببنا من دون ان نقرر  أن نحب  !

•   كم جميل لو تعرفنا على نقصنا واحببناه، كما يقطن الورد مع الشوك في غرسة واحدة!

•   كم جميل ان نضحك على ذواتنا منذ بزوغ الشمس وحتى مغيبها. فلو أمعنا النظر بانفسنا لضحكنا حتى الثمالة، لن نجد سوى كائنات تهوى التصنع؛ تهوى التغرب عن ذاتها، تهوى التملق، تهوى السلطة، تهوى العيش على سطح المُثل دون سبر الاغوار. تهوى حمل السلاح في عالم مخصص للسلام. تهوى التحرر من حريتها. تهوى ان لا تكون إن لم تكن كينونتها على حساب الاخر !

•   كم جميل لو أهملنا سلبية الدين : "الانسان كائن حقير امام الله "، واختبرنا ايمان الله بانسانيتنا :" الله في قلب الانسان". كفيلة بان تجعل من ذواتنا مرآة لله والعكس صحيح!

•   كم جميل صوت الانا حين ينعكس على ذاته ويعلن الخروج من شرنقة الاحكام المسبقة والمفاهيم المتعفنة، انه الطريق الى قداسة من نوع اخر، تتحدر من الداخل بعد أن أمست قداسة الخارج سلعة تُباع وتُشتَرى بايدي الباعة .... وأي قداسة تبتغون ايها البشر : قداسة الكلام ام قداسة الفعل ؟!

•   كم جميل ان نقدس الصداقة، فهي مؤسسة على الروح لا الجسد. تنضج في احضان البعد الجسدي تتغذى على الخبرة، وترتوي من نبع الانسانية. تحترم المسافة، تقبل باختلاف الاخر. لا تحتمل المراء والكذب.. تقبل بالتعددية .. لا تهتم بالمستويات العلمية أو العقلية .. لا تحب الامتلاك .. تتكون بصمت ولا يحدها زمن .. لكنها للأسف أمست للكثير مرحلة حرجة متوترة .. فاما الامتلاك أو الهلاك..

•   كم جميل لو كشفنا اصنامنا وفضحنا اوهامنا، ومزقنا ستار شجاعتنا الزائفة ، فهو الطريق المؤدي لاكتشاف الله في قلب الفوضى. انه واقف في ساحة المعركة، يشهد هزيمتنا، يختبر هشاشتنا، فهي دليل بنوّتنا المتوترة، انه ساكن، نختبر صحوته في غفوتنا، ونحس بغفوته في صحوتنا، شاهر سلاح الصمت؛ لكنه صمت يتكلم؛ صمت يُصَيِّر؛ صمت يدعو؛ صمت يقوي. صمت يصبِّر..  فلنعلن عن ضعفنا ولنصمت .. وكفى...

•   كم جميل لو ابتعدنا عن قياس انفسنا بالاخرين؛ فهو رحمٌ لامراض الذات السرطانية ،    لم لا نسعَ نحو كشف لآلئنا التي وهبنا اياها الخالق. فمواهبنا لم تُعْطَ جزافاً؟ّ!
لم لا نحارب اولئك الذين يجهضون اجنة الفكر قبل ان ترَ النور؟!
لم لا نعتمذ من جديد، ولكن ليس بالماء بل بالمعنى ؟!

•   كم جميل لو اختبرنا بصمت فقر المحتاج، ولم نزمر  في الطرقات أنّا محسنون، فاحساننا الظاهر ابلغ دليل على فقرنا المستتر. انّا كائنات تهوى ان تعزي ذاتها حين تكشف فقر الاخرين ؛  فنحن عاجزون عن فضح فقرنا الداخلي ... كم نحن مساكين !!!

•   كم جميل لو تأملنا ما يقوله النبي حزقيال :" فقال لي الرب:" يا ابن الانسان كُلْ ما انت واجد، كُل هذا السِفْر واذهب فكلّم بيت اسرائيل. ففتحت فمي فاطعمني ذلك السِفر. وقال لي :" يا ابن الانسان، اطعم جوفك واملا احشاءك من هذا السِفِر الذي انا مناولك اياه" فاكلته فصار في فمي  كالعسل حلاوة ( حزقيال 3). من منا يمكن ان يكون حزقيال اليوم، يعهده الله كلمته ؟  فالانسان مخاطرة  ورغباته دفينة، وقد تكون مشيئته هي الأهم.

•   كم جميل لو فكرنا ان التدين يمثل وثنية من نوع اخر. فهو قالب جاهز لايمان سلفي.        يسعى لجعلنا " فتشيو الفكر" نؤله السطحية ( القشور) وننبذ  العمق ( اللب).
- الجهاد في سبيل تأليه اللغة الى حد  التمييز  هو فتشية.
- غلق منافذ الفكر الحر وتقييده واهانة الاخر المختلف للحفاظ على الايمان القويم هو فتشية.
- عندما نفضل خلق الهة صغار تخدم مصالحنا على ان ننقاد الى اله يُخجِل قراراتنا الخبيثة هو فتشية.
- عندما نتمسك بالماضي الى حد نبذ كل جديد، ونقتلع كل غرس المستقبل للحفاظ على تراث الاقدمين، حركة نكوص لا تختبرها سوى العقول المقهورة.
- عندما نتبنى تيار التجديد الاعمى الى حد طمس كل معالم تراثنا واصالتنا بحجة انها امور بالية اكل عليها الدهر وشرب. وننسى أن المستقبل هو جنين في رحم الماضي

•   كم جميل مشهد ذاك الفيلسوف الذي دُعي لحفلة تنكرية، وتفاجأ الحضور بانه لم يرضخ لقواعد الاحتفال، ولم يرتدي قناعا تنكريا ، دنا منه شريف الحفل متساءلا ." لم لم ترتدي قناعا على وجهك، فأجاب :" ومن قال لك اني لم افعل ؟ أيمكنك تصور الانسان بلا قناع؟ قناعكم ظاهر أما أنا فمخفي. يليق بحياتنا أن تتشح تسمية اخرى: (عالم الاقنعة الساحرة ) ! [/size]

115
أدب / رد: صرخة الم
« في: 19:53 15/11/2005  »
حين يطلق العمق العنان لخطابه بالتحرر من ربقة السطحية، فانه سيهزج ولا بد بانشودة الفرح. وانا بدوري أود ان اهزج بعمقك يا نادين.. شاكرا الزمن على تصيير انسان يحمل تلك الحساسية المتقدة .... اتمنى لك الازدهار ومزيدا من شوارد العمق... صميم - روما

116
أدب / من ابكاك يا وطني
« في: 17:50 15/11/2005  »
من أبكاك يا وطني ...

 تشنج وجودي لحظة تشييع المعنى في بلدي ...
 حملت عودي كي أعزف لحن " الأفول "، فوجدت أوتاره قد قطّعتها الآم أم فقدت وليدها الذي سلخت أفكار الأعداء جلده، وأبٌ ينثر رماد نسله في بحر الزمن اليائس، وأخ لم يكن يوماً "قابيل" أخيه، بل وجد " قوابيلاً" أقبلوا من كل صوب لتهشيم ما تبقى من جسده الموهون.   
حملت " كماني " ، فصرخ متوسلاً : لله درك، لقد فاق لحنك ألم طبيعتي، وبت عاجزاً عن دمج وجودي بلحن بكاءك. فتنحَّ عني، واعزفْ على أوتار كيانك الحزين لحن " البلد المندوب"، لربما تجد كمان عمقك يندب عجزه في لحظة الالم المطرزة بنقشة " المعنى المهاجر". 
يا معشر " طرزانات " عصرنا: لا تطلبوا مني الكف عن بكاء وطني وأنتم من يدفنه كل يوم حياً، واضعاً حفنة قليلة من التراب ليقدس سعيه ويبجل حضوره! انكم تجهضون حتى الموت من رحم الميت. تقدسون " حيونة الافتراس"  وترذلون " انسانية الإله القابع في كل انسان".
ما نفع الانبياء اليوم، إن كان حملة الايمان هم من يصهرون كلمة الله في اتونهم ويقولبوها حسبما يرغبون، يحللون ويحرمّون، يَقتلون ويُحيون، يرجمون ويُبجلون، يشجبون ويؤيدون.... ووطني يحتضر بحلالهم وحرامهم، أخوتي يموتون في الكنائس والجوامع، وأطفال يرون تطاير القتلى كتطاير الألعاب النارية، بالجملة.
انحبست انفاسي واختشت الولوج في حيز الأثير ...
ركعت على تل " الصلاة" والدموع تحفر أخاديداً وخنادقا لتختبئ من كينونتها العاجزة. فشعار الدمع الضعف.
تلعثم لساني وكأنه شاجب اطلاق الكلمات في الأثير ، لأن وهن الروح أضجعه في قبر السكون.
أما عيوني، فأطلقت نظرتها " نحو " الارض"، نحو " العمق " باحثة عن " المعنى " المدفون تحت. تنادي بالقيامة، فهي لا ترغب برفع بصيرتها نحو السماء، لأنها لا ترغب في افراغ محتوها في قلب الاثير بل خطابها بات عميقا ...
 
   هكذا ايها النفس، انطلقي مرتاحة نحو باريك، فما نفع الوجود وسط قوم أثقلهم حضورك، ونفخهم الحقد حد الانفجار. إن أعداءك نوعان: نوع لا يملك عقلا بل معدة ليست سوى آبار تناجي الذهب الأسود أن يقدسها بمروره، أعمَى بصيرتها وقلب نهار انسانيتها الى ليل حيونتها. أما عدوك الآخر فهو أعنف لأنه لا يحوي معدة بل عقلا ولكن أي عقل!! رأيته في حلمي، عبارة عن غرف كثيرة ولكن كل أبوابها موصدة... خيوط العناكب تملاها. في كل غرفة هناك ملفوفة من ورق وكأنه كتاب من عصور غابرة، علاه التراب ولم يفتحه أحد، بجنبه يكمن فأس حافته حادة حمراء.

    أيها  النفس ... يا وطني ...
ولادتك تستدر قلب ألمك...
موتك ليس الا لقيامتك..
فاصبرْ في مثوى الأموات ...
حتى يأتي يوم دينونة الشراذم التي تهوى ابقاءك هناك...
حيث " تموز" المحرر ... يأتيك بثياب الأبطال .. بعد ان يتحرر من هواماته...
لا تخف ... فانك قائم قائم ..
   
     
  [/size]

117
أدب / أبحث
« في: 02:17 15/11/2005  »
[[
أبحث ...

أبحث عن وجه يدعوني باسمي مرتين؛ مرة لأني الآخر ، ومرة لأني أنا هو.   
أبحث عن قلب يحتضن دمعة حياتي، وهي تترقرق مطهرة وجوداً خلبَته الكلمة وخدعَه الفعل.
أبحث عن عين تنظر طفولتي في مرآة عمقي، فهي الوحيدة التي بقت بلا مساس. 
أبحث عن روح تقودني الى وطن الآخر دون تهجم او تطفل بل بشرعية احترام الحدود والمقدسات.
أبحث عن اذن تصغي الى كلام بات كحَجري الرحى في عمقي، انه يخشى الخروج وهجر مهجعه، ففي الخروج دوما مخاطرة اللامكان، اللاهوية، اللاوجود. ولكن لربما يمسي اللامكان فردوس المكان، واللاهوية كل الهوية واللاوجود سحر مجهولية الوجود.
أبحث عن زمن يزاوج صحراءي بعزيمتي، هشاشتي برقّتي، مصيري بحاضري، 
أبحث عن يد تنزع مسامير صليبي، وتقبرني بعد موتي معه، فقمة المفارقة في موت يقود للحياة. 
أبحث عن قدم تسير بي نحو ملكوت خفي، حيث لا مكان سوى العمق، ولا زمان سوى الأزل.
أبحث عن ألم يطرحني خارج زهرته حين أمتص كل رحيقه، لأنه يعشق ويكره تطفلي في الوقت نفسه.
أبحث عن سلام الأحشاء الذي لا يسعى الى نزع السلاح النووي بل نزع سلاح الذات المنجرحة.
أبحث عن وطن فقدتُه حين قَلَعَت جذوري عاصفة هوجاء، ورمتني في أحضان أوطان غريبة مخيفة
أبحث عن فكر يخلو من مثالية تهيم بي في فضاءات خيالية لا واقع لها،
فكر يخلو من واقعية مجردة تسمرني على صليب اللحظة حيث الموت بلا قيامة، لا أريد ان أمسي بواقعيتي كزواحف لا تلوك الا تراب الأرض، ولا تقوى على التطلع الى فوق.
 فكر يخلو من زخرفة بناته اللاتي يعشقن الظهور كما هن دون أي تحسين أو تغليف.
أبحث عن حكمة الأفاعي حين تحوّل سمها الى علاج يشفي كل أمراض الانسان
أبحث عن لغة جميلة عميقة ليست من ابتداع البشر بل ابتداع الكون، انها لغة الصمت
أبحث عن ذاتي المفقودة حتى لو كان على حساب هجر كل أوطان حياتي. فما نفع المعنى إنْ لم يستقر في قاع الذات المتهجرة، اذ يبدو كملء إجان مثقوب.
أبحث عن اله المستقبل يفتح لي حين اطرق أبواب زمني المجهول، انادي اعماقي الضائعة في زمنها، فأنا لا أقوَ على البقاء هكذا، في جوع شديد للحظة الحاضرة والقادمة، متشبثاً بما تغدقني به من فرحة تهيم في سماء الزمن المؤقت. أما المستقبل فقد جعل من جوعي مرارة، ومن استقراري اضطراب ومن صلاتي تطلُع. قالوا لي أن طريق الإله يقلب الكيان ويرمي الإنسان في أحضان عمقه، لكني ما فتأت متشنجاً في هذه الرحلة، فزمني فرغ من معناه الآن، ويتطلع الى الامتلاء غداً، ولكن حين يأتي الغد، أتفاجأ بانه فارغ المعنى وفي حاجة الى الامتلاء بالحاضر. 
  قد اعتدت أن أحوك خطط مستقبلي من خيوط الزمن الحاضر، كما يحوك العنكبوت شبكته باحكام كي يكون، لكني ما فتأت ارتطم بقوله : لا تفكروا في الغد"، كيف يمكن ان أعيش اللحظة الحاضرة بعمقها وحقيقتها إنْ لم أكسوها بغطاء المستقبل، وأصيرها في أحضان التطور؟ وهل يمكن استحمال الحاضر بدون تعزية تتحدر من مستقبل مشرق أفضل ؟ ألم ينظر لنا الله ولم نكن نحن سوى جبلة بين يديه بعيون المستقبل ؟ ألا كيف اذن، يعِد ابراهيم ويواصل مسيرته مع شعبه رغم خياناته. اليس هو اله المستقبل؟ [/color] [/size] [/size]

118
المنبر الحر / حكمة
« في: 01:28 15/11/2005  »
حكمة
على طريق الزمن

 ( هذه احدى التأملات التي كتبتها واود مشاركنكم بها، آملا أن تنال رضاكم ..
( صميم يوسف باليوس - روما)
sameem_hermit@yahoo.com

   اجتمع المعلم بتلاميذه على جبل عال جدا، وقد الفاهم يلهثون في نهاية طريق التسلق، وقد نال منهم التعب الى درجة تقوس ظهورهم. بدأ بالحملقة في محيا كل تلميذ مبتسماً، ثم سكت فجأة ونظر الى الاسفل وقال، لننزل من جديد ! نظر التلاميذ الى بعضهم البعض مستغربين من هكذا قرار. فنزلوا الى الاسفل، ولم يعد يُسمَع أي حس من أنفاسهم المختنقة. كل منهم كان يمسك  بخاصرته المتثاقلة وكأنها في الطريق الى الانفجار. فسكت مبتسماً من جديد. ونظر الى الاعلى، وقال: " لنصعد من جديد ! فصعدوا ولم يتفوه اي تلميذ بشيء، وحين وصلوا الى القمة، تطلب منهم وقتا اطول لانهم اصبحوا جد متعبين. ثم على عادته ، نظر المعلم الى الاسفل مبتسماً، وقال :" لننزل من جديد ! ولكن أحد التلامبذ قد لملم شجاعته المترامية الاطراف وقال :" يا معلم، لماذا ترغب في رمينا باحضان الانهاك ، فقد نال مني التعب مأخذه، ولا يمكنني النزول الان، فما الجدوى من ذلك؟". فأجاب المعلم باشراقة تلتمع وجهه، وكأنه كان يبحث عن شيء قد وجده بعد عناء طويل، قائلاً :" طوبى للذين يطيعون بعيون مفتوحة وعقول متساءلة. تزودوا حين تطيعون بـ :" لماذا وكيف ؟ كي لا يحولكم " الفتور" في الطاعة الى حشرات تحركها مباديء غريزية. اياكم واقتفاء آثار " وهم المفاهيم" حين تغدو انسانيتكم انعكاس من الخارج نحو الداخل وليس العكس. فتختبرون بالتالي " عفة وهمية" و " طاعة وهمية" و" فقر وهمي".

الصداقة   

   ثم أجلسهم على قمة الجبل، وبدا يفسر لهم كل شيء على طريقته المعهودة. فسأله أحد التلاميذ: يا معلم كلمنا عن الصداقة؛
فقال:" لا يمكنكم عيش الصداقة مع الاخرين ان لم تختبروها مع ذواتكم. إذ تتعظم حياتكم حين تحتضن صداقات مشرقة، سليمة - حين التقيت زميل لي في " مدرسة الحكمة" كان يخبرني قائلا             :" لا تسِرْ أمامي، فلن ألحق بك، ولا تسِرْ خلفي، فلن أقودك، بل سِرْ بجنبي، فأكون صديقك" - انها تتغذى على التفهم، وتستقي من نبع العفوية حين يصدر من جوف الكيان الحر. تعشق تقادم الزمن كأنه بوتقة تتمحن معدنها، بل كالخمر الجيد كلما عتق كلما أضجع الحس في خدر الأخدار.
    تنادي بتوحد الروح في الاجساد، منطلقها ومؤداها خيِّر، ما فتأت تشطر الشر لتدب الوهن في جسده الضخم ، وتلاشيه في قلب العدم. انها كالصحة الجيدة، لا يمكننا تثمينها الا حين نفقدها بالتدريج.
   لا تحب الخطط والمشاريع المسبقة فهي حرة ومشاعرها صادقة عفوية لا تندرج ضمن برامجيات العقل. تحوم في سماء اللاتوقع، حيث الفضاءات الرحبة. لكنكم مطالبون بخلق فضاءات مناسبة لطائركم هذا.
  مهما وطأتم اراض مقدسة من العقلانية، مهما بلغتم من قوة نفسية، الا انكم تبقون في حاجة ماسة الى الصداقة.
   اياكم والاصدقاء الذين يقطر لسانهم عسلاً، ويغدو حضورهم بمثابة مرآة تعكس جمال سطحيتكم. بل اسعوا نحو من ينقدكم ويحطم اوهامكم واصنامكم!
    لا تهبوا الثقة لمن يطلبها بسرعة، ولا تبخلوا بها لمن وهبكم تضامنا عميقا مع ذواتكم!
   لا تحلقوا في سماء المثالية والرسمية مع اصدقاءكم، فإن بات أحدهم لقمة سائغة لعاديات الدهر المحطِمة، لا تقولوا له : هل بامكاننا مساعدتك" بل هبوا لمساعدته قبل ان ينطق بصرخة النجدة.
   لا تقدسوا ما يعرفه الصديق عنكم بل قدسوا حبه اياكم.
   
الصداقة مرآة تكشف مواطن ضعفكم قبل قوتكم. نبيلة التوجه والمنطلق؛ ما فتأت تغدو  شعور بالامان في الحضور الأخروي. لا يمكن تصويرها بكلمات محدوده بل يمكن تلخيصها في موقف ما كونها لا تقوم على مَنطَقَة الافكار أو قياس الكلمات وابعادها.
تقصد حوار القلب للقلب. ممتلئة بالمعنى الصامت، ذاك الذي يُفجِّر كل ايجابية تعتمل العمق. فلا حاجة اذن لعقاقير تخدر اعماقكم ان كانت الصداقة تتربع على عرش عقلكم. انها علاج لامراض ذواتكم.  والاصدقاء الجيدون افضل اطباء لاجسادكم وارواحكم.
   مبدأها لا يتشح الكلمات لباساً بل يتجذر في الحس تجذراً.
   لا تهوى مبدأ السعادة الوقتية، تناضل لدرأ البؤس عبر مضاعفة المحبة وتبدبد الاحزان.
   طوبى لمن حصر سر الصداقة في فعلية المواقف، وجعل من الصديق صخرة يُبنى عليها أعظم هيكل يمكن للروح سكناه.
   ملعون من عدَّ الصداقة فرصة، ولم يستلذ بطعم مسؤوليتها الطيب.   
   تبنوا عقيدتها الحقة، التي تنص على " حضور مَلَكَتَي الفهم والتفهم.
   لا تخافوا إنْ أحسستم أنكم أرض يابسة لا يمكن احتواء بذور الصداقة، إذ يمكنها الازدهار والتكيف مع كل الترب، لكنها قد تحتاج الى تبادل بعض الهدايا السخيفة لتحفظ التربة من الجفاف الكلي.
    كي تكونوا قادرين على صون الصداقة من الاضمحلال، تحلوا بـ" طيبة القلب" و" قوة العقل"، فالاولى تجعلكم صادقين دوماً، والثانية تطلق العنان لافكارككم في الصراخ بصوت عال. بهذا تصونون صداقتكم.
   لا تحكموا على معدن صداقتكم بأيام الوفرة والفرح، فالكثير سيلتف حولكم، بل انتظروا اياماً سوداء حين يغربلكم القحط والعوز وتمزقكم انياب الزمن المتقلب، حينها من يبقى معكم للمنتهى هو المعزي بصداقته.
    عاملوا الصداقة بعناية ورقة، فهي هشة من الخارج وقد تُكسَر باقل سقطة. بل انها كالمال، قد تكون سهلة الحصول لكن صعبة الحفظ,
    كونوا حكماء في صداقتكم، فقد قيل من ثمارهم تعرفونهم، فمن يزرع مجاملة يحصد عطفاً، ومن يزرع صداقة يحصد حباً. 
    لا تولد الصداقة بشهادة ميلاد، لانها لا تُلمَس. بل تهبكم شعورا بأن مجمل حياتكم ماض في اختلاف وتغير. تُعِّد لكم مخططا متنامياً لمعدل اتساع قلبكم بعد ولوجها فيه، حيث اتساع قدرتكم على الحب والاعتناء؛ عجائبية المنشأ والتفعيل؛ اشبه بتأجير بيت صغير بغرفة واحدة ً، وهناك شخص يعيش معكم فيها، وبدل أن تصبح الحياة فيها مزدحمة ومقرفة، تصبح ممتدة الفضاء، بحيث تكتشفون غرفاً لم تكونوا  على علم بها، هذا اذا كان هناك صديق واحد فكيف اذا كان هناك أصدقاء ؟ 
   الا تتصوروا أن نعمة الوجود تكمن في أن تُحِبوا وتُحَبوا؟ فطوبى لكم إن وصلتم هذه المرحلة من الصداقة. اعظم صداقة تلك التي يتوقع فيها الاصدقاء الكثير من بعضهم البعض ولكنهم لا يطالبون بها. 
    ملعون من يسلك وكأنه صديق الكل، لانه لا ينطوي على أي موقف حياتي، فصداقته دوما مؤسسة على الرمال، فهو لا يريد الصداقة بل أن يُفَكَر به كصديق.
مافتأ الصديق يكشف عما يمكننا فعله، والعدو عما يجب فعله. لا تثقوا بكل من يعجن الصداقة بخميرة الزمن المتراكض، إذ يأتي اليوم الذي تنفذ فيه كل مؤنته في طريق الحب، ويشرع باحثا عن سراب البقاء.   
لا تلبسوا الاقنعة مع اصدقاءكم، بل الطريق الامثل لأكتسابهم  أن تكونوا انفسكم في كل المواقف.
حين تحاربون اعداءكم، تشعرون بمفخرة عظيمة، وحين تحاربون اصدقاءكم فانكم تعدّون نجوم السماء لمللكم وضيقكم، بل تظطرون الى طرق شوارع الزمن كالبلهاء.
إن ابتغيتم تعلم الصداقة، عيشوا العزلة أولاً، فما أعز " الصداقة على قلب " المتوحد " و " المنفي".   
لا تطلبوا من الصديق شيئا سوى الوقوف بصمت جنبكم حين تلفكم نائبة الحياة، لا تبغوا منه علاجا فهو قد لا يوفر لكم سوى اذن للاصغاء، وقلب للاحتضان، وروح  للاستبطان.إن كان لديكم خوف من الحياة، فلاشوه بالصداقة.
لا تتوقعوا ان تُفرَش الارض ورداً في الصداقة، بل بالاحرى توقعوا ليال سوداء حالكة، فخطاب الانسانية خطاب مؤسس على عنصر "التغير"، ولربما تصادفون صديق البارحة ليس كصديق اليوم. لا تمرغوه بتراب الاهانة، بل ادخلوا الى مقدسه واشعلوا شمعة تنير اسودادات نظرته، ليراكم من جديد.
إن كانت صداقتكم هربا من العزلة، فباطل سعيكم، وإن كانت صداقتكم طمعا بتعزيز اعتباركم تجاه انفسكم، فباطل سعيكم، وإن ترعرت في احضان برمجتكم ومنطقكم، فباطل سعيكم، بينما لو عشتم اختلاء الروح في قلب الصداقة، فمبارك سعيكم، وإن كانت طمعاً بجعل الاخر مدركا لمدى قيمته أمام نفسه، فمبارك سعيكم، وإن كانت عفوية وتحترم واقع الزمن، فمبارك سعيكم.
كرروا في قرارة أنفسكم "انكم تستحقون اعداءكم ولكن لا تستحقون اصدقاءكم"، كي تثمنوا حضورهم في حياتكم..
كونوا حكماء متمهلين في ارساء دعائمها، لكن إنْ أحسستم أنها أمست ضرورية كضرورة الماء في الحياة، فلا تخافوا من التورط بها، فلربما تبدو أجمل ورطة تمرون بها.
ان فقدان الصديق كفقدان عضو من اعضاء الجسم، فالزمن كفيل بشفاء الم الجرح، لكن الخسارة خسارة ولا يمكن أن تُعَوَّض.
ليكن لديكم لسان طيب وليس مرا، وجه مبتسم وليس متجهما، وقلب فيه غرف كثيرة، وليس غرفة واحدة. فهي تحترم شرعة التعددية، ولا تقدسوا الوحدوية المريضة، فالصديق كتاب مفتوح، يفلت من أي خنّاق له تصنعون.
الصداقة اكتشاف وليس اختراع. فحياتنا ليست سوى شطرين، شطر نحن من جبله، والاخر جبلته أيدي اصدقاءنا.

 ثم نظر الى السماء متحسرا وصوت التنهدات يتعالى ويخفت وكأنه مقياس يشير الى اظطراب في التوازن، وإنباء يكارثة قادمة. ثم  قال: اسالوا الطيور لماذا تريد الطيران، هل لانها تحتاج الى الطيران أم انها مجبولة على الطيران. إنْ كان الاول صحيحاً، فانكم تحتاجون بالمثل الى الصداقة لتعيشوا انسانيتكم الضائعة، وإنْ كان الثاني صائبا، فانكم مجبولون على عيشها ولهذا من ينكر الصداقة ينكر جبلته ومن ينكر جبلته، ينكر خالقه، ومن ينكر خالقه، ينكر أعظم شيء في حياته؛ وهو " الكون محبوبا رغم عيوبه"



الطموح

    وحالما انتهى من حديثه، نظر الى أحد تلاميذه، وقد كان شارد الذهن، عيونه تتراقص اندهاشاً امام سير اللحظة وكأنه أما حلبة التاريخ المجتر، بل ما فتات نظرته تقدس النار التي  تذيب الحاضر في الوهة المستقبل، وترذل بلا بد الماضي بحجارة الرجعية والتخلف. قام المعلم بهمة وقصد الذهاب نحوه مباشرة، فقد أحسّه كمن علق في شباك لذة الرغبة وانخطاف الـ" آن"، ربت على ظهره بحركة اردت التلميذ ارض الواقع بعد ان كان طائرا في سماء الاحلام الملونة التي لا عد لها ولا احصاء.
 قال له : لربما ستسأل في قرارة نفسك أني سأسلك بماذا تفكر ؟
أجاب التلميذ : نعم، صدقت ايها المعلم.
ثم ابتسم المعلم قائلاً : بل سأسلك: ما الشيء الذي لم تفكر به ؟
فرد التلميذ وكأنه قد تلقى إهانة من المعلم : لكن يا معلم، أنا شاب طموح ؟
أجاب المعلم : 
قد قيل لك :" حاول أن تتحدى كي تكون وتصير في المساقبل"، ولكن الا ترى هنا احتقارا للحاضر،  ولهذا أقول لك:" عليك باحترام نموك في الحاضر، كي تكون في المستقبل، فاحترام النمو يقوم على تقديس الخطأ ( الماضي)، وهذا ما يقود الى تعلم الكون انساناً ( الحاضر والمستقبل).   
ثم نظر للجمع قائلاً:
إنْ لجأتم لله لطلب المعونة فحسب فلن ترونه ولن تتلقونها، فهو يتملص من كل خطاب نفعية أو طموح يعتمل مرجل أفكاركم ورغباتكم. بل اعهدوا لله ارواء ارضكم العطشى وذر بذار انقلاب الذاخل، ولكن أنتم من تثورون، من تسعون، من تتغيرون.. طالبوا ذواتكم اذن بالنمو وابعدوا الله عن مخطط رغباتكم، حينئذ  تقدسونه وتقدسون ما تنطوون عليه.
اياكم والانبياء الكذبة الذين يرذلون الطموح بحجة انها تضادد توجههم الروحي. فهم لا ينطوون على شيء يُذكَر سوى عقد النقص وكآبة تستدر خلف تقوية مرة. فما من انسان الا ويطمح، متمنياً التحليق باجنحة الخيال نحو مراسي الحرية. ففي الصلاة طموح ، في العلاقة طموح، في الطبيعة طموح بل حتى في الموت طموح.
طوبى لمن يطمح الى مزاوجة الروح بالعقل في عالم يعيش احتضار الروح وسيادة العقل. فالعالمَ يَتحرّكُ بسرعة عجيبة ، فبينما يشرع شخص بالقول : "أنا لا استطيع فعل ذلك الا اذا ..."، الا ويتفاجأ بظهور شخص أنجز الفعل وانتهى منه. بينما الاول ما زال يتمنطق. 
كونوا كمن لا يعرف متى تأتي ساعة السَحَر، لذا يظطر لفتح كل الابواب استعدادا لاستقباله. كونوا سارقي الزمن في مجهوليته.  ليكن هكذا طموحكم، انفتاح وخيال ملتهب بالانتظار.
اياكم أن تحرقوا الحاضر بشعلة المستقبل. بل أن تنيرونه. فنعمة " العينين" لم تُعطَ جزافاً، بعين واحدة تنظر "الان وهنا"، والاخرى تنظر "ما بعد الان وهناك." فالحياة ليست سوى قنديل صغير ينير لفترة وجيزة وينفذ زيته. طموحكم هو زيت حياتكم. فالزيت نافذ لكن القنديل باقٍ. لهذا عيشوا حياتكم بطموح الحاضر، ولا تخافوا على الاجيال القادمة فلها زيتها الخاص بها، لكن حافظوا على القنديل وهذا الاهم.
من لا يعرف معنى الفشل لن يتذوق لذة الطموح، فالاخير ليس سوى صلاة تنطلق من محراب الفشل نحو العلى.
أحبوا وافعلوا كل ما تخشون القيام به. فهي أولى خطوات الطموح. إذ ليس كل ما نواجهه يمكن أن نغيّره، لكن ليس من شيء يمكن أن نغيره دون أن نواجهه. ففي الجرأة يكمن كل السحر والعبقرية والقوة . 
كونوا حكماء في تحقيق طموحكم، فليس بمستطاعكم تَغيير إتّجاهِ الريحِ، لكن بمقدوركم تعديل أشرعتَكم وفق هبوبها، والوصول الى غايتكم الاخيرة.
إنْ اضجعكم الطموح على فراش الخمول وخيبة الحاضر: فحاربوه بقناعة الذات، ورددوا كل يوم :" كنت أبغي أن أكون، والان أنا كائن .. وكفى". وليكن في معلومكم مهما حققتم من طموحات، فأنتم أنتم، لن تتحركوا قيد انملة. فقد يمسي تافها كل ما فعلتموه أو تفعلونه في عيون الكون الهائل. لكن المهم في الأمرأنكم تفعلون " شيئاً".
إنْ كان طموحكم يقتصر على تغيير العالم نحو الاحسن، فكونوا انتم أول البادئين به. وإن كان طموحكم بقتصر على تغيير ذواتكم، فحاولوا ان تغيروا نظرة العالم عنكم.
لا تجالسوا اقزام العصر ممن يحاول تحضيض مساعيكم نحو التطور. بل جالسوا حكماء عصركم وانبياءه ممن تتسربل في نظرتهم غبطة الحياة وفرص البقاء وثقل اللحظة.
 إنْ أردتم طموحا جوهريا يطرز انسانيتكم، اسعوا لامتلاك قلب ممتلئ النعمة وروح مولود من رحم الحب واذن تصغي لصوت الداخل.
ولا تفعموا عقول الناس بسير امجادكم أو معاناتكم التي كابدتموها لتحقيق اهدافكم فانكم تسحقون بذلك اندهاشكم أمام ذواتكم، بل اجعلوا الناس فضوليين في معرفتها، فالصمت ابلغ تعبير عن الخبرة المندهشة.
ليس الشيء العظيم أن نقف بلا حركة  أو أن نعرف وجهتنا، بل تكمن العظمة في أن نبحر أحيانا مع الريح، واحيانا ضده. لكنّا يجب أن نبحر، لا ننجرف مع التيار، لكن لا ننكص في الوقت نفسه فنُنْزِل المرساة خوفاً من هبوب العاصفة.
تأملوا دائماً، أن هناك عقبتان تصادفكم، الاولى يضعها الزمن أمامكم، والاخرى تضعونها أنتم أمام نفسكم، بطموحكم تتحملون الاولى، وتحطمون الثانية.
قد قيل لكم:" ابحثوا تجدوا" أما انا اقول لكم، ليس في كل الامور، فغالبا ما يخنق البحث خطاب العفوية ويبخسه، ويبدو طريقاً يؤدي للتكلف وضياع الهدف. بل ابحثوا حين تدفعكم الحقيقة، وكفوا عن البحث حين يدفعكم الكبرياء والتنافس البغيض.
قد سمعتم :" ان الطموح طريق يؤدي الى الامتلاء" أما أنا فأقول لكم:" اطمحوا في اكتشاف الفراغ، قدسوا معبده الخفي، فلطالما امسينا عَبَدَة صنم " الامتلاء"، نأكل ولا نشبع، نرغب ولا نكتفي، نفكر ولا نفعل، نعيش ولا نقنع. فكيف نسعى للامتلاء ونحن من غرق في خضمه؟!
احرصوا على ابقاء نار الحماسة متقدةً في مرجل طموحكم، فليس من شيء عظيم قد أُنجِز بدونها. ففي انطفاءها تضعف الدهشة، ويلفي المرء نفسه كمستنقع مياه آسنة، حيث تتجمع الحشرات والاوساخ.
أتعلمون كيف يتولد الطموح:" حين تمرون في طريقكم، قد ترون اشياءً وتتساءلون: لماذا هذه الاشياء موجودة هنا. حاولوا بالاحرى أن تروا اشياء غير موجودة، حينها تقولون:" لماذا هذه الاشياء غير موجودة هنا ؟"   
لا تبرروا فشلكم بصعوبة الامور بل بعدم جرأتكم على الاعتراف بصعوبتها. فقد تنتفخون بالكبرياء الى درجة عجزكم عن النظر أبعد من أنوفكم. 
يسير الطموح برجلين : الفكر والفعل، في الاول يُمسي عجينة هلامية في حيز الحدس، لها وجه كياني وكوني شامل، وفي الثاني يحدث التجسد الفعلي في حيز المادة، يلبس وجهاً معنوي ، ويفقد تسميته ومجهولية مستقبله اللامتحقق لانه قد وُلِد الآن. لكن بين الفكر والفعل تتصير الانسانية. ولهذا اقول لكم، لا يمكن للطموح وجود بلا فعل. إذ تتضاعف الفرص حين تُنتَهَز.
في الطموح، لا تحشدوا قواتكم وتخططوا لاستنزاف طاقاتكم قبل استنزافها في العدو، بل افعلوا ما يمكنكم فعله، بما عندكم من طاقة، وحيثما كنتم. وإنْ هُزِمتُم ، اياكم الجلوس في منتصف الطريق نادبين حظكم، فقد تفقدون البداية والنهاية.
إنْ ابتغيتم أن تعرفوا مصيركم، عليكم ان تزرعوا " ميزاتكم" في أرض خصبة، وإن أردتم حصد           "ميزات تغير وجه الكون، عليكم بزرع " عاداتكم" لان بتكرارها تنمو الميزة. وإن اردتم حصد عادات عظيمة ما عليكم الا زرع " افعالكم " في ارض الزمن الايجابي، فهو بذار العادة.
حين تطمحون، تأكدوا أنكم في أحضان الهكم وليس في أحضان أصنامكم التي قد تحقق كل أمانيكم بمجرد تخليكم عن أبيكم السماوي.
أياكم أن تكشفوا اوراقكم للطموح، فانه يملك وجهاً قاسياً، عديم الرحمة، كل استحقاق لا يُدرَج ضمن مخططه، يعده حقيراً. وغالباً ما يكسر روابط الدم، ويُنسيكم حتى العرفان بالجميل.
لا تخافوا ان تطرقوا دهاليز رغباتكم، فكل غاية عظيمة تفترض درباً متعرجا مليء الحفر، حافظوا على الطريق مهما بلغت صعوبته.
قد قيل لكم :" متى ما حققتم انجازا عظيما، حفرتم اسماءكم في سجل التاريخ"، أما أنا أقول لكم :" متى ما أفلحتم بالامور الصغيرة، فانكم تطرقون باب العظمة الاكيد، فهو باب صغير وضيق. بل انه خفي على من يحاول امتلاك العظمة كحرفة، فهو يناغم ذاته مع مُثُل تحتقر انسانيته. فالعظمة تكمن في جسد الرغبة المتواضعة. 
أوصيكم أن لا تحققوا طموحاتكم على حساب تعاسة وسذاجة الاخر. إذ يمسي الطموح  رذيلة بحد ذاته، لكنه طريق أكيد نحو الفضائل إن رأى طريق النور. فبلا الطموح نفقد "اندهاش الزمن أمام نفسه" في ذواتنا. فطوبى لمن يطمح بانسانيته، ولا يطمع بكبرياءه.

   انتهى المعلم من حديثه وقد لاحت على سيماءه بوادر الاندهاش لما انطوى عليه تلاميذه من نعاس دب عيونهم وعقولهم، فقال لهم بلهجة تنم عن صرامة:"
انكم بهذا تضيعون فرصة التحرر، ما الفرق بينكم وبين الأموات، فكلاكما يبحث عن ركن يضع رأسه عليه، ويسلم ذاته الى فراغ الزمن، حيث يغرق في خضم الاشكال الشاردة من مخيلة الواقع. في اذانكم يستدر ثقب كبير، يسرب وقود الكلمة، ويوما بعد يوم، يُعلَن فقدان المعنى بلا ادراك. كيف يمكنكم ادراك معنى التحرر إنْ لم تُسجَنوا خلف قضبان معناكم. فالمعنى سجن الحرية لكن مفاتيحه في يد السجين لا السجان.
تعلموا أن المعنى مغلف بقشرة صلدة لا يكسرها الا الصبر والرغبة المتقدة.

    ثم طفق أحد تلاميذه يقترب منه حاملا بيده حجارة كبيرة، نحتتها عوامل التعرية الى درجة انها بدت تعكس وجه شخص متألم لكنه يولد انطباعاً بصلادة الداخل. ثم نظر المعلم الى وجه التلميذ قائلاً :" هناك بون شاسع يا بني بين وجهك الناعم، العاري والمبرقَع في الوقت نفسه، وبين وجه هذه الصخرة. فلو وهبها الخالق لغة بشرية لنطقت بخبرة تهز الكيان وترطم البشرية بخساسة معناها.

ثم قال التلميذ:" لكن يا معلم، ما هو الطريق للمعنى ؟"
أجاب المعلم :" في الصبر ".
ثم أضاف التلميذ :" كلمنا عن الصبر !".


الصبر

    أوصيكم بالصبر، فهو كلمة السر التي أودعها الله كيان الزمن، من يفك رموزها يفتح جميع ابواب الحياة الموصدة، فحين تزاوجون الصبر بالزمن، ستقعون على كنز يقطن اعماقكم. فبالوقت والصبر تصبح ورقة التوت رداء حريرياً. بل حين يتحدان سيفوقا القوة والعاطفة انجازا. انهما المحاربان الأكثر قوة وبأساً.
أما حين تزاوجون الصبر بالحب، فلن يكون هناك فراغ في العمق يقض مضجعكم، بل ليس من خطاب للمستحيل. اسألوا الام حين يلتهم المرض جسد وليدها. انها تحتضنه بذراع الزمن، وبعيون صبورة.
حين تزاوجون الصبر بالمثابرة، فستُعِّدون خلطة سحرية لحياتكم، بل تميمة لتذليل أي صعوبة تواجهكم.
لا تطالبوا ذواتكم بصبر عظيم لنيل قوة أعظم، بل تتحدر اعظم قوة من صبر بسيط. وحين ترون شخصا عبقريا لا تنطلقوا في تحليل عبقريته الا من مبدأ الصبر.
إنْ لم تُمتَحَن أفكاركم وأفعالكم في بوتقة الصبر الشجاع فلا جدوى منها. بل الأجدر بكم حرقها وذر رمادها في بحر النسيان.
كونوا حذرين من أن لا يقودكم صبركم الى الجبانة، بل تأملوا كل لحظة صابرة وهي تحتضن الاصرار على تغيير الواقع. فالصبر رفيق الحكمة، والحكمة لا تعالج الامور الا باصرار يعشق الصمت.
اصبروا لتمتلكوا الصبر، فليس سهل على المرء تجاوز حدود ذاته والولوج في جحيم الذات حين تعاني قوة ترطم رغباتها وامانيها بحائط مسنن.
إياكم أن تذوبوا في جسد الصبر، وتصبحوا اناسا صلدين الى حد انعدام الحس ، بل أذيبوا الصبر في مادة حياتكم الهلامية، وارسموا له حدودا وطاقة ونتائج.
ما لا يمكنكم علاجه، اعهدوه للصبر كي يتولى تليينه مع صيرورة الزمن. فالصبر يسوس الزمن.   
ان التحمل أعظم من التجاسر؛ امتلكوه كي تقضوا على عدائيتكم مع الاخرين؛
كي لا تكونوا مرتعبين امام أي صعوبة من شأنها اذلالكم؛
 كي تُبقوا قلوبكم نابضة بين أموات المجتمع ؛
 كي تعيشوا اثارة نقية في قلب فساد البشرية؛
 كي تتخلوا حتى عن الطموح المهلك، بل تقنعون بما حصلتم عليه
إذن من قال انها ليست عظمة بحد ذاتها .
كي تكونوا مستعدين لمواجهة مجهولية الزمن وما أعده لكم، تحتاجون الى الصبر كسلاح فعال. فالصبر كفيل بأن يخلق من ألمكم إكسير الشفاء.   
حين تصبرون فانكم تستدعون الى ارض الواقع قوة مجهولة المصدر كانت مختفية في اعماقكم، ولم تستدلوا عليها يوماً. فاغلب الاكتشافات العظيمة تحدسها افكار الالم.
أصبروا على بلاياكم بثبات، إذ قد يحمل لكم هذا الصبر بشرى الازدهار والمصالحة بين الجسد والروح، فكلاهما يقود الاخر.
إن كنتم بصحبة قساة الزمن، ممن يحوّلون البشر الى أدوات لتحقيق مآربهم وتثبيت كراسيهم، لا تتركونهم فهم بحاجة لحضوركم، بل كونوا في مجلسهم كطُرُش يسمعون، كعميان ينظرون، كخُرُس يتكلمون.
حين كنت مع معلمي الأعظم، ذات مرة، جاء شخص وأهانه أمامي، فطلبت منه قائلاً :" اتركني لاعاقبه يا معلم" فقال لي المعلم :" ليس حكيم من يسمح بعمل الخطأ، فاصبر لربما صمتك هذا ابلغ دافع لاهتداءه". 
اعلموا ان الصبر يعلمكم السيطرة على ذواتكم، ومن وصل بينكم الى سواحل هذا الصبر، فطوبى له لانه سيتعلم الولوج الى اعماق الاخرين الهزيلة.

أنهى المعلم الشيخ حديثه وقد بدا منهكا لعمره الكبير الذي ناهز التسعينات، فابتسم امام أصغر تلميذ عنده، وقد تجمعت في هذه الابتسامة كل دلائل الثقة والائتمان على الرسالة التي سيحملها تلاميذه بعد حين. وأطرد قائلاً :" أوصيكم بالمثابرة التي تجبر الصخر أن يؤسس بيتاً، الجائع للالبحث عن لقمة يسد بها رمقه".   
فقال له هذا التلميذ: إذاً..  كلمنا يا معلم عن المثابرة  ..
المثابرة
     
اياكم أن تنظروا لفشلكم كعدو لدود، بل انْ طرق ابوابكم، افتحوا له. فهو ضيف مُرحَب به شئتم أم أبيتم. لكن لا تسمحوا له بالاقامة لفترة طويلة. فهو كفيل بأن يهدم اسس بنيانكم غداً.           انه يغلق عيونكم حتى على رؤية ما قد فعلتموه بشكل سليم أو تقدمتم به في مجمل حياتكم.        انه ضيف لأيام معدودة، وما زاد عن ذلك فمن الشرير.
اعلموا أن المثابرة تسبح في بحر المحاولة، ومن لم يحاول لا يمكنه ان يثابر. فكروا لتسعة وتسعين مرة، لانكم في المرة المئة ستفلحون. فالمثابرة تعشق اجترار الزمن.
 المثابرة لا تعرف خطاب الحتمية والمستحيل، بل تغمض عيونها عما يفعله الاخرين، وتسد آذانها  عما يقولونه، وتغلق فمها عن أي تصريح الى أن تحين النتيجة. حينها هي من ستتكلم، ويمسي الاخرون بأفواه مغلقة، وإذان موصدة، وعيون مغمَضَة.   
لا يبرز التاريخ اولئك الذين أمسوا أجنة الفشل، بلا نمو يُذكَر، ما فتأوا يتربعون على عرش القزمية، كونهم باتوا تحت إمرة الفشل العملاق. ولكن بالمقابل، يخر التاريخ ساجداً أمام من يحطم قشرة الفشل الصلدة ويطحنها كي يحولها الى علاج ناجع لأمراض الذات. وهكذا ثابروا على الخروج، فمن خلاله تكتشفون الأشياء. لا تستلموا الى الفشل، فهذا لا ينفعكم بشيء، لانه سيعود لكم بوجه آخر، ويسألكم على الاستسلام,, وهكذا دواليك، الى أن إمَعّة الوجود في زمن الحكمة.
لا تنطلقوا في مشوار حياتكم من اليقظة او المهارة، بل اشرعوا من المثابرة، فهي تحتضن روح الفعل. وعبر تمسككم بالرؤية،، ستلد أرحام أفكاركم أولى اجنة الامجاد. ولكن تنبهوا ! فكل فعل عظيم يواجه في البدء احباطاً وفشلا. فإنْ اجتزتوهما، فانكم بالفعل أبناء النور.  وإنْ لم تصادفوا هاتين العقبتين في الطريق، فهذا يعني أن أهدافكم لا تقوم على أي معنى.
ضعوا في مخيلتكم قصة " الارنب والسلحفاة" ، فالاخيرة كانت تحمل روح المثابرة، أما الأول فكان يحمل غرورا بقوته الممتزجة بالمستقبل الأكيد. فالمثابرة لا تبغي ضمان المستقبل بل يكمن موطن رغبتها في قلب الحاضر. يتغذى جسدها على رؤية المستقبل اللامعاش وليس ضمانه أو الإمساك به في قلب الحاضر. انها لا تحرق مراحل الحاضر لتلج عمق المستقبل، إذ يتحول الأخير الى حاضر حال ولوجه.
إن تأملتم حياتكم فستجدون انها سلسلة من التجارب، واحدة منها تجعلكم تنمون بشكل أكبر حتى لو بدا ذلك صعب الادراك. قد خُلِق العالم لتطوروا فيه انفسكم ، وعليكم أن لا تنسوا أن النكسات والاحزان التي تتحملونها قد تساعدكم على الزحف الى الأمام. 
ليست الحياة سهلة لأي واحد منا ولكن ما هذا ؟ علينا ان نمتلك المثابرة وقبل كل شيء الثقة بانفسنا. علينا أن نؤمن اننا خُلِقْنا  لفعل شيء ما ، وهذا الشيء يحتاج التحقق.
لتكن شجاعتكم رهن اشارة مثابرتكم. فمهما فعلتم، فانكم بحاجة الى الشجاعة. ومهما بلغ عملكم أوج الدقة والمهارة، سيظهر شخص ما ليقول لكم :" لقد أخطأتم هنا ". لكن تنبهوا لأولئك الذين ينقدون لغرض النقد وتحطيم الآخر، فبمثابرتكم ستكشفون معدن نقدكم وناقديكم.   
النجاح ليس نهائياً والفشل ليس قاتلا : انها الشجاعة للاستمرار. لذا اجعلوا الفشل رقيب غروركم، والنجاح رقيب فشلكم.   
حين تقومون بفعل يوغلكم في لجة الملل والكراهية، حاولوا أن تقولوا في قرارة أنفسكم                  :" أن المكسب الأعظم هو اكتساب الثقة بانجاز عمل مقرف، فكيف بالأحرى لو كان عملاً مُحَبَذاً . وهذا هو الأهم. فالطريق الى النجاح يحتاج الى مثابرة مُرَكَزة وليس السير بسبعة أحذية، بل خطوة خطوة، حتى طرق ابواب الحكمة والمجد.

   ثم تأمل المعلم وجوه تلاميذه، فوجدها تنطق بالألم والعزلة، تصدر خطاباً يطمس الحقيقة في سعير النار، بل تعكس خبرة الألفة مع ارواح الذات الشريرة. فقال :" ما بالكم ؟ أني أحس بكرب يمتص رحيق كيانكم. انكم كسجناء الحقيقة؛ اولئك الذين ينادون في الطرقات: " انّا اصحاب الحقيقة، اسجدوا لنا، والا أسقطنا ما يقبع داخلنا من شر على رؤوسكم". انكم مكتئبون. فباطل خطاب حقيقتكم أن لم يكن منبعها منفتحاً على فرح الكلمة. اياكم أن تحملوا وجوها مكتئبة لكونكم تشعرون بمسؤولية أو تملكون معرفة ما. لأنكم ستبدون أطفالا يستجدون الانتباه والاعتناء.     
أجاب أحد التلاميذ، وقد لاحت على محياه بوادر التجلد الناضج، ومعالم الحكمة المستقبلية:                   :" يا معلم، انك تخاطب كياننا المغترب. اننا مكتئبون، كأننا اقترفنا ذنباً عظيماً تجاه ذواتنا والآخر. بل أن حياتنا أمست " الخوف من الوقوع بالخطأ " لكوننا تلاميذك.
ثم قال المعلم :" ومن قال لكم، أن لا تقعوا في الخطأ. فلكل خطأ هناك مغفرة، ونحن البشر، كائنات تقوم على " تغير التغير "، لهذا لا يمكننا الحفاظ على أي وعد نلتزم به في الزمن بشكل كامل. ولكن لا تقامروا على المغفرة، فهي لا توهب لمن يدرجها في مخططاته، بل انها لصيقة القصد الدفين. فكلما كنتم أغبياء في الخطيئة، تحدّرت المغفرة بشكل انسيابي.
إن مشكلتكم تكمن في المغفرة. فطوبى لمن يغفر لنفسه وللآخر.

ثم طفق تلميذ آخر، وقد بدت على سيماءه، ملامح الأنانية والإستحواذ، وإباء النفس، قائلاً : لكن يا معلم، الى الآن لم أقع على معنى المغفرة  الصحيح، فقد تناهت الى مسمعي افكارا لا عد لها ولا احصاء عن المغفرة . هل لك أن تخصص واحدة بامكاني اتباعها؟     

المغفرة

   قد قيل لكم " اغفروا بشكل مطلق، دون النظر لمن انتم بغافرين". أما انا فأقول لكم :" أغفروا للآخر بمطلقية انسانيتكم المحدودة. لكن إياكم أن يمسي غفرانكم نقطة ضعف توصم جباهكم أو تبدو جبانة في عين الآخربل دعوة لإهتداءه. فالغفران مجاني لمن يدرك قيمته.
وقد قيل لكم :" الغفران يعني أن  ننسى الماضي " أما أنا فأقول لكم، ان الغفران ليس سوى  تذكير بالماضي بل لا يغير من الماضي شيئاً لكنه بالمقابل يحافظ على توازن مستقبل بدون جروح مضاعفة،  فلطالما يترك الجرح ندبة في الجسم، وقد تمسي هذه الندبة في يوم ما أجمل ذكرى إذا اقترنت باهتداء او إنقلاب .
إن جُرِحتُم من قبل الآخر، انتقموا منه.. لكن بغفرانكم، فهو أجمل انتقام. بل ليس من انتقام كامل كالغفران.
عليكم أن تصونوا قدرتكم على الغفران. فمن لا يغفر لا يمكنه أن يحب، بل تذكروا دوماً ان هناك اشياء جيدة في أسوأنا ، واشياء سيئة في أحسننا.   
حين تغفرون للآخر فانكم تبلغون ميناء النضوج الروحي، وحين تغفرون لذواتكم فانكم تبحرون بسفينة الحكمة. ولكن إنْ لم تحضروا الى الميناء لن تركبوا السفينة بتاتاً. فافهموا !   
حاولوا أن تفهموا معنى الغفران قبل أن تغفروا أو يُغفَر لكم، فمن يفهم، يستطيع أن يغفر.
كونوا متهاونين مع الآخر، في عيوبه وتشوهات ردود افعاله تجاهكم، ولكن مع ذواتكم فاياكم، لأن نضوجكم دعوة للآخر كي يحتضن نضجكم.
بغفرانكم تجلون لذواتكم قوة ونبل فحواكم، ففي تجاوزكم لعقبات جروحكم، تصلون الى نقطة شفاءكم. فالجرح قد  يُشفى بالكي. ومن يكوي نفسه، فهو قوي، والغفران هو سمة الاقوياء وليس الضعفاء.   
لا تبحثوا عن مقياس غفرانكم في الخارج، بل ارتحلوا نحو العمق، وهناك ستجدون المقياس يقطن موطنكم العميق، انه الحب لا غير. وفي الحب لا يمكنكم ان تجدوا سوى الفعل والحرية.
حين تبخلون بغفرانكم وكأنكم تحطمون الجسر الذي عليكم عبوره للوصول الى بيتكم.   
تغلبوا بمكل ما وُهِبتم من قوة على خطاب سذاجتكم، فحين تغفرون  لا تقومون بفعل عرضي بل تتخذون موقفاً حاسماً .
قد قيل لكم " اغفروا لأعداءكم " أما أنا فأقول لكم " اغفروا لأصدقاءكم قبل أعداءكم ". فمن السهل أن تغفروا لعدوكم ولكن من الصعب لصديقكم.
حين تخطأون فانكم مُبَرَرين بالخطاب الانساني الطبيعي، وحين تغفرون فانكم تنطقون بالخطاب الإلهي الذي يتمتمه الخالق على شفاهكم ويداعب فكركم.

   ثم انتهى المعلم من طرح لآلئه التي امتنحنتها خبرة الزمن القاسي، واحتضنتها سماوات الانسانية، معبرا عن حكمة لم تولد الا من رحم المعنى المتسامي الذي يسير نحو الاقتران بالجوهر الالهي ، فكلاهما ينطوي على " معنى كوني ".
   لكنه نظر الى تلاميذه من جديد، وبابتسامة معهودة باتت كشبكة يمكن أن تصيد حزانى القلب في العمق؛ فهي ابتسامة تطلق سراح الذات من خوفها. قائلاً : أتعلمون ما الذي ينقصكم ؟
أجاب التلاميذ : نعم... الكثير .
لكنه حدق به قائلا : بل شيء واحد لا غير .
اندهش التلاميذ قائلين : كيف يمكن هذا.. شيء واحد... ما هو يا ترى ؟
قال المعلم : الثقة .

الثقة

    اعلموا أن زمنكم جعل الثقة تخون نفسها. في السابق، كانت تُمنَح في آخر المطاف بعد خبرات وامتحانات يلقيها الزمن في احضان العلاقة، واليوم توهب في أول المطاف جُزافاً. يا لسخرية الاقدار حين تمسي الثقة رخيصة المعدن، ما فتات تتحول عند البعض اداة لجذب الاخرين.
    قد قيل لكم :" ان الثقة موقف تجاه الاخر" أما انا أقول لكم :" ان منبع ومصب الثقة هو الأنا، وليس الاخر سوى رافد من روافده". إياكم أن تهبوا الاخر ثقة لم تحظوها مع ذواتكم، فانكم كمن يحاول حفظ الماء في الغربال. ولهذا أقول لكم : ثقوا بذواتكم فانه اول الطريق نحو اختبار معنى الثقة حقيقة.
   طوبى لكم إنْ امتلكتم صديقاً يمسي كالروح التي كانت ترفرف على وجه المياه في الخلقة. فهناك البحث عن ارض للارتكاز وتوطيد الوجود في الذات. هكذا في الصديق تجدون مركز ثقل الثقة، لا سيما حين يفهم ما تنطوون عليه من سلبية وايجابية ، فهو  لا يرغب الا ان "يكون" معكم. لمَ لا تثقون ببعضكم البعض إنْ كنتم قد خُلِقتم وفي رحم فكركم جنين الثقة حيث كل القوة الكامنة والغير معروفة في الداخل، تدفعكم نحو التسامي عن حدود اخرويتكم المنغلقة الى ارض الذات المفقودة.
    قد قيل لكم : كونوا واثقين من ذواتكم حتى لو كنتم على خطأ " أما أنا أقول لكم :" أن تعانوا الخطأ خير بألف مرة من القيام به، وأن تكونوا مخدوعين لانكم تثقون اكثر من اللازم خير بالفي مرة من عدم الثقة بأحد".
   لو تأملتم سر الله في الحياة ولمساته العظيمة، وآمنتم وبجوده وفاعليته دون الاعتماد على فاعليتكم بل على مفعوليتكم، وأنه صيّر الكون لتفعيلكم وتفاعلكم، فلن تشعروا بالخوف من المجهول بعد الآن! فقط أعطوا للثقة وجها تخاطب به العالم المتساءل والمتضاءل في شهيقكم وزفيركم، هناك يتم الخلق الجديد حين تنظر الثقة الى كينونتها في مرآة عمقكم؛ فهي ليست سوى عروس الانسانية العذراء. 
    اياكم ان تغدوا صناع كلام، فلن تُمسِ كلماتكم سوى:

 جرس خشبي يصدر صوتاً مكتوما...
أو معبد مهجور لإله حاضر...
أو أمٌ حبلى بطفل ميت...     
لكن حين تشهد كلماتكم اقتران سرّ وجودها العجيب بمصداقية انطلاقها ومرساها المتجوهر في الثقة، فانكم ستهبون الحياة :
لتماثيلكم العميقة التي لا تحتاج الاّ نفخة الثقة كي تُخلَق.
لصوت الجرس المكتوم الذي لن ينقلب الى جرس حديدي بل يبقى خشبياً لكن صوته سيدوي في الداخل.
لهيكل بعد أن هجره الناس وبقى الإله في عزلة، أما الآن الناس حاضرة والإله حاضر، أما الأرواح الشريرة هي التي تعلن هجر الهيكل. ولكن قد يكون مستقرها القادم في محراب الانسانية نفسها.   
لرحم الحبلى التي ستخصب جوفها كي يختبر حياة وافرة بعد موت ماضٍ.
   لا تفرطوا في الثقة بذواتكم، لأنكم ستتحدرون شيئا فشيئا نحو حضيض الفكر الطوباوي عن انفسكم. بل تمسون صدى لألوهة كاذبة تصيرونها بافكار متخفية  تتوجس من حضور سيد الألوهة الأوحد. السبيل الأوحد لدرأ تأليهكم هذا هو اللجوء الى الآخر، قدسوا ما يقدسه في عمقه، فلربما الذي يقدسه ويسجد له يحطم كل أصنامكم بفرادته وقدرته. حينها تختبرون معنى الإهتداء لسيد الإلوهة الأوحد. 
    كونوا واثقين من حدوسكم، فهي ليست سوى تنغيم الكيان مع موجة الطاقة المنبعثة من الروح، تتحسسونها متغلغلة أحشاؤكم حين تضربون صفحاً عن تحسس الخارج. طاقة الروح هي التي ستقودكم الى مجالكم المنسي، الى تساؤل الوجود عن سر صيرورتكم في رحْمِه الخصب، الى الشعور بانكم تنتجون الأفكار كما ينتج الذباب بيضه. فالفكر ألق الوجود ومنافسه في الوقت نفسه. فكيف العيش اذن بدون الحدوس أنْ أمست سر الوجود ؟!
قد قيل لكم :" طوبى لمن يتحدث بالخير عن كل الناس " أما أنا فأقول لكم :" إياكم ان تثقوا بكل من يفعل ذلك، فهو لا يقول الخير للخير نفسه بل انه عرض بطولي لشخصية مهزوزة، يستخدم الآخر كـ" مادة " للظهور. لا ينطوي على موقف واضح تجاه الاخر المختلف لأنه يريد " الوصول ". احذروا كل الحذر منهم، فقد قيل عنهم :" يأتونكم لابسين ثياب الحملان ". حاولوا التمييز بين من يحمل نظرة مشرقة للحياة والاخرين، ويعرض سلبياتهم ويقرنها بسلبيته، ويحاول ايجاد البديل، ثقوا بهذا ، اما من ترونه يتحدث بالخير في خطاب رخيص ، إياكم منه!   
   لا تثقوا بمن يحبونكم بشكل عارم بعد معرفة قليلة، فالمحبة العميقة لا تظهر الى السطح الا بعد السير في طريق الخبرة والمعاناة. انها تصريح عميق بالالتزام الواعي والناضج وليس التعلق المريض بحضور الجسد. فالثقة ليست سوى غروب الحضور الجسدي في شروق الحضور الروحي. فطوبى للقلب الذي يحب في ظلام الجسد؛ فهنا تكمن قمة الثقة والحكمة.
   اياكم ان تأخذوا النصيحة من شخص يعاني الصعوبات،  فمهما بلغت حكمته، فهو لن ينطق الا بكلمات الوهن والصعوبة والمعاناة بل حاولوا أن تجانبوا من يرى الصعوبات خطوة لا بد منها نحو نهل معنى الوجود، أو من يعترف بوجودها لكنه لا يؤمن بتأثيرها المدمِّر.
في كل ثقة هناك درس خفي لا يمكنكم الوقوع عليه الا حين يمتحنكم الزمن في بودقته، وهناك معلم عظيم، أعطاكم الثقة في مواقف وكلمات غنية، لا يمكنكم الوقوع عليه الا حين يهجركم في بُعْد انضاجي، الا وهو الصديق، وهناك فعل مدهش يستدر خلف مونولوجكم الكياني في العلاقة، لا يمكنم الوقوع عليه الا حين ينعكس جذلا بعفوية ودهشة من ذواتكم، الا وهو " الكون محبوباً ". وحين لا تجد هؤلاء مجتمعين لا يمكنك ان تختبر معنى الثقة.   

     نظر المعلم الى السماء وقال:" ثقوا بالعلي الذي يغدقكم ذاته حين تضطجعون في أحضان الثقة كالطفل الصغير الذي لا يرغب الا ان يختبر حضن الفرادة الدافئة؛ حضن الأمومة الخلاق. فما أطيبه حنان اليد الملساء وهي تخضعك لايقاعها المخدر، وعنف اليد الخشنة التي تربت ظهرك بايقاع يكشف لك النقاب عن درب الالام غداً.

    انهى المعلم حديثه، قائلاً :" لقد غابت شمس الأصيل وبات على شمسكم الانبلاج في قلب الظلام؛ فهي تستدر القلوب لا السماوات. فانطلقوا صوب من إظلّمت حياته وباتت نيراً معلقاً على رقبته. وهبوا لنجدة ذواتكم حين تعلن في لجة كسلها مزاوجة ظل الظلام. اسهروا وابقوا مصابيحكم مشتعلة ..               


صفحات: [1]