مقدمة
هذا كتاب لم يُكتب لجميع الناس , بل للذين يحبون الرب يسوع فوق كل شيء.
وهو لم يُكتب لهؤلاء جميعهم فان كثيرين منهم في غنى عنه. انما كتب للذين اذا اختلوا الى المسيح , يأخذون في حديث وثرثرة لا ينقطعان , فلا يدعونه ابداً يكلمهم كأن المهم ما يقولونه له , لا ما يريد هو أن يقوله لهم !
تلك النفوس التي لم تصغي أبداً الى صوت المسيح يريد هذا الكتيب أن يعلمها الصمت والسكوت في صلواتها لطي تصغي الى الرب يسوع يناجيها قلبا الى قلب.
ففي كل لقاء بين المسيح والنفس يتكلم هو سيع مرات قبل أن تتكلم هي مرة واحدة.
والسبب في ذلك سيوحي به المسيح الى النفس في اللقاء الثالث من فصل "الصلاة" حيث يقول لها:
" متى صلّيت فليكن سكوتك أطول من حديثك
لأني لست بحاجة الى أن تطيلي الكلام اليَّ ,
بينما أنت بافتقار الى أن تصغي اليَّ وتسمعي أقوالي ,
فأنها نور وحياة"
لذلك فأنا أطلب من كل من يتصفح الكتيِّب ألاَّ يمضي في قرائته مسرعا كما يقرأ الكتب العادية , وإلاَّ فسرعان ما يعتريه الملل. فليقرأ كل يوم صحيفة أو صحيفتين وهو في الخلوة والسكوت كما يفعل الصديق اذا اختلى الى صديقه , يهمس اله باسراره. فان المسيح ايضا لا يتكلم الى النفس الا همسا. فعليها أن تصغي اليه في السكوت والهدوء.
فالمراد من هذا الكتيِّب أن يعلن النفوس الاصغاء الى المسيح في الخلوة والسكوت كما يصغي الصديق الى صديقه في سكون الليل.
بولس نويّا اليسوعي
[/color]
صلاة إستعدادية
للأب شفرية
أيها الكلمة! أيها المسيح ما أجملك.... وما أعظمك.....
من يستطيع معرفتك؟... ومن يستطيع فهمك؟...
إجعلني إيها المسيح أعرُفك وأُحبك.وبما أنك النور, أبعث في نفسي الفقيرة شعاعاً من نورك لكي أستطيع أن أراك وأفهمك.
دعني أُلقي إليك نظرة أيها الجمال اللامتناهي !خفف قليلاً من نورك الساطع لكي تستطيع عيناي أن تشخصا إليك وتَريَا كمالاتك.
هبني إيماناً قوياً بك لكي تكون كلماتك كلها أنواراً تضيئني وتقودني إليك, فأتبعك في جميع طرق العدل والحق.
أيها المسيح! أيها الكلمة! أنت ربي! أنت معلمي الوحيد الأوحد.
ألا, تكلم! إني أُريد أن اسمعك وأحقق عملياً كلامك لأني أعلم أنه يأتي من السماء. أريد أن أسمع كلامك وأتأمل فيه وأحققه بأعمالي.
لأن في كلامك الحياة والفرح والسلام والسعادة.
ألا, تكلم ! فأنت ربي ومعلمي!
إني لا أريد أن أصغي إلا إليك.
تعـــال إلـيَّ
أجــــل!
أنـا هنا في القربان الأقدس.
أنـا ربُّك وإلهك،
أنـا معلمك ومخلصك،
أنـا الذي كنتَُ أفكر فيك ساعةَ نزاعي في بستان الزيتون.
أنـا الذي أفكر فيك دوماً وأنظر إليك أبداً وأغمرك بحبي ورحمتي.
أنـا مخلصكَ الذي يدعوك ويحيا في إنتظارك.
فتعال اليَّ...
***
تعـال اليَّ كما أنت بلا تزييف ولا تمويه.
إن كنت خاطئاً فتعال اليّ بخطاياك وزلاتك،
بضعفك وميولك التي لا عدد لها،
ضعها أمامي فأغفرها لك.
وكن واثقاً بأنك إن تبتَ عن خطاياك بإخلاص،
واستغفرتني منها باتضاع،
وعزمت العزم الثابت على أن تحارب ميلَك إليها،
أمسَت ٍخطاياك أمامي كالهباء الذي تُذرِّيَه الرياح فلا يبقى له أثر.
إن قلبي لبحرٌ من الرحمة والمغفرة.
ليس بإزائه كل ما ارتكبه الي=بشر من آثام كل ما سيرتكبونه من خطايا،
إلا كنقطة ماءٍ ضائعة في المحيط.
آمن يا مسكين وثق بكوني أحبك أكثر مما أحببتَ أنتَ خطاياك وأرْجاسك.
حبي لك أبجي لا يتغير،
وحبك لخطاياك سقوطكٌ عابر.
فكيف لا أغفر لك ان أتيت اليَّ ؟
***
تعـال اليَّ بهمومك وأحزانك.
لقج اختبرتُ الألم وذقتُ طعم كل الاوجاع والأحزان.
وعرفتُ جميع أشواكِ الحياة وصلبانها بأسمائها.
أعطني آلامك وأحزانك.
ضعها في كأس آلامي، فتصبح لنفسك غسلاً يطهرها، كما تطهِّر الدموع المقلتين.
وترى حينئذٍ أن أخصب أرض للخير، هي أرض الآلام،
إذا أتيتُ اليكَ وحرثتها معك.
سلِّم إليَّ همومك وأتعالك,
واعلم أن من يستسلم اليَّ، لا يُرَدَّ خائباً.
ضع رأسك من قلبي، موضع راس التلميذ الحبيب منه.
وكلمني بهدوء واطمئنان وثقة، عن كل ما يهمك ويشغل بالك.
ثمَّ من بلا خوفٍ وولا اضطراب.
فأنا القدير سأهتم بأمرك،
وأُلهِمُك في الوقت المناسب، ما يصلح فعله.
***
تعـال اليَّ مع أهلِكَ وأصدقائك،
وكل ما يَمُتّ ُ إليك بصلةٍ قريبة أو بعيدة.
لا تَخَف أن تسرد أمامي أسمائهم فرداَ فرداً...
إني أحبهم جميعاً، محبةً غير متناهية.
محبة لا تستطيع أنت إدراكها، لأنها محبة إله.
قدِّمهم لي واحداً واحداً لأباركهم.
ضعهم في أشعة محبتي،
فيبلغ كلَّ واحدٍ منهم بواسطتك، شعاعٌ من قلبي.
ليتك تعلم ما يسعك ان تفعله من الخير:
"أنتم نور العالم... أنتم ملح الأرض... "
فانتفع إذن وانفع غيرك، ما دمت بالقرب مني.
كُنْ طمَّاعاً في طلك واستعطافك:
كثيراً ما لا أعطيك الا القليل، لأنك تخاف أن تسألني كثيراً.
ليكُنْ استعطاؤُكَ على قدر حاجات العالم...
أليسَ حاجاتُك لا حدَّ لها؟
***
تعـال اليَّ مع آمالك وأشواقك ونيّاتك...
فما من واحدٍ يستيع مثلي أن يعينك على نتقيتها من كل أنانيَّة،
وتوجيهها الى الهدف الذي تحدده لك إرادة أبي السماوي.
سلني كل كا أنت بحاجة اليه.
ولا تحسب انك تزعجني بكثرة سؤالك.
لا تنس أن فرحي وسعادتي، أن أعطي دائماً.
فكلما سألتني، زِدْتَ فرحي.
تعـال اليَّ إن أرجت أن يظل في صدرك قلب تشعله الأشواق النبيلة.
ما من أحدٍ ابتعد عني، إلا واضمحلت في آفاق آماله،
الأهداف السامية التي حلم بها في مطلع شبابه.
بدوني لا تستطيع أن تحقق آمالَك، وتقطعَ أمِِناً مرحلةَ حياتك.
ٍٍأما إذا أتيت إليَّ،
فما أعظم المعجزات التي تستطيع أن تصنعها في نفسك، بقوة نعمتي.
تعـال اليَّ لأنك محتاجٌ ألى نعمتي.
***
وتعـال اليَّ أيضاً،
لأني أريد أن أحتاج إليكَ!
نعم أنا في غنىً عن الجميع، لأني قادرٌ على كل شيء.
ولكني أريد أن أُشركَكَ في عملي.
أنا حريص على أن تساعدني في عمل الفداء...
إعلم أن هناك نِِعَماً لا ينالها العالم إلا بصلواتِكَ...
وأن الخير الذي ترفض أن تفعله، لا يستطيع أحد غيرك أن يفعله،
بل يبقى عدماً إلى الأبد.
فأيّةُ مسؤوليةٍ هي إذن مسؤوليتُُكَ؟
أتريد أن تساعدني في إصلاح العالم؟
وفي بَثِّ روحٍ جديدة في الإنسانية، السائرة إلى الانحطاط المادي؟
أتريد أن تساعدني في نَشْرِ مُلْك عدالتي ومحبتي؟
أترضى بأن تكون لي شاهداً في وجه العالم ؟
إن رضيت بذلك، ف تعـال إلي:
تعـال اليَّ بعقلك كله لكي أنيره بأفكاري وأقوالي.
تعـال اليَّ بقلبك كله، لكي أضرمه بنار محبتي
تعـال اليَّ بإرادتك كلها، لكي أنعشها بقوتي الإلهية.
تعـال اليَّ بكُـلِّـيَّـتِـكَ، لآتي إليك بكُـلِّـيَّـتي
دعني أستولي عليك، فتمتلئ مني أنا الرب يسوع.
ثم اذهب بسلام...
فإني فيك...
وإني معك...
***
أُطلبني
أنا ما تحتاج إليه
أنا غاية وجودك
بدوني لا تستطيع شيئ
فيَّ جميع كنوز الحكمة والعلم
أنا نور العالم.
أنا الطريق: ومتى كنت فيَّ كنت في الطريق
أنا الحق: ومتى كنت فيَّ كنت في الحق
أنا الحياة: ومتى كنت فيَّ كنت في الحياة، وكانت الحياة فيك
كلام الحياة الأبدية عندي
بي تستطيع أن تقدم للآب السماوي، ذبيحة شكرك وتمجيدك
ذبيحة كاملة طاهرة نقية، يسر بها الآب كما يسر بكل ما هو للإبن.
أطلبني تجد فيََّ كل شيء.
***
أطلبني لأن قيمتك بقيمة ما تطلبه
فإن لم تطلبني أنا، تطلب ذاتك، ولا تلاقي حينئذٍ إلا العدم
عدمٌ يرافقه شعورٌ حاد بمرارة غرورك
لأن من يجدُ نفسه بدوني، أنا الرب،
لا يجد إلا حفنة من التراب: "تذكر يا إنسان أنك تراب".
أنا كل شيء، فاسعَ في طلبي إن أردت أن تزين حياتك بوحدتها وقيمتها الحقيقية.
كن كلياً متجهاً اليَّ
تعلق بي، فأجعلك شيئاً مني،
لتدرك حياتك معناها الحقيقي، أي معناها الإلهي.
لأنك، شئت أم أبيت،
لا معنى لحياتك إلا إذا وجهتها اليَّ
لا قيمة لأعمالك إلا إذا كانت كلها سعياً لطلبي.
***
أطلبني فتصبح حياتك بطلبك أيايَّ، خصبةً، مثمرةً، مفيدةً...
ما أكثر الذين حياتهم سقيمة عقيمة
رغم كثرة إنشغالهم وتعدد أعمالهم
ورغم ما يظنه الناس فيهم.
لأن أَحكامي ليست كأحكام الناس ولا تقديري كتقديرهم
إني لا أُقَدَّر أحداً بقيمة ثروته أو علومه أو ألقابه
لا ولا بحسب رجاحة عقله وكرم نسبه.
ماذا تنفع الإنسان هذه كلها إن خسر ذاته وأبَديَّتَهُ؟
كل ما يناله الإنسان خارجاً عني، يؤول الى خرابه وشقائه
فاطلبني إن أردت أن تبنيَّ صرح حياتك بمأمن من الدمار والخراب.
أطلبني إن أردت ألا تكون حياتك كالصحراء القاحلة،
بل كالأرض الخصبة التي تثمر مئةً بدلاً من واحد.
إنَّ فيك زرع الحياة الأبدية.
ولكن إن لم تغذه من روحي فانه سيموت.
***
أُطلبني بنيةٍ طاهرة،
وشوقٍ خالص من كل أنانية،
وإرادةٍ مستقيمة لا إعوجاج فيها.
ما أكثر الذين يطلبونني أو يظنون أنهم يطلبونني
وهم بالحقيقة لا يطلبون إلا ذواتهم، لا تكن منهم...
أطلبني لذاتي أنا، لتجدني لك أنت
أُطلبني لتمجيدي أنا، لا لكمالك أنت
لأن الكثيرين يطلبونني كوسيلة من الوسائل، تحقيقاً لذواتهم.
أُطلبني طلبك للغايةِ التي من أجلها خلقت.
أُطلب ما يهمني أنا، ودعني أعتني بأمورك.
إنس نفسك ومصالحك الشخصية وفكر فيَّ
حينئذٍ أفكر فيك، وفي مصالحك نيابةً عنك.
" فكر فيَّ أفكر فيك"
" أُطلبوا ملكوت الله وأعماله الصالحة فيزداد لك ما سواها".
***
أُطلبني بثبات وبلا ملل،
ولا تستغرب إن بدا لك بعض الأيام أنت ملاقاتي مستحيلة.
من يطلبني لا يجدني لأول وهلة،
ألست أنا "الرب الخفي" ؟
وأية قيمة واستحقاق لطلبك إياي، إذا وجدتني بلا عناء؟
إني لا أُظهر نفسي إلا لمن يريد إرادة قوية أن يجدني،
ومن يسعى الى لقائي باخلاص وثبات راضياً بما يرافق سعية من التضحيات.
هل لك هذه الإرادة وهذا الرضى؟
هل أنت ذاك الرجل الذي باع كل ما له
وابتاع حقل الجوهرة الثمينه، رمز القداسة؟
وهل تظن أن هذا الرجل لم يُطِل في حقله الجديد، قبل أن يعثر على الجوهرة؟
فاحفر أنت في أعماق نفسك وأطل الحفر لعلك تجدني فيها...
***
أُطلبني حيث أنا في القربان الأقدس
حيث لا أزال أقدم نفسي ذبيحة للآب من أجلك
وحيث أنا بانتظارك ليل نهار
أُطلبني في أعماق نفسك حيث أنتظر عودتك اليها لأظهر لك نفسي
إنني ساكن فيك، كما أسكن في الكناس، أتفطن الى ذلك؟
أُطلبني في كل ما يحيط بك
تعلم أن تكتشف آثاري في جميع الخلائق
فيسهل عليك حينئذٍ أن تحوَّل العالم الى نشيد تمجدني به.
"السماوات تنطق بمجد الله والجلد يخبر بعمل يديه".
أُطلبني خاصة في إخوتك المحيطين بك.
تعلَّم أن ترى وجهي في كل هذه الوجوه التي تلاقيها يومياً.
لتكن محبتك لهم محبةً إلهية فائقة الطبيعة، أي غريبة عن الأهواء والأغراض البشرية.
أحببهم كما أحبهم أنا وكما تحبني أنت، "أنا فيهم وهم فيَّ".
تعلم أن ترى في كل واحد منهم، عضواً من أعضائي.
***
أُطلبني في جميع الأشياء:
في صلاتك التي أريد أن تحولها باتحادك بي الى اشتراكٍ معي في عمل الخلق والفداء
لتكن أعمالك واتعابك صدى أعمال أبي يوم خُلق العالم،
وصدى أتعابي خلال تجوالي على الارض بين البشر.
أُطلبني في آلامك التي به
" أُكملُ في جسدك ما ينقص في آلامي من أجلي جسدي السري، أي الكنيسة".
أُطلبني أيضاً في أفراحك ولهوك وأوقات راحتك.
كثيرون يديرون طرفهم اليَّ متى كانوا في حزن أو عذاب.
ولكن ما أقل الذين يفكرون في أفراحهم،
ليقدموها اليَّ فأباركها كما باركت في حضوري عرس قانا الجليل...
أُطلبني في أوقات الكد والجهاد عندما تكون رازحاً تحت عبء الحياة.
ما أحوجك اليَّ إذاك!...
أُطلبني في كل شيء تجد كل شيء فيَّ.
***
جئت ألقي ناراً عَلى الأرض
كلام الرب
جئت ألقي ناراً على الأرض وماذا أريد ألا اضطرامها؟
"لوقا 12:49"
أما نحن فقد عرفنا وآمنّا بالمحبة
"يوحنا 1 4:16"
إلهنا هو نارُ آكلةٌ
"عبرانيون12:29"
الله هو الذي أحبنا الأول
"يوحنا 1 4:10"
من لا يحب فأنه لا يعرف الله,لان الله محبة
"يوحنا 1 4:8"
بهذا تتبين محبة الله لنا: أن الله أرسل إبنه إلى العالم لنحيا به
"يوحنا 1 4:9"
أحبني وبذل نفسه لأجلي
"غلاطيه 2:20"
مناجاة
لقد خلقتكم جميعاً لغاية واحدة وهي أن أعطيكم ذاتي, لأني الحب بالذات.
ولأني نار..... نارٌ آكلة..... نار تضطرم شوقاً إلى الإنتشار, وتحاول بلا إنقطاع أن تبث فيكم شيئاً من شعلتهم الحبيّة.
أَفترض أنت بأن تحرقك هذه النار لتصبح بدورك شعلة تبث لهيب المحبة؟
إن ترضَ بذلك وتشعر بجمال هذه الدعوة فأسمع ما أقوله لك:
إني أنا الرب لست إلا محبه.
ولهذا فأول شيءٍ وأهم شيءٍ أطلبه هو أن تؤمن بمحبتي.
ومن ثم أن تبث هذا الإيمان في من يحيطون بك لا بأقوالك بل بمثل حياتك.
لتشهد حياتك للمحبة كما "شهد يوحنا للنور".
***
يجب ألا تشك أبداً في محبتي, حتى متى غبتُ او بدا لك إني غائب فإني لا ازال شعلة الحب الكبرى.
أتعلم ما هي جريمة العالم العظمى؟هي أنها لا يؤمن بمحبتي, لا يمن بأني الحب بالذات وأني وحدي استطيع أن أطهر واقدس جميع انواع الحب البشري الشرعية وأن أجعلها نبيلة سامية.
خطيئة العالم الكبرى هي انه يخاف مني ويبتعد عني عوضاً من أن يأتي اليَّ بثقة.
يظنني العالم عدو الحب والمحبين وهو لا يعلم ان كل ما في العالم من حب ما هو إلا جمرة من اتون حبي.
اني لا احرم في الحب البشرى الاّ ما تمزجون فيه من الشوايب التي تدنسه والتي ليست من الحب بشيء.
اريد ان يصير البشر شعلة من الحب ليشبهوا روح ابيهم السماوي.
***
اني اكره القلوب الفاترة:" بما أنك فاتر, لا حار ولا بارد فقد أوشكت أن اتقيأك من فمي".
انّ ما احتاج اليه هو النفوس النارية البركانية.
هذه النفوس تستطيع ان تساعدني في ارواء عطشي الى الحب.
لأني عطشان الى الحب...عطشان الى رؤية العالم في سعير الحب.
شوق واحد يحرق قلبي: وهو ان ارى الأرض تضطرم بنار المحبة التي ألقيتها عليها.
وهو أن اجمع في قلبي كل اعمال البشر وكل أقوالهم وكل افكارهم لأقدمها لأبي السماوي فتندمج في التيار الحبي الذي يحملني بكليتي نحو أبي.
وهذا التيار الذي يدفعني إلى الآب ويدفع الآب اليَّ هو الروح القدس الذي هو المحبة اللامتناهية.
لتكن محبتكم صورة حية صادقة لهذه المحبة اي لتكن روحيّة جامعة تنفي الكبرياء والأنانية.
***
لو كان على الأرض من المحبّة أكثر مما عليها الآن لسهل حل جميع المشاكل: مشكلة السلام ومشكلة الأمن الإقتصادي ومشكلة رأس المال والعمل.
لأنّه ليس للإنسان من فاعلية حقيقية وتأثير عميق في الحوادث الاّ على قدر ما له من محبّة.
كان القديسون قادرين على كل شيء لأنهم كانوا يحبون كل شيء...
واليوم لا يقي العالم من الهلاك والدمار في حروبه الجهنمية الاّ بقيةٌ من تلكَ المحبة, تبعث في مفاصله بقية من الحياة والوحدة.
ولكنها ليست الاّ "بقية" لأن نار هذه المحبة على وشك الإنطفاء.
ما أحوج العالم الى أن تعود اليه المحبة! أهم ما يجب على الجميع ان يعظوا به ويمارسوه هو المحبة.
كم من مرة كررت القول أن تلك هي وصيتي, وصيتي الأولى والأخيرة:
"أحبوا بعضكم بعضاً كما انا احببتكم".
***
هبني جميع القلوب: قلوب الأطفال والشيوخ, قلوب العذارى والمتزوجين, قلوب القديسين والخطأة.
ضعها تحت اشعة قلبي لكي تطهرها نيرانه وتضرمها المحبة.
هبني كل ما على الأرض من المحبة اتحاداً بمحبة السماء
الكاملة.
لتكن المحبة الرابط الروحي للأرض بالسماء, للكنيسة المحاربة بالكنيسة المتألمة. ما احوج الواحدة منها الى الأخرى, وما احوجها كليتها الى الكنيسة المنتصرة, كنيسة السماء.
الكنيسة المتألمة بمثالها تعلّم الكنيسة المحاربة الصبر واحتمال الصليب. والكنيسة المحاربة تساعد اختها بصلاتها, طالبة من الله ان يفتح لها باب الكنيسة الممجّدة. والكنائس الثلاث شيء واحد هو جسدي السرِّي, مثال المحبة الكاملة.
صلِّ غالباً أن يبلغ هذا الجسد كماله ويمتد من أقاصي الأرض الى أقاصيها ويمتد معه ملك المحبة والوحدة.
***
ان النفوس المكرَّسة لي هي مكرَّسة للحب وللمحبة. فعليها ألا يكون لها إلاّ شاغل واحد: وهو أن تحوِّل جميع أفعالها الى افعال محبة.
تلك غايتها على الأرض وهي اسمى الغايات.ان كل ما تفعله خارجاً عن هذه المحبّة, وكل ما يأتي عن غايات بشرية او أغراض ماديّة دنيويّة لا قيمة له في عيني.
ان سر حبوط مئات ومئات من المشاريع الخيرية والمساعي الرسولية في قلّة المحبّة.
تنبثق تلك المشاريع من نيات ارضية او غايات شخصية فتكون ثمارها ارضية لا تعجِّل مجيء ملكي على الأرض.
"لو بذلت جميع اموالي لإطعام المساكين وأسلمت جسدي للحرق ولم تكن فيَّ المحبة فلا انتفع شيئاً."
اصغر فعل محبة هو في ميزان الخير اثقل من الف صرح تبنيها افعال بلا محبة...
***
آه! لو يعلم الناس ما اشد حبي لهم!.. ليتك تعلم قيمتك انت في عيني ومحبتي لك!..
ليتك تعرف اي محل تشغل في قلبي!
لا أقول هذا لفخرك وأنت ليست بدوني الا تراباً, لكني اقول هذا لتفهم معنى مواهبي الغزيرة لك ومطالبي الصارمة.
اني اطلب كثيراً لأني أعطي اكثر لأني أحب حتى اللانهاية.
جميع أفعالي تنبثق من حبي, قَسوتُ أم كنت حنوناً.
فكن انت ايضاً شعلة حب نارية.
لقد وضعت فيك فضيلة المحبة التي هي قبس من المحبة الجوهرية الساكنة فيَّ.
فلتكن هذه الفضيلة الإلهية مبدأ جميع أفعالك وروح افكارك وأقوالك وسبب احتمالك الألم.
صلاة
فعل التقدمة للحب الإلهي الكلي الرحمة
للقديسة تريزبا الطفل يسوع
الهي الثالوث الكلي الطوبى,اريد ان احبك واجعل غيري يحبك, ساعية في تمجيد الكنيسة المقدسة بتخليص النفوس التي على الأرض وانقاذ المعذبة منها في المطهر.
اريد ان اتمم ارادتك المقدسة كل التتميم وأن ابلغ درجة المجد التي اعددتها لي في ملكوتك. وبكلمة واحدة اريد ان اكون قديسة. ولكني اشعر بعجزي عن ذلك! اسألك يا الهي ان تكون انت ذاتك قداستي.
ولأنك احببتني الى حد كونك اعطيتني ابنك الوحيد ليكون مخلصي وعروسي فإن كنوز استحقاقاته غير المتناهية هي لي, وأنا اقدمها لك مغتبطة, متوسلة اليك ان لا تنظر اليَّ الاّ من خلال وجه يسوع ومن داخل قلبه المضطرم حباً.
اني اقدم لك جميع استحقاقات القديسين في السماء وعلى الأرض, وافعال محبتهم ومحبة الملائكة الأطهار. وأخيراً اني اقدم لك ايها الثالوث الكلي الغبطة محبة العذراء القديسة امي العزيزة واستحقاقاتها واني استودعها تقدمتي هذه متضرعة اليها ان تقدمها لك.
ان إبنها الإلهي عروسي المحبوب قال لنا ايام كان على الأرض :"كل ما تسألون الآب بإسمي يعطيكموه". لذا أني متأكدة أنك تصغي إلى رغائبي... لأني أعلم يا إلهي كل العالم بكونك لا تريد أن تعطي كثيراً إلا وتُلهم رغبات أكثر وأقوى.
إني أشعر في قلبي رغبات عظيمة, وبكل ثقة اسألك ان تأتي وتملك على نفسي. اواه! لا يمكنني أن احظى بالمناولة المقدسة بقدر ما أشتهي!ولكن ألستَ يا رب قادراً على كل شيء؟ فامكث اذن فيَّ كما انت في بيت القربان ولا تتباعد ابداً عن ضحيتك الصغيرة.
اود لو عزيتك عن خيانات الخطأة. لذا التمس منك ان تنزع عني قدرتي على اغاظتك.واذا سقطت احياناً بسبب ضعفي فليطهر نفسي حالاً نظرك الإلهي محرقاً كل نقائصي كما تحول النار كل شيء الى ذاتها.
اني اشكر لك يا الهي كل النعم التي غمرتني بها ولا سيّما كونك افرغتني في بوتقة المحن. اني سأشاهدك بفرح في اليوم الأخير حاملاً صولجان الصليب. وبما انك تنازلت وخصصتني بهذا الصليب الثمين, فإني على أمل ان اتشبه بك في السماء وارى على جسدي الممجد لمعان آثار جراح آلامك المقدسة.
وبعد انقضاء منفى هذه الأرض,املي ان اتمتع بك في الوطن السماوي.غير انني لا اريد ان ادّخر استحقاقاتٍ للسماء بل اريد ان اشتغل في سبيل محبتك فقط ولغاية واحدة هي ان ارضيك واعزي قلبك الأقدس واخلص انفساً تحبك مدى الأبد.
وعند أفول شمس هذه الحياة سأمثل أمامك فارغة اليدين لأني يا رب لا أسألك ان تعتبر اعمالي. فإن كل صلاحنا نقص في عينيك! لذا اريد ان أتجلبب بقداستك ذاتها وانال من حبك الحظوة بك مدى الأبد. لا ارضى ان يكون لي عرش ولا تاج لرأسي الاّك انت يا حبيبي يسوع.
ليس الزمان بشيئ في عينيك "لان الف سنة في عينيك كيوم امس العابر". لذا يمكنك بلحظة ان تؤهبني للمثول امامك.
ولكي احيا في فعل الحب الكامل, اني اقدم ذاتي محرقة لحبك الإلهي الرؤوف, متوسلة اليك ان تضرمي بناره بلا انقطاع تاركاً امواج حنانك الللامتناهية تفيض على نفسي لأصبح شهيدة حبك, يا الهي!
فليمتني هذا الإستشهاد بعد ان هيأني للمثول امامك فتطير نفسي بلا تأخير نحو المعانقة الأبدية في حبك الرؤوف.
يا حبيبي يسوع انني اريد عند كل دقة من دقات قلبي ان اجدد لك هذه التقدمة مراراً لا عديد لها حتى اذا ما انهزمت ظلمات الليل, استطيع ان انشد لك حبي وجهاً لوجه مدى الأبدية.
عيد الثالوث الأقدس - 9 حزيران 1895
***
انـا عطشـان
كلام الرب
أنا عطشان........
"يوحنا 19:28"
أعطني أشرب.
"يوحنا 4:7"
وفي عطشى سقوني خلاً.
"مزمور 86:22"
لأني عطشت فسقيتموني.
"متى 25:35"
إن نعيمي في أن أكون مع بني البشر.
"الأمثال 8:21
هائنذا واقف على الباب أقرع. فإن سمع أحد صوتي وفَتَح الباب أدخل إليهِ,
وأتعشى معه وهو معي.
"الرؤيا 3:20"
مناجاة
هل شعرت مرة بالعطش المحرق؟ هل اختبرت هذه النار ملتهبة في صدرك حتى جف فمك وانهالت قواك ونشف الدم فيك؟
ان كنت قد اختبرت هذا العطش فاعلم انه لا شيء. ازاء العطش الى الأنفس الذي احرق نفسي وانا على الصليب.
"انا عطشان": تلك صرخة انفجرت من اعماق كياني المضطرم ظمأً الى النفوس.
وهي صرخة ما برحت تنفجر من صدري لأني ما زلت ظمآن الى الأنفس.
ظمآن الى جميع الأنفس... اريدها كلها...
اني من اجلها اتيت الى العالم,
ومن اجلها اهرقت دمي,
ومن اجلها متّ اشنع ميتة واحرقها.
ان عطشي اليها غير متناهٍ لانه عطش اله...
***
اني عطشان الى اضعف النفوس وافقرها واحقرها, الى النفوس المرذولة والمحتقرة والنفوس المجربة والمعذبة لأنها بحاجه ماسّة اليّ.
اني ظمآن الى تعزية الباكين وتسلية الحزانى وتقوية المجاهدين للخير ضد الشر, ظمآن الى نشل الساقطين واغاثة المنازعين.
اني ظمآن الى توزيع الخير على وجه هذه الأرض, ارض الفاقة والعوز. ظمآن الى ان أشفي وأنير وأطهر وأقدس القلوب واضرم فيها ناراً ولهيباً.
ولكن لا أستطيع إرواء عطشي الى هذا كله الاّ اذا رضيتم بذلك ايتها الخلائق الحرّة لأنّ ارادتي للخير مقيّدة بحرّيتكم, هذه الحرّية التي تعطي جميع اعمالكم قيمتها. اني احترم هذه الحرية التي وضعتها فيكم واريد ان ترفعوا ايادي فاقتكم نحوي بملء هذه الحريّة لآتي اليكم فاشفي وأنير واطهر وأقدّس.
لذا فاني عطشان الى ان اراكم عطاشاً اليّ وذلك باسم العالم كله ومن اجل جميع الذين يجهلون حاجتهم اليّ.
***
انّ ما يهمّني ليست الظواهر ولا الأعمال الخارجيّة بل داخلكم واعماق نفوسكم.
لكل حالات نفوسكم الداخلية صدى في نفسي يجعلني اشعر معكم بكل ما يضطرب في خفايا قلوبكم.
ولذا فإن فرحي لعظيم عندما ارى الحب الحقيقي ينعش جميع حالاتكم النفسيّة.
ولكن حزني أعظم عندما أرى الأنانية تملك على قلوبكم فتنقادون لها في جميع نزاعاتكم وأفعالكم.
ما اكثر النفوس التي تفترسها الأنانية... اني أرى العالم كمصح فيه الآلاف من النفوس مشوّهة مدنّسة بمرض الرّذائل..
وأشعر برحمة عظيمة نحو مل هؤلاء السقماء الجاهلين سقمهم واريد شفاءهم:"لا يحتاج المتعافون الى طبيب بل ذوو الأسقام".
آه! لو كنت ترى مثلي هذه الأسقام لكنت تلتاع عطشاً الى شفائها وانقاذ الناس منها!..
***
ليتك تعرف قيمة النفوس وجمالها!.. ان أبشعها ان تلمع كالشمس اذا كانت طاهرة...
أفلا تشعر بالشوق الى العمل في انقاذها من ذلّها وفسادها؟.
أجل ان العالم مصح!.. ولكن في هذا المصح ثلاثمائة مليون طبيب.
كل مسيحي طبيب النفوس...بل دواء النفوس. تذكروا قول الإنجيل:انكم الخمير في عجين العالم وعلى الخمير مهما كان قليلاً ان يخمّر العجين كله.
في كل مسيحي امكانيات عظيمة لخدمة الخير ونشر ملكه على الأرض لأن كل واحد منكم يستطيع ان يقول كالرسول:
"استطيع كل شيء بالذي يقويني."
انا فيكم وانتم فيّ... فهلاّ تؤمنون انكم قادرون معي على كل شيء وعلى شفاء العالم؟
ان ما يضعفكم هو قلّة ايمانكم بقدرتي غير المتناهية:
"لو كان لكم ايمان مثل حبّة الخردل..."
***
"الحاجة الى واحد" وهذا الواحد الضروري هو انا, انا القداسة, انا القوة, انا القدرة التي لا شيء خارجاً عنها.
ومع ذلك فأنا المهمل الأكبر!...
لا يريد الناس عوني ومساعدتي ولهذا جميع اعمالهم عدمٌ يولد عدماً:" بدوني لا تستطيعون شيئاً."
"اذا الرب لا يبني البيت فعبثاً يكد البناؤون. واذا الرب لا يحرس المدينة فعبثاً يسهر حراسها."
عبثاً تحاول بناء صرح حياتك خارجاً عني, فإنك تهدمه من حيث لا تدري...
وعبثاً يكد علماء العصر وساسته ليضعوا للمجتمع أسساً مستقيمة راسخة ما داموا يعملون خارجاً عني ويرفضون مشورتي.
اني اريد ان تنتفعوا مني قدر استطاعتكم لأني اعلم حاجتكم اليّ. آه! لو كنتم تعرفون رفقي بكم وعطفي عليكم للجأتم اليّ في كل حين. ولكن عيونكم كفيفة!...
***
ان ما انا عطشان اليه هو ان اتغلغل في اعماقكم جميعاً, في افكاركم واقوالكم ونزعات قلوبكم ليصبح الكل فيكم جمالاً وطهراً وقداسة.
انا ظمآن الى ان اهبكم ذاتي لاصبح غناكم فتجدوا في داخلكم السلام والنور والفرح.
عبثاً تطلبون الفرح والسلام خارجاً عني. هلموا اليّ فتجدوا الحياة هنيئة غير معقدة. لاني النور والذي يمشي في النور لا تعثر رجله بحجر.
انا البساطة بالذات وكل من يأتي اليّ يجد الحياة بسيطة.
لم اخلق الحياة معقدة ملتوية. انما ابتعادكم عني جعلكم تلتوون بالحياة او تلتوي الحياة بكم.
فاعوجّت في وجوهكم طرق السعادة بعد ان كانت مستقيمة جلية.
عودوا اليّ تعدّ الأستقامة اليكم..."صوت صارخ في البريّة: كل وادٍ يمتلئ وكل جبل وتل ينخفض والمعوج يستقيم ووعر الطريق يصير سهلاً.
***
ان ما يؤلمني هو اني لا اجد السبيل الى اعطائكم ذاتي كما ينزع اليه قلبي, لأنكم لا تفتحون لي طريقاً رحباً يؤدي بي الى نفوسكم.
ولهذا اني واقف على الباب اقرع طالباً الدخول: كم وكم من الأبواب التي تظل مغلقة في وجهي!...
انكم تفتحون ابوابكم لاي كان.اما انا يسوع فلا اجد على طريقي الا أبواباً لا تريد الإنفتاح كاني مجرم يخشاه الجميع!...
ولهذا اني بحاجة الى اصدقائي ليمروا امامي ويفتحوا لي الأبواب.
ان العالم لا يخشاهم مثلما يخشاني لأنه غالباً يجهلهم. ولهذا يفتح لهم ابوابه.
ومتى دخلوا ادخل معهم لأني فيهم. وهكذا أمر من بيت الى بيت موزعاً شعلات النار للهيب الذي اريد اضرامه على الأرض.
اليوم ايضاً مثل اول مجيئي اني بحاجة الى من يمضي امامي ليعدّ لي الطريق ويمهد السبل. هذه دعوة العمل الكاثوليكي.
صلاة
اللهم انت الهي واليك اشتقت باكراً. اليك ظمئت نفسي وشحب جسمي جوعاً.
في ارض قاحلة مجدبة لا ماء فيها: هكذا شاهدتك في القدس لأرى عزتك ومجدك. ان رحمتك اطيب من الحياة. لك تسبح شفتاي. طوبى لمن تختاره وتقربه فيسكن في ديارك. فانا قد شبعنا من خير بيتك, من قدس هيكلك.
مزمور 62:64
كما يشتاق الأيل الى مجاري المياه: كذلك تشتاق نفسي اليك يا الله. ظمئت نفسي الى الله, الى الإله الحي: متى آتي واحضر امام وجه الله!...
قد كان لي دمعي خبزاً ليل نهار اذ قيل لي كل يوم: اين الهك؟.. لماذا تكتئبين يا نفسي وتقلقين فيّ؟ ارتجي في الله فاني ساعود اعترف له وهو خلاص وجهي.
الهي تكتئب نفسي فيّ فلذلك اذكرك من ارض الأردن وجبال حرمون. غمر ينادي غمراً على صوت خراراتك! جميع تياراتك وامواجك جازت عليّ.
مزمور 41
***
إتّحد بـي
كلام الرب
إن من ليس معي فهو عليَّ ومن لا يجمع معي فهو يفرق.
"متى 13:30"
إثبتوا في وأنا فيكم. كما أن الغصن لا يستطيع أن يأتي بثمر من عنده إن لم يثبت في الكرمة كذلك أنتم أيضاً إن لم تثبتوا فيَّ.
"يوحنا 15:4"
أنا الكرمة وأنتم الأغصان: من يثبت فيَّ وأنا فيه فهو يأتي بثمر كثير لأنكم بدوني لا تستطيعون شيئاً.
"يوحنا 15:5"
إن أنتم ثبتم فيَّ وثبت كلامي فيكم تسألون ما شئتم فيكون لكم.
"يوحنا 15:7"
كما أحبني الآب كذلك أنا أحبكم : فإثبتوا في محبتي.
"يوحنا 15:9"
مناجاة
"انا الكرمة وانتم الأغصان": هل وقفت غالباً وأطلت الوقوف عند هذه العبارة التي وجهتها الى تلاميذي في اخطر ساعة من حياتي؟
ان كنت غصناً فانت لا شيء ان لم تكن متحداً بي انا الكرمة.
كل ما في الغصن من الحياة لا يأتيه الاّ من الشجرة وكل ما فيك من الحياة الروحية من اين تغذيه ان لم يكن مني انا ينبوع الحياة؟...
"ان كان احد لا يثبت في يطرح خارجاً كالغصن فيجف."فاتحد بي ان أردت أن تجري فيك الحياة قوية غزيرة.
ان سألتني ما معنى الإتحاد بي؟ أجيبك: معناه ان تعمل جميع اعمالك باسمي ومحبة لي.
واذا بلغت هذا الإتحاد تصبح شيئاً واحداً معي اي تصبح بدورك فادي البشرية.
***
اتحد بي لأني ساكن في اعماقك... اني فيك بنوع سري حقيقي وان لم تشعر بذلك.
اني فيك وماذا اريد الا ان انمو واكبر فيك حتى احتمل كل شيء فيك واحول كل شيء اليّ.
اني فيك نار تريد ان تُحرق كل شيء ولكنها لا تُحرق الا ما ترميه فيها...
انا فيك لأحبك دوماً واقدمك للآب بلا انقطاع واشركك في عملي فيك وفي العالم.
اني فيك وليس لي الا شوق واحد وهو ان اجعلك تنظر الى الأشياء كما انظر اليها انا وتحكم فيها كم احكم انا وتعمل كما اعمل انا وتحب كما احب انا.
اني فيك لاصبح بصرك وسمعك ومخيلتك وارادتك.
كما انك تشاهد كل شيء في نور الشمس كذلك عليك ان تعمل كل شيء فيّ انا الشمس الحقيقية.
***
إني فيك لأواصل بك عملي في العالم: هذه الأرض التي خلقتها "خاليه خاويه" أريد أن أحولها إلى بستان بواسطة محراثك.
إني فيك لإواصل بك عمل الفداء الذي باشرته على الصليب: بك أستطيع أن أحمل صلباناً جديدة وأرتقي جلجلة جديدة.
إني فيك لإواصل بك نشيد التمجيد الذي رنمته للآب السماوي في حانوت الناصرة.
بك أستطيع أن أعمل أعمالاً لم أفعلها حتى الآن وأتعرف إلى نفوس جديدة وأبث الخير في أماكن لم أزورها يوم كنت ضيفاً عندكم....
غير إني لا أجد السبيل إلى فعل ذلك إلا إذا إتحدتَ بي وسلمتَ إلىَّ مفاتيح إرادتك لأفتح وأدخل وأخرج كما أشاء...
فأنظر أيه مسؤولية هي مسؤوليتك وأية أمكانية فيك للخير وأي واجب عليك أن تسعى إلى الإتحاد بي لأكمل رسالة الفداء الكبرى.....
***
كما إنني في أعماقك كذلك أنت معي في أعماق ذاتك لأنك عضو حي في جسدي السري.
إني لا أفصلك أبداً عني وبقدر ما تتحد بي تصبح جزءاً مني حتى إني لا ألفظ أبداً كلمة "أنا" إلا وشملتك فيها.
فعليك أنت أيضاً أن تبلغ في إتحادك بي إلى حد أنك لا تستطيع أن تلفظ كلمة "أنا" إلا وشملتني فيها.
وإذ ذاك تحيا, ولكن لا "أنت" بل "أنا" الذي سأحيا فيك....
وتصلي ولكن لا "أنت" بل "أنا" الذي أصلي فيك.....
وتتألم ولكن لا "أنت" بل "أنا" ألذي أتألم فيك.....
وإذ ذاك طوبى للبيئة التي تعيش فيها لأنها تملك "الخمير الجديد" الذي تكلم عنه الإنجيل...
***
"وكل واحد منا عضو للآخرين ...": فكن إذن عضواً مشتبكاً بباقي الأعضاء, يرن فيك صدى كل ما يجري في جسدي السري...
ليكن قلبك واسعاً كالبحر, فيه محل لجميع القلوب التي تريد دخوله.
لتكن صلاتك صلاة العضو الذي يشعر بحاجات الجسد كله....
ليكن إحتمالك للألم إحتمال العضو الذي يحمل جزءاً من الصليب الأكبر الموضوع على أكتاف الكنيسه كلها.
كن رجل المسيحيه والكثلكه لأن شرايين النعمه تربطك بالمؤمنين جميعهم, ومن أقاصي الأرض إلى أقاصيها تجري في تلك الشرايين حياة واحدة ودم واحد سال من جنبي وأنا على الصليب.
من لا يشعر بهذه الشرايين التي تربطه بالجسد السري كله لا يفهم معنى دعوته المسيحيه ولا يستطيع أن يتبين المحل الذي يشغله في الكنيسه. أنت في الكنيسه كالحجر في البناء, والكمال هو أن تعرف محلك وتشغله متحداً بكل البناء...
لتكن فكرة "سكناي فيك"الفكرة الأساسية في حياتك الروحية, وليكن "إتحادك بي" موضوع سعيك الوحيد.
إسع في كل شيء. إلى الإتحاد بي أنا ألساكن فيك.
تعلّم أن تختلي في وحدة قلبك حيث تجدني أنتظرك وهناك
إسجد لي مقدماً أفعال إيمانك ورجائك ومحبتك.
تعلّم أن تفعل جميع أفعالك متحداّ بي فترى أن آفاق فكرك وقلبك تتسع وتمتد من كل جهة.
لأنك ستنظر إلى الأشياء من خلال نظري وتفكر بها من خلال فكري وتحبها من خلال قلبي.
وكل هذا تحقيقاً لوحدتي الكبرى التي أريد أن أجمعكم فيها كلكم والتي ما هي إلا جسدي السري.
" إلى أن ننتهي جميعنا إلى وحدة الإيمان ومعرفة إبن الله ونبلغ الإنسان الكامل حسب مقدار قامة ملء المسيح..."
صلاة
أيها الآب القدوس إحفظ بإسمك الذين أعطيتهم لي ليكونوا واحداً كما نحن واحد...
ولست اسأل من أجل هؤولاء فقط بل أيضاً من أجل الذين يؤمنون بي عن كلامهم.
ليكونوا بأجمعهم كما أنك أنت أيها الآب فيَّ وأنا فيك ليكونوا هم أيضاً واحداً حتى يؤمن العالم أنك أنت أرسلتني.
وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني إياه ليكونوا واحداً كما نحن واحد.
أنا فيهم وأنت فيَّ ليكونوا مكملين في الوحدة.
حتى يعلم العالم أنك أنت أرسلتني وإنك أحببتهم كما أحببتني.
يا أبت, إن ألذين أعطيتني إياهم أريد أن يكونوا معي حيث أنا ليروا مجدي الذي أعطيتني إياه لانك أحببتني قبل إنشاء العالم.
يا أبت العادل إن العالم لم يعرفك أما أنا فعرفتك.
وهؤلاء عرفوا أنك أنت أرسلتني.
وقد عرَفتهم أسمك وسأعرفهم إياه لتكون فيهم المحبة التي أحببتني فيها.
وأكون انا فيهم.
"يوحنا 17:20-26"
***
صَلِّ معـي
متى تقبل على الصلاة، فصَلِّ معـي
لأنه لا قيمة لصلاتك إلا إذا اتحدت بصلاتي
لا صلاة حقيقية جوهرية على وجه الأرض إلّا صلاتي
لان ألآب لا يسمع إلا صوتاً واحداً... هو صوت صلاتي
الذي يجمع جميع الأصوات المرتفعة بالصلاة.
أتفهم معنى صلاتي طوال الليالي
حينما كنت أترك تلاميذي واختلي وحدي؟
في تلك الساعات التي كانت فيها الخليقة تتحول إلى كائن واحد
في ظلام الليل الموحد لكل شيء
كانت صلاتي أنَّةً خفيفةً تعبر عن أشواق الخليقة كلها
لِتكُنْ صلاتُكَ صدى تلك الصلوات
لِتكُنْ في ذهنك صورة لصلاتي كلما خلوت إلى الصلاة، فتعرف كيف تصلي
***
لِتكُنْ صلاتُكَ صراخا يتفجر من أعماق كيانك
لِتكُنْ صلاتُكَ شعلة النار المستعرة فيك
لِتكُنْ صلاتُكَ رسولا ترسله إلى أشواقك وحاجاتك العميقة
ولِتكُنْ أيضا مرآةً تنعكس فيها صورة كيانك كله
على صلاتِكَ أن تحتوي قيم حياتك كلها، وإلا فأني لا أستجيبها
صلِّ بقلبك ونفسك وعقلك وجسدك وكل كيانك
لست إله أموات بل إله أحياء
فلِتكُنْ صلاتُكَ حيَّةً، مستعرة بنيران الشوق الملتهبة فيك.
صلِّ كما تصلي امُّ وحيدها على فراش الموت
لأن ملكوت الله للغاصبين" ...
***
لِتكُنْ إذن صلاتُكَ صراخاً
وإذا لم تقو على الصراخ لِتكُنْ صلاتُكَ سكوتاً
تعلم أن تصغي إلي في سكوت عميق
أنا ساكن فيك وعندي أشياء كثيرة أقولها لك
ولكني أتكلم بصوت خافت لا يسمعه إلا من يسكن في سكون قلبه
ما أكثر الذين لا يدعونني أبداً أكلمهم، لأن هذيانهم لا ينقطع أبداً
هؤلاء لا يذوقون أبداً حلاوة مودتي ومناجاتي
لأنهم منشغلون عني بصلواتهم وثرثرتهم إلى ما لا نهاية
أما أنت لا تتشبه بهم...
متى صليت فليكن سكوتك أطول من حديثك
لأني لست بحاجة إلى أن تطيل الكلام معي... بل
أنت بحاجة إلى أن تصغي إلىَّ وتسمع أقوالي
فانها نور وحياة
***
وإذا حدثتني في صلاتك
فلا تكن أنت الذي يحدثني بل روحي الساكن فيك
فهو مرشد النفوس ومعلمها
فدعه...يعلمك كيف تكلم أبي السماوي
الروح الساكن فيك يعرف حاجاتك خيراً منك
لأن نظره ينفذ فيك إلى أعماقٍ لا علم لك بها
دعه إذاً يُصلِّ فيك
أطلب إليه غالباً ألا يظلَّ ساكناً فيك
وإذا مهدت له السبيل بعبادتك إياه...
فسيمد يده ليوقع على أوتار نفسك أنغامه الإلهية.
***
إنك غالباً تصلي دون أن تنال شيئاً
لأن صلاتك لم تخرج من أعماق قلبك...
بل لفظتها شفتاك كأقوال لا طائل تحتها
ولأن صلاتك لم تأتِ من الروح القدس...
الساكن فيك الطالب مجد الآب قبل كل شيء
بل صدرت عن أهوائك ورغباتك المادية
أيضاً، لأنك تصلي غالباً ثم لا تمهلني كي أعطيك ما طلبت
بل تمضي على وجهك كأنك لم تطلب شيئاً.
كم مرة نسيت في المساء ما سألتنيه في الصباح؟
إنك لا تثبت على طلبك...
لا تصبر عند باب مراحمي حتى تنال مرغوبك
تذكر مَثَلَ من ذهب ليلاً إلى صديقه يطلب منه خبزاً
كم ألح وكرَّرَ الطلب حتى نال حاجته؟
لِتكُنْ صلاتُكَ مثل صلاته فتنال ما تشاء
لأني أحب أن أختبر ثباتك قبل أن أستجيب طلبك.
***
إنك تحب الصلاة في أوقات مخصصه لها
وكأنك تفصل حياتك إلى شطرين:
شطر صغير تخصصه للصلاة وشطر كبير تخصصه لغير الصلاة
وأنت تظن أنه لا بد من هذا التقسيم:
"ما لله لله، وما لقيصر لقيصر"
ولكنك في ضلال مبين إذا فصلت صلاتك عن حياتك
وقررت لها زاوية صغيرة من نهارك
عليك أن تمزج صلاتك بأعمالك كلها
من الصباح حتى المساء يجب أن لا تنقطع صلاتك:
"صلوا في كل حين"
كما تشتغل وأنت مغمور بأشعة الشمس
كذلك إجعل أعمالك مغمورة بجو من الصلاة
ليكن عملك اليومي خير صلاة تقدمها لي
إذا توقفت أحيانا عن العمل لتصلي فليكن ذلك لتمجيدي
ولكي تعود إلى عملك بشوق أحر ونية أطهر
من يهمل صلاته من أجل واجبه اليومي
أو يهمل واجبه اليومي من أجل صلاته
فإنه لم يهتد بعد إلى صلاتي.
***
كونوا كاملين
كلام الرب
كونوا كاملين كما أن أباكم السماوي كامل...
"متى5:48"
إثبتوا كاملين تامين في مشيئة الله كلها.
" كولوسي 4:12"
هذه هي وصيتي: أن تحبوا بعضكم بعضاً كما أنا أحببتكم .
"يوحنا 15:12"
بهذا يُعرف أنكم تلاميذي: إن أحببتم بعضكم بعضاً.
"يوحنا 13:35"
إحملوا بعضكم أثقال بعض وهكذا تُتمون شريعة المسيح.
"كولوسي 3:14"
كمال الشريعة هي المحبة
"روما 13:10"
قال له الشاب: كل هذا قد حفظته منذ صباي فماذا ينقضي بعد؟ قال له يسوع: إن كنت تريد أن تكون كاملاً فإذهب وبع كل شيء لك وإعطه للمساكين فيكون لك كنز في السماء وتعال إتبعني.
"متى 20-21 :19"
مناجاة
أنا الذي أعطيت هذه الوصية: كونوا كاملين كما إن أباكم السماوي كامل.
وأنا الذي أستطيع أن أشرحها لك. أتعلم ما هو الكمال؟ الكمال أن تحيا مع أبي السماوي كالإبن مع أبيه.
إعمل كل شيء لإرضائه: لا لأنك تخشاه أو تخشى عقابه بل لأنه أبوك ولأنك تحبه.
تعلّم أن تحيا في حضرته وتحت نظره الحنون:فترى إذ ذاك كيف يبتعد الشر عنك وكيف تنفر من كل خطيئة
كن معه كالطفل الصغير مع إمه,ولتكن ثقتك به بلا حد لان حبه لك لا حد له.
ليكن كماله قاعدة كمالك "كن كاملاً كما هو كامل" إنزع أبداً إلى الأكمل والأحسن لأنك دُعيت إلى التخلق بأخلاق من لا حد لكماله....
***
الكمال أن تحيا مع جميع الناس كالأخ مع إخوته: جميعكم أولاد أب واحد هو الآب السماوي, فأحبوا بعضكم بعضاً كما يحبكم الآب.
درجة كمالك هي درجة محبتك لإخوتك: من يُحب إخوته كنفسه ليس ببعيد عن الكمال.
أما من لا يُحب إخوته ويسعى في الحصول على القداسة وعلى التقدم في محبتي فهو كمن يدحرج حجراً إلى فوق.
إن قال أحد: "إني أحب الله وهو يبغض أخاه فهو كاذب.
لأن من لا يُحب أخاه وهو يراه كيف يستطيع أن يحب الله وهو لا يراه؟"
الكمال في التضحيه وفي بذل الذات من أجل الغير: " ما من حب أعظم من هذا: أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبائه."
أُنظر إلى الصليب فتفهم معنى الكمال.
***
الكمال ان تحيا بالإيمان والرجاء والمحبة. بهذه الفضائل الثلاث أنت إبن الله لأنها فضائل "إلهيه" تطبع فيك صورة الثالوث الأقدس.
الإيمان هو نور وضعته فيك أنا الإبن الكلمة لأُشركك في معرفتي لل