نيجيرفان بارزاني: بغداد لن تستطيع فرض سيطرتها علينا أبدا
رئيس حكومة إقليم كردستان العراق لـ «الشرق الأوسط»: علاقاتنا متطورة مع السعودية واتصالاتنا مستمرة
نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة إقليم كردستان العراق («الشرق الأوسط»)
«الشرق الأوسط» أربيل: معد فياض برنامج رئيس حكومة إقليم كردستان العراق الشاب نيجيرفان بارزاني مزدحم.. بل مزدحم للغاية.. فهو لم يكد ينتهي من إنجاز خططه وبرامج حكومته التي انتهت ولايتها بإعلان نتائج الانتخابات لبرلمان الإقليم، حتى دخل معترك المشاورات غير الرسمية مع الحزبين، الاتحاد الوطني الكردستاني (18مقعدا) وحركة التغيير المعارضة (24 مقعدا) من أجل تشكيل الحكومة القادمة التي سيكلف برئاستها كونه زعيم كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني التي فازت في الانتخابات (38 مقعدا). وعندما نسأل هنا في أربيل الناس، من سائقي التاكسي أو باعة في المتاجر أو طلبة جامعات عن سبب انتخابهم لبارزاني فإنهم يشيرون إلى ما حولهم من بناء ورفاهية ويقولون: «هذا ما حققه للإقليم فلماذا لا ننتخبه»، إذ تقترن مشاريع البناء وقوانين وبرامج الاستثمار، ملف النفط والغاز في الإقليم باسمه، وهذا ما حقق بالفعل رفاهية اقتصادية وسمعة دولية لكردستان العراق.
ورغم ازدحام برنامجه اليومي، خص نيجيرفان بارزاني «الشرق الأوسط» بحوار موسع، هو الأول لوسيلة إعلامية، عربية أو غربية، بعد الانتخابات. استقبلنا في مكتبه مبتسما كعادته، مرحبا بنا بلغة عربية سليمة. بادرته بسؤال «يقولون إن دولتكم تتعلمون العربية كي ترشحوا نفسكم لرئاسة الحكومة العراقية؟»، فأجاب مبتسما: «ولم لا؟ أنا كردي عراقي والدستور يكفل لي هذا الحق». وفيما يلي نص الحوار:
* هل تعتقدون أن الانتخابات التي جرت الشهر الماضي لاختيار نواب لبرلمان الإقليم كانت ناجحة ونزيهة؟
- بالتأكيد كانت ناجحة ونزيهة.. طبعا برزت هناك بعض المشكلات البسيطة هنا وهناك. علينا أن نتحدث عن عملية الانتخابات ككل، ومن المهم أن نقيمها قياسا للانتخابات السابقة. النجاح في انتخابات هذه الدورة كان كبيرا جدا لعموم إقليم كردستان. وأبرز ما في العملية هو أننا بدأنا بتجسيد ثقافة الانتخابات وممارستها بين صفوف شعبنا وهذا مهم جدا بالنسبة لنا، فالأطراف السياسية المشاركة كانوا يتحدثون ضد بعضهم بعضا على الرغم من وجودهم في المكان ذاته، فهناك من كان يناصر الحزب الديمقراطي الكردستاني (البارتي) وغيرهم يناصرون الاتحاد الوطني الكردستاني (اليكتي) والآخرون كانوا يؤيدون حركة التغيير (كوران). المهم عندنا هو أن تتعزز هذه الثقافة وهذه الممارسات بروح ديمقراطية شفافة. أعتقد هذا أبرز ما لمسناه وما تحقق في هذه الانتخابات.
* هل كان الفوز الذي حققه حزبكم، الديمقراطي الكردستاني، بمستوى ما يستحقه وما توقعتموه؟ (حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني على 38 مقعدا في البرلمان الكردستاني القادم).
- نظرا للتاريخ العريق الذي يتمتع به حزبنا فإن أعضاء وأنصار الحزب كانوا يتوقعون نتيجة أفضل من هذه والحصول على مقاعد أكثر في البرلمان القادم. ولكننا لو ننظر بعمق للتغييرات التي حصلت في عموم منطقتنا وما حدث في العراق، يضاف إليها الهجمات المبرمجة التي شنت على الحزب الديمقراطي الكردستاني في السنوات الأخيرة الماضية، فإننا نعتقد، وقياسا إلى أية تجربة ديمقراطية حقيقية، فإن النتيجة التي تحققت لحزبنا ليست سيئة.
* كنتم تتوقعون 42 إلى 45 مقعدا؟
- لا..لا.. كنا نتوقع 40 مقعدا. وبصراحة أجهزة الترقيم والختم التي استخدمتها المفوضية المستقلة للانتخابات، وأنتم كنتم موجودين في اليوم الأول لعملية التصويت وشاهدتم بأنفسكم كيف أني، وأنا رئيس وزراء وكنت أول ناخب، كيف أن هذه الأجهزة أخرت التصويت بالنسبة لي تسع دقائق، وكانت العملية منقولة في بث مباشر على جميع القنوات وشاهدها الناس وهذا أعطى انطباعا ليس إيجابيا لدى الناخبين، ودفع بقسم كبير منهم إلى عدم التوجه إلى صناديق الاقتراع للأسف. مفوضية الانتخابات لم توافق على استخدام هذا الجهاز في انتخابات مجالس المحافظات العراقية لكنهم أرادوا تجربته في انتخابات برلمان إقليم كردستان.
* قدتم حملة انتخابية ذات طابع جديد وأساليب متطورة اعتمدتم خلالها على الطاقات الشابة، فهل ستكون الحكومة القادمة بمستوى هذا التفكير؟
- بالتأكيد ستكون هذه بداية لتجربة جديدة في الحكم بإقليم كردستان. لقد مررنا بمراحل كثيرة ومختلفة في تجربة الحكم بهذا الإقليم، منذ توحيد الإدارتين (إدارة أربيل وإدارة السليمانية)، كانت مرحلة توطيد الثقة بين الإدارتين وبيننا وبين شعبنا لكي ننتقل إلى مرحلة جديدة. أما المرحلة الثانية فقد تحكمت بها تجربة الشرخ والانشقاق الذي حدث في حزب الاتحاد الوطني وتشكيل حركة التغيير (بزعامة نشيروان مصطفى) وتجربة أحزاب الحكومة وأحزاب المعارضة. والآن ندشن مرحلة أخرى لبناء مؤسسات الإقليم وفق أسلوب مؤسسات الدولة، وهذا ما سنعمل عليه، ونتمنى أن نحقق هذا الهدف.
* الاتحاد الوطني، الحزب الذي يرتبط معه حزبكم بتحالف استراتيجي، قرر خوض الانتخابات منفردا وليس بقائمة مشتركة معكم لمعرفة حجمه في الشارع.. كيف تعاملتم مع هذه التجربة؟
- نعم هم أرادوا المشاركة في الانتخابات بقائمة منفردة، ونحن احترمنا رأيهم وإرادتهم بهذا الموضوع، وأنا أريد أن أقول بأن التحالفات بين الأحزاب لا تتم وفق عدد الأصوات أو عدد المقاعد البرلمانية، بل تتم على أساس البرامج المشتركة والنظرة إلى المستقبل، هذه العوامل هي التي تقرر شكل التحالفات وليس فقط عدد المقاعد.
* هل سيشارك الاتحاد الوطني في الحكومة المقبلة؟
- نحن نأمل أن يشاركوا. وأقولها بصراحة إن الاتحاد الوطني له نفوذ مهم في إقليم كردستان ولا يحدد حجمهم عدد المقاعد في البرلمان. نحن نعمل سويا منذ أكثر من عشر سنوات، وشاركنا سويا في صياغة الدستور العراقي، وعملنا معا من أجل بناء الإقليم وتوفير الخدمات لشعبنا واستتباب الأمن واستقراره، وهناك كثير من الإنجازات المهمة التي قمنا بتحقيقها سويا ولم ينجزها أحد بمفرده. وعلى قيادات وقواعد الاتحاد الوطني أن لا ينظروا بعين الاستخفاف أو يقللوا من هذه الإنجازات المهمة التي تحققت في الإقليم. والاتحاد الوطني الكردستاني لعب دورا مهما فيما تحقق في كردستان.
* هل أنتم راضون عن النتيجة التي تحققت للاتحاد الوطني الكردستاني (حصلوا على 18 مقعدا في البرلمان القادم)؟
- من الأفضل أن يوجه هذا السؤال لهم. لا أعتقد أن شيئا كبيرا قد حصل للاتحاد الوطني، والحصول على 18 مقعدا في البرلمان مسألة ليست قليلة أو بسيطة، وهذه فرصة لأن يرصدوا نقاط ضعفهم وأن يعالجوها ويعودوا إلى الساحة وهم أكثر قوة.
* باعتقادكم هل أثر غياب الرئيس جلال طالباني، زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني في رحلته العلاجية، على الأوضاع في إقليم كردستان خاصة والعراق عامة؟
- بالتأكيد.. غياب مام جلال ترك فراغا مهما في عموم العراق وكذلك في إقليم كردستان.. مام جلال كان صمام الأمان في كثير من المواقف والقضايا التي تهم البلد.
* هل تتوفر لديكم أخبار عن حقيقة الوضع الصحي للرئيس طالباني؟
- هناك إطار نحن لا نريد أن ندخل ضمنه.. هناك إطار عائلي في الموضوع، لكننا على اطلاع على وضعه الصحي.
* يتداول الشارع العراقي معلومات عن ترشيح مسعود بارزاني، رئيس الإقليم وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، لرئاسة جمهورية العراق، ما مدى صحة ذلك؟
- حتى هذه اللحظة ليست هناك معلومات عن هذا الموضوع، لكن إذا ما حصل فهو موضوع طبيعي، فالسيد رئيس الإقليم هو كردي عراقي ومن حقه الترشح لمنصب رئاسة جمهورية العراق وفق الدستور العراقي، فلم لا.
* هل بدأتم معركة أو مرحلة خوض النقاشات من أجل تشكيل حكومة إقليم كردستان القادمة؟
- بشكل رسمي.. كلا لم نبحث موضوع مشاركة الأحزاب أو تشكيل الحكومة القادمة، فنتائج الانتخابات ليست نهائية لأن قسما من الأحزاب طعنوا بالنتائج التي أعلنتها مفوضية الانتخابات، هناك مراحل يجب أن تكتمل وبعد تصديق النتائج سنباشر بتشكيل الحكومة.
* وما توقعاتكم استنادا إلى ما يدور من لقاءات أو مباحثات خلف الكواليس، هل تتوقعون مشاركة جميع الأحزاب في الحكومة القادمة؟
- علينا أن نتبع القوانين، ووفقا للقوانين فإن رئيس الإقليم سيكلف الحزب الفائز والذي حصل على أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات لتشكيل الحكومة، وعلى من سيتم تكليفه أن يشكل الحكومة الجديدة بعد 30 يوما من التكليف الرسمي، عند ذاك سيتم التفاوض مع بقية الأحزاب حول المشاركة في الحكومة، وبالتأكيد سنتفاوض مع كل الأطراف وليس بالضرورة أن نتفق مع كل الأطراف.
* هل تتوقعون أن تطول فترة المفاوضات وتشكيل الحكومة؟
- لن تتجاوز العملية المدة القانونية والتي هي شهر بعد التكليف الرسمي.
* هل سيتم تكليفكم لتشكيل الحكومة باعتباركم زعيم الكتلة الفائزة في الانتخابات؟
- لا أستطيع أن أؤكد ذلك بشكل رسمي، لكن أي شخص سيتم تكليفه سوف يشكل الحكومة بعد شهر من التكليف الرسمي.
* ما مستوى رضاكم عن التطورات في الإقليم؟
- لن أقول لكم بأننا راضون جدا، نعم كل الأمور في تطور إيجابي لكننا نريد الأفضل والأفضل وهذه هي قوانين الحياة، نريد أن نخوض أداء حكوميا جديدا ومتطورا ونجري إصلاحات إدارية مهمة.
* ما هي أولوياتكم بوصفكم رئيسا لحكومة إقليم كردستان؟
- في مقدمة أولوياتنا هو الجانب الأمني واستقرار الأوضاع الأمنية وتوفير الخدمات للمواطنين، وبناء مؤسسات حكومية منظمة.
* هل أن أعضاء حكومتكم أو الوزراء الذين معكم بمستوى ما تفكرون به؟
- آمل ذلك.. هذا كل ما أستطيع قوله.
* الآن أنتم على أبواب تشكيل حكومة جديدة، هل تشعرون أنكم في بعض الأحيان مجبرين من قبل الأطراف الأخرى على قبول هذا المرشح أو ذاك لأية وزارة؟
- أبدا.. أنا لا أقبل بأن يفرض علي أي مرشح، أقول لهم رشحوا ثلاثة أسماء وأنا أختار أكثرهم كفاءة. أنا لا يهمني أن يكون هذا الوزير أو ذاك من أي حزب بل أتعامل معهم باعتبارهم وزراء في الحكومة.
* التوقعات في الشارع الكردستاني تقول إن الاتحاد وحركة التغيير سيشاركان في الحكومة المقبلة، كيف ترون طبيعة التوازنات في هذه الحكومة بين الاتحاد والتغيير؟
- حتى الآن لم يعلن أي من الكتلتين، الاتحاد أو التغيير، عن مشاركتهم بشكل رسمي في الحكومة المقبلة، ولا أعتقد أن أيا من الأطراف يريد أن يكشف عن أوراقه بهذه السرعة وفي هذه المرحلة.
* كنتم قد خضتم معركة حول انتخابات رئيس الإقليم وتوصل البرلمان إلى ضرورة بقاء مسعود بارزاني رئيسا لعامين إضافيين، باعتقادكم هل تعتقدون أن الأوضاع كانت ستتوازن في الإقليم لو أصر رئيس الإقليم على التنحي، وأن هذه الانتخابات كانت ستجري بهذا السيناريو؟
- أنا متأكد بأن السيد الرئيس مسعود بارزاني أعطى ثقلا للإقليم وللمنصب وليس العكس. وأقولها بصراحة وليست مجاملة، فإن الإقليم هو بحاجة ماسة لوجود بارزاني رئيسا له لكي نمر بهذه المرحلة الصعبة وأن رسالته كانت واضحة للبرلمان لأن تتفق الأطراف لإجراء انتخابات بأسرع وقت واختيار رئيس جديد للإقليم. نحن كنا بحاجة للرئيس بارزاني في المرحلة الماضية وسنبقى بحاجة له خلال المرحلة المقبلة. لقد تصرف برلمان الإقليم وخصوصا الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي بمسؤولية مع هذا الموضوع.
* وضعت المعارضة الكردية في الإقليم خلال الدورة الانتخابية الماضية كثيرا من العراقيل بوجه حكومتكم المنتهية ولايتها، ترى كيف ستتعاملون مع هكذا معارضة فيما لو شاركت في الحكومة المقبلة؟
- علينا أن ندرك أن وجود معارضة في ظل نظام برلماني وأحزاب في الحكومة وأخرى في المعارضة هو واقع جديد في الحياة السياسية للإقليم. ونحن بحاجة إلى وقت كي نتعلم ثقافة المعارضة والحكومة، وبدلا من أن تحقق المعارضة في السنوات الماضية إنجازات مهمة اتبعت أسلوب إطلاق الصراخ وقذف قناني المياه في البرلمان، ولم يحققوا أكثر من ذلك. ولنسأل: أي أهداف أو إنجازات حققوها بأسلوب الصراخ في البرلمان، وأعتقد أن هذه البداية لأي معارضة في حياة ديمقراطية وبأي بلد. يجب أن تشعر المعارضة بأنها شريك في الحكومة وليس العدو لها وأن لا تتخذ أسلوبا عدائيا. نحن كحكومة لا ندعي الكمال فيما نفعله، ولكن ليس كل ما نفعله هو سيء. وللأسف عندما تتحدث مع المعارضة في الإقليم سيقولون إنه ليس هناك أي أمر جيد حققته الحكومة. لقد خاضوا تجربة المعارضة لأربع سنوات ويستطيعون أن يكونوا الآن في الحكومة ويجربوا بأنفسهم. أعتقد بأن شعبنا في الإقليم قرر ومن خلال صناديق الاقتراع من هو على صواب ولمن يعطون ثقتهم.
* لننتقل إلى العلاقة بين أربيل وبغداد، العلاقة المتأزمة باستمرار بسبب عدم تنفيذ الحكومة الاتحادية، وبالذات نوري المالكي، رئيس الحكومة، للاتفاقات التي تبرم بينكم وبينه، وتعودون رغم ذلك للثقة باتفاقاته مع الإقليم، ما هو سر هذه العلاقة؟
- المسألة لا تتعلق بتنفيذ الاتفاقات أو عدم تنفيذها، أو بالثقة وعدم الثقة، وليس علينا أن نلوم السيد المالكي في كل شيء، هذه هي الحقيقة، هو (المالكي) جزء من المشكلات ولكن ليس كل المشكلات هو سببها. هناك أشخاص كثيرون يتسببون بالمشكلات بيننا وبين بغداد. هذه النقطة الأولى. ثانيا هل وجود مشكلات بين بغداد وأربيل أفضل أم التهدئة والتفاهم هو الأفضل؟ نحن نعتقد أنه من مصلحة بغداد وأربيل هي عدم اللجوء إلى التصعيد وخلق الأزمات. نعم نحن وقعنا على اتفاقات وهناك لجان لبحث تنفيذ هذه الاتفاقات، صحيح أنه كان هناك موعدان لاجتماع هذه اللجان تم تأجيلهما لكننا الآن ماضون بتفعيل عمل اللجان. أعتقد أن الهدوء الذي ساد في علاقتنا مع بغداد أدى إلى أن يستفيد العراق كله وليس فقط الإقليم.
* هل لصبركم مع بغداد حدود؟
- أعتقد أن الأوضاع في عموم العراق تتطلب من الطرفين أن يتمتعوا بالصبر بسبب التحديات التي نوجهها سويا. نحن نتأسف عندما نرى التفجيرات اليومية التي تحدث ببغداد وبقية المدن العراقية جراء العمليات الإرهابية وتخلف كثيرا من الضحايا، الشعب العراقي يستحق حياة أفضل من هذه الحياة التي تخلو من الاستقرار والاطمئنان.
* باعتقادكم لو كنتم أنتم رئيسا لحكومة العراق، وبتعقيدات الأوضاع والتصنيف الطائفي، سنة وشيعة، هل بإمكانكم أن تغيروا الأوضاع؟
- كما أسلفت أن المالكي هو جزء من المشكلة لكن علينا أن لا نرمي كل الأخطاء على كاهله، هناك تعقيدات كثيرة في الوضع العراقي، منها أنه ليست هناك اتفاقات بين الأطراف السياسية، وغياب الولاء. باعتقادي أن أي شخص سيكون بموقع المالكي ربما لن يستطع أن يفعل شيئا والأطراف السياسية تحب أن تضع كل المسؤولية على كاهل شخص واحد. المسألة لا تتعلق بشخص، بل أنا أتحدث بشكل عام، المشكلة تتعلق بالظروف المحيطة بالوضع السياسي، ومع هذا فإن المالكي كان بإمكانه أن يحقق الكثير وأن يتصرف باعتباره رئيس وزراء للعراق ككل.
* تدفق على الإقليم، ولا يزال الآلاف من اللاجئين السوريين، كيف تعاملتم مع الجانب الأمني في هذا الموضوع وأنتم قلتم لـ«الشرق الأوسط» بعد تفجيرات أربيل الأخيرة بأن الإرهاب وتهديد الاستقرار الأمني يأتينا من القوى الإرهابية في سوريا؟
- تصرفنا مع موضوع اللاجئين السوريين من منطلق إنساني، ونحن ملتزمون بمساعدتهم لأنهم بحاجة لهذه المساعدة ونحن نتفهم أوضاعهم، ومن المؤكد أن أي شخص أو عائلة يترك بيته وحاجاته ويأتي إلى الإقليم طالبا اللجوء فإن هناك دافعا لهذا التصرف. أما موضوع الإرهاب فإنه ليس مقتصرا على إقليم كردستان بل هو موضوع دولي ويسود المنطقة ككل. في السابق وعندما كانت القوات الأميركية موجودة في العراق كانت هناك آلية للتنسيق الأمني بيننا وبين بغداد وبقية المحافظات المجاورة للإقليم مثل الموصل وكركوك، لكننا اليوم لا نعرف تفاصيل الأوضاع الأمنية في المناطق المحددة للإقليم وهذا يؤثر سلبيا على خططنا وإجراءاتنا الأمنية.
* ما تأثير الأوضاع في سوريا على الإقليم؟
- كثيرة جدا.. هناك مجموعة إرهابية تنشط في سوريا مثلما تريد لأن الأرضية والفرصة متوفرة، وهذا يؤثر سلبا على الإقليم وعلى العراق ككل.
* هل هناك تناقض في المواقف بين بغداد وأربيل من الأزمة السورية ومن الرئيس السوري بشار الأسد؟
- مواقفنا متقاربة، فالحكومة الاتحادية لا تدافع عن بشار الأسد، بل تدافع عن الاستقرار، ونحن كذلك نريد الاستقرار في سوريا لأن بقاء الأوضاع على ما هو عليه يشكل تهديدا للمنطقة وخصوصا على العراق وبضمنه إقليم كردستان، وتنامي الإرهاب في سوريا يؤذي العراق ويؤذينا.
* هل أنتم مع بقاء أو رحيل الأسد؟
- الشعب السوري يجب أن يقرر هذا الموضوع، فهذا شأن سوري ويجب على الشعب السوري أن يختار مستقبله، كل ما نريده هو الأمن والاستقرار ورفاهية هذا الشعب.
* لننتقل إلى ملف النفط الذي هو أحد أسباب الأزمة بينكم وبين الحكومة الاتحادية، ففي الشهر الماضي أعلنتم عن انتهاء العمل بخط نقل النفط الخام من كردستان إلى تركيا وبأنه سيباشر العمل قريبا وهذا أثار بغداد ودفع بحسين الشهرستاني، نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة، لأن يصرح بأن على الإقليم أن يسلم نفطه للحكومة الاتحادية، ما هو تعليقكم؟
- نحن في الإقليم تعودنا على هذه التصريحات الرنانة والتي لا معنى لها التي يطلقها الشهرستاني، وليستمر في تصريحاته التي لا تعنينا.
* هل هو موقف الشهرستاني أم موقف الحكومة الاتحادية؟
- في الحقيقة نحن أيضا لدينا نفس السؤال، فالشهرستاني وحده يتحدث بهذا الموضوع ويصرح للإعلام بهذا الشأن ونحن ندرك أن مثل هذه المواضيع لا تتم مناقشتها على صفحات الجرائد أو من خلال التصريحات الإعلامية، بل يجب أن نجلس ونناقش الموضوع، وعلى بغداد أن تفهم بأنهم لن يستطيعوا أن يسيطروا علينا. هذا لن يحدث أبدا. إما أن يتعاملوا معنا كشركاء في الحكم واتخاذ القرارات وأن نجلس ونتحاور، أو أنهم يريدون أن يتعاملوا معنا باعتبارنا محافظة ومثل بقية المحافظات الأخرى تابعة للحكومة الاتحادية فهذا غير ممكن على الإطلاق. نحن لا نعود إلى الوراء ويجب على بغداد أن تفهم بأن الماضي قد ولى بغير عودة. يجب أن لا يتصرفوا معنا باعتبارنا محافظة. إذا كنا مديونين لبغداد فعلينا أن نتحاسب وليس عندنا أية مشكلة في هذا الجانب، لقد أرسلت خطابين إلى المالكي أوضح فيها بالأرقام والتفاصيل حجم الأضرار التي لحقت بنا. الحكومة الاتحادية تقول إنها تخصص 17% من ميزانية العراق للإقليم لكننا نتسلم 10.09% من الميزانية. إذن فلنجلس ونتحاسب ولنرى من هو على صواب، والشهرستاني عندما يقول يجب تسليم نفطنا له فنقول له إن هذا الزمن قد ولى.
* ما حجم إنتاج النفط في إقليم كردستان الآن؟
- نستطيع أن ننتج 300 ألف برميل يوميا، ونستطيع انتاج نفس الكمية من الغاز لكننا نستخدم الغاز للاستهلاك المحلي. ففي الشهر الماضي بدأنا بإنشاء محطة كهرباء دهوك والتي سيتم تشغيلها بغاز دهوك وستبدأ بالعمل بداية السنة القادمة. في موضوع الغاز نحن نريد استخدامه للاستهلاك المحلي والاكتفاء الذاتي وما يزيد منه سيتم تصديره، وضمن أكبر الحقول للغاز في دهوك.
* باعتقادكم لماذا لا تستفيد بقية المحافظات من ثرواتها الطبيعية؟ فعائدات نفط البصرة هي التي يعتمد عليها العراق لكن البصرة خربة ونسبة الفقر فيها مرتفعة، وهكذا بقية المحافظات؟
- كل ما نريده هو أن تتمتع كل المحافظات بحقوقها الشرعية.. نحن نريد حقنا ولا نقبل بالتجاوز على حقوقنا، وهذا ما نريده للبصرة أو الناصرية أو كربلاء أو الموصل أو الرمادي، وهذا سيتحقق بإقرار قانون تقاسم العائدات الذي سيضمن حقوق كل العراقيين ويفتح لهم أبواب المستقبل.
* إلى أين وصل قانون النفط والغاز؟
- هذا هو سؤالنا.. المشكلة في بغداد أنها لا تعمل على حل مشكلات المحافظات أو المشكلات بينها وبين الإقليم بل تعمل من أجل السيطرة وهذا زمن قد ولى.
* هل تعتقدون أن الحكومة الاتحادية تتصرف بموضوع السيطرة بذات أسلوب النظام السابق؟
- النظام السابق كان يطبقها بمهنية أما الآن فيتم تطبيقها بأسلوب بعيد عن الحرفية.
* اعترض الرئيس مسعود بارزاني على قانون الانتخابات المعروض على مجلس النواب العراقي للتصويت عليه، هل سيضيف هذا القانون أزمة جديدة للعلاقة بينكم وبين بغداد؟
- ليس الرئيس بارزاني وحده معترضا على هذا القانون، بل كل الأطراف الكردية لأننا نشعر بأن ظلما كبيرا سيقع على إقليم كردستان والأكراد إذا تم تطبيقه. فبسبب نسبة المشاركة العالية في الانتخابات البرلمانية العراقية في الإقليم بسبب الاستقرار الأمني فإن القانون، مثلا وضع ثمن المقعد البرلماني 60 ألف صوت في الإقليم وعشرة آلاف صوت في بقية مدن العراق، هذه الأرقام أضعها مثالا، وفي ذلك غبن كبير لشعبنا وقد وافقنا على ذلك في الانتخابات السابقة من أجل أن تمشي العملية السياسية لكننا لن نرضى على هذا الظلم في الانتخابات القادمة وسنلجأ إلى الحوار مع جميع الكتل البرلمانية في بغداد من أجل حل هذه المشكلة.
* هل توصلتم إلى حلول معينة بشأن كركوك؟
- هناك مادة دستورية (المادة 140) ويجب أن يتم تنفيذها، بغداد تعتقد أن موضوع كركوك يتعلق بالثروة النفطية هناك، ونحن نؤكد بأن الموضوع لا يتعلق بالنفط وإنما هناك التزام دستوري يجب تطبيقه، أما عن النفط فأراضي إقليم كردستان غنية جدا بالنفط والغاز وهم يعرفون ذلك. مشكلة كركوك يجب أن يتم حلها اليوم، لأنها تتعلق باستقرار الأجيال القادمة وباستقرار العراق، وكلما يتم تأجيل الحل فإن المشكلة تتعقد أكثر. نحن الآن لدينا قانون تم التصديق عليه من قبل برلمان إقليم كردستان (القانون رقم 5) الذي يكلف الحكومة بضمان حقوق الإقليم، كل الاستحقاقات التي قطعتها بغداد منا سواء كان موضوع بيع النفط أو رواتب البيشمركة أو الاستحقاقات الأخرى، وبعثنا رسائل بهذا المضمون إلى رئيس الوزراء نوري المالكي.
* ما يتم التثقيف عليه في بغداد هو أن الأكراد إذا أخذوا كركوك فسوف يتمتعون باقتصاد قوي وينفصلون عن العراق، وهذه قصة ليست جديدة كما تعرفون.. فهل بالفعل تريدون الانفصال عن العراق؟
- هذه قصة ليست لها أي معنى، بل ليس لها أي أساس أصلا، لماذا ننفصل عن عراقنا؟ إذا كان موضوع النفط والوضع الاقتصادي فمثلما أسلفت فإن كل أراضي إقليم كردستان فيها نفط وغاز، لكنهم يبحثون عن مثل هذه المبررات كي لا يحلون المشكلة.
* هل تعتقدون أن المالكي سيبقى رئيسا للوزراء لولاية ثالثة؟
- هذا سيعتمد على نتائج الانتخابات القادمة.
* هل ستدعمون بقاءه لولاية ثالثة؟
ـــ هذا موضوع سابق لأوانه، وهذا يعتمد على أداء ونتائج الانتخابات.
* كيف تقيمون علاقاتكم الإقليمية خاصة مع تركيا وإيران؟
- علاقاتنا جيدة مع الطرفين.. علاقتنا مع تركيا جيدة جدا، ومع إيران نفس الشيء. سياستنا الخارجية هي أن نحتفظ بعلاقات متوازنة مع دول الجوار، هذه كانت سياستنا وستبقى.
* هل هذه السياسة تتم على حساب الدول العربية.. إذ لم نشهد في الفترة الأخيرة تطورا في هذا المجال؟
- هذا غير صحيح.. تطور علاقاتنا مع دول الجوار لا يتم على حساب انحسار علاقاتنا مع الدول العربية التي هي عمق العراق، مثلا علاقاتنا مع السعودية متطورة وجيدة جدا وقائمة على أسس من الاحترام ولدينا اتصالات مستمرة مع الإخوة في المملكة. ومن نواحي الاستثمارات ووجودهم في الإقليم أكثر مما في السابق وهذا ينطبق أيضا على بقية الإخوة العرب، وكذلك مع بقية دول الخليج ومنها دولة الإمارات العربية، وكذلك علاقاتنا مع جمهورية مصر متطورة، وخصوصا التجارية، وعلاقاتنا مع الأردن جيدة.
* هل تصاعدت نسبة الاستثمارات المحلية والخارجية؟
- نعم.. النسبة في تصاعد مستمر خاصة وأن قوانين الاستثمار في الإقليم مشجعة للغاية لأصحاب رؤوس الأموال.