عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - حميـد الحريزي

صفحات: [1]
1
أدب / مسامير من طين- نص سائل
« في: 17:28 30/08/2021  »
مسامير من طين- نص  سائل

حميد الحريزي

بالونات
تعانق الحراشف
المتصحرة
تبحث عن خياشيم قردة
هاربة
تآكلت عبر تجريف
المد والجزر
أهدته علبة شهد
معتق في أقنية السلاحف
التي فقدت سر
الزحف
عفن في بطن محارات
جرفتها الأمواج
الحبلى
بشقائق مزيفة
أظهرت له أنياب
من فضة
قضم رأس الجرذ
الأحمر
تتثائب فوق جدائل
أسماك أكلت زعانفها
تقيأ البر صنارة
صياد
أعمى
قطعت الريح
براعمها  الخرساء
صاح الديك في مقبرة
الوجدان
أسحب
أسحب سنارتك اصطدت
 البحر
هرب الثعلب يزعق 
خوفا من عرف
الديك
نكحته بيوض النمل
المخبأة في مسبحة
مسعورة
سجنت أسماء الله
الحسنى
في أخر خرزة
لامست يد مؤذن ينكح
ماعزة حبلى
فوق جبل من جماجم
 عصافير الدوري
سجدت له
العقارب
خارجة من جوف الحوت
الأزرق
أدلهم الأفق دماء
من كبريت
أسود
فأبتسمت  السعالي
في حضن ولي الله
الأعرج


2
     
أصدار  كتاب  نقدي   جديد للأديب  حميد الحريزي

سيصدر قريبا عن دار رؤى للطباعة والنشر ، كتابي النقدي  بعنوان (قول في الثقافة والادب) دراسات في الرواية والقصة والشعر  للادباء عراقيين وعرب  ومن غير العرب . الذي يتضمن بالاضافة الى مقدمة الدكتور جليل ابراهيم الزهيري  خمسة أجزاء (ج1 مقالات في الثقافة ،ج2 مقالات في الرواية ، ج3 مقالات في القصة  القصيرة والقصيرة جدا ، ج4مقالات في سيرة مبدعين ، والجزء الخامس مقالات في الشعر ).
 نتمنى أن يروق لكم

3

                    البعد الفكري في روايــــــــــــة 
                 التصريف  الثـــــــــــــــالث 
                               للدكتور
          جليل إبراهيم الزهيــــــــــــــــــري


 

                   ((بين الحرية والأمر عداء مستحكم ))
                       ثيمة مستحدثة  وسرد شيـــــــــــق
بقلم : الأديب : حميد الحريزي
 
رواية  التصريف الثالث ليست رواية تسلسلية في المكان والزمان، ولا هي رواية بطلها شخصية محددة، وشخصيات ثانوية معلومة، ولكن الشخصية الرئيسة هي ظاهرة اجتماعية متوارثة، لها عمق  تاريخ في الثقافة الاجتماعية، بنية فوقية تستند على بنية تحتية ريعية استهلاكية لا تنتج سوى التقليد والاتباع والتمايز على مستوى الطبقة والجنس والعرق، وقد  قدم  الروائي للطبعة الثانية من روايته للتعريف بروايته قائلا:-
((هذه الرواية التي تتخذ شكلا سرديا مختلفا عن الاسلوب المعتاد في الروايات المتداولة، هي التصريف الثالث على كل الاصعدة اللغوية والذكورية والانثوية والبايلوجية والصوفية، حيث تبدأ أولا ببنائها الفوقي (اللغة) التي تكرس الفكر كقواعد وتنحدر الى قاع الجنس والعلاقة الاجتماعية المهلهلة المرتبطة به، وتنحدر اكثر الى قاع البايلوجيا الانسانية، قبل ان تضع لمسات على البناء الفوقي الاكثر خطورة وهو الدين الذي يضفي هالة القدسية على هذا التصريف.. قدسية تمتد الى اللغة والى القواعد التي وضعها للجنس والحياة الاجتماعية.)).
فعلا هذه الرواية ليست تقليدية لا من حيث الثيمة ولا من حيث أسلوب السرد، فهي حجر صلب يلقى في  بركة ركود التفكر، وصوت جريء يستفز واقع التقليد والسلوك المتوارث في  مختلف المجالات ومنها اللغة، والمكتب والبيت والجامعة وصوامع التصوف... إنه الكارت الاحمر يرفعه المثقف الواعي بوجه فعل الامر، هذا الفعل الدال على الاجبار وليس الاختيار، هذا الفعل الذي لا مكان له في اللغة بعد فعل الماضي والمضارع الذي يفيد الحال والاستقبال، ولكنه الحصن  الحصين  والصولوجان والعصا السحرية التي تتمسك بها القوة صاحبة القوة والهيمنة والتسلط سواء على مستوى الحكومات وطبقاتها المهيمنة على كرسي الحكم  التي لا يمكن أن يكون لها  وجود من دون الأوامر والفرمانات الصادرة فهي الآمر والناهي وأن سر بقائها وديمومتها يعتمد على دوام فعل الامر  واستجابة الناس بمختلف مواقعهم وطبقاتهم  لهذه الاوامر، وحفاظا على  فعل الامر تم ايداع الاستاذ السجن لأنه يريد أن يقتلع فعل الامر من اللغة، لأنه فعل الطبقات المسيطرة لفرض هيمنتها على الطبقات الخاضعة والمستسلمة لهذا الحكم بحكم التقليد والعادات المتوارثة، فالأستاذ ((فكر طويلا في العدالة المختلة في توزيع الزمن على التصاريف الثلاثة وقرر الغاء التصريف الثالث فهو لا يستحق العيش، فهو تصريف قلق الحضور يقع خارج الزمن ولأن الافعال تعني التحرك في الزمن لذا كأنه يخرج من أطاره الفعلي، وفي الإمكان الاستغناء عنه لتصريف الثاني المتسائل...)).
وباعتبار المؤسسات التعليمية بمختلف مستوياتها تابعة لسلطة الدولة وبما فيهم الاساتذة وأصحاب الرأي في الجامعات والمؤسسات الاكاديمية، لذك فإن الاساتذة يستنكرون فعله  بإلغاء التصريف الثالث، حتى أنهم حاولوا الاعتداء عليه ومحاولة ضربه لأنه انتهك السائد ودنس المقدس، رفض اقامة سمنارا لمشروع معجمه حيث يواجه بالرفض، والتطاول على  لغة القرآن كما يدعون، فعزف  عن اقامة السمنار لأنه (خشى أن يهدر دمه أو أن يقتله متشدد أصم أبكم)،  ففعل الامر  يحمل  معنى الاكراه والتسلط، وقد افحمهم عندما حاججوه حين قال لهم رداً على صراخهم واحتجاججهم العنيف ((اصمتوا وأسمعوني، لكنهم لم يصمتوا ولم يسمعوه))، ما يعني لا قيمة لفعل الامر هذا، إنها  ثورة ضد الكتب الصفراء التي عفا عنها الزمن وتجاوزها الواقع المعاش، ولم تعد تنسجم مع حلم الأنسان في التقدم والتطور والحرية...
 وكذا هو الحال فقد أنزعج المسؤول البلدي من محاولة الغاء فعل الأمر، فلا مدير ولا مسؤول بدون  فعل أمر، فبدون  فعل الامر أين يصبح  الرؤساء والامراء والوزراء وحواشيهم وأين يصبح وعاظ السلاطين وأهل  الامر والنهي، وخطباء المنابر...
 كذلك فإن الصحفي يبتعد عن الكتابة وفق التصريف الثالث فعل الامر ((إذا اراد أن يقول شيئا للمستقبل كان يورده في صيغة تمني مضارع حاضر، لماضي مغاير، إذ سرعان ما يصبح ماضي فيفقد أسباب الاختلاف ((نحن أناس نحب الاستقرار ونكره التصريف الثالث)).
الاستاذ  يسخر من الشرطة الذين جاؤوا لإلقاء القبض عليه  حيث قال للشرطي وبكل برود ((أقبض))، ويرد على أمر القاضي بالوقوف بأنّه واقف  فعلا  مما  يعتبره القضاء استهانة بسلطته فيقرر سجنه لستة أشهر... وهو حجة في ضرورة الغاء فعل الأمر، فالراوي يدافع عن وجهة نظره عبر اجاباته الذكية والرادعة لأوامر السلطات بمختلف توصيفاتها.
يثير استغراب السجناء في الزنزانة حينما يعلمهم بأن تهمته  هي إلغاء  التصريف الثالث (رأيت التصريف الثالث في اللغة فائضا لا حاجة له، واقترحت أن يلغى بالكامل فأني اراه لا ينسجم مع إنسانيتنا))  (فبإمكاني أن أقول لك اعطني قدح ماء، أن أقول (هل يمكنك أن تعطيني قدح ماء)..
وحينما يقتحمون السجن ويقومون بالتفتيش يعثرون لديه على قصاصات ورقية مكتوب فيها ((لا للتصريف الثالث.. لا للإكراه))، فيودعونه السجن الانفرادي حتى لا يحدث انقلاباً  في السجن...
يستمر الاستاذ على لسان الراوي بعرض اكراهات التصريف الثالث وفعل الامر، في  مكاتب المدراء والاساتذة، الذي لا يصمد طبعا أمام إغراءات الجنس اللطيف الذي يتمكن من كسر إرغامات وتعسف فعل الامر من قبل المسؤول بفعل تأثير فتنة الإغراء والجمال والغنج الانثوي الساحر الذي يحول الامر إلى مأمور  حينما يتزوجها، مما يدل على تهافت هذا الفعل (يلبي كل طلباتها التي لم ترتق الى درجة الأمر ولكنها غير قابلة للرفض).
توصيف لهيمنة الذكر على الانثى في العائلة الواحدة، فالأب  له السطوة على الزوجة وأمره مطاع، وأمر الذكر هو المطاع وواجب التنفيذ على الانثى، يحق  للذكر فعل ما لا يحق للأنثى، حتى أن الاب يشعر بالتململ حينما يبشر بولادة أنثى   ويستبشر ويقدم القرابين حينما يأتيه ولد.
إن الروائي يكشف زيف وتعسف هذه الامتيازات الممنوحة للذكر بدلا من الانثى بغض النظر عن العمر وعن الدرجة العلمية.
 تلاحظ هذا التصريف الثالث للفعل ((عندما ذهبت الى المدرسة وحضرت درس اللغة العربية، شعرت بالغربة ووجدت أن التصريف الثالث في الفعل لا يعنيها البتة، وأنها تجلس في آخر السلم العائلي)).
تهافت وهمجية فعل الامر الذي يحول دون تمتع التلميذ بالفيء بالقرب من المدفأة على الرغم من أن زميله يتخلى له عن مكانه  كونه  لا يرتدي معطفا يقيه من البرد، وبأسلوب  كيس لا يحمل علامات الاذلال يشتري له زميله معطفا ليقيه من البرد القارس دون أن يمس كرامته، ملاحظا مدى اعتزازه بكرامته وعزة نفسه حينما رفض رفع اصبعه ليعلن عن فقره  مقابل الحصول على الكتب مجانا، ويكتفي بكتب متهرئة قديمة.
يستعرض الروائي العديد من المشاهد ومظاهر كسر التسلط الذكوري من قبل الجنس الانثوي اللطيف في العمل على أن تكون لها ((خبرة سابقة ولاحقة)) وهو غمز إلى أن الانثى لتكون لها وجود وكسر فعل الامر الذكوري أن توظف  جسدها وجمالها وإغراءاتها في تحقيق ذلك ((قررت أن تكون لها خبرة سابقة ولاحقة وتأخذ الجمل بما حمل))، فلا بديل لها غير هذا  السلوك للحصول على عمل بعد تخرجها من الجامعة، وهي  إشارة الى عدم تكافؤ الفرص وتسليع المرأة دون الاخذ في الاعتبار تحصيلها العلمي وكفاءتها في العمل.
كما ينتقل إلى نزعة التصوف ومحاولة الانسان التحرر من عبودية الجسد والخلاص من استعباد  الطغاة والسادة، لينتقل الى عبودية الروح واستبدال الله بدلاً من المستبد، حيث يرى المتصوفة أن هذه العبودية إنما هي تحرر للروح لتسبح في فضاء الحرية الالهية، فليس هناك من طريق ثالث وعلى وجه الخصوص بالنسبة للمرأة كما فعلت (رابعة العدوية)، حيث  انتقلت من العهر والمجون إلى الزهد والعبادة والتهجد والاستغفار، تاركة كل مظاهر البذخ والثراء وليالي الأنس في مجالس السلاطين وأصحاب الثروة والجاه، فالروائي  يرى أن  جوهر الاستعباد والاذلال والاستغلال للإنسان من خلال  التصريف الثالث وفعل الامر، ويدعو أن يكون فعل الانسان اختياراً ونابعاً من قناعة ووفق أسلوب الترجي والطلب وليس بأسلوب الزجر والقهر والاجبار، ويرى أن هذا الفعل له فعل مضاعف على المرأة على الرغم من انه يمارس وبوحشية على الذكور أيضا في المجتمعات الطبقية والديكتاتورية بمختلف مسمياتها، مما يستوجب العمل على احداث تغير جذري في البنية الفوقية للمجتمع، وذلك  يستدعي تغييراً جذرياً في البنية التحتية، بمعنى خلاص الانسان من حكم الضرورة للانتقال  الى حيز الحرية وهذا التغيير لا يمكن أن يحصل في المجتمع الرأسمالي مجتمع الاستغلال والقهر الطبقي، وبمعنى آخر أن لا خلاص إلا بتطبيق شكل من أشكال النظم الاشتراكية  والانتقال إلى المجتمع الشيوعي وذوبان الطبقات فلم تعرف  البشرية غير هذا الخيار للخلاص من العبودية الجسدية والروحية والعيش في  فضاء الحرية. 
 في الختام أقول ليس سهلا الاحاطة بكل الأبعاد الفكرية والفلسفية والتنويرية لهذه الرواية المميزة، وقد اخترت  توجيه مصباح الكشف الفكري للرواية، بعد أن اطلعت على الدراسات الرصينة والمهمة التي تناولت الرواية تأويلاً أكاديمياً متخصصاً من حيث  الحبكة والسرد وسيمياء الرواية والابداع  أفني والحنكة السردية للروائي الجليل  جليل الزهيري، والدالة على الوعي العالي والعمق المعرفي للكاتب، وثروته اللغوية والثقافية وموهبته الشعرية، إلى ابداع رواية تعتبر إضافة نوعية للسرد الروائي العراقي وللمكتبة الروائية العربية...



4
                 العراقي بين عوق الداخل وغربة الخارج       
                             
                               رواية
                      للمفتاح وجوهٌ عدة
       
                       للروائي: مهدي علي  ازبين


بقلم الأديب: حميد الحريزي
 

العنوان/
للحياة مفاتيح عدة، الإنسان في مسيرته الحياتية تعترض طريقه أحلامه، رغباته، لقمة عيشه الكثير من الأبواب المغلقة؛ ما يتطلب أن يجد المفتاح الذي تفتح به هذه الأبواب، بالتأكيد ليست كل الأقفال متشابهة، بل هي متنوعة كتنوع الحياة الانسانية عموماً وحياة الإنسان العراقي على وجه الخصوص، نعم يوجد ((ماستر كي))، ولكن هذا المفتاح لا تملكه إلا السلطة وأصحاب المال والجاه.
بطل رواية ((للمفاتيح وجوه عدة)) اللامسمى، لأنه يحمل آلام ومشاغل ومصائب ليس إنساناً واحداً بعينه، إنما هو نموذج مصغر للإنسان العراقي المعذب، تمكن عبر الصبر والتحدي والأقدام من أقتحام الصعاب، وأن يحصل على مفاتيح تفتح مغاليق الكثير من الأبواب من أجل إنقاذ حياة صغيره.بلدعاجزعن شفاءعوق أبنائه ،  ولايأتمن على حياة مواطنيه...
لانريدأن نفقد القارئ من متعة تفاصيل الرواية ومجريات أحداثها، لكننا نسعى إلى إضاءة منحنياتها ودلالة حوادثها.
الروائي يوجه سهام نقده لواقع مؤلم ويكشف عن فضح الكثير من الإجراءات والقوانين السلطوية في العراق، منها مثلاً همجية الحروب القذرة الجنونية التي أفقرت البلاد وأذلت الإنسان.
نموذج (المطي) هذا الإنسان العراقي المحترم صاحب المال والجاه في حياته المدنية الذي أذله الجيش، أو ما يسمى بخدمة العلم، أي علم هذا الذي لا يحترم من يخدمه، يحتقره، لا يعترف بإنسانيته؟ حيث عرّف بعض الظرفاء الجندي في الجيش العراق ((هو ذلك الحيوان الذي يحدّه البسطال من الأسفل والبيرية من الأعلى، ويقسمه النطاق إلى قسمين متساويين))  والـ (ج. م. ح)  بـ ((جحش مربوط حساوي)).
إحساس الشاب العراقي عندما يلتحق بالجيش عليه أن ينزع  كرامته مع نزعه للملابس المدنية، وقبل أن يدخل المعسكر ويرتدي البدلة العسكرية، كما فعل (المطي) الذي عرف نفسه بالمطي هو وإخوانه من الجنود، فكلهم مطايا في جيش الوطن.
السؤال عن أي شيء يدافع الإنسان إذا سلبت كرامته؟ وعن أي وطن يدافع إذا كان هذا الوطن يسلب كرامته ويمسخ ذاته؟
الروائي يوجه ضوء الوعي الكاشف على هذه الشخصية الممسوخة في الجيش، لكنها المحترمة الكريمة المضحية المحبة عندما تكون خارج أسوار المعسكر.
يجب أن يكون هناك جندي وجيش منضبط ولكن بكامل وعيه وإنسانيته، يجب أن يشعر بأن الاعتداء على الوطن هو جرح لكرامته ومسخ لإنسانيته، حتى يستبسل في الدفاع عنه ضد أي غازٍ أو معتدٍ، بالضد مما كان عليه في عراق الديكتاتوريات حيث أخذ الأغلبية يرون في المحتل محرراً ومخلصاً لهم من نير وتعسف النظام الحاكم؟!
وفي الوقت الذي يروي فيه مدى جبروت وقسوة السلطة الحاكمة وأجهزتها القمعية، يوضح مدى هشاشتها وإمكانية اختراقها من قبل أبسط الناس كما هو دور أم اللبن والقيمر في النهضة وساحة سعد وبائعة السمك في العمارة، حيث تمكنت أن تهيئ عوامل ووسائل خلاص وهروب الضابط الكبير مع ولده، ليصل إلى بلد الأمان والسلام في النمسا.
•   يكشف الروائي الظلم والتعسف الذي مارسته السلطات الحاكمة في العراق ضد اليهود، وما تعرضوا له من الفرهود لأموالهم وممتلكاته وانتهاك حرماتهم تحت أنظار السلطة إن لم يكن بدفع وتشجيع منها في عمل متخادم مع الصهيونية العالمية، فبمثل هذه الممارسات الوحشية من قبل السلطات وبعض الجهلة من الناس، لا يبقى لليهود سوى إسرائيل والصهيونية العالمية ملاذاً آمناً لهم، وهذا ما كانت تخطط له إسرائيل بالفعل، وتمكنت من تحقيقه نتيجة عمالة الحكام العرب عموماً وفي العراق على وجه الخصوص وتسفيرهم اليهود العراقيين قسراً.
على الرغم من كل ذلك لم يتنكر الكثير من اليهود لوطنهم العراق ولذكرياتهم ومحبيهم، وهذا ما أبدته العائلة اليهودية من حب ورعاية للهارب العراقي وولده في النمسا، فمظلومية يهود العراق وسلب أملاكهم وعقاراتهم وبيوتهم ومصادرتها من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة ما زالت لم تعالج بشكل  قانوني عادل، ويعيد لهم عراقيتهم التي كانوا وما زالوا يتمسكون بها ويحنون إليها على الرغم من مرور عشرات السنين على ترحيلهم، وما زال الكثير من كبار السن ممن عاشروا اليهود وتعاملوا معهم؛ يتذكرونهم باحترام وتقدير لحسن تعاملهم ونزاهتهم  وسلميتهم، حيث عاشوا وسط العراقيين من مختلف القوميات والأديان دون أية حساسيات أو مشاكل تذكر،  ألا يكفي أن يسمى زقاق كامل على مقربة من ضريح الامام علي في وسط مدينة النجف باسمهم ((عكد اليهودي))، ولنا في مثال وزير مالية  العراق في أول حكومة وطنية عراقية من اليهود والكل يشهد بنزاهته وعلميته وقدرته الإدارية، وكان الكثير منهم رجالاً ونساء انخرطوا في صفوف الحركة الثورية العراقية وآخر مثال المناضلة الكبيرة سعاد خيري زوجة الراحل زكي خيري، التي رفضت التهجير وتمسكت بعراقيتها، ورفضت العيش في إسرائيل على الرغم مما تعرضت له في السجن والتعذيب والمطاردة من قبل السلطات المتعاقبة على حكم العراق.
•   يسلط الروائي الضوء على المستوى العلمي المتطور الذي وصلت اليه  بلدان (الكفر) النمسا وغيرها في مجال الطب والمعرفة ومدى الحس الإنساني المذهل تجاه من يحتاج مساعدتهم، وهذا ما جرى بالفعل للطفل العراقي الذي عجز كل أطباء ومستشفيات العراق عن علاجه وإصلاحه لساقه  المكسورة.
•   المحبة الكبيرة للإنسان من قبل العائلة التي تبرعت بعظم ساق ولدها الميت دهساً بسيارة لإنقاذ حياة الطفل العراقي، والاهتمام المذهل من قبل ام الطفل النمساوية حيث  تبرعت لزرع عظمة ولدها في ساقه واعتبرته امتداداً لحياة ولدها ولم تطالب مقابل ذلك سوى استمرار التواصل  وزيارة الطفل العراقي..
وبالإضافة إلى الرعاية الطبية الفائقة للطفل تم منحه الجنسية النمساوية وتعليمه في أرقى المدارس ليحرز أعلى مراتب المعرفة والثقافة وليتزوج من نمساوية، وقرر أن يستمر العيش هناك مدى الحياة بعد أن يودع والده الذي عاد الى أرض الوطن وقاتل قوى الإرهاب وليصاب إصابة خطيرة  تفقده حياته، وهنا يتضح لنا مدى تمسك العراقي بعراقيته  ودفاعه عن وطنه وشعبه والتضحية بحياته طوعاً من أجل ذلك حينما تتوفر له القناعة بعدالة الحرب التي يخوضها.
 خلف الضابط تسجيلاً مفصلاً حول حياته وحياة ابنه وما تعرض له من مصاعب وعقبات ومخاطر من أجل  شفائه، لتكون هذه الذكريات في عهدة (معز) الصحفي، ليصوغ منها رواية تحكي حركة المفاتيح في حياة فرد وشعب ومجتمع...
لغة السرد والحبكة الروائية:-
الروائي مهدي ازبين الذي يمكنني أن أصفه بصائغ الكلمات الناطقة، مهدي لا يكتب فعلاً أو عبارة في سرده للأحداث دون أن يكسبها الحركة والحياة، يؤنسن الفعل والعضو البشري والحيوان وحتى الجماد ويمنحه ذاتاً، فالرمش يرقص، واليد  تعزف، الفم يزغرد، الشجرة تومئ، الزهرة ترتعش، وبذلك فهو يجعل كلماته وعباراته مجسمات، صور ذات روح وخاصية التعبير عن ذاتها من خلال توصيف يجسدها (فم المستحيل)، (مدجج بالأسلاك)، (يفقد الصبر وقاره)، (توجيهات حادة الحواف)، (أحبو بخطوات تزحف على البلاط)، (كف الحزن)، (حسرات وداد)، (رذاذ طيبتها)، (ازحزح النعاس)، (سرير هامد)، (أصباغ تلهث).. الخ، وهذا يمتد عبر كل السرد الروائي، إنها إمكانية كبيرة للتلاعب باللغة وإجبارها على النطق لتكون العبارات صوراً في ذهن المتلقي، شعرية عالية وخيال واسع، وثروة لغوية مبهرة حقاً، هكذا وجدت مهدي في كل رواياته وقصصه.
كما أن الروائي أتبع أسلوب الحركة البندولية في السرد، لينتقل من مكان إلى آخر ومن حدث إلى آخر، ويتنقل في الزمان والمكان دون أن يخرج  عن الحبكة الروائية أو يخلّ ببنائها، فالنسج الروائي محكم وممتع لا يخلف الملل، ولكنه بالتأكيد يتطلب من القارئ أن يركز فكره حتى لا يضيع منه خيط السرد، أو يفقد تسلسل الاحداث وإن كانت منثورة على مساحة كل قارة الرواية من حيث المكان والزمان، فرواية ((للمفتاح وجوه عدة)) إضافة نوعية لرواياته السابقة ومنتج روائي عراقي مميز..



5
انتفاضة العرفاء الباسلة  3-تموز 1963


الاديب حميد الحريزي
 
قصة انتفاضة ((حسن سريع)) 3-تموز 1963 كما وردت في الجزء الثاني ((كفاح))من ثلاثيتي الروائية  ((محطات))... نجتزئها لكم بمناسبة ذكرى الانتفاضة المجيدة ضد الفاشية البعثية .
*************************
((ثم عاد"(("مظلوم)) الى  بغداد ، متنكرا  بزي  ابن الريف  قاصدا   كوخ  صديقه  العريف (( حسن  سريع))  في  سعيده ، الذي جمعته به  علاقة  صداقة   ورفقة حميمة  حينما كان يعمل في  المطبعة  ، وكان لهم آراء وأحلام وتطلعات مشتركة ، وقد   نشأت وتطورت  بينهما علاقات عائلية على مستوى الأسرتين  آنذاك ...
اما ((كفاح  )) فعلم  انًّه  قرر  ان  يغادر العراق  عبر  البصرة  فايران ، فالأتحاد السوفياتي  ان  نجح  في  اجتياز الحدود  بمعونة احد الرفاق من  حزب (( توده ))  الايراني ...
قصد ((حسن)) الى كوخه في  (( سعيدة))  بعد  ان    عاد من الدوام  في معسكر الرشيد ، فرحب  به  (( حسن ))  ترحيبا  كبيرا ،  واخذه بالاحضان  بعد  طول فترة  عدم لقاء بسبب  الظروف  الغير ملائمة المتلاحقة ، اعد له  وجبة غداء تليق  به ، افترشا حصير  (( الخوص))  وتناولا  وجبتهما  وهما يتبادلان  الحديث  والاخبار المؤلمة ، وما  جرى وما  يجري  من  انتكاسة كبيرة للحركة الوطنية العراقية ، نتيجة الانقلاب  الفاشي  الذي دمر كل شيء ، لمس  (( ابو كفاح))  حماسا   واصرارا كبيرا  من لدن  (( حسن) على مواصلة طريق الكفاح  رغم كل الصعوبات ...كما  انه  لمس  تقارب وجهات نظرهما في  فهم وتفسير  ما حدث ، فقررا  العمل  من اجل  اعادة البناء ،  وتواصل مسيرة الكفاح  وتحقيق  الاهداف  النبيلة  في ((  وطن  حر وشعب سعيد ))...
طلب  (( ابو كفاح )) من حسن  ان   يفتش  له عن  عمل ،  خصوصا  وانه  ناقش مع نفسه الكثير من الخيارات  التي تناسبه   من حيث   حرية الحركة  والتمويه  في  مثل هذه الظروف  الغاية في الصعوبة والخطورة ... وتوصلت ان افضل  عمل  يمكن  ان  يناسبني   حاليا  هو (( فلاح ))  او ((حدقچي))...
أي والله  خويه  ياريت  تشوفلي شغلة  فلاح  حدايق    للناس  التحتاج (( حدقچي )) وبيش ما چان ،  واني عندي چم فلس اشتريلي  بيهن  بايسكل  حتى اگدر افتر  عله  البساتين  والبيوت ، وبعدين هاي الشغله   راح  تبعد عني العين ـ  وتفسحلي المجال  بالحركة  في مختلف  المناطق  ودخول  مختلف  الدور .
-   استحسن (( حسن)) مقترح  رفيقه كثيرا  معجبا  بحماسه  وفطنته  وذكائه ، واخبره  بانه سوف  يكلف  احد  معارفه   فلاح  حدايق  وبساتين  حتى يدبرله  هاي الشغله   واعتقد هو محتاج  هچي واحد
بعد مرور  ثلاثة ايام ، قضاها   ((مظلوم )) بعيدا  عن  اماكن  تواجد القوى الامنية والحرس القومي ، اخبره  (( حسن))   بانه عثر له  على عمل  ، وسيعرفه  مساء اليوم  بصديقه الفلاح ، الذي سيدله  على اماكن عمله ، فقد اخبره  ان  ((  ابو كفاح )) (( شمران ))  ابن عمه ، وقد ضاقت  به  مدينة كربلاء فقرر البحث عن عمل في بغداد ، وبالفعل   تم له ذلك ،  حيث اعاره ((حسن))  بنطالا  قديما ،  وقميصا من  قمصانه ، واضعا  منجله  في حزامه ، ورابطا  (( الكرك))   على الدراجة ، مرافقاً   سيد نعمه  الذي استانسه كثيرا ، وبعد ان افطرا سوية عند  احد باعة (( الشوربه ))، اصطحبه  الى  اصحاب الدور  الذين  هم  بحاجة الى خدماته  لتنظيم والاعتناء بحدائقهم التي كان  هو  يعمل  فيها والان  هو مضطرا للانقطاع  لانه حصل على  عمل ((  فراش))  في احد المدارس  الحكومية  ، كذلك  فانه سيحصل  له  على عمل  في احد البساتين  القريبة  متى ما  اراد ذلك ...
وهكذا  كان ، ثبت  (( شمران ))  عناوين  ومواقع  واسماء اصحاب  البيوت  في  ذاكرته ، باشر عمله  في حديقة   دار احد  الاطباء ، بعد اكمل  مروره بالجميع واتفق معهم  على  أوقات  عمله  حسب جدول  يمكنه  من  رعاية كافة  الحدائق ...
خلال  مزاولته   على العمل  تعرف  على العديد  من  الشرائح الاجتماعية ،  ولمس  مدى الاختلاف  بين عائلة واخرى  من حيث  التعامل ، كذلك  على  اذواق اهل الدار في  حبهم  للخضرة وانواع  واشكال  النباتات  والزهور  والوانها ، ومدى انسجام وتناسق  الوان  طلاء الدار ، وأسلوب لبس  وأشكال مختلفة من الملابس ،  وقد  كان  يحدس  من خلال ذلك على  طبيعة   ومنهج حياة هذه  العائلة  او تلك ، ووفق فرضياته  واستنتاجاته  هذا  قرر طريقة التعامل  مع  هذه العوائل ، مع انه  حاول   عموما  ان يظهر بمظهر  الفلاح الساذج  الامي البسيط ، عبر لهجته   وملابسه  ، وعدم فهمه لمفردات الانسان  المديني  والمثقف ، ناهيك  عن الابتعاد  عن  كل مايتصل  بالشأن السياسي ...وقد  كان  يتقبل  على مضض بعض  الهدايا  والاعطيات  من  الملابس وبعض  المأكولات  والاكراميات  المالية ، وكان غالبا  ما يستجيب  للمساعدة في  عديد  من الامور وان كانت  خارج  مجال عمله ، ناهيك  عن غض بصره  وعفته  وامانته وطيبته  والتزامه الصارم  بمواعيده ووعده ، ومبادراته الدائمة  لتكون  الحديقة اجمل   وانظر ، مما جعل  اغلب العوائل  تألفه بسرعة  وتعتبره    مقربا من  الاسرة  تحرص  على  ادامة علاقتها  به ...
لفت نظره  احد  القصور الشامخة   حين دخولها ، فقد كان اللون الاصفر طاغيا  على  جدرانها  واقسامها ، الحديقة  تنتظم فيها  الزهور صفراء اللون ، فيا  تماثيل  اسود  ونمور  وذئاب ...
ناداه  بصوت بدوي  من داخل الدار :-
تفضل  يبه ، تفضل  يولد  دش ..هلا بيك  هلا بيك
-   اگعد هين ، اگعد هين ، وشسمك  يولد ؟؟
كان شيخا  ضخم الجثة ، يهيمن البياض على شعر رأسه  ولحيته  وشواربه ،تكتسي اسنانه  باللون  الاصفر ، فقد كانت  السيكارة لاتسقط من يده ، يمسك  بيده  الضخمة  عكاز  ذو قبضة ذهبية ، يتكأ على كرسي مجلل  بجلد  نمر ، معلق على جدار الغرفة  عدد من السيوف  والخناجر ، وبنادق مختلفة ...
-   نعم  حجي  اسمي ((شمران )).
-   من  يا منطقة انت ؟؟
-   آني  من اهل  العماره حجي .
-   اها  يعني  انت  شروگي يولد ؟؟
-   مثل  ما تگول  يمحفوظ
نادى  على  شاب  اسمر ليحضر القهوة ، حاملا  ((دلة)) فضية اللون ، مقدما  للشيخ  ول((شمران ))  فناجين القهوة  المهيلة ... وبينما  هما  يرتشفان القهوة ، دخل الديوانية  شاب  كثير الشبه  بالشيخ  يرتدي  زي  ((الحرس القومي))، خلفه  ثلاثة  منهم يحملون  رشاشات  البورسعيد ...
ودون ان يلقي السلام  ،  مستفسرا  باستغراب  من الشيخ :-
كيف  سمحت  لهذا  الشروگي  ان يجلس في مجلسك  ياشيخ ؟؟
انه  ضيفنا ولدي  وللضيف حق  الضيافة ، ديوانيتي ليست مقرا  للحرس  يجب ان تفهم  هذا ...
قال هذا  والتفت  الى ((شمران ))  قائلا:-
رح  شوف  شغلك بالحديقة  ياولد  ((شمران ))... في حين  رن  جرس الهاتف  طالبا ((حردان ))  الذي  يبدو  قائدا من قادة الحرس  القومي ، فتبادل  الحديث  مع   المتكلم على الطرف الثاني ،  قائلا  بانهم  منشغلون  جدا  في  متابعة  خيوط  تحاول  اعادة بناء خلايا  تنظيمية جديدة للحزب  الشيوعي ، وخصوصا  في  الجيش ... اظهر ((شمران ))  تشاغله  في قلع  الحشائش الصفراء  عن  ارض  الحديقة  في حين  كان  مركزا  انتباهه  الى   مجريات  المحادثة التليفونية  ل (( حردان ))  مع  رفاقه ...
فشعر (( شمران )) انه  الان  وفي المستقبل  سيكون  قرب  عدوه  اللدود  ، وتحت حمايته ، وسيكون مصدر معلوات  هامه  بالنسبة  له  ولرفاقه ، وعليه  ان  يتعامل مع ((الشيخ))  ومع  ولده  بذكاء كبير  وفطنة ، تبعد  عنه كل شك  في الوقت الذي تمكنه من الحصول  على الرعاية والمعلومة ...
كان  (( شمران))  لايعود  الى  كوخ  حسن  خالي  الوفاض  بل   يجلب  ما يحصل  عليه ،  ويشتري ما امكنه  من  خضرة او  فواكه  فكمية من اللحم قدر المستطاع ،  وان كان   ((حسن ))   كان  ينزعج  ولايوافقه  على ذلك ، فهو ضيفه  وهو غير عاجز  عن  ضيافته ، فكان  (( شمران))  يرده   بسؤال :-
السنا   رفاق  السنا  اخوة ؟؟ 
اذن لابد ان  نتعاون  ونشترك  في ادارة امور حياتنا  سوية ً.
فيسكت  حسن  مذعنا  لقوة حجة  رفيقه .
اثناء تناولهما  لطعام الغداء اخبر حسن  بما  حصل  له  اليوم  في  دار الشيخ  ((ابو حردان )) احد قادة الحرس القومي  واتعرض له  من  الاستجواب من قل الشيخ ،  ومضمون المحادثة التليفونية  للحرس القومي ، ومدى اهتمامهم  بمتابعة   الخيوط التنظيمية  للحزب وخصوصا  في الجيش  مما يستدعي  المزيد  من  الاحتراز والحيطة والحذر  من  الاندساس  او  انهيار احد  العناصر ، وعدم الثرثرة  في الاماكن العامة، اشبعا  الامر نقاشا  واتخاذ بعض التدابير  الضررية  لصيانة العمل ...
 كان  حسن  يبدو  ل((شمران))غاية في  الانشغال   والانهمام بامور شتى    غير معروفة  بالنسبة له ولايمكنه  ان  يطلب  منه معرفتها ،ولكن ليس من الصعوبة حدس  ان  دماغ  حسن  منشغل بامر غاية في الاهمية والخطورة ، ولاشك  انه  يتعلق بالحزب  والوضع  السياسي  القائم ...
كان  امر  اعادة الصلة بقيادة الحزب  هو جل  مايشغل  بال (( شمران ))، لذلك  فقد  كان  يقوم في كل  يوم  بجولة في   مختلف  مناطق  بغداد  عسى ان  يلتقي  باحد  الرفاق  ممن له صلة  بالحزب ،  او ممن  يريد  التواصل ، يعني  كانت مهمة  مزدوجة   في لم شتات الرفاق واعادة صلتهم  بالحزب ...وقد كان لايخفي كونه   يعمل فلاحا  في  بيت   الشيخ  ((  ابو خالد )).
كانت ((غزاله)) الشغالة في د ار  احد الاساتذة  الجامعيين  ، امرأة  لم تغادرها حيوية  ونظارة الشباب  بعد ، سمراء عيناء مربوعة ، تفيض ملاحة  ولطفا وعذوبة  وطبية ابنة الجنوب ، تزين ،  مابين حواجبها ، وعلى خديها ، وشم  ازرق  امتد من حنكها  على  مقدمة رقبتها، استلطفت  (( شمران)) كثيرا ، وغالبا  ما ترهف  السمع  له وهو يدندن  بصوته العذب  احد  اغانيه الريفية المثيرة للطرب  والشجن ، كانت  ((غزاله)) تختلق  الاعذار لتكون    بالقرب منه في  حديقة الدار ، فمرة تجلب  له  الماء او الشاي ، واحينا ((لفة))  اكل ، او  فاكهة ...مما جعل  سيدتها  تضطر احيانا لمناداتها   او تخرج للحديقة لتفقدها  لحثها  على القيام  بعمل  ما ، وقد  كانت  تلحظ  اهتمامها بتنظيف  الحديقة  عند  حضور ((شمران ))،  فتظهر على محياها  ابتسامة  ذات مغزى ، فتغمزها
ها عيني  ((غزيله )) ، عيني الحديقه  دينظفها  ((شمران )) ، انت  شدتسوين ...
-   ها عمه  مثل  متگولين  صدگ الحديقه   مخليه   ((شمران))  ترگص  رگوص ،  ورد الجوري  والرازقي   صاير يخبل  من ريحته  وحلاته ، عمه  من اچه ((شمران))،  اچت  للحديقه  روح  جديده ، شوفيه  شلون  حنين  ويه  الورد  والاشجار ، والثيله  ،وريحته  ترد الروح
-    أي  عيني   الله  يخليه ،  بس  يلله تعالي  بسرعه  شوفي  شغلچ بالمطبخ ...
-   صار   ، صار عمه ،  عيني فدوه  لعيونك ((شمران )).
غالبا  مايشعر (( شمران))  بالاحراج ، وهو العليم  بما  تريده  هذه  ال((الغزاله ))، ولكن   هو  الان  باي حال ، ياليتها  تعلم  ما  انا  فيه (( خايبه  اني  وين  وانتي وين ))،  وقد  نقله  خياله  الى ايام الفتوة والشباب  وذكريات  الحب  والعشق  والغرام ، ولكنه الان  هائم في عالم  آخر ،  هو الان  عاشق لقضية  كبرى  هيمنت على كل حياته ...
بعد ان  تناول  قدح الشاي  وقطعة الكيك  التي جلبتها له  (( غزاله))، اخرج  باكيت   الجمهوري ، ولع  سيكارته ، وقد لاح له  خيال   حبيبته  ورفيقة دربه  حياة ،  وولده  كفاح ،  وعزيزته  ((سعوده )) ، نفث  دخان  سيكارته على شكل دوامة من دخان ، اثارت  تحسس وريقات  ورد  الجنبذ الاحمر ...
واصل  عمله   حيث قام  بتشذيب النخلات ، التي  تصورهن  لجمالهن  وصفتوتهن  كانهن  صبيات مراهقات ، مثقلة صدورهن   ب(( عثوق))  التمر البرحي ، كانها  نهود  متمردة
قام  بازالة  السعف اليابس ، والكرب الزائد ،  كحلاق  يقوم  بتجميل وتصفيف شعر  فتاة  في  يوم  عرسها ،  يجملها  يصف لها  سعفاتها  يزيل من حولها  الاعشاب ، يعدها  عروسا مدللة في  احضان  امها  الطبيعة ، تستعد لاستقبال عريسها  ليلة الزفاف  ، يسرح  في  خياله ، واستمتاعه  بعمله  وكأنه في  بستان   اهله   ايام  فتوته وشبابه  وسط مزارع ورائحة عنبر المشخاب ...
لم يصح  من تخيلاته  الا بعد أن  وضعت  (( صينية)) الغداء  امامه  بيد  ((غزالة))  بامر من سيدة المنزل  وهي موظفة  في احد دوائر  الدولة ، تتمتع بنبل  الخلق والانسانية الطافحة بالمحبة  والكرم  خصوصا   عندما تكون في الدار عند  مجيئ ((شمران ))  لدارهم...
تناول  غذائه الشهي  من  التمن العنبر ،  ومرق  البامياء ولحم الغنم ، والخبز الحار  متمنيا لو شاركه  بها  رفيقه  ((حسن ))... بعد ان اكمل  ناولته  (( غزاله)) قدحا من الماء البارد  وقدحا من الشاي  محاولة  ان  تتلامس  اصابعها  مع  اصابعه(( يلزارع البزنگوش ازرعلي انه  ورده ))، يتحرز  ويتحرج  ((شمران )) كثيرا  يتناول القدح  بحذر ،  شاكرا  لها حسن رعايتها ، متابعا  مشيتها  المتبخترة وهي  تجر عجيزتها  الرجراجة  المشتهاة ، وضفيرتها  التي  تنساب  على ظهرها  معانقة مرتفاعات  وركها الهزاز  وهي تسير في ممر الحديقة  أمام ناظريه ...
جمع اغراضه ،  ثم  قاد دراجته  مودعا  اهل الدار ...
خارج الدار   ثبت ((الكرك)) على الدراجة ، مع  حزمة من  سعف النخيل ، والكرب ، ليستفاد منه  وقودا  لتنور    بيت حسن ، وهو  يقود  دراجته  قبل ان يركبه في الشارع العام ، احس  بوقع خطى  تتبعه ، التفت  فشاهد  غزاله  تسير خلفه ...
-   ها عيني  ((شمران )) آني هم  رايحه  لبيتنه ، عمتي انطتني  اجازه  اليوم ، لك عيني  اني  اشم بيك ريحة اهلنه ، والله  داده  من اشوفك ترد روحي ، ومن اسمعك  تدندن  بصوتك الحلو  تذوب  روحي ...
-   عيني  ((غزاله))  انا  اشكرچ هوايه على  اهتمامچ بيه  ،  ولطفچ، وهاي  اهيه طبايعنه  احنه الفقره  واحد  يحن للثاني . بس انتي منين وشجابچ لهل الشغله ؟؟
-   ولك  داده  انه  جابني الوكت ، اني  اطوني  لرجال  شايب فصليه ، ما  عشت  وياه  سنه  وراح لدار حقه ،  ورديت  انه لهلي ،الساكنين  بمدينة الثورة ، بعد هدم  الزعيم  الاكواخ  وبنى لنا  دورا جميلة تأوينا ،  وحالتهم  تعبانه  حيل ، فاضطريت  اشتغل  هل  الشغله  عد  هذوله الناس الطيبين ، الله يطيهم ما  مقصرين وياي ، يطوني  ثلث دنانير بالشهر ولبسي  واچلي عليهم ، ويكرموني  بالمناسبات ، ويطوني    الملابس الزايده  واكل ، اخذه  لامي  وابوي  واخوتي ...
 چان  جيرانه  خوش  ادمي  راد  يشوفلي شغل  بمعمل  الزيوت  ،  لكن  مناعيل الوالدين ، حبسوه وره  ما كتلوا  الزعيم الله  يرحمه ،  وبعد ماعرفنه  عنه  أي  شي ، يگولون چان شيوعي ... من صار الانقلاب عله الزعيم ، چان عدنه  ((اميمن ))، اشو من اجو الحرس القومي ، نزع  صايته  وعمامته  ولبس حرس  قومي  وگام  يلگط  بالوادم  نسوان وشبان  وشياب ، علبو  شيوعيه  لو من ربع  الزعيم ، يريد ياخذ بثاره  والله ليش نزلوه  من  المنبر  لانه  حرم  عله الفلاح  اخذ الگاع من الاقطاعيين  حسب قانون الاصلاح الزراعي ، وگلب الدنيه  عله   القانون  الي  اطه حقوق  المره .
عيني  وينك  يلزعيم ، دمعة عيونها وهي  تخرج   مدالية  معلقة في صدرها  تحمل صورة الزعيم ، خويه  صدگ  شافوا  الزعيم  بالگمر ؟؟؟
ابتسم ، ((شمران))، قائلا:-
-   ((غزاله))  شدي حيلچ وديري بالچ عله اهلچ وشغلچ، وماكو شده   واله  فرج . وهسه الله  وياچ .
-   الله وياك عيني  ومصحوب  بالسلامه ، من فدوه اروح  لهل  الجهامه
احس ((شمران)) بانه يمر بمأزق جديد ، لايدري  كيف  سيتعامل  معه ، يبدو  ان هذه  الفتاة قد وقعت في  عشقه ، والنساء عندما تعشق تكون  كالمجنون ، لاتفكر بعقلها ابدا ، وانما تكون  تحت   هيمنة  عاطفتها ، انها شابة تعرضت للظلم  والحرمان  والقهر  الاجتماعي  في  ظل تخلف  العادات والتقاليد الاقطاعية والعشائرية  السائدة ، وهي تحاول  بكل وسيلة   ان   تعيش في كنف رجل يرعاها ويحترم مشاعرها  ويحرص عليها ، يشبع لها  رغباتها  الجسدية والروحية ...
ولك هاي  شلون شغله  ((يمظلوم)) لو ((حرس قومي ))  لو ((غزاله ))، ها يشلون راح تراوسه ، هسه  ((الحرس القومي))  ومگدور عليه ، لكن هاي  الراح  تغط  بالحب  شنسويله ؟؟
من أجل ان يعطي  لنفسه  فسحة من التأمل  لما  هو عليه ،  تأمل المزيد  من الظواهر  التي يشهدها  البلد في  هذه الاوقات ، عليه ان  يدور الاحداث  في مشغله الفكري والمعرفي  لغرض تظهيرها على حقيقتها ، ماهو الرئيسسي وما هو الثانوي  في طبيعة الصراع الدامي الجاري في البلاد ، في ظل  بلد  ودولة ريعية ، تعتمد الثروة البترولية مصدرا رئيسا  للدخل ، لم تهتم  بتطوير ولا بتدوير عجلة  العمل المنتج ، ادخال  المجتمع في   اتون الثقافة الاستهلاكية ، وبالتالي  المزيد  من الاضعاف للطبقة البرجوازية الوطنية المنتجة ،  ونقيضها الطبقة العاملة ، مع تبعية موضوعية للطبقة المتوسطة للسلطة الحاكمة ، لانها مستوظفة عندها  ولا تمتلك  ذاتها واستقلاليتها  كما هو الحال في المجتمعات الصناعية المتطورة  في البلدان الرأسمالية ،وكل الشواهد تشير الى فشل  نظرية ومنهج  التطور الرأسمالي صوب الاشتراكية  بقيادة  البرجوازية  ((الثورية)) وهما  كما تصورها  مروجا  هذه النظرية ، فالطبقة الحاكمة  هي خليط من بقايا  الاقطاعية  والبرجوازية الطفيلية التابعة  بما يمكن وصفها  بالطبقة (( الاقطاوازية )).
إنَّ حالة الميوعة الطبقية  وتداخل الطبقات الاجتماعية  ببعضها ، وتحولاتها  جماعات وافرادا من  حال  الى حال  ومن موقع الى موقع ، لايمكن ان يخلق  و لايمكن ان  ينتج  طبقة عاملة  واعية لذاتها ، تتمكن من رفع راية الكفاح  من اجل اقامة المجتمع الاشتراكي ، مما يتطلب  ان  تكون هناك  شريحة   ثورية  واعية لاوعيها  وتردي موضوعها تمسك  بالسلطة السياسية ،  تعمل من اجل  تطوير وتثوير طبقات اجتماعية منتجة  مستقلة عن المركز الرأسمالي  الاستغلالي ،  وهذا  يتطلب  العمل من اجل تحقيق ذلك  بالاستيلاء على السلطة  بالقوة  سواء بانقلاب عسكري ، او بثورة  شعبية مسلحة ...
حينما توصل  الى هذا الاستنتاج  اخرج  علبة سكائره   مشعلا سيكارة الجمهوري الحارة ، نفثا  دخانها  بعيدا  كمن  يزيل  عن  صدره  هما ثقيلا ،   يشعر وكانه   تلميذ  تمكن  من حل  مسالة  رياضية  في قاعة الامتحان ...
ركب  دراجته  وسار مسرعا  خشية ان  يتأخر   عن وقته المحدد الى دار ((حسن))   مما قد  يثير  مخاوفه  وقلقه  عليه ، كما  انه  يشعر بانه   حامل اليه  حل معضلة فكرية كبيرة  ستطرد حالة الضبابية والغموض المهيمن على  الوضع السياسي والاجتماعي العام  في  البلاد ، يشعر بأنه قد وجد  مفتاح  الحل  الذي يجب  اتباعه   لبناء (( وطن حر وشعب سعيد ))... يعطيه  هذا الشعور   قوة مضافة  للضغط على  دواسة الباسيكل  ليندفع مسرعا ملتهما  الشارع  الاسفلتي  صوب  قرية (( سعيده))...

6
روايــــــــــــة
ســــــــــــــــــــــــلم بازوزو
للروائي
عامر حميو


 
                                                 
((نحن كلنا...كأن أمهاتنا ما ولدتنا إلا لنعيش في البئر)) رص180


بقلم :- حميد الحريزي
 

((أنا بازوزو ابن حنبو ملك أرواح الرياح الخبيثة، التي تخرج عنيفة من الجبال وتفعل الخراب، هو أنا)).
السلم كما عرفه الناقد الكبير ياسين النصير ((يشكل الوسيط الحيادي عندما تكون الحركة مشتركة بين علو وانخفاض، حيث لا تتبني إلا نفسها... ليس للسلم ظهر مختف فاعل)) ياسين النصير– شعرية الأشياء– دار مكتبة عدنان للطباعة والنشر ص142.
و((السلم طاقة التمرد على الأرضي)) المصدر السابق نفسه ص 144.
سلم بازوزو بالنسبة للعراقيين يمتد لمئات من السلمات، منذ عهد  البابليين والآشوريين، وما بعد هذه العهود حيث تعرض العراق ومن سكن العراق للظلم والقهر والتشرد من قبل حكامه قبل محتليه ومستعمريه من الرومان والتتر والفرس والتركمان والانكليز والأمريكان.. ورافق ذلك ظلم وتعسف آشور  ونبوخذنصر وأبنائهم وأحفادهم، ومن الأمويين والعباسيين وولاتهم ومن الملك الأول وأولياء عهده وفي عهد الجمهورية الأولى والثانية والثالثة وما بعدها حتى جمهوريتنا ((الديمقراطية)) الحالية المحروسة بظل تمثال الحرية الامريكي وعمامة ولي الفقيه الإيراني.
نريد أن نقول لزميلنا الروائي عامر حميو إن هذا البئر يتجاوز الـ ((34)) سلمة بعشرات لا بل بمئات المرات، إنه موغل في عمق التاريخ لبلاد النهرين، بلد أرضه وتاريخه أسود، لم يشهد  تاريخه الممتد لآلاف السنين عاماً أبيضَ ليعيش شعبه عام حرية ورخاء وهناء.. بازوزو اختص بهم لا بغيرهم، عشق دماءهم ودموعهم وجوعهم وتشردهم الدائم، حياته تنتهي حالما يبتسمون، حالما يفرحون حالما يأمنون لذلك، بذل كل طاقاته وقدراته وعون آلهته ليؤبّد بؤسهم وشقاءهم..
فكان الكاتب موفقاً تماماً في اختيار أسطورة بازوزو ليسرد تاريخ وتحولات المجتمع العراقي الاقتصادية والسياسية والثقافية خلال ما يقارب السبعين عاماً وهي حياة جيل بكامله، حيث ترعرع في ظل الجمهوريات المتعاقبة على حكم العراق، واختار الجد ليروي إلى الحفيد، ومن بعده الأب ليروي للابن (برهان العسافي) الولد الوحيد لأب ضرير وأخو البنات ومعاناتهم المريرة من شظف العيش..
(برهان العسافي) كان شاهداً على أساليب السلطة البعثية  الإجرامية ضد القوى السياسية كافة التي رفضت الذوبان في حزب البعث أو على الاقل الانضواء تحت خيمته والتسليم بهيمنته وقيادته للبلاد كحزب قائد يجب أن يخضع لسلطانه الجميع ((كل عراقي بعثي وإن لم ينتم))،هذه الهيمنة التي تحولت من هيمنة الحزب الواحد إلى هيمنة الفرد الواحد ((القائد الضرورة)) الذي لا قول إلا قوله ولا فعل إلا فعله ((لا حياة بلا شمس ولا كرامة بلا صدام)) له كل الأسماء الحسنى..
الإنسان بين القوة والضعف:-
يروي لنا الراوي العليم مواقف السجناء السياسيين داخل قصر النهاية، هذا الذي وصفوه ((بدرب الصد مارد))، فمن يدخله لا يخرج منه إلا جثة هامدة مشوهة أو مقطعة الأوصال أو بلا جثة حين  يلقى في أحواض التيزاب ليذوب لحمه وعظمه..
في داخل هذا السجن الرهيب يظهر معدن الإنسان ودرجة تضحياته من أجل عقيدته ومبادئه، بين الصمود والانكسار، بين الشموخ والخضوع، بين حفظ الأمانة وخيانة الرفاق، ففي الوقت الذي يقول فيه السجين (طالب باقر عيدان): ((لو قطعوني أثر قطعة.. لن أنطق بحرف واحد)) ص30.
في حين ينهار (قاسم) بعد أول ((صونده)) ويعترف على (23) فرداً ممن يرتبط بهم، في حين يقول المعلم (شاكر): ((إذا استدعيت للتحقيق ثانية فسأعترف على زوجتي)) ص27، وبالفعل ((وفى المعلم شاكر بعد يومين بوعده، معترفاً على زوجته، ثم تناقل الوافدون، الآخرون لاحقاً، إنهما أعدما سوية)) رص28 . أي أن مصير الصامد والمتخاذل واحد هو الموت في كل الأحوال.
ويصف لنا مشهد السجين الذي اتخمه ناظم كزار بشراب البيرة لتنتفخ مثانته ثم يشد قضيبه حد القطع من أجل إجباره على الاعتراف وعلى الرغم من ذلك يأمر الجلادين بإنقاعه ((في الحوض إن اعترف أو لم يعترف)) رص25.
يروي لنا أساليب القمع الوحشي لزمرة البعث بقيادة ناظم كزار الفاشي في قصر النهاية- القصر الذي لا حياة ترجى لمن يدخله- وكيف كان يذيب أجساد المنتمين للأحزاب الأخرى من شيوعيين أو إسلاميين بأحواض التيزاب، وأساليب أخرى مبتكرة بحاجة إلى كتاب كامل لتوصيفها والتعريف بها، من قلع أضفار، والتعليق في المراوح، وإدخال القناني الزجاجية في الشرج، والقطع بالمنشار الكهربائي، والفرم بماكنة الفرم، والاغتصاب وووو.. عند حكمه في 1963 وفي  1968 لغاية 2003.

مشاهد الموت والقتل في جبهات القتال:-
يروي لنا الكاتب على لسان الراوي (برهان العسافي) مشاهد مؤلمة من حروب القائد الضرورة مع إيران آو حرب الخليج، وحالة القمع الدموي لكل من يرفض العسكرة والانخراط في جيشه وجيشه الشعبي، حيث سيكون مصيره الإعدام رمياً بالرصاص أمام انظار الناس كما حدث في معسكر المسيب، وكما حصل عند إعدام (احمد)  صديق (برهان العسافي) وعدد آخر من الفارين من خدمة ((العلم)) كما كان يسميها الحكام لاستعباد الانسان العراقي تحت رمزية وقدسية وطنية مزيفة لا تقيم وزناً للإنسان وفكره وكرامته، في حين تطلب منه أن يضحي بحياته للدفاع عن العزة والكرامة التي لا تعني إلا عزة وجبروت الحاكم وحزبه وزبانيته، حيث كان الجندي يعرف نفسه في ذلك الزمان بأنه ((ذلك الإنسان الحقير الذي يقع ما بين البيرية والبسطال ويقسمه النطاق إلى قسمين متساوين))، وكانت تمارس ضده  أبشع إشكال الإهانة والإذلال من قبل الانضباط العسكري وفي معسكرات الضبط الإجرامية، ناهيك عن فرق الاعدام في خلفية كل القطعات العسكرية على الجبهات التي تمتلك حق الاعدام الفوري لكل هارب من خنادق الموت وجهنم السواتر القتالية.. فكان الجندي العراقي ينزع كرامته ويرميها جانباً ويصبح ذاتاً ممسوخة لا قيمة لها حالما يرتدي اللباس الخاكي ويتحول إلى رقم ليس أكثر ويترجم توصيف جندي مكلف احتياط ((ج م ح)) بـ ((جحش مربوط حقير)).
يصف لنا الكاتب عبر مشاهدات ومعايشة الراوي (العسافي) حالة الجنود في الساحات وفي القطارات وفي المواضع القتالية التي امتازت بالضجر واحتقار الذات واللامبالاة والحرمان من كل أحلام الشباب في الحب والتمتع بحياة آمنة مستقرة، ويصف لنا بعض المغامرات الغرامية للشاب العسكري المتمرد على أوامر السلطة كما هو احمد الذي تبع وتمتع مع بائعة القيمر الشابة المحرومة من زوجها في جبهات القتال، فارتضت الخيانة والعهر لسد حاجتها الجنسية والمادية عبر ممارسة الجنس مع الجنود الشباب المكبوتين والمحرومين، حتى انتهى به الأمر قتلاً بنيران الرفاق بتهمة الجبن والخيانة والهرب من معركة العزة والكرامة قادسية صدام المجيدة..
كما أن الروائي أراد عبر تنقلات الجندي (برهان) أن يوضح ان اختلاف الرقعة الجغرافية لا تعني اختلاف التعامل والسلوك وأساليب الترهيب للعسكر العراقي، سواء أكان في خنادق الجنوب اللاهب أم على قمة جبل قنديل المتجمد أو في الوسط حيث معسكر المسيب والمحاويل..
فالجندي مغلوب على أمره، المطلوب منه دائماً "نعم سيدي، صار سيدي، تأمر سيدي"، رغم انه غير مقتنع في كل معارك السلطة الحاكمة التي تضطره أحياناً لمواجهة شقيق له يحارب في معسكر المعارضة ضد النظام وهو يتعاطف معه تماماً ومنحازاً لقضيته، كما في مواجهة قوات الأنصار والبشمركه في شمال الوطن مع القطعات العسكرية، ولكنها لغة السلاح فأما قاتل وأما مقتول وليس هناك من خيار وأي خيار صعب يوضع فيه الإنسان وهو مسلوب الإرادة..
قصة حب في زمن الحرب:-
يروي لنا الروائي قصة حب رائعة نقية مشوقة بين (ندى) وهو ترميز للخصب والارتواء والرقة، حيث يقول ياسين النصير في الندى((الندى الأنثى المائية الهادئة الشفافة التي تلقح الضوء والشجر والرؤية)) ياسين النصير- شعرية الأشياء- دار ومكتبة عدنان للطباعة والنشر 1 2018 ص . 153 ابنة مدينة بابل الجميلة الطالبة في معهد الصحة- فرع الصيدلة في البصرة، حيث يتم التعارف بينها وبين الجندي (برهان العسافي) في القطار أثناء السفر من الحلة إلى البصرة، ورغم آلام الحرب وقساوة الحياة والخوف والرعب واصل (برهان العسافي) علاقته بالندى بالجمال بالخصب خلال نزوله إلى البصرة بعدم التعرض عندما كانت وحدته (كتيبة الراجمات) في البصرة، ويستمر التواصل ولكن وحش الإرهاب والرعب والحرب لا يرحم ولا يعرف معنى الحب والرقة والندى فيتمزق جسد ((الندى)) أشلاءً اثر تفجير السيارة التي كانت تقلها في الحلة إلى المستشفى التي يرقد فيها حبيبها (برهان) الذي أصيب بجروح في جبهة القتال، فتموت دون أن تكتحل عيونها برؤية الحبيب..
نعال (أبو تحسين) نعال الشعب يصفع جبهة الديكتاتور وحذاء (منتظر) يصفع علم المحتل:-
تستمر حروب الديكتاتور وتوجه نيرانه الهوجاء هذه المرة صوب الشقيق البلد العربي الكويت، ليواجه أكبر وأعتى قوة وتحالف في العالم بعنجهية وغباء بدوي أحمق وحداء متوحش ((يا حوم اتبع لو جرينه))، متنكبا سلاحه الوهمي ((اللي يهلطهم هلط))، وبقوة ((الويلاد أولاد الجريه))، فيتعرض إلى هزيمة كبرى مفجعة راح ضحيتها آلاف الشباب طمراً في خنادق الصحراء أو حرقاً في باطن الدبابات والعجلات المحروقة، فتكون الانتفاضة الكبرى للشعب الغاضب وهتافه ((لا ولي إلا علي نريد قائد جعفري))، حيث تسفر((الانتفاضة)) عن توجهاتها الطائفية وانحيازها لإيران الإسلامية، مما يثير حفيظة الأمريكان، ويسهل للنظام إمكانية قمع الانتفاضة عبر حرسه الجمهوري وطائراته السمتية وصواريخه أرض- أرض، بعد أن وقع ذليلاً على بياض للأمريكان في خيمة الذل والهوان خيمة (صفوان)...
وقد وضع الشعب العراقي في جهنم الحصار الاقتصادي الاجرامي ليعاني الجوع والمرض والتشرد بدعوى محاصرة ومحاربة النظام الذي استغل هذا الحصار أبشع استغلال لتركيع الشعب العراقي وإذلاله وتطويعه كعقوبة لتمرده وانتفاضته الجبارة ضد نظام حكمه، لقد تخادم الطرفان أمريكا والديكتاتور ونظامه لتهيئة الارضية الاجتماعية والنفسية لاحتلال العراق وإذلال شعبه. وقد خطف المحتل الامريكي خيار الثورة ضد احتلاله من خلال جلبه لمعارضته معه عبر قوى القاعدة والإرهاب الداعشي مدعية الثورة ضد المحتل وضد الطبقة السياسية التي حكمها على رقاب العراقيين.. هذا كلام يطول لا نريد آن نسهب فيه، لكننا نريد القول ان الروائي تابع كل التحولات والأحداث المؤلمة التي تعرض لها الشعب الذي وضع بين سندان الديكتاتورية ومطرقة الاحتلال.
في الوقت الذي  يمتلئ جيب المحتل والكويت بالمكاسب واقتطاع الاراضي العراقية وفرض الغرامات المليارية كتعويضات حرب،  يملأ الديكتاتور أرض العراق بجثث العراقيين عبر مجازر جماعية للثوار، فيستأسد المهزوم على شعبه ويصفه بالخائن الغادر، ناقلاً توصيفاته وهزيمته وجبنه لينسبها لأبناء شعبه الأحرار الثوار وبالتخادم مع المحتل الذي أسقط تمثاله وجبروته في ساحة الفردوس لتتحول إلى ساحة الذل والهزيمة وليسطر (أبو تحسين) صفعات نعله على جبهته المهانة، ففي الوقت الذي سلم الديكتاتور العراق لأمريكا الاستغلال والاحتلال، تمكن الامريكي من خطف الثورة من أبناء العراق للقضاء على ربيبها الديكتاتور العاصي والمتمرد على أسياده، وقد جاء حذاء (منتظر) ليصفع رمز الاستغلال والاحتلال علم الأمريكان تعبيراً لرفض العراقيين للمحتل وللطبقة السياسية الجبانة التي نصبها على مقاليد العراق. ((راحت فردة حذائه تلتف حول حجمها الصغير في الهواء في بث مباشر عبر القنوات الفضائية العالمية، وربما بينها ذات الكامرة التي صورت قبل خمس سنوات فردة نعال ابي تحسين بضرب الصورة))، ألحقها منتظر بحذائه الثانية مخاطباً بوش ((هذه قبلة الوداع من الشعب العراقي يا كلب)) رص 162.
عدالة الديكتاتور:-
إن وحشية الديكتاتور كانت شاملة لكل شرائح وفئات المجتمع العراقي وأطيافه وقومياته وأعراقه، وقد كانت شاملة لكل القوى والأحزاب السياسية مهما كانت مسمياتها، فالديكتاتور مهووس بالسلطة ومصاب بفوبيا الخوف من المتآمرين، ولم يثق حتى بأقرب الناس إليه لأنه مارس القتل والخديعة والتآمر على اقرب رفاقه وأقربائه وأهل بيته، فقد قتل الشيوعي والإسلامي والقومي  والعربي والكردي والتركماني والمسلم والمسيحي والازيدي والصابئي، وقتل البعثي، فما زالت جريمة قاعة الخلد ومحمـد عايش ورفاقه ماثلة أمام أعين البعثيين قبل غيرهم، ومقتل ناظم كزار وحسين كامل وراجي عباس التكريتي وعبد الخالق السامرائي لا يمكن أن تنسى وتدل دلالة أكيدة على أن الديكتاتور كان يوزع الموت بالتساوي بين كل أفراد الشعب ((يشهد الله كان عادلا في ظلمه)) ص138.
الحواسم وثقافة الفرهود:-
 لم تكن ثقافة الفرهود والسلب والنهب طارئة في العراق وعبر تاريخه الطويل الحافل بالقهر واللامساواة واحتكار المال والسلطة بيد أقلية حاكمة وزمرها التابعة، مما جعل الإنسان العادي والمهمش يستغل أية فرصة للانقضاض على السلع والأموال التي تخص الدولة أو الاشخاص بدون تمييز معتبراً إياها حقوقه المغتصبة، يرافق كل ذلك طبيعة النظام الحاكم ودور الاعلام في توجيه وتصنيع السلوك خلال الحدث..
فقد تعرض اليهود المهجرون للسلب والفرهود، وتعرض الإيرانيون للسلب والنهب أثناء التهجير، وتعرضت الكويت المحتلة للنهب والسلب من قبل السلطة الغازية والأفراد، وتعرضت دوائر الدولة أثناء انتفاضة اذار للسلب والنهب  والتخريب، وحصل ذات الشيء وبالأيدي نفسها لكل مؤسسات الدولة في العراق وعلى الخصوص في بغداد للسلب والنهب والتخريب وأمام أنظار قوات الاحتلال، مما جعل الشعب العراقي   يدفع ثمناً غالياً لتخريب منشآته الزراعية والصناعية والثقافية   وتهريب ألاف الأجهزة الهامة والمعدات الكبيرة والسلع والسيارات والآثار والأموال  خارج العراق..
يسلط الروائي الضوء على هذه الظاهرة الخطيرة وآثارها الكارثية على الشعب والوطن.. وقد شاع آنذاك مصطلح ((الحواسم)) الذين أصبحوا فيما بعد من أثرياء ووجهاء البلد وتسنم بعضهم مراكز مهمة في الحكومة العراقية وفي الاقتصاد العراقي الذي أصبح تابعاً بالكامل لقوى خارجية عن طريق سماسرة الداخل من ((الحواسم)) ومن لف لفهم في الداخل والخارج.
وحشية قوى الإرهاب وبسالة المقاومة:-
ربما لم يشهد التاريخ العراقي عبر تاريخه مثل وحشية وطائفية من يدعون انهم مقاومة مسلحة ضد الاحتلال والنظام السياسي القائم، قوى طائفية قذرة مسعورة، تقتل على الهوية، تكبر وتحز الرؤوس دون رحمة، كانت مؤلفة من عتاة البعثيين وعتاة المجرمين من كل أنحاء العالم وكان لدول الجوار وللمخابرات الامريكية ومخابرات دول شقيقة دور كبير في تمهيد الطرق لهم لدخول العراق وتمكينهم من احتلال العديد من المدن العراقية وقد سهل لهم ذلك ضجر الناس من فساد السلطة الحاكمة، وجهل ولا مهنية الكثير من القادة.
فمثلا يحكم على شاب موصلي بقطع الرأس لا لشيء إلا لأنه يدخن السكائر في الأماكن العامة كما يدعون، ناهيك عما قاموا به من سبي النساء من غير المسلمين من مسيحيات وازيديات وقد خص الروائي هذا الفعل بروايته ((بهار))...
لكن الشعب لم يقف مكتوف الأيدي أمام هذا الوحش الكاسر فقد كان المقاوم البطل يفجر رؤوس الإرهابيين وسط ساحاتهم، والمواطن البسيط يتعاطف بشكل كبير حد التضحية لمساعدة أفراد الجيش والقوات الأمنية وخلاصهم من يد الموت الارهابي الأسود.
اهتم الروائي كثيرا بتأثيت وتوصيف وتعريف شخصياته الروائية بحيث ستظل مواصفاتها عالقة في مخيلة القارئ، ولا ننسى هنا اهتمام الروائي بتوصيف وتعريف المكان سواء في المدينة أو في القطار أو في جبهات القتال أو على قمم الجبال، مما يضفي على الرواية المزيد من الواقعية، واقعية الخيال القصصي المعبر عن سعة اطلاع الروائي ومعرفته بمكان الحدث وتحولاته عبر الزمان.
لقد تمكن الروائي وبمهارة أن يرتقي سلمه نزولا لتوصيل رسالته، ولسرد أحداث ستظل مادة ومنجماً لا ينضب للادباء العراقيين وخصوصاً الروائيين للكتابة عنها لسنوات طويلة.
كان الروائي حاذقاً في نسج حبكته الروائية من دون أن تفلت منه خيوطها الملونة والمتشابكة فأخرج نسيجاً متجانساً منسجماً يشي بالجمال والحرفية الروائية.
هذا هو ديدن الروائي (عامر حميو) مهموم بآلام شعبه ومعاناته ضمن رواياته الثلاث ((بهار))، و((رمال حارة جدا)) ورائعته موضع الحديث ((سلم بازوزو)).
ثورة شباب أكتوبر هي الأمل:-
في السلمة رقم ((1)) يعيش (برهان العسافي) حلم الشباب بعد الهرم والعوق الذي أصابه، يسرح خياله كأنه وسط تظاهرات الشباب الثائر في ساحة التحرير ولقائه بحبيبته الـ ((ندى)) والمشاركة في التظاهرات الشبابية العارمة التي ستكنس كل قاذورات الديكتاتورية والاحتلال وقوى الفساد والإفساد وهم يهتفون بشعار ((خبز.. حرية.. دولة مدنية))، هذا الحلم الكبير  الذي ظل الشعب العراقي يحلم به طوال تاريخه ويدفع من أجله الدماء الغزيرة، لكنه لم يدركه بعد ولكن الامل بالنصر والحرية والسلام ما زال باقياً رغم كل الخراب ((ووسط ذاك الخراب رأى برهان العسافي وندى ثمة عجوز تجلس تحت ظل شجرة وارفة الظلال، وحولها يلتف جمع من الأطفال، ملامحهم خالية من أي تعبير ينصتون لها بلهفة مبهورين، وعيونهم ترنو لسبابة يدها التي تشير بها نحو السماء)) رص199 ، نعم أن ضاعت بكم السبل وافتقدتم الطريق فاتبعوا درب التبانة يصلكم إلى بر الأمان  هذا ما نصحته به جدته.



7
رواية (حدث في بغــــــــــداد)

 
      للدكتور الروائي  رسول محمد رسول

الرواية، هي: ذاكرة تحولات عامة او خاصة، وقراءة ضمنية للماضي والحاضر، واستشراف المستقبل، تنطلق من الخلفية الثقافية والسياسية والاجتماعية للروائي، يجسد كل هذ التحولات عبر تخليق شخصيات واحداث منها حقيقية واقعية ومنها متخيل ولكن له جذر واقعي مهما بدا محلقا في عالم الخيال .
رواية (حدث في بغداد) لا يحتاج عنوانها الى التحليل والتأويل، فهو عنوان مباشر يشير الى ما حدث في بغداد، في زمن الجمهورية الثالثة:  جمهورية البعث وحكمها في العراق.
عبر متابعة حياة (مرهون الشاكر) الروائي والمثقف. هذه الشخصية العاشقة للثقافة والادب والزاهد بكل شيء الا الكتاب والكتابة، وهي احد افراد عائلة كتب عليها القهر والالم والموت. فأخويه(واقد شاكر) و (علي الشاكر) كانا ضحايا حرب الثمانينات في قادسية صدام وحربه ضد ايران، التي دامت اكثر من ثمان سنوات دموية .
أما أخيه الاخر (حسين الشاكر) فقد قطع الإرهابيون رأسه بعد احتلال العراق في 2003.لم يبق من افراد العائلة سوى (مرهون) ووالدته المفجوعة بأولادها وزوجها .
مرهون إسم يدل على الإرتهان والقيود، حيث كان هذا المثقف المبدع  مرتهن لأفكاره وثقافته الداعية للسلام والحرية والرفاه وصيانة كرامة الانسان ، ومرتهن لظروف قاهرة متمثلة في حكم إسلاموي متخلف، ومعارض يلبس نفس الرداء الديني، أشاع الرعب والخراب والقتل على الهوية، متسلحا بفكر طائفي عقائدي متشدد ، يدّعي مقاومة المحتل وطبقته السياسية  الحاكمة وإستبدالها بحكم وشريعة الله على الارض .
حيث أدت الحرب الدولية الاستعمارية والحرب الاهلية في البلاد الى حدوث تغيرات هائلة في طبيعة الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في العراق ( اخذت الحرب والتغيير السياسي الذي جرى في بلادنا تؤثران في بنية المجتمع المهنية والسكنية والاخلاقية ، فكل شيء أصبح يمضي بطريقة جديدة )، ص154. وجديدة هنا، بالمعنى التخلفي السيء وليس بالمعنى الايجابي الهادف لإستبدال القديم المتهالك المعيق للتقدم والحرية والرفاه، بل جعل التخلف أكثر رسوخا وبأساليب أشد ضراوة ووحشية وقسرية.
ان أول صدمة تلقاها هذا المثقف هي مقتل زوجته (فاطمة البصري) في قصف 1991 الوحشي لمدن العراق، وهي المرأة التي وصفها  (مرهون) بفجره الاول .. فجر العفة والطهارة والحب الصادق والاخلاص للحياة الزوجية وللشريك الحبيب . وهذه اشارة من قبل الروائي الى ان  عام 1991 كان عام موت القيم النبيلة في المجتمع العراقي، وتعرضه للقهر السلطوي الفاشي والتجويع بسبب الحصار الاقتصادي المفروض من قبل أمريكا بدعوى محاصرة النظام، وهي فرية مفضوحة؛ فقد كان المحاصر أولا وآخرا هو الشعب العراقي ، مما أدى الى شرذمة المجتمع العراقي وانتشار ثقافة الثعلبة والفهلوة والقردنة كدوافع لغريزة استمرار الحياة وعدم الموت جوعا، وانتشار ثقافة الخرافة ومظاهر التدين الزائف وهو الملجأ الاخير الذي تلجأ اليه الذوات المستلبة والمقهورة أملا  في  عيش الحرية والرفاه في الحياة الآخرة، والهروب من حياة القهر والجوع والحرمان، في ظل الحكم الديكتاتوري والحروب والحصار  المفروض لتركيع الشعوب وترويضها، للقبول ببدائل الواقع مهما كان هذا البديل؛ أملا في الخلاص .
 هذا (المثقف) المرتهن يقع فريسة هذا الواقع المتردي، فيتزوج من  (فجره) الثاني (نهى) الذي تحول الى ليل بهيم متجسدا بهذه العاهرة المبتذلة، رمز الخيانة وانعدام القيم وغروب عالم العفة والطهارة، هذه اللعوب ابنة الواقع الفاسد القائم ،المستهين بالثقافة والساعي لتحطيم الثقافة والمثقف بمختلف الأساليب. تقع نهى بين مطرقة السلطة مجسدة بضابط الدورية والإرهابي الإسلاموي الداعشي مرتدي لباس المعارضة المسلحة، ولكل من ينتمي للسلطة الحاكمة، وهنا يؤشر الروائي، ببلاغة باهرة، الى واقع حال العراق عبر (نهى ) العاهرة.
ففي الوقت الذي ينشغل (مرهون) بإكمال روايته الجديدة، مسلطاً الضوء  على واقع السلطة والمجتمع وتحولاته الكارثية، على الرغم من اصابته بمرض السرطان الرؤي بسبب ما يعانيه من قهر سلوكيات السلطة والارهاب والمختزل والمجسد بسلوكية (نهى) التي تكشف له حقيقة خيانتها، حينما تعود ثملى، بعد سهرة داعرة مع الضابط والإرهابي وشخص ثالث، تركوا آثارهم وبصمات مخالبهم الوحشية على جسدها، حيث تخاطب مرهون، قائلة: ( هل رأيت يا زوجي المثقف، كيف انا عاهرة بشكل رسمي، زوجة محترفة في الفجور والغرام والخلاعة  لأخونك ليس في النهار فقط بل وفي الليل ايضا ) ص120، و( ان الوطن يريد مني أن أضحي من أجله، أن أكون عاهرة، وهذه  مسؤولية تاريخية  كما يقول رشيد الفار، أما أنت فيريد منك هذا الوطن أن تكون راضخا ومنحنيا حتى يرضى عنك ) ص 129. وهنا تشير بصدق الى ما يريده الوطن حسب رأي السلطة الفاسدة، وما يريده الوطن حسب إرادة المعارض الإرهابي  ألا وهو: امتهان كرامة الانسان، وقتل وتطويع وتركيع المثقف الشريف، وقتل الثقافة المعارضة للقبح والرذيلة .
وهنا تظهر هذه ال(نهى) في حالة من تجلي الوعي بمسخ الذات الانسانية والوطنية، وقتل الثقافة المعارضة تحت سوط الأيدولوجية الارهابية معية مقاومة الاحتلال والكفر والساعية لإقامة حكم الله على الأرض، فيكون النكاح واجبا مشرفا في منطق المقاومة المزيفة، كما أن هذه هي آيدولوجية السلطة الفاسدة ومقاومة افسد، وكلاهما مدّع مزيف للدين والوطنية تفرض على المثقف، حامل رسالة التنوير والتثوير، حامل مشعل القيم النبيلة، الرضوخ والخضوع والسكوت المر، وهو يشهد الخيانة والفجور واللصوصية والزيف الممارس من قبل طرفي النزاع والمتخادم مع العقل الاكبر المحتل وذيوله .
وقد كان هذا الحال  هو احد أهم اسباب اصابة مرهون بالسرطان، ومن ثم موته المفجع في المستشفى، ولم  تزره زوجته الخائنة إلا لسرقة فصول من روايته التي تسلط الضوء الكاشف على هذا الواقع المؤلم  وإحراقها؛ لكي لا تظهر الحقيقة لعامة الناس، متعرفة على اسباب  ضياعها واستغلالها وتخلفها وكشف حقيقة حملة الفضيلة والعفة، كونهم اكثر عهرا وممارسة للرذيلة واللصوصية والتبعية للمحتل، عبر اكثر الوسائل حقارة ودناءة.
على الرغم من كل هذا الواقع المؤلم والظلام الدامس، يشعل الروائي شموع الأمل من خلال الموقف الانساني النبيل لصديق (مرهون) المهندس سعدي وزوجته الرائعة (مريم الشبلي)،والتي تظهر وكأنها النموذج النقيض ل((نهى)) من حيث العفة  والوفاء ومساعدة الغير والأنسانة الواعية  والتي غالبا ما يستعين برأيها زوجها ((سعيد))، والطبيب أحمد عزالدين الجبوري، المشرف على علاج مرهون ، والعامل خليل عبد الله نايف، والصحفية الجريئة (   وفاء السامي  )، من خلال رعايتهم ل (مرهون) ولأمه، ومحاولتهم الشجاعة، على الرغم من المصاعب والمخاطر، لاسترجاع الفصول المسروقة من رواية مرهون؛ لتكتمل رسالته التنويرية (رسالة المثقف ) الواعي. مما عرضهم للملاحقة والتهديد، وأدّى بهم للتشرد او الهجرة، ثمنا لانتصارهم للحقيقة ودفاعهم عن المثقف باعتباره يمثل  الضمير الحي للشعب. وكذلك الموقف الايجابي لاتحاد الأدباء وانتصاره للروائي باعتباره من واجبه كمنظمة مهنية  نقابية يجب أن تدافع عن، وترعى حقوق أعضائها، والموقف الايجابي لوزارة الثقافة بشراء مكتبة مرهون وطباعة مؤلفاته كاملة تحت ضغوط كبيرة من قبل أصدقاء ومعارف مرهون من الأدباء والكتاب والصحفيين.
تلقى العاهرة، الزوج الخائنة، مصيرها المحتوم، حيث يدفعها الارهابي  لتنفيذ عمل إنتحاري إرهابي يودي بحياة العشرات من الأبرياء، لتلتحق بعالم الحور العين، بعد أدائها واجب النكاح، لتطهر جسدها وروحها بهذا العمل الارهابي!! كما  انها ربّما تقوم بهذا العمل الانتحاري للخلاص من واقع الاستلاب والرذيلة والخيانة التي سقطت فيه بفعل وتأثير عوامل  مختلفة.
 كان الروائي متمكنا من السرد المشوق لأحداث الرواية، مرة بلسان أنا المتكلم، وأخرى بلسان الراوي العليم وضمير الغائب. وقد تنقل السرد بشكل رشيق من حدث لآخر، ومن شخصية لأخرى.
ولم يغفل الروائي عن التناص في عملية الابداع الادبي بالنسبة لمرهون  أو لغيره من الادباء، من خلال اهتمامه بمشروع رواية مرهون وعنوانها اللافت ( ينحني الصابر للوجع)، حيث ان العنوان مستوحى من قصيدة للشاعر النمساوي (جورج تراكل) وكما أكد ذلك صديقهم المطلع على  الشعر الاجنبي  (    ).
يروي الكاتب مظاهر ومشاهد الالم لضحايا الارهاب والحرب بعيون سعيد  صديق مرهون، وزيارته للمستشفى بحثا عن الدكتور احمد المشرف على علاج مرهون، محاولة منه للعثور على الفصلين المسروقين من الرواية ، وكيفية تبرعه بالدم لإنقاذ حياة طفل جريح، وهو القائل لتوصيف  المستشفى في ذلك الزمن المشبع  بالموت والبارود :-
((لكي تنتظر في مستشفى، عليك ان تبكي الف مرة، ففي كل خمس دقائق تودع راحلا وتستقبل جريحا )).

8
المنبر الحر / همساتُ القَمر
« في: 22:11 03/06/2020  »
همساتُ القَمر


(تصيحُ الكلماتُ أنّي عاشقةٌ، أطفئُ ظمئي بالقبلِ الحرَّى، وتماهي فيَّ، فأنا أنتَ ونحنُ حماةُ الكون ).
دراسة نقدية  بقلم الأديب   : حميد الحريزي
 
العنوان :-
عنوان المجموعة الشعرية للشاعرة فاطمة منصور(همسات القمر ) مشبّع بالرقة والرومانسية، يثير في نفس المتلقي وخياله فضاء من الجمال والاحلام الجميلة، ويسقيه بكؤوس من حميمية وعذوبة الليل  المقمر؛ ليسرح في عالم العشق وتراقص النجوم، فالقمر يمس بكل ما هو جميل وقريب للروح، فهو حافز لإثارة الشوق والإشتياق، أو يعمق من لوعة الفراق والهجران. همس القمر يترجم لغة الأشجار والأزهار  وحفيفها المضيء. الهمسات تكسب مويجات النهر أثواب البهجة والرقص على نسمات الهواء العليل؛ ليسبح المتلقي بعالم من الخيال والجمال، وهذا هو مفعول الشعر في حياة البشر .
(الشعر في جوهره يشكل الاحساس العميق للبشرية، التي ستعود يوما الى طفولتها الاولى، ولن تجد أمامها غير الشعر الذي يحميها من جبروت أفكارها المدمّرة ) السرد وأسئلة الكينونة – بحوث في مؤتمر عمان الاول، اعداد د. حاتم بن التهامي فبراير  201٣- ص23
لقد مر الشعر بمراحل عديدة خلال تطوره وتبدلاته، تبعا لتطور وتحولات الحياة الانسانية، حتى وصل الى ما هو عليه من قصيدة نثر وقصيدة ومضة، والتي عرفها النقاد ب ( قطعة نثرية موجزة ، موحدة، ومكثفة ) اشكالية قصيدة النثر – نص مفتوح عابر الانواع – عز الدين المناصرة - ص31.
ووصفت ب ( نوع من التمرد والحرية، أكثر من كونها محاولة لتجديد الشكل الشعري) ص31 - المصدر السابق نفسه .
و(أن قصيدة النثر هبأت حديث يسمح بأشكال تحفظ وهجا في اللغة على عكس  القصيدة الغنائية، ولكنها تشيد بحقوق الفرد وبكل شكل غريب على نقيض الخرافة والحكاية) ميشيل ساندرا- قراءة في قصيدة النثر – ترجمة أد. زهير مجيد مغامس - ص2٩.
نريد أن نقول: إن هذا النوع من الشعر نزع عن كاهله كل ما يثقل روحه من أعراف وتقاليد وخرافات ما سبقه من انواع مقيدة بمختلف الضوابط والروابط ، حتى صار أجمله أشبه  بلبلبل غريد داخل قفص، فاقدا لفضاء الحرية، لا ندري هل ما نسمعه تغريد فرح أو أنين قيود وفقدان حرية الطيران، حرية المرح بين البساتين وعلى ضفاف الانهار والوديان  والروابي والجبال والسهول. هذا النوع من الشعر لا يريد أن يرى الانسان المتلقي صنماً فاتحاً أذنيه وفمه ليدفع الشاعر لقمة طعام اعتاد تناوله كل يوم، وكل أكلة تشبه -ان لم تطابق- ما سبقها، في حين أن هذا النوع من الشعر يشغل فكر وعين المتلقي، ويشارك في تحليل وتأويل  وتذوق النصوص ليكون مشاركا فاعلا ،وليس منفعلا فقط ..
واستسهل البعض من (الشعراء) كتابة هذا النوع من الشعر فأساء اليه كثيرا، فهذا النوع من الشعر كثور هائج، يجب ان نعرف كيف نروّضه  والا أفسدنا كل شيء، وكما يقول رسول حمزاتوف (أذا لم تستطع أن تمسك الثور من قرنيه فلن تستطيع أن توقفه أذا أمسكت به من ذنبه ) بلدي – دار الفارابي، ط3 -2006 ،ص9. وبالتالي سيقوم بسحلك خلفه ويشوه حالك، وبالتأكيد سيقضي على مستقبلك الأدبي الشعري .
وعلى من يريد أن يسجل حضورا في عالم الابداع وتأليف كتاب في  الشعر أو السرد، أن يكون حذرا نبها فطنا، وأن يمتلك كل لوازم العوم في هذا البحر المترامي الاطراف الذي ليس لأعماقه قرار، وأن يحمل هذا الكتاب سرّ جماله وإمتاعه ومؤانسته للمتلقي بين طيات دفتيه، وحين يعثر عليها القارئ يشعر شعور غواص تمكن من العثور على لؤلؤة ثمينة، أو كما يصفها رسول حمزاتوف بالتعويذة ( في كلّ كتاب يجب أن تكون تعويذة ...، يعرفها المؤلف ويحرزها القارئ لكنها مخفية تحت الملابس ) المصدر السابق نفسه، ص 42.
لندخل الآن الى رياض (همسات القمر) للشاعرة فاطمة منصور، ونرى من أين أمسكت الثور، وماهي التعويذة التي تخفيها مجموعتها الشعرية بين ملابسها.
نحت الحروف وأنسنة الكلمة :-
الكلمة في المخزون  اللغوي للإنسان تحمل معناها القاموسي كما تعارف عليه الناس، وما تراكم بخصوصه من معنى عبر الزمن وعبر الاستخدام في مختلف تحولات المجتمعات: الاقتصادية والثقافية والسياسية. فقد نجد المعنى الغابر للكلمة يختلف اختلافا يكاد أن يكون جذريا عمّا هي عليه الآن، ونجد أن كلمات لفّها النسيان، ولم يعد لها وجود إلّا في بطون  كتب التراث القديم، وقد دفنت مع الحضارة  المندثرة كما  تدفن زوجات وعبيد سلاطين بعض الحضارات في حضارات شعوب غابرة .
وعليه، يجب على الشاعر على وجه الخصوص أن يمتلك خزينا لغويا ثرّاً، وأن يجيد استخدام المفردة، ويضعها في مكانها الصحيح؛ لتكون راضية مرضية بما وضعت به من مكان ضمن العبارة، وكما يقول  حمزاتوف ( اللغة الضعيفة بالنسبة للفكرة النافذة، هي تماما كالذئب للحمل ) المصدر السابق نفسه - ص 54 .
وهنا يجب التمييز بين الفذلكة والتكلف في اختيار المفردات لتشكيل لغة قوية، بل المهم دقة الاختيار ووضع المفردة المناسبة في المكان المناسب، فسنراها تشع بمعناها ومبناها رغم بساطتها ( أروع الجرار تصنع من الطين العادي، أروع الأشعار من الكلمات البسيطة ) المصدر السابق نفسه - ص56.
فامتلاك ناصية لغة الكتابة للكاتب ،وللشاعر على وجه الخصوص، أمر في غاية الأهمية، وبدون ذلك سوف يكون عاجزا عن الإتيان بعمل أو نصّ شعري ذي قيمة إبداعية، وكما يقول حمزاتوف ( الانسان الذي يقرر كتابة الشعر وهو لا يعرف اللغة، كالمجنون الذي قفز الى نهر جارف وهو لا يعرف السباحة ) المصدر السابق نفسه - ص 67 .
لا نريد أن نسترسل في عرض دروس وعبر وإرشادات هذا المعلم الكبير والشاعر الرائع حقا، وإنما أردنا أن نستدلّ بمقولاته على الابداع والتفرد والتميز عند شاعرتنا في مجموعتها الشعرية موضوع الدراسة (همسات القمر ) المؤلفة من (55) نصاً شعرياً.
ففي نصّها الأول (بريقُ الذّهب )، الذي يمجّد ولادة السيد المسيح عليه السلام ، حيث تقول: (بلغَ الهناءُ البسيطةَ
تموَّجَ أفقُ السّماواتِ
وماتَتِ الرّذيلةُ )
نتوقّف عند ( تيبّسَت في تراتيلِ يسوعَ
تنازَعت معَ العطاسِ )
نلاحظ هنا كيف تمكنت الشاعرة من أنسنة المفردة ، حيث تتيبّس التراتيل ويحدث تنازع مع العطاس، الترتيل مخلوق حيّ يتيبّس، والعطاس مخلوق إمتلك قدرة التنازع!!!
وفي نصّ (قطافُ الحبِّ)
تكون للمسافات أرجل تتمدد، ونهد غارق بالشهوة، وفاطمة تتحول الى ساحل قصيّ، والعتاب كائناً لديه مدفأة، والمسافات فتيات تتكحل بقبل  تمتلك قدرة الهروب، والذكريات تفقد قدرة المشي ... إنها عبارات تتكلم،   كائنات حيّة تمتلك كل صفات الانسان في الفعل والانفعال، وتقبل الصفات والتوصيف والتعريف .
في (ضيْف)
يا للروعة، ويا للحياة الممنوحة للوسادة التي تتحول الى قلب يمتلك القدرة على أن يدقّ، ان ينبض ( ما بينَ اليقظةِ والحلمِ تسارعتْ دقّاتُ وَسادتي)!!
وما أعظم هذا القديس الذي (يوقدُ في الثلج )، في الثلج موقد!! لا يوجد هذا الموقد إلا في خيال هذه الشاعرة ذات الخيال الباذخ، فلا نتفاجأ حينما يورق صفير خافقها بالحسنات، هذا الخافق يتحول بقدرة شاعر الى شجرة مورقة، ويستدل على ثقب في الروح،  نعم ايّها المدهش (شاعَ أنا ونيزك من صنْوِ الرّعدِ أدخلُ ثقبَ الرّوح) !!
والأنفاس كائنة تعاتب لأنها (ساكنة لا تنزفُ الشّوقَ. وأنْ يقيمَ مأتمَ  الأحزانِ على شَفا حفرةٍ منْ نار)!!
(مسكونة في الحبّ)
تصير ، تخلق الاعجاب سماء وغيوما ممطرة (لم يستمطروا إعجابي)
صانعة المعجزات والغرائب، فتملك الحصى أجنحة ليطير ( ربّما ألتقيه ضاحكاً مع الحصى الطائر).
تخلق للقلب جناحا (تغفو على جناحِ القلب ) ، وهي طاهرة حتى وان كانت عارية بلا ثياب ( وبلا ثياب تلبسُ طاهرةُ المساء )...
ويبلغ التحدي أقصاه ( وأتصبّرُ على الآتي رغمَ أنفِ الحرّية )
(لا شيءَ على مائدتي)
الموج مخلوق يمرض ويتعافى، هكذا ملكة الشعر الروح ( أو تركب موْجَ العافية )
(بلا وَجَع)
العلل قوافل تتحرك، ترحل أو تستريح ، والصبر يمتلك القدرة على الكلام   او الصراخ  او الصمت ( أنتظرُ مرورَ قوافلِ العللِ بصمتِ الصّبر). والسماوات إمرأة، ولود مرة، ومرة عاقر، هنا هي المسكينة  (سماواتٌ عاقرة )
(ليلُ الخيال)
القنديل يمتلك قلبا (وسطَ ثلجٍ متراكِم )، والغريب ان تذيب قطراته ليس النار بل قطرات البرد، أما الأودية فهي أطفال يكركرون (بمياهٍ نقيّة ) فليس غريبا أن تكون للشوق بلابل تغرد، نعم لا غرابة، فانت في بستان الشعر لشاعرة امسكت الثور من قرنيه .
(قطراتٌ من مَطر )
 هنا الافق يؤَنْسَن، ويملأ كأسا بنفسجية، فتاة تشكو العري على الرغم من أن الطقس صقيع ... بأمر الشعر، تتحول الكأس الى فتاة مطيعة مذعنة لآلهة الشعر، وتتعرى في الصقيع.
وبعد ماذا؟
(وكناري حطّ على نافذة
تحتَ النافذةِ فتاة
تتَوسّد زنْدَ الحبّ
تقبّلُه ) هاهو الحب مخلوق له زند تتوسده العاشقة  !!
(تباشيرُ النّدى )
أي تباشير رائعة هذه التي يأتينا بها الندى، هذا الذي يقول عنه الناقد الكبير ياسين النصير ( الندى طائر لا يطير الى أعلى )، ص154.
(الندى أكثر اللصوص الطبيعية التي تسرق الضوضاء والغضب ، وتزرع الهدوء الصاخب )، ص153.
(الندى الأنثى المائية الهادئة الشفافة التي تلقح الضوء والشجر والرؤية )، ص157.
(في بحر يمتلك ذاكرة للحنين ، تسافر في أوصاب الروح، وتمنح الجسد رعشة كتباشير الندى) فما أروعها من تباشير، كما وصفها النصير.
(قيدُ رعشة)
للشمس رسول يتوجب عليه إيقاظ مافات الانسان واشقاه، ورؤوس وقلوب محمّلة (منْ فيضِ الأشواقِ والحنان).
في (سيرة محتال)
تخلق للحروف (أجنحة خَجلى)، ثم  تكون للحروف أفواه وألسنة ف(ينعتقُ همسَ الحروف) وللورود أحضان ..
(زاجل)
للريح أذن نهمس فيها لتحمل انفاس الحبيب وقبلاته عبر مداعبة شفتيه  وملامستها، ويحوّل شفته خمرا، يقدم للحبيب بكأس الريح، ففي أحضان الحبيب تسجل ولادة جديدة .
وفي (قيد التكوين) للخطوات همس تسير نحو الحبيب .
يمتلك الشاعر قدرة السحر وفعل اللامعقول، ففي (نبوءَة) تمكن الانسان من السير على الغيم (أمشي على الغيم، وأمنحُ الأرضَ شهوةَ الرّبيع ).
(إنزياح)
يتحول الماء الى ابجدية، وأية ابجدية ! تمتلك القدرة على (موسقة الكيمياء)، وتمكن روح الحبيب من التراقص بين يدي المحب .
فالماء الذي قيل فيه (وجَعلْنا منَ الماءِ كلَّ شيءٍ حيٍّ)، يحيي الانسان والحيوان والنبات، كذلك يزرع الحياة في روح الشعر، أو يخلق للشعر روحا تفيض بالحب والجمال، وكما يقول الناقد الاستاذ ياسين النصير (لغة الماء دائما مجازية، ولذلك تدخل الشعر من أبوابه الواسعة ) ياسين النصير – شعرية الاشياء – دار مكتبة عدنان للطباعة والنشر، ط1 2018 - ص 161.
كما يقول (جريان النهر وسط البساتين ، من أجل تغذية الاشياء جنسيا، ثمة مني كوني يحمله الماء للأشياء) المصدر السابق نفسه ، ص169.
خرير الماء موسيقى كونية تزرع الامل بالخصب والنماء والفرح للإنسان إبن الطين والماء ، وكما يقول حمزاتوف (لم يسمع في حفلات الزفاف وفي الاعياد كلها نغمة أشجى من خرير الماء) رسول حمزاتوف - بلدي - ص323.
عبر ال (55) نصّا شعريا في (همسات القمر)، تبعث الشاعرة الحياة وتؤَنسن الشجر والطير والماء والحجر، فلو أردنا ان نستعرض كل حالات التخليق هذه في رحم المجموعة الشعرية؛ لاحتجنا الى كتاب كامل للإيفاء بالغرض المنشود، ولكننا عبر إيراد بعض هذه النماذج، انما نؤشر الى ميزة هامة من مزايا الابداع المميز لخيال الشاعرة في هذا المجال، وعليه ان يستمتع بهذه الحيوات، ويؤاخي هذه المخلوقات، ويتمعن في سلوكياتها الانسانية، فيمتلك قدرة فهم لغتها ومخاطبتها، كما تروي بعض الاساطير بأن الانسان كان يعرف لغة الطيور والاشجار والاحجار، وهي صفة كان يتمتع بها الانسان ما قبل الحضارة، وكانت ذاته متماهية ومندمجة مع مكونات الطبيعة .
والميزة الابداعية الاخرى للشاعرة في المجموعة : انها جعلت من كل نص من نصوصها قصة متكاملة الاركان لها بداية وبؤرة ونهاية، أي ان نصوصا عبارة عن سرد منثور، أو نثر سردي، إن صح التعبير.
فمثلا في نصّ (وَشْوشات ) يدور الحدث بحوارية بين الشاعرة وبين النافذة حول كيفية وزمن ولادة القصيدة ، ف(الحرفُ يحتجبُ حينَ يفقد الحبرُ شهوةَ الإندلاق، هكذا تحافظُ على عذريّتها الأوراق).
فأيتها الشاعرة (اقفلي النافذة )، إحتفظي بأسرارك الليلية حتى يحين اشتهاء الاوراق فقدانها لعذريتها، عندها  تكتمل قصة كينونة القصيدة ( فوقَ الأوراقِ المُحتفيةِ بعرسِ بكّارتِها). فما أجملها وأبلغها من قصة.
تستدعي الشاعرة في أغلب نصوصها الندى، الاشجار، الأنهار، والأطيار ومنها البلابل.
 ففي نصّ (عشقْتك) تقول: (على متنِ لغةِ اللهِ بحروفٍ منْ نور، تتهادى قُبَلاً وأغاريدَ على نافذة). وسيشهد القارئ العديد من هذه القصص  الممتلئة بجواهر المعنى الخلابة، كنصّ ( حكايتي الخجلى )، و نصّ (الشمس والقمر ) مثلا.
(تشتهي تغريدَ بلابل )
البلبل، هذا الطائر الجميل المغرد دوماً، هذا الطائر الذي لا يعرف الصمت، سواء في البساتين والمروج، على أغصان شجرة البرتقال أو على عذق نخلة برحية، أو في داخل قفص، فهو يغني ولا يفقد الأمل في حرية مأمولة، يصفه الناقد  ياسين النصير:
(البلابل هي الانثى الكونية التي تعيد تكوين الأشياء الارضية مع الأشياء السماوية في نغمة كونية طبيعية، من خلال أعشاشها المعلقة ما بين السماء والأرض) المصدر السابق نفسه، ص172.
في (فجوةُ الخَيبة )
تنسج الشاعرة نسجا جديدا يحمل معاناة الفقراء والمهمشين وهم يعيشون في جهنم، حياة سرقها منهم أهل الثروة والسلطة المال، فتكون كل حاجاتهم أسيرة الفقر والعوز (وأنا أتشفّعُ في زحمةِ حاجاتي الأسيرة).
نعم، (الأفراحُ ليستْ عاقرةً .. ولكن حضنَ الأحزانِ يتاجرُ بالبكاء)، أي حضن قاس ومؤلم هذا الذي يتاجر بالبكاء، إنه حضن مجتمع الفوارق الطبقية والاستغلال والافقار المتعمد، مقابل اتخام قلة قليلة من اصحاب  رؤوس الاموال. وبذلك تقترب الشاعرة كثيرا من هموم الأغلبية الساحقة من أبناء وطنها وهموها هي بالذات. وعليه تقوم بواجب التنوير والتثوير، ليس بالشعارات ولكن بإرسال شعل النور والتنوير والتثوير للضمائر الحية، واستنهاض هممها من اجل بناء عالم أفضل لاجتثاث الحزن، لان الأفراح ولودة بالبهجة والسعادة والسلام لبني البشر، لولا ان الأحضان النتنة تتاجر بالبكاء والآم الفقراء، وكما يقول حمزاتوف:  (الشاعر لا يمكنه أن يكون ظلا ، بل انه نار ومصدر نور) بلدي – رسول حمزاتوف، ص 107.
(الشعر يمثل أعلى درجات الوعي  في الكلام ) ت. س. اليوت - فائدة  الشعر وفائدة النقد - ترجمة يوسف نور عوض، مراجعة الدكتور جعفر هادي حسن، دار القلم - بيروت ط1 1982، ص 25.
الشاعرة، وعبر نصوصها، تقترب أحيانا من النص الشعر الايروسي الشفيف بطبعته المخففة القريبة للنفس والبعيدة عن المباشرة والابتذال،  فتنعش ذائقة المتلقي بهذا الشدو الانساني المحب للروح، والملامس  للجسد والنابذ للجفاف والتصحر، ففي نصّ
(أنثى مغْناج)
 تحملنا الشاعرة على أجنحة الرغبة؛ لنعيش رغبات إنسانية مشروعة ، بعبارات وصورة مشبعة بالحسّ الجمالي الايحائي (على كتفِ الغيْمةِ ،  أنثى مغْناج تجلسُ عاريةً إلّا منْ ضوء تتوهجُ شَغفاً شَبقاً )، وتستمر، وتتوالى الصور (فعيونه سابحة في نهديها )، ليأتي النداء(تعالَ إليّ إحْكِ ) اركب أصوات الحب (فتعالَ صدري عارٍ قد أفردتُ ذراعيّ لأعانقَك) تسقيه قبلا وشوقا، وتمطره شوقا وخمرا ((سأوافيكَ جرعاتٍ تُسكرني  لنُحييَ على كتفِ الغيْمةِ شهراً للعشق )!!! وكذا هو الحال في نصّ (حرمانُ عروسةِ الشّعر)
(تخشى أن يداهمَها الخريفُ فتحْملها الرّيحُ يجفُّ العطرُ وتفرغُ الكؤوس من خمرةِ الشّفاهِ وعطرِ الجلّنار في النّهدين ). و في (جدائل نشوى ) ( أتشهّى مَن يطرقُ  بابي  فيسامرَني فيـلوكَ شَفَتي)، ونصّ (عطرُك المتواري ) (هاتِها تلكَ اللمسات واتركني أغفو على وَسادتِك المخمليّة ، حلوةٌ أحلامي معكَ كرّرْها أرجوك وهي  آخرُ الأمنيات ). ونصّ (السّحر) (فمتى ألقاك؟ سآتيكَ موشحةً بأريجِ الياسمين وفي جيدي عقدُ السّوسن، خُذني وقبّلني، وتنَشّق غوايةَ عطري، وازرع قبلاتَك ما بينَ ثغري ونَحري)، الله، الله!! أية بقعة ساحرة مسكرة ما بين الثغر والنحر !! ونصّ قصيدة (لا .... أحلم) حيث  تستدعي هنا الشاعرة المطر (يا أّيها الليلُ كمْ تشبهُ حبيبي، إنّها ليلتي، طرقَتْ قطراتُ المطرِ على شبّاكي )، الله، الله!! ما أجمل وأحلى وأعذب صوت المطر، عنوان الخصب والنماء، عنوان احتضان الماء لحبيبته الارض التي  تتلهف وتتحرق شوقا للقياه، تنصت بهيبة وقدسية لصوته الحبيب، وكما وصفه شاعر داغستان  الكبير (لا موسيقى أعذب من صوت المطر ) رسول حمزاتوف - بلدي - ص319.
 ممّا سبق من عرض لعدد من نصوص (همسات القمر ) باختزال كبير،  لا يمكننا إلا أن نرفع القبعة للشاعرة الرائعة؛ لإبداعها الشعري المميز، وقد ولدت قصائدها من عالم الجمال، عالم الواقع المتسامي والمترفّع عن القبح والساعي للرقة والجمال، فنجد كلماتها حية وليست دمى أو أشباح كلمات، فاستولدت من زواج الكلمات نصوصا، أولادا وأطفالا في غاية الحسن والجمال، وكما يقول حمزاتوف ( لا يولد أطفال من تزويج الدمى ) بلدي، ص53.
يقول حمزاتوف: ( يمكن للرجل أن ينحني في حالتين؛ ليشرب من العين، أو ليقطف زهرة) بلدي، ص21.
وأنا  هنا انحني امام (همسات القمر) مرتين لأني  شربت حتى ارتويت من ماء عيون الهمسات  الماء الزلال القراح الذي يروي ضمأ العطشان للجمال والحب والكلمة المبدعة، وقطفت باقة من زهور الجمال الشعري الآسر بألوان مختلفة زهورا تفوح شذى ينعش الروح والقلب.
وللبحر في  قصيدها نصيب كبير 
(البحر)
هذا الساحر الساخر الهائج المائج الصامت الساكن، الصاخب المتفكر  الهادئ، الفسيح المريح، حاوي العجائب ومالك الغرائب، كانز الجواهر ومولد الظواهر، أنيس العشاق وحاضن القرصان ، جامع الكواسج والقرش، وحاوي اللؤلؤ والمرجان .....
(وأنا والبحر حكايةٌ ألِفُها ملاذٌ وياؤها استحواذ)، فتعيد الى مخيلتنا بحر فيروز وحنا مينا وأرنست همنغواي، وحوت موبيك، وسفينة تايتنك ..
للأمومة وحنانها نصيب في جواهر فاطمة نور، كما في (ابنتي ريبال الحبيبة) حيث المشاعر الدافئة والحب والحميمية الصادقة المعبرة عن غريزة الأمومة وسموها.
(فعذراً يا فلقةَ قلبي ومَلاكي إنْ تواضَعَتْ أبجديّتي وانحنَتْ أمامَ ساطعِ سَناك)
تخليق الشعر ولادة، ومخاض القصيدة مخاض عسير مؤلم يولد الأنين والصراخ، في الوقت نفسه يجري دموع الفرح حين تولد القصيدة الجميلة  المشتهاة، مما يتطلب من الشاعر ان يحتمل معاناة المخاض بصبر وجلادة وحكمة، ويحسن اختيار المواضيع والكلمات، ويضع كلّ في مكانه الصحيح  ( لا تحاول ان تطعم النسر نبتا، والحمار لحما) كما يقول حمزاتوف، بلدي، ص123.
 تظهر لنا هذه المعاناة الشاعرة في نصّها بعنوان (صورَتي) (على بابِ الشّعرِ أقفُ حائرةً ألتمِسُ حوارَ الكلمات).
عالم الشاعر: عالم كلمات وصوت وأحاسيس ومشاعر. الشاعر تمتلكه الكلمة، يتحمل، يقاسي الحر والبرد وهجير الصحراء وهيجان البحر وفيض النهر ووحشة الفيافي وغلظة الناس ووعورة الطرقات ومخاطر التجسس والإنصات، ولكنه على الرغم من ذلك ينصب شباكه ليصطاد الكلمات، فهي زاده ومراده، ومبعث سروره وفرحته. فالكلمات كما يصفها ياسين النصير ( عصافير تطير في فضاء الورقة البيضاء لتمحو بياضها الزائف، ونكتب فوقها لتكشف بياضها الحقيقي الناصع) ياسين النصير  - كلام النص- مكتبة عدنان، ط1 2018، ص 53.
وكما هو الحال في نصّ (أنا والكلمات )
(وتصيحُ الكلماتُ: إنّني عاشقةٌ أطفِئي ظمئي بالقُبلِ الحرّى، وتماهي فيَّ، فأنا أنتِ ونحنُ حماةُ الكون ، اسكبيني خمراً في شَفَتيك وَلَهاً، حبّاً يتهادى نشواناً في نهديَّ في شَفتي .. لأكونَ قصيدة ).



9
   
رواية ((سلالم التــــــــــــــــــيه ))   



معزوفة  سرد شعري  ، تكشف وجه القبح ، وتمزق شرنقة الوهم

 ((ماذا ستفعلين ؟؟
اصرخ اقبع في قمة سلالم الهدير / ارتد  الى مكامن  القوة، اتلفع بموطن الوهن ))
 انتظري ي ي ي ي ...
يطبق الزعيق على كل الانحاء ، يسيل رصاصا يتكاثف ، يتصلب نوارس تحلق في صفحة السماء، تسير على خطوط ، او سكك بيضاء))ص107
هكذا يختتم مهدي ازنين روايته ((سلالم التيه)) في حين يبدأها في الصفحة الاولى
((تساير قطعانا من نعاج بشرية ،مسوخ الاصباغ والتصنع  توائم \ تنافر جمالا فطريا في خطوط مللامحها ، ترفل في مروج تفوح منها انوار بهيجة ، تعطر واقعا ينتأ من ثنايا الزمن))ص7.
هكذا قادتني سلالم مهدي ازبين وسط شعر سردي او سرد شعري هذا اذا افترضنا ان للتيه سلالم .هنا يوحي العنوان  بالوهم  والضياع  لحياة اشخاص تأسرهم شخصية الديكتاتور ..
(( تتوكأ على عكاز من شعر متعب ، يتهدل عباءة بلون خجول .. ذيل حصان هائج ينشد الهرب ...)) الخ من الصور الشعرية والروائي يأنسن الكلمات ويهبها روحا  وسلوك ، ويصطاد المفردات بصنارة من ذهب  من اعماق بحر اللغة  ألمترامي فتبهر حروف الكلم  فتعلق في سبابة قلمه فرحة مطاوعة ترتدي حلة الجمال والكمال  ، كم يخرج لؤلؤة من  محارة مغمورة لتنتظم ضمن قلادة الجمل المنسابة في نهر السرد الدافق بالحياة والمعنى .
تتضمن الرواية درسا سيكولوجيا ، ونموذجا لمسخ الانسان ذاته وتماهيه مع صورة البطل الاله  والقائد المخلص .
((نحول)) طفلة تعيش في كنف عائلة تقدس القائد ، تتملقه  تؤهله  ، تعبده ، هو المثل الاعلى للانب المؤدلج ، والأم التي ترى فيه الفارس الذي لا يدرك ...تتزين  بصوره جدران الدار  ، وتضمه ساعات المعاصم   وقلائد الصدر ..
المدرسة التي تعلم حب القائد  وتربي الجيل على عبوديته ، رمز القوة ، الشجاعة ، البطولة ، الكرم ، صانع المعجزات وخالق الاساطير  ، المحاط بالهيبة والشموخ والعظمة في فعله وكلامه في نومه ويقضته ، الذي فاقت اسماؤه اسماء  وأوصافه اسماء وأوصاف  الله الحسنى
ما ان تبلغ النضج الجسدي حتى يكون ديدنها الاقتراب من معبود ، تكلمه ، تحتضنه ، تخدمه ، تعطيه كل ما يسره ويسعده ...
تحصل على فرصة المواجهة ، تقدم فرائض الطاعة  وتمنيات  اللقاء  حد الاستعباد  والذوبان عند اقدام  الحبيب ، تفوز بموعد، تطير فرحا  وفخرا  ومباهاة  وسط حشد من الرفاق القرود فقد منحها  العظيم صك العظمة  ومن عليها يفيض من هيبته  وعظمته  وهاهي قاب قوسين او ادنى من عرش الاله  لا بل من ملامسة  الاله ذاته ، وبقدر ما يقترب اليوم الموعود ،تحف بها السعادة   وتنثر  في طريقها الزهور  وتغني لها الطيور ،انها الاجمل ، انها حبيبته الاله وحبيبته المختارة ...
تزف  روحها قبل جسدها للاله في يوم اللقاء ، عد طول ترقب  وانتظار  يصطحبها الاله رفقة غجريةمشعشعة  بمظاهر الابتذال  والغنج الرخيص ، مشبعة بعطر البداوة والشبق ، تدخل قصر الجواري المدجج بالشوارب الكثة والزيتوني الاشن ، طاولات تضج بالكؤوس الذهبية وقناني الويسكي مختلفة الماركات المتاهبة لمنح النشوة  للاله  ...
تفور  دهاليز انوثتها انهار الرغبة ، تزعق اهات الشبق المكبوت المدخرة  للاقتران بالإله في معبد العشق ، فهي البغي المقدس في زقورة الرب المعبود .
يوميء للغجرية ، يغيبان في دهاليز  القصر ، تتحرق شوقا وغيرة لايكبتها سوى انه الاله ولا مرد لرغبته وهو مالك الاسرار  وله الفعل والارادة والخيار  يقرب من يشاء ويبعد من يشاء .
يهشم على راسها امل اللقاء حين ينصرف دون ان يبادلها حتى نظرة وداع ناهيك  عن الاعتذار ، فالاله لايعتذر  وما على العبد الا التوسل بالمعبود .
يصرفها الزيتوني على امل الاتصال بها حين  يشاء الاله ..
تغسل وجهها ببصاق اهماله مرتدية قناع الامل بلقاء جديد  ، فالالهة لا تخلف وعودها ولابد ان يأتي اليوم الموعود .
تمسك بحبل الامل بالتعرف على الابن الاكبر للإله ، فيراودها عن نفسها  ، ترفع بوجهه ورقة الحصانة  الموقعة بقلم الاله ،  ولكي يثبت الابن انه اله ونصف  دبر لها   شياطين العرش  فراش الاغتصاب ممزقا  صك الحصانة  هازئا بتصابي الوالد كاسرا ومحطاماً   نهجه باحتكار  الجواري  لصالحه  وحده  وان  لا شريك له  في امتلاك البلاد والعباد ..
تخذلها  مظلات الهبوط بتدبير من شياطين  الاله الاصغر ...تسقط مرمية على ارصفة احد الشوارع ، تعود للوعي في المستشفى  متحسسة اللزوجة بين فخذيها ، يستشيط  الوالد الرفيق غضبا   يتوعد ويزبد ويرعد ، تصر هي على تسجيل الحادث  ضد مجهول  ، يبتلع الرفيق  الاب زبد غضبه  ووعيده بعد ان علم بالفعل والفاعل !!
تحاول صديقتها الاقرلاب والأعز  ((نورس))  ، الانسانة المثقفة الواثقة من نفسها الجريئة التي تحاول ((نحول)) ان تكون مثلها ، عسى ان تتمكن من نزع قشرة الزيف  والتباهي  والأبهة الفارغة التي  مرغها الذئب الصغير بالوحل ...
نجحت ((نورس)) من اعادتها الى الحياة من جديد   ورمي الماضي ورائها  وممارسة حياتها   بشكل طبيعي .
ولكن يد القهر السلطوي تغيب ((نورس)) في غياهب المجهول دون ان تعثر لها على اثر هي وعائلتها  ، في حين  يسائل  ازلام السلطة ((نحول)) حول طبيعتها علاقتها بنورس وإذا تعرف عنها .
بعد وعكة وقيء تخبرها الممرضة  في المستشفى بأنها حامل ... الذئب الصغير   الاله الابن نفخ من روحه وأنفاسه القذرة في رحمها  فأودعها  روحا ،  يسقط الخبر  على راسها سقوط الصاعقة على هشيم  اشواك جافة  فيشعل حريقا  مدمرا في ذاتها  المدحورة  فيغلي في دماغها  سؤال :-
((الان ماذا تفعلين ؟؟))
اما انا  سأحاول  ان اتخلص من سحر السرد الشعري لمهدي ازنين  لانتقل الى   فصل التحليل الموضوعي لإحداث الرواية وشخصية نحول  حيث اراد الكاتب ان يظهرانا شخصية المراهقة  المشبعة بثقافة  حب القائد ضمن محيطها العائلي والمدرسي والإعلامي المنافق ، فتقع فريسة لحب موهوم  يرضي تطلعها لتكون الاقرب  للقائد الاله .. كعشق الشاة للذئب ، وقد تجسد ذلك من خلال تصرف المعبود وتفضيله العاهرة الغجرية على العاشقة الولهانة  لأنها  توافق ذائقته المتدنية وبيته  الهابطة  معى جل احترامنا لإنسانية الغجر ، نرى انهم ايضا ضحية مجتمعات القهر والاستعباد والطبقية والتراتبية الاجتماعية المقيتة ..
ثم تقودها اوهامها الساذجة ومرضها  يعشق الاله  للتعلق بولده الذئب الصغير  كوسيط مرجو لايصالها لمعبودها  فيقوم هذا  بافتراسها ولم  يقم أي وزن لوالده المتصابي والذي يحاول ان يكون المفترس الوحيد الاوحد .
كما يظهر الروائي  واقع الدونية والنفاق  والقردنة لدى ((الرفاق)) من زمرة الزيتوني وخنوعهم لسيدهم ومعبودهم ، وأوهام بعضهم حول عدالته وإنسانيته وترفعه عند افتراس عبيده ومواليه  كما هوحال ((الرفيق)) والد ((نحول)) الذي كتم صوته  كأي ديوث حينما علم بالفاعل ...
توصيف وتعريف   بواقع الحال المؤلم في مجتمع   يقاد من قبل  حزب شمولي   لابل من قبل  شخص فرد تفرد  بالقرار  والتحكم بحياة الناس ومصائرهم  بأرزاقهم   وشرفهم وكرامتهم  ، كشف قناع الزيف والوهم  لقطعان من الاتباع  عشاق العبودية  والمذلمة.
لمح ولم يصرح الروائي للنهاية المأساوية لنحول  بالانتحار غرقا في نهر دجلة  للخلاص من  الفضيحة  وماتعرضت له من  القهر  والإذلال  نتيجة  اوهامها  وطموحها الزائف ، وهو درس بليغ لكل من يعلق  الامال بالسعادة والحرية والانعتاق  على يد الانظمة الشمولية  والطغاة   المتالهين .
لسنا بحاجة للتعريف بأسلوب   مهدي ازبين السردي المتميز بالاختزال والتكثيف  واللغة الرصينة والأسلوب السردي الرصين والحبكة المحكمة . فرواية  ((سلالم التيه)) اضافة  قيمة للسرد العراقي والعربي ، رغم انها ليست الاولى  من سلسلة ابداعات   الروائي  (( مهدي علي ازنين )).




10
طغيان الطبيعة و قمع الحكومات ،نفي الملائكة وقتل النوادر 
رواية(( خانة الشواذي))
للروائي
عبد الخالق الركابي


 

بقلم  :- حميد الحريـزي
 

خانة الشواذي :-

العنوان في الرواية  يشير الى مراتبية الواقع الاجتماعي العراقي ، خلال الحكم الملكي للعراق ، وتقسيم البشر الى مراتب وطبقات \ المراتب العليا من ذوي السلطة والجاه والثروة، وطبقة وسطى من الموظفين ولفيف الطبقة الأولى  والمصنعة من قبلها ، والطبقة الدنيا المنبوذة والموصوفة  بالدونية بحيث تعتبر دون مستوى البشر  ملحقة بخانة القرود أو ما يسمى بالشواذي .
كانت وسائط النقل  في العراق انذاك تقسم مقاعدها وكراسي الجلوس وفق منزلة الفرد ومرتبته ، فصدر السيارة ومقدمتها للطبقة الاولى  والطبقة الوسطى ، اما الاخيرة مخصصة للطبقة الدنيا وقد اطلق عليها ب ((خانة الشواذي))، وقد شهد جيلنا كراسي مصلحة  نقل الركاب الحكومية  في خمسينيات وستينيات القرن العشرين ذات كراسي اسفنجية في المقدمة  الدرجة الاولى ، وكراسي خشبية للطبقات الادنى  ولكل منزلة او طبقة تسعيرة او اجرة محددة ، ومجلس الفرد حسب امكانية  دفعه بين طبقة الأوادم او طبقة الشواذي .
وما زالت  بعض رواسب هذه الثقافة موجودة حتى في حاضرنا الحالي فكراسي مقدمة السيارة الصالون   على الخصوص تكون ارفع منزلة واغلى اجرة من سواها او من كراسي   ومقاعد الخلفية ، والجالس في صدر المجلس  في المجالس والدواوين والدوائر هو الارقى والأرفع درجة ومرتبة  من المواقع الاخرى .
فخانة الشواذي  هي  المكان المخصص  لربط السجناء السياسيين المنفيين في  السيارة التي تجلبهم من الكوت الى  منفاهم في  بدرة .ومنها سيارة دك النجف ملكية بشير و ناظم ومن بعدهما ولديهما نادر وفيصل .
طبيعة الصراع في (خانة الشواذي)):-
تذكرنا رواية ((خانة الشواذي)) ، مكانيا وحكائيا  برواية مالم تمسسه النار للروائي عبد الخالق الركابي، كما تذكرنا برواية ((المبعدون))  للروائي المرحوم هشام توفيق الركابي  حيت تستعرض حياة السجناء السياسيين وبالخصوص من الشيوعيين وعموم اليساريين المبعدين الى ناحية  بدرة الحدودية النائية من مختلف سجون العراق المركزية ، بدرة في  الوسط والجنوب النائي  و قلعة راوندوز في  الشمال  الجبلي  القصي ، حيث يصعب على السجين تدبر أمره  عند محاولته الهرب من بدرة أو  راوندوز  أو من  نقرة السلمان ، لكونها مناطق معزولة ومحاطة اما بالمتاهات  الصحرواية أو الجبال والوديان المسكونة من قبل الضواري المفترسة  كالذئاب والضباع وغيرها.
 

تظهر الرواية  وبأسلوب ضمير الغائب للركابي القدير الشيق والرشيق طبيعة الحياة والبساطة والجمال في بدرة ،مدينة البساتين والسيول ، وارتباطها بالصراع السياسي والأجتماعي الدائر في العاصمة بغداد في ذلك الوقت .
مبتدئا بمأساة أم بشير التي اقتيد ولدها الى الخدمة العسكرية تحت أمرة العثمانيين الاتراك ، وبعد سنوات من الغيبة والمعاناة  تمكن من العودة الى  بلدته من العاصمة الأرمينية يرفان  مصطحبا معه زوجته الأرمنية  كرستينا التي  خلصها من استعباد الاتراك ضمن هلكوست الارمن  وما فعلته السلطات التركية بهم  وإبادتهم  بمجازر تضاهي ان لم  تفوق على هلكوست اليهود  من قبل النازية  الألمانية ، للركابي حسنة استذكار هذه المجزرة الوحشية المرتكبة بحق الأرمن  التي تناستها البشرية وأغفلها الضمير الانساني وكأنها لم تحدث رغم ان شواهدها وشهودها لا زالوا موجودين  ومنهم  الأرمن في العراق .ومنهم المنفية السياسية محور الرواية الشابة المناضلة ((ملاك عيسى )) التي مات  حبيبها المتظاهر ((يعقوب)) ضد معاهدة بور تسموث الاسترقاقية ، حيث قتل برصاص أجهزة السلطة القمعية وأودعت هي في  سجون السلطة  .
رافقت كرستينا زوجها بشير صحبة ولدهم الوحيد  نادر  هذا  النادر حقا  حيث الوسامة والعيون الزرقاء الجذابة كعيون والدته وأخواله بالتأكيد ، فجمع بين الملاحة العربية والفطنة العراقية والحسن الأرميني المدهش.
ناظم الفطن الذكي يحضى بإعجاب ورضى الضابط الانكليزي  لحدت ذكائه وفطنته وقدرته على الأبتكار في تشغيل وتصليح  أيّة أداة تتعرض للخراب أو العطل ، حيث تمكن من أعادة سيارة انكليزية ((قجمه)) الى الحياة  بعد أن  القيت في السكراب ، فأهداها الانكليزي له ملكا خاصا  باسمه تقديرا لجهده  وعبقريته  .
الحميمة  والطيبة العراقية وحالة التضامن بين ابناء الطبقة المسحوقة المقهورة  في العراق ، دفع  ناظم لأشراك بشير في العمل على السيارة للنقل بين  الكوت وبدرة حيث وجد بشير نفسه بلا عمل بعد عودته  من أرمينا  ،رغم صعوبة  قطعة المتاهة الصحراوية بين المدينتين ، والتي راح ضحيتها  ناظم عندما فقد خط سيره  فمات جوعا وعطشا واكلته النسور ، فتولى قيادتها  نادر وفيصل  الى ان حصل الخلاف بينهما بسبب انتماء فيصل الى قوات الأمن الحكومية  وتخصصه في جلب المنفيين السياسيين من الكوت الى بدرة مقيدا اياهم في مقاعد خانة الشواذي، في مشهد  لا انساني  يثير الاستنكار والشجب من قبل  نادر وبذلك تمكنت السلطة من كسر حالة التضامن الطبقي بين الصديقين الحميمين...
صعد الصراع بينهما جلب  الحسناء المناضلة  الأرمنية ((ملاك عيسى)) من الكوت الى بدرة مقيدة اليدين  في السيارة التي يقودها فيصل ، وحينما تصل بدرة يطلب منه امر المركز بأن يستضيفها في داره  لحين تأمين  بيت يخصها بمعزل عن المنفيين الرجال ،وقد حصل ذلك بالفعل ، مما اثار مشاعر الرغبة الذكورية بالحسناء الجذابة  من قبل   فيصل ، ولكن من أستحوذ على قلبها الوسيم نادر الذي تعرفها خلال زياراتها المتتالية  لبنت قوميتها كرستينا أم نادر ، حدث بينهما ود ولقاء  فعناق فاحتضان فممارسة مستجيبة للعواطف الشبابية الفوارة  حينما أحتك جسديهما ببعض في ((بيتونة))   دار نادر ، مما  نتج عنه حملا غير مرغوب لملاك ، فقررت الهرب من سجنها لإنقاذ نفسها  وجنينها وكسب حريتها بمرافقة وتخطيط  وتنفيذ  نادر ، مما  جعل فيصل تحت  طائلة المحاسبة ، فاستشاط غيضا وغضبا لان نادر سلب منه ملاك  كما وضعه  تحت طائلة القانون لأنها هربت من بيته ، فأقام الدنيا ولم يقعدها الا بعد أنْ تمكن من معرفة خبر القاء القبض على نادر  وسجنه في الكوت  بعد ملابسات هربه مع ملاك بمساعدة المهربين  وتعرضها للنزف بسبب طول وعورة الطريق بين بدرة  ومندلي مما سبب لها الاسقاط و الموت  في مستوصف مندلي .
قصده  فيصل مقررا القضاء عليه عندما أصطحبه من الكوت  الى بدرة بسيارته رفقة طاهر منذر الرجل المثقف والد طه ، وتعرضهم لسيل جارف مما أدى الى موت نادر غرقا وهو مقيد الى  الكرسي في ((خانة الشواذي)). وموت فيصل نتيجة لجرفه من قبل السيول وأصابته بطلق ناري من قبل طلال محاولا تخليص نادر وفك قيده ورفض   فيصل  للاستجابة  على الرغم من  غوص السيارة في مخاضة عميقة  .
تمكن  الشرطة المسعفين من انقاذ حياة  طلال في اللحظة الأخيرة  حيث  كان  معتليا سقف  السيارة، ولكنه يتعرض للاعتقال والتحقيق  بعد شفائه  ،بتهمة مقتل رجل الأمن ((فيصل))، فيودع في سجن بغداد المركزي ، ثم يقتل من قبل  قوات الشرطة  لقمع أحتجاج وتظاهر السجناء بتاريخ  18 \6\1953 وأرتكاب مجزرة  كبيرة بحق السجناء العزل  وتستر الحكومة على جريمتها  مما جعل مصيره مجهولا  حتى كشف عنه المحامي  نجيب رفعت الذي اصبح قاضيا  بعد حين وكشف  الأوراق السرية  لقوات الامن .
نجيب  رفعت نموذج للإنسان الذي ينتصر لإنسانيته ، ويساند قضايا المهمشين والمظلومين  ويدافع   عنهم في المحاكم دون مقابل ، وهو نموذج للانسان الذي يترفع على أنانيته الطبقية كرجل ثري ومن عائلة  ثرية ليصطف مع اخيه الانسان ، فان ظلم وقهر وقمع  وإذلال أي انسان على الكرة الأرضية يعتبر شرخا لكرامة الإنسان الحر اينما كان ان لم ينتصر لأخيه المظلوم  وكذلك كان المحامي  نجيب رفعت البغدادي العراقي الثري ، يذكرنا وأن لم ينتمي للشيوعية ،  انجلس الثري ابن الثري   رفيق   ماركس وانتصاره لقضية العمال والكادحين  على الرغم من كونه من الطبقة البرجوازية الثرية ، وكأنه الضد النوعي لحقارة ودونية الفقير المعدم ابن الكادحين فيصل الذي  تنكر لطبقته ووظف  نفسه لخدمة الطبقة الحاكمة المتسلطة .
كما يمتعنا الروائي بشخصية كاتب العرائض كرم أفندي شقيق زوجة  طلال منذر، فقد كان شخصية ظريفة خفيفة الظل ، تعيش  حياتها يوم  بيوم رغم كل الصعوبات الحياتية كان  اب لعدد  متزايد من الابناء الذي كانوا مرة ينامون متخمين  وأخرى جياع ، فكان  اكرم يؤمن بمقولة  ا نفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب .
كما توضح لنا الرواية دور المثقف الواعي  ((طلال منذر))  الذي كانت تأتيه الكتب والمجلات من مختلف البلدان العربية ، القاريء النهم وهو القائل (( القراءة يا أصدقائي من أعظم نعم الله على البشر فهي تزيد من سعة الأرض ، تجعل من يتعاطاها يعيش عوالم السحر والخيال )) رص 79 ، وكان  هذا رده على من يلومه من اصدقائه على اتلاف   نظره ووقته في القراءة بشكل  مستمر ، ناهيك عن كونه يحب الطرب  وعازف عود وصاحب صوت عذب  ومتمكن من تقليد اصوات العديد من المغنين والمطربين ...
كما ان الروائي يحبب القاريء ويعرفه  بمدينته بدرة الجميلة ، بدرة البساتين والكلال، فهي المدينة  التي تضاهي بجمالها  اجمل مدن العالم ومنها مدينة ((يرفان)) عاصمة ارمينا التي كانت محط اعجاب  بشير والد نادر حيث عاش فيها عدد من السنوات مع حبيبته كرستينا .
ان رواية ((خانة الشواذي)) بحبكتها الرصينة وسردها المتقن واسلوبها الرائع   زودتنا بدرس بليغ حول طبيعة الصراع الاجتماعي بين الظالم والمظلوم بين السلطات القمعية وبين  حملة الافكار الانسانية من اليساريين والشيوعيين  وأعداء الحرية الحكام ، فيطارد ويقتل الملاك ويسقط  جنين العلاقة خارج الشرعية السلطوية بين الملاك الواعي، وال((نادر)) الرافض للقبح والجريمة والمحب للحياة من الطبقة الفقيرة .
كما يؤشر لنا مدى القهر  الذي يلاحق القومية الأرمنية من كل السلطات القمعية سواء اكانت تركية أو عراقية ، كما حصل  لكرستينا وقومها وما حصل لملاك وفكرها وحبها وجنينها الذي يفترض ان يبشر بحياة اجمل وأفضل  باقتران الفكر والجمال  النادر بالملاك الواعي .

11
نداء من أجل ولادة تحالف وطني ديمقراطي لمناهضة المحاصصة والفساد والتبعية


من أجل دولة مدنية ديمقراطية ومن أجل عدالة اجتماعية - من أجل وطن حر مستقل
بعد مرور مايقارب الشهرين على اندلاع التظاهرات الشبابية الشعبية ضد قوى المحاصصة والفساد والتبعية ، وهي ولادة نوعية لتراكم كمي لانتفاضات شعبية سابقة منذ ان تولت الطبقة السياسية الفاسدة على سدة الحكم بالتخادم واشراف الولايات المتحدة الامريكية من خلال مجلس الحكم ورضى ومباركة حكومة الملالي في ايران .
ان ثورة تشرين هي ولادة وعي جديد للشعب العراقي بمختلف قومياته واديانه ومعتقداته .
من اهم اهدافها الخلاص من حكم المحاصصة العرقية الطائفية ومن القوى الفاسدة والجاهلة و التابعة لدول خارجية بشكل معلن ومستتر ، والسعي لقيام دولة المواطنة المدنية والعدالة الاجتماعية بعد طول معاناة .
أن هذه الثورة تضم كل الطبقات الاجتماعية المقهورة والمستغلة وكل الوطنيين الاحرار وكل القوميات والاديان والطوائف ومختلف التوجهات الفكرية والسياسية المؤمنة باهداف الثورة والتغيير ، وقد تجسدت خلال ساحات التظاهر اروع نماذج التكاتف والتضامن والمحبة بين المتظاهرين وكل جماهير الشعب من شباب وشيبة نساء ورجال .. انها اول ثورة شعبية حقيقية نابعة من ضمير العراقيين الاحرار ، وقد اثبت الثوار بطولة اسطورية في مقاومتهم لحكومة الفساد والمحاصصة العفنة .
نرى ان من الضروري جدا ليكون الحراك منتظما ان تحالف قوى الثورة بكل توجهاتها واطيافها ، وصياغة برنامجها على المستويات كافة الفكرية والسياسية والاقتصادية ... لتقود عملية التحول وصيانة الثورة من كل اندساس للقوى الانتهازية والوصولية من مختلف التوجهات .
من خلال هذا النداء الموجز نتمنى ان تتكاتف كل الجهود ليرى هذا الوليد الثوري من اجل انتصار الثورة بعيدا عن التسييد وفرض الزعامات والولاءات عبر عمل جماعي ينطلق من الحس الشعبي الجماهيري الثوري .
فكل عمل ثوري غير منظم غالبا مايتعرض للشرذمة والانتكاس والفشل ويعطي تضحيات ودماء غير مبررة احيانا .
المجد والخلود لشهداء ثورة تشرين
النصر المؤزر للثوار البواسل
الحرية والسلام والرفاه لشعبنا العراقي العظيم
السيادة التامة والكرامة لوطننا الحبيب
4- كانون الاول 2019

12


                        رواية 
          (( في قرى الجــــــــــــــــــــن))
                       للروائي
                  جعفر الخليلي

 
رواية الحلم بدولة الحرية والديمقراطية ، دولة العلم والعمل
بقلم:حميد الحريزي
 

رواية ((قرى الجن)) 
الصادرة بتاريخ 1948 في طبعتها الثانية من مطبعة الراعي في النجف، أي في نفس سنة صدور رواية ((الضايع)) في طبعتها الثانية أيضاً ((إذا كانت الرمزية طبعت الأدب العراقي المعاصر بوجه عام الى يومنا هذا، فمؤكد أنَّ هذا دليل واضح على نمط السياسة العراقية))جون توماس هامل – جعفر الخليلي والقصة العراقية  ص32.
رواية قرى الجن هي نموذج للرمزية في كتابة الرواية العراقية حيث قال الدكتور جميل سعيد ((خير مثال لهذا الأسلوب–الرمزية- هو "في قرى الجن" لجعفر الخليل الذي استعاد أجواء (ألف ليلة وليلة) و((العقل في محنته)) لذنون أيوب و(أفول وشروق) لخالد الدرة))
جون توماس هامل-جعفر الخليلي-ترجمة الاستاذ وديع غلسطين والدكتور صفاء الخلص ص176
وقد افتتح الخليلي روايته بمقدمة رائعة بإهدائها إلى مدينته مدينة النجف الأشرف، كونها تمثل روح الناس الطيبين المتنورين  الطامحين بالحرية والتحضر والتقدم لمدينتهم ولبلدهم عموماً  حيث يقول:-
((غالى المدينة الزاهرة التي كان لها الفضل في تنشئة حملة الأفكار الحرة.
إلى المدينة التي أخرجت عشرات الشعراء الذين دعوا للمحبة والرفاه والحرية، فكان لها في تاريخ الفضيلة سهم كبير..
إلى مدينة (النجف) القاحلة الجرداء أِلا من الحس والعطف، أهدي كتابي هذا كصدى لروح الطيبين من أبنائها الذين يسعون لخير المجموع ويحبون لغيرهم ما يحبون لأنفسهم)) قرى الجن.
فمن خلال تحليل هذه المقدمة المختصرة للكاتب، يمكن أنْ يلمس المتلقي ما يصبو إليه الخليلي في التذكير بالتاريخ التنويري  لمدينة النجف، وطبعاً لا يقصد الأرض بل يقصد النجفيين من  رواد العلم والمعرفة ودعاة التنوير مقتدين بسيرة الإمام علي (عليه السلام)، كما أنَّه أشار إلى أهمية المدينة وأهلها كونها أغنت الأدب بالشعراء من ذوي الفكر الحر وهي إشارة ذات مغزى عميق.
كما أنَّه يؤشر إلى أنَّ الرأسمال الأكبر للمدينة هو حملها راية الحرية والتقدم لصالح المجموع، فهي لا تعدو أنْ تكون مدينة  جرداء قحلاء، فخرها أنَّها تحتضن ضريح الأمام علي، وهو القائل ((أحب لأخيك ما تحب لنفسك، وأكره له ما تكره لها))، وهذه هي من أسمى وأنبل الصفات الإنسانية التي يصبو إليها الخليلي ومن رافقه.
الخليلي الطامح بالجديد والتجديد حيث ورد في تقريض لمجلة العرفان بحق الخليلي وبحق روايته ((في قرى الجن)):-
((..الأستاذ جعفر الخليلي صاحب الهاتف النجفية الجريدة المرافقة بمباحثها وسائر شؤونها من كتابنا المجيدين المجددين حتى إنَّه كاد يؤمن بقول المرحوم الزهاوي:-
سئمت كل قديم......عرفته في حيــــــــاتي
إن كان عندك شيء...... من الجديد فهات
وهذا الكتاب تكاد  تظنه من قصص ألف ليلة وليلة فتقرأه بلذة وهو يشبه الأساطير القديمة وإنْ كان جديداً بأسلوبه.. وفيه وصف لعالم الجن وهو أرقى بكثير من عالم الأنس، الذي يقرأَ الكتاب يحسب انَّه يقرأ أمراً واقعياً مع أنَّ المؤلف لا يعتقد بالصلة بيننا وبين عالم الجن.. والكتاب تحفة في بابه...)) قرى الجن ص8
وفي مختزل من تقريض مجلة الهلال لوصف رواية ((في قرى الجن)):-
((.. وفق إلى تصوير تلك الحكومة ((الخيالية)) تصويراً رائعاً حتى بات يخيل للقارئ أنَّه حقا وسط بلاد الجن وبين صفوف سكانها وهكذا تمكن الأستاذ الخليلي من تشخيص كثير من الأمراض الاجتماعية والأدواء المزمنة الفاشية بين الكثير بأسلوب قصصي شائق جذاب))قرى الجن ص8      .
وفي وصف رائع لقصيدة طويلة لشيخ الأدباء الجليل عبد الحسين الحلي:-
((شعوب حرة للجن....عاشت وهي في أنِ
وفازت بنظام....... فيه ما يمري وما يهني
نظام أغلق السجن...... فلا جان ولا مجني
فيا للفكر ما أبدع.......... ما يبني أب لأبنِ
وبالله ما أغرب........ وضع القبح والحسنِ
شعوب لا ترى سجينا ....وشعب هو في سجنِ))رق ص9
ومقالة للأستاذ عبد السلام حلمي:-
((لم يقتصر هذا الكتاب القيم إلى ما ألمحت إليه في هذه الإلمامة  على تناول بالبحث والدرس والاستقصاء أهم مسائل الحياة التي تشغل أفكار المصلحين وما يتعلق بالنظم التي تؤمن حرية الشعب ورفاءه وحقوق الأفراد والجماعات وكيف يجب أنْ تكون المصالح والمؤسسات الحكومية والأهداف الإنسانية التي لا جرم من استهدافها للوصول إلى حياة الاستقرار والرجاء ووجوب التساند والإخاء، ويتعدى ذلك مرفرفاً في آفاق أرحب إلى هذه الحروب والمجازر البشرية التي تنشب وتقع بين حين وآخر بسبب فساد النظم والأطماع...))رق ص12   
من يطالع قرى ((الجن)) يجدها مشروعاً إصلاحياً طموحاً كان يشغل عقول الكثير من العراقيين وخصوصاً الأدباء والمثقفين في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، في ظل الحكم الملكي التابع لقوى الاستعمار البريطاني ونهب ثروات البلاد من قبل الشركات الاحتكارية البترولية، والواقع المزري للمجتمع العراقي آنذاك من حالة الفقر المدقع والبطالة والأمية وانتشار الأمراض وعدم نزاهة القضاء والتفاوت الطبقي الكبير بين طبقات الشعب هي الأثرياء من الإقطاعيين والبرجوازية الطفيلية التابعة ومن كبار المسؤولين من الوزراء والنواب ومن لف لفهم، مصادرة الحريات الفردية وقمع كل فعل أو قول ينتقد الحكم الملكي ويسعى للتغيير، وتاريخ العراق كان حافلاً بالأحداثِ الكبيرة من تظاهرات  واحتجاجات عارمة للجماهير العراقية وفي مقدمتها المثقفون والأدباء والكتاب من أبناء العراق سعياً إلى بناء دولة الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والابتعاد عن الأحلاف  الاستعمارية آنذاك، الذي أراد الخليلي أنْ يترجم هذه الأهداف وهذه التطلعات عبر روايته الرائعة (في قرى الجن) التي  مزجت بين الواقعية والواقعية السحرية والغرائبية من خلال سرد متقن وعبارة رشيقة مدهشة، نرى إنَّ هذا الأسلوب من السرد إنما هو  ريادة متقدمة للخليلي في كتابة رواية الواقعية السحرية التي أمتاز بها سرد أواخر القرن العشرين على يد ماركيز وآخرين من الروائيين الكبار ومن حازوا على جائزة نوبل مكافأة لإبداعهم الروائي ولكننا نرى اللامبالاة والإهمال وعدم الاهتمام بمنتج الخليلي الإبداعي الرائع والسباق والمتحدي لأصعب الظروف  للدفاع عن حرية وكرامة وسيادة الأوطان والإنسان، نمجد المنتج الأجنبي وهو يستحق التمجيد بلا شك ولكننا نهمل نتاج أبناء وطننا وكما يقال ((مغني الحي لا يطرب))، ولا نكتفي بذلك وإنَّما  نحاول تكميم فم المبدع ونكسر قلمه ومحاولة قتله كما حدث للخليلي والكثير من أمثاله من دعاة الحرية والتقدم، حتى وصل الأمر بسلطات صدام إلى طرده وتسفيره والبراءة من الخليلي وعائلته ورميه إلى إيران؟!
ولا غرابة أن يبدع الخليلي هذه الرائعة وهو وريث ((ألف ليلة وليلة)) المنتج الأدبي الخالد في ذاكرة الشعوب العربية والإسلامية والذاكرة العالمية أيضا.
فالمنتج الإبداعي الروائي العراقي في مثل هذه الفترة دلالة على  تنسم روح الحرية والتحرر التي هبت على كل العالم بعد الانتصار الكبير على الفاشية في الحرب العالمية الثانية، وإعطاء الأمل للطبقة الوسطى العراقية بتجاوز ضعفها واسترداد أنفاسها من أجل تحقيق أحلامها وأحلام جماهير الأحرار والكادحين العراقيين بالحرية والتقدم والمساواة، وهنا تكمن أهمية إعادة الخليلي لطباعة روايتيه ((الضايع)) و ((في قرى الجن)) في 1948 عام المد الثوري في العراق، عام انتفاضة ووثبة كانون المجيدة ضد معاهدة بورتسموث وحلف بغداد الاستعماري.
وما أشبه اليوم بالبارحة في الواقع العراقي الراهن البائس حيث التبعية وتفشي الفساد والأمية والجهل والتفاوت الطبقي الكبير بين أفراد الشعب، وسرقة ثروات البلاد من قبل الحكام والطبقة السياسية الفاسدة، بالتخادم مع الشركات البترولية الاحتكارية  من مختلف الجنسيات والقوميات، ربما تجعل من الإنسان العراقي  يتحسر أسفاً إلى أيام الخليلي على الرغم من بؤسها!
حيث دفع العديد من الكتاب والمثقفين حياتهم ثمناً لأفكارهم  الحرة والمنحازة للجمال والعدل ونبذ التعصب والطائفية ومحاربة الفساد، فاغتيل ((قاسم عبد الأمير عجام)) و((كامل شياع))  و((الدكتور علاء مشذوب)) وغيرهم من المثقفين والروائيين  والشعراء، فـ ((جعفر نفسه أحد أساطين القصة في العراق، واخلد كتبه الذي لا يزال ينتظر مترجماً قديراً روايته قرى الجن)) هامل –ص72
من أجل أنْ تكون للقارئ صورة ولو مختزلة لرواية ((في قرى الجن)) نحاول أنْ نستعرضها من خلال السطور التالية:-
((زفاف الشيخ طاهر الساعي أبن الشيخ حسون الساعي يزف إلى ابنة عمه اليتيمة في هذه الليلة))رقص14.
يعرض الكاتب مراسيم الزواج بفرح غامر وحضور جمع كبير من الأقارب ووجهاء المدينة رجالاً ونساءً وشباباً، ولكن المفاجأة الكبيرة والمدهشة، هو الهجوم الغريب العجيب على دار العريس  والعروس بالحجارة ومن ثم خطف الشيخ طاهر دون أن يعثر له  أثر، ولا معرفة الخاطفين ولا أسباب الخطف، مما جعل الحزن والأسى والألم يهيمن على أهل الشيخ وعروسه ومعارفه، وحيرتهم في  واقع  ما حدث وأسبابه.
وبعد أنْ عجزوا عن الوصول إلى خبر الشيخ أضطروا للذهاب إلى المُنَّجِم ليكشف لهم مصير ولدهم، فأخبرهم المنجم أنَّه مخطوف من قبل جنية عشقته فأخذته من عروسه أبنة عمه، يطلب منهم المنجم أو ((الساحر)) إحضار عظم هدهد وأشياء أخرى   ليتمكنوا من معرفة مكان الابن ولقائه، ويجب فعل ممارسات وطقوس صعبة تتطلب من يقوم بها أنْ يكون ثابت الجنان شجاعاً   حتى يفوز بلقاء الشيخ إنْ تمكن من تجاوز كل العقبات وهو يرى العجيب والغريب والمخيف والمرهب فإنْ لم يكن قادراً على التحمل ربما يتعرض للخطر، وقد فشلت والدته في اجتياز الامتحان الصعب إذْ شاهدت الأهوال مما هو مرعب ومخيف مما لا يحتمل وتعرضت إلى صدمة نفسية وروحية كبيرة أفقدها توازنها العقلي والنفسي  فانسحبت  معلنة عجزها..
فقرر أنْ يقوم بتأدية هذه المراسيم صديقه الشيخ كريم الغرباوي الذي كان يظنها خرافات وخزعبلات لا تعقل، لكنه  شاهد  الحقائق  بعد أنْ صمدَ أمامَ الامتحانات الصعبة وفي ليلة الأربعين حضر ((مردان العفريت)) ليلبي طلبات الشيخ كريم الغرباوي وإحضار ((5)) ليرات ذهبية.
يرسل رسالة إلى الساعي ويعلقها في شباك الزعفران، فتأتيه رسالة جوابية من الساعي يخبره بمكان وجوده في عالم الجن  مع حبيبته الجنية واَّنه يعيش في سلام وهناء وفرح ويبلغه السلام لأهله.
وقد أوضح ألساعي لصديقه الغرباوي طبيعة دولة الجن  وحكومتها وطبيعة وحياة مملكة الجن، وقد وصف لصديقه عالم الجن، جماله، فرحه، أمانه، عدالته، وأرسل إلى صديقه القلنسوة المسحورة والقلم المسحور وسيلته لكتابة ما يريد من صديقه  ليرسلها في الحال لصديقه ومن ثم يأتيه الرد، وعند لباسه للقلنسوة لم يره أحد.
  كان المجلس الجني الأعلى هو المهيمن على السلطة في مملكة الجن.. حيث ألغى المجلس الاستعمار. تم أعطاء الحرية المطلقة لكل الشعوب الجنية اختيار نوع الحكم وانتخاب الحكومة))  ص64.
واضح هنا ما يرمي اليه الخليلي في طموح الشعوب للخلاص من الاستعمار في عالم البشرية وإعطاء الحرية التامة لشعوب الأرض لاختيار حكامهم، هذا الأمر يبدو مطلباً في العراق الملكي المنقوص السيادة تحت الهيمنة البريطانية، ومحاولة ربطه بحلف  استعماري خطير.
أرسل الساعي إلى صديقه الغرباوي نظارة جميلة من اختراع أحد نبغاء الجن التي أنْ وضعتها على عينيك تكشف ما يخفي  الشخص من المال سواء بين طيات ثيابه أو في باطن الصناديق أو تحت الأرض، مما مكن  الغرباوي من كشف زيف الكثير من المتسولين المحتالين وما يملكونه من ثروات ومكان إخفائها.
كما يعرض لنا التقدم الكبير في مجال الرعاية الصحية المتقدمة جداً واهتمام مملكة الجن بالوقاية الصحية من الإصابة بالأمراض كونها خير من العلاج، وهنا يقارن الروائي ما موجود في مملكة الجن الحلم والطموح والواقع المتردي على الأرض في مملكة  العراق.. ولا نظن إننا الآن أحسن حالا مما كان..
كذلك تميزت مملكة الجن بعدم وجود وزارة للخارجية ولا يحتاج الجن إلى جواز سفر للسفر والانتقال من مكان إلى آخر.. فلا حدود ولا قيود في عالم السلام والعدل والرفاه والحرية الواعية.
الحديث الممتع والطريف حول الدجاجة التي تجيد الغناء التي تبيض كل ساعة بيضة، والربط بين متعة الغناء ومتعة إنتاج الذهب، فالفن والجمال منتجان للثروة المادية والروحية..
كما إنَّ الكاتب يكشف الظلم والاستغلال للطبقة العاملة العراقية من خلال نظارته السحرية ومطالبته بضرورة أنصاف هذه الطبقة الكادحة أداة البناء والأعمار في كل العالم وهي دلالة وعي الخليلي بمكانة وأهمية ومظلومية الطبقة العاملة، وعلى مدى تأثره بالفكر الشيوعي الماركسي حيث كان للشيوعيين وجود وحضور قوي ومؤثر في النجف وعموم العراق وقت صدور الرواية كما ذكرنا ذلك سابقاً.
اهتمام الجن بالثقافة والأدب والفن فقد كانت لهم أغنية رائعة\ هي دعوة للعمل والنقاء والجمال والمتعة والمحبة والفرح وتعتبر هذه الأغنية بمثابة دستور مقدس يستظهره كل جني ويحاسب نفسه على ما أستطاع أن يفهم منه ويطبق مفهومه على حياته العملية فهي كالصلاة التي يرددها المسلمون في كل يوم ولكن الفرق أنّ المسلمين يرددون صلاتهم كما تفعل الببغاء والجن يتلون أنشودتهم وهم يعنون ما يتلون..))ص103.
 هنا إشارة جريئة وواعية تبصر المسلم أنْ يعي ويتمثل مضمون ومعنى صلاته والالتزام بما ترمي إليه هذه الفريضة الإلهية المقدسة.
الساعي يخبر صديقه الغرباوي من خلال رسالة مرسلة إليه من خلال التواصل عبر القلم الذهبي قائلا: ((إنني يا أخي لم أعد ذلك المتلهف المشتاق الوجل على أمي وأبي وأبنة عمي ولا أدري أهو بفضل هذه البيئة الفاضلة والمحيط الراقي أم بسب وسائل سحرية سحرتني بها زوجتي الجنية لأكون لها وحدها)) ص105.
واضح هنا مدى السعادة التي يعيشها الساعي في مملكة الجن  محققاً أحلام كل إنسان في مختلف جوانب الحياة بحيث تنسيه ألم فراق والديه وزوجته عروسه ابنة عمه.
يصاب الغرباوي بالجزع لاحتراق قصره المنيف الذي بناه له الجن وصار أعجوبة لأهل البلدة، ((وأّنَه كان يجزع لفقده النظارة جزعاً كبيراً فقد التهمتها النيران ضمن الأثاث والحاجات الأخرى))ص107.
 فيبعث للساعي رسالة يطلب فيها تزويده بنظارة وقلنسوة جديدة.
الساعي تبهره قرية الجن وحياة الفلاحين الجن في المملكة ((أحسن الأعمال عند الجن هو ما كان مبنياً على أساس الاستقامة والعدل والمروءة، سواء أكان ذلك في ميدان السوق أو الزواج أو الحب أو التربية والتعليم)) ص114.
 وأورد وصفاً لطبيعة التعليم وجمال شكل المدرسة في القرية.
يطلب الغرباوي من صديقه الساعي أنْ ينقله إلى مملكة الجن فلم يعد يطيق الحياة على الأرض قائلاً لصديقه ((إنّي راض بأنْ أكون حماراً ولا أكون أنساناً بهذا العيش وهذه الدنيا))  ص126.
فيودع أمه وقد حمله الجني إلى مملكة الجن بعد أنْ استطاع أنْ يحصل له الساعي على الموافقة للعيش في مملكة الجن.
ينبهر الغرباوي بما شاهده في مملكة الجن اللباس، الجمال، الزينة ومعالم الترف الكبير الذي يعيشه سكان مملكة الجن.
كلف بكتابة مقالات توضح حياة الناس على الأرض ممارساتهم  وأساليب تعاملهم وطبيعة حكمهم.. وقد عدّ مخالفاً في بعض مقالاته وخرق القوانين الجنية، فعوقب  بتحويله إلى نملة من قبل   مجلس قضاة الجن ليتعلم على طبيعة العمل الجمعي التضامني، ثم تم مسخه إلى كلب، غرقه في بحر الدبس، ومن ثم العودة إلى بيت الشيخ غفران..
يصف في مقالاته حالة الحزن والإدمان عليه في الدنيا حيث يصفه ببلاد الأحزان ((بلد الأحزان هذا هو البلد الذي يتعمد أيجاد كل وسائل الحزن والألم والشقاء لنفسه ليحزن ويشقى بمجرد أنْ يموت واحد منه))  ص150((حاحوحا يبو))
((قوما سلوتهم في عزائهم وتفريحهم في مصيبتهم، ولذتهم في شقائهم )) ص158.
((لقد سرت العادة من النساء إلى الرجال فلجأ قسم من هؤلاء إلى اللطم ولم يعد يأنس بغير أخبار الأموات وإقامة الأحزان وعقد المجالس))ص160
((أحزر أية مدينة غناؤها العويل ونشيدها النشيج وموسيقاها دق الصدور ومسارح روايتها وتسلياتها اللطم وأدبها كله أو جله رثاء)) ص160.
كم تبدو هذه التوصيفات جريئة في ذلك الزمان في أواسط القرن العشرين؟ ولا شك أنَّها الآن أكثر وأكبر خطورة وأنَّ مظاهر الأحزان تضاعفت أضعافاً مما عاشه الخليلي، فليته يستفيق الآن ويرى مظاهر شج الرؤوس حتى للأطفال، ولطم الصدور والخدود  وتطيين الملابس والسير على النار وغيرها من البدع الشعائرية  التي لا تمت للثورة الحسينية بأية صلة وووو..
بعد أنْ لمسوا هيمنة الحزن والألم على روحه ونفسيته قرروا ((علاجه يصيرونه بلبلا ًغريداً يصدح بالغناء مدة تكفي لتغيير طبيعته المحزنة الشبيهة بطبيعة البوم))ص165 التي ورثها من مملكة الأرض   
الاستهتار بالقوانين وتفشي الرشوة والفساد في مملكة الإنسان على الأرض:-
((صدقوني إنَّ المخالفة للقوانين العامة والاستهتار بالنواميس الاجتماعية والرشوة بجميع أنواعها وصورها قد بلغت يومها بتلك الزاوية من الدنيا مبلغاً لم يطق معها إنسان أنْ يبول بدون رشوة فكيف به إذا أراد أنْ يبيع وانْ يشتري وأنْ ينقل المتاع من جهة إلى أخرى وأن يبني ويؤسس إلى غير ذلك من مقتضيات الحياة)) ص168.
ليتك تشهد ما نحن عليه الآن أيها الخليلي فقد أحرزت حكومتنا  الدرجة الأولى بامتياز  في الفساد  بين حكومات العالم ؟!
يسهب في وصف حالة الوطني المغرور والمزيف، إهمال المواهب  والكفاءات، ناس هيمن عليهم الكسل امتلكوا السلة والمال وآخرين يكدحون ويجدون دون أن تقدر جهودهم وصفهم بدودة القز، الصحفي المزيف، الكاتب المتزلف، الموسيقار العالم الروحاني.. الخ . هذه صفات حكومة ملكية يتحسر بعضهم عليها  في زمننا الحاضر في ظل الحكومة الديمقراطية علامة الـ  USA
نظراً لكتمان الشهادة بالحق يمسخ الغرباوي إلى كلب لمدة عشرين يوماً، فيرى ما يرى في  حياته الكلبية، وما يلاقيه من الاستهزاء والاستخفاف من قبل الكلاب والقطط في دار أسياده من أهل الجن، ينظم بعد ذلك عرس بين ((بيوض)) الكلب الممسوخ والكلبة ((زه زه)) في احتفال كبير، فالحب والعشق محتفى به  حتى للحيوانات..
يطول الحديث حول رواية في قرى الجن، التي تمثل حلم الخليلي  ومن شاكله من أحرار ومتنوري ذلك الزمان للعيش الكريم ودولة المؤسسات الرصينة ووجود المؤسسات المحترمة من صحة وقضاء وتعليم وفنون والتوزيع العادل للثروة وإنصاف العاملين ونبذ المستغلين الكسالى.
هذه الأحلام التي ما زالت حلم العراقيين من أجل حياة أفضل وهم يعيشون واقعاً حياتياً ربما أسوأ مما كان عليه زمن الأربعينيات  الذي عاشه الخليلي، نتمنى على الجهات الأدبية والثقافية والفكرية الأهلية والحكومية أنْ تبادر إلى جمع وإعادة طباعة كل نتاجات جعفر الخليلي الأدبية والثقافية لما لها من أهمية كبرى  في حركة التنوير المطلوبة في عراق اليوم أكثر من أي وقت  مضى.
تختم الرواية بنهاية صادمة للقارئ الذي عاش أجواء وتفاصيل ومشاهد غريبة عجيبة وكأنها حقائق واقعة من خلال السرد المحكم والأسلوب الرائع في السرد ليخبرنا إنَّ كل ما رواه كان حلماً ليس إلا ((حانت هنا التفاتة من الجدة إلى حفيدها فالفته يغط في نوم عميق فأدركت أنَّ قصتها قد ذهبت أدراج الرياح وأنَّ الولد لم يع منها – إذا وعى – إلا قليلاً فمدت يدها إلى السراج فأخمدت أنفاسه وإلى اللحاف فسحبته وسلمت هي نفسها للنوم))     ص190.
نعم أيها المبدع الكبير والحالم الرائع فالولد لم يع حتى القليل من  قصة الجدة ولو أتيت اليوم لشاهدت الأسوأ فالجهل هو السائد والخرافة مهيمنة والرشوة والفساد تنخر كل مفاصل المؤسسات الحكومية والبطالة متفشية، المال والجاه ملك الأقلية الفاسدة  والقهر والإقصاء والتهميش نصيب الكفء النزيه النابه الفطن  الكادح المثابر.
وأنت أوضح مثال على الأبعاد والتهميش حيث حوربت من قبل المجتمع ومن قبل السلطات فأبعدت وأقصيت أنت وعائلتك  وأحلامك ومشاريعك لتموت في الغربة، نرى إنَّ  جعفر الخليلي  فكراً وثقافة وتطلعاً وطموحاً إنّما كان يمثل صوت أحرار العراق في تلك الفترة من الأدباء والكتاب والمثقفين ورجال الدين المتنورين ومن العمال والفلاحين وعموم الكادحين وصوت القوى السياسية الديمقراطية واليسارية النشطة والعاملة من أجل عراق حر وشعب مرفه سعيد وبناء دولة الرفاه والحرية دولة الإنسان المواطن الحر الكريم فقد كانت هذه الفترة حافلة بالأحداث  مميزة بحراك شعبي اجتماعي مميز متواصل وعنيف من أجل الخلاص.


13

السرد  الناطق ، التجريب  المنتج  والصورة المبهرة
قراءة في   رواية (( تفضل معنا  وو))* 
للروائي   
مهدي   زبين
بقلم :-  حميد الحريزي
 

وداعا  حكايات جدتي :-
الروائي مهدي  زبين  مهموم بتجديد اسلوب السرد ، يحاول ان يبتكر  اسلوبا سرديا مختلفا  عما كتبه  ليس  عن  بقية الروائيين  ولكن  ايضا   مخلفا  عن اساليبه السردية  السابقة ، اسلوبا  عابرا للتقليد ،  وكذلك في  طبيعة  الثيمة  المعتمدة في السرد   ليتجاوز المألوف ، لم يكن يعبث  او   يجرب  بعبثية او دون دراية  ولكني ارى انه كان موفقا  جدا في بث روحا  جديدة غي الرواية العراقية  لتكون بعيدة عن التكرار والاجترار .
 لايحتفظ  مهدي في رواياته  سوى ميزة واحدة،  او لايكرر في رواياته الا على ميزة واحدة   تميزه  عن سواه  الا وهي  ميزة بث الحياة والحركة وانسنة المفردة  فيتلقها القاريئ   كروح  منظورة  وليس  كحروف  مسطورة  ، انه  اسلوب (السرد الناطق)  كما   ارى (( تهمس خطواتي  عند مدخل القاعة ))  ص7،((عصافير الكلام)) ووو8،  وهو اسلوب    لايتمكن منه  الا   مالك خيال  باذخ  وثروة لغوية  ثرية ،  قادر على تخليق  روح  للعبارة والحرف ... كم اتمنى ان تصيبنا  عدوى  هذا الاسلوب السردي   لتحفل كتاباتنا   بالحياة  فنشهد  حروفنا  وعباراتنا   كائنات  ناطقة  تعيش في كوكب  عملنا القصصي والروائي .
هذه  الرواية  هي   توصيف   لحالات  واستعمالات  وصور  عبارة ((تفضل معنا ))  العبارة ذات الاستعمالات  المختلفة حسب المكان والزمان  والواقع المعاش  ،  وحسب  الفرد الناطق  بهذه العبارة ، فعلى الرغم من كونها   عبارة  تحمل قدرا من الاحترام والاحتشام  والتقدير والتوقير   للمخاطب   للداعي  وللمستدعى ...
ففي مجتمعنا   لها  دلالات مختلفة   منه  :- الدلالة على  المجهول الدال على الخوف والارهاب والترويع  حينما يكون  الداعي  رجل  امن  في بلد اللاقانون ، حينما  يتقضلك  معه من الشارع  او البيت  او محل العمل  دون ان  يكون لك  في في طرح اسئلة من انت ، لماذا  والى اين ؟؟  فالسؤال ممنوع   والعتب  مرفوع  في بلد  الخوف  والقهر والخنوع ..
1-     (( تفضل   معي))  كما حصل  مع  عامل الاخشاب  وصاحبه  واقتياده   (( تفضل معنا))  الى دائرة الامن  واتهامهم بسرقة سيارة الاخشاب  التي تعود   لصديق المسؤول  ، فلابد  من  القبض على فاعل  كائن  من يكون  ولايهم ان يكون  بريئاً  ولا علاقة له بالتهمة ، المهم ارضاء المسؤول واثبات الجدارة ، دون  أي  احساس بالذنب  او  تانيب الضمير  حتى وان ادت التهمة الملفقة  التي يجبر البريء الاتهام بها تحت التعذيب   الى الاعدام   حيث  سيكون راضيا  بالاعدام  كخلاص  من   شدة التعذيب  ...
المؤلم ايضا  هو موقف  الناس في مجتمع  الخوف والخنوع  هو تاييدهم  لفعل  السلطات القمعية والامنية   دون علم بمجريات الحدث  فالسلطة  هي الاعلم وهي   صاحبة الحق    المطلق  ولايمكن الاعتراض او التساؤول  ((  تتخاطف اصوات صبية ورجال تشفي بنا:"حيل بيهم" و "عاشت ايديكم"" منصورين ..( حيل بيهم ذوله الارهابيه، فروخ ... )) ص27-28
 فالروائيهنا يوجه  سهام النقد  واللوم اللاذع الى مثل هذه السلوكيات العدوانية  التي زرعتها سلطة الخوف  في نفوس  العامة من الناس.
اخيرا   يتم القبض  على السيارة المسروقة  والسارق  في احدى السيطرات ،  يطلق سراح المتهمين مع    عبارات التحذير وعدم الكلام عما حصل .!!!
2-    ((تفضل  معنا ))   للجنة الاتحادية    لماذا  تكتب  ومن تعني   ب((اكرهكم ))
3-    ((تفضل معنا))  الاستاذ  يريدك    المنظمة الحزبية ،   هنا  تظهر لنا  العبودية والخنوع    من قبل  ((الرفاق))  امام   مسؤولهم  المتغطرس (جبتوه ))  فياتي الحواب ((نعم رفيق  (شنو )) يعصي  على الحزب؟)  ص39 .
وبعد ذلك  يتحولون الى فئران مهانة  حينما يتصاغر مسؤولهم امام   ورقة   يبدو انها  ممهورة  بمهر  مسؤول كبير ،  يوجه اللوم   للرفاق  (( والله النوب اللي يتعرضله ميلوم الا نفسه ، يلله ولو منا ))!!
حتى انهه لم  يدقق في  الورقة    كونها منتهية  المفعول  واتت بطريق الصدفة   في يد((المتهم))   بمناكدت الحزب والثورة ، هذه  صورة   للشخصيات   الكارتونية المتنمرة على الناس والمتصاغرة  امام الاسياد ، صورة لذكاء وفطنة  الفرد  العراقي  وضحكه على ذقون قود السلطة  وزبانيتها .
4-   ((تفضل  معنا ))  لتلبية  حاجة مخرج سيمائي الى كومبارس   يردد كلمات  يلقنها له  وهو يسجل فلما سينمائيا في  المطار ، لايعلم ذلك الا بعد اخذ منه الخوف والرعب مأخذه   وهو يقاد للمجهول ، فيضحك على نفسه .
5-   (( تفضل معنا ))  ليفرغ   الطائرة من احمالها  من فراخ الدجاج  ،  فيخلس  قناني    مياه   علامة ((بيريه)) بنية   وخضراء اللون   متوهما انها     قناني بيرة ،  فيعطيه مضيف الطائرة   منا  مايشاء ، فيسكره  الخجل والوهم   وجهله   بان يكون الماء  بمثل هذه العلب  الجميلة  نظيرة علب البيرة في بلادنا .
6-   ((تفضل  معنا)) دعوة من الحبيبة لحضور امسية  جميلة ، يعيش   حلم  سعادة اللقاء  بالحبيبة ،   تتناوبه اللهفة  والشوق   و مشهد  المافجأة  للمحب   في قاعة الامسية   الفخمة ، يفتش  عنا  يتفرس  الوجوه  ، يمسح  بنظراته  المنصة   وكراسي الجلوس   فلا يجدها  ، يصاب   بالصدمة   حينما يعلم انها  قد فارقت الحياة  حينما يدله  بعضهم عن  لافتة النعي في مقدمة القاعة .
عبر ماتقدم فالرواية  تكاد  تكون مجموعة من  القصص القصيرة يربطها    رباط  واحد   فيلبسها  ثوب الرواية    الا وهو   عبارة ((تفضل معنا )) بمختلف  تجلياتها المؤلة المرعبة ، المدهشة ، الغير متوقعة  الساخرة من الذات  ومن الاخر   ، افرادا او سلطات ، قيما  وسلوكا  وممارسات ...
وقد حملت  هذه القصص   اجمل ميزة من ميزات القصة القصيرة  وملاحتها  الا وهي القفلة  او  الخاتمة الصادمة المدهشة .
مهدي  زبين لايمارس السرد الخيطي المتسلسل متنكرا لحكايا الاجداد والجدات و (سوالفهم) التي كانت تشدنا صغارا في ليالي الشتاء الجميلة  ونحن نتحلق حول  منقلة  الحطب  ونتعطر برائحة مسك الجدات   ورائحة  الشاي المهيل ،  يقطع الصور  ويعرض سلسلة  متناثرة الاجزاء لحياة انسانية معاشة ، لناس  فقراء   ، بسطاء ،   محايدين   حرمتهم سطوة سلطات  ظالمة  واعراف بالية وقهر  الفاقة والعوز من نعمة الامان  والاحساس   بقيمة الذات  وصيانة الكرامة .
فلو  اقتطعنا  احد هذه القصص  فستكون  مكتملة ولاتحتاج لاستكمال بنيتها السردية   وحبكتها الى استدعاء القصص الاخرى في الرواية .
انها   محاولة لعرض بانورامي   لصور وومارسات  وتجسيدات   وتمظهرات ال((تفضل معناو ..))  في  حياتنا   الاجتماعية  المعاشة ، يمكن للقاري ان يضيف المزيد من  من تمظهرات  ((تفضل معناو))  مثلا  ((تفضل معنا)) لتناول وجبة  طعام  في مطعم فاخر  ونحن نعاني من  الافلاس المزمن ، ولكن الداعي المتفضل يتسسلل  خارج المطعم ولايدفع  الحساب  ونقع  نحن في المصيدة ،   وتفضل معنا لحسناء تنتهي بكمين  فنكون فريسة  للضرب   والابتزاز ودفع  الغرامات ، وتفضل معنا  لتصريف وتبادل   بعرض مغري  لعملة باخرى    لنتبين بعد حين انها عملة مزيفة  وهناك الكثير   من المشاهد .
فتظهر لنا  حربنة  هذه ((تفضل معنا ))  وقدراتها الكبيرة على الايهام  ، فمرة  سوط جلاد ، ومرة افعى  قاتلة ،  او  حبيبا  مفقود  ،  او ثعلبا   ماكرا  ..
 الامر الرئيس الذي اكد عليه الروائي  ان  هذه  ((التفضل معنا ))  غلفتها  السلطات  بالخوف  وحرمة ورهبة السؤال  والتساؤول   وهي    صفة   وتوصيف الانظمة الديكتاتورية   في حياتنا اليومية .
(( "تفضل معنا" يالها من جملة أنيقة ، لكنها توحي باتجاهات متناقضة ، ظاهرها يساير اللطافة واللياقة العالية ، كأن احدا يدعوك الى وليمة \ نزهة، أو مناسبة عزيزة، أو تعني قصدا مغايرا ، يفسره سياق الموقف، أنت تحدد صيغة العبارة وكيفية القائها، وتوصيلها الى تأويل يطابق التهديد...))  ص21.

*طبع  واصدار فضاءات الفن   ط2 2019 .
رقم الايداع في دار الكتب والوثائق  ببغداد(1349)لسنة 2019.


14

الرمز ودلالته في سرديات الروائي حميد الحريزي .
الروايات القصيرة جدا. أنموذجا
.
 


الناقد ظاهر حبيب الكلابي

 

...............
لماذا الرواية
القصيرة جدا فهل تعتبر الحاجة الى الرواية القصيرة جدا إستجابة لحاجات نفسية إبداعية تتوسط بين التكثيف المستغرق والعميق للقصة القصيرة والأطناب الممل للرواية الطويلة في الحكي والسرد والوصف بدلالات الزمان والمكان والحدث وارهاصات الشخصيات وتمردها وصراعها
من خلال تأثر الأجناس الأدبية بعدوى إرهاصات الثقافة الرقمية وتكنلوجيا المعلومات التي عودت المتلقي على تقديم الموجز المفيد والمعلومة الراكزة
وسط كم معلوماتي هادر فأضحى القاريء يعيش متلازمةالأنهاك المعلوماتي والأخباري اليومي. فجاءت الحاجة نحو استدعاء أجناس أدبية لتلبي تحقق متطلبات الأنفعال والتماهي والأدهاش من دون الأخلال بالشروط الموجبة لصنعة الأبداع الروأئي من حيث البناء الفني وحضور الحدث وعمق الشخصية ومركزيتها في السرد وقدرتها عبر السرد بالأخذ بتلابيب القاريء وتحقيق التفاعل العاطفي والوجداني المدهش فكانت الرواية القصيرة جدا لكونها تمنح السرد القدرة على الغور والتفسير على المستوى الرمزي والواقعي و لتوفرها على أمكانية فتح مغاليق السرد قراءة بين ثنايا الخطاب وخارجه قراءة جمالية عميقة لقدرتها من الأنفتاح السهل على دلالات الخطاب الرمزية والكشف عن مهيمنات جماليات السرد بالوصف الموجز والصور الساحرة لتحقيق قوة الأدهاش لذا جاء تطبيق الرمز في الروايا القصيرة للحريزي في هذه المجموعة الصادرة عام ٢٠١٩ مطبعة حوض الفرات النجف الأشرف.
عميقا وغائرا وتمثيله لم يكن عشوائيا فالرمز تجربة ابداعية جمالية تحتاج الى جهد سردي وفضاء فكري ضابط للعلاقة بين المنجز الأبداعي وتمثلات الرمز وتشظياته الجمالية والأنية الراكزة على مضمر يلمح الرمز نحوه بتمثلاته ليبعد السرد عن السطحية والمباشرة .فهناك علاقة ابداعية معقدة تقوم بصهر الروابط الأنفعالية بجذور تجليات الخطاب الغائرة في المنظور السردي وصراع الشخصية في محيطها المتخيل
قدم الروائي في هذه المجموعة أربع روايات قصيرة جدا وهي
المقايضة . والقداحة الحمراء.
وأرض الزعفران .والمجهول....
فقد وظف الروائي الحريزي الهم السياسي وعبر رموزه الشخصية والشيئية
ومن خلال متانة صياغة السرد بلغة سهلة قريبة لفضاءات القاريء النفسية والثقافية فالروايات الثلاث بعد اخراج رواية أرض الزعفران تلوح بالهم السياسي الواضح وصراع المظلوم في مواجهة واقع الزيف والفساد وقهر السلطة والحرمان من قبل السلطات الشمولية .
فجاء الرمز في رواية المقايضة برمزها التهكمي الفاضح عبر صورة الذيل في طوله وقصره ليفسر طبيعة الولاء المتغابي والساذج الممنوح بالمجان لصورة الطغيان والأستعباد .فالرمز يشكل إدانة واضحة لمرحلة الخواء والجدب في طبيعة الأستسلام والرضوخ لخطابات المستبد الشمولي . وفي رواية القداحة الحمراء القصيرة جدا يأتي الرمز محمولا من خلال هيمنة الصورة الرابطة القداحة الحمراء بتجليات اللون ودلالة مرجعياته الآيديولوجية وفعلية القدح والأشعال وعبر رمزية المناضل الكردي البسيط العاشق لوطنه وقضيته وخلاصه كاكا حسن الذي عاش اغترابين اغترابا على صعيده الشخصي بعيدا عن وطنه وأهله وقضيته واغترابا في ضياع الفكر والموقف الوجودي بعد فشل المواثيق السياسية مع الانظمة الشمولية فشل مشروع الجبهة الوطنية فقد جاء الوصف الفني مقتضبا للأمكنة يجنح نحو انضاج الوعي بالممارسات الخارجة عن الطابع الأنساني والأستغلال الطبقي فقد جاء فقدان ونهاية كاكا حسن رمزا واضحا لهيمنة القهر وغياب الآيديولوجيا التي تأخذ زمام المبادرة والخلاص وترك القداحة الحمراء الرمز المتمثل بصورة العلاقة مع الجذور والتاريخ والقضية القابلة للأنعاش والتفجير لمن يتمكن من فك شفراتها وطرائق توظيفها .لم يمنح السرد امكانية الغور العميق في نفسية كاكا حسن مع كونه الشخصية المحورية والأشكالية المضببة وغير المستقرة حتى يقذف بها السرد خارج لعبة الوجود لتكون رمزا عريضا للرفض وعتبة مجهولة للأغتراب والنفي السياسي لكونه شخصية لم تكن رمزية شكلية بل رمزية لها تشظياتها على الفعل الأنساني وعمقها الآيديولوجي الممزوج بالبساطة والحياة والأنتماء للقضية والوجدان فكانت شخصيات روايتي القداحة الحمراء والمجهول شخصيات تعاني الوحدة بشكل كوني مرعب لها مبرراتها الفلسفية وارتكازاتها الأجتماعية القاهرة
الروايات القصيرة جدا عند الحريزي تجمع محورين ومسلكين الواقعي والمتخيل بل صار الوهمي والمتخيل أعمق اشتغالا وتماهيا مع الوعي الشعبي رواية أرض الزعفران فقد تداخل الرمزي والوهمي في بنية واحدة عميقة مع تعدد الرؤى مع هيمنة الرؤية الآيديولوجية جاءت الروايات القصيرة الأخرى معبأة بالرمز السياسي وارتكاساته في التغييب والضياع فكانت هناك نصوص لها طابع الأنتماء والتاريخ وتوفر الروايات على شخصيات مثقفة . الأنتلجنسيا .
وحضور الصوت المتعدد أرض الزعفران القداحة الحمراء .
كان للمكان عند الحريزي أهميته ووظيفته السيكلوجية والسوسيولوجية هناك توافق لبعض الشخصيات مع الأمكنة وهناك تصادم لبعض الشخصيات مع الأمكنة القهرية كاكا حسن في الفهود الناصرية في القداحة الحمراء المجهول في غياهب المجهول .الفصاء الرمزي أضحى طاردا للفصاء الواقعي حتى في ارض الزعفران فيمكن فهم عمق المأساة وطبيعة الصراع عبر قراءة الأمكنة وتجاذباتها علائقيا ونفسيا وأجتماعيا.
ان سلطة الرمز ودلالته الأيحائية ترصد مع فهم علاقة الفضاء المكاني لكونه يعد جزءا من فضاء النص الروائي ومرجعياته الواقعية والذهنية والخيالية والتأثير فيها يظهر على الشخصيات والأشياء بقوة فالرمز المتعالق مع الفضاء المكاني المفتوح يمنح الرواية طابع العمق والأيجابية والتأثير فالتعمق في وعي الشخصيات يجعلنا نعثر على رموز ودلالات تتطلع نحو خلاصها الفردي ضوية والمجهول وكاكا حسن وادريس . فكان احساس الشخصيات بالخطر وتهديد المجهول دليلها نحو الفعل الأختياري نحو الخلاص والحرية بعد زحف العفن والجدب والخواء . كما جاءت رواية المجهول عبر رمزية بطلها المجهول الوحيد في غربة وطن تناوشته ذئاب اليوم بين محتل شرير ونفعي نهاب في لعبة سياسة يقرب فيها الماحل ويقصى المناضل الشريف بل قد يتهم هو الخائن حسب مقتضايات السياسة وفنون الأعلام فهو الألم الكبير الذي يكشف عنه السرد عبر حبكة عميقة ومؤثرة فيظهر السرد مدى الأغتراب العميق للمناضل السياسي وهو يعيش حالة انعدام الرؤية بسبب تضبب الفضاء وانعدام الباصرة وسط عالم تسوده الفوضى والخراب فكشف لنا السرد عن ادانة شاملة لكل رموز المرحلة السياسية والأجتماعية لأنها ساهمت بشكل أو آخر على القبول بمناخ يتماهى مع حالة الفوضى وإستلاب الهوية وكشفت عن خطاب سياسي مضمر يطعن بكافة التبريرات السياسية التي تداهن الفوضى على حساب الهوية والتحرر والوعي وفي رواية أرض الزعفران يجنح الروائي نحو الخيال الفنطازي ليؤسس حكاية تتماهى مع انزياحات الخيال الشعبي ليحاكي قصص الف ليلة وليلة ورحلات السندباد والشاطر حسن فالعنوان أرض الزعفران له طاقاته الروحية ومرجعياته الطقوسية الساكنة في تخوم الطلاسم والتعاويذ والتمائم والقوى الخفية هكذا شكل الروائي سرده وبناءه الفني عبر أنعكاسات شخصية ضوية الطافحة بالنور والضياء وسحرها الكوني عبر حكاية تتوسط بين الواقعي والمتخيل والحقيقة والوهم عبر استثمار المخيال الشعبي الأسطوري لبناء حبكة تتفجر بالخيال والدهشة بعدما تمكن الروائي من ازاحة الحواجز بين العوالم الواقعية والمتخيلة بهيمنة الخطاب بضمير المتكلم العليم الذي يشارك في صنع الحدث وتأويله ليمنح الأيقاع السردي حركة دائبة بهاجس التوقع والترقب القلق.

15
((عودة البلشون ))
شعرية باذخة، صورة مبهجة، عمق المضمون و قفلة مدهشة

 
                    للقاص
       عبد الكريم الساعدي

حميد الحريزي
القصة :-
هي عملية تظهير حدث أو ظاهرة أو حالة الإنسان أو حيوان أو نبات وحتى الجماد عبر اللغة بصيغتها الإبداعية الجذابة وليس بصيغة الحكي العادي البسيط، بمعنى هي ليست صورة فوتغرافية للحال والسلوك الظاهرة وإنما هي بالإضافة للتوصيف هي عملية استبطان وداخل الفاعل والمنفعل، انفعالاته، تهيؤاته، تساؤلاته، تحولاته.. وقد استنطق الأدباء حتى الجماد وأنسنة لتوصيف  مشاعره وانفعالاته في حدث ومكان معين.
ممكن أن يروي أكثر من شخص هذا الحدث أو هذه الظاهرة، يمكن أن يحكيها لك أحدهم دون أن يترك لديك كمستمع أو كقارئ أي صورة عن انفعالات وتبدلات من حيث الشكل والسلوك للفاعل وكذلك الشخصيات الثانوية المشاركة.. فتكون ردة فعلك باردة غير منفعلة وغير متفاعلة، وتترك في مخيلتك أية صورة عن الحالة.
في حين يرويها آخر يمتلك خيالاً وخزينًا لغويًا ومعرفيًا ثريًا  وقدرة على التوصيف والاستبطان والتصوير ويمتلك إحساسًا  جماليا رفيع المستوى، فيجعلك تتفاعل مع الحدث ومنشدًا للحكاية سواء كان الحدث بهيجًا سارًا، أو حزينًا، الفهم والتساؤل، القناعة  أو الشك القبول الفرح أو الرفض الغاضب. القاص يستغفلك كقارئ فيأخذك إلى تصور وتوقع لفعل أو نهاية تشاكس سياق السرد فتكون نهاية صادمة او مفاجئة لك كقارئ ومتلقي، فتضيف للقص مزيدًا من المتعة عبر استغفال محبب للنفس، إشراقة وومضة إبداعية وإعجاب في ذكاء وقدرة القاص على الايهام، وتمكنه من التلاعب الجميل بتصورتنا وانفعالاتنا، كمن يغمض عينيك ليضع بين يديك  هدية غير متوقعة.
القص فن جميل ممتع وسهل ممتنع لغير أهله، يتطلب من القاص أن يكون نابهًا حساسًا دقيق الملاحظة، واسع الخيال يميل للتكثيف والاختزال بعيدًا عن الثرثرة رشيقًا لا يحب الترهل والإسفاف.. وأن يمتلك حسًّا وإحساسًا جماليًا شعريًا في اختيار مفرداته اللغوية، ليشعر المفردة بالرضا إن لم يكن شعورها بالبهجة والفرح والامتلاء التام بمعناها وهي في سياق الجملة المصاغة من قبل القاص، يزفها  للقارئ راضية مرضية فتنقله إلى فضاء الجمال  والخيال المشبع بالمعنى والدلالة الخصبة.
القاص عبد الكريم الساعدي يسعدنا وهو يطلق أمام عيوننا ((بلشونه)) الجميل، وكل ريشة من ريشاته تشع جمالاً ودوال وبهجة، مغمسة بماء الورد وعطر السعد ونقاء وصفاء الحضور الطائر في فضاء المحبة والخيال الخصب.
الساعدي يدهشنا حقا في قدرته الابداعية كصائغ ماهر في صياغة وصناعة الجملة، يجملها بشذرات بالغة الجمال من جواهر الكلم المنعش للروح  والعقل.
((امرأة تضيء مفاتنها ظلمة الفراغ، ممهورة بالغنج))، ((عشب جسدها المتوهج بالإغواء))، ((تستقي من وجه الصباح دثارًا لخطواتها)). ((يرتدون البرد جلبابًا، فيرتسم الدمع سلامًا على خديها، تبتلع رضاب الترقب يلفحها سموم الجواب))، ((كان ينزف وردًا أحمر))، ((تتعثر بانطفاء بكارتها))، ((أحتسي قلقي، خدر الإهمال))، ((جبهتي تفترس شظاياها))، ((أسرج دمعي مثقلاً بالخوف))، ((يستيقظ الزقاق بعد منتصف الليل))، (( الليل يكشف غرائزه))، ((يمد ضفائر النعاس على ضفاف نهر فائر بالدهشة))، ((يفتح خزائن أفخاذ شهد))، ((تغازل عجلاً ضيع أسماله))، ((يطارده صدى النهيق، يلغم خطواته بدمع وجعه))، ((الشارع يمشي تحت أقدام الحفاة ))، ((الرصيف ينحني خجلاً))، ((فارشًا موائده في ظل مواكب الصمت))، ((خطواتها مهد من دمع))، ((أنسج لهاثي تحت دفء مئزرها))، ((تلقفته كثبان من النساء الشبقة))، ((تقرعه امرأة شقراء بنهديها الناطين))، ((ترتل جمالاً قديمًا))، ((عطر يشكو أنفاس الخداع))، ((أتوضأ بحروف قراءتي الخلدونية))، ((الأراجيح وحدها ظلت باكية، تهرق دمعها، تنشد ألواح حتى مطلع القيامة)).
الله الله ما أروع هذا العزف باذخ الجمال من حيث الصورة والدلالة، هنا نلمس ونحس وندهش والكاتب يؤنسن الحروف يجعلك كمتلقي تعيد قراءة الجملة أكثر من مرة لتمتع عينيك بصورة ولا أريد أن أعيد عرض هذه  الجملة التي أشعرتنا  بعطر أنفاسها كثبان من النساء، ترتل جمالاً، عطر يشكو، أتوضأ بحروف، مهد من دمع... الخ  سلسلة من نور  يسر الناظرين.
أمام هذا الجمال الباذخ ليس لقلمي إلا أن يرفع قبعته إجلالاً واحترامًا وإعجابًا بهذه القدرة الكبيرة على التعبير والتصوير، فالساعدي يموسق ويؤنسن المفردة شعور، المفردة إحساس، المفردة روح، المفردة ضوء.
أما الجانب الثاني في مجموعة عودة البلشون هو مضمون  قصص المجموعة التي سنعرض باختزال شديد لمضامين بعضها ولا نقول أهمها بما يناسب المقال وفسحة المجال، نتمنى عليكم  قراءة المجموعة والتمتع  بجمال قصصها:-
1-   ايقونة الدفء ص9-12
 ، أنسنة المعطف توصيف ((لمشاعره)) وهو  يرقب من يشتريه  وهو في محل بيع الألبسة، هو الأنيق الجميل باهظ الثمن، كيف يعرض مفاتنه ومواصفاته المغرية على المشتري، يتنقل من على اكتاف الزوج الخائن، تشوهه الخادمة بالمكوي فيتعرض للحرق، يكون من نصيب أول فقير يطرق الباب،  ومن ثم  يعرض للبيع في ((اللنكات))   يكون من حصة سكير حيث يعاني من الإهمال ومزيدًا من الوساخة والعفن، يمزقه الانفجار إلى قطع متناثرة، ترمى في  براميل القمامة لتكون غذاءً للقوارض.
إشارة إلى التحولات والتغييرات التي يتعرض لها كل شيء في الحياة وينتقل من الرفعة إلى الابتذال والإهمال  حد التلاشي، وربما يحدث العكس هذه هي الحياة، القصة تعرض لنا التراتبية الاجتماعية أهل ثراء كبير  رغم أنهم  مبتذلين أخلاقيًا، وفقراء يفتك بهم البرد والجوع،  وآخرين يعيشون على الهامش كما هو حال السكير الذي لا يسلم من جنون العنف والإرهاب فتمزقه شظايا الإرهاب دون أن يحفل به احد.
2-   توهم ص 13-15
حنين وشوق لحبيبة غائبة، بعد اللحاق بها  صدفة / يصدم  أنها امرأة ثانية هنا المفاجأة والصدمة.
3-دمع الأراجيح ص17.
-   أيهم أنت يا ولدي؟ من يدلني عليك؟
أم تفقد ولدها نتيجة العنف المجنون، لا يمكن أن يستدل عليه أحد بين عديد القتلى والمقطع أجسادهم والمشوهة رؤوسهم  والمحروقة معالمهم، مثل هؤلاء لا يمكن أن تستدل عليهم إلا أمهاتهم  من رائحة أجسادهم فهم قطعة من جسد الأم 
((الأراجيح وحدها ظلت باكية، تهرق دمعها تنشد النواح حتى مطلع القيامة.))
توصيف ولا أرع ولا أوجع منه لحالة القتل المجاني للأطفال للحياة.
5- احدهم يتوهم انه صار طيرًا ((كان الهور يمنح ضمد سحر الطلاسم والأساطير، يبشر بغيابه، بينما هو يلوذ بالصبر مذ أتى مملكة الوجع، يحلم أن يكون طيرًا فحسب بيد انه لا يدري أسكن جنوب الوجع، أم سكن الوجع حنوبه؟؟))
للخلاص من فقره وبؤسه ومعاناته بالمقارنة مع طيور الماء الحرة  الفرحة السابحة في الهور  والقادرة على الطيران والهجرة من قارة الى اخرى حينما لم تعد الحياة  تطاق في المكان، وحينما يأتي موسم الطيور في الشتاء ((عند امتزاج خضرة الطائر البراقة باللون الأخضر للقصب والبردي ينزلق في حلم تتكحل السماء باللازورد، عيناه تجوبان الفضاء المديد كطائر مهاجر، تعانقان نجم سهيل، يمد زمانه نحو سرب الطيور، يخلع ثوبه، يرتدي جبة حلمه، يزحف على بطنه، يتكور، ينبت له ريش ملون جميل، يستطيل أنفه، يصبح منقارا، أصابعه تتقلص، تلتصق بطيات جلدية، يصفق في الهواء بجناحيه...)) يستمر القاص بوصفه  الساحر لتصوير أحلام هذا القروي الحالم بالحرية والتمتع بالجمال  والسلام، يفاجئه صوت إنسان ينتفض من قبره،  يهرب ضمد فزعًا   وخوفًا((وبلمح البصر يختفي بين اكمات القصب والبردي بلا عودة، لا يدري، أصار طائرًا أم أصبح طائر الخضيري ضمدا؟
ينص مشبع بالخيال، بين الحلم والواقع، بين العجائبية والواقعية  المسحورة.
5- غزوة الحرمان ص 25
((امرأة تضيء مفاتنها ظلمة الفراغ، ممهورة بالغنج))
حلم الحرمان للتماهي مع صورة جدارية معلقة على جدران الامل، يهب بعيدًا في حلمه، يتصورها يتخيلها ((يهزك صهيل النهدين، ترجرج أردافها..))
يسكر في فضاء الخيال والمتعة وما يعود إلى وعيه حتى ((يرتخي جسدك، ويدك لما تزل معلقة بين فخذيك)) الحب المكبوت،  محاولة تعويض الحرمان بالإمعان بالخيال وتفريغ الرغبة  بارتعاشة وهمية.
6- عذراء شنكال  ص29
((تستقي من وجه الصباح دثارًا لأخواتها))، توصيف  دقيق  مشبع بالألم، لمعاناة الأسيرات من المسيحيات والأيزيديات من قبل ((داعش)) الإجرامي قتل الاحبة الازواج الاباء الاخوان، وساقوا الفتيات سبايا من قبل وحوش دولة الخرافة كما اسماه الروائي  عبد الرضا محمد صالح.
((لقد نحروا سعيدا عند منعطف جنوني، كان ينزف وردا احمر... ساقونا جواري لأسيادهم في ظل غرائزهم الوحشية))، تغتصب  تنتهك عذرية وبكارة الفتيات الأسيرات ((تتعثر بانطفاء بكارتها))، ولكنها تظل تحلم بالعفة والطهارة  رغم دنس الوحوش.
7-  التكوين ص35.
((الشكل يشهر عريه، احتس قلقي، خدر الاهمال، اتوهج بنبيذ شفتيها))
طين يسكن غرفة المنزل ((باذخ الهدوء والسكينة))، يعمل منها  تمثالاً، لصورة معلقة على الجدار،  بعد الانتهاء من العمل يظهر انه يصنع نفسه من الطين ((أدنو منه، أبتسم، ضوء الشمعة يعس ظلاً  واحداً:-
كنت أنا !
سرد مبهر ومفاجأة مدهشة.
وهكذا تستمر قصص المجموعة تنثر على القارئ زهور المتعة، وصور الحكمة والإدهاش، وعمق المعنى في ((صمت))، ((انتظار))، ((ثقب المرآة))، ((خريف المهرج))، ((عطب))، ((عودة البلشون))، ((رجل سيء الحظ))، ((عندما يرقص زوربا))، ((الرفيق ديون يسوس))، ((عزلة))، حنين النوارس))، ((ندم))، ((طقس عبثي))، ((آسف حدث سهوا))، وهو عنوان لأخر قصة تتحدث عن بعض الهفوات الخطيرة التي يقع فيها بعض أحبتنا الأطباء، حيث تختلط عليهم اوراق فيكون الشخص السليم مريضًا، والمريض سليمًا فبعد ثلاثة أشهر وهي الفترة الباقية من حياة الرجل الستيني حسب ما اخبره الطبيب ((يستيقظ على صراخ مخيف، يصدر من بيت جاره، يعلن  موت نبيل)) ونبيل هو الشخص الذي اخبره الطبيب بأنه سليم معافى، وحينما يستعلم من الطبيب  حول  الأمر  يخبره ((آسف جدا، حدث سهوا)) فـ ((يزم شفتيه بعصبية، يبصق في ورقة التحليل، يزيح كابوسًا مرعبًا  بابتسامة هازئة بما تبقى من سنين)) ص91.
نعم هكذا هو القص حيث المفردة الجميلة، الصورة المعبرة، الحبكة  الرصينة، الدلالة الغنية بالمعنى، القفلة المدهشة، يبدو لي الساعدي  يسبح بأريحية في بحر لغوي وثقافي زاخر بجواهر الكلم، جمل قصيرة، متلاحقة متحركة، رشيقة، للفعل الهيمنة في السرد، فعل المضارع  سيد الافعال.
إن موقد قلبه نار إبداع لا تخبو، نار إبداع هو يمتلك حطبها ويمتلك عيدان الثقاب اللازمة لإشعالها ولا يستعيرها من أحد وكما يقول رسول حمزاتوف ((يمكن للإنسان أن يطلب اعواد ثقاب من جاره كي يضرم النار في موقده، لكنه لا يمكن للانسان أن يطلب من اصدقائه أعوادا تضرم النار في القلب)) رسول حمزاتوف رواية بلدي- الفارابي ط3 2006 ص 83. تعريب عبد المعين الملوحي، يوسف حلاق.




16
رواية ((أرجحة الوسن ))
 

صرخة الجمال  بوجه القبح، عسى أن يستيقظ الضمير
                                للروائي
                      مهدي علي ازبين
تجديد في الأسلوب، عمق في المضمون، سحر في المفردة
حميد الحريزي    
الرواية فاتنة العصر، حاملة أسرار الروح، مشرعة الأبواب أمام كل جديد، بانوراما حياة الشعوب، دائمة الحركة متغيرة الشكل، شعارها لا ثابت إلا المتغير، السكون هو الموت، لا تطيق الأسوار حتى وإن كانت من الذهب.
أباحت هذه الفاتنة بسرها لبعض الرواة وعلمتهم أسماء السرد الحسنى كلها، وأمر إله الجمال بفنون الإبداع بالسجود لها فأجابت  طائعة إلا النقد فأبى واستكبر، متعهدًا أن يبقى مشاكسًا لها مغويها بأن تتذوق كل محرم وكل ممنوع وكل محظور، فكان التنافس والصراع  للوصول للأمثل والأكمل الذي لا تحده حدود.
يبدو لي أن الروائي (مهدي علي ازبين) واحد ممن اجتهد ليعلم ويتعلم أسماء السرد الحسنى وقد حصل على الكثير، فأبدع في كتابة الرواية محاولاً في كل  مرة أو في كل رواية أن يلبسها ثوبًا جديدًا من حيث الشكل واللون وخيوط النسج، على القارئ أن يمعن النظر وينشط الفكر والحواس ويفتح صناديق مخزوناته الثقافية  والأدبية كي يتمكن من القبض على مفتاح حصن الجمال والخيال  للرواية المتمنعة الغنج المتباهية بشعرية جملها وصورها باذخة الجمال والخيال، فكانت مثالاً للتجديد روايته (هياكل خط الزوال)،  ورواية (سلالم التيه)، والآن بين أيدينا (أرجحة الوسن) التي أرجحتني معها  كثيرًا حد الدوار، ولم تسقني بكأس متعتها إلا بعد جهد جهيد وإعادة القراءة لأكثر من مرة، فهي مجموعة من السلايدات والأفلام السينمائية القصيرة، عدد من القصص، أو الروايات القصيرة جدًا، لما يجري للمجتمع في الماضي القريب والحاضر، المفارقات، المغالطات، العذابات، السلوكيات بين الظاهر والمستتر، إنها لعبة فكرية إبداعية وهذا هو توصيف الرواية الرصينة كما وصفتها بحق الأديبة لطفية الدليمي ((تمتاز الرواية الرصينة بأنها لعبة ذهنية تخييلية في المقام الاول بصرف النظر عن تجنيسها النوعي وتقنياتها السردية)) لطفية – روبرت ايغلستون – الرواية المعاصرة – دار المدى ط1 ص 13.
  وقد توزع السرد على أكثر من (24) تتقاسمها الشخصيات  التالية:-
هادي، أنيسة ، صالح ، ضياء ، غسان.
فضلاً عن لوحة (مرزا، أنا، الزوج، الزوجة).
يعالج الروائي الظلم والتعسف والحيف الذي تعاني منه المرأة في المجتمع العراقي، سواء كان من المجتمع أو من الحكومات، في وقت تنهش فيه ذئاب السلطة من الأمن والاستخبارات العسكرية  جسد المرأة الزوجة التي توضع بين خيار الإفشاء بسر زوجها  المتخفي عن أزلام السلطة لأن رأسه مطلوب منها لكونه معارضًا  لها، وبين ترك أطفالها الصغار وضياعها إن هي قاومت وتنمرت على الذئاب بعد أن تنكر لها أهل الزوج وتركوها وحيدة مكشوفة الظهر لتعاني الأمرين، يطالب الإخوة والأخوات الزوج بغسل  (عار) هذه الزوجة/ الضحية لأنها اغتصبت من قبل عصابات السلطة مضحية بشرفها وعزتها من أجل خلاص زوجها وحماية  أطفالها...
"نحن هنا لتنفيذ الواجب، حتى يسلم زوجك نفسه، أو نلقي عليه القبض" ص51
"امتهنوا نفسي، يغيرون على مخدعي يصحبهم الليل، يعزفون ألحانهم على جسدي، حتى أدمنتهم – يا للمرارة ويا للقهر– يسكبون لي مختلف القناني يذيبون فيها (حبوبا)، وأنا أعب صاغرة ... يسقون طفلينا عصائر حينما يتعلقان بي، لا يصحون إلا في اليوم التالي، يتطوحان بعيون زائغة" ص50.
بأبلغ العبارات وأدقها توصيفًا- كما ذكرنا سابقًا فازبيِّن يؤنسن الكلمة- يوضح لنا الروائي مدى وحشية السلطة وتهتكها وساديتها، كما يجعلك تتشظى ألمًا لظلم الأسرة ومطالبها بقتل الضحية، وحجم الإذلال الذي يتعرض له ((العم)) وهو  يشهد امتهان الذئاب لجسد زوجة ابنه، ومرارة الأطفال وصراخهم وتعلقهم بوالدتهم فريسة  قطعان الليل.
كما أن الروائي ينقل لنا نموذجًا آخر من معاناة المرأة (العرافة) التي  تفقد زوجها وحبيبها في عبثيات السلطة، وظلم المجتمع  واضطرارها لامتهان طريق الرذيلة وبيع الجسد من أجل لقمة العيش، ولكنهم يريدون تنظيف المدينة من عهرها رغم أنهم وأبناءهم ينتهكون عفتها ويقايضون رغيف الخبز بمتعتهم الخسيسة، حتى وصل بها الأمر منح جسدها بالمجان لمن يريد فماتت منفرجة الساقين تحت طلاب اللذة.
إنها ازدواجية المجتمع وقبح أعرافه وتقاليده، جبن الأغلبية ممن يسلطون سياطهم على المقتول ويتذللون للقاتل، إنه وجع المرأة المزدوج وقهرها الذي لا ينتهي في ظل سلطات إجرامية ومجتمع  خانع متخلف.
وفي أكثر من لوحة صاخبة يكشف الروائي فساد السلطة وتهتكها  ومنها اتهام من كشف سرقة شرطة النجدة لإطارات سيارات المواطنين ليلا أثناء الواجب، وحينما يطاردهم من كشف جريمتهم  يتركون (جك) نجدتهم ويهربون، وفي الوقت الذي يعدّه هو دليل جريمة ضدهم يحولونه هم إلى دليل جرم ضده ويودع السجن  يهان ويذل ولا يطلق سراحه إلا بعد أن يجبر على التنازل عن الدعوى، والمفارقة الأكبر أن لا أحد من الجيران يزوره ويتفقده  ويواسيه عند خروجه من السجن برغم ما قام به من أجلهم والحرص على ممتلكاتهم.. إنه  يبصق بوجه هذا الخنوع وهذا التنكر للمضحين من أجل حماية كرامة وملكية الآخرين.
تعرية أساليب السلطة الديكتاتورية المنهارة في سوق الناس إلى ميادين الحرب ضمن ما يسمى بـ(الجيش الشعبي)، يهرب المطلوب ولكنه يضطر إلى  ارتداء ملابس الجيش الشعبي حفاظًا على كرامة عائلته.
 مهدي علي ازبين  في روايته (أرجحة الوسن) يقدم لنا شريطًا ملونًا من واقع حياة القهر، العهر، والمفارقة، وتجريف القيم في المجتمع العراقي، رواية بأسلوب سردي جديد خلاف التقليد الذي  يروي أحداثًا متتالية متسلسلة تحكي تبدلات وتطورات شخصية واحدة أو أكثر المسندة بشخصيات ثانوية ليكوّن لنا الراوي صورة وحدثًا وظاهرة أو ظواهر لها بداية ونهاية وبؤرة، هنا تبدو الشخصية الرئيسة هي الشعب العراقي وبالخصوص الطبقة الشعبية  الفقيرة المهمشة وهي تعاني من عسف وظلم السلطة الغاشمة  الفاسدة المتجبرة  ورموزها وأزلامها، يظهر لنا صور تشظي القيم الاجتماعية مثل (إنا انزلناه) وتهمة البريء دون حجة، واعتبار  النزاهة والصدق والأمانة أمرًا غريبًا (يريد ايصير نزيه)، ولمن  لا يقبل أن يأخذ ما لا يستحق من المال العام يكون موضعًا للهزء والسخرية (ايريد ايصير وطني)، اتهام البريء وتبرئة المتهم كما جرى للجار الذي كشف سرقات الشرطة لإطارات السيارات.
كما تضم الرواية العديد من المفارقات اليومية، لتضيف للرواية  نكهة من الخفة والمزحة والطرافة كمفارقة راكب الدراجة الذي لا يعرف إيقافها مدعيًا ما لا يعلم، صحوة المدهوس فاقد الوعي الذي تتركه الشرطة عرضة للموت لتنسب تهمة دهسه إلى من ينقذه، ولكنه يصحو من غيبوبته عندما يصدم رأسه بالسيارة.
من المفارقات المضحكة المبكية حينما يصلح الجار الكهرباء لـ(العرافة)، وهي  تمارس  الجنس مع  أحدهم فتلفظ  تأوهات اللذة  (أتت...أتتتتت) مع عودة التيار الكهربائي.
في الختام نقول إن مهمة الناقد الأدبي لمثل هذا النموذج من الروايات مهمة صعبة خصوصًا بعد أن أدمنا على قراءة وكتابة الرواية التقليدية التي أغلبها مطواعة غير متمنعة من حيث  المضمون والتأويل والتحليل، ولكننا نرى أنها مهمة ممتعة وليست مستحيلة، فمن يبحث عن لؤلؤة البحر يجب أن يمتلك القابلية  الجسدية والتجربة ، وعدة الغوص الرصينة، فالرواية هي لؤلؤة في بحر الثقافة والأدب في العصر الحديث وكما يقول روبرت ايغلستون ((إن المهمة الأولى لكل ناقد أدبي للرواية المعاصرة هي متابعة ومحاولة تفهم نمط (التفكير) الملتوي والحافل بالمسالك الالتفافية في الرواية المعاصرة)) روبرت الغستون– الرواية المعاصرة– ترجمة وتقديم لطفية الدليمي،ص215. دار المدى2017.
لا ندعي أننا أحطنا بكل جوانب الرواية من حيث الأسلوب، والمضمون، والشكل، فهناك الكثير مما يجب أن  يحظى بالدرس في هذه الرواية (الصغيرة) الرائعة.

17
هياكل خـــــــــــــــــــــــط الزوال 
بين عمق الدلالة وفيض الجمال
              للروائي
مهدي علــــــــــــي ازبين




 

((إننا الروائيين سوف نكون أشباه الآلهة)) فرنسوا مورياك الروائي وشخوصه – ترجمة علا شطنان التميمي ص78. دار المأمون ط1.

بقلم :- حميد الحريــــــــــــــــزي
 

 قول في التصنيف والتعريف:-
هذه الرواية أو كما عرفها المؤلف بنص سردي، فمن المعروف أن كل رواية أو قصة هي نص سردي، ولكن ليس كل نص سردي رواية، لكن السؤال ماذا أراد المؤلف من وراء هذا التوصيف  لمؤلفه هذا ولغيره كما درج عليه مهدي علي ازبين، هل يريد أن يؤكد مقولة تداخل الأجناس الأدبية وذوبان أو ميوعة وتداخل الحدود فيما بينها؟؟
أو أن الكاتب أراد أن يترك للقارئ والناقد عملية التصنيف والتعريف بمنجزه الإبداعي دون أن يفرضه عليه أو يقيده   بحدود توصيفه كونه قصة أو رواية أو خاطرة... الخ
أرى أن التفسير الأخير لدلالة المؤلف وتعريفه لمنجزه، فهو لا شك نص إبداعي سردي يفيض بالجمال ومشبع بالدلالة وعمق المعنى والفرادة والتميز في اختيار الراوي العليم ((الكلب)) في الرواية العراقية، ولكن هل هو رواية ؟
((إن الرواية تعبير إنساني، وجد منذ القدم، واغتنى بإضافات عديدة من لدن مبدعين ينتمون إلى ثقافات وحضارات متباينة، من ثم يصعب القول بوجود شكل روائي فرنسي أو أمريكي أو روسي أو عربي، بل هناك شكل مفتوح، مستوعب لمختلف الإضافات، يتوفر على مكونات نصية وجمالية تتعدى ((الأصل)) الاثني أو الثقافي لأنها مكونات تعتمد السرد والتخييل والحبكة وتعدد اللغات والأصوات، وهي جميعها عناصر مشتركة في التراث الروائي الإنساني المتفاعل باستمرار)) ص49 الرواية العربية ورهان التجديد د. محمد برادة مايو 2011
تعريف جان غوستاف لوكليزيو للرواية ((تقوم الرواية على اللايقين والتساؤلات وإعادة النظر أنها نظرية من لا اكتمال الحياة. الرواية جنس تعبيري للحاضر، إنها وصف لحالة العالم والمجتمع والذات، وبهذا المعنى فهي تلائم تمامًا عصرنا الذي هو عصر شك وعدم تيقن من المستقبل)) ص40 الرواية العربية ورهان التجديد .                                               
((الرواية كلا ظاهرة متعددة في أساليبها متنوعة في أنماطها الكلامية، متباينة في أصواتها... الرواية تنوع كلامي ((وأحيانا لغوي، اجتماعي منظم فنيًا وتباين أصوات فردية)) ص9-11 الكلمة في الرواية – ميخائيل باختين – ترجمة يوسف حلاق ط1 دمشق 1988.
فلو راجعنا مختلف تعريفات وتوصيفات الرواية التي اعتمدت من قبل كبار الروائيين والنقاد لوجدنا أن ((هياكل خط الزوال)) رواية بدون شك.
فهي بالأساس فن سردي يقص حكايات بصورة نثرية سواء من الواقع المعاش أو من بنات مخيلة المؤلف والذي غالبًا تمتد جذوره في أرض الواقع مهما كانت درجة عجائبيته وغرائبيته، ولكنه مشروط بعد استنساخ الواقع بل تخليقه وتصنيعه فنيًا وأدبيًا  فلا يكون سردًا تاريخيًا أو تسجيليًا...
كما أن الرواية هي عملية تذكر غالبًا ما يكون أحداثًا تروى إما بشكل متسلسل زمنيا أو متداخل ينتقل فيه الراوي من زمن إلى آخر قد يكون اللاحق سابقًا ومستهلاً للرواية أو يسير سيرًا تقليديًا متواترًا، كما أن الرواية تتطلب حضورًا للمكان والزمان أثناء عملية السرد وقد تكون شخصيات الرواية بشرية أو تروى على لسان الحيوان كما في روايتنا فالروائي العليم هنا ((كلب)).
وفق ما تقدم يحق لنا أن نصنف ونجنس ((هياكل خط الزوال)) برواية لأنها تمتلك كل مقومات الرواية وشروطها الأساسية.
العنوان ودلالته:-
عنوان الرواية أو عنوان أي نص أدبي هو من يملك المفتاح السحري لمغاليق العمل الروائي ومصباح إضاءة وإنارة لخبايا وزوايا ودلالات النص الأدبي والروائي على وجه الخصوص...
عنوان رواية ((هياكل خط الزوال)) في الحقيقية إجابة استباقية  على تساؤلات القارئ الناقد حول مكان وزمان الرواية، فخط الزوال هو خط التلاشي والذي تنطلق منه أو تستدل به كل خطوط العرض والطول  في الكرة الأرضية، ونقطة تقاطع خطوط العرض والطول هذه تحدد المكان المعين على الأرض، وحينما تكون الرواية هياكل خط الزوال فهي أحداث وصور وأساليب تمارس  على كل الأرض دون استثناء ولا تخص دولة بعينها أو أرضًا بعينها دون غيرها، هذا يشير لنا تاريخ البشرية وتاريخ الشعوب  ضمن مسيرتها الطويلة ولحين التاريخ، فهو تاريخ حروب وصراعات دموية هوجاء سواء أكانت داخلية بين الشعوب  وحكامها أو بين الطبقات الاجتماعية والأديان والطوائف في داخل البلد أو بين الشعوب وحكامها، أو كونها حروبًا خارجية بين  دولة وأخرى أو بين عدد من الدول كما في الحرب العالمية  الأولى والثانية .
فالكاتب هنا لم يذكر لنا مكان وزمان الرواية؛ وإن كانت تدل حيثياتها وإحداثها أنها حرب نظام مستبد وطاغية على أبناء شعبه   وربما يمكننا الاستنتاج أنها مستلة من أحداث إخماد الانتفاضة الشعبية الآذارية عام 1991 ضد نظام الديكتاتور بعد هزيمته في حرب الخليج .
الكلب والإنسان \ الكلب شخصية محورية في الرواية:-
تذكر بعض البحوث والدراسات في ما يخص علاقة الإنسان بالحيوان  فتشير إلى أن الإنسان روّض الكلب أو الكلب رافق وصادق الإنسان منذ 14000 إلى 150000 ألف سنة خلت، فهو من أقرب الحيوانات إليه، وقد تميز عن  العديد من الحيوانات  كونه تميز بالوفاء والإخلاص الأعمى  لسيده الإنسان ومصاحبته  في مختلف الظروف، ربما يشاركه في هذه الصفة الحمام الزاجل   حين يعتاد على مكان محدد، فنرى أن البقرة والحمار والفرس حينما تباع أو تساق إلى مالك جديد أو مكان جديد تتأقلم معه  وتتعايش مع سيدها الجديد ولكن الكلب يصعب تطويعه وجعله ينسى ويتناسى سيده وصاحب نعمته الأول لذلك كان له ذكر  واسع في التراث الأدبي والحكواتي وحتى الديني  للإنسان وليس  خافية علينا قصة أهل الكهف وخامسهم كلبهم.
كتبت العديد من الروايات والقصص العراقية والعربية والعالمية  على لسان الحيوان وخصوصا الكلب ونذكر بعضًا منها على سبيل المثال وليس الإحصاء :-
-   رواية ((حرب الكلب)) لإبراهيم صنع الله.
-   تحريات كلب – لفرانز كافكا .
-   رائحة الكلب-  للكاتب الجزائري جيلالي خلاص.
-   مذكرات كلب عراقي- للروائي العراقي عبد الهادي سعدون .
-   كلب آل باسكرفيل – آرثر كونان .
-   الكلب الأبلق الراكض عند حافة البحر - جنكيز ايتماتوف .
-   رواية حوار كلب – للروائي الاسباني ميغيل دي ثيربانتس سافيدرا.
-   الكلب السائب -  للكاتب الإيراني صادق هدايت .
-   موت كلب – قصة للكاتبة بثينة الناصري
-   ((كبرياء كلب وحنان كلب، وغيرة كلب، وبصمة كلب)) أربع قصص قصيرة للقاص والروائي حميد الحريزي .
هنا نريد أن نقول إن الكاتب مهدي علي ازبين الأول في كتابة رواية يكون فيها الراوي العليم الكلب ونؤكد كونه  أبرز من اجترح هذا الأسلوب من السرد الروائي  في العراق خصوصا حسب علمنا.

مراحل  حياة ((كلب)) ازبين  وتحولاته :-
لا يعطينا الكاتب صورة عن شكل ولون ومميزات كلبه   الراوي العليم، فهو لم يؤثثه؛ بل وصفه بجرو يتعرض للملاحقة والمطاردة بدفع من قبل السلطات للقضاء عليه وعلى أبناء جنسه كونه مخلوقًا فائضًا سائبًا فائضًا عن حاجة الإنسان في بلد الدكتاتور الذي أراد أن  يطوع الإنسان في بلده على العنف والكراهية وتمرينه على القتل دون  تساؤل ودون تردد  مبتدئًا بالحيوان المسالم البريء، ليعده نفسيًا وسايكلوجيًا وسلوكيًا لمهاجمة وقتل أبناء جلدته من البشر أيضًا دون تردد ودون تساؤل وإنما لإرضاء رغبة الحاكم والنظام القائم وهو ما حدث بعد ذلك ليكون ((الجرو)) شاهدًا على  قتل الإنسان وإذلاله واغتصابه  وليأخذ دور حاميه والمدافع عنه والمحافظ على وجوده وكرامته حيًّا أو ميتًا المهدورة من قبل أخيه الإنسان...
فكان الجرو المدافع ضد وجود سيدته ضد من فهم أن  خطيبها يريد سلبها منه وخطفها من عائلته فعاجله بعضّة  شرسة دامية في إليته حينما كان يتبختر ببدلة عرسه الجديدة...
ولكنه أحس بالجبن والعجز بالدفاع عن سيدته حينما تعرضت للاغتصاب من قبل العسكري حامل المدية الذي اقتحم الدار هو وزمرته واغتصب الابنة الكبرى وربما والدتها، مدعيًا بأن لا حول ولا قوة له بصدّ الجاني المغتصب بينما تصوب إلى جمجمته فوهة سلاح حارس المغتصب. فيردد مع نفسه متهمًا إياها بالتخاذل ((ألوم نفسي "متخاذل")) ص45.
وهنا إشارة بأن الحيوان الحامي لا يمكن أن يكون بديلاً عن الإنسان في الدفاع عن حريته وصيانة كرامته، فماذا عساه أن يفعل حيوان لا يمتلك سوى أنيابه ومخالبه وسط خضوع  وخنوع كل سكان المدينة مغلقة الأبواب خوفًا وهروبًا من بطش العسكر الذي استباح المدينة...
ولكن هذا الجرو الذي أصبح كلبًا ناضجًا كفر عن ذنبه  ومهادنته وانهزاميته هذه في الاستبسال حد الموت في منع  الكلاب والذئاب والثعالب والقطط من تمزيق جسدي سيديه الأب وابنه الأوسط اللذين وجدهما مقتولين في الأرض الجرداء، وتمكن من صد هذه الحيوانات المتوحشة وتمكن من دفنهما والحفاظ عليهما حتى حضور الأم الزوجة والولد الأكبر والعثور على جثتيهما بدلالة الكلب الوفي الذي ربما فارق الحياة بعد ذلك في المكان نفسه.
نسبية الخير والشر، الإنسانية والتوحش:-
وفي الوقت الذي أشار فيه الروائي إلى نسبية نزعة الخير والشر نزعة الإنسانية والتوحش عند البشر كذلك هي موجودة في عالم الحيوان ومنها الكلاب...
فكما كان كلب العائلة متمثلاً بأرقى قيم الإنسانية من حيث الرحمة والإخلاص والوفاء التي تخلّى عنها الكثير من البشر، كذلك هناك كلاب وحيوانات شريرة ومفترسة  وشريرة، وقد تعرض أشرسها للهزيمة من قبل كلاب خيرة  تمكنت من إصابته بعدد من الجروح  وبتر ذيله الذي أصبح لعبة من قبل القطط!!
كذلك هناك تناظر لحالات الخيانة والدونية بين الأعداء في عالم الحيوان وعالم الإنسان حيث يكون الفرد وسيلة  للإيقاع بابن جلدته متعاونًا مع عدوه، كما هو حال الكلبة الخائنة المتواطئة مع الثعلب وتمكينه من افتراس دجاج القرية في الوقت الذي يجب أن  تكون هي الحامية لها  من شر الثعالب.
للتعبير عن موضوعيته في سرد الأحداث وتظهير السلوكيات ذكر لنا الكاتب سلوكيات متباينة من قبل حتى  عساكر النظام فربما يكون بعض منهم مغلوبًا على أمره  وغير قادر على العصيان والتمرد للانتصار للقيم الإنسانية وقيم الحرية والعدالة ولكنه يحاول إثبات إنسانيته متى توفرت له الفرصة الممكنة غير القاتلة، مثال ذلك الضابط العسكري فارع الطول وبالغ الهيبة الذي أخذ الطفل الجريح وتطبيبه في الطبابة العسكرية وإعادته إلى أمه سيدة المنزل  وهو طافح بالحنان والرقة والإنسانية، بالضد من العسكري حامل المدية وهي إشارة وتلميح ربما لقادة فدائي صدام  وجلاوزة عدي أو بعض أفراد الحرس الجمهوري الخاص الذي كان بالغ العنف والشر والذي اغتصب النساء في المنزل دون رحمة، وعجز الجندي المتعاطف مع الضحية  وكانت دموعه تسيل على خديه ألمًا وغضبًا لما جرى من عملية انتهاك واغتصاب لعفة وعذرية الفتاة الشابة في المنزل.
كذلك أشار لنا الروائي إلى وجود حالة من التضامن والمحبة  بين الناس بعضهم البعض رغم كل أساليب السلطات على قتل هذه الروح  ومحاولة تفكيك المجتمع وتجريف كل قيمه الايجابية النبيلة، كان هذا الموقف ممثلا من مجازفة ومغامرة الجارة على إيصال المرهم الشافي والضمادات  للبنت التي أصيبت بالحرق في قدمها جراء انسكاب الزيت المقلي عليه، متحدية الرصاص والخوف متسلقة الجدار البيني بين المنزليين تمتلكها روح التضامن والدعابة لتخفف  من الأم الجارة  رغم المخاطر ولعلعة الرصاص.
الحبكة الروائية  وأسلوب السرد :-
الرواية يمكن عدّها من الروايات المدورة حيث تبدأ من حيث تنتهي، كما الرواية تنحو منحًا غرائبيًا عجائبيًا حينما تجعل   كلبًا راويًا عليمًا وليس أحد الشخصيات الروائية كما في العديد من الروايات التي أشرنا إليها سابقًا، وتجعله  يصارع  الكثير من  الكلاب وغير الكلاب من الحيوانات المفترسة، بأشكال وهيئات مختلفة، ينطقها ويجعلها تحاور بعضها،  وتجري في دواخلها منولوغًا حواريًا داخليًا، وكأنه يقوم  بمتابعة  وتظهير مشاعر الكلاب وتصوراته واسترجاعاته في أوقات مختلفة محاولاً قدر الإمكان أن يكون مستترًا  خلف الكلب المأنسن بعد تكالب الإنسان المدجن من قبل السلطات ولم يحِد الروائي الكاتب عن هذه الحالة إلا في  مداخلته وتساؤله حول سلوك الكلب وقيامه بحماية الجثتين لسيديه الأب وابنه الأوسط ((ميتان منذ صباح الأمس، ملقيان على الأرض.. والعجيب هذا الكلب لا يفارقهما، يتنقل بين الرجل والفتى. هل يحرسهما؟؟)) ص59.
نرى أنه إيضاح فائض عن الحاجة أكيد القارئ سيصل إلى هذه النتيجة وهو يتابع معاناة الكلب وإصراره على حفظ جثتيهما وحمايتهما من الحيوانات كي لا تنهش جسديهما، وقيامه بعملية دفنهما وتوسد قبريهما إلى حين حضور  الزوجة والبنت والابن الأكبر، وكأنه يسلمهما الأمانة  وليسلم روحه معهما بعد أن تعرض لأذى كبير وجروح خطيرة  أثناء عراكه مع الكلاب والثعالب والقطط .
كان الكاتب فطنًا وذكيًا ومتابعًا لحركات وسكنات الكلب منذ دخوله لاجئًا إلى بيت الأسرة التي رعته وحتى هلاكه وهو يحرس الجثتين..
كما أنه كان دقيقًا في توصيف الضحايا  وهم  ناس مسالمين لم يحملوا السلاح ضد السلطة، فمثلا الأب طلب تزويده بعصا ليهشّ بها الكلاب الذي قد تعترض طريقه ولم يحمل   سلاحًا ناريًا ولا سلاحًا جارحًا، وهي إشارة إلى مدى وحشية النظام وقذارته واستهدافه للناس العزل من كل سلاح وهذا بالفعل ما حصل للكثيرين أثناء أحداث انتفاضة آذار  عام 1991.
رغم ذلك نرى أن هناك  صعوبة في  إقناع القارئ أن الكلب ذو حاسة الشم القوية جدا يقدم على شرب النفط متوهمًا   كونه ماءًا، وكذلك  صعوبة إقناع القارئ بأن الكلب قادر على الإمساك بقنينة الخمر ودلق محتوياتها في جوفه فيسكر، ناهيك أن شارب الخمر لا يمكن أن يرمي قنينة الخمر إلا بعد  إفراغها تمامًا.. لا نرى أن  للمؤلف حاجة في ذكر هذين المشهدين ولو من أجل تلطيف جو السرد  وإدخال نوع من الطرافة في الرواية المشحون بالألم  والمشاهد المؤلمة والحزينة، كنا نأمل أن يكتفي بطرافة عضّ الكلب لخطيب البنت، وبوصية الكلب الثري بأملاكه  للناس من موظفين من دون ذكر القاضي الذي جعل من الكلب  المذموم إنسانا مرحومًا طمعًا بحصوله على جزء من ثروته ((ألم يوصي المرحوم بشيء آخر)) ص62.
وتوصيف كلابنا للأجنبي محاولاً إقناعه بأن كلابنا أكثر ذكاءً من كلاب الغربيين، فهناك كلب  يقوم بدور الشرطة السرية، والكلب الوسخ الملطخ بدهن السيارات ((إنه يصلح السيارات))، والكلب الغاطس في بركة قذرة ((إنه كلب عاطفي وحساس لقد سمع للتو  بنبأ وفاة حبيبته)) ص68
و((هل أصبحت محلتكم كلها كلابًا)) ص69
من خلال سرد وعبارة رشيقة وجملة محكمة شدنا الروائي  إلى متابعة حركات أفراد العائلة من كونها عائلة سعيدة ومنسجمة وهانئة ومحبة للخير وللحيوان، إلى عائلة  مكلومة منكسرة فقدت الأب والابن الأوسط ، وعفة وشرف الأم والبنت الكبرى، ولكنه يبدو غير مقنع من الناحية المنطقية للأحداث وخطورة الوضع القائم أن يجعل الأم تقرر العودة ثانية إلى المدينة بدعوى تفقد الدار بعد أن تركتها مجبرة تحت تهديد السلاح وطلب العسكر إخلاء المدينة  بأسرع وقت، مما عرضهما لمهاجمة العسكر والتعرض للاغتصاب خصوصًا وأن الزوجة تعلن موقفها  حين تقول ((خسارة الأموال يمكن تعويضها، أما خسارة الإنسان لذاته فلا تعوض)) ص57  بمعنى أنها تفضل الحفاظ على النفس على المال كمبدأ حياتي لها فما الذي يدفعها للعودة للدار وتفقدها صبيحة اليوم الثاني رغم جسامة المخاطر؟ وكأنه لم يجد وسيلة لاغتصابهما إلا بعودتهما، في حين كان الأمر ممكن الحدوث قبل مجيئهما للواحة في المرة الأولى، كما أنه صنع هذه العودة ليبرر حالة عدم التقاء رب الأسرة وولده الأوسط للزوجة والبنت الكبرى ومن ثم البحث عنهما   ومقتلهما في الطريق صوب المدينة.
نرى هنا خلل في الحبكة ويمكن اختزال الحدث واعتماد الحدث الأول لتصنيع وهندسة مشهد الاغتصاب ومقتل الأب وولده..
نرى أن الروائي تطرف في عملية الاختزال والتكثيف  للمشاهد والصور التي يفترضها الحدث محملاً القارئ  عملية تصنيع المشهد المفترض كما في توصيفه لعملية الاغتصاب وما يفترض أن يرافقها من صراخ ومقاومة  وتمزيق ملابس الضحية ومصاحبة دماء النزف للضحية العذراء ضمن عملية الاغتصاب الوحشية من قبل العسكري  المتوحش.
كما أن الروائي لم يؤثث شخصيات الرواية فهي مجرد   تسميات أب وأم وطفل وبنت كبرى وولد أكبر والوسط   وخطيب، دون ذكر أي توصيفات لأشكالهم  وأطوالهم ولون  العيون والحركة المميزة لكل منهم، لترتسم في ذاكرة القارئ صورة للشخصية تعايشه بعد الانتهاء من قراءة  الرواية، كما فعل مثلا في توصيف ولو مختصر جدا  للضابط الملازم أول الذي احتضن الطفل وتطبيبه في الطبابة العسكرية كونه شابًا فارع الطول ذا كبرياء وشموخ، وقسماته التي تدل على الحزن وعدم الرضا عما يحدث. في حين لم يصف المجرم المغتصب بما  يتناسب مع شخصيته المتوحشة الشريرة.
كما أننا لم نستمع إلى الحوار الداخلي لأغلب هذه الشخصيات: البنت المغتصبة، والأم المكلومة، والأب الملهوف لرؤية ولقاء زوجته وابنته العزيزة وما اعتراهما في طريقهما للمدينة وتوصيف اللحظات الأخيرة لهما قبل  الموت قتلا برصاص العسكر، بل حصر هذه الحوارية   بالكلب فقط .
كذلك الحال بالنسبة للمكان فليس هناك توصيف للمكان:  البيت، الحي، الواحة، فهي ليست أكثر من دوال الحضور بدون أية سمات وأشكال ومواصفات، ربما يرتبط هذه برغبة الروائي عدم الإفصاح عن مكان وزمن الحدث  بالضبط  كما أسلفنا عند الحديث حول عنوان الرواية.
لا شك أن الروائي أدهشنا في سعة خياله واجتراحه لهذا الراوي العليم غير المسبوق في الرواية العراقية على الأقل، وكما يقول أحدهم ((لو اكتمل الشيء مات)) فليس هناك عمل روائي مكتمل .
رواية ((هياكل خط الزوال)) عمل سردي مميز  ومتفرد من حيث الثيمة وأسلوب السرد تحتسب للروائي المبدع مهدي علي ازبين .



18
هم  ناقصه وهم عــــــــــــــــــوره !!!

كنا قد توقعنا ودون الادعاء بالنباهة  المميزة  في مقالنا ((ما نرجه بالصفصاف يطلع تمر بيه))، ان حكومة المكلف سوف لن ترضي ابسط طموحات المواطن العراقي الطامح بالأمن والعيش الكريم ، فالمعطيات تدل دلالة واضحة ، الى هذه ألنتيجة فالمكلف لم يكن جديدا على ذاكرة المواطن العراقي ولم يزل مقعده في الحكومة والسلطة العراقية المحاصصاتية ساخنا ، كما ان قبة البرلمان شغلت  مقاعده بنواب لم ينتخبهم سوى اقلية من الشعب ألعراقي ورغم ذلك فأن النتائج كانت تفوح منها رائحة التزوير والتدوير والفساد وقد تمت عملية ترقيع شقوق وسد ثغرات فشلها  بعد ان استشعرت الطبقة الحاكمة ان كرسيها قد هزته تظاهرات وانتفاضات مدن العراق في المنطقة الوسطى والجنوبية، وكالعادة تمكنت بالتخادم مع ؟آخرين لهم سطوة على ألشارع وعن طريق دس بعض المخربين لإفساد التظاهرة ، فخمدت جذوتها ...
فتنفسوا الصعداء واغدقوا الوعود بالإصلاح والخطوات  الملاح ، بأنهم سيوفرون العمل والكهرباء ويزيلوا الاملاح  من مياه البصرة  عن طريق حكومتهم الموعودة ..
فكانت ليلة الاربعاء على الخميس، ليلة خيبت الآمال وبددت الاحلام ، فقد ظهر الفارس المكلف ، واهن القوى  وأسماء اغلب وزرائه لم تمر على بال ، بين شيخ هرم  وشاب قليل التجربة والعلم ، ناهيك عن كون شهادات اغلب الوزراء واختصاصاتهم لا تتناسب مهامهم الوزارية  ولا اختصاصات وزاراتهم ، وقد اصبح اسم وزير الثقافة المرشح لوزارة الثقافة شاهد يأس واستهزاء من قبل الاغلبية  لكون المرشح اسم  ليس له  أي باع   في مجال الثقافة والفكر والأدب  قياسا بقامات وأعلام  معروفة  في هذا المجال من مفكرين وأدباء وكتاب ...
كما دلت مشادات وحوارات قبة البرلمان على صراع عاصف بين مختلف القوى حتى من قبل من دفعوا بالرئيس المكلف ليتبنى المسؤولية .
وحينما  سالت الحكيم العريان حول  كابينة الوزارة  الناقصة  فأجابني  ضاحكا :-
عمي هاي موبس ناقصه  وإنما  ناقصه وعوره ...
وينطبق المثل  القائل (( المارضه بجزه*  رضه بجزه وخروف)) ، على من كان يتوهم  بالإصلاح والتغيير  واستبعاد المحاصصة  العرقية والطائفية ...
•   الجزه \ صوف الاغنام  بعد جزه  من جلدها ، فيكون بشكل  لفة صوف تدعى جزه .

حميد الحريزي.


19
   
(( العراق –السيادة المنتهكة- الثروة المنهوبة – الامن المفقود))

الكتاب الذي صدر حديثا  للبرفسور استاذ القانون الدولي ((حكمت شبر )) عن دار ((الزمان)) للطباعة النشر  ...
 وقد كان  لنا  فخر كتابة مقدمته  ادناه  نتمنى ان يحضى  باهتمامكم ...
المقدمة :-

:-   
جهد فكري  مميز وأدلة  قانونية  لا تدحض ...

(( إذا كان الاستعمار أعلى مراحل الرأسمالية فالعولمة اعلي مراحل الاستعمار )) حكمت شبر

الدكتور حكمت شبر علم من أعلام  القانون في العراق ، له العديد من المؤلفات  الهامة  ، وبذلك فهو  غني عن التعريف في  هذا المجال القانوني ....
كما ان الأستاذ الدكتور  حكمت شبر  شخصية وطنية عراقية  ذات تاريخ  نضالي مشرف ، كان ولازال  لا يخشى لومة لائم  في مقارعة  قوى الظلم  والقهر والاستبداد ،  منحاز   وفق  منهجه اليساري  الي الطبقات  الفقيرة المعدمة  من أبناء وطنه  بكافة قومياتهم  وانتمائهم  وأديانهم ، مدافع  صلب  عن الحرية  وقضية التقدم والسلام ، له حضور  في  ساحات  التظاهر والكفاح     في حقبة النظام الملكي التابع لقوى الاستعمار ، تعرض بسبب هذه المواقف   الصلبة  الغر مهادنة الي الكثير من  الأذى والملاحقة  والمضايقة  خلال العهد الملكي والجمهوري على حد السواء ، لا لشيء الا لكونه  رجل قانون ورجل  ثقافة  لا يتملق  الحاكم  ولا يجامل في قضية الحق  ثابت على مبادئه  وقيمه  المنحازة للإنسان  وحريته  ورفاهة، لم تغريه المناصب  ولم  تهزه المتاعب / همته لم تضعف وإصراره  لازال متوقدا  رغم  اجتيازه الثمانين  من العمر  من اجل نصرة الحق والعدل ومناصرة قضايا العدل والسلام لكل  بني  الإنسان  في العالم  كونه أنسانا  امميا  رغم  وطنيته المتأججة دوما ، فهو  صوتا وكلمة  مدوية بوجه قوى القهر والاستغلال والاستعمار العالمي وعدوانيتها  الوحشية ضد الشعوب ونهب ثرواتها  وكبت حرياتها ، مناضلا وطنيا  امميا صلبا  من  اجل حق  تقرير المصير  للشعوب واختيار  طريقها  في الحكم والحياة ....
الأستاذ حكمت شبر  أديبا وشاعرا  متميزا  له العديد من الإصدارات في مجال السرد  والشعر  في مختلف الأغراض الإنسانية  والحياتية ، وطنيا ، عاشقا ، مكافحا  منتصرا للحب والجمال  احب العراق وشعبه  بصدق، وكافح  ضد كل مظاهر وأشكال القبح والتخلف والكبت  والقمع ... احب بغداد  وتغزل  بها  ، احب  كردستان  وأحب مدينته النجف  وكتب لها ، انتصر للمرأة وحقها في العلم والعمل والمساواة  في كل  مجالات الحياة مع  أخيها الرجل ، عاش حياته كما يريد وليس كما  أريد له ، كسر قيد العادات والتقاليد البالية ناشرا أجنحته  في فضاء الحرية  الرحب ....
ونحن نقدم  لسفره الجديد الذي بين  أيدينا  حول سيادة وامن العراق وتعرضه للانتهاك من قبل  قوى الرأسمال المتوحش العالمي  بقيادة  الولايات المتحدة الأمريكية  وحلفائها  ومناصريها  في العالم ،  فه يدك بعلميته وغزارة معلوماته وتبحره في القانون  الولي يدك معاقل التوحش الدولي وأساطينه ويكشف  زيف  دعاوى قوى الاحتلال في نشر  الحرية  والديمقراطية  في العراق  ويمزق عصائب التضليل والتجهيل الذي يراد منها  إيهام الشعوب ومنها الشعب العراقي بان قوى الرأسمال العالمي في عصر العولمة الرأسمالية المتوحشة  إنما هي حاملة مشعل الحرية والسلام  وهو  القائل :-
(( إذا كان الاستعمار اعلي مراحل الرأسمالية فالعولمة اعلي مراحل الاستعمار )) ص44.
ونحن نقول :-  اذا كانت الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية فان  الإرهابية هي  اعلي مراحل  الامبريالية .  وان الامبريالية ألان  تمر بطور الإرهابية في كل العالم  عبر تدخلها العسكري  المسلح  المباشر في  غزو البلدان وقهرها ...
فالأستاذ الدكتور  يعرض لتاريخ العدوان والانتهاك لسيادة العراق  من قبل قوى  الاستعمار العالمي ومنذ معاهدة  1930 التي فرضها الاستعمار البريطاني على العراق  فارضا سيطرته الكاملة  على كافة  ارض  ومياه  وأجواء العراق عبر قواعده العسكرية وخصوصا في الحانية وغيرها من القواعد ، وقمعه لانقلاب  العداء الأربعة  في مايس 1941، ضد الوجود البريطاني وأذنابه...
يبحر الدكتور في  تاريخ تطر  مفهوم السيادة  في العالم وكيفية تحولها من سيادة ألمللك  المطلق الي كون الشعب هو مصدر السلطات كما يراها رموز الحرية كالفقيه الفرنسي ((بوا دون)) وجاك جان رسو  صاحب العقد الاجتماعي وكما يقول :-
((ان البحث في موضوع السيادة ليس أمرا هينا ، فقد دار ويدر حوله جدل شديد بين فقهاء القانون الدولي والسياسين في العلاقات الدولية ))  ص2
ومحاولة البرجوازية في عصر تدهورها  ونكوصها قد تخلت عن الكثير من شعاراتها أبان  نهوضها ومقاومتها للسلطات الملكية الاستبدادية  زمن صراعها مع قوى الإقطاع ونفوذ الكنيسة ومحاكم التفتيش ، وقد ركز الأستاذ على المفهوم السياسي للسيادة ، كما تطرق  الي مفهوم ومعنى السيادة في  الفكرالراسمالي وال فكر  الاشتراكي
ففي العالم  الاشتراكي  السيدة للطبقة العاملة  وحلفاؤها  وهم أغلبية  سكان البلد المعين  في حين   السيادة تمثل  الأقلية من  أصحاب  رؤوس  الأموال وحلفائهم  من  الطبقات المستغلة
ويرى ان  مظاهر السيادة  هي السيادة الخارجية بمعنى الاستقلال، والمساواة ، أما السيادة الداخلية فتعني  ان الدولة حرة التصرف في  شؤون  بلادها الداخلية ، إما السيادة الاقتصادية   فتعني((حرية الدولة في السيطرة على  مواردها وثرواتها القومية  وتوجيهها لصالح شعبها  بدن تدخل من قبل أية دولة أجنبية  او أية قوة خارجية سواء كانت شركات كبرى  او مؤسسات عولمية  تعمل لصالح الدول  الرأسمالية )) وهنا يركز بحق ان الاستقلال  السياسي لايمكن ان يكن كاملا الا في حالة الاستقلال والسيادة الاقتصادية للبلد على  موارده  وثرواته . كاشفا وبأرقام دقيقة  ما تعرضت له  شعوب  العالم الثالث من التعسف ولظلم وسرقة الثروات   وعبر  فرض ساسة المحصول  الواحد ، الموز فقط ، الكاكاو ، البترول  كما في العراق  مثلا ....كما  كشف  عن قرارا  الأمم المتحدة التي  تلزم البلدان  الغنية التي سرقت  ثروات  الشعوب  في زمن الاحتلال  والاستعمار  وهيمنة شركات الاحتكار الي  مد يد العون  المالي  والتقني والخبر العملية للنهوض  باقتصاديات  هذه  البلدان  وتنمية مجتمعاتها  لتحلق  بركب الحضارة والتقدم ، كما  اشر الايجابيات التي  فرضتها  العولمة ، ولكن  بالرغم من ذلك ففي الحصيلة النهائية تصب هذه الايجابيات في مصلحة دول العالم  الأول في عصر الرأسمال  المعولم  المتوحش ، متجاهلا كل  القرارات  والتوصيات  الأممية  بهذا الشأن ، كاشفا  الوجه الكالح  لصندوق  والبنك الدولي ودورهما  في امتصاص   ثروات  الشعوب   وإلقاء   العبء الأثقل  على كواهل  الفقراء والجماهير الكادحة في هذه البلدان  لصالح  الطبقات  البرجوازية الطفيلية وكيلة الرأسمال العالمي  في هذه  البلدان ..
تحدث   بشكل وافي  وشامل  عن مدى الارتباط مفهوم السادة  في العصر الراهن  وتطوراتها   ومفهمها النسبي الحاضر ، حيث إنها أصبحت  مفهوما نسبيا يوازن  بين  حرية وكرامة الإنسان  داخل  بلده  ومدى تمتع حكامه  أفرادا  وأنظمة ومؤسسات   بالاستقلالية  والسيادة  ، فلا سيادة  لدولة وحكومة  وحزب  وحاكم وفرد مع واقع  ظلم وقهر  وكبت حريات  الإنسان في داخل  البلد   او  الاعتداء على سيادة  وحريات  واستقلال  البلدان الأخرى ، ولكن رغم  وضوح  هذه القرارات  الأممية ولكن قوى  الرأسمال  العالمي والدائر في الفلك الأمريكي  تكيل  بمكايلين  في فهم  وتطبيق  هذه القرارات ، ففي الوقت تكون  حدية ومتزمتة بحق  من  يخرقها  ممن  لا يسيرون  في ركابها  فتشن عليهم  الحروب  وتحتل بلدانهم كما جرى في العراق  ولبيا ويجير في بلدان  اخرى ، في حين  تغمض عيونها  وتتغاضى عمن  يخرق  حقوق  الإنسان  ممن  والاها من بلدان العالم  كما ه الحال  بالنسبة لإسرائيل  والسعودية  وديكتاتوريات  استبدادية اخرى .
كما  تطرق  بالتفصيل الي العدوان  والاحتلال الفاضح للقوات التركية  وانتهاك سيادة العراق تحت أعذار وحجج واهية  لم  تصمد أمام  أية محاكمة عقلية  او  قانونية دولية  وقد  فند الدكتور هذه الحجج الزائفة  مطالبا  العالم  بموقف  صلب  لإجبار قوات الاحتلال  الاردوغاني التركي للانسحاب الفوري من العراق  وعدم التدخل في  شؤونه الداخلية .
ضمن  ذكر الحقائق  الدامغة والأدلة الواضحة  كشف  الأستاذ شبر  الوجه  القبيح  والإجرامي  لشركات  الارتزاق مما يسمى بشركات  الحماية الخاصة ومنها  شركة   بلاك  ووتر سيئة الصيت  وانتهاكها الفاضح  تحت أنظار السادة الكبار لسيادة  وامن وسلامة  العراق  شعب  وأرضا   ونشر الفوضى وعدم الاستقرار والاتجار بكل  المحرمات  الدولية دون  حساب  او رقيب  لأنها تتمتع  بالحصانة الأمريكية المفروضة على العراق  ضمن  المعاهدة الأمنية بين الحكومة العراقية والحكومة الأمريكية   والتي  تتيح  لقواتها  الأمنية  وشركاتها  الخاصة   بفعل أقذر الأفعال  دون حساب .
ويخلص  الدكتور في ختام  كتابه  القيم لا ان العراق كان  ولازال بلدا  منقوص السيادة والحرية ، منهوب  الثروة ، فاقدا للأمن سواء من قبل حكامه ((الوطنين )) اللذين نصبهم او ساعد على تنصيبهم  على سدة الحكم  في العراق الرأسمال البريطاني والأمريكي  في عهد  الديكتاتوريات الفردية ا الجماعية،  وفتح  حدود العراق على مختلف قوى الإرهاب المحلي والعالمي  وشركاته  الارتزاقية  وهيمنة البنك الدولي ،  واتفاقيته الأمنية  الأمريكية ، كما  ان أصابعها  ليست  بعيدة  عن تخليق وتصنيع  القاعدة وداعش  وأخواتها  في العراق وغير العراق ...
أخيرا  في الوقت الذي نثمن  فيه  هذا  الجهد  الكبير المبذول من قبل  الأستاذ الدكتور حكمت  شبر في   انجاز هذا  الكتاب وما سبقه  من  مؤلفات  قيمة ، نتمنى  لكل عراقي الاطلاع  على  هذا  الكتاب  القيم  الكاشف  عن  الحقائق  بكل  أمانة وصدق ووطنية وحب  للعراق  وشعب العراق .

حميد الحريزي – العراق


20
يخوطون  بصف الاستكان!!!!

من   يحد  من آفة الطلاق  في  المجتمع العراقي؟؟؟

في  برنامج  تحت خطين   الذي يقدمه  الإعلامي   كريم  حمادي   عبر فضائية  العراقية  ،  حول  ظاهرة  لارتفاع  حالات  الطلاق  في العراق  وخصوص ابعد   عام2003 ، شارك فيه الإعلامي  الدكتور كاظم  المقدادي ، والقاضي  عبدالستار  البيرقدار ، والنائبة   شروق  العبايجي    وخبيرة اجتماعية  ليلة 15-6-2017 ولكنهم للأسف   كانوا   لا يلامسون كبد الحقيقية  متناسين  دور  الأحكام القضائية   ضد  الزوج  طالب   الطلاق  والذي    بيده   العصمة   حسب  الشرع  والقانون ،   وكذلك دور  المرجعيات الدينية وتهاونها عبر  مقولة(( الطلاق  ابغض  الحلال))  ،  والعرف  العشائري   المستهين  بالمرأة  وحقوقها رغم  تعنتهم  في محاسبتها  لو  أخطأت  ،  وبذلك مع احترامي  لمقدم البرنامج  وضيوفه   لكنهم    كانوا  جميعا ((  يخوطون  بصف  الاستكان ))   كما  يطلق  على من   لا  يضع  الحلول  العملية  للمشكلة والظاهرة  ،  خصوصا  وإنها   ظاهرة تشبه   دودة  العث  التي   بدأت  تنخر  بنية المجتمع  وتزيد  من  مشاكله   ومشاكل  أجياله   القادمة    ...
وبودي  ان  أضع    أمام كل  مهتم بهذا الأمر   الآراء والملاحظات  ومقترحات  الحلول  لهذه  الظاهرة   وخصوصا    ظاهرة  الطلاق  التعسفي   وقد  سبق   لي   أن  نشرت   هذه   الملاحظات   في  العديد  من  وسائل  الإعلام   ولكن    للأسف  ليس هناك  من  يسمع    وكما  يقال   ((0 لا تشكو جرحا  أنت  صاحبه  فلا  يؤلم  الجرح    الا من به  الألم ))،  وكنت    آمل  ان  تكون  السيدات الحاضرات ت  بمستوى   هذا  الهم  الكبير   لبنات  جنسهن   وما يعنينه  من  ظلم  وقهر  وتعسف  بحق  المرأة  العراقية   ولكن   للأسف   كن   بعيدات   عن هذا  الشعور .
كما  اعل ناسفي  عدم  إجابة  السيد  البيرقدار  على  مقترح  احد  المشاركين   بضرورة  معالجة   ومنع انتشار ظاهرة  (( المؤذون  الشرعي))   خارج  المحكمة   والتي  تعتبر   من  العوامل  المشجعة والمساعدة  على تفاقم  وتضخم  ظاهرة الطلاق 
                       
    من يوقف  جرائم الطلاق بشكل عام والطلاق  التعسفي  بشكل  خاص  ؟؟
من خلال متابعتنا  للصحف  ووسائل الإعلام  ومن خلال معايشتنا  لما يجري في  المجتمع  العراقي ،  ذهلنا حقا  من  الأرقام الإحصائية  المهولة  حول عدد حالات  الطلاق في  العراق  فمثلا   نقرأ  على شاشة الشرقية  خبر يقول ((  ارتفاع  حالات الطلاق في النجف  حيث  بلغة (( 9))  آلاف حالة طلاق  من  أصل  ((11))  الف  حالة زواج ))،  وقد تحدث  كاتبان  صحفيان  في مقالتين  متواليتين في جريدة الزمان  حول  استفحال  هذه  الظاهرة الخطيرة  التي  أخذت تهدد  بحدوث  كارثة اجتماعية  من  الصعوبة التبوء بآثارها  الخطيرة  على النسيج  الاجتماعي  العراقي مقالة ((الطلاق في العراق صدمة اجتماعية)) – بقلم نهاد الحديثي بتاريخ 18-2-2017،  ومقالة  ((كلام  أبناء المطلقات)) بقلم  الأستاذ فيصل العايش  بتاريخ16-2-2017،  ومن الملاحظ ان  اغلب   حالات الطلاق   تكون  من قبل  الشباب   من أشباه الرجال  اللذين  يتهربون  من مسؤولياتهم  في   رعاية   عائلة والقيام  بواجباتها  الحياتية ، خصوصا  وان  اغلبهم  يعتمد  في معيشته  وتدبير  أموره  اليومية على والديه ، وخصوصا  الأم ، فما ان  تنفر امه  أو أخته  زوجته   حتى  ينقاد الي قرارها  بالطلاق  هذا  الباب  الخطير  للخراب الاجتماعي   الذي   وجده  مفتوحا  من قبل :-
أولا : الدين   حيث  اكتفى  وحسب  الفهم   العام   للمسلم  بمقولة  (( ابغض  الحلال  عند الله الطلاق))، بمعنى أجاز  الطلاق   والطلاق  هو بيد الرجل   صاحب العصمة ،  وفي الآونة الأخيرة  نرى  إعدادا من  العمائم المرتزقة تفترش أرصفة المحاكم باسم (( المأذون الشرعي))  لتسهيل  عملية الزواج  والطلاق   لمن يرغب  دون  أية  إجراءات  احترازية  وتنويرية  لمن يقوم بهذا الإجراء  المهم  ان  يتقاضى المأذون  أجرة   ورقته  الماذونه !!!
ثانيا:- الدور السلبي  للأعراف العشائرية  عند  حدوث  الطلاق   فلم تتضمن  سوانيهم  أية عقوبة مادية أو معنوية رادعة  لمثل  هذه  الحالات  القهرية والتعسفية ، حيث  غالبا  ما ينتهي دورهم   عند (( المشية))  وتناول  حلويات  اخذ رضا    ولي أمر الفتاة  بتزويج  بنته   لابن  فلان  الفلاني  الذي  جاؤوا  معه  حشدا  لتزكيته   وشبه  إجبار  لولي أمر  الفتاة  بالموافقة ، رغم  ان  حالة الطلاق  التعسفي   هذه  وخصوصا  لمن  لديها  أطفال  تساوي جريمة القتل  ان  لم  تفوقها خطورة ،  لأنه  قتل  عمد  لأكثر من روح  بريئة  ومع  سبق  الإصرار ، يرتكبها    من  يفترض  ان يكون راعيها  وحاميها  فأين   هنا   الغيرة  العشائرية  وقيمها  الإنسانية  ومسؤوليتها  الاجتماعية ...
ومن المعروف  ان  خطبة  الفتاة   وموافقة ولي أمرها  غالبا لا تتم  الا بحضور  أقرباء   ووجهاء  العشيرتين  المتصاهرتين ،  وتعهد  كل  منهما  بحسن  سلوك   والتزام   كل  من الطرفين  بواجباته  الزوجية  سواء  الفتاة أو  الفتى  طالب الزواج ، وبذلك  يتوجب عليهم أخلاقيا  وإنسانيا  وعشائريا  إنصاف  المظلوم   ومحاسبة الظالم  والحرص التام  على  وحدة العائلة  ومستقبلها .
ثالثا :- القانون    نرى ان  القانون  لا يقوم بردع  من قام  باتخاذ  وارتكاب  جريمة الطلاق  التعسفي  وبعد  سلسلة من المرافعات  الشكلية  تتحمل وزرها  المطلقة وأطفالها  وتعرضها  لمختلف  أنواع  الابتزاز ،سوى   إلزامه   بالمهر المعجل  والمؤجل  وبإقساط مريحة جدا ، وغالبا  ما يحتال  على القانون  لإظهار عدم قدرته  على دفع  الا مبلغا تافها  بما ترتب عليه  من  مهريها  ومن  حق  النفقة ،  لا تشكل  إي  ثقل  على الجاني   مقابل  تمليكه   قرار خلو شخصه  من  أية مسؤولية عن  جريمته  المشهودة  بالقتل  المادي والمعنوي  للزوجة  وأطفالها .
كما  يتوجب  ان تزود المطلقة ربت البيت  التي  ليس  لها  دخل  تعيش منه  بكتاب يلزم  وزارة العمل والشؤون الاجتماعية  بشمولها  الفوري هي وأطفالها  براتب  الرعاية الاجتماعية  ومن تاريخ  نفاذ  قرار الطلاق .
لذلك  نرى   ان  الواجب  الإنساني  والتني  والديني  والعشائري  يتطلب  من كافة أصحاب الضمائر الحية  ، من البرلمان العراقي ،  منظمات حقوق  الإنسان  وحقوق  المرأة والطفل ،  وكافة منظمات المجتمع  المدني ،  والقضاة ،  والمراجع الدينين ،  وخطباء الجوامع ،  والصحفيين ،  والمثقفين  والأدباء   بالعمل  على  منع  هذه الجريمة البشعة  التي أصبحت  كالوباء  الخطير  المتفشي في المجتمع  والمهدد بانهياره ، ونقترح   ضرورة التأكيد على مايلي :-
أولا :-  ان  تعيد  المراجع  الدينية  النظر في إحكام الطلاق وفق  للظروف  الراهنة  والمستجدات  الواقعية  حاليا ، والتشدد في  إجازة  الطلاق  وتحريم  الطلاق  التعسفي  تحريما قاطعا ،  ومنع   رجل الدين  المأذون وغير المأذون  بإجرائه ، فمثل هذا  الفعل  أكثر خطرا  من شرب الحمرة  ومن  أكل لحم الخنزير ومن  لعب  القمار  وكلها محرمة  في شرع الإسلام  وفي كل المذاهب .
ثانيا :- على  العشائر  ان  تعتبر  حالة الطلاق  التعسفي  ،  حالة  قتل  متعمد  ومع  سبق  الإصرار وبدون  إي ذنب  فعل استفزازي  من قبل الضحية  لدفع  المجرم  على ارتكاب جريمته ، وتكون  الدية والفصل  مضاعفة في حالة وجود  أطفال  قصر ،  وان  لا تقل هذه  الدية  عن  دية القتل  المعمول  بها  عشائريا  ودينيا ، وإلزامه بإجراء  معاش مناسب  يتكفل في  إعاشة ولباس وتعليم وصبابة  الاطفال  يقدره  اهل الخبرة واهل الحظ والبخت ،  وان تلزم  عشيرة  الجاني  بدفع  الدية  والمصروفات  في حال  عدم   التزام  الجاني  بها ، فالمرأة المطلقة  تعتبر  مقتولة  جسديا ومعنويا واجتماعيا ، مما  يحول دون  اضطرار  ولاة أمر  المطلقة  المظلومة  بالتصرف  الفردي  ردا  على   مثل  هذه  الحالة من  الاستفزاز  والقهر  ، والإقدام على عمل  كرد فعل   وارتكاب جريمة  لا تحمد عقباها  وبالتالي  ضياع العائلتين  بسبب عدم  الإنصاف .
ثالثا :- ان  تعمل الحكومة على اقتراح    مشروع  قانون  يقر في البرلمان ،  يمنع الطلاق  التعسفي  منعا باتا ،  وفي حال  إصرار الرجل على  إجرائه ، يلزم  بدفع  مهريها الحاضر والغائب  مضروبا بما لا يقل عن  أربعة  مرات  بمقداره  المذكور في عقد الزواج ، وان  يكون الدفع  فوريا  وليس بالتقسيط ، يلزم  المتعسف  بتأمين  السكن  ومستلزمات العيش اللائقة  من أكل  وملبس  وتعليم  وصبابة  لطليقته وأطفالها  حتى بلوغ  القصر سن الرشد والاعتماد  على الذات ،  وانقطاعه  عن  الزوجة في حالة زواجها .
كما تقوم المحاكم  بمنع  وطرد  سماسرة   الطلاق  والزواج  من  التواجد في   أبواب  المحاكم  والذي يعتبر وجودهم  مساسا  بعدالة وشرعية  المحاكم الشرعية .

 الاديب  والصحفي 
حميد  الحريزي




21
اطلقوا مكافأة  نهاية الخدمة  للمتقاعدين ...

نصت المادة ((21)) من قانون التقاعد الموحد  رقم ((9)) لسنة 2014 على :-
(( يصرف للموظف المحال على التقاعد لاكماله السن القانونية او بناءا على طلبه او لاسباب صحية ولديه خدمة تقاعدية  لا تقل عن ((30))  ثلاثين سنة ، مكافأة نهاية الخدمة وتحتسب على اساس كامل الراتب الاخير  والمخصصات x12)).
تمت احالتنا على التقاعد  منذ بداية  شهر كانون الثاني 2017  على ان  نستلم رواتبنا  ومكافأة نهاية الخدمة  في شهر نيسان 2017 اي بعد  اكثر من اربعة  اشهر ... ولكن الذي حصل ان  دائرة  التقاعد   لم تزودنا  بكتاب مكافاة نهاية الخدمة   الى المصارف  دون ذكر سبب   مقنع  يقال  لعدم وجود سيولة  مالية  في المصارف !!!
نقول  ان  المتقاعد   رتب الكثير من  اموره الحياتية منتظرا  هذه المكافاة  ، حيث  استدان ، تكاليف اجراء عملية  ضرورية   خصوصا  وان  اغلبنا  يعاني اكثر من  مرض ، او  لغرض اكمال  نواقص  في الدار ، او تزويج  احد  اولاده ... الخ  من  متطلبات  الحياتية  الواجبة  الانفاق ، واذا  بنا  نفاجيء   بتاجيل  صرف  هذه المكافاة  خلافا لكل  التوقعات  حيث  استلمها  كل  زملائنا  من المتقاعدين  مع  اول  راتب ...
نقول  لماذا  دائما  يكون  المتقاعد   ضحية بعض القرارات  المجحفة ، وهو الاحق  بالرعاية والعناية  بعد  ان  امضى   ملا يقل  عن  30 عاما  وقد  تصل  الى  اكثر من   اربعين  عاما  في الخدمة ، هل   هكذا  يجازى  المتقاعد  المتعب ؟؟؟
سؤال نوجهه  الى  وزارة المالية  والى  مديرية التقاعد  العامة  والى كل  من يهمه الامر ، ونطالب  باطلاق مكافاة نهاية الخدمة  فورا  لاننا  بامس  الحاجة اليها ...

حميد الحريزي


22
تنبؤات  مرعبه
احذروا  فالديكتاتور   قادم
جولة((أبيض قلب))  في  دهاليز ((أحمر حانه ))
للروائي
حميد الربيعي
 

       
((لا يمكن لسارق  أن يكون الهاً))
بقلم:- حميد لفتـــة
 

دلالة العنوان :-
عنوان رواية الروائي المبدع  ((حميد الربيعي ))   (( احمر حانه ))،  الدال  على  إضافة الأحمر  الي الحانة  ، فالعبارة تدل على المضاف احمر والمضاف  إليه  الحانة ،  والأحمر  كما  يستدل منه  كونه  رمز  الدم  بمختلف توصيفاته   الايجابية والسلبية ، فالأحمر  ورد  ألجوري   ، والأحمر دم الشهداء لذلك نرى  رايات  العديد من الأحزاب  وخصوصا اليسارية منها  هي رايات حمراء ،  والأحمر دم  مسفوح  مهدور  في عالم الفوضى ، وكما نرى  ان  هذه الدلالة  هي  الأوفر حظا  في تأويل  احمر حانه ، فالحانة  رمز  العبث  والسكر واللاعقلانية  ، رمز التحلل وبيع الروح والجسد  ومكانا  للبوح  بالغرائز الإنسانية، وهذا  ما   يجده  القاريء  ضمن متن الرواية  المؤلفة من ((202))  صفحة من الحجم  المتوسط من إصدارات  دار ((صفصافة))  لعام 2017  وهي أخر روايات   حميد الربيعي .
التاريخ  يعيد  نفسه :-
الكاتب  يستضيف  ضمن روايته  المؤرخ  العربي الإسلامي الشهير ((ابن الأثير )) وهو  ((عز الدين ابن الحسن الجزري الموصلي ولد سنة  555 للهجرة  بجزيرة ابن عمر الداخلة  في الأرض التركية  وتوفي  في عام 630 للهجرة  أهم كتبه الكامل في التاريخ ، واهم  هذه الكتب هو الجزء السابع ، لم يكن ابن الأثير ناقلا للخبر فقط  وإنما كان  ناقدا ومحللا  لأحداث التاريخ ))...
الكاتب يستحضر ابن الأثير  ليخرجه  من قبره  في الموصل  ويدخله  بغداد ،  يرتقي جامع  الخلفاء  ليطلع  على حال بغداد في زمن  حروبها  الحديثة  زمن ((القائد الضرورة )) ، حيث الحرب الأولى بين العراق  وإيران ((القادسية ))  وحرب الخليج  الأولى  بين  العراق  ودولة الكويت  ، ثم  الحرب الثالثة  او حرب الخليج الثانية  ((أم المعارك ))  بين   صدام  وجيوشه  وقوى التحالف  الدولي وجيوشها من ((33)) دولة ، وهزيمة  ((عبد الله  المؤمن)) في 9 -4-2003 ميلادية  واحتلال بغداد  المدينة المدورة ...
يقرر  ((ابن الأثير))   ان يتابع  الفتى ((  إدريس)) الذي  استطاع  ان يفلت  من  قبضة  ملك الموت  ((عزرائيل ))، الذي اعترضه  ابن  الأثير ، وظن  بأنه  سيأخذ روحه  بدل  الشاب الهارب ، حب  الكشف  وطفولية  المؤرخ   تدفع  ابن الأثير  لملاحقة  ((إدريس))  ومن خلال ذلك  يطلع  على الأهوال  والأحوال  للعراق الحديث ويقرر ان  كل ما كتبه  كان  زورا  ومزيفا  وعليه  ان يكتب التاريخ من جديد  واضعا له  عنوانا   (( الفر هود  في يوم صيهود ))، حيث ان  التاريخ يعيد  نفسه  وكأنه  تاريخ متصل  والحاضر إنما هو امتداد للماضي ، منذ زمن ((لاسكندر)) ومدينته ((خارا كاس)) حيث مولد  المسخ ((  إدريس العاشق ))  من بطن الحوت  في منطقة الاهوار ،وحتى  ((المدينة المدورة )) بغداد  في زمن  ((صدام ))، حيث ((علا الشيخ المنارة – منارة جامع الخلفاء  وهنا   إشارة ان   لا فرق  بين  كل  الطوائف والملل    لأنه يراقب من خلال جامع الخلفاء إي  بجمعهم  ككل   وليس   خليفة دون غيره – وقد اجتاز  مسرعا الفسحة والمصلى  خاف على نفسه من ان تفتك  الحرب الثالثة به ،فارتقى السلم  الملتوي – بمعنى ان  التاريخ  يسير  بشكل حلزوني  وليست مستقيم – بسرعة رغم كبر سنه ))  ص107 .
وقد  توزعت الرواية  على ((24))  عنوانا  فرعيا  توزعت  (( 4))  مدخل ، و ((3))  مخرج،  و((2)) المدينة المدورة، و ((2)) خاراكاس، و ((3)) كرخ ، و ((2)) رصافة ، و ((2)) سوق الجيف ، و ((2)) القاع ، و ((2)) الحمامات ، و ((1)) أسطح  مثلومة، و ((2)) لقاء ، و ((2)) العاب  نارية ...
وزع  الحوار  بين  شخصيات  مثيولوجية  ((  5))  أدارسة  و ((5))  دانيال ، كل  منهما  يشير الي  رمز في الموروث  الديني  المثيولوجي  وقد   صنف  الدانيالين  الي ((احدهم قواد ، الأوسط مذيع  فوضى ، الأصغر رادود ، وآخر يعتلف الحشيشة ))ص126،  وهنا  يصور الكاتب  مستويات  وادوار   وسلوكيات  هذه  الشخصيات التي تمثلها  ناس  العصور  المختلفة ،  بن  القوادة ، والتحشيش، والفهلوة ، والخداع ،  وقادة  الحروب( ،والغش والاحتيال  ومصادرة أموال الناس وهذا  ما تمثله  الادارسة الأربعة والادريسه  ،  وخصوصا  أثناء  عصور الفوضى  وشيوع  الخرافة  والحروب .
كما انه  يستحضر  القوى السلفية  الساكنة لكهوف  الجمود والتخلف ورفض التغيير والتحول  مجسدا  ذلك عبر ((الخمسة اهل الكهف بما فيهم كلبهم  )) ومهاجمتهم  ل ((إدريس )) بصنادلهم  الذي  أصابها التحجر والعفن  بعد ان كانت طرية  في أيامها  الأولى ، وكلبهم  الذي حاول  التعويق  ل ((إدريس))  وعضه  في بطة ساقه  ، وكذلك  تعويقه   لامرأة إدريس التي  انقذت  المؤرخ  ابن الأثير  وتحويلها  الي عرجاء معوقة  تجوب الشوارع ،  وعدم كفهم عن ضرب  ((إدريس)) الا بعد ان ذكرهم بالعجل الذهبي كانه يستحضر فعل السامري الذي  اغوي قوم موسى  فصنع  لهم عجل  من الذهب الذي جمعه منهم  والقمة  ترابا  فاخذ  يخور  فصدقوه  وصدوا عن دين موسى   وهي إشارة الي  عجل السامري و أصحاب موسى اللذين تخلوا  عن دينه وعبدوا العجل  دلالة هشاشة إيمانهم  وضيق  أفق تفكيرهم ... هذا ما قاله  الله تعالى من سورة الأعراف (148): وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ [الأعراف:148]
هذا العجل الذي  خلقه ((إدريس))  العصر المتأخر من   صهر سرقاته  من الذهب  من نجوم وسيوف  وتيجان  العسكر  وحلي  ومدخرات النساء   ما بعد الفرهود .
كل  هذا حدث في عصر انعدام  القيم  وعصر التزييف((هذه المرحلة إنا أطلق عليها التزييف ، كل شيء خاضع لهذه المعادلة :- الأراضي ، المدارس، الشهادات ، الوظائف، العسكر، القيم كل شيء)) ص 137.
 ((الادارسة ))  عصابات الحرب  والخراب :-
في اللقاء الثاني  ص 171 ((اصمت إلفا  وانطق ياء))
يجتمع الادارسة الأربعة   بعد  عدة محاولات سابقة  كانت فاشلة  ولكن هذه المرة  اجتمع الشمل ، وقد  تزعمهم  الأصغر حيث  جلس   خلف  كرسي القيادة  خلف منضدة الثعابين ((إدريس العاشق)) ، وقد تم استعراض أعمال واستعدادات الادارسة الثلاثة الآخرين
إدريس العريف قدم لأخيه  ما قام به  وقد استعد كعسكري محترف وانه  قد اعد لأخيه  جيشا جرارا لم يجد في جند الأولين ولا الآخرين من يماثله
-   الطرارون، النظافون، المحتالون، السلابون والسفلة الغوغاء)).
إدريس الخراز  يقدم  ما عنده
هنا تصطفن السواطين، المأبونين ، الفساق، الزناة، الفجار، الداعرين ، وشذاذ الآفاق)) ص174.
إدريس الثالث  قدم ما عنده
(( الافاكون، الخراصون، المفترون، المنتحلون، المقامرون، الأوباش وأكلوا السحت ، جيش كالعثة  يجعل الدنيا  كورقة متهرئة .)) ص175.
وبذلك  يقدم  لهم  أخيهم    إدريس الأصغر  وليمة دسمة في مطعم دجاج ، وبعد ذلك  قدموا   خططهم  ومخططاتهم لخوض  المعركة القادمة  بعد ان استطلعوا المكان  وعادا  إليه
((عادوا الي ، إنا الذي كنت  أتظلل بنصب ساحة التحرير، ما زال الحصان والجندي  يجاهدان لإيقاف  انزلاق الأرض ، في حين  كانت شمس النهار تنحدر نحو الأفق الغربي.))ص177
-   هنا  تصطف الجيوش،كل يأتي بعصبته لنبدأ حربنا القادمة  .
مثل التلاميذ يستمعون، افرك راحتي، اشد انتباههم:
يلهثون بانتظارهيمنت ثقافةار البقية، بخبث أطيل  الصمت  قلت :-
كروا وفروا ، عيثوا في المدينة، انخرا لبها .)) ص176 –ص177
 هذه  النبؤة الخطرة والمرعبة التي  يتوقعها  الكاتب  للعراق  في ظل  الواقع  القائم  وتطوراته  وهو محكوم  بتاريخ مزيف  ،  واداريس    لهم  من الجيوش الجرارة سابقة الوصف  للحصول على الذهب وهو عشيق  الذهب(( معشوقي صدمني حال الوصول الي المدينة رأيت تواريه عن الأنظار واختباءه في الخزائن مما حدا بي الي إدارة بعض الألعاب البهلوانية بغية الصول  إليه )) ص113.
وما ال  إليه حال ((دانيال  وإخوته ))  بين قواد ، ومحشش، ومهرج،  ومجتث القضيب  فاقدا رمز رجولته  وتواصله .
ان  من   يضع  إمام  ناظريه  ما يجري في عراق اليوم  يقتنع بتنبؤات الكاتب   لمستقبل  عراق الخراب والاحتراب  والشرذمة  والانقسام ... لم يكن  المؤلف   يخرج   بهذه النتيجة  الا بعد  ان  استعرض  حال وواقع  المجتمع العراقي  الذي  استهلكته الحروب  وطغيان ن الديكتاتوريات المتعاقبة  ومن  ثم هيمنت القوى الإسلاموية  وزمر من الانتهازيين والنفعيين الذين  استفادوا  من تجنيد الكم الجماهير  المخدر بالخرافة والوهم  ،    تحركه الإشاعة  وتلعب  به  الأوهام ....
وكيف  انقلبت  الي الأوضاع  من سيء إلى أسوء   فالبشر تغير والعملة تغيرت  والأسواق تبدلت ، أصبحت المبادئ  سلعة تباع وتشترى . فهو يرى  ان  هذا الوضع  سيؤدي  الي  ظهور جنرال  ديكتاتور:-
(( يخرج من قاع الأرض عجل من ذهب ، يجره حمار نهاق، خلفه الجمع تسير ، يقودهم جنرال صوب جسر الجمهورية فيحدث قتال عظيم بين الكرخ والرصافة ، القتلى يرمون الي النهر ، فتصطبغ صفحة المياه باللون الأحمر ، عند القصر ذي القبة الزرقاء ، تحي الجموع حفلا صاخبا ...)) ص199
فحولة معوجة وفحولة مجتثة :-
يشير الكاتب  الي حال  العديد  من   شخصيات   الرواية ومنهم بطل  الرواية  إدريس العاشق  والذي  أصيب بمحنة  ((قضيب معوج)) عجزت  الزنجيات عن إصلاحه  واستقامته  الا على يد ((المدلكجي)) الشاذ في حمام ((مهدي))...
و((دانيال)) الأصغر الذي    اجتثت فحولته على يد  قوى   عجز عن مقاومتها  ، وعجز عن  استرداد  فحولته ...
ان  الكاتب يستعرض  لنا حالة  السقوط   المفجع  لأحوال المجتمع العراقي  تحت طائلة الجوع  والحرمان (( فالجوع مذلة )) لا تحتمل ،  وعبر كوميديا  هازئة  كسرقة الديكة ، وسباق  نهيق الحمير  يأخذنا  الكاتب الفطن بين  تراجيديا  مبكية  وكوميديا  مضحكة  فيظهر لنا  مأساة العراقيين  وواقعهم  بين البكاء   والضحك  ،  بين  الحزن   والألم ، وبين اللامبالاة  والهزل .
هيمنت  ثقافة العنف  والقتل  والقهر حتى  على  اللغة الشعبية المتداولة لدى  الباعة المتجولين  في المدن
((رمان مثل ثدي مقطوع – يا احمر ))
خيار يشبه ذراع((عتروزيمعيبة لقد( اضحك من السخرية التي تحيل الموت الي بضاعة للبيع، صادفني مأبون يساوم على ركوبه بقطعة حشيشة ، قال انه  يتعاطى الأفيون ، وان مخرجه لا يساوي شيئا أمام شمة أفيون )) ص183-184.

الغرائبية في  ((احمر حانه )):-
من اجل  ان يحكم  الكاتب قبضته  في  مسك خيوط السرد  ولكي   يطلعنا  على جسامة  ما يجري   في عراق  الحاضر واذا علمنا  ان  ألعجائبي  هو حدث  او ظاهرة  مستحيلة الحدوث  على مستوى الواقع  الحقيقي ،  او هي  حادثة او ظاهرة من  صنع  مخيلة  الكاتب  وان كانت  لها  جذور في الواقع ((المتخيل الروائي  في جزء كبير منه  ينتمي الي الواقعي ، او بالأحرى  مولد  منه وبه )) الخطاب الروائي العربي ج2 – ط1 2013 ص 364 د.عبد الرحمان غانننمي .
 فقد  تمكن   الربيعي ان    يوظف  العجائبية في الرواية ،  ليثبت  لنا مدى سريالية  ولا عقلانية ما  نعيشه  في عراقنا اليوم ، استحضر   ابن الأثير ، واستخدم  الأطباق الطائرة ، والأفاعي الجائرة ، والحمير الناهقة ، الحية الميتة ،  والبهلوان  المسحر القادر على  اصطناع المعجزات،  والشقيقة التي تحلت الي حدأة ، وكذلك  شخصية  إدريس العاشق((المسخ ))  العجائبية  ولا  نقول  الغرائبية ... فالغر ائبي   هو  ممكن  الحدث  في الواقع  وما ذكرناه أعلاه  من المستحيل ان يحدث في الواقع .
 وبهذا  الأسلوب ألعجائبي  امتلك  الكاتب  جناح  الطيران فوق  الوقائع  ليمسك  بكل ظواهر اللا معقول  في مجتمع  مشلول

وصف  دقيق  لأهوال  الحرب وواقع  الكرب :-

تمكن  الكاتب ان يرسم  لنا صورة  الألم  والجوع  والقهر  الذي  عاشه  المجتمع  العراقي  تحت ويلات  الحروب الخارجية والداخلية ، ما قبل  الاحتلال  وما بعده  حتى ان   مهنة التسول  لم  تعد  معيبة  في المجتمع العراقي
(( مهنة التسول لم تعد معيبة  لقد انخرطت فيها  الأرامل ومشوه الحرب وأطفال الأزقة )) ص150 في  بلاد أصبحت (( كنوزها  مثل  إسرارها  زيف )) ص164.
في مدينة تهرالعائدين من الغربان:-
 ((يقال ان هذه المدينة  تفر منها الغربان، جيفها تدفن، الأرض تبتلعها بسرعة فائقة )) ص63.
حالة الجنود العائدين  من  الحرب الثانية (( حرب الكويت لان هذه الحرب الثانية كانت الأرعن ،آلاف الجنود المشوهين عادوا خائبين منهم من  قطعت يده ومنهم من فقد عينه ، لقد زادوا  جيش العاطلين )) ص49.
  أصبح  كتاب ((البخلاء)) للجاحظ  لا يفي  بالغرض  ليكون مرشدا   لمجاميع  الفقراء والمشردين  والجياع  العاطلين عن العمل  في  ممارسة فن النصب والنهب والفهلوة   لغرض الحصول   على لقمة العيش  سواء بالنصب او  بالتذلل والمسكنة او  بالقوة  والافتراس  مما يتطلب   تأليف  نسخة محدثة من  كتاب البخلاء  للجاحظ  وقد   اقترح ان يكون    اسمه (( الفر هود  في زمن الصيهود)).
((الإقبال على تعلم  فن السلب والنهب والبخل ، وتقاطر  أفواج الغرباء  الي المدينة  هجرة طلبا  للعيش)) ص70.


فساد وحرمنة  وجهل  الطبقة السياسية الحاكمة :-

وها هوراعة الكاتب الواعي  واقع   ممارسة الطبقة السياسية الحاكمة  بعد  انهيار الديكتاتورية  سوءا  من ((الادارسة )) او من ((  ال دانيال )) وطرقهم  الإجرامية  في  سلب  ونهب ثروات البلد  بدون  إي وازع  من ضمير  وليس هناك  ما أدل  من سرقة((11)) طن  من  الذهب من  مصرف  الزوية  هذه  السرقة  المشهورة  والتي جرت   نهارا  جهارا ، والقيام  بإغلاق  وهدم  كافة دور السينما  والملاهي الليلية على شارع  أبي  نؤاس الذي أعيد الي منصته  وشارعه  وقد سلم من يد الفر هود  العابثة ،   وقد كانت أوامر الهدم  لمصادرة  أراضيها لتكون ملكا   للطبقة الحاكمة  وبالتوافق  فيما بينها ،  بأمر ((الملتحي)) المتاسلم المتنفذ،  وتنفيذ المكروش ((أمين العاصمة )) التابع الفاسد ....
 وها هو يجري  وسط  الم  ومعاناة  بنات  وأبناء العراق الشرفاء الأحرار  وهنا تمثلهم  ((الحداة)) شقيقة  إدريس العاشق التي  حولها الساحر الحضر موتي وبناءا  على طلبها الي حدأة -  ولا  ندري  لماذا اختار الكاتب حضرموت  لتكون   موطن السحرة -  وهي طائرة   تراقب ما يجري على الأرض  من قبل   ((الادارسة وال دانيال))  وبقية زمر التخريب  والهدم  ولسان حالها يقول  تأسيا لما ترى  وما حل  بأرض الصبا في الاهوار :-
((حين أمر  عليها في طيراني وأنا  الحداة ، اشعر بالأسى لما  آل إليه مرتع صباي ، أجوب الآفاق محلقة في العلي فأجد  الأراضي المنخفضة وقد  انسحبت عنها مياه الهور ، تاركة سبخة مالحة وأشتات ، جففتها الشمس فتيبست ثم تهاوت كخيوط مقصوصة الاطراف ) ص51.

المنحى الفكري للرواية :-

الروائي  استطاع    من خلال ملاحظاته  ان  يتابع   ما جرى من أهوال  وتغيرات  في بنية المجتمع  العراقي ، ومنه  ظاهرة الفر هود  والذي يرى أنها  ظاهرة ليست جديدة  في المجتمع  العراقي  وإنما هي امتداد غير منقطع    مورست  في مختلف  عصور القهر والتدهور التي مر بها  الشعب  العراقي، سواء من قبل  الحاكم او من قبل  المحكوم ، نهب  السلطة   مجسدة بشخص الحاكم  وزمرته  وحاشيته   ا ومن قبل   الجماهير الرثة  بفعل الجوع والقهر والقطيعة الكبرى والمزمنة بين السلطة والشعب ،  كون السلطة ليست  بنت  الشعب  وإنما  هي مفروضة عليه  من اعلي  من الخارج المستعمر  المتجبر في زمن الاحتلالات المتوالية  منذ  قرون  ماضية  سواء من قبل  الفرس او المغول  ا الأتراك  او الانكليز او الأمريكان  في هذا الزمان .
نريد القول  ان الكاتب   وكحال اغلب كتابنا  يسهبون في  التوصيف  للظواهر والأحداث  دون  الغوص  في بحث  أس  الظاهرة وجذورها  في بنية  التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية  القائمة في  الزمن المحدد .
فحين يرى  ابن الأثير  الحي  المراقب في  العصر الراهن  ان ظاهرة  ((الفر هود في زمن الصيهود))  ممتدة منذ قرون غابرة ولازالت لحين التاريخ ، يجب   ان يظهر الراوي  هنا  طبيعة السلطة  الغير متغير  فلا زال  بيد أقلية من  الإقطاعيين  وأشباههم   في زمن الخلفاء  ومن ثم  بيد  ((الاقطوازية))  من بقايا  الإقطاع والبرجوازية الطفيلية  ، هذه الطبقات  المأزومة في دولة الخراج  او دولة  الريع  البترولي ،  وعدم   تطور قوى الإنتاج  في حين  يزداد  قطاع  الاستهلاك   ويتغول   بشكل  مستمر ، مما سيشبب العفن   والركود في بنية المجتمع ، السلطة تمسك  بمصادر الثروة  توظفها   لتنمية أجهزة القمع   ورشوة   حواشيها  من العسكر وشيوخ القبائل على حساب جوع  وقهر الطبقات  الفقيرة  والمهشمة التي  لا تملك  سوى  الخضوع  لهذه القوى  التي  تبدو منزلة من  قوة جبارة  لا يمكن قهرها ، فتنجرف  في طريق  الخرافة  والتسول الأخلاقي وسلوك طرق  الفهلوة والاحتيال  والثعلبة والقردنة من اجل ان تخطف  لقمة العيش من  أفواه من يشاركها  القهر والظلم ...
وهنا   يبدو لي  ان  لا  معادل موضوعي   لنمو  مسخ  في بطن  امرأة  فلاح  بسيط  او صياد  فقير يعيش في الاهوار  ليكن سارقا وهو في  بطن امه ، ليكون  هذا المسخ  ابن الطبقة الفقيرة المعدمة   وليكون  بالتالي قائد  الادارسة  قادة كل قوى الشر من  النهابين  والسلابين ، والسراق، والمزورين ، والقتلة ؟؟؟
دون ان يكون  هذا المسخ  ابن  الطبقة الإقطاعية  التي زورت  تاريخ وملكية الأرض في بلاد السواد:-
  ((ثمة رجل أيام العثمانيين استل ورقة من ملف ،خبأها أياما ، في الأخر حين قرأها مزقها ، كان ينقذ الأرض من أسرها ، الورقة مهرة بخاتم الخليفة ، وتعد هذه أراض أميرية ، وقف ليجوز بيعها او حيازتها ، هو استل ورقة اخرى ومهرها بطريقة ذكية فاستوصى على ارض السواد من يومها صارت تباع وتشترى وتؤجر )) ص138 .
وقد  حول  إتباعه من الحكام والقطاعين  هذا  المزور الكبير  الي مقدس  مبجل  يعبد  حتى لا تكشف  سرقاته  ويفتضح  أمره
                 (( فلا يمكن لسارق  ان يكون ألها )) ص138.
وها  هو الآن   ألها ومقدسا  وحاكما  وممسكا  بصولجان الحكم  ومفاتيح  الخزائن  البترولية ...
 افليس الأجدر والأكثر قناعة ان يكون  ابن السارق  الإقطاعي  والملتحي  والمزور هو  ((المسخ)) الذي مارس السرقة وهو  في رحم  امه ؟؟؟
التاريخ المنطالب ونتمنى ارض السواد  هي ارض أميرية  اتفق على ذلك  الخليفة  عمر بن الخطاب  والإمام علي  في وقتها  ولا احد  يمكن ان يشكك في هذه  الواقعة ، ورغم ذلك  يدعي  الأدعياء  من  كبار الإقطاعيين  ان  الأرض ملكا  لهم ولأجدادهم  في الوقت   اللذين هم  من المغتصبين  والمتجاوزين ظلما وقسرا  على ارض السواد  ملك من يزرعها ويرعاها !!!
  إننا  نلمس  من خلال  العديد  من الروايات  وكتابات بعض الأدباء والكتاب  إدانة كبيرة  ظالمة   للفلاحين   والصيادين  الفقراء اللذين  يهجرون  الريف بسبب جفاف الأنهار وظلم  الإقطاع ويتوجهون الي المدن طلبا  للعمل وكسب لقمة العيش ... ذنبهم الوحيد  أنهم جياع مشردين  حكم عليهم بالضياع  في ظل حكم الإقطاع  المسند من قبل  سلطة الدولة وسلطة ((الدين ))، وبما  ان  دولتنا  ريعية  فلا يجد  هذا المشرد  عملا  منتجا في المدينة مما  يجعله يتحول  إما  الي أداة بيد السلطة  لقهر أبناء طبقته  ا و الي محتال وسارق  ومشرد ، بالضد مما حصل  في بلدان العالم الأول حيث  تم احتواء هذه  الأيادي  المهاجرة من الريف  في المعامل والمصانع  والعمل  المنتج  حتى وان كان تحت ظروف  قهرية  ولا إنسانية ،  ولكن هذا العالم  اخذ يشعر بذاته  ولذاته ، واخذ يصطف  مع  أبناء طبقته في  النقابة والمنظمة  المهنية  للمطالبة بحقوقه ، وقد  أعطته  الطبقة البرجوازية المنتجة في هذه البلدان جزءا من حقوقه  لأنها بحاجة الي صوته  وتضامنه في كفاحها  ضد  الطبقات  الإقطاعية وطبقة النبلاء  وهي  تناضل من اجل انتزاع  السلطة منها ، ليس كما  يجري في بلداننا  لعدم وجود  طبقة برجوازية وطنية  منتجة  تحتوي    هذه  الأيادي  الطالبة للعمل  مما  يعرضه  للضياع  وإبقائه  كالاشنة في مستنقع  الجهل والأمية والبطالة  ومسخ الذات .
مما يجعلنا نطالب  ونتمنى على كتابنا  فهم  ومعالجة هذه  الظاهرة بعين العلم والإنصاف  وليس   بكيل تهم الإدانة  وإحكام  ظالمة  ضدهم ....
سرقوا الأرضم ضمن  معادلة (( من يحوز ومن لم  يحز)) ص143   وهو التقسيم الحقيقي للمجتمع  والذي  يجسد  طبيعة الصراع  بينهما  كفريقين  متصارعين  مدى التاريخ  حتى تتحقق المساواة والعدالة  والتوزيع  العادل  للثروة ، وإعادة (أطنان  الذهب )) المسروقة الي أصحابها  الحقيقيين  من  أبناء الشعب  المظلوم   شريكهم في الثروة  .
فقد سرقوا  الأرض  في ختم مزور وسرقوا  النفط    بقوة أسيادهم  من  الاستعماريين اللذين نصبوهم   أسيادا  وبإسناد  أصحاب العمائم  من مختلف  الألوان والإشكال .

((احمر حانة)) رواية مميزة :-

اتبع  الكاتب  المبدع  أسلوبا سرديا  متميزا  من خلال ((24))  عنوانا  فرعيا  ، وقد استهل الرواية   بنهاية وخاتمة الرواية ،  تنقل  بين مختلف مستويات الروي    غير متقيدا  بالتسلسل الزمني الخطي  للروي  كما  في  أغلب الروايات  التقليدية ، توزع  بين شخصيات رئيسة  وفرعية  متشابكة الأفعال والمهام ، تتطلب   تركيز  كبير  وتجربة   لقاريء  غير عادي  لسبر اغوارها  ومتابعة إحداثها  والفصل  بين  شخصيتها  التي   حملت نفس المسمى  مما  يثير الالتباس  بين الأفعال  والأقوال ، خصوصا  وان الكاتب   اصطحب معه  أهوال الواقع  وضجيج  الأسواق  ،   وجمع  بين  الحوت الطائرة ، والحمير الناهقة ، بين  لحى  بهية  وتهتك  تسوي ، بين أطنان الذهب  وأطنان القمامة ،  جمع بين  نقيق  ضفادع  الاهوار المتغضنة الجلود  وبين  ارض الموصل  وأضرحتها  المجرفة ، جمع  بين حداثة  الراهن ، وكهوف  الماضي ، بين مفرقعات  ومتفجرات  الحاضر وصنادل  الماضي  السحيق....
امتلك  الكاتب  المبدع  ثروة  لغوية ،  وخيال خصب ، وحنكة في إمساك  خيوط السرد  رغم  تشابكها  الشديد ، ليخرج لنا   بإبداع روائي   يستحق  القراءة   بعقل منفتح  وتركيز خاص  لنتمكن ان نرافقه بوعي  ضمن  تحولاته وتنقلاته  في مستويات روي  متعددة ...
رواية تقرع لنا أجراس الخطر القادم ، لنشد  أحزمة الأمان ، ونستنفر كل  مخزوننا  الكفاحي  والنضالي  الإنساني لكي   لا نسمح للعث  وعصابات  الادارسة  وفساد   ال (((دانيال )) بان تمهد الطريق   لجنرال ديكتاتور سوف  يحرق  الأخضر واليابس ...ان  نعي صرخته  الكبرى  وهو  يقول :-
((لايمكن  لسارق  ان يكون  ألها ً))  ، فاسمعوا  وعوا ،  وانتبهوا   الي ما تعبدون
 انزعوا  عصائب  التضليل  والتجهيل  واقرؤوا   واقعكم  بعين  العاقل  المتبصر  وليس  بعين  الجاهل المتقهقر .
لاشك ان الرواية تحتمل المزيد من التحليل  والتأويل ،  بالتأكيد  سيلقي الأحبة النقاد عليها أضوائهم  لإنارة المزيد  من   جوانبها  الأخرى .
 



23
((عزف بلا أوتار ))  قصص قصيرة  للقاص  فلاح  العيساوي


عزف على أوتار القلب  من اجل الحب والسلام

بقلم \ حميد الحريـــــــــــــــزي

 

تعديل اعوجاج  ال((راء))
على  قيثارة القلب المحب لوطنه وشعبه ، القلب المحب للحرية  والجمال  والإبداع، بأوتار  هذا القلب يعزف لنا القاص فلا ح العيساوي سيمفونية ((الحب والحرب)) ، أجمل صور الإبداع الأدبي القصصي  الهادفة  الي حياة أفضل  وأجمل  بعيدا  عن الحروب وويلاتها ، بعيدا  عن الخراب ، بعيدا عن الحرائق ونافورات الدم  الإنساني المقدس ، بعيدا عن الأنانية  وضيق  الأفق، ليعدل بعزفه  هذا  حرف ((الراء)) مقتلعه  من جذوره وكأنه يمثل  منقار ((داعش) الطاعون الأسود الذي فتك بالبلاد  والعباد ، ويصهره في فرن الحب والتضحية والفداء الذي  يغلي بقوة وإصرار وثبات  أبناء العراق  الأحرار ، أبناء العراق الأخيار ، ليقوم  اعوجاجه ، فتستقيم  الكلمة   وتتحول من ((حرب))  الي ((حـــــــــــــــــــــب)) مذيبا  خنجر الراء  الإرهابي المدمر ،  لتعانق  الباء الحاء  فيولد الحب  ، وتزهر الحياة  بالمحبة والسلام  والمودة  والجمال .....
كما  ان  العيساوي يستفز الضمائر  الحية لتكون عند  إنسانيتها  لتقارع الفقر  والحرمان  والعوز  الذي تعاني منه شرائح كبيرة من المجتمع  العراقي ، رغم ان   وطنهم  يطفو على بحيرة  من الذهب  الأسود ، فلا يمكن ان  نكون  بمستوى  إنسانيتنا ونحن  متخمون  مرفهون ، ونسمع أنين  وشكوى الأرواح والأفواه الجوعى ، والبطون  الغرثى....
ان تحب لنفسك  يجب ان  تبارك الحب لغيرك ((  أحبب لأخيك  كما تحب  لنفسك  واكره  له  ما  تكره  لها )) فلا يمكن ان يحب الأناني الذي لا يريد الخير السعادة الا  لنفسه ، فتتكاثر  هوام  وأفاعي الشر في عقله وسلوكه فيكرس جل وقته وقدراته لسرقة السعادة  من الآخرين ، ووضع  العقبات والمطبات في طريق المحبين ....
 هذه مقدمة  موجزة حول مجموعة ((عزف بلا أوتار)) للقاص فلاح  العيساوي الصادرة عن دار المختار للنشر والتوزيع والمكونة من ((23)) قصة قصيرة  بواقع ((100)) صفحة من الحجم المتوسط يمكن ان  نصنفها اعتمادا  على رسالتها  الي :-
 أولا \قصص الحرب
ذئاب  رحيمة
شروق الشمس
عقدة الماضي
نار تحت الهشيم
بغداد
شروق  الشمس
في قصص الحرب تحكي  لنا مدى وحشية  وظلامية قي الإرهاب ، الطاعون الداعشي الأسود ،  والماسي الرهيبة التي سببها  للشعب العراقي ،الذي كان يحلم  بالأمان  والسلام والرفاه بعد  انهيار الديكتاتورية ،  ولكن طائرات ودبابات وصواريخ المحتل وأتباعه التي ادعت التحرير التنوير ،  حملت بين   خفاياها بذر الموت والطائفية  التي كانت  مخصبة من كل بلدان العالم  لتخلق  لها وكرا  للذئاب  المسعورة في عراق ما بعد الديكتاتورية،  ومركزا لنشر الرعب والخراب ليس  في العراق  فقط وإنما في كل  العالم... لكن أحرار العراق رجالا ونساء قرروا  مقاومة هذا الطاعون الأسود واستئصاله من  العراق ،  وقد استرخصوا الدماء من اجل حماية الأرض  والعرض ، وسجلوا  أروع  وأجمل وأنبل  ملاحم البطولة  والشجاعة  في  ساحات المعارك . كما في  قصة ((نار تحت الهشيم )) ص64  وقصص اخرى .
قصص اخرى تفضح  الإرهاب الدموي  الأعمى  ومنها ممارسات  القتل  والاختطاف  الإجرامي  كما في قصة (( وحوش الظلام)) ص90.
 وعلاقات الحب  والتضامن  بين مختلف  القوميات  والمكونات العراقية رغم  انف  الديكتاتورية واسالبها  القهرية والإجرامية   كما في  قصة (( شروق  الشمس)) ص75،   قصة احتضان  وحماية الجندي  العراقي العربي من قبل الكرد ،  حيث  تمرد  على  أوامر الطغاة  رافضا  وحشيتهم  بنبش  قبور أطفال  الكرد  ...
ثانيا \ قصص الحب
دولاب القدر
عنق الزجاجة
شفاه صفيقة
اللوحة
الموعد
كان للحب حرف  ملون  جميل ، وعزف أطربنا بعذوبته  وجماله ورقته ، فبعض القصص تبهرنا بقفلتها المدهشة  الصادمة ، بحيث ان القاريء لا يحاول قراءتها ثانية حتى يظل سرها الجميل قيد التواري حتى تحين الخاتمة ، انه سرد يأخذ القاريء الي العديد من التأويلات وتتجاذبه العديد  من النهايات والخواتيم ، ولكن  الخاتمة كانت   ليست ضمن توقعاته فينتشي  بدهشة المفاجأة ...  وكما أرى ان هذا الأسلوب القصصي هو أجمل القصص وأكثرها جذبا  وإمتاعا  للقاريء ،  فهي كالحبيبة الجميلة  المتمنعة  غنجا ودلالا  ليكون عطائها بحجم  لهفته ونشوته  بحجم المفاجأة  والمتعة  ليلة  الدخلة  فيكون العطاء  باذخا  لا تحده حدود ...كما في  قصة (( دولاب القدر )) وخاتمتها  للشيخ  الذي وقع في  شباك  فتاة لصة لعوب أوهمته  بالحب  لتسرق  محفظة نقوده ،العاشق  الذي  تسرق  فرحته  مع   محفظة نقوده (( فرحة الحلم الجديد  زادته ابتهاجا ، اخذ الدواء من يد الصيدلي الذي طلب منه مبلغ الداء ، مد يده الي جيبه قاصدا محفظة النقود ، أخرجها بيضاء وهو يعتذر لشيبته  والصيدلي )) ص20.
ثالثا \ قصص  تحمل رسائل مختلفة
أوتار العود
خفايا الجسد
غشاء الطهر
سحر الليل
ألوان الطيف
طائر الجنة
عطف الموتى
أهازيج بلا معنى
الوداع
وحوش الظلام
وداع الزهور
أهات الفقد
قصص المجموعة الثالثة  و اغلب  عناوينها  جاءت   بصيغة  المضاف  والمضاف  إليه ، ولهذا دلالة  واضحة  ان احدهما  ينتج  ويرتبط   بالأخر  ربطا  لا انفصام  له .
وهي تتوزع على إغراض  ورسائل  مختلفة ، منها كشف عورة الفقر  وألم الحرمان ،  كما  أنها  تستثير ضمائر مالكي  الثروة   لرفض  العوز والذلة  لأبناء وطنهم  وإخوانهم شركائهم  في الأرض والمصير والثروة، وبث  روح  التكافل والتضامن  بين  أبناء الشعب الواحد . كما في قصة (( عطف  الموتى )) ص57.
كما  إنها توجه سهام النقد اللاذعة  الي بعض الأعراف الاجتماعية المتخلفة  والى سلوكيات الخيانة  وقذارتها وحجم  قسوتها على المرأة خصوصا في مجتمع يفتخر ويتباهى بفحولته    وذكورته  المتوحشة .
بعض القصص الأخرى  من القص يلقي نظرة  على  الأقدار خارج نطاق الحدس التكهن  والحسبان ،  كموت  الحي المعافى وتعافي  المريض  الميئوس منه ،
أتحفنا القاص   بقصة جميلة مشوقة حول  إشكالية التحول الجنسي ، من ذكر الي أنثى وبالعكس والمعاناة النفسية والجسدية   لهذا  الإنسان الذي   يكون  مزدوج  الجنس ،  وكذلك  تطفل المجتمع اللاواعي على خصوصيات مثل هؤلاء الشباب والشابات رغم ان القاص يختم قصته بالفرح  حيث  تتوج بزواج حبيين  كانا (( صديقتين )).كما في قصة (( خفايا الجسد)) ص35.
يرسل  رسالة   جميلة  حول  ما تعانيه الفتاة العراقية   من الخوف حد الرعب طوال حياتها على ما يسمى ب((غشاء البكارة ))   والعفاف  والطهارة ، فهو مقياس الشرف والعفة  والطهارة مادام سالما  حتى وان  كان سواه  لا يعرف لهذه  الطهارة والعفة  معنى  لأنه  بلا غشاء ، فعلى الفتاة  ان  تكون بالغة الحرص  كحرصها  على حياتها  على  هذا   الغشاء   حتى يسلم   الى صاحب  الحق  الاول  والأخير في   خرقه  ، ولا عذر لها  ان حصل  غير هذا  تحت  أي  ظرف  قاهر  خارج  عن إرادتها ، حتى  وان كان  هذا  التمزيق  والخرق  حصل  نتيجة لحظة  ((ضعف)) من قبل  الشريك  المرتقب  قبل  ليلة (( الافتتاح))  و ((قص))  الشريط  الرسمي بواسطة  مقص الفحل المفوض شرعا  وقانونا !!!!كما في قصة ((أهازيج  بلا معنى )) ص71.
ورسائل  تفضح  ممارسات  الديكتاتورية القمعية حتى  على المواهب العراقية  المتفردة في العلم  والفن  والمعرفة ،  فتكون  مدانة  ومحكومة بالإعدام  في نظر  الديكتاتور وأزلامه كما في  قصة ((أوتار العود)) ص21.
يتميز أسلوب العيساوي السردي برشاقة وشعرية المفردة ، والقدرة على رسم الصورة  بحرفية  وجمالية   ملفتة ، وهذا ليس غريبا من قبل رسام  يجيد  الإمساك بالريشة والتعامل مع  ألوان  بحساسية  الفنان  المرهف ،  حبكته القصصية محكمة ورسائله واضحة ومعبرة  من دون    مباشرة خبرية ...
هناك بعض اللوحات السردية  تقترب من الخاطرة أكثر من اقترابها من القصة  حسب   رؤيتي ، قد  يرى البعض فيها  أسلوبا أخر للقص المفتوح بعيدا عن   التجنيس  الحرفي للنص  السردي ،   رغم ذلك   فاننا نرى فيها  نصا إبداعيا جميلا  بغض  النظر عن  تجنيسه ...كما في ((  وداع الزهور))  ص92.
شكرا  لأوتار العيساوي  الرائعة  مولدة  الحان السرد، وهي   ترسل  لنا أجمل  وأنبل الرسائل من اجل السلام  والمحبة ، نتمنى  ان  تبقى هذه الأوتار  صادحة  باللحن  الجميل  الذي  تطرب  له الأرواح الحرة ...


24
رواية (( جاسم وجوليا ))*  للأديب  زيد الشهيد
جولة  الذاكرة
 بين
 نيران الجحيم  و نسائم الجنـــــــــة
               
              

بقلم \ حميد  الحريـــــــــــــزي
 
العنوان  دلالة  المتـــــن

عنوان الرواية ومنذ النظرة الأولى  يؤشر  للمتلقي  انه  أمام  بيئتين وحضارتين  مختلفتين ، فجاسم  ابن  البيئة العراقية الشرقية الريفية بكل   صفاتها  ومواصفاتها ، وطريقة حياتها  من حيث  العرف الاجتماعي  السائد  والمشبع بروح الجهل  والتخلف  والحرمان ، والمقهور  والمقبور  بسوط سلطات قمعية استبدادية  لعشرات القرون  منذ  ما قبل  التاريخ  ولحين التاريخ...
في حين  تدل  ((جوليا))  إلى حضارة الغرب  وما يمثله    من  حرية    في التفكير  والعقيدة ، وضمان للحرية الشخصية ،  وتقدم  علمي  ،  وسيادة القانون  في دولة تضمن الحريات  الخاصة والعامة ، فلا رابط بينهما  سوى  حرف الجيم  مفتتح  اسميهما ،  ودالة كونهما من  الجنس  البشري  ، وهذا  المعنى  ما سوف  نجده  في  متن الرواية  وفصولها  المتعددة  ...
حاكم يعشق  الحروب  وشعب ضيعته الدروب !!!
تحكي الرواية  قصة  شاب مهاجر  يعيش  في لندن  عاصمة الضباب  والحب  والجمال ، يشده الحنين  إلي وطنه ، ويحفزه  الوفاء لرؤية والدته  التي  أنهكها المرض ومعاناتها   المرعبة  من جور السلطات  على  زوجها ((شلال))  المناضل الذي قتل  في جبال  كردستان حيث   كان  ضمن فصائل  الأنصار  المقاتلة ضد  النظام ،  وأولادها ،((جاسم))  و ((سالم )) المقيم في ألمانيا  هربا  من  بطش  النظام و قمعه  الذي  لا يرحم ...
((جاسم )) يغيب  في  احد زنازين  الديكتاتور  متهما  كغيره  من العراقيين  المتواجدين  في الغرب  ، فالنظام المأزوم  والمحارب  من  قبل  الأنظمة  الغربية ،  اخذ  يشك  بأغلب  أبناء شعبه  وخصوصا من المثقفين والمتعلمين  من  المهاجرين  متهما إياهم  بالتجسس  لصالح  الدول  الغربية العدوة  المتآمرة على النظام  ((الثوري ))،  وقائده المظفر حيث  أصبحت  الشهادة العلمية  مثيرة للشبهات  بالنسبة للنظام ، الذي   لا يأمن الا  بالجهلة وأشباه الجهلة  ، وقطيع  يأتمر بأمر الراعي  وعصاه  السحرية ، التي  يتكئ عليها  كرسيه  ويهش  بها  غنمه ...
يتعرض  ((جاسم)) لشتى أنواع  التعذيب والاهانة  والتجويع  والإذلال    من قبل جلاديه  في معتقله مطالبته  بالاعتراف   بتهمة التجسس لصالح  دولة أجنبية  وصلاته  بالمعارضة العراقية ((العميلة)) في الخارج ...
لم  يستطع  الخلاص   من  السجن ا لا  بعد  إن  اشتد  القصف على بغداد  وأخذت  أجهزته  القمعية بالتفكك ، وبدافع  من صحوة ضمير  يبادر  العريف ((برهان))   باستغفال ضباط  السجن  ومراتبه  وفتح  الأبواب  للسجناء  وإعطائهم  فرصة للهرب ، فليس  مستبعدا  أن   يدمر السجن  بمن فيه  من قبل  الطائرات  المعادية في أية لحظة ،  وان بقاءهم كضباط  ومراتب في هذا المكان  الخطير مرهون  بوجود هؤلاء السجناء ، حيث   ارتبطت حرية الجلاد بحرية الضحية ...
وهكذا  كان  ،  إذ  استأجر ((جاسم))   سيارة  أجرة إلي ((كراج  العلاوي))  لتقله  إلي مدينته  الجنوبية ،  ولكنه يلاحظ   الاستنفار الكبير  لقوات  الأمن  ونصبها السيطرات   في الطرقات  وتقاطعاتها  للتدقيق في هويات الناس ، مما يدل إن انكشاف  أمر هروبهم  قد  بلغ  السلطات  العليا  فاستنفرت  قواتها لإلقاء القبض عليهم ، ترجل من السيارة  راكبا  بلما  للعبور إلي الضفة الأخرى  تحاشيا  للوقوع  في قبضة  السلطات ، ولكن   قطعان  الزيتوني المستنفرة أخذت  تضيق  عليه  الخناق  كلما  اقترب من  ((كراج  العلاوي))،   بالإضافة إلي انه أدرك  إن  رقابتهم  ستكون مشددة  على   ركاب السيارات  المتجهة نحو الجنوب  لذلك  فليس من   صالحه   السفر  في  الوقت  الحاضر ...فقرر إن يلتجأ  إلي مكان  يؤبه    حتى   تنسحب  المفارز ، فاستطاع أن   يقفز   إلي داخل    ((المتحف  العراقي))  ويختبأ  بين  أغصان  شجرة الزيتون   في حديقة المتحف
وهنا  يعرج  بنا   الكاتب  إلي  دلالات  جديدة  ومنها :-
شجرة الزيتون \
 لتكون مظلة حماية  للسجين  الهارب ((جاسم))  وهنا   عودة إلي موروث شعبي وديني  حيث  تعتبر شجرة الزيتون شجرة مباركة  ذكرت  في القرآن الكريم ، ورمزا  للسلام  والمحبة لكي  يؤمن  من خوف  ويستظل  بالسكينة   وحماية المبارك ،  حاله  حال   الطيور  الذي  أحس  خشخشتها  بين  أغصان الشجرة   وهو يراقب  حركة  أزلام  السلطة  وهي  تمسح  الشوارع في الخارج  و تدقق داخل  سياج  المتحف   علها  تعثر على صيدها  وتطبق  عليه  بمخالبه  القذرة ، مكرسين كل   وحشيتهم  وقواهم  للإجهاز على  ابن الشعب ((  عدو )) الداخل ،  تاركين   الأرض والسماء  تحت  رحمة  العدو الخارجي  الذي  زلزل  الأرض  تحت  إقدامهم  وأصبح  على  قاب  قوسين  أو  أدنى من   قطع  رؤوسهم  وهدم قصورهم ..
ثانيا \ المتحــــــــــف
اختار  الكاتب أن يكون  المتحف ، إي تراث  العراقيين  عبر مختلف  عصوره  الموغلة في القدم  ليكون   مخبأه  للخلاص  من أيدي  الجلادين ، هذه  التماثيل  واللقى والكتابات  التي  تحمل  تاريخ  الشعب   لآلاف  من سنين  خلت ،  منذ سومر وأشور ، مستعرضا   من خلال تجواله  حروبهم   وصراعاتهم  ،  ودورية  نشوء وازدهار ومن ثم   خراب  وانهيار  ممالك  لتحل محلها أخرى ، يصرح  ويلمح   الكاتب  عبر  ملاحظات  بطله  للتاريخ  الموغل في القدم  من البطش  والقتل والقهر للإنسان  البسيط  العادي   وسيلة الحاكم الطاغية  للسيطرة   والهيمنة  لتلبية ملذاته  وبذخه  وامتلاكه   السهول  والأنهار والهضاب  والحيوانات  والرقاب، منذ جلجامش   وآشور بانيبال  وانكيدو  وألهتهم  صاحبة الغرائز   والميالة للبطش  والتدمير  لا يرضيها  إلا  إشباع  رغباتها وغرائزها  ونزواتها  ... هي ومن  يمثلونها  من  الكهان ، اللذين   وضعوا كل  خيرات  الأرض  تحت   سيطرتهم  فامتلكوا  الضياع  والقلاع ، وصادروا  كد  وجهد  الإنسان  الكادح – الم يخلق  الإنسان  من طين  ودم  الإله  ليشقى  ويكدح  من اجلها -، استباحوا  أجساد  النساء  تحت  ذريعة البغي  المقدس  وزواج  الإلهة النزقة  الشبقة  دوما ،  يبدأ   موظفوا  المتحف   وحراسه   يتملصون  من  الدوام   تحت  رهبة   القصف  واقتراب  دبابات  المحتلين من قلب العاصمة ، تكسرت  التماثيل  وتمرغت  هيبة الملوك  في وحل  الهزيمة  لتقف  عاجزة  لا تدفع  عن نفسها ضررا  فتهاوت  تحت   أصوات  الانفجارات ،  ثم  أسرت  ومثل  بها  من  قبل  رعاع  الناس الذين  هبوا  كالجراد الأصفر  يحطم  ويأكل  كل  ما يقع   في طريقها  هنا يريد الكاتب  إن  يقول  على لسان  بطله  الهارب  بان   لا سلطان  الماضي ولا سلطان  الحاضر  يمكن  أن  يؤمن له  حياة حرة كريمة  آمنة ،  أما  هذه  الرعاع  فهي  كالهوام  والحشرات  تقبع  ساكنة تحت   أغطية القمع  والقهر  للطغاة ، في حين تظهر كل  همجيتها  ورعونتها  ولا معقوليتها  فور  رفع  هذا الغطاء  لتهب زرافات  وقطعان  لتدمر وتنهب  كل مؤسسات  الدولة التي   لا تربطهم  بها سوى رابطة الخوف والقمع  ،وتقتل  وتلاحق  رموزها ،  وما  إن  تفرغ  من هذا  الجنون  الهستيري  حتى  تبدأ تتقاتل  فيما بينها  في  قتال  دموي   فينهب ويسلب  بعضها بعضا ...
المرأة ضحية الحاكم الغاشم  و المجتمع الظالم
المرأة \ نرى وضعها في العالم الأول  وقد تحققت لها اغلب حقوقها ومنها  وفي مقدمتها الحرية الشخصية ، فهي حرة الروح  والجسد مثالها ((جوليا))  مقارنة بنظيرتها  العراقية ، حيث تقهر و تعهر وتستعبد  الحرة العفيفة الشريفة من قبل سلطة الدولة والمجتمع ،في حين يقطع  رأسها النظام القمعي الحكومي والعرفي والديني كعقاب لعمل دفعت إليه دفعا  شارك فيه الحاكم الغاشم  والمجتمع الظالم .مثالها ((أم راجحة))  وابنتها ((راجحة)) التي رمي رأسها المقطوع من قبل وحوش الديكتاتور وحسب توجيهاته في حملته الإيمانية بتهمة ممارسة البغاء (( خرجت المرأة الخمسينية بوجه اصفر كالليمونة، وعينين ذابلتين وشفتين زرقاوين،وعباءة موحلة ومرقعة تستقبل الطارق ولم يكن الطارق واحدا بل ثلاثة انزلوا كيسا أبيض من سيارة بيك اب عند قدميها، بعدها ركبوا السيارة وانطلقوا))ص222.
حال ((أم راجحة)) حال  اغلب النساء العراقيات المحرومات من الحرية  والعيش الكريم ، الأرامل والمطلقات  وفاقدات  الأبناء والأزواج والأحباب  في حروب  قذرة هوجاء لا تنتهي ، أخيارهم في السجون والمنافي والمعتقلات ، وأشرارهم يد السلطة  المجرمة  وأدواتها القمعية  من الجلادين والمخبرين  والقتلة  المأجورين .
المثقف  الواعي  هو الحائر  المغترب  المطارد  المنبوذ
يجري ((جاسم)) حورا  مستحضرا  أهل  العقل والعلم والحكمة في الماضي  والحاضر ،فهم ضحايا   دائما ، فيظهر (( طه باقر)) عالم الآثار  لجاسم  مرشدا  ودالا  ومشيدا  بجهود  علماء الغرب  المضنية للكشف  عن تاريخنا وتراثنا ، وخوفهم على ضياع  وخرابه  ، يستعرض  مدراء المتحف ومنقييه  وهم يذرفون دموع  الأسى على   سجل حضارات  تمزقه اكف الجهلة ، تحت نظر وسمع  من  جاؤوا  تحت ذريعة  التحرير والتنوير  ...
لهم النعيم ولنا الجحيم
((مددنا لهم كفا تمتلئ عسلا ، بصقوا على العسل وبتروا الكف ، ثم استداروا لخانقهم يقبلون يده، ويركعون ليمسحوا جبهتهم بتراب قدميه....فلا فائدة من شعب تريد أن تشعره بوجوده ليكون رأسا فيرفض مندفعا بكل أسلحة العناد ليبقى ذيلا )) ص117.
 بهذه  العقلية يحاول   المستعمر أن يظهر بمظهر المحرر،  وحامل جرار الذهب والمن والسلوى لشعوب  البلدان  المستعمرة لكن شعوب  هذه  البلدان  ناكرة للجميل ، شعوب  تعشق  مستعبديها  وتقدس  طغاتها ومضطهديها ، تهرب من النعيم  إلي الجحيم  إنها شعوب لا تستحق  الحرية  ولا  تأنس الحضارة والتنوير ...
 نعم  فالحرامي والوقائع والحقائق  يوهم الشعوب  بحسن  نواياه، خصوصا  وإنها ترزح  أما تحت نير محتل  أخر  أو تحت حكم  طاغية  يسومها  العذاب ، ولكن  المؤلم  حقا  إن  يرى  بعض مثقفي  وأبناء هذه  الشعوب  ما يراه  المحتل  والمستعمر ، غير مدركين  إنهم  بين  نيران الحاكم  المستبد  وبين  سندان  وجشع  وهمجية المحتل ، فحالهم  كالهارب من  كلب مسعور  ليحتمي  بعرين  أسد جائع ،  فلا حرية ولا أمان  ولا رفاه  للإنسان العراقي   البسيط   لا في زمن كلكامش  ولا حمو رابي  ولا في زمن  الأتراك  ولا  الفرس ولا  انكليز  ولا  البعثيين  الصدامين  ولا  في زمن  الأمريكان  ((المحررين ))
هذا ما تثبته   الوقائع  والحقائق  الناصعة  على الأرض ...
نعم إنهم  تمكنوا   من نزع  رداء الجهل والتخلف ، وكسر صولجان   طغيان السلطان  والكهان في بلدانهم ، وامنوا  لمواطنيهم  الأمن  والأمان  ومستوى  مرض  من  العيش الكريم ، ولكنهم عملوا  على إدامة هذا النعيم  بنهب  ثروات  وقتل حياة  الشعوب  المستعمرة  وليس  بالتقسيم العادل  للثروة في بلدانهم ، فهيمنت  سلطات وطبقات الاستغلال  على  كراسي الحكم  ومصادر الثروة  عبر   لعبة الديمقراطية المزيفة ، تبهرنا  نحن  أبناء الشرق الواقع تحت طغيان  طغاة جبابرة ....
ف ((جوليا ))    وعائلتها  وأجدادها من  جند  المستعمر  لأهم  ولا غم  لهم سوى الحب  والمتعة  فهم من علية القوم  ومن  وسط  الطبقة الحاكمة ، التي بنت  حضارتها  ومفاخر عمرانها بعرق ودماء عمال وكادحي  هذه  البلدان ...
إن   الإنسان  في الغرب  يعيش  في  نعيم  الجنان  في ظل  أنظمته  الاستعمارية الرأسمالية ، بفعل ما  نعيشه   من جحيم  تحت   هيمنة أنظمتنا  التي هي  بالنتيجة صنيعة عالم ((النعيم))  وإحدى  خدمه   ومديمة  رخائه .
مسح شامل  للمكان ،وحسابا للزمان و اختيارا للشخصيات
ببراعته  المعهودة تمكن   الكاتب أن   يحمل    كامرته  عبر  حروف قلمه  لتصور لنا  مختلف   شوارع  وحارات  وحاضر العراق  بغداد  معالمها  وساحاتها  وشوارعها   في الكرخ  والرصافة  وحياة ناسها  ك  أبو ستار بائع  البيض المقلي بالدهن الحر ،  وأم راجحة  التي  قطع  رأسها  أزلام  النظام بدعوى ممارستها  للبغاء ، رغم انه  الهارب   ولكنه  الراصد المراقب  لما يجري  كما يراه  بطله  ((جاسم ))  أثناء سفره ، واصفا  شوارع  وساحات  ومباني   مدينة ((ليدز))  البريطانية  أثناء تجواله  مع   حبيبته ((جوليا ))، والسماوة مدينته  الغافية على نهر الفرات  ، بستان مصيوي ،  وبستان آل ضويف  وغيرها  من  الأسواق  والحارات  ، و((فارما" الهندي ، وحسين  سلطان بائع الأعشاب و هاب شاكر ، و ((شهيد  بشيشي  الخياط ))....
كما انه  وضع أمام  القاريء سجلا وافيا  لأبرز  المنقبين  من  الأجانب  ممن  كانت لهم  انجازات  كبيرة  في اكتشاف  العديد  من الآثار  الهامة والتي  لا تقدر بثمن  من بقايا  حضارات  العراق  القديمة  كالألماني ((كولدوي))،و((ماكس ملوان )) ، و ((اندريه باروت ))، و ((السير جارلس ليوناردوولي)) ، ومشروع  الروائية  الشهيرة  ((اجاثا كريستي ))  في  الكتابة  عن  معاناة  الإنسان  العراقي في  سجون  الديكتاتور ....
وهنا  يريد أن  يوصل   الكاتب  رسالة هامة  للمتلقي  بان  هذا  التراث  الخالد  إنما هو ملك  الإنسانية جمعاء شرقها وغربها ، إن  هذا  التراث  سجل حي  لحضارة العراق  وشعبه   ولا علاقة له  بالأنظمة    الباقي منها  ومن رحل ،  تخريبه   والتفريط به  جريمة  وطنية  وإنسانية كبرى .
أسلوب  سردي  امتلك موسيقى الشعر  وجمالية النثر 
يتميز  الأديب   زيد  الشهيد   بامتلاكه   كنز  لغوي   لا ينضب  وحس شاعري  في  اختيار مفرداته  ووضعها  في مكانها  ومعناها  المناسب ، بحيث  يشعر القاريء  بان المفردة  فرحة  بما هي عليه  لأنها  في المكان  والمحل والمعنى  الأكمل  والأدق  والشامل ، مما يجعلها  تفيض  بالمعنى   الذي  يمتع  القاريء  ويغني  النص ، ولو إننا  أردنا  أن   نعيد  صياغة  عبارة أو جملة  لما  عثرنا  أجمل  وأفضل  وأكمل  مما هو كائن ،  وهذه صفة لا يمتلكها  إلا كاتب  متمرس  يمتلك أسرار جمال  أداته  اللغوية  خصوصا  وان  لغتنا  العربية  تكشف  عن  قدرتها  المذهلة في  التصوير والتعبير  تمنحها  بأريحية  كبيرة  لمن   يمتلك   مفاتيح   أبواب  رياضها  الغنية  بالمعنى ...
كما  إن   الكاتب  امسك  بقوة  وتعامل  بمهنية وحرفية عالية    بخيوط   الحبكة السردية ،  فأنتج نسيجا  متماسكا  منسجما  ، فامتلك  بلاغة القول  وكفاءة  إيصال  المعنى ،  مما  يسعد القاريء  ويأخذ بيده نحو مكامن   الجمال والإبداع  دون ملل ...
ولكن القاريء  بعد إكماله  قراءة الرواية  لا ترتسم في  مخيلته  صورة شخصيات  الرواية  بما  فيها  صورة (( جاسم))   ولا (( طه  باقر))  و  ((العريف برهان ))  ولا حتى  لوالده (( شلال ))، فشخصياته  تمر على القاريء اسماءا  وسلوك  وليست  إشكالا  هيئات  وطبائع  وحركات  يتمثلها القاريء في مخيلته  فيكسبها  ذلك  المزيد  من  الواقعية والحيوية والتميز  وربما  الفرادة ...
 وهنا    لا يسعني  الإشارة  إلا  إلي  هفوة  واحدة  حيث   يصف  صورة الجندي  جد (( جوليا ))  والذي  ذكر أنها  بالأبيض والأسود  ولكنه حين يصفه  ملونا (( كان  شابا وسيما  ببدله كاكية  قميصها بجيبين عريضين  وأزرار ذهبية  وبنطلون تشد  ساقيه أشرطة كتانية خضراء..)) ص116.
أما  من  الجانب  الفكري  \ أرى   إن  هناك  انبهارا  بالحضارة الغربية الاستعمارية  يولد  عند  القاريء إن  البطل   ومن  ورائه  المؤلف  وكأنه يصدق بأن الدافع  في  استعمار   مثل  بلداننا  إنما هو بدافع   التحضر  والتحرر  وانتشال   هذه  الشعوب  من براثن  الفقر والجهل  والقهر ...
كما أن هناك    انحيازا  لفكرة خاطئة كما نرى  ،تحاول  بعض  الايدولوجيات  ترسيخها  في  أذهان  الناس  بأن  الإنسان  مجبول على الشر  والقتل  و لا فائدة من  محاولات  إصلاحه  ليسير في طريق  الحب  السلام
 (( إن الإنسان أيها الملك جبل على الشر ، وروح  القتل لديه  متجذرة في  أعماقه ، دوافع السرقة ، والعبث ،  والاستحواذ ، والتشهير  لا تزول من النفس  البشرية أبدا))  ص124. تعاد  نفس  الفكرة في  ص 159.
وهذا  رأي  ينفيه  علم  النفس وعلم  الاجتماع ،  والإنسان  يولد  صفحة بيضاء   يرسم  المجتمع  والبيئة  التي   يعيش في كنفها  عليها  خطوطه  وألوانه ، فالسلوك  منتج  بيئي  اجتماعي  بالدرجة الأولى  وليست   صفة  وراثية تخزنها جيناته  كما تخزن  لون عينيه  وشعره  وبشرته .....
ف ((شلال)) و ((جاسم ))  و((سالم ))  و((طه باقر )) وغيرهم  الكثير  وهم   عراقيون  وبشر ،  وكذلك   السراق  والقتلة  وأزلام  السلطة  عراقيون  وبشر أيضا ، ففي  الوقت الذي  تمكنت ظروف  القهر الاجتماعي والسلطوي إن  تجرف   قيم السلام  والمحبة  من  أدمغتهم ، فقد  عجزت عن  اختراق  أدمغة   وتخريب سلوكيات  الفئة  الأولى  مما  جعلها  ترفع  لواء مقاومة التعسف  والظلم  والقهر  وتقديم  التضحيات  على طريق  الحرية والكرامة الإنسانية ...
في الختام  نقول  إن  الكاتب  تمكن من إيصال  رسالته الإبداعية  بقدرة وكفاءة  تستحق  التقدير ،  ولا غرابة إن  يوحد  الحب  بين  روح((جاسم )) ابن السماوة و ((جوليا ))  ابنة  لندن ، فالإنسان  أخ  الإنسان  بغض النظر  عن  القوميات  والأعراق والأديان .
*رواية ((جاسم وجوليا ))259  صفحة  ط1 2016، دار امل الجديدة  سورية - دمشق، لمؤلفها  الأديب زيد الشهيد .



 




25
((رواية فندق السلام ))
للأديب
محمد سعد جبر ألحسناوي
                         
تسجيل بارع ،وسرد شيق لأحداث أيام دامية
بقلم الناقد:- حميد الحريزي
 

العنــــــــوان :-
فندق  السلام  أم  فندق الآلام؟؟

العنوان  دالة مهمة وإشارة بيانية  إيحائية من قبل الكاتب المرسل الى المتلقي المرسل إليه ، يوقف عنده الكاتب كثيرا  ليكون بمستوى المتن الحكائي وهويته   أولا ، ووسيلة جذب انتباه القاريء لاستيضاح ما يخفى وما يبطن من خلال اندفاع المتلقي لمعرفة ذلك عند قراءته للنص السردي  والشعري  ثانياً وبذلك  يحقق الكاتب هدفه في الكتابة من خلال العنوان اللافت  والمثير للتساؤل ...
فعنوان  (( فندق السلام )) ، في الوقت  الذي  يشير الى دلالة  مكانية واقعية  ، فهو  فندق  سياحي قامت  السلطة  بإنشائه في شمال مدينة النجف  على متن الطريق العام الرابط  بين مدينة النجف ومدينة كربلاء في  مقدمة  احد هذه الأحياء المسمى ((حي السلام)) ، وقد شكل  هذا الفندق دالة وشاخصاً سلطوياً بالنسبة لعامة  النجيين ، وهذه  ظاهرة  عامة في العراق  والدولة المشابه  فمؤسسات الدولة هي ملك  الحكومة  الاستبدادية  نتيجة  القطيعة  بين السلطة  والمواطن ، نتيجة اغترابه  عن  الحكومة  ، فهي وسيلة قهر واستغلال للمواطن  فهو  شاخص   معادي دائما ،  وهذا  هو احد الأسباب التي أدت الي قيام الجماهير المنتفضة  بحرق ونهب وتهديم اغلب مؤسسات الدولة  بما فيها المدارس ، غير مميزين بين  الدولة والحكومة ،  باعتبار الدولة  ملك  الشعب ووليدته  بينما  الحكومة في  هذه البلدان   وليدة   حزب  أو  طبقة  أو  دولة مستعمرة ...
هذا  الفندق اتخذته السلطات الديكتاتورية مقرا لقواتها اأثرا، الفاشية أثناء وبعد  فشل  الانتفاضة الاذارية ، فكان فندقا للآلام وقاتلا للأحلام، احتجز فيه آلاف الرجال من الشباب والشيوخ  وحتى الاطفال  وجرت عملية إعدامات مباشرة في داخله وعلى جوانبه خصوصا بعد ان أخذت تجوب النجف سيارات السلطة تدعو العسكريين للالتحاق الى فندق السلام بعفو من القيادة وبعذر أنَّها ستوفر لهم  وسائل  النقل التي ستقلهم الي وحداتهم  ،  وقد كانت  هذه الدعوة مصيدة ومكيدة حقيرة وقذرة  لإلقاء القبض على الشباب ومن  ثم إعدامهم أو إرسالهم الي معسكرات التعذيب الوحشية في الرضوانية أو  في  آمرية الانضباط العسكري والتي لم يفلت منها حيا الا وهو مصاب بعاهة جسدية أو نفسية خطيرة.بعد انهيار النظام  في  2003  لم  يبقَ  لهذا  الفندق   أثرا ، حاله  حال  العديد  من  المؤسسات  القمعية  في المحافظة .
وبذلك كان عنوان الرواية يحمل معنى التضاد   لو وجدت علامة استفهام  أو تعجب بجانب الاسم، نرى كان الأحرى ان تسمى برواية (( فندق  الآلام )) وليس فندق السلام .


((علي)) الثائر عاشق ال((إيمان)) في  رحاب حي(( الحسين)).
******************************.
الشخصية المحورية في الرواية هو الشاب الثائر  الذي حمل  القيم الايمانية ((علي)) وهنا علي هذا الاسم الذي  يتماها وعظمة وقدسية وهيبة وعظمة رمز الشجاعة وحامل القيم الايمانية وناصر الضعفاء والفقراء ،  حامل سيف الحق  والعدل ، المقتول غدرا  من قبل  اهل  الضلالة (( الإمام علي  بن  أبي طالب  عليه السلام ))، فكان علي في الرواية الشاب الذي يغلي حماسا وثورة ضد الظلم والقهر المسلط على أبناء شعبه ووطنه، يتصف  بالمبدئية والجرأة والإقدام على الفعل  والقول ،  ويتصف  بالفطنة والقدرة على القيادة والتوجيه وتشخيص  مواطن الضعف والقوة لدى الخصم ،  يتصف  بالفراسة في  تقييم وتشخيص  إمكانيات  وقابليات ومميزات من  يحيطه من الشباب، كذلك فهو يحظى بحب واحترام الثوار من الشباب ، ويثير خفيضة وحذر وخوف العملاء والمندسين والخونة  الى درجة التخطيط  لاغتياله في خضم معارك المواجهة مع  قوات السلطة .
ولكي  يضع الكاتب ((عليا)) في  بيئته ، فكان هو عاشق ال ((إيمان)) تلك الفتاة البريئة النقية الذكية  الطاهرة المخلصة لـ (( علي)) حلمها وأملها رافع  راية الإيمان  وحامل  مشعل المبادئ فهو  لباس  لها وهي  لباس  له  لا يليق  احدهما   الا  للآخر ،كل هذا العشق  يدور في  رحاب  حي ((الحسين )) أمام الثورة ورافع لواء الإصلاح،  ووريث ((علي)) وخليفته من بعده، هذا العشق  النقي  لدى  ((علي)) ل ((إيمان)) في حيز  ورحاب ((الحسين)) الفواح بعطر قداح الثورة على الظلم المضمخ بعطر الحب والصدق  والوفاء ، وهنا كل  شيء محاط  بالقدسية والنبل  والرفعة والسمو ..وهو ما يرمي إليه الكاتب .
ان عليا ثائرا ، عاشقا ، عليا سامع كلمة الحوزة ومنفذ ومجند نفسه وباذلا  حياته على طريقها ، علي صلة الوصل بين علية القوم في  مدينة النجف ، الخوئي والسبزواري والصدر ، وبيت شمسه  وفخر الدين  وسعد راضي والبو غنيم   والخرسان ، وبين فقراء وكادحي النجف  من فقراء وكادحين من عمال وكسبة وحوذيين  أمثال (( سلمان الحافي)) وعباس وخضير وعبد الزهرة  وغيرهم الكثير ،  يبدو لي ان  هناك رابطا  واعيا بين ال((الإيمان)) في حي الحسين وبين العلم في ((حي  المهندسين))، فالعلم  والإيمان كليهما   يطلب العدل  والحرية  والسلام ، كذلك  العلاقة  بين حي الأنصار والجديدات والحي العسكري ودوارنهما حول  قطب مرجعيتهم حول  الضريح المقدس مقر الحوزة الدينية   التي  ساندت  الثورة ...
وبذلك  أرى ان الكاتب كان واعيا لما يريد قوله مشبعا بروح القيم الدينية  مستلهما دروس التضحية من رموزها الكبرى عليا وأولاده وذريته التي  توارثت  الثورة ضد  الظلم والطغيان  رغم جسامة التضحيات  من قتل  وتشريد  وسجون   ومضايقة ...
كذلك  كان واعيا في اختياره لأسماء العملاء والخونة محاولا إبعادها عن دلالات الأئمة والأولياء وأوصياء ك ((مصعب))  مجيد ، وسرمد، وعردوش ،وفاخر ... رغم ان  هذا التوصيف انحيازا  واضحا لا يمكن  تعميمه وإلا لكان  علي  كيماوي وحسين كامل  وغيرهم من الأتقياء الانقياء .
كذلك  هناك محاولة لإلصاق تهمة الخيانة والاشتغال في جهاز الأمن  والمخابرات لناس  من خارج  النجف كإلصاق لقب  البصري  بمصعب  ولقب  السماوي  بشراد في حين  الوقائع والحقائق تشير الى بطلان  هذا الادعاء حيث  وضع  العديد  من أدعياء النجفية  والمشهدية  الأصيلة أنفسهم في خدمة الأنظمة في السابق واللاحق ، سواء  للأتراك أو للفرس  أو للانكليز  أو  لصدام   وما بعده  أو للأمريكان  في زمننا الحاضر ،  فالعمالة استعداد   ودونية ذاتية  وإفرازات  مجتمعية ونفسية لا علاقة   لها  بالمدينة  الا ماندر ، فهم أشخاص  موجودون  في  المدن  وفي كل  الفترات والحكومات  والأنظمة ...
ولاشك ان  ثوار النجف  في  مختلف الأوقات هم الأعلم بهذه  الحقيقة أكثر من غيرهم .
الكاتب  لم يغفل إدانة سلوكية بعض جهلاء مدينة النجف ممن يسمون أنفسهم (( بالنجفيين الاقحاح)) ،  وليس هناك اعتراضا الى نسبهم ألنجفي  أو اعتزازهم  بنجفتيهم الأصيلة  ولكن الإدانة لنظرتهم القاصرة والدونية لأبناء الريف اللذين استوطنوا  مدينة الإمام علي وتسميتهم  ب(( المعدان))  دلالة التخلف والهمجية والبلادة  حتى وان كان  جده أو جد  جده   أتى من الريف   للمدينة ، وهذه  نظرة وسلوكية تدل على الجهل وضيق الأفق يقع  في شباكها أحيانا حتى من يدعي الثقافة  والتحضر  والانفتاح... ولا نرى  هذا السلوك الا  ردة فعل  غير واعية من قبل  سكنة  المدينة من القوميات الغير عربية من الفرس أو الأتراك  أو الأفغان  على الممارسات اللا إنسانية  ضدهم من قبل  الحكومات  القومانية  أو الرجعية  المؤتمرة بأمر السيد  لها في  الخارج لإثارة النعرات  وبث  التفرقة بين المواطنين  العراقيين  تحت مختلف الأعذار ، الم يقسموا  النجف  الي  زكرت  وشمرت  وأربعة أطراف  متحاربة  ومتعادية ؟؟؟
فهذه  السلوكيات   تعاكس طبيعة النجف  كمدينة سياحية   وتجارية  وصناعية جاذبة  وليست طاردة   ويتوجب ان  يمتاز  سكانها  بالتسامح  والمحبة وسعة الصدر لكل  وافد  وقادم  الى  رحابها  رحاب  الإمام  علي  عليه  السلام صاحب القول الرصين (( أحبب لأخيك ماتحب  لنفسك  ..))  و (( لا فرق بين عربي وأعجمي  الا بالتقوى )) وهناك الكثير مما يقال  في هذا المجال ...
كذلك  يمكن  لقارئ  الرواية  وأحداث  الانتفاضة  ولمن عاش إحداثها والتي  لازالت هناك أراء غير متفقة بين عفويتها وأصالتها العراقية ، وبين كونها انتفاضة مخطط لها  سواء في الداخل  أو الخارج ومابينهما...
ان القيادة  أقحمت  إقحاما  على المرجعيات الدينية  التي كانت  تأخذ بمبدأ التقية ودور الوعظ  والإرشاد والتلميح  دون التصريح ، بدلا من الحث  على التمرد والثورية ، الا ما تعلق بالخط الصدري الأول  والثاني فيما بعد ، فالجماهير الثائرة والمتمردة وخصوصا طلائع الجنود المكسورين  والمهزومين  من جبهات القتال   كان  لهم دور في إشعال  فتيل الانتفاضة في المدن العراقية،  ولكن  في النجف  كانت  الانتفاضة مخطط لها  من  قبل  نخبة من الشباب ،  في ظل  فراغ  امني كبير تركته  الحرب على  الداخل العراقي ، وبذلك فقد وضعت  هذه الجماهير الثائرة رموز الحوزة الدينية في  خيار صعب الا وهو الانحياز  الى جانب  الثوار ومباركتهم ، خصوصا  وان  هوية الثوار  وطابعهم الفكري  ديني  جعفري في شعاراتها ومطالبها  وتوجهاتها (( لاشرقية ولاغربية جمهورية اسلامية )) وكنا  نسمع  من مكبرات  الصوت  في  الصحن الحيدري  صوتاً  يصدح   ب(( نعم نحن  خمينيون )) وغيرها  من الشعارات ... فالعامة من الناس  ((العمايدية)) كما يسمونهم هم  من أشعل فتيل الانتفاضة وهم اللذين دفعوا القسط  الأكبر من الدماء والشقاء وكان  لهم اكبر الحصص في  المقابر الجماعية  ولم تزل  جثث  الكثيرين  منهم مجهولة المكان ، فكانوا  ولا زالوا  هم  الأكثر عطاءا  والأقل  مكسبا  في الماضي والحاضر ، كانت قيادة الانتفاضة سجالا بين  ((العمامة )) و ((العامة)) ، فقد كانت  انتفاضة شعبية  بامتياز ، ركب  البعض  موجتها  فأساؤوا  إليها أكثر مما  نفعوها ،ولم تكن  قيادتها  بمستوى  حماس  الجماهير  واستعدادها  للتضحية، وقد  كان  هذا  احد  أسباب  فشل   الانتفاضة  الذي   يعزوه  البعض الى الدور السلبي لقوات  التحالف وخصوصا  الأمريكية  في دعم الانتفاضة ، فكيف   تساند أمريكا  وحلفاؤها  ثورة شيعية ((خمينية))، تعتبرها عدوا  استراتيجيا  لها  في المنطقة والعالم ، فقد كانت هناك  أخطاء  إستراتيجية  وتكتيكية  ليس  ضمن مجال  بحثنا  هي  التي  أدت  الى فشل  الانتفاضة ، ناهيك عن كون  الأمريكان صرحوا  علانية بأنهم لا يريدون سقوط النظام في العراق على  يد أبنائه  في ثورة  شعبية ،  بل  أرادوا  سقوطه  على  أيديهم  في 2003، بعد ان  أنهكوا  الشعب  العراقي   في حصار ظالم ،مكنهم  ومكن  الديكتاتور من أحكام قبضته  على الشعب وتصفية  قواه  الوطنية  من مختلف  المشار والتيارات  السياسية ، فتمكن تحت  عصا  التخويف والتجويع  والتشريد  من تجريف   القيم الايجابية  المختزنة في  ذاكرة وسلوكية  الجماهير  خلال  عشرات  السنين من الكفاح ضد  القهر  والحرمان ، وبذلك  مهد الطرفان  الطريق للدبابة الأمريكية  بتدنيس ارض العراق  تحت ذريعة تحرير شعبه .
كان علي واعيا   لخطورة الاحتلال ورافضا   ان  يكون الخلاص  على يد  المحتلين   الأمريكان  وكأنه  متناغمٌ  مع  شعار (( لا ديكتاتورية ولا  احتلال )) الذي كان مرفوعا من قبل بعض  القوى اليسارية العراقية ،  وكل أحرار العراق .
سوف  لن  ادخل  في  تفاصيل  المعارك البطولية   التي  خاضها الثوار  في مختلف مناطق النجف  والتي  تمكن الكاتب  من  تسجيلها بدقة الحاضر المشارك  والسارد المبدع ، وهي مادة غنية  توثيقية لفلم  تسجيلي  ننتظر ان  ينجزه  احدهم .
دور المرأة في  الانتفاضة :-
******************.
اظهر  الكاتب  الدور الهام والمؤثر  للمرأة  النجفية في  مساندة  الانتفاضة الاذارية سواء  من حيث الدعم المعنوي والمشجع للثوار في  مقاومة الظلم والتعسف أو في المساهمة المباشرة في القتال في الميدان ومشاركة أخيها  الرجل في التصدي لقوات القمع في ساحات الكفاح ...
فإنَّ (( إيمان )) وأمها  أم  ((زهير)) مدرسة التاريخ  المتقاعدة ، وأم ثويني ، وأم جهاد، ونساء وعائلة السيد الخوئي والكثير من عوائل  ونساء ((العامة))  المجهولات مثالا  للشجاعة والجرأة في مقاومة الظلم  من اجل غد  أفضل  ومثالا للصمود في  الزنازين والسجن  والمعتقلات ومواجهة موجات التعذيب والقهر من قبل أجهزة السلطة ،   وهذا الدور مشهود للمرأة  العراقية والنجفية  خلال  ثورة 1918 و1920 ، وانتفاضات  وتظاهرات  النجف ضد السلطات   العميلة والتابعة  في  الثلاثينات  والأربعينيات  والخمسينيات من  القرن العشرين  سواء في  تياراتها  اليسارية   أو  القومية أو الدينية ،  وقد كانت  (( زينب)) و ((ليلى )) مثالا للمساهمة المباشرة في القتال البطولي حد  الاستشهاد ص ((183))

المكان  الفاعل والمنفعل :-
************.
 كانت كاميرة وعي الكاتب فَطِنَةً  وواعيةً  في رصد الأمكنة المختلفة كما  هي واعية  لرصد  حركات  رفاقه  المناضلين  في مختلف  شوارع  وساحات  وإحياء المدينة ، منذ انطلاق الانتفاضة في محيط الصحن الشريف ثمَّ توجه قسم من المتظاهرين باتجاه شارع المدينة واستيلائهم على مركز شرطة الغري ،  ثم  ما دار خلال  الاستيلاء على  مركز التفسيرات قرب الميدان  ،  وعمارة الحياة ، وشارع  الصادق ،  وشارع  الرسول ، وحي  الحسين ، وما  جرى  في  سراديب   مقابر النجف ،  وفي   صافي  صفا ، وحي الحسين وساحة ثورة العشرين  والكوفة ، ففي الوقت الذي كانت  الروح وكان  العقل مركزه في الصحن الحيدري وما حوله من دور المراجع ، وقد  كانت  هذه  الأماكن فاعلة مفكرة موجه ،  وكانت الجديدات وحي  الأنصار والحي  العسكري منفعلة  تمور بالحماس والاستعداد البطولي للتضحية  وتحقيق  النصر  على رموز السلطة  وأدواتها  القمعية ونظرا  لسعة  حيز ( الانتفاضي المكاني ) فلم يلم  الكاتب بمجريات الأحداث والعناصر  الفاعلة في  تحريكها وتثو يرها  في العديد من أحياء النجف  عامة ، وفي الاقضية والنواحي التابعة للنجف كالمشخاب والدور  البطولي  الشجاع  الذي  قام  به  (( عبودي  القصاب ))  في  إشعال  فتيل  الانتفاضة  في المشخاب ودوره القيادي الكبير في  تنظيم المقاومة هناك  حتى بعد دخول  الجيش بالإضافة  الى دوره في  تنظيم  حياة الناس  في المدينة التي  اكتظت  بالنازحين  من  مركز مدينة النجف
 وتوفير القوت للنازحين ولأهل المشخاب وكانت بحقه  الأهزوجة  الشهيرة  حول  توزيع  التمر  لسد حاجة الناس  الجياع في  المدينة وقراها  (( ماكو تمر الا  بأمر عبودي)) ،  وكذا الحال في  أبي  صخير والعباسية والحيدرية ، وهناك  الكثير  الذي  مازال  طي  الصدور حول   ماعاناه  أبناء العراق  من  عسف  النظام  وقهره ،  والكثير مما يقال حول  البطولات الفردية أو الجماعية للجماهير الثائرة  التي يصعب تسجيلها  وإحصاءها .
ماذا يريد  الثوار وما هو توجههم الفكري ؟؟؟
***********************.
الذي يطالع  الرواية  وكذلك  المتابع  لأحداثها  الفعلية أو من خلال  الرواية   ومن مركز قيادتها  سواء  المكتوبة أو المسموعة  يرى ان  الهدف  الأساسي  للانتفاضة والمنتفضين هو الخلاص  من الحكم الصدامي ، والإيحاء هو جمهورية اسلامية  وبقيادة دينية جعفرية على وجه  التحديد ، فليس  هناك برنامج تعد  فيه الانتفاضة الجماهير  بعد  الانتصار على الديكتاتورية   ولا  شكل الحكم القادم  غير هيمنة الخط الديني والأخذ  بأمر  وفتوى رجال الدين  وأعلامها  ورموزها  الحوزوية  حيث هدفها  النهائي  هو إقامة جمهورية اسلامية  متماهية مع  الجمهورية الإسلامية  الإيرانية  وسائرة على نهجها  وهذا هو الوعي الممكن  لجمع  المنتفضين  مجسدا  بسلوك وشعارات رموزهم  ومنهم  بطل  الرواية  ((علي))  فالوعي  الممكن حسب  ما يراه  غولدمان:-
 ((هو الذي  يجسد الطموحات القصوى التي تهدف إليها الجماعة ، وهناك علاقة وثيقة بين الوعي الواقع  والوعي الممكن، غير ان العي الممكن ه  المحرك الفعال لفكر الجماعة ، بل ه الذي يرسم مستقبلها ، ويعطيها صورتها الحيوية في الحاضر والمستقبل ، وعادة ما  يكون الوعي الممكن في غير متناول الناس العاديين الذين  يندمجن في الجماعة ، ولكنه فقط في متناول الأشخاص ذوي  الثقافة العالية ، كالفلاسفة والأدباء والسياسيين )) حميد لحمداني – الراية والايدولوجيا  ص69....
ومن  علاماتها الدالة على  قولنا  منح حماية سيارة السيد الخوئي  رقم  واحد جمهورية اسلامية
(( تم اختيار حيدر محي الدين مسئولا عن حماية السيد وتزويده بهوية "مجاهد" ثم أمر السيد مجيد الخوئي بمنح سيارته رقم((1 جمهورية إسلاميه)) الرواية ص54.
والشعارات التي كان يرفعها  قادة  التظاهرة  من  المثقفين  ويرددها عامة الناس كما  ورد  في الرواية
(( وازدادت أعداد المتظاهرين  شيئا فشيئا حتى بلغت المئات مرددين عدة شعارات (يا صدام شيل  ايدك شعب النجف  ميريدك ،  لا زعيم الا الحكيم  لا زعيم  الا الحكيم) وكان من بينهم مجموعة من مثقفي النجف وأدبائها))الرواية ص24 

 ولم يكن  هناك من  يتحدث  عن  حكومة تعددية ديمقراطية  غير دينية  الا  أقلية  من  اليساريين  والعلمانيين  والمدنيين  الذين يكاد  صوتهم  لا يسمع ، ولذلك  لم  تسجل  ذاكرة  الكاتب لهم  إي موقف
ان  هذا  التوجه هو ما  أثار توجس  الطوائف  الأخرى وخصوصا  الطائفة السنية   والذي  استغله  النظام  في  كسب  مساندتها   وفي اقل التوصيفات  بقاؤها  على الحياة   لا بل  كبت حتى  نية من كان من ((السنة))   يتحين  الفرصة للانقضاض على النظام  نتيجة لمعاناتهم  من ظلمه  وجبروته  وفتكه  برموزهم  وقادتهم ، كما أثار هذا توجس  الأنظمة الإقليمية المجاورة  والدولية على السواء ، والعمل  على إحباط الانتفاضة وإعادة زمام الأمور الى السلطة الصدامية  فهو أفضل  الشرين  بالنسبة لهم ...ولا نريد ان  نخرج  كثرا  على داخل  المتن  الى خارجه  وملابساته  وتعقيداته  وأثره  على التطورات اللاحقة  في العراق .
وبذلك  فالرواية   تكاد تحمل  فكر وايدولوجية   واحدة  ومن  لون  واحد ، مما  افقد الرواية حيوية  الحوار بين  أكثر من  ايدولوجية كما  في الواقع المعاش فعلا  ، الا  إذا  قلنا ان  الصراع  كان  بين  الايدولوجية  الدينية الشيعية وهو هنا يمثل  الوعي الواقع للمنتفضين  كما يراه  غولدمان (( الوعي الواقع هو مجموع التصورات التي تملكها جماعة ما عن حياتها ونشاطها الاجتماعي ، سواء في علاقاتها مع الطبيعة ، أم علاقاتها مع  الجماعات الأخرى ، وهذه التصورات تبد ثابتة وراسخة ، بحيث  لا يمكن تصور وجود الجماعة المذكورة بدونها ))حميد لحمداني – الرواية والايدولوجيا  ص69
 وبين  الايدولوجية  القومانية  الصدامية ، وفي كليهما  يغيب  البعد الطبقي  في مثل  هذا  الصراع ، ان لم نقل  إنهما  ينتميان  الي  نفس التركيبة الطبقية  ، وهذا ما  نلمسه  من خلال صراع  أبطال  الرواية وشخصياتها   المنتفضين  من جهة   وأنصار السلطة من جهة أخرى ، وبالنتيجة  هي  تعكس  ايدولوجية الكاتب  وهنا  واضح    تبنيه وانحيازه  الكامل  الي  الفكر الديني  الشيعي  تحديدا
(( وأخيرا تحرك المارد الإسلامي وزحف لقلع جذور الفساد والمفسدين من ارض الشرف والإسلام النجف الثائر أتتبعها مدن الفرات والجنب)) الرواية ص24   
 وبذلك  فالرواية  تتسلح بايدولوجية  وفكر وممارسة   الكاتب  ، رغم  ظلال  الصراع الفكري  الباهت  بين المتصارعين  والذي تحول  في الرواية ومن خلال  الانتفاضة  الي   صراع البنادق والرصاص  بعد ان   استنفذت  كل  الوسائل  الأخرى طاقتها بسبب  استبداد الحاكم  ،وكما قال   باختين :-
(( ان  الايدولوجيا في الرواية إذ تكون عادة متصلة بصراع الأبطال بينما تبقى  الرواية كايدولوجيا تعبيرا عن تصورات الكاتب بواسطة تلك الايدولوجيات المتصارعة نفسها )) .د. حميد لحمداني- النقد الروائي والايدولوجيا ط1 1990 ص37 المركز الثقافي العربي.
هذا هو واقع الشرذمة  والرثاثة الطبقية  للمجتمع  العراقي الذي  أنهكته  الحروب  وسنوات  القهر والتجويع ،  وسيادة نزعة الاستهلاك   على  الإنتاج ،  في  ظل حكم دولة   النفط الريعية ، مما  أنتج  فكرا  سلطويا  شعبويا   اقصائيا فرديا مستبدا حاكما ،  وفكرا   دينيا  معارضا  يوازيه ويماثله  من  حيث  نزعته في  تقديس الفرد  وتهميش ان لم نقل  إقصاء المختلف  والمخالف وحسب  قربها او بعدها عن كرسي الحكم  و شدة الإمساك  بصولجان  السلطة ، لكونها  نتاج  نفس  الطبقة الاجتماعية المأزومة  المنقسمة على ذاتها(( الاقطوازية ))  كما  وصفناها  في عدة دراسات لنا  ، بسبب علة  في  بنيتها ومحاولتها  تجاوز أزمة هيمنتها الطبقية ، وقد حاول  الديكتاتور مواجهة الفكر الديني  الشيعي  المعارض  بفكر مضاد على نفس المستوى من  خلال حملته  الايمانية  وارتدائه  لباس  ((عبد الله  المؤمن))  في  أيام حكمه الا خيرة  ولم  ينقصه  آنذاك  الا  ارتداء العمامة  ليكون  خليفة المسلمين وأمير المؤمنين  وقد  اختار لون عمامته بلون عمامة معارضيه  فنسب نفسه الي  الإمام علي عليه  السلام   كما تشير الي ذلك   شجرة نسبه كما  شجرة  أسمائه ((الحسنى))  التي  رسمها  لنفسه  وبصم  له عليها  مناصريه  في حين حاول  ان  ينزع   صفة العزوبية من   معارضيه زاعما  أنهم   من الفرس ومن بقايا  الزط ...الخ  من الافتراءات لينال منهم  وليمسك  هو   بكل   الخيوط العزوبية  والإسلامية  السنية والشيعية  مجتمعة في شخص  القائد الضرورة .
وقد  انتقل الحكم  بعد  الاحتلال  الي  القسم  المعارض  من نفس  الطبقة  ولكن بلباس ديمقراطي  هذه  المرة  وبمشيئة   قوة خارجية غازية  ، فعاد الصراع  الدموي  بين  شراذمها المأزومة  ثانية  وان  اتخذ اسماءا  واشكالا   أخرى ،  مع  تبادل  المواقع  على رأس السلطة ، شكل  (( داعش)) اشد أجنحة  السلطة((السنية)) القومانية  المهزومة تطرفا في صف  المعارضة المسلحة  ورفض مجمل  العملية السياسية (( دواعش الصحراء))،وأجنحة أخرى لها رجل  مع المعارضة المسلحة ،  ورجل  في السلطة  وقبول اللعبة السياسية  حتى  أنها تكاد تمثل  الجناح السياسي للمعارضة المسلحة (( دواعش الخضراء)) ،  وفي الطرف  الثاني الكتلة  ((الشيعية)) الأكثر هيمنة على السلطة  الا اننا  لا نرى((عليا ))  و لا ((ايمان ))  ضمنها  في الجانب الثاني من الصراع وهي  على  مستويات مختلفة من حيث  قربها و بعدها عن كرسي الحكم  فمنها  من  انغمس  في العملية السياسية  ودافع  عنها  باستماتة  وأخرى  رفعت  بوجهها السلاح  حد  الاستماتة ،  هذا الصراع  بمختلف تمظهراته  سيطول  أمده  مادامت   هذه  الطبقة المأزومة هي  الحاكمة.
واذا صح  لنا  التشبيه  في  الماضي واستحضاره   لنكون قريبين من طبيعة  صراع القوى  المتنافسة على سدة الحكم في العراق ، فلابد من استحضار  قبيلة (( قريش))، وصراع  بطونها  وأجنحتها المختلفة على  السلطة   من  الأمويين ، والعباسيين ، والعلويين  يختلفون  في التسميات وربما  بأهداف  ووسائل  الحكم  ولكنهم  بالتالي  من  قبيلة  .
وبذلك فرواية فندق  السلام   قدمت  لنا  تجسيدا  عمليا لواقع  الصراع في  المجتمع  العراقي  يمتد  ربما  منذ الثورة الجمهورية  الأولى  الي حين  التاريخ   رغم أنها   تختم   عند بداية الاحتلال ، ولكن  ما بعد  الاحتلال  أعاد عجلة الصراع  لتدور  بشكل  مقلوب ولكنها  مطحنة  يدورها  نفس الدولاب  وتنتج  عين الطحين ، الذي  يذهب جله الي تنور الحاكم ،  ولا يحصل منه الإنسان  العراقي  العادي سوى الفتات ...  فظل(( عليا و ايمانه))خارج  ((المنطقة الخضراء))،  و لا زال  ((سلمان ))  حافيا لا يسمع صوته  سوى حماره !!!

 ملاحظات  لابد منها :-
*هناك العديد من الملاحظات  تستوجب الإشارة إليها  نراها  خللا  في الحبكة  الروائية  من قبل الكاتب ، ففي بداية الرواية عند وصف انطلاقة الانتفاضة في  شارع المدينة  ووجود  مصعب ، يذكر الكاتب ان  مصعبا  البصراوي  يخفي بين  شواجير بندقيته كإمرة خفية  يصور  من خلالها الأحداث  والأشخاص ، ومصعب  هو احد  ضباط   امن السلطة المندسين  بين  المنتفضين ، ولا يكشف  أمره  الا بعد عدت  أيام  وبعد  ان  يقوم بإنجاز مهام صعبة وخطرة  وتزويد السلطة بالمعلومات عن  الانتفاضة   ، فكان يفترض عدم كشف هذا  السر  عن مصعب ودره  وكإمرته الا بعد  مقتله ومقتل  زوجته ((دموع))  ومسئوله ضابط  الاستخبارات (( سرمد)) ، وإلا كيف  يمكن  تبرير  السكوت  عنه كل هذه  الفترة  ونحن نعلم حمله  لكاميرا مخفية   تصور المنتفضين (( في هذه  الأثناء كان مصعب البصري الذي عصب رأسه ولاث على رقبته يشماغا اسود يصور احتراق المركز بكامرته الصغيرة التي  لا يزيد حجمها على حجم (قداحة سجائر) والتي أخفاها بين ثلاثة شواجير عتاد ربطها على بندقيته التي لم يرم بها أطلاقة واحدة ، كان يصور بدقة وجوه  المتظاهرين ....الخ)) الرواية ص18.
 
* طلب  ((علي)) للعتاد  بواسطة أخيه  حسنين  من  مشجب  الوحدة  التي مقرها بغداد ،  واستجابة  المسؤول  لطلب وتحميل سيارة علي بكمية كبيرة من العتاد ، ومن  ثم نقله  للنجف ، أمرا   في غاية  الصعوبة وغير واقعي  لمن يعرف صرامة  السلطة  وخصوصا   في حالة فقدان  أية  قطعة سلاح  أو أية  طلقة عتاد ،  حيث  تعرض المقصر  حتى لعقوبة الإعدام !!!
* تخلص ((علي)) في أكثر  من حدث  من موت محقق ، محاولة  لاغتيال  في عمارة الحياة ، إخراجه للعتاد وخلاصه  من السيطرات في ذهابه  وإيابه  من النجف  الي بغداد وبالعكس ، اعتراضه من قبل  الضابط الذي أراد اعتقاله على طريق النجف  كربلاء  بالقرب  من حي المهندسين  وحدث معجزة اشتغال  ماكينة سيارة الضابط بإيحاء من علي ،  وحصوله  على هويته  نتيجة  ذلك ، مقتل شراد السماوي على يد الجلاد حينما أراد الاعتراف على علي في سجن الانضباط العسكري  طمعا  في الخلاص ،  ضياع ومن ثم العثور بالقدر على كتاب العفو عالقا  في سرواله  حين تم  إلقاء القبض عليه  من قبل  مفارز السلطة في كراج العلاوي  هو   ورفيقه ...
واذا كانت  هناك  صدفة او مصادفة تخدم  الفرد  لخلاصه  من  ورطة او مأزق   فمن الصعوبة  واقعيا  ان تجتمع  كل هذه  الصدف  مع  شخص  واحد كما  حدث  مع  ((علي))،   وقد  مكنت  هذه  الصدف  المثالية  بمساعدة  الكاتب  ليبقى  بطله  حيا  رغم  كل  ما لا قاه من محن  وما قام به  من  مغامرات ...!!!
من المعروف  ان الكثير من الشباب ورغم دخوله  للجيش لا يجيد استخدام السلاح  وخصوصا   استخدام  القاذفة  ار بي جي  سفن  فكيف  بشابة ليس لها أدنى تجربة أو تماس مع السلاح ، تمكن المقاتل محمد تبلية من تدريبها خلال فترة وجيزة  لتكون  رامية قاذفة  ماهرة  تمكنت  من  إحراق  دبابات  العدو رغم   ما يلف  الوضع من خوف  وإرباك  ومغامرة ، بالإضافة  الى  التساؤل  على  كيفية  الثقة  بنساء الا  إذا كان  يعرفهن سبقا  ولكن  لم  يرد   في الرواية ما يشير  الي ذلك  ، فكيف  تتم عملية تدريبهن  ، وتسليمهن  السلاح  والعتاد  دون  تحسب  قد  يكنَّ  مدسوسات ، كان  يمكن ان يجد  الكاتب تخريجة  أخرى  لمشاركة  النساء في المعركة  كون هناك العديد  من  النساء شاركن في قتال السلطة في الاهوار وفي جبال  كردستان  ولهن  تاريخ  معروف  في المدينة .
ـــ       كما  ان  الكاتب اغفل  أو تغافل  عن ظاهرة  السلب  والنهب  لمؤسسات  الدولة  ومخازنها  كافة  والقيام  بإحراق  بعضها ،  كالمخازن   الغذائية ،  و((الاورزدي  باك ))،  ومخازن المواد  الإنشائية  وغيرها ،  ولا شك  ان  هناك  يد  للسلطة  وأجهزتها  الأمنية  يد  في ما حدث   ف((سرمد))  وأمثاله   لا يمكن ان  يغيب  عنهم  بتوجيه  الناس  الى مثل هذه  الأفعال  لتكون  سبة على  الثوار  وإدانة لهم  بتهمة   النهب  والسلب وحرق  مؤسسات الدولة .
 ((  فقط إذا ما حاول الروائي"ان يجعلك ترى" سيكون عندها قادرا "ان يجعلك تفهم وتصدق")) ص75  تطورات الرواية الحديثة لطفية الدليمي
من  الملاحظ  ان  القارئ  حين يفرغ  من قراءة  الرواية  لا يحتفظ  بصور  شخصيتها من  حيث  التوصيف  والتعريف  بالشكل  والمظهر والسلوك ، كما ان  دواخل  هذه  الشخصية  ظلت  موصدة  أمام   القارئ   فلم   نشهد   حوار داخلي للشخصية مع  ذاتها  لنتعرف   على   عمقها  في حالة الوعي واللاوعي  وهو أمر  مطلوب  لإغناء  شخصيات  الرواية  وانعكاسها  في  وعي  وذاكرة القارئ. ف (( الرواية ليست محض وصف  للحياة يبعث  على المتعة بل هي شيء يمكن ان "يتنافس مع الحياة" وان يطورها ويرتقي بها وحتى يفوقها ويضعها في مخ مصيدته لأجل تحقيق غايات مستحبة بأعظم  قدر من الدقة، ))تطور الرواية الحديثة – ترجمة لطفية الدليمي ص67-68
وفي هذا المقام   لا يسعنا  الا ان  نستشهد  بمقولة  الكاتب  الانكليزي  سومر ست موم  حول  فن  الرواية  ولنكون موضوعيين  ومنصفين في دراستها :-
 (( إنني كلما فكرت في عدد العقبات التي على الروائي إن يجتازها ، وفي مهاوي الزلل التي عليه أن يتجنبها ،لا أدهش حين  أجد  حتى أعظم  الروايات لا تخلو من العيوب ولكني أدهش فقط لأنها ليس فيها إلا هذا القدر من العيوب... )).
في الختام لا يسعنا  الا  ان  نشيد  إشادة كبيرة في الجهد  الكبير الذي  بذله  الكاتب  في  توثيق  هذه  الأحداث الهامة في تاريخ  مدينة النجف  وانتفاضتها  في  1991، وقد تمكن بالفعل  في  إنتاج  رواية  تسجيلية   يمكن  ان   تكون مادة ثرية  ودسمة  لفلم  وثائقي  مميز ، تجمع  بين  الوثائقية   التاريخية وبين  الصياغة الروائية  بأسلوب  ممتع   يجمع  بين  الواقعي والمتخيل  صاحب الأرضية الواقعية  ، وكما   قال  سعيد يقطين:-
(( ان الرواية التاريخية ... تنهض على أساس مادة تاريخية لكنها تقدم وفق قواعد الخطاب الروائي"القائم على البعد التخيلي مهما كان واقعيا  وحقيقيا" وهذا مايجعلها مختلف عن الخطاب التاريخي)) قضايا الرواية العربية الجديدة – الوجود والحدود ط1 2012م- دار الأمان  الرباط ص159.
 وبذلك  سجل نجاحا  ملحوظا  ومميزا  في  ((ادبنة التاريخ ))  ضمن منظوره   ومنهجه  الفكري  الذي  لا نريد  ان  نكون  حكاما  على  مخرجاته  واستنتاجاته  فهي حق  من حقوق  المؤلف فليس هناك كلمة محايدة كما يقول  باختين
 (( لكل كلمة صاحبها المغرض والمتحيز، ولا وجود لكلمات ذات دلالة عامة  لا تعود  لأحد)) مختارات من إعمال ميخائيل باختين ترجمة يوسف حلاق ط1 2008 ص 235.
ولا شك  ان  هناك الكثير من  الملاحظات   سواء  بالإضافة أو بالحذف  بالموافقة أو الرفض لما ورد  من إحداث وأسماء شخصيات  في الرواية  حيث    ان  الكثير من  عاشوا  وعايشوا  واشتركوا في  هذه  الإحداث  لازالوا أحياءً ، وربما   هناك لكل نجفي عاش تلك الفترة رواية  حول  هذه  الأحداث  الدامية ،ناهيك عما  حمله  الشهداء والضحايا معهم  الى دار الخلود .
 
 
 


26
 
  قول على قــــــــــــول


من يوقف  جرائم الطلاق  التعســـــــــــــفي ؟؟

                     
   
من خلال متابعتنا  للصحف  ووسائل الإعلام  ومن خلال معايشتنا  لما يجري في  المجتمع  العراقي ،  ذهلنا حقا  من  الأرقام الإحصائية  المهولة  حول عدد حالات  الطلاق في  العراق  فمثلا   نقرأ  على شاشة الشرقية  خبر يقول ((  ارتفاع  حالات الطلاق في النجف  حيث  بلغة (( 9))  آلاف حالة طلاق  من  أصل  ((10))  آلاف زواج ))،  وقد تحدث  كاتبان  صحفيان  في مقالتين  متواليتين في جريدة الزمان  حول  استفحال  هذه  الظاهرة الخطيرة  التي  أخذت تهدد  بحدوث  كارثة اجتماعية  من  الصعوبة التبوء بآثارها  الخطيرة  على النسيج  الاجتماعي  العراقي مقالة ((الطلاق في العراق صدمة اجتماعية)) – بقلم نهاد الحديثي بتاريخ 18-2-2017،  ومقالة  ((كلام  أبناء المطلقات)) بقلم  الأستاذ فيصل العايش  بتاريخ16-2-2017،  ومن الملاحظ ان  اغلب   حالات الطلاق   تكون  من قبل  الشباب   من أشباه الرجال  اللذين  يتهربون  من مسؤولياتهم  في   رعاية   عائلة والقيام  بواجباتها  الحياتية ، خصوصا  وان  اغلبهم  يعتمد  في معيشته  وتدبير  أموره  اليومية على والديه ، وخصوصا  الأم ، فما ان  تنفر امه  أو أخته  زوجته   حتى  ينقاد الي قرارها  بالطلاق  هذا  الباب  الخطير  للخراب الاجتماعي   الذي   وجده  مفتوحا  من قبل :-
أولا : الدين   حيث  اكتفى  وحسب  الفهم   العام   للمسلم  بمقولة  (( ابغض  الحلال  عند الله الطلاق))، بمعنى أجاز  الطلاق   والطلاق  هو بيد الرجل   صاحب العصمة ،  وفي الآونة الأخيرة  نرى  إعدادا من  العمائم المرتزقة تفترش أرصفة المحاكم باسم (( المأذون الشرعي))  لتسهيل  عملية الزواج  والطلاق   لمن يرغب  دون  أية  إجراءات  احترازية  وتنويرية  لمن يقوم بهذا الإجراء  المهم  ان  يتقاضى المأذون  أجرة   ورقته  الماذونه !!!
ثانيا:- الدور السلبي  للأعراف العشائرية  عند  حدوث  الطلاق   فلم تتضمن  سوانيهم  أية عقوبة مادية أو معنوية رادعة  لمثل  هذه  الحالات  القهرية والتعسفية ، حيث  غالبا  ما ينتهي دورهم   عند (( المشية))  وتناول  حلويات  اخذ رضا    ولي أمر الفتاة  بتزويج  بنته   لابن  فلان  الفلاني  الذي  جاؤوا  معه  حشدا  لتزكيته   وشبه  إجبار  لولي أمر  الفتاة  بالموافقة ، رغم  ان  حالة الطلاق  التعسفي   هذه  وخصوصا  لمن  لديها  أطفال  تساوي جريمة القتل  ان  لم  تفوقها خطورة ،  لأنه  قتل  عمد  لأكثر من روح  بريئة  ومع  سبق  الإصرار ، يرتكبها    من  يفترض  ان يكون راعيها  وحاميها  فأين   هنا   الغيرة  العشائرية  وقيمها  الإنسانية  ومسؤوليتها  الاجتماعية ...
ومن المعروف  ان  خطبة  الفتاة   وموافقة ولي أمرها  غالبا لا تتم  الا بحضور  أقرباء   ووجهاء  العشيرتين  المتصاهرتين ،  وتعهد  كل  منهما  بحسن  سلوك   والتزام   كل  من الطرفين  بواجباته  الزوجية  سواء  الفتاة أو  الفتى  طالب الزواج ، وبذلك  يتوجب عليهم أخلاقيا  وإنسانيا  وعشائريا  إنصاف  المظلوم   ومحاسبة الظالم  والحرص التام  على  وحدة العائلة  ومستقبلها .
ثالثا :- القانون    نرى ان  القانون  لا يقوم بردع  من قام  باتخاذ  وارتكاب  جريمة الطلاق  التعسفي  وبعد  سلسلة من المرافعات  الشكلية  تتحمل وزرها  المطلقة وأطفالها  وتعرضها  لمختلف  أنواع  الابتزاز ،سوى   إلزامه   بالمهر المعجل  والمؤجل  وبإقساط مريحة جدا ، وغالبا  ما يحتال  على القانون  لإظهار عدم قدرته  على دفع  الا مبلغا تافها  بما ترتب عليه  من  مهريها  ومن  حق  النفقة ،  لا تشكل  إي  ثقل  على الجاني   مقابل  تمليكه   قرار خلو شخصه  من  أية مسؤولية عن  جريمته  المشهودة  بالقتل  المادي والمعنوي  للزوجة  وأطفالها .
كما  يتوجب  ان تزود المطلقة ربت البيت  التي  ليس  لها  دخل  تعيش منه  بكتاب يلزم  وزارة العمل والشؤون الاجتماعية  بشمولها  الفوري هي وأطفالها  براتب  الرعاية الاجتماعية  ومن تاريخ  نفاذ  قرار الطلاق .
لذلك  نرى   ان  الواجب  الإنساني  والتني  والديني  والعشائري  يتطلب  من كافة أصحاب الضمائر الحية  ، من البرلمان العراقي ،  منظمات حقوق  الإنسان  وحقوق  المرأة والطفل ،  وكافة منظمات المجتمع  المدني ،  والقضاة ،  والمراجع الدينين ،  وخطباء الجوامع ،  والصحفيين ،  والمثقفين  والأدباء   بالعمل  على  منع  هذه الجريمة البشعة  التي أصبحت  كالوباء  الخطير  المتفشي في المجتمع  والمهدد بانهياره ، ونقترح   ضرورة التأكيد على مايلي :-
أولا :-  ان  تعيد  المراجع  الدينية  النظر في إحكام الطلاق وفق  للظروف  الراهنة  والمستجدات  الواقعية  حاليا ، والتشدد في  إجازة  الطلاق  وتحريم  الطلاق  التعسفي  تحريما قاطعا ،  ومنع   رجل الدين  المأذون وغير المأذون  بإجرائه ، فمثل هذا  الفعل  أكثر خطرا  من شرب الحمرة  ومن  أكل لحم الخنزير ومن  لعب  القمار  وكلها محرمة  في شرع الإسلام  وفي كل المذاهب .
ثانيا :- على  العشائر  ان  تعتبر  حالة الطلاق  التعسفي  ،  حالة  قتل  متعمد  ومع  سبق  الإصرار وبدون  إي ذنب  فعل استفزازي  من قبل الضحية  لدفع  المجرم  على ارتكاب جريمته ، وتكون  الدية والفصل  مضاعفة في حالة وجود  أطفال  قصر ،  وان  لا تقل هذه  الدية  عن  دية القتل  المعمول  بها  عشائريا  ودينيا ، وإلزامه بإجراء  معاش مناسب  يتكفل في  إعاشة ولباس وتعليم وصبابة  الاطفال  يقدره  اهل الخبرة واهل الحظ والبخت ،  وان تلزم  عشيرة  الجاني  بدفع  الدية  والمصروفات  في حال  عدم   التزام  الجاني  بها ، فالمرأة المطلقة  تعتبر  مقتولة  جسديا ومعنويا واجتماعيا ، مما  يحول دون  اضطرار  ولاة أمر  المطلقة  المظلومة  بالتصرف  الفردي  ردا  على   مثل  هذه  الحالة من  الاستفزاز  والقهر  ، والإقدام على عمل  كرد فعل   وارتكاب جريمة  لا تحمد عقباها  وبالتالي  ضياع العائلتين  بسبب عدم  الإنصاف .
ثالثا :- ان  تعمل الحكومة على اقتراح    مشروع  قانون  يقر في البرلمان ،  يمنع الطلاق  التعسفي  منعا باتا ،  وفي حال  إصرار الرجل على  إجرائه ، يلزم  بدفع  مهريها الحاضر والغائب  مضروبا بما لا يقل عن  أربعة  مرات  بمقداره  المذكور في عقد الزواج ، وان  يكون الدفع  فوريا  وليس بالتقسيط ، يلزم  المتعسف  بتأمين  السكن  ومستلزمات العيش اللائقة  من أكل  وملبس  وتعليم  وصبابة  لطليقته وأطفالها  حتى بلوغ  القصر سن الرشد والاعتماد  على الذات ،  وانقطاعه  عن  الزوجة في حالة زواجها .
كما تقوم المحاكم  بمنع  وطرد  سماسرة   الطلاق  والزواج  من  التواجد في   أبواب  المحاكم  والذي يعتبر وجودهم  مساسا  بعدالة وشرعية  المحاكم الشرعية .


27

حكايا العم   ((وجدان )) 

اكو  ناس  لا تخاف  ولا تستحي وما عده  ضمير

دخل العم وجدان وهو بحالة لاتسر الصديق متعبا ، لاتفارق السيكارة فمه ، وهو يردد عمي تره مايصير هجي ، ((الله)) و (القانون))  وال((سواني)) ضد المره !!!
ساله من في الديوان .... شنو القضبه عمي وجدان شبيك اليوم ، وشبيه المره ؟؟
عمي من يريد واحدنه يزوج ابنه يتعنه  لبيت ابن حلال ويطلب ابد بنته لبنه ، وياه حشد من أهل العمايم والعگل مشايه وهم يطلبون موافقة ولي أمر البنيه على زواج بنته من ابنهم ، ويسووله الهور مرگ والزور خواشيگ ....وأم الولد تحير  شتسوي حتى تحصل موافقة أم البنيه والبنيه ...
لكن بعد ما يطيح الفاس بالراس ، تشتغل المشاكل بين البنيه العروس الجديدة وبين العمه والحماه وما داير مادايرها .... والعريس صور الله عليه مثل الاثول مايدري شيسوي ، يصير ويه مرته لا هاي عيب فشله والمره شنه قيمته ، عليه تخدم وتتحمل الاهانات والرزاله بطيب خاطر ، وماتفك حلگه ويه العمه والحماه ، واذا ما عجبه تولي تروح لهله ، لو سويله خط طلاگه وسرحوهن بالمعروف  عله گولت أهل العمايم   الگاعدين بصف  سور المحكمة  متحضرين   لكسر ارگاب المسكينات  وإصدار حجج طلاگ  ويسمي نفسه  مجاز  من  المحكمة الشرعيه ....!!!
وبها الوضعيه تكون البنيه هي  وبزرته الضحيه ...
لا المجتمع يرحمه وينتصرله ويگول ياعالم تره هذا ميصير حرام
واهل العمايم يگلك عمي هذا ابغض الحلال ... بس هاي هيه العصمه بيد الرجل واذا ماراد يطيه المعجل والمؤخر اقساط حسب المقدره وتروح لهله وياه خلفته !!!
والقانون هم من راي الدين والشريعه ، يگلك العصمه بيد الرجال خلص ماايريده يطيه حاضره وغايبه حسب امكانيته ، ويجر نفقه  فلسات للزعاطيط !!!
عمي من سود الله وجوهكم هاي المسكينه بيش مطلوبه وتتحمل كل هذا الظلم ، يگضي وطره وياه ويخلف ويوديه لهله مكسورة الجناح والخاطر ، ويرح  اجيبله  امه  مره  جديده
والله لالعن ابو هيچ شريعه لابو هيچ سواني لابو هيچ قانون ...لكم هذا ظلم وكفر  ومو انسانينه ، وما يورث غير  السقوط  والفساد  والضياع  لكل  الاطراف ...
... عمي وجدان وانته شجايبك عله الموضوع الحارگ اعصابك ؟؟؟
والله عمي  الحارگ اعصابي  هذا  الي گاعد  نشوفه  ونسمع بيه  ونقراه   عن مايصير    بمجتمعنه  هالايام  ،  منا نسمع  فلان  وفلانه  ازوجوا  وبعد  فتره  تسمع  فلان وفلانه  اطلگوا  لان  أهل الولد  ما يريدون البنيه ، لا يمنعهم شرع  ولا  سواني  ولا قانون !!!!
وهاكم  اقروا  هذا  الكتبه  ابن  الاچاويد(((فيصل العايش))   بجريدة الزمان في 16-2-2017   حول حالات  الطلاگ  ومصايبه  بهل الأيام
((ولعل دوائر القضاء الإداري كانت محقة عندما أعلنت عن زيادة غير معهودة في نسب الطلاق بمجتمعنا قد تفوق ربما حالات الزواج ، فهل يعقل إن شهراً واحداً يشهد أكثر من خمسة آلاف حالة طلاق وتفريق بين زوجين ، حين استشرى الخلل الأخلاقي في صفوف الكثيرين من الشباب واستسهال الطلاق عوضاً عن معالجة الأمور لكي لا يقع ابغض الحلال ويعيش الصبية الذين هم نتائج هذا الزواج حياة مأساوية لا تنفع معها أية حلول.
ما ذنب طفل رضيع لم يتمكن بعد من السير على قدميه أو طفلة مازالت في الصفوف الأولى من مدرستها إن تكون ابنة لأبوين مطلقتين غير عابئين بمصيرها وبمستقبلها ودون التفكير بما يمكن إن يؤول إليه حال هؤلاء الأطفال من أبناء المطلقات، فلو حسبنا إن نصف هذا العدد من المطلقين لهم أبناء وبنات فأن هذا يعني إنتاج جيش كامل من الأطفال فاقدي الأبوين تأخذهم الحياة دون رحمة الي دروبها الوعرة وفي مسالكها الشائكة ويكونوك ن آخر المطاف عالة على المجتمع الذي لاستطيع إن يوفر لهم شيئاً مما ينبغي إن يتوفر لهم من التعليم والرعاية الطبية والسكنية والغذائية )).
زين  برأيك  شنهو  الحل حتى على الأقل  نحد  من هاي الظاهرة  الخطيرة  فعلا :-
أولا :-عمي  لازم ما نمشي يه  خطاب  لبنت الناس  الا  نكون  كفلاء لحق الطرفين  مو نشرب الشربت ونذبنه  حچايتين  وفيمانلاه ،  ونكل  للعايل عايل  اضبط روحك  هاي  الشغله  مو لعب زعاطيط . وانته  رجله  لا زم  تصير رجل  بحق  وحقيقه   وتتحمل المسؤولية  وبناء اسره  وبيت ، مو تطبگ ويه  امك  يو اختك  بالباطل ...
الثانيه \عله  ((المومن))  ما  يطلگ  المر هالا  بحضوره  وموافقته ،  واذا  ما  موافقه   لازم  عند  الطرف طالب  الطلاگ   عذر مشروع  يحول  دون استمرار الحالة الزوجية  كالخيانة الزوجية  لا سامح الله  مثلا ، مو  يوزع  خطوط   مقابل  كم فلس  من هذا يو ذاك  ويكسر ارگاب  بنات  العالم باسم  الشريعه  ...
الثالثه \ على القانون  إن  يكون  شديد  الحساب يه  اليطلب  طلاگ  تعسفي  غير  مسبب  بأسباب معقوله ، واذا أصر عليه تحميل  المخالف  مضاعفة المهر المعجل والمؤجل  لعدة أضعاف تصل الي عشرة أضعاف ولاتقل عن  أربعة أضعاف وحسب درجة القهر التعسف المرافق للقضية . وتدفع  فورا  تصديق  قرار الطلاق حتى  يعرف  المتعسف خطورة وكلفة  ما  يقدم عليه  عسى ان  يرتدع ، ولو ان كل اموال العالم  ما تعووض المره  وابنه  حنان الوالدين ورعايتهم  ولكن   شنگدر نسوي  للماعنده ضمير ، والله  عمي    صدگ  (( الكثوليك))  عدهم  حگ ...
ويلزم  المتعسف  براتب شهري  للطفل  مايقل 300-500  الف دينار قابل  للزيادة والنقصان  حسب  الظروف  الاقتصادية  وصعود ونزول قيمة العملة حتى لا يضيع  الأطفال بسبب  لعز  العاطفي والمادي   .
عمي هذا الحچي  حگ  يوباطل ،  عمي الظلم  هسبب كل  الصار ويصير ويانه ، وما اكو ظلم اشد من ظل  الزوجه  والام  والطفل  والمطلب  من   النسوان البرلمانيات إن  يضمن صوتهن  للمرة المظلومة ويشتغلن  على إصدار قانون جديد يضمن حقوق المرأة  ويحد  من  هاي الظاهرة السرطانية الخبيثة  ،  وها  ليسمونه  منظمات  حقوق  الإنسان إن  ما تظل ساكتة  وملتهميه  بالترهات ...
إما  رجال الدين فعليهم  الوزر الأكبر  لان مايصير   احد أسبابه سكوتهم  وتبريرهم  لتعسف لرجال باسم الشريعه ..
وعله الحكومة  إن  تسن قوانين  حسب  متطلبات  الضعة  المتغير ، والبصير  ألان  يتطلب  تشريعات  جديده  تحد من  هاي الظاهرة الخطيرة ...
عمي الوضع ما ينسكن عليه  ابد  أبدا ....
فقال   جميع من  في الديوان  والله  عمي  حجيك ذهب ،ولا زم  هل  القضيه  يصيرله حل  وباسرع   وقت . لان ماكو شريف  وصاحب  ضمير  يرضه  يوگع  ظلم  على  ابنه  وعله  بنته وعله  جهاله .
ش اطني  جداحتك  خل  اورث  جگارتي ، والله عمي اكو وادم لاتخاف  ولا تستحي ...

حميد الحريزي



28
مظاهرات التغير بين (( بوخارست))  وساحة التحرير




             
لخمسة أيام  متتالية  غير منقطعة ،  تفور ساحات  رومانيا  بتظاهرات  غاضبة ، تطالب  الحكومة بإلغاء  مراسيم حكومية  ، سيعفى  بنفاذها  العديد  من  المسئولين الفاسدين  لا تتعدى  تهمتهم   أكثر من ((48))  إلف دولار  فقط
لا غير ..
ونتيجة لهذا الضغط الشعبي الجاد  والمتواصل  والواعي ، اضطرت  الحكومة الرومانية على لسان  رئيسها  بسحب  وإلغاء هذا المرسوم ...
رغم ذلك  لا تزال  التظاهرات  مستمرة  لأنها فقدت الثقة بمثل هكذا  حكومة حاولت  إصدار  مرسوم  يعفي  الفاسدين  من العقوبة ، لذلك  فالجماهير تطالب  باستقالة   هذه الحكومة  لأنها  لم تعد  تحظى بثقتهم  وعليها  الرحيل  استجابة  لأمر الجماهير ...
نريد  أن  نقول   إن  تظاهرات  الشعب  الروماني  تميزت  بمايلي:-
أولا وضوح  الهدف ، فهي تعرف  ما تريد  بالضبط ، حيث  ركزت  مطلبها  على المطالبة بإلغاء  المرسوم .
ثانيا   تميزت  التظاهرات  بالطابع  السلمي  المتحضر  والمنسجم مع  الروح  الديمقراطية للبلاد .
ثالثا \ التظاهرات   لم تكن  متقطعة  ولا  رتيبة ولا متقطعة  بل  استمرت  طوال  خمسة أيام  متواصلة  لحد  الآن  وما زالت .
               
ولو قارنا  هذه  التظاهرة مع  تظاهرات  ساحة التحرير وبعض  المحافظات  في العراق ، لما وجدنا  أي وجه  شبه  بينها  وبين  تظاهرات  ((بوخارست))، بل  يمكن مقارنتها    بال((هايد بارك)) اللندني  حيث   يتجمع  ويخطب  ويزعق  العديد  من  الناس في مختلف  المواضيع  ثم  يتفرقون دون  تحقيق  أية  نتيجة ...
فتظاهراتنا  غالبا ما  تحمل حزمة  طويلة عريضة من المطالب قد  لا يجمع  بينها جامع .مما افقدهاها الكثير من القوة  وافقدها  التفاف  الجماهير حولها
كما  أنها  أصبحت  روتينية ومملة  بامتياز  في  أيام الجمع  وكأنها تحاكي  خطبة الجمعة  وليست تظاهرة شعبية   لديها مطالب  واجبة التنفيذ والاستجابة من قبل السلطة ،  مما جعل  السلطة  لا تهتم  بها   وكان  الأمر لا يعنيها ، إلا إن  تسور  هذا  العدد الضئيل  من المتظاهرين  بحشد  من قوات  الأمن  والشرطة  عددهم  يفوق  عدد  المتظاهرين بعدد  من المرات ، مما  يوحي بعدم الأهمية  للصوت  المعارض  المطالب بحقوق  مغدورة  أو  مكاسب  مهدورة ،  والنتيجة   في مثل   هكذا  إيحاءات  تصب  في   نهر السلطة  وتقوية  مركزها ...
مما يعني إن الأغلبية من  الجماهير  لا تشارك  هذه((الشرذمة)) من  المتظاهرين  شعاراتهم ، ويدل  على  عدم  شرعية هذه  المطالب ولا تعدو  عن  إن تكون مطالب  أقلية  لا تأثير لها .
كما  أنها  تعني  مدى ديمقراطية السلطة   واتاحتها  حيزا كبيرا  من الحرية للشعب  للتعبير عن  مطالبه  حتى وان  كانت  قلة قليلة  وما هذا  الحشد  الأمني  إلا   لحمايتها  ورعايتها ...!!
كما  إن  من الضروري  جدا  غلق  الطريق  أمام  بعض  أحزاب السلطة  الذي  تحاول  أن  تركب  موجة بعض  التظاهرات ولي اذرع   شركائها  في السلطة لإحراز مكاسب  خاصة بها  ولا علاقة  لها  بمطالب  الجماهير ، بل إنها  سرعان  ما تتنكر لهذه الجماهير  وتطعنها  بالظهر  حال  حصولها  على مكاسبها  الضيقة ، وقد  تمكنت  إن  تفسد  هذه  التظاهرات  وتزرع  خيبة الأمل  واليأس بين  صفوف  الجماهير المقهورة 
من كل ذلك  نأمل  إن    نستفاد  من  تجارب  الآخرين  في  تنظيم   التظاهرات  من حيث تكثيف  المطالب  والإصرار على تحقيق  الأهم  منا  ثم  الانتقال  إلى المهم ،  ثم  الحرص  على  تواصل  التظاهرات   وإلغاء  تظاهرات  يوم الجمعة  الذي  أصبحت  غير منتجة ...
الحفاظ على سلمية التظاهرات  واستيراد  القادة الحقيقيين   للتظاهرات ، وعدم السماح  للانتهازيين  والمدسوسين  ومحبي  الظهور  والشهرة  من  أصحاب (( السيلفي))  بالهيمنة عليها ،  واستغلالها  مع  فبركة عمليات  ضرب أو حجز  وحتى اختطاف  لتكون  جواز  سفر  وأعذار  قبول  للجوء الإنساني  أو السياسي  في  بلدان  المهجر  مما يسيء كثيرا إلى   التظاهرة وسمعة المتظاهرين
مع  تقديرنا  العالي  لكل من  شارك  وتفاعل  بصدق  وحماسة  في كل  هذه  التظاهرات   في   ساحة التحرير أو في  المحافظات  العراقية  المختلفة  ولكننا   نأمل  إن تكون  أكثر فاعلية وتنظيما  وتأثيرا ...

29
ترامب يرقص  على  لحن اغنية عراقية !!!




اغنية شعبية عراقية مشهورة  تقول (( ابيتنه  ونلعب بيه  شله غرض بينه الناس))،  بمعنى ان  صاحب  الدار حر فيما يفعل  ويعمل  ويتصرف  في داره  وهذا  امر طبيعي  لا  اعتراض عليه ،  ولكنه  بالمقابل  عليه  ان  لايفعل  ولا يتصرف  ولا يقوم  باي  عمل    في  دور الاخرين  كما     يريد   ان لا يكون في داره ، فمن يريد الحصانة لداره عليه  ان يصون  حرمة وحصانة الدور الاخرى ،  ولايجوز ان تقدم للفرد  دعوة  ثم  تطرده حينما  يطرق  بابك ...
اما  ان يحرم   ((ترامب)) طرزان  امريكا  الحالي  بفرض  حضر على  السفر لمواطني سبعة بلدان   منها العراق ، في حين  توجد  في هذه البلدان  عشرات الالاف  من  مواطنيه  وباعذار  غير مشروعة ، فالعراق  احد ابرز البلدان  في محاربة الارهاب والارهابيين  بالتعاون مع  الولايات المتحدة الامريكية  وبوجود خبرائها ،  وللدولة العراقية اتفاقات  امنية   مع  امريكا ، فهل  من المعقول ان  يحضر   على مواطني  مثل هذه  الدول  كاجراءات احترازية ضد الارهاب  في حين  لا يتعرض  مواطنوا بلدان   معروفة بتصديرها  للارهاب  لمثل هذا الحضر ؟؟؟
ثم  هل  يجوز  ان يطرد  من يحمل وثائق ودعوات  رسمية   حتى  مع من عملوا  مع  الامريكان في العراق ؟؟؟
يجب ان تتخذ  الحكومة  العراقية الاجراءات  القانونية  والاتصالات   الدبلوماسية  وغيرها  لتفسير مثل هذه الاجراءات ... فهل  بلغ  الضيق بالحضن  الديمقراطي  الامريكي   كل  هذا الحد  لاتخاذ مثل هذه الاجراءات ، ام ان  هذا  الاجراء كشف  لزيف  ديمقراطية  امريكا  وانفتاحها  على  كل دول العالم كما تدعي ؟؟؟
ان الثور الامريكي  المازوم لم يجد حلا لازمته  الا  باستعمال قرونه  ليغرسها  في  اجساد  الضعفاء  ليبرهن على سطوته  وقوته  الزائفة

30
المنبر الحر / قول على قـــــــول
« في: 19:26 30/01/2017  »
قول على قـــــــول

  ...
قال الامام علي عليه السلام :-
(( اني لا اخاف على امتي مؤمنا ولا مشركا :- اما المؤمن فيمنعه  الله بايمانه ، واما المشرك فيمنعه الله بشركه ، ولكني اخاف عليكم كل منافق الجنان عالم اللسان يقول ما تعرفون ويفعل ما تنكرون ))) فلسفة الحكم عند الامام علي لنوري جعفر ص20-21
وها نحن يحكمنا منافق الجنان وعالم اللسان ...فما عسانا ان نفعل ونحن نشارك في تنصيبهم على كراسي الحكم ونصمت امام فسادهم ولصوصيتهم كالعميان البكم ، فخيراتنا ومدننا محروقه واموالنا مسروقه ، فارضنا تباع ، ويتحكم في امرنا الجهلة الرعاع....
حميد الحريزي


31
يقاتلونها  ولكنهم  لا يريدون موتها !!!



((داعش))  صنيعة من صنعها ،ومضللة من  اتبعها ، تمكنت  أن  تبني  أعشاشها  بيسر في العراق ، بعد أن  اجتاحته رياح الديمقراطية على  طريقة المار ينز الأمريكي ، الذي  نصب  على السلطة  طبقة سياسية  هي  الافسد في العالم ، نسيجها  وعمودها الفقري الطائفية  والقبلية الضيقة ، همها المال ، وزعيمها  السارق المحتال ، تجلس على كرسي  الحكم في العراق  ، وروحها  في  احد  دول  المهجر ...
الجماهير الذي هبت فرحة لاستقبال هدايا  الديمقراطية ، وشم رياح التحرر والرفاه ،  تلقت عواصف  الدم  والحرق  والجوع والبطالة  والتخلف ، فالمكون صار مكونات ، والدين صار طوائف  متحاربات ....
كل هذا  وفر ل((داعش))  رحما  مناسبا  للنمو والتغول  لتهيمن  على  أكثر من ثلث العراق سبق وان  مهد  له  الدكتاتور  عبر ((حملته الايمانية))... وعندها  تنادى المصنع السيد الأكبر  في البنتاغون ، والأتباع في الخضراء ، والمعمم القابع في  سردابه فرحا  بالصحوة  الإسلامية  حيث أصبحت  النيران تقترب  من  كراسيهم  ومنافعهم ، وهب الشعب  ليس  فقط  استجابة لفتوى  وإنما  لكونه موجوع  برؤوس  أبنائه  المقطوعة ، وقلوب نسائه  المفجوعة  لمحاربة  هذا الوحش الكاسر
وها هم أبطال  العراق  من القوات المسلحة  والحشد الشعبي بكافة فصائله   تحقق  النصر تلو النصر على هذا  الطاعون الاسلاموي الأسود  في جرف الصخر وفي الانبار وصلاح الدين  ونينوى ، ولكن بدلا من إن  يتأهب الجميع  للاحتفال بالنصر المؤزر ، تشهد  البلاد العديد من المؤتمرات   والندوات  والاجتماعات  لبحث مصير العراق   بعد  انهزام ((داعش)) ، تقيمها  وترعاها الطبقة السياسية الحاكمة ، وكأنها تخشى  نهاية  وموت هذا  الوحش الكاسر !!!
فالمصنع  الأكبر  سيد البيت الأبيض  لم يضمن بعد  ارض ونفط  وبيعة شعب العراق لإمبراطوريته  بعد  هزيمة داعش  وهو بحاجة إلى المزيد  من الوقت ، وقد يضطر إلى تصنيع ((طنطل))  جديد   يخلف  ((داعش))  لإخافة وترويض أعدائه  من العراقيين  أو من  منافسيه على  ارض  العراق  وخصوصا  ((الفرس المجوس)) وهو بذلك  لا يريد  لها  أن  تموت  ألان ... وكذا هو  حال  وشعور  القوى  العربية والإقليمية  الأخرى  الطامعة في  ارض وخيرات العراق ، فموت ((داعش)) يعني  موت  عملائه  و موت  ذريعة التدخل  في  شؤونه الداخلية...
وهناك أصوات  يتصاعد زعيقها  بان العراق معرض للتقسيم  بعد  موت ((داعش)) ،  وكأن  دوام  ((داعش))  دوام  وضمان  لوحدة العراق  رغم إن الكل يعرف  إن  مشروع  تقسيم  العراق  ه  مشروع  سيء الصيت ((بايدن)) الذي قلده  الغراب  اوباما  وساما رفيعا  جراء  خدماته  ((الفذة)) في العراق  وغيره ...
والسلطة الحاكمة ، كانت لها  ((داعش)  خير  شماعة تعلق  عليه  كل نواقصها  ،  وخير غطاء  لسرقاتها  وفسادها ،  وخير عذر لانعدام الخدمات  وتفشي  الجريمة والبطالة ، وفرض المزيد من  الضرائب  والإتاوات  على الشعب  بحجة مكافحة   الإرهاب الداعشي ...هذا أولا
وثانيا :- إن  السلطة   وطبقتها السياسية وبالتضامن مع أصحاب العمائم من مختلف الألوان  ساهموا  وبشكل  مباشر  على  تصنيع  وتشكيل   قوة مسلحة نظامية وغير نظامية  بمئات الآلاف  من المقاتلين  مسلحين بأحدث الأسلحة ، وهذه  القوة  ستطالب  بثمن تضحياتها  بعد انهيار ((داعش))، تطالب  بالعمل  وتطالب  بالأمل  أن يكون لها   قول ورأي  في  الحكم وحصة في  الثروة ، وقد  ينقلب  السحر على الساحر  ، وقد يلتهم  العبد رأس معبوده  لسد  جوعه ، وقد  لا ترضى بما  شرعته  السلطة  من  قانون   يضمن   لها رواتب  ومناصب  وهي بالتأكيد  لا تعني  شيئا مقارنة  بامتيازات  الطبقة السياسية الحاكمة ،وبذلك فالطبقة  السياسية الحاكمة  تريد إضعاف  داعش  وإبعادها  عن  ((الخضراء))  والليرة ((الصفراء)) ، والبحيرة(( السوداء)) ولكنها   لا تريد  لها  أن  تموت ، فحياة كل منهما مرهونة بحياة الأخرى .
إما  المواطن  البسيط  حامل الزر الأكبر ، فهو لا يريد  ((داعش))  قاطعة الرؤوس ،  ولا يريد  البقاء تحت ظل   الطبقة السياسية الحاكمة  سارقة الفلوس  ومفسدة النفوس ، ولا يدري  هل  سيسلم رأسه  من  سكاكين  مليشيات  سوف   ستكون لها  اليد الطولي بعد  ((داعش))،  وبعضها  قد  يفوق  ((داعش)) في القتل والسلب  والنهب  ونفي  وقتل  المختلف ، وربما سيكون ضحية صراعاتها  فيما بينها بعد ((داعش))  وله في  ذلك  تجربة مريرة ...  وهو  بذلك  بقدر ما يكون  فرحا  بالنصر على داعش  فهو خائف   غير مطمأن على مصيره  بعد  موتها ...
وهذا  الحال  ليس غريبا  في  عالم رأسمالي إرهابي  مأزوم  ممثلا ب((ترامب))  مسعور  أعلن دون  خجل  بأنه لابد إن  يستولي على نفط العراق ، ومنطقة إقليمية تعيش أسوء فتراتها  حيث الصراعات  العرقية والطائفية ،  وطبقة سياسية  هجينة  تعيش وتعشعش  الأزمة ضمن بنيتها ، ومجتمع  يدور في حلقة  الاستهلاك  والتجهيل والتضليل ، محني الظهر معصوب  العين  لا يستطيع  إن  يرى  ويتلمس طريقه ...  لا نريد إن  نرسخ  التشاؤم  ولكن  هذا  هو واقع الحال ولا يسعنا   إلا أن  نقول   ..اللهم أحفظ العراق  وأهله من  قوى الشر وأهله  !!!
حميد الحريزي

32
الوطن المضام الفائض عن حاجة الحكام



المعروف في التاريخ ان  شيوخ القبائل ، وامراء الامارات ، وزعماء الدول ، يحاولون بالوسائل  المشروعة وغير المشروعة  ومنها  الغزو   قديما  والاستعمار في العصر الحديث  على توسيع   مناطق نفوذهم  في مختلف الاتجاهات ، ينقبون في  بطون الكتب والحفريات   لايجاد  ادلة واسانيد  تدعم  دعواهم  بالحق  في  ارض الغير ،  وفي التاريخ القديم والجديد ما لايعد من  الشواهد والاحداث  التاريخية   الدالة على هذا  المنهج ، وما  الاستعمار  الحديث  الا   اقرب  شاهد ، تخاض الحروب  وتغلق  الدروب  وتقدم  التضحيات  من اجل   سلب حق  الاخر ، او من اجل  الدفاع  عن   الحق المراد سلبه ،  وقضية فلسطين والشعب الفلسطيني  وصراعه  مع  الصهيونية العالمية   الا احد القضايا  التي  لازالت ساخنة وقائمة   لحد الان  وقد قدم  الشعب الفلسطيني  والشعب العربي ولا زال التضحيات الجسام  للحفاض  على ارضه  وعرضه ....
ان  من  مساويء الحروب  الاستعمارية  الكبرى زرع  الفتن  بين  الشعوب والدول  بفرض شروط   سلام  تعجيزية على الطرف  الخاسر ، مما يجعله  يشعر بالحيف  والمرارة ، يعمل  المستحيل  على رد اعتباره  حين  تحين  الفرصة المناسبة ،  وهذا  ما حصل  بالنسبة  للدولتين العربيتين الجارتين  العراق والكويت ، فقد زرع  الاستعمار البريطاني  الفتنة الحدودية  بينهما  لتظل  بؤرة توتر دائم بين الشعبين  الشقيقين ،  وبسبب  ذلك  كانت حرب الخليج  ((ام المعارك)) كما  اطلق عليها  ((صدام حسين ))، والتي  انتهت  بخسارة  مريرة  بالنسبة للنظام  وللشعب العراقي  عموما .....
ومن اجل ان تبقى  حالة اللاحرب واللاسلم  وتبقى عوامل التوتر قائمة  فرضت على النظام  شروط غاية في الاجحاف والظلم    في  قضية  ترسيم الحدود   باقتطاع  اراضي ومياه  عراقية   ومنحها للكويت  دون وجه حق  ناهيك  عن التعويضات  بارقام  فلكية  توجب   على الشعب العراقي دفعها  للكويت  وغيره مقابل   همجية وتهور حكامه ...
 وها نحن نقرء ونسمع  ان   مجلس الوزراء العراقي  يصوت بالاجماع  على منح  ((خور عبدالله))  العراقي  للكويت  ، هذا  المجلس  ((المنتخب))  الذي  يحكم العراق بعد مرور ((14)) عام من رحيل  النظام  الذي  غز الكويت  في  1990
ان هذا  الامر يثير الاستغراب  والاستهجان من قبل كل  احرار العراق  بمختلف  قومياتهم  واديانهم  وتوجهاتهم ، فكيف يمكن ان يقدم  حكم  على التنازل  عن  ارضه  ومياهه  طواعية  الى  الغير ....
يبدو ان حكام  الخضراء  يعتبرون   كل   ما هو خارج خضرائهم  هو فائض عن الحاجة ، فهم  يملكون   جنسيات   ثنائية   امريكية وبريطانية  وفرنسية وكندية ووووو   وهذه   البلدان  هي   اوطانهم الحقيقية  اما  العراق  فلا حاجة لهم به  سوى  كنز المال  والثروة  والحصول  على المناصب والمكاسب ، حيث  اشغلوا  الشعب هم واسيادهم  في  محاربة عدو صنعوه  واصطنعوه  اسموه  الارهاب   ليتفرغوا  بعد ذلك  للنهب والسلب  وبيع ارض  ومياه العراق  في  المزاد العلني وغير العلني  ....
حميد الحـــــــــــــــــــــريزي

33
أدب / الوليد المفخخ – نص شعري
« في: 05:30 01/01/2017  »


الوليد المفخخ – نص شعري


حميد الحريزي

اعتصرت  رأسي
حد
الصراخ
تمنعت الصورة  من التخلق
في رحم
الفكر
الورقة  فاتحة ذراعيها
لتلقي
هدايا القلم
القلم
أصابه  النعاس
يتثاءب في حضن  اناملا
متعبة
أطلقت الحروف  جناحيها
هرباً من   آلام
المخاض
فتورى  عامنا  الآفل
 خجلا  من
أطفالا
جياع
لعام جديد الأيام
لعام  جديد
اطل خجلا لأن جيوبه 
مفخخة
31-12-2016   

34
  تاريخ و تحـــــــــــولات  ((الطبقة الموؤودة ))
دراسة  لرواية
(( عشاق وفونوغراف وأزمنة ))
 
للروائية العراقية المبدعة (( لطفية الدليمي ))
بقلم    :-  حميد الحريزي
 
(( العراق بيت الأحزان من  أور حتى الباب الشرقي، ومن أروك حتى انتهاء الصبر ...))ص67
مقدمة :-
ماهي الطبقة المتوسطة ؟؟؟
رواية ((عشاق وفونوغراف وأزمنة ))للروائية العراقية  المبدعة  لطفية الدليمي ، الصادرة عن  (( دار المدى ))  الطبعة الأولى في 2016  في  582 صفحة ، من الروايات  المميزة  والتي  تسجل   تاريخ  الطبقة الوسطى  العراقية ، في   زمن  الاستعمار والهيمنة التركية  ،  وفي زمن  الاستعمار الانكليزي  وقيام الدولة العراقية  في عهدها  الملكي حتى زمننا  الحالي  بعد   انهيار الديكتاتورية  على يد  أمريكا وحلفائها ، وقيام  الدولة العراقية (( الديمقراطية )) الحالية ، مع  ملاحظة  عدم توقف  الكاتبة  إلا  لماما   على فترة  ما بعد سقوط الملكية  بعد  ثورة   14 تموز 1958 ، وانقلاب  1963،  وحكم   الأخوين ،   ثم  انقلاب  17-30  تموز 1968 ، وحرب  ألثمان سنوات مع  إيران ،  وحرب  الخليج ،  وفترة الحصار   المر ...ربما  هي  لم  تشأ أن  تكرر ما تناولته في  روايات سابقة    مثل  رواية (( سيدات زحل )) ،  وحصرت  اهتمامها في هذه الرواية   بفترات   الحكم  الاستعماري المباشر   الظاهر والمستتر ...
تستعرض  الكاتبة  تحولات  وسلوكية  هذه الطبقة  عبر  متابعة تفاصيل  حياة  وسلوكيات  وتبدلات  وطبيعة عيش   أسرة ((  إسماعيل  الكتبخاني))،   وعائلة  (( نجدت ألخيامي ))...
تبدأ الرواية  بعبارة (( المستعد للشيء تكفيه اضعف  أسبابه )) لابن سينا ،هذه العبارة  التي ترددها  كثرا ((نهى  جابر فؤاد صبحيإسماعيل  بك  الكتبخاني ))والدالة  إلى كون  هذه  الطبقة تحمل  في بنيتها الاستعداد  للتطويع  والتشويه  والضعف  وعدم  قدرتها  على المقاومة  ...
((نهى)) العراقية  المولودة في  بغداد  عام 1980 عام  اشتعال  الحرب  بين العراق وإيران ، تدرس  اللغة العربية في مدينة ((  غرينوبل ))  الفرنسية  المهاجرة إليهاهربا  من بغداد   بعد  تعرضها  لمحاولة  اختطاف  في زمن  الدولة(( الديمقراطية )) بعد  انهيار الديكتاتورية  في 2003 .والتي  تضطر العودة إلى بغداد  ،  استجابة لدعوة   شقيقها   (( وليد)) نتيجة لتردي  حالة والدها((جابر))  الصحية  وطلب  رؤيتها  قبل  أن يموت ،  هذا الوالد  الذي غالبا  ما يفاجئها   بالهدايا  فهي  ابنته  الأثيرة إلى قلبه ،  وهكذا فعل  حيث  فاجأها  بهدية  لا تخطر لها  على بال  إلا وهي  عبارة عن   صندوق ، يضم  العديد  من الأوراق  والملفات  التي سجلت حياته  وحياة أجداده   من عائلة
(( الكتبخاني))، بالاضافة إلى (( غرامفون))  وأقراص خاصة مسجل فيها  اعترافات  ومذكرات   عددٍ من أفراد العائلة ،  يطلب منها  دراسة  محتويات الصندوقين  وفك   رموز  المذكرات ،  وتحويلها  إلى  كتاب  يروي  حياة الأسرة ... فكان له  ذلك  حيث  اعتكفت  (( نهى))  على  قراءة  المذكرات  ما ظهر منها   وما استتر عبر تظهيره على  لوح من زجاج  شفاف ، إشارةإلىالأمانة  والدقة والشفافية في النقل ،   لتدونه  على جهاز  الحاسوب  ومن ثم نقله   إلى الورق  وتقديمه لوالدها ، الذي يغادر الحياة قبل  إكمال  قراءة كل المذكرات  والاستماع  إلى  التسجيلات  على أقراص
((  الفونغراف ))، فمات  محسورا  وهو لا يعرف  سر  اختفاء  جدته وزوج جده  (( صبحي ))  (( بنفشة خاتون )) ، بعد  أن علمت   إنها  متزوجة من  أخ إبنها    ، حيث كانت  جارية مملوكة  ل(( إسماعيل  بيك ))  أولدها  ولدها  بهجت ، الذي   أخذه منها  حين  ولادته    واسند  تربيته  لمربية خاصة ،   ثم أهداها   ل (( نامق  باشا))  مقابل  احتكاره  تجارة  الشاي   في  بغداد ...
تاريخ طبقة  موؤودة ، تاريخ طبقة مخصية
(( كان نشطا في مجال حقوق الإنسان في التسعينيات، فاعتقلته السلطة ولم يكتفوا بتعذيبه بل اخصوه مع  آخرين  كانوا يعملون معه ))  ص236.
هكذا كان مصير ((حازم )) احد  نماذج  الطبقة الوسطى العراقية ،  الناشط  المدني  والساعي من اجل قيام دولة مدنية ديمقراطية حديثة  زوج (( حياة البابلي))   ،  - احد الشخصيات  المحورية في رواية (( سيدات زحل ))  للكاتبة  لطفية الدليمي -،  هذا  المدني (( الحازم )) العامل من اجل  حياة أفضل  لطبقته  ولشعبه  ولوطنه ،  وإذا علمنا  إنالطبقة الوسطى  هي  الرافعة الأكثر فعالية  وتأثيرا في الحراك الاجتماعي والاقتصادي في  أي مجتمع  من المجتمعات  تتعرض  للاخصاء ، فماذا سيكون مصير وواقع حال  هذا  الشعب وهذا  الوطن ؟؟؟
ومن خلال دلالة  تسميتها بالوسطى ، فهي تحتل مرتبة بين طبقتين، الطبقة البرجوازية وطبقة  الكادحين  من عمال وفلاحين من  شغيلة  الفكر واليد ، وبذلك تكون قوتها وقوة تأثيرها  مرهونا بقوة  وهيمنة الطبقتين  أعلاه ، الطبقة البرجوازية، ونقيضها الطبقة العاملة، فبقدر ما تكون هناك برجوازية  وطنية منتجة  تكون  هناك طبقة عاملة   تقاس  قوتها العددية  والفكرية  بقوة  الطبقة النقيض ، فالطبقة الوسطى هي حاملة فكر  التطور والتقدم  والحضارة ،  وهي المصباح  المشع   باتجاه  الطبقتين  النقيضين  خلال  الصراع الطبقي  الدائر بين  الطبقتين النقيصتين  ، غالبا  ما   تأكل  من جرفيها   ليكونا  الأقرب  إلى حالة التوافق  والأمان  والتقدم  إلى حين  قيام  التوازن الاجتماعي  العام عبر  تلاشي  الفوارق  الطبقية ، إن لم  نقل  زوالها  ، هذا هو  التاريخ  تاريخ الحراك  والصراع  الطبقي  طوال  تاريخ  البشرية ،  وهو حقيقة ما يجري  إمامنا  في  عالم  السابق  والحاضر ،  رغم  محاولات  توصيفه  بتوصيفات  أخرى  لا تمت  للواقع  ولا  لجوهر الصراع  بصلة ، سوى عمليات  التمويه والتضليل   بمختلف المضللات  الدينية  والطائفية  والعرقية ...
فلو تتبعنا   تاريخ الطبقة الوسطى  في  العراق  كجزء من  الإمبراطوريةالإسلامية   بمختلف مسمياتها ،  نرى  انه  مرتبط  ببواكير وعي وحراك  الطبقة  البرجوازية  الناشئة  وبالتالي  حراك الطبقة الوسطى  في الدولة العباسية ، حيث   تطلب   اتساع  وتطور  الخلافة  إلى  ضرورة تطور وسائل  وأدوات  وتلبية حاجات   الإمبراطورية ، مما  تطلب  تشجيعها  عملية  الترجمة  والتصنيع  والنشاط  الحرفي  والفني  والثقافي ،  فظهر  آنذاك فكر المعتزلة   وإخوان  الصفا  ومن هم  بشاكلتهم ، والذي حكمت  العقل كوسيلة للفهم  والحكم ، وبذلك حاولت إن تجد  لها مكانا   في  سدة  الحكم  أو على الأقل   ترشيده  وعقلتنه  بعيدا  عن   تمثل  الخوارق  والاستناد  للخرافة والغيب ،  وقد  تبناها  المأمونآنذاك ومن بعده  ولده  ، ولكن  بعد  حين  ظهرت استحالة   الاحتكام   للعقل  في اختيار الحاكم  الذي  يحكم  بالوراثة  ووصية الأب  للابن ،  مما تطلب  قمع  هذه  الحركة ، والقضاء عليها   تحت مختلف  الذرائع  ومنها الهرطقة والزندقة ، والتاريخ  يشهد قتل وحرق  والتمثيل  كل  ينابيع  مثل  هذا الفكر ،  ولنا في  الحلاج   وابن المقفع  وغيرهما  من  الفلاسفة والمفكرين  اللذين لاقوا  شتى ضروب   القتل والسجن  والتشريد ، وبالمقابل  أيضا كان   هناك المصير  المأساوي  لمختلف  الحركات   الثورية المناهضة  لخلافة  المستبد  باسم الإسلام   ولنا  في  البابكية والخرمية  وحركة القرامطة  وثورة الزنج   دليلا  على هذا الحراك ... هذا الحراك الذي حسم اغلبه  لصالح السلطة الحاكمة  والارستقراطية الإقطاعية  الحاكمة بأمر الله  على حساب  الطبقة البرجوازية  التي تحاول  النهوض ، ومن أهمأسباب هذه  الإخفاقات  للحركات الفكرية  البرجوازية الناشئة  والطبقة المتوسطة  كون  الدولة دولة ريعية  تعتمد  على واردات الخراج  والجزية في  جمع  مواردها  وتسيير أمورالإمبراطورية، ولا تعتمد على  أموال  دافع  الضرائب  البرجوازي  المنتج ، مما  اضعف قوة ونفوذ   الجانب  المنتج  في الزراعة والصناعة وعدم  تطورها ، فكان الحكام يشترون  مبايعة ودعم  ورضيالإقطاعيين  والوجهاء  وكبار التجار بمنحهم  المزيد  من الأراضيالأميرية مقابل  ثمن  بخس
(( توزيع الأراضي من قبل العثمانيتين على الوجهاء والاقطاعيينالمساندين للسلطة العثمانية ، بعشرة قروش للدونم )) ص356.
والمفارقة  الكبرى إن يدعي  هؤلاء وأحفادهمإنالأرض  ملكهم   وقد  ورثوا  من  آبائهم  وأجدادهم   ،  وقد   قاوموا  وبعنف  وبدعم  من قبل   بعض حلفائهم   في  السلطة الدينية  على مقاومة كل محاولة   لإحقاق  الحق  وتمليك الأرض  لمن  يزرعها ،  وعادة الحق  إلى نصابه ،  ورفع  يد  مرتزقة السلطات  الاستعمارية  الظالمة  عن  هذه الأرض  وهي ملكية  لكل  العراقيين  ، منذ  دخول   الجيش الإسلامي  للعراق  عهد  الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ، وعدم تمليكها أو منحها  لأحد .
، وليس كما  حدث  في  الغرب  الرأسمالي  خلال حقبة التنوير والثورة الصناعية في البلدان الأوربية  والتي  رافقتها  البروستانتية  والاحتكام  للعقل  وإضعاف دور الكنيسة والبابا    وبالتالي  إضعافالإقطاع  وحكم النبلاء لصالح  البرجوازية والطبقة المتوسطة  الناهضة ... ففي الوقت الذي البس الصراع على السلطة وكرسي  الحكم  في العالم الإسلامي ومركزه  لفترة طويلة بغداد   لباس  صراع   بين  أولويات  حكم  لعوائل وأفخاذ من   قريش  التي احتكرت  لنفسها  حق  حكم  الأمة الإسلامية بعد  الرسول  القرشي ، فكان  الصراع  بين  العلويين  والامويين  والعباسيين  وتوابعهم   لعدة قرون  من الزمان  وهم  أفخاذ  وبطون  من  نفس القبيلة  نعني  قبيلة قريش ، لغاية سقوط  إمبراطورية إل عثمان   على يد  الاستعمار الانكليزي ، في حين كان  الصراع  في  دول  أوربا هو بين   طبقات  اجتماعية  متناقضة  ،  وخصوصا  بين   الطبقة الإقطاعية  والبرجوازية وحلفائها من  العمال والكادحين ،  ومن ثم بين  الطبقة البرجوازية  وطبقة العمال  وأنصارها ، ولحين التاريخ ،بعد إن نبذت  هذه الشعوب الصراعات الطائفية ، كالصراع بين  الكاثوليك  والبروتستانت ، أو بين مختلف  الطوائف  المسحية الأخرى ، فأصبح  الصراع  صراعا  طبقيا  واضح  المعالم  لا غبار عليه ، ضمن كل  هذا الصراع  كان  ولازال  للطبقة الوسطى   وليدة  الحراك ومتطلباته  في الغرب  دورا  فاعلا في  السير نحو  التطور والتقدم  والحضارة ،   على  الضد  من الطبقة المتوسطة في  عالمنا  الإسلامي  ومنها  العراق  فالطبقة الوسطى من الكتاب  والشعراء والحرفيين  وما  شاكلهم   فهي  طبقة مصنعة وتابعة للطبقة الحاكمة ، وبذلك اتسمت  بالذيلية  والانتهازية والتبعية   في مختلف  العصور  والتحولات   لحين التاريخ ...وهذا العجز الموضوعي ناتج  عن  ضعف  إن لم  نقل  عدم  وجود  طبقة برجوازية وطنية منتجة  ونقيضها ، وبالتالي  ضعف   وسيطهما ...
بعد هذه  المقدمة  العامة  حول الطبقة المتوسطة  وتحولاتها   وحالات  قوتها  وضعها  ضمن الحراك  الاجتماعي ، نعود  إلى روايتنا  ولنتابع   الطبقة المتوسطة في العراق خلال  الهيمنة العثمانية  وما بعدها  عبر  متابعة   عائلتي (( الكتبخاني)) و (( ألخيامي )).
فإسماعيل الكتبخاني  تاجر وإقطاعي كبير ،  متزمت   ومحافظ جدا في  سلوكه وتعامله داخل الأسرة  ومع عموم  من له  صلة به  ماعدا  ما يمثل   الباشاوات  والسلاطين  الممسكين   بالحكم ، فهو يظهر كخادم ذليل  يريد الحظوة برضاهم ،  للحصول  على المناصب والمكاسب  له  ولأسرته  التي  كانت  تعد  من  العوائل  المتعلمة  حسب  قياسات زمنها  ومن هنا أتت   تسميتها  بعائلة (( الكتبخاني))، وبالخصوص   الذكور  من أسرته     ومنهم   الولد (( نشأت))، هذا الذي  كان  متوافقا ومنسجما  مع  والده  من حيث  السلوك  والتفكير  العام  حيث  انشغاله  بالتجارة  واللهو   ومعاشرة  النساء  حتى انه  أقدم على اغتصاب  الخادمة (( نمنم ))،  والتنكر  لها  هي وولدها (( حمدي))  الذي  نسب  إلى   خادمهم  وأجيرهم  ((  رجب))  بقوة السوط  والتهديد  بالطرد ...  فهذا  إل (( إسماعيل))   لم  يتوجه  توجها إنتاجيا  سواء بإنشاء مصنع  أو معمل  منتج  بلى    توجه  نحو العمل الاستهلاكي  عبر  الاستيراد  للمواد  الاستهلاكية ، وهو وصف  لحال  البرجوازية  الطفيلية  التجارية  التابعة  لأسيادها ، وصاحب القول المعروف عنه
(( المصالح تقتضي أن تكون كل يوم بلون ، وكل يوم بصورة )) ص424.
وهكذا  كان فبعد أن  يأس من استعادة السلطة  على  بغداد من  قبل  الأتراك، اخذ يتودد  ويتردد  على  الأسياد الجدد  من الجنرالات الانكليز ، فبدل  زيه  العثماني  ليرتدي  الزىالإفرنجيوليحظى برضا وصداقة الجنرال  مود  ومن  ثم  الجنرال وليم مارشال  حيث :-
(( عين إسماعيل بك مستشارا للأمور التجارية  في إدارة  التجارة والمالية ))  ص433.
وقد  ماثله في  السلوك ولده  نشأت في التلون  واقتناص الفرص والتبدل  والتلون  حسب  ما  تتطلبه  مصالحه ،  وكذا  هو حال   حفيد الكتبخاني   (( فهمي منصور  اسيماعيل  االكتبخاني))  الذي  تخلى عن كل  أرديته  السابقة ، وتعاون  مع قوى وعملاء الاستعمار  الأمريكي  ليكون نائبا  في  البرلمان العراقي بعد السقوط   عام 2003
(( أسرة عجيبة لها ارث باهظ من الشر والدناءات العتيقة ، وأبناء الزنا وشهوة السلطة والمال والجواري والمحظيات ))  ص476.
عزل ، وعزلة العقول المتنورة :-
صبحي، وولده ، فؤاد ، وولد فؤاد  جابر ، وبن جابر وليد ،  وبنت جابر نهى  نموذج  للشريحة الاجتماعية  المتنورة  التي أقبلت على   الاستزادة من العلم والمعرفة ونبذ التشدد والخرافة ، الانتصار للحق  والعلم  والجمال والفن الرفيع ، الإحساس  العالي بالكرامة الوطنية ،  ورفض التعاون مع  المحتلين والمغتصبين  مهما  اختلفت  مسمياتهم وأساليبهم  سواء كانوا  أتراكا  أو انكليز   أو  أمريكان ، الاتصاف  بالأمانة والصدق  والإخلاص في الحب  وتجاوز الكثير من   العادات  والتقاليد الاجتماعية المعشعشة في  عقول  الكثير من  أبناء طبقتهم  ناهيك عن هيمنتها على الأغلبية من  الكتل البشرية  الذي لا يمكن توصيفه  بالمجتمع  حسب  تصوراتهم ، وبراءتهم من  أفراد  العائلة   الماليين  للمستعمرين  من الإقطاعيين  والمستغليين  حيث يرون إن  هؤلاء هم سبب خراب البلاد   وعذاب  الشعب وويلاته  في مختلف  العصور
(( هؤلاء مساهمون في خراب البلاد منذ العهد العثماني حتى اليوم ، الحقيقة  أنا لا أتشرف بالانتساب إليهم))  ص521.
ف((صبحي))  يذكرنا  بشخصية  (( معروف الرصافي ))  وجيل  المتنورين  المقاومين للهيمنة التركية ، والباحثين عن  الحقيقة ، والمرافقين للعقول النيرة من الكتاب والفلاسفة  دون التحيز  لدين أو قومية  أو جنس ، كانوا عشاقا للحياة والحب والانفتاح  على الحياة ،   متذوقون   للموسيقى والغناء   والرسم  وللفن الرفيع ، وكذلك ،  ولده  فؤاد ، وجابر ... ونهى التي  تتمثل  لنا  برائدات التنوير في  العراق  كنزيهة الدليمي  ، وزهى حديد  وغيرهن  الكثير من نساء العراق  المناضلات من اجل الحرية  والتقدم والسلام .
والواقع المأساويللجيولوجي   القدير   وليد ، الذي اضطر للهجرة  خوفا  من بطش الإرهابيين الذين أبادوا عائلة   حبيبته  المسيحية  (( سميراميس))،  إما(( نادر)) حبيب   نهى  فيتمثل  لنا  بالعقول  المبدعة  والمبتكرة  والمتسائلة  عاشقة العلم  وتطوراته ، الذي  يعيش في  عزلة قاتلة ، مبعدا من  دوائر الدولة   ومؤسساتها ،  وهو يذكرنا  بالعالم العراقي الكبير عبد الجبار عبدا لله  الذي  سجنه  وأهانه  انقلابي  1963 .والمهندسة المبدعة الكبيرة التي ماتت  في المهجر (( زها حديد ))،  وغيرهم كثير  نجوما  لامعة في مختلف  العلوم  تقاسمتهم بلدان المهجر  ، ولكن  قلوبهم  وأرواحهملإزالة وستبقى  عالق  في  تربة وطنهم العراق ...
كان  نصيب العقول  المتنورة  والكفوءة  والوطنية الصادقة   ، كان  ولا يزال مصيرها   النفي والإقصاء ، والإبعاد  والعيش  بالغربة  في مختلف  العصور ، هكذا عاش  ((صبحي))  ،  وهكذا سجن  وطورد  ونبذ  ((معروف  الرصافي))  وتشرد  وهاجر   محمد مهدي ألجواهري ،  والبياتي  وسعدي  يوسف ، وغيرهم  من الأدباء والشعراء والكتاب  ،  وبهذه  الطريقة تم إعدام   الشيوعيين   في  الزمن  الملكي  والجمهوري  فكان  هناك  الآلاف  من المعدومين والمشردين  والمهاجرين ، حتى في زمن  الجمهوريات   الديكتاتورية  و (( الديمقراطية ))...
فالقابض على وطنيته  وإنسانيته  ومبادئه  كالقابض  على الجمر ،   لا بل  اشد  من الجمر ، فرأسه  مطلوب  إن لم يركع ويخضع  لعملية الترويض  والانسجام  مع الأوضاع  الجديدة  مهما كانت  فاسدة وبائسة ، رغم  ذلك   فقد   بقى   البعض  القليل  مثالا للثبات  والقوة   سليما من درن  حب السلطة  والسير مع  القطيع  ، بل  ظل سليم  العقل والجسد   والسلوك مثلها  الأستاذ سليم  خال (( نهى))
(( ذو النزعة الاشتراكية التي ما تزعزت حتى بعد  انهيار الاتحاد السوفيتي، بل ازدادت رسوخا كعقيدة ثابتة لها قوة الإيمان ، تحب نهى هذا الخال الاشتراكي الفياض بالحماسة والآمل والمتفائل بازدهار الاشتراكية حتى بعد قرون )) ص61
مما يؤكد  ما ذهبنا  إليه من حالة ضعف  البرجوازية الوطنية المنتجة ،  وهيمنة  البرجوازية الطفيلية  التابعة متحالفة مع  بقايا  الإقطاع   مشكلة طبقة (( الاقطوازية)) ، المهيمنة على السلطة   والحائزة على المناصب والمكاسب ،  وهذا ناتج  عن  استمرار الدولة الريعية من ريع  الخراج   إلى ريع  البترول  في زمننا الحاضر ... حيث  تتم عملية  القمع  القهري للطبقة البرجوازية الوطنية المنتجة  من  قبل  الاستعمار    كعامل خارجي ،  ومن  (( الاقطوازية))  التابعة كعامل داخلي ، وبالنتيجة أدى هذا الحال  إلى هزال  الطبقة  الوسطى  إن لم  نقل موتها ، رغم   مقاومتها  الباسلة  من اجل  الحياة  متأثرة   ومنبهرة  بما  وصلت  له  الشعوب  المتقدمة من تحضر  ومدنية  ورقي   في مختلف  المجالات ،ومن علامات  موت  الطبقة المتوسطة  ،  استبعاد   وشبه موت  للفلسفة والفلاسفة  في العالم العربي الإسلامي ...

ف(( جدارية السلام للفنان فائق حسن  مكسوة بالغبار ، وآثار الدخان ، حتى لتكاد تفاصيلها تتلاشى  تحت طبقة  السخام  والتراب الأحمر ))  ص290.
دلالة  موت كل معالم  المدنية والتحضر  ، واحتضار الطبقة الوسطى ، وانحلال قيم  الفن  والجمال  والتمدن  أهم  ميزات الطبقة المتوسطة ، فتلاشت دور السينما والمسرح  والموسيقى  هذه  الفنون  مصدر التنوير   والتثوير وحب الحياة  وإنقاذالإنسان  من عمى الجهل والتخلف
(( سلمت مقادير حياتي للموسيقى   فنجوت من العمى والمطامع وعرفت نورا غير الذي ترونبأبصاركم ))  ص261.
طبقة (( الاقطوازية )) التي  اطفات مصباح الحب  داخل   أجسادهاوأرواحها ، فانصرفت   نحو  جني الأموال  وبناء القصور  وحوزة المنافع على حساب  معاناة  أغلبيةأبناء الشعب ،  وفرت لنفسها  بحبوحة العيش  في خضرائهم   المشئومة التي خلفها لهم الديكتاتور وأهملوا  المدن  العراقية   يعمها الخراب  وفقدان  ابسط الخدمات ، هكذا عاش (( فهمي منصور الكتبخاني ))وأقرانه  من أعضاء الحكومة والبرلمان  العراقي ، في حين  عاش  نادر  وفؤاد  ونهى ، ووليد وسميراميس ، وسليم ، والشيخ   (( قيدار))  عم حياة البابلي  الذي  بذل جهودا كبيرة من اجل حفظ تراث  بغداد  من الضياع  من خلال   شراء وجمع  المخطوطات  التي  تسجل  وتحكي  تاريخ  بغداد  على مدى العصور   حيث  تقول  حياة
(( عمي مصاب بهوس  اسمه المخطوطات  المتعلقة ببغداد ، البلاد تتلاشى وهو يحفظ تراثها))  ص 233
 عاش  هؤلاء العراقيين  الأشرافالأحرار  في حالة عزل وتشرد وغربة  لأنهمأوقدوا  شعلة الحب  في أرواحهمفأحبوا وطنهم ، وامنوا   بالحرية والتقدم  والسلام ، ورفضوا  مهادنة  الاستعمار  وأذنابه  وخدمه ، فاضاؤا  طريقهم  بمصباح  الحب  ، وعملوا  من اجل حياة أفضل  لشعبهم ووطنهم
((  في أعماق الجسد بئر  وفي البئر معبد وفي المعبد مصباح وعندما يضاء المصباح  بالحب يضاء الجسد )) ص315.
واقع المرأة في  المجتمع  العراقي :-
المرأة في ظل  الأوضاع  التي عاشها  العراق في ظل    حكم   الامبراطورايات  الإسلامية ، وفي ظل  الإمبراطوريات  الاستعمارية  بمختلف توصيفاتها ، فهي   حالة من  الاستعباد  والتملك   كسلعة للمتعة والإمتاع ،  والتفريخ  والترفيه  سواء أكانت   جارية أو مملوكة  أو   كما تسمى (( حرة)) بالتوصيف  ...
فهي تعيش تحت وطأة الهيمنة الذكورية الاستعبادية ،  ونظرة الدونية   من  قبل  الأغلبية  الذكورية ،  ولا يكاد  هناك  فرق كبير بين حياتها  وحالها  في ظل   هيمنة السلطنة العثمانية ،  أو  الملكية التابعة ، أو الجمهوريات الديكتاتورية (( الاشتراكية))  أو (( الديمقراطية ))، فالتاريخ  يروي   مآسي  السبايا  والجواري  الناتجة عن غزوات  الخلفاء   أولياء أمور المسلمين  والحاكمين بأمر الله  كما يدعون ، حتى أنهم  امتلكوا  الآلاف  من  النساء  كجواري  ومحظيات في قصورهم   وضيعاتهم ، بحيث  كانت  هناك أسواق  ومزادات   لبيع  الجواري والغلمان في ظل  حكم   الخليفة  السلطان  ولي أمر المسلمين !!!!
وما حياة (( بنفشة خاتون ))  إلانموذجا لهذا  الخرق الفاضح  لإنسانيةالإنسان  الذي جعله  الله  كما يقولون  خليفته  على الأرض ،  هذه  ((البنفشة ))، التي  لم  تجد  إنسانيتها  ا لا باقترانها  بمحبها  المتنور (( صبحي ابن  إسماعيل  بك))، الذي زهد  بالمال والجاه  والثروة  ، معلنا  ثورته  ضد  تقاليد  وأعراف  عائلته  وطبقته  الظالمة  بنفشة خانم
(( كانت وهي تدخل إلى بستان مدحت بيك أشبه  بنجمة هبطت توا من السماء، فأضاءت عتمة القصر والبستان ))  ص281.
ولكنها  تصدم  كونها  قد تزوجت ابن   سيدها  (( إسماعيل بك))، وان  ابنها  (( بهجت )) من إسماعيل  هو  أخ  زوجها  من أبيه ! فتقتل  سعادتها    نتيجة لفساد (( إسماعيل الكتبخاني))، وفساد  كل  نظام وحكم الإمبراطورية العثمانية وتوابعها ....
نموذج الخادمة (( نمنم))  الحبشية  ورفيقاتها   وما يعانن  من  الاغتصاب والاهانة  والإذلال  ، حتى مع  مربيات  وراعيات  أولادهم  وزوجاتهم  مثل  المربية  الحنون  (( أم نعمان))  التي تتعرض  للطرد  لأنها انتصرت للحق ...
لم يكن حال   زوجاتهم   (( جميلة ))  زوجة إسماعيل بك  ،  ومصير بناته  بين  انتحار والموت غرقا((  مديحهإسماعيل ))،  حرقا  نتيجة الكبت والإهمال ، والحرمان  من الحب  والاستمتاع  بالحياة ، فيكاد  حالهن لا يختلف عن  حياة  الخادمات والعبيد ...
رغم كل ذلك  كانت  هناك  نماذج  من النساء  تمكنت  بجرأة وشجاعة وقوة  شخصية من  مواجهة طغيان الرجال  وظلم المجتمع  إلى كسب  حريتهن  وحياتهن   مثل  (( حياة البابلي)) و (( هناء ))  و (( نهى الكتبخاني ))، ولازالت   هناك نماذج من النساء المتحديات  الرائعات  في  عصرنا  الراهن  ومن أمثالهن   كاتبتنا  المبدعة (( لطفية الدليمي ))  وغيرها  بالعشرات ، وريثات  طريق  التحدي والكفاح  للمرأة العراقية   الثائرة  ضد الظلم والقهر والتسلط .... رغم رثالسرد،عة  الطبقة  المتوسطة   ووضاعتها  في عصرنا  الحالي  وانحدار الأغلبية  الحاكمة والمحكومة  إلى قاع  التخلف والجهالة  وعقلية وثقافة القرون الوسطى .
طبيعة السرد  ، ودقة الوصف ، ورهافة اللغة :-
عندما  قررت   قراءة الرواية ، والعمل  على الإلمام   بمضمونها ، ومتابعة شخصياتها ،  لا اخفي  إني شعرت  بصعوبة    تنفيذ  هذا القرار  نظرا   لبدانة الرواية ،  وضخامتها  وعدد صفحاتها  البالغة (( 582))  صفحة ، والتعدد الكبير  لشخصياتها  الرئيسية والفرعية ، خصوصا  وان  قراءتي تهدف النقد الأدبي  للرواية ، مما يستدعي  دقة  الملاحظة  ومتابعة الحدث والربط  بين   سلوكيات الشخصيات ، والالتفات إلى  ما    ذكرته  الكاتبة من  تلميح  إلى حدث   ربما  لا يتضح إلا في نهاية الرواية ،  ولكن ما سهل  علي هذه المهمة ،  هو السرد   السلس  والكلمة الرشيقة والوصف  والصور الجميلة التي  تمتعت  بها  الكاتبة القديرة ، مما  جعلني  لا أمل  من القراءة   ومتابعة سير الأحداث ...
فالكاتبة  طافت  بنا    في  معالم   رائعة  شخصت  أمام    ناظرينا   من  خلال الوصف   في  فرنسا ،  وخصوصا مدينة  غنرنوبل أو في زيورخ ،  أو  في   تركيا   والتجوال في أسواقهاومقاهيها  ونواديها ،  وساحاتها  خصوصا  مدينة الأستانة ، وعادات  وطبيعة ناسها ،  وسلوكياتها  وثقافتهم ،  ومدارسهم  الفكرية  وطبيعة  الحراك  السياسي  الناهض فيها ،  وكذا هو الحال  وهي  تتجول  في بغداد   وحاراتها  ومعالمها  في  الماضي والحاضر ، وما لحقها  من خراب  وتدمير وتشويه  نتيجة  الاحتلالات  المتكررة ، وما تعرض  له  أهل العراق  من الويلات  والمآسي  ، على يد الأتراك  ،  والانكليز ، والأمريكان
(( إن الناس هلكوا جوعا وافترست الكلاب جثث  الرضع الذي ماتوا بموت  أمهاتهم، وكان العجزة يزحفون في الطرقات بحثا عن عشبة أو ورقة  نبات يقتاتون بها، وإذاوجدوا حيوانا نافقا  كانوا يقطعون لحمه بكسر الفخار والحجارة ويأكلونه))399ص
سوق  الناس  قهرا إلى  الجيش  وعسكرة المجتمع  للمشاركة في  الحروب  العبثية  في  مختلف   الحقب  سواء  التركية أو  الانكليزية أو الجمهورية 
((إعدام مئات الهاربين من التجنيد في محلات بغداد كلها وأقيمت المشانق في مداخل الأزقة ))  ص387
،  وفي تاريخنا الحديث   لا يمكن أن  ينسى أهل العراق  ما جرى زمن  الديكتاتورية  الصدامية  وسوق  الناس  بالقوة  والإرهاب إلى جبهات القتال  العبثية  الخاسرة ، والموت   والقتل ،  وقطع  الإذن  للهاربين  والممتنعين  عن الالتحاق   بجهنم  الحرب ، وقطع  لسان من يعترض ، وهنا نعود  لملاحظتنا في بداية  الدراسة إلى إن  الكاتبة   طوت  بسرعة كبيرة  فترة  حال   أهل العراق  زمن  الديكتاتوريات  الجمهورية ، فهي  ركزت  على  عهود  التواجد المباشر للقوى الاستعمارية على ارض  العراق ،  رغم  إن  ما حصل  على يد  (( الحاكم الوطني))  اشد  قسوة وعنفا  ويلاما  حتى من  المستعمر نفسه ...
 والدور القذر الذي لعبه   الانتهازيون   والمتلونين  ومتصيدي  المناصب والمكاسب  في مختلف  الحقب ،  ومعانة  أهل العلم والمعرفة  والوطنيين  والتقدميين  العراقيين  من  القهر  والظلم  والتعسف ...
هناك إشادة كبيرة  بالتعليم كوسيلة  هامة جدا من اجل  بناء   عراق  حر  وشعب   متحضر في  العراق ...وضرورة الاهتمام   بدراسة علم الاجتماع ليكون منارا  للأجيال الشابة في  فهم   طبيعة مجتمعهم  وأسلوب  النهوض به  نحو  التقدم والرفاه  والسلام ...
كذلك  أشارت  بقوة  إلى  د ور الفن  والموسيقى في  رقي  الشعوب  وتطورها ، ونبذها  للعنف  والإرهاب
(( إن الموسيقى هي احد عناصر تطور البشرية  وتهذيب النفس ، لو كانوا أنصتوا يوما للموسيقى لما تحولوا إلى لصوص وقتلة )) ص91
شدني  الوصف  الجميل  لمناغاة الحب والعشق   الصادق   وتجاربه   المختلفة بين المحبين  ،  الحب  الصادق  بين  (( نادر)) وهو اسم على مسمى  شخصية نادرة  في زمن التردي ، وبين (( نهى))  التواقة نحو  الأمان والحرية ،  التي تمكنت  إخراج نادر من عزلته   وبث الأمل وحب الحياة في روحه  ،وقصة الحب  أو قصة الحياة المدهشة  ل((  بنفشة خاتون ))،  والوصف  الأخاذ  لعطورها ،  ولملابسها ،  ولصوتها  ،  ورفعة  ذوقها ،  وجمالها  الساحر ، مما يجعل  القاريء يسبح في عالم  باذخ من السحر والجمال  والفن الرفيع ...
وقد كانت  الكاتبة موفقة جدا  باختيارها  الروي  عن طريق  مذكرات  الأجداد   المحفوظة في الصندوقيين ،  مبتعدة عن  الاستذكار والروي  بالنيابة ، وإنماأحضرتإمامناالأشخاص  بدمهم ولحمهم  وعصرهم   ليروا  لنا  أحوالهموأفراحهموأهوالهم ، بالإضافةإلى  الروي  على لسان  (( نهى))  الشخصية المحورية  في الرواية ...
إن رواية (( عشاق  وفونغراف  وأزمنة ))  بانوراما  ملحمية ، تبهر الأبصار ، وتشنف الآذان ، وتغني  العقل ،   بالصورة  ، والصوت  ،  والكلمة  الرائعة ،رواية حيكت بخيوط من حرير ، تضمخت حروفها  بعطر البنفسج ، ودموع المقهورين ، أنارت  كهوف الماضي ،  واشرعت  نوافذ توقعات المستقبل ، وهي تحكي تاريخ طبقة  كتب عليها  إن  تبقى   معوقة ،  متعبة ،  مصادرة الخيارات ،  مخنوقة  الأحلام  والآمال ،  عبر قرون  من الزمان ، ولم تزل ، إنها  شهادة  على مثال وشهد  شاهد من أهلها  ، حيث   أظهرت  الكاتبة  ما هو  مظلم وفاسد   ومخزي  في ،  و ماهو  مشرق ومشرف  ونبيل في تاريخ  هذه  الطبقة ...



35
قريبا من أسرار ، بعيدا عن لهيب نار
روايــــــــــــة
(( مالم تمسسه  النار ))
للروائي  القدير الأستاذ عبد الخالق ألركابي





بقلم  :-  حميد  الحريــــــــــــــزي
 

((مالم تمسسه النار ))
عنوان رواية الروائي القدير عبد الخالق ألركابي الصادرة عن  ((المؤسسة العربية للدراسات والنشر)) في طبعتها الأولى عام 2016 والمؤلفة من 271 صفحة، هي رائعة جديدة من سلسلة روائع الأديب الكبير ألركابي .
العنوان في المتن إشارة إلى ما تبقى أو افلت من الحرق من ((الدفتر الأسود)) سجل أحداث الرواية المكتوبة بقلم الراوي على لسان ((نديم  اسكندر بيك)) الشخصية المحورية في الرواية سليل العائلة التركية  الثرية الإقطاعية عائلة ((اسكندر بيك))، حيث قام بإحراق هذا السجل  قبيل انتحاره، لولا أن يتمكن من إنقاذ المتبقي منه من قبل  صديق  نديم الحميم عيسى من سكنة مدينة الثورة الجوادر وهو احد أقرب أصدقاء   نديم .
((انه دفتر قديم، متسخ وملوث بالرماد، يبدو وكأن النار شبت في أطرافه، فلوت أوراقه وجعدتها بعد إن أجهزت على العديد منها))  ص9
((عيسى)) الذي آوى (( نديم)) بعد خروجه من الشماعية على اثر   تسيب نزلائها وإهمالهم من قبل السلطة وموت اغلبهم جوعا وعطشا، واستضافه في داره في الجوادر ورعايته حتى موته منتحرا بالتهامه كمية كبيرة من الحبوب علاجه في المستشفى قبل خروجه، وإقدامه على حرق  ((سجله الأسود)) الذي أنقذ عيسى بقاياه واحتفظ به لديه  لحين  تسليمه  إلى الراوي وهو ضالته الكبرى، وهي دلالة على طيبة ووفاء ونقاء هذه الشريحة الاجتماعية رغم فقرها، كما إنها دلالة على كون هذه الطبقة هي  حاملة وحامية التاريخ الحقيقي ناهيك عن كونها الفاعل الحقيقي في  أحداثه وتغيراته ...
  العنوان يحيل إلى ما هو أبعد من ذلك؛ فعلى الرغم من البانوراما  الروائية التي شملت الكثير من الطبقات والشرائح الاجتماعية وفي فترات  تمتد لعقود من السنين، لكن هناك  ما لم  يتمكن  من الاحتفاظ به وقد  التهمته نيران الذاكرة ونيران الحروب وضيعته السجون وظروف التقشف  والتشرد، ويد السلطات ورواتها المزيفون، وسطوة قوى الاحتلال، مما  يؤكد للقارئ والمؤرخ وللأديب أن هناك الكثير لم يزل في خانة المستتر أو ما هو ضمن رماد الحرائق، وقد كان الكاتب موفقاً تماماً، وأميناً مع ذاته وصادقاً مع القاريء في المقدار الذي تمكن من كشفه أمامه من  حالات تاريخ وحراك وطبيعة المجتمع العراقي وتحولاته في مراحل   مختلفة منذ الاحتلال العثماني  وحتى الاحتلال الأمريكي ....
ولا شك إن الكتاب أو السجل أو الدفتر يوصف بـ((الأسود)) دلالةً على  المآسي والظلام والكوارث على مستوى الأفراد أو على مستوى البلاد  فيختزل الكاتب بذلك الحاجة للإشارة إلى مدى عمق مأساة العراقيين  على مر عقود من الزمان من احتلال إلى احتلال وفيما بين احتلال واحتلال ، فالسواد هو السائد في ((أرض السواد))!!!
طبقة اجتماعية عليلة ومأزومة :-
يشير الكاتب إلى أن ((نديم)) ابن ((اسكندر بيك)) ورث عن أبيه مرض ((الصرع)) بالإضافة إلى الثروة والجاه، وربما ورث أبوه المرض عن جده، وهم من موالي العثمانيين ودولتهم المريضة التي تناهشتها الدول  العظمى وخصوصا بريطانيا وفرنسا، وقد عرّف الأطباء هذا المرض  بأنه:-
((اعتلال في الدماغ أو المخ حيث يحدث خلل في وظيفة خلايا الدماغ والخيوط العصبية فيصدر عنها موجات كهروكيمائية مفاجئة تسبب خللاً في وظيفتها قد تكون على شكل خلل سلوكي، اضطراب نفسي ، اضطراب  حسي، فقدان الوعي أو تشنجات عضلية، وقد تكون محددة في أجزاء معينة من الدماغ أو شاملة.
وتشير العديد من الدراسات الطبية والتاريخية أن العديد من الشخصيات  المصابة بهذا المرض تتميز بالحس الفني المرهف أو بالذكاء المفرط  ومن أمثالهم:
((نابليون القائد العسكري الفرنسي المعروف، وكذلك الفرد نوبل صاحب الجائزة العالمية حيث تذكر المراجع إنهم مصابون بالصرع)).
فالشخصية المركزية في الرواية هي شخصية ((نديم اسكندر بيك))،  كان  يتميز بحساسية كبيرة ، وذكاء مميز، وحس فني  فطري، بدلالة قدرته على عمل تماثيل تمزج بين الفطرية والحداثة، غريبة الأشكال تلفت النظر، استطاع أن يصقلها متمرناً على يد زميله في الشماعية النحات الفطري (( حكمت الكردي)) والذي قال عنه (( نديم )):- 
(( كان من المحال عليّ مواصلة الحياة في المستشفى خلال تلك الشهور المعدودة لولا صداقتي لذلك النحات الفطري ((حكمت الكردي)) الذي كان يستلهم – دون أن يدري بطبيعة الحال – طريقة النحات العظيم  مايكل  أنجلو ))  ر.ص 58.
كذلك قدرته على عمل نموذج  مصغر من مطحنة والده بعد مشاهدتها  مرة واحدة وقد كان نموذجا أدهش جميع من شاهده في حديقة المنزل ، وكانت له قدرة غير عادية على التنبؤ بالأحداث  والفواجع  القادمة .......
فهذه الشخصية التي عاشت في ظرف مرتبك وفي بيئة غير متوازنة، ورث عن والده الثراء، والصرع، والسوط، وتاريخ غير مشرّف وفضائح  يعلمها القريب والبعيد ...
فهذا الشاب المصروع الذي ولد وفي فمه ملعقة من ذهب كما يقال لأن  والده ورث عن والده أملاك وعقارات وإقطاعيات مترامية الأطراف، عن طريق ارتباطه بالاحتلال التركي العثماني للعراق آنذاك، حيث وهبوا   قومهم وأنصارهم ضياعاً واسعة، وهؤلاء قد استحوذوا على مساحات واسعة من الأراضي دون حساب، قد تميز بحالة من الانطواء على الذات  والانعزال  منصرفا بالكامل إلى ولعه للعب  بالطين وعمل التماثيل، أو  القراءة، هذه الهواية التي جرت عليه الكثير من الويلات ولاسيما من قبل  والده الذي ضبطه وهو يطالع كتبا يعتبرها الوالد ممنوعة على أمثاله مثل    كتاب ((ألف ليلة وليلة)) وما عداها من الكتب التي تتحدث عن الجنس  والممارسات الجنسية واحتوائها على عبارات فاضحة وإباحية، وهنا  يظهر  مدى ازدواجية مثل هذه الشخصيات؛ ففي الوقت الذي يبح لنفسه   ممارسة هذا الممنوع يقمعه عند أولاده وعائلته .
 تتميز هذه الطبقة بشراهتها في جمع الأملاك وجمع المال، بالإضافة  إلى أنانيتها، وحبها للسيطرة والهيمنة على كل شيء وإقصاء المنافس  بشتى السبل والأشكال ومنها قوة القهر والقتل والسجن والتشريد، وقد تمثلت هذه النزعة بسوط ((اسكندر بيك)) الذي ورثه عن أبيه والذي  أوصاه بان لا يتخلى عنه عندما يعجز عقله عن حل إشكالية ما مع فلاحيه أو التابعين له :-
 ((عليك الاستعانة بهذا السوط في إدارة أملاكك حينما لا يعينك عقلك في ذلك)) ر.ص 180   
حيث لم يفارقه السوط حتى وهو يتجول على عربة المعوقين بعد إصابته  بالشلل......
الســــــــــــــــــوط :-
رمز الوسيلة القهرية الذي اعتمدته هذه الطبقة الهجينة من البرجوازية الطفيلية والإقطاع وبقاياه الذي اصطلحنا عليها ب((الاقطوازية))، وهي  الطبقة السياسية الحاكمة المأزومة دوماً، والحاملة لكل أمراض هذه الطبقات من الجهل والطمع والقسوة والتبعية لأسيادها من عثمانيين أو الانكليز أو أمريكان منذ ولادة الدولة العراقية ولحين التاريخ، وهي وليدة الشرذمة الطبقية في مثل هذه المجتمعات والدول الريعية الاستهلاكية الغير منتجة، حيث قمعت البرجوازية الوطنية المنتجة بفعل التدخل  الاستعماري وقطع حلقة التطور الاقتصادي التقليدي، وبالتالي ضعف النقيض القوي من الطبقة العاملة المنتجة، وتبعية وضعف الطبقة الوسطى لكونها طبقة مصنعة من قبل الدولة الريعية لإدارة شؤونها، وليست وليدة النمو الاقتصادي والسياسي الطبيعي التقليدي كما في  المجتمعات الصناعية المتطورة، حيث كان لهذه الطبقة دور تنويري   مشع باتجاهين الطبقة البرجوازية الحاكمة والطبقة العاملة وعموم الكادحين الطبقة النقيض ......
لا نريد أن نسهب في هذا المجال، ولكننا أردنا أن نوضح طبيعة الصراع المزمن والغير محسوم للطبقات السياسية الحاكمة في العراق وتوالي  الانقلابات والصراعات الدموية بين نفس مكونات ((الاقطوازية)) المرتبط حبلها السري برحم الرأسمالية العالمية مما أدام أزمة الهيمنة الطبقية في الحكم، وبدعم والتخادم مع الدول الاستعمارية الكبرى، وبقاء الاقتصاد ألريعي منتقلا من الأرض إلى النفط بفضل (( نقمة)) الثروة البترولية الهائلة، التي تحولت إلى بساط من نار ودمار تحت أقدام عموم العراقيين  بدلا من أن تكون بساطاً من ذهب وحرير من أجل الرفاه والحرية والتقدم بفعل  جشع  الشركات البترولية الاحتكارية وأدواتها من الطبقة الحاكمة المحلية.
إن هذا السوط هو ما فجر الصراع العنيف بين الابن ((نديم)) ووالده ((اسكندر بيك))؛ لأن هذا الابن حاول تمزيق قناع والده وفضائحه  بالاطلاع على تاريخ ضحاياه ومنها تاريخ خادمته المغتصبة ((فردوس))  وابنتها سفاحاً ((هاجر))، حينما عثر الوالد على ((الدفتر الأسود)) وملاحظات ولده حول هاتين الامرأتين، وهذا ما لا يمكن أن يسمح به،   لأن فيه كشف النقاب عن وجهه الكريه وتمريغ هيبته وغطرسته المزيفة،  وتمزيق قناعه المهلهل بالشرف والفضيلة حتى وإنْ  كان ولده لا يقصد ولا يعلم بمدى علاقة والده بـ((فردوس وابنتها سفاحاً هاجر))، فاستل  سوطه كما هو حال طبقته في التعامل مع من يكشف زيفه، وألهب به  وجه ولده الذي دخل معه في صراع ضارٍ أدى إلى سقوط بسبب إصابته بنوبة قلبية مفاجئة.... وهو مصير هذه الطبقة على طول الخط بسبب المرض والعجز الكامن في بنيتها كما ذكرنا آنفاً.
ولكن هل هذا الفعل من قبل الابن، والرغبة في تجريد والده من سوطه  القاسي يعني أن الجيل الوريث لهذه الطبقة سينتصر لقيم الحرية والجمال؟؟
إن فطنة ووعي االكاتب  وموضوعيته تجيب بلا :-
حيث إن الابن حمل والده على عربة المعوقين وسوطه في حجره بطلب  من أمه التي أرادت لزوجها أن يحتفظ بوسيلة بطشه رغم إنها إحدى  ضحاياه، وخضوع ((نديم)) لإرادة أمه كونه وأمثاله أعجز من أن يكونوا  مشاعل للحرية ورفض الظلم والظلام، مما له دلالة على دوام البطش والتسلط ضد الفقراء والمعدمين وجمهور الفلاحين في إقطاعيات أبيه حتى وهو مشلول فلا زال هناك من يدفع عربته ويضع طربوش عليائه على رأسه..
(( تنقّل لحظات بنظراته بين الطربوش المنتصب على رأس أبيه والسوط المهمل في حضنه مستعيدا بلمحة خاطفة تاريخ سلالة أجداد عثمانيين فرضوا سطوتهم على آلاف الناس بهذين الرمزين ))  ر.ص 210
كذلك فإن ((نديم)) بدل أن يسعى لإنصاف ضحايا أبيه ومنهم أخته ((اللاشرعية)) هاجر من خادمة أبيه المغتصبة ((فردوس))، فإنه يتابعها  ويتربص بها شراً محملاً إياها ما أصاب أباه من الشلل فهي عار العائلة:
 (( لن أغفر لهاتين المرأتين، فهما السبب الحقيقي لكل ما حصل بيني  وبين أبي)) ر.ص 212
 فكمن لـ((هاجر)) عند شريعة النهر ليقوم بقتلها غرقاً، متوهماً أنه بذلك  أفلح من ستر فضائح أبيه والتخلص من كل ضحاياه وكتم أصواتهم للأبد،   وقد انبرت له أمه ببذل المال والجاه لغرض تبرئته من جريمته الشنيعة هذه، رغم أنها تعرف تماماً مدى إجرام الأب والابن وأن ((هاجر)) وأمها  محض ضحايا أبرياء، وبذلك نرى دوام تذبذب وعنف ولا إنسانية هذه  الطبقة، ودوام أزمتها النفسية والروحية وهي تحمل تناقضاتها وتشظياتها  التي لا تنتهي،  فيؤدي به الحال  أخيراً إلى الانتحار ....
إنها طبقة محكومة بالفشل والموت والتقهقر إن آجلا أو عاجلا، وهذا أمر مرهون بعوامل داخلية وخارجية وما إقدام الديكتاتور على احتلال الكويت  ومحاربة (( 33)) دولة كبرى إلا شكل من أشكال الانتحار جرت عليه  وعلى الشعب والوطن الويلات التي لا تنتهي فكان الحصار والاحتلال  والفوضى العارمة فتحققت نبؤه ((نديم)):-
 ((الشماعية امتدت وستمتد أكثر وأكثر لتسع كل شيء... كل شيء))  ر.ص 254
  وها نحن نعيش الآن في شبه جنون غير مسبوق، حرائق وإرهاب  وفساد وتشرد وجوع في كل مكان على طول البلاد وعرضها منذ انتحار واندحار الديكتاتورية ولحين التاريخ ..
(( تخيل وجود  ناس عقلاء يهاجمون مستشفى يؤوي ناسا فقدوا عقولهم  لأجل السرقة ....)) .
الشيوعيون في طليعة ضحايا ((الاقطوازية)) الحاكمة :-
  الصدف هي التي حكمت بإيجاد علاقة بين ((نديم)) وبين المنفي  السياسي المثقف الشيوعي ((فريد عمران)) كانت إحدى المصائب التي حلت على رأس هذا الشاب، حيث أعاره ذلك عدداً من كتبه حينما التقاه   مصادفة في المقهى التي يرتادها المنفيون عادة، ومنها طبعة  تجارية   لرواية ((الجريمة والعقاب))  لديستويفيسكي، وهي إشارة من الروائي إلى واقع ذلك الوقت حيث يقبع خيرة المناضلين والمثقفين العراقيين  ولاسيما الشيوعيون في السجون والمنافي على طول الون وعرضه، مما جعلهم، رغم هذه الحواجز، بؤرة إشعاع فكري وثقافي كبير أينما حلوا حتى وإن كانوا في السجون والمنافي، وهذا يذكرني برواية رائعة للروائي هشام توفيق ألركابي بعنوان ((المبعدون))  وهي تحكي أيضا حال المناضلين  في السجون والمنافي ولاسيما في بدرة التي كانت من المنافي الرئيسية آنذاك للمناهضين للحكومات وخصوصاً من الشيوعيين واليساريين  عموما.
وقد أشار الروائي إلى هذا الدور الهام  لهؤلاء المناضلين في مقاومة  الظلم والقبح وانتصارهم للكادحين من عمال وفلاحين ومقاومتهم للاستعمار الانكليزي، وما حدث من حالة فوضى وصدام بين الشرطة  وأنصار فريد عمران أثناء عرض فلم يشيد بالاستعمار الانكليزي  ويستعرض احتفال تسلم الملكة ((إليزابيث الثانية)) لمقاليد المملكة،  معرجاً على الصدفة التي كان (( نديم اسكندر)) حاضرا للتفرج على هذا  الفلم في السينما السيارة وبالتالي استدعائه إلى مركز الشرطة،  وغضب والده عليه رغم انه ليس طرفا في ما حدث ...
ولم يغفل الروائي الإشارة الايدولوجية المناهضة لليسار والمزيفة للحقائق ولأهداف الشيوعيين وما يريدونه من نضالهم  ضد القهر والاستغلال  ليظهر هذا الادعاء الزائف والمضلل على لسان ((إسكندر بيك)) حيث يقول لولده نديم محذرا إياه من الشيوعية والشيوعيين:-
((أنهم يعملون إلى أن يجردوني – انأ والدك – ليس من حقولي وبساتيني ومطحنتي وبيتي فحسب، بل حتى من هذه السكين والشوكة اللتين بين يدي...... لأني إقطاعي، وانك بالتالي سليل إقطاعي، ولذا يفترض بهم  تجريدك من كل شيء... كل شيء حتى من دشداشتك  هذه))  ص66
وللأسف هذا الفهم الخاطئ لأهداف الشيوعيين والخلط المتعمد بين  مفهوم الملكية الشخصية كالدار، والسيارة، وأثاث البيت وما إليه من ممتلكات حياتية شخصية، وبين ما يقصده الشيوعيون من الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج المؤدية حتما إلى الاستغلال للعمال عن طريق العمل المأجور، ناهيك من وصم الشيوعيين من أنهم  يناصبون  نواميس  السماء العداء، رغم أنهم الأكثر التصاقاً بالأرض وهمهم منصب على ما يجري على الأرض من حالة القهر والاستغلال  ....
كما أن الكاتب أشار إلى رجحان كفة السلطة وأعوانها من القوى الرجعية والمحافظة من الاقطاعيين وبعض ادعياء الدين والتدين، ضد قوى اليسار والشيوعية وانصارهم في بدرة خصوصا حيث استطاعت الشرطة قمع  أصوات الاحتجاج ضد الاستعمار البريطاني وصنائعه في المنطقة اثناء  عرض فلم تنصيب اليزابيث الثانية، وكذلك رجحان كفة امام الجامع ومن  اسنده ضد دفن الشيوعي المصعوق بالكهرباء في مقبرة المدينة بدعوى كونه ملحداً ولا يجوز دفنه في مقابر المسلمين، فاضطر رفاقه وانصارهم إلى دفنه على قمة تل منفرد، وهي إشارة واضحة إلى طبيعة الصراع والحراك الاجتماعي آنذاك  زمن الحكم  الملكي للعراق .
هذه الشخصية ((نديم اسكندر بيك))، أغرت الكاتب الروائي العليم    بكتابة رواية غير تقليدية تتجاوز ما درج عليه من أساليب كتابة  الروايات السابقة، باقتراح  وإلحاح  ومتابعة صديقة (( زاهد  سلمان))،  هذا الراوي العليم وهو موظف بسيط يعمل في إحدى المجلات الحكومية في بغداد وهو من أصول عائلة ((  بدراوية)) غالبا ما يدفعه الحنين إلى زيارة مهد طفولته وصباه قبل أن يغادرها إلى بغداد العاصمة، كان مرة مختارا ومرة مجبرا تحت تردي الظروف الأمنية في العاصمة عقب احتلال الكويت سنة 1990 وما نجم عنه من اندلاع حرب (عاصفة الصحراء) سنة 1991
وهذا ما جعل الراوي يتابع حياة وحكاية هذا ((النديم))، رغم كونه غريمه  بعدما تمكن من سلب ((بتول)) حبيبته وقريبته وموقظة حسه الذكوري وتزوجها، تحت تأثير سطوة عائلته من حيث الثراء والنسب، وسطوة  العلوية والدته على عائلة ((بتول))، مما أتاح له إمكانية مرافقة نديم  ومحاورته والاطلاع على بعض أسراره ... مرة بدعوة من ((نديم)) ورغبته في توثيق معاناته في رواية، وأخرى بطلب من ((بتول)) للبحث عن التفتيش عن زوجها ((نديم)) على أثر تسيب محتجزي الشماعية بعد القصف الأمريكي لبغداد أثناء حرب (عاصفة الصحراء)، مما مكنه من مكاشفة نديم برغبته في كتابة رواية يستعرض فيها تحولاته ومعاناته وسلوكياته الحياتية عبر محطاتها المختلفة، الطفولة، والمراهقة والشباب، والسجن، ومكوثه في ((الشماعية))، على الرغم من  تردد نديم الشديد من كشف محتويات ((سجله الأسود)) أولاً، وثانيا إصراره أن يشارك  الكاتب غلاف روايته كمؤلف شريك كما لاحظه في رواية ((عالم بلا خرائط)). وقد قبل الكاتب مضطرا على هذا الطلب، سعياً منه لإنجاز روايته المنتظرة .
فان عجزت ((الاقطوازية)) على كتابة تاريخها فهي تجبر المثقف المبدع أن تكون شريكته في إبداعه بالرغم عنه.
فكان للكاتب عين لاقطة وفطنة كبيرة في إلقاء الضوء على الكثير من الشخصيات والأحداث والأماكن عبر مسيرة عائلة ((اسكندر بيك)) وابنه  ((نديم))؛ فكانت: 
 الشخصيات الفرعية للرواية تتألف من:-
•    بتول، وفردوس، وهاجر، وهن نماذج للنساء المستلبات ضحايا المجتمع بتركيبته الشبه إقطاعية وتحت سطوة الحكام الديكتاتوريين  وحواشيهم من المتنفذين طوال العهد العثماني والانكليزي  والجمهوري وما بعده  وبعد  الاحتلال الأمريكي، فان لم يكن الأمر أسوأ مما كان عليه لم يكن أفضل بالمرة، حيث جعل الكثير من  ((التقدميين)) واليساريين يتحسرون على عهود ماضية فارتضوا   أن يطلق عليهم مصطلح (( الرجعيين)) وهم كانوا من اشد أعداء الرجعية عندما كانوا يحلمون بعصر الرخاء والحرية والتقدم،  وليس بعصر الحريم والفساد والإرهاب والارتهان للإرادات الدولية المتصارعة. وقد كانت هذه النماذج وغيرها إحدى اهتمامات  بحث (( نديم بك)) واضمامة دفتره الأسود، حيث كانت احصائياته تدل  على عدد المنتحرين من الرجال يساوي عددهم من النساء في بدرة مع  اختلاف الوسيلة فالرجال ينتحرون بشنق أنفسهم، في حين تعمد النساء إلى الانتحار حرقاً في أوساط الطبقات الشعبية  المسلط عليهم سوط السلطة وسوط الإقطاعيين وسوط التقاليد الاجتماعية المتخلفة :-
((تقارب عدد المنتحرين من الرجال إلى المنتحرات من النساء، وكان الرجال يتخذون أسلوب شنق أنفسهم في الغالب على العكس من النساء، وكن يفضلن إحراق  أنفسهن بالنار)) ر. ص109
وقد وصف حالة انتحار إحدى النساء المأساوية حرقا وأمام أنظار الجميع، ما يراد به أن القهر والاستعباد موجه ضد الجنسين ولا فرق  بين الرجل والمرأة وأن كانت حصة المرأة أكبر في ذلك الزمان وهذا الزمان وقد اهتم (( نديم)) بمتابعة العواهر والمشردات في بلدته مما  دله على ((فردوس)) و((هاجر))، وعلى الكثير من الشخصيات الغريبة   ومن  الأشقياء ووو...
•    هوبي، غريب،  وأضرابها من الشخصيات التابعة كتبعية الكلب  إلى سيده مسلوبة الإرادة مجبولة على الإذعان والعبادة لأسيادها  في ظل مجتمعات الاستلاب والقهر، وهي شخصيات أخذت بالتزايد  عبر العقود بحيث أصبح وجودهم ظاهرة واضحة للعيان في  ديكتاتورية الفرد القائد الضرورة وفي عصر الديمقراطية أكثر من  أي وقت مضى. إنهم القطيع المهووس بالقائد و ((الهارب من الحرية)) على حد  تعبير اريك  فروم .
•     حكمت الكردي النحات المبدع ((.. لم أحول الحجارة إلى طائر، بل أطلقت سراح الطائر الذي كان حبيس الحجر))   ر. ص 43
غافل أبو الحشيش نماذج للإنسان العراقي النشيط والمبدع المتهم بالجنون والمودع  في الشماعية:-
 ((مثل العديد من المرضى الذين  يأتي بهم ذووهم إلى هنا لا لعلاجهم بل للتخلص منهم ))  ر. ص172. وهنا إشارة واضحة إلى مدى فعل الظروف المعاشية الصعبة التي أدت إلى تجريف القيم الإنسانية لدى العديد من العوائل العراقية مما اجبرها للتخلي عن الأب والأخ وإلام  والأخت وحتى الأبناء، تحت ضغط العوز والفاقة.
 محنة المثقف طواعية بناءً على عدم قدرته على التأقلم مع الواقع  السلطوي والمجتمعي القائم أو جلب بقوة القانون لإطفاء  جذوة فطنته  وذكائه في الشماعية، ولنا في مختلف الحقب الجمهورية  والديمقراطية الكثير من الأمثلة على هذا الحال ووجود مثل هذه  العقول العبقرية الفذة التي ادعت الجنون للخلاص من قهر السلطات وملاحقاتها وعصفها ولنا في الراحل الكبير ((خضير ميري)) وغيره  خير مثل على ما نقول، ناهيك عن من سلك طريق الصعلكة وادعاء العته والجنون وركب قصبة ((البهلول)) ليتمكن من امتلاك حريته بالإضافة إلى نقده اللاذع للسلطة.
محنة المثقف في زمن الديكتاتوريات والديمقراطيات الزائفة :-
زاهد سلمان، وأبو ربيع نعيم الشطري، والكاتب، وهي نماذج من المثقفين العراقيين الغير متزلفين للسلطات والحالمين بالحرية  والتقدم لشعبهم والباحثين عن الجلال والجمال، نراهم يعيشون  حالة من التشرد والفقر وشظف العيش فيضطرون على بيع  كتبهم  للحصول على لقمة العيش بعيدا عن سطوة الحزب والسلطة:
(( الكتب فقدت أهميتها لقاء لقمة الخبز، المثقفون يعرضون  كتبهم بالجملة للبيع )) ص 14
وكم كان زاهد سلمان بارعاً في تمثيل دور المسئول -  وهو خريج أكاديمية الفنون الجميلة - ودخول الشماعية هو والراوي وصديقهم  ((أبو سارة)) للبحث عن (( نديم بيك)) ومن ثم الاستدلال عليه  عن طريق  (( رجب))  مختار الشماعية كما وصفوه .
•   ياسر،  ميسور الحال دوماً والباذخ دوما نتيجة قدرته الكبيرة على التلوّن والحربنة والتسول الأخلاقي والثعلبة في مختلف الظروف  والأحوال، وهذه ظاهرة كانت وقد استفحلت في عصرنا الراهن، حيث  أصبحت ظاهرة وهو الشاطر الفهلوي القادر على مسح الأكتاف  وهز الإرداف وتقبيل الأيدي أو عظها  وحسب  متطلبات حال القوة  والضعف، فقد خلع الربطة الحمراء وارتدى الزيتوني ثم خلع  الزيتوني ولبس العمامة وأطلق اللحية والعكس صحيح، فلا حدود ولا موانع ولا مبادئ أمام المصلحة الشخصية ...
•   رجب \ مدعي الفلسفة والتبحر في الأدب والثقافة المتطفل الدائم  على من يحتاجه أو يطلب مساعدته، رجب من يستطيع  كل  ظرف  مهما كان للحصول على المال  وتمشية أمور حياته، وهو يتأبط  كتابا على طول الخط متصيدا فرائسه في كل محفل ومكان بما فيها ((الشماعية)) ومن ضمنهم ((نديم  بيك)) وأمثاله.
كذلك لا يمكن إغفال قدرة الكاتب على توصيف وتعريف القاريء على الشخصيات من حيث المظهر والجوهر الذي يناسبها، وهو لا ينسى توصيف الأمكنة والحارات والشوارع وحال المؤسسات، سواء في مدينته بدرة أو في بغداد العاصمة.
إننا، وأثناء قراءة الرواية هذه وغيرها من روايات المبدع الكبير عبد الخالق ألركابي، نشم ونرى خيال شخصيات ((دستويفسكي))  بتنوعها وعمقها وحقيقة وجودها في المجتمع العراقي، وهنا لا نريد أن نقول بوجود تناص بين الركابي ودستوفسكي، ولكننا نريد أن نشير إلى عبقرية عبد الخالق ألركابي روائياً بلغ العالمية في قدرته وحنكته وهندسته الروائية المبدعة.
لا نرى أن بنا حاجة للحديث عن رصانة الحبكة الروائية والأسلوب  السردي المشوق والكلمة الدالة الرشيقة المعبرة التي كتب بها   الركابي روايته، فهو الكاتب القدير المحترف المبدع؛ فليس غريباً  عليه وعلى أمثاله مثل هذه القدرات الفائقة في إتقان السرد  الروائي والملم  بشروطه وأدواته.
ولا يسعنا في الختام إلا أن نستشهد بتعريف جان غوستاف لو كليزيو  للرواية المبدعة ومنها روايتنا محل الدراسة ((ما لم تمسسه النار))  للركابي القدير:-
(( تقوم الرواية على قدر من اللايقين والتساؤلات وإعادة النظر. إنها قريبة من لا اكتمال الحياة، والرواية جنس تعبيري للحاضر، أنها وصف لحالة العالم والمجتمع والذات، وبهذا المعنى فهي تلائم تماما عصرنا، الذي هو عصر شك وعدم تيقن من المستقبل)) ص40 الرواية العربية ورهان التجديد د. محمد برادة.

36


حكايا العم  (وجــــــــــــدان ) في ديوان الحاج (مردان)



حميد الحريزي
 
 اشرقت  وجوه   الجالسين في ديوان الحاج   ((مردان))   حين   لمحو  من بعيد    العم ((وجدان))   متوجها   الى المضيف  ، بعد غياب  طال انتظاره ...
ولكن  سرعان  ما اصابتهم الدهشة والاستغراب  حينما   شاهدوا  العم  وجدان    حينما اقترب منهم  خلع   الكوفية  والعقال   ووضع على رأسه  (( كاسكيته))، رغم انه   يرتدي   صايه   وعلى  ومسرسح  على متونه  بشته  الاسود  ......
حال وصوله  باب الديوان   ادار  ظهره للباب   واخذ  يمشي   عله  البگ   وهو يقول  وعليكم  السلام !!!!
يا الله  هل  جن  العم  ((وجدان))  ، وهل  غيبته   هذه   قضاها في  مستشفى المجانين  ونحن  لانعلم ؟؟؟
نهض  الحاج مردان   وتقدم  نحوه  امسكه  من  اكتافه  وادار وجهه  عليه    قائلا :-
هاي  شنو    ((وجدان )) شبيك   ياساتر  ،  هاي   شمسوي  بروحك ، عمي انته  رجال   عاقل   وعليك العتب  ، شنهو كاسكيته  شنهو  تمشي  بالمكلوبي ؟؟؟؟؟
رفع  وجدان   عن اكتافه    ايدي    الحاج  ،   ثم  خطى عدة  خطوات   واخذ له  مجلسا   وسط  المضيف !!!!
ضج الديوان بالضحك   ممزوجا بالحيرة والاستغراب .....
لا والله  يبين  ((وجدان))  صاير بعقله  شي ،  عمي هذا  الزلمه   اليوم   يبين   لاگف  ياساتر ....
يارب   استرنه  من  هل  العاقبة ... مع الاسف والله   وجدان  خوش  زلمه   وهو ابو الحكمه   والعقل  الثجيل    هجي  يصير بيه ؟؟؟
وضع مردان  يده  على  جبهته  معتصرا   صدغيه  بقوة  وقد  لفه الصمت  للحظات    ثم التفت للحضور   قائلا :-
 ولأن وجدان   ابو الحكمه   والگل  الثجيل   لازم  نعرف    ليش   يسوي  هيچي ؟؟؟
(( وجدان ))  ابروح  ابوك   خلص   شفنه  السويته  اليوم   وانته  ابو العقل  ، بس  ابروح  ابوك   گوم    اعدل 
روحك  والبس  عگالك  وشماغك   وفهمنه    شتريد  اتگول ؟؟؟
نهض   ((وجدان )) وهو  يهز  يده  ، مع   حسرة  مريرة ، ونظرت استغراب  وعتاب   للجالسين  وبعد  ان طلب   ((طاسة))  ماي   بارد ،  وشرب  فنجانين قهوة   من يد  القهوجي   ((سعيد )) ، ملقما  ((مشربه ))  سيكارة  من  قوطيته   التراثية ، حيث  انه  رفض  ان يدخن   سكائر  الباكيت   ولازال  يلف  سكائره   من   ((تتن  ابو الريحه ))،  اشعلها   بنار ((زناده )) الذي فاحت    منه  رائحة البانزين .....  ثم  توجه  بسؤاله  للجميع :-
گلولي بروح   والديكم  هم  واحد منكم  مايشوف  تلفزيون  ابيته   كل يوم ؟؟؟
فاجاب الجميع  :-   شنقضيه  عمي وجدان    منين اكو   واحد  بعد  ماكو ابيته  تلفزيون ،  ومايشوف الفضائيات  خصوصا  واحنه   طلايبنه  معره ، تظاهرات  ،   وعرك  ،  وتفجيرات    ووو مصاب الله كله دايره  علينه ..
والله خوش حجي  .... أگول   اكو واحد منكم   يحمي  ماي   بتموز ؟؟؟
عمي  شنقضيه  الوادم  ادور البروده  من ماي العروس ،  والله  مفضل  عليه  يحط  ثلج  فوگ الماي  يالله   يغسل .
خوش  حچي   منهو منكم  يثرد  نستله   بالتشريب ؟؟؟؟
ضج  الجميع   قائلين  ، عمي  ليش احنه امحصلين الخبزه  حتى   ادور انغمس  مرگ  بالنستله ؟؟؟؟
هاي شبيك   عمي وجدان   اشو انته  راح  اتخبلنه  ؟؟؟
أي يبويه    عود خافوا  تتخبلون   اذا  انتم   بعدكم عقال !!!!
عمي  من يفزع   واحدكم بعركه    مو ينزع  عگاله وشماغه   ويفزع  امفرع ؟؟؟؟
أي عمي  وهاي   شنهو يرادله   سؤال  .؟؟؟
زين چا  منكونكم  عقال  ،  واستغربتوا   ليش  انه  لابس  ((كاسكيته  ))   فوگ الصايه ، وليش  طبيت للديوان  بالمگلوبي ، وليش    ماگعدت  ابمچاني ، ليش ما   تگولون  اتخبل   للابس  العمامه  فوگ المرقط ؟؟؟  وليش  ما تگولون  مخبل  للمنصبينه  وزير  للكهرباء  وهو  يگللكم  طفو الگيزرات  بتموز حتى  لاتنگطع   عن بيوتكم الكهرباء ، وليش  تگعدون  تحت منبر  ابو عمامه اليگلكم  عيشو ب((30))  الف دينار  ، ولا تثردون   نستله  بالتشريب ؟؟؟
زين  ماتگلون  للنايب  امش عدل  ولا تمشي  بالمگلوب   مو انته  التحاسب  الشعب   الگعدك  على كرسي البرلمان  ، ولكن الشعب هو اليحاسبك ؟؟؟؟
ثم التفت  الى  حجي ((مردان))  مخاطبا  الجميع   قائلا  :-
وهساه   من هو  اليضحك  عله  الاخر   ،  وجدان  يو انتم ،  مو يگولون  (( الناس على دين ملوكهم ))  ،  وهل تشوفون    هذا دين  وسلوك  حكامنه  ،يمشون  بالمگلوب  ، ويحچون  بالا معقول ،  ويسون الاسود ابيض  والابيض  اسود ؟؟؟؟
التفت الحاج ((مردان ))  مخاطبا  الحاضرين   قائلا :-
مو گلتلكم   (( وجدان ))  مو مخبل  والله يعمي احنه  الماعدنه   عگل  ومخابيل .


37
لكي  لا يذهب دم الشهداء هدرًا



حميد الحريزي
 
في عراق اليوم ، تبدو الساحة السياسية غائمة ان لم تكن معتمة ، ومن الصعوبة بمكان التمييز بين اطراف الصراع القائم من حيث ولائهم للشعب العراقي ورعاية مصالحه ، تزامنا مع توسع الحراك الاجتماعي وفوران ساحات المدن العراقية وخصوصا في بغداد ، المطالبة بالغاء المحاصصة العرقية والطائفية ، وكشف ومحاسبة واقصاء الفاسدين والمفسدين من على سدة الحكم حيث بلغ الفساد حدودا غير مسبوقة حتى في تاريخ العالم ، على مستوى البرلمان العراقي او السلطة التنفيذية ، طبعا بالتخادم والتنسيق فيما بينهما …….
هذا الحراك الذي ضم الكثير من العناصر المثقفة من مختلف الشرائح الاجتماعية ، كما برز من بين قادته العديد من النشطاء اليساريين والديمقراطيين ، من خارج عباءة اصحاب العمائم ، مما ينذر بتجذر عملية الكفاح الوطني الديمقراطي ليكون صراعا ديمقراطيا راديكاليا ذو بعد اجتماعي واضح ، مما سيساعد ان عاجلا او آجلا الى تمزيق عصائب التضليل والتجهيل الطائفي والعرقي للجماهير الواسعة المنقادة وراء القيادات الدينية بمختلف توجهاتها وعناوينها ، خصوصا وانها اثبتت فساد اغلب رموزها وتنكرها لوعودها وهي تتربع على سدة الحكم وفشلت في تحقيق ابسط طموحات المواطن العراقي في العيش الكريم والحرية والسلام ، ناهيك عن الحفاظ على وحدة وسيادة الوطن على ارضه وثروته …
كما ان استمرار هذا الحراك والعجز البنيوي للطبقة السياسية الحاكمة عن الاستجابة لمطالب الجماهير ، يؤدي في خضم الصراع الى تمتين العلاقات بين مختلف فصائل الحراك والقضاء او على الاقل احتواء الكثير من خلافاتها وشرذمتها ، لتشكل جبهة قوية متراصة ، تقترب يوما فاخر لتكون امل الشعب المقهور للخلاص من كابوس الارهاب والفساد والطائفية المقيتة ….
ان الوصف اعلاه ليس بعيدا عن عيون ومخططات الطبقة السياسية الحاكمة واسيادها من مختلف الالوان والاشكال ، مما يستدعي العمل السريع لتلافي تطور هذا الحراك الاجتماعي الواعي ومنعه من الوصول لاهدافه ، خصوصا بعد ان فشلت اساليب القمع المباشر من كبحه وايقاف تطوره ، فسارعت الى لعب كافة اوراقها الظاهرة والمستترة لتفكيك هذا الحشد الجماهيري وحرفه عن مسيرته ……
فكانت الخطوة الاولى بتصنيع جبهة اصلاح داخل قبة البرلمان –
(( افسد مؤسسة في التاريخ الانساني ))* –
من قبل مجموعة من النواب والمنتمين طبعا الى القوى السياسية الحاكمة ، والذي بعد أن صالوا وجالوا واثاروا عواصف من الهرج داخل قبة البرلمان وفي الفضائيات ، مع حالة غريبة من المد والجزر في عدد اعضائه ، فما كان من هذه الكتلة (( العابرة للطائفية )) التي انبثقت من مستنقع الطائفية بقدرة قادر لتمثل (( خضراء الدمن )) داخل قبة البرلمان ، نقول فما كان منها الا اختزال مطالبها باقالة رئيس البرلمان (( سليم الجبوري )) خليفة (( المشهداني)) الذي اخرج من رئاسة البرلمان في حركة مشابهه فكان الخليفة اسوء من سلفه … وهكذا كان موقف (( اصدقاء الشعب )) داخل قبة البرلمان مما ادى الى شخصنة المطالب وحصرها بشخص الجبوري والتعتيم على المطالب الهامة للشارع العراقي.
المطلوب حل هذا البرلمان ، وانتخاب برلمان جديد ، بقانون انتخابات جديد ،لانتاج برلمان اقل عددا واشمل تمثيلا واصدق تعبيرا عن طموحات العراقيين .
ثانيا \ دخل على خط التظاهرات احد اطراف العملية السياسية ومن ابرز اطراف التحالف الوطني (( الشيعي))، ليتربع على زعامة الحراك الجماهيري في ساحة التحرير والساحات الاخرى في مختلف المحافظات ، وما ادت اليه من دخول والخروج من قبة البرلمان والمنطقة الخضراء بانتصار موهوم ومظروف غير معلوم لو يؤدي الى اية نتيجة تذكر …
كما برزت شعارات غير متوقعة من قبل حفنة من المتظاهرين بالضد من احد الدول الاقليمية والمفترض ان تكون صديقة ومساندة للحكومة العراقية في صراعها ضد الارهاب ،مما اظهر لبسا كبيرا في طبيعة هذا الحراك واهدافه ومراميه وخطوطه الحمراء او الخضراء ، زرع بين صفوفه البلبلة وضبابية قيادته ومن هي الجهات المنظمة والموجهة له ، وقد حمل اعضاء البرلمان من اطراف السلطة (( قفنفتهم )) المهانة على رؤوسهم كدليل ادانة للمتظاهرين ودليل فوضويتهم وهمجيتهم وكانهم يتمثلون (( حملة قميص عثمان )) لادانة الحراك الجماهيري والمطالبة بالافتصاص من رأس التظاهرة التي كسرت رأس (( القنفة))…
المطلوب :-
اعادة النظر في اسلوب وطريقة وقيادة وشعارات التظاهرات بعيدا عن هيمنة قوى السلطة واحزابها الحاكمة ، لتكون فاعلة ومنتجة وتحقيق مطالب الشعب .
رغم كل ذلك فان القوى صاحبة القرار في حكم العراق الظاهرة والمستترة قررت ان تضرب عصفورين بحجر واحد ، بفتح جبهة تحرير الفلوجة من قوى الارهاب الداعشي وهي معركة كبيرة مؤجلة لسنوات عدة ، ومما يستدعي ان يكون(( كل شيء من اجل المعركة ))، وتاجيل كل ماعدى النصر على الدواعش ، ومن ضمنها ايقاف الحراك الجماهيري والمطالبة بالاصلاح الجذري للعملية السياسية ، ومحاسبة الفاسدين والمفسدين وقد ظهر السيد رئيس الوزراء(( وجلهم من الفاسدين والفاشلين)) وهو يلوح براية النصر على (( دواعش الصحراء)) في الفلوجة ، موفيا بعهد التحرير ، ولكنه لم يفي طبعا بوعده بالتغيير واصفا منتقديه ب(( دواعش السياسية))…. !!!!
وهكذا كان ولازال احتراب واقتتال الطائفيون سواء دواعش الصحراء او دواعش الخضراء فيما بينهم ، , واستغلال حالة الرفض الجماهيري القاطع لدواعش الصحراء ، و كذلك رفض وكراهية (( دواعش الخضراء )).
حيث ان الجماهير الواعية تدرك تماما ان كل منهما يولد الثاني، وهما وجهان لعملة واحدة هي عملة العرقية والطائفية المقيتة العفنة ولا خلاص للعراقيين الا بالقضاء عليهما معا وبناء عراق دولة المواطنة بغض النظر عن القومية والدين والجنس والعرق .
فهل صرخة العبادي بمحاربة دواعش الصحراء ورفع راية النصر في الفلوجة ، والتي رفعة بقوة سواعد احرار العراق سترفع حتماً على كل شبر من ارض العراق ، لابد ان تمتد لتشمل (( دواعش الخضراء))، لتكون هبة الشعب العراقي مجدية ومنتجة لاستئصال الارهاب والطائفية والفساد وبناء دولة العراق المدنية الديمقراطية ، دولة المواطن ، والمسؤول النزيه الكفوء الوطني المخلص ، والا دون ذلك فسوف تظهر لنا نسخ مستحدثة من الدواعش ، وتذهب دماء الشهداء من ابناء العراق هدرا ، وتتقسم ارضنا ويتشرذم شعبنا فرقا شتى ، وتتحكم بمصائرنا دول الجوار ودول ما وراء البحار ..
• ما نشيت جريد (( الديلي ميل )) البرطاينية .


38
المنبر الحر / عصافير الفلوجة
« في: 20:20 13/06/2016  »
عصافير الفلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوجة
 

حميد الحريــــــــــــــــــــــــزي
يقولون اصطاد فلان ((عصفورين بحجر واحد)) لمن يحقق اكثر من هدف خلال رمية واحدة/ او من خلال فعل واحد ، طبعا سوف يكون المردود اكبر لو ان هذا الحجر – الفعل- حقق ثلاثة او اكثر من الاهداف خلال رمية واحدة …

ان اهم ميزات حكام العراق ، خصوصا منذ قيام الدولة العراقية لحين التاريخ غالبا ما تكون كردود افعال وليست افعال مرسومة مخطط لها مسبقا / وهذا هو وصف حال اغلب الطبقات السياسية الحاكمة المأزومة دوما والخائفة والتي تكرس كل طاقتها للحفاظ على كرسي الحكم وليس الحفاظ على السلم الاجتماعي وتطوره .

من يراقب اجراءات وقرارات الطبقة السياسية الحاكمة الذي قدر لها اسيادها ان تعتلي سدة الحكم في العراق بعد انهيار الديكتاتورية … يرى مدى صحة ما ذهبنا اليه ، كون السلطة فاقدة لمنهج حكم فاعل بناء يملك خطة عمل تكتيكية وأخرى استراتيجة ، خصوصا او ان اسيادها اغرقوها في مستنقع المحاصصة العرقية والطائفية المهلكة …. ومن هذه الاجراءات الرد فعلية قرار مهاجمة (( داعش)) في الفلوجة والذي يدعون بالتحرير ولا ادري التحرير ممن والمحتل هو في صف السلطة الممثل بدولة خارجية تتحكم بقرارات السلطة الحاكمة … والآن الدول الفاعلة في العراق هي امريكا وإيران وحلفائهما ، فهل هاتين الدولتين تقفان بصف ((داعش)) او في صف (( حكام الخضراء))؟؟؟ ام انهما مجتمعتان او منفردتان تلعبان لعبة المساند المزدوج حسب ما تتطلبه مصالحهما ، في مد الطرفين بالمال والسلاح لإدامة اوار نيران القتال والاستنزاف للشعب العراقي ثروة وبشرا … مرة لدعم الديمقراطية وأخرى لدعم الطائفية وهكذا ..

نريد ان نخلص الى ان مهاجمة الطاعون الاسود الداعشي في الفلوجة والذي لم يكن القرار الاول وإنما كان يعلن ثم تسفك الدماء البريئة وتذهب هباء سواء بالإلغاء او التأجيل للمعركة بين العدوين الهادفيين للسيطرة على السلطة والثروة في العراق لأغراض ذاتية تخصهما وتخص اسيادهما دون ان يتكون مصالح الشعب العراقي في الحسبان ن!!!!حيث اننا نرى ان كلا الراسين خرجا من رحم واحد هو رحم الامبريالية الامريكية المسعورة…..

كل من الطرفين يريد الهيمنة على سدة الثروة والحكم مستترا برداء ايدولوجيا يبدو ظاهريا مخالف ومناقض ومضاد للآخر … صراع بين نظام حكم ثيوقراطي ديني سلفي ((نظام الخلافة الاسلامية )) وبين نظام حكم ديمقراطي وان كان بعمامة ملونة وبدون ذيل ….
رغم انهما ينتميان الى نفس الطبقة الاجتماعية (( الاقطوازية )) التابعة للرأسمال العالمي ومنفذة لمصالحه مرتبط حبلها السري بمشيمة هذا الرأسمال الجشع بقيادة امريكا … وبذلك فان كليهما لا يمثل طموح الشعب العراقي وقواه الوطنية الديمقراطية الطامحة في اقامة دولة الديمقراطية المدنية دولة المواطن الحر والمرفه السعيد والوطن الواحد الموحد ….

بعد تصاعد المد الجماهيري واستعرت ميادين الحراك الجماهيري المطالب باجتثاث المحاصصة العرقية والطائفية والقضاء على الفساد والمفسدين والقضاء على قوى الارهاب بمختلف عناوينها وألوانها سواء في الصحراء او في المنطقة الخضراء ….. واخذ هذا المد يقترب من منطقة الحكم المحصنة في الخضراء ، وبروز قوى المثقفين والديمقراطيين واليساريين في ساحات التظاهر ، استشعرت الطبقة الحاكمة وأسيادها الخطر الداهم الذي قد يمتد الى حصن الامبريالية الامريكية في الخضراء (( السفارة الامريكية ))، فعمدت الى اتخاذ مختلف الخطوات لقمع وإفشال وكبح هذا الحراك سواء من خلال القمع المباشر ، او القمع المستتر بأعذار المندسين والبعثيين والإرهابيين المتربصين بالعملية السياسية .

او من خلال ادخال حصان طروادة المدعي تمثيله لطموحات الجماهير رغم انه مساهم فعال في السلطة التنفيذية والتشريعية ، وخيانته لهذه الجماهير في اللحظات الحرجة ….

لم تكتف الاطراف الحاكمة والساندة بهذه الخطوات ، خصوصا بعد افتضاح كذب الوعود وانقراض حبل التسويف والادعاءات الكاذبة بالإصلاحات الزائفة لأنه لا يريد ان يكون لصوت الشعب دورا في مكافحة الارهاب والفساد في الصحراء والخضراء ، فارتأت وأسيادها ان ترجع الى قرار مؤجل يكون عذرا كبيرا للجم صوت الشعب المطالب بالتغيير الحقيقي تحت ذريعة وجود خطر داهم ويجب ان يكون كل شيء من اجل المعركة وهو شعار قديم للديكتاتورية لعدة عقود خلت وشعار جديد للقوى الحاكمة الان … فقررت اطلاق معركة تحرير الفلوجة كقرار مخلص من هذا المأزق الخطير وشل يد الشعب ومنعها الوصول للرؤوس الفاسدة والإرهابية ….باعتباره مطلبا شعبيا وهو كذلك فعلا ، ولكن الشعب لا يريد تجزئة المطالب بل يريد الخلاص من قوى الارهاب المسلح والفاسد ، ويعلم جيدا ان كلا منهما يولد الاخر …

فكان لكل من الطبقة السياسية الحاكمة بمختلف مسمياتها شيعية او سنية او كردية ، ولاسيادها الامريكان اهدافا ظاهرة ومستترة ((عصافير)) تريد اصطيادها من على شجرة الفلوجةولابد من الاشارة ان هذه ((العصافير)) ليس مؤكدا صيدها جميعها بسهولة بالنسبة الى المخططين وقد تنقلب غربانا بايديهم او صقورا تفترسهم ، فما هي عصافير كل منهما كل على انفراد او مشترك :-
اولا عصافير امريكا :-

1- تهيئة التربة والحاضنة المناسبة والحيز الجغرافي المناسب لاقليم ((سني)) حسب مخطط بايدن ، فتحرير الفلوجة وعموم الانبار اضافة الى صلاح الدين ، ومستقبلا الموصل ، سوف يحقق هذا الهدف ، مع تاجيج الحقد الطائفي بين السنة والشيعة عبر الادعاءات الحقيقية والكاذبة ضد الحشد الشعبي بكافة فصائله والمحسوب على الطائفة الشيعية والمسنود ايرانيا .
2- فرض المزيد من الهيمنة والسيطرة على قرار الطبقة الحاكمة في العراق عبر تهديد ها بسحب دعم امريكا ان خرجت عن الطوق او خالفة القرار وعدم الاستجابة لمصالح امريكا الراسمال في نهب الثروة وتفتيت قوى الشعب المناهضة لقوى الاستغلال والاحتلال .
3- تهيئة سوق لايستهان بها لشركات انتاج السلاح الامريكي ودعم الاقتصاد الامريكي المازوم دوما نتيجة طبيعته الاحتكارية الاستغلالية .كما نه يسعى لربط العراق بسلسلة من الديون لتحقيق مطامع البنك الدولي ذراع الراسمال العالمي القوي في الهيمنة على ثروات الشعوب .
4- فرض مشروعية مطالبتها بحل او اجتثاث او تحجيم قوى الحشد الشعبي الذي ترى فيه (( حشد ايراني)) ، وبذلك توجه ضربة قوية لنفوذ غريمها الايراني في العراق .وخلق الفتن بين مختلف الفصائل والاحزاب ((الشيعية)) والاقتتال فيما بينها وبالتالي اضعافها واخضاعها جميعا ، وقد ظهرت بوادر هذا الاقتتال في الايام الاخيرة .
5- وضع احرار العراق ووطنيه بين خيارين كل منهما مر اما القبول بحكم عملائنا الفاسدين او القبول بحكم الطاعون الداعشي الاسود ، فاما دواعش الصحراء او دواعش الخضراء ، علما ان كلا الراسين في حضن واحد الا وهو حضن امريكا …
ثانيا :- عصافير الطبقة السياسية الحاكمة
حيث تنقسم هذه العصافير بين القوى المشاركة في السلطة من الكرد او السنة او الشيعة رغم انهم يتفقون في هدف اصطياد العصفور الاكبر صوت الشعب والمواطن العراقي الحر وعدم تحوله الى صقر مقتدر ليزرع مخالبه في عيون الطائفية والفساد
1- وكما قلنا هذا هدف مشترك اسكات صوت الشعب المنتفض بدعوى محاربة الارهاب .
2- تحقيق قيام اقليم منفصل للسنة الموالين مباشرة لامريكا وهذا عصفور هام بالنسبة للمكون السني المشارك في السلطة .
3- عصفور الاقليم الشيعي الذي يحلم به الكثير من المكون الشيعي الحاكم لا بل اول من نادى به وسعى اليه وخصوصا المجلس الاعلى والذي يلقى الترحيب من ايران ولا يقف ضده اغلب عناوين المكون الشيعي وان لم يبد حماسا لتحققه وهذا يعود الى حجم حصته من كعكة الاقليم الشيعي هذا .
4- تعزيز طموح المكون الكردي بإقامة دولته المستقلة في ظل اجواء الشرذمة هذه ، وقد خاض معركة في سهل الموصل وسنجار بالتوازي مع معركة الفلوجة ، لقضم المزيد من الاراضي لضمها الى حكومة الاقليم الموعودة .

من خلال ما تقدم نرى ان الخاسر الكبير من صراع القوى الداخلية والخارجية في العراق لاتصب مطلقا في مصلحة الشعب العراقي ولا يسعى الى اقامة دولة المواطنة الحرة وضمان العيش الرغيد لشعب حر مرفه ، مما يتطلب من كل احرار العراق في العمل الجاد والمثابر والذي لا يقبل التأجيل من الوقوف ضد كل المخططات القذرة والخطيرة المستهدفة وجود وكيان ووحدة الشعب والوطن العراقي ، يجب قيام جبهة وطنية عراقية موحدة تحمل لواء الكفاح الحر من اجل ضمان حاضر ومستقبل الاجيال العراقية ، وتكون كل غربان الارهاب والفساد في شباك الشعب العراقي ألحر ووقف نزيف الدم ونزيف الثروة خدمة لأهداف قوى الاستغلال والفساد وأذنابهما تحت مختلف الذرائع ، تمزيق اقنعة الطائفية والعرقية التي تتستر ورائها مختلف القوى المتحاربة في العراق .مع اطيب امنياتنا لاحرار العراق من القوى المسلحة باكتساح مواقع الارهابين اينما حلوا وتطهير وطننا العزيز من شماله الى جنوبه من قوى الارهاب بمختلف توصيفاته.

39


بغداد بين الأمس  واليوم  في ذاكرة عاشـــق
((أنا  وبغداد ))
لأستاذ القانون  والاديب  والمناضل
((حكمت شبر))
بقلم :- حميد الحريزي
                   
        ((بغداد توأم روحي يامعذبة     متى  يعود اليك الصفو والألق)).
محطات تستحق التوقف .... ((انا وبغداد))   كتاب  جديد  صدر توا  للبرفسور  استاذ القانون  والاديب  والكاتب     ((حكمت شبر))  ،  صدر عن دار الزمان  مؤلف من 193 صفحة  ، صمم غلافه  المبدع    ((م. جمال الابطح ))

 


استاذنا القدير  ينشط  ذاكرته  التي  تراكمت  في مخزونها   ذكريات  اكثر من ثمانين  عاما ، عاشها   متنقلا  بين احضان  المدن والدول  شرقها وغربها ، عاش الحياة طولا وعرضا  مرتشفا  منها عذب  رحيق  زهورها   ،    متجرعا  بصبر واباء  علقمها  المر ، فان ولد  وفي فمه  ملعقة من ذهب  كاحد  ابناء  عائلة   نجفية ثرية  ، فقد سحره  جمال الحياة    وطيب  ونبل الانتصار للعدالة   باعتبارها جوهر ومعنى الجمال  وجوهر  ولب الحياة الحقيقة الصادقة ، فعاش متمردا  على كل مظاهر القبح ،  محطما قيود  العرف المتخلف  وقيود  التقليد الاعمى ، قفز على اسوار النجف  الحصينة  بقيمها المحافظة  ليجد حياته  ومتعته  وامانه  في احضان عروسة الشرق  والغرب    بغداد  ، بغدا د الحواري والجواري ، بغداد  التمرد  والحرية  والجمال  ، بغداد  الفن والادب والعلم ، بغداد  العنقاء التي   لاتعرف الموت  ولا الخنوع  رغم   سياط   وسيوف  ومدافع  وصواريخ انصار القبح  والقهر في الداخل والخارج ، بغدا د  التي هزأت  بهلاكو  ومن سبقه   وبالفرس  وجيوشهم   وبالترك  وغلمانهم  وباالانكليز  وبوارجهم    وبالامريكان  ومرتزقتهم ، ستظل عصية على  الموت  والاندثار ، قاومت  كوارث الاوبئه  والطاعون الاسود  والكوليرا  والمجاعات  المتوالية ،  ضحكت من غضب   طفلها المدلل  نهر دجلة وفيضاناته ، فبعد كل كارثة   تعود  صبية  ساحرة الجمال  باذخة الخيال ....
فتسحر الناس البسطاء قبل ان تفجر  خيال  الادباء والشعراء ، وتنشط ذهن الباحثين والعلماء في جولة  الذكريات هذه   تناول  الاستاذ  حكمت  :-
المكــــــــــــــــان :-
تحدث  الدكتور عن  مدينته  وموقع  ولادته وصباه  مدينة النجف واصفا   محلاتها  وشوارعها  التي  صممت  وبنيت   كحلقات  ملتفة حول  الصحن الحيدري  الشريف ،  ولتكون خير واقية  للسكان من  عواصف الصحراء في  هجير الصيف  وبرد الشتاء ......محلات  وشوارع غالبا ما تكون  مجللة بالسواد   في اغلب ايام السنة   وخصوصا في شهر عاشوراء وصفر ، مدينة اجادت مراسيم الموت  والحزن واللطم  والبكاء ، معرضة عن كل فنون الحياة   كالموسيقى والرقص  والغناء ، كل شيء فيها يمكن ان  يندثر ويشيخ الا مقابرها فهي متجددة الشباب ،  فاتحة ذراعيها للمزيد  من الموتى من   داخل العراق وخارجه ، اذرعها كاذرع الاخطبوط  تمتد  وتمتد  لتضم اليها المزيد  من  الصحراء  التي   لاتشبع  ولا تمل من التهام  الجثث، ناشرة قبورها  بشكل عشوائي  غير منتظم  من  حيث  الشكل ومن حيث  الانتشار ،  تراكب وتداخل  بعضها ببعض  فاصبحت  كغابة  متشابكة من  القبور  يصعب  اجتيازها  والمرور  بينها ، وكأن القائمين على مقبرة النجف   يرون ان  الصحراء  سوف  لاتسع   القبور  ان   اتت  على نسق  منظم  كماهي قبور  اغلب بلدان العالم  ومقابر الاديان  والاطياف غير   الشيعة  !!!!
يصف  الدكتور ر ليالي سطوح المنازل  في النجف  حيث  النسيم   المنعش  الوحيد  اما على سطح الدار  او في  غياهب   سراديب النجف  المعروفة  بسعتها   ولايكاد يخلو  بيت منها ، وكانها مدينة    ثانية مستترة تحت الارض ، كما   هو حال  سكانها  بين  ظاهر ومستتر ، فالشخصية النجفية  تعيش  ازدواجا  وانشطارا حادا  في الشخصية   نتيجة لهيمنة المحرمات   والمكبوتات ، مما يخالف الطبيعة البشرية   الساعية نحو التحرر والانطلاق وحب  متع الحياة ......
في حين   تبهره  العاصمة  بغداد   بجمالها وانفتاح  مبانيها   وسكانها ، حيث النوادي  والمراقص والحانات   ودور المسرح  والسينما ،   والنهر دجلة  العظيم   الجميل المبهر  في   لياليه  الرائعة   وشواطئه الساحرة ، وهل  هناك  اجمل  من  شواطي  ابي  نؤاس  وكازينوهاته  ومطاعم السمك المسكوف  وجلسات   الخمر والسمر ، وحضور   فتيات   سافرات كفلقة القمر .....
يصف  الحياة  بكل بهجتها  في ((جرداغه))  على ضفة دجلة  هو  وشلة الانس والطرب ، حيث ((البيرة)) والغناء  وحلو  الثمار   والرطب >>>
يسهب  في وصف جمال بغداد  ، بكرادتها  واعظميتها  ، برصافتها  وكرخها   جميلة فسيحة   تعمها الخضرة  وتنشر في جنباتها  الزهور  وعذب  شدو الطيور ..... في زمن الخمسينيات  من القرن العشرين ، في حين  يعتصر قلبه الما  لما   آل اليه حال بغداد  في  زمننا الحاضر ، فالبساتين جرفت ، والشوارع  اغلقت ، كتل  فوق  كتل  من  الجلاميد الكونكريتية ، معالم الخراب  والكراهية   والوحشة في كل مكان ، فلا دار سينما  ولا مسرح   ولا جرداغ   ولا حانة ولا مرقص ، بنادق  شاكة  واصوات   انفجارات  مهولة  ، انت  في كل مكان   وشارع  وزقاق  ودائرة  محل  شك  وموضع  تساؤل  فقد طبع الارهاب المدينة  بطابعه ... اه  يابغداد   واه  والف  اه  يار ض  السواد .....
 ذكريات  السياسة والنضال :-

من  يسترجع  زمن الاربعينيات  والخمسينيات   في  مدينة النجف  ، يجد ان  النخبة المثقفة من ابناء  النجف   بين ملتزم  تنظيميا   او صديق مقرب  من الاحزاب والحركات  اليسارية والثورية ، هكذا  كان حال   الاطباء  والمحامين  والمدرسين والمعلمين  والمهندسين ،  كخليل جميل ، ورضا عجينه  ،وعبد الامير السكافي  ،وسلام عادل ، وحسن عوينه ، وحسين سلطان  ، ورحيم عجينه  ،و محمد موسى التتنجي ،وحميد السكافي ، وجواد  عبد الحسين ...   ووووو  اخرين  نجوم زواهر واقمار لازالت  تزين سماء   العراق  والانسانية ، ناهيك عن الكسبة  وصغار الموظفين ، وكانك تقرء ردة الفعل  لشباب المدينة  على  العادات  والتقاليد المتزمتة  والمحرمات  المتكاثر  بالانشطار   مما اثقل الحال  على مزاج   ونفسية الشباب المثقف   والمتعلم   منهم   وعلى اصدقائهم  ومجايليهم  من الشرائح الاجتماعية  الاخرى ،  وبذلك   كان المجتمع النجفي مجتمع  التناقضات   حد  الانفجار  فبين مناضل مكافح   حد التضحية بالروح  من اجل الخير والرفاه  والتقدم  لابناء بلده  ومدينته   وبين  شاذ باحث  عن لذته  ومتعته  واشباع  رغباته  الشاذة  في  الخفاء والعلن  كنوع  من  التمرد اللاواعي  على الواقع    ، وبين  متملق  متكسب  ساعي  للحصول على الثروة والمال  والجاه  باي ثمن .....
كان  كاتبنا  الاستاذ حكمت من النوع  الاول  حيث  انسلاخه من طبقته  البرجوازية  لينتصر لقضايا  الفقراء والمعدمين من ايبناء وطنه   لا لكونه محروما  وبائسا  ولكن استجابة  لروحه  المحبة للعدل  والجمال والحرية  وقد  كان  متاثرا   بوالدته المناصرة له في تمرده وسلوكه طريق النضال  ومحبته  للعلم  اكثر مما  هو متاثرا بوالده   الذي كان مهتما  بعمله وتجارته  اكثر من اي شيء آخر ، كان  وجها  واسما بارزا  في الحركة الطلابية اليسارية  المناضلة  ممثلة   ب(( الاتحاد العام لطلبة العراق))  المقرب جدا  من الحزب الشيوعي العراقي  او هو احد روافده المهنية الديمقراطية  كاتحاد الشبيبة الديمقراطي  ورابطة المرأة العراقية  ....الخ
 هكذا كان  شعلة متاججة من النشاط  والحيوية النضالية  في كل  الحقوق  في بغداد    منذ  عام 1954 في بغداد ،  في مقارعة  الحكم  التابع لقوى الاستعمار  البريطاني  ومريديه ، حاضرا  او قائدا   لاغلب  التظاهرات والفعاليات المناهضةنللحكم الملكي  وللقيم   المتخلفة والقهرية للسلطة الحاكمة  وروافدها  وذيولها  من  الاقطاعيين  والعشائريين  ورجال   ((الدين)) الموالين   للسلطة  مما عرضه   للسجن  والمضايقة والملاحقة  من قبل   الاجهزة القمعية للسلطات  الحاكمة .. مساندا  قويا  لقضية الشعب الكردي  من اجل  تقرير مصيره  متمثلا بذلك  المنهج  الفكري  والموقف المبدئي  الماركسي  في مساندته  لقضايا الشعوب ورفض  التسلط والهيمنة للقوميات الكبرى على  القوميات الاصغر ...
وقد  كان   في غاية الموضوعية في  عرض  ونقد  تلك المسيرة  وعناوينها  السياسية من اشخاص  واحزاب وحركات    سواء اليسارية او القومية  او الديمقراطية الوطنية ، فلن يكون متعصب الانتماء  ولا مهادن  للاخطاء  مهما كان مصدرها ، وقد كان جريئا وصادقا مع ذاته  وفكره  وهو  ينتقد بموضوعية  مسيرة الحزب الشيوعي العراقي  خلال   الحقب  المختلفة  ولحين التاريخ  غير متخليا  عن منهجه  الماركسي  الفكري  ولا اسفا عما  قدمه   او قام به .....
كذلك لم يكن مهادنا  للدينصورات  الدينية والعشائرية والقومانية  ولقيمها البالية والمتعصبة  والمغامرة  رغم   ما يمثل  مثل هذه المواقف من مخاطر جسيمة على حياته  وعلى عائلته  .....
لم يغفل   كاتبنا   الحديث  ووصف العديد من الظواهر الاجتماعية  انذاك   مثل   ظاهرة  ((الشقاوات )) وخصوصا في   مدينة بغداد ...
كنت اتمنى ان  يغوص  الكاتب القدير في تشريح مختلف الشرائح الاجتماعية  وتعريفها   والحفر في  اسبابها ومسبباتها  ضمن  خضم الحراك الاجتماعي  في ظل تشكيلة اجتماعية اقتصادية  قائمة ، لكنه قد اكتفى في اغلب الحالات  بالتوصيف دون التعريف  وهو امر مهم جدا  ومن اهم  مهام  الكاتب والباحث  ناهيك  عن السياسي الملتزم  صاحب المنهج الفكري  العلمي  كالمنهج الماركسي ....
 لازال  حكمت شبر كما   اعرفه   الان  ،  وانا متاكد  ان  الكثير ممن يعرفونه   يتفقون معي في هذا التقييم  لنزاهة وصلابة  وقوة  وكفاحية وعلمية هذا الرجل ، راية خفاقة بين رايات  العلم  والعطاء  والنضال  من اجل  قيم  الحق  والعدل  ومقاومة القبح  والاستغلال  بكل  اشكالها  والوانها ..
 متعة الروح  وحب الجمال :-

قليل  هم  الناس اللذين   يتفهمون الحياة  على حقيقتها  والقادرين على  حفظ  توازناتها  في حياتهم  العامة والخاصة ، ففي الوقت الذي  يبذلون  الغالي  والنفيس  من اجل  ان تكون الحياة افضل واجمل  لكل بني البشر ،  ويستمتعون في لذة الكفاح  من اجل الحرية  والعدل والسلام ، كجزء من كيانهم  المعادي للقبح  والرذيلة  ونزعة الاستغلال   والتجبر عند  البشر  وخصوصا  الحكام
فانهم  لاينسون متعة الروح  في حب  النساء الجميلات   وحب  المتعة  والرفقة الحميمية مع   هذه المخلوقات  الفياضة بالسحر والانوثة والجمال  الروحي والجسدي   بعيدا  عن  الابتذال  والامتهان  بل  الاغتراف  من نبع الجمال والعشق  الصافي ..... فحين تقرء سيرة   حكمت  شبر تجده  شعلة متاججة من  الحب والعشق  والبحث  عن   العشيقة والصديقة   التي تشاركه  متنعة الروح والجسد ، فكانت له  انتصارات  واخفاقات  ،  متع  وحرمانات  ، تدل على غنى روحه   ومدى  تشبع  فكره  واحساسه   بقيم  الجمال  والحب ..... انه  يعشق الحياة  انه  يعشق النساء ، انه  يستمتع بكل عذابات الكفاح والنضال  من اجل  الحرية والمساواة ، انه   يتدفق حماسا  من اجل  العشرة  الجميلة مع  الانثى العاشقة بصدق  ليكمل  متعة الروح  بمتعة الجسد .....فقد كانت له  جولات وجولات    وكما اعتقد   انه  وجد   ضالته   في  رفيقة حياته  وشريكة عمره ((ام نوار))  فوجدها  حبيبة ورفيقة  وشريكة حياة   لاتضاهى ارضت تطلعاته  وطموحه  فلازال عاشقا  مفتونا بحبيبته  وهو في عمر الثمانين  هكذا   فهمت  وقرأة العديد من قصائده  واشعاره  وسردياته  وقد طرز  كتابه هذا بالعديد من القصائد الشعرية  الرائعة  وخصوصا  ماقاله في بغداد حبيبته الخالدة ....فالاستاذ حكمت  مبدع في السرد والشعر  كما  هو  فقيه  ومنظر  وباحث  في القانون  فله العديد من المؤلفات  في القانون  ، كما له عدد من دوواين  الشعر  العمودي    ، وله اكثر من رواية   عبارة  عن  سيرة ذاتية
فالف  تحية حب وتقدير  للانسان والعالم  والمناضل  البرفسور والاديب  الصديق   حكمت شبر متمنيا له   المزيد  من العطاء لاثراء  ذاكرتنا  من بحر  ذاكرته  الحافلة   بالحكمة  والتجربة الثرة  الممتعة  ....



40
أدب / حقائب الأمير
« في: 20:04 12/05/2016  »


حقائب الأمير


السلام  لارواح الشهداء  الابرياء ، والعار والخذلان  لعصابات  الارهاب وللحكام الفاسدين ..

حميد الحريزي

الندى
 يتوسد وريقات الورد                                                                                                                                                          يموت غريبا                                                                                             
حين
 تموت الرياحين      ((قول من خارج المنطقة الخضراء))
الحياة
تفقد
معناها
حين
يبكي الأطفال
************ 
تدثر بأحلامه
تناثرت
أقلامه
الملونة
على مساحة أمنيات
عامه الدراسي الأول
اقفل
عينيه
على حقيبته
الموعودة
فُتحَ
باب الفجرِ
ناوله
الأمير
حقيبة  تنز دما
تحمل رأس والده المجزور
حمل أقرانه
حقائبهم فرحين
حمل
 (( هو))
تابوت أبيه
*********** 
صارت
الحقائب توابيت
كل
الحقائب
حمالة
رأس أبيه
قرينه
يكتب سيارة
((هو))
يمسح زجاج  السيارات
في
ساحات الرعب،
والشذوذ
في
دارهم مصابيح
ملونة
داره
مطفئة  الأنوار
في
الحدائق
يلهو أطفال الحارة
باصطياد
الفراشات
يبيع
((هو))
علب السكائر
في
الملعب
يرمون الكرة
في الهدف
((هو)) يرمي
علب المشروبات الفارغة في الكيس
*****************
 ((الملثم)) يحلم بوجبة غذاء
مع الرسول
((هو))
يحلم
بقطعة لحم
في
براميل الفضلات
((هو))
 يكدح
((هو))
يتسول
يأوون
الى قصور فارهة
يفتش
((هو))
 عن
جحر يؤيه
((الملثم))
يجمع رؤوسا
ليصبح
أميراً
((هو))
يجمع علبا فارغة
ليأكل
خبزاً
*********
ما عاد
يراهم للمدرسة
يذهبون
لَوَّنَ
الدم
لوحات
دفاتر الرسم
حين
حطت فوق رؤوسهم
حِمَم
((المفخخات ))
تصاحبها صيحات
التكبير
جلبوا
حقائبهم
المحروقة
معبأة
بأشلاء معلميهم
وسبورات الدرس
وأنامل تمسك
أقلام ملونه
وسبابة
ممدودة
تستفهم
*******
((الهمر))
تقطع الطرقات
اليوم
نجمع
خراطيش الموت
وحقائب  تناثرت
أقلامها
فوق سياج المدرسة
حملت
العصافير
تشظيات الأزهار المحروقة
لتبني
أعشاش
موسم إخصاب
جديد
**************
أطفال بلادي:
دموعي
لا تكفي
آهاتي
لا تشفي
جراحاتكم المتوارثة
منذ  قرون
مما اذكر
وما تذكرون
قَدَرُنا الدمع
قَدَرُنا القمع
غزوات تتلو غزوات
غزوات الأرض
وغزوات السماء
قرون تلو قرون
أجدادكم
أجدادنا
وسيولا كبرى
سيول غرين و  ماء
سيولا  كبرى من دماء
وموجات وحشية
من  وباء
فهل
من دواء
فهل
من رجاء
في
زمن ((الطناطل))؟؟؟؟
*************** 
طلب
الحَمام
فأتته ((الاباشي))
والحِمّام
أراد
النور
فداهمه الظلام
اختلطت أشلاءهم
ومعاولهم
في
((المسطر))*
من منكم
يعرف
أباه؟؟
فتشوا جيوبهم
عن هداياكم
عن صور أمهاتكم
علكم
لآبائكم تهتدون
كل
الجيوب فارغة
تَعَرّفوهُم
بالشمِ
رائحة اللحم المشوي
ورائحة البارود
واحدة
في الحياة
والموت
رائحة  ابائكم واحدة
سيسعهم
تابوت  واحد
فلا تجهدوا بالبحث
اعدوا لهم قبرا
واحد.......
رأيتم
ألسنة اللهب
ولم تروا
ألوان
اللعب
لأجل هذا
نُصِبَ ((الملثم))
أميرا
للأمراء
عباءة
أمك مزقتها الذئاب
لغموا المآذن
لم يطرقوا
الا بواب
((الهمرات))
لم
تميز
بين الشارع
والرصيف
الكل
ممنوع
الكل مباح
إنها((الفوضى)) الخلاقة
هل
تعلم
صيروا
الرشاش قلم
العبوات
مدا فيء
((دعا بلك)) عبوات لاصقه
أهدوك
كل
ما لا تحلم
علموك
ما لا تعلم
((الأمراء)) لهم الجنات
أنت وأبيك
الى جهنم
أن تلبس
سروالا
لابد ان تنزع
أمك
سروال
((اليانكي)) يقول:-
لكل
شيء ثمن
تبيع
لحمها
لتأكلك
لحما
هذا
قانون
بيع وشراء
الربح
ثم الربح
ثم الربح
كل مفردات
المعجم
هل تفـــــــــــــــهم؟؟؟؟؟
رأسك
مطأطأ
ظهرك محني
نقب
في الأزبال
لا تسأل
عن معنى الأحتلال
احذر
ان تصاب
بأحلام ((ناظم))*
وتسأل عن
 النجوم

************* 
أطفال
بلدي
إياكم
ان تصدقون
بوعود الحكام
بدعاة ((السلام))
بمن فَصَّلَ
الحلال
والحرام
 جل ما أخشاه
 إنكم بوعودهم ودموعي
تغرقون
أحرقت دفاتركم
 أكلت الكلاب السائبة
((لفات)) أعدتها
أمهاتكم:-
قبلة على الخد،  وخذها
ولدي أخشى
ان تجوع
تقيأَت
حقائبكم ((لفات)) وحروف
ولوَنَ الدمُ
لوحات المَرسمِ
هيا بنا
نطوف
نصيح في الساحات
ندخل كل
الصفوف
لمن
هذه
الكفوف
نسال عمن
لم يكتب
الدار والدور
نسال
عمن
احرقوا
في كفيه الزهور
نسال عمن
كان
كل صبح
يطعم الطيور
نسال عمن
أضاع
كفيه في الطريق
نسال
عمن
أضاع وجبة الفطور
عمن
كتب المعلم
اسمه في الغياب
نسأل
عمن
سقط من الحساب
***************
كيف
لك ولدي
ان تقرا
((باسم ربك الأكرم))
احرقوا القلم وقالوا:-
((اقرأ باسم ربك (( الملثم )) الذي يعلم ((بالألم))
علم الطفل مالا يفهم))
آه لو تعلم
ولاشك انك تعلم
ان ((الإله الملثم))
بدماء أبيك
تيمم
يا طفلي
ممنوع عليك
ان تحلم
ممنوع عليك
ان تفهم
ممنوع عليك
ان تتعلم
هل تفهم؟؟؟
*****************
 لم
أنسك ولدي ((محمد))*
فلدينا
ألف((محمد)) و((محمد))
في الشرق
في
الغرب
طريق موت
الأطفال
معبد
((محمدنا))
مات بلا أب
((محمدنا))
 قتل
قبل ان يولد
((محمدنا))
جزره
مُصلوتٍ
مُكَبر
((محمدنا))
قتله مستكبر
((محمدنا))
قتله
محرر
((محمدنا))
يحبو
وسط الطاعون الأسود
((محمدنا))
بدمه
يتيمّمُ
قاتله
في المعبد
فمن نبكي
محنة
من
نحكي
أي
((محمد))؟؟؟؟
****************
يا أخ ((محمد))
كي تسلم:-
عليك
ان تعبر كل بحور الهم
بحر الجوع
بحر المرض
بحر الجهل
بحر الأوحال
وبحر
الدم
كي تسلم
كم بحراً  للآن عبرت
يا ولدي
هل
تعلم؟؟؟

*((أن أجمل ما سمعته من أصوات
سؤال طفل عن النجوم))
 ناظم حكمت
* ((محمد الدره)) الطفل الفلسطيني الذي قتل برصاص الصهاينة وهو في حضن أبيه.






41
المنبر الحر / عراك اللصـوص
« في: 19:58 12/05/2016  »
عراك اللصــــــــــــــــــــــــوص


.........

كثيرا ما يختلف السراق فيما بينهم ويعلو صراخهم ويصل خصامهم حد الاقتتال ولكن من اجل اي شسء يتخاصمون ، هل من اجل اصلاح سيرهم والتحالف من اجل الكف عن السرقة وترك طريق اللصوصية ..؟؟؟؟
طبعا لا انما يختلفون من اجل اعادة توزيع السرقات وابتكار اساليب جديدة للسطو والسرقة ، وابتداع طرق واساليب غير مطروقة سابقة من اجل تضليل واصطياد وايهام الضحية .....
الشاهد من قولي هذا :-
ان الطبقة السياسية الحاكمة في العراق وباعترافها هي بانها زمرة من السراق والحرامية ، فان اختلفوا او تخاصموا فمن اجل المزيد من السرقة والدجل والحرمنة وليس من اجل صالح ومنفعة الشعب وسلوك الطريق القويم بل يسعون  جادين  لغرض محاكمته ، باعتباره  سارقا ومنتهكا   للحرمات ، ولم يدخل  الدار من  بابها  .......
هذا بالضبط  ما يطالب  به ((نواب الشعب)) العراقي ،  كردة فعل   لدخول   ابناء الشعب  الى   البرلمان  والمفترض ان  يكون البرلمان  بيت الشعب وهم  ضيوف  الشعب  وممثليه ان اراد  ابقاهم  وان اراد   اخرجهم  منها..
والطامة الكبرى  انهم  يتهمون صاحب الدار بانتهاك  حرمة داره  التي اسكنهم  هو فيها ، والانكى من ذلك انهم  يتهمونه  بسرقة  وتحطيم   اثاث  الدار  ، ويريدون   ان يحاكموه  لانه   تجرأ على  ((قنفة  السيادة)) ، متباكين على انتهاك حرماتها ،وكأن الموصل والانبار  وغيرها  من   قرى  وبلدات  العراق ليست  تحت   سيف  الطاعون الداعشي الاسود  ؟؟؟!!!!!
..... فافهوا واسمعوا وعوا يا اولي الالباب  فلا يغرنكم خصامهم  وعراكهم  داخل  بيت الشعب المغتصب او خارجه  ، انما هم يتبادلون الادوار ، يمثلون الاختلاف على كل شيء  الا مكاسبهم ورواتبهم ومناصبهم   فهي  محل اتفاق  وخطا احمر لايمكن  تجاوزه
 
حميد الحريزي


42
أضـواء على ((براعم ربيــع بغداد)) – ج٢

حميد الحريزي
 

وهنا يتبادر السؤال التالي:-
ما هو وصف البديل المفترض او البديل الحداثي في بلداننا ؟؟؟

ان القطع القهري لنمو وتطور البرجوازية المنتجة في العالم العربي واغلب بلدان العالم ((الثالث))ومنها العراق طبعا والذي تكاتف على إدامته عامل محلي مجسدا في ا:-
الإمبراطورية الإسلامية ، كونها دولة تعتمد الخراج في تصريف شؤون الحكم وليس على إيرادات دافعي الضرائب من ذوي المهن والمصالح في الزراعة والصناعة والتجارة، أي إنها دولة ريعية… وبذلك لم تكن تهتم بنمو وتطور الإنتاج الصناعي والزراعي ،أدى الى تهميش وضعف أفكار وأراء وتصورات الطبقة المنتجة في المجتمع على القوى صاحبة القرار في هرم السلطة السياسية المرتدية لرداء الدين في نفس الوقت…
يقرؤنا التاريخ بوضوح كامل ما آلت إليه حركة المعتزلة وأخوان الصفا وكيف حوربت ووأدت لأنها أحكمت العقل وأجلسته على العرش المفترض لإدارة شؤون الحياة، مما اوجد حالة تناقض حاد مع طبيعة هرم السلطة الوراثي ألسلالي المبني على المقدس المتوارث وليس على خيارات العقل والاختيار، أي ان إرهاصات نمو ونفوذ برجوازية منتجة خنقت في المهد سواء بقوة المقدس او بقوة السيف….
كذلك يرينا التاريخ حالة الفشل والانكسار الذي كان مصير الحركات والثورات التي قامت به الطبقات الاجتماعية المهشمة الأوسع- مثل حركة القرامطة وحركة الزنج والبابكية وغيرها.. لأنها لم تكن تعبر عن حالة وعي ذاتي لهذه الشرائح والطبقات لكونها شرائح مختلفة الأطياف والمستويات ، لم تستطع ان تنتج نظريتها المعرفية الثورية لتكون القوة الموجهة والهادية لها بل اعتمدت نفس أفكار وأسانيد وأطروحات مضطهديها وكأنها حركة تسعى لاستبدال عمامة سوداء بأخرى بيضاء او حمراء، لا تسعى الى استئصال روح الاستبداد والاستعباد والتسلط وإنما تبادل المواقع، أي تحويل العبيد الى سادة والسادة الى عبيد عبر الاستيلاء على كرسي الحكم ، لم تكن تدرك الأساس الاقتصادي لأسباب الاستبداد والاستعباد وبالتالي العمل على اجتثاث الأسباب والمسببات… لإيجاد حالة من التوازن في الحكم وتقسيم الثروة.. مما أدى الى فشلها بعد حين سواء طال او قصر ومهما كان حجم الأذى الذي ألحقته في هيكل الطبقات الحاكمة التي تستولي على كراسي الحكم ضمن أسرها حصريا،وهذا دليل فشل وخيبة ثورة الزنج بقيادة سبارتاكوس وثورة الزنج في العراق وانتفاضات الفلاحين في القرون الوسطى ومن ضمنها فشل ((ثورة 1920)) في العراق في بداية القرن العشرين.
أي إنها تفتقر الى التعريف العلمي للثورة في الممارسات الثورية – لكي لا يقترن هذا المفهوم بالعنف او الانقلابات كما هو متداول – وما هي متطلباته وما هي أدواته وكيف يمكن انجاز هذه الثورة ، اثبت تاريخ الثورات والسيطرة على كرسي الحكم عبر العنف او المؤامرة الانقلابية، فشله في اغلب أنحاء العالم فمنه من احتضر ومنه من يعاني ومنه من يحاول ان يجد سبلا جديدة للحياة.
في العقد الأول من الخمسينات من القرن الماضي حدثت في العالم العربي العديد من ((الثورات)) الانقلابات العسكرية ، منها ((ثورة))23 يوليو في مصر ((وثورة 14)) تموز في العراق ضد ما أسموه بالحكومات الرجعية والعميلة لم تستكمل عملية التحرر الوطني الديمقراطي، كانت هذه الثورات تحمل الصبغة الاشتراكية او ما سمي بالديمقراطية الشعبية في الحكم مستندة على الشرعية الثورية .. باعتبارها مرحلة انتقالية نحو الشرعية الدستورية ، هذه الديمقراطية التي لم تتيج للمواطن العربي ممارستها وان مارستها فهي شكل مخفف في ممارسات الشرعية الثورية.. هذا الحال نابع من كون الطبقة التي هيمنة على كرسي الحكم بعد الانقلابات ((الثورات)) ، هم خليط من بقايا الاقطاع والبرجوازية الطفيلية والتجارية ، الطبقة المتوسطة المشوهة المصنعة حكوميا وليست وليدة حراك طبيعي، غلب عليها ،هم الاحتفاظ بالكرسي على هم الاحتفاظ برضي الشعب الذي ساندهم وقدم التضحيات من اجلهم ، فهذه الطبقة كما وصفنا ذلك في تجربة العراق ، ظلت حبيسة طبيعيتها المترددة المتذبذبة فهي لا تستطيع ان تمضي قدما في طريق الثورة ونقل السلطة للشعب ، وقد رفعت شعار لا شرقية ولا غربية ، وهي فاقدة القدرة على اجتر اح طريق ثالث للتطور ، مما احدث شرخا في العلاقة بينهما وبين جماهيرها التي بدأت تتململ ومن ثم تحاول الانتفاض وإدارة ظهر المجن لهذه الحكومات، ما دفع هذه الحكومات الى اعتماد العنف ((الثوري)) لقمعها وإعادتها الى ((رشدها )) كما تدعي ، كما أن هذا التردد وفقدان المنهج الفكري لقيادة الدولة واختلاف المصالح داخل هذه الطبقة أدى الى حدوث تصفيات دموية عنيفة بين رفاق الدرب وقادة الثورة، هذا الحال ادخل النسيج الاجتماعي فايروس العنف الطائفي والعرقي والعشائري، بالإضافة الى استشراء حالة المحسوبية والمنسوبية، والرشوة والفساد المالي والإداري، توقف او على الأقل تهالك وتردي عملية الإنتاج المادي والثقافي، تعيد الحياة والنشاط لقيم المجتمع الأهلي الما قبل حداثي ، زحف الريف على المدينة ، والخرافة والهرطقة على العلم والمعرفة.. أي جرت عملية تجريف للقيم والأعراف ((الكونفورميا)) الايجابية ، عملية هدم القيم أكثر خطورة من هدم الأبنية والمصانع والعمارات ، فان توفرت إمكانية ترميم وإعادة بناء المنشآت فمن الصعوبة بمكان إعادة ترميم وبناء القيم المفقودة والمجرفة، كما إنها تعتبر المعيق الأكبر لعملية البناء الحضاري والثقافي في البلد المعين.
القصد ان مشاريع الإصلاح وبناء دولة المؤسسات آلت الى نشوء وتسلط أنظمة ديكتاتورية تسلطية فاشية، كممت الأفواه ، كبلت الأيدي ونصبت نفسها قيمة على الأفكار والسلوكيات ، هيئت كل الظروف والوسائل لتصنيع القائد الملهم والقائد الضرورة، المخلص محبوب الشعب ، فحل الفحول وجامع العقول….(عبد الناصر)،(حافظ الأسد)،(صدام حسين)،( معمر القذافي)، (زين العابدين بن علي)،(محمد زياد بري)،(علي عبدالله صالح) ((السيد القائد)) ناهيك عن الملوك والأمراء والسلاطين خلفاء الله على الأرض. وهنا يجب ان لا ننسى الدور السلبي الذي لعبته الجماهير او الكتل البشرية غير الواعية في إنتاج ودعم مثل هذه الديكتاتوريات وإسنادها وحين يتحدث فاضل الربيعي عن دور الجماهير في الثورة الإيرانية يقول :-
(( كيف ان القسم الأعظم من هذه الجماهير كان في الواقع مغرقا في الرجعية، وقد أعاد إنتاج الاستبداد من خلال اندماجه في مؤسسات السلطة القمعية الجديدة التي يهيمن عليها رجال الدين، وبالفعل فقد تحول الجزء الأعظم من هذه الكتلة الهلامية، أي، الجماهير، الى مصدر جديد من مصادر تهديد فكرة الديمقراطية والتحديث في المجتمع، هذه المرة لم يعد القادة الدينيين والتقليديين وحدهم مصدر التهديد؛بل أصبحت هناك كتلة كبيرة من الجماهير تعيش في قلب مهمتها التاريخية والوحيدة تأسيس الاستبداد باسم حماية الثورة)) 6ص 177 فاضل الربيعي
وهنا لم يكن ((المخلص)) الخارجي بعيدا عن هذا الواقع الاستبدادي ، لا بل كان احد صناعه مع ((المخلص)) الداخلي من اجل إعطاءه المبررات الكافية للتدخل المباشر العسكري ،وغير العسكري في شؤون هذه البلدان ، هذا ما حصل في العراق وما يحصل الآن في ليبيا وفي سوريا وفي اليمن……
ان رغبة التغيير يتبناها طرفين طرف يعمل من اجل بناء مستقبل ديمقراطي مساواتي متنور ، وطرف آخر يسعى الى استعادة ماض مفقود كما يذكر ذلك سمير أمين وهو يرى أهمية وجود طوباوية تدفع الجماهير على مواصلة الكفاح وتمده بالعزم للسير قدما لتحقيق أهدافه ولكنه يرى ان في هذا النضال ضد الواقع الرأسمالي المرير طريقان يختلف احدهما عن الآخر اختلافا جذريا حيث يرى محقا ان :-
(( هناك من يرفض الواقع الرأسمالي من زاوية مستقبلية فيريد ان يتجاوزها، وهناك من يرفضها(كليا او جزئيا) من زاوية ماضوية يريد ان يرجع بالمجتمع الى نموذج عصور سابقة..، ولن اخفي إنني اعتبر ان الأسلوب الأول يمثل طوباوية بالمعنى الايجابي للمفهوم، بينما الأسلوب الثاني يمثل طوباوية بمعناها السلبي))7 ص297
مما جعل الناس تنظر بحنين بالغ الى العهود السابقة ((الرجعية)) وتوجه الأنظار الى مخلص خارجي بعد ان فشلت كل محاولات التغيير الداخلي، هذا الفشل الذي لم يكن المخلص في أفغانستان والعراق وتونس ومصر وسوريا وليبيا وغيرهم على الطريق… لتدخل هذه الشعوب دائرة الأزمات المستدامة ،حيث يجد المخلص الخارجي ((أمريكا)) صعوبة بالغة في تصنيع طبقة سياسية موالية لها تحكم البلاد بأساليب ((عصرية )) قادرة على ارتداء ثوب الديمقراطية لستر عورتها وعجزها وتخلفها لأنها من مكونات مجتمع أهلي (طائفة وعشيرة وعرق) بسبب عدم وجود او ضعف وهزالة الطبقة البرجوازية الوطنية المنتجة وبالتالي الطبقة العاملة وحلفائها باعتبارها المتبني الموضوعي والشرعي للديمقراطية كما أوضحنا / مما جعلها تدخل في حلقة جهنمية من الفوضى ((الخلاقة)) والحروب الداخلية، وديمومة أزمة هيمنتها الطبقية وهذا الحال لا يخدم سوى قوى الرأسمال الخارجي ((المخلص)) والقوى العرقية والطائفية والعشائرية ((القطوازية المخلص الداخلي))… وكما يرى سمير أمين ان قوى الرأسمال:-
(( ينظر بوقاحة الى ان تحل “نظم إسلامية” محل النظم الحاكمة حاليا إذا لزم الامر ، إذ ان هذه النظم ((الإسلامية)) المزعومة لن تمثل خطرا الا على شعوبها… ان خطاب الحركة الإسلامية المتطرفة ( والتطرف يزداد كلما قلت الانجازات الحقيقية) يعطي فرصة للاستعمار للمبادرة في عمليات عسكرية تدميرية شاملة (بما فيها محو الحياة في أقطار او مناطق بكاملها) إذا رأى ان ذلك “مفيدا”))8 ص285
وهذا طبعا ناتج كما سبق وان ذكرنا ، عن تغول وهيمنة البرجوازية الطفيلية المستهلكة المتخادمة مع الرأسمال الخارجي التي يقول عنها سمير امين في مصر وكذا مثيلاتها في بقية البلدان العربية ومنها العراق بعد الاحتلال في 2003 خصوصا:-
((البورجوازية فى مصر تابعة واستفادت فعلاً من الاندماج فى العولمة كما هى أي عولمة تابعة للولايات المتحدة والاستعمار المهيمن. وبالتالى هذه القوى رجعية على طول الخط ))
تسعى لخنق البرجوازية الوطنية المنتجة وبالتالي قتل الحامل الموضوعي للديمقراطية واللبرالية الا وهي البرجوازية الوطنية والطبقة الوسطى والطبقة العاملة وكل شغيلة اليد والفكر….. فبدا العمل من اجل دولة ديمقراطية حديثة بقيادة ((القطوازية)) كمن يريد ان يطلق صاروخا الى الفضاء الخارجي محمولا على ظهر حمار هزيل!!!!!!!!
نلاحظ ان أمريكا الرأسمال والاستغلال اتخذت قرارا ضمن خطة استراتيجة محسوبة يضمن هيمنتها على بلدان البترول وطرق التجارة ، ومضايق البحار ففي الوقت الذي أنهت دول الاستعمار التقليدي نفوذها وتواجدها العسكري المباشر، وخصوصا بريطانيا وفرنسا ونقل الهيمنة للولايات المتحدة الأمريكية، ساندت الأخيرة ودعمت الأنظمة الموالية لها بغض النظر عن طبيعة حكمها وظلمها وتسلطها على شعوبها، خصوصا أيام الحرب الباردة وقبل انهيار المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي كي لا تقع هذه البلدان تحت الهيمنة الشيوعية كما تدعي ، فصنعت منظمات وأحزاب وتكتلات بمختلف المواصفات وتحت مختلف الشعارات –اشتراكية قومية ،دينية لمقاومة المد الشيوعي، ولكن بعد انتهاء الحرب الباردة أخذت الولايات المتحدة تصاب بالقلق من عدم نجاح وعدم قدرة هذه القوى الحاكمة من الاحتفاظ بالسلطة والولاء للولايات المتحدة خصوصا في بلدان الطاقة والموقع الاستراتيجي ربما تذهب السلطة الى القوى الإسلامية المتطرفة او الى العدو الأخطر الذي بدت تدب فيه الروح والتوازن القوى اليسارية بمختلف أطيافها،هذا مما أدى بها الى تشجيع او غض النظر عن تنامي قوة المعارضة الجماهيرية العربية التي نزلت الى الشارع لللاطاحة بعروش الطغاة، ولكنها أخذت تعد الخطط وترسم السيناريوهات كي لا تفلت سيطرت مؤيديها ان لم نقل عملاءها على السلطة المقبلة برداء ديمقراطي براق ، فاخذت تثار المشاكل العرقية والطائفية والعشائرية بوجه ((الثورات))، هذه الانتفاضات التي بدأت سلمية سرعان ما تحولت في بعض البلدان – حسب تعاملها مع طبيعة القوى المنتفضة ونسبة راديكاليتها وقربها وبعدها من المعسكر الرأسمالي – تحول النزاع الى نزاع مسلح سينهك الطرفين ويسلم قياده في نهاية الامر للعقل الكوني المدبر ((المحرر)) الرأسمال الأمريكي وحلفاءه ؛ فرنسا وبريطانيا
وإسرائيل وتركيا، وهذا ما نلحظه في ليبيا وسوريا بشكل جلي واضح، مسنودا من قبل شركات واحتكارات إعلامية عملاقة في كل العالم ومنه العالم العربي حيث الجزيرة والعربية وقنوات وفضائيات اخرى….وقد كان المفكر الكبير سمير امين على ق تماما حين يقول :-
((ويدخل ضمن هذه اللعبة الخبيثة استخدام الإرهاب والقاعدة لإبقاء الأوضاع على ما هى عليه. باسم “محاربة الإرهاب” ومنع الانتفاضات والحركات الشعبية من إنجاز تغييرات محسوسة بتحويل الرأي العام إلى قضايا أخرى. ولعله سوف نعلم بعد خمسين عاما أن أسامة بن لادن كان مقيمًا فى الولايات المتحدة وأنهم يخرجوه من وقت إلى آخر وفى اللحظة المناسبة لإلقاء البيانات التي تعطيها تبريرا للتدخل العسكري هنا أو هناك! لا ينفى ذلك سير بعض الناس المُضللين وراء هذه الشخصيات او الحركات وهو أمر طبيعي فى الحركات من هذا النوع. لكن القيادة فى الطرفين، الولايات المتحدة من جانب، والحركات السلفية المتجمدة من الجانب الآخر، واعية تماما بما تفعل))
الم يحصل هذا السيناريو في العراق ما بعد الاحتلال ، فالولايات المتحدة الأمريكية ربما تميزت بميزة ربما لم تكن لأي من الدول الاستعمارية في العالم من قبل،حيث جلبت معها با لاضافة الى العدد والمعدات ومؤازريها ، كذلك جلبت -القاعدة وما شاكلها من منظمات القتل والسلب والنهب -معارضتها المسلحة المصنعة على مقاسها والمبرمج عقلها حسبما تريد وترغب ، من اجل خطف خيار الشعوب للمقاومة الحقيقة بعد أن لوثت هذه الصنيعة القذرة سمعة المقاومة ، فقد وضع المحتل الخيط الابيض والأسود في غرفة حالكة الظلام مقفلة الأبواب …. فتعذر الحكم والتمييز!!!
 
نصب ثورة العشرين في مدينة النجف ،هدم في (2010)لغرض انشاء مجسر بمحله!!!
لحين التاريخ نفتخر بما بذله أجدادنا وآبائنا في الكفاح والثورة- ثورة 1920 – ضد الاستعمار الانكليزي، ولكننا ننظر بعين الريبة والشك وحتى الرفض والعداء لمن يدعي المقاومة للاحتلال في الوقت الحاضر، هذا المستعمر الذي رفض ان يسمي نفسه محررا بل محتلا، ووفر لنا مبررات المقاومة، وهو حق لكل شعب يتعرض للاحتلال، ان هذا حدث لان المقاومة الاولى انبثقت من رحم الشعب العراقي بمختلف قواه وأطيافه، فلم يشهد تاريخ هذه المقاومة للاستعمار الانكليزي ،قتل الأبرياء وتفجير الساحات واختطاف او اغتصاب النساء وووو مما يحدث ألان من قبل ((المقاومة)) المصنعة المجلوبة على ظهورالدولارات الامريكية والريالات الخليجية .
لذلك يتوجب عدم الانجرار الى العواطف والانجرار وراء الإعلام المظلل والانخداع بالدور التحرري للولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها، وهذا لا يعني أيضا الخضوع والخنوع للحكومات الاستبدادية الديكتاتورية المتسلطة بل نتمسك بشعار واضح ((لا احتلال ولا ديكتاتورية))، الرفض المطلق للتدخل العسكري والمخابراتي لأمريكا وحلفائها لنقع في المحظور كما هو الحال في العراق وأفغانستان ، لا يمكن ان نهرب من شرور الكلب الهائج لنحتمي بعرين الذئب المسعور…………………. في حديثه عن مستقبل الثورة في مصر يقول سمير أمين:-
((أعتقد وربما أكون متفائلاً في ذلك أن هناك نوعًا من التعاطف التلقائي بين الشبان ومجموعات اليسار لأن هؤلاء الشباب يساريون في نهاية الأمر بإيمانهم بالديمقراطية الصحيحة وعداءهم للاستعمار وتوجههم الاجتماعي إن لم يكن الاشتراكي. ولذلك أرى أن التفاهم بين اليسار الراديكالي والأغلبية الكبرى من الشباب يمثل جوهر وأساس مستقبل الثورة لأن المستقبل بيد هؤلاء الشباب.))11 الحوار.
وواضح هنا ان سمير أمين يعول كثيرا على قدرة اليسار الجديد في كسب ود الشباب الثائر والذي بحكم تطلعه للحرية والعدل الاجتماعي فهو يساري النزعة والتوجه…
نعم ثورة مصر في خطر والثورة في تونس في خطر أما ليبيا فهي قد دخلت في مأزق خطير ثمنه حريتها واستقلالها ودمار اقتصادها، وقد تنحى سوريا نفس المنحى الليبي ان لم تفلح القوى اليسارية والديمقراطية قي تحقيق تغيرات جوهرية في بنية النظام من خلال مؤتمراتها الحوارية الحالية وبذلك تقطع الطريق على القوى المتطرفة او حاملة الأجندات الخارجية ، و إجبار النظام لإعطاء التنازلات وتامين طريق سلمي للانتقال للديمقراطية،وربما لبنان ووووو انه عالم متشظي قابل لكل الاحتمالات..
وهاهي الحال الماساوية ماثلة للعيان في العراق ، حيث استاثرت الطبقة الحاكمة بالثروات والمناصب ، واستهترت بكل المباديء الوطنية والانسانية وحتى بما اسمته بالدستور المكتوب من قبلها …..الان ثار البركان الذي وقد لايحمل سوى نيران الحرائق ودفن معالم الحضارة ، وليس بالضرورة يخلف سهلا خصبا مورقا بالخضرة والثمار النافعة ـ بسب قيادته من قبل شركاء الطبقة السياسية الحاكمة نفسها ، وهلامية الكتلة الجماهيرية المساندة وتقديسها للشخص ، وتبادلها الولاء بين لون وشكل العمائم واحدة باخرى !!!!
هل نستكين و ننتظر التبدلات والتحولات في العالم الأول((المخلص الخارجي))؟؟؟
وفق ما سبق عرضه سيكون الاستنتاج المنطقي ان لاحل لأزماتنا دون ان تحل أزمة مخلصنا الخارجي ((العالم الرأسمالي)) المتطور وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، وهذا الامر يبدو ليس قريبا في الوقت الحاضر… فهل يعني هذا ان تستسلم شعوبنا لقدرها وتنتظر الفرج من خلال رحيل سلطة الاستغلال والاحتلال من العالم الأول ، وهذا التغيير الذي لا يأتي عن طريق صحوة الضمير المفاجأة لطبقته السائدة النهمة للمال والسيطرة والاستغلال ،وإنما يفترض ان يكون هناك حراكا جماهير للأغلبية المسلعة والمخدرة والمخدوعة في العالم الرأسمالي حين تمتطي صهوة شوارعها وميادينها وتنادي برحيل هيمنة الطبقات الاستغلالية من على كراسي الحكم والسيطرة وذلك عن طريق التغيير الجذري للخيارات في الأوراق الانتخابية، فالانتخابات أصبحت الطريق الأوحد والأسلم للوصول للسلطة والحكم ، هل سيأتي الفرج حين تتم عملية عزل الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري كنخبة الطبقات الرأسمالية والاحتكارات في الولايات المتحدة الأمريكية وصعود رموز وأحزاب جماهيرية جديدة تمثل الطبقة الوسطى وطبقة شغيلة اليد والفكر متضامنة مع القوى العقلانية المتنورة الرافضة للاستغلال الرأسمالي ولما تنتجه الرأسمالية الفجة من دمار وخراب للطبيعة والبيئة والثقافة ، مما يهدد العالم بالدمار الشامل لسكان الأرض عموما.. فتنتصر للشعوب المتخلفة والمقهورة، تمد لها يد العون التكنولوجي والمالي وتنتشلها من مستنقع الاستهلاك المدمر الى عالم الإنتاج المثمر..
هل ننتظر ان تكون الأمم المتحدة برلمانا عالميا للشعوب وليس للحكومات وخصوصا صاحبة (الفيتو)) لتتحول الى قوة فاعلة لتشريع القوانين بما يخدم سلام البشر ورفاههم وأمانهم دون تمييز على أساس الدولار والعرق او القومية والطائفة والجنس.
وهذا لا يكون الا ان تكون البرلمانات الوطنية والإقليمية والقارية تعبر تعبيرا حقيقيا عن إرادة الشعوب والطبقات الأكبر وليس بنخبة تحرص على تمثيل أقلية أصحاب الثروة والنفوذ ورعاية مصالح أصحاب رؤوس الأموال….كما هو الحال في العراق اليوم
تبدو هذه الآمال والطموحات غاية في الصعوبة او إنها أحلام طوباوية في ظل الواقع العالمي الحاضر بقيادة القطب الواحد هذا الذي يحول دون بناء مجتمع إنساني متكامل متضامن متصالح ، ولكنه في نفس الوقت هو احد عوامل تسريع تفجر الأزمات التي تعصف بالعالم ويطالب بإيجاد الحلول والبدائل.. ان العالم الآن يدور ويمور في أزماته الاقتصادية والمالية واشكالياته وكوارثه البيئية والطبيعية ،وهو يفتش عن بديل يجنب العالم الخراب والانهيار التام….
ان حل هذه الأزمة في بلداننا يتطلب وجود حركة وطنية سياسية تعي لاوعيها المتضمن مفاهيم وسلوكيات التخلف، بسبب موضوعه المتخلف ، فتطرد أشباحه وإيحاءاته الما قبل حداثية، فتعمل على تبني الأساليب والآليات الديمقراطية الواعية في الحكم وتملك القرار المتبنى من قبل الأغلبية الشعبية في تفعيل حالة القطع مع المهيمن الرأسمالي الاحتكاري ((المخلص الخارجي)) في الوقت الذي تقوم بالرعاية والعناية والدعم للطبقة البرجوازية المنتجة وتخليص قوة العمل من حالة الشرذمة والتفتت لتكون طبقة منتجة، وبذلك تعمل على خلق مجتمع منتج وليس مستهلك مستفيدة الى أقصى حد من العقلانية والتدبر الاقتصادي الرشيد من موارد البلد المالية وخصوصا الثروة النفطية الوطنية الكبيرة، لتسد بذلك احد عوامل التقدم الصناعي الا وهو توفر المال الذي باستثماره عبر توظيف قوة العمل الماهرة والمتيسرة الى رأسمال منتج، وهنا لا نغفل الاستفادة من الدعم الغير مشروط من قبل الدول الصناعية المتطورة في النهوض بالواقع الصناعي والزراعي والخدمي والثقافي وخصوصا الدول التي لا تتطلع لاستعمار الشعوب مثل الصين والهند واليابان واغلب بلدان أوربا الشرقية والغربية، خصوصا وان هذه البلدان هي بأمس الحاجة الى البترول ، وهي تمر الآن بأزمة اقتصادية خانقة يمكن ان تحصل بلداننا وخصوصا العراق على أفضل الخدمات والخبرات والتكنولوجيا المتطورة بأنسب الأسعار وبأيسر الشروط للإعادة وتجديد بناه التحتية……. وكما ذكر سمير أمين :-
(( لن يخرج الوطن العربي من هذا المأزق المقبض الا إذا تكون قطب ثالث قوي، موجود فعلا في الساحة، مستقل عن قطب الحكم وعن قطب المعارضة ((الإسلام السياسي)) .فإعادة تكوين اليسار بهذا الشكل أحياء مجتمع مدني صحيح يمثل ركنا أساسيا في عودة الوطن العربي الى مسرح التاريخ واستعادته طابع الفاعل على المسرح))
هذا الامر يتطلب وعيا شعبيا جمعيا وطنيا داعما ومساندا ومتفهما لتوجهات الطبقة السياسية الحاكمة، وقبل ذلك مالك الإرادة والقوة في إيصال هذه الطبقة ((التكنوقراط الوطني)) لسدة الحكم عبر صناديق الاقتراع وعدم التفريط فيها لصالح القوى الطفيلية واللا وطنية المتخلفة، وهذا بدوره يتطلب في جزء كبير منه ان تكون هذه ألطبقة بمستوى مسؤوليتها وتمتلك القدرة على الإقناع عبر البرامج الواضحة التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن، تمتلك عقلا سياسيا مقتدرا ومتمكنا من اتخاذ القرارات والخطط الناجحة والفاعلة المتبناة من قبل قاعدتها الشعبية العريضة ، المستفيدة الاولى من التحولات والإجراءات السياسية والاقتصادية والثقافية في البلد المعني…. وان تأخذ زمام المبادرة من تيار الدين السياسي الذي لا يملك خططا وبرامج علمية وعملية لانجاز عملية بناء دولة الحداثة والمؤسسات الديمقراطية على فرض ان قسما لا يستهان منه يسعى لذلك بحكم ضغط جماهيره الفقيرة المهشمة العاطلة عن العمل والمقصية عن دور العلم والمعرفة، حيث ان هذا التيار لا يحمل سوى منابره كمنصات يطلق من خلالها صواريخه الأخلاقية التي ينتهي مفعولها فور إغلاق ميكرفونه لتتساقط هذه الصواريخ عند أقدامه، بسبب قوة جذب النزعات الاستهلاكية ومصداتها السحرية الفاعلة ضد أي تحول في فكر وسلوك مستعبديها في عالم الإغراء والاحتواء لمن تقذفه آلة العمل المنتج خارج منطقة تغطيتها….. مما يستوجب ان تدرك قوى الثورة بكافة أطيافها على الاستمرار بالثورة وحمايتها من أعدائها وهي الآن على مفترق طرق كما يذكر الأستاذ غازي لصوراني:-
((في مجابهة أجهزة النظام من ناحية، وفي مجابهة عناصر وقوى الثورة المضادة وفي هذا السياق نحذر من أن الانتفاضة العربية عموماً ، وفي تونس ومصر خصوصاً ، تتعرض لمفترق طرق يهدد حاضرها ومستقبلها ، ما يؤكد على أنه ليس أمام هذه الانتفاضات وقياداتها الوطنية الديمقراطية ، سوى الاعتماد على الجماهير وتأطير صفوفها وتحشديها من أجل إثبات إرادتها وتحقيق أهدافها ، وذلك يتطلب الآن مزيداً من التظاهر والاعتصامات الدائمة الأسبوعية والبلطجية الذين افرز تهم الأنظمة ، خاصة النظام البائد في مصر ، ومن هنا أولوية المبادرة الفورية لتأسيس وبلورة الائتلاف الديمقراطي في إطار جبهوي يضم جميع القوى الديمقراطية إدراكا من الجميع ان مستقبل شعوبنا يكمن في تكريس النظام الحر الديمقراطي سياسيا واجتماعيا ، فلا مستقبل لكل من يتعارض او يتناقض مع هذه الرؤية))
وباتالي يمكننا ان نقول ان ما يحدث في الوطن العربي عموما وفي العراق خصوصا ألان هي((فورات )) وليست ((ثورات)) كما يطلق عليها الآن ، تجذرها لتصبح ثورة او تدهورها لتصبح ردة للخلف مرهون بطبيعة فعالية الطبقات والشرائح الاجتماعية الداخلة في حلبة الصراع القائم، مما يصعب الآن التكهن بنتائجه وتحولاته … لكن المؤكد ان إشكال الحكم السابقة لا يفتح لها الباب ثانية ، وان عادت او تعود بوجوه او أساليب شتى فهي لا يمكن ان تنعم بالاستقرار والثبات على كرسي الحكم، ولاشك ان لكل قطر عربي خصوصيته في طريقة وشكل تطور الأحداث الدائرة فيه. ويجب العمل على حشد كل القوى المؤمنة بالديمقراطية وتسعى لبناء الدولة المدنية الحاثية لمواجهة المخاطر القائمة والمقبلة التي تحاول سرقة ثورات او انتفاضات الجماهير كما ذكر ذلك الأستاذ غازي لصوراني في إجابته على سؤال ما العمل((ان النضال من اجل إسقاط رؤوس وأنظمة الاستبداد وبناء النظام الديمقراطي الخالي من كل أشكال الاستغلال هو في نفس اللحظة نضال من اجل إلغاء علاقات ومظاهر التبعية للنظام الامبريالي وحليفه الصهيوني، وإذا كان الأمر كذلك، فان من واجبنا أن نطرح مجدداً السؤال التقليدي : ما العمل؟ … ما هي العملية النقيض لذلك كله؟ إن الإجابة عن هذا السؤال تستدعي مسارعة كافة القوى الديمقراطية من يسارية ووطنية وليبرالية وعلمانية ، المعنية بتحقيق الأهداف الكبرى للانتفاضة ، الى المبادرة لتأسيس ” جبهة ديمقراطية ” تضم كافة الأحزاب والتيارات والائتلافات الشبابية والمهنية تحت شعار إسقاط رؤوس و أنظمة الاستبداد والقمع والاستغلال ، وتأسيس النظام الديمقراطي الجديد من خلال ” هيئة تأسيسية” تجسد الشرعية الثورية، وتبدأ بمحاكمة رموز النظام ، ومحاكمة كل من أسهم وشارك في قتل الثوار ، شامل وموضوعي لكل مؤسسات وأجهزة حكومة النظام المخلوع وكافة الأجهزة والمؤسسات المنبثقة عنه في المجتمع))14 الحوار المتمدن 3421 في 9-7-2011
ننتظر ما ستجلبه الايام القادمة من تطورات للاحداث ، فهل ستتم عملية ترقيع مهلهل للطبقة السياسية ((الاقطوازية)) الحاكمة وفق المحاصصة العرقية والطائفية والتستر على مفاسدها وجهلها وفشلها ، او ان تنحوالانتفاضة الشعبية نحوا وطنيا ديمقراطيا نحو قيام دولة المواطنة الحقة عابرة للطوائف والاثنيات …….


43
أدب / الفضيلة العاهرة
« في: 17:12 05/05/2016  »


الفضيلة العاهرة

 
حميد الحريزي
 
مصيبتنا: تكاثر أدعياء
الفضيلة
سباق التكاثر  بينها وبين   
أكوام
القمامة
الميادين تزأر
المنائر لا تستريح   تتلو  وصايا
الرب
ترتعش أصوات  اللوطيين
وهي تلقي علينا  مواعظ  في
العفة
اندهش الغراب من سواد
قلوبهم
((يعتمون))   الرذيلة  وينادون
 بمكارم
الأخلاق
 


44
أضـواء على ((براعم ربيــع بغداد)) – ج١

حميد الحريزي

دراسة تحليلية حول :-الاسباب ، الواقع الحالي وآفاق التطور

وماذا بعد اجتياح قبة البرلمان ؟؟؟؟بعد سبات طويل ، وصمت كصمت القبور ، انطلقت جموع المهمشين والساخطين على الأنظمة المستبدة وكانت هذه الشرارة تحمل رائحة اللحم المشوي المنبعثة من جسد البرولتاري الرث (الخريج الجامعي) البائع المتجول محمد بو عزيزي في تونس……. ثم توالت الأحداث في مصر والبحرين واليمن وسوريا والآن في العراق حيث نظام الفساد والمحاصصة العرقية والطائفية…..
ولا ندري أين سيسير تسونامي التغيير في العالم العربي لأنه ،بكل دوله وإمارة تقع ضمن خط الاستبداد والفساد ،يلاحظ المتابع هذه الفعاليات الجماهيرية ، إنها لم تنتظم تحت لافتة محددة تشير الى هويتها السياسية وانتماءها الايدولوجي كما هو حاصل في الانتفاضات والاحتجاجات السابقة، تنتظم تحت لافتة يسارية او دينية او قومية او مهنية ، وإنما هي انتظمت تحت لافتة اللا انتماء، انتظمت تحت لافتة الرفض لافتة الذي لا يريد:- الفساد ، لا يريد القهر السياسي ، لا يريد الإقصاء والتهميش.. ، يريد رحيل السلطة السياسية الحاكمة ولا كنه لم يحدد ولا يدري ماذا يريد ولا ما هو البديل للمُرَحَل.. هذا الوصف لمثل هذه الانتفاضات او ((الثورات)) اكسبها إمكانية التواصل والتراص وعدم الاختلاف واكسبها القدرة على كسب المزيد ممن لا يريدون الأنظمة القائمة لمختلف الأسباب… ولكنهم لم يجهدوا الفكر حول توضيح رؤيا هم للسلطة القادمة البديلة ولا ما هو نهجها وبرنامجها وطريقة حكمها. فقد شغلهم انغماسهم في التواصل ألشوارعي اليومي والعمل على إدامته وتواصله ، وهي لم تشأ ان ترتدي عباءة أيا من الأحزاب والحركات السياسية التقليدية صاحبة التاريخ الكفاحي التقليدي الطويل ضد السلطات الاستبدادية ،الأ قصائية وضياع عناوين هذه الأحزاب والحركات ضمن البحر الجماهيري الهائج المضطرب متعدد الألوان وحجم ومستوى ارتفاع أمواجه… إنها انهمكت بالعمل ولم تهتم بالتنظير للمستقبل… الجمهور يعرف طريقه استجابة لمطلب الرحيل ضمن الهتافات الجماهيرية الهادرة ارحل .. ارحل … رحل الخط الأول والرأس في هذه الأنظمة بعد ان فقدت أجهزته القمعية ضبط الشارع او السيطرة عليه، وبسبب تخلي حلفائها الدوليين مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا عنها، هذه الدول التي أدركت واقع الموت السريري لهذه الأنظمة المتحجرة لعشرات السنين، الجالسة على كراسيها المنخورة ، فعملت على حزم حقائبها وكنوزها من المال والذهب والجواهر ورحلت لتكون ضيفا ثقيلا على الأنظمة العربية المشابهة لها، و التي لم تزل ممسكة بكراسي الحكم.

على حين غرة وكأنه أمر غير محسوب وغير متوقع وجدت هذه الجماهير نفسها تعيش فراغا هائلا في السلطة بعد ان أصبح كرسي الحكم شاغرا. كأنها لم تدرك بعد إنها صاحبة السلطة الشرعية وان الملوك والرؤساء والسلاطين هم مستوظفين لديها، كأنها وريث غير شرعي مشكوك في شجرة نسبه ولم يمتلك مفاتيح قصور مورثيه .. هذا الحال الناتج عن طول فترة الحكم الاستبدادي وقهر الجماهير وإبعادها عن تقرير مصير بلدانها والتحكم بثرواتها…..

بواسطة هذه الأبواب المخلوعة الا قفال والمشرعة على دهاليز القصور ، الغائبة عن أنظار قوى التغيير والثروة او تهيبها من دخولها… استطاع الخط الثاني للسلطات المرحلة ان تتحكم في أركان هذه ((القصور)) الحاكمة وتتحكم في أضواءه ومداخله ومخارجه وغرفه السرية محاولة ان تحتفظ ب((الكي ماستر)) في يدها حفاظا على مصالحها وامتيازاتها وبالتالي الالتفاف على مطالب الجماهير المنتفضة وتجيير تضحياتها ودماءها لصالحها وصالح أسيادها الراحلين شكلا وليس مضمونا.

استطاعت هذه القوى ان تلتقط أنفاسها وتحتمي تحت شعارات براقة للتغيير وتبني بعض شعارات القوى المنتفضة لتنضم صفوفها وهي مالكة المال والخبرة والقدرة على المناورة والمحاورة المنافقة المراوغة… وقد استطاعت ان توظف واقع التشكيك ورفض مشورة وعدم الاستفادة من خبرة القوى والحركات السياسية صاحبة التاريخ الطويل في التفاعل الكفاحي مع السلطات الحاكمة… استطاعت هذه القوى ان تخترق صفوف القوى الساخطة لتجرها الى فعاليات وأعمال غير منضبطة او الى تبني شعارات متطرفة وأفعال تخريبية غير مبررة.. مما مهد الى ظهور خلافات شديدة بين قوى الثورة سعيا لتشتيت قواها وإلهائها في معارك جانبية… وبالتالي شراء ذمم بعضها او استمالة الاخرى والعمل على إقصاء قوى اخرى لم تستجب لمغرياتها، كما أنها تراهن على زرع روح اليأس والضجر الذي يصيب أعدادا من المنتفضين وبالتالي انسحابها من ميدان المنازلة مع النظام وبقاياه.. وهنا لسنا بحاجة الى سرد تفاصيل أحداث من هذا القبيل وبمختلف الأوصاف حدثت في تونس ومصر وليبيا وسوريا والعراق وبلدان اخرى، كالاقتتال الدموي بين الأقباط والمسلمين في مصر، وبين قوى الشرطة والجماهير في مصر وتونس.. بين المفاوضين والثائرين في ساحة التحرير العراقية حيث أظهرت هذه الأحداث انحياز قوى القمع الى سادتها السابقين كوزير الداخلية المدعو بالعدلي في مصر وبعض رموز السلطة في تونس، وقد أفادت وكالات الأنباء ان السلطات أجازت لأنصار النظام السابق بتأسيس حزب باسم ((حزب الحرية)) ولا نعلم أية حرية سيعمل من اجلها هذا الحزب الذي احتضن الاستبداد ودافع عنه لعشرات السنين.

ما هي الأسباب الكامنة وراء استبداد الأنظمة الحاكمة ؟؟؟
الصدى - مصر
بعد أفول عهد الاستعمار المباشر وخصوصا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وانقسام العالم لمعسكرين معسكرا شرقيا ((اشتراكي)) ومعسكرا غربيا رأسماليا ، اعتلت كراسي السلطة في البلدان حديثة الاستقلال و ((التحرر)) قوى هجينة من الاقطاع والبرجوازية الطفيلية المرضي عليها من قبل القوى الكبرى ففي الوقت الذي سعى فيه العالم الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية إلباس هذه الحكومات لبوس الوطنية والشرعية الانتخابية، فقد أشاعت ثقافة الاستهلاك ولاستملاك غير المشروع وكبح جماح البرجوازية الوطنية المنتجة سعيا لبقائها تحت هيمنة وسيطرت رأس المال العالمي والخضوع لإرادته… هذا الحال تطلب بقاء المجتمع راكدا آسنا محافظا على قيم التخلف في ظل سلطان الملوك والسلاطين والرؤساء والقوى الطائفية والعرقية الما قبل حداثية.. ساعد على ذلك هشاشة البنية التحتية الإنتاجية في هذه البلدان وهذا أدى بدوره الى تأليه القائد وتقديسه، وهشاشة الحامل الفكري لثقافة الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية الساعي لبناء دولة الحداثة المدنية الدستورية التي ستستمد شرعيتها من صناديق الاقتراع الشفافة النزيهة، بمعنى تأبيد حالة المجتمع الما قبل صناعي يخدم الطبقة السياسية الحاكمة وراعيتها وولية نعمتها الرأسمالية العالمية … يمكن ان تثرينا تجربة العراق منذ ولادة الدولة العراقية بعد الاحتلال الانكليزي حيث تميزت الطبقة المختارة من قبل التاج البريطاني ب:-
1- إثبات عجز أهل العراق عن اختيار حاكم دولتهم المزعومة فتم استيراد الملك فيصل من الحجاز ليكون ملكا للعراق، رغم بروز زعامات عراقية ارتأت إنها الأحق والأقدر في حكم البلاد، وقد نجم هذا بسبب الصراع العنيف داخل ((القطوازية)) العراقية -أي الخليط الغير متجانس من بقايا الاقطاع والبرجوازية الطفيلية الغير منتجة – لنيل منصب الملك وليكون على رأس السلطة وهذا بالطبع ناجم عن وجود أزمة مزمنة

في الهيمنة الطبقية داخل الحراك الاجتماعي في العراق، الناتج عن القطع القهري لتطور الطبقة البرجوازية الوطنية المنتجة في العراق باعتباره بلدا ذو اقتصاد ريعي معتمد على إيرادات الثروة البترولية وقبل ذلك اعتماد الإمبراطورية التركية والعربية الإسلامية على إيرادات الخراج وليس على ما يدفعه دافع الضرائب لأصحاب رؤوس الأموال أي القوى المنتجة للثروة – حيث اعتبرت الثروة الطبيعية في مثل هذه الدول ليس ملكا للأمة او الشعب بل ملكية للخليفة او السلطان او الملك او الأمير يتصرف بها حيث يشاء يمنحها لمن يشاء ويمنعها عمن يشاء- مما همشها وأضعفها، فظلت ساحة الصراع الاجتماعي والسياسي تحت هيمنة ((القطوازية)). وقد كرس الاستعمار بالتخادم مع عملائه الطائفية والعرقية في العراق بين سنة وشيعة ومسيحيين وعرب وأكراد واشو رين وتركمان الخ وأبقى فتيل الفتنة مشتعلا او معدا للاشتعال في كل حين لتفتيت وحدة العراقيين وتهديد وحدة البلاد بالتقسيم وكما ذكر الدكتورة فيبي مار((إذا كان في مقدور المرء ان يتحدث عن دولة عراقية ، فليس بمقدوره لحد الآن الحديث عن امة عراقية، فحدود العراق الحالية تضم مزيجا متنوعا من الشعوب التي لم تنصهر بعد بمجتمع سياسي موحد له حس مشترك بالهوية ، وقد تواصلت عملية التكامل والاندماج بصورة مطردة منذ بدء الانتداب، لكنها لم تستكمل على الإطلاق)) تاريخ العراق المعاصر العهد الملكي ترجمة مصطفى نعمان احمدط1 2006 بغداد المكتبة العصرية

2- نتيجة لما سبق وتفاقم أزمة الهيمنة الطبقية كانت ((ثورة)) الرابع عشر من تموز 1958 بقيادة حفنة من الضباط ((الأحرار)) الذي ينتمي اغلبهم الى الاقطاع العشائري او الى الطبقة الوسطى الجديدة المصنعة – أي إنها لم تكن وليدة تطور العمل المنتج وحاجاته كما حدث في بريطانيا مثلا ، وإنما صنعت هذه الطبقة من قبل السلطات الحاكمة لتيسير أمور الدولة وأجهزتها المختلفة وليس العكس مما جعلها تابعة للسلطة والحكومة فيما يفترض ان تكون الحكومة مستوظفة من قبل الطبقات المنتجة دافعة الضرائب وصاحبة الثروة- صعد العسكر للسلطة مصطحبين معهم أمراض طبقتهم ونزعة أطرافها للهيمنة والتسلط والانفراد بالحكم، مما أشعل بينهم فتيل الصراع الدموي العنيف المدعوم من قبل قوى داخلية وخارجية إقليمية وعربية وعالمية ، خصوصا بعد قرار التأميم الجزئي للثروة النفطية، والهلع الذي أصاب العالم الغربي ومؤازريه من قوة وكثرة وعلو الرايات الحمراء في بلد النفط والعلم والموقع الهام.

3- على الرغم من الالتفاف الجماهيري الواسع بقيادة اليسار العراقي ((للثورة)) وزعيمها، الا ان الزعيم صاحب النوايا الحسنة وصاحب مبدأ عفا الله عما سلف ، وخوفه من هدير صوت الجماهير في مظاهراتها المليونية التي طالبت بان يكون له شريك في الحكم أفزعه، فانقلب على ممن نظم هذه الجماهير ومن قادها ، فكان ما كان في إبعاد الشيوعيين واعتقال ومطاردة بعضهم مستغلا تطرف وأخطاء وتهور بعض عناصرهم او من المندسين بين صفوفهم، ومن الطرف الآخر أصيب الزعيم بغرور الجمع الهادر باسمه واوحديته فلم يحترز ولم يحاسب القوى التي تعمل على وأد الثورة ومعها رأس الزعيم ومناصريه مدعومة من قبل قوى الرأسمال الاحتكاري العالمي، بالتحالف مع الاقطاع والبرجوازية الطفيلية في الداخل وهذا ما حصل خلال الانقلاب الفاشي في 8شباط 1963، ولازالت هذه اللعنة المستدامة للقطوازية تشعل حروب الانقلابات والحروب الداخلية والخارجية حتى بعد ان جاءت محملة ثانية على دباباته في 9-4-2003 ليشرف بنفسه على إدارة وإدامة أزماته ليطيل عمر احتلاله واستغلاله ، ويستمر تدفق دم أبناء العرق وتستمر معاناتهم ، ويستمر نهب ثرواتهم وتنتهك سيادة بلدهم ، وكأننا نعود الى ما قبل تموز 1958 ، ولكن بما هو اشد قسوة وضراوة، ربما سيؤدي الى تقسيم البلاد وتأبيد استغلال ثرواته الطبيعية ، لاشك عند ((بإيدن)) الخبر اليقين.

يقول سمير امين بهذا الصدد مايلي:-
(( ان النظم البورجوازية الوطنية الجذرية ((الشعوبية)) هي المسئولة عن الكارثة التي تلت انهيارها، فهي التي ضربت اليسار وكسرت القواعد الشعبية التي كان هذا اليسار قد سبق ان بناها في ظروف صعبة، فهي التي ألغت الديمقراطية مهما كانت محدودة…. فألغت الناصرية في مصر الفكر اللبرالي البورجوازي، كما ألغت التعبير الحر لنقده من اليسار، وبذلك هيأت العودة الى الفكر السلفي المسئول عن تخلفنا التاريخي)) 2ص 269 في مواجهة أزمة عصرنا ط1 1997

إذا كان الامر كذلك فما هو المحرك للكتل الثائرة في بلداننا وما هو أفق انتصارها:-
ما اوضحناه سابقا يقود الى الاستنتاج تأبيد حالة من الركود والسكون وتعفن المجتمع بينما تتكاثر بالانشطار وبالحث والإيحاء عن بعد المزيد من الطفيليات و الاشنات في هذه البرك الاجتماعية الأسنة….

لكون الرأسمالية العالمية تحمل بين ثناياها تنا قضاتها وعوامل هدمها وتقويضها لبنيتها. فهي بالأساس ازدهرت وتطورت وفق فكرة الحرية والديمقراطية وحرية التفكير والتدبير وقد دخلت هذه البلدان وفق هذه الشعارات والادعاءات، مما جعل محاكاتها في طبيعة نظامها وطبيعة حياة الإنسان في ظلها طموحا وأملا تسعى إليه شعوب بلداننا الرازحة تحت نير الظلم وحضر الفكر وخنق الحرية ، مما عزز هذا الأثر عند شعوبنا نزعة الثورة والتمرد والسعي لبلوغ حلم موعود وتمثل نموذج مشهود…..

الامر الثاني ان طبيعة الرأسمال وسعيه للتطور العلمي المطرد والمتسارع تحت ضغط التنافس على الأسواق واختزال المكان والزمان من
اجل زيادة الربح واختزال الكلفة، كذلك العمل على تصنيع المنتج المبهر وتصنيع المستهلك المنبهر…

مما فجر ثورة هائلة في عالم التكنولوجيا في شتى مجالات الحياة وبالخصوص عالم الاتصالات والمواصلات وفي ذروته القنوات الفضائية عابرة القارات، والشبكة العنكبوتية وتجددها الدائم في جعل العالم مفتوحا.. هدم الحدود وحطم القيود كما هو واقع حال الدولار الأمريكي رمز رأس المال وهو يتنقل بخفة ورشاقة وسرعة فائقة بين بلدان العالم كأنها غرف دار أبيه.

أي ان الإنسان العربي أصبح يعيش افتراضيا وسط عالم الحرية والانفتاح ولكنه مكبل بقيود حكامه مما ولد لديه ردة فعل كبيرة دفعته للتمرد وكسر قيوده والتخلص من ارتهاناتها.. خصوصا وانه يتظاهر ويتمرد أمام أنظار العالم الذي يراقبه ويصفق له ويتحسس فعله وانفعالاته، ولى العهد الذي كان الإنسان يقتل او يقبر في غياهب السجون دون ان يعرف مصيره احد، اختزال أساليب ووسائل التواصل في الإرادة والفكر الى جهاز صغير ساحر –كومبيوتر و موبايل- فكان وسيلة هامة جدا في إنضاج نوايا التمرد وتحويلها الى فعل مؤثر في الشارع ، لا تعادله آلاف المنشورات السرية التي كان آبائنا يضحون بحياتهم ووقتهم من اجل إيصالها للناس في ظروف غاية في الصعوبة لأشعارهم او إنذارهم بفعل ، مما سهل عملية اللقاء والحوار واتخاذ القرار بعيدا عن عيون رجل الأمن او الحزب المباشرة على اقل تقدير. لقد اختطفت التكنولوجيا الحديثة بوسائل اتصالاتها المتطورة جدا الجمهور من الأحزاب السياسية التقليدية ومن مراقبة أجهزة قمع السلطة وفرض سيطرتهما عليه

(( أي ان تفرض سيطرتها على المادة التي كانت وما تزال تشكل عصب حياة الحزب ، ومصدر وجوده التاريخي الايدولوجي والسياسي والاجتماعي))3 فاضل الربيعي – الجماهيريات العنفية ونهاية الدولة الكاريزمية في العراق ص72 ط1 2005 مطبعة الأهالي سورية
هذا الإحساس لم يكن منبعثا من ذات أخذت تعي ذاتها ضمن حراك اجتماعي يدور بين مختلف طبقاته الاجتماعية ، الطبقة التي تنشد الحرية والانطلاق صوب حيز أوسع للحرية لأفكارها ومشاريعها العلمية والعملية لتطوير عملية الإبداع والاختراع والاكتشاف والتسويق والبناء لسد حاجات السوق، وتوفير ظروف عيش أفضل للإنسان، وأحكام سيطرته وهيمنته على قوى الطبيعة،.

هذا النهج تبنته الطبقة البرجوازية المنتجة في البلدان الرأسمالية المتطورة مثل هولندا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وألمانيا…الخ مما جعلها تتمرد وتثور على إزاحة أي معرقل او معوق يعترض طريق تقدمها ، وقد كان هذا المعوق ممثلا بالطبقة الإقطاعية وطبقة النبلاء والملكية المطلقة والكنيسة، هادفة من وراء ذلك بناء دولتها الديمقراطية دولة المؤسسات والدستور أي دولة الحداثة والمدنية التي كان وسيظل شرطها الأساس الحرية الفردية وحق المواطنة المتساوية، فعملت على هدم المؤسسات المتخادمة مع الاقطاع وأنساقه الحياتية ومنها الكنيسة الكاثوليكية ، التخلص من فتاوى رجال الدين على سلطة الدولة، كان هذا الباعث والمولد للبروتستانتية وليدة رحم البرجوازية الصاعدة المتنورة وجعل الفتوى بيد القوى المنتجة ومتطلبات العمل والإنتاج والربح المستمر والمتزايد دوما. كما ذكر الأستاذ طالب الخفاجي:-

((أن التجديد الفقهي أو اللاهوتي ممكن وليس مستحيلاُ كما يزعم أولئك الجامدون والمحنطون الذين يعتقدون بأنهم ختموا العلم منذ مئات السنين، وأنه لا جديد تحت الشمس فيما يخص الشؤون العقائدية والدينية وأنه لا مجال للمس بثوابت الأمة وهذا يعني أن ما كفره القدماء قبل ألف قرن، ونلعنه مليون سنة أخرى حتى يرث الله الأرض ومن عليها)) 4جريدةالصباح في 11-5-2011
ان هذا الحراك الموصوف أعلاه هو تربة غاية في الخصوبة لاندثار ومحو القيم والأعراف والقوانين المعيقة للتطور ، في حين هو مجدد ومصنع هائل للحامل الفكري للحداثة وما بعد الحداثة في المجتمعات الصناعية المتطورة، إذن فمتطلبات الحياة الفعلية العملية هي مولدة وموجبة وباعثة الفكر المجدد وليس ا لعكس ، في البدء كان العمل فكانت الفكرة والكلمة وهذه الأولوية للبدء استطاع التطور العلمي والتكنولوجي الهائل ان يقصر الهوة بينهما أي بين الكلمة والعمل، فتحول الفكر الى منتج هام جدا في تطوير وتثوير العمل، إذ أصبحت براءات الاختراع أي حزمة الأفكار الجديدة المجددة لطرق ووسائل وأدوات العمل من أهم منتجات عصر التكنولوجيا الحديثة…………..

((ونسأل ـ كما سأل قبلنا – هاشم صالح ، لماذا خرج المسيحيون من أسر لاهوت القرون الوسطى والفتاوى الكنسية التي كانت تدين الإسلام واليهودية وكل الأديان الأخرى ، بل كانت تدين حتى المذاهب المسيحية غير الكاثوليكية)) 5مقالة الدكتور طالب مهدي الخفاجي في جريدة الصباح بتاريخ 11-5-2011

ضمن هذه المنظومة والمسيرة التطورية للعالم الأول نستطيع ان نضع أيدينا على الأسباب الكامنة وراء حالة الفوضى وعدم الوضوح والتمرد الغير واعي والغير مدرك لما يدور في مجتمعاتنا، فبالنسبة للطبقة السياسية المهيمنة على السلطة السياسية ((القطوازية))… اجبرها التطور العالمي للعلم والتكنولوجيا وبحكم ارتباطها بالعالم الرأسمالي الأول لم تستطع ان تحجب المفاهيم والأفكار وأساليب الحياة الحداثية في حياة الناس اليومية.. وهذا يتطلب بالضرورة نبذ الأحكام الما قبل حداثية ،أي يتوجب موتها وترك كرسي الحكم لبديلها الحداثي لإدارة شؤون البلاد عِبرَ ألممارسات الديمقراطية آلياتٍ وثقافة وإزاحة كلما هو متخلف ومعيق لهذا التحول الهام.

 


45



((علبة)) بطول ،وعمق تاريــــخ ((السماوة))
   
                     
                   
دراسة  نقدية لرواية (( بلدة في علبة )) للروائي  الاستاذ   حامد فاضل
بقلم :- الاديب حميد الحريزي
مدينة  سكنها  الرواة،فكشفوا  أسرارها
((بلدة  سحرية، أفردت جديلتيها على ضفتي نهر ألفرات لاحقته  حيثما يزوغ او يتجه ((احديثه)) جميلة  استحال عليها فراق حبيبها الاول والأخير ، احتملت هجير ، وقر الصحراء المترامية الاطراف متمسكة بحبيبها الفرات الذي لم يبخل عليها بكل شيء حيا ، حيث بساتين النخيل ، وحقول الحنطة والشعير ، وما لذ وطاب من ثمار الجنة ، واجتذب اليها تاس اهل طيبة ونخوة وعلم وشجاعة وكرم ، وجاد عليها  بالبني والشبوط والقطان ، وأبو خريزة ، وعلق في جيدها  تاريخ اقوام   نالوا شهادات فخر  عبر العصور ، انها ((السماوة)) عشيقة الفرات التي  لا ترتوي من قبلات الحبيب اثناء فيضانه  او صيهوده .....
مدينة السماوة هذه  الصغيرة السمراء الغنجة المدللة الراقدة في احضان الفرات  العذب ، اثارت غبطة  شقيقاتها من مدن العراق الكبرى  حيث احتضنت من الكتاب والادباء  والروائيين اللذين امتلكا ناحية السرد المكين وانبروا بكفاءة مميزة لتوثيق تاريخ مدينتهم الحبيبة السماوة  عبر ((ادبنة التاريخ)) وخصوصا الاديب الروائي القدير ((زيد الشهيد)) والقاص والروائي عاشق المكان  ((حامد فاضل)).....
ارخ الشهيد للسماوة عبر عدة روايات ((فراسخ الاعوام))، (( تراجيديا مدينة)) و ((فراسخ لاهات تنتظر)).... ولازال نهر  ابداعه دافقا  بالجمال  والعطاء  في مختلف فنون الادب والثقافة .....
وها هو حامد فاضل  يعلق  على جيد السماوة عقدا جديدا  ليزيدها اشراقا وسحرا وجاذبية  ويظهر بصوره ما حاول غبار السنين اخفائه او تشويهه عبر  روايته
         ((بلدة في علبـــــــــــــــــــــة))






صدار دار سطور  للنشر والتوزيع  2015 بواقع 270 صفحة ،  فكانوا ورثة  اوفياء واحفادا  نجباء  لعبد الحميد السماوي  ول((لأماميين)) رعاة العلم والثقافة والادب ......
السماوة  التي جاورت  الغلظة والبداوة ، فتحت صدرها رحبة  للحداثة  ونسائم الحرية والتنوير ، فأعطت الكثير    من دماء وعرق  وصحة  شبابها ،شاباتها  وشيبها   وهي تقاوم 0قوى القهر   والظلام  ، منتصرة لقيم العدالة والسلام ....فكانت شوكة في عين الاتراك ... و((فالة)) في صدر الانكليز ، وصرخة واطلاقة في  وجه الديكتاتورية ، ومصباح تنوير  بوجه  ديمقراطية الدم الامريكية  وقوى التخلف   والفساد   في عصرنا الحاضر .....

علبة سحرية ، وذاكرة متجددة :-
يصحبنا((حامد فاضل)) او بالأحرى نحن نتبعه  متلهفين الى مجلس شيخه ال((نوري)) النير المستنير ، ذاكرة المدينة ومصباحها الكاشف عن زوايا تاريخها بأسلوب شيق وفطنة ، وموضوعية، وذكاء متميز  وقد كان معطاءا كنبع  دافق لا يبخل على دلو محدثه السارد  صاحب ((العلبة)) الطامح في الغوص عميقا في تلافيف رمز  الحكمة وضمير التاريخ الحي الناطق  بالحق ، ليعود مليئا بجواهر  الحكم  وسجلات وصور  وتاريخ المدينة .....
كما ان حامد فاضل استطاع ان يعرض امام عيوننا عشرات الصور لماضي وحاضر السماوة، كان بارعا في جعل هذه الصور ناطقة  تحكي يوم ولادتها  وتاريخ تحولاتها ، مع انه  لا يتبعها الى رحم الصيرورة والتكوين ، وهذا  السرد الوصفي  القار على سطح  الظاهرة او الحدث هو الغالب على اكثر كتابات  روائينا للأسف الشديد  مما يجعله  اقرب الى المؤرخ منه  الى الروائي ،  حاول  الكاتب ان  يدعم احداث التاريخ  بصور علبته المفترضة  مما يعطي لمحدثه المزيد من الحيوية وتنشيط الذاكرة  المتعبة  لنفض غبار السنين من على  ظاهرة  او شخصية  تبدو غير واضحة المعالم ......((فادبنة التاريخ)) هي عملية حراثة وتنقيب وتدقيق +في كهوف   ووديان ومرتفعات  وصحارى التاريخ للظاهرة والحدث والتحول  للفرد والجماعة  في  مجال السلوك  والاقتصاد  والنفس، في حالة التقدم وحيثياتها وحالة التراجع  واسبابها ، وضع اليد على العوامل الرئيسية والثانوية ، بأسلوب السرد الادبي  ، عبر شخصيات حقيقية او متخيلة  لها وجود واقعي ... وبذلك يتميز الروائي المؤرخ عن  الكاتب المؤرخ  ،فرحم الرواية  ولاد للشخصيات  والاحداث  الدالة  الى واقع الصراع ودوافعه ان احسن  الكاتب الروائي  اخصابه ، عندها سيبتسم له التاريخ لانه انقذ ((يوسفه)) من جب  بئر التناسي والنسيان .......
فكانت ل((حامد فاضل )) وقفة  جميلة عند مهد وموضع وتاريخ ولادة المدينة ومدى قربها من اخواتها  مدن ما قبل التاريخ  كالوركاء ولا رسا .. الخ .
موثقا  اول معلم  مدني للسماوة ،  اول جسر ، واول مدرسة ، واول محطة قطار، واول  محطة توليد كهرباء ، واول دار سينما ، واول نادي واول مجزرة ....وووو.
كما انه يطوف  بنا في  شوارع  ومحلات  واسواق  السماوة ،  ومقاهيها  وطبيعة  هذه  المقاهي ومحلات  التجمع   وطبيعة جلاسها ومرتاديها  فمقهى  عبود هي مقهى الفقراء والكادحين  الحالمين  بغد  افضل  وعالم   اجمل ، ومقهى حمزة  الخاصة بالعصملية والرسمين وبقايا اليهود ....وهنا  اشارة بينة  لطبيعة التركيب الطبقي لسكان المدينة ،  مالكي  الثروة  والجاه  في جانب ، مالكي  قواهم  العضلية والفكرية  في الجانب الآخر .....
((حامد فاضل)) يسلط اضواء ذاكرة  المدينة على مختلف شرائحها الاجتماعية  ابتداء  ب((طماطه)) الامرأة الامية الحالمة ، الحكائة  الغرائبية ، وصولا  الى الاديب والفيلسوف والوجيه الكبير  عبد الحميد السماوي ، الذي عارض  قصيدة  ايليا ابو ماضي   لست ادري ، بقصيدة  رائعة ومدهشة حقا  من حيث  الكمال والجمال  والعمق  الفلسفي والمعرفي ، مرورا ببائع الصحف ، وكريطع الراعي الاعمش، أبي الورد ، بائع شعر البنات ، الحاج شرام  الذي اسقط الطائرة الانكليزية ، مطر الحارس، خلف شرام ، بائع الخمر، السكير ابو العرائض، المنادي في محكمة السماوة، والميرزا حسن، رحيم لوفي، وكريم الدوش لعيبة المحيبس، وزوجة الشرطي باذخة الجمال  التي نذرت ان تسير في المدينة عارية  اذا اطلق سراح  زوجها الاسير لدى الثوار الكرد .......الخ.
كما انه يعرض لنا صور وتواريخ:-
اول محطة قطار في السماوة  عام 1917، ومرور اول قطار عام 1920،  1936 نقل ملكية السكة الحديد للحكومة العراقية .
اول مدير بلدية للسماوة ((حسن الامامي)).
اول من ادخل الكهرباء للسماوة السيد عبد الستار  الامامي عام 1934.
واول من اسس معمل للثلج في السماوة .
اول سينما في السماوة عام 1948.
اول مدير ناحية للسماوة عام 1908.
زيارة الملك فيصل للسماوة عام 1953.
زيارة الرحالة الالماني كارستن نيوبر  عام 1765.
 كما انه طاف  بنا في شوارع ، ودوائر ، وحارات  السماوة ....شارع الستين  ، حي الفنادق  والمطاعم، الشوصه، شارع  باتا ، الغربية ، الشرقية ، السوق المسقف ... الخ
كما انه  لم يغفل ان  يصور لنا مواسم الفرح خلال  الاعياد  عيد الفطر  وعيد الاضحى ، لعب  العيد  المراجيح   وسواها ، مراسيم العيد في الدواوين  وفي البيوت  والمقاهي  .....
وكذلك  ايام الحزن  وخصوصا  في  عاشوراء حيث المواكب  للزنجيل واللطم ،  والرواديد  المعروفين انذاك .....
صاحب الكاتب  بصوته وصورته  وذكريات شهوده  وذكريات شيخه  احداث  ثورة العشرين  وابطالها  كشعلان ابو الجون ، صالح سعيد قتاله،وثورة الشيخ خوام  عام 1935،، فدعة الشاعرة ، علي ال صويح ،حمد ال حمود، رحومي الظالمي، الشيخ  غثيث الحرجان، حبشان كاطع،جابر الشرمه،ن السيد هادي المكوطر.... وعدد كبير من الفلاحين  والكادحين  الجنود المجهولين  في مثل هذه  الانتفاضات والثورات  الشعبية ، حيث  تسجل بأسماء المشايخ والقادة والوجهاء ويطمر  دور هؤلاء الابطال  صناع التاريخ    الحقيقين ......
نرى ان الروائي مطالب ان يظهر  المعادل الموضوعي للحدث    ومثال ذلك  ثورة 1920 المقترنة  بثوار الرميثة  ومشايخها  وعموم السماوة  وسكانها ، ولكن على الكاتب ان  لا يسلط الضوء فقط على عود الثقاب الذي اشعل نيران الثورة وانما عليه ان  يضع يده على  مصادر  حطب الثورة  وماهي عوامل  رفع درجة الحرارة الى درجة الاتقاد والاشتعال ، وماهي اسباب  الوقوف الى جانب المستعمر التركي لمقاومة الاستعمار  الانكليزي  وهل   العامل الدينني  هو  السبب الاهم  للثورة ؟؟؟
هل كان الفلاح  العراقي – السماوي واعيا  الى  معنى واهداف  الثورة والتمرد  ام انه  منقاد لشيخ العشيرة  يتبعها  في قيامه وقعوده في غضبه  ورضاه ؟؟
هذه  امور  هامة  قد لا يمتلكها   سوى الروائي  صاحب المنهج الواقعي العلمي في تفسير  الاحداث والظواهر التاريخية وبواعث السلوك الانساني .....
ان واقع وطبيعة الاصطفاف  الطبقي او بالأحرى  طبيعة التركيبة الطبقية غائمة  في عموم  المتن الروائي ، واكثر  تشوشا في انعكاس هذه المواقف الطبقية في سلوك  ومواقف الافراد  والجماعات ، مما يجعل السلوكيات  تبدو  وكأنها غير مفهومة وتفتقد لمبرراتها  او هي  نتيجة مزاج  شخصي غير مسبب ....وغير مظهرة بشكل جلي عبر علاقات  الناس  فيما بينهم ، كعلاقة رب العمل بعماله ، او الاقطاعي بفلاحيه ... الخ  ، نرى ان مرد هذا الى  تشوه البناء الطبقي  في الدول الريعية ومنها العراق ، والعوق القهري للبرجوازية الوطنية  العراقية ، بسبب  قوى الاحتلال والاستغلال الغربي، وهذا مما  ادى الى عدم نشوء طبقة عاملة  منتجة قوية ومتماسكة ، وكذلك ضعف وتبعية الطبقة الوسطى للسلطة  لأنها   مصنعتها  ومنتجتها  لخدمة اغراضها ، وليست وليدة حراك  اجتماعي  منتج  كما في  بلدان العالم الاول ...مما يتطلب من الروائي  ان  يدرك  قصور الموضوع  لينشط  القدرة على وعي اللاوعي ، ليكون قادرا على امساك مصباح التنوير  وتأشير مواطن الخلل البنيوي  في التركيبة الاجتماعية ....
لا ينسى حامد فاضل  كما  لازالت في ذاكرة المدينية  احداث (( قطار الموت))المجزرة الكبرى التي اعدها الفاشست    للسجناء من احرار العراق  وخصوصا من الشيوعيين واصدقائهم  ، بنقلهم  بقطار  مغلق مبطن  بالقير في حر تموز اللاهب من  سجن  رقم واحد في بغداد الى سجن نقرة السلمان في  السماوة ، وقد كان الفاشست على يقين من ان السجناء سيهلكون   خنقا  في الطريق ....... عندها هبت السماوة  من كافة الشرائح والاجناس لنجدة هؤلاء السجناء وخلاصهم من براثن الموت المحقق ، مما اضاف الى تاريخ السماوة واهلها  وسام  فخر   سيظل  مشعا   ما بقية السماوه .
•   كغيرها من المدن  العراقية في كافة انحاء العراق كانت كافة الديانات  اليهودية والمسحية والازيدية والصابئة  والاسلامية  ، كما  مختلف القوميات  تعيش  بسلام  ومحبة وتضامن في السماوة ،  قبل ان   تنتشر عدوى وباء العرقية والطائفية النتتنة في زمن  ((الديمقراطية )) الامريكية ....
•   كان  الكاتب  متألقا   بحق   في نسج  سردياته  بلغة  وصفية شعرية معبرة  انما تدل على  سعة خيال وخصوبة  خزين ثقافي  ولغوي  كبير ، مما اضاف متعة  للقارئ ، وحافزا قويا لمتابعة  احداث الرواية  المزركشة  والمطعمة بأروع واجمل الصور ....
•   كنا  نتمنى ان  يؤثث الكاتب شخصياته  ليعطيهم  شكلا وصورة  ماثلة امام انظار القارئ  المتلقي ، فسنكون اكثر  متعة  وتفاعلا مع   شعلان ابو الجون  او مع  طماطه  او مع حسن الامامي  .... الخ  .
•   نبقى نتسائل كيف هي حياة الفلاح السماوي ، اسلوب عيشه وتفكيره  وتطلعاته   وهي طبقة اجتماعية كبيرة  في المجتمع السماوي ، هذا السؤال يتكرر مع العديد من كتاب الرواية العراقيين ، اللذين  اهتموا  بسكان المدينة  غافلين  شريحة الفلاحين ، وهذا ناجم طبعا   من كون اغلبهم من سكان المدن  وكون  الرواية نتاج مديني بامتياز ، ولكن  بالتأكيد ان  للمدينة تاريخ  ممتدة جذوره  الى الريف   وخصوصا في العراق ، هذه الشريحة التي   برع في الكتابة عنها   ومتابعة  تطور وعيها  ومفردات حياتها اليومية  الكاتب والمناضل الكبير  شمران الياسري  حيث لم يستطع احد   ان يجاريه  في ذلك  لحد الان .
هذه الثغرة في كتابة الرواية  التاريخية العراقية خلقت  ثغرة  وفجوة اكبر منها في  تفسير وتظهير الكثير من  اساليب تفكير  وتدبير  ابن المدينة  العراقية  ومنها السماوة  بسبب اهما  واقع حال ابن الريف العراقي ...
•   حاولت ان اسال  عبود  القهوجي القارئ النهم  والمهتم بالثقافة والادب  عن تاريخه  ومراحل تطور وعيه  وكيف  تميز   عن زملائه  من  اصحاب المقاهي  اللذين اغلبهم  من الاميين   وممن لا يقرؤون  كتابا  واحدا طيلة حياتهم ، لكني  لم اجد  في  الرواية  جوابا  يسد  فضولي وفضول القارئ  لمعرفة ذلك ......
•   ، ربما لكوني  من  قراء ومتابعي  روايات  ابن مدينته  الروائي
  (( زيد الشهيد))   كنت اتمنى ان  يعتمد  الكاتب  وسيلة اخرى غير  علبة الصور لتتبع تاريخ المدينة واحداثها ، فقد  سبقه الى   ذلك   زميله   الشهيد عبر  صور صاحب الاستوديو  وكامرته المتنقلة الموثقة  لأحداث المدينة .... وبما ان  الرواية  تاريخية  فليس غريبا  ان تتكر  ر  الاحداث  والشخصيات الهامة في اكثر من رواية  ومن قبل اكثر من  كاتب ......
كما اني ارى ان   عنوان  الرواية  يخدش ثراء  المدينة وتاريخها الحافل  بالأحداث ، فالعلبة حيز مكاني ضيق جدا ، مغلق على ذاته  وغير متطور ، فكان الاجدر ان  يرتبط  تاريخها   بالنهر محبوبها وعشيقها  عبر تاريخها   الطويل ..((حتى اذا تعب الفرات من الجري ونصب ارجوحته بين النخيل وبين السدر، اتته السماوة  تمشي على استحياء ، فرق لها واعد لها على ضفتيه متكأ من الخصب  بين كوفة العراق وبصرته..))ص258.
 في الختام نحي الروائي  ((حامد فاضل))  على منتجه الابداعي  الجميل ، وقدرته الرائعة  على الامساك  بذاكرة المدينة  وتظهير ما خبى   وما خبئ منها ، متمنين المزيد من الابداع  والتألق ......







46
حكايـــــــــــــا العم ((وجدان)) في ديوان  الحاج ((مردان))

أغتيال ((فلنتاين))......ح6


بعد  اليوم  الثقيل  الذي عاشه  جلاس ديوان  الحاج ((مردان)) بسبب  عدم  حضور  العم ((وجدان))  يوم  الاحد 14-2 ، هل عليهم  وجدان  وتضاريس جبينه  ولمعان  عيونه  وحركة شفافه تدل   على  انه  يحمل  في جعبته اليوم  امرا  أزعجه او على الاقل  جذب اهتمامه  بشكل  غير اعتيادي .....
بعد صبحة الحضور  بالخير  وارتشف  فنجان  القهوة  المعطرة  من يد القهوجي .... بادر بالقول :-
بغير ما تسألون  اني  اعرف انتم  تريدون تعرفون  ليش  اني  امس  ما اجيت  للديوان ... مو  لو مو مو ؟؟؟
نطق الجمع  :-
أي والله  عمي وجدان  حقيقة انشغل  بالنه عليك  وعله  سبب  غيابك  عنه ، والله الك  وحشه  جبيره  ولا يهون  حجي مردان  والجماعه  الحضور  ولكن  مثل  مايﮔول   الحجي  (( وجدان   ملح  الديوان )).
رحم الله  والديكم  والله  انهيعز عليه  حتى لو ساعه ما اشوفكم ، شلون  يوم  كامل ... لكن  للضرورة احكام   مثل مايكولون ....
المهم   امس الحجيه  مرتي  كايلله  ابن ابنه .... حبوبه  اليوم الوادم  راح  توزع ورد احمر وجكليت  بشارع  يسمونه شارع  الجواهري ((الروان))،  الصديج  لصديجه  والولد  لمه ، والحبيب  لحبيبته ، والزوج لزوجته ، يسمونه  (( عيد الحب ))، ﮁا حبوبه  انتي  ليش  ما  ياخذج جدي ويطيج  ورده  حمره  ، وتشوفين  الوادم  الفرحانه  بهذا اليوم ...
وما احس اله ام  الويلاد الا  ذبت  الاسود و لبست  ثوبه  الحمر الجديد  وكحلت  عيونه  الحلوه.... ودكة  رجل  الا تروح  وتشوف  وتفرح ويه الشباب وتتذكر  ايام  فرح الشباب والعشك  ايام  الجوبي والركص الحلو وصوت ((المطبﮔ)) الحلو  ايام  الدخول .... وتدرون انه  ما اكدر اكسر بخاطره  عزيزة كلبي ....
كول  ركبنه ورحنه   للولايه   وبالخصوص  لشارع  ((الروان)).....
لكن  المصيبه  من وصلنه  اشو  ما لكينه  فرح ، اشو  لطم وصياح   وطبخ   والوادم لابسه  اسود ...!!!!!؟؟؟؟
ولكم شنهي  هاي  يصير  مات   هذا التسمونه ((فلنتاين)) وحنه  ما ندري وانتم نا صبيله  عزه ؟؟؟
عمي  جان  جبت  وياي عمامي   وقرينه  الفاتحه  لروح المرحوم ، وجان  الحجيه   جابت وياه  خواته  وملتهن  وياهن  ويعزن  نسوان المرحوم ......
والغريبه  الرجال يبين   مو ميت موت الله   لا بل  مجتول  ، لان  جانت الشرطه   دار ما داير اللطامه  والمعزين ، وجن خايفين  عليهم ، مدري خايفين منهم ؟؟؟؟
افتركت  لمرتي .... ها  يم سعيد يبين ((اجت  اليتمه  تفرح ما لكتله  مطرح )) مثل  مايكولون  اخوتنه المصريين، وبعرس اليتيمه  غاب الكمر ، وجن الفرح  ما يوكعنه  ، وهل عمينه  عله  الرجال  وموتناه   مدري من  كتله  وصبغ لونه الاحمر بالاسود ؟؟
ابو سعيد   ما تنشد الوادم وتشوف  شنهو القضيه ؟؟؟ خاف  احنه تيهنه ؟؟
والله فكره.... نشدتلي  واحد  من  اللطامه ... عمي  شنهي  القضيه عمي ما تكلي  شصاير؟؟؟
شنهو عمي شصاير ... هاي وادم  بطرانه  تريد  تسوينه  مثل  الغرب  اهل الكفر ، شنهو حب  شنهو  ورد   شنهو  فرح ، هاي حرام  وضد الدين ... عمي تروح  اكلك ماعون قيمه  واشربلك استكان  جاي  واخذلك دمعه  وروح لهلك ، خاف هم جاي  ابو المعيد  تدور  عيد الحب ؟؟؟؟
-   عمي جاش شنهو  الله  والدين  مايريدون الفرح ، وما يريدون الحب ، الله  ما يحب غير اللطم  والبواجي  والنواعي؟؟؟
والله  يعمي  انتم عميتوا   على الدين واهل الدين الصدﮔ  وراح  اتخلون  الوادم تطلع  عن طوره ، وتخسر الدنيه  والدين ....
جرتني ام  ((سعيد)) .. خاله  امشي  هجي حب  ما يراد امشي  نرد لهنه ... لايسمعونك ويروحون يفشخونك  جتالت  هذا  الفلنتاين ... بس المحيرني  يبو سعيد  ما طول  كتلوا  الرجال  جاعليمن يلطمون ؟؟؟
يالله  يالله  حبيبتي  امشي  لكن  ما نرد  اله  اشتريلج  دبدوب احمر وباكة ورد حمره  وموبس هاي راح اشتريلج  قلم حمره  جديد  ونجدد  عرسنه   ونفرح   ونحب  غصبن اعله  المايرضه ، وراح اخذ لكل  البنات والويلاد  جفافي  حمر وريحه   طيبه  وملبس وجكليت ... وخلي قيمتهم  الهم ...
مد وجدان ايده الجيبه وطلع صمه  متروس  جكليت  وملبس وكال  للكهوجي عمي  وزعه  اعله  الجماعه ...
واطني  وياك  فنجان  كهوة .....وهاك هاي حلقومه حمره   او  ورده  حمره  وكل عام  وانتم  بحب  وسلام .... وخلوا  اللطم  لأهل اللطم

حميد الحريــــــــــــــزي


47
أدب / لمـــــــاذا ؟
« في: 22:37 10/02/2016  »

لمـاذا؟


حميد الحريزي

لماذا
يا  وطني
نحن دوما  كساكن بيت
إيجار ؟؟؟
في  أي وقت نجد أطفالنا
تائهين في الشوارع
الموحلة ِ
فاستوطنا  بيوتاً من
((تنك))
فما حاجتنا لبطاقة
السكن؟؟
يستدل علينا  أصحاب السعادة
قبيل مواسم
الأنتخاباتِ
رغم إنا لم ندخل  استمارة
الإحصاء
لا   أسماء لنا  في
 دوائر
الماء والكهرباء
ولا في جدول
(( الزائر الصحي))
فما حاجتنا لمجلس
النواب؟؟؟
نحن 
ومن  يعزينا  خارج حدود
القلم
فما حاجتنا للافتاتٍ سوداء
على  جدرانِ من
صفيح؟؟
البقية في مماتــــــــــــــِــك
هكذا
نتأسى لأبناء الراحل
((المستريح))
فما حاجتنا بثواب
الفاتحة ؟؟
نحن دوما  في موكب
تشييع
جافة   مآقينا منذ الطفولة
 اختزنا دموعنا  في
العلب  الفارغة
عند أكوام
القمامة
فما حاجتنا لمناديل تجفيف
الدموع؟؟؟
رجالا ونساءا وأطفالا منذ الولادة
نحيا ونموت
صياماً
فما حاجتنا لمدفع
الإفطار ؟؟؟
لأننا لم نشهدْ هلال
العيدِ
 زيّنا  موحد  بلون
التراب
فما حاجتنا للملابسِ
الملونة؟؟؟


48


حكايا العم ((وجدان)) في ديوان  الحاج ((مردان))

عد وعد ونشوف  ياهو اكثــــــــــــر((فلوس))؟؟؟-ح5



 
دخل العم وجدان  الديوان  دون ان يلقي السلام ، وقد كانت  جيوب سترته  ((مگلوبه عله البطانه ))، وهو يردد اغنية
عد وعد ونشوف ياهو اكثر فلوس ..... جيبي فرغ يا((هوش))* ، جيبك ذهب متروس
هذا وقد لاحظ الحضور ان  في يد  العم ((وجدان)) سيكاره  ((مزبن))، مما اثار استغرابهم هذا  الحال كثيرا ، عدم السلام ، والجيوب المقلوبه ، وسيكارة  ال((مزبن))، وجداحه  ام الفتيله،  ومالذي يقصده  ب((هوش))ـ اشارة الى وزير ماليتنا  هوش يار زيباري
ما  ان  اخذ مكانه  من الديوان  ، حتى بادره   الگهوجي   بطاسة ماء ، واردفها  بفنجان قهوة  ........
رد  وجدان على اصباحات الحضور  بصوت  مبحوح ، ومزاج مجروح ، فالتفت اليه  الحاج ((مردان))  متسائلا :-
خويه  وجدان  شنو  القضيه اليوم  اشو لاسلام  ولا كلام  وخلگك ضيج ،  وطابنه  تغني ، وجيوبك  مكلوبه ،  وجگايرك مزبن .......
أي والله   عمي  (وجدان ))  صدگ  انته اليوم حيرتنه  ماتكللنه شنهو السالفه ؟؟؟
 اخرج وجدان  من صدره   دخان لهيب  نار تعتمل   داخل  صدره  الموجوع ، نافثا  نفسا  قويا  من دخان  سيكارة 00المزبن))، تنحح  ثم  قال :-
 عمي  تخلوها  تظل عله هل الحال ، نكول نعمه  ونحمد الله ونشكره ،  خاف اجيكم يوم من الايام عريان ، وادخن  ورگ صفصاف  ،وغني  بطور منكوب
 ((مكرود نايم بالشمس ......ا تحلم بكطان   ضيعت  الدبس))
عمي وجدان  اذكر الله  شنهي القضيه ؟؟
بويه  انتم تدرون  انه  رجال  عطال بطال  من يوم  الذبيت المسحاه  ومات النخل  وصبخت الگاع ...... معتمد  عله  وليدي((سرحان)) الله يچرم  موظف  عند الحكومه ، وعنده مره  وخمس فروخ  دوم فاكين حلوگهم مثل العصافير ...
من يجيب المعاش ، يطي نص منه ايجار  للبيت ،  ونطلعله قوايم الماي والكهرباء  ولا  واللطيفه  يريدون من عدنه  فلوس حراسه .....، ويشتريلي  دواء الضغط  والقرحه  وكطره  لعيوني .... والباجي يطي لمريته يادوب  ساد  عيشتنه وعساكم  ما عشتوه ،  من صار   كيلو البصل   بالف  ونص ، اغله من الموز ..... فكمن نغمس  موز وخبز  والبصل  متفلكح يضحك علينه  ضامينه  خاف يجينه خطار نسويله  ((وشواشه )).
كل هذا وﮔلنه  ميخالف  .. اشو  هذا السمونه  (( هوش))   كام كل شهر ياخذله كمشه من المعاش ... أي أي  هو   هوش  يار ... أي  ولكم  هذا  يار((جار))   عله  المعاش  كلش  مره ضريبه  ومره  حشد  ومره  اعمار الانبار  ومره  تكالب  اجتماعي  ، أي  هيه هاي  تكافل  اجتماعي ، وكام مايسد نص  مصروفنه  .... والولد  محتار شيسوي ؟؟؟
وهل تشوفون  آنه مسوي  تقشف  للكشر ،  ولاني   جنت  اعرف هذا الراح ايصير بينه  من وره  امريكا  وربعه  الحراميه  اهل العمايم والافنديه ،  جنت ضاملي شده من جكاير المزبن ،  وحافظ  هاي الجداحه ام الفتيله  عله  النفط ..
فنب (( ﮁبير )) الشرطي مخاطبا  وجدان :-
عمي  مو  سعر النفط  نزل  والحكومه  ماعده  فلوس ومصاريف حرب جا من يجيب الحكومه فلوس ؟؟؟
عمي  المحتاز فلوس يمد ايده للجيب  المترو س مو ايمد ايده للجيب الفارغ ها  وحده
الثانيه مو يبوگ فلوس الشعب  ويصيح  الخزينه  فارغه
والثالثه  الحكومه تملك ((200))  مﮔوار  أي  أي هو هذا  مليار دولار  حسب مايگولون صدگانهم الامريكان، وهي اكيد من فلوس الشعب الملهوفه   فليش  ما يطون منه يردون  الجيب  ((عبيس)) المابيه  ((200)) فلس ....
والله يابه قريت واحد من  فروخ المسؤولين مشتريله  قصر بلنده   ب((275))  مليون   شيسمونه  العورو   ايه   هو هذا  اليورو   والله ياعمي   هذا اني لاشايفه  ولا عرفه .....
لا وموبس هاي  يعتبون عله الفقره التگول ((باسم الدين باگونه الحراميه))
جا عمي هذا التسونه  شيسمونه  صلاة تراويح .... انفخت كروشكم  وردت خدودكم ، وصارت  عدكم  املاك  بلنده ،  وامريكا ، وباريس ومدري وين  شنهو من بيع السبح  لو  من الحملداريه ؟؟؟
هساه عرفنه شركانكم  مثل ما اسمونهم انتم ((اهل السنه)) كانزين  من زمن النظام السابق ، والكردي اقطاعي  من الله خلگه، بس انتم حفاي  من  اﮁتكم المليارات ؟؟؟
لا ودور كلساه  وطلعنه   هذا  ال((هوش)) ابو لغود  ووﮔال  ((السنه عصيبه  والحكومه ما عده  فلوس  ولازم  تدور موارد  غير النفط  حتى  تسد المصاريف ))....
عمي يا مصاريف   معاش عبيس  ((150)) الف دينار يو معاش  ريسكم الحاضر والغايب ((83)) مليون دينار ؟؟؟
ابو لغود  من كون ماكو فلوس اشو  سويتوا  مؤتمر  اسلامي  للﮔامه بعشر مليارات ؟؟؟ 
وانته رايح تداوه  بلنده !!!
ها  شتگول  بهل الحجي   ي ((يجبير ))؟؟؟
والله عمي  اني  شگول  بعد ، واحنه  ينطبق  علينه  المثل الگال :-
((رادله گرون  گصو اذانه)) و ((ردنه الزود  ردينه  بنگيصه))
وما كو غير نغني سوه :-
(( عد  وعد ونشوف  ياهو اكثر ((فلوس))
 تطون الشعب كراث  ولكم  لحم محموس ))
گوم عمي  گوم خل  نشبع  گهوه  لاباچر ما  نحصل حتى ماي  نشرب
لابو بريمر .....لابو الدمغ  راطيه  أي والله  دمغ للفقره  الماعدهم  تدبره  اللي يمشون  وره  هل  ((المقربازيه ))
حميد الحريــــــــــــزي

49
حكايات العم ((وجدان)) في ديوان  الحاج ((مردان)
وقروا موتاكم ........ 4

دخل االعم  وجدان للديوان   بادية عليه علامات   الاستياء  والجزع  بشكل واضح  ، القى السلام على الحضور ، واخرج علبة سكائره، مستخرجا  سيكارته  على  عجل  واصابع  يده  ترتجف كم ن يستشعر بردا شديدا ، حتى انه لم ينتبه  الى  اشعالها من جانب الفلتر ، لولا تنبيه الحاج  مردان له .....
حجي  ((وجدان))  عدل جكارتك  خويه ، هاي شبيك اليوم ، اشو اشوفك  مو عله بعضك ابدا ؟؟؟
والله  ياحجي   ما ادري  شكلك  وشسولفك ، اليوم  شفتلي حادثه  ماتخلي براس  بنادم عقل .....
هساه  اريد اسأل كل واحد منكم ... من يروح  للزياره  يو  باي سفره  ايصير  اهوه  يگعد بالسدر  ويشد  ابوه  فوك  على سطح  السياره ؟؟؟؟
حجي  بروح ابوك   هو هذا  سؤال   يساله  عاقل ،   هاي  شلون ترضاه ، حتى المسودن  وما عنده غيره  وماعنده دين  ولا  اخلاق  اليسويه .....
عمي  انه  اعرف  انتم هاي ماتسونه    وماتسون  حتى  اتشدونلكم   حيوان على سوباية السياره   مو  الدور  والديكم  ابهاتكم  وامهاتكم  يو  أي عزيز  من  اعزازكم  يو معارفكم ....
لكن  ادور  اريد اسال   :-
احنه  اهلنه  واحبابنه  انقدرهم   بس  بحياتهم  ،  يو  يستمر تقديرنه الهم  حتى بمماتهم ، ويا ويله اليشتمهم يو يمسهم  بسوء يو  يجيب طاريهم  بالموزين   بعد مماتهم ؟؟؟؟
اخذ الحضور ينظر بعضهم بوجه  بعض ، متسائلين  بما  اصاب  العم  وجدان  هذا اليوم ، وماهو الغرض  من  اسئلته الغريبه    اليوم ؟؟؟
فبادره  الحاج  ((مردان)) قائلا :-
((وجدان))  بروح ابوك  ليش ما تطب  بالموضوع   مباشرة  ولا تشلع كلوبنه  باسئلتك  الغريبه هاي ، سولفنه بالشفته   اليوم ؟؟؟
وانه  جايكم  بالدرب  شفت   سياره كيه  وفوكه  جنازة ،  تريد تصعد الجسر ،  وبصعوده للجسر  وما اشوف  اله  التابوت  يفلت من  سلة السياره  ويتطشر  على الشارع  وانفضحت  جثة  المرحومه ..... والله  ما اگدر اكمل  توصيف  المشهد  المؤلم  وشصار بحال  المرحومه  واهله  ولمت الوادم  والصياح  والنياح .....
وهذا  المشهد  المخزي  نشوفه كل يوم  والجنايز عله  ظهو السيارات مربطه  بالحبال  تچي من  ابعد  المدن  والارياف  مودينه  للمقبره ...اهل الميت   ولده   واخوته واصدقائه   واقاربه   كاعدين  مرتاحين  على كراسي السيارة  تحت التبريد  والتدفئه  و((العزيز))  مربط  عل  ظهر السياره ، تحت  البرد والتراب والشمس  حتى  من توكف السيارة بمطعم  يو   بكازينو   الجماعه  ياكلون  ويشريون   و ((العزيز))   مربوط  عله  ظهر السياره !!!!
والمصيبه   انروح  ننصب چوادرنه ونسويله فاتحه  بملايين الدنانير  ترحما على روحه !!!!
اگول  ليش  ما تتخص سياره  مقفله  مكيفه   لنقل   جثامين  الموتى  باحترام .... نوديه   نغسله  ونزوره ونوديه  لقبره  مكرم معزز  مو حاله  حال    الحيوان  يو   جنطه  مربوطه  عله السله ،  واظن  هاي الخدمة  ما تكلف هوايه  قياسا  لما  نصرفه  على الفواتح والبرهج الفارغ .... واكيد  من  يتبنى  تاسييس   مثل هذه الخدمة  المكونه من  عدد من السيارات   راح يربح بالدنيه  والاخره  لتوقيره  جثامين   اخوانه   وابناء دينه ووطنه   بدل مما  يتعرضون له من  الاهانة  والاذلال  بلطريقة الحاليه ....
بروح  والديكم  هذا الحجي   حگ  باطل ؟؟؟
نطق الجميع   بكلمة  واحده   والله حجي كلامك  ذهب   وفوگ الحگ، بس  ما ندري  ليش  الوادم  ما فاطنه  لهل   القضيه ؟؟
عمي  وادمنه  شي  يقلد  شي  ... شافوا  الگبلهم  سو  هچي   همه  تبوعوهم ،  من غير مايعرفون  ان  اجدادنه  ما كان عدهم  وسيلة نقل  مثل ماعدنه  اليوم ، چانوا  ينقلون  الجنايز علىظهور  الحيوانات    يو   بالمهيلات  وعله  ظهور السفن ، فمن  تطورت  وسائل  النقل  هم  ما   تطورا  وياه ....
 عمي ((وجدان ))    نب  مسعو الگهوجي   :-
هساه  اليسمع   حچيك   راح  ياخذ بيه ؟؟
بويه  والله انه  من زمان  اگول هذا  غلط  ومو صحيح  عمي  لاتهينون  موتاكم  بهاي الطريقه  ، وحلفت  ويلادي   يحطوني  بستوته  ولا  ايشدوني على قمارة السياره  حتى لو  السياره  روز رايز ....
لكن يعمي  الوادم   ماتسمع  كلامي  ... تتنوع  لحلوك  المومانه   ....  وما ادري  ليش اهل العمايم ليش   ساكتين عله  هل   الظاهرة  المهينه/  للانسان ....
وشوفوا  شحلاتهم  اخوتنه  المسيح  وغيرهم   وبالدول المتقدمة مخصصين سيارات   سوداء مكيفه  لنقل  الجنايز   ومقابرهم  شلون  مزروعه  ورد  ونافورات  ماي  ومنظمه .... مو مثل  حال  مقابرنه .... تلكيه شي  فوگ شي  وموغربه   تشوف  شخص  يتغوط    او يتبول   فوق  او قرب   احد القبور   لان مقابرنا  خاليه  من  هاي الخدمات ....
عمي  سعود  ناوشني  فنچان  كهوه  بروح   ابوك  .... وانه اعيد كلامي   ومشكول الذمه    من أ موت لا  تشدوني عله  ظهر السيارة  حتى لو  تدفنوني  بمچاني ،  ولا تسولي فاتحه ....
حميد الحريـــــــــــــــزي

50
حكايا  العم ((وجدان )) في  ديوان  الحاج ((مردان))
(( التجاوز)) ح3




يبدو ان  الحضور   في الديوان  اصابهم  الملل  ، وانتابهم  القلق بخصوص   العم ((وجدان )) ، فقد تاخر  كثيرا   عن الحضور   وليس كعادته في كل مره .....فانبرى  الكهوجي  يسال  عمه  ((مردان ))
- حجي   اشو  انه بالي  يم  عمي  (( وجدان))  اشو  اتعطل اليوم  شنو سالفته ؟؟؟
والله  يابه  اني  هم مثلك  مستغرب .. انكول انشالله خير  يجوز صار عنده شغل  بالدرب ،يو  واحد  من وادمنه  كلفه  بقضية  تدري   عمك  وجدان  كل الناس  اتحبه  وتقدره   لذلك  تتعناه  الوادم   لقضاء  حاجه   او حل مشكله   او  حضور مشية  فرح  لو صلح .........
عموما منا  لبعد شويه  الا ما اجه  اود  واحد  لبيته يشوف  شنهو  العطله  ....
كل العيون تراقب  طريق   ((وجدان )) وتترقب  حضوره  كما  يترقبون  هللا العيد  كما  كانوا   يقولو له عند حضوره .....
اي والله  اظنه  ذاك  المجبل علينه ..... توجهت كل العيون  وركزت على  اتجاه  الاشارة  من قبل  الكَهوجي ....
اي اي   هو هو  .... الحمد لله والشكر
....دخل  وجدان   متوكئاً على  عكازة من  الخيزران ، وكان يبدو متعبا  ومهموما ..
السلام عليكم  ...
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته  رد  الديوان  جميعا ...
امر  له   مردان   بكَلاص  ماي   بارد  ... ولكم يبين الحجي تعبان ..
اي والله حجي رحم الله والديكم  والله  يابه  اني اعتذر عن   اقلاقكم واشكركم  لاهتمامكم بيه  لكن  والله   العوﮔني  اليوم عنكم   ، شي  لا الله  ولا عباده الصالحين يرضون بيه 
خيرك  حجي  شنهو القضيه ..
عمي اريد  اسال   الرصيف   البشارع   ملك  واحد يو ملك   كل  الناس ؟؟؟
لا طبعا ملك  كل الناس ؟؟؟
زين اهو المن مخصص؟؟؟
طبعا   مخصص   للناس  المشايه    حتى تكون  مامونه من  السيارات   والدراجات   والعرباين  وغيره
زين  من كون   الوادم  تعرف هاي  القضيه   ... ليش  ابو التكان   ساد الرصيف  بسطته    وابو السياره  ساد الرصيف  بسيارته ، واحد  مسويله  سياج  وحاجز الرصيف  ومخليه تابع  لبيته    عود زارعله  الاخ شجرات ، واحد  ساده  برميل النفط  ،  والاخر امسويله   علوه  بالباب  محد  يﮔدر  يصعد عليه.......وهاي الشغله  ما اجت  من  فراغ   لكن  ايﮔولون ((الناس  عله دين حكامه ))،
يعني  شلون  حجي؟؟
عمي  تشوف  المسؤول   بسيارت  المضلله   لايعرف  اشاره   ولا يعرف خط  سير ..... رواتبهم  ومخصصاتهم بكيفهم  بالمليارات ، رتبهم    وسكنهم   بكيفهم  ، ايفاداتهم  بكيفهم .....
اريد اﮔول  ان كل  هاي اليسونه هي تجاوز عله الشرع  والقانون  وعله حقوق  المواطن ، ومن شافتهم الوادم   ﮔامت  تقلدهم  وما  تحترم  لا العرف  ولا الشرع  ولا القانون   او الك ياطويل  الذراع ....
او هل التشوفون   شلون انه  اجيت اتعكز  لو  ما الله يستر  وانتبه   ﮁان  اليوم   انه  بالﮔبور   امكان   ﮔعدتي  هاي  بديوان مردان ،  من حيث  لختني ستوته  من  نزلت  للشارع  لان الرصيف   ساده   مرحوم والدين  امسويله  حديقه  عله الرصيف .....ويكولون  ﮔبل اسبوع  مره جبيره  هي  وابن ابنه سحﮔتهم  سياره   ابنفس الشارع ....
عمي ليش لاتخافون ضمايركم  ولا  عرفكم   ولا دينكم ولا تخافون القانون .....؟؟؟
عساه  بركبت كل مسؤول  لايخاف  الله  ولا  بنادم ولا القانون  ....((اذا رب  البيت على الدف  ناقر ....))
اطني عمي اطني فنجان ﮔهوه ....... لابو  المحاصصة لابو برايمر.....

حميد الحريـــــــــــــــــــــــــــــــزي

51


حِكَمْ الحاج (( وجدان )) في ديوان ((مردان))......
((ذيل الحصان ))(1)

اقبل   الحاج  ((وجدان))كعادته  الى الديوان ، ليرتشف القهوة  في  مضيف  الحاج مردان ، وليتداول الحديث  مع ابناء قريته في شؤون الانسان ......
السلام عليكم .....
نهض  جميع  من في  الديوان  لاستقبال الحاج  ((وجدان)) مهللين مرحبين  بقدومه  الذي  يترقبونه كل  يوم بلهفة كبيرة ، اخذ مجلسه كعادته  بجانب الحاج مردان ......
صباح الخير  حجي
صبحكم الله بالخير  والامان  جميعا   رحم الله والديكم .... اخذ فنجان القهوة  من يد  الكهوجي ، زاده بواحد اخر
احسنت  خدمناك  عريس .....
ممنون حجي  والف عافيه ، هني ومري  انشاء الله
اخرج حجي وجدان  مسبحته  من جيب سترته ، واخذ يدعك  حباتها  بين كفيه  وقد طاف ببصره مستعرضا وجوه الحاضرين  وكانه يحثهم على الطلب منه   بالحديث  منتظرين  جديده   كما هي عادته  في كل يوم
-أي  حجي  وجدان   اشوف عندك  سالفه   تريد تسولفه   ، هاي  الزلم  كله مستنبطه  تريد  تسمع  ...
أي والله  حكيمنه بروح  والديك  انته  ابو الحكمه وعودتنه  على  حجاياتك  الحلوه  .... هكذا نطق  جميع  الجالسين  بصوت واحد  مؤيدين  قول  الحاج مردان
تنحنح الحجي وقد أخذ نفس  قوي من جكَارته ....  وقال :-
اليوم اني عندي سؤال  واريد جوابه  ....
تفضل  حجي  النعرفه  نكَوله  وانته  ابو المفهوميه
السؤال :-
ليش الحصان  يموت  من  يبترون ذيله ؟؟؟
سرت  الهمهمات  بين الحضور ، بين  مستغرب  وبين مستفهم ،  يرى ان  الحكيم  اليوم  مو عله بعضه !!!!
حجي وجدان احنه نعم نعرف كلنه   بتر ذيل الحصان تكتل الحصان سبحان الله لكن ليش ما ندري....
انبرى الحاج مردان  للإجابة  قائلا :-
حسب  معرفتي   ان  سنسول  الحصان  ممتد   الى  ذيله ، واذا  كطعنه الذيل انكطع  السنسول   يلي  ممتد  بيه  الحبل  الشوكي ، واذا انكطع  هذا  الحبل  يموت  الحيوان ...صح لو موصح ؟؟؟
نعم  حجي مردان  صح   ونص وخمسه ....هههه
ضحك الجميع  وقد كانوا مسرورين  لا جابة  حجي  مردان  وانقاذهم  من الاحراج ...
لكن  حكيمنه   شنو قصدك بهل  السؤال ، انته  ما تنشد هجي نشده اله  عندك  هدف ، خو ما جاي  تمتحنه …….
والله يابه انتم  اكبر من الامتحان  وكلكم  مفهوميه ، لكن هل التشوفون الوادم  تتظاهر  وتهوس  ضد  الحكام  الظلمه  وضد الارهابيين   ومن ضمنهم  الدواعش واطرافهم وحواشيهم ، وليش امريكا التندعي بالديمقراطية والسلام والحرية  والرفاه للشعوب  ما تسقط  هاي الحكومات الظالمة  وما تقضي عله داعش  وحواشيه ؟؟؟؟
عمي  تره  هاي امريكا  وربعه  مثل  الحصان ، وهذوله  الحكام  الظلمه  والدواعش  والارهابيين ذيله  ، واذا   انكطع ذيله   تموت ....
وامريكا  ما تريد  اتموت  بالتأكيد ... صح لو موصح
والله  حجي  كلامك  صح  ونص  وخمسه .... يبين هاي  الوادم  تخوط  بصف  الاستكان
رحم الله والديكم   .... بس  عمي  الوادم    قسم  ما تعرف  وما تريد  تتعلم  ،  وقسم   هذا  الحال خادمهم    من حيث  اهمه  شعرات    مجلبه بذيل الحصان .....
هكذا  حتم   ((وجدان)) حديثه    مادا يده  للكهوجي  قائلا :-
شو اطني  بويه  فنجان  كهوة  رحمه على والديك   والف نعله   عله ابو الحصان  وابو ذيله .

حميد الحريزي




52

   
اذا عرف السبب بطل العجب .........

   
كنت اتساءل مع نفسي دوما حول سبب هبوط سعر النفط رغم ان بلاد البترول في العراق واليبيا وسوريا وحصار ايران ... في الوقت الذي يجب ان تكون اسعاره باعلى مستوياتها كما حصل ايام حرب الخليج ... فالمعروف ان اشتعال حرب في ارض البترول تؤدي الى ارتفاع سعره .... ولكن بعد ان كشف الدب الروسي حجم صادرات سرقات داعش من النفط العراقي والسوري وبالتاكيد الليبي الى تركيا وسواها وبابخس الاسعار تم حل اللغز وبانت حقيقة المفارقة
فقوى الراسمال العالمي تربح النفط شبه المجاني
وقوى الراسمال العالمي تجني المليارات ثمن مبيعات اسلحتها للاطراف المتحاربة .
وقوى الراسمال العالم تحصل على مبررات لتدخلها المسلح وغير المسلح في هذه البلدان .
وقوى الراسمال العالمي تربح العقول الشبابية المنتجة بتشجيع الهجرة خوفا من الارهاب صنيعتها ووسيلتها في تحقيق كل ما ذكر اعلاه .
حميد الحريزي


53
تركيا تستلم مكافأتها ..................

قطع شريان النفط ((الداعشي)) المسروق من سوريا والعراق  عن تركيا من قبل الطيران الروسي ، ومن ثم عن  سماسرة البترول من الراسماليين  في العالم الغربي  المتباكي على الديمقراطية ، اقدم ((اردوغان))  العثماني المستاسد ،على اسقاط  طائرة السيخوي 24 الروسية ، عقابا  على فعلها  الذي قصم ظهر ((الدواعش)) وافقدها  مليارات من الدولارات هي  شبكات التهريب الاجرامية  المتاجرة بثروات الشعوب .....
كما كشف اوراق امريكا ومن لف لفها  من المتواطئين مع ((الدواعش)) من قبل  ((بوتين)) الرئيس الروسي في قمة العشرين ، وتعاونهم المكشوف في سرقة النفط  وتمويل العصابات الاجرامية ،  مما افقدهم صوابهم  ولم  تكتف  هذه الاطراف  بمجزرة الطائرة المدنية الروسية  في سيناء  مصر  فاقدموا على جريمتهم لتحدي الدب الروسي في  شقه العسكري..... مما جعل الرئيس الروسي  يتخذ  قرارات  اقتصادية صارمة وسريعة  لمعاقبة  تركيا   كاجراءات رادعة .
فتنادت قوى الشر الراسمالي من اجل   نجدت  حليفتهم الاردوغانية  من خلال قمة  سريعة  تحت  ذريعة معالجة ازمة اللاجئين  اللذين هم بالاصل ضحايا قوى الراسمال المتوحش الامريكي  بالخصوص .. . فقررت منح  تركيا  اكثر من  ((3))  مليار دولار  والتسريع بانضمام تركيا  لاروبا !!!!!
انها مكافئة  سخية  لمجرم  اوغل في اجرامه  في مساندة ورعاية واحتضان  القوى الارهابية !!!!!
مما يكشف عن  المؤامرة الكبرى  التي تقودها امريكا وحلفائها في حلف الناتو  من اجل  اعادة تقسيم العالم  ونهب ثرواته  عبر ((طنطلها)) الطاعون  الداعشي الاسود الذي زرعتها  حول  ابار البترول العربية خصوصا ... هذه المؤامرة  الخطرة  التي تهدد  وجود وحدود هذه البلدان  وتستدعي مواجهة  جادة  موحدة  من قبل قواها الوطنية الحرة  على كافة المستويات  متغلبة على شرذمتها وخلافاتها الثانوية   لصد هذا  الشر المستطير  المنظم عالميا  .
حميد الحريزي

54
سلوك العراقيين  ما بين وهم((الجين)) و نهج((التدجين))   
دراسة  لرواية ((ترجيديا مدينة)) للروائي زيد الشهيد
بقلم  :  حميد الحريزي


قول في   ))ادبنــــــــــــــــــــة((التاريخ :-

حينما  نقرأ التاريخ  يجب  ان  نكون   على وعي بما نقرء ، فكاتب التاريخ  لايمكن  فصله  عن  منهجه الكتابي وعن  توجهه الفكري  وطريقته في   تسطير  الاحداث التاريخية .... فهناك من يروي  الاحداث كما  ظهرت له  على  السطح  دون ان  يغور  في عمق الحدث ، وهناك  من  ينسب الاحداث والظواهر التاريخية  الى فعل الفرد  الزعيم  او البطل  او المصلح ... وهناك من  يدرس الواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي المنتج للظاهرة  ومولدها  ومن يقف وراءها  ومن  يعمل على تفعيلها وديمومتها ، فهذه الظروف  هي صانعة  الابطال والزعماء ومن رحمها يولد الفاعل الاجتماعي  بمختلف توصيفاته وعنوانيه  تبعا للظرف التارخي  من حيث الزمان  والمكان ، فلا  امكانية للانبياء والرسل في  زمن العولمة  الراسمالية ، ....  لانريد ان نسهب في هذا المجال  من الارخنة  في الماضي والحاضر  ولكننا نريد ان  نلقي الضوء على   ادبنة التاريخ ، اي   كتابة التاريخ من قبل  الاديب  وبالخصوص الروائي باعتبار ان الرواية هي الجنس الادبي الارحب والانسب ان لم نقل الاوحد  لكتابة التاريخ ادبيا ،فالروائي عليه ان يكتب تاريخ الرواية ليست  كما ظهرت على السطح  او كما وثقها المؤرخ بل   بعث  شخصيات   غير ظاهرة ، تخليق شخصيات مهمشة في التاريخ المكتوب واظهار دورها الفاعل في  الاحداث ، وعلى الروائي ان  يظهر الاسباب الجذرية والحقيقية الكامنة وراء سلوكيات الناس  وذكر دور كل  فئة وطبقة  اجتماعية في الحدث  وهل هي مستفيدة  او  متضررة  من الحدث,,,,
)) ان الرواية التاريخية ليست تاريخا، ولكنها تتعامل مع التاريخ وهذا التعامل يفرض عليها حدودا، هي قيود لها ، لاتعرفها الرواية الفنية ، اول هذه الحدود والقيود ان تبقى الرواية مخلصة لطبيعتها الفنية  ولا تتحول الى كتاب من كتب التاريخ ، وثاتيها ات تستعير من التاريخ دون ان تحور فيه، وثالثها ان تنتقي من التاريخ دون ان  تتلاعب بسياقه وحقائقه ودلالاته)) ص70 الرواية العربية – البناء والرؤيا د. سمر روحي الفيصل.منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق 2003
عليه  ان يمتلك رؤيا واضحةلطبيعة مجتمعه وبيئته  بمختلف شرائحه وطبقاته  ودورها  في الاحداث  هل هي دافعة او معرقلة  للحدث  المعين ، بمعنى ان يمتلك  قدرة  في  علم الاجتماع وعلم النفس وطبيعة الثقافة السائدة  ،وهنا سوف يكون المنتج السردي ليس  منتجا وصفيا  سطحيا  ، بل مصباحا تنوريا يضع النقاط  على الحروف ويكشف  المستور  ويظهر المهمش   في الحراك الاجتماعي والثقافي والسياسي ، ويجهر بالمسكوت عنه من  قبل المؤرخ .......
((مايحدد نظرة الكاتب الى العالم ليس نوع الجانب الذي ينحاز اليه؟، بقدر ما هو نوع العيون التي ينظر بها الى العالم)) ص399 أرنولد هاوزر -  ج2 تاريخ الفن والمجتمع عبر التاريخ.
قدرة الكاتب على  التوليف بين الواقعي الحقيقي والتخيلي   المكثف والمظهر للواقعي المسكوت عنه ، هذه القدرة ستنتج عملا روائيا يجمع بين الواقعية والخيال المساند  ، على شرط عدم تغليب احدهما على الاخر بشكل تعسفي  ف(( تغليب الحقيقي سيضيق الخناق على المتخيل، فلا يترك له فرصة ابتداع الاحداث والازمنة والامكنة والشخصيات الرئيسية)) ص71 الرواية العربية – البناء والرؤيا د. سمر روحي الفيصل.منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق 2003
هذه المقدمة القصيرة ليست بالضرورة   تخص   رواية (( ترجيديا  مدينة ))  للرولئي  زيد الشهيد ، وانما هي  ملاحظات  عن الجانب الفكري  والمنهجي  للعديد من الروايات العراقية فيما يخص   تاريخ المدن ؟، او   ادبنة  الاحداث  والانتفاضات     في العراق  التي صدرت  خصوصا   مابعد  2003  حيث امتلك الاديب العراقي   حرية  الكتابة  وتاشير الاحداث   دون خوف وان بشكل  نسبي  وهذا مالم يكن  متاحا  للكاتب    ماقبل التغيير ....فالرواية التاريخية كما عرفها  ميخائيل باختين (( ان الرواية التاريخية هو التحديث الايجابي ، هو محو الحدود بين الازمنة، والتعرف على الحقيقي الخالد في الماضي)) ص180  مختارات من اعمال ميخائيل باختين – ترجمة  يوسف حلاق   ط1 2008 المركز القومي للترجمة .
ازمة هيمنة طبقية  مزمنة  :-
من  يقرأ تاريخ العراق   او بالاحرى قراءة  قيام وولادة الدولة العراقية  الوطنية  لم يكن بارادة وطنية عراقية ، بل هي تصنيع  من قبل  قوى استعمارية خارجية ، ورغم  الهياج الشعبي الكبير   ضد الاستعمار الانكليزي منذ ثورة 1920   الوطنية    ـ فلم  تتوصل قيادات هذه  الجموع الثائرة على الاتفاق  حول   زعيم لقيادة الدولة ، فتم استيراد ملك تولى العرش من خارج العراق ، هذا العجز ناجم  عن  عدم وجود طبقة برجوازية وطنية  ناضجة  مؤهلة للقيام  بدورها التاريخي كما  في دول العالم الاول  في اقامة  وقيادة  الدولة  القومية ،  وقد  بدات حياتها كدولة ريعية مصدر ايرادها الرئيسي هو البترول ، مما  سهل فرش   بساط الحكم تحت اقدام  ((الاقطوازية )) وهي طبقة هجينة من   الاقطاع والبرجوازية الطفيلية  المرتبطة  بنيويا  باسيادها في خارج العراق  من  فرس واتراك  وانكليز وامريكان ،  هذه الطبقة   عجزها  بنويوي من صلب  بنيتها  الفكرية  موروثة  مولدة عجزها ومديمة وجودها عبر تجدد الازمات  في  بنية المجتمع ، جل ماتخشاه نهضة القوى المنتجة الفاعلة  كالبرجوازية الوطنية  والطبقة المتوسطة المستنيرة والطبقة العاملة ....وهذا  هو سر   الانقلابات العسكرية المتوالية في العراق   حيث ان التغيير يتم بتغيير الوجوه  فقط  ولايمس جوهر الطبقة الحاكمة  المازومة  التي  تعمل جاهدة لتوظيف كل مصادر الثروة من اجل صيانةحكمها  وقمع  كل صوت للمعارضة  مهما كان  ضعيفا وهذا ماحصل  مع قوى اليسار العراقي  في عهدالملكية  وفي عهد الجمهورية الاولى زمن  عبد الكريم   قاسم   وماحدث في  شباط الاسود عام 1963 ومابعدها  ولحين  التاريخ .....اذن يجب الالتفات ان  حالة الازدواجية والثعلبة والتسول الاخلاقي   ليست جينة عراقية  او عربية انما هي سلوك وقائي من اجل البقاء كما هي الحربنة .... فلا غرابة  ان تحمل الجماهير  سيارة الملك    احتفاءا  بزيارته للسماوة   في 2-4-1953ثم   تخرج  جموعها تهزج   للثورة في 14  تموز  هاتفة  (( عمال السكك فدوه لبن قاسم ))، ثم  تسكن  مذعورة  امام  رشاشات شراذم الحرس القومي  في 1963 ، ثم تهتف  لعبد السلام   ولعودة البعث    في 1968... ويتحول الشيطان الاكبر الى الاخ الاكبروالمحررالمنقذفي2003!!

((قيء)) الريف ، وحثالة المدن:-
((شراد هديب)) هذا القروي المشرد العاطل عن العمل والمترعرع في رحم البداوة  مثالا ونموذجا لعشرات الالاف من الفلاحين او الرعاة اللذين  ضاقت بهم قراهم وصحاريهم نتبجة تردي  الواقع الزراعي وهيمنة قوى الاقطاع وظلمهم وقهرهم  للفلاحين ، مما اضطرهم  للهجرة للمدينة ، هذه المدينة  الخاوية  والتي تعيش كسادا مزمنا فلا  معامل ولامصانع  تحتوي وتجتذب   هذه الجماهير الى عجلة العمل المنتج  كما   حصل لامثالهم في العالم الغربي ابان الثورة الصناعية ، فتحولوا  الى عمال منتجين  واضحي الاصطفاف الطبقي والمهني مع   رفاقهم في العمل  تربطهم رابطة الكفاح المهني من اجل حياة افضل  يفرضونه  على الطبقة البرجوازية المنتجة  الحاكمة التي  من مصلحتها اعطاء حيز من الحرية  لازدهار الانتاج  والتجارة وبالتالي زيادة الربح ..... بمعنى ان المجتمعات الغربية  اصبح الاصطفاف الطبقي فيها واضحا   برجوازية   مهيمنة –طبقة وسطى   متنورة -  طبقةعاملة  ساعية للانعتاق  من ربقة قهر  راس المال ....في حين لازالت ((مجتمعاتنا)) عبارة عن كتل بشرية مائعة يتداخل بعضها ببعض لتكون غير واضحة الحدود والمعالم والصفات والسلوكيات   فتغلب عليها الهجنة  وضياع الاصطفاف الطبقي والضياع الفكري .
  سلوك  العراقيين  مابين ((الجين))  و(( التدجين ))
في  بلدان الريع كما  في العراق  شكل  ((شراد شتيوي ))واشباهه  جيشا من المهمشين لاتحتضن جموعهم  سوى  جبهات الموت  والقتال او سراديب السجون والمعتقلات ، بين خانع قانع ذليل يعيش على صدقات  الاغنياء  ، او خادما بلا روح ولامشاعر  للسلطة الظالمة  كشرطي  او  عنصر  امن ، او  ثعلبا  ماكرا   متلون غادر يستل خنجره حينا ويقبل  الايدي حينا  اخر  لكسب المال والجاه   وهذا ما  يسميه  الوردي وغيره  بازدواجية  وتلون وعدم ثبات الشخصية العراقية
ونظرا لتردي الموضوع  في  مدننا ، والقطع القهري لتطور المجتمع ليكون  مجتمعا مدنيا  حداثويا  عبر  تطور العمل  المنتج   في الصناعة  والزراعة ، وكبت الفكر الحر  منذ  قتل ومحاربة الفكر الاعتزالي كارهاصة اولى للعقلانية المتنورة  في المجتمعات العربية الاسلامية
((كانت افكار المعتزلة تمثل طموح المدنية بمختلف قئاتها، الى مراكز اجتماعية وسياسية كانت احتكارا لنبلاء الارض)) ص437 لمحات اجتماعية حسين مروة  مج2، وابقاء العراق  كبلد ريعي ، مما  ادام حالة الركود العام واصبح عائقا كبيرا امام نمو  وتطور القوى الحاملة  للفكر التنويري العلمي التقدمي ، ومحاولة قمعه  من قبل السلطة تحت  مختلف الذرائع  والحجج  كما  حصل مع  ((يوسف)) الشاب  الطموح الذي  حاول ان يضع  يده  على علة التخلف الاجتماعي في بلده ومحيطه
((صار حالما، صار خالق يبغيها يو توبيا، ابجديتها السعادة وعيش الناس بهناء، رفضا للحروب والتقاتل ودعوة للخير والسلام، يرفض التحزب في بلد كيلده لاتفقه نخبته الحزبية جوهر العمل المبني على التنافس الصادق....)) تراجيدياص196 ، لذلك سعت السلطات  تحطيم عقله  وروحه وحذفه صوب الاحباط والسلبية  والانكفاء  على الذات ،  كما  تم  قتل مشروع الحب  والالفة  بينه  وبين ((شيمران))  رمز التنوع  الفكري والديني كنواة للمشروع الحداثوي ،  وقد سبق كل ذلك  قتل سلطان شاهر ((ابو يوسف))  كمثال  للعقل المتتنور لطبقة  منتجة  ناهضة  وطبقة متوسطة  متنورة   واتهام ولده  بقتله  في محاولة لاستئصال هذه الفئة من الوجود الاجتماعي وكان السلطات تعيد قصة نبي الله يوسف  ولكن بوحشية وخسة اكبر حيث لم  يكتفي اخوة يوسف  بتغييب يوسف بل  اتهامه بقتل  ابيه !!!!،  وابنة المؤمن التي استنشقت عبير الحرية  والعلم  من والدها المتحدي لقيم  المجتمع المتزمت المحافظ ، وبدفع من  الطبيبة الثورية  الشيوعيه  ((تزيهة الدليمي))  اول امراة  تستوزر في تاريخ العراق ،  نتيجة الاحباطات الكثيرة والمضايقات الاكثر((استنتجت ان من المحال تحقيق "حرية المراة" في مجتمع ينزع  الى اصوله البدوية...))ص259 


وناصر الجبلاوي هذا العقل التوثيقي  في بلد   لايعرف  ولايهتم  يالتوثيق  بالصور  بل اعتاد النقل الشفافي للحدث ومعالم الشخصية  هذا من ارهاصات الحداثة  في المدن وفي المجتمع العراقي عموما.......
هذه الطموحات  الانسانية والوطنية  للتخبة المثقفة الواعية  تقابلها حالة التبعية والخضوع والخسة واللامبالاة للبرجوازية الطفيلية ممثلة بموقف شتيوي الياور
 ((لايأبه شتيوي لما يجري في المدينة ومايحصل في الوطن، لايرى في الاحتجاجات والتظاهرات غير افعال عقيمة لاناس يستولي على ملكاتهم الحقد وتحركهم اصابع لاتريد للبلاد الاستقرار...))تراجيديا ص164
 ومما له دلالة   انشاء  الجسر الحديدي الجديد ,وقبله  جسر  بربوتي، ليخدم انسيابية نقل البضائع ، وتنشيط تجارة الشركات الراسمالية الانكليزية خصوصا  ، حيث تم انشاء خط سكك الحديد ومجطته في البصرة والناصرية والسماوة  والديوانية والحلة وصولا الى بغداد  ومنثم الى الموصل ....
((فمدوا شبكة من السكك الحديد  وحركوا فوقها القطارات الحديدية التي نظر لها الناس على أنها  من أعمال السحر . إذ كيف تسير كل هذه الكتل الحديدية على سكة رفيعة ولم تميل أو تسقط . وبمرور الأيام تآلفوا معها ونسوا هذا السؤال المحيّر حتى وإن لم يحصلوا على جوابٍ له ))


.لمحاولة الربط  بين   عامة الناس في احد الضفتين  و الطبقة الحاكمة  في الضفة الثانية ((الصوب الصغير والصوب الكبير)) ، ولكن دون  جدوى فقد بقيت الهوة قائمة بين  الضفتين  لان  هذا الجسر لم ينجز بايدي  وفكر   عراقي  بل لحاجة  الشركات الراسمالية ، حاله حال محطة السكك الحديدية ، وقد عم الفساد  في الجهاز التنفيذي للسلطة ممثلا  بالمفوض ((رشاش)) بالتخادم  مع  البرجوازية الرثة الطفيلية  ((شتيوي الياور)) وحثالة البرولتاريا ممثلة ب(( شراد هديب )) لتعمل  بالتضامن والتكافل  لقتل كل  محاولة للبناء والتقدم ، وقطع  اليد التي تحاول ان تنزع عصائب التضليل عن عيون الجماهير  المستغلة  فكانت ((ثورة)) الرابع عشر من تموز  محاولة لردم الهوة ودمج الضفتين  كردة فعل لعدم قدرة الطبقة السياسية الملكية الحاكمة انجاز هذه المهمة،  فلاغرابة ان   يشهد العراق اقوى واشرس حملة قمع ضد القوى اليسارية  العراقية  وخصوصا في عام 1963  واغتيال  طموحات الشعب العراقي   المرجوة من   ((ثورة تموز 1958)) ، حيث تحالفت   منابر  دعاة التدين  وحراس الاخلاق مع  الشواذ والقتلة  مع اموال وهرواة الاقطاعيين  وبدعم من  ذيول المخابرات الراسمالية الامريكية والبريطانية خادمة الاحتكارات البترولية،  للفتك  بالقوى اليسارية حملة لواء الثورة والتقدم  والحرية  والمساواة.....
 العقل  الجمعي بين  الثورة والفورة

 انعكاسات  التطور  العلمي والفني والاجتماعي  في العالم الاول   على  بلدان العالم الثالث ،   هنا   لدينا  مدينة السماوة نموذجا ...حيث تم فتح   سينما ((عبد الاله )) من قبل  عبد الستار الامامي    عام 1948   وقد كان  هذا الحدث  ذو اثر كبير على   سكان المدينة وخصوصا الشباب  منهم
(( حضور السينما الى السماوة جسد الانتقال من ضفة  رتابة تكدس جهلا كاتما، وعتمة تكاد لاتنتهي الى ضفة نور وهاج يضيء دربا يمنح البهجة بلا حدود، ويهب متعة بلا قيود ...)) ص114
، فمثلا تاثر  العديد من الشباب  بموجة افلام  الوسترن ومنهم الشاب ((مجيد))  حيث يتماهى   هذا الشاب مع  ابطال هذه الافلام
(( في يوم عرض احد هذه الافلام بمقدور من يقترب من السينما قبل بدء بيع التذاكر بوقت مشاهدة مجيد بدشداشة مقلمة ونعال  مطاطي مترب...)) تراجيديا ص123
 حيث  ارتدى   البنطلون  وقبعة  قديمة  واحتزم   بفكي خروف  عى انهما   مسدسات  ابو البكره   واخذ  يقاتل   خصوم وهميين  يرديهم صرعى معلنا انتصاراته الوهمية .....مقلدا  ((جون  اوين )).
و((نجم))  عاشق  ستيف ريفرز   بطل كمال الاجسام ،  ودور ((هرقل الجبار))....
(( كل شيء اقد ر عليه ساكون ستيف ريفرز السماوة ،))تراجيديا ص133.
((حسان))  ((طرزان الخزاعل ))  حيث تماهى هذا الشاب  الحالم ان يكون نسخة  عراقية سماوية من  طرزان   هذا الرشيق  خفيف الحركة  فائق القدرات  وهو يتسلق  الاشجار ويتنقل  من  واحدة الى  اخرى مع قردته .....
هذه النماذج  وغيرها  انما تدل على   التقليد المستحيل  العاجز عن  تمثل   العالم  المتقدم   الذي قطع شوطا كبير ا  في التقدم  وامتلاك  الثروة والتقنية  العالية   وبناء الشخصية  المميزة  التي حاول  تسويقها  لبلدان التخلف  لتكون محل  ابهار  واعجاب  ومثال يقتدى  ونموذج يحتذى .... فمحاولات  هؤلاء الشباب الحالمين كمحاولة ابن فرناس الطيران بجناحين من شمع... فبذلك بدت محاولاتهم  محاولات بهلوانية   مضحكة ومثيرة  للحزن والاحباط  ناهيك عن اثارة  الفكاهة والتندر، انها ارادة الوهم  ...كما هي مودة القمصان الحمر والشوارب الستالينية ، والمسبحة الحمراء ، وحمل  الميداليات والتظاهر  بالسكر والكفر لبعض من فهم الشيوعية بهذه المظاهر البهلوانية  المظهرية... وليس فكرا ومنهج حياة   لذلك سرعان ما خلعه ببساطة خلعه لقميصه وربطة عنقه  ليبدلها بلون أخر يناسب الوضع الجديد ...كما تحولت مقهى ((غازي)) الى مقهى(( الشعب))، ثم الى   مقهى(( العروبة)) ثم الى مقهى(( بركات العباس)) او   مقهى ((الخلفاء))؟؟؟!!!!!
وحفل سجل المواليد بتغير  الاسماء  من ((فيصل)) الى (( كريم)) الى (( ناصر)) الى (( صدام)) الى ((باقر))....
نريد ان نخلص  ان تمثل الحضارة والتحضر بحاجة  الى  زمن من  بناء  ملتزماتها وبحاجة الى ظروف موضوعية وذاتية  لتحققها ،  ان   العمل المنتج  والتحول من الانتاج الزراعي  الاقطاعي  الى الانتاج الالي الصناعي على يد البرجوازية الناهضة  هو من   حفز العقول على الابتكار وازاحة كل ما يقف في طريق  التقدم ..  الى تخليق ذات  متفردة ، وشخصية  متفكرة  متدبرة ، تنبذ السكون  والتقليد والركود، محيث اصبح العمل هو  المفتي  وهو الموجه  وهو   المخلق  للعادات والتقاليد  والسلوكيات ، فلاتستطيع المرأة مثلا من قيادة السيارة وهي تلبس  البوشيه او الصعود الى  قمر  تهدده ((الحوتة)) بالابتلاع في كل حين  !!11.
 نريد ان نصل  الى ان  العديد  من الممارسات والافعال والظواهر في  مجتمعاتنا  رغم  مظاهرها الرصينة ومطاولتها ولكنها   لازالت تعاني  من الفشل والتراجع  والاحباط  لانها بصراحة كبيرة  تشبه سلوكيات  ((طرزان الخزاعل))  او  تصرفات  ((مجيد)) و ((نجم ))،  ومنها مثلا  ولادة الاحزاب اليسارية واللبرالية  والقومية  وهي نتاج وافراز  مجتمعات   حداثية مدنية   في مجتمعات منتجة  متحضرة  قطعة شوطا مهما في التطور  العلمي  والثقافي  متجاوزا   تنظيمات  المجتمع  الاهلي ماقبل الحداثي  كالعشيرة  والطائفة ، مما نتج عنه    تحول اغلب هذه التنظيمات  الى  التماثل مع بيئتها الاهلية  متناسية  منابتها المدنية  فتحولت  الى اشباه  قبائل  وطوائف  متصارعة متقاتلة  لاتختلف عن الطائفة  والعشيرة  الا بالاسم ، حيث العشق للزعامة والوجاهة  ، وسلوك الثأر ،  ونبذ  ان لم نقل ابادة ومحو  الاخر .... مما ادى المزيد من التدهور  واالتحسر  على الماضي  الرجعي  للخلاص من الحاضر ((الحداثي))  حيث  اخذت  المظاهرات  الدموية الارهابية تخرج من الجوامع  بدل  التظاهرات الوطنية  التواقة صوب الحرية والتقدم من صالات السينما !!!!
فهل معقول ان يولد حزب شيوعي  هو وليد  مجتمعات  صناعية  متقدمة في بلد  زراعي  متخلف  اغلب سكانه من الأميين  والعاطلين عن العمل والعشائرين  والطائفيين المتعصبين ، في بلد   يحرث   بمحراث تجره الثيران ... او في بلد  يستورد  كل شيء ولاينتج سوى   العدوات  واساليب القمع والقتل  والجريمة  ، اساليب جديدة للغزو  والحصول على الغنائم ؟؟؟
او  قيام حزب قومي يدعو  لوحدة عربية في مجتمعات قبلية مغلقة  لايسمح  لسكان  بعضها   زيارة البعض الا بجواز سفر  وتحت رقابة امنية  مشددة ؟؟
 والا بماذا نفسر اعدام  قادة الحزب الشيوعي  على   يد السلطات  الملكية ((الديمقراطية))، وبماذا  نفسر  قتل وتقطيع   رموز الملكية  على ايدي الجماهير الشعبية  الثورية  في  تموز 1958 ؟؟؟
 وبماذا نفسر  الاحداث المفزعة في الموصل وكركوك بين  اليساريين  والقوميين ؟؟
 وماذا  نفسر اعدام العديد  من رفاق السلاح في العهد الجمهوري الاول ؟؟؟
 وبماذا نفسر  حمامات الدم للحرس القومي   في 1963 ؟؟؟
 وبماذا نفسر  مجازر  نظام البعث  ضد  رفاقه  وابناء شعبه  من مختلف التوجهات القومية واليسارية والدينية  ؟؟؟؟ ووووو
 كذلك   اوضح  الروائي من خلال  السينما  ا بان الشخصية للمواطن  العراقي  السماوي مغرقة في  العاطفية الكبيرة  التي   تتفوق  على   السلوك العقلي  العملي والعلمي ،  فرغم  انه    رافض للاستعمار والتبعية   الا  ان رفضه  لايتحول  الى  فعل  الا في اجواء  التعبئة والحشد العاطفي للعقل الجمعي  في قاعة السينما  تحت تاثي فلم   ((يسقط الاستعمار))،  فيظهر الجموع   هاتفا بسقوط الاستعمار واذنابه  ليجوب   شوارع المدنية مناديا بالحرية للشعب والوطن ..... وكذا هو الحال  في  دعمه  ومساندته  لقضايا اشقائه العرب  عبر فلم   بورسعيد وبطولة الشعب المصري للرد  على عدوان   1956 ، حيث  جابت التظاهرات شوارع المدينة  رافضة للعدوان  الثلاثي ومتضامنة مع الشعب المصري الشقيق
 كان  الراوي   متمكنا من  توثيق  الكثير من  الاماكن  في المدينة  وابقائها   حية في ذاكرة الاجيال ، كالجسور  والاسواق  والمقاهي والنوادي والشوارع والفنادق ، ناهيك عن الشخصيات   الهامة  والهامشية  ،  وتسجيل   رائع للاحداث الهامة     عبر تاريخ المدينة لغاية نهاية العهد العارفي في 1968  على  يد  البعث ، كزيارات  الحكام  ، وقصة   قطار الموت الماساوية ،  وقصة بناء وافتتاح  الجسر الحديدي ،  وتظاهرات  عيد العمال  العالمي ،  وفعاليات عمال السكك الحديدية  المعلم المهم في السماوة .... المدارس  والمكتبة العامة  ...الخ كل هذا بكاميرة ناصر الجبلاوي
((ناصر الجبلاوي يتالم للوجوه الشاحبة والمكفهرة والممصوصة، يتاسى للقامات الهزيلة التي تلتقطها كاميرته وتثبتها على الورق. شهادات صورية لخواء مجتمع منكفيء تمثله رموز  متهرئة منصميم وجوده)) ترجيديا ص161.
 الروائي  القدير  زيد الشهيد يقدم لنا الادلة القاطعة المصورة والموثقة باسلوب ادبي رائع   بتوصيف مسهبا في تفاصيله ـ منحازا  للتفسير الخلدوني الوردي لطبيعة  الشخصية   العراقية  ، نقول رغم  الاثر الكبير للذات في  التحول والسلوك  ولكن للبنية الاقتصادية والاجتماعية والموروث الثقافي  اثر كبير  في  بناء الشخصية وتحولاتها ....كما انه  اختار الاسماء من واقع البدواة الغالبة على ((المدينة))، ك((شتيوي الياور))  و((رشاش))  ، و((هديب)) و ((العساف)) ... الخ
كما انه استطاع ان يتحرك برشاقة كبيرة بين  شوارع ومحلات واسواق السماوة المحلية ، عبر متابعة الاحداث من قبل  ناصر الجبلاوي وشغفه بتسجيل وتوثيق احداث  وشخصيات المدينة ، كما  انه تمكن من نقل القاريء للتجوال في العاصمة بغداد  بمختلف  شواهدها  الهامة والجاذبة والمبهرة لابن السماوة ، كما انه تمكن ان يربط ابن السماوة  بالعالم العربي والعالم الاوربي عبر  الافلام السينمائية  المختلفة ، وكانه يظهر الفروق والمفارقات بين  مختلف الثقفات  والسلوكيات  المحلية والبغدادية والعربية والعالمية .
•   ملاحظ  وجود   تكرار بعض الصور الوصفية  ، او الاحداث  اثناء السرد  مما يؤثر على رشاقة السرد  وجماليته ....
•   كان  من الممكن  تنشيط ذاكرة النهر  ليحكي الكثير من الاحداث  ويكشف  عن العديد من الاسرار، فنهر مثل ((الفرات)) كنز من الاسرار والذكريات  وشاهد عصر تمتد  لالاف من السنين ، خصوصا ونحن  نعرف  ان  الانهار هي روح الحياة للمدينة  وخصوصا في العراق ، فالسماوة ملتقى ذاكرة النهر وذاكرة الصحراء  وهي ميزة هامة جدا قلما تتمتع بها مدينة ... وكان النهر ((يوميء لهم )) في اكثر  من  مناسبة .....
 *نرى ان  الكاتب  اسهب كثيرا في  ذكر الافلام  السينمائية  وموجاتها المختلفة  واسماء وادوار  الممثلين المشهورين ، رغم انها دلالة على ثقافته السينمائية  الواسعة  ولكنها  اثقلت  الرواية بالكثير من التفاصيل الذي   ربما   لم تكن محل اهتمام اغلب  القراء  ناهيك   على  كونها  ليست  ذات دلالة  مؤثرة في طبيعة السرد  وسير  الاحداث .......
* نلاحظ  غياب دور الاديب ((الشاعر)) الفصيح  او الشعبي  ، او ((القاص)) ، وكان الكاتب وزع الادوار على الجميع ونسى  نفسه !!!
*قلما يجعل  الروائي  شخصياته تكشف عن دواخلها من خلال حوارها الداخلي، همومها  ، تطلعاتها ، مكنوناتها المستترة .
*كما اننا ومن خلال  اطلاعنا على  رواية ((اعوام الافراس)) و (( تراجيديا مدينة))، نستشعر وعدا مضمرا من قبل الكاتب  زيد الشهيد  باتحافنا باكثر من رواية  جديدة اخرى تتناول احداثا هامة من تاريخ العراق  كفترة حكم البعث  وحروبه وحصاره ، وانتفاضة  اذار  1990، وانهزام الديكتاتورية القومانية ، احداث الاحتلال وما بعده ولحين التاريخ ، وهذه اعمال ضخمة  جدا ومهمة جدا ، نتمنى ان يتمكن اديبنا الكبير من اعطائها او بعضهامنها حقها من (( الادبنة)) لتاريخها  المثقل بالاحداث التي  لاتنسى  في حياة الشعب العراقي....
لانريد ان  نعيد حكم اهل الثقفة والادب على القدرة الابداعية  والخيال الباذخ للروائي القدير ((زيد الشهيد)) لان الكاتب تجاوز هذا الوصف  منذ باكورة نتاجاته  لمختلف الاجناس الادبية ومنها القصة والرواية ، ولكننا لازلنا  نتطلع الى روائي منتظر قادر على  ((ادبنة))  تاريخ المدن  وتاريخ البلد  وفق منهج  جديد ، يقترب من  روح وجوهر الحدث التاريخي ، غائصا في اعماقه  ولايكتفي بالطفو  على السطح.... ولنا الثقة بان   زيد الشهيد  سيزيدنا بالمزيد من نور القدرة على فهم جوهر الحراك الاجتماعي وقواه الحقيقة المحركة والمعرقلة  ليتحفنا بروايات تاريخية تتوفر فيها  صفات الرواية الناجحة باي طريقة يشاء تجمع بين الصدق والجمال  حيث بقوول  جيمس جويس :-
((هناك خمسةملايين طريقة تحكي حكاية واحدة حسب الاهداف التي تقصد اليها)) ص97 الرواية العربية- البناء والرؤيا د. سمر روحي الفيصل .
ختاما نقدم للروائي القدير  آيات الاعجاب والتقدير  لابداعه المتميز ، واصراره على التواصل  المنتج المتجدد دوما .
يقلم  :  - حميد الحريـــــــــــــــــــــزي
Hamd.hur@gmail.com
 
         العراق







55
((البنت آغون ))   تخشى على وليدها((داعش)) من ضربات ((الدب الروسي))



((الدب الروسي))، يثبت الان في  سوريا  بانه قادر  على  فرض  هيبته وقوته  في  المناطق  الاراضي والبحار الدافئة  كما هو  في الاراضي والبحار  الباردة ، فقد  اثبت بانه  قويا فاعلا رشيقا خفيف الحركة على الارض السورية  ليمزق  بمخالبه  الجسد الداعشي الذي استعصى على العديد  من الجيوش  والحكومات العربية والاسلامية  وخصوصا في اسيا وافريقيا ، وقد كشف الوجه الحقيقي  لل((بنت  آغون)) حاضنة وراعية  مولودها المدلل ((داعش))  الذي  خلقته ليكون  وحشها المسيطر عليه من قبلها وارتباط حبله السري في  رحمها ، ليكون  وسيلة ضغط  لترويض كافة القوى التي لم تزل ممانعة  لقوى الرأسمال والاستغلال   الامريكي  المتوحش  والتي لم    تعترف بعد  بالكيان الصهيوني  ربيب الامبريالية الامريكية وهراوتها  الغليظة ضد  قوى التحرر والسلام في المنطقة  .......   

فقد لعبت امريكا دورا مزدوجا  مع  الارهاب  ، لعبت دور  الراعي والموجه  ولعبة دور المعادي    للدواعش واخواتها   وليد  القاعدة  الاشد همجية  وبربرية  في نسخته الاسلاموية ، ففي الوقت  الذي تبتز فيه الدول  المستباحة من قبل  طنطل  داعش  وتقوم  بأنشاء القواعد العسكرية  وتفعيل دور مخابراتها لتعبث في هذه البلدان  طولا  وعرضا ، بدعوى  مكافحتها للإرهاب ،  في حين اثبتت السنوات الماضية  في العراق خصوصا   بان   امريكا كانت   ولازالت تمد  الدواعش بكل  مستلزمات الديمومة  وتجدد القوة الى حد مدها  علنا  بالمال والسلاح   والخبرات البشرية وتسهيل وصول  المتطوعين   من  الدول  الغربية  والتحاقهم  بالمنظمات الارهابية  ومنها داعش ، وعدم  تزويد  جيوش  هذه المدن بالأسلحة والاعتدة والمعلومات الاستخبارية  الضرورية لدحر  الارهاب ، فقد  سقطت الموصل  وصلاح الدين  والرمادي  امام  انظار  الحليف الامريكي صاحب الصول والجول في الارض وفي السماء  دون ان تحرك ساكنا ،  وهذا ليس اتهام  واهي لأمريكا  وانما اثبتته الوقائع  لعدم وفاء امريكا   لمعاهدتها الامنية  الاستراتيجية بين امريكا والعراق  ومنها  صفقة  طائرات   الأف 16، وما  تقدمه  القوة العسكرية  الامريكية  ليس بمستوى جبروت وقدرة  الجيش الامريكي  الذي يبدو عاجزا امام   شراذم  عصابات  متخلفة  تتحرك على ارض منبسطة ....
فأمريكا  لا تريد حسم هذا الصراع  الا بعد ان تجبر كافة الاطراف على  القبول  بمخططها  المرسوم   وفي مقدمته تحجيم  ان لم نقل  تعطيل  النفوذ الايراني في المنطقة وخصوصا في العراق ، الهيمنة الكاملة على ارض وثروات العراق  عبر  تصنيع  وتخليق  طبقة سياسية   ثابتة الولاء لها  في العراق ، تقسيم العراق الى  ثلاثة  اقاليم  يضمر كل منها العداء  لجواره  من سنة وشيعة وكرد ، لتبقى  بصورة واخرى  مرتهنة لمساعدة امريكا  وهذا  لم يتحقق بعد ....فعراق قوي موحد  يشكل  هاجس  خطر دائم لمصالح الرأسمال العالمي ...
ان هذه العقلية التدميرية  ذات  الحضن المزدوج  للامساك   برؤوس المتصارعين  والتحكم بسلوكياتهم وولاءاتهم،  ليست كذلك  بالنسبة للدب الروسي  وان  كنا   لا نستبعد طبعا دفاع روسيا  المشروع  عن مصالحها الاقتصادية والعسكرية في المنطقة  ودفاعها عن امنها القومي الذي يعتبره مهددا  من قبل قوى الارهاب    ألاسلاموي ، فتاريخ روسيا في العالم العربي  تاريخا تميز بالمصداقية  والعطاء والتضامن والسلام   والبناء بالضد من  عدائية وهمجية واستغلالية قوى الرأسمال الغربي وخصوصا  البريطاني  والفرنسي والامريكي ....
فهذا الدور الفاعل والقوي للدب الروسي  في سوريا والذي  سيمتد بالتأكيد  الى دول اخرى  في منطقة  مشتعلة  ،اثار حفيظة ((البنت  آغون ))عشيقة ومربية  وحاضنة  الوحش  الداعشي  الدموي ، ففغرت فاها  صارخة مولولة   بالحرص على حقوق  الانسان  ومقتل الاطفال والمدنيين  والنساء في سوريا وكأن القذائف الروسية  لا تصيب  الا  اجساد المدنيين   السوريين  وليس الداعشيين (( الثوار)) من اجل الحرية عبر قطع الرؤوس  و اكل اكباد وقلوب الضحايا .....في حين اغفلت  تخصص القذائف الامريكية وحلفائها للمستشفيات واعراس المدنيين وقراهم في افغانستان  واليمن  وفي العراق !!
ان هذا المنطق  الامريكي وحلفائها  لا يمكن ان يقنع عاقلا في المنطقة العربية والاسلامية  وقد كشفت  الشعوب  الاعيبهم واعلامهم المضلل  وقد يممت وجهتها  صوب روسيا  والصين  وحلفائهما  لاحبا  بالدب  الروسي ولا التنين  الصيني  وانما من اجل  الخلاص  من  الارهاب  المصنع امريكيا  برداء اسلاموي  مهلهل .
حميد الحريـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــزي
العراق  hamd.hur@gmail.com

56
ماهكذا عرفت الناصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرية!!!!
على من نقر أ الفاتحــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة  يا مسؤولين؟؟؟؟
بعد عدة ساعات من سير المركبة متجهة صوب ارض سومر ارض الحضارات ، وانا استعرض شريطا طويلا من الذكريات ، ذكريات النضال ، والصداقة ، والحب ، والعمل منذ اواسط السبعينيات حيث تصور الحكام اني ساكون غاضبا لو تم نفي من مدينة ((دهوك)) في كردستان الى الناصرية تحت ذريعة مقتضيات المصلحة العامة ، ولكني كنت في غاية السعادة انها مدينة الاحلام وموضع الفكر الحر والتراث الحي والطيبة والجمال ، وبالفعل فقد جبت كل قرى المحافظة من الفجر الى الجبايش طولا وعرضا بحكم عملي وبحكم مقتضيات المصلحة ((العامة)) ايضا على مستوى المحافظة ....
كانت سنينا رائعة رغم مرارة الديكتاتورية ومضايقاتها ... حيث الالفة والمحبة مع اهل الناصرية في المدينة وفي الاهوار ، قلوب وبيوت مفتوحة ممشبعة بالود والحب والكرم والوفاء استمرت لاكثر من اربعة عشر عاما ، فكانت الناصرية حبيبتي ربما اكثر من مدينتي ومسقط راسي في مدينة النجف الاشرف ....
اعود الى سفرتي الاخيرة لحضور مجلس الفاتحة الى ام كريمة كانت امي الثانية حنانا ومودة في الناصرية وقد افجعني خبر وفاتها ...
اطل علينا راس الشرطي من شباك السيارة
هويتك حجي.....
نعم عمي تفضل ..
عمي انته منين ؟؟
من النجف ؟؟
زين شعدك جاي للناصرية ؟؟
فاجأني السؤال كثيرا، طبعاً اذن لبقية الركاب لانهم من  ((اهل)) الناصرية  ...
انا شعندي بالناصرية ؟؟؟
وهل هذا سؤال يوجه  للعراقي وهو يزور او يتنقل بين مدن  وطنه ؟؟؟
... الا يعلم هذا ال ... ان اجمل سنوات عمري واجمل ذكرياتي واكثر من عقد من الشباب والعمل والكفاح قضيتها في الناصرية ، عرفتني شوارعها وساحاتها انهارها واهوارها وهي تشم رائحة النشرات الثورية المناهضة للديكتاتورية في جيوبي وبين ثنيات ملابسي وتبتسم وتربت على متني ان لاتخف انت في الناصرية في مدينة الكفاح والوفاء مدينة ((فهد)) و مثوى((سيد وليد)) وقلعة (( خالد احمد زكي)) وابو معيشي  وداخل حسن وحسين نعمه  وووومدينة الثقافة والشعر والغناء .....
عموما قلت له بعد ان اخذتني ((الصفنة)) بعيدا
عمي اجيت اقره فاتحه وازور اصدقائي هنا في الناصرية ...
لا حجي انزل روح لبو الاستخبارات !!!!!
عمي  ايصير   اني على مشارف اربيل  مو الناصرية ؟؟؟

شنو حجي انته  دتهزل انزل انزل  روح لبو الاستخبارات ....
ماذا لبو الاستخبارات هل انا محل شبهات ياساتر ؟؟؟
لا حجي لازم يجي واحد يكفلك حتى تطب الناصرية ....
ما الامر يبدو اني على مشارف اقليم كردستان وليس على مشارف مدينة الناصرية ، حيث استنكر اغلب العراقيين اجراءات حكومة كردستان بعد م السماح لغير الكردي بدخول كردستان الا بمعرفة وكفالة كفيل كردي ومن ضمن المستنكرين العديد من مسؤولي الناصرية ناهيك عن سكانها !!!!
قلت ربما هذا الشرطي لايعي ما يفعل ... ذهبت نحو ابو الاستخبارات ...
عمي انا ......
اي وشنو يعني من النجف وموظف وعضو اتحاد ادباء ونقابة صحفيين .... اعرف اعرف انته عراقي ... حجي خابر احد يجي كفلك !!!!!!!
عمي ناس موجوعين عدهم فاتحة ما اريد ازعجهم بجيتي وازيد من متاعبهم ...
حجي بغير كفيل ما تدخل لا انته  ولا غيرك للناصرية من دون كفيل هذا خصم الحجي لو ترجع من ماجيت ...
اللهم صبرك ياروح ماذا يجري في هذا البلد وهل هناك عدواة بين النجف والناصرية او هل النجف افغانستان تصدر الارهابيين حتى تتخذ بحق النجفيين مثل هذه الاجراءات ؟؟؟؟
النهاية اتى الكفيل ودخلت المدينة ولا ادري هل اقرء الفاتحة على امي الثانية او اقرء الفاتحة على عراق واحد موحد ... او اقرء الفاتحة على كل طيبة  الناصرية وكرم وضيافة ومحبة اهلها وهذا مستحيل ؟؟؟
ولكني اوجه سؤالي الى مسؤولي الناصرية ابهذا الاسلوب تتم حماية الناصرية ؟؟
ابمثل هذا الاسلوب يتم استقبال احباب وضيوف الناصرية وهم في بلدهم ؟؟؟
حتى دخولك الى اي بلد اجنبي جواز سفرك هو وثيقة دخولك دون مانع ... الا تعتبر هوية الاحوال المدينة وبقية الوثائق الرسمية جواز مرور داخل مدن العراق ؟؟؟
في ظل اية اجراءات طاردة ومحفزة على الغربة والاغتراب والفرقة يعيش بعض المسؤولين ...
الا من يرى الا من يسمع الا من يعقل ماذا يفعل ؟؟؟
صرخة احتجاج ورفض اطلقها في وجه من اتخذ هذا القرار واطالب كل من يهمه الامر الى الغاء وشجب ومحاربة مثل هذه الاساليب الغير مقبولة في التعامل مع المواطن العراقي في بلده وبين اهله فهل من مجيب؟؟؟؟؟؟؟؟ ....
وماذا لو اتخذت محافظة النجف مع زوارها من بقية المحافظات ومدن العالم من كل العراق وخصوصا اثناء لزيارات والمناسبات الدينية وكذا الامر في كربلاء والكاظمية مثلا ؟؟؟؟؟


57
ضُرِبَ  أنف ((داعش)) ، فدمعت عيون ((العم سام)) !!!!!
     

 لغرض ذر الرماد في العيون اطلقوا عليها  اسم ((الحرب الباردة)) بين  الشيوعية او المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفياتي  والراسمالية او  المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية  والذي من المفترض ان تكون قد  طويت  صفحاتها   الماساوية واخمدت نيران  حربها العسكرية والسياسية والاقتصادية  والايدولوجية الضروس  بعد انهيار  المعسكر   الشيوعي او  الشرقي وتفكك الاتحاد السوفياتي ، ولكن  هذا الوهم  قد تبدد الان  في ظل مايجري في اكثر  من  بلد في العالم ، لابل اصبحت هذه الحرب  ساخنة وتزداد سخونة  باستمرار  وقد تنذر بشر  خطير  قد يحرق الاخضر واليابس لو قبلت ((السيخوي ))الروسية وجنة  ((الاف سكستين )) الامريكية ، هذه القبلة الحارقة الخارقة  التي قد تبعث شرارة للخزين النووي الهائل  في كلا الدولتين  الجبارتين .....
ان افرازات  الحرب الباردة كانت مسوخا  خطرة  تبدو وكانها  قد تمردت على  خلقها  ومصنعها  وخصوصا الامريكي الذي  لم يضع  خطوطا حمراء في صراعه مع غريمه الشيوعي في الجانب الاخر ، واول هذه المسوخ  كان   تنظيم ((القاعدة)) الارهابي  في اافغانستان ، والذي  تشظى الان الى عشرات  الطناطل والسعالي والمسوخ  الارهابية  المتكاثرة بالانشطار  وخصوصا في العالم العربي الاسلامي  المشبع برائحة البترول  حيث   تم برمجة  هذه المسوخ  من قبل  المصنع  الامريكي   لتكون التربة البترولية افضل الاوساط والبيئات المحببة  لديها  والمساعدة على نموها .........
ومن  اجل  ان  ينجز هذا  المسخ مهماته كاملة  من  خلال  شرذمة  وافقار  شعوب المنطقة  لاحكام هيمنة الراسمال المعولم على ثرواتها ومقدراتها  فقد  ارتدت  الولايات المتحدة  قناع المتصدي لهذه المسوخ  دفاعا  عن ((الديمقراطية))  حرصا منها  على  الامساك  بناصيتي  الطرفين الارهاب  ومقاومته  لتتحكم  في زمن ومكان واثر  هذه المسوخ ، كافضل مبرر لدخول جيوشها  وتدجين   وابتزاز  كافة القوى المناهضة للهيمنة الامبريالية الامريكية ، وهي تبث  الرسائل التي   تؤشرطول فترة حرب الارهاب  اي  طول فترة ارتهان هذه الشعوب  لارادة  الراسمال الامريكي  وتابيد الاستغلال والقهر .....
هذا الواقع المرير والخطير  استفز  الغريم القديم  مستشعرا   بدنو الخطر من   عرينه ، مما حفز لديه   كبريائه  وهيمنته القيصرية  والشيوعية ، فانتفض  الدب الروسي لياخذ دوره في هذا الصراع  وليثبت قدرته  على تمزيق اقنعة  الراسمال الامريكي  المنافس  وزيف  ادعائه  بمحاربة  ربيبه ومسخه  الارهاب بكافة   اشكاله ، وقدرته على اثبات كون  هذا  المسخ انما هو نمر من ورق  سيمرغ   الدب لروسي انفه  في مستنقع الهزيمة ، وهذا  مايحصل الان  في سوريا  وقد  يمت ان لم يكن قد امتد بالفعل الى العراق وربما يتعداهما ....
هذا الفعل الفاعل الجريء للدب الروسي اثار  موجة  عاتية وعاصفة  من الادعاءات  والاكاذيب وتصيد  الهنات  للاساءة  للقوة الروسية واظهارها  بالوحشية  وعدم الالتزام بحقوق الانسان  مفبركة الصور ومستاجرة  ، الابواق العفنة  للنيل  من  المجهود الروسي  في محاولة لافشاله  وابعاد خطره المعرقل  لاهدافها الشريرة في  المنطقة  متناسية جريمتها الطازجة  بقصف   مستشفى  اطباء بلا حدود في مدينة ((قتدوز)) في افغانستان  وتسببها  لمجزرة كبيرة  من المرضى والاطباء  في المستشفى  وهذا  ما لم  تفعله ولن تفعله الطائرات الروسية  في سوريا  او غيرها ،.
 ان هذا  الفزع الامريكي من التخل الروسي  تعاظم  مع تحالف هذا الدب  مع  ((الاسد)) الايراني  وعدم ممانعة ان لم نقل  مساندة(( التنين  لصيني ))   والاستقطاب للقوى  لاشك سيشمل قوى  ودول اخرى  في العالم المناهض لاطماع الراسمال الامريكي المتوحش ...
 لانريد ان  نتكهن  بما  ستؤول  اليه الاحداث في لمستقبل القريب  اضعفها حرائق سيغطي دخانها كل دول المنطقة، واخطرها  اتون   نيران   النووي التي  ستدمر  دول وقارات بكاملها ....
من كل ذلك  ندرك لماذا  هملت عيون ((العم سام)) ولطم عملائه العرب خدودهم ،  حينما  ضرب الدب الروسي انف ((داعش)) وحشهم المدلل .
حميد الحريزي 
العراق 
Hamd.hur@ gmail.com



58
سلوك العراقيين  ما بين وهم((الجين)) و نهج((التدجين))   
دراسة  لرواية ((ترجيديا مدينة)) للروائي زيد الشهيد



بقلم  :  حميد الحريزي

قول في   ))ادبنــــــــــــــــــــة((التاريخ :-

حينما  نقرأ التاريخ  يجب  ان  نكون   على وعي بما نقرء ، فكاتب التاريخ  لايمكن  فصله  عن  منهجه الكتابي وعن  توجهه الفكري  وطريقته في   تسطير  الاحداث التاريخية .... فهناك من يروي  الاحداث كما  ظهرت له  على  السطح  دون ان  يغور  في عمق الحدث ، وهناك  من  ينسب الاحداث والظواهر التاريخية  الى فعل الفرد  الزعيم  او البطل  او المصلح ... وهناك من  يدرس الواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي المنتج للظاهرة  ومولدها  ومن يقف وراءها  ومن  يعمل على تفعيلها وديمومتها ، فهذه الظروف  هي صانعة  الابطال والزعماء ومن رحمها يولد الفاعل الاجتماعي  بمختلف توصيفاته وعنوانيه  تبعا للظرف التارخي  من حيث الزمان  والمكان ، فلا  امكانية للانبياء والرسل في  زمن العولمة  الراسمالية ، ....  لانريد ان نسهب في هذا المجال  من الارخنة  في الماضي والحاضر  ولكننا نريد ان  نلقي الضوء على   ادبنة التاريخ ، اي   كتابة التاريخ من قبل  الاديب  وبالخصوص الروائي باعتبار ان الرواية هي الجنس الادبي الارحب والانسب ان لم نقل الاوحد  لكتابة التاريخ ادبيا ،فالروائي عليه ان يكتب تاريخ الرواية ليست  كما ظهرت على السطح  او كما وثقها المؤرخ بل   بعث  شخصيات   غير ظاهرة ، تخليق شخصيات مهمشة في التاريخ المكتوب واظهار دورها الفاعل في  الاحداث ، وعلى الروائي ان  يظهر الاسباب الجذرية والحقيقية الكامنة وراء سلوكيات الناس  وذكر دور كل  فئة وطبقة  اجتماعية في الحدث  وهل هي مستفيدة  او  متضررة  من الحدث,,,,
)) ان الرواية التاريخية ليست تاريخا، ولكنها تتعامل مع التاريخ وهذا التعامل يفرض عليها حدودا، هي قيود لها ، لاتعرفها الرواية الفنية ، اول هذه الحدود والقيود ان تبقى الرواية مخلصة لطبيعتها الفنية  ولا تتحول الى كتاب من كتب التاريخ ، وثاتيها ات تستعير من التاريخ دون ان تحور فيه، وثالثها ان تنتقي من التاريخ دون ان  تتلاعب بسياقه وحقائقه ودلالاته)) ص70 الرواية العربية – البناء والرؤيا د. سمر روحي الفيصل.منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق 2003
عليه  ان يمتلك رؤيا واضحةلطبيعة مجتمعه وبيئته  بمختلف شرائحه وطبقاته  ودورها  في الاحداث  هل هي دافعة او معرقلة  للحدث  المعين ، بمعنى ان يمتلك  قدرة  في  علم الاجتماع وعلم النفس وطبيعة الثقافة السائدة  ،وهنا سوف يكون المنتج السردي ليس  منتجا وصفيا  سطحيا  ، بل مصباحا تنوريا يضع النقاط  على الحروف ويكشف  المستور  ويظهر المهمش   في الحراك الاجتماعي والثقافي والسياسي ، ويجهر بالمسكوت عنه من  قبل المؤرخ .......
((مايحدد نظرة الكاتب الى العالم ليس نوع الجانب الذي ينحاز اليه؟، بقدر ما هو نوع العيون التي ينظر بها الى العالم)) ص399 أرنولد هاوزر -  ج2 تاريخ الفن والمجتمع عبر التاريخ.
قدرة الكاتب على  التوليف بين الواقعي الحقيقي والتخيلي   المكثف والمظهر للواقعي المسكوت عنه ، هذه القدرة ستنتج عملا روائيا يجمع بين الواقعية والخيال المساند  ، على شرط عدم تغليب احدهما على الاخر بشكل تعسفي  ف(( تغليب الحقيقي سيضيق الخناق على المتخيل، فلا يترك له فرصة ابتداع الاحداث والازمنة والامكنة والشخصيات الرئيسية)) ص71 الرواية العربية – البناء والرؤيا د. سمر روحي الفيصل.منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق 2003
هذه المقدمة القصيرة ليست بالضرورة   تخص   رواية (( ترجيديا  مدينة ))  للرولئي  زيد الشهيد ، وانما هي  ملاحظات  عن الجانب الفكري  والمنهجي  للعديد من الروايات العراقية فيما يخص   تاريخ المدن ؟، او   ادبنة  الاحداث  والانتفاضات     في العراق  التي صدرت  خصوصا   مابعد  2003  حيث امتلك الاديب العراقي   حرية  الكتابة  وتاشير الاحداث   دون خوف وان بشكل  نسبي  وهذا مالم يكن  متاحا  للكاتب    ماقبل التغيير ....فالرواية التاريخية كما عرفها  ميخائيل باختين (( ان الرواية التاريخية هو التحديث الايجابي ، هو محو الحدود بين الازمنة، والتعرف على الحقيقي الخالد في الماضي)) ص180  مختارات من اعمال ميخائيل باختين – ترجمة  يوسف حلاق   ط1 2008 المركز القومي للترجمة .
ازمة هيمنة طبقية  مزمنة  :-

من  يقرأ تاريخ العراق   او بالاحرى قراءة  قيام وولادة الدولة العراقية  الوطنية  لم يكن بارادة وطنية عراقية ، بل هي تصنيع  من قبل  قوى استعمارية خارجية ، ورغم  الهياج الشعبي الكبير   ضد الاستعمار الانكليزي منذ ثورة 1920   الوطنية    ـ فلم  تتوصل قيادات هذه  الجموع الثائرة على الاتفاق  حول   زعيم لقيادة الدولة ، فتم استيراد ملك تولى العرش من خارج العراق ، هذا العجز ناجم  عن  عدم وجود طبقة برجوازية وطنية  ناضجة  مؤهلة للقيام  بدورها التاريخي كما  في دول العالم الاول  في اقامة  وقيادة  الدولة  القومية ،  وقد  بدات حياتها كدولة ريعية مصدر ايرادها الرئيسي هو البترول ، مما  سهل فرش   بساط الحكم تحت اقدام  ((الاقطوازية )) وهي طبقة هجينة من   الاقطاع والبرجوازية الطفيلية  المرتبطة  بنيويا  باسيادها في خارج العراق  من  فرس واتراك  وانكليز وامريكان ،  هذه الطبقة   عجزها  بنويوي من صلب  بنيتها  الفكرية  موروثة  مولدة عجزها ومديمة وجودها عبر تجدد الازمات  في  بنية المجتمع ، جل ماتخشاه نهضة القوى المنتجة الفاعلة  كالبرجوازية الوطنية  والطبقة المتوسطة المستنيرة والطبقة العاملة ....وهذا  هو سر   الانقلابات العسكرية المتوالية في العراق   حيث ان التغيير يتم بتغيير الوجوه  فقط  ولايمس جوهر الطبقة الحاكمة  المازومة  التي  تعمل جاهدة لتوظيف كل مصادر الثروة من اجل صيانةحكمها  وقمع  كل صوت للمعارضة  مهما كان  ضعيفا وهذا ماحصل  مع قوى اليسار العراقي  في عهدالملكية  وفي عهد الجمهورية الاولى زمن  عبد الكريم   قاسم   وماحدث في  شباط الاسود عام 1963 ومابعدها  ولحين  التاريخ .....اذن يجب الالتفات ان  حالة الازدواجية والثعلبة والتسول الاخلاقي   ليست جينة عراقية  او عربية انما هي سلوك وقائي من اجل البقاء كما هي الحربنة .... فلا غرابة  ان تحمل الجماهير  سيارة الملك    احتفاءا  بزيارته للسماوة   في 2-4-1953ثم   تخرج  جموعها تهزج   للثورة في 14  تموز  هاتفة  (( عمال السكك فدوه لبن قاسم ))، ثم  تسكن  مذعورة  امام  رشاشات شراذم الحرس القومي  في 1963 ، ثم تهتف  لعبد السلام   ولعودة البعث    في 1968... ويتحول الشيطان الاكبر الى الاخ الاكبروالمحررالمنقذفي2003!!

((قيء)) الريف ، وحثالة المدن:-
((شراد هديب)) هذا القروي المشرد العاطل عن العمل والمترعرع في رحم البداوة  مثالا ونموذجا لعشرات الالاف من الفلاحين او الرعاة اللذين  ضاقت بهم قراهم وصحاريهم نتبجة تردي  الواقع الزراعي وهيمنة قوى الاقطاع وظلمهم وقهرهم  للفلاحين ، مما اضطرهم  للهجرة للمدينة ، هذه المدينة  الخاوية  والتي تعيش كسادا مزمنا فلا  معامل ولامصانع  تحتوي وتجتذب   هذه الجماهير الى عجلة العمل المنتج  كما   حصل لامثالهم في العالم الغربي ابان الثورة الصناعية ، فتحولوا  الى عمال منتجين  واضحي الاصطفاف الطبقي والمهني مع   رفاقهم في العمل  تربطهم رابطة الكفاح المهني من اجل حياة افضل  يفرضونه  على الطبقة البرجوازية المنتجة  الحاكمة التي  من مصلحتها اعطاء حيز من الحرية  لازدهار الانتاج  والتجارة وبالتالي زيادة الربح ..... بمعنى ان المجتمعات الغربية  اصبح الاصطفاف الطبقي فيها واضحا   برجوازية   مهيمنة –طبقة وسطى   متنورة -  طبقةعاملة  ساعية للانعتاق  من ربقة قهر  راس المال ....في حين لازالت ((مجتمعاتنا)) عبارة عن كتل بشرية مائعة يتداخل بعضها ببعض لتكون غير واضحة الحدود والمعالم والصفات والسلوكيات   فتغلب عليها الهجنة  وضياع الاصطفاف الطبقي والضياع الفكري .
  سلوك  العراقيين  مابين ((الجين))  و(( التدجين ))

في  بلدان الريع كما  في العراق  شكل  ((شراد شتيوي ))واشباهه  جيشا من المهمشين لاتحتضن جموعهم  سوى  جبهات الموت  والقتال او سراديب السجون والمعتقلات ، بين خانع قانع ذليل يعيش على صدقات  الاغنياء  ، او خادما بلا روح ولامشاعر  للسلطة الظالمة  كشرطي  او  عنصر  امن ، او  ثعلبا  ماكرا   متلون غادر يستل خنجره حينا ويقبل  الايدي حينا  اخر  لكسب المال والجاه   وهذا ما  يسميه  الوردي وغيره  بازدواجية  وتلون وعدم ثبات الشخصية العراقية
ونظرا لتردي الموضوع  في  مدننا ، والقطع القهري لتطور المجتمع ليكون  مجتمعا مدنيا  حداثويا  عبر  تطور العمل  المنتج   في الصناعة  والزراعة ، وكبت الفكر الحر  منذ  قتل ومحاربة الفكر الاعتزالي كارهاصة اولى للعقلانية المتنورة  في المجتمعات العربية الاسلامية
((كانت افكار المعتزلة تمثل طموح المدنية بمختلف قئاتها، الى مراكز اجتماعية وسياسية كانت احتكارا لنبلاء الارض)) ص437 لمحات اجتماعية حسين مروة  مج2، وابقاء العراق  كبلد ريعي ، مما  ادام حالة الركود العام واصبح عائقا كبيرا امام نمو  وتطور القوى الحاملة  للفكر التنويري العلمي التقدمي ، ومحاولة قمعه  من قبل السلطة تحت  مختلف الذرائع  والحجج  كما  حصل مع  ((يوسف)) الشاب  الطموح الذي  حاول ان يضع  يده  على علة التخلف الاجتماعي في بلده ومحيطه
((صار حالما، صار خالق يبغيها يو توبيا، ابجديتها السعادة وعيش الناس بهناء، رفضا للحروب والتقاتل ودعوة للخير والسلام، يرفض التحزب في بلد كيلده لاتفقه نخبته الحزبية جوهر العمل المبني على التنافس الصادق....)) تراجيدياص196 ، لذلك سعت السلطات  تحطيم عقله  وروحه وحذفه صوب الاحباط والسلبية  والانكفاء  على الذات ،  كما  تم  قتل مشروع الحب  والالفة  بينه  وبين ((شيمران))  رمز التنوع  الفكري والديني كنواة للمشروع الحداثوي ،  وقد سبق كل ذلك  قتل سلطان شاهر ((ابو يوسف))  كمثال  للعقل المتتنور لطبقة  منتجة  ناهضة  وطبقة متوسطة  متنورة   واتهام ولده  بقتله  في محاولة لاستئصال هذه الفئة من الوجود الاجتماعي وكان السلطات تعيد قصة نبي الله يوسف  ولكن بوحشية وخسة اكبر حيث لم  يكتفي اخوة يوسف  بتغييب يوسف بل  اتهامه بقتل  ابيه !!!!،  وابنة المؤمن التي استنشقت عبير الحرية  والعلم  من والدها المتحدي لقيم  المجتمع المتزمت المحافظ ، وبدفع من  الطبيبة الثورية  الشيوعيه  ((تزيهة الدليمي))  اول امراة  تستوزر في تاريخ العراق ،  نتيجة الاحباطات الكثيرة والمضايقات الاكثر((استنتجت ان من المحال تحقيق "حرية المراة" في مجتمع ينزع  الى اصوله البدوية...))ص259 
وناصر الجبلاوي هذا العقل التوثيقي  في بلد   لايعرف  ولايهتم  يالتوثيق  بالصور  بل اعتاد النقل الشفافي للحدث ومعالم الشخصية  هذا من ارهاصات الحداثة  في المدن وفي المجتمع العراقي عموما.......
هذه الطموحات  الانسانية والوطنية  للتخبة المثقفة الواعية  تقابلها حالة التبعية والخضوع والخسة واللامبالاة للبرجوازية الطفيلية ممثلة بموقف شتيوي الياور
 ((لايأبه شتيوي لما يجري في المدينة ومايحصل في الوطن، لايرى في الاحتجاجات والتظاهرات غير افعال عقيمة لاناس يستولي على ملكاتهم الحقد وتحركهم اصابع لاتريد للبلاد الاستقرار...))تراجيديا ص164
 ومما له دلالة   انشاء  الجسر الحديدي الجديد ,وقبله  جسر  بربوتي، ليخدم انسيابية نقل البضائع ، وتنشيط تجارة الشركات الراسمالية الانكليزية خصوصا  ، حيث تم انشاء خط سكك الحديد ومجطته في البصرة والناصرية والسماوة  والديوانية والحلة وصولا الى بغداد  ومنثم الى الموصل ....
 ((فمدوا شبكة من السكك الحديد  وحركوا فوقها القطارات الحديدية التي نظر لها الناس على أنها  من أعمال السحر . إذ كيف تسير كل هذه الكتل الحديدية على سكة رفيعة ولم تميل أو تسقط . وبمرور الأيام تآلفوا معها ونسوا هذا السؤال المحيّر حتى وإن لم يحصلوا على جوابٍ له ))

.لمحاولة الربط  بين   عامة الناس في احد الضفتين  و الطبقة الحاكمة  في الضفة الثانية ((الصوب الصغير والصوب الكبير)) ، ولكن دون  جدوى فقد بقيت الهوة قائمة بين  الضفتين  لان  هذا الجسر لم ينجز بايدي  وفكر   عراقي  بل لحاجة  الشركات الراسمالية ، حاله حال محطة السكك الحديدية ، وقد عم الفساد  في الجهاز التنفيذي للسلطة ممثلا  بالمفوض ((رشاش)) بالتخادم  مع  البرجوازية الرثة الطفيلية  ((شتيوي الياور)) وحثالة البرولتاريا ممثلة ب(( شراد هديب )) لتعمل  بالتضامن والتكافل  لقتل كل  محاولة للبناء والتقدم ، وقطع  اليد التي تحاول ان تنزع عصائب التضليل عن عيون الجماهير  المستغلة  فكانت ((ثورة)) الرابع عشر من تموز  محاولة لردم الهوة ودمج الضفتين  كردة فعل لعدم قدرة الطبقة السياسية الملكية الحاكمة انجاز هذه المهمة،  فلاغرابة ان   يشهد العراق اقوى واشرس حملة قمع ضد القوى اليسارية  العراقية  وخصوصا في عام 1963  واغتيال  طموحات الشعب العراقي   المرجوة من   ((ثورة تموز 1958)) ، حيث تحالفت   منابر  دعاة التدين  وحراس الاخلاق مع  الشواذ والقتلة  مع اموال وهرواة الاقطاعيين  وبدعم من  ذيول المخابرات الراسمالية الامريكية والبريطانية خادمة الاحتكارات البترولية،  للفتك  بالقوى اليسارية حملة لواء الثورة والتقدم  والحرية  والمساواة.....
 العقل  الجمعي بين  الثورة والفورة

 انعكاسات  التطور  العلمي والفني والاجتماعي  في العالم الاول   على  بلدان العالم الثالث ،   هنا   لدينا  مدينة السماوة نموذجا ...حيث تم فتح   سينما ((عبد الاله )) من قبل  عبد الستار الامامي    عام 1948   وقد كان  هذا الحدث  ذو اثر كبير على   سكان المدينة وخصوصا الشباب  منهم
(( حضور السينما الى السماوة جسد الانتقال من ضفة  رتابة تكدس جهلا كاتما، وعتمة تكاد لاتنتهي الى ضفة نور وهاج يضيء دربا يمنح البهجة بلا حدود، ويهب متعة بلا قيود ...)) ص114
، فمثلا تاثر  العديد من الشباب  بموجة افلام  الوسترن ومنهم الشاب ((مجيد))  حيث يتماهى   هذا الشاب مع  ابطال هذه الافلام
(( في يوم عرض احد هذه الافلام بمقدور من يقترب من السينما قبل بدء بيع التذاكر بوقت مشاهدة مجيد بدشداشة مقلمة ونعال  مطاطي مترب...)) تراجيديا ص123
 حيث  ارتدى   البنطلون  وقبعة  قديمة  واحتزم   بفكي خروف  عى انهما   مسدسات  ابو البكره   واخذ  يقاتل   خصوم وهميين  يرديهم صرعى معلنا انتصاراته الوهمية .....مقلدا  ((جون  اوين )).
و((نجم))  عاشق  ستيف ريفرز   بطل كمال الاجسام ،  ودور ((هرقل الجبار))....
(( كل شيء اقد ر عليه ساكون ستيف ريفرز السماوة ،))تراجيديا ص133.
((حسان))  ((طرزان الخزاعل ))  حيث تماهى هذا الشاب  الحالم ان يكون نسخة  عراقية سماوية من  طرزان   هذا الرشيق  خفيف الحركة  فائق القدرات  وهو يتسلق  الاشجار ويتنقل  من  واحدة الى  اخرى مع قردته .....
هذه النماذج  وغيرها  انما تدل على   التقليد المستحيل  العاجز عن  تمثل   العالم  المتقدم   الذي قطع شوطا كبير ا  في التقدم  وامتلاك  الثروة والتقنية  العالية   وبناء الشخصية  المميزة  التي حاول  تسويقها  لبلدان التخلف  لتكون محل  ابهار  واعجاب  ومثال يقتدى  ونموذج يحتذى .... فمحاولات  هؤلاء الشباب الحالمين كمحاولة ابن فرناس الطيران بجناحين من شمع... فبذلك بدت محاولاتهم  محاولات بهلوانية   مضحكة ومثيرة  للحزن والاحباط  ناهيك عن اثارة  الفكاهة والتندر، انها ارادة الوهم  ...كما هي مودة القمصان الحمر والشوارب الستالينية ، والمسبحة الحمراء ، وحمل  الميداليات والتظاهر  بالسكر والكفر لبعض من فهم الشيوعية بهذه المظاهر البهلوانية  المظهرية... وليس فكرا ومنهج حياة   لذلك سرعان ما خلعه ببساطة خلعه لقميصه وربطة عنقه  ليبدلها بلون أخر يناسب الوضع الجديد ...كما تحولت مقهى ((غازي)) الى مقهى(( الشعب))، ثم الى   مقهى(( العروبة)) ثم الى مقهى(( بركات العباس)) او   مقهى ((الخلفاء))؟؟؟!!!!!
وحفل سجل المواليد بتغير  الاسماء  من ((فيصل)) الى (( كريم)) الى (( ناصر)) الى (( صدام)) الى ((باقر))....
نريد ان نخلص  ان تمثل الحضارة والتحضر بحاجة  الى  زمن من  بناء  ملتزماتها وبحاجة الى ظروف موضوعية وذاتية  لتحققها ،  ان   العمل المنتج  والتحول من الانتاج الزراعي  الاقطاعي  الى الانتاج الالي الصناعي على يد البرجوازية الناهضة  هو من   حفز العقول على الابتكار وازاحة كل ما يقف في طريق  التقدم ..  الى تخليق ذات  متفردة ، وشخصية  متفكرة  متدبرة ، تنبذ السكون  والتقليد والركود، محيث اصبح العمل هو  المفتي  وهو الموجه  وهو   المخلق  للعادات والتقاليد  والسلوكيات ، فلاتستطيع المرأة مثلا من قيادة السيارة وهي تلبس  البوشيه او الصعود الى  قمر  تهدده ((الحوتة)) بالابتلاع في كل حين  !!11.
 نريد ان نصل  الى ان  العديد  من الممارسات والافعال والظواهر في  مجتمعاتنا  رغم  مظاهرها الرصينة ومطاولتها ولكنها   لازالت تعاني  من الفشل والتراجع  والاحباط  لانها بصراحة كبيرة  تشبه سلوكيات  ((طرزان الخزاعل))  او  تصرفات  ((مجيد)) و ((نجم ))،  ومنها مثلا  ولادة الاحزاب اليسارية واللبرالية  والقومية  وهي نتاج وافراز  مجتمعات   حداثية مدنية   في مجتمعات منتجة  متحضرة  قطعة شوطا مهما في التطور  العلمي  والثقافي  متجاوزا   تنظيمات  المجتمع  الاهلي ماقبل الحداثي  كالعشيرة  والطائفة ، مما نتج عنه    تحول اغلب هذه التنظيمات  الى  التماثل مع بيئتها الاهلية  متناسية  منابتها المدنية  فتحولت  الى اشباه  قبائل  وطوائف  متصارعة متقاتلة  لاتختلف عن الطائفة  والعشيرة  الا بالاسم ، حيث العشق للزعامة والوجاهة  ، وسلوك الثأر ،  ونبذ  ان لم نقل ابادة ومحو  الاخر .... مما ادى المزيد من التدهور  واالتحسر  على الماضي  الرجعي  للخلاص من الحاضر ((الحداثي))  حيث  اخذت  المظاهرات  الدموية الارهابية تخرج من الجوامع  بدل  التظاهرات الوطنية  التواقة صوب الحرية والتقدم من صالات السينما !!!!
فهل معقول ان يولد حزب شيوعي  هو وليد  مجتمعات  صناعية  متقدمة في بلد  زراعي  متخلف  اغلب سكانه من الأميين  والعاطلين عن العمل والعشائرين  والطائفيين المتعصبين ، في بلد   يحرث   بمحراث تجره الثيران ... او في بلد  يستورد  كل شيء ولاينتج سوى   العدوات  واساليب القمع والقتل  والجريمة  ، اساليب جديدة للغزو  والحصول على الغنائم ؟؟؟
او  قيام حزب قومي يدعو  لوحدة عربية في مجتمعات قبلية مغلقة  لايسمح  لسكان  بعضها   زيارة البعض الا بجواز سفر  وتحت رقابة امنية  مشددة ؟؟
 والا بماذا نفسر اعدام  قادة الحزب الشيوعي  على   يد السلطات  الملكية ((الديمقراطية))، وبماذا  نفسر  قتل وتقطيع   رموز الملكية  على ايدي الجماهير الشعبية  الثورية  في  تموز 1958 ؟؟؟
 وبماذا نفسر  الاحداث المفزعة في الموصل وكركوك بين  اليساريين  والقوميين ؟؟
 وماذا  نفسر اعدام العديد  من رفاق السلاح في العهد الجمهوري الاول ؟؟؟
 وبماذا نفسر  حمامات الدم للحرس القومي   في 1963 ؟؟؟
 وبماذا نفسر  مجازر  نظام البعث  ضد  رفاقه  وابناء شعبه  من مختلف التوجهات القومية واليسارية والدينية  ؟؟؟؟ ووووو
 كذلك   اوضح  الروائي من خلال  السينما  ا بان الشخصية للمواطن  العراقي  السماوي مغرقة في  العاطفية الكبيرة  التي   تتفوق  على   السلوك العقلي  العملي والعلمي ،  فرغم  انه    رافض للاستعمار والتبعية   الا  ان رفضه  لايتحول  الى  فعل  الا في اجواء  التعبئة والحشد العاطفي للعقل الجمعي  في قاعة السينما  تحت تاثي فلم   ((يسقط الاستعمار))،  فيظهر الجموع   هاتفا بسقوط الاستعمار واذنابه  ليجوب   شوارع المدنية مناديا بالحرية للشعب والوطن ..... وكذا هو الحال  في  دعمه  ومساندته  لقضايا اشقائه العرب  عبر فلم   بورسعيد وبطولة الشعب المصري للرد  على عدوان   1956 ، حيث  جابت التظاهرات شوارع المدينة  رافضة للعدوان  الثلاثي ومتضامنة مع الشعب المصري الشقيق
 كان  الراوي   متمكنا من  توثيق  الكثير من  الاماكن  في المدينة  وابقائها   حية في ذاكرة الاجيال ، كالجسور  والاسواق  والمقاهي والنوادي والشوارع والفنادق ، ناهيك عن الشخصيات   الهامة  والهامشية  ،  وتسجيل   رائع للاحداث الهامة     عبر تاريخ المدينة لغاية نهاية العهد العارفي في 1968  على  يد  البعث ، كزيارات  الحكام  ، وقصة   قطار الموت الماساوية ،  وقصة بناء وافتتاح  الجسر الحديدي ،  وتظاهرات  عيد العمال  العالمي ،  وفعاليات عمال السكك الحديدية  المعلم المهم في السماوة .... المدارس  والمكتبة العامة  ...الخ كل هذا بكاميرة ناصر الجبلاوي

((ناصر الجبلاوي يتالم للوجوه الشاحبة والمكفهرة والممصوصة، يتاسى للقامات الهزيلة التي تلتقطها كاميرته وتثبتها على الورق. شهادات صورية لخواء مجتمع منكفيء تمثله رموز  متهرئة منصميم وجوده)) ترجيديا ص161.
 الروائي  القدير  زيد الشهيد يقدم لنا الادلة القاطعة المصورة والموثقة باسلوب ادبي رائع   بتوصيف مسهبا في تفاصيله ـ منحازا  للتفسير الخلدوني الوردي لطبيعة  الشخصية   العراقية  ، نقول رغم  الاثر الكبير للذات في  التحول والسلوك  ولكن للبنية الاقتصادية والاجتماعية والموروث الثقافي  اثر كبير  في  بناء الشخصية وتحولاتها ....كما انه  اختار الاسماء من واقع البدواة الغالبة على ((المدينة))، ك((شتيوي الياور))  و((رشاش))  ، و((هديب)) و ((العساف)) ... الخ
كما انه استطاع ان يتحرك برشاقة كبيرة بين  شوارع ومحلات واسواق السماوة المحلية ، عبر متابعة الاحداث من قبل  ناصر الجبلاوي وشغفه بتسجيل وتوثيق احداث  وشخصيات المدينة ، كما  انه تمكن من نقل القاريء للتجوال في العاصمة بغداد  بمختلف  شواهدها  الهامة والجاذبة والمبهرة لابن السماوة ، كما انه تمكن ان يربط ابن السماوة  بالعالم العربي والعالم الاوربي عبر  الافلام السينمائية  المختلفة ، وكانه يظهر الفروق والمفارقات بين  مختلف الثقفات  والسلوكيات  المحلية والبغدادية والعربية والعالمية .
•   ملاحظ  وجود   تكرار بعض الصور الوصفية  ، او الاحداث  اثناء السرد  مما يؤثر على رشاقة السرد  وجماليته ....
•   كان  من الممكن  تنشيط ذاكرة النهر  ليحكي الكثير من الاحداث  ويكشف  عن العديد من الاسرار، فنهر مثل ((الفرات)) كنز من الاسرار والذكريات  وشاهد عصر تمتد  لالاف من السنين ، خصوصا ونحن  نعرف  ان  الانهار هي روح الحياة للمدينة  وخصوصا في العراق ، فالسماوة ملتقى ذاكرة النهر وذاكرة الصحراء  وهي ميزة هامة جدا قلما تتمتع بها مدينة ... وكان النهر ((يوميء لهم )) في اكثر  من  مناسبة .....
 *نرى ان  الكاتب  اسهب كثيرا في  ذكر الافلام  السينمائية  وموجاتها المختلفة  واسماء وادوار  الممثلين المشهورين ، رغم انها دلالة على ثقافته السينمائية  الواسعة  ولكنها  اثقلت  الرواية بالكثير من التفاصيل الذي   ربما   لم تكن محل اهتمام اغلب  القراء  ناهيك   على  كونها  ليست  ذات دلالة  مؤثرة في طبيعة السرد  وسير  الاحداث .......
* نلاحظ  غياب دور الاديب ((الشاعر)) الفصيح  او الشعبي  ، او ((القاص)) ، وكان الكاتب وزع الادوار على الجميع ونسى  نفسه !!!
*قلما يجعل  الروائي  شخصياته تكشف عن دواخلها من خلال حوارها الداخلي، همومها  ، تطلعاتها ، مكنوناتها المستترة .
*كما اننا ومن خلال  اطلاعنا على  رواية ((اعوام الافراس)) و (( تراجيديا مدينة))، نستشعر وعدا مضمرا من قبل الكاتب  زيد الشهيد  باتحافنا باكثر من رواية  جديدة اخرى تتناول احداثا هامة من تاريخ العراق  كفترة حكم البعث  وحروبه وحصاره ، وانتفاضة  اذار  1990، وانهزام الديكتاتورية القومانية ، احداث الاحتلال وما بعده ولحين التاريخ ، وهذه اعمال ضخمة  جدا ومهمة جدا ، نتمنى ان يتمكن اديبنا الكبير من اعطائها او بعضهامنها حقها من (( الادبنة)) لتاريخها  المثقل بالاحداث التي  لاتنسى  في حياة الشعب العراقي....
لانريد ان  نعيد حكم اهل الثقفة والادب على القدرة الابداعية  والخيال الباذخ للروائي القدير ((زيد الشهيد)) لان الكاتب تجاوز هذا الوصف  منذ باكورة نتاجاته  لمختلف الاجناس الادبية ومنها القصة والرواية ، ولكننا لازلنا  نتطلع الى روائي منتظر قادر على  ((ادبنة))  تاريخ المدن  وتاريخ البلد  وفق منهج  جديد ، يقترب من  روح وجوهر الحدث التاريخي ، غائصا في اعماقه  ولايكتفي بالطفو  على السطح.... ولنا الثقة بان   زيد الشهيد  سيزيدنا بالمزيد من نور القدرة على فهم جوهر الحراك الاجتماعي وقواه الحقيقة المحركة والمعرقلة  ليتحفنا بروايات تاريخية تتوفر فيها  صفات الرواية الناجحة باي طريقة يشاء تجمع بين الصدق والجمال  حيث بقوول  جيمس جويس :-
((هناك خمسةملايين طريقة تحكي حكاية واحدة حسب الاهداف التي تقصد اليها)) ص97 الرواية العربية- البناء والرؤيا د. سمر روحي الفيصل .
ختاما نقدم للروائي القدير  آيات الاعجاب والتقدير  لابداعه المتميز ، واصراره على التواصل  المنتج المتجدد دوما .
يقلم  :  - حميد الحريـــــــــــــــــــــزي
Hamd.hur@gmail.com
 
         العراق


59
يحدث لاول مرة في العراق ....

بعد سقوط الديكتاتورية  في العراق ، بقيادة الولايات المتحدة  الامريكية ، والذي ادعى البعض انها  فشلت  في العراق وهذا عكس الواقع  حيث  تجسد نجاحها فيما نحن عليه  الان
اولا  تمكنت  امريكا  من  النجاح في التسقيط الجماعي لقوى ((المعارضة)) العراقية  من كل الالوان بما فيهم الحزب الشيوعي كممثل لليسار العراقي .
ثنيا :- تثبيت   مبدء المحاصصة العرقية والطائفية  هذه الداينمو المولدةللفساد والجهل والتبعية .
ثالثا :-  تصنيع   قوى معارضة  مدعية المقاومة للاحتلال   من ((القاعدة)) وبقايا   البعث ، بوجهها الفاشي الدموي الكريه   وبذلك افقدت احرار العراق فرصة المقاومة لانها وضعت الخيط الابيض والاسود في نفس غرفة المحاصصة المظلمة .وبذلك امريكا هي الدولة المحتلة الوحيدة المصنعة والمتحكمة في  القوى  والحركات المقاومة لها .
رابعا :- شجعت   قيام معارضة ظل مخترقة فاسدة مكبلة بقيود الامتيازات والهبات النقدية  واغراءات اخرى   كمنظمات  المجتمع المدني ،  والسجناء السياسين ، وعوائل  الشهداء ،   ومتظمات اخرى لاتعد..... مما  اخذ  كثيرا من جرف  القوى المناهضة  للتخلف والفساد .
رابعا:-    قتل الصناعة والزراعة وجعل  العراقي    جسدا  وفكرا مستهلكا  غير مؤهل ليكون حاملا  فكريا للفكر  الثوري التقدمي الحداثي،حيث كانت الغلبة للقوى الطفيلية والاتكالية   الغير منتجة حامل  الفكر الاسلاموي والعرقي المتخلف ، ....وافقد القوى اليسارية والديمقراطية  الوطنية  موضوعها   وحامل    افكارها . فانتج هذا الواقع البائس للاغلبية الجماهيرية 
حرمان  وسخط وفوران   عاصف ولكنه لاينتج   حركات  ناضجة فاعلة  حداثية  مدنية ، بل هي  ترواح في  تبديل اشكال والوان   العمائم  الواحدة بالاخرى  متناسية او غير عارفة  انها جميعا  من عجينة واحدة .

60
حنان كلــــــــــــــــــــب- قصة قصيرة
حميد الحريزي

تفاجأت كثيرا ، ابحرت زوارق عينيها  في محيط الفرح  حين اعلمتها الطبيبة انها حامل  بعد طول  ترقب وانتظار تجاوزت العقد من السنين ، كان ((وجدان)) حلم الزوجين  الذي تحقق بعد صبر طويل ... ادخل البسمة والتفاؤل في حياتيهما ، الام متوردة  الخدود عالية الاهتمام  بمظهرها  وزوجها ،  الزوج  يولد  من جديد ، تجدد شبابه  ونشاطه،....اخذ عشهما يتوسع  باطراد ، عمل  بهمة عالية  ، واردات العمل تزداد ، بدأت افكاره الابداعية  تتفتق عما هو جديد من اجل زيادة  ثروته ، شراء عقارات، زيادة  الاستثمارات  لضمان مستقبل  وليدهم المرتقب ،قتر على نفسه  واصل الليل بالنهار دون كلل  ، ما ان يعود للدار حتى يتبدد التعب  عندما يلصق  اذنه على بطن زوجته مستمتعا بسماع نبض وحركة  الوليد الحلم ....
.....كانت ستغطس   في بحر  من الحزن والالم بعد الوفاة المفاجئة للزوج ،حيث ان انشغلاته بالعمل انسته تناول ادوية  السكر والضغط ، لولا ترقبها  للامل المنشود للتحقت بزوجها الحبيب ، اصطبرت ، قاومت الوحدة  والفراغ  بمناجاة  جنينها ، تناديه  باسم والده  تحكي له  حكايات  الطفولة  والشباب ، قصة  العشق والهيام ، قصة  ترقبهما  وانتظارهما  الطويل ... تاكل لاجله، تفرح لاجله ، تتحدث  لاجله  ، تنام  وتستيقظ لاجله ... تتابع أعمال  زوجها  بنجاح  كبير اذهل من حولها
 لكي تحافظ  على ثروة  ولدها  القادم  حلمها وحلم  المرحوم    زوجها ... انها مؤتمنة على هذه الثروة  من اجل ((وجدان)) كما اتفقا على تسميته ....
حرصت على تعليمه  على  ايدي  اكفأ الاساتذة  ارسلته  الى خارج البلد  لاكمال تعليمه  العالي  في ارقى الجامعات العالمية لم تؤخر له طلبا ولم تعترض   على رغبة من رغباته ، وقد حاز على  شهادة  رفيعة  هناك  ،...
تجلس طوال الوقت  تعد الايام  والاسابيع  والاشهر  لعودته من بلاد الغربة لتنعم برؤياه ، تعيد جرد الممتلكات  وحساب الارصدة  في البنوك ، تقتر على نفسها  وعلى العاملين معها  في شركاتها المتعددة  لتؤمن له  ثروة  تسعده  وتسعد ابنائه  من بعده
جلست امام التلفاز  في يوم  عودته الموعودة ، تتابع اخبار  العالم  وخصوصا  اخبار  حركة الطائرات ،  مترقبة عودته  الميمونة من بلاد الضباب  حاملا  شهادته العليا  ، برفقة زوجته الفارعة الشقراء  كما  شاهدت  صورها معه  ، ورسائله  المحملة بصورهما في  منتجعات وعواصم العالم المختلفة .. مستغرقة  في خيالها ، ترسم وتخطط  لحفل استقبال  ولدها في قدومه المرتقب  فستعمل لهما حفل زفاف  كبير لتعوض  عما فاتها  من فرح زواجهما في لندن ،وهي  سارحة  في  خيالها  واحلامها ، قرأت العاجل  التالي :-
((تعرضت  طائرة  الخطوط الجوية  ....... القادمة الى بغداد  الى حادث مؤسف وسقطت  في منطٌقة مجهولة )).
صرخت  صرخة ارتج لها المنزل ، لم تشعر  بوجودها  الا في مكان مظلم  لا ترى  من حولها  اي شيء ، انه الظلام الدامس ، في مستشفى  المدينة ، لم يفارق لسانها  اسم ولدها  ((وجدان))، تهدء ثم تصرخ  ولدي  ((وجدان)) ، كانت تبكي  بلوعة   تُبكي الحجر ، بصعوبة بالغة  اقنعها  من حولها  ان الطائرة التي سقطت  ليست طائرة ((وجدان)) وسيصل  ان لم يكن  قد وصل الان  الى المطار ...حاولت ان  تهدأ، نهضت ، سقطت  لانها لم  ترى  طريقها ، تريد ان تغادر المستشفى  لتذهب الى المطار  لاستقبال عزيزها  العائد من الغربة ...
احتضنت ولدها  بدليل رائحته  دون  ان ترى  وجهه ، تتلمس  رأسه ، عيونه، حاجبيه ، فمه ......
نعم  نعم  انه ولدي... نعم انه عزيزي ((وجدان)) ، هذه رائحة ولدي  شكرا  لك يارب.... انه  سالم معافى ....ليتني  ارى عروسه ؟؟
 استغربت  الشقراء  من مرآى الام  وهي اشبه  بالمجنونة
Oh my god  what happen to your mother?? 
ذهب  الجميع الى الدار ، الام تكاد تطير  فرحا  وهي تنتقل  بينهم على غير هدى ، تتقاذفها الايادي وسط استغراب  الجميع ، بين حزين اسف  لحالها  وبين  هازءا،  وجد في حالتها  تسلية  طريفة ، سوى  الكلب الذي غادر حضن الشقراء ، اخذ يدور حول  العجوز العمياء  يتشممها ، يلتف بين  قدمييها ، ....الشقراء  جلست لصيقة زوجها منكمشة على نفسها  اظهرت مشاعر الدهشة والاشئمزاز ، ، نادت  على كلبها  ان تعال ..........
 لم  يعطي((وجدان)) والدته الاهتمام  المطلوب  وهي تشمه  وتلقي عليه  وابل  من الاسئلة  حول حالته وحال زوجته الصحية ، ماذا يحبون  من الاكلات  والمشروبات  والافرشة،تحاول ان تزغرد فرحا لسلامتهما ، اوتبكي حزنا لفقدها البصر، وعدم قدرتها على رؤيتهما و رعايتهم واعداد الاكلات التي يحبها ولدها الغالي بيدها.....مر اليوم الاول للاستقبال على هذا الوضع.. حاول الولد ان يستشير الاطباء حول مرض  والدته وهل يمكن شفائها اكدوا له ان تكاليف شفائها  باهضة جدا ربما تعادل ربع ثروتها .... بدأت زوجته تتضايق كثيرا من والدته الضريرة ومدى تعلقها  بولدها وكانها  ضرتها العنيدة .... دارت في مخيلة ((وجدان)) دوامات من الذكريات والاحاسيس والمشاعر، ذكرياته مع والدته وبين جزع حبيبته الشقراء التي لا  تنام الا وهي   ثملة محتضنة  كلبها  المدلل لاهم لها سوى المال والعودة الى بلدها..بعد بضعة  ايام  جلس مبكرا توجه نحو والدته التي  كانت تفترش الارض في باب غرفة  نومهم، كعادتها  في كل يوم ، تأمر الشغالة ان تحضر لهم الفطار على مائدة تضم كل ما لذ وطاب، رغم انها كانت تشعر بالحيرة ، حينما تفكر باطعام الكلب ، انه ليس  كالكلاب  الذي تعرفها ، فكلابهم  كانت تتملق اسيادها منبطحة عند باب الكوخ تتلقى بامتنان كبير  كسرة الخبز او  عظمة مكدودة  ، ترمى لها  من بقايا الموائد ، تتلقفها فرحة جذلة ، تمرغها بالتراب كانها تغمسها في اناء من سمن ، لكن هذا الكلب لا يأكل الا بعد  أن  يلبسونه صدرية خاصة ، وان يوضع له طبقا خاصا ... يتصنم بعد اكماله طعامه منتظرا  من يمسح له بوزه  بورق ))الكلينكس(( المعطر ، كما وصفته  لها الشغالة، المندهشة من عادات هذا الكلب  المدلل ، ام وجدان  احتملت  نجاستة   لفرط حنانه  ومرحه  وتسوله  والفته  ، وهو يلحس  يديها  ويضع راسه على صدرها ، معيدا للام ذكرياتها  مع ((وجدان)) وكيف كان  يتودد لها  ، لا ينام الا بعد ان يدس  راسه في حضنها  الدافيء ، كيف كان يحبو ، وكيف كانتا  كفاه الصغيرتين تتلمسان شفتيها ووجهها ، انه  وجدان  الكلب ، قطع شريط  تخيالاتها   وجدانها  معتذرا عن  تناول الافطار، زوجته تريد ان تفطر خارج الدار،كظمت الوالدة  غيضها وضياع جهدها سدى في اعداد افطار ايام زمان .. انحنى مقبلا يدها طالبا منها ان تبصم على ورقة  قبول  اجراء عملية  لعينيها تعيد لهما النور .... طاوعته  اعطته ابهامها  وهي فرحة  علها تشفى وتتمكن من رؤيته  وزوجته من جديد ، سرحت في عالم الخيال وهي تتخيل  صورته    ،تتخيل  زوجة الحبيب ،  تتخيل احفادها  من زوجته الشقراء ، تنصت لهما   وهما  يرطنان بالانكليزية  فلا تميز غير  الضحك  فتنفرج اساريرها او تنقبض  تبعا  لنغمة الحديث  بين الفرح والغنج والجد والحزن   وووو .... يا الله   ستتمكن اخيرا من رؤية  تبدلات تقاسيم وجهيهما  وترقب بريق  عينيهما؟؟ .... هل يمكن ان تحقق لها  هذه البصمة كل هذه  الاحلام؟؟  ، قبلت ابهامها  فبانت البصمة البنفسجية على شفتيها المزمومتين على شكل قفل بنفسجييحكم اقفال فمها .......
بعد مرور عدة ايام  اقتادها  الى حيث وعدها ، تكاد ان تطير من الفرح ، فستلتقي مع النور ثانية  وتكتحل عينيها بصورة ولدها  بعد غياب سنين  طوال .... استقبلت اصوات لم تألفها من قبل ... بعد انتظار دام ساعات اخذت تسأل عن سبب تاخر الطبيب لاجراء العملية  ...ولماذا اختفت رائحة ولدها من حولها  ؟؟؟؟
هل هي  الان في صالة العمليات ؟؟؟
 قالت انا ليست خائفة  ابدؤا  العملية حتى  بدون ((بنج))  انا لا اخاف ،كل شيء  يهون   امام  رؤية ولدي   فلذة كبدي  ، لابد ان اراه  ، خذوا  كل  ما املك  مقابل ان اراه ....كانت الصدمة الكبرى  حينما علمت  انها في دار العجزة.... باع  وحيدها  كل شيء  مستفيدا  من الوكالة العامة المطلقة التي  بصمت عليها ، فار تنور  العتاب  في قلبها الجريح .... لماذا رحل ؟؟؟
هو هوَّ الكلب بين اقدامها  معلنا سفر ((وجدان)) مع  شقرائه  عائدين الى  بلاد الضباب  ..ليتركوها تحت رعايته .....



61


المراجيح المــــــــــوءودة


حميد الحريز ي


ياصغيري
لاتنتظر ((كليجة)) العيد
غدا جند الخليفة سيقودون
 أمك
لحفلة  ختان ٍ
على  موسيقى دبكات ِ
((ثوار العشائر))
وصوت
((الله اكبر))!!!
*
ياصغيري
عيدك   ألم
فقد  أحرق   الغزاة
كل ((المراجيح))
الفاسدون في((خضرائهم))
يتزاعقون باسم   وطن
ذبوحوه
على   قبلة
المحاصصة
*
ياصغيري
 جففْ دموعكَ بحرارةِ
الحسرات ِ
فالعيد   أسيرٌ  في
 سراديبِ
((الخليفة))
*
ياصغيري
لا
تحلم ْبملابس ٍجديدةٍ
أعتزل َالهلال ُ
 سَما ءَ نا
حزناً على  قطع ِ رأسَ
المئذنةِ
*
يا
 صغيري
قُرْ في خيمةِ  اللجوءِ
المهلهلةِ
مدينة ُ   الألعابِ  مقفلة
الكنائسُ تبكي
نواقيسَها
رأسُ ((ابن الله)) مطلوباً
للخليفة
النبي
شيت  مهاجر
النبي
يونس عاد الى بطن
 الحوت  نادماً
 فماتَ
الفرح
*
ياصغيري
لا
تنس   نشيدَ موطني موطني
فالواو
 صيروها  واو عطفٍ
خلعوها من رأسِ  وطن ٍ
أرادوه 
  طناً  من ترابٍ
بلا
علم
*
كتبت في رمضان بلا هلال عيد
والاضحى ضحاياه  رؤوس الابرياء في مدن مسبية



62
   

14تموز حدث هام في تاريخ الشعب العراقي
 الدروس والعبر
بقلم :- حميد الحريزي

نال الشعب العراقي سيادة منقوصة تحت رعاية بريطانيا العظمى كنتيجة لمقاومة الشعب العراقي الباسلة لقوات الاحتلال والهيمنة الرأسمالية البريطانية والظروف الدولية الضاغطة باتجاه إنهاء مرحلة الاستعمار المباشر.
تم تأسيس دولة دستورية ديمقراطية ملكية بملك مستورد ورئيس وزراء تابع بتزكية من مس بيل والمخابرات البريطانية....
وضع للبلاد دستور ومجلس نواب(منتخب) وفق خيارات وطريقة الديمقراطية الغربية والأبوية الدينية والعشائرية والمتخادمة في معظمها مع المصالح البريطانية.
وبدلا من ان ترعى الحكومة والبرلمان مصالح الشعب العراقي وسيادته وصيانة ثروته أصبحت راعية لمصالح الرأسمال العالمي حيث النهب للثروة النفطية وسواها وانتقاص السيادة الوطنية بترسيخ تواجد القواعد البريطانية والهيمنة الاقتصادية... ومزيدا من السجون والمعتقلات وقيودا على الحريات ونصب المشانق لأبناء العراق الشرفاء وخصوصا من المناضلين الوطنين اليساريين والشيوعيين... وبذلك ظل معظم أبناء الشعب العراقي من عمال وفلاحين وعموم الكادحين وأبناء الطبقة الوسطى والمثقفين التقدميين يرزحون تحت مطرقة البطالة والعوز والمرض والأمية. وقد صودرت كل الوسائل والطرق السلمية للاحتجاج والمطالبة بالحقوق و غالبا ما تواجه مثل هذه المطالب المشروعة بالحديد والنار... وان كان لا يقارن بالطبع بما حدث في عهد الدكتاتوريات الجمهورية ما بعد الملكية من حيث النوعية والكم. فهل يمكن مقارنة ما حدث في قمع لانتفاضة كانون الثاني 1948 مع ما حدث من قمع وقتل بالجملة لانتفاضة الشعب العراقي ضد الدكتاتورية الصدامية في آذار 1991؟؟
. بحيث جعل المواطنين يترحمون على الملكية في ظل جمهوريات الرعب والدكتاتورية الوحشية.وبذلك أثبتت الطبقات الإقطاعية وشبه الإقطاعية والبرجوازية الطفيلية زيف ادعاءها الحرية والاستقلال والديمقراطية.
ان هذا الأمر دفع أبناء الطبقات المتوسطة الطامحة بالسلطة والجاه وأبناء البرجوازية النامية والمتطلعة للتحرر من هيمنة الرأسمال العالمي وبعضا من شرائح المثقفين وبعض الأفراد من ذوي الحس الإنساني والوطني الصادق والمعجبين بالتغيرات الثورية العاصفة في عموم العالم وخصوصا العالم الاشتراكي ، وتنامي وتصاعد نضال حركات التحرر الوطني في أسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية.
كل ذلك دفع بالضباط الأحرار داخل الجيش للتخطيط للقيام بانقلاب عسكري وبالطبع فهو ليس الانقلاب الأول والأخير في العراق... ولكن الذي يميز هذا الانقلاب كان مدعوما من قبل أوسع الجماهير الشعبية والأحزاب والقوى السياسية المحظورة والمنظورة لهذا التغيير ، والتعبئة الجماهيرية لمؤازرته وخصوصا القوى الموئتلفة تحت جبهة الاتحاد الوطني في 1957. وبعد نجاح العسكر في الاستيلاء على السلطة وبدل ان يتبنى مطالب الشعب الحقيقية في ترسيخ الممارسات الديمقراطية وتعديل الانحراف في الممارسات السابقة وتعديل الدستور وتفعيله جنح الى المراسيم والقرارات الفردية معززا ممارساته بتنظيرات الشرعية الثورية المطروحة آنذاك من قبل القوى الشيوعية واليسارية والقومية الانقلابية التي أتت منسجمة مع الموروث القبلي والعشائري الأبوي  ساعيا تحت شتى الذرائع إلى عرقلة وتأجيل وغض النظر عن الشرعية الدستورية وانتهاج أسلوب الزنزانات الكونكريتية بدلا من الصناديق  الانتخابية وسيلة لتثبيت واستمرارية الحكم.
ان غياب الوعي بالذات الطبقية لمختلف طبقات وشرائح المجتمع العراقي آنذاك وعدم وضوح الفرز الطبقي في ظل هيمنة واستمرارية علاقات إنتاج إقطاعية متخلفة مع حفنة من برجوازية طفيلية تابعة وطبقة عاملة ضعيفة وقليلة العدد مشوهة الوعي قبلية السلوك لم يزل حبلها السري مرتبطا بالقرية ،كانت تندفع مختلف هذه القوى تحت عاطفة وتأثير الشعارات الآنية العاطفية وليس بقوة ورسوخ القناعات الوطنية والطبقية بما فيها الطبقة العاملة ومن يدعي طليعتها الحزب الشيوعي العراقي على اعتباره أقوى الأحزاب اليسارية على الساحة العراقية.
فبعد انهيار قصر الرحاب انهارت جبهة الاتحاد الوطني وعدم الاعتراف بمكوناتها ووجودها وأحقيتها في إدارة دفة الحكم بعد التغيير من قبل العسكر المسيطر على السلطة وبذلك تمترس كل طرف من أطراف الجبهة ليست تحت برنامج وطني ديمقراطي للانتقال من الشرعية الثورية الموءقتة الى الشرعية الدستورية بل تحت متاريس ادولوجياتهم المغلقة من قوما نية وشيوعية ودينية محمية من قبل واحد او أكثر من الضباط الأحرار في مجلس قيادة( الثورة )لتدخل الجمهورية الفتية في آتون صراع مقيت دامي قاد الى الانقلاب الفاشي في 8 شباط 1963 مدفوعا بدافع ثأري نتيجة مجريات هذا الصراع وضيق أفق مختلف أطرافه والقوى المحلية والعالمية المستترة والظاهرة خلف كل منهم.
                               
 وعلى الرغم من استماتة الزعيم عبد الكريم قاسم ان يكون فوق الميول والاتجاهات ويوفق بين  المتناقضات ، لما يتمتع به من كاريزمية محبوبة امتد تأثيرها لحد ألان بسبب نظافة يده وجيبه ،ليطفأ نار السهام المتحاربة والمتخاصمة في بحر حبه للشعب و الوطن ولكن هذه النيران كانت اكبر واقدر واعنف من بحر حبه ووطنيته وإنسانيته وجنوحه للسلم فاغرق نفسه ومعه مركب التغيير الثوري في لجة بحر الاتجاهات المختلفة لتقفز إلى دفته زمرة من القوى القومانية الفاشية وهي نهاية موضوعية لقوى أقحمت نفسها في حراك وواقع اجتماعي تجاوز حضورها وقدرتها على النهوض بمهمة استكمال وقيادة مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية وكما يذكر المفكر المصري صلاح عيسى:-
( في اللحظة التي كانت البرجوازية الأوربية تخون ثورتها بدأت البرجوازيات العربية محاولاتها لتحقيق هذه الثورة وتلك هي المأساة الحقيقية التي وقعت فيها والتي لم تكن تستطيع مواجهتها الا بشيء واحد ان تتوشح برداء الإقطاع وعقله وليس برداء البرجوازية الثورية وان تتأثر في أسلوب حركتها بأتاتورك وهتلر...وتخون الديمقراطية وتجيد لعبة سلب العقل)


ما هو دور اليسار العراقي في الحدث وما بعده؟

كانت اغلب القوى او فلنقل القوى الرئيسية في تحالف جبهة الاتحاد الوطني محسوبا على اليسار مثل الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي وحزب البعث العربي الاشتراكي وشخصيات يسارية أخرى .
فبعد ان ظفر العسكر بالسلطة وغصت شوارع بغداد والمحافظات بالجماهير المؤيدة (للثورة) بدء استئثارهم بالسلطة بعد ان أصابهم الغرور بهذا لدعم الجماهيري الغير مسبوق في تاريخ العراق السياسي وعدم الاعتراف بدور أحزاب جبهة الاتحاد الوطني في تفجير ونجاح(الثورة) فانقسمت هذه الأحزاب وفق خلفياتها الايدولوجية والطبقية الى:-
- قوى مقاومة مخالفة ترفع شعاراتها القومانية المتطرفة مطالبة بالوحدة الاندماجية الفورية مع الشقيقة سوريا ومصر وبدعم مباشر من قبل الحكومتين المصرية والسورية بقيادة عبد الناصر وتحذيرها من المد الشيوعي الأحمر والغزو السوفيتي المتربص . وفي مقدمة هؤلاء حزب البعث والتيار الناصري بقيادة عبد السلام عارف والشواف والطبقجلي وغيرهم من الضباط بالإضافة الى شعارات وتبريرات لإقصاء قاسم عن قيادة السلطة وعرقلة تجذير (الثورة) والذي غالبا ما تخرج من تحت كوفيات القوى الإقطاعية والقبلية وبعض ا لعمائم المتحالفة معها التي ضربت مصالحها ونفوذها بإصدار قانون الإصلاح الزراعي وقانون أ لأحوال الشخصية وإلغاء قانون دعاوى العشائر كمطالب مشروعة لجماهير غفيرة من الشعب العراقي هذه القوى المحافظة نتيجة موضوعية بسب تردي البنية الاقتصادية والفكرية للمجتمع العراقي والعربي وتبعية البرجوازية للرأسمال العالمي مما سبب عجزها في قيادة هذه المرحلة وكما ذكر المفكر المصري صلاح عيسى:-
(فبقاء العالم العربي قرية في تركيبه الديمقراطي وشبه قرية في بناءه ألاقتصادي وسيطرة الايدولوجيا الزراعية على مناخه الفكري والعجز عن تحطيم العلاقات القبلية والإقطاعية مؤشر على ان البرجوازية قد كادت تنفذ دون أن تنجز شيئا له قيمة!!!!)
- قوى انطوت على النفس وترفعت على العمل السياسي بعد ان عجزت عن إسماع صوتها وتقويم الأخطاء والممارسات وإيصال رؤاها بطريقة ديمقراطية سلمية وواقعية سياسية في رفع الشعار واتخاذ القرار ومن هذه القوى حسب ما أرى الحزب الوطني الديمقراطي العراقي وعدد من المثقفين اليساريين والديمقراطيين المستقلين والذي جعل مثل هذه القوى تقف مذهولة حيرى متطيرة من هول ما حدث من الفوضى والدمار وتناحر عنفي ينذر بالعاصفة وهذا ما حدث بالفعل في 8 شباط 1963.
- قوى مساندة متحالفة الى حد استجداء العطف من لدن الزعيم الأوحد وأصحاب البزة الخاكية واستمالتها لقيام دولة الديمقراطية الشعبية وهي الشكل السائد للديمقراطي آنذاك في بلدان أوربا الشرقية وفي عموم ما يسمى بالمعسكر الاشتراكي وهي صيغة تتخفى بظلها هيمنة الحزب الشيوعي القائد ان لم يكن الأوحد في سدة الحكم. وبذلك يبدو ان قيادة الحزب الشيوعي العراقي غير مستوعبة وغير متمثلة لتنظير مراجعها من قادة الفكر الشيوعي والاشتراكي والذي أوضحت وبأكثر من مكان ومناسبة ومؤلف الى عدم قدرة البرجوازية التابعة على قيادة مهام انجاز الثورة الوطنية الديمقراطية وإيصالها الى بر الأمان وهو الاشتراكية كما هو مفترض كهدف للشيوعيين أوان هذا الموقف كان بضغط من الحزب المرجع في الاتحاد السوفيتي ضمن تنظيرات التطور اللاراسمالي صوب الاشتراكية بقيادة البرجوازية الوطنية الديمقراطية .
- (0برجوازية وبرولتاريا إقطاعية ذلك ما نلمحه في سيطرة القيم الزراعية في مجال التنظيم إذ تنتشر الفردية وهي ابنة شرعية للإنتاج الزراعي وتنبت علاقة الكتل الكبيرة وتسود العلاقات الشخصية والمعايير غير الموضوعية والتبعية للزعامة والقداسة التي ترسخها)
                     
الزعيم  الشهيدعبد الكريم بعد اصابته برصاص البعث عام 1959
 هذا انعكس موضوعيا على قيادة الحزب وبذلك أخذت تتخبط في إجراءاتها وقراراتها وهيمن على قيادة الحزب صراع عنيف بين مختلف التيارات والتوجهات والرؤوس وهو كما يبدو مرض مزمن في بنية الحزب والمجتمع على القيادة والسيادة وحب السيطرة منقسما الى تيار يساري متطرف منفلت مغامر يؤمن بنظرية الانقلاب والمؤامرة داعيا الى اختطاف السلطة من الزعيم ومناصريه ،وتسلم الحزب للقيادة وتيار يؤمن بضرورة مواصلة التعبئة الجماهيرية والضغط على السلطة العسكرية وانتزاع السلطة منها بالطرق السلمية او على اقل تقدير إجبارها وبالتضامن مع كافة القوى الديمقراطية واليسارية الأخرى على إعطاء الحزب دورا قياديا في إدارة دفة الحكم والمحافظة وتطوير وتحذير المطالب الشعبية هدف ووسيلة التغيير وكليّهما لم يكتب لهما النجاح والتأييد في حين سيطر على قيادة الحزب تيار(يميني) ذيلي متذبذب و متخادم مع العسكر بقيادة الزعيم الأوحد. ان فقدان وضياع البوصلة الطبقية لقيادة الحزب وجناحها المهيمن رغم الصدمة الكبيرة التي تعرض لها الحزب بعدم موافقة الزعيم على مشاركة الحزب في السلطة على الرغم من شبه سيطرة تامة للحزب على الشارع العراقي .هذه الصدمة التي كان يجب أ ن تكون صدمة صحوة لا صدمة غيبوبة للوعي ووسادة للخدر والغفوة مما أدى بالحزب الى فقدان السلطة في الحكم وفي الشارع معا وبالتالي أدت لأكبر انتكاسة للحزب وللشعب العراقي لازالت أثارها للان.
 ان تكبيل الحزب بقيود التبعية للبرجوازية والعسكر في الداخل وللشقيق الأكبر في الخارج أدى الى شد عصائب التضليل والتجهيل والخدر واللامبالاة للجماهير بشعارات غير واقعية أدى الى ابتعادها ويئسها وقنوطها وفقدان الحزب لسلاح المبادرة لحماية مكتسبات الشعب الذي حصل عليها بعد التغيير وكذلك عدم مبالاة وميوعة قيادة الحزب وهشاشة إجراءاتها للدفاع عن أنصار وأعضاء وأصدقاء الحزب وهم يتعرضون للقتل والإذلال والمضايقة من قبل سرايا الفاشية المسلحة أمام أنظار السلطة لا بل ان السلطة عمدت على اعتقال الكثير من النشطاء الشيوعيين وزجهم في السجون آنذاك.


دور الدول العظمى والدول العربية ودول الجوار:-

بعد انفجار الوضع السياسي في بغداد استنفرت كافة الأجهزة المخابراتية ناهيك عن القدرات العسكرية في ملف الأطلسي وحلف وارشو ودول الجوار لما للعراق موقع هام وخصوصا باعتباره عضوا فاعلا في حلف بغداد بقيادة بريطانيا في ظل عدم رضا الولايات المحتدة الأمريكية وتوجهها لأخذ زمام قيادة العالم من بريطانيا الآفلة وبين غضب حلف وارشو. وبذلك فقد وضعت كل هذه الدول أوراق مصالحها في السلة العراقية سواء في السر والعلانية لتكون هي الرابحة الوحيدة أو الرئيسية محرقة أوراق القوى المنافسة.
وليس بعيدا عنا واقع العراق الآن في ظل هيمنة الرأسمال والنفوذ الأمريكي وما يتعرض له الشعب العراقي من الإبادة والخراب .
نقول وتبعا لهذه المصالح والصراعات  كانت ولاءات القوى السياسية العراقية بوعي وبدون وعي تقف الى جانب هذه القوة أو تلك ،وهنا لا نغفل الدور الذي لعبته القاهرة ودمشق بقيادة عبد الناصر وتركيا وإيران ودول الخارج من اجل ان تجر ((الثورة)) الى مصيرها المحتوم وإغراقها في بحر الدماء والفوضى لتشنقها بنفس الحبال الذي  سحلت به رجلها الأول ((نوري السعيد ))، أخفت  هذه القوى طائفيتها وشوفينيتها ومصالحها الاستغلالية تحت شعارات القومية والدين ،اتحدت بكل فئاتها تحت ضغط قوة وخطر نقيضها الطبقي المتمثل بالطبقة العاملة النامية ومسانديها وأدواتها السياسية وخصوصا الحزب الشيوعي العراقي.
وهذا هو ما يفسر تشظي وتقاتل هذه القوى -  القطوازية  - تحت يافطات طائفية وعرقية بسبب وضعها المريح والمستريح لضعف وتشرذم وجهل نقيضها الطبقي وتخبط وضعف أداته السياسية والتنظيمية المتمثلة بقوى اليسار وأحزابه وحركاته وقياداته في الوقتالحاضر.
ان قوة القوى اليسارية وسعيها لتلبية مصالح جماهير الفلاحين وعموم الكادحين في القرية والمدينة لأجل خلع قوى الإقطاع والبرجوازية الطائفية وسماسرة الاحتكارات البترولية العالمية وإبعادها عن مصدر القرار السياسي نظرا لتناغم وارتباط مصالح هذه القوى مع مصالح القوى الرأسمالية المستغلة في العالم الرأسمالي تحت القيادة الانكلوامريكية المرعوبة من أمكانية ان يكون للسوفيت موطئ قدم في المياه الدافئة وفوق بحيرة البترول. دخلت بكل قواها من باب الادعاء بالديمقراطية والقومية المشرع أمامها بفعل العمى السياسي والوطني وضيق الأفق والأنانية وحب التسلط لهذه القوى ضد قوى التغيير الثوري وحرفه عن خط السير باتجاه ضرب مصالح حلف الناتو والشركات البترولية الاحتكارية وكسر عصى الإقطاع في عراق ما بعد التغيير.
في مثل هذه الظروف الصعبة والمعقدة يحضر دور الموقف الحازم والثوري الجريء والواعي لقيادة قوى التغيير صوب الأهداف المرسومة لها أي وجود القائد التاريخي لمثل هذه المرحلة الحاسمة الذات الفرد والذات الحزب والذات الطبقة ... وهنا اتضحت الهوية والصورة الحقيقية للزعيم الشهيد كبرجوازي صغير متوهما القدرة على الإمساك بكل خيوط الصراع الطبقي الملتهب والذي أصبح داميا بين أنصار التغير وأعداءه فخرجت من كهوف لاوعيه عفاريت الخوف من دور الجماهير والطبقة العاملة والشيوعية لتكبل يديه وتغشي بصره وجر قدميه عن السير قدما في نصرة وتجذ ير قوى التغير نحو استكمال مهام الثورة الوطنية الديمقراطية بقيادتها الثورية وبدلا من لجم قوى الردة ومن وراءها مخالب الرأسمال الانكلو أمريكي انطلقت حنجرته وزادة فصاحته بسيل لا ينقطع من الخطابات والمواعظ والتحذيرات والتهديدات متوهما نفسه ألها يقول للشيء كن فيكون؟؟؟!!!!
                           
مصدرًا  العديد من القرارات والمراسيم وعدد من الإجراءات ضد مطالب وطموحات الجماهير الكادحة ومحجما دور أدواتها كالمنظمات الديمقراطية والمهنية وكذلك الحزب الشيوعي العراقي و زج عناصره في السجون. وظل متخوفا من جماهيره من الكادحين اللذين حملوه على الرؤوس واضعة كل ثقتها وأملها به وبقيادته كقائد وزعيم مخلص.ورغم ضخامة مسيراتها وآيات ولاءها وهدير هتافاتها بالولاء(للثورة) والزعيم الأوحد المحبوب لم يستطع الزعيم ان يتجاوز او يتخلص من كوابيس الرعب المتأصلة في لاوعيه وأمثاله خوفها من الجماهير والحنين الدائم الى أحضان الإقطاع والبرجوازية والإنصات الى دعاوى وعاظ السلاطين وفتاوى متقمصي لباس الدين، الذي لمست الخطر الداهم بفقدانها مصالحها بضرب مصالح حليفها التاريخي وولي نعمتها من الا قطاعين والمرابين وتجار السوق السوداء والمضاربين وهي تتنكب لواء محاربة كل الانجازات التقدمية والإنسانية والثورية التي أقدمت
 

الزعيم يزور السيد محسن الحكيم في المستشفى
عليها قيادة التغير تحت ذريعة محاربة الشيوعية ووقف المد الأحمر.
وهاهو التاريخ يكذب ويفضح كل تلك الأكاذيب والادعاءات ويعطي الدروس البليغة لكل ذي بصر وبصيرة ما أدى إليه انهيار الاتحاد السوفيتي على الشعوب والبلدان. أوطانا وجماعات ، بعد محاربة القوى اليسارية والشيوعية وفتح الأبواب إمام قوى الرأسمال والاحتكارات العالمية في عصر العولمة والرأسمال المسلح بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.
وها نحن نرى رؤيا العين المجردة ولمس اليد كيف جرت محاربة الشيوعية وعموم قوى اليسار الى الخراب والحروب الأهلية والطائفية والاتجار بالرقيق الأبيض والمخدرات وإشاعة روح الاتكالية واللامبالاة تجاه النفس والوطن والشعب والبيئة ولنا في ما حصل ويحصل في أفغانستان والعراق والصومال وقبلها أوربا الشرقية وجمهوريات الاتحاد السوفيتي واليمن وإيران وغيرها لتقع فريسة سهلة لقوى الاحتلال والإرهاب باعتبارهما توأمان لأم واحدة الرأسمالية العالمية المسلحة .......
مما شجع الزعيم وبرر له بعض اجرائاته وخوفه من تعاظم نشاط الحزب الشيوعي هي الممارسات المتطرفة والمنفعلة والعناصر التي ارتدت برداء الشيوعية ضمن موجة المد الأحمر آنذاك والذي لا تعرف من الشيوعية غير القمصان والأربطة والمسابح الحمراء والشوارب الستالينية المفتولة والباجات لصور لينين وقاسم معلقة في الصدور والمباهاة والتسابق في مظاهر السكر والكفر ومن أمثال مثل هذه الأفعال والأقوال ما جرى من القتل والحرق والسحل والاعتداء لقوى وعناصر حسبت على الشيوعية ،والشيوعية ومثلها الإنسانية من كل ذلك براء ، كانت بعض هذه الأحداث بسب ردود الأفعال العاطفية تحت ضغوط واستفزازات القوى المضادة والمعادية(للثورة) والمأجورة المندسة بين كل االفرقاء لإغراق البلاد في آتون الحرب والاقتتال الداخلي وما حصلت عليه هذه القوى من الدعم من قبل قوى إقليمية وعربية وغير عربية وقوى الاحتكارات البترولية للرأسمال العالمي ودفع هذه القوى لتغطس في مستنقع العنف الفاشي ألتدميري تحت يافطة محاربة الدكتاتورية القاسمية والشعوبية والشيوعية .... وما أشبه اليوم بالبارحة حيث تجري عمليات القتل والحرق والتدمير ضد أبناء الشعب العراقي وثرواته وتدمير مدنه وقراه وبناه التحتية بدعوى محاربة الاحتلال  الامريكي والنفوذ  الصفوي وألبسته لباس الطائفية المقيتة.
وقد ساعد على استشراء هذا الأمر واستفحاله وخروجه عن نطاق السيطرة الموقف المتذبذب لقيادة الحزب الشيوعي آنذاك وسعيه لقيادة ((المقاومة الشعبية )) ومن ثم التخلي عنها .
كرد فعل لما جرى من فوضى دفعت قيادة الحزب  للذهاب بعيدا في إجراءاتها اليمينية الانبطاحية ، ا لغرض  منها إثبات حسن النية للزعيم وأجهزة الدولة الأمنية فقامت بسحب الأسلحة الشخصية من أعضاء وكوادر وأنصار الحزب وسحب بلاغات اليقظة والحذر أو تهالك تلك الإجراءات بسبب عدم مصداقيتها وشللها مما ترك الحزب مخدر الإطراف محدود القدرة مترهل البنيان فمكن ثلة من المغامرين ان تسيطر على السلطة من أيدي قوى واسعة وغفيرة من الشيوعيين وأنصار الزعيم في المدينة والريف والقوات المسلحة .
غرقت قيادة الحزب آنذاك في بحر الجماهير الهائجة المندفعة الغير مسيطر عليها بسبب قلة الكادر وضعف كفائتة في إدارة دفة الأحداث وإتقان فن العمل العلني من قبل كادر تأقلم وتقولب مع العمل السري طيلة عقود من الزمان وعدم استيعابه لضرورات المرحلة وعلمية وعملية الحركة ولجم جماح القوى الفوضوية والمتطرفة والمندفعة والمندسة والقوى اليمينية المشرئبة أعناقها والعطشى للسلطة والمخدرة بمفعولها الذي اتخم الحزب بها لغرض تشويه سمعته وتأكل جماهيريته وصرف قاعدته وأنصاره عنه.
ومن العوامل التي ساعدت على حدوث ذلك الصراع الداخلي في الحزب بين عناصره القيادية وعدم قدرته وتلكؤ بعض عناصره او تعمدهم لعرقلة عقد مؤتمر للحزب ليضع الخطوط العريضة لنشاطه وبرامجه وتنظيماته وطرق ووسائل تحركه في مثل هذه التغيرات والتحولات الخطيرة في البلاد حيث لم ينعقد المؤتمر الثاني للحزب آلافي 1970 أي بعد 25 عاما من انعقاد المؤتمر الأول في 1945.
ونعود للزعيم الذي سلم رأسه ورأس (الثورة) ورؤوس الشيوعيين الذي كان العديد منهم معتقلا قدمها للفاشية البعثية و بيانهم الأسود رقم 13 بإهدار دمهم ،وقتلهم أينما و جدوا بمساعدة المخابرات الأمريكية التي كانت تذيع أسماء القيادات الشيوعية وأماكن تواجدها من إذاعة مجاورة للعراق.
 
الزعيم الشهيد ورفاقه بعد اعدامهم في مقر الاذاعة

وهاهو الحزب المسامح يهدر دماء رفاقه وجماهيره لعيون الديمقراطية الأمريكية المحمولة على ظهور الدبابات والطائرات ويصافح أيدي جزاريه والتهادن مع أعداءه الطبقين المحلين والمستوردين ليخسر فرصته في ان يكون المرجعية الوطنية الصادقة للشعب العراقي لمقاومة قوى الاحتلال والاستغلال.
ان سيطرة القوى الفاشية على السلطة في 8شباط 1963 افقد الشعب العراقي وقواه اليسارية فرصة تاريخية جبارة لتجذ ير (الثورة) وإيصالها الى شاطئ الأمان والديمقراطية والرفاه من خلال السير ضمن عملية تنمية صناعية وزراعية ونهضة وثقافة وطنية ديمقراطية من خلال ما أقدمت عليه قيادة الزعيم من خطوات كبيرة وتاريخية في هذا الاتجاه كقانون رقم 80 لتأميم النفط وقانون الإصلاح الزراعي وقانون الأحوال الشخصية ونشر التعليم ومجانيته في مختلف المراحل وتأسيس وتطوير العديد من المعامل والمصانع والكليات والمعاهد ودور العلم بالإضافة الى بناء ألاف الدور السكنية لفقراء الناس وتعبيد الطرق وتحديث المواصلات........الخ وفتح المجال أمام تأسيس المنظمات المهنية والديمقراطية والنقابات والاتحادات العمالية والفلاحية.
حصل كل ذلك في أفضل ظروف دولية بوجود قوة الردع والمساندة بقيادة الاتحاد السوفيتي بالإضافة الى الدعم منقطع النظير من قبل الجماهير الشعبية ومنظماتها المهنية والديمقراطية كاتحاد نقابات العمال واتحاد الجمعيات الفلاحة واتحادات الطلبة والشبيبة والمحامين والأطباء والمهندسين وكافة شرائح المجتمع الأخرى بغض النظر عن الدين والطائفة والقومية والجنس واللون.
ان ما جرى من أحداث خلال التغيير العاصف في 1958 وما بعدها وخصوصا بعد الانقلاب الفاشي في 8 شباط الأسود أدى الى تفتت اليسار العراقي وإضعاف قدرته وانشغاله في مداواة جراحاته وآلامه وتعرض الحزب للانشقاق والشرذمة على الساحة العراقية بتبني التيارات القومية للماركسية والاشتراكية بعد هزيمة حزيران وادعاء هذه البرجوازيات الصغيرة أنها على يسار اليسار ومنها ادعاء البعث بعد 1نقلاب 17 تموز و30تموز 1968 بقيادة الخط ألصدامي العفلقي للحزب وقدرته الفائقة على التلون والادعاء والمناورة وتزوير التاريخ الماضي والحاضر وإيغاله بالجريمة والتأمر والتصفيات لكافة الحركات المنافسة والرافضة لقيادته. استمر الحزب الشيوعي العراقي بين (اليمين واليسار) فمن تبني طريق الكفاح المسلح في الجبل والهور (القيادة المركزية)وبين محاولة حل الحزب في تنظيمات الاتحاد الاشتراكي العربي(اللجنة المركزية)
ما جرته التجربة الفاشلة للجبهة الوطنية مع البعث ألصدامي وعدم استيعاب الدروس والتجارب السابقة وصفات ونهج وخصوصية هذه الأحزاب ومنابعها الطبقية في العراق في أنها لا تجد مخرجا لازمتها في قيادة الحكم والاحتفاظ به الا بأسلوب القمع الدموي الدكتاتوري الفاشي حينما تستنزف أساليبها الديماغوجية في التضليل والتطبيل والشعارات الفارغة وحينما توضع أمام مفترق طرق بين الديمقراطية الحقيقية والتقدم وبالتالي إنهاء الحالة الاستثنائية وإتاحة الفرصة للقوى الاجتماعية الناهضة وخصوصا الطبقة العاملة وفكرها ومناصريها لتكون على رأس السلطة لقيادتها بحكم تطور الحراك الاجتماعي وعجز البرجوازية الممثلة بالكمبرادور عن النهوض بهذه العملية وبذلك فهي تلجا لانتهاج أسلوب العنف لكبح القوى اليسارية والشيوعية والديمقراطية التي تسعى الى بناء الدولة الديمقراطية التعددية لدستورية وفك ارتباط الاقتصاد الوطني من الهيمنة الرأسمالية
وهنا تتضح أهمية قيام قوى يسارية فاعلة قادرة على تحمل مسؤوليتها الوطنية والطبقية في عملية التغيير سعيا نحو بناء المجتمع الديمقراطي الاشتراكي هدف وطموح الجماهير ومأمن رفاهتها وخلاصها. (لكن ذلك رهبن بمدى حجم الإرادة الفاعلة لهذا النقيض وقدرته على فهم المستقبل فهما علميا بما في ذلك التحكم في الحاضر والسعي للتأثير فيه. وان حجم هذه الإرادة هو العامل الحاسم في تحقيق الحتمية وفي اختصار هذا التحقق زمنيا من الناحية الأخرى. من هنا يصبح بناء هذه الإرادة وتنقيتها ايدولوجيا وتنظيميا هو اقرب المهام زمنيا الى المستقبل) كما يقول صلاح عيسى
ان خير ما يمثل جزع البرجوازية الطفيلية في بلداننا ومنها العراق كونها مسخ لإقطاع بشع تفتقد لموضوعية وجودها ونموها ومفارقة اعتلاءها سدة السلطة السياسية وتنطعها لانجاز مرحلة التغير الوطني الديمقراطي هو الرد الفاشي المتغطرس لسلطة البعث على مطلب الحزب الشيوعي العراقي الخجول بإنهاء فترة الحكم الاستثنائي و الشرعية الثورية بحل مجلس قيادة الثورة وإجراء انتخابات ديمقراطيه وبرلمان وسن دستور دائم للبلاد حيث رأت قيادة الحزب ان الديمقراطية(عرجاء) (إن كانت هناك ديمقراطية أصلا)؟؟؟؟ وقد جاء هذا الطلب بناءا على ضغط قواعد الحزب ومطالبتها بموقف حازم للرد على ديكتاتورية وتعسف الحزب(الحليف). ومما هو جدير بالذكر ان هذا الطلب جاء بعد قص أجنحة الحزب الفاعلة بحل منظماته المهنية والديمقراطية كاتحاد الشبيبة واتحاد الطلبة العام ورابطة المرأة وإعطاء الشرعية الكاملة لمنظمات السلطة الفاشية مما سهل على السلطة ضربه وتصفيته.
تسبب هذا الطلب بهياج البعث وشنه حملة إعلامية وتصفيات جسدية واعتقالات بالجملة لكوادر وأنصار الحزب في طول البلاد وعرضها . مع تامين كافة التسهيلات لقيادته بالرحيل والمغادرة خارج العراق الذي أدمنت عليه هذه القيادة في أوقات الشدائد عدى بعض الأسماء المعروفة بصلابتها ومواقفها من السلطة وعدم مهادنتها فقد جرت عملية اعتقالهم وتصفيتهم ومجهولة مصيرهم لحين التاريخ كصفاء الحافظ وصباح الدرة وعائدة ياسين وغيرهم من الكوادر الوسطى في الحزب حيث تمت إذابة أجساد بعضهم بالتيزاب. وقد عاشت بقية جماهير ألحزب تحت رحمة قوى الأمن والمخابرات الصدامية فمن اعدم ومن أمضى شبابه في السجون والمعتقلات ومنهم من احترق بنيران حروب الطاغية حيث لا مفر بعد ان أصبح من المستحيل إعادة الصلة بالحزب وقيادته الهاربة والمنفية. ولم يبقى من الشيوعيين سوى قلة قليله اختارت ان تحمل أرواحها على اكفها ومقاومة النظام كل بطريقته الخاصة مما أبقاهم أقمارا زاهرة تنير ظلام العقول تحت نير ظلام الاستبداد والفقر والحروب أملة بيوم الخلاص من الدكتاتور ونظامه وقد كان ذلك قريبا جدا وشاخصا في انتفاضة آذار المجيدة لولا............؟؟؟؟
ولكن من المؤلم ان يوصف مثل هؤلاء الشيوعيون البواسل المحاربين بالقاصرين بنظر القادةالفارين!!!!!!
ورغم ذلك وفقدان الكثير في حملة الدكتاتورية على جماهير الشعب ومنهم بقايا الشيوعيين فقد بقيت هذه الكوكبة مخلصة لأفكارها ولحزب فهد الخالد ولمبادئ الاشتراكية والشيوعية النبيلة متناغمة ومؤيدة شعار الحزب قبل الاحتلال (لا ديكتاتورية ولا احتلال) ولكن هذا الأمل قتل وتحول الى كابوس مرعب وخانق بعد ان استكانت قيادة الحزب لإرادة الاحتلال ومشاريعه الجهنمية مع بقية القوى القادمة على ظهور الدبابات والمتهالكة على كراسي الحكم الدولارية وارتضى المشاركة في مجلس الحكم البرايمري العرقي الطائفي الامبريالي!!!!؟؟؟
وضع الحزب الشيوعي  العراقي في مأزق وطني وطبقي وفكري كبير فزاد من الشرذمة والتشظي والتعدد للعناوين اليسارية والشيوعية على الساحة العراقية.
وفي ظل تعنت وحب ألهيمنة والسدور في الانحراف والخطأ لقيادة الحزب ذهبت إدراج الرياح الجهود المضنية التي تحاول ان تبذلها بعض العناوين اليسارية لإنضاج مشروع تحالف وطني لقوى اليسار العراقي وخصوصا بعد انعقاد المؤتمر الوطني الثامن وعدم الإشارة لا من قريب ولا من بعيد للقوى الشيوعية واليسارية على الساحة العراقية والمضي في طريق إغفالها وتهميشها ان لم يكن معاداتها وإلصاق التهم المختلفة بها وبرموزها  مضحية بكل  ذلك من اجل  مناصب وزارية معوقة ومهمشة فقدتها بعد  ان أفلست تماما في الانتخابات البرلمانية في 7-3-2010   كل هذا  أدى ويؤدي الى فقدان الشعب وعموم كادحيه المرجعية الوطنية والطبقية البديلة لقوى المحاصصة الطائفية والعرقية في ظل أوصاف مظللة لقوات احتلال عسكري بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية حيث ينذر تموز اليوم وبعد (57) عاما لتموز 1958 بخطر ضياع ونهب الثورة الوطنية وتقسيم البلاد الى كانتونات طائفية وعشائرية وعرقية لتكون الساحة العراقية ملعبا مناسبا لتنفيذ مخططات الامبريالية والرأسمالية المسلحة وهي تعيش أعلى مراحلها وهلاكها وتعريضها العالم للخطر فالإرهاب هو أعلى مراحل الامبريالية وهي أعلى مراحل الرأسمالية متجاوزة طور الاحتكار نحو الهيمنة المسلحة والاستعمار.
مما يلفت النظر تواريخ الأحداث  على الساحة العراقية فمجلس الحكم الطائفي بقيادة برايمر أعلن عنه عشية  14 تموز 2003 وانهيار النظام كان بتاريخ 9-4-2003 أي في ذكرى إبرام معاهدة الصداقة والتعاون بين النظام المنهار والاتحاد السوفيتي.... إنها عملية استفزاز وتداخل  او استبدال تواريخ ومحاولة مسحها من الذاكرة العراقية؟؟؟؟!!ر
الان يواجه الشعب العراقيظروف غاية في التعقيد   والخطورة  وهو بين سندان الارهاب  الداعشي الفاشي  بجلباب ديني طائفي مزيف تبرقعت به  فاشية 1963  السوداء  لتقفز الى سدة الحكم من جديد  بدعوى مكافحة الصفوين  بعد   ان فات   زمان   مكافحة الشيوعية ، وبين مطرقة  الطبقة الطفيلية  الفاسدة  المهيمنة على السلطة  تحت  مظلة الطائفيةالمقيتة   .
ألف تحية لشهداء تموز الأبطال سلام عادل ورفاقه وحسن سريع ورفاقه وخالد احمد زكي ورفاقه وعبد الكريم قاسم ورفاقه ومحمد الخضري وصفاء الحافظ وعائدة ياسين ضحايا الفاشية المدعومة من الامبريالية الأمريكية وحلفائها.
  ألف تحية لكل العراقيين الأحرار ضحايا الاحتلال الغاشم والإرهاب الفاشي في الماضي والحاضر، سيظلون نجوما تنير الطريق لجماهير الشعب العراقي لبلوغ  الحرية والسيادة الكاملة وبناء الغد  السعيد مهما طال الطريق وتعقدت وصعبت المهام التي بدونها لا تتحقق الحرية والتقدم والازدهار والديمقراطية الحقيقية.


63
الدكتور حكمت شبر
 ----  شـــــــــــــــــهادة  -----
 ثورة 14 تموز 1958
استيقظنا في فجر الرابع عشر من تموز 1958 على صوت الراديو ينادي أهل بغداد بالخروج للساهمة في الثورة . لم نكن في البداية نصدق ماقاله الراديو ، فالثورة تعتبر في تلك الأيام معجزة كبيرة نظراً لظروف البلد المعوّق بأجراءات أمنية شديدة . ولكن زمجرة الجماهير أخذت تتصاعد ووصلت إلى حينا في الكرادة . فخرجنا كالمجانين إلى الشوارع في ذلك اليوم الخالد والكبير . الذي غيّر الكثير من القيم وتسبب فيما بعد بالكوارث الكبيرة بالرغم مما أشاعته الثورة في بدايتها من أجواء مفرحة بتغييرات عميقة لأبناء الشعب العراقي  .
   تفجّر البركان العراقي دماً وانطلق العنف بكل طاقاته في ذلك اليوم . وكانت الجماهير في حالة جنون وغليان تطالب بالثأر من رجال الحكومة . مئات الألاف من المواطنين الذين انطلقوا من مناطق بغداد المختلفة يهزجون بهتافات الثورة والأنتقام من طغمة نوري السعيد ورجالاته . ولم يكن هنالك مجالُ للعقل والتعقل في لجم الأندفاع الجنوني لتلك النيران المنطلقة من جوف  العراقيين وهم في أندفاعة لم نشاهدها في مختلف الأنتفاضات السابقة . كانوا يتراكضون نحو دور الحكومة والقصر الملكي للظفر برجالات الحكم وقتلهم . وكانت تلك الأندفاعة أولى في الخطوات العنيفة التي تصاعدت بنيرانها واستمرت حتى الوقت الحاضر .
  ظفر المتظاهرون الثائرون ببعض من أعضاء الحكم في فندق بغداد من الوزراء الأردنيين فقتلوهم وسحلوا جثثهم كما ظفروا بجثة عبدالأله الوصي على عرش العراق والمتسبب الرئيسي في أعدامات العقداء الأربعة وزعماء الحزب الشيوعي وقطعوا جثته أرباً إربا . كما سحلوا جثة نوري السعيد في اليوم الثاني للثورة .
   كنت وما زلت أتساءل أين كان ذلك الحقد وطلب الثأر كامناَ في نفوس العراقيين . الذي تحوّل إلى بركان يتفجر غضباً وينز دماً ليطالب بالفتك بخصوم الشعب من حكام رجعيين واستمر العنف والقتل والسحل والتمثيل بجثث الخصوم السياسيين منذ عام 1958 في ثورة تموز وعبر مجازر الموصل وكركوك ومجازر 8 شباط 1963 ، واستمر العنف بالتصاعد ، ولم نسلم منه حتى الوقت الحاضر . فقد أزداد سعيره في زمن حكم البعث بقيادة صدام حسين الذي قتل جميع معارضيه من السياسيين وتسبب بمجازر رهيبة في حروب لا ناقة لنا بها ولا جمل ، ضد الجارة أيران وأحتلال الكويت ومقاتلة الكرد . وضرب الشيعة في أنتفاضة آذار 1991 ومئات الألاف القتلى الذين سقطوا ضحايا ذلك العنف المتفجر في صدور الحكام في مختلف مراحل الحكم التي مرت منذ تموز 1958.
   وها هو العنف يطل علينا بعد أحتلال امريكا لبلدنا وكيف أثارت نوازعه جيوش الأحتلال لدى الشارع الغوغائي وكيف استطاع المحتلون أن يطلقوا كوامن الحقد بقتال عنيف ومدمرّ لنسيج المجتمع العراقي بين الأخوة السنة والشيعة منذ دخولهم البلد وحتى كتابة هذه السطور . ومازاد الطين بلّة دخول داعش العراق وأحتلال أجزاء ومدن منه وما تسببوا به من مجازر وأبادة للعراقيين بمختلف طوائفهم ولا أعلم متى تنطفأ نيران هذا العنف الرهيب الذي دمّر المجتمع العراقي وفتت عناصره المتآخية سابقاً .
   وها أنذا على مشارف الثمانين وقد ذقت لوعات الأحداث الدامية التي مرت بعراقنا الحبيب فكتبتُ هذه الأبيات أناجي نفسي والزمن والأحباب قائلاً :
                بقايــــا جســـدٍ حــــيٍ وروحٌ طالــــــــــها اللهــــــــــــب
                وأنســــان معنـــــىّ ليـــــس فـــي أجـــــواءه شـــــــهُب
                مضــــت أيامــــه لــم يبــــق لا حــــــبٌ ولا طــــــــــرب
                وهــا نحــن نعيش مــرارة الأيــام يعلــو روحنـا الكـرب
                أطـــلّ المــــوت مـــن غــــازٍ أتـــــى للعمــــر يسـتلــــب
                فدمّــر كــل مافــي أرضــنا حيـاً أصـاب قلوبنــا الجــــدب
                فحـــوّل أرضــــنا قفــــراً ونــــــوق البيـــــــد تنتحــــــب
                وأقســـى ما يمــــرّ بنــــا فــــــــراقٌ جائــــــر صـــــــعب
                تفـــرقّ خيـــــــر أحبابــــي وحــــلّ بقلبـــــي الســـــــغب
                وهاجـــر كــل مــن أحــببتُ نــاش بيوتنــــــا العطـــــــب
                 فأيـن مرابــع الخــلاّن كــان يـدور في جنباتـها صــخب
                وأيــــن مرابـــع الأحـــفاد بــــات مقامـــــــها خـــــــرب
                 أعيــش بغربــــة ثكلـــــى وقلبـــــي صــــار مكـتـئــــب
بعد أكثر من خمسين عاماً على ثورة تموز أكتب في هذه السيرة بعض الملاحظات بشأن الثورة وزعيمها ، بعد أن تبلورت أفكاري عبر تجارب وعمر طويل قضيته مراقباً ومشاركاً في أحداث بلادي . حين وصل وعيي ونضوجي أعلى مراحله . وأستطيع بكل تواضع أن أقول رأي بدون تعصب سواء كان ذلك بالمدح الكثير للثورة وزعيمها أو العكس بأتهام ثورة تموز وزعيمها عبد الكريم قاسم بالعمالة .
    لقد حزّ في نفسي وآلمني كثيراً أن أجد رجلاً قومياً مارس السياسة والعمل الصحفي في عهد العارفين (عبد السلام وعبد الرحمن عارف) أن يتهم بعد خمسين عاماً من ثورة تموز زعيمها وبعض وزراءه بالتعاون مع الأنجليز لكأن الثورة قامت بمساعدة الأنجليز وسوف تحافظ على نفوذ بريطانيا ومصالحها النفطية في العراق .
   جاء في كتاب الأستاذ ورئيس الصحافيين العراقيين والقومي العراقي المعروف فيصل الحسون في كتابه ، (شهادات في هوامش التأريخ) الصادر عام 2001 ما يلي :
   شاهدت خلال الدعوة التي أقامها رجل المخابرات البريطاني في السفارة البريطانية ( مستر فول) ، السادة محمد حديد ، حسين جميل ، نجيب الصائغ ، خدوري خدوري ، والدكتور المهندس محمد مكية والدكتور الطبيب محمود الهاشمي وسامي باش عالم وغيرهم . وهنا يغمز الكاتب وزراء وسياسي التيار الديمقراطي واليساري في العراق قائلاً : عندما دخلت الصالون الصغير رحب بي صاحب الدعوة . 
   لاحظت أن الأرتباك بدا واضحاً على وجهي حسين جميل ونجيب الصائغ اللذين فوجئا – كما بدا- لي والقول للكاتب ، بحضوري كان امراً غير مستحب لبعض المدعوين على الأقل .
   سمعت أكثر من مرة في هذه الدعوة مقولة أطلقها المدعوون دون حرجٍ أو تردد : (ليس بيننا وبين بريطانيا إلا نوري السعيد ... وحين يتخلى الأنجليز عن سياستهم في دعم االنظام والحكام في العراق فلا يعود بيننا وبينهم ما يوجب النفرة والخصام ) .
    كان الموقف غريباً ... فكيف التقى زعماء المعارضة ووجهها اليساري وغيرهم في منزل هذا الرجل .
    وحين تطورت الحوادث وقفز حسين جميل وخدوري خدوري ونجيب الصائغ إلى مراكز الصدارة ، وراح أقطاب (التقدمية) و (الديمقراطية) يلمعون كما كان يلمع من قبل توفيق السويدي وعلي جودت سليمان الأيوبي وعبد الوهاب مرجان وضياء جعفر .
   وحين صبّ عبد الكريم قاسم جام حقده على دعاة القومية العربية ولم يستهدف في سياسته إلا القضاء علىى مسيرة الركب القومي ... ليتاح للأنجليز ليطمئنوا على مصالحهم فلا يتهددها خطر أو تتعرض لمكروه .
   وفهمت كذلك لماذا تربع (التقدميون) و( الديمقراطيون) على دست الحكم مشاركين فيه عهد الدكتاتور عبد الكريم قاسم . وأدركت (بعد لأي) لماذا وكيف أنحرفت ثورة 14تموز

عن أهدافها القومية ... ومنذ متى خُطط لهذا الأنحراف (1) .
    ولا يمكن أن أكتب عن الثورة وأنا في هذا الأدراك متناسياً ما كنت فيه في خمسينيات القرن العشرين ، ما كان عليه رجال الثورة من حيث محدودية الأدراك والوعي وفقاً للظروف والأحوال السائدة آنذاك .
  كنت بيدقاً من ضمن البيادق الكثيرة التي تحركها قيادات هي أيضاً بيادق تُومر من قبل زعماء وحركات خارجية . وهذا هو ديدن الحركات السياسية في العراق حتى الوقت الحاضر . فلا مبادرات وطنية لخدمة البلد ولملة الصفوف وبناء وطن حر قوي يتمتع بالمكانة اللائقة بين الدول .
   كنت كما كانت الغالبية العظمى من اليسار واليمين القومي تتلقى من قياداتنا المرتبطة بالخارج فالشيوعيون كانوا يتلقون أوامرهم من الحزب الشيوعي السوفيتي . والبعثيون كانوا لايختلفون بهذا الشأن فكانوا يؤمرون من قيادات مرتبطة بميشيل عفلق المشكوك بولائه القومي ، أو عبد الناصر خصوصاً بعد الوحدة .
   لم نكن نمحص ما يردنا من أوامر للقيام بمظاهر مؤيدة أو معارضة للحكم آنذاك من منطلق مركزي - نفّذ ثم ناقش - وهذا المبدأ هو من أسوأ المبادئ التي تتبناها الأحزاب الشمولية (التوليتارية) . فهذا المبدأ يجمّد عقل ووعي المرتبطين بتلك الأحزاب . فكم مرة خدعنا بالخروج للتظاهر أو التواجد في الشوارع لوجود ( مؤامرة قومية رجعية ) .
    لكن تلك المزاعم سرعان مابانت حقيقتها وكم مرة جاءتنا توجيهات بالأعتداء أو بمراقبة القوى القومية والبعثية بدون أن نفكّر بأن هؤلاء هم أهلنا وأخواننا وأصدقائنا الذي توحدنا معهم في عان 1956 في مظاهرات عارمة ، وبعدها بجبهة وطنية وحدّت
   ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-   أنظر ، فيصل حسون ، شهادات في هوامش التأريخ – بيروت – الوراق عام 2001 ص 48- 51

كل القوى المناضلة في سبيل العراق .  فكيف أنقلبت الأمور وأصبحوا أعداءنا نرمي إلى  تذييلهم بل قتلهم وسجنهم . كيف تجمدّ وعينا وأدراكنا وكنا كما قلت بيادق ننفذ ما يطلب منا ، كما كانوا هم الأخرون بيادق ينفذون ما يطلب منهم ، وكنا نريد فرض أيديولوجيتنا على الأخرين بدون وعي ، فلم نكن نؤمن بوجود الرأي الأخر وأحترام خصومنا السياسيين .  وهذه هي علة العلل التي نخرت وأربكت عمل اليسار بقيادة الحزب الشيوعي .
   ما الذي حصل بعد توحيد القوى في جبهة وطنية موحدة ؟ لا بد لي من توضيح بعض الظروف التي أحاطت بثورة تموز وبالعراق آنذاك ، والتي تسببت في بعض جوانبها في بث الفرقة بين القوى اليسارية والقومية . بالرغم من أيمان الشيوعيين والبعثيين بتكوين دولة علمانية أشتراكية ، يعيش من خيراتها ملايين البؤساء والمعدمين . فكيف تفرّق شمل هذه الجبهة والجماهير المؤيدة والمساندة لها .
   كان لقيام الوحدة بين مصر وسورية في  شباط 1958 أثر كبير ومباشر على التعاون والتعاضد بين قوانا اليسارية والقومية  .
   لم تكن الوحدة بين مصر وسورية بالطريقة التي نشأت بها صحيحة ومكتملة الظروف والوسائل لديمومتها ومساندة جميع القوى العربية والوطنية لها . وكانت كما رآها اليسار في العراق وسورية ومصر موجهة لضرب الحزب الشيوعي السوري والشيوعيين المصريين عن طريق إلغاء الأحزاب وأعلان حزب واحد هو الأتحاد الأشتراكي ، وبعد ذلك بدأت مطاردة اليساريين والشيوعيين في كل من مصر وسورية . وهذا العامل لعب دوراً رئيسياً في فرقة المتحالفين من القوى القومية واليسارية ولا غرابة أن أطلقت شعارات أيديولوجية المعنى والمغزى بعد ثورة تموز . فقد طالب اليسار بقيادة الحزب الشيوعي بعلاقة فدرالية مع الجمهورية العربية المتحدة . وكان المفهوم من هذا الشعار أرجاء الوحدة مع مصر التي بانت مراميها بقيادة عبد الناصر الزعيم العربي الذي أحببناه كثيراً لأنجازاته الوطنية والقومية . لكن ما قام به من وحدة دبرت على عجل مع سورية وما تلاها من اجراءات لمطاردة الوطنيين واليساريين لعبت الدور الكبير في أبتعاد اليسار العراقي عن المطالبة بالوحدة .
  وكانت القوى القومية وحزب البعث تطالب بالوحدة العربية الفورية . وهنا حصلت الفرقة وبدأ الصدام بين القوى التي تفرقت لأسباب أخرى عدا موضوع الوحدة والأتحاد الفدرالي . وكنا في ذلك الوقت مندفعون بدون وعي لمعارك مع أخواننا وحلفاءنا في الجبهة الوطنية بدون أدراك أو وعي للمخاطر التي أحاطت بالثورة وأودت بها أخيراً وكان الخصام واضحاً بين زعيمي الأنقلاب قاسم وعارف ولم نعي آنذاك أن ذلك الخصام لم يكن بسبب المنادات بالوحدة أو الأتحاد ، بل كان صراعاً مكشوفاً ، بدون أن نعي ذلك ، على السلطة ، والحكم بين القائدين للأنقلاب . وبانت حقيقة ذلك بعد انقلاب 8 شباط 1963 بقيادة البعث ومشاركة جميع القوى القومية بالجيش وخارجه . عندما تخلّى الأنقلابيون ومن بعدهم العارفان (عبد السلام وعبد الرحمن) عن توجهاتهم وشعاراتهم السابقة بالوحدة الفورية مع مصر .
   كانت الثورة أمل العراقيين المحروميين من الحرية . وكنت أحد هؤلاء الذين حلموا قبل الثورة بعالم جديد يؤمن بحرية الفرد وحقوق الأنسان . بعد السنوات الطويلة من المطاردة والأضطهاد السياسي ، خصوصاً بعد أن خرجت من التوقيف قبل شهور عديدة . فقد كانت فرحتي لا يمكن وصفها بالثورة الشعبية التي سوف تحقق طموحاتنا وآمالنا بالحرية والعيش الكريم وأحتلال المكان اللائق بدولتنا الجديدة بعد تحطيم حلف بغداد والعائق لتقدمنا والموجه ضد الأتحاد السوفيتي والكتلة الأشتراكية .
   ولا بد لي هنا من تقييم ما حصل من أنجازات كبيرة في زمن الثورة وتقييم قيادة قاسم بشكل موضوعي وعادل وتبيان أيجابيات الحكم وسلبياته وخصوصاً قيادة عبد الكريم قاسم .
   بدات حركة الجيش العراقي في 14 تموز 1958 كأنقلاب عسكري وسرعان ما تحوّلت إلى ثورة تدعمّها الجماهير الشعبية ، فقد تم تحقيق أنجازات كبيرة لمصلحة الشعب لا يمكن أن يجادل أي أنسان موضوعي بأهميتها .
   كان من أوائل تلك الأنجازات أصدار قانون الأصلاح الزراعي الذي جاء ليقصم ظهر الطبقة الأقطاعية ويقضي على نفوذها ، بعد توزيع الأراضي الزراعية بين الفلاحين .   ولا أنكر ما حصل من أخطاء في تطبيق القانون ، إلا أنه كان موجهاً لضرب أهم القوى التي تساند الحكم الملكي والسعيدي ورهطه من الرجال المنتفعين وبضمنهم كبار رجال الأقطاع .
  كما صدر قانون الجمعيات الفلاحية التعاونية لدعم نضال الفلاحين ومساعدتهم في الأستفادة من تطبيق القانون . ولكن سرعان ما دب الشقاق بين حلفاء الأمس وتصاعدت حدة الصراعات بين الأطراف الوطنية للسيطرة على الجمعيات الفلاحية ولم تدم تلك الصراعات طويلاً حتى انهارت البنية التحتية لتلك الجمعيات بالضربات الموجهة من قبل حكومة قاسم ضدها .
   ومن الأنجازات المهمة لثورة تموز اصدار قانون الأحوال الشخصية ، الذي ساوى بالميراث بين المرأة والرجل ، ودعم نضال المرأة في سبيل حقوقها المهضومة في ظل الحكومات الرجعية السابقة . وهذا القانون أثار زوبعة كبيرة بين القوى الرجعية المتحالفة في جبهة كبيرة مع رجال الدين السنة والشيعة . ولعلي لا أبالغ إذا أشرت إلى حقيقة مهمة في ذلك الصراع ، تتمثل في تعاون السنة والشيعة عن طريق زعاماتها الدينية مكونة حلفاً مقدساً لأسقاط الشيوعية وحكومة عبد الكريم قاسم . وكان مربط الفرس في تلك الحملة العاتية ، التي تسببت في النهاية بأسقاط حكومة قاسم ، أتهام الحكومة ومن ورائها الشيوعيون بالألحاد ومخالفة القرآن الكريم الذي يعطي الرجل ضعف حق المرأة في الميراث ولا بد لي من التذكير بفتوى المرجع الشيعي السيد محسن الحكيم (الشيوعية كفر وألحاد) حيث نعتت نظام الحكم آنذاك بالشيوعية لذا أطلقت الدعوى لمحاربة الطرفين (نظام الحكم والحزب الشيوعي ) ، ولا أعلم ما علاقة حكومة قاسم وشخصه بالشيوعيين الذي أعلن عليهم حملة كبيرة من الأضطهاد وسجن الآلاف منهم في تلك الفترة .
   ومن الأنجازات المهمة التي قدمتها الثورة بقيادة قاسم قانون (رقم 80) المتعلق بالثروات النفطية ، حيث نص القانون على حرمان الشركات النفطية من أكثر الأراضي العراقية الغنية بالموارد النفطية ، وهذا ما أثار الشركات النفطية الأجنبية التي تحالفت مع حكوماتها ومع العناصر الرجعية في العراق لأسقاط حكومة قاسم وضرب منجزاتها ، التي هددت مصالحها الحيوية في وطننا .
   ومن الأمور المتعلقة بأستقلال الثروة النفطية صدور قانون تشكيل شركة النفط الوطنية ، التي أنيط بهبا أستغلال وبيع النفط العراقي ، كما كان لمبادرة حكومة قاسم في دعوة الدول المنتجة للنفط لأنشاء منظمة عالمية تعنى بشؤون النفط . وفعلاً تكونت منظمة (الأوبك) بعد الأجتماع المهم الذي عقد في العاصمة بغداد .
    ومن يمكنه مخالفة حقيقة الأجراءات الوطنية التي قامت بها حكومة قاسم ، فقد تم الخروج من حلف بغداد الأستعماري ، الموجه لضرب حركات التحرر العربية في منطقة الشرق الأوسط ، ومحاربة الأتحاد السوفيتي الصديق لحكومة عبد الناصر والحكومات الوطنية في العالم الثالث .
      كما أن ما قامت به حكومة قاسم من خطوة للخروج من الكتلة الأسترلينية أثر بالغ في تقوية أقتصادنا وتدعيم سيادتنا الوطنية ، حيث كان أرتباطنا بتلك الكتلة مصدر لضعف أقتصادنا وما يعتريه من ضغوط تتعرض له الكتلة الأسترلينية .
وهناك العديد من الأنجازات الوطنية ، منها أصدار قانون الأحزاب الوطنية في العراق ، والتي لم تُعرف سوى فترة قصيرة بعد عام 1946 من نشاطها الرسمي . ولكن قاسم أجاز بعض الأحزاب ، كالوطني الديمقراطي وحزب الأستقلال كما عمد إلى خطوة خاطئة بمنح اجازة لحزب شيوعي مفتعل بقيادة الصائغ . لظنه أن هذه الخطوة سوف تضعف الحزب الشيوعي العراقي ذو الجماهيرية الكبيرة في ذلك الوقت ، كما أمتنع عن منح الحزب الجمهوري بقيادة الأستاذ والمثقف الماركسي ، وأحد مؤسسي حركة الأهالي الديمقراطية في أعوام الثلاثينيات (عبد الفتاح أبراهيم) ، بدون مسوّغ شرعي سوى ما كان يضمره من عداء لليسار والشيوعيين في تلك السنوات (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-   حدثني الراحل الأستاذ عبد الفتاح أبراهيم في أحدى لقاءاتنا الدورية في داري او داره وفي لقاء يوم الجمعة لدى المرحوم الأستاذ سالم عبيد النعمان قائلاً : أستدعاني قاسم بعد تقديمي طلب الموافقة على تأسيس الحزب الجمهوري ، وكان منفعلاً وهو يحدثني عن عدم وطنية بعض المؤسسين لحزب (الجواهري) متهماً أياه بعدم الوطنية بحجة حصوله على قطعة أرض زراعية في عهد نوري السعيد مما ينفي عنه إدعائه الوطنية ، فأجبته ألم يكن الجواهري مواطناً له الحق في أمتلاك أرض زراعية ، وما علاقة الموضوع بوطنية الجواهري ، لكن قاسم رفض أقوالي وكان مصمماً على رفض الموافقة على تأسيس حزبنا الجديد .
 












 ولا يمكن أن ننسى الفئة المسحوقة من مواطني خلف السدة والساكنين وسط نهر(شطيط) المجرى القذر الذي تمر به مخلفات المجاري ، والمتسبب بمرض وموت أبناء تلك الفئة . مما كان من قاسم إلا وأمر بطمر هذا المجرى وفتح قناة (قناة الجيش) تجري فيها المياه العذبة . كما وقام بتوزيع الأراضي على تلك العوائل ، وبناء بيوت حديثة وأن كانت صغيرة . وكان لقاسم وما زالت شعبية كبرى بين أبناء تلك الشريحة الكبيرة من مهاجري العمارة ، والتي يطلق عليها تجاوزاً بعض السياسيين وأتباعهم (الشراكوة) . كما كانت أعماله في توزيع أراضي بغداد على الجمعيات المختلفة لأسكان منتسبيها ، هذه الخطوة الكبيرة التي أنعشت كثيراً الطبقة المتوسطة .
   كان قاسم وطنياً لا خلاف على ذلك بالرغم من الأتهامات الباطلة حول عمالته للأنكليز . وكان من أبناء الطبقة البرجوازية الصغيرة ولا يمكن لعسكري ينتمي بعقليته إلى تلك الطبقة مع وطنيته إلا أن يتصرف وفقاً لما تعلّمه وعرفه ومارسه في ذلك الوقت من نهاية خمسينيات القرن العشرين . ولابد لي من تقييمه موضوعياً وتأريخياً فبالرغم مما أنجزه من أصلاحات وقوانين جيدة إلا أن قاسم أرتكب أخطاء كثيرة أودت في النهاية بالجمهورية الوليدة .
    منذ أنتصار الثورة في 14 تموز بدأ الصراع واضحاً وجلياً في سبيل الحكم بينه وبين شريكه عبد السلام عارف . وكان قاسم يتصرف بطريقة أذكى من شريكه . حيث تركه يقوم بجولات مكوكية في المدن العراقية ، مدلياً بتصريحات فجّة وغير ناضجة منها (سنقيم جمهورية خاكية إلهية ) إلى غيره من الكلام الذي يدل على فجاجة تفكيره وعدم نضجه السياسي .
   أستغل قاسم هذا الوضع وبدلاً من أن يصلح خطوات شريكه عمل على أبعاده عن مراكزه المهمة في الدولة وبالأخير أرسله سفيراً إلى ألمانيا . التي لم يستطع عارف الأستمرار بتلك المهمة وعاد إلى بغداد ليُتهم بالتآمر على الثورة والحكم عليه بالأعدام من قبل محكمة الثورة . وبالنتيجة فقد عفا عنه قاسم .
    كان لذلك الصراع أثره المباشر والمدمر في شقّ الحركة الوطنية ، فقد سارت الجماهير خلف قاسم . وكان الدور الرئيسي بقيادة تلك الجماهير يعود للحزب الشيوعي صاحب الشعبية الكبيرة بينما توجهت القوى القومية مع حزب البعث خلف عبد السلام عارف ، ومن هنا بدأ الصراع . وكان قاسم سيء النية في أطلاق جماهير الحزب الشيوعي معتمداً على دعمها في الحكم . ولكنه سرعان ما تخلى عن الشيوعيين واليسار بعد ضرب القوى القومية وسجن زعمائها وأبعادهم عن المعترك السياسي .
   ومن الأخطاء الأخرى التي أرتكبها قاسم حجب الرسمية والشرعية عن الحزب الشيوعي ، الذي لعب دوراً هاماً وكبيراً في دعمه وترسيخ عبادة الشخصية لذلك الزعيم ، كما كان يدعى (بالزعيم الأوحد) وتلك السياسة التي أعتمدها الحزب الشيوعي لم تكن تتلائم مع أفكاره ومبادئه في عبادة الشخصية . وكان تصور الحزب أنه يستطيع أن يحكم ويبني الأشتراكية بالتعاون مع عبد الكريم قاسم .
ومن الأخطاء الأخرى الذي أرتكبها قاسم معاداته لشركائه بالثورة وابعادهم ، بل بتصفيتهم بعدئذ . كما حصل مع الطبقجلي وغيره من القيادات العسكرية ، التي لم يثبت تآمرهم على الثورة بل كان واضحاً أن قاسم كان يرمي إلى التخلص من تلك القيادات المهمة . بالرغم من تصريحه للمقربين منه أنه سيعفو عنهم . ومن المفارقات الغريبة أن قاسم عفى عمن وقف له في شارع الرشيد محاولاً أغتياله .
  ولعل من أبرز ما قام به قاسم في هذا المجال أبعاده رفيقه في مجلس قيادة الثورة (الشواف) إلى الموصل لقيادة الموقع العسكري هناك . وكان ذلك بمثابة الأبعاد والنفي لتلك الشخصية الوطنية المعروفة بتوجهاتها اليسارية . ولكن أنقلب الأمر وجعل الشواف يتآمر مع البعث والقوميين ضد قاسم وحكومته في آذار 1959 ، مع دعم ومساندة عبد الناصر العسكرية والدعائية والسياسية . لكن دحر الأنقلاب أدى إلى نتائج كارثية ضد القوميين والبعثيين . قد تم أرتكاب جرائم بشعة في الموصل وكركوك ضد العناصر القومية والبعثية وعلقت بعض الجثث في شوارع الموصل ، وأرتكبت جماهير الحزب الشيوعي جرائم أخرى في مختلف مدن العراق وفي مختلف مرافق الدولة بمعرفة قيادة الحزب الشيوعي وأحياناً بتوجيهات منه . وكان لذلك السلوك الكارثي آثاره المدمرّة على الحركة الوطنية . فقد أدت ردود الأفعال إلى جرائم دموية بعد أنقلاب 8 شباط  1963 . حيث تم تصفية المئات من قيادات الحزب الشيوعي وسجن الآلاف من أعضائه وأنصاره ولازالت آثار ذلك الأنقسام الدموي مستمرة حتى الوقت الحاضر .
    وأخطر ما عمله خلال قيادته للثورة توجهه نحو حكم فردي دكتاتوري لا يؤمن بالجماهير وأحزابها ولا يؤمن بالسلوك الديمقراطي . ولعل خوفه من اليسار بقيادة الحزب الشيوعي جعله يرتكب خطأ قاتلاً في عدم توزيع السلاح على الجماهير المحتشدة أمام وزارة الدفاع والمطالبة بالسلاح خوفاً مما قد يعقب ذلك من محاولة السيطرة على السلطة ، مدعياً أنه لم يكن يرغب في أشعال نار الحرب الأهلية .
   وفي النهاية سقطت الجمهورية الوليدة نتيجة لأخطاء قاسم وعدم محاولته جمع الصف الوطني امام المؤمرات الكبرى التي قادتها الولايات المتحدة وأنكلترا بالتعاون مع نظام عبد الناصر ، الذي برز كأهم المعادين لنظام عبد الكريم قاسم .
    إلا أن ذلك لا يمنعنا من أعتبار عبد الكريم قاسم واحد من أهم الوطنيين العراقيين ، الذين وصلوا إلى حكم البلاد ، وكان الرجل نزيهاً وعفيفاً وعمل على أصلاح بلدنا ولكن أخطاءه  وأخطاء الأحزاب الموجودة في الساحة أودت بالجمهورية الوليدة . ولا زلنا نعاني من فرقة الأحزاب الوطنية في الوقت الحاضر ونحن نجابه حرباً طائفية وخارجية ، وأحتلال داعش لأراضينا .

64


فناجين القبــــــــــــــــــــــــل – نص شعري


حميد الحريزي

 

((نمنم)) روحي مرصوفٌ
 على شفتيكِ
الحُبلى
بالقبلْ
رفيف ُ أجنحةِ اللثمِ يسكرُ  ضِفافَ
 النهرِ المسكونِ
بزوارقِ شوقٍ  تحملُ
آهاتي
الحرى
أزرارُ نهديكِ أبوابُ
الجنةِ
يا مَنْ
أبراجُكِ محصنةٌ  برموشِ
الحُسْنِ
شعاع ُعينيكِ    أذابَ
شمعَ لسانِي
المصلوبَ
 على أعمدةِ  حروفِك
الذهبيةِ
كيف الوصلُ ودونك سبعُ
سلالاتٍ  مُرَمَحةٍ
برماحِ
السحرِ
باقةُ زهوري في كفي
تنتظُرُ غمز َ  الحاجبِ
تجفُ شرايانيِ
لوجفت
بعيداً عن شفتيكِ
خازنةُ أرطال
الشهدِ
اعشقْ ثم اعشقْ
أِفني كلَ سنينِ العمرِ
دعكَ من  دواماتِ القهرِ
اسبحْ في  بحرِ العشقِ
الاعمق
اعشقْ  ثم اعشقْ 
عشْ عاشقاً
((من المهدِ إلى اللحدِ))
 واعلمْ 
 ان  لولا الحبُ
لا
قبلُ
و
لا
بعدُ

12-1-2012
Hamd.hur@gmail.com

65
 
ما بين  المؤتمر  والمتآمر ما تت  الضمائر ......

في بلد  واقعه  العلمي والاقتصادي   آسن وواقعه  السياسي  فاسد ، وواقعه الاجتماعي   متردي ، تطفو على  سطح غابة الفضائيات  ، أعداد كبيرة من  المؤتمرات  - الادبية -  العلمية – السياسية – العشائرية -  التصالحية   - الاقتصادية ..... الخ  بما لايخطر   لك على بال حتى في الخيال ......
والادهى من ذلك  ان هذه المؤتمرات   تعقد  في دول   اجنبية  خارج العراق ،  يقصدها  المؤتمرون    وهم    لايحملون  دراسة  ولا في مخيلتهم   سؤال ..... بل سيستمعون الى كلام   معاد  يمكن  ان  يقال اضعافه  في  داخل العراق  ودون  عناء السفر  وتحمل  الكلف .. فغالبا  ما يمضي  المؤتمرون  الموفدون على نفقة الشعب  المحروم جل وقتهم في حضور الحفلات   وموائد الاكلات   بعيدا  عن  الهدف المعلن او شعار  المؤتمر ....
 الغريب  ان بعض  هذه المؤتمرات يحاضرفيها  عراقي  ، يقصد هذه البلاد  ليرق  صوته  ويتفتق  ذهنه   بعيدا  عن احواء بلده !!!
يختتم  المؤتمر   بتوزيع  الشهادات   والهدايا   والتقاط الصور التذكارية  دون اية توصيات   او  جدوى    اوفائدة  للبلد  او المؤسسة  التي  تحملت   مصاريف   باهضة  من اجل  هذا المؤتمر ....
ما ان يعود الموفد   الى بلده  حتى  ينشغل  بنوزيع  الهدايا (الرشى)) على  من سعى  وساهم  في ترشيحه  وتسهيل  امر ايفاده  ومشاركته  في  المؤتمر  خلافا  للضوابط  والمؤهلات   وعلى حساب   العنصر الجاد  والمؤهل  والذي على  مساس  مباشر  بشعار وهدف  المؤتمر ..... هذا  العنصر  الجاد الذي   سيبقى ((اطرش بالزفة )) وسط  زيف  ولاجدية  ولا جديد  المؤتمر ...
عادة لم   تجري عملية تقييم لما  قام  المؤتمرون به وما قدموه    في  سفرهم  ومشاركتهم هذه  وبماذا   سينعكس  على  عمله   من   ناحية  التطوير  والتنوير  نحو الافضل .... فغالبا  ما يبقى الحال عما  هو عليه ، لا بل  تعرقل  كل  عملية تجديد  ربما  يريد ان يقوم بها ((المغفلزن))  من ذوي النوايا  الحسنة   والجادون اللذين  ربما يطعم بهم  جمع    المؤتمرين  لدفع الشبهات ....
هذا الحال  والواقع المرير  يمكن   ان  تسمع  ما هو  اكثر غرابة منه  من افواه المشاركين ...... وقد شملت العدوى  حتى مؤسسات  ومنظمات  المجتمع  المدني والمنظمات  النقابية  والمهنية  حتى الادبية والثقافية منها  ..... ليس بعيدا عنا  مهرجان المربد   وما حصل  في  النجف  عاصمة الثقافة  الاسلامية   ومهرجان   بغداد  عاصمة  الثقافة  ووووووو.
اما  المؤتمرات  والمهرجانات السياسية  فحدث  ولا حرج  .. فليست  اكثر  من  مناسبة لعقد  الصداقات  والاتفافقيات  الجانبية ،  والتباري في  تناول  اطباق الاكلات  وتبادل  النكات   والقبلات ....ناهيك  عن  كون بعضها  يتحول  الى  مناسبة للتآمر على الشعب  وبامواله ...    يتدرب فريق  كرة القدم  في تركيا  ويقيم معسكره  هناك  .... يبن  ارض العراق  عوجه !!!!
 كم تكلف  هذه المعسكرات  في بلد   يغذى  بعض  مواطنيه  من  صناديق القمامة  وفضلات  المطاعم ؟؟؟؟
فاختلط  علينا  الامر  هل هذه   مؤتمرات  لصالح الشعب  والوطن  او مؤامرات لسرقة   امواله  وافساد  كوادره ؟؟؟؟؟؟

66
أدب / أبواب القمــر
« في: 13:17 30/06/2015  »
 
أبواب القمــر



حميد الحريزي
 
قناديل الحزن تبكي مصابيح
الفرح
تلوذ الاحلام
خلف صنابير
الظلام
تتوضأ الشمس بنيران
غرام موءود
تتعثر حبات الرمان
بسواقي الرياح
الغافية
اقفل الهمس ابواب
الصمت
توارى العندليب في بساتين
(الطناطل)
فراشات العناكب
بلا
اجنحة
تؤدي صلاة التوبة العذراء
مباريات الديكة
لا تعرف ضربات
الجزاء
بيوضها بلا قشور
تلاقفتها عقارب خلف نوافذ
مسلحة
اضبط (شُعَيرّة) الكلمات
وتوقف عند ابواب
القمر


67
 جرافة الثلــــــــــــــــــج


حميد الحريزي

عقارب الزمن
جرفت بساتين
 رأسي
توارت الرياحين  خلف هضاب
الشحوب
اكتسى الراس رداءا  من
ثلوج
تزحف نحو    بياضات
الكفن
تنساب نهيرات الروح خجلى
تستعيد ذكريات
الشباب
ترقص عناقيد الصبا طرباً
لانسام
الربيع
تدق اجراس الحنين
صوب ليالي
الغرام
يصارع   الغيوم
 شعاع القمر 
يعانق  براعم    روح   تنازع
الذبول
مسرح
  الحياة   يختتم دوما بموت
البطل
لا الستائر تسدل  ولا   الجمهور
  يفارق
الامل
متواريا  وراء الكواليس  ، يلبس  رداء
جديد

68
ماذا وراء  قرار  امريكا   بزرع  قواعدها  في العراق؟؟؟؟
حميد الحريزي
صرح رئيس هيئة الاركان  الامريكي ))ديمبسي)).. ان  نجاح تجربة قاعدة الانبارتجعلهم  يفكرون  في  اعادة التجربة في  محافظات عراقية اخرى ...؟؟؟
ولاندري ماهو النجاح الذي احرزته قاعدة الانبار  في حربها ضد الدواعش  سرطان  امريكا  المزروع في البلدان العربية  خصوصا والذي  يتجمع حول رائحة البترول كما تتجمع العقبان حول  الجيف.. فقد شدت  الانبار هزيمة  وانكسار كبير  رغم  وجود خبراء ومستشارين  بالمئات في قاعدة((عين الاسد)) حيث يبدو ان الاسد كان  نائما او انه  مستمتع باقتتال فرائسه، او ان هذه العين تحولت الى عين  ثعلب  محتال  يرقب  مايجري  بارتياح كبير  لان  مخطط  البنتاغون يسير حسب الخطة المرسومة  في بيت الشر ((الابيض)).
ماهي اهداف امريكا  في المنطقة عموما وفي العراق خصوصا؟؟؟
ان دولة عظمى مثل امريكا لابد ان تكون لها اهدافا محددة تدفعها   لارسال جيوشها  الجرارة  وتبذل مليارات الدولارات  لتتمكن من  فرض هيمنتها على منطقة بعينها او بلد  بعينه مثل العراق .... طبعا  كل  تاريخ امريكا  الاستغلال   يدل على ان  دعوى  اقامة  ونشر الديمقراطية في العالم  انما هي  دعوى زائفة  وخير مثال على ذلك  ماجرى ولازال يجري في العراق  سواء قبل  سقوط النظام او بعده ، فتصنيع الديكتاتوريات  انما هي  صناعة امريكية  بامتياز   كما في العراق  وليبيا  وتونس  ومصر  وغيرها .... كما ان   ((طنطل))  داعش هو صناعة امريكية بأمتياز  ..... كل هذا يجري ضمن مخطط ادامة  العدو الضد المسيطر عليه  ، لاجل ادامة التواجد وادامة  مبررات  التدخل  والهيمنة  باعتبار امريكا هي  المخلص والممنقذ  المنتظر.....
فامريكا  تسعى الى  حماية امن  حليفتها  وذراعها  الضارب في المنطقة  ((اسرائيل)) الصهيونية ، فكل  صنائعها الديكتاتورية  والارهابية  في  الدول  التي تدعي مناهضتها  لاسرائيل  وعدم  اعترافها   تنتظر الفرصة المواتية  وباشارة  من  امريكا لاعلان  اعترافها  الرسمي   بهذا الكيان((اللقيط)).
ثانيا  \ تسعى امريكا   الى  احكام سيطرتها  على  منابع البترول في الحاضر والمستقبل  وبذلك فان اشد بؤر التوتر  والفوضى  في البلدان البترولية كالعراق وليبيا  ونايجيريا وسوريا وغيرها .
ثالثا\  للعراق   موقعا   وحاضنة  فكرية   اهميةكبرى في  معادتة   ايران  والحد من نفوذها ان لم   نقل   القضاء عليها  وشرذمتها  فهي بلد بترولي   كما انه    بلد  معاد لاسرائبل ومنافس شرس  للولايات المتحدة  في المنطقة .
فمن  جهة  وجود المنطقة الحاضنة  للفكر  الداعشي ؟؟
ومن جهة  اخرى هي المنطقة الحاضنة للفكر المعادي  للنفوذ الايراني؟؟؟
من  جهة  اخرى هي  المنطقة  الاكثر عداءا  للاغلبية  الطائفية   الموصومة  بالتحالف مع ايران؟؟؟
في طبيعة الامر  الاجابة ستكون  هي المنطقة الغربية من العراق  ..... وبذلك   فان امريكا تسعى  الى  الاستفادة القصوى من  مكون هذه المنطقة  لتكون   البيئة الملائمة  لتنفيذ وانجاح  مخطاطاتها   واحتضان صنائعها ((الديكتاتوريات  والدواعش)) .
بما ان الجيش  وبقية قوى الامن  هي  الذراع الضاربة  بيد السلطة التنفيذية  التي   يراسها   عنصر  من المكون المتهم بموالات ايران ... فقد  سعت   امريكا  الى   بقاء هذه الاجهزة ضعيفة ومفككة ولاتمتلك  الاسلحة  الفتاكة  القادرة  على  مواجهة  الاخطار  في الداخل والخارج .... كما انها  عملت على  زرع   العديد من  الماتمرين بامرها  في قيادة هذه  الاجهزة بدعوى  التوازن بين المكونات  العراقية ، مما ادى الى فشل  هذه الاجهزة في   القضاءعلى  قوى الارهاب  وفي مقدمته  ((داعش))  لعدم وجود ستراتيجية موحدة  لمحاربة الارهاب، لابل   حتى التواطوء  مع الارهاب  والتخلي  عن مواقعها واسلحتها  كلما  اصابه الوهن او الضعف   تحت   ضربات  الجيش ومسانديه .
ما اقلق العقل  الاكبر  بروز  تشكيل  ((الحشد الشعبي)) والذي هو حاصل   جمع  ودمج  وتكافل  قوى ((المليشيات))  ((الشيعية))  بمختلف  المسميات   الذي  انعشتها فتوى المرجع  الديني الاكبر للطائفة  الشيعية ، مما اكسبها  شرعية  الوجود  والفعل   وزاد من   هيبتها  وقوتها  صلابة  وجدية  عناصرها  في محاربة الدواعش  وتسجيل الانتصارات الكبرى عليهم بعد انكسارات الاجهزة الرسمية،  رغم  كل  العراقيل   ومحاولات  التشويه  والتشويش على  سلوكيتها  وتبعيتها   لايران  فقد حققت  انتصارات باهرة  وصدت   خطر  دخول ((داعش))  الى بغداد...
وقد زاد من مخاوف امريكا  مسعى  العديد  من القوى  الى جعل هذا الحشد   حشدا وطنيا  ينضوي  تحت مظلته  كل عراقي  يناهض الارهاب  والتدخل  الخارجي للهيمة على البلاد .. وهذا امر  خلق المخاوف  لدى  الطبقة السياسية الحاكمة  من السنة والشيعة خوفا  من انقلاب الحشد عليها   حينما يتحول الى ارادة شعبية  عابرة للطوائف  والقوميات  ومناهضة  للفساد  والهيمنة الاجنبية .. خصوصا  وان اغلب  عناصر((الحشد))  من جموع الكادحين  والمهمشين  من الفقراء  والعاطلين عن  العمل ومن الشباب  الطامح بالحرية والامان   والرفاه   مما يجعله  بحمل  بذرة الوعي الفطري  المعادية للاستغلال  والاستعلاء الطبقي   حتى وان كانت  مغلفة بغلاف  ديني  ممهما كانت عصائبه التضليلية سميكة ومحكمة  الشد  فلابد ان ينفذ من خلالها  وعي وطني طبقي ديمقراطي  حقيقي  مناهض لكل اشكال  القهر  والاستغلال ، رغم اننا لا نغفل  احتمال تحولها الى  قوة  فاشية على خلفية طائفية موازية  لغريمها  في الخندق الاخر.....
لذلك فان امريكا تسعى  الى لجم  القوى   المقاومة  لداعش والخارجة عن سيطرتها .... عبر  حظر السلاح   وتزويد  الدواعش  بالمعلومة  والاسلحة  والمال والرجال لتسجنها في حالة اللانصر واللا انهزام  عبر  ادامة لعبة ((الاواني المستطرقة ))  لتشكل  عامل ضغط كبير على كل الاطراف للتوصل الى قناعة ان لامخلص  الا امريكا  ومن يساندها  لذلك نسمع الكثير من التصريحات للمسؤولين  الامريكان بان   حرب داعش ستطول   لعدة سنوات!!!
 لتوفر لمخطاطتها  النجاح باحتواء  كل   الفصائل  واخضاعها لسيطرتها  وتنفيذ مخططاتها سواء   بالتقسيم  او    بتنصييب طبقة حاكمة  خالصة الولاء لامريكا  واسرائيل ، ومعادية  لايران ،  ومتخلية عن  الثروة الوطنية للاحتكارات  البترولية الامريكية  ومن حالفها ..
تنفذهذه المخططات  رغم ارادة الشعب العراقي  الذي  اوصلته الحروب  وسلوكيات  النهب  والسلب والتضليل  الطائفي  والعرقي   الى حالة من الانهاك والشلل  وفقدان الرغبة  في الكفاح من اجل ثروته وسيادة بلده  وحريته .... وبذلك  تتمكن  امريكا من زرع  قواعدها العسكرية في كل  محافظات العراق   لتكون   منطلقا لقمع  اي  حس  ثوري  عراقي ..... ولتكون  قلعة قوية  متقدمة لمحاربة ايران   واخضاعها  لارادتها .... وفرض هيمنة كاملة على كل  منابع البترول  العربي والاقليمي .
لانتكلم  عن قدر مسطور  ولكننا  نتكلم  عن  حيثيات  واقع  منظور .... ولكن يمكن ان تعطل  او تبدل السنيورهات  المرسومة  بدخول قوى  داخلية او خارجية  لم تكن  ظاهرة  او لم تكن فاعلة ... ويمكن ان  يحفز الرمز الواعي والمحنك الوعي  الكامن  لدى الجماهير   لتحدث  قفزة كيفية كبرى في وعيها وتوحيد ارادتها  بعيدا  عن الطائفية والعرقية ، لتكون قادرة على رسم حاضر ومستقبل الشعب  والوطن  وكما  قال   الشابي (( اذا الشعب يوما  اراد الحياة فلابد ان  يستجيب القدر )).
اذن مطلوب  قوة لحركة او لحزب او  لجماعة او فرد  ليصنع هذه الارادة  الموحدة  لجماهير  الشعب  للكفاح من  اجل  خلاصها  من  الاستغلال وقوى النهب  والظلامية  والاستغلال فتضمن لها الرفاه والحرية   ولوطنها   الوحدة وكمال  السيادة .

69
من القاتل  ومن المقتول ??

 امريكا   الراسمال  ((العقل الاكبر)) في العالم ، نصبت  العديد من الحكومات الديكتتورية في  اسيا وافربقيا وامريكا اللاتينية  لمواجهة ما  اسموه  ((المد الشيوعي الاحمر))... ومنهم    نظام البعث  في العراق  وغيره   كما  طالبان  في  افغانستان .... هذا ماكان اثناء الحرب الباردة  بين ((المعسكر الراسمالي  بقيادةامريكا))  و  ((المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحادىالسوفياتي)).
المرحلة الثانية   تتطلب ان تفي امريكا  بوعودها  كراعية الديمقراطية ، مما تطلب تغيير  الديكتاتوريات  بالديمقراطيات  وفق  ((الفوضى الخلاقة))..... ولكن  هل  امريكا جادة في قيام  انظمة حكم ديمقراطية  حقيقية ؟؟؟
طبعا  لا   لانها   في طبيعتها  عدوانية استغلالية  تديم  نظامها بسرقة ثروات الشعوب والهيمنة على مقدراتها .... فعملت   جاهدة  على تنصيب  خدمها  ومواليها على سدة الحكم في هذه البلدان  سواء  بصورة مباشرة   عن طريق الاحتلال كما في  العراق  او بصورةغير مباشرة  بدعم عملائها   بالمال والاعلام   ليكونوا على سدة الحكم كما   حصل في مصر  وتونس ......
ومن  اجل خلق  مبررات   تواجدها   ومن اجل عمل ستار من دخان الحرائق  لتغطية سرقاتها ونهبها   والهاء شعوبها  بعارك جانبية .... صنعت   عدوا   ونشرت  ((طناطلها)) المرعبة  باسم ((النصرة))  و((داعش))  وغيره   من  التسميات والعناوين .... لتستعر نيران حرب   بين  صنيعتين   واحدة فاسدة  وجاهلة  على كرسي  الحكم  تدعي الديمقراطية ، واخرى   ترفع لواء المعارضة   وتعمل لاقامة  خلافتها  الاسلامية  المفقودة ..... هذان   ((العدوان))  المتصارعان  يوظفان  المضللين  والجهلة  ليكونوا  حطبا  لقتالهما  الوهمي  والموجه من قبل   ((العقل الاكبر)) تحت  مختلف الذرائع القومانية والطائفية  بالوقت الذي  يتم سحق كافة القوميات  والطوائف ....... المهم بالنسبة للعقل الاكبر  ان لايكون الصراع  صراعا  طبقيا   بين  المستغل   والمستغل .. وهذا  مايديم   لهم   دوام السلطة والحكم  والجلوس  على كراسي مصنوعة من اجساد وجماجم  البسطاء والمضللين  وخصوصا من الفقراء والكادحين .
هذا مايجري الان  في العراق  حاليا .... مما  بتطلب ولادة وعي وطني طبقي  جديد  عابر  للقومانية والطائفية  لبناء دولة الحداثة  والعدالة  والحرية ، متمردا  ونابذا لوصاية ((العقل الاكبر)) وكل  مقلديه  ومريديه .
هنا يجب ان  نعي  لا وعينا  كقوى  وحركات   وافراد ننتمي لليسار  والعلمانية   بمختلف  تدرجاتها  اللونية .... ولكنها يحب ان نكونفي خندق واحد جاذب  لجماهير  الكادحين والفقراء   والمثقفين  والوطنين الديمقراطيين  اللذين  لامصلحة لهم في استمرار   حراق  الطائفية  وما حولها

70
شهادة إبداعيّة لسناء الشعلان في جامعة كاليفورنيا الأمريكيّة

     استضاف قسم اللغات الحديثة في جامعة كاليفورنيا ( California State University,Domingues Hills) في لوس أنجلوس في الولايات المتّحدة الأمريكيّة الأديبة الأردنيّة ذات الأصول الفلسطينيّة د.سناء الشّعلان في محاضرة أدبيّة عن تجربتها القصصيّة حيث قدّمت فيها شهادة إبداعيّة عن تجربتها القصصيّة حيث قدّمت فيها إضاءة كاملة عن تجربتها في عالم القصّة والرّواية إذ قالت في معرضها :"القصّة في رأيي أهم كلمة في الوجود،إنّها لغز الحياة.كلّ ما أنجزته في حياتي كان لصالح القصّة،أيّ شيء في حياتي بعيداً عن القصّة لا قيمة له،أنا لا أجيد شيئاً مهمّاً غير القصّة.وبخلاف ذلك في حياتي سلسلة عظيمة من الإخفاقات...ألم أقل لكم أنّ القصّة هي محور حياتي،وقصتي مع الإنجليزية هي واحدة من قصصي،وأنا سيدة القصص،أحبّها وأشمّها وآكلها وأحلم بها وأحارب بها قبح العالم وشروره وقسوته على البشر،أعرف أنّ القصة دائماًُ نبيلة وطاهرة،وأنّ البشر هم من يفسدون جمالها،البشر الشريرون هم من يسرقون قصصنا الجميلة.
   أمي كانت تسمينا سونا،ولهذا الاسم قصة طويلة،المهم في الأمر أنّ العالم يصبح أرحب عندما تمسك"سونا" بالقلم،وتبدأ بالكتابة،فتكتشف أنّ العالم كلّه مصنوع من مادة الحكاية،لذلك تفهم العالم بمنطقها، وتتعامل معه وفق منطق الشّخوص والزّمان والمكان والعقدة والتأزم والحلّ والرؤّية واللغة،كلّ شيء له حكاية،وهي تتقنها ،ولذلك تأخذ علامات كاملة في كلّ المواد؛لأنّها مواد تجيد الحكايا،أمّا الرياضيات فتخفق فيه دائماً؛لأنّ الأرقام لا تحبّ الحكايا،ولها منطق آخر لا تفهمه!
   الطّفلة الصّغيرة(سونا) تحقّق كلّ ما تحلم به بمنطق الحكاية،فتهب وتحرم وتنتقم وتعشق وتبكي وتضحك وتنسى وتتذكر وتمرض وتشفى وتزور وتهجر بمنطق القصة،حتى أنّها تنتقم بالقصة؛فالذين تكرههم تحيك لهم حكايا شريّرة،والذين تحبّهم تصنع لهم حكايات ذات سعيدة.
   الحياة هزيمة كبرى،وهذه الحكاية الأولى التي تعرفها تماماً،وكي تنتصر على كلّ الهزائم لا تنقطع تكتب الحكايا،من الهزيمة صنعت أطواق النّجاة،ومن الموت صنعت بشراً لا يموتون. هي لا تملك غير الحكاية،تهبها مجاناً لكلّ سائل أو حزين أو باحث عن طريق،تزرعها تحت مخدّتها،وتنام بعد أن تتعوّذ بها من كلّ الشّر الذي لا يمكن أن يمسّ امرأة تتمترس خلف فضيلة الحكاية!
    الذين لم يأتوا حقيقة استولدتهم(سونا) قهراً في حكاية،الذين ماكان يجب أن يأتوا نفتهم إلى حكاية بعيدة جداً،عليها فقط أن تكتب لتتغيّر كلّ أقدارها،فهذه حكايتها،امرأة تتحقّق حكاياتها،وأحياناً تهاجمها،وكثيراً ما تعضّها! وغالباً ما تصيبها بصداع السّرد والتّفاصيل الصّغيرة التي تتقن أن تجمعها بمهارة من كلّ مكان،وتدسّها بهدوء وتكتّم في جعبتها السّحرية! وتغادر بصخبٍ مؤجّل".

  وقد قدّم الشّعلان لجمهور الحاضرين في المحاضرة كلّ من د.عدنان كاظم أستاذ اللّغة الإسبانيّة وآدابها في جامعة آل البيت ود.بنيتو كيميز(  BENITO GOMEZ HILLS) أستاذ اللّغة الإسبانيّة في جامعة كاليفورنيا اللذين قدّما مادة تفصيليّة عن أدب الشّعلان وسيرتها الإبداعيّة الأكاديميّة كما توقفا عند ملامح هذه التّجربة وأهم خصائصها ومراحلها.
    وقد قرأ بعض طلبة جامعة كاليفورنيا على جمهور الحاضرين بعض قصص الشّعلان المترجمة إلى الإنجليزيّة،وهي قصص تعرض بجرأة تنميطات الحبّ وأشكاله الذي يتجلّى في ثنائيات جدليّة متناقضة.كما أنّها قصص تدين بالكثير لاستيلاد مفردات التّراث والفنتازيا والخرافات والأساطير والواقعيّة السّحريّة.
  والقصص تجنح إلى طرح الحزن والفراق والهزيمة والفشل قرينًا شبه دائم للحبّ،وكأنّه تجسيد للواقع الحياتي المهزوم والمسحوق الذي يعيشه أبطال القصص،وتبقى القصص مفتوحة على التّأويل والتجير والتفسير،فهل الحبّ هو علاقة خاصة لها محدّداتها الخاصة؟أم هو صورة اجتماعية من صور المجتمع بكلّ ما في مشهده الإنساني من أحلام وأماني وتناقضات وأحزان وانكسارات ؟أم هو بحث عن صيغة جديدة للبحث عن الفردوس المفقود في هذه الحياة ؟
   وقد اقترنت الشّهادة الإبداعيّة للشّعلان مع حراك حواري كبير،إذ فتحت هذه الشّهادة باب النّقاش الطّويل مع جمهور الحاضرين،وقد تطرّق هذا النّقاش إلى طرح ثيمات كثيرة في عوالم الإبداع والواقع والحراك الإنساني والتّجاور الحضاري وخصوصيات المجتمع والإبداع والجندر والذّات المبدعة وحساسيتها تجاه المجتمع والصّراع والواقع والأمنيات والمنشود والأداة والتّكوين،كما تطرّق هذا الحوار كذلك إلى خصوصيّة الإبداع العربي والمبدع العربي لاسيما في إزاء التّحديات والمعطيات المعاصرة في المشهد الحياتي والإبداعي.
   ومن أجواء القصص التي قُرأت في هذه النّدوة الحواريّة للشعلان :"حكاية الحكاية: الحكاية تريد أن تهرب من التّسكع،وأن تركن إلى الخلود،جرّبت أن تسكن السّماء؛فغدت ربّاً وملائكة ودعاء،فأصابها الملل من ذلك  عندما اشتهت الخطيئة،رحلت إلى الجسد والشّهوة فأنهكتها لعبتا الجوع والإشباع اللتان لا ترتويان،صادقت القلوب فأحرقها الوجد،طاردت العقل فأعيها المنطق،صادقت القوة والمال والجاه فخذلتها السّعادة، تنسّكت في الجبال فهزمتها شهوة حلمها الكبير في الخلود،ثارت على نفسها،وانضمّت إلى صفوف الثّوار في كلّ مكان،وحالفت الرّفض أينما حلّ في أنفس الشّرفاء،فأصبحت حكاية البشر الباحثين عن العدل،سطّرت فيها كلّ قصص من نذروا أنفسهم للنّور والحقيقة،نسيت حلمها البائد بالخلود،وبات حلمها أن تصبح حكاية كلّ من سرقوا حكايته،وكذلك كان".



71

الديك المخصي  لايبيض  ولا يلقح

اثيرت ضجة كبيرة  حول   ما اشيع  عن  مجزرة داعشية جديدة  وهي طبعا ليست  الاولى   ونتمنى ان تكون الاخيرة .... وقد  تعالت  اصوات  مطالبة امفجوعين  بالحوادث  الاجرامية  بضرورة  اقالة  وزير الدفاع   ورئيس الاركان  لمسؤوليتهما عما يجري  من تراجع  في العمليات العسكرية  ضد  داعش ...
نقول   ((هذه  الكعكة من هذه العجينة)) ، فالوزير الفاسد  او  المدير الفاسد او القائد الفاشل  هو  نتاج  الطبقة السياسية  الحاكمة في العراق  منذ  سقوط الديكتاتورية  ولحد الان .... فهي طبقة مازومة  فاسدة  جاهلة  انانية  بنيت على اساس  فاسد  ومازوم   المحاصصة الطائفية ، فلاغرابة ان  يكون   كل   نتاجها   يشاكلها  في الصفات  والمؤهلات    ولا يرتجى ان   يخرج من عفنها  غير الفاشل والفاسد والمفسد   وكما  قيل ((  لا ارجه  بالصفصاف  يطلع  ثمر بيه )) ولا اكمل الشطر الثاني من  القول لانه  غير مناسب هنا  فلا بد ان ننفض ايدينا  كشعب  من  هذا  العقيم  اللامنتج والغير مثمر  ولانجاريه   نكاية بالاخر  بل نبذه وطرده والخلاص منه   وتخليص انفسنا  والاخر  منه  فالوطن  اكبر واغلى  واهم  من كل  الطوائف والانتماءات  الفرعية   الاخرى..
فالديك  الذي  اخصاه  برايمر  ونصبه  على سدة الحكم في العراق   لايؤذن  لصباح  عراق حر وشعب  سعيد   لايبيض وغير قادر  على  التلقيح ..
حميد الحريزي
 

72
أدب / غراب ((بايــدن)) - نص شعري
« في: 20:16 29/04/2015  »
 
غراب  ((بايـــــــــــــــــــدن))  - نص  شعري

حميد الحريزي

وراء  كل  غراب 
بايدن
 ووراء كل  ((بايدن))
خراب
وراء كل  توحش
رأس المال
وراء كل راسمال
))امريكا ((
ووراء  امريكا
الاستغلال
فيا اجلاف وطني
اعلموا  ان ليس  النعيب
غناء
وليس  التوحش  رقصة
زنجي
وليس   الاحتلال  اردافا 
من
عسل
يا ابناء وطني
سمك القرش والذئب  المسعور
اخوة ((امريكا))
بالرضاعة
لاتغرنكم  نعومتها ،  فمشانقهم
من
 ((كابوي))
يا  ابناء وطني
لاتغريكم  حلاوة
حل
التقسيم
حبكوها  اولاد
القمل
قسَمكُمْ  اطيافا
واشعلوها
 نارا
تغلي
كم خرافة   اخرجتم 
من   الاوراقِ
((الصفر))
وتنابزتم  تصارعتم  وتقاتلتم
ما  اقبحكم
اولاد 
((النعلِ))
انتفخت  كروشكم  من
مال 
السحتِ
فساء القول   قولكم
وساء
الفعل
((البنت  آغون)) عاهرة
العصر
توزع عليكم   اشلاء
وطنكم
هكذا  اردتموها    أن
تمزقكم
بالعدل!!!

73
                                   
    ((الهـــــــروب والمواجــــــــــــــــهة))
                حكمت شبر* صراع(( المثقف العضوي ))
                                     بين
         الثبات  على المباديء والانتهازيـــــــة السائدة


عرض وتعليق :-
حميد الحريزي

 
 ضمن سلسلة  كتب  الاستاذ الدكتور  حكمت شبر بعوان ((محطات تستحق التوقف)) ، كتاب  محطات تستحق التوقف  عندها ((الهروب  والمواجهة ))  طا 2014  نشر وتوزيع دار العارف للمطبوعات  بيروت لبنان  288 صفحة،   حيث يسرد  الدكتور   وهو يقف في هذه  المحطة الهامةمن حياته  ، حياة  انسان  ولدعام 1938 في مدينة النجف    من رحم عائلة   دينية محافظة  تعيش  في بحبوحة  من العيش ، ولكنها  تعيش داخل  اسوار  الشريعة  المتزمتة  والاعراف  والتقاليد  السائدة ....
في مدينة  التناقضات  حد التشظي  ، بينفكر وسلوك  غاية  في المحافظة  والسكون  القاتل ، حيث  اللطم  والعويل  ولبس السواد، وبين  فكر  حر مستنير  متجاوز  متحرك متجدد
عاش  ((حكمت)) حالة  من التفكر  في كل ما يحيط به  ليختار طريقه  في الحياة  ، هل  يسلك  طريق التجارة    ليواصل   طريق  والده  وجمع  الثروة  والرخاء ، او  يعتمر العمامة  ليحظى  بالتقديس  والمهابة  لتكون  يده  مزارا  للافواه  الساذجة ، ولعابه  بلسم  للشفاء  ومقعده بين  الوجهاء والعلماء  .... كيف لا  وهو  من  اسرةعلوية  عالية الشان  رفيعة المكان  في كل عصر وزمان ....
ولكن  يبدو ان  عقله   انحاز صوب  التساؤول   والتفكر  في اصل الكون  ومغزى التفاوت بين البشر  ومعنى ان يكون سيدا  وغيره ((عبدا))  بالولادة ، معنى ان  ينام  متخما واخيه الانسان   يتضور جوعا ... فكان توقه  للحرية  والانفتاح  ورفض التقليد والتقييد  هو الاكبر  وكان اختياره  رغم  ما  يحمله  هذا  الخيار من المخاطر ، في مدينة يحكمها  الشيوخ والسادات   ووعاظ المنابر ، انحاز الى ((المشروطة))   مبتعدا عن (( المستبدة ))  في الفكر وطريقة واسلوب الحياة  ، اعجب  بفكر  سيد كاظم الطباطبائي ، رافضا  لافكار وسلوك  كاظم اليزدي ، احب نجم البقال  وتمثل  سلوك  ومآثر ثوار  1918  وتضحياتهم  من اجل الشعب والوطن ....في مدينة  منع سورها لهيب الصيف  وحصنها من غزوات  الوهابية  ، وغزوات  اهل البدواة  والسراق ، ولكنه    لم يستطع ان  يمنع تسرب نسيم الحرية  والفكر  المستنير  الذي تغلغل في اطرافها  الاربعة ، ولم تكون  لفات العمائم  مانعا وحاجبا  للفكر  والفلسفة   والتساؤول ، فقد   خرج  منها  الكثير من المفكرين الثورين  اليسارين    عرب  واجانب  ومنهم   المفكر اللبناني  الشيوعي  الشهيد  حسين مروة  الذي قدم اليها دارسا في حوزتها  الدينية  فعاد الى لبنان   مناضلا ومفكرا  شيوعيا  كبيرا ،  وكذا   اولد رحمها   اصلب المناضلين  الشوعين  ((حسين  محمد الرضوي ، و حسن عوينه ، ومحمد موسى التتنتجي , والشبيبي    وحسين سلطان   وغيرهم   الكثير  من الرجال والنساء ....
 استهوته  ((تنويمة الجياع)) للجواهري،  و ((اين حقي))  لمحمد صالح بحر العلوم ... فالتحق  بموكب  اليسار العراقي    منذ  فتوته   حيث  الامال العريضة  بالحرية  والامن  والرفاه  له  ولكل  ابناء وطنه  وللبشريةجمعاء ، شانه في  هذا التوجه شان  اعدادا كبيرة  من ابناء  مدينته  ومن شباب  العراق  وخصوصا  الطلبة  في ذلك الوقت  في ظل سلطة حكومية  واجتماعية  رجعية تابعة   متخلفة ....
فبدأت  حين ذلك سلسلة  المواجهات  والتحديات ،  ومحطات التصدي    وسكك  وطرق  الهروب  والاختفاء ،  ودخول  زنازين  السلطات  الاستبدادية  وملاحقتها   ومضايقتها   رغم علو الاسم  ورفعة  درجة العلم  والنسب ....
اما   لماذا  اختار  هذا  الشاب طريق  الثورة والتحدي  فهذه   امور  لايمكن الجزم   باسبابها  وعواملها  بشكل دقيق  وبالتاكيد لم يكم  الفقر  احد اسبابها لانه    ينتمي الى عائلة ميسورة الحال ،   حيث   للنشأة وخصوصية  الفرد   الاجتماعية والنفسية  مجتمعة  هي وراء  ذلك  وقد  القى  الضوء  عليها   علماء النفس والاجتماع  وذكر من بين الانماط  السلوكية     النمط     ((الهدمي السلبي))الذي نرى   انه الاقرب   الى نمط استاذنا  الفاضل ((حكمت شبر ))  كما   يذكر الدكتور  محمد الدروبي   في كتابه ((وعي السلوك )) ص199.
النمط ألهدمي السلبي
 
(( هذه المجموعة تمتلك مدخلا تحكيمياً للظواهر أو مدخلا ينطلق من البناء العقلاني ألتشكيكي بما أحيطت به الظاهرة من ظروف، وتقديرات أفاق الأفراد من هذا النمط يبذلون الجهد الكبير المتواصل في محاولة جادة لاستنباط واستقراء المضامين استنادا إلى ما ألموا به من المعارف وحقائق علمية حول معظم جوانب الظاهرة))
 وكما يقول  الدروبي:-
((يتحلى هذا النموذج علاقة هدمية سلبية مع النظام الكونفورمي يصوغ لنفسه طريقة تفكير تستقطب معظم عناصر الظاهرة في قالب نقدي تحليلي بغية بلوغ الحقيقة العلمية وتعميمها ))
وبذلك يبدو واضحا وجليا ان هذا النموذج هو النموذج الفاعل في المجتمع على مختلف درجات تطوره وحراكه لما يملكه من القدرة على تلمس سلبيات ولا معقولية الواقع المعاش لأغلب أبناء عصره محللا الظواهر من فوارق طبقية وتراثية وقيم اجتماعية فيضيق بها ذعرا حيث ينكشف أمامه المستور وتتعرى أمامه الحقائق وهو يتحرى تاريخ وجودها وصيرورتها مما يسقط كل الادعاءات وتتمزق أردية الدجل والتزييف حول قدسية وثبات قيم الظلم والتعسف وبذلك فهو يسعى جاهدا من اجل تسفيه وتحطيم هذه المنظومة الكونفورمية ساعيا الى إبدالها أو جزاءا منها بقيم جديدة ترفع وقع المظالم والمحارم المفروضة .
وما يميز هذه النماذج إنها تدرك مدى عناد وشراسة وعمق رسوخ الكونفورميا الاجتماعية في أذهان الناس وان أول عمل يجب القيام به هو هد وهدم وتفكيك الأساس الذي شيد عليه ومعرفة الطبقة والفئة الاجتماعية التي تقف حارسا شرسا لدوام هذه الكونفورميا دفاعا عن امتيازاتها ومصالحها مصورة أي مساس بهذه القيم والعادات والتقاليد والقوانين إنما يمثل ألهدمي السلبي بمكونات نفسية وباستعداد لتقديم التضحيات المادية والمعنوية في سبيل  إرضاء ميوله المعرفية والتي شقها الأخر يعني تعميم تلك المعارف والحقائق ونشرها والتي بذل الجهد الكبير من اجل التوصل إليها.
((انه شخص يميل الى العطاء ويحقق ذاته من خلال العطاء .انه يحقق كينونته من خلال عمله الطوعي والذاتي. مسؤولية البحث المتواصل عن أفضل الظروف وعن أحسن العلاقات التي تساهم في تحقيق سعادة الجميع وبهذا يحقق وجوده على حد تعبير فروم في معرض وشخصية المناضل الكبير رمز الكفاح والتضحية والفداء من اجل غد الإنسانية المشرق حسب مايراه ويعتقد به.حديثه عن الشخص الكينوني)).
انه لأمر يجب ان نقف عنده طويلا عندما نستعرض مثل هذه الرموز النضالية الخالدة ودافعها الى حد التضحية بالنفس من اجل خير وسعادة الإنسانية  لاسيما إن اغلبهم ينتمون إلى الطبقات الراقية والمتوسطة في المجتمع مما يظهر ان وقع القيم وتقاليد وسوط الظلم والاستغلال الذي يسلط على ظهر الطبقات الكادحة في المجتمع يفجر بركانا من الغضب داخل أدمغة مثل هؤلاء المناضلين هذه الأدمغة ذات البناء السيكولوجي الخاص الحساس بإفراط لكل مايمس كرامة وسعادة ورفاه الإنسان واللذين استطاعوا لما يملكونه من قدرة على التحليل والتركيب  والاستنتاج  والغوص في عمق وتاريخ الظواهر والإحداث إلى فهم الصيرورة التاريخية لها مما يدفعهم إلى الكفاح المستميت  للدفاع عن إنسانيتهم المهدورة والمجروحة في ظل أنظمة ظالمة ومتعسفة وهي تديم  حالة البؤس والشقاء والمرض والجهل ضد الأغلبية الساحقة من أبناء جلدتهم  من المضطهدين من العمال والفلاحين وعموم الكادحين :وإلا مالذي يدفع طبيب لان يحمل السلاح ليدافع عن شعب مظلوم هو ليس شعبه وفي وطن هوليس وطنه...هو يلاحق الظلم والاستغلال ليقضي عليه وليس العكس كما في حالة العامل والفلاح والكادح حيث الظلم والتعسف والاستغلال يلاحقه للقضاء عليه فلا غرابة في أن يدافع عن حياته ومستقبله بل الغرابة أن يستكين ويرضخ للظلم المسلط عليه.ماالذي يدفع طبيب ووزير مكلل بكل أكاليل الفخار والاحترام بعد انتصار الثورة الكوبية ليجوب العالم كمصباح يبدد بؤر الظلم والظلام في كل زاوية من زوايا العالم إيمانا منه بأنه لاستطيع أن يمتلك ذاته ويكن لها الاحترام مادام هناك مظلوم واحد في عموم الكرة الأرضية وهكذا كان جيفارا حيث يقول :-
                  
((لاتهمني  أين ومتى سأموت بقدر مايهمني ان يملأ النور العالم ضجيجا كي لاينام العالم على أجساد الفقراء وقوله .. لن يكون هناك مانعيش من اجله ان لم تكن على استعداد ان تموت من اجله )).
.واجه  ((حكيم)) مقاومة  العائلة  لتوجهاته  وخياراته  التي تمثل   بالنسبة لهم  عارا وخزيا  كبيرا  لايمكن السكوت عليه ....
 كغيره  من  طلبة  الكليات   في العهد الملكي   وخصوصا كلية  الحقوق كانوا شعلة  من  الثورية  والنشاط الوطني ضد  السلطة  الرجعية الغاشمة ورموزها ، حيث كانوا في مقدمة التظاهرات  المناهضة للاستعمار والمعاهدات الاسترقاقية  كمعاهدة حلف بغداد  وغيرها ...الانتصار لحقوق  الكادحين   وحقوق  وحريات الاقليات  القومية  الكردية  خصوصا ... التضامن مع الشعوب العربية  المقاومة  لقوى الصهيونية والامبريالية العالمية   وخصوصا  التضامن مع الشعب المصري ضد العدوان  الثلاثي   في 1956.
وقد تعرض نتيجة هذا النشاط الثوري  للملاحقة والمضايقة والاعتقال  حيث اصبح  من حملة  الشينات  الاربعة  التي كل واحدة منها  تجر على حاملها  الويلات  ان لم  تضع في رقبته حبل  المشنقة (( شيوعي ، شروكي ، شيعي  ورابعها   شبر )).
اكمل دراسته  في لينينغراد  السوفيتية  والذي  عانى كثيرا  من اجل  الاعتراف بها  ومعادلتها ..نظرا للموقف المعادي للسلطات المتعاقبة  ضد خريجي  الدول الاشتراكية .
علاقته مع الحزب الشيوعي :-
نظرا  لتبنيه  الافكار الماركسية عن قناعة وفهم  ، فقد كان صادقا  مع ذاته  ومبادئه  بعيدا عن الزيف  والتزلف  والانحراف   او المنافع  الشخصية   بل   وضع كل  قدراته  وامكانياته  من اجل تحقيق اهدافه ، لذلك  فسيؤلمه  كثيرا اي شطط  او ابتعاد  عن  الفكر  والسلوك  الثوري  المطلوب ، لذلك  فان ((حكيم)) يقف طويلا عند هذه المحطة من حياته  ما فيها  من  عنفوان  وامل  وطموح   وذكريات كفاح ، ولكن قد تخللها   غير قليل من المرارة  والمعاناة  سواء على مستوى سياسة الحزب العامة او سلوكيات  بعض القادةوالرفاق .
   
ترك حكيم  العمل الحزبي المنظم   عام ((1961))، ولكنه لم يتخلى عن  فكره كمنهج حياة  وسلوك  ولم  ينتمِ الى اي حركة سياسية او حزب سواء بالترغيب او الترهيب  وخصوصا  عدم انتمائه  لحزب البعث الحاكم  رغم  ضغوطاته  وتهديداته  التي انبطح لها  لها العديد من ادعياء  البطولة  والثورية واغراءات  يسيل  لها  لعاب  الكثيرين ...
لحكيم  كما للعديد   من كوادر  الحزب  ومناصريه  ،موقفا  زكته الايام   بعدم  تاييده لتحالف  الحزب مع  البعث  في 1973، والاشد مرارة  دخول الحزب الى مجلس الحكم  البرايمري الانتقالي   بعد انهيار النظام  الديكتاتوري  في 2003 وقطع راس شعار الحزب  في   المؤتمر  الوطني الخامس ((لاديكتاتورية ولا احتلال))، فرضخ  تحت حكم الديكنانورية  والاحتلال بلباس طائفي   كريه!!!.
وهذا  كان من الاسباب الرئيسية  لابتعاد  الجماهير  عن  الحزب  بقيادته  الانبطاحية ، وفشله في  دخول قبة البرلمان  حتى ولو زحفا  على الركب  فلم  يعد  طليعة الكادحين  ولم تعد طبقة المحرومين والمهمشين  ترى فيه خلاصها  وكما   قال   انطونيو غرامشي :-
                                                           
((في لحظة من حياتها التاريخية تنفصل الطبقات الاجتماعية عن احزابها التقليدية ، وبعبارة اخرى لم تعد تلك الاحزاب ، بشكلها التنظيمي الخاص، وبرجالها الذين يكونونها ويمثلونها ويقودونها، معترفا بها من طبقتها( او احد اقسام الطبقة، التي تعبر عنها، عندما تقع  مثل هذه الاومات ، يصبح الوضع حرجا، لان النجال ينفسح امام الحلول الضيقة، ونشاطات القوى المجهولة التي يمثلها ((رجال القدر)) الكارزميون)).
كم  يبدو  لنا  هذا  الوصف والتشخيص مطابقا   لواقع  الحزب الشيوعي  العراقي  وقيادته  الحالية ، وكيف  تشرذمت جماهيريته   وتوزعت  على  حركات   وافراد   وقادة   من  القوى  الدينية  والطائفية .... لانريد ان  نسهب فالحديث  عن الحزب ومسيرته  وسياسته   وقادته   وتضحياته  فالحديث   مؤلم  وطويل .
علاقته   باصحاب  العمائم :-
نظرا لتوجهاته الفكرية  وعدم  التزامه   ان لم نقل عدم تاديته  لاغلب الفروض  ناهيك عن الشعائر الدينية  جعل علاقاته تتسم بالبرود او  عدم الارتياح   واحيانا العداء من قبل  بعض  اهل العمائم  في مختلف المستويات الدينية  والعلمية  على الرغم  من وجود علاقات قرابة ومصتهرة وعلاقات عائلية  تربطه وعائلته  باغلبهم، ومنهم   خطيب  جمعة النجف السيد القبنجي  عند توليه عمادة الجامعة الاسلامية  في النجف  والسيد المرحوم  محمد بحر العلوم ((ابو ابراهيم)) اثناء توليه   تاسيس وعمادة  ((معهد العلمين)) للدراسات  في النجف ....الخ
                                               
لم يحتمل الكثيرون   من مختلف  التوجهات  الفكرية والقومية ،   صراحته وجرأته   واعتزازه الكبير  بنفسه  وعلمه  وفكره ، وانحيازه للفقراء والبسطاء  من الناس  وخصوصا من ابناء وطنه  وشعبه  ومدينته .
علاقته    بالاحزاب  العاملة على الساحة العراقية :-
علاقة  الاستاذ  حكمت   بالشخصيات  السياسية  وبالاحزاب   قربا وبعدا  مبنيا  على مدى  قرب او بعد هذه  الشخصيات  والاحزاب  منالهم الوطني    العراقي   ومن  هموم  وطموحات  اغلبية الجماهير  العراقية الكادحة  خصوصا  ، ومن طبيعة فكرها   واقترابه من فكر الحجاثة والتنوير  والعدالة الاجتماعية ، وبعدها  من الفكر الطائفي  والسوك الاستبدادي الرجعي  والتعصب القومي او العقائدي  والديني ....
فان موضوعيته  وسعة صدره   هي الحكم   على الاخر  حتى وان   كان لايتفق معه في النهج  طالما لم يكن عدوانيا ، بدليل    مدحه  للعديد  من   العناصر البعثية نظرا  لعلميتها وحرصها   ورفضها  لسياسة  الديكتاتور وانتصارها للحق وللعلم  والوطن   ك((الدكتور مسارع الراوي)) و((الدكتور رياض القيسي)) و((الدكتور سعد الراوي))ص217 -219 رغم رفضه  فكر وثقافة البعث   عموما  وما لاقاه من الاذى والاقصاء والابعاد  من قبل   نظام البعث ،
 عاش تجارب مريرة  مع  العديد  من العناصر القيادية  للاحزاب  العراقية   دينية سنية او شيعية  واحزابا  قومية  كردية   مما  يدل على  عدم تخلص  الكثير من   اعضاء  وقيادات  هذه الاحزاب   يسارية او يمينية   علمانية  اودينية شمولية  او لبرالية  من ثقافة  التسلط والمحسوبية والمنسوبية  والتعصب  القومي والطائفي  والديني والعقائدي  والقبلي  .....؟؟؟!!!!!
له  موقف  صلب واضح  ومعلن   ضد الاحتلال  الامريكي   للعراق  ومن القوى المشاركة  للمحتل  والمتعاونة  مع المحتلين ـ رغم  معاداته   المعروفة لنظام  الديكتاتورية   ولكنه كغيره  من احرار العراق  كا  يامل ويطمح ان تكون الاطاحة بالديكتاتورية على  ايدي العراقيين  وقواهم الشعبية   التواقة للحرية  والعدالة  والخلاص من الفاشية   القومانية  كما هو  حلمهم وعزمهم للخلاص من الفاشية الاسلاموية ....
له اراء غاية في الجرأة والموضوعية  في الكثير من  الشؤون الثقافية  والقانونية  والدستورية والعلمية  والدفاع عن حقوق    ومساواة المرأة    وكشف  ومحاربةالفساد  والانحراف ... جرت عليه الكثير  من  المصاعب والمتاعب  في مختلف  العهود  سواء الملكية او  الجمهورية  ، الديكتاتورية او  الديمقراطية ...ومن ضمنها  ما  حصل   له مع   برزان التكريتي   عندما كان  تلميذه ورفض اعطائه درجة النجاح  رغم   التهديد والوعيد  ص226....  كما يحفل الكتاب  بالعديد  من الشواهد والمواقف  الاخرى  الدالة على الجرأة  والشجاعة  والثبات   على الموقف  وعدم  الانحناء  للعاصفة كما  نصحه  بذلك   زميله  ((د. وميض عمر نظمي)) ص230. وحرمانه من درجة الاستاذية  عام 1980 لعدم  انتمائه للحزب ((القائد))  كما طلب منه  ذلك  العميد ((نزار العنبكي)) ولم تعاد له  الا  بعد 28 عاما   في 2003   بعد سقوط النظام    ص233.
له شهادة مدهشة  في مدح  سلوك  البهائيين  عبر  علاقته  الحميمة  مع صديقه البهائي  ((ابا طاهرة)) وزرجته حيث يقول :-
((انهم يملكون  ما لانملك من العواطف والمجاملات  الحميمة التي تشعرك بانك ,واحدا منهم ، فلا يشعر الانسان معهم  بالغربة ابداوهم  يحملون حبا لجميع البشر دون تمييز)). ص167-168.
وهذه   هي ابرز صفات  اليساريين  الماركسين  وخصوصا  الشيوعيين  ((الحقيقين)) في تعاملهم  مع  الانسان  كانسان اعتمادا  على سلوكه  وتعامله  مع  ابناء جنسه ، بغض النظر  عن  الدين  والقومية  والجنس ...
 له  رأي  غاية  في  الوعي والنضج  بالنسبة   لمحكمة    صدام حسين  حيث  تم التركيز  على  جريمة فرعية من جرائم  الديكتاتور  لبست لبوس الطائفية  الا وهي قضية الدجيل  ومحاولة اغتيال  الديكتاتور  اثناء  الحرب العراقية الايرانية .. وقد تحمس لهذه المحاكمة الاحزاب الاسلامية الشيعية باعتباره  ثأرا  لشهدائهم  من المذهب  الشيعي  ولاشك انهم  يستحقون الثأر  ولكن هناك اولويات   سياسية  وتثقيفية  كان يتوجب   اخذها  بنظر  الاعتبار وقد كان لنا هذا الراي  في مقالة  بعنوان ((ان  يكن لنا مع البعث كلام )) ربما  يتفق معنا  الاستاذ الدكتور  في الراي  او لا  ،  لقد رحب بها  الامريكان   ليكون   صنيعتهم بعيدا  عن  كشف  اسرارهم  وما قدمه لهم من خدمات  لايعلم باسرارها الا هو   فلذلك عجلوا  في  دفنها  معه   خشية   أن  يفضحهم .
في حين   اسدل الستار على الجرائم الكبرى  التي يعددها  الاستاذ في كتابه  ،كحرب  ((القا دسية))  واحتلال  ((الكويت)) ومنها  جرائم  الاعدام  والتمثيل  برفاقه دون  محاكمة   وكان الاجدر كما  نرى   ان تكون  هذه  القضية متصدرة  لكل القضايا    لاسقاط  ما في يد  الكثير من البعثيين  ممن يعتبرون  صدام شهيدا  ، وكان  الاوجب  ان  يكونوا  هم من يطالب   بمحاكمته واعدامه   بعيدا  عن  قوى الاحتلال الامريكي  الذي  حاول  تبرير فعل  وقول من يريد ان يلبسه  قلادة الشهادة  بدلا من حبل المشنقة جراء ما ارتكبه من جرائم بحق الشعب والوطن وبحق   حتى رفاقه   البعثيين  من مدنين وعسكريين  ناهيك  عن  شهداء المقابر الجماعية  وما قبلها  وما بعدها .
                                                              
(( انني اعتقد جازما ان الامريكان كانوا وراء تللك المحاكمة  الهزيلة ، والتي اسرعوا في احراءاتها لكي يدينوا صدام  ويصار الى اعدامه خشية ان يفضح الرجل جرائمهم، وتعاونهم معه في حرب ايران وما قدموه له من مساعدات عسكرية ومالية، حتى معامل الغاز ومعامل اسلحة الدمار الشامل لكي لاتفتضح مشاركتهم معه في ارتكاب تلك الجرائم المحرمة دولياً))ص171
هناك  الكثير  من المحطات    والمواقف   التي   تتسوجب مزيدا  من   التعقيب  والاضاءة  والكشف  في مسيرة استاذنا  الكبير الحكيم  .... ولكن   طبيعة المقال  وضيق المجال   يوفر لنا  العذر  بالايجاز  والاختزال .....
         
         
تناول  العديد  من  شخصيات  الطبقة السياسية الحاكمة  ما بعد الاحتلال   كاشفا  تاريخها  وارتباطاتها  وما لها وما عليها   دون  تردد  او مجاملة  امثال (( احمد الجلبي ، والجعفري، واياد علاوي ،  ومحمد بحر العلوم  والباججي  والجادرجي  .....الخ)).
كشف الكثير من المستور في  تنافس  وخصام   البيوتات  الدينية  الشيعيةالنجفية  على  السلطة  والجاه ، وخيبة امل   فقراء الشيعة   من  ممثليهم  الذين كانوا  يعدوهم  بجنان  الارض  قبل  جنان السماء ....
له علاقات وثيقة  مع  الاخوة الاكراد   شعبا  واحزابا  وشخصيات   قيادية  وادبية  وفكرية  سواء عبر  الزمالةالدراسية او  عن طريق الرفقة الكفاحية  او التدريسية    في الوطن وخارجه ، في الاستقرار  او الهروب  والتخفي ، رغم تنكر بعضهم  للعشرة والرفقة   وتحول بعضهم   صوب القومانية والشوفينية  التي هم  اكثر ممن عانى منها  عبر عهود الديكتاتورية  والحكومات القومانية .
ارى انه  كان  متفائلا  كثيرا   ب((ثورات الربيع )) العربي ، التي  تحول الكثير منها  الى  ردات  صقيع  او لهيب   لم يبق  على  شيء  بحيث  اخذ الكثير  الترحم  على الانظمة الديكتاتورية  السابقة ..!!!!!
((كانت ثورات الربيع العربي مفاجأة كبرى لا للعرب فحسب، بل لجميع شعوب العالم وبالاخص للمعسكر الغربي)) ص27 .
حيث اثبتت الاحداث ان اصابع  ومخابرات  الغرب   لم تكن غائبة  عن   هندسة  ورسم  وتوجيه  مهرجان الربيع  ليتحول   الى  هرج  وفوضى وخريف   مخيف ، فكان  عملية استباقية  لقوى الاستغلال  والراسمال  العالمي  لاجهاض  وليد  ثوري  حقيقي  بدء  يكتمل نموه في رحم الحراك  الجماهيري  العربي..!!!
خصص الفصل الاخير من كتابه  بملحق  بعنوان ((مشاكل  رأسمالية الدولة في البلدان النامية))     مقالة    نرجمها   عن الروسية    بقلم   يو. ف روزاليف ، لم يسمح حينها  بنشرها في مجلة الثقافة  الجديدة  بدعوى الحرص على العلاقات   الجبهوية مع البعث  ، مهداة  للشهيد الشيوعي 
                                           
المناضل   الدكتور صفاء الحافظ الذي غيبه البعث  بعد انهيار الجبهة الوطنية    و لا يعرف  احد  مصيره  لحد الان ، كما هو  المصير  المجهول  للمناضلة  عائدة ياسين، و المناضل  صباح  الدرة   وغيرهم   كثر  .
حبه((حكمت))  لوطنه   وشعبه  وبغداده  ونجفه  لايدانيه   سوى حب  حبيبته وشريكة حياته   ((ام نوار))  وقد كتب الكثير من القصائد الشعرية الرائعة  متغنيا   بحبه وشوقه  واعتزازه  لكل هذه   الاسماء والعناوين  المحببة لنفسه ....ان ((الهروب والمواجهة)) نموذج  حي  وثري   للواقع  الاليم  الذي يعانيه  المثقف   العضوي  وماتعانيه  الكفاءات  العلمية  الوطنية  الحرة  في  العراق  في مختلف العهود  السابقة  والحالية.
موجز سيرة الاستاذ حكمت شبر :-
•   حكمت حسين شبر  من مواليد العام 1938م.
•   خريج كلية الحقوق عام  1958-1959 بدرجة ليسانس.
•   شهادةالدكتوراه منجامعة لنينغراد عام 1966.
•   عين في كلية القانون- الجامعة المستنصرية عام 1968.
•   درس مادة القانون الدولي العام واصول القانون في الجامعتين المستنصرية وبغداد 1968-1981.
•   انتخب استاذا زائرا في جامعة كامبردج للعام الدراسي 1976- 1977.
•   رئيس قسم القانون الجنائي في المركز القومي للدراسات الاجتماعية والجنائية.
•   عميد الكلية الاسلامية الجامعة في النجف  2004-2005.
•   عميد  معهد العلمين لدراسات العليا  في النجف.
•   درس طلبة الدكتوراه القنون في جامعة صلاح الدين للعام 2004-2005.
•   مارس مهنة المحاماة ولازال يمارسها .
•   حصل على درجة استاذ مساعد عام 1972.
•   حصل على  درجة استاذ  عام 1980.
•   له العديد  من المؤلفات  المطبوعة  في القانون والثقافة  والفكر والشعر والسرد ، وله  العديد من المؤلفات  تحت  الطبع .


74
عنزة  روسيا  ولا بقرة  أمريكا ........


 

القوات الأمنية العراقية تخوض حربا ضروس   ضد  قوى الإرهاب  الفاشي الداعشي  بمختلف ألوانه  وتفرعاته ،   الطاعون الداعشي مدعوم  ومسنود  من قبل  دول إقليمية  ودولية كبرى ومتمكنة  تمده بأسلحة فعالة  ومتطورة  بالإضافة إلى الخبرة  الكبيرة  في إدارة المعارك ،  وليس سرا  حصولها على الدعم  المستتر من داخل  أقطاب  الطبقة الحاكمة  في العراق  وبمختلف المواقع  ، وما رشح عن   اتصالات  ((عزت الدوري))  مع رؤوس  كبيرة  في السلطة   مهما  بلغت نسبة صحته   يكشف  سر  الاختراقات الأمنية الكبيرة  والانتكاسات العسكرية  في العديد  من المحافظات ، وسر ديمومة الأعمال الإرهابية في بغداد والمدن  العراقية الأخرى  خارج ساحة العمليات ....
هذا الواقع يتطلب ان  تتزود  وتتجهز  قطعاتنا العسكرية  الأمنية  بأسلحة متطورة  من طائرات ودبابات ومدفعية ورشاشات  ثقيلة  ووسائل كشف  ورصد   عالية التقنية  وبأسرع  وقت ....
هذه الأسلحة  يمكن ان يزود العراق بها  من ليس له مصلحة في إطالة عمر الحرب في العراق  وبالتأكيد  ليس  أمريكا  من هذه الدول  فكل  الوقائع على الأرض ، حد  ورود اخبار ومعلومات   تؤكد  تزويد  الطائرات  الامريكية  للدواعش  بالسلاح والعتاد  ناهيك  عن  المعلومات    -  ولا  دخان بلا نار  _  وتاريخ أمريكا  الاستغلال والاحتلال في العالم   يؤكد سعيها  إلى إطالة الحروب  ونهب الثروات  ونشر الفوضى  المسيطر عليها  في البلدان  الذي    تدخلها أمريكا   وبالأخص البلدان العربية ، من اجل   إحكام سيطرتها   عليه  وإضعافها   لنهب ثرواتها وإضعاف  جيوشها  مقارنة  بقوة   إسرائيل  مدللتها  وصنيعتها في المنطقة .....
منذ تأسيس الجيش العراقي وخصوصا بعد ثورة 14 تموز 1958   اعتمد الجيش العراقي في تسليحه على روسيا والمعسكر الشرقي،  مما جعله يمتلك تجربة كبيرة   وفاعلة في استخدام هذه الأسلحة وقد أثبتت  جدارتها في  مختلف  الحروب التي خاضها الجيش العراقي. والجيوش العربية. وقد  كانت  اليوم  18 -4-2015  شهادة جريئة  للخبير العسكري  ((عبد الكريم خلف)) في قناة العراقية  ، وإشادته  بالسلاح الروسي كالطائرات  والدبابات  وضرورة  استيرادها  الفوري  من روسيا  التي    يمكن تزود قطعاتنا  بالسلاح  المتطور  بالوقت المطلوب  و بأسعار اقل  وبكفاءة عالية  بعضها  يفوق  كفاءة الأسلحة الأمريكية    ودون شروط    مقيدة  للسلاح  كما   تفرضه  الولايات الأمريكية  ومنها صفقة  طائرات    أف 16  المدفوعة الثمن  منذ   فترة غير قليلة  وتماطل   الحكومة الأمريكية   تسليمها  للقوات العراقية رغم  حراجة  الموقف   الآن  والتهديدات  الإرهابية الخطيرة  التي  يواجهها العراق  حكومة وشعبا  واذا  سلمت  بعضها    فستكون   غير مكتملة المواصفات   وليست  بالكفاءة الحقيقة  لهذا النوع من الطائرات  ...
كذلك  عدم وجود  عدد  كاف  من الطيارين أصحاب الخبرة والكفاءة في قيادة الطائرات الأمريكية  كما هو الحال مع مختلف أنواع الطائرات الروسية .... الخ
 بعد  صفنه  ونفس طويل  من  سيكارته    أيد  الحكيم  الحافي   ما ذهب إليه   الخبير العسكري وضرورة   الإفلات  من   قيود  ومذلة  التسليح  الأمريكي   قائلا :-
عنزة روسيا  ولا بقرة   أمريكا .....
فبقرتهم   مكلفة  العلف   غير سهلة  القيادة  وتزكط   ولا تعطي  الحليب  إلا بإشارة من البنتاغون  ، بينما  عنزة روسيا  قليلة التكاليف رشيقة الحركة  مطيعة لراعيها العراقي  الخبير   بعلفها  والعناية بها .

الحريزي حميد

75

رقصة  الفانوس..............

بعد ان اطلت علينا وزارة الكهرباء بالتسعيرة الجديدة للامبير فقد ارتفعت اسعار ((الفانوس)) و ((المهفة)) اضعاف ما كانت عليه .... وقد رقصت طربا شامتة بالمواطن التي هجرها لفترة من الزمن ، والان يعود اليها صاغرا عند تطبيق التسعيرة الجديدة لامبير الكهرباء .....
نعم بالتاكيد شارك في الحفل ((الحب)) و ((التنكَه)).
ما عدى المواطن العراقي  فاخذ  يصرخ  احتجاجا  ولا من مجيب !!!!
ومبروك للمواطن العراقي بدولة الامبير الذهبي و((رادله كرون كصوا اذانه)).



حميد الحريزي


76
نجمة السّلام للعام 2014 للأديبة الدكتورة سناء الشعلان
الشعلان:"أين السّلام والأم الفلسطينيّة والأم الكرديّة تبكيان؟!"




    " السّلام هو العدالة والمطالبة بالحقّ حتى آخر نفس دون خوف أو تهاون أو مقايضات" بهذه الجملة استقبلت الأديبة الأردنية ذات الأصول الفلسطينيّة د.سناء الشعلان خبر حصولها على نجمة السّلام للعام 2014،وأضافت "كيف يكون هناك سلام في العالم والأبرياء يقتلون في فلسطين والعراق وسوريا واليمن ولبنان وكوباني وأنحاء متعدّدة من كردستان وغيرها من بلاد الدّنيا؟! لن يكون هناك سلام بمعناه الحقيقيّ دون عدالة،لن يكون هناك سلام وأم فلسطينية أو كرديّة أو عراقيّة أو سوريّة أو يمنيّة أو مصريّة أو لبنانيّة أو... لا تزال تبكي على أبنائها المغدورين،وتعاني معاناة موصولة دون رحمة لها،السّلام الحقيقيّ ليس رفاهيّة تقدّم للأقوياء،بل هو مطلب حقيقيّ للبشريّة جمعاء دون استثناء،السّلام الذي أطالب به هو سلام المنتصرين والأقوياء والبلاد المحرّرة من الأعداء الغرباء والأعداء الأبناء اللّصوص!!".
   وقد صرّحت الشّعلان بهذا التّصريح بعد أن أعلنت منظّمة السّلام والصّداقة الدّوليّة في مملكة الدّنماركPEACE ANDFRIENDSHIP INTERNATIONAL ORGANIZATION  عن حصول الأديبة الأردنيّة د.سناء الشّعلان على نجمة السّلام للعام 2014 الممنوحة من إدارة المنظّمة على مستوى العالم لمن ساهم من مندوبيها في نشر روح التّسامح والمحبّة والسّلام العالميّ للعام 2014 عبر نشاطاته وأعماله وفعالياته وإبداعه.
  وقد نالت الشّعلان نجمة السّلام لهذا العام على مجمل نشاطها وإبداعها وتميّزها،إلى جانب منح هذه النّجمة لكلّ من :الفنان التشكيلي المبدع عبد العظيم محمد الضامن - السعودية : ABDULADEIM MOHAMMED ALDAHAMEN: SAUDI ARABIA،والناشط الحقوقي المميّز عماد محمد الصفار : العراق IMAD MOHAMMED AL-SFFAR: IRAQK،و والناشطة الحقوقية ريتا رضوان عيد – فلسطين RITA .R. EID – PALESTININA،والكاتبة والنشاطة الحقوقية الدكتورة الفت محمد الدبعي – اليمن OLFAT MOHAMMED AL-DUBAI: YEMEN
   ومنظّمة السّلام والصّداقة الدّوليّة هي أكبر تجمّع دولي إنسانيّ،ومقرّها الرّئيسيّ في مملكة الدنمارك،وتضمّ الفئات العمرية كلّها من أنحاء العالم كافّة،إذ تهتم بمختلف مجالات الحياة المتنوعة، وذلك عن طريق تشجيع ودعم   دول العالم  جميعها لما فيه خير وازدهار وسلام  الأرض وسلام شعوبها كلّها، وتكوين حلقة التواصل  بين الأفراد والمنظمات والشعوب،وكذلك بين الدّول المحبّة للسّلام كلّها، كما تعمل على توحيد  الصّفوف و الطّاقات ولإبداعات لتصبّ جميعها في خدمه البشريّة في مختلف مجالات الحياة من أجل الوصول إلى  حياه كريمة ومستقبل مشرق لشعوب العالم.
  ويُذكر أنّ الشّعلان هي مندوبة دوليّة لمنظّمة السّلام والصّداقة الدّولية،ولها بصماتها الحقوقيّة المعروفة في أدبها وكاتباتها ومقالاتها ومشاركاتها في الدّفاع عن القضايا الحقوقيّة التي كان آخرها الدّفاع عن حق المحامي الأردني في الدّفاع عن موكله ضمن القانون دون أيّ ضغط أو إرهاب ودون توقيف دون سند قانونيّ،كما لها بصماتها الواضحة في الكتابة عن القضية الفلسطينية في مقالاتها وقصصها ورواياتها ومسرحياتها لاسيما في حقول مهاجمة عدم شرعيّة الجدار الفاصل،وحقوق الأسرى،وحق العودة،وعدم شرعية المستوطنات،ومصادرة الأراضي الفلسطينيّة،وتهجير الفلسطينيين،ومشاكل المخيمات،وقضايا شتات الشّعب الفلسطينيّ،إلى جانب الكتابة عن عدالة القضيّة الكرديّة،ونقد الإبداع الكردي وتقديم آخر إصدارته وأبرزها وأهمّها للقارئ العربيّ،والكتابة عن الثورات العربيّة المعاصرة وموقف المثقف منها،ونقد السياسات الاجتماعيّة الظالمة في المشهد العربي،مثل زواج القاصرات،وجرائم القتل بحجة الدّفاع عن الشّرف،وتعنيف المرأة،وزواج الإكراه،وتهميش أصحاب الحاجات الخاصّة،وعمالة الأطفال،وغياب العدالة الاجتماعيّة،وتوسيع مظلة الضّمان الاجتماعيّ والتّأمين الصّحي،ومشاكل الشيخوخة،وجيوب الفقر،وحماية المستهلك،والبطالة،والعنوسة،والأميّة،وتغوّل المدنية على حساب الغطاء الزّراعي،وغيرها من القضايا الملحّة في المجتمع العربيّ.كما كانت تعُنى بتغطيتها الإعلاميّة بأن تلتقي بالنّخب الإنسانيّة والإعلاميّة؛فقد التقت قيثارة الغناء الكردي مزهر خالقي،والموسيقار العالمي دلشاد محمد سعيد،وعلامة اللغة العربية علي القاسمي،والناقد الكبير نور الدين رايص،والأديب التّونسي ساسي حمام،وغيرهم الكثير.
    وقد برز نشاط الشّعلان في حقوق السّلام عبر عضويتها في طواقم التّحرير والكتابة والاستشارة في مجلة الكادرينيا،ووكالة كرم الإخباريّة،ووكالة ضفاف الدجلتين العليا،والمنظمة العربية للإعلام الثقافي الإلكتروني،ووكالة أنباء عرار بوابة الثقافة العربية،وموقع الناس الإلكتروني،ومجلس المنتدى الإقليمي للإعلام،والمجلس العالمي للصحافة،ومجلة المجتمع التربوي،ومجلة بلسم الصحة والجمال،ومجلة "مرايا من المهجر"،ومجلة الجسرة الثقافية،والمجلّة العربية للجودة وأفضل الممارسات والتميّز،ومجلة قراءات،ومجلة المنار الثقافية الفضائيّة.
  كما كان لها عامود ثابت في كلّ من :مجلة النّجاح الجزائرية،ومجلة الجسرة الثقافيّة في قطر،وصحيفة الدستور في الأردن،وصحيفة أبعاد متوسطية في المغرب،وصحيفة الرائد في السودان،ومجلة أصداء فلكية في الإمارات العربية المتحدة،ومجلة رؤى في السعودية،ومجلة الحكمة في العراق،وصحيفة التلغراف في استراليا،وصحيفة حق العودة في فلسطين،وصحيفتي بناة الوطن والمقاول الأردني في الأردن،وصحيفة الاتحاد الكردستانية.إلى جانب مئات المقالات في الصّحف والمجلات الإصدارات والكتب.
   كما كانت عضو استشاري وإعلامي في  ملتقى السّرد المغاربي- قسم الأدب العربيفي جامعة سكيكدة، والمؤتمر الأوّل لعمداء الدراسات العليا والبحث العلميّ لاتحاد الجامعات العربيّة:جامعة الأقصى في غزة بالتعاون مع المجلس العربي للدراسات العليا والبحث العلميّ لاتحاد الجامعات العربيّة،والمؤتمر الفرانكوفوني الأردني الدولي الثاني في جامعة آل البيت في الأردن بعنوان :"تلقي ألف ليلة وليلة في حقول العلوم الإنسانية عالميًّا"،والملتقى الدّولي الثاني الموسوم بـ سوسيولوجية الرواية في ضوء المناهج النقدية المعاصرة للعام 2013/جامعة زيان جلفة/الجزائر،وللملتقى الوطني الأوّل حول: الرواية الجزائريّة في ضوء المناهج النقدية المعاصرة.
 وسبق أن حصلت الشعلان على تكريم على جهودها الإعلاميّة مثل حصولها على درع النّجوم"  للتميز الإبداعي والإعلامي من مجموعة صحف ومجلات:    النجوم والتلغراف والأنوار للصحافة للعام 2010 من سيدني/استراليا،كما حصلت على لقب " واحدة من أنجح 60 امرأة عربية للعام 2008"،وتكريم من أسرة نجوم العربية في العاصمة الأردنية عمان تحت شعار" أبرز شخصية أدبية أردنية للعام 2013، فندق مطار الملكة علياء 2014،وجائزة أكثر(50) شخصيّة مؤثرة في الأردن،الحصول على المرتبة رقم19،وذلك للعام 2013،وجائزة العنقاء الذهبيّة الدوليّة للمرأة المتميزة للعام 2013،وجائزة مؤتمر المرأة العربية للعام 2012.
   وشاركت كذلك في الكثير من المؤتمرات حول القضايا الإعلاميّة والحقوقيّة ،مثل :مؤتمر حماية الصحفيين في الحالات الخطيرة في دورته الأولى في الدّوحة،والملتقى التحضيري لمؤتمر سيدات الأعمال والقيادات النسائية الدولي،ومؤتمر المرأة العربية:قوة التأثير نحو قيادة التغيير،ومؤتمر " نساء حلقات تعاون ومشاركة في ثقافة وتاريخ أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي،والمؤتمر الأول لمعلمي اللغة العربية في استراليا،ومؤتمر "المرأة المبدعة".


77
((أنا نبية هذا العصر الألكتروني المقيت فهل من مؤمنين؟؟))


   

حميد الحريـــــــــــــــــزي

      ((أعشقني )) من اجل حياة ((البعد الخامس))
((اعشقني)) رواية الاديبة  الاردنية  الدكتورة  سناء الشعلان  الصادرة عن مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع ط1 2012.
((تستطيع ان تركلني بقدر ما تشاء  ان كنت حانقا علي ولكن  ذلك لن يغيير شيئا من حقيقة انني أ...عْ...شَ...قُ...ن...ي)).

وقفة عند ((أَعشقنـــــــــــــــــــــــــي)).

للعنوان أهمية كبيرة  قال فيه النقاد الكثير ، من حيث دلالته الخاصة بالمنتج الادبي او الثقافي او الفكري عموما ، يجب ان يعطيه الكاتب اهمية مميزة ، بحيث يكون:-
ممتليء بدلالته من حيث المعنى ومضمون متن المنتج ،عبر مايمكن ان يثيره في وعي  ولا وعي القاريء ناهيك عن الدارس والناقد ، اعتمادا على خزينه الثقافي والفكري ، ومقدار رصيد العنوان  من هذا الخزين  للمتلقي ...
فلو اننا جردنا عنوان  رواية ((أََعْشُقُني)) من  حركاتها ... لدخلنا في   حيز تعدد المعنى الموحى به  للمتلقي ، ومنها ان يكون امرا  بالعشق لو كسرنا حرف   الاليف، وهو  بعيد عن  مضمون  عنوان الرواية  ، هو اعلان صريح واضح عن عشق وحب الذات المبني على التفكر والتدبر والقناعة الذاتية بعيدا عن كل كوابح الارتهانات الحياتية .. وهنا تؤشر لناالرواية اهمية تكامل العلم والروح ، العلم المتجسد برأس ((باسل المهري))، والروح الممثلة بجسد ((شمس)) الثائرة المتمردة ((نبية)) العصر رمز الحرية والسلام  ونواميس الروح ، حلم الانسانية الذي يجمع بين التقدم العلمي ليكون في خدمة الانسان  امنه رفاهه ، غناه الروحي ، متعته  وليس عبوديته للالة وسلعة تباع وتشترى في سوق السلع الراسمالية المجرد من الروح والاحساس والمشاعر كأي الة  اخرى  في مصانع البضائع ......
لذلك  نرى ان  الكاتبة  الشعلان  كانت موفقة وفطنة في اختيار عنوان روايتها  الرائعة ....
التقدم التكنلوجي سيف  ذو حدين :-

رواية (( اعشقني)) هي احدى روايات الخيال العلمي المرتابة من  تقدمه المذهل دون   ضوابط ، تعالج افرازات التقدم العلمي والتقني الذي فاق التصور  في عصرنا واثره على الحياة الفكرية والثقافية والروحية للانسان ومن سيخدم  من؟؟ هل سيكون الانسان برغي ضمن هذه الالات  الذكية ؟؟ او ستكون هذه الآلة الفائقة الذكاء في خدمة خالقها  الانسان ، وهو القادر الوحيد على خلق وسائل تقدمه واستمراره وانتاج  قوته؟؟
الرواية  تستشرف المستقبل البشري حتى  عام 3010  أي بعد مايقارب الالف عام  من يومنا هذا ........
كتب الكثير من الادباء قصصا وروايات تهتم بمعالجة هذه الاشكالية  كل من وجهة نظره وفلسفته ، ورؤاه للتقدم المستقبلي للعلوم والمعرفة، ومنها مثلا  رواية ((فرنكنشتاين)) لميلر  ومحاولة مناظرتها من قبل الكاتب العراقي المبدع احمد سعداوي في (( فرنكنشتاين في بغداد))....
رواية (اعشقني)) تعيد الى ذاكرتي رواية الاديب العراقي الدكتور عبد الهادي الفرطوسي((الزمن الحديدي)) حيث تخشبت مشاعر الانسان وماتت احاسيسه الفنية والروحية ..
 منذ الثورة الصناعية  في اوربا  اخذت التكنولوجيا تتطور  بقفزات كبيرة  كانت مجرد احلام الانسان  الطامح في حياة افضل  واسهل واكمل .....
هذا التطور الهائل  اصبح معصرة عملاقة  تعتصر  زمن وحياة  وروح الانسان ليصب  مزيدا من الثروة في جيوب سلاطين الراسمال  من  الطبقة الراسمالية صاحبة مبدء الربح ثم الربح  دون رحمة او شفقة ((358 ملياردير في العالم يمتلكون ثروة تضاهي ما يملكه 40 مليار من سكان المعمورة  أي ما يزيد قليلا على نصف سكان العالم)).... وبغض النظر عن  النتائج المترتبة  عن الاستغلال المتوحش للثروات الطبعية  وخراب الطاقة البشرية ، وخراب  وتلوث البيئة ، واستعباد الانسان فكريا وجسديا ليكون خادما مطيعا في منظومة الانتاج الراسمالي العملاقة ، وهذا  ما يعيشه الانسان  في واقع  العولمة الراسمالية المتوحشة  في العصر الراهن كما يقول انجلز:-
((ان العمل المأجور لا يمكن ان يفسر الا على اعتباره شكلا مخففا من التهام اللحم البشري)) دور العنف في التاريخ –انجلز ص 48
فما هو حاله ان استمر الوضع على ما هو عليه بعد الف عام مثلا ....؟؟؟؟؟؟؟؟
هل هذا الوصف هو القدر المحتوم والوجه البشع الحتمي للتقدم  العلمي  بالنسبة للانسان؟؟
  ام  ان هناك  طريق تطور  اخر  مناقض تماما  لهذا الوجه البشع ،  يبشر  بالسعادة  والرفاه وغنى الروح وازدهار الجسد  يوفرها التقدم العلمي الهادف لخدمة الانسان  باعتباره ((اثمن رأس مال في العالم))، فيكون العمل  متعة  روحية وتفتح للعقل وقوة   ورياضة للبدن ، يكون كما اللعب بالنسبة للانسان ، حيث يمارسه بشغف  وحب وابداع ضمن منافسة حرة بعيدة عن الكسب المادي، يعيش الانسان غناه الفكري والروحي عبر وفرة انتاجية هائلة تقضي على  احكام الضرورة لتؤمن حيز الحرية الحقيقية للانسان ، عبر توفر وسائل الراحة والمتعة  كالسكن والتعليم  ووسائل الترفيه وممارسة الهوايات المفضلة ، اضافة لاوقات التامل الفكري متصاعدة طرديا مع التطور التقني، لتتفتح وتزدهر قواه الروحية والنفسية ..... هذا الحلم الانساني الذي تبشر فيه القوى والافكار والفلسفات الداعية الى المساواة بين البشر  عبر  شكل من اشكال النظام الاشتراكي العالمي باعتباره الحيز  الاجمل  والاضمن للحرية الانسانية ، مما يشكل ردا قويا على وحشية واستلاب واغتراب الانسان في ظل النظم الراسمالية، ليكون امل الانسان في عالم العدل والسلام والتقدم العلمي بعيدا عن النظرة الرجعية التشاؤومية والمناهضة للتطور باعتباره  وحش متجبر متعطش للمزيد من العرق والدم والكدح والعذاب والجوع  للانسان في سباق التنافس الوحشي الهمجي المسعور لاقطاب الشركات الرأسمالية احتكارية عابرة القارات والمحيطات ،
للاسف الشديد غاب هذا  الخيار الانساني للتقدم البشري عن الكثير من الكتابات الادبية  والروائية  في نقدها لواقع الراسمالية ومسخها للانسان  وخرابها للبيئة وتهديها بالدمار الشامل للكرة الارضية  .....
(( ليس الإنسان بذلك الشخص العقلاني وحسب... ، بل العاطفي أيضا أن مجتمعا غنيا، بالمعنى الصحيح للكلمة لابد وان يأخذ في يد مواطنيه لتطوير مواهبهم العاطفية،والفنية،بحيث يعبرون عن ذواتهم، وما يجول في خواطرهم، بالشعر،بالفكر،.... ،بالفن.. فالثروة توزن بميزان الوقت الحر ، وليس الوقت المشغول بالعمل. فكما قال ماركس ....)) ج.فولكوف الانسان والتحدي التكنولوجي(ص144) –ترجمة سامي كعكي دار الطليعة.
ففي رواية ((الزمن الحديدي )) يرى  الكاتب الخلاص في الفن والموسيقى الكفيلة بعودة روح الانسان  .... اما ماري شيلي فاثبتت  تهور الانسان   الذي حاول تحدي خالقه عبر التطور العلمي  حيث اصبح اسيرا  ل((مسخه)) مخلوقه الخارق ، مما ادى الى فاجعة بموت الخالق وانتحار المخلوق بعد ان  ازهق المسخ ارواح العديد من  الابرياء  .......
اما د. الشعلان  فكانت محاولتها اكثر  عقلانية وذلك  بمحاولة خلق حالة من التوافق  والانسجام بين العلم والروح  وان كانت  ولادة الجنين ستكون على سطح القمر ،  مؤكدة الايمان بقوة  الحب ((البعد الخامس)) وكانها تؤكد مقولة الحكماء ((أحب لاخيك ما تحب لنفسك ))... والتبشير بولادة  جنين  يمتلك روح وقيم الانسان  ماقبل هيمنة قيم الالة والاتمتة  وتسليع  الانسان  ومسخه  وعقل العلم  مما نتج عنه مخلوقا عالما بروح انسان الحب والرقة والجمال ...
جلسة حوار مع ((زعيمة  حزب الحياة الممنوع )):_
 ((أنا نبية العصر الحب معجزتي  فهل من مؤمنين؟؟))
هذا ما نسمعه من (( شمس)):-
((تلك العنيدة  القادمة  من غياهب الزنزانات الانفرادية في معتقلاتها السياسية في اقاص كوكب المجرة  تترجل عن صهوة كبريائها ورفضها وصمودها بعد طول عناد ، وتلفظ انفاسها الاخيرة على ايدي جلاديها دون ان تتراجع عن أي موقف سياسي او عن رأي لها معارض لسياسة حكومة درب التبانة )) ص14.
اعلاه مواصفات بطلة رواية ((اعشقني))  المدعوة ((شمس)) ، انه أسم على مسمى   حيث الاحالة على معنى الحرية ، الحياة ، العدالة ، الدفيء... فلولا الشمس لما كانت الحياة  فلا حياة بلا شمس ، لاحياة  بدون  الانثى معنى الخصب والنماء والمشاعر الانسانية والرقة ، وعاء استمرار وتواصل الحياة في هذا الكون .....كما انها ((نبية)) بعد ان غاب وانتهى عصر النبوة..... نعم انها نبية وداعية لقيم الحياة للانسانية لعودة الروح  ولكنها بالتأكيد ليس تجديدا ولا تقليدا  ل((سجاح)) رفيقة مسيلمة.......
هذه ((الشمس)) زعيمة حزب الحياة الممنوعة من قبل سلطة الالكترون، الالة الصماء المجردة من كل  المشاعر والاحاسيس الانسانية في عالم الكتروني
(( فراغ متسع من الخواء ، كله برود واضطهاد وظلم ، ويعج بالاسمنت والزجاج والمعدن ، وخنقه المسافات الشاسعة التي قربتها وسائل الاتصال ، وعلت الانسان فيه عبدا للتحكم الالكتروني  المبرمج حيث لامكان للهرب والفردية او  الابداع الشخصي  او المشاعر او الانعتاق او الاستقلالية ......)) ص92 .
هذه ((الشمس))التي اختارت الحبيب ((خالد الاشهل))وليس ((مسيلمة)) ليكون الاب الحقيقي  ل((ورد)) ابنتها عبر تواصل جسدي يسبح في بحر من القبلات وممارسات الغرام الحقيقي ،  رغم ان لها زوج عبر علاقة  زواج تقليدية  بدت  غير لائقة ولا مناسبة  ل ((الشمس)) معنى الحرية والتجاوز، هنا تطرح الكاتبة موضوعا هاما غاية في الجرأة والتجاوز حول مفهوم العلاقات الغرامية بين الرجل والمرأة وهي دعوة لتكون  نتاج تفاهم وحب وانسجام  وفق مدار  ومسار ((البعد الخامس))
((انا زوجة لبيرق نوفل الاشقر ، ولكني لست زوجته ، بل انا صفقة من صفقاته الناجحة التي يبرمها بكل ذكاء وحنكة مشهودة له)) ص132.
، مؤشرة الى كون اغلب العلاقات الزوجية فيه عبارة عن عملية بيع وشراء مصادق عليه بورقة  رسمية وشرعية في ظل نظام اقتصادي اجتماعي سياسي محدد ، رغم انها لاتعدو ان تكون شاهد  قهر مجتمعي لبغاء مشرعن غالبا ما تكون المرأة ضحيته ....  ومن هنا  اتت تسمية ((خالد)) فالخالد هو الحبيب المختار بمحض الارادة الحرة والحب الصادق ....
وكذا هو النظر الى الابناء في المجتمع الرأسمالي وفق  مقياس الربح والخسارة  يذكر الكاتب  صائب خليل:-
((
يثير الكتاب الرأسمالي القيم "مستقبل الرأسمالية" مشكلة الأطفال في الرأسمالية، فيناقش الطفل كمشروع اقتصادي فاشل وكثير الكلفة)) صائب خليل موقع الناس  في 2\6\2009.
اما ((ورد)) هذا الجنين الموعود صلة الوصل بين ماض   انساني يراد له ان ينقرض وعالم الالكترون المبني على معادلات رياضية وخيارات تقنية ضمن وصفات  لا تعرف الجنس ولا الحب ولا التواصل بين البشر
(( استحدث مراكز التنمية الاخلاقية الالكترونية، وسائل تواصل جسدية الكترونية وادوات  تناكح مخبرية لاتعرف التواصل الجسدي المحض، وتكفل توفير  الاجنة عبر بنوك الاجنة المخلقة وفق قوائم محددة محددة ومتنوعة الاسعار والمواصفات....)) ص34.
فكان اختيار اسم ((ورد)) اختيارا موفقا  من حيث دلالته كونه صلة الوصل لانسان المشاعر والاحساس وتذكيرا  باسم ((الورد)) الذي  انقرض في عالم الالكترون بعد ان اقفرت الارض من كل انواع النباتات !!!!
((انقرض الغطاء النباتي منذ مئات السنين من كوكب الارض ، ولولا عمليات الاستنساخ الطويلة لما عادت كلمة شجرة الى قاموس البشرية المعاصرة))ص71.
وبذلك تصحرت الطبيعة وتصحرت الروح فدخل الكوكب في عالم الخواء،فان لم يكن العلم في خدمة الانسان ستذهب البشرية الى الى الهاوية ....
تتجول سناء الشعلان بحرية وجرأة في مذكرات ((شمس)) عبر حزمتها الالكترونية  الضوئية ..لتجمع من خلال روايتها بين غرضين :-
الاول :- كشف استلاب واغتراب وقتل روح الانسان في عالم تطغى عليه التكنولوجيا وعالم الالكترون كما ترى ذلك في حاضر ومستقبل الراسمالية....وتدعو الى عودة القيم الروحية للانسان وتحرره من هيمنة الالة .
الثاني:- استطاعت من خلال رسائل خالد وحواريتها معه ان تستعرض مفاهيمها ، ونظرتها الفلسفية في مختلف مناحي الحياة الانسانية .... وسنرافقها في تجاولها هذا  لنلقي الضوء على اغلب هذه اراء ووجهات النظر  وان بشكل موجز لضيق حيز المقال:-
قول في الشَـــــــــــــعْر:-
 ((... لكنها هي دون النساء من تملك شعرا غابة ، طوله يتجاوز طولهما ، فيسعى وراءها على الارض ، عندما  نام في حضنها التف شعرها على جسديهما ووهبهما شرنقة عشق دافئة حريرية ، ليلتها ادرك ان صاحبة الشعر الطويل هي اقوى امرأة في مملكته ، فتزوها من ساعتها ونعم بفردوس شعرها )) ص133.
هنا ترى الكاتبة ان  شعر المرأة هو تاجها الاجمل ، صاحبة الشعر الاطول هي الافضل ، وهي المختارة المحبوبة من قبل الرجل ، الشعر فاق السحر والقوة والثروة، انه العلامة المميزة للمرأة  الاكمل والاجمل ....وكم تغنى الشعراء والعشاق بشعر المرأة الحبيبة والمعشوقة.....
قول في الجنـــــــــــــس :-
(( لاقيمة للحياة دون الجنس ، ولا جدوى للذكورة والانوثة دون فعل التواصل الجنسي الكامل )) ص95.
((الجنس صلاة في ملكوت العراء، خشوع في سماوية الشهيق المندى  بالقبل المضمخة بارج النشوة،..... عبادة بدائية شهية ... وانما الجنس قبلة والقبلة قبلة قبلة ، فضاؤها شفتان ورديتان برياتان.....))191.
بجرأة غير معهودة للمرأة العربية والشرقية والتابو المفروض اجتماعيا على المرأة وحراجة الحديث في  الجنس حتى في مجالسهن الخاصة ، انها  جرأة مطلوبة من المرأة العربية المثقفة  وحق من حقوقها في الاعراب  عن مشاعرها في امور تخص   اخص  خصوصياتها الحياتية ، وصف دال على رفعة الذوق واختمار التجربة .....رغم ان الكاتبة تتحدث بلسان ((شمس)) ان يكون لهما جنين  دون ممارسة الجنس((اخاف الجنس، واراه سكينا مرعبة قد تقسم المرأة قسمين)) في حين يرى خالد(( ان الجنس وحده يلملم المراة)) ص206
قول في الله والايمــــــــان :-
(( الله، انه تلك القوة التي تملأ عليك الظلمات نورا، وتشعرك بان هناك قوة خفية ترعاك، وتدعمك...)) ص105.
الكاتبة هنا  تميط اللثام عن ايمانها بالله وبالمافوق وتراه امرا لايتناقض مع التطور العلمي  للانسان ، فمهما بلغ الانسان من التطور العلمي والتقني وكشف مغاليق العالم  يظل رغم ذلك بحاجة الى قوة روحية يسكن اليها في  حالات ضنكه ووحدته  خصوصا في عالم يفتقد للامن والامان والتضامن والتكاتف بين بني البشر ، ولازال الغموض والعجز  يكتنف الكثير من  الظواهر والاحداث  في الطبيعة والمجتمع ....الافلات من التشيوء في عالم بلا روح فان المتحكم في نظام الرأسمالية هو الأشياء كما يقول اريك فروم
:-

((القوة اليوم للأشياء... الأشياء التي تحكم الإنسان وتسوده)) اريك فروم –فن الاصغاء- ص193.
 
قول في البــــــــــــــكاء :-

((ابكي يا ورد.. لانني عاشقة ، فوحده العشق هو مايستحق نشوة البكاء ، وشهقاته ، ودواره ، وطعمه المالح الرخو ، العشق هو من يردنا اطفالا عاجزين لا نتقن غير حياة البكاء التي تمللك بامتياز ان  تمسح الغبار عن انسانيتنا المتخفية خلف اقنعة الوجود)) ص139.
يبدو تعريفا غريبا  للبكاء دلالة الالم ودلالالة  منتهى الفرح ، وهنا  تعرفه الكاتبة دلالة العشق ، حيث يكون البكاء العشقي نشوة وشهقة  ، تمسح عنا غبار انسانياتنا المقنعة المستترة  خلف اقنعة واقع حياتي مزيف .
قول في القبـــــــــــــــــــــــــلة:-
القبلة هذه الممارسة الانسانية  التي اتقنها الانسان  ان لم نقل تفرد بها دون المخلوقات الاخرى ، للدلالة على حميمية العلاقة بين حبيبين او صديقين ،كم هي مؤثرة مشاهد مثل هذه اللقاءات ، بين عشيقين ، او اب وولده بعد غياب او فراق طويل .......
((القبلة قبلة العالم وصوت ملاك يزغرد في الغابات ، اقبلك كي ارسم بشفتي حكاية بلون الشبق والمستقبل، ان تتعانق الشفاه هي لحظة ينتهي فيها الحكي... القبلة فضاء لارتكاب فضيحة اسمها اللحظة المقدسة....القبلة فضيحة تعري فراغ الكلمات))ص190 .
 تحلق الكاتبة باجنحة الجمال لتسبح في فضاء القبلة ، بلغة شعرية باذخة الجمال والدلالة .......
قول في الخيانــــــــــــــــــة:-
((الخيانة قضية كبرى ياشمس، هي من القضايا التي تؤثر على ضغطي الدموي:-هل من حقي ان احب امراة رجل آخر حبا روحانيا؟؟؟
هل الحب خيانة؟؟)) 196
هنا تثار اسئلة ربما يغفل عنها  اغلبنا رجالا ا و نساء  وهو يحب ((ملك)) الغير ويتعدى على خصوصياته  ولو  كان ذلك  ضمن المشتهى وليس المفعول به او الفاعل.....
يرد هنا الكثير من  الحوار والتفكر في  اسباب ذلك وما هي ظروف دفع الانسان لسد فراغ روحي وعاطفي خارج ((المشروع)) و ((المشرعن)).....لندخل في تفكر طبيعة المجتمع الثقافية والفكرية  والاقتصادية  وطبيعة ((الكونفورميا الاجتماعية )) السائدة .


الترويض والاندماج  وفك  اقفال الازدواجية :-

((ان هذا اليوم جمع اشتات كل كل المتناقضات، ففيه امنت بالله ربا وحقيقة ، وبالنبية هادية وسيدة كلمة، وفيه طويت آخر صفحة مما كتبت النبية ، ومنه دلفت الى انوثتي المذكرة او الى ذكورتي المؤتثة او الى نفسي الخنثى  التي تجمع كل اعضاء الخلق وادوات الوجود)) ص165
(( اليوم رضيت بجسدنا مآلا، وصالحته بعد طول خصام وجفاء، وقبلت وجنتيه في المرآة))ص166.
بعد طول  معاناة ورفض واشمئزار وقرف وحيرة والشعور بالدونية من قبل ((باسل المهري)) الذي  تم تركيب راسه على جسد ((شمس)) المرأة المقتولة تعذيباً، حيث اكتشف فقدان  عضوه الذكري  الذي كان يستمتع بتمسيده تمريغه واذا به يصدم  بأختفائه
(( لقد اختفى العضو ، تحسس مكانه برعب وتوتر ، فتاكد من فقدانه مخلفا وراءه تجويفا ناعما غريبا له اطراف واشفار تذكره بالشكل المنفر للجزء السفلي من جسد زوجته .....))ص35
هنا يثار سؤال  حول  وصف قبح  الجزء السفلي للمرأة رغم انه محل الرغبة ومنبع الحياة والتواصل  واكثر اعضاء المرأة اثارة ، فهل ترى الكاتبة  ان الرجل  ينفر من هذا الجزء من جسد المرأة؟؟؟
كاشفة مدى تعلق  الرجل  بعضوه التناسلي باعتباره  من اهم اعضاءه :-
((كل المشاعر الجميلة  والانتصارات الماجدة عاجزة عن ان تعوضه في هذه اللحظة عن عضوه الجميل..)) ص36.
ثم اكتشافه  انتفاخ بطنه علامة الحمل ب ((ورد))وكأنه يتفاجيء بهذا الانتفاخ رغم انه كان موجودا  بعمر 14 يوما منذ ان اجريت له عملية وصل الراس بالجسد واخذ ينمو حتى بلغ شهره الحادي عشر..!!!! في  فترة حمل  غير مسبوقة  في الحمل البشري.. قبل  ولادته على سطح القمر
 تعرف((باسل المهري)) على شمس من خلال قرائته ليومياتها  وتعرفه على افكارها وفلسفتها في الحياة ، واكتشافه  عظمة وقوة وجمال جسدها ، فاخذ يقترب منها شيئا فشيئا  الى درجة التماهي معها فكريا وجسديا  ،ومن ثم التمسك بالاحتفاظ  بواقعه الجسدي الجديد ، راس رجل بجسد امراة  رافضا  اجهاض الجنين  او تبديل جسده  بجسد رجل ........
انه دلالة انتصار التوافق والانسجام والتكامل بين  الجنسين في جنس غير مسبوق  في تاريخ البشرية ، استطاع ان  يوائم ويواشج بين العلم والروح ، الواعد بولادة جنين  التواصل الانساني في عصر الالكترون وطغيان الالة ...
تتحدث الكاتبة عبر استعراض يومياتها ورسائل  خالد حول الكثير من الظواهر والاشكاليات المعاشة في الواقع الحاضر والمستقبل ، مفسرة ، او مستنكرة ، مؤيدة او رافضة للعديد من السلوكيات او الممارسات  في عالم خال من الروح .....
ورد التباس في اسم العالم ((باسل المهري))ص32 وبين ((باسم المهري))ص42. نظنه خطأ مطبعي  والتشابه بين الاسمين ....
وظفت الكاتبة لغة شعرية  جميلة  عبر رسائل الحب الغرام المختومة ب((اشتهيك)) علامة اشتهاء الجسد للجسد ، كما انها  احكمت الحبكة السردية ووحدة الموضوع ، وكانت حاذقة في  دمج راس الرجل العالم بجسد وروح المرأة المتمردة . بمعنى تكامل العلم والروح من خلال تكامل  فكر وعمل الذكر والانثى .....
استطاعت الاديبة المبدعة  ان  تشرك اكثر من راوي (( شمس)) عبر حزمتها الضوئية ، ((باسل المهري)) وحواره مع ذاته ومع الجنين ((ورد))،(( خالد الاشهل)) الحبيب  والعشيق الاب البايلوجي للجنين ..... تخلص الاديبة المبدعة  الى حتمية انتصار ارادة الانسان على ارادة الآلة ، رغم انها تبدو  لاتمتلك البديل العلمي والعملي  لفجاجة  هيمنة  ثقافة الانسان الالي  وقد تحدثنا عن هذا الامر  انفا .....
رغم ان  فكرة الرواية  لم تكن جديدة ، ولكن ربما طريقة العرض  وعملية الدمج  تحمل الكثير  من الاصالة ، ومعالجة لا تقل أهمية من الاستلاب العلمي ألا وهو حالة التمييز على اساس الجنس بين الرجل  والمرأة، والقاء الضوء على  ردة الفعل  والجانب النفسي والبيايلوجي لتبادل الادوار.

في الختام لايسعنا الا  ان نقول  ل((شمس)):-
أشهد أنك ((نبية)) العصر ، أشهد أنك  حاضنة روح العالم، فاقبلينا ضمن  انصارك المكافحين من اجل عالم الحب والجمال  والأمل ............
تحياتي  وتقديري للمبدعة  الأديبة القديرة الدكتورة  سناء الشعلان ، وشكرنا  الجزيل لاهدائنا هذه الجوهرة الرائعة من سلسلة جواهرها الادبية والفكرية  وهي تثري المكتبة العربية بنتاجها الثر .....





78
من يربح  الفانــــــــــــــــــــــوس؟؟؟

 

في أي بلد من بلدان العالم  لايجد المواطن  ((الترفك لايت)) في الشوارع  العامة  رغم زحمة المرور ، وهول الحوادث المرورية  المفجعة ، في حين  يجده دائم الفعالية  ليلا ونهارا في  داره ، ينظم   مرور موجات  الحر والقر ، والضوء والظلام   بفاعلية  عالية  لامثيل لها  في كل أنحاء العالم ؟؟؟
من يجيب على هذا السؤال   ستقدم له  هدية  مكونة  من ((فانوس نفطي))  أصلي ، مع ((مهفة)) من الخوص الممتاز ، فلاتفوتكم فرصة الفوز ، المشاركة مفتوحة للجميع بما فيهم  ، أعضاء مجلس النواب ،الوزراء ، المدراء ، الفقراء منهم والاغنياء ، الرجال والنساء ..

 مواطن
من أرض بلاد البترول 

79
أدب / شكــــــــــــــــوى
« في: 00:20 01/08/2014  »
شكــــــــــــــــوى
حميد الحريزي
خارج
مناطق الزلازل
مدينتي
فأين اختفت
المنائر؟؟
مذعورة لقالق نينوى
تبحث  عن أعشاشها
المبعثره
*
لعب الاطفال
مرعوبة
وحيدة في منازل سكنتها
ذئاب
ملثمة
أُحرقت رسائل الغرام
المخبأة
تحت وسائدالصبايا
المعطره
*
 اشتكى الناقوس
للمئذنه
و
 بكى كتابُ  الله 
 يستصرخ   الله   من هول
المجزره
بأسم الله هدموا  بيوت
الله
بأسم الله ذبحوا  عباد
الله
بأسم الله   فجروا
 الاضرحة
المطهره


80
الخسوف الدمــــــــــــــــــــوي

حميد الحريزي

عذرا ايها العيد
فانا عنك في شغل شاغل
حبيبتي نينوى اسيرة
لدى ((الدواعش))
فتيات نينوى
 قصن  جدائلهن  مستصرخات
الضمائر
حاصرتهن الذئاب ، متعطشة للدم
هاتكة الستر بدعوى
((الختان))
عذرا ايها العيد
هذا العام ارقب، شفاء القمر من
((خسوف الدم))
ليعانق
الصليب
في وطني
رغم انف الراية
السوداء



81
أدب / لمــــاذا ا؟؟
« في: 12:04 20/07/2014  »
لمــاذا؟؟

حميد الحريزي

لماذا
يا  وطني
نحن دوما  كساكن بيت
إيجار ؟؟؟
في  أي وقت نجد أطفالنا
تائهين في الشوارع
الموحلة ِ
فاستوطنا  بيوتاً من
((تنك))
فما حاجتنا لبطاقة
السكن؟؟
يستدل علينا  أصحاب السعادة
قبيل مواسم
الأنتخاباتِ
رغم إنا لم ندخل  استمارة
الإحصاء
لا   أسماء لنا  في
 دوائر
الماء والكهرباء
ولا في جدول
(( الزائر الصحي))
فما حاجتنا لمجلس
النواب؟؟؟
نحن 
ومن  يعزينا  خارج حدود
القلم
فما حاجتنا للافتاتٍ سوداء
على  جدرانِ من
صفيح؟؟
البقية في مماتــــــــــــــِــك
هكذا
نتأسى لأبناء الراحل
((المستريح))
فما حاجتنا بثواب
الفاتحة ؟؟
نحن دوما  في موكب
تشييع
جافة   مآقينا منذ الطفولة
 اختزنا دموعنا  في
العلب  الفارغة
عند أكوام
القمامة
فما حاجتنا لمناديل تجفيف
الدموع؟؟؟
رجالا ونساءا وأطفالا منذ الولادة
نحيا ونموت
صياماً
فما حاجتنا لمدفع
الإفطار ؟؟؟
لأننا لم نشهدْ هلال
العيدِ
 زيّنا  موحد  بلون
التراب
فما حاجتنا للملابسِ
الملونة؟؟؟


82
من اجل اعلام وطني متوازن

نتمنى على الاعلام الوطني العراقي ان يكون بمستوى الاحداث ، يخرج من التسطيح وحالة ((الردس)) وردود الافعال ، الى العمل المهني الواعي ان يخاطب العقل والحس الوطني الانساني لدى المواطن العراقي ... ينشط الشعور بالجمال والسلام ليقاوم القبح الاجرامي الداعشي الارهابي بكافة اشكاله ....
عدم الانجرار للطائفية والتعصب العرقي ، يخاطب العقل الوطني وليس الحس الطائفي لدى المواطن العراقي  .... الخروج من التكرار الممل .... تنشيط اللقاء بالمفكرين والرموز الثقافية والسياسية ذات الحس الانساني الوطني  والفكر الموضوعي  الديمقراطي في داخل العراق وخارجه ....
التذكير بالتاريخ الثوري العراقي لمقاومة الفاشية والتخلف في العراق ...
التنوير بما يجمع كلمة العراقيين ويوحدهم  من اجل وحدتهم  وسيادة وطنهم والحفاظ على ثرواتهم والوقوف بوجه التدخل الخارجي .....
الابتعاد عن التهويل او الاستهانة الغير موضوعية بالعدو ، والحذر من اعطاء الوعود الكاذبة والصعبة التحقيق ، والا ماذا يعني ان يصرح مسؤول كبير بانه سيترجع الموصل خلال اربعة وعشرين ساعة؟؟؟؟!!!!
الاعلام سيف ذي حدين اما ان ينصرك او ينقلب وبالا عليك ....
انت صاحب حق ومبدء فكن صادقا واضحا امينا مع شعبك ومؤيديك
اعلام الدولة  ومن يؤيدها من الفضائيات  لم يتجاوز محدوديته وعاطفيته  وسطحيته ، يظهر وكأنه  صوت  احادي الجانب احادي  النظرة ، يثقف بفكر طائفة بعينها  وهذا خطر كبير  يثير حفيظة الاخر  ولايخدم جوهر المعركة الحالية  معركة كل احرار العراق ضد قوى الارهاب  الداعشية ومن  انطوى تحت لواءها  من بقايا الديكتاتوريين  والشوفينين  والنقشبعثية  والطائفيين التكفيرين .....
نعم لاحرار العراق
نعم لوحدة العراق
كلا للطائفية والعرقية
الخزي والعار  لقوى العمالة والارهاب  والتخلف ....


83



طنافس عربيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة



حميد الحريزي

اعواد البخور
مضرجة برائحة القطا
المسافر صوب ريح
الجنوب
مزداناً  بخرز  بغايا المعابد
السومرية
معاضد جنية البحر ِ
مفاقس للشهوة
الغجرية
الطافية فوق رموش عبيد

"المختارة"
لاتقلق يا ((كلكامش )) حكام الامة العربية
وجدودها عشبة
الخلود
كرسي ، وسوط ، وعمامة
ونهيق فوق منارات الفسق
تلعن حروف الفكر
وتضاجع  أفواه الفقر
لتبيض عناقيد من لوطيين يسبحون بحمد
السلطان
يكبحون رغبة الطيران ، فوق اعشاب
الذلة
تفخرون  بقراد
آبائكم
كالخيل المجذومة
اكلت سناكبها
تخوض في طرقات سعالي العرب
مكشوفة الاست
 للالف الثاني  رؤوسكم
حبلى
الآن
تمخضت  مؤخراتكم  فولدت
((داعش))
وجرذان ((النصره))



84
  
"فرنكنشتاين" هم .. و .. ((فرنكنشتاين)) نا
ما بين
"تحدي الله" و "تحدي السلطة"

 دراسة نقدية تحليلية  مقارنـــــــــــــــــــة
حميد الحريزي  
مقدمة :-
اهدى الروائي العراقي احمد السعداوي , العالم , والعالم العربي , والعراق خصوصا منتجا ادبيا ووليدا جميلا استطاع ان يرفع قامته بفخر وسط قامات الابداع الادبي والثقافي العربي والعالمي , عبر روايته الاشهر (( فرنكنشتاين في بغداد )) .
لقد كُتِبَ الكثير عن هذه الرواية  ومن زوايا  مختلفة ، سنحاول  ان  نكتب عنها  من زاوية  المضمون والمغزى  مقارنة  ب ((فرنكنشتاين )) الاصل ل((ماري شيللي))
هذه الرواية التي شهدت تقطيع اوصال وطن ومواطن ومن ثم تجميع وخياطة اشلاءه بشكل عشوائي لينتج (( انسانا )) مسخا مولع بالقتل والثأر والانتقام .
في ظل كتلة بشرية لا يمكننا ان نسميها او نطلق عليها صفة مجتمع بعد ان تخادمت قوى عالمية كبرى وإقليميه طامعة ومحلية فاقدة للوطنيه والانسانيه على تجريف الكتفورميا الاجتماعية الايجابية المتراكمة لديه عبر قرون من زمن نشأته ووجوده
ان ارتباط عنوان رواية سعداوي العراقي المستتر ( الشسمه ) واختياره ( فرنكنشتاين في بغداد ) يحيل الى رواية فرنكنشتاين لماري شيللي, هذا الارتباط الذي جعل من ( فرنكنشتاين ) كمعادل للخالق  مصنع السوبرمان  القبيح المنتقم , على الرغم من اختلاف دوافع الانتقام بين مخلوق فرنكنشتاين شيللي عن دوافع مخلوق فرنكنشتاين السعداوي  ( الشسمه ) .
فرنكنشتاين  صانع  سوبرمان ألغرب
في البيئة الغربية التي ولدت فيها رواية ميلر عام 1818 والذي ميز هذه الحقبة الزمنيه بالصعود للبرجوازية الاوربيه وتوقها حد الهوس في المزيد من الاختراعات والابتكارات العلميه في مختلف المجالات العلمية والمعرفية , بعد ان اسقطت كافة العوائق والموانع والمحرمات التي تقف بوجه التقدم العلمي والمعرفي بما فيه البحث في سر الحياة ووجود الانسان وخلقه وتخليقه . ومن اهم هذه الاكتشافات والاختراعات اخترع المجهر وتطور علم الخليه وعلم الانسجة وعلم الجراثيم ...
وبالتأكيد ان لهذا التطور العلمي انعكاساته على المجتمع بمختلف تكويناته , ومنه على الكتاب والأدباء , بين متطير خائف من عواقب هذه التطورات الهائلة للعلوم , وأخر مبتشر متفائل ..
المؤلفه ( ماري شيللي ) الانكليزية من عائلة ثريه ومثقفه برجوازية تواقة للعلم والمعرفة فكان تخليقها (( فرنكنشتاين او بروميتوس الحديث )) , وهو الساعي من اجل خلق الانسان السوبرمان   القادر القوي  العصي على الكوارث والأمراض وهو حلم  البشرية الذي  جسدته البرجوازية الاوربية الناهضة , ولكنه يفشل في عملية الخلق المسيطر عليها فكانت حصيلة تجربته مسخا جبارا قبيح الخلقه لا يستطيع ان يعيش وسط المجتمع الانساني القائم والمرفوض بشدة من قبله وغير قادر على فهمه ....
((انني املك القدرة على ان اهب الحياة.... فعزمت على صنع مخلوق هائل الحجم كبير التكوين يبلغ طوله حوالي الثمانية اقدم)..حتى  اذا حل اليوم العظيم رأيت امامي جسدا بشريا كاملا لا ينقصه إلا العقل والروح)(1) ص38
 هذا الوحش الرأسمالي عظيم القدرة تكنولوجيا وجسديا ، ولكنه  قبيح السلوك همه الربح ثم الربح والمتعة الشخصية  بغض النظر عن وسائلها وطرقها ومدى اثرها  المدمر للإنسان العادي  التواق للسلم والحرية والرفاه ، وها نحن نشهد  وحشية وقبح وعدوانية وأنانية هذا السوبرمان  المتجسد في (العولمة الرأسمالية المتوحشة ) بقيادة الرأسمال الامريكي ..واستشراف مصير البشرية المؤلم في ظل همجية وانفلات ((سوبرمان)) الرأسمال  الغير مسيطر عليه والمجرد من الطباع الانسانية بسبب بنيته الاستغلالية  القبيحة والمقرفة ، اردنا ان نوضح هنا مدى خوف الانسان من الطموح الغير محدود للعلم وتجاوز نواميس الطبيعة حد التطاول على قدرات الرب الخالق المفارق ...((هكذا يجازي العبد خالقه ... ينعم عليه نعمة الحياة فيشهر في وجهه سلاح الجريمة والعدوان ويفجعه في اعز الناس عليه )) 52
((هل هناك من يعتقد غيري ... بأنني نازعت الله عز وجل في قدرته واستطعت ان اصنع مخلوقا؟؟))(2) ص54

وهناك اشارة واضحة في الرواية الى عجز النظام الرأسمالي الموسوس بالعلم عن توفير السعادة والسلام والوئام لمخلوقاته العلميه الخارقة للطبيعة وعدم قدرته على التحكم في همجيتها وعدوانيتها على بني الانسان , مما يعني في نهاية المطاف تدمير ذاته وحضارته وكيانه جراء تهوره ونجاوزه ....قال المسخ يخاطب خالقه (0فرتكنشتاين)):-
((لقد توقعت منك ان تلقاني بهذا .. الناس جميعا يكرهونني ويحقدون علي... حتى انت ياخالقي ... حتى انت يامن نفخت في من روحك تتمنى الان قتلي والقضاء علي.... أهذا واجب الخالق نحو مخلوقه..... سوف املي عليك شروطي فان قبلتها سأدع العالم يحيا بأمن وسلام . وإذا رفضتها فسأتنكر للإنسانية فأهدم وأضمر وأضرب واسحق ، ولن اترك احدا يمت اليك بصلة إلا اوردته موارد ألهلاك)).(3)ص62 .
وهنا ( فرنكنشتاين ) هو العالم الباحث المتجاوز , الخالق , المعاقب , النادم حد التضحيه بحياته لإصلاح اخطاءه ... هذا هو فرنكنشتاين الغرب  او  فرنكنشتاين العالم الاول ........والذي يصفه البحار  بالوصف التالي
:-(كنت اجد فيه شخصا حاد ألذكاء سليم ألمنطق ملما بفنون ألحديث شدي التأثير على سامعه... ياله من مخلوق رائع... انه حتى وهو على تلك الحال المحطمة لا يكاد الانسان يتأمله حتى يهفو اليه. فكيف كانت حاله اذن ايام الرخاء الاولى ؟؟!)(4) ص138،
 انه وصف  واقعي  للبرجوازية  خالقة التقدم والجمال والرفاه للبشرية خصوصا في بداية وأوج نهضتها (( ايام الرخاء الاولى ))، ولازالت جذابةً رغم تهورها  وتدهورها  وتحديها لنواميس الطبيعة وتمرد  مخلوقاتها عليها، نتيجة للانانيتها وجشعها ونزعتها الاستغلالية  وتسليع الانسان واستلابه  .......
((هادي العتاك)) فرنكنشتاين  بغداد:-
اما ( هادي العتاكـ )" فرنكنشتاين بغداد" و خالق (( الشسمه )) سوبرمان المجتمع العراقي في عهد الاحتلال فهو شخصية رثة , كذابة ، تعتاش على كل ما هو قديم ومستهلك , لا تملك من العلم والمعرفة ما يؤهلها لتخليق سوبرمان العلم الخارق  وهي دلالة  على  رثاثة وتخلف مجتمعاتنا وهشاشة وبدائية  وتشوه طبقاته الاجتماعية   ،حيث موت وتبعية   الطبقة الوسطى مشعة الفكر الحر والمستنير صوب الطبقة البرجوازية العليا ونقيضها الطبقة العاملة  ، كل هذا بسبب وأد الطبقة البرجوازية الوطنية المنتجة  وتحولها الى طبقة برجوازية طفيلية  مسخ ، بسبب  ريعية الدولة واعتمادها  على البترول كمصدر اول ورئيس للثروة ، وهذا ما انعكس بنفس النسبة من  الرثاية  على نقيضها الطبقة العاملة   فتكونت من حثالة البرولتاريا الرثة  التي تعتاش على  الهامش  المستهلك  وبذلك هيمنت عللى الكتلة البشرية ((المجتمع))  برمتها ثقافة الاستهلاك ، والاستيراد والاستبداد  واجترار  المعلومة   وتقليد الاخر دون تفكر او تدبر والنبش في الغيب والخرافة كما النبش في  اكداس النفايات  لتحصل على لقمة العيش وإدامة وجودها البيولوجي  الصرف .
الهيئة الحكوميه المسئوله  عن متابعة الجريمة في العراق  المنبثقة عن الطبقة السياسية ((الاقطاوازية)) المهيمنة على السلطة السياسية ، الممسوخة  والمولودة من رحم  بقايا الاقطاع  والبرجوازية الصغيرة الطفيلية التجارية والعقارية والربوية الغير منتجة , واعتمدت  على كادر من المنجمين وفاتحي الفال  والأساليب البدائية المتخلفة التي تلائم بنيتها الفكرية  الماقبل حداثية ،بدلا من التقنية الحديثة والعلم  في  متابعة الجريمة وكشف المجرمين ، ففي الوقت الذي   شاهدنا  الحضور المميز للقاضي في  ((فرنكشتاين  ماري شيللي)) وجديته في اظهار الحقيقة عند محاكمة ((فرنكنشتاين)) ، لم نشهد  اي دور للقضاء في  متابعة ((الشسمه)) لأحمد السعداوي , مما يشير الى طبيعة الطبقة السياسية الحاكمة في من حيث جهلها ورثاثتها وتخلف اساليبها في الحكم والتحكم وانقيادها لأسيادها (( العقل الاكبر)) الامريكي مصنع العنف ومديم الازمات سعيا لديمومة السيطرة ونهب الثروات والتحكم في مصائر الشعوب .
أمريكا الاستغلال والاحتلال تصطحب مقاوميها معها :_
فالاحتلال الامريكي تميز دون غيره من المستعمرين , بجلب معارضته معه بعد ان يصنعها في مصانع شتى وبألوان تناسب الفترة الزمنيه المحددة  مثل المنظمات اليسارية المتطرفة , والفوضوية , والأحزاب القويسارويه في زمن الحرب الباردة الى منظمات وأحزاب التطرف الاسلامي مختلفة التسميات موحده الاهداف والمنشأ كالقاعدة وداعش والنصرة وباكو حرام والإخوان المسلمين وو .. الخ في عصر القطب  الواحد وسيادة امريكا راس المال التي دخلت مرحلتها الارهابية وهي  اعلى مرحلة للامبريالية العالمية المأزومة  والمتوحشة ن وبذلك تسلب الشعوب  خيار المقاومة الوطنية  الحقيقة  ، حين تمكنت من تشويه وجه المقاومة  وتماهيها مع الارهاب.
وقد اعطت لعملائها سر هذه المهنة القذرة والسلوك اللاانساني الارهابي لتصنيع ( طناطلهم ) و ( سعاليهم ) في بلدانهم لإرهاب شعوبهم تحت ذريعة مقاومة عدو مجهول خارق القدره لإخلاص منه الى التمسك بالقائد الضرورة والحاكم المخلص كما مر على العراقيين في مهازل عدنان القيسي قاهر الابطال ومجندل الشجعان من مختلف القوميات والبلدان , ممهدا لظهور القائد السوبرمان ( صدام حسين ) , وكذلك مهزلة عصابة ابو طبر الاجرامية السلطوية ...
ومن ثم الزرقاوي , وعزة الدوري , والظواهري , وداعش وأخواتها ..
عدالة الشارع بدل عدالة القانون :-
(( الشسمه ))المخلق من اشلاء ألضحايا والمحكومة ديمومته وبقاءه  بدوام بقاء هذه الاشلاء ، هو  حامل لواء عدالة الشارع الذي بالنتيجة يتحول لقاتل يقتل من اجل تجديد وجوده وديمومة حياته , .. وهنا نقرأ اشارة واضحة للكاتب كون عدالة الشارع مهما كانت نواياها انسانيه فهي بالتالي ستنحرف صوب الارهاب والثأر الاعمى ... وهذا ناتج عدم كفاءة ونزاهة السلطة  الحاكمة في حماية حرية وممتلكات وأرواح مواطنينيها وعدم  وجود دولة المؤسسات   الدستورية  وليس دولة المليشيات المتحاربة ....
كما ان الكاتب يوضح عبر شخصية الصحفي – المثقف – المتعلم – في الطبقة الوسطى الهارب من ارهاب الاقطاع"الكوربان" وعصائبه قد اصبح اداة طيعة بيد – السعيدي – صاحب المجلة ((الاعلام)) المتعاون مع الاجهزة المخابراتية وصاحب العلاقة المصيرية بالطبقة الحاكمة الحافلة بالمؤامرات والاتهامات والتصفيات المتبادلة ... محاولا تقليده وتمثل متعته وسيرته متخيلا – نوال الوزير – في جسد المومس (( زينه )) بعد تركه العمل في مجلة (( الهدف )) , تخلي برجوازيتنا الصغيرة عن الهدف  الوطني والقومي والطبقي  النبيل والجري وراء المكاسب والمناصب وفتات السلطة وخدامها ...
يشتري قصة الصراع الدامي مسجلا على كاسيت من شخصية هامشيه مجهولة المصير ، لأنه بعيد عن  الحدث  بعيد عن حراك الشارع  لا دور له في الحراك الاجتماعي الدائر  على خلفية الجوع والقهر والاستلاب والاحتلال والاستغلال .......واخيرا  تحرره  ((عدالة الشارع)) من عزلته وانكفائه على ذاته ، بقتل ((الكوربان))!!
هشاشة البناء الطبقي / خراب  المدينة \ سيادة الفكر الديني:-
تدور كل هذه الاحداث الفواجع والقوا مع وسط بيئة رثة , دلالين , باعة خرده , عاهرات , اصحاب فنادق مغلقة , خليط من قوميات واديان مختلفة فقدت تجانسها وانسجامها وأصبحت مرتعا للسماسرة والقتلة والمنسوخ على خلفية حقبه من ديكتاتورية قاهره قامعه مدمره ... هكذا اصبح حال (( البتاوين )) هذه المنطقه السكنية التي قطنها البتله الفلاحون من المناطق المجاورة لبغداد , وقد سكنها اغلبيه مسيحية ويهود ، وأسماء بارزة من ساسة وتجار  وإعلام العراق  من مختلف الطبقات والأديان والطوائف والأقليات القومية ، ومن مختلف مناطق ومحافظات العراق ، زمن ازدهارها  وتطورها ممثلة قلب بغداد النابض المتسامح , كما اشار الى ذلك الكاتب ولكنها  دفنت  وقمعت ، بالتعاقب حتى سيادة  الاسلاميين  مجسدا ذلك بوضع ((ناهم عبدكه)) اية الكرسي ولصقها بالعجين ؟؟ فوق الايقونه المسيحية الموضوعه فوق  الايقونة اليهودية المطمورة في بطن الجدار المتهرئ
(( فوضع قطعة كارتون مربعة كبيرة تحوي  آية الكرسي على احد جدران الغرفة التي سكنا فيها سوية . لصقها بالعجين !! ليضمن صعوبة انتزاعها من مكانها مالم تتمزق نهائيا))(5) ص32
والتي ستتمزق  وتتهاوى في ما بعد حيث  الانفجارات والخراب الشامل الغير مسبوق  ل((البتاوين))ن وهي دالة الى انهيار  كل القيم والروحية والاجتماعية  بمختلف مسمىاتها ما قبل الحداثة  وفي زمن  (( كان هذا هو اسوا ما حصل للمنطقة على الاطلاق. منذ تأسيسها في مطلع القرن الماضي كأفضل الاحياء السكنية وسط بغداد، حتى مع تدهورها في الثمانينيات ومطلع التسعينيات وتحولها الى بؤرة لبيوت الدعارة وصناعة المشروبات الكحولية المنزلية ،واكتشاف عصابات للخطف والتجارة بالنساء والأطفال والأعضاء البشرية في بعض بيوت المنطقة فان هذا لم يكن الاسوا....رج الانفجار المنطقة كلها ، يستحدث الصحفيين فيما بعد.... عن الصدوع  التي حصلت في نصب الحرية  بسبب الانفجار وإطلاقهم التحذيرات المنذرة من سقوطه الوشيك))(6) ص304
... اشارة الى التبدلات والتحولات التي مرت بها (( البتاوين ) كما هي (( بغداد )) كما هو العراق في الحقبات المتتالية بعد ولادة الدولة العراقية........ هذه المحلة النموذج للتعايش  وتجانس الافكار والديانات  والقوميات والمستويات المعاشية  والتي كانت جاذبة مستقطبة  الناس للعيش بأمن  وسلام ، اصبحت وكرا للجريمة وطاردة  لسكانها ((ابو انمار )) يعود الى موطنه في الجنوب ((قلعة سكر))،  وأم ((دانيال)) تضطر للهجرة  الى عين كاوه ومن ثم الى بلاد المهجر  بعد  تم اقناعها ان املها ومنتظرها  هو ليس المسخ ((الشسمه)) رغم ارتداءه لملابس "دانيال".
، بل هو في ((دانيال)) الشاب المتجدد الذي  امنة له الحياة  والأمان  في  بلاد الغرب ، بعد ان تأكد ان جدته لازالت  محافظة على ثقافتها ولغتها ودينها ولازال  هناك امكانية للتفاهم معها عبر لغتهم المشتركة ...
" وهنا يثار تساؤل ايضا لماذا ملابس دانيال المسيحي  ضحية حروب الديكتاتور العبثية ؟؟"   هل هي اشارة  مقنعة  للقارئ الناقد  حول المشاركة  المظهرية  في  عملية الثأر والانتقام من القتلة والإرهابيين الممثلة  بشخصية ((الشسمه)) رغم انهم  احد ضحايا هذا الارهاب . ؟؟
مظلومية الاقليات الدينية وغياب البطل الإيجابي
وهنا لابد لنا ان نشير الى قصدية الكاتب في (( الشسمه )) – المقاوم المسخ الذي لا اسم ولا هوية ولا عنوان ولا كينونة له روح تائهة هائمة وجسد مكون من اشلاء لا يعرف بعضها بعضا لا يجمعها جامع سوى الثأر المتجدد دوما ..... عبر تجدد القتل والتفجيرات الارهابية في العراق عموما وفي بغداد خصوصا .
فهل هذا حقا ما يراه الكاتب كواقع حال للرد على ظلم وفساد وقهر السلطة ورموزها , وقهر اصحاب المال والجاه  المتخادمين مع قوى  المحتل الامريكي  الراعي الاكبر للإرهاب ، مما يجعل يوم الخلاص الحقيقي للشعب العراقي على يد طبقة واعية اصيلة مدركه لما تريد وتهدف تتنقل من عدالة الشارع صوب عدالة المؤسسات الدستوريه الديمقراطيه المتحضرة امرا شبه مستحيل  ؟؟
ان من يستعرض الواقع الراهن في ظل هيمنة  القوى والأحزاب الطائفية والعرقية والعشائرية ينحاز الى رؤية الكاتب في استحالة الخلاص من دوامة عنف الشارع الدامي وابتعاد حلم المواطن بقيام دولة المواطنة ألحديثة
الكاتب كان ذكيا في زج رمزية غربية لتغلف المحلية وتضللها بضلالها كما هو حال الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي لبلدان العالم الثالث التابع ومنها العراق  المبرقع ببرقع الحداثة والمدنية والديمقراطية الزائفة , والانتصار الضمني لمظلومية الاخوة المسيحين وقبلهم اليهود لتلقى الرواية الرواج والقبول والأفضلية على ما سواها ضمن المناخ العام في العالم العربي والعالمي عموما  المتعاطف مع هذه الاقليات المهددة بالإفناء وما يؤكد ما ذهبنا اليه كون الرواية الثانية (( طشاري )) لأنعام كججي المرشحة ايضا  للجائزة ، كانت مكرسة لمثل هذا الغرض ولكنها لم تلبس الرداء الغربي  وهي محقة طبعا ،بل لبست رداء محلي عامي شائع ، فشطرت اختيارها من قبل  لجنة التحكيم ...!!!!!
احداث الرواية مغرقة  بالنظرة السلبية لطبيعة الحراك الاجتماعي الدائر في المجتمع العراقي , فالكاتب لم يستطيع ان يلمح حتى نور شمعه ذاويه في  نهاية النفق المغلق الغارق في السادية والإيغال في القتل والحرق والخراب , وهذا امرا غير ممكن في كل تاريخ الشعوب ومنها الشعب العراقي رغم ما يطفو على السطح من مظاهر التخلف والخنوع والجهل واللامبالاة , وهذا مما لا يحسب في صالح الرواية عراقيا وان كان يمثل بعض مما يسعد ويفرح العقل الاكبر ومدبريه ... لم يؤشر  لا من قريب ولا من بعيد الى ارهاصات تكون  وبدايات تبلور وعي  شعبي ومجتمعي حداثي مدني جديد ، يحاول ان يكون البديل الاصلح لتحول ديمقراطي مدني ناضج ، وقد تجسدت فعالياته في نشاطات جماهيرية ومنظمات مجتمع مدني ضد الطائفية والعرقية وضد الفساد وهدر المال العام والدفاع عن حقوق الانسان  مما كان جديرا بالكاتب ان  يشير الى هذه الحركات  الواعدة بالتغيير  وهي حقيقة وليس افتعال  لا نريد للكاتب ان يفتعل ويصنع ابطالا  ايجابيين ،ولكن مهمة الادب في مثل هذه الظروف مبعث للأمل  ودال لطرق ووسائل الخلاص والإشارة لمنارة  المستقبل وان لفها الظلم وغيبها الظلام ...
 من ولماذا وكيف خلق ((الشسمه))؟؟؟
 وهنا يثار  سؤال اذا كان دافع (( فرنكنشتاين )) هو الدافع العلمي لتخليق مسخه السوبرمان فما هو دافع تخليق (( الشسمه )) من قبل العتاكـ ؟؟؟
فما ذكر في متن الرواية كون الهدف استكمال جثة الضحية الاولى لغرض تسليمها الى الطب العدلي ,  وهذا عذر واهي وغير مقبول , فالمعروف ان الشرع الاسلامي يطالب بتغسيل وتكفين ودفن اي عضو من اعضاء الانسان وأشلاءه  حتى ((الاظفار المقصوصة )) ولا يجيز تركها في النفايات والازبال ...
كما لا يشترط ان يكون مكتمل الاعضاء مما يتوجب ان يعثر له على انف لتكتمل جثته ليستلم من قبل الطب العدلي ؟؟
فإذا كان (( فرنكشتاين )) عالم في علم الخلية والأنسجة وعلم الكيمياء , فلم يكن ( هادي العتاك ) مختصا بالتقاط ودفن اشلاء الضحايا ؟؟
وهنا تبدو قسرية وقهرية وظيفة  هادي العتاكـ للقيام بمهمة تهيأة (( مسخ  السعداوي ))لاستكمال حبكة السرد الروائي بما يشبه ((مسخ فرنكنشتاين)) !!! وان كان يفتقد للمعادل الموضوعي لهذه الوظيفة ، الهدف منها الاستفادة من  فكرة  مسخ ((فرنكنشتاين)) بما يشبه الاستنساخ لبناء جسد الرواية  وسهولة السرد......
الكاتب كان ذكيا في اختيار الانف كأخر اعضاء (( الشسمه )) لتعود اليه الحياة , وليمتلك القدرة على تتبع الاشخاص المراد التخلص والثأر منهم , فالأنف هو عضو التنفس  وديمومة الحياة , وهو عضو الشم لتتبع الرائحة والاستدلال على المراد (( انفي لا يخطأ )). لكن  في الوقت الذي  اهترأت فيه اغلب الاعضاء اما بسبب الثار من قاتليها , او لمضي الفترة القصوى لعدم الاخذ يثأرها , الا  الانف لم يبلى ولم يستبدل , رغم انه حافظ سر حياة المسخ وأداته في تعقب ضحاياه  مما يترك خللا في حبكة السرد  ويثير سؤال ...
مسخ السعداوي لم يشعر بالعزلة والغربة والرفض  المطلق ، بل كانت المواقف منه متناقضة تماما ، ففي الوقت الذي اثار فزع واشمئزاز وكراهية الاغلبية  ومنهم المتسولين الذين ماتوا خنقا في البتاوين ، نرى ان احدهم  يتوسله ان يقتطع اعضاءه من اجل  ديمومة حياته واستمراره في عمليات الثأر !!!!!
فعندما يشعر ((الشسمه)) بقرب نهايته   بسبب اهتراء اغلب اعضاء جسمه ((التقى بالصدفة ايضا بأحد الاتباع المؤمنين بأنه المخلص ، قاده الى بيته في حي الفضل ؟ ونجح في تجنب الجيران والأعين  الفضولية، وحين صارا داخل  فناء البيت دخل هذا المؤمن الى المطبخ وجاء بسكين كبيرة  وأعطاها للشسمه ، قال له انه  فداءً له، فليقتله ويأخذ منه الاجزاء التي يحتاجها كقطع  غيار )) (7)ص 236
نشهد مدى التعاطف الشعبي مع المنتقم المخلص ، نتيجة معاناته من الارهاب وعصابات النهب والسلب والقتل  المجاني ، وعدم ثقة الناس بالأجهزة الحكومية  لتحقيق الامن والأمان .
و يظهر مدى تشظي  بنية القيم لدى المجتمع العراقي والتقاطع الحاد في مواقفه وآراءه بين كره حد القتل وبين  ايثار حد التضحية بالنفس  من اجل تحقيق العدالة المفقودة ..... بالضد من موقف المجتمع الغربي من  مسخ ((فرنكنشتاين)) الموحد برفض وكراهية القبح مهما كانت مبرراته  غير مسموح له بالحياة  حتى من قبل خالقه ، في حين نلمس ان هناك تواطيء  كبير بين الثقافة المجتمعية الحاضنة للقبح والجريمة وبين  توجهات ((العقل)) الاكبر  المحتل في ادامة العنف  وروح الثأر وبين  السلطة  المخترقة والمتخادمة مع الاجنبي ومع عصابات الارهاب لديمومة  هيمنتها وسيطرتها على سدة الحكم ......... ((يتغير وجهه كل حين ....لاشيء يدوم معه سوى هذه الرغبة في الاستمرار، هذا هو مبرره الاخلاقي الوحيد )) كبير المنجمين (8)ص 334
(( بالنسبة للعميد سرور فان مشروعهم هو خلق هذا الكائن بالتحديد ، خلق هذا الفرانكنشتاين واطلاقه في بغداد ، الامريكيون هم من وراء هذا الوحش))(9) ص335
وهنا يبدو لي ان الكاتب  يخلط بين (( فرنكشتاين)) الخالق وهو العالم  الذي خلق  ((المسخ)) وبين المسخ نفسه ، بين  ((هادي العتاك))= فرنكنشتاين ، بينما  مسخه = الشسمه مرتدي  ملابس  دانيال  ابن ليشوا ، فلأمريكان  ارادوا ((الشسمه)) القاتل المتجدد الذي لا يموت  وليس  ((هادي العتاك )) الذي  هو وسيلتهم لتخليق هذا المسخ ، ((هادي العتاك )) الذي  سيشوه هو ايضا  ويلقى القبض عليه باعتباره هو ((المسخ الشسمه)) بغداد ، اثارت الرعب والهلع في نفوس الناس ، الذي هدد العملية السياسية  كلها بالانهيار ، عرضوا صورة كبيرة له من خلال عارضة الشرائح على شاشة كبيرة ، ونطقوا اسمه ، انه المجرم  هادي حساني عيدروس، من سكنة حي البتاوين في بغداد((هذا المجرم كان مسؤولا  عن عمليات قتل مروعة جرت على مدى العام الماضي  داخل داد ، والملقب  ب(( هادي العتاك)).)(10) ص347.
 السلطة المأزومة تخلق ((طناطلها)):-
وهكذا  دائما  تجد السلطات المأزومة  ضحاياها  ولتدعي انتصارها على الارهاب والإرهابيين ، ولكن  سرعان ما  تذهب هذه الادعاءات ادراج الرياح ، اعدم ابو طبر ولم ينتهي الاجرام ، قتل الزرقاوي ولم ينتهي الارهاب ، وها نحن  نقرء ونسمع كل   مقتل  مسئول ارهابي خطير ، وقد بلغ اعدادهم بالمئات  من القادة الخطرين والرؤوس المدبرة والمفجرة  ولكنهم سرعان ما يظهرون ثانية وهكذا تبقى  طواحين الارهاب والخوف تدور  وتسحق  عظام الابرياء .....
((وعلى الرغم من كل التاكيدات التي تطلقها الحكومة فان الناس صاروا ، مع كل يوم جديد ، على يقين اكثر بان هذا المجرم لن يموت ابدا))(11) ص335
لذلك فهو  وليد  طبيعي مشروع  للعناك يحترم ابوته ويقر به خالقا لا يطالبه بأي شي كما هي مطالب  مسخ ((افرنكنشتاين)) الذي طالب خالقه بان يخلق له انيسا  وشريكا  وزوجا يقر اليه ويحمله كل تبعات عذابه وبشاعته ورفضه من المجتمع, وهنا نعود لنؤكد رؤية الكتاب بان ((الشسمه)) هو موجود في كل منا في السلطة والمجتمع هو نزعة الثأر التي  لا تنتهي , وثقافة العنف والقتل المستترة في كهوف لا وعينا ما ان تجد ظرفا مناسبا حتى تخرج من عمقها ماردا مدمرا مبررا لنفسه كل افعاله وأعماله مما بلغت درجة  اجرامه  وعدوانيته وأكثرها   فاشية وخطورة عندما ترتدي  رداء وقناع الدفاع عن الدين والمذهب ونواميس السماء فتعمل على اقالة ((الله)) وتحقيق عدالته وحسابه  في السماء ،لتحل محله في  العقاب والثواب على الارض  ...
تغير الولاءات ونمو الطفيليات:-
يجري كل هذا العنف  ويشاع العنف والخوف في  البلاد  متوازيا مع ماجرت من  تبدلات  وتغيرات  في  النى الفوقية  المتناغمة مع البنية التحتية المنهارة ، فتتغير اسماء الاماكن ، واسماء المواليد ، والشوارع ، المطاعم  والساحات والفنادق  والمدارس والمستشفيات ، كما هي المظاهر والملابس....... فلتغيير  اسم الفندق من (( فندق العروبة الحديث الى 00فندق الرسول الاعظم )) حيث(( رفع فرج الدلال رقعة (( فندق العروبة )) بعد مغادرة ابي انمار بعشر دقائق . رمى الرقعة على الارض وداس عليها ، ثم صاح على  احد صبيته لكي يأخذها الى الخطاط فيمحو العروبة ، ويكتب رقعة  جديدة باسم (0 فندق الرسول الاعظم"))(12) ص280 .
 يشير الكاتب   بصورة واضحة  الى  تبدل  الاوضاع  والفكر السائد من الفكر العروبي القوماني الذي داسه  الدلال  بقدمه ، ليؤمن مصالحه  ويظهر ولائه  الى الوضع الاسلامي الجديد ليستبدل اسم العروبة باسم الرسول الاعظم !!!!!!
وهنا  يلاحظ القاريء انفلات خيط الحبكة السردية  من يد الكاتب ، فيكرر هذا الفعل  نفسه في زمنين مختلفين ، فقطعة الفندق كانت مزالة  عند حدوث التفجير  في ص 208 بينما نراه  يأمر عماله بإزالتها وقت التفجير  كما في ص 303.
الكاتب  ابدع وتميز في قدرته على صياغة المفردة  وامتلائها  بمعناها ، واستطاع ان يجعل القاريء  يأتلف ويعايش العديد من الاماكن  التي جرت فيها احداث الرواية  وأبرزها  ومركزها   ((البتاوين)) وساحة الطيران   وارخيته  وأسماء فنادق ومقاهي  لها  حضورها الفعلي ودلالاتها  الثقافية والتاريخية  في العاصمة بغداد  عبر تحولاتها التاريخية والاجتماعية  عبر العصور ،  وقد تناول العديد من النقاد هي الاماكن  والأزمان  بالتفصيل  في معنى  وأهمية ذلك  في متن الرواية  ودلالاتها .......
في الختام  يمكن ان نجمل ملاحظاتنا حول الرواية بالتالي:-
•    تماثل  فكرة  مسخ  ((فرنكشتاين)) ماري شيليلي  مع مسخ ((الشسمه ))تعتبر  مثلبة على الكاتب والرواية وكأنها عملية نسخ  تفتقر للأصالة .
•   الرواية لم   توفر المعادل الموضوعي لفعل ((هادي العتاك)) بتخليقه (0الشسمه)).
•   الرواية كرست الجانب السلبي في السلوك الاجتماعي للعراقيين .
•   هناك قصدية في  عرض  مظلومية الاخوة المسيح  في العراق ، رغم  ان العراقيين جميعا تعرضوا  للتهجير  والقتل  والترهيب  في ظل   الشد العرقي والطائفي .
•    الكاتب بذل جهدا   مميزا في  القاء الضوء الكاشف على العديد  من السلوكيات  والممارسات  سواء للطبقة السياسية الحاكمة   الجاهلة او للمواطن  العادي المهمش المستهلك  المستلب  .
•   اعتمد الكاتب اكثر من  اسلوب في كتابته  للرواية وهذا ما يحسب  له  ، ولكنه  لم يكن  مهتما  كثيرا في  كشف  الدوافع الكامنة وراء  سلوك  الفرد والجماعة  ضمن الحراك الاجتماعي العراقي مما ترك للقارئ حرية  التأويل  ودراسة البعد النفسي  للشخصية  في الرواية .
•   نجح الكاتب  لأسباب متعددة  لفت الانتباه  بشكل واسع لروايته  ، وإثارتها  للجدل  والنقاش والنقد مما يعطي للرواية والراوي  اهمية خاصة   .
•   
تحياتنا للكاتب  الروائي القدير الاستاذ احمد السعدواي  وألف مبارك  لحصوله على جائزة البوكر   العربي  ، وإضافته ثمرة  رائعة  لرياض الادب العراقي والعربي   وإطلاق اجنحة  طائره  الجميل   ل ليبني له عشا  في رياض الادب العالمي الرفيع......مع اعتذارنا المسبق ربما لسوء الفهم او خطل في التأويل والتحليل/ مع تقديرنا العالي للكاتب وللقاريء وأساتذتنا من النقاد والأدباء ....

المراجع:-
1،2،3،4  نصوص مستقطعة من رواية ((فرنكنشتاين )) لماري شيللي ط1\212. ترجمة نورا عبد الله.
5،6،7،8،9،10،11،12 نصوص مقتبسة من رواية ((فرنكنشتاين في بغداد))  للروائي احمد سعداوي ، منشورات دار الجمل، الطبعة الثانية2012.

85



النقطـــــــــــــــــــــــة   


حميد الحريزي




تركت لكم اوراقا ً
حبلى
بأفواجٍ من نقاطٍ
تبحث عن
 لونٍ
تبحث عن حرف
يأويها
تبحث عن  نار
تجفف  بللها
تبحث عمن يثبتها  في رحم
الكلمات
 
نقاط حيرى
تشكل دوائرَ
مستطيلاتٍ
مثلثاتٍ
خطوطاً متوازية
لكنها عجزت عن صنع
كلمةٍ
تسكن عشاً فوق  جبهة
سطرٍ في
دفترٍ
في كتابٍ
او في قصيدة ِ
حبٍ
منسيةٍ
2014

86
الانتخابات البرلمانية القادمة .. ألعراقي يبحث عن بديلٍ جديد

حميد الحريزي
من خلال عملية تحديث سجل الانتخابات التي قامت بها المفوضية المستقلة للانتخابات أظهرت الاستنكافية العالية للمواطنين  في الذهاب لاستلام  بطاقات الانتخاب الالكترونية ، رغم ان  بعض السلطات المحلية  اعتبرتها  وثيقة خامسة يجب  ان  يصطحبها المواطن العراقي معه في  اية معاملة في دوائر الدولة ،  ضعف هذه  الاستنكافية  إنما تدل على عزوف المواطن العراقي  من لعبة القوى السياسية  المهيمنة على السلطة في العراق اليوم ، والذي تأكد  له بالملموس وبالتجربة المعاشة طيلة  الفترة السابقة على عدم قدرتها على تجاوز أزمات الوطن والمواطن وتميزت بإحراز نسب متزايدة من الفساد المالي والإداري وكانت وبالتعاون  مع قوت  الاحتلال  قد أشعلت  نيران القتال  الطائفي والعرقي  بعد إن وضعوا أسس تقطيع أوصال الوطن فيما بينهم على أسس عرقية وطائفية مزدوجة عن طريق الفدرلة القسرية لأرض العراق حتى يرضي كل منهم طموحه المكبوت وسعيه للاستحواذ على كرسي السلطة والهيمنة وامتلاك المال والجاه بعيدا عن مصلحة الوطن والإنسان العراقي بما هو مواطن عراقي بغض النظر عن دينه وطائفته وعقيدته وطبقته وانتماءه العشائري وهو شرط عراق تعددي ديمقراطي مزدهر وموحد.
إن العملية الانتخابية باعتبارها ممارسة ديمقراطية فأن  إحدى أهم آلياتها ،تهيئة ظروف ومستلزمات وترسيخ  ثقافة الإنسان الفرد والذات  المتحضرة على أساس العمل والمهنة والمصلحة الشخصية الغير منفصلة عن المصلحة العامة والمحددة بها  ضمن الجماعة التي يرتبط أعضاءها بعلاقات العمل والمهنة والمحبة والوطن الواحد والأرض والثقافة المشتركة وليس بسلاسل التخلف والقطعنة الطائفية والعرقية والعشائرية.
إن لم  يتهيأ هذا الشرط ستكون الانتخابات لمجالس المحافظات  أو للبرلمان ومجلس النواب عبارة عن حساب ثغاء قطعان تساق بالجملة لتبصم بكل الألوان لراعي  القطيع ((المقدس)).وهذا  هو  ما يحصل بالفعل في أغلب البلدان التابعة والمتخلفة ومنها عراق اليوم والذي يفوق عليها جميعا كونه واقعا تحت هيمنة احتلال عسكري مباشر  في معرض تقييم فكرة وجوب أقدام الحكومة على إجراء انتخابات حرة وعادلة، في البلدان المتخلفة يرى  هينتجتون إن مثل هذه الصيغة في عديد من  المجتمعات الآخذة في التحديث غير ملائمة
(( فلكي تكون الانتخابات مجدية لابد من افتراض وجود مستوى معين من التنظيم السياسي.ليست المشكلة هي إجراء الانتخابات وإنما تكوين التنظيمات.وفي عديد من البلدان الآخذة في التحديث، انه لم يكن في اغلبها، تستخدم الانتخابات فقط لدعم القوى الاجتماعية المشتتة والرجعية، ولتحطم بناء السلطة) (1)
وهذا بالضبط ما حصل في العراق وخصوصا بعد الاحتلال واختفاء الديكتاتورية المركزة من كرسي الحكم لتعمل شراذم الطوائف والأعراق والقبائل تقاسمها لينتشر الديكتاتورين الأقزام على طول  ارض العراق وعرضها تحت مضلة تمثيل مصالح العرق والطائفة ورفع مظلوميتها.
كل هذا جرى ويجري تحت  مظلة ((الحرية)) و(الديمقراطية)) الأمريكية المسلحة
((المشكلة الأساسية في رأيه((هنتجتون)) ليست  الحريةlibertyولكنها مشكلة خلق نظام شرعيlightimiatepublic order. فبإمكان الإنسان أن يحصل على النظام العام بدون الحرية-كما هو حال نظام صدام وما قبله- ولكنه لا يمكن أن يحصل على الحرية بدوت النظام العام-كما هو حالنا الآن-،يجب إنشاء السلطة وإقرارها،قبل الشروع في الرقابة عليها)) (2)
 إما كيفية ومن ينشأ هذه السلطة؟ وفي ظل أي ظرف ؟؟ فهذه أسئلة أخرى ليس وقت الإجابة عليها الآن.
ونرى إننا لا يمكن إلا أن نسلم بما ذهب إليه(هنتجتون)- في مقولته هذه فالحرية بدون  نظام يرعاها ويقننها لا يمكن أن تكون إلا فوضى هدامة،و وضمن هذه المقولة نرى إن الماركسية و أحزابها الشيوعية التقليدية قد بررت قيام ديكتاتورية البرولتاريا التي ترى أنها تمهد لبناء الاشتراكية والشيوعية وزوال الطبقات الاجتماعية ومن ضمنها الطبقة العاملة وديكتاتوريتها سعيا  للوصول للهدف النهائي -الحرية- حيث إن الشيوعية تحمل في أحشائها مضمون وجوهر الحرية بمعنى تحرر الإنسان من  حكم الضرورة في أوليات حياته كالمأكل والملبس والسكن  والتعليم والصحة والثقافة والفنون أي سد حاجاته المادية  والروحية معا وتحرير العمل من عبودية رأس المال. وهو بالطبع لم يزل حلما اختلف الشيوعيون في وقتهم الحاضر حول طريقة الوصول إليه  فقد كانت التجارب السابقة تقوم  على  ديكتاتورية البرولتاريا بدون  برولتاريا بل عن طريق أولياء أمورها من قادة الأحزاب الشيوعية والماركسية آنذاك مما  جعل منها اسما  دون مسمى.
وطبعا الفرق واضح بين هنتغتون وماركس في هذا الشأن حيث يرى (هنتغنون )أبدية الدولة والسلطة بينما يرى ماركس حتمية زوالها واضمحلالها.
وعلى العموم فليس هذا هو  موضوع مقالنا ولكننا أردنا الإشارة إلى المستلزمات الواجب توفرها لتكون الانتخابات حقيقية وفاعلة وبالاتجاه الصحيح،فمن يلقي نظرة فاحصة على الأحزاب السياسية المهيمنة على الساحة العراقية منذ قيام الدولة العراقية ولحد الآن لابد ن يقر بوجود طوائف وعشائر وأعراق سياسية وليس أحزاب سياسية فحتى الأحزاب التي تدعي كونها أحزاب مدنية ولبرالية وعلمانية في الظاهر فهي  في واقع الحال مبنية على أساس القبيلة والقومية والطائفة بأضيق مفاهيمها فإذا انتمى رئيس العشيرة أو  رئيس الطائفة أو القومية إلى حزب سياسي والذي غالبا ما يكون هو مؤسسه انتمت إليه القبيلة واغلب أفراد القومية  أو الطائفة وبذلك ترى أن قبائل معينة أو طائفة معينة أو قومية معينة مهيمنة على الحزب الفلاني والأخرى على الحزب العلاني وهكذا أي الانتماء على أساس المجتمع الأهلي وليس المجتمع ألمديني المتحضر حيث تقام الأحزاب على أساس الطبقة والمهنة والمصلحة والشريحة الاجتماعية نابذة مخلفات وثقافة الطائفة والعرق  والجنس والتعصب القومي ومن يكون موضوعيا في  نظرته لابد أن يرى إن بعض أحزابنا  قيدت باسم قائد قبيلة أو طائفة  معينة منذ تأسيها ولحد الآن وقد أصاب هذا المرض حتى أحزابنا اليسارية والشيوعية واللبرالية هذا بالإضافة إلى شرذمتها منقادة لموضوعها  المتردي وغير قادرة  على تجاوزه وهذا هو سر قوة نقيضها الطبقي والفكري مما جعله يتمادى في صراع  أناني ضيق في سباق بين نفس الأطراف  لكي يحصل على المزيد لنفسه دون غيره  فعطل وعرقل بذلك عمل البرلمان وعمل الحكومة  وبالتالي مصالح المواطنين وسلامتهم وأمنهم وحريتهم الموعودة.
فبدلا من رسوخ نظام المؤسسات ودولة القانون  أو سيادة قانون الدولة حدث العكس حيث اضمحلت الدولة وتناثرت سلطاتها وشرذمت مؤسساتها وحل التقاتل  والتناحر((بدلا من الاتجاه تحو التنافسية والديمقراطية ،حدث((تحلل)) الديمقراطية وتوجه نحو النظم العسكرية الأوتوقراطية ونظم الحزب الواحد، وبدلا من الاستقرار حدثت انقلابات وحركات تمرد عديدة. وبدلا من الترشيد والتمايز المؤسس ،حدث -بالتدريج- تحلل التنظيمات الإدارية الموروثة عن الحكم الاستعماري وحدث  إضعاف وتمزيق للتنظيمات السياسية التي نمت في غمار الكفاح من اجل الاستقلال))  (3)
 وأظن إننا  لسنا بحاجة إلى إضافة  لهذا الوصف في عراقنا  بعد الاحتلال  وقبله، ولكن  الذي نشهده ألان  اشد حدة ووضوحا وضراوة فقد أصاب  القوى  اللبرالية واليسارية النازعة  نحو إقامة دولة المؤسسات الديمقراطية، الحقيقية  الدولة المدنية الديمقراطية  الحديثة, أصابها الهزال والضعف وعم التأثير على ساحة الحراك الاجتماعي لتكون الساحة تحت تصرف وتحكم ((الأحزاب)) الطائفية  والعرقية.
لاشك إن هذه القوى كانت على درجة كبيرة من الحنكة والذكاء في إصرارها  على إجراء الانتخابات العراقية السابقة والحالية  من قبل القوى الفائزة فيها لأنها ضامنة فوزها بالأغلبية وضامنة مصالحها الآنية والمستقبلية وقد أغلقت بذلك الطريق باسم الديمقراطية وحرية وحق الانتخاب على  قيام حكومة  انتقالية ممثلة على أساس اجتماعي وليس على الأساس العرقي والطائفي وصياغة دستور من قبل لجنة مختارة  من ذوي الخبرة  والاختصاص في القانون المدني الديمقراطي  ومن أخصائي علم النفس والاجتماع والاقتصاد والسياسة ممن يؤمنون بحرية الفرد  وضمان حقوقه.وليس من قبل ممثلي الطوائف والأعراق والعشائر وقد كان لنا مقال بهذا الشأن بعنوان(( الانتخابات العراقية الحالية طريق المتاهة)) قبل إجراء العملية الانتخابية الأولى رغم إيماننا بمبدأ الانتخابات  في اختيار الشعب لممثليه.
وهنا نؤكد  نقطة مركزية هامة وهي عدم توفر الأساس الموضوعي لإجراء انتخابات حرة ديمقراطية ونزيهة في ظل احتلال عسكري واحتقان طائفي وعدم استقرار امني وواقع شرذمة طبقية كبيرة.
لا ندري   أولا:-كيف ستجري الانتخابات  وقانون الانتخاب ، يكرس المحاصصة العرقية والطائفية ، والعراق مقسم الى عدة مناطق انتخابية ، تكريس  الكوتا على اساس  جنسي وديني ؟؟؟
ثانيا:- عدم تشريع قانون الأحزاب السياسية بمعنى ليس هناك تعريف متفق عليه للحزب يتفق مع السمة الديمقراطية ليكون مؤهلا ومسموحا له لخوض العملية الانتخابية؟؟
ثالثا:- بقاء الدستور مشلولا لعدم إقرار صيغته النهائية رغم انقضاء السقف الزمن المحدد لذلك مما يعني عدم وجود دستور؟؟
، هذا الحال من الفوضى الهدامة الذي قامت عليه الانتخابات الأولى وما بعدها  وأبدته   طيلة السنوات الماضية ،القوى القابضة على السلطة وبالتخادم مع قوى الاحتلال الأمريكي لتحول دون انتظام عملية الاصطفاف الطبقي وترسيخ  واستدعاء الحس الوطني  النابذ للعرقية والطائفية والعشائرية. وان العراقيين أدركوا حقيقة هذه القوى ورعاتها ولم يشهدوا  قيام قوى ناهضة جديدة تتصدر لخوض الانتخابات تحت الراية الوطنية الموحدة والمعبرة عن مصالح اغلب الطبقات الاجتماعية المسحوقة والمهشمة والرازحة تحت مطرقة الاحتلال  وسندان البطالة  والمرض والجهل والجوع فيما يتمتع حطابوها بالدفء والقصور الباذخة بينما هي تحترق بنيران وعود كاذبة.
ترتد إبصار هذه الجماهير حاسرة مصدومة محبطة حينما ترى تشتت وتفتت  وتصارع  القوى التي من المفترض أن تكون ممثلتها لتقودها في مسيرة الكفاح الوطني والطبقي وصولا إلى طرد الغزاة وبناء  دولة الحرية والرفاه والديمقراطية، حيث تشهد موت البرجوازية الوطنية المنتجة فاسحة المجال رحبا أمام برجوازية طفيلية  وبقايا إقطاع جشع مستهلك وهذه طبقة ربيبة للاستعمار ومرتبط مصيرها بمصيره وهي الابن اللا شرعي  للإقطاع  من ظهر الرأسمال العالمي المتوحش.
إن ضعف الطبقة العاملة العراقية وحلفائها من الفلاحين الفقراء والكسبة ارتباطا  بالفقرة الأولى ونتيجة لها متحولة إلى حثالة من البرولتاريا الرثة والبائسة والجاهلة مولدة جيوش من العاطلين والطائفيين والسراق والجلادين والمحبطين والقتلة وأدوات رخيصة  بيد قوى الاحتلال والاستغلال وأذنابهم.
بالإضافة إلى هذا ، الطبيعة المشوه للطبقة المتوسطة في البلدان التابعة  وخصوصا بلدات البترول حيث ارتبطت هذه الطبقة  بالدولة وليس بعجلة الإنتاج وتربت على  الدخل المتأتي من  عملها البيروقراطي الراكد في دوائر الدولة التي تدفع مرتبات  موظفيها وأجهزتها القمعية من واردات البترول الخام وليس من العمل الصناعي والزراعي المنتج.
كل هذا أدى ويؤدي إلى كبح وقمع أي تحرك ونمو ونهوض حركة وطنية واعية وبذلك فهي لا تريد أن تنزع عن عيونها عصائب ،التضليل والتجهيل التي عصبتها بها قوى الاستبداد والطائفية والعشائرية والرأسمال الجشع.
هذه الجماهير البائسة التي هي وسيلة وأداة وهدف قوى العدل والديمقراطية والتحرير والمساواة في كفاحها ضد الاستعمار والاحتكار.
 أن الوجه الإرهابي القذر والمجرم  الذي  يدعي المقاومة  للوضع القائم كواقع احتلال واستغلال أفقد أحرار العراق الحقيقيين سلاحا هاما من أسلحتهم، حيث أصبح من الصعب الفصل بين الخيط الأبيض والأسود  في  سواد حالك يلف الجميع إلا لمن امتلك وعيا عاليا وتجربة غنية ،وعركته سوح الكفاح الوطني والطبقي ليميز ويحدس أين هو وفي إي اتجاه يسير ومن أي باب يدخل ومن أي باب يخرج ومن هم أعداء الشعب  ومن هم أصدقائه.
ملخص القول إن المواطن العراقي يمر بمرحلة التفتيش عن البديل الذي يمثله ويعبر عن مصالحه ويحقق طموحاته ، البديل الذي هو  في دور الصيرورة والنمو والنضوج،و تتحمل النخب الواعية  والمثقفة مسؤولية  الإسراع في إنضاجه واكتمال نموه، عندها تكون بمستوى وطنيتها وإنسانيتها متمثلة التاريخ المجيد للمناضلين العراقيين ممن نذروا أرواحهم من اجل حرية ورفاه وكرامة وسعادة هذا الوطن ، وهذه المهمة تتطلب منها أن تنسق برامجها ونشاطاتها أن لم توحدها لتسريع قيام تنظيماتها وتعد برنامجها الكفاحي المتميز عن البرامج الديماغوجية للقوى الطائفية والعرقية التي تملأ الشارع العراقي  بلغو فارغ حول الديمقراطية والرفاه والأمان لأكثر من خمس سنوات ولم تنتج غير المزيد من الأزمات والمآسي والقهر والتخلف.
إن فساد الموضوع يتطلب وعيا عاليا من الذات/ الفرد، والذات/ الحزب ، لمسؤوليتها في المرحلة الراهنة ليصوت لها الشعب كجبهة مقاومة وطنية وطبقية تنشد الحرية والرفاه والتقدم والسلام وبدون ذلك  سيبقى وطننا أسيرا وشعبنا كسيرا ووضعنا مؤلم وسيادتنا منتهكة وثرواتنا مسروقة وحرياتنا مصادره وقد اشرنا إلى البديل الذي نراه مناسبا والمتمثل بتحالف قوى اليسار العراقي كراس حربه ليتنكب راية الكفاح الوطني والطبقي متحالفا مع كافة القوى الوطنية  والديمقراطية الحقيقة لتحرير الأرض والإنسان من دنس وشر  قوى الاحتلال والاستغلال الخارجي والداخلي.
إن الاستنكافية العالية للجماهير عن المشاركة في الانتخابات إنما هو تصويت معلن وواضح على فساد وفشل العملية السياسة وقادتها في المرحلة الراهنة، وبذلك فان وعي الجماهير سبق وعي  النخب السياسية  في وحدة الموقف والهدف ولكنه يحتاج إلى التنظيم والتنسيق والتوجيه السديد وعندها ستخلق الجماهير المعجزات لبلوغ أهدافها المنشودة  المعبر عنها في برامج واضحة بعيدا عن  الشعارات الزائفة وذرف  دموع التماسيح من اجل كسب  منافع شخصية ضيقه... هذا هو نداء الشارع العراقي  فهل من مجيب؟؟؟؟؟؟؟؟
 
*د.اسامه الغزالي حرب- الأحزاب السياسية في العالم الثالث-  ص36وص37- عالم المعرفة الكويتي


87
شتان بين المناقشة و ((المداعشة ))

فداعش  لايعرف غير الموت  والدمار ، داعش  يرى انه الفرقة الناجية  والبقية كفار ، داعش  لاينتظر يوم القيامة   داعوش  الى الارض  ينقل  النار ، داعش  هو الاعلى  فقد صادر من الله القرار ، داعش  عالم الغيب والاسرار،  لايحتمل  الانتظار ، فداعش جحش وداعوش حمار......... نتمنى ان  نتجه  الى العقل  والمناقشة ونرفض  ثقافة   وتعنت  المداعشة .

88
قيامة  داعــــــــــــــــش
حميد الحريزي
حرائق   حرائق    
حرائق في   لبنان
موت   ودم
صراخ  وهم
حرائق  في كل مكان
في العراق
في مصر
في اليمن
في سوريا
في كل  بلاد العربان
تستعر النيران
هل  هو خوف  من الانجماد ؟؟
ام هي  حملة لاحتلال  مراجيح الصبيان ؟؟؟
في بيروت الحبيبه
في سوريا   الخصيبه 
في تونس الخضراء
في  قاهرة السماء
وفي جحور ((وادي حوران))*
بين ثنايــــــــــــــــــــــــــــــا ((الفلوجه))
يتوضئون بالدماء  ويكبرون
ضاجعتهم
 الشياطين
تديِّنٌ  بلا دين
نفرتهم الوحوش
سئمتهم الجحوش
مزقوا كتاب الله  وقدسوا
السكاكين
قالو لصاحب الجلالة :-
نحن  من كتب الكتاب
انت تستريح
ونحن  نقوم  بالحساب
الجنة  محجوزة  لنا
حتى وان كنا قرادا  او اولاد ((غراب))
بالقتل والزيف والرياء
نحظى بعشاء  الانبياء
 قال  لنا  ((الامير))   
كلها   في حكمنا   سواء
الاطفال والشيوخ والنساء
هكذا  فهمنا الزئير
لكي   نرضي الســـــــــماء
لابد ان  نسفك الدماء
ونشعل الحرائق

•   وادي حوران   :- منطقة  في  صحراء الانبار   ضمت حشود ((داعش))  .


89
شتان بين المناقشة وال ((مداعشة ))

فداعش لايعرف غير الموت والدمار ، داعش يرى انه الفرقة الناجية والبقية كفار ، داعش لاينتظر يوم القيامة داعوش الى الارض ينقل النار ، داعش هو الاعلى فقد صادر من الله القرار ، داعش عالم الغيب والاسرار، لايحتمل الانتظار ، فداعش جحش وداعوش حمار......... نتمنى ان نتجه الى العقل والمناقشة ونرفض ثقافة وتعنت المداعشة .
الحريزي حميد



90
المصـــــــــــــادرة*

أخيرا أقنعه أصدقاؤه ، في  حضور وليمة السلطان، اختنق بمراسم الترحيب وحبات الذهب المخلوطة  مع  حبات الرز ، لحم الخراف المحشية، عاد لداره  دون أن  تمس مبادؤه ، كتب، حاول ان يقرأ، لم يسمع صوته ، حاول ثانية  وثالثة فلم يفلح،  ظن انه اصيب  بالصمم،   لكن من حوله  لم يسمعه أيضا ، تبين ان لسانه  مثقلا بحبات الذهب ،فلم يقو  الا على عرض مكرمة السلطان.....

•   النص بعد التصحيح   من قبل  الادباء في  ((رحاب النقد الادبي ))


   Houda Aizel‎‏
مقاربة جمالية في قصة المصادرة لحميد الحريزي
بقلم :د/هداية مرزق
اولا: القصة
اخيرا اقنعه اصدقائه في حضور وليمة السلطان، اختنق بمراسيم الترحيب وحبات الذهب المخلوطه مع حبات الرز، لحم الخراف المحشية، عاد لداره دون ان تمس مبادئه، لم يساومه السلطان ، كتب ، حاول ان يقرأ، لم يسمع صوته حاول ثانية وثالثة فلم يفلح ، ظن انه اصيب بالصمم، لكن من حوله لم يسمعه ايضا، تبين ان لسانه مثقلا بحبات الذهب، فلم يقوى الا على عرض مكرمة السلطان.
ثانيا : الدراسة
تشدنا القصة القصيرة جدا بما تقوم عليه من اقتصاد لغوي وتكثيف ، وتدهشنا بمفارقتها التي تجعل القارئ يعيد القراءة ثانية وثالثة في محاولة لربط العلاقات وفهم القصة والتي على قصرها تقوم على حمولة دلالية اكبر بكثير منها، وهذا ما يجعل امر دراسة نص القصة القصيرة جدا اصعب بكثير من دراسة اي نص، فهي قصة بكل ما تقوم عليه هذه اللفظة من معطيات فنية، وعناصر قصصية، وهي قصيرة جدا، بما تقوم عليه من تكثيف واختزال ومفارقة ...ليبقى الصراع قائما بين النص والقارئ الاول/ النص متمنعا ومتشبثا بتكثيفه ومسكوتاته، والثاني/القارئ بتحديه وكسره لمحظورات النص القصير والكشف عن خباياه.. ولان القصة القصيرة جدا احد اهم الفنون السردية المعاصرة ، واصعبها في الان نفسه،ونظرا لما يتمتع به النص القصير من دقة في التعبير عن الفكرة التي تحتاج الى تقنية كبيرة في القراءة، لما ينطوي عليه النص المكثف من " حساسية بالغة في تشغيل طاقة السرد وامكاناته وآلياته الى اقصاها، على النحو الذي ينتج نصا مثيرا ومدهشا وعميقا" وهذا ما نجده في قصة ( المصادرة)، والتي تنتمي الى هذا النوع من القص، بما يتميز به من حذف، وتكثيف واقتصاد لغوي ( تشكيلا وتعبيرا وتدليلا)، وهذا ما يمنحها خصوصيتها من اول لفظة /العنوان بما يحمله من اهمية تكمن في مركزيته مقابل مساحة سردية قصصية ضيقة ...فلفظة المصادرة تحيل على عدد من الدلالات، وتوحي بتعريفها انها تحيل على مصادرة شيء محدد قد يكون مصادرة الرؤية، او الفكر، او حرية التعبير ، او الحد من حرية الانسان في اخذ القرارات، وكلها دلالات يمكن ان تنطوي عليها لفظة العنون، وتشع من خلالها على النص، كما انها تنطوي على معنى الممنوع، فرض الرقابة... وغيرها وهذا ما يعطي القصة بعدها السياسي والاجتماعي، ويحيلنا من خلاله على واقع معين، ومن المؤكد ان الكاتب يعي ما للعنوان من اهمية فجعله جامعا للدلالات، الامر الذي يجعله " يتصدر فعالية القراءة ويستحوذ على جزء كبير من اجراءاتها التأويلية"، ليس هذا فحسب بل تتصدر الجملة الاستهلالية النص وتشي ببعض خفايا يبدأها القاص بلفظة اخيرا فيقول: (اخيرا اقنعه اصدقائه في حضور وليمة السلطان)، جملة استهلالية " تشتغل على فاعلية التركيز العلامي وتبئيرها في منطقة حيوية" اول عبارة تقابل القارئ وتجذبه للدخول الى النص عن طواعية، ما يجعلها موجها قرائيا عالي الدلالات وهنا يمكن ان نضع علامة استفهام لماذا بدأ القاص جملة الاستهلال باخيرا ...اي ان المسكوت عنه مجموعة المحاولات السابقة والتي باءت بالفشل...فلفظة اخيرا تأتي ردا على طول انتظار، وتوظيف كهذا يخلق حالة انتظار لدى القارئ، وترقب لما سيأتي او ما تحيل عليه الجملة لمعرفة الاسباب والمسببات، عله يدرك دلالة وجودها في بداية القصة بوصفها عتبة ذات قوة تدليل اشارية على سابق حدث لا وجود له...ورغم انها تنحو نحوا تلخيصيا مركزا نظرا لقصر القصة؛ الا انها تفي بالمطلوب،كما ان التركيز على "فعالية التوتر السردي في هذه العتبة" يجذب القارءئ ويفعل حساسيته القرائية وهي عتبة زمانية بما تحمله داخلها من احالة على الزمن الماضي ضمنيا من خلال فعل الاقناع والاستجابة التي جاءت بعد تفكير ربما وبحث عن القضية والاقتناع بها واعلان القبول، اي اننا نبني على ما كان، وما لم تنطق به القصة ، وهذا ما يدفعنا لان نمضي سريعا الى داخل المتن متفحصين لنجد النص يختزل الزمن وصولا الى:( اختنق بمراسيم الترحيب وحبات الذهب المخلوطه مع حبات الرز، لحم الخراف المحشية، عاد لداره دون ان تمس مبادئه)ما يوحي بان السلطة الممثلة بالسلطان تساوم وتحاول بكل الطرق ارضاء الجماهير، لتبقى هناك استثناءات مثله ترفض الانصياع للسلطة التي تمتلك حلولا اخرى للاقناع والتحايل ( شبع الفم تستحي العين)، وقد سعدت الشخصية لانها لم تتخلى عن مبادئها ولم تنصاع للسلطة لتبقى علامة الاستفهام قائمة في دلالة حبات الذهب التي اثقلت اللسان وأخرسته، اي ان العلامة القصصية في عتبة الاستهلال اشتغلت عميقا داخل النص، وعكست اثارها عليه وهذا في عرقلة الشخصية/الماضي/ المبادئ، والشخصية/الحاضر/التورطـ، لتكون النتيجة مذهلة ومدهشة للقارئ الذي يتورط مع الشخصية ويصاب بعدوى الصمت اللاارادي، حيث يظهر القاص وعيا تشكيليا ودلاليا .. ليوظف اخر لقطة خاطفة تخلق المفارقة وهي انه اصبح لا يستطيع ان يتكلم/تقييد حرية التعبير، ولا يسمع/حتى لا يتأثر باراء الاخرين لتقضي القفلة على اخر ما يمكن ان يبق للقارئ من تكهنات حول المسكوت عنه عندما يصرح بان حبات الذهب التي اكلها هي التي اثقلت لسانه، لتحقق عتبة الاقفال مفارقتها وادهاشها للقارئ عبر التحول الذي طرأ على الشخصية، مع ما تحمله من دلالات الاستلاب والسلبية ... ليبقى النص محتاجا الى تصويب في لغته لوجود اخطاء سقطت سهوا او طباعة او ...او... تحياتي للمبدع القاص الاستاذ حميد الحريزي


91
المحاصصة  بين المناقشـــــــة  و ((المناقصـــــــــــــــــــــة ))......

من المسلم به ان البشر  لا يمكن ان  يتفقوا على  اتفاق كامل  ، ولابد من  وجود  اختلافات واجتهادات  بين  المتحاورين ،  تستدعي  اول  ما تستدعيه  ان  يصغي كل طرف  الى رأي الطرف الاخر  ضمن سياق  حواري متوازن  مبنيا على  الطرح الموضوعي  والحجة   ومقابلة الحجة بالحجة  ، وسماع البرهان  وأدلة الاقناع او الامتناع  وهذا ما نسميه  بالنقاش او المناقشة  الانسانية المنتجة ، ويمكن من خلالها  الى قناعان  متبادلة  والتوصل الى ما  هو   اصح  ........
ولكن  حين يكون هذا الاسلوب  مفقودا  بين  المتحدثين ومبنيا  على الصراخ  وكيل التهم  والتعصب  للرأي  ومحاولة الانتقاص من الاخر  والنيل من جرفه  الاعتباري  عبر الطعون الشخصية  الجارحة  والغير موضوعية  وتفتقد  للدليل  والبرهان المقنع  للطرف  الاخر ، مما يؤدي  الى تفاقم الخلاف ودخوله  الى مطيات  خارج موضوع  المناقشة ، وهذا  ما يمكن  ان يسمى  ب((المناقصة)) وهو  بالضد من المناقصة  ، لأنه يهدف  الى الانتقاص من  المختلف  وقذفه  بما ليس  فيه ،  مما  يدخله في حالة  من الغضب  والشطط وبالتالي ضياع  الهدف  المرجو من  المناقشة  في   مستنقع  ((المناقصة )).....
وإذا اردنا   ان   نبحث عن سبب  هذه  الظاهرة  الخطيرة  وهذا  الاسلوب   الغير مقبول  في  النقاش  انما يرجع  الى :-
1-   هيمنة التعصب لفكر او دين  او معتقد  او  رأي  معين   باعتباره  فكر الفرقة   ((الناجية)) الوحيدة  ، والاعتقاد  بأنه  الاصح  والأكمل  الوحيد  وما عداه  ناقص ولا يستحق  الحياة  ولا  الاهتمام  او  الانصات .
2-    يعود  القسم  الاكبر لهذا النهج  في  التفكير  والتكفير انما يعدو الى ضعف الحجة وبطلان  الدليل  وفقدان البرهان  مما يجعل حامله  لا يمتلك سوى  اسلوب  التعصب والزعيق  والإقصاء بمختلف  الاساليب  ومنها  العنف  الاعتباري  او الجسدي  .......
3-    الجماعة او الفئة  او  الحزب   حين  تنتهج   اسلوب  ((المناقصة )) والإقصاء  والتجريح    لأنها  فئة او  طبقة  تعيش ازمة بنيوية   لا يمكنها تجاوزها  او الافلات  منها  ومثلها  طبقة ((القطوازية ))  المهيمنة على السلطة في العراق .
وللأسف الشديد  نرى  ان اغلب ما يحصل  بيننا  كإفراد  او كجماعات  او احزاب  وحركات  وما اليه  انما  تغلب عليه ((المناقصة)) وليس المناقشة  وخصوصا في ظل  المحاصصة  العرقية  والطائفية  المهيمنة  على سلوكيات الطبقة الحاكمة  ((القطوازية )) ، وانعكاساته  بالضرر الكبير  على كل  مكونات  الشعب العراقي ... مما ادى الى شيوع  ظاهرة الاقصاء  والعنف الغير مسبوق بين  الطوائف  والقوميات  والاثنيات  العرقية  والدينية ، مما ادى الى    تفاقم ظاهرة التعصب الطائفي  والقومي  الذي اصبح  حاضنة  مثالية  للإرهاب  المدمر وديمومته   على مختلف  المستويات  الانسانية  والاقتصادية ، وقد تؤدي  الى  نشوب حربا  اهلية  لا تبقي  ولا تذر .......
لذلك  يجب ان  نقف  بقوة   بوجه  ثقافة ((المناقصة )) ونعمل لترسيخ  ثقافة  المناقشة ......
حميد الحريزي
 

--
تحياتي ومودتي
 
 
الحريزي حميد


92
أدب / لا يعني
« في: 18:55 12/11/2013  »



لا يعنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي



حميد الحريزي

ان   
تلبس السواد
لا يعني  
انك حسينيا
ان
 تكون  حسينيا
يعني
ان   يلبس قلبك
البياض
*
ان
 تشج راسك
لا يعني
انك تحب حسيناً
ان
تكون  حسينينا
يعني
ان
تفرغ راسك من
الخرافات
*
ان
تقيم  الولائم
لا يعني
انك
انتصرت  للحسين
ان
تنتصر للحسين
يعني
ان  تنتمي   لثورة
 الجياع
*
ان
تفيض عيونك
بالدمع
لا يعني
انك تأسى لمقتل الحسين
ان
تأسى لمقتل  الحسين
يعني
ان
لا تغمض  عينك  على
  ظلم.

*
ان
تصرخ باسم الحسين
لا يعني
انك حسينينا
ان
تثور  بوجه  الظلم
يعني
انك تمثلت مبادئ
الحسين
*





93
((حكاية الميمك الحزين ))
  تنـــــــــوع الاغراض  وجمالية المعنـــــــــــى
             
  
مجموعة  شعرية  للشاعر  المبدع ((جواد كاظم غلوم ))  صادرة عن دار العربية  للعلوم  ناشرون.  تضم  (129) نصا شعريا  منوعا  بين  قصيدة النثر والتفعيلة  والعمودي .... المجموعة مكونة من  ((134)) صفحة  من الحجم المتوسط .
تناول الشاعر  المبدع مختلف  الاغراض الشعرية  موزعة بين الغزل ، والوطني   وهموم الغربة   والغرض   التحريضي  التنويري ، الشاعر  كاغلب   ابناء العراق  من  المثقفين اللذين لم  يرفعوا  الراية البيضاء  بوجه  السلطة الديكتاتورية ، تعرض  هو وعائلته  للاضطهاد  والظلم  والملاحقة  والتشرد  في  بلدان  الغربة  والمنافي .....
((طائر الميمك الجبلي
زارني في الصباح
نقر الباب نقرا خفيضاً
كمن يستحي في الدخول
يستحي ان يقول  الكلام المباح
فاستراح ثواني
وانشدني مقطعا من اللحن )) ص 7 حكاية الميمك الحزين.

يتوجع الشعر  في وصف  ما وصل اليه الحال في بلده من خراب والم وقهر وزيف  وروح  اللامبالاة  والسلبية  التي تهيمن  على  الجمع  العام   في وطن  استباحته  الديكتاتورية  وتمكنت  من تدجين  وترويض  الشخصية  العراقية   بمختلف  الاساليب  ومنها  اشاعة ثقافة   ندب الحظ  وجلد الذات   والبكاء على الحظ العاثر   حيث  يقول :-
(( ونتلوا التسابيح والصلوات
نرتلُ ادعية العهر والفسق للميتين
نرتدي عِّمة الزيف للنائحين
وجلبابنا من مخيط الشياطين والمارقين
هكذا سنغدو معا سيدين
من دعاة الصلاح
نجيد البكاء  والنواح )).

وفي خضم هذه الالام لا ينسى الشاعر عاشق الحياة  ، لا ينسى حياته الشخصية ، العائلية  وعلاقاته الحميمية مع  ابناءه  واحفاده ، فمن لا  يحب الحياة   ومن لا يرتبط  مع   الناس  بعلاقات  المحبة  والتكافل  والتضامن لا يمكن ان  يكون ثائرا  ومحبا  للجمال  ، مقاوما وكارها  للقبح  والغربة ، وهذا  هو شاعرنا   يصف   سعادته    بكركرات  الاطفال  وبرائتهم  وطيبتهم ، مما  يفرح  الروح   ويسعد  القلب
(( يا لهذي الكركرات المؤنسات
تسلب الهم وتهديني الحياة
تفرح القلب ، تنبت الشجو الحاناً
واذكارا، دعاءً وصلاة)) ص65

بشوق الشاعر  العارم ، وتعلقه الذي  لا تحده حدود بارضه بوطنه بمدينته ببغداد الحبيبة  التي  دنستها اقدام  الطغاة والغزاة  يصف  الشاعر عبر صور   رائعة  مدى تعلقه   بمدينته   هذه  الدرة الضائعة  تحت اقدام الغزاة  والمحتليين  بعد  سحقتها    اقدام  الديكتاتور  ..
(( اتوق حتى  للتراب العالق في نعلك
 آه، لو كان بيدي
لأطرتك في  حائط قلبي
كي يراه القاصي والداني
لكم احبك ايتها الدرة الضائعة
تحت اقدام الغزاة
وعتاة  المنطقة الصفراء ))  ص 70 ((حضن بغداد و ... وجع المنفى )).

لايغفل الشاعر عن   وصف   اخلاقية  وسلوكيات  الديكتاتور  الذي  اذاق  احرار العراق   مر العذاب  ، انه  الاول  والاخر  ، لايخاف الله  ، لايعرف معنى   الحزن ولايتحسس   ردة فعل قلبه   وهو يقتل  ويعذب ويشرد  ومصاص  دماء ابناء شعبه  ووطنه
صدأ الديكتـــــــــــــــــــاتور
(( انا  لا  اخشى  ربي
لايغمرني الحزن
ولا استفتي قلبي
أنا من جاء  بمرتزق يقتل  شعبي
انا  مصاص الدم وخفاش الليل
وانا وشم العار  وزيت  الفسقِ)) ص83
الوطن

 بالم  واضح  يصف  الشاعر  حال وطنه  الذي  اصبح حاله  لا يسر الصديق  ، وطن  حرم  المباهج  واحتفى  بالحزن  والقهر  والبؤس
((غفران الوطن  أثم)) 85ص
(( انا  وطن  لا يسر  الصديق
لا يبيح الترنم  بالمبهجات ))
(( لقد بلغ السام حد الزبى
ايها القاتلون الزناة
اساخت وجوهكم ؟؟
مسخت
صرتم كالوحوش
وتسأاسدون على الملأ المنهك )) ص50
الفرح المؤجــــــــــــــــل

الامل   والفرح  المؤجل  دوما  في  واقع   تحفه  المخاطر  وتهيمن عليه  ثقافة المقابر ، الفرح  المؤود دوما ، الفرح  المختطف  من قبل   السلطات  ، من قبل قوى التخلف   والجهل ، من قبل   العادات  والتقاليد  والاعراف   المقيدة للحرية    وتطلعات  الحب  والعشق  والفرح
(( كلما تزينت
وشديت شعري
واكتسبت احلى ما عندي
مترقيا طلتك  الغائبة
تؤجل مجيئك حتى اشعار آخر)) ص60

هذا  الوضع والواقع  البائس   للمجتمع  المقهور  ،  مستلب الذات  ، تنتشر ثقافة القردنة والتسول  والضحالة  حتى تشمل   المثقف  الاديب   ليتحول  البعض  الى بوق  للسلطة  ،مداح  للملك  ومتزلف  للسلطان ، فتتكاثر طحالب   وهوام طفيلية  في الوسط الادبي  ومنهم الشعراء
((تأبيـــــــــــــــن )) ص62
(( دجل  وتسول ونفاق الشعراء
ازف  الوقت
تنادى النخاسون الى  حفل
لقراءات ذابلة  من شعر الكَ
علقت القاعة
اسدلت الاستار
ما  هذا؟؟؟
خصية شاعر
ام عورة  داعر )).

وبدلا من  ((ايها المدثر  قم وبشر )) الشاعر  المدثر  اللامبالي المتكاسل  الخامل   الذي  يعتزل  مجتمعه  ويستنكف  حراكه  الاجتماعي   ويتعالى  على هموم   طبقته وشعبه  قائلا :-
(( انت ايها المدثر  بغطائك الثقيل
الملتحف بالخمول
نم هانئا مسترخيا باحلامك الغائمة)) ص22.

  لا  يمكن  ان يوصف   الشخص  بانه   شاعرا   وهو لا يعرف  الحب  ،  ولايغويه  الجمال  ،  الانثى دوما  مثار   ملكته  الشعرية   وسقل   ذائقته  الجمالية  ومموسقة    قصائده  الغزلية  وهي   تتلو  اناشيد  الحب   والعشق  والهيام يسوح الشاعر  في عالم الحب والجمال ،  للشاعر  باع طويل  في   كتابة النص  الايروسي  حد الانكشاف  الكامل   ،  قول المسكوت  عنه  ، معلما   لمطارحة الغرام وفن  العشق  ومنادمة الحبيب   ، والذوبان في   متعة الجسد  ،  حيث   امواج اللذة  وعبق  القبلات   ،  واشتهاء  اللقاء  والتزلج الحر على  نعومة  الجسد  الطافح  بعلامات ودلالات  الاشتهاء والارتواء  والمتعة ، يعدد الكتب  وصايا   ويقدم  تعليمات   ويكشف  عن  معاني  سحر الجسد
(( اسفح بكاء على فيض  انوثتها ))  ص12
((سادخل كهفك الغائم بالالغاز
لعلك تغويني بملمسك المغزول
من حرير الاله
.........
شغفي لم يكتمل
الاب اخاديد انوثتك))
**********
 (( طوبى لمن لمس خدا اسيلا
وغازل طرفا كحيلا
وجس صدرا جميلا
وضم خصرا  نحيلا
وركب ردفا  ثقيلا
طوبى لمن عبأ امرأته فيضا
واخذ بعناقها قبل رفع ساقها
وبلل  ريقها قبل الوطء فوقها
واستحم بموسيقى جيدها
قبل التماس  نهدها
طوبى لمن تعلم الاصغاء لعزف  الجسد )) ص90 فصل متهتك في ((الهوى)).
 وصايا الجسد العشر  ص115
(( اريدك صافية كالمرايا
صادقة كالنبيين
ناعمة مثل ملمسك الحرير
مشتعلة كفورة النار
جريئة كصلف  الثائرين
هنا  ((اريد ان ارضع من قيحك )) *
 (( فزمهريره يجمد العصب والدم
وفردوسه يطيل الامد ويصلب العظم
وسعيره يذيب الشحم واللحم)) ص118
•   لا ادري هنا  كيف  انزلق   الشاعر   في بركة القبح  المقزز   بحيث  خلط الشهد  بالقيح  ،  خلط   شذى العطر  بالعفونة ،  خلط العتمة بالشفافية ،   الغلظة  بالرقة ....  تمنيت  ان  لا اقرء  كلمة (( القيح))  مرتين  وهي في  غير محلها   في  مجموعة  الشاعر  (( الميمك الحزين )).....
يطالب الوطن الحبيب الذي  لا  يغيب عن  نظر ابناءه في  المنافي وبلدان الغربة
(( الاتون الان  نجاتي
الباقون الان سراة القوم بناتي
فاهزج ياوطني جذلا
وامرح
قد جاء بنوك اليك )).  الاتون في الوقت الضائع  ص21.
(( واني واياه لمحترقان
الشاعر يصرخ بوجه الحزن والاكتئاب والقنوط ، لانها رديف الموت لاتأنسه سوى العناكب
(( حين يجيء الحزن بعكازيه المنخورين
تهلل العناكب  فرحا
تغادر زواياها العالية
وتفرش  شباكها
لاصطياد الاماني العريضة ))  احايين  ص25.
بمرارة كبيرة  وانعكاس  لمعاناة   لايحسها  الا من  عانى منها    من  احرار العراق  في ظل  الانظمة التولتارية   الفاشية  لعقود  من  الزمان  ؟، وخصوصا  في  ظل حكم الديكتاتور  البعثي  وزبانيته  ، حيث  قتل كل    جميل  الندى ،  الزهور  ،   المحبة  ،   قتل  الذائقة الانسانية    واشتهى كل  ما  هو قبيح  ومر   ودموي ، وقد غاب الود   والحنان  والحميمية   في  علاقات   الناس
(( يبز التلاحين، يبصق في الورد والغانيات
يحيل  الندى ادمعا باكيات
يشتهي المر والغث والموبقات
انا وطن مثقل بالجراد
غادر الفجر والسحر والخير
من امهات البلاد
فلا من حنو ولا من وداد )) ص86- غفران لوطن آثم .
دائما  خائبة مرتدة  مرفوضة مسروقة احلام  الشاعر  الانسان   المعذب   بجهنم   الجهل  والقهر والحرمان
 ((  اكلما يحقق قلبي هدفا في مرماك
بضربة عقربٍ نافذةٍ
يعده  صناع التصفيق  تسللاً)) وقيد هدفي تسللا  ص125
الناسخ والمنسوخ ص99
الثورة  الطموح بالتحرر   يهيمن عليها  الحاكم  يوجهها   حيثما يريد   يغتصب  الاحلام  ويكمم الافواه  ويصادر الاقلام  ، نثور نحلم  ولكن  وفق  مايشتهي   السيد المطلق
(( نشيد ثورتنا الغافية
بصحو جديد
ونسخ جديد
مثلما يشتهي  سيدي
لا كما  يشتهي
هؤلاء العبيد)).
وهنا   يبدو ان  الشاعر الواعي مرهف  الحس  يتنبأ   بمستقبل   وطنه   وبلده    اذ  ستهب عليه  رياح مدمرة  عاصفة   ستعمل  على تديره  ونهب ثرواته   ومصادرة  حريات  اهله  ،  فيقول  الكاتب  لا اريدك بمرارة من  يرى   بعيني  العارف  المصير الذي   ينتظر وطنه  وشعبه    لرياح  الشمال  الزاحفة  نحو  المنطقة بكاملها ....
الف تحية حب  وتقدير    للشاعر الكبير المبدع    جواد كاظم غلوم   ونحن نسبح في   بحر جمال  نصوصه  الرائعة ،   مع  اعتذارنا  الشديد  ان لم نوفق   في  القاء الضوء  او اغفال  جواهره ودرره   الرائعة  رغم  بريقها  وجمالها  الباذخ  ،  فقر  الخبرة   للعوم  في  مثل  هذا  البحر   الزاخر بالجمال  لابد  ان  تؤدي  الى  التقصير  في  احصاء   وتامل  الجواهر ..... ضيق  الوقت وحصار   توافه الحياة  تسلب منا  فرصة   التامل   والتفكر في    واحات  الابداع   ولاتتيح  لنا  الاستمتاع  بعطر كل  الزهور ولا بتذوق   طعم كل  الثمار  في مثل  هذه  الرياض  مترامية الاطراف ..   
 لااريدك  ص 103
 (( ستاتي الرياح اليك تبيدك
 لا انا بكل  امتنان نقول معا :
انا سيدي لا اريدك)) ص 105
عموما  اسعدنا    ((ميمك))  جواد كاظم غلوم    بجمال ريشه  وعذوبة  صوته  ورشاقة حركته  وجرأة  وغنى  شدوه

بقلم :- حميد  الحريزي
تموز 2013



94
((عتاوي )) الفضائيات .....!!!!!



حميد الحريزي

 واقع  العولمة  الرأسمالية  وتطور وسائل  الاتصالات  بما يفوق الخيال  ، فرض علينا بعض  المفاهيم  والمصطلحات التي  لم تكن  معروفة سابقا  ، وخصوصا ضمن قاموس الحس الشعبي الذي  يترصد مثل هذه  التحولات  بأسلوب  نقدي  تهكمي ساخر  ذو دلالة مكثفة  لإدانة السلوك ورفضه ،  من هذه المصطلحات التي  كانت ولا زالت  متعارفة   هو (( عتاوي  المطابخ )) والذي يدل  على  الافراد  اللذين  يترصدون الولائم  والعزائم  ،   والاستماتة من  اجل حضورها والفوز بأطايبها  بمختلف  الاساليب وبدون دعوة  وعدم الشروع  بأي  حرج  او  خجل ...  ان  يملأ كرشه  بالطعام  فوق  كل  الاعتبارات  خضوعا  لغريزته  الحيوانية  وانعدام  ذاته ووضاعتها ...
اما في  واقعنا  الحالي  وللأهمية الكبيرة  التي  يحتلها  الاعلام المرئي  والمسموع عن طريق  الفضائيات فتح  مجال  واسع  لحرية التعبير والكلام بمختلف  مستوياته ومضامينه سواء مع  السلطات او ضدها  ،ة سواء مع  الحق  والعدل  او ضدهما،  ان مثل  هذا  الاعلام  يمتلك  قوة  سحرية  هائلة  جاذبة  للنكرات   لتصنع  منهم  معارف  وأعلام  كبيرة  والعكس  صحيح  ايضا ، يستطيع  هذا  لام ان  يصنع   من  اتفه  الامور  قضية رأي  عام  هائل  الاثر  والنتائج على مختلف  المستويات ، هذا  الوصف   اثار شهية الكثير من  العناصر الانتهازية والنفعية  الساعية  لإشباع  غريزتها  ورغبتها في  السلطة والمال  والظهور بمظهر المهم  الفاعل  والزعيم  البطل  المخلص ، مما  يمكنها  من  دخول اكثر الابواب  انحطاطا وقذارة والتزاحم مع  العناصر  ذوي  المصداقية وأصحاب  المبدئية  لإزاحتهم للخلف والتصدر  على شاشات  الفضائيات  ، لإشباع نقص  الشخصية وجوعها  المزمن  للشهرة  وان  كان  على حساب  مصادرة جهود  الاخرين  لتكون  مضافة الى  علفها من اجل الوصول الى غاياتهم  التي لا يمكن ان تمثل  اهداف وغايات الصالح  العام  ، حيث   ينتهي زعيق  وبريق وبهلوانيات  مثل  هؤلاء حينما  تقدم  لهم  المكاسب والمناصب التي يرمونها لسد  نقص  الذات ودونية الشخصية  ،؟ كما  ان مثل  هذه الشخصيات تتسرطن وتتضخم  بشكل  غير  معقول  حينما يكون  الطريق  سهلا  ومعبدا  بالتصفيق وواعدا  بالمكاسب ، ولكنهم  يتقزمون وينهزمون كالأرانب  والفئران  حينما تهز السلطة عصاها ب وجوههم  او عندما  يشمون رائحة  المال مقابل  الخنوع والخضوع  ، لا بل  يتحول  بعضهم  الى اشد اعداء القضية  ومن  يتبناها   من  المبدئيين  والمناضلين  ،  ويقوم  بدور كيل  الاتهامات بمختلف  مستوياتها ودرجات  حقارتها   وزيفها  الى  رفاق  الدرب ،...
 وقد  ظهرت مثل  هذه  النماذج لتطفو  على السطح  وتظهر بمظهر  القيادة والريادة  اثناء الحراك  الجماهيري الواسع   في  الحملة الوطنية  لالغاء  رواتب وامتيازات   الهيئات  التمثيلية  وذوي  الدرجات  الخاصة والرئاسات  الثلاث ، هذا الحراك الذي   اكتسب شرعية ومساندة كبيرة من  قبل  مختلف الشرائح الاجتماعية نظرا لمشروعيته الواضحة  حق  مغتصب ومخالف  لقوانين  والأعراف  السماوية والوضعية ،  فبدت  كوجبة دسمة امام  انظار هؤلاء ناقصي الذات  والوطنية  والإنسانية  ،  فتنادت   اسرابهم   الممقوتة  جماهيريا   للتطفل  على  الحشد  الجماهيري  ،  وإدراكا  منهم  لدور الفضائيات التي   الجهد في  متحدث  يسد  حيز  شاشتها    وبالتخادم   مع  بعض  مدراء   مكاتبها   عبر  المال  او تزييف   وانتحال  الشخصية  من  اجل  تبر يزه في مثل هذه  الفعاليات  ليظهر بمظهر نجم  الحراك  الشعبي ، هذه  الممارسات اطلقت  مخيلة  الحس  الشعبي العراقي  ليطلق  على هؤلاء ب (( عتاوي  الفضائيات)) اللذين  ينطبق  عليهم  وصف  (( عتاوي  المطابخ ))......؟؟؟؟!!!!                                                                 

95

ماذا ينتظر الحملة الوطنية في الايام القادمة؟؟؟




حميد الحريزي


نتيجة جديدة وتصاعد وتيرة النشاط ضمن الحملة الوطنية لالغاء الرواتب التقاعدية والامتيازات لاعضاء البرلمان ومجالس المحافظات والمجالس المحلية وذوي الدرجات الخاصة والرئاسات ، فان الكتل والاحزاب المستفيدة تعمل على صعيدين
الاول :- اظهار حماسها لتلبية مطالب
الجماهير العراقية من اجل كسب ودها في الانتخابات القادمة وصعود رموزها ثانية للانتخابات .
الثاني :- تجنيد تابعيعها لركوب الموجة بمختلف الاساليب لعدة اغراض منها ، محاولة السيطرة على مقود توجهات الحملة بما لايضر بمصالح الطبقة السياسية الحاكمة وقطع الطريق امام اية قوة شعبية جماهيرية ستولد من رحم الحراك من الوصول الى قبة البرلمان في الانتخابات القادمة وبالتالي يكون لها دور فاعل في قيادة السلطة التنفيذية والتشريعية .
الثالث :- الترويج لخدمها ومريديها ليكونوا هم البدائل للاسماء المستهلكة وبالتالي الحفاظ على مصالحها والاستمرار بنهجها وهيمنتها بوجه جديدة لاتختلف عن سابقتها.
الرابع :- ان لم تتمكن هذه القوة من مصادرة الحملة لصالحها وعدم القدرة على الالتفاف على مطابها وهدفها المعلن ، ستزج بعناصر تركب موجة التطرف والتخريب للتحرش بالقوى الامنية او محاولة التخريب لاسعطاء المبررات للسلطة لقمع التظاهرة وقتل الحملة ووادها قبل ان تحقق اهدافها .
الخامس:- محاولة شق صفوف الناشطين وسط الطريق عبر طرح حلول ترقيعية وجزئية وعدم تلبية الهدف الذي من اجله كانت الحملة . كما انها قد تلجأ الى التشهير بالعناصر الناشطة والفاعلة في الحملة وكيل الاتهامات المختلفة لها كوصف فلول (( البعث )) او ((الشيوعية )) او ((العلمانية)) او تنفيذ ((اجندات)) خارجية... الخ للنيل من حماس الجماهير ونشر البلبة بين صفوفهم ، واعطاء السلطات الشرعية في قمع الحملة ......

لذلك نعمل ونامل ان يكون كل الناشطين على وعي تام وعلى بينة مما سيواجهونه في مستقبل الايام .
التاكيد على سلمية ودستورية واستقلالية ووطنية الحملة امر هام جدا لقطع الطريق امام من يريد ان يجهض الحملة والاساءة لناشطيها .

المنسقية الاعلامية للحملة الوطنية لالغاء  رواتب وامتيازات  اعضاء البرلمان واعضاء مجالس المحافظات  والمجالس المحلية في النجف الاشرف

96
أراء وملاحظات حـــــــول 
الحملة الوطنية لإلغاء  تقاعد وامتيازات
  أعضاء البرلمان ومجالس المحافظات  و المجالس المحليــــــة

                         

  يجري  الان  في الشارع العراقي عمل  وحراك شعبي  غير مسبوق   متصاعد  لتبني   مطالب الحملة الوطنية  لإلغاء  تقاعد وامتيازات  اعضاء البرلمان  وأعضاء مجالس المحافظات  والمجالس المحلية  حيث  تم اقرار  موازنة  2014   بمبلغ  هائل ((528)) مليار دينار  في حين   لا تزيد  ميزانية   وزارة الصناعة على  مليار دينار،   وهذا يعني ان كل   عضو برلمان يكلف خزينة  الشعب  سنويا   مليار  و 624 مليون دينار  حيث يكلف   كل واحد منهم  بالمجمل   اكثر من  135 مليون و 333   الف  دينار !!!
نقول  مع تزايد  المساندين للحملة  يمكن   ان  نلحظ التالي :-
 أولا :-  سوف    يكون هذا الحراك  محل  اهتمام   الاشخاص  والكتل  والأحزاب  المستفيدة  من  الرواتب  والامتيازات  المالية ، لا ننفي    وجود  البعض منهم  ممن  يحس  بتأنيب الضمير  وقد  يستجيب  فعلا لمطالب  ناخبيه  وعموم  جماهير الشعب  العراقي بالتخلي عن   راتبه التقاعدي  وبعضا من امتيازاته  الغير ضرورية ، ولكن الاغلبية  سترسم الخطط  والسلوكيات  من اجل ركوب  الموجة وإعلان تأييدها  وتبنيها    لمطلب الشعبي   للأسباب التالية :-
 نظرا  لقرب موعد  الانتخابات  البرلمانية  القادمة في 2014 ،  ولكي  يضمن  الفوز  وحصاد  الاصوات  سيعلن   هذا التبني   وهو واعي  للإمكانية تخليه عن التزامه هذا  ،  متبجحا  بضيق  الوقت لتشريع قانون يلغي  القانون السابق  مما   يتوجب ترحيله  للدورة الانتخابية  القادمة ،  وعندما  يعتلي   ناصية   مقعده في  الدورة القادمة داخل قبة البرلمان  يعود الى سابق  عهده  بالتملص  من   التزامه  ووعوده   لأنه لم يعد بحاجة   لهذه الاصوات  بل بحاجة لزيادة ثروته   وخزين دولاراته  وعندها   لابد  ان  نبدأ من  جديد   لتحقيق مطالبنا  ، وما يؤكد  تصورنا  هذا  استعجال   اعضاء الدورة البرلمانية الحالية  بإقرار  ميزانية   الدورة الانتخابية القادمة  في 2014  ، وكأنهم  لم يسمعوا  ولم يشهدوا  غضبة الشعب   بسبب  بذخهم   والمغالاة في  رواتبهم ومخصصاتهم  لا بل انهم في تحدي واضح  لإرادة الشعب  زادوا  الميزانية بما يقارب النص  على  ميزانيتهم  عام 2013 !!!!!
 لذلك يجب ان  تعي جماهيرنا  مثل هذه  المناورات   ومحاولات  احتواء  وتسفيه الرأي العام  العراقي  واستمرار عملية النهب السافر للثروة  الوطنية ملك الشعب وليس ملك البرلمان . نرى   انه يفترض   اتخاذ الخطوات الوقائية  والاحترازية التالية  لإفشال مثل هذه  المحاولات  ومنها :-
-   ايجاد  وسيلة  قانونية  او تعهد  ملزم  للبرلماني وعضو مجلس المحافظة  والمجلس المحلي  تلزمه  بالتخلي عن الراتب التقاعدي  والامتيازات غير المشروعة  قبل انضمامه للحملة .
-    التثقيف بعدم  دعم او  التصويت  لأي  من   اعضاء البرلمان  او مجالس المحافظات او المجالس المحلية  في الانتخابات القادمة  لمن  لا يعطي  الضمانات  الكاملة   بتخليه  عن راتبه التقاعدي  ومخصصاته  وامتيازاته .
ثانيا :- يجب ان تكون الجماهير  وقادتها  الميدانيين   حذرين جدا  من  توافد  الانتهازيين  والنفعيين  لركوب الموجة  ومحاولة تزعمها  لتحقيق  منافع   شخصية  وقد  يتخلون    عنها  في  اي  وقت   نزولا عند  رغبات  وإغراءات  ورشى  القوى المستفيدة من الرواتب  والامتيازات  ، مما  يسبب الاحباط   واليأس ثم التراجع  من قبل   قسم كبير من   مؤيدي الحملة  ومناصريها  وبالتالي   اسقاطها وفشلها .
ثالثا :- الحذر الكبير من   تصدر العناصر والقوى  المتطرفة والمغامرة  لقيادة الحملة  وتوجهاتها  وأهدافها المرسومة  ، او الخروج عن  سلميتها  وتحضرها  وتمسكها بالأساليب الديمقراطية المضمونة دستوريا ،  لان ذلك  سيعطي السلطات  المبررات  الكافية  لقمعها   وتشتيت  صفوفها  وإدخالها  في  صراعات جانبية لا مبرر لها .......
رابعا :  يجب ان  لا تسمح   جماهير الحملة وقيادتها الميدانية بألباس الحملة اية  رداء   ديني  او سياسي  مهما كان  وصفه  وعنوانه ، فالحملة  وطنية شعبية عراقية  بغض النظر عن  الدين  والجنس  والعقيدة  السياسية ، مع اننا   نستبشر خيرا  في تبني  هذه العناوين من مرجعيات  ورموز دينية وحركات سياسية ومنظمات  انسانية  لأهداف  الحملة ودعمها   بمختلف  الطرق  إلا  محاولة احتوائها  وتحييرها  لصالحها  ، فلهذه  العناوين   اساليبها وقنواتها في العمل  والدعم  والمساندة ،  ولا منع  من وجود   منتسبيها   ولاكن  بصفتهم الفردية  وليس  الدينية او السياسية او القومية ...... فالحملة  حاملة  دلالة  ومعنى الوحدة الوطنية  بكل   عناوينها  ولا يمكن ان ترتدي رداء ايا منها .
خامسا :-  لتلافي  الفوضى  في  العمل  والتنظير  والتصريح   يفترض  ان تستكمل  الحملة  تعيين    لجانها   المختلفة  كلجان  مركزية او مناطقية او على  نطاق  المحافظات  والاقضية والنواحي   لتضطلع بمهام  تداول الرأي  والتوجيه  والتنسيق   باقامة  الفعاليات  والنشاطات  والتعامل  مع   السلطات  المختصة  سواء اكانت  تنفيذية او تشريعية ، مع   تأكيدنا   لتجاوز البيروقراطية  وتقييد حرية المبادرة  وابتداع  الاساليب   الغير تقليدية   في العمل  الميداني  المباشر ،  كما نؤكد  على   ان يكون الشباب  في  المقدمة  لأنهم الاقدر على  العمل  الميداني  فهم القوة الاقوى   ولاشك  لا يمكن التخلي عن   اهل الخبرة من  ابائهم وإخوانهم  الاكبر سنا  ممن خبروا  طرق  ووسائل  الكفاح  الجماهيري  المطلبي   خلال مسيرتهم  الحياتية  والنضالية التي يمتلكها اغلبهم ......
سادسا :-  يجب التأكيد على عدم  تشتيت  المطالب   على الرغم  من  حجم المعاناة  التي  يعيشها شعبنا في مختلف  المجالات الاقتصادية والثقافية والسياسية والخدمية  وبالتأكيد هي على بال  كل المشاركين بالحملة  ولكن   هناك اولويات  وتوقيتات  يجب الالتزام بها    من اجل  عدم تشتيت الجهد  وبالتالي  اضعاف الضغط  والتأثير  مما يجر الى الابطاء في  تنفيذ المطالب ان لم   يتم رفضها ، ولنا في تجربة اخوتنا  في المنطقة الغربية  تجربة واضحة  في هذا المجال   وما  ادى اليه   سعة المطالب  ولا شرعية بعضها ،  وتسيد القوى  الطائفية   على قيادتها ،   الاثر  المدمر الذي مارسنه القوى المتطرفة على  سلمية الحملة   وتطوراتها ....
سابعا :- ان تكون  اوقات وتوقيتات ونوعية الفعاليات  مدروسة بشكل  جيد  مدروس  من مختلف  الجوانب   مع   حضور تصور واضح للمزاج الشعبي  ومدى  تناغمه  وقبوله  ومساندته للفعل  المقرر والفاعلية المقرة . على ان تتم عملية  تعبئة   علمية وعملية  يمكنها ان   تحقق نجاح الفعالية  مما  يترك اثرا  طيبا  وايجابيا بين  الجماهير وتحفزهم على التواصل  والمشاركة  المستمرة ...

ثامنا :-  ابتداع  الطرق والأساليب   الفاعلة من اجل تامين  السند المالي  لتكاليف   الفعاليات المختلفة   دون   الركون  لأي قوة سياسية  في التمويل   كي  لا ترتهن  الحملة   لمثل  هذه  القوة  بمختلف   الاشكال   والأساليب والادعاءات ، كما نؤكد  على اختزال  التكاليف  الى ادنى حد ممكن    والاعتماد  على  قدرات  المشاركين  في   تصميم  وطباعة وتوزيع  البوسترات  واللافتات   والفولدرات  وما اليه .......
 ختاما لا نريد ان   نسهب  ونكرر لما  لهذه الحملة من   اهمية كبرى   ليس فقط   من تحقيقها لهدفها  المباشر وإنما على مجمل  العملية السياسية  وتطوراتها  نحو الديمقراطية  الحقيقة ذات البعد الاجتماعي  ،   وترسيخ  ثقافة  العمل الجماهيري الواعي  كرقيب  شعبي فاعل في  تقويم الاخطاء في التشريع او التنفيذ  لتكون   هذه الفعالية بمثابة البرلمان الشعبي  الذي يعبر عن ضمير  الشعب  ووسيلته في  التصحيح  والبناء  ......
تحياتنا  مع التقدير  والاعتذار مقدما عن  زلة فكرية  او  تصور خاطئ   ربما لايرى  الاخرين فيه   الصلاح   ، وبالتالي  هو رأي   شخصي   قبل  للرفض  او القبول    او التعديل  والتبديل ...... فأننا نؤمن ان لا ثابت إلا المتغير  ولا قدسية   لنص او شخص  خارج  العقيدة الدينية .........

                 الناشط
حميد الحريـــــــــــــــــــــزي
        اديب وصحفي
رئيس تحرير مجلة  الحريـــــــــــــــــــــــــــــة



97

((قبضنا على المقتـــــــــــــول  والقاتل هرب))!!!!




سبق للقاعدة ان وعدت بعمليات نوعية في العراق تزامنا مع شهر رمضان لأنه من الاشهر الحرم لأنهم يرون ان الاشهر الحرم هي الاشهر الحمر ... حيث الدم .. دم كائن من يكون ويفضل ان يكون دم الفقراء والأبرياء وليس بالضرورة ان يكون دم اعدائهم الفكريين او السياسيين لأنهم بالتأكيد يريدون ان يحافظوا على عدوهم حاضرا وموجودا في كل حين وإلا  فما هو موجب وجودهم ولمن سيدخرون اسلحتهم سيوفهم ورماحهم وعبواتهم وأحزمتهم الناسفة ، كذلك فان غياب عدوهم وضعفه سيحرمهم  من العشاء مع رسول الله ((ص))
وهكذا نفذت القاعدة ما وعدت به فشهدت مدن العراق وخصوصا العاصمة بغداد انهارا من دماء الابرياء وتشبع هوائها برائحة شواء اللحوم البشرية التي شرحت صدور ((المجاهدين)) وحملتهم عواصف الدخان الى جنان الرحمن .....
وآخر غزوة  للمجاهدين  الانتحاريين  والانفجاريين  المسعورين هجومهم ((المظفر)) على قلعة القلاع    الاهو سجن  ابو غريب  وسجن التاجي  وتمكنهم  من    تهريب   اكثر من الف سجين  وقتل  العشرات  من  قوات  الامن  والشرطة  دون ان تتمكن منهم   القوات  الامنية  المرابطة ولا المستنفرة  التي    اظهرت  شجاعة فائقة في  قتل  المدرب  الرياضي  الكر بلائي  وكسر انف  الاخر  .....!!!!!
نخاطب الحكومة المظفرة ونواطيرها الاشاوس اين انتم هل انتم نيام ام ان اغلبهم مشغول بالغزل في ((موبايله )) سواء مع الله او مع حبيبته ؟؟؟
اين انتم  ايها   المخبرون السريون  وأين انتم  يا رجال  الاستخبارات  اللذين  تتباهون   بمسدساتكم  امام الناس  ، هل انوفكم  مزكومة  وأذانكم  بها  وقر  فلم تروا  ولم تسمعوا  ولم تشموا  خبر   هؤلاء القتلة  ؟؟؟
ما هي نتيجة المعركة اذا كنتم تلقون القبض على عشرة وهم يطلقون سراح الف من سجون  مركزية ، تدعون انها قلاع لا تقتحم ؟؟؟؟
 اين انتم  يامن  شهرتم  سيوفكم  وتفننتم في  اقفال  المقاهي  والنوادي   وادعيتم انكم تمتلكون ادق  المعلومات  عن   مرتاديها  ، هل   اصاب عيونكم  العمى  عن  تدبير   هذه  الكلاب  المسعورة  ؟؟؟
حميد الحريزي

98
اراء وملاحظات
حول  

((الحملة الوطنية لالغاء   الرواتب  التقاعدية لأعضاء  البرلمان  العراقي)




ينشط   في عموم العراق  ومنذ عدة اشهر   الالاف  من  المواطنين  العراقيين    نساء ورجا   ومن مختلف  الطبقات  والشرائح  الاجتماعية   ، لتعبئة  الجماهير العراقية  من اجل  تحقيق  هذا  المطلب  والذي  يمتد  الى  رواتب  مجالس  المحافظات  والمجالس المحلية  والدرجات  الخاصة  لكما  تشكله  هذه  الرواتب  من  نهب  واضح  للمال  العام  واستئثار  فاضح   بالثروة   بشكل غير مشروع  وغير مبرر  على حساب   عوز  وبؤس    الاغلبية الساحقة من  ابناء العراق ،  وتردي  الخدمات  العامة   من تعليم  وصحة  وسكن  وعمل  ورعاية اجتماعية ، وشلل  الصناعة  والزراعة وكافة المشاريع  الانتاجية في  البلد ....
اننا في  الوقت الذي  نستبشر خيرا   بهذه  الحملة   الرائعة   ونقف  بكل  قوة مع  اهدافها  النبيلة  ، واعتبارها خطوة  هامة  في طريق  توحيد  كلمة ابناء العراق   للمطالبة  بحقوقهم المشروعة   ،  ونبذ   حالة الشد  العرقي والطائفي  المقيت  الذي   يهدف  الى  تشتيت    جهود  العراقيين  وتزييف  وعيهم  وإبعادهم  عن قضاياهم  الرئيسية  التي تمس  حياتهم  ومستقبل  اجيالهم  ، وزجهم في  معارك  جانبية  تحت  غطاء التطرف  القوماني  والطائفي  مما يؤدي  الى  شرذمة الشعب  وتقسيم الوطن .....
نرى   من الضروري  جدا  التأكيد  على  النقاط التالية :-

1-    نتمنى على كل  الناشطين  بالتركيز على    هدف  واحد   مرحلي    مشترك  وعدم  تعدد  وتشتيت  المطالب  مما  يربك  العمل  ويشتت الجهود   مطلبنا   الان  هو  ((الغاء الرواتب  التقاعدية لأعضاء  البرلمان  العراقي   وأعضاء مجالس المحافظات  والمجالس المحلية )).
2-    نبذ روح  التفرد  والهيمنة   والادعاء بالزعامة  لفرد  او فئة او  محافظة او مدينة  دون غيرها  ،   ضرورة العمل  الجاد  والمنظم  لتشكيل  منسقيات   للعمل   وقيادته   وتنظيمه  في    النواحي  والاقضية  ومراكز المحافظات   ،   والعمل  على  التنسيق   والعمل  التكاملي  المشترك   في  المناطق    (( الفرات  الاوسط والمنطقة الجنوبية   والمنطقة الغربية  وإقليم كردستان  العراق  والمنطقة الوسطى ))    والاتفاق  على تشكيل  لجنة تنسيق   رئيسية   تنظم   وتوجه  كافة المنسقيات   الفرعية  مع   اعطاء  حيزا  واسعا من حرية التحرك  والإبداع  في    العمل  وابتكار الاساليب  التعبوية  لدعم الحملة .
3-    بالتنسيق  والتداول  الحر للآراء  وبعد  استكمال   اللجان    والوصول  الى قناعة   تعبوية    من   التفاف    اغلبية جماهيرية حول  الحملة    تنبثق  لجنة تحضيرية ممثلة فيها كافة المحافظات   العراقية  الناشطة للإعداد   لعقد  مؤتمر عام  موسع     تتم  من خلاله   تشكيل   وإقرار اللجنة التنسيقية   الرئيسة  واللجان  الفرعية   وتشكيل  اللجان  الاعلامية  ولجنة العلاقات  العامة   واللجنة المالية والإدارية    وتسمية ناطق  رسمي   للحملة ، على ان    يتم  تكليف  لجان  متخصصة  لإعداد  الوثاق   الهامة    الضرورية  لإنجاح  المؤتمر العام  وصياغة توجهاته  وأساليبه  وشعاراته .  وتكون  احدى اهم مهام  المؤتمر الموسع   التعبئة والإعداد  وتحديد  موعد  لتظاهرة  جماهيرية واسعة  لعموم  العراق   ولكل  محافظة ، ودراسة   اساليب    تواصل  المسيرات  والاعتصامات   وتامين  مستلزمات  انجاحها  من الناحية المالية  والإعلامية   والأمنية  والقانونية .
4-    وضع  الاليات  والضوابط    التي  تبقي  على الحملة بعيدا  عن  التسييس او الاحتواء من قبل اية  جهة سياسية  او دينية  ، مع  التركيز  على اهمية  ودعم   الاحزاب  والحركات  السياسية  ومنظمات  المجتمع  المدني  والنقابات  والاتحادات   والمرجعيات  االديني   والقبلية  للحملة دون  التدخل  في  شؤونها  او فرض  اية   توجهاتها  عليها .
5-   تبني الاسلوب   السلمي  والسلمي  فقط  في   نشاطات  الحملة  وعدم  فتح  المجال  لأي تطرف  من اي  نوع  لركوب   الموجة  وبالتالي  الاساءة اليه   وتشتتها  وإعطاء المبررات  للسلطات   بمنعها  او  قمعها .
تشكيل  لجنة من  القانونين  والحقوقيين   محامين  او قضاة  لمتابعة الاجراءات  القانونية   المختلفة لدعم  الحملة  ،   وتبني  الدفاع عن اي  فرد  او جهة تتعرض  للاعتقال  او المضايقة  او الاعتداء من  قبل  السلطات   الحكومية  ومؤسساتها  المختلفة .....
وإننا اذ  لم  نشير  الى كون  النشاط  الجماهيري  المباشر في  الساحات  والشوارع   والدوائر  والمحلات    هو الركيزة    وضمان  النجاح   الاهم   للحملة   لان هذا امر  لا يختلف  عليه  اثنان  وبدونه   لا وجود   لأية حملة او نشاط  شعبي  جماهيري  ضاغط  يتبنى مطلب  شعبي عام .

نتمنى ان    يتم  الانصات الى  ملاحظاتنا  وملاحظات غيرنا  الهادفة  وبصدق  لنجاح  هذه  الحملة الرائعة  ولتكون  فاتحة  لحملات  اخرى   تهم  الغالبية العظمى من  العراقيين  بمختلف    قومياتهم  وأديانهم    وأجناسهم  وطوائفهم ، لتتحول  الى برلمان  شعبي   فاعل   يراقب اداء  مؤسسات  الدولة  و يقوم   اخطائها  وهفواتها   .... ويقف   بقوة    ضد كل مظاهر الفساد  والإفساد   ومظاهر التهميش  والهيمنة  ومصادرة الحريات  العامة والفردية  ..........
مع  كامل  الود  والتقدير  لكل مبادرة    تهدف  الى  سعادة   وحرية ووحدة الشعب لعراقي   وضمان سيادة  ووحدة الوطن .


حميد الحريزي  
اديب  وصحفي  
رئيس  تحرير مجلة الحرية



99

النائب بين الامس واليوم

حميد الحريزي

يروي لي احد الأصدقاء انه كان يرى شخصا ذو هيبة وسلطان الا وهو يحمل حقيبة جلدية غالبا ما تعد له طاولة خاصة في احد ساحات المدينة بعد أن تنظف الأرضية وترش بالماء صيفا ليجلس هذا الشخص خلف هذه الطاولة مستقبلا ابناء المدينة من دون وسيط ولا مراسيم ولا حماية ليشرحوا له مشاكلهم وطلباتهم وتظلماتهم عاملا على تدوينها في أوراقه وأحيانا يستلم منهم عرائض وطلبات تحريرية ليرفعها إلى الجهات المسؤولة ذات العلاقة سواء في المتصرفية أوفي مجلس النواب في بغداد بعد أن يعدهم بسقف زمني محدد ليوصل لهم الجواب سواء بالرفض اوالتسويف اوالقبول حسب القضية أو المشكلة اوالخدمة العامة أو الخاصة المطلوبة. بالإضافة إلى ذلك كانت دار النائب ديوانا مفتوحا للناس من مختلف الشرائح والطبقات الاجتماعية ليتداولوا في مختلف الشؤون السياسية والعشائرية ومشاكل المدينة خصوصا وان النائب غالبا ما كان من شيوخ القبائل أو التجار من أهل المدينة او القرية ...
نعم هذه الصورة العالقة في ذهن صديقي والكثير ممن عاشوا تلك الفترة هي صورة النائب في العهد الملكي (المباد) الرجعي المرتبط بالاستعمار البريطاني. وبعد أن غمرتنا الثورات الشعبية بحرياتها وديمقراطيتها الشعبية على الطريقة القاسمية والعارفية وأكثرها شعبية وديمقراطية وثورية هي الديمقراطية الصدامية بشروط ميسرة جدا   فامطلوبمن أن يكون المرشح لمجلس النواب مواليا للحزب والثورة ويمكن تسهيل وتبسيط الأمر أكثر للنائب , وهو أن يكون مشهودا له بالولاء للقائد الضرورة (حفظه الله ورعاه) وبذلك فهو بالنتيجة سيكون من الأعضاء البارزين في حزب القائد الواحد, او من المسؤولين في جهاز الأمن أو المخابرات ومن أصدقاء الرئيس وحاملا لنياشينه . كان هؤلاء النواب مشهودين موجودين في المدن والأرياف العراقية يمكنك زيارتهم ومجالستهم وحتى مطالبتهم بما يرضي الحزب والثورة وبما يتلائم ولا يتلائم من انجازاتهم وأعمالهم مع توجيهات وتوصيات القائد الضرورة بمعنى أن لدى المواطن العراقي عليهم حجة وان عرف الطرفين إنهم جميعا طوع بنان السيد الرئيس. أما بعد السقوط لرموز ومؤسسات السلطة والدولة العراقية وتفككها وتفكيكها على يد سيء الصيت بريمر أسس ووضع ضوابط وقوانين المؤسسات للدولة (الديمقراطية الحديثة) ولكن باليات وأعراف ماقبل المجتمع المدني وفق مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية وجرت عملية الانتخاب والتصويت على النواب بالجملة لأفراد لاتعرف جماهير المصوتين لاأسمائهم ولاصورهم ولا تاريخهم النضالي الديمقراطي ولا تحصيلهم العلمي ولا رأسمالهم الاجتماعي تمت تزكيتهم بالجملة من قبل الطائفة أو العرق أو القومية التي نصبت اغلب هذه القوائم نفسها قيمة عليها وبذلك أصبحت أعلى مؤسسة تشريعية ورقابية في الدولة(الديمقراطية الحديثة) موزعة للهويات الفرعية لتزيدها شرذمة وتطرفا وتخلفا بدل إن تعمل على ترصين الوحدة الوطنية والهوية العراقية على أسس ديمقراطية حديثة وإن تكون الضامنة القوية .لتوزيع أسس العدل والرفاه والحرية وتأسس للخطوات العملية الناجحة لاستكمال السيادة الوطنية الكاملة وإنهاء النفوذ الأجنبي بمختلف أوصافه. ولكن الذي حصل هو تحميل أرقام القوائم على أكتاف المواطن العراقي المنهك بقوة العاطفة العرقية والطائفية لانريد إن نسهب في ذلك حيث كانت لنا رؤيا بهذا المعنى والمضمون تحت عنوان(الانتخابات العراقية - طريق المتاهة). لاشك إن هذا الوصف معروف ولكن الغير معروف أن يحتجب النائب عن ناخبيه فور وصوله إلى كرسي المجلس ولا يتمكن أن يراه المواطنين الا مع الوفود الرسمية وفي الفضائيات والذي غالبا مايصول ويجول فيها وهو في واد وناخبيه في واد بعيد عن معاناة الناس ومشاكلهم العامة والخاصة . اسأل هل رأى أحدكم نائبا في مقهى اومطعم اوشارع اوديوان او سيارة نقل عام اوسوق شعبي عام خارج المنطقة الخضراء اوخارج السيارات المدرعة والمضللة المحاطة بعشرات العناصر المدججة بالسلاح وأيديها على الزناد قد يلقي المواطن حتفه بقبلات نارية على صدره لورفع يده للتحية . ولابد لنا أن نذكر أفضال الكثير من السادة النواب علينا -الم يخاطر السادة النواب بأنفسهم وذهابهم للحج من اجل أن يغفر الله ذنوب الناخبين العراقيين وليس ذنوبهم هم كما يدعي الخبثاء فهم ارفع وأسمى من أن يرتكبوا ذنبا. الم يسرعوا بتحديد رواتبهم ببضعة آلاف من الدولارات وتركت عشرات ومئات من آلاف الدنانير للمواطن العراقي وزهدوا بمنازلهم والساحات والشوارع العراقية ليسكنوا (خرائب) وليست قصور وفلل الرئيس المباد وأزلامه في المنطقة الخضراء وحتى لايوصفون باستغلال أموال الشعب وثرواته بلا حساب بل استعانوا بإيجارات دورهم وإيرادات أعمالهم وأرباح أرصدتهم في داخل وخارج العراق لتؤمن لعوائلهم اللذين تركوهم يعيشون خارج العراق إيثارا منهم بعدم مضايقة المواطن ومشاركته دفئ النيران الجميلة في العراق ورائحة الشواء والبارود المنعشة في العاصمة بغداد ولا مضايقة اطفال الكثير من العراقين المتسولين المشردين في الشوارع او في طوابير الغاز والبانزين والنفط او في طوابير البحث عن عمل .ا الم ينشر بعض اغلب النواب غسيله (الديمقراطي) من خلال فضائيتهم الخاصة بما حصلوا عليه من أموال الناخب العراقي لاليستأثروا به لمصالحهم ومصالح أحزابهم ولكنهم ضحوا به لخدمة نشر ثقافة الحزب والطائفة وتسديد السهام الخفيفة والثقيلة ضد الآخر عدو الطائفة ورموزها من النواب الأبرار ليخرج السيد النائب من أستوديو الفضائية نظيف ابيض اليد والجيب. ادعوا من رأى منكم نائبا خارج الخضراء اوالبيضاء أو الملونة فليصرخ بأعلى صوته تعظيما وتقديرا وتبجيلا لعظم تضحيته وحبه لناخبيه. ومن يعرف لماذا سكت عدد من النواب في خطوة غير مسبوقة من الجرأة للدفاع عن حقوق المتقاعدين الذي مات قانونهم الجديد الموعود في مدارج البرلمان وهل ان ما ملأ اياديهم من رواتب ضخمة حالت دون امكانيتهم الامساك بملف هذا القانون المظلوم ليكون على طاولة المجلس الموقر ؟؟؟ ومن يعرف لماذا النائب اليتيم مثال الا لوسي . ( واستدرك لأقول إني غير مسؤول عن يتمه هذا لأني صوت لصالحه بالرغم من كوني ماركسي) أقول لماذا هو أكثرهم جرأة وصراحة ومشاكسة وواقعية وهل لا يخاف ان يحرم من زيادة نفقات تعويضات إجمالي رواتب مجلس النواب بمقدار 8-23 مليار دينار عراقي في المزانية الجديدة ليسكت ؟؟؟ أو بسبب صفاء ونقاء ونظافة الوجدان والضمير وهو يتعامل بنفس الحس والجرأة أمام الكاميرات وبدونها؟؟ حيث يحس المواطن العرقي إن الأستاذ مثال ملح البرلمان ولكن يبدو إن ماوصل إليه البرلمان لايمكن أن يطيبه ملح الالوسي!!!! وهل يحق لنا اليوم أن نتحسر على أيام أعضاء البرلمان أيام الملكية(من الرجعيين والإقطاعيين وعملاء الانكليز) ولماذا هم اقدر وأكثر إنتاجا من النواب(عملاء الأمريكان)؟؟؟!! هل يحق لنا أن نترحم على نواب المجلس الوطني ( الزيتوني) ألصدامي ونحن نرى ونلمس الواقع البائس الذي يقر به اغلب أعضاء البرلمان الأخضر أو متعدد الألوان والذي لم ينعكس على الشعب العراقي بغير لون واحد لون الموت والبؤس والبطالة والفساد المالي والاداري وصخب مضحك مبكي داخل قبة البرلمان.... الخ


100
حبيبتي  والنــــــــــــــــــــهر

حميد الحريزي

تَلبسُ  معطف   الفجر
حبيبتي
تتهادى رسل  عيونها على
تويجاتِ
نهر حَفِظَ قصة   حبها
على
((ظَهر  ضفة))
خلعت  الفراشات أقنعة َ
حَرَّجها
عاشت  حميمية  الغرام
رقصت لها  مياسم  قلب
اميرتي
اودعت  اريج  الزهور
قبلة  معطرة الكفوف
لعاشقٍ
  يرقب  من بعيد
عناق   نهر
 وحبيبه
كَّبَرتْ  مآذن الخدود
أن حي على الغرام
ان حي على عشق   تباركه 
  آلهة  الجمال
كما  النبع  لا يتوقف   شوق
 حبيبتي
غمزات الزهور
زفرات  الطيور
رقصات اسماك النهر
تقول
 حبيبته مع الموج
  تقرؤه آيات
العشق
أبلغني نسيم الصباح
قبلات  عيون حبيبتي
مد النهر ذراعيه  محتضنا
اشواقها الحرى
  سعيد
من  تلقن
  حبيبته اسمه  لمجرى   
نهر
يعانق  شمس
الصباح
*
ربيع 2013

101
البعوض ينتصر ل((الديمقراطية)).


منذ عدة اسابيع  وبالضبط مع   قرب   اجراء عملية انتخابات   مجالس المحافظات ، غزت دورنا  وغرف نومنا  اسراب  من  البعوض  ، شاهرة ابرها  الخارقة الحارقة الماصة  ، رغم ان   سيارة ((الدخان))  زارت  احيائنا  مرة او اكثر  ولكن دون جدوى  ، يبدو انها لم تتمكن  الا من اسالت دموعنا  فقط بينما قاومتها   بكفاءة وقدرة   اسراب البعوض ،  بعد  طول الالفة مع البعوض   كانت لي  صديقة  بعوضة   جميلة سمينة  ((مربربه)) سالتها   عن  سر ودوافع  مهاجمتنا  ونحن الفقراء   في مثل هذه  الفترة  فابتسمت  قائلة :-
 نريد ان  نجبركم  للخروج  والمشاركة  في الانتخابات   عبر لسعاتنا   التي  لاترحم .
فقلت  ولكن   ماهي مصلحتكم  انتم  في الانتخابات ؟؟؟
قالت  نحن معشر  الحشرات  اوفياء  لاولياء نعمتنا ،  وهؤلاء المرشحون    اولياء نعمتنا  ،  الا ترى كثرة البرك والمستنقعات في الشوارع  والساحات  وهي  كما تعرف  ساحات  اعراسنا  فنادق  خمسة نجوم  بالنسبة لنا ، كما انها  وفرة لنا   ولبنات جنسنا البيئة المثالية   للتكاثر   ومصدر لاينضب من الغذاء  الدسم ، الا تلاحظ اكوام  الفضلات والازبال  في  شوارعكم   وساحاتكم ؟؟؟
فبعد كل الذي  اوضحته   هل تستغرب  انتصارنا  للمرشحين  القدامى والجدد   واخراجكم من بيوتكم للمشاركة في الانتخابات ؟؟؟
ثم  شهرت  ابرتها  المدببة  حد   الرمح  ودقة راس السهم  وقالت :-
اسمع   وبلغ   ناسك  ان لم تستجيبوا  وتخرجوا    سنعلن عليكم النفير العام   فتهاجمكم كل الحشرات  والقوارض  والزواحف  من افاعي وعقارب وجرذان  وفئران وصراصر   ناهيك  عن   سحابات الذباب بمختلف احجامه  وقد  نستدعي   اسراب الجراد  ان دعتنا الحاجة  لاخراجكم من كسلكم  ولا مبالاتكم ... اسمعت؟؟؟
قلت سمعت   وفهمت  وها نحن نوجه  رسالة  ونداء الى كل   المرشحين  اننا نتعهد  بالخروج افواجا  ونبصم  ، لالا  بل نسبح  بالحبر البنفسجي  وسنرابط عند   صناديق الاقتراع  من الفجر حتى  الخيط الاسود ،  لانريد سوى ان تتركوا  لنا  فرصة للنوم المريح  وتتوقف    لسعاتكم  اللاذعة ...
فوعدتني خيرا  وستطرح الامر على اولياء نعمتها   وتراقب سلوكياتنا  عند ما يحين وقت الانتخاب !!!!!!!
الملسوع 
حميد الحريزي

102
من حكم ودروس المستبدين!!!

بقلم حميد لفته

 لايعرف المواطن العراقي من أين يبدأ شكواه ليشكوا همومه ،التي أخذت تتراكم  وتتزاحم كالغيوم الدكناء لتمطر على رأسه المزيد من الآلام والويلات.
هل يشكو من التهجير والتفجير ..ام من السلب والنهب  والتزوير  الذي بلغ أرقاما قياسية في العالم
هل يصدق  لجن النزاهة  ام يصدق رجال السلطة والوجاهة.
يروى ان  مستبدا أراد ان يختبر قدرة أولاده  على إدارة الحكم  من بعده فلربما يتطاول على حياته عزرائيل ذات يوم فمن يتولى شؤون الرعية من بعده وان كان ذلك اليوم بالنسبة للمستبدين  احتمال بعيد فهم في الحكم خالدين.
فأعطاهم قفصا مليئا بالفئران  وأمرهم بفتحه ، ففتحوه  عندها هربت الفئران  باتجاهات مختلفة داخل إيوانه الفسيح ،أمرهم ان يمسكوا بها ويعيدوها إلى القفص مرة ثانية.....وبعد محاولات عديدة وجهد جهيد من قبل الأولاد فشلوا من الإمساك بها...وبعدان أعياهم الأمر ابلغوه عن عجزهم  وإنهم  عاجزين  إمام هذا الأمر المحير.
فأمر بجلب قفص ثاني مليء بالفئران ايضا  وهي تتقافز بداخله....فقام المستبد بخض القفص خضا قويا متواليا..حتى همدت الفئران  متساقطة أحداها فوق الأخرى دون حراك  ..فقام بفتح القفص  فعجزت الفئران (المدوخة) من شدة الخض والهز  حتى ان تستدل على باب القفص ناهيك عن الإفلات والهرب..... قائلا بهذه الطريقة  فقط يمكنهم ان يسودوا لرعية.
فاكبر الأبناء والوزراء قدرة وحكمة ودهاء الملك المستبد وقدرته الفائقة في السيطرة على الرعية  عن طريق(تدويخها)
 ان للتدويخ وسائل وطرق شتى يجيدها الحكام والملوك  أطال الله بقائهم وأدام سلطانهم وعلا تيجانهم ورسخ بناء بناءهم.
فمن العصابات  الأسطورية الخفية  مثل أبو طير والكف الأسود  والحرب ضد الانفصاليين والعصاةة الكرد في الداخل   وأسطورة البطل القهار(عدنان القيسي)  إلى أزمة الزيت والطحين أو المعجون الشخاط  وحتى الملح ...حيث ينتقل المواطن العراقي .الخ. .فما ان تنتهي أزمة حتى تبدأ أختها وقد يؤتين توائم ثنائي أو ثلاثي أو رباعي (لتكون الدوخة اشد.
ثم ختمها قائدنا المظفر(بدوخة القادسية وأم المعارك وأم الحواس  ومن ثم تدلى من على حبل المشنقة.
وها نحن في عصر (الديمقراطية) والانفراج  بعد شنق (الديكتاتورية)  ندخل مسلسل المدوخات الديمقراطية المعولمة  المتوالية من المفخخات والمتفجرات  والزرقاوات والدوريات وخناجر وسكاكين المليشيات...إلى فقدان النفط والغاز والبنزين والسمن والرز والطحين...حيث استكثرت الديمقراطية على العراقيين البطاقة التموينية  ساعية على فك قيودها من معصم العراقي  لتحررها للطم خدوده يشكو الجوع والبطالة وليكشف ستره ويفتضح أمره بعد ان كانت البطاقة التموينية سترا واقيا  ضد الجوع والتسول مهما بلغت  رداءتها وعدم كفايتها  .
ثم جاءت اللطمة (المدوخة) بان وجد الآلاف من أبناءه  بلا كرسي دراسي  وهو مال يحصل في العراق  على مدى تاريخه الحديث ..فمن أين له بمصاريف واقسط الكليات والجامعات المسائية الأهلية أو يرمى بهم في الشارع فلا مزرعة تزرع والمعمل يعمل.
وعدوا طلبتنا الفقراء بمنحة ولكن  وعودهم لازالت  حبر على ورق !!!
قانون التقاعد الموعود لازال  في مدارج  مكاتب  المسئولين !!!
ازمات تتلو ازمات  ... تتخللها  مؤتمرات   ومهرجانات   بالمليارات  للغو واللهو  لاغير !!!!!

فمتى يكف الحكام عن سياسة (التدويخ) والتخدير والتبرير خصوصا في بلد مثل العراق حيث الخيرات الوفيرة والعقول القديرة. ؟؟؟؟؟

103
( واقع الشارع الانتخابي في انتخابات مجالس المحافظات)7



بقلم حميد الحريزي

قبل فترة وجيزة بدأت الحملة  الدعائية لانتخابات مجالس المحافظات التي يرى الكثير من  السياسيين إنها من الأهمية بمكان بحيث إنها ستكون عاملا هاما في الفوز بمقاعد مجلس النواب  بعد انتهاء مدة البرلمان الحالي،فمن يستطيع أن يفرض هيمنته على مجالس المحافظات ستكون له نفس الهيمنة وربما اكبر في مقاعد البرلمان القادم لما لهذه المجالس من قدرات في تهيئة وتعبئة  الناخبين لصالح قائمة أو فرد دون غيره في منافسة تبدوا كأنها لغزا محيرا مجهول الهدف، فما يشاهده ويسمعه المواطن العراقي لايتعدى صورة  المرشح ورقم قائمته وتسلسله فيها دون بيان ولو موجز مختصر عن تاريخه السياسي وتحصيله العلمي ونبذة ولو بسيطة لما قام بع من أعمال وأفعال وأقوال للصالح الوطني العام وماهو المجال  أو الفرع من فروع الإدارة أو المعرفة وماهو ودوره وما هي مواقفه خلال هذه السنوات الخمس العجاف التي مرت على أبناء المحافظة وأبناء العراق عموما التي تميزه وتكسبه ثقة الناخب ومفاضلته مع غيره من المرشحين.
إننا نشهد جحافل من صور المرشح يدفع بعضها البعض وقد يعتلي بعضها ظهر الأخر مع أرقامها المميزة لغرض إن تدخل في لاوعي الناخب كلمة أنا أنا أنا أنا الأفضل وأنا  اختيارك ولمئات المرات ومئات الأماكن  ولاين ما ذهب بالإضافة إلى حجم اللافتات والتي تكفي لكسوة آلاف العرايا وكأنها بحجمها وعلو مكان تعليقها تعبر عن فخامة  المرشح وعلو ه ورفعته ودوره الكبير في الحياة الاجتماعية والسياسية ليسلم الناخب هذه الإشارات  والعلامات لمخزون لاوعيه لتكون  الدافع الأكبر لخياره أمام صناديق الاقتراع.
وبالمناسبة فان الكثير من  علماء النفس والاجتماع يقسمون الناخبين إلى:-
1-   الناخب المتلقي التابع/ وهو من النوع الذي لا يمتلك  القدرة ولا الدافع لتحليل  وتركيب المعلومات  والاشارات  التي يستلمها لإصدار الحكم والرأي  بل يستلم الإشارة كما هي من المصدر دون أية تساؤل.
2-    الناخب المؤدلج/ ويشكل هؤلاء الأفراد المنتمين للأحزاب والتنظيمات  السياسية على مختلف توجهاتها وايدولوجيا، فهؤلاء يتلقون التوجيه من قياداتهم الحزبية باعتبار إن الحزب أو التنظيم السياسي هو  الأعلم في معرفة من هو الأفضل والأجدر والاك فا بما يخدم أهدافه وتوجهاته وسعيه للهيمنة على السلطة السياسية.
3-    الناخب الناقد الفاعل/ وهم الأفراد ذوي الثقافة والخبرة والقدرة على الاختيار الصائب والمميز ببين الشعارات  وتوجهات الأفراد والجماعات بما يخدم الصالح العام والهدف المعلن من قبل المرشح،ولاشك إن هذا الصنف هو المعول عليه في اختيار نخبة تمتاز بالكفاءة الإدارية  والعلمية والمالية والنزاهة والوطنية الصادقة  والنهج الديمقراطي الواعي لقيادة العملية السياسية في لبلاد أو لتسلم المسؤولية لقيادة إي من المؤسسات  في الدولة المطلوب من المواطن  راية ومشاركته في اختيار أعضائها.
4-   الناخب الناقد المترفع/ وهو الفرد  أو الجماعة التي تتحلى بالقدرة والقابلية والخبرة على الاختيار والإبصار والتشخيص والفرز ببين مختلف القوائم والأسماء ولكنها لاترى  من ببينها من يرتقي لمستوى إرضاء تطلعها وطموحها وغالبا ما ترى إن الظرف ألزماني والمكاني ومستوى الوعي الاجتماعي غير ناضج وغير ملائم ولم يرتقي بعد ليؤهلها لقيادة المؤسسة المعينة والمطلوب رأي الفرد في اختيار أعضائها مما يجعلها هذا الاعتقاد إن تنسحب للداخل ولأتشارك في هذه الممارسات لابل مستخفة وغير معترفة  بنتائجها وبما يترتب على  نتائجها.
5-    الناخب الانتهازي المنتفع/ وهو يمثل الإفراد والجماعات حتى التي  لأهم لها سوى ما تحصل  عليه من فائدة  وخصوصا المادية أو مناصب أو مكاسب موعودة سوف  يتم حصوله علليها ويؤمنها له  مرشحه الفائز في الانتخابات، فهولاء هم عبارة عن أصوات  (سلع) معروضة للبيع لمن يدفع أكثر بغض النظر ممن يكون.
نستخلص من مآتم عرضه آنفا إن من يقدم على الترشيح يأمل الفوز في الانتخابات على مختلف صفاتها ومستوياتها إن تكون لديه دراسة وافية من الناحية النفسية والاجتماعية ليتمكن من معرفة ماهو الصنف السائد من الناخبين المطلوب رأيهم واللذين يحق لهم الإدلاء  بأصواتهم لصالحه أو ضده.
ففي المجتمعات التي تعاني من الشد والتوتر والصراع الاجتماعي الطبقي أو العرقي أو الطائفي ستكون  العواطف والغرائز هي المهيمنة على العقول وعلى خيارات الناخبين، لذلك غالبا ما يلجا بعض المرشحين إلى استثارة العواطف والمشاعر والمناطق الرخوة في المنظومة العصبية  للناخب لغرض استثارتها  سواء بالتأكيد أو الرفض للمرشح  والمنافس ولا يمتنع عن إثارة أحداث غابرة تساعد على تأجيج  العاطفة  النائمة وتستثير العاطفة الخاملة. وقد يلجا البعض الآخر في الجانب الأضعف إلى صناعة واختلاق قضايا ثانوية من اجل  حرف  توجه  وصرف نظره عن قضيته إلام لينشغل في أمور ثانوية مما يقلل من اهتمامه  ولرنما يمتنع عن المشاركة في  الاختيار بسبب فقدانه التوازن والاستقرار والقدرة على التواصل.
وهنا لابد من  الإشارة إلى الأهمية الكبرى لوسائل  الدعاية والإعلام وكفاءتها وقدرتها على الترويج والإقناع والتعبئة لاتجاه معين  ولقائمة بذاتها أو لفرد بعينه وهنا سيكون الأمر خاضعا للقدرة المالية في امتلاك وسائل الدعاية والإعلام المقروء والمسموع والمرئي والكفاءات والقدرات عالية التخصص والمهارة والتجربة القادرة على تخليق وتصنيع الرأي بالاتجاه المطلوب، لذلك نرى خيبة وفشل وعدم قدرة الأفراد  والجماعات ذات القدرات المادية البائسة أو المتواضعة على كسب المقاعد أو المواقع مهما امتلكت من قوة الحجة والصدق والكفاءة والخبرة الذاتية لأنها لا تمتلك الوسائل الفاعلة على التوصيل والتواصل في ظل التطور التكنولوجي الهائل لوسائل الاتصال والإعلام والدعاية والإعلان.
نحن هنا لسنا بصدد توصيف نوعية ناخبينا في عراق اليوم ومن هي الفئة الراجحة ومن هو الأصلح من القوائم والأفراد من المرشحين ومن يمتلك القدرات المالية والإعلامية القادرة على التوصيل والقدرة على التوعية والتوجيه  أو الايهام والتضليل أو الترغيب والترهيب.وما هي الأحداث والمعارك الجانبية التي طفت أو التي ستطفو على السطح من اجل التحكم برأي الناخب سواء بالسلب أو الإيجاب،ولكننا نجتهد في التأشير إلى طبيعة المتغيرات التي طغت على نوع وطبيعة وتوصيف القوائم الانتخابية والأفراد في مجالس المحافظات والتي طال  النقاش والجدل عند إقرار قانون واليات هذه الانتخابات ولسنا بصدد هل إن  الانتخابات  في الظرف الراهن هي الأسلوب الأمثل لبناء دولة القانون  والمؤسسات الديمقراطية.
فالملاحظ إن صفة الاستقلال والمستقل والمستقلين لوحظت  ملحقة بالكثير إن لم يكن اغلب القوائم الانتخابية  والإفراد المرشحين للانتخابات وحلت محلها   اللقب  القبلي والعشائري للمرشح ،ونرى إن هذا يعود إلى حالة الفوضى والتردي والفساد الذي شهدته ((العملية)) السياسية الجارية والسائرة في نفقها الخانق نفق المحاصصة الطائفية والعرقية طوال السنوات الخمس الماضية بعد انهيار الديكتاتورية، وماطرأ من خفوت للشد والتوتر  الطائفي والعرقي مما ننتج عنه تبلور  رأي عام شعبي يرفض الطائفية والعرقية لابل محاربتها بسبب ماعانته العامة من الأذى والدمار والتهجير على مختلف المستويات بسبب التناحر الطائفي والعرقي. هذا  مما دفع بالكثير من القوى والأحزاب والحركات  التي صعدت وحصلت على المكاسب والمراتب  تحت راية التمثيل الطائفي والعرقي إلى الشعور بالخطر على مواقعها بسبب تغير مزاج وتوجه الناخب إلى  التخفي والاستتار تحت مضلة  نبذ الحزبية  عموما  باعتبارها لا يمكن  أن تكون إلا طائفية أو عرقيه وهنا تدثرت  بدثار وشعار الاستقلال والإصلاح و العشائرية-التي أصبحت لها مؤتمرات ومكاتب سياسية وما إليه من ميزات وصفات الأحزاب لسياسية ولكنها طبعا تستند على (السواني والأعراف) بدلا من الأنظمة الداخلية والبرامج!!!
ومن  الملاحظات البارزة هي الوقع الباهت والصوت الخافت للقوى اللبرالية واليسارية السائرة في  نفق (العملية السياسية) وتخفيها خلف عناوين  ورموز يشوبها الغموض  وعدم الوضوح من قبل اغلب الناخبين العراقيين واللذين يتطلعون إلى رؤية  نخبة لبرالية علمانية  أو يسارية ديمقراطية  نابذة المحاصصة كي تتصدر العملية السياسية  الجارية أصلا تحت مفعول المخدر ألاحتلالي الذي يعمل جاهدا لتخليق وتصنيع طبقة سياسية لبرالية علمانية من االكمبرادور المحلي التابع للرأسمال الأمريكي والمنفذ لمصالحه في العراق والمنطقة لتتمكن أمريكا من  سحب يدها من التدخل المباشر العسكري  والاقتصادي والثقافي وهذا ما عجزت عن تحقيقه  لحد الآن، متجاهلة سبب استحالة   قيام ديمقراطية لبرالية بدون وجود حاملتها ومولدتها  الطبقة البرجوازية  الوطنية المنتجة وهذا ما يتعارض أصلا مع هدف  ومرمى الرأسمال العالمي التي لا تنتج هيمنتها إلا طبقة برجوازية طفيلية  مستهلكة.
إما بالنسبة للقوى والأحزاب والحركات اليسارية فهي بين من ارتضى لنفسه الانخراط في ((العملية السياسية)) مخدرا باللبرالية السياسية الجديدة ومخدرا(بكسر الدال) جماهيره بواقع إن لابد ممن  التأقلم والتكيف المبدئي والفكري والتنظيمي من اجل قبوله ومسايرته كمحطة استراحة يسترد فيها الرفاق أنفسهم ويتم تعويضهم  بنعيم ((الامبريالية)) ((محررة)) الشعوب في عصر العولمة عما فاتهم ففي الزمن الماضي كأنه يضع إثقاله وهمومه في أحضان ما كان يعتبره عدوه الأول.
لكن مشكلة هذا اليسار إن ليس بمقدوره محو كل شعاراته الثورية ونهجه ومنهجه وتاريخه السابق والمبادئ المعادية للرأسمال العالمي وخصوصا الأمريكي التي تربت عليها جماهيره ناهيك عن رفاقه  فهي تلاحقه في كل مكان وتسبب له الصداع والإحراج في كيفية تبرير  خطه السياسي والفكري الحالي فاثر الاستتار تحت عناوين ولافتات وقوائم مثل ((مدنيون ديمقراطيون، التحالف  المدني )) وما إليه ممن العناوين  القابلة التأويل  والتفسير   يمكنها من  التضليل والمراوغة.وهناك يسار راديكالي رافض لمجمل العملية السياسية وآثارها وإفرازاتها متخفيا خلف  ترفعه ورفضه  ساترا ضعفه وتشتته وفقدانه لحامله الاجتماعي على ارض الواقع حيث يعمل الواقع لموضوعي على كبت وإعاقة تطلعاتها نحو التحالف والتالف والتوحد وإنضاج برنامج عمل واضح  وواقعي وفاعل مما يجعلها على هل هامش الأحداث والحراك الاجتماعي  الآسن، حينما تجد نفسها بلا موضوع بسبب توقف عجلة الإنتاج والعمل والميوعة الطبقية والطفرات السريعة والغير متوقعة للإفراد والجماعات من  موقع  هابط إلى موقع صاعد وبالعكس كأنها في لعبة الحية والدرج بسبب الفوضى ((الخلاقة)) التي  صنعها الاحتلال مولدا عدم التوازن والاختلال في البنية الاجتماعية  العراقية بالإضافة إلى التخريب المريع الذي لحق بالرأسمال الاجتماعي الايجابي للفرد العراقي،فاختلت الموازين والقيم لتحل محلها قيم الفهلوة والثعلبة والقردنة والغلبة محل قيم التضامن والمحبة والتضامن والتعاون  التي هي من اقوي دعائم قوى اليسار في كل مكان.إن هذا الحال سيجبر المواطن العراقي الناخب  إما على الترفع  والامتناع عن ممارسة حقه الانتخابي ورفضه للعملية برمتها ا وان ينجر إلى الإدلاء بصوته متأثرا  بطائفته أو عشيرته أو رمزه  مما  يفضي إلى صعود نفس الطبقة السياسية السابقة ومرادفاتها ومثيلاتها إلى  مجالس المحافظات وبالتالي نظل ندور في  دائرة  التخلف والفساد  وفقدان الخدمات ففي ظل وضع  اقتصادي ينذر  بوقع مؤلم وثقيل على الطبقات  الكادحة والمحدودة الدخل والإمكانيات المادية المحدودة، وهذا الأمر يهدد  بمزيد من البطالة والفساد والتهميش وتكاثف أحزمة الفقر وتضخم  بؤر الانفجاريات والأزمات  والجريمة المنظمة وتجارة المخدرات والاتجار بالرقيق الأبيض ...الخ.

104
مكيال ميزان  الموازنة  لا يزن  حقوق المتقاعدين



           
بعد  وعود  اتخمتنا  كثيرا  ، وجعلت الممتقاعد يطير في  فضاء الوعود  من مختلف   الكتل  البرلمانية   لانصاف  أبائهم  واساتذتهم   واخوانهم من  موظفي   الدولة العراقية  وتظمين  حقوقهم في الموازنة  لعام 2013 .... لكن للاسف الشديد  جاء اقرار الموازنة مخيبا  للامال  بعد  ان   خنق قانون  التقاعد    الجديد في  ملفات  ومدارج   مجلس النواب والحكومة  الاتحادية   ولم ير النور  لحد الان   مما   ذرى طموحات  المتقاعدين  واحلامهم   ادراج الرياح  ليبقى المتقاعد العراقي   يعيش  مرارة العيش  والتفرقة اللامعقولة   بين  الماقبل  والمابعد ....الذي  لاندري من ابتكره  ومن  سنه  ولماذا ؟؟؟؟؟؟
مما يتوجب على المتقاعدين  العراقيين حسم  امرهم   ولم شملهم  للمطالبة بحقوقهم     وبمختلف الاساليب    ابسطها  التظاهر  ورفع  الدعوى في محاكم الدولة  الاتحادية المختصة   والاعتصام  ورفع اللافتات  والكتابة    والوقوف بوجه  الحكام في المحافل  والمنتديات    والندوات العامة  والخاصة  وفي المحافل  الاقليمية والدولية  ليكون  صوت  المتقاعد  قويا  ومسموعا  وغير مغيبا في كل مكان   عسىان يستقيظ ضمير المشرع   العراقي  في قبة ابرلمان  لانصاف  المتقاعد ...  كما اننا  نقف  وبقوة مع    نية   المتقاعد العراقي  بتاسيس حزب المتقاعدين  العراقيين  ليكون  رقما  هاما في   الانتخابات  البرلمانية ومجالس المحافظات   ، وليكون صوتا قويا مسموعا في قبة البرلمان  بعد ان    فشلت  كل الوسائل  الاخرى  من  تحقيق  طموحات  المتقاعد العراقي المشروعة .......
الحريزي حميد

105
بمناسبة  عيد المرأة العالمــــــــــــــــــــي
 

((الربيع)) العربي  يقضـــــــــــــــــم حقوق المرأة

حميد الحريزي

بعد مرحلة التحرر الوطني  من الاستعمار  المباشر   حققت   الدول العربية   استقلالها  السياسي    ،  وقد  حصلت العديد من التحولات   الاقتصادية  والاجتماعية والثقفافية في  هذه البلدان  سيرا نحو دولة المدنية  والحداثة  ، وكان للمرأة نصيب  جيد  من هذه التحولات الايجابية  مثبتة في   دساتير هذه البلدان  ومنها  مصر وسوريا  والعراق   وفي مقدمتها  تونس  ابو رقيبة  ....... وعلى الرغم  من كون  هذه الانظمة    يحكمهاا  ديكتتور  فرد  او   ديكتاتور حزب  ولكنها  قطعت  شوطا    لاباس فيه من حيث    العمل  للمساواة بين الجنسين  وفتح فرص  العلم والعمل  بمختلف   مواصفاته  امام المرأة   فقد كان  قانون الاحوال الشخصية في العراق مكسبا  هاما   للمراة التي  احتلت  منصبا  زاريا  لاول  مرة في  تتاريخ العراق  الحديث .......
وهنا    لانريد ان   نقول ان المراة  كانت تعييش  في الفردوس المساواتي  في ظل هذه الانظمة القمعية والاستبدادية  بدرجات  متفاوتة  ولكننا    بالمقارنة بما  حصل  ويحصل  الان  تحت  مظلة  ((الربيع)) العربي ...... فان   حال  المراة القانوني والدستوري  على  اية حال  اسوء بكثير مما   هو في  ظل  الانظمة السابقة ... فان عانت  من التهميش في   تلك العصور فانها   تحت  طائلة الاقصاء    الان  وان  كانت  تحت طائلة الملاحقة والسجن   والتعذيب  فهي قد  خضعت  لظاهرة   القتل   بوحشية  بالغة  في ظل   الانظمة  والمجتمعات المتاسلمة  في  الوقت  الحاضر .... فقد تحول   الربيع   العربي  الى كابوس  ثقيل   ومتوحش  يجثم على صدر المرأة  والى  وحش   مسعور   يقضم  حقوقها  وصولا على ابتلاعها بالكامل ... والعودة بها   الى عصر الحريم    ووصفها في  عصر الجواري  والاماء  .... وظيفتها   رعاية  سرسر الزوجية   والتفريخ   والابداع في  فن الطبخ  والتزين  للرجل  السيد المطلق  وهنا  على المراة  ان   تفجر ثورة   من اجل استرداد حقوقها  المسلوبة ناهيك عن   تحقيق   حقوقها  كاملة  في الحياة والعلم والعمل    وفرص    تسنم  وظائف  الشأن العام ...  ان  وصف  واقع المرأة هو المؤشر الحقيقي على  مدنية وحداثية  الدولة  في عالمنا العربي  والاسلامي   الذي    يدعي   انه يعيش  ربيع  ثوراته  ضد الانظمة القمعية  والاستبدادية ......

106
اراء وملاحظات على   جدار انتخابات مجالس  المحافظات ((5))
         دورة العشـــــــــــــــــــــــــــــــــــائر



               مذ  ظهرت الديمقراطية  المستوردة  للوجود على الساحة العراقية   مرتدية ثوب  الطائفية  والعرقية  ، حنى اختلط الحابل  بالنابل   وكل  يدعي  انه  هو  المظلوم    وهو امل  الهموم    وهو من  سيجلب  للعراقيين   ضوء النجوم    ويمطر الغيوم  ...... تم تصنيع  دستور على هذه المقاسات   فأصيب  بعدة  التشوه   والازدواجية   والنقص في   التعريف  والتوصيف   لما يعانيه   المجتمع العراقي  ....... فثبت    لغو  المكونات   ماسخا  التوصيف  الطبقي  والقومي   للشعب العراقي     ليحوله  الى خليط   غير متجانس  من الاديان والطوائف  والأعراق   ، كلها فزعة  مستنفرة مثارة  بعد ان  اخرجها من اطار  المواطنة   صفتها  الا شمل و الانبل  والأفضل  ... تمكن الوصف العرقي والطائفي ان   يسير الناس في    سوقه  الدم  قراطية    خلال السنوات الماضية   ... فأثخن الشعب   العراقي  بكل شرائحه بالجراح  ومشاهد القهر  والخراب  ، قطعت خلال  ذلك الاعناق  والأرزاق  .. فبان  زيفها  وعفنها وتخلفها   وما جرته  على  الوطن  والمواطن من الويلات  ......
الان   تم المرتكز الثاني  من  المجتمع الاهلي  ما قبل  المديني  إلا  وهو  القبيلة والعشيرة   ليتصدر   الواجهة في   الممارسات  السياسية    سواء من قبل  السلطة الحاكمة المتنفذة  او من قبل    قوى ((المعارضة )) ، وبذلك  تخلت الطبقة  السياسية الحاكمة ((القطواية )) عن  الدستور و اخذت  تلعن  الطائفية   معلنين براءتهم  منها على رؤوس  الاشهاد  وتوجهوا  نحو  الطائفية القبلية والعشائرية  المستبطنة   للطائفية  الدينية  مرجعيتها  الفكرية والعقائدية  وهنا   فرض  العقال  هيبته  وسطوته  على العمامة   التي    تسيدت عليه   خلال   السنوات السابقة .....
لذلك نلاحظ  ان   توجه  المرشحين  لمجالس المحافظات  الى  عشائرهم  وقبائلهم   لنصرتهم  و تأييد    ابن  عمهم  وابنة عمهم    من  آل  فلان    لتكون صوتهم   وممثلهم   وضامن  حقوقهم  ومصالحهم في  مؤسسات  الدولة  بمختلف  مستوياتها،    نلاحظ ازدهار  الولائم  والعزائم   في  مضايف   وديوانية   شيوخ القبائل  والعشائر   والأفخاذ ،  وتنشط  عملية   البحث  عن الاصول  والفصول  وتأكيد  النسب  والحسب  ، نكاد  لا نرى  اسم  مرشحة او مرشح  دون  ذكر اسم  العشيرة  والقبيلة   المنتمي    اليها   المرشح   وكأنه يقول  هلموا    صوتوا   لابن  عمكم  او ابنت عمكم   رمز عزتكم  وفخركم  وحضوركم  بين  القبائل  والعشائر .....
من كل ما تقدم  يمكننا ان نستنتج  ان   الدورة القادمة  لمجالس المحافظات   ان تمت   ستكون  نقلة  كبيرة من  التمثيل  الطائفي  الى التمثيل   القبلي والعشائري   وبذلك     نؤبد  مرتكزات  المجتمع  الاهلي  على حساب  المجتمع المديني  الذي يعتمد  الحزب  السياسي   او  الطبقة  الاجتماعية   والمهنة   ليجري التنافس  بينها   معتمدة على  الدستور في  ادارة    شؤون  البلاد  وسياستها  الاقتصادية  والاجتماعية والثقافية  ،  في حين تعتمد  القبائل  والعشائر  دساتيرها  الخاصة ((السواني )) في    حل   اشكاليتها  وفي  تمشية   امور   الدولة   ومؤسساتها ان  صح  وصفها   دولة  في  مثل هذه الحالة ......
فهل    نعتبر ها التحول من الطائفة الى   القبيلة  والعشيرة   يعتبر تحولا  ايجابيا    او سلبيا    في   واقع الحراك الاجتماعي  العراقي ؟؟؟
نرى  ان  هذا  الوصف   ليس  تقدما  نحو الامام  باي حال من الاحوال   لان  العصبية القبلية كا لتعصب  الطائفي     يستند  على  نفي  الاخر  وإقصائه    وإهمال   كل  القوانين   الدستورية  للدولة المدنية  ويعيدنا  الى  ما قبل  الدولة ...وبذلك فنحن    نرجع  القهقرى نزولا في  سلم  التطور لديمقراطي  وبناء  الدولة المدنية  الديمقراطية  المدنية .. كما  ان  حكومة  الطائفة  والعشيرة    مولدة دائمة  للازمات   والاحتراب الداخلي  ومصادرة للحريات  ومبددة  للموارد  ن طفيلية غير منتجة  تابعة  غير مستقلة   ، انانية  غير  مضحية  وغر معطاءة ، جاهلة غير كفوءة   لا تؤمن   بالتطور  والتقدم  .... بمعنى اننا  سنظل في ظل هذا  الواقع   نعيش  المزيد  من   الويلات   ومزيدا  ن التخلف  والمزيد  من الفساد  والكساد ....... لاسيما ان  هذا  الوصف  لمجالس المحافظات  هو   المقدمة  لوصف  اكثر كثافة  لمجلس النواب  في دورته  القادمة ؟؟؟؟؟!!!!!

الحريزي حميــد
العراق  - النجف

107
مجالس المحافظات مطالبة بإقالة :((الفوانيس واللالات))!!!




قد كانت لافتات  المرشحين  لانتخابات عضوية مجالس المحافظات متخمة بالوعود التي سينفذها الفائزون لأبناء محافظتهم في مختلف مجالات الحياة كالتعليم والصحة والعمل والسكن والنقل ولماء والكهرباء والقضاء على الفساد ومحاسبة المفسدين...الخ
مما يجعل المواطنين يترقبون ان تباشر هذه المجالس الجديدة مهامها فعسى ان يأتي قليلا من الفرج وان يلمح المواطن بصيص ضوء في نهاية الأنفاق وان يلمس كلمة صدق في زحمة النفاق والوعود الكاذبة والتستر بستار الوضع الأمني واستشراء الارهاب.إما الآن فان المواطن يتمنى ان لا تجد المجالس الجديدة شماعة انخفاض أسعار البترول وان يستفيد أعضاء المجلس الخلف من تجربة أعضاء المجلس السلف ويتعض الفائزون بما حل بالخاسرين ويكونوا عند حسن الإنسان العراقي المثقل بالمشاكل والهموم الحياتية اليومية كالبطالة والإرهاب وسوء الخدمات الصحية والبلدية،ولاشك ان المتضرر الأكبر من هذا الحال هو المواطن الفقير العاطل عن العمل او صاحب الدخل المحدود من الموظفين الصغار او المتقاعدين ((المغضوب عليهم)) وليس المتقاعدين من مجلس النواب او مجالس المحافظات طبعا!!
هذا المواطن الذي أصبح الآن ضمن مدى رؤية القوى الخاسرة، لتكون همومه وآلامه ومعاناته مضامين لشعاراتهم ولافتاتهم وخطبهم!! بعد ان كانت تحجبه عن عيونهم كراسي السلطة التي كانوا بامتيازاتها ينعمون، فأدركوا في هذه الانتخابات ان هذا الإنسان المعدم والكادح الفقير قادر ان يختار وقادر ان يعاقب وقادر ان ينزع عن عينه عصائب التضليل والتدجيل والزيف ويطالب بحقه في حياة حرة كريمة آمنه فلم تؤثر على قراره ((البطانيات)) ولا((الصوبات)) ولا((الوريقات)) لانه يعرف إنها جزءا تافها من ماله المسروق وحقه المغصوب وليس مكرمة ولا مّنة من المانحين يعني ((من لحم ثوره)).
هذا الموقف وهذه الصحوة وان كانت ناقصة ومتأخرة قد تكون كافية لتكون إنذارا قويا لمن حاولوا تهميشه واغتصاب حقوقه واستغفاله في ظل مختلف الشعارات العرقية والطائفية او ((الديمقراطية))، أدت بهذه القوى ان تصحو على حين غرة لترفع لافتات تطالب بإنصاف الطبقات الشعبية الفقيرة.
لاشك ان مطالب هذه الطبقات الشعبية الفقيرة يصعب تعدادها حيث ان التقارير الموثوقة للكثير من المنظمات الدولية والمحلية تشير الى بطالة تزيد على 50% وأكثر من مليوني أرملة وإضعاف هذا العدد من الأيتام والمشردين وان أكثر من 30% من الشعب العراقي يعيش في او تحت خط الفقر.
ومن لا يقدر ان يشتري الماء المستورد!!! عليه ان يكون تحت رحمة الكوليرا والتايفوئيد وغيرها من الأمراض،ومن لا يستطيع ان يشتري المشتقات البترولية التي تطفو ارض وطنه على بحيرة منها ان يعيش في كابوس الظلام ووطأة حر الصيف اللاهب وبرد الشتاء،ومن لا يملك قطعة من ارض وطنه عليه ان يسكن البراري تحت سقوف من الصفيح أو يسكن في المقابر، ومن لا يملك قوت يومه عليه ان يفتش في فضلات الأثرياء ونفايات المطاعم والفنادق الراقية ،ومن لا يستطيع ان ((يورق)) لا يستطيع ان يعمل كناسا ولا يتطلع ان يصبح شرطيا او جنديا ،إما ان يتوظف بشهادته فهذا امرأ صعب المنال اذا لم يمتلك ((كارتا)) من احد سكنة المنطقة الخضراء او ما حولها او ان يكون من ذوي الأيادي الرمادية.
فمن اجل ان تكون طلباتنا واقعية وأحلامنا متواضعة نقول إننا نطالب:-
((مجالس المحافظات الجديدة ان تصدر قرارا : برفع المولدات وإقالة الفوانيس واللالات )).
 لتسبح بيوتنا،وشوارع مدننا وتدور عجلات مصانعننا ، ومكائن مزارعنا بقوة التيار الوطني المستمر وليس بتيار ((سيريس)) متقطع.
لتكون هذه الخطوة هي ((عربون)) الثقة والمصداقية لوعود وعهود الفائزين الجدد بعد ان عجز عن تحقيقها من سبقوهم فأصبحوا من الخاسرين.
حميد  الحريزي
العراق- النجف



108
ضياع الطريق  بين  اللصق  والتمزيــــــــــــــــــق 



             
(أنت تحاول أن تعوض مشاعر العجز في حياتك عن طريق السيطرة على حياة الآخرين.ولأنك تحتاج أن تكون مسيطرا، فانك تقمع الآخرين لتشعر بالتفوق نفسيا. وتنطق بعمل مثل:" لا يمكنك  فعل أي شيء بشكل صحيح،"كم مرة أخبرتك أن لا تفعل ذلك بتلك الطريقة؟" لا تهتم سأفعله بنفسي") التحليل النفسي الفوري د.ديفيد ليبرمان ص 130
 بهذه العقلية والقناعة المريضة والخاطئة تجري عملية الدعاية والإعلام لكثير من الكيانات السياسية ورموزها خلال الحملات  الانتخابية في العراق ومنذ سقوط الدكتاتورية بيد أسيادها لحد الآن  ولكن هنا بدل أن تكون الصورة واحده والشعار واحد والزى (الزيتوني) واحد موحد باعتباره الملهم والعالم والأب والمعلم والعبقري والإله الأكبر والسيد الأقدر على التصرف واتخاذ القرار، تعددت الصور والأيدي  المرفوعة والرموز  صاحبة السمو والشفاعة، وان لم يكن  يلجا إلى  أسلوب إرهاب السلطة المباشر وإغراءها المتاجر على الأقل بشكل علني ومكشوف فهو يلجا إلى الإرهاب الخفي عبر وسائل  الدعاية والإعلام لفرض هيمنته وسيطرته على  وعي ولاوعي المتلقي  وملاحقته في كل مكان في الشارع ومحل العمل والملعب وفي الدار وحتى  في غرفة نومه منتزعا منه الاعتراف والاغتراف من بركاته ووعوده وإعلان البيعة لمقامه فمن  التكرار المرعب  لعدد الصور والشعارات وكأنها كتل جماهيرية حاشدة بوجه واحد ورقم واحد تدعوك للالتحاق بها  وإلا ستضيع فإما أن تكن ضمن احد ((الكتل)) وإما أن يكتب عليك الضياع  والوحدة والغربة، ومن الطريف إن هذه الطريقة هي نفس طريقة (المطيرجية) ففي اصطياد طيور الحمام المنفردة الخارجة عن السرب، حيث  يبعثون لها بأسراب طيورهم فحينما تيئيس من الالتحاق بسربها الأصلي تلتحق بأحد هذه الأسراب لتدخل في قفص  (المطيرجي) الجديد.
ومن هذه الأساليب تضخيم الذات(المرشحة) عبر اللافتات العملاقة الحجم والحروف كشبكة صيد كبرى لا يمكن الإفلات منها ومن المظاهر السلبية لهذه الوسائل الدعائية إن أصابت جدران  الشوارع والمباني  والشوارع  والمؤسسات بالتشوه  إما ما يمكن أن نسميه(بجدري الانتخابات) هذه الملصقات التي ستحتاج إلى جهد كبير  لأزالتها من واجهات البيوت والشوارع  والمؤسسات وقد يحتاج الأمر مقاولة مليونيه  سيفتتح بها المرشح الفائز  خدماته  للمواطنين الأعزاء!!!
ومن الملفت للنظر هنا ظاهرة التمزيق وإتلاف الصور واللافتات  والملصقات من قبل  قوى وأطراف وأشخاص يمكن تصنيفهم  كالآتي:-
*قوى وأطراف محسوبة على جهات منافسة وهو  تعبير عن سلوك الإقصاء والإفناء وتدمير وتحقير  الآخر المنافس بعيدا كل البعد عن أسلوب المنافسة الديمقراطية،وتعبيرا عن عقدة النقص وعدم الثقة بالنفس والخوف من المنافس أو دلالة على الاستهانة في قدرة الناخب في الاختيار بل  وضعه أمام  خيار واحد وحيد لا ثاني له سعيا منه إلى اغتصاب رأي الناخب وإفناء المنافس ما كان يجري  أيام الدكتاتور  ومسيرات زحف المبايعات ألمعروفه. وبلا شك إن من يفعل هذا سيقدم إلى قتل وإعدام أو إخفاء المنافس  لو  ثنية له  الوسادة  وتمكن من الحكم.
* تمارس عملية التمزيق والتحقير من قبل أشخاص لا يميزون بين مرشح وأخر بل  هو فعل ردة فعل ناقمة ورافضة بشكل هستيري غاضب تعبيرا لحالة الشعور بالاضطهاد وعدم الاحترام من قبل رموز ومظاهر القوى السياسية المتصدية للعملية السياسية ورفضه لتكرار وعودها المزيفة انطلاقا من تجربته الخاصة وتعبيرا عن عجزه عن مقارعتها  ومنافستها في ساحة النزال والصراع  السياسي الدائر.
* قد يكون ردة فعل لواقع الاستبداد الأبوي والسلطوي الموجه ضدهم في  ميدان الاسرة  أو العمل أو من قبل لسلطة وربما يكون فعل  التمزيق والتحقير ناجما عن  كره أو حقد شخصي لأي سبب من الاسباب.
* إن هناك فعل  مأجور  ومدفوع الثمن  قد تلجا إليه بعض  الكتل  أو بعض الإفراد والعناوين المتنافسه فالفعل  لا يتعلق بذات الفاعل  بل ناتج عن  استعداده  ليكون ماجورا  لكل ن يدفع الأجر المطلوب  وقد يمارس هؤلاء فعلا متناقضا  ضد المؤجر  وخصمه
ومما تقدم يمكننا إن نفهم سلوك اللصق والتمزيق في الشارع الانتخابي العراقي اليوم.

حميد الحريـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــزي

109
انتفاضة آذار المجيدة 1991
الدروس والعبر



 
حميد الحريزي        
 
في بداية ربيع عام 1991 غطى سماء العراق سحب من دخان الحروب وتشبع أثيره برائحة البارود وأسكتت أصوات طيوره وعنادله أصوات الطائرات والمدافع والصواريخ وقد بدأت طلائع الضباط والجنود العراقيين المنهزمين وهم باردىء  حال واسوا مظهر أخذت هذه الطلائع تصل المدن العراقية وهي كمرجل يغلي غضبا وكرها للسلطة الفاشية ومغامراتها الإجرامية وما صنعته حماقاتها مفرطة بشرف وسمعة وحياة الجيش ومستقبل الشعب تطالب الإله بان يقول كلمته حيث يقل للشيء كن فيكون فماذا ينتظر ليقول ذلك  فقد طال انتظار  الشعب للفرج!!!!!؟؟؟.
 رافق كل ذلك اختفاء رموز السلطة من الامن والجيش الشعبي والمخابرات من الشوارع والمدارس وحتى من المنظمات والدوائر ولمختلف الأسباب بين الخوف والرفض واللامبالاة مما سيحل بالبلاد وهروبا من ثورة الشعب وقصاصه وانتقامه من رموز السلطة الفاشية ،لا نشك ان السلطة كانت في مركز القرار ولم تكن بعيدة عنه ليأخذ هذا الانسحاب شكلا منضما ومدروسا لغرض تحاشي الاصطدام المباشر بالجماهير المنتفضة وهي في أوج حماسها واندفاعها فتخسر بذلك السلطة الفاشية قوتها المضمونة ذات المصير المشترك الواحد مع رأس النظام لاشتراكها معه في جرائمه... بل عملت على اختراق صفوف المنتفضين بأساليب عالية التنظيم وبخبرتها المتراكمة في مثل هذه الأفعال سعيا منها لمعرفة قادة الانتفاضة وعناصرها الفاعلة والتأثير المخطط في قراراتها وتوجهاتها عبر إشاعة الدوغمائية الغير منضبطة لتفويت الفرصة أمام القوى الناضجة والمجربة والمخلصة داخل الانتفاضة لتنظيم صفوفها وتنظيم جماهيرها بشكل أفضل وأكمل لتحقيق وسائل وسبل الانتصار.وقد لعبت هذه العناصر المندسة بدورها المعروف بالخسة والقذارة كمعرفين داخل معسكرات الاحتجاز بعد فشل الانتفاضة كملثمين وملثمات يكفي ان يؤشر احدهم الى أي محتجز لينفذ به حكم الإعدام مباشرة ودون أية مسائلة. ولاشك ان الكثير من هؤلاء القتلة هم من اخطر وسائل وأدوات الإرهاب الموجه ضد الأبرياء من أبناء الشعب العراقي في الوقت الحاضر.
تقاسم أبناء الشعب دموع الحزن بسبب ما حل من خراب وانكسار ودموع فرح بعودة الأبناء والأهل سالمين من ساحة الدمار وتمرغ رؤوس الفاشية بوحل الحرب وبين من فقد الأمل بعودة أبناءه من رمال الصحراء اللاهية ونيران قوى التحالف الدولي الرهيبة . ان ذلك أوقد نيران التمرد والثورة في نفوس الجماهير بمختلف شرائحها وانتماءاتها حيث كانت هذه المشاعر كعود ثقاب تحت أكداس من الحطب الجاف لم تكن بحاجة إلا لمن يدعكه بأرض الإحداث الساخنة لكي يلتهب؟ كنا نشهد إن العسكري العائد بسلاحه إن لم يكن قد باعه أو تركه في ارض المعركة كان غالبا ما يفرغ عدد من مخازن عتاده في سماء زقاق داره أو قريته ليعلن خبر وصوله وليفرغ جام غضبه وألم قروح إقدامه وقد جاء مشيا على الأقدام لعشرات الكيلومترات وسرعان ما تحولت هذه الرصاصات إلى صدور رموز السلطة العسكر ية والمدنية فكانت الشرارة وبالفعل هذا هو ما حصل . لتنير نيران الثورة والتمرد ظلام الأزقة والشوارع وإنفاق قلاع الفاشية وأجهزتها الأمنية والحزبية والمخابراتية مما أدى إلى سقوط اغلب المدن خلال يوم أو بعض يوم لتمتلك الجماهير مقاليد الأمور .*
 إن جماهير العراق أعطت ما مطلوب منها وعلى الدوام قرابين من الضحايا بالأرواح واسترخصت الدماء على مذابح الحرية بجرأتها المعهودة . بعد إن تفجر بركان الغضب المتراكم طيلة أكثر من عشرين عاما من حكم البعث. فمن يستثمر هذا العطاء السخي من قبل الجماهير لبناء حياة الحرية والسلام والرفاه للشعب المظلوم ؟؟

وطوال هذه الفترة وما سبقها ومن باب تجربة ذاتية معاشة داخل العراق آنذاك- حيث كان الكاتب احد المساهمين في الانتفاضة في احد محافظات الفرات الأوسط واحد المعتقلين بعدها - فقد كنا تترقب الوضع جازمين بهزيمة حشود السلطة في حرب غير متكافئة وغير عادلة ضد الدولة الشقيقة التي أراد الدكتاتور أن يجعلها ثمن حروبه السابقة ضد إيران والتي ختمها دون إي مكسب يسدد جزءا ولو يسيرا من كلفتها الناهضة من الأرواح والثروات بل جاءت أسوء مما كان قبل الحرب وليضلل العراقيين إن ما خسروه في تدمير الدولة الصديقة سيعوضونه أضعافا بابتلاع الدولة الشقيقة!!!.

غياب القيادة الكفوءة :-
من خلال ما نسمع الكثير من محطات الإذاعات السرية والنشرات المغامرة في جيوبنا وهي تختزنها لتواربها عن عيون جواسيس السلطة إن قوى المعارضة العراقية المنظمة وأحزابها السياسية ذات العمق داخل صفوف العراقيين لعقود من الزمان ستكون بلا أدنى ريب  مع الجماهير فلا يمكن أن تكون لم تحسب الحساب لمثل هذا الوقت وبوادر انهيار أجهزة الدكتاتورية فلابد أن تكون في وسط الساحة الملتهبة لتقود جماهيرها المقهورة والمنتفضة نحو النصر. حتى إننا كنا نقنع أنفسنا ومن يستفهم منا عن هذه القيادات وعدم وجودها بجزمنا بوجودها ربما بين صفوفنا الآن ولكننا لا نراها بسبب احترازها وتحسبها ودهائها وعظم خبرتها في مقارعة الفاشية الصدامية . ولكن يوم بعد يوم لم تصح توقعاتنا وذهب سراب أملنا مبددا كافة جهودنا في فوضى الانفجار وعفوية وانفعالية وقصور القرار على الرغم من الجهود الفردية لجمع شتات البعض وتقديم المبادرات للقوى الدينية المهيمنة على قيادات الأحداث ولكن للأسف ذهبت سدى بسبب ضعف هذه المبادرات وتخلفها في اخذ زمام المبادرة ضنا منها إن مراكزها لابد وان تعلن عن نفسها و تكون في قلب الحدث وان قوانا سوف لا يكون دورها أكثر من الالتحاق والالتحام بمثل هذه القوة المركزية لتضع نفسها تحت قيادتها وهذا مما افقدنا الكثير من إمكانية الصدارة في القيادة والتعبئة والتوجيه للجماهير المنتفضة بالإضافة إلى هذا ما واجه هذه المبادرة من رفض القيادات الدينية للانتفاضة في قبول أي تنسيق أو مشاركة أي قوة سياسية وطنية عراقية لقيادة وتوجيه الأحداث واتخاذ القرارات مزهوة ومغرورة بعظم ما يحيطه بتا أنصارها من الزعيق والفوران العاطفي والذي كثيرا ما كان صادرا من تجمعات وعناصر وقوى مشبوهة مرتبطة بالأجهزة الأمنية والاستخباراتية والحزبية للنظام الصدامي. بالإضافة إلى وجود أيدي خارجية عالمية وإقليمية عربية وغير عربية تعمل على حرف توجه الانتفاضة أو العمل على خنقها وفشلها من الداخل. مما مكن أجهزة السلطة من إن تنجح في دس عناصرها بين المنتفضين وهي تردد كذبا وزورا شعارات الانتفاضة و وتتظاهر برفع شعارات ورايات وتشد عصائب وتعتمر حتى عمائم المنتفضين لتجرهم نحو التدمير والحرق وأتلاف الوثائق وأثارت الاستياء والسخط بين صفوف الجماهير بسبب همجية ولا توازن الأفعال والسلوك كإحراق الدوائر بالإضافة إلى نشر ظاهرة تدمير وسلب المعامل والمصانع والمؤسسات والمدارس والمخازن على حد سواء مع دوائر الأمن والجيش والمخابرات . حيث تصدت للقيادة بشكل مكشوف ومستتر بعض الرموز الدينية لتوجه عبر مكبرات الصوت بشكل ارتجالي غير مدروس *.إن هذا الوصف لا يدعنا نهمل الاندفاع الجماهيري العفوي للثورة ونزوعا للخلاص من نير الدكتاتورية وما تمتعت به هذه الجماهير وخصوصا الشباب الثائر من روح الفداء والتضحية قدموا فيها أروع صور الجود بالنفس والمال والوسائل مما يؤكد ويدل دلالة أكيدة إن ما حصل في اذار1991 هي انتفاضة جماهيرية ربما لم يشهد مثلها تاريخ العراق الحديث وقد شهدت المقابر الجماعية صحة هذا الوصف حيث لم تميز السلطة الفاشية بين الجميع في مجازرها وأوصاف ضحاياها. كان اشد أنواع وأساليب الإساءة ابذءا للانتفاضة وفشلها هو محاولة قوى الإسلام السياسي لحرف الانتفاضة وخنقها بإدخالها في نفق الطائفية وإلباسها أردية رموزها ومحاولة تناسي وطمس تضحيات القوى الوطنية والسياسية وخصوصا الأحزاب والقوى اليسارية وحتى الدينية الأخرى ودورها في الكفاح ضد الفاشية الصدامية على مدى أكثر من ثلاثين عاما مما فت من عضد الجماهير وأثار لديها الريبة والتردد والشكوك والخوف مما تساق إليه من مستقبل مجهول .
فبدلا من الحفاظ على الوحدات العسكرية وزجها في المعركة ضد أجهزة السلطة والاستفادة من أسلحتها و خبراتها وقدراتها في الحفاظ على المؤسسات الحكومية وحفظ الأمن كان يتم تجريدها بشكل فج من السلاح وإلباسها الملابس المدنية وتسريحها بشكل عشوائي افقد الانتفاضة قوة عظمى يجب إن تكون هي حربة في صدر الفاشية فأعطى مثل هذا التصرف الفرصة الكافية للقوى المخابراتية و الأمنية لتستحوذ على أو تحرق وتتلف الكثير من الوثائق الهامة جدا وأدلة الإدانة القطعية ضد رموز السلطة وكشف شبكاتها وعملائها داخل النسيج العراقي فمكن النظام من ادخارهم لمثل هذا الوقت ليخترقوا بمهارة وقردنة وثعلبة فائقة كافة أجهزة الدولة بعد السقوط لتعمل كخلايا سرطانية تخرب وتهدم وتفسد هذه الأجهزة وتجيرها أو جعلها ستارا من قلب السلطة لقوى الإرهاب والسلب والقتل وافتعال الأزمات مستفدين من سياق الكسب الضيق للأنصار وللأصوات الانتخابية كوسيلة وسلم للوصول للسلطة والجاه والمال لكثير من العناوين السياسية الدينية وغير الدينية وخوفها من القوى الديمقراطية وخصوصا اليسارية منها ؟
*. عدم وجود أي دعم ومساندة لتواصل القوى الجماهيرية المسلحة المنتفضة كتزويدها بالعتاد والغذاء وتنظيم تبادل الأدوار في حماية المدن والمنشات ضد خروقات قوى السلطة لاستعادة وجودها في الشارع العراقي مما أسرع في مللها وإنهاكها وتردي معنويتها. بالإضافة إلى ذلك غياب تحرك شعبي مباشر في المحافظات الغربية والوسط ومن داخل العاصمة تضامنا مع محافظات الوسط والجنوب والشمال لتكون دعما ساندا لثوار الانتفاضة في عموم العراق . ولنا إن نعرف إن احد أسباب ذلك في بغداد و الانبار و ديالى وصلاح الدين هو تخوف وريبة الكثير من الجماهير في هذه المحافظات من الأطروحات الطائفية والحزبية الضيقة غير الوطنية والتي غطت على اغلب الشعارات المرفوعة من قبل بعض القيادات الدينية التي ركبت موجة الانتفاضة لتوجهها كما ذكرنا سابقا وجه ضيقة بما يصب في غير الصالح الوطني العراقي وافقد الانتفاضة الكثير من الدعم والإسناد المفترض من كافة انباء الشعب العراقي ضد تسلط الديكتاتورية على رقاب العراقيين جميعا أحزابا واديانا وقوميات وطوائف وعزز ادعاءات السلطة وتضليلها وتوجهاتها صوب التخندق الطائفي والعرقي دفع بعض الطوائف لتصطف مع السلطة خوفا من مد وهيمنة وسيطرت الطائفية أو القومية الأخرى وخصوصا الطائفة الشيعة والأكراد.
ومن ذلك نستطيع إن نجد الأسباب الرئيسية لفشل الانتفاضة هو غياب القيادة السياسية الوطنية المنظمة للجماهير ضد قوى النظام الفاشي وتحكمه مما افقدها القدرة على المواجهة والمناورة وإيصال الانتفاضة إلى الانتصار النهائي على الفاشية . وقد عززت هذه الحالة من الفوضى واللا نظام وعدم وضوح أو ضيق الأهداف وصبغها بالصبغة الطائفية والعرقية فأوصل رسالة لقوات التحالف وخصوصا القيادة الأمريكية إن الأمور ستفلت من زمام السيطرة وستجير هذه الانتفاضة أو هي قد جيرت بالفعل الظاهر إلى قوى إقليمية وبالخصوص لصالح إيران التي تحذرها الولايات المتحدة الأمريكية فدفع بها إلى وضع ترتيبات المهادنة مع النظام في خيمة صفوان لتكون الانتفاضة ورقة مساومة من قبل الطرفين انتهت بتسليم رأس الانتفاضة للنظام مقابل التنازل عن السيادة الوطنية وفرض الشروط المجحفة بحق الشعب العراقي وقد اتخذت الإجراءات العملية لتامين خط العودة لقوات النظام والسماح لطائراته السمتية وقوى الحرس الجمهوري والخاص لتأخذ طريقها لقمع الانتفاضة وإعادة الأمور لسيطرة السلطة الدكتاتورية وفي هذا الشأن لابد لنا أن نستذكر.إن قادة بارزين من السلطات الحاكمة الأمريكية قد قالوها علنا وأمام العالم بأنهم لا يريدون ثورة شعبية في العراق وإنما استبدال رموز السلطة الذي تدعي خروجهم عن الطاعة وليس انتهاء خدماتهم التي لازالوا يقدمونها لسلطات الرأسمال العالمي وخصوصا الأمريكي في إحكام سيطرتها على ثروات ومقدرات شعوب المنطقة وخصوصا الشعب العراقي . حيث إن كل ما أقدم عليه النظام الصدامي إنما يصب في خدمة ومصالح الرأسمال الأمريكي ومخططاته متجاوزا وصف ألعماله إلى وصف الجندي المغامر في خدمة أسياده ومن الوصول إلى التضحية بالنفس والمنصب في سبيل ذلك وهذا ما قام به الدكتاتور صدام طيلة مسيرته السوداء في العراق والمنطقة إلى حين تسليم رقبته إلى حبل المشنقة متوهما بأنه سيكون حبل إنقاذ وليس حبل إعدام متناسبا إن الامبريالية الأمريكية لم تكن صادقة لأية عهودا أو وعود ما خلا مصالحها وتبدل رموز ممثلي هذه المصالح . فان الذي حدث إن تنكرت قيادة التحالف الأمريكي لوعودها لأبناء الشعب العراقي وتسهيل عملية تسيلم رأس الانتفاضة لمقصلة الجلاد العدو المزعوم ليكون الفاعل المضموم لحدث مقبل حيث سلمته لحبل العدالة المصبوغ بصبغة طائفية لغاية في قلب بوش.مما يحول دون إن تتسلم الجماهير العراقية وأبناء العراق الأحرار زمام السلطة في بلدهم ويخلص الشعب من قوى الرأسمال والاستغلال والاحتلال وقد أدرك صاحب القرار الأمريكي إن لا زال الشعب العراقي يضم بين جنبيه قوى تناهض قوى الرأسمال العالمي وتقاوم مخططات نهب ثوراته وسلب سيادته فكان القرار الخارجي متكأ على هشاشة ولا علمية وفوضوية وضيق أفق من تصدى للقرار وتقمص شخصية الثوار في الداخل العراقي إلى المد من عمر الدكتاتورية وتسليط سوط الاستبداد والتجويع والترويع ضد أبناء العراق وصولا إلى الترويض الكامل لقواه نافضة يدها من إمكانية خلاصها بقواها الذاتية وقوى شعبها المكافح معلقة كل أمالها على المخلص الخارجي الأمريكي بالذات ومن اجل كل ذلك رسمت وخططت أكثر السينورهات الإجرامية ضد ايناء الشعب العراقي في الداخل حيث أطلقت يد الفاشية الصدامية في إقامة المقابر الجماعية وتعريض شباب العراق نساء ورجالا لأقسى أنواع التعذيب والترويع والإذلال لاجتثاث كل ما يمت إلى الوطنية والكرامة الإنسانية من أعراف وموروثات تاريخه النضالي المجيد . فتم نشر روح اللامبالاة والخنوع والشرذمة الطبقية والسياسية و الإنسانية وتعميق روح الطائفية استباقا واحترازا منها لسلب القوى الديمقراطية الوطنية العلمانية اللبرالية واليسارية دورها المفروض في تقرير مصير الشعب والوطن وقد جرى ذلك بالتناغم والتخادم بين قوى الرأسمال العالمي والامبريالي الأمريكي وقيادة السلطة الفاشية في العراق كذلك عملت القيادة الأمريكية إلى عزل الشمال عن الجنوب بان أعطت المنطقة الشمالية نفوذا وسيادة ناقصة لكردستان العراق بما أسمته بالملاذ الأمن ليكون قيدا في معصم الثوار العراقيين عموما ولقيادة الأكراد خصوصا بعدم تجاوز الخطوط الحمراء لكي تكون كردستان العراق كما هي دائما منطلقا لتوحيد قوى النضال الوطني والديمقراطي العراقي ضد مستغليه وضد قوى الدكتاتورية لتخوض نضالا وطنيا فاعلا بعيدا عن تبعية وهيمنة قوى الرأسمال العالمي والأمريكي على وجه الخصوص . وثم الإيعاز لقوى النظام المنظمة من الجيش والشرطة ومؤسسات الأمن والمخابرات بالانسحاب من كردستان لتتفرغ لقمع قوى الشعب في مناطق الوسط والجنوب مدركة مدى هزال وضعف وانهيار معنويات هذه الأجهزة الذي يسعي فسما غير قليل منها خصوصا من الجنود والمراتب الدنيا ومن الضباط الأحرار للحصول على الفرصة المناسبة للتخلص من النظام الدكتاتوري وإذلاله للجيش والشعب فافقد المقاومة الشعبية العراقية الوطنية الحقيقية فرصة كبيرة في تنظيم قوة ديمقراطية ثورية حقيقية في شمال العراق للإطاحة بالسلطة الدكتاتورية الصدامية في قمع والسيطرة على وسط وجنوب العراق بالإضافة إلى ارتهان الشمال للقرارات الدولية الأمريكية وقد تمثل ذلك جليا وواضحا في الالتفاف على قرار 688 وعدم تفعيله ليكون من أكثر القرارات الدولية الساندة لنضال الشعب العراقي ضد الفاشية الصدامية وحصول الشعب على حريته دون الحاجة للتدخل الأمريكي العسكري المباشر. عمد النظام بتكريم القوى العسكرية والأمنية المهزومة وتقليدها الرتب والنياشين كمقابل غير مسبوق لاحتواء إحساسهم بالهزيمة والانكسار موجها غضبهم وشراستهم ضد أبناء شعبهم من العراقيين المنتفضين ليستبدل احتلال الخارج باحتلال ونهب وإذلال الداخل ... وأعطى الفسحة والوقت الكافي لتطويع وتركيع وتوبيخ وحتى تقطيع نسيج المجتمع العراقي عموما ليكون لقمة سائغة لقوى الاحتلال الامبريالي المباشر وهذا ما حدث بالضبط في 9 / 4/ 2003 بعد انهيار وسقوط السلطة الدكتاتورية في بغداد دون مقاومة تذكر . ونجاح مخططات الرأسمال الأمريكي في إدخال العراق في أتون الصراع الطائفي والعرقي بعد إن استجابت قوى ( المعارضة ) العراقية المسلوبة الإرادة والمسحوبة بقوة الاحتلال إلى الزحف لاعتلاء كراسي الحكم تحت يافطة المحاصة الطائفية والعرقية البغيضة وبذلك أصبح العراق تحت لعنة برا يمر سيء الصيت وتحكم قوى الرأسمال العالمي واختلط الحابل بالنابل في آتون حرب أهلية عرقية طائفية أفقدت حتى المقاومة الحقيقية وسائلها ومشروعيتها تحت هيمنة قوى الجريمة والإرهاب والظلامية ... وليس بخاف الواقع الحالي لوطننا وشعبنا المهدد بالفناء والتقسيم والذي يعيش في ظل الفقر والبطالة والموت والى اجل غير معلوم وهو لا يعلم ما هو ثمن أمنه وسلامه واستقراره ووحدته ؟؟؟ وهو لا زال يئن تحت سياط الاحتلال والاستغلال والعنف والقتل ويمر آذار تلو آذار والشعب لا ينعم لا بالحرية ولا بالأمان ولا بالرفاهة والاستقرار . فهل محاربة وإضعاف الإسلام هو الثمن وها هو قد أصبح عشرات الفرق والملل يكفر ويقاتل بعضها بعضا؟أم وحدة العراق هي الثمن وها هو العراق أصبح مقسما فعلا أقاليم ومناطق ومحافظات وربما إحياء وحارات ؟ هل النفط هو المطلوب ؟ وها هو قانون الاستثمار ومبدأ المشاركة في الإنتاج مطبوخا وسط دخان الحرائق ليكون بعيدا عن وعي ونظر المواطن العراقي وهو يسلم 75% من الثروة النفطية ولعشرات السنين للاحتكارات النفطية بل إن كافة وسائل الإعلام كأنه نثر للدورات النفطية على رؤوس العراقيين !!!. هل الإنسان العراقي وتاريخه هو المستهدف ؟ ها نحن نشاهد اغلب العراقيين وهم عبارة جذوع نخل خاوية ؟ من عذاب الحرمان والظلم والاستغلال والإرهاب . إن حرقة الألم وحسرة العدم وآهة المرارة مما نحن فيه وقد تكالبت على قطرنا العراق كل قوى الشر والظلام في الداخل والخارج حيث يسحق العراق أرضا وشعبا وتدميره كوطن ونسفه كمستقر وسكن. أفلا من ناصر ينصر العراق إما من مغيث يغيث شعب العراق إلا من حامي ومدافع يدافع عن الأطفال وشيوخ ونساء وشباب العراق. صرخة طالما رددناها ونرددها في سهول وجبال ووديان واهوار العراق عسى إن تستيقظ القوى الوطنية الصادقة العراقية بمختلف أطيافها لتنسى خلافاتها وتعود لوطنيتها لتنقذ العراق من حال الخراب والدمار . نعود ونجدد صوتنا ونداءنا هذا بالخصوص للقوى اليسارية العراقية حاملة راية الديمقراطية والعدل لتكون بمستوى مهامها الوطنية والطبقية بإقامة حد ادني من التحالف ونبذ الخلافات لتكون في طليعة القوى المناضلة كما هو عهدها دائما من اجل عراق حر مستقل موحد حيث يؤكد التاريخ النضالي بكل شواهده العالمية والوطنية عجز وعدم قدرة وتردد قوى الإقطاع والبرجوازية الطفيلية((القطوا زيه)) القبلية وقيادات الدين السياسي عن حمل راية الكفاح التحرري الوطني الديمقراطي بسبب بنيتها وتركيبتها وحقيقة وجودها وطبيعة حراكها كقوى ما قبل الحداثة وارتباطها المصيري بقوى الرأسمال العالمي و أنانيتها وعدم إيمانها الحقيقي بالحرية والديمقراطية طريق وهدف التحرير المطلوب وان غاية ما تسعى إليه لتكون المحتل ((الوطني)) البديل للمحتل الأجنبي الدخيل . وقد كانت ثورة العشرين دليلا ساطعا ولازال ماثلا للعيان وكذا هو الأمر بالنسبة للقوى القومانية بمختلف أطيافها وتوجهاتها وادعاءاتها عبر انقلاباتها ومؤامراتها وتعاقبها على دست الحكم.
وهذا هو الحاضر يؤكد صحة ما نقول فبعد  سبعة سنوات من هيمنة هذه القوى على زمام الحكم منذ 9/4/2003 ولحد ألان حيث فاقت كل التاريخ السابق من حيث ضيق افقها وفسادها وعدم حكمتها مما جر العراق إلى المزيد من الخراب والدمار وهو يعيش   تحت وطأة  الإرهاب وانعدام الأمن والأمان والبطالة وتفشي الفساد والإفساد وفقدان ابسط الخدمات.
فهل استطعنا إن نتعظ بآذار الأمس لنكون بمستوى آذار اليوم. وما سيسفر عنه ((عرسه الديمقراطي))  الذي لابد سيشهد خسارة وهزيمة  كبيرة ل((اليسار )) بقيادته التقليدية وهو  يركض مع جوق  الهرج السياسي لعله يمسك  بكرسي في قبة البرلمان متخليا عن كونه  طليعة  جماهير الكادحين والمعدمين والمهمشين وكل  أحرار العراق حتى وان كان الثمن  كل الماضي الكفاحي الجبار لأجيال من الشيوعيين الأبطال اللذين ضحوا  بالنفس والنفيس من اجل محاربة قوى الاستغلال والاحتلال في كل زمان ومكان!!!!


110
مخاطر  الخنادق    وتعبئة  البنادق

الذي يجري  في عراقنا اليوم نشاط محموم من قبل   القوى السياسية المهيمنة  على السلطة  ، لتعبئة الجماهير الهتافة باليعيش واليسقط في ساحتين متقبلتين تبدو وكأن احداها يعارض الاخر ويتقاطع معه وهناك ساحة ثالثة تبدو متفرجة وكأن الامر لايعنيها لامن بعيد ولاقريب ..... هذا الحال الذي تهيمن عليه النعرات الطائفية والقومانية ، انما خلقها وصنعها ساسة لهم مصلحة في حفر هذه الخنادق وبناء هذه المتاريس المحتقنة ،يفور بحقد وغضب بعضها على البعض الاخر ، هذه الخنادق والمتاريس صنعت ليكي يختبيء خلفها  الحاكم ويحصن نفسه من مسائلة الشعب بسبب طائفيته وفاسده وافساده وبسبب ارتكابه للجرائم من مختلف الاحجام والقياسات دون اي اعتبار لمصلحة الشعب والوطن .....
وراء المتاريس شعارات ومطالب جماهيرية تلتقي حولها كل اصوات احرار ومهمشي العراق من مختلف الطوائف والاديان والقوميات والاجناس العراقية يفترض ان تتحد هذه الاصوات مع بعضها لتخرج موحدة مبعدة  جماهيرها من زيف الطائفية والقومانية والعرقية المقيتة لتجبر السلطة الحاضرة والقادمة للاستجابة لمطالبها في بناء وتاسيس دولة المواطنة والرفاه والحرية دولة المؤسسات والدستور الديمقراطي الخالي من امراض العرقية والطائفية والعشائرية ... دولة العدالة والمساواة وسلطة الشعب الحر السعيد والوطن الواحد الموحد .....
حميد الحريزي

111
مقامة الديـــــــــــــــــــــــــــــــــــك!!!؟؟؟


حميد الحريزي

بعد إن دال الزمان وتهدمت دولة المستبدين الرعيان , وقد خسر عبد الله المؤمن الرهان, فاختار جحر الجرذ والفئران, متواريا عن أنظار أولياء نعمته الأمريكان, فأصبحت موحشة بغداد الأنس والغيد الحسان ,منارة العالم في كل ارض ومكان .استوطنتها سرايا العفاريت والأشباح والجان  وغطى سماءها الرحب  الدخان  ملأت شوارعها جثث النساء والأطفال والفتيان وغاب عنها  الأمن والأمان وسكن الدور والحواري والقلوب الشيطان واستبيح دم ومال الإنسان , الكل يقتل ويمثل ويذبح باسم الرحيم الرحمن!!!!!
اقتتل الإخوة ورحل الجيران واحرق الإنجيل والقرآن, فلا حرمة لشهر حرام ولا لرمضان.
اختلط الأصل بالفرع, ومات الزرع والضرع, ساد على السلوك النفع والانتفاع, وسلط على رقاب الناس الرعاع, فصار المبدأ والدين قناع, وأصبح الحق غريبا مضاع.
يوم ساد فيه أصحاب( العمائم )وذوي المحابس والقلائد والتمائم وكثر الحديث بحلول الساعة وقرب ظهور القائم.
.فقد أعاد الامريكان علينا ملوك وخلفاء وأمراء العصور الغابرة بعمائمهم الملونة وسيوفهم وحرابهم ورماحهم المسننة بين سلطان حاكم قابض و (مقاوم) متمرد معارض. يتوضئون يوميا بدماء الأبرياء ويأذنون ويصلون ويكبرون وسط الأشلاء.
طال بهم المقام وهم يقومون بدور وعاظ السلاطين ,  فقد آن الأوان ليكونوا امراءا للمؤمنين, فقد جاء الفرج  ووضع  طوع أمرهم التاج' فأزال السدود والقيود, وحررهم العم سام وجنبهم الخجل والإحراج. وأصبح الشيطان الأكبر صبوحا صديقا حميما مطهرا.
ثارت لديهم غرائز الملك والتملك, وخلعوا قناع الزهد والتنسك,زينت أصابعهم  بأنواع الخواتم وأثقلت رقاب نسائهم بالقلائد والتمائم ،وتحقق حلم البيوت الفسيحة, والنساء والجواري المليحة,ذللت لهم ظهور دواب البر وطيور الجو من السيارات والطائرات  فاقتنوا  ما صعب على العد من الأنواع والماركات.
كان لهم ماشاؤا من الجواري والغلمان والخدم،  فسبحوا بحمد(برا يمر) لما من عليهم من العطايا والنعم.
لايريد احدهم أن يكتفي بما غنم ولا يرضى بحكم حَكَمْ, فأزبد وأرعد واتهم وتوعد  :- آن أوان إنصاف الطائفة وسحق كل الطوائف المخالفة ، فتشتت شمل المصالح المتآلفة؟؟!! يتقاتلون قتال الديكة دون ملل،، على منافع الشعب يختلفون لانجاز منافع العامة يعترضون، وعند مصالحهم بالإجماع يصوتون، وعند الولائم والعزائم يتضاحكون ويتسامرون(إنا لله وإنا إليه راجعون).
أجادوا خطب وبلاغات الاستنكار والإدانة، تنكروا لكل العهود وخانوا الأمانة ،أتقنوا طرق الصراخ والنواح والرطانة'حازوا على أعلى المراتب في كل أنواع المفاسد والمصائب فهم الأول في كنز الأموال والغنيمة وهم الأول في النفاق والشقاق والنميمة.
 فلا نيران الحرائق تؤلمهم ولا أشلاء الضحايا تعذبهم,فهذا قدر العراقيين  وإنما يريد الله أن يختبر صبر المؤمنين!!!!
 يعملون بربع وزارة  ولا يعرفون معنى الخبرة والمهارة  لا يحفظون ولا يجيدون غير البسملة والحوقلة وموسم الحج والزيارة. فليتعلم الناس الصبر ويتأقلمون مع الخطر لا يعتادون حياة الترف والبذخ والرفاهة والبطر.
فالناس في ظلهم بنعيم بين معزوم مع الرسول, ومقطوع الرأس مرميا في المزابل والحقول وكلاهما لاشك من الشهداء فقد مهدوا لهم(أهل الفتوى) طريق الشهادة وجنبوهم متاعب الحكم والمسؤولية والسيادة.
 وانأ في عز المنام  زارني ملك الغيب والحلال والحرام.
سألته مولاي متى يمن الله بالأمن والسعد والرفاه على الشعب المضام؟؟؟
تأوه وتفوه وهو شحيح الكلام
اسمع يابني وافهم ما أمليه عليك:-
مادمتم على هذا الحال فقد عز عليكم المنال وحق عليكم المقال انظر الفرج في يوم وشيك، يوم يدر الثور حليبا ويوم يبيض الديك؟؟؟؟!!!!!
عندها صحوت من المنام وغاب عني محدثي في( همره) في غياهب الظلام .
فصليت على محمد وذهبت أتفقد قفص الديك السعيد عسى أن يتحقق الوعد والوعيد!!!!!


112
زناة الحـــــــــــــــــــــرف
حميد الحريـــــــــزي

اتركوني
اتركوني   امارس جنوني
اتركوني اقلع عيوني
كي  لا اراكم
ولا
تروني
جرائكم تعوي خلفي
قرودكم  تلاحقني
 عوراتكم
 تقبح وجه الدرب
تشوه  وجه 
الفجر
تكفر  بآيات
الرب
  جيوبكم   محملة  بالذل
وجناتكم دنانير
مزورة
اناملكم مناكيش
قمامه
تفجرت  بالونات زيفكم
ادمت  شبابيك
 حروفي
 واختفت خلف
عمامه
تتمترسون  خلف الكذبة
و
الدجل
تزنون  بحقائق  التاريخ
بلا
 وجل
ولدتكم امهاتكم
بلا اذن  ولا
 مأذونِ
بالشيطان  الاهكم 
دعوني
ما عدت احتمل   قيح شفاهكم
الأفاعي  امهاتكم
لفضتكم مقابر 
الكلم
تهللون للدعارة 
 و
المجون
صيرتم ((الثقافة )) قحبة
عريكم
 اغتصبتموها  بالجملة
 اولدتموها  ارتال
 حمير
 تنهق عند الشهيق وعند
 الزفير
شوهتم   أ سماء الانسان
الحسنى
 سحقا لكم  زناة الحرف
اورثتموه  سفلسكم
عباد
اللقمة
سودتم وجه  الفكرة
سطرتم  قنابر  برازكم
فوق 
السطر
ولبستم  تاج العهر
  من  نصبكم
 ولاة
الامر؟؟
اشحذوها سكاكين ذلكم
بإست  ِ   جواريكم    وتعالوا
اذبحوني
اتركوني
اتركوني
لجنوني
تَرَّفَــــــــــــــــــــــــع  نعلي   على   معابد
 آلهتكم
 سيبقى  نتـــــــــــف لحى  زيفكم
عنوان
جنوني
استحلفتكم بحمالات  نهود
عواهركم
دعوني
 القوادون يُزَيّنونَ مجالسكم
الهوامش أنتم
خصيانكم   لب
المتون
بايعتم   رأس  المال
 بعتم الوطن  في سوق
الخردة
تبرأت  الضباع   منكم 
نجستم أرض السواد   بسوادكم
كفاكم  زيفا
كلاب  الصيد  انتم
عبادا
للسلاطينِ
25-11-2012



113
المنبر الحر / للوطن رب يحميـه
« في: 00:03 20/11/2012  »
للوطن  رب يحميــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه



حميد الحريزي          


قصف تركي يحرم أسراً من المياه في دهوك ))
دهوك – الزمان
دمرت طائرات حربية تركية مشروعاً لمياه الشرب خلال شنها هجوما على إحدى القرى الحدودية في محافظة دهوك. وقال شهود عيان من سكان قرية خانكي في ناحية كاني ماسي الحدودية امس إن (طائرتين حربيتين تركيتين قصفنا الليلة قبل ألماضية مشروعاً لمياه الشرب في قرية خانكي التابعة للناحية)، مبينين أن (الهجوم أسفر عن تدمير مصدر مياه المشروع وأحواض الخزن)، واضافوا أن (نحو 17 أسرة من أهالي القرية حرموا من مياه الشرب النظيفة)، مشيرين الى أن القصف استمر لنحو ساعة).
لبيشمركة تشتبك مع عمليات دجلة وتوقع خسائر

تصاعد تبادل الاتهامات بين بغداد واربيل اثر اشتباكات بين قوات الجيش والبيشمركة راح ضحيتها 11 عنصرا.و حذر مكتب القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي قوات البيشمركة من استفزاز القوات الحكومية.ودعا المالكي في بيان تلقته (الزمان) امس القوات المسلحة إلى (التزام الحيطة والحذر والتقيد بأقصى درجات ضبط النفس في التعامل مع أي استفزاز عسكري محتمل))!!!!!!
من يقرأ  الخبرين  اعلاه  يشعر بمدى   التدهور  الذي  وصلت اليه  الطبقة السياسية الحاكم في  العراق ، بلد  مستباحة حدوده  وقراه  من قبل  قوات  اجنبية  مرة  تركية واخرى  إيرانية   ، تضرب تدمر  تقتل  دون اي  رادع  ودون اي حساب  ، لامن  السلطات  الحكومية  ولا من   الحليف الاستراتيجي  للعراق   التزاما  ببنود  المعاهدة الامنية الموقعة مع الولايات  المتحدة الامريكية .......
كل هذه الانتهاكات تحصل  بشكل  مستمر  ووقح  في  حين  نشهد    توتر العلاقات  بين اطراف  العملية السياسية وخصوصا  حكومة كردستان وحكومة  المركز في بغداد  حول  ما يسمى  بالمناطق المتنازعة عليها   وكأننا  في  دولتين  منفصلتين  وليس  بلد واحد موحد ..... حتى وصل الامر  الى  درجة النزاع العسكري المسلح بين   قوات المركز  وقوات    البشمركة    لحماية الاقليم ..... يقتتلان بينهما    بالسلاح الذي  يفترض  ان يكون موجها   ضد  العدو الخارجي  ومن اجل حماية امن  وسيادة   المواطنين العراقيين  على الحدود الشرقية خصوصا  ، مما يعتبر جريمة كبرى  بحق   الشعب  والوطن وشرف  حمل السلاح باسم الشعب  والوطن ..... ان  مايجري   يؤشر الى حالة غاية في  الخطورة  تنذر   باحتمال  تفاقم الصراعات  بين   القوى  المهيمنة على السلطة  من مختلف  المكونات  ويؤدي  الى تشرذم  وتقسيم الوطن الواحد  وفتح  باب  التدخل الخارجي  الاقليمي  والدولي  على مصراعيه   في  العراق ...... تطالب سلطات  الاقليم  بتسليح وصرف رواتب  ((البشمركه)) من  خزينة الدولة  لكن دون  ان تكون هذه القوات تحت امرة  وزارة الدفاع العراقية ، والاكثر من ذلك  تقف بوجه   القوات الاتحادية  في  دخول كردستان  او محاولة صد هجوم خارجي !!!!!!
المواطن العراقي    يشعر بالألم  والغيظ الشديد حد  الانذار  بالتفجر    على   السلطات الحاكمة في العراق  وعراكها المتواصل على المناصب  والمكاسب    في حين  تبقى حدود الوطن مستباحة للأجنبي  وروح المواطن العراق  ودمه مهدورا في  الداخل  عبر عمليات  الارهاب  المتواصلة  وفشل اجهزة الامنية  من توفير الام الامان   للمواطنين   رغم الاعداد  الهائلة   لإفراد  المؤسسات الامنية  والأموال الطائلة   المصروفة   عليها ...... نسال  اذا  كنتم  تتقاتلون  فيما بينكم  فمن يحمي  الوطن  ومن يحمي المواطن  ... انكم   تتقاسمون المغانم  والثروة     اما   الوطن فله رب يحميه ...؟؟؟






114
تجمع(( فنانو العراق)) يعانق مدينة   النجف الاشرف




بتاريخ  17-11-2012  التقى جمع من  فناني  وأدباء  وكتاب  العراق في  مدينة النجف الاشرف    في   البيت الثقافي   بحضور  الاستاذ محمد  اللامي  مسئول  تجمع((  فنانو العراق)) ، للتداول في شؤون الثقافة والأدب  والفن   في   العراق الجديد  ،   استهل اللقاء   بشرح    وافي من قبله  لبرنامج  وأهداف   واليات عمل  التجمع  ، واهم النشاطات  التي   اقامها  ، والتي كانت محل اهتمام   الكثير من المنظمات   العراقية والعربية والدولية ، مؤكدا  على   روح التضامن  والمحبة  والتواصل بين  مختلف   العناوين  الفاعلة   في مجال الثقافة  المنتجة  ، لنشر روح  المحبة  والحس   الانساني  الرفيع  برسالة الفن  في كل مجالاته ..... كما اكد على  ميزة اساسية  للتجمع  تتجسد  كونه يضم  مختلف  مناحي الابداع   كشعراء   الفصحى والشعبي  والكتاب    وكتاب القصة والمسرح  والفن التشكيلي   واالموسيقى  والنشاط المسرحي  كتابة  وتمثيلا وإخراجا .....   مؤكدا  سعي التجمع  لتفعيل دوره في     مدينة النجف الاشرف  لوجود   العديد من  الادباء والفنانين    والكتاب  في مدينة العلم

 والثقافة .... ..... ثم   فتح  نافذة  رحبة  للنقاش  والاستماع الى  اراء وملاحظات الحضور  ...  التي اغنت اللقاء  بالعديد  من  المداخلات   الهامة  والمفيدة .......
اختتمت الاصبوحة  بتبادل   تحيات  الشكر والتقدير   للاساتذة الحضور   ممثلي   التجمع    مع   فناني وادباء    النجف   على  ان  تكون اللقاءات مستمرة  في  المستقبل القريب ......

 الاديب  والصحفي
حميد الحريزي
رئيس تحرير  مجلة الحرية

115
المنبر الحر / (قول على قـول
« في: 15:23 15/11/2012  »
((قول  على قـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــول))
قال الامام  علي عليه ألسلام
  ((اذ دعتك  قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك))


حميد الحريــــــــــــزي         
 القدرة على الظلم  يمتلكها  الانسان حين يكون في موقع القوة والسلطة  على من هو  اضعف منه ، هذه القوة  اما  تكون قوة جسدية  ، او قوة  العزوة  والتبع   والمال ، او قوة  المنصب  السلطوي.............
فأما قوة الجسد  فهي قوة طبيعية  سواء اكانت طبيعية بالولادة او مكتسبة بالتمرين  والرياضة  ، تقترب هذه القدرة ان  استغلت استغلالا تسلطيا  على الضعفاء في  البنية من ابناء الجنس الواحد فإنما تدل  على نكوص  الفرد نحو  الوحشية وطبيعة الافتراس ند الحيوانات كما يحصل في الغابة .... ولاشك ان هذه القوة غير دائمة فالإنسان  بطبيعته ضعيفا يمكن ان  تهد كيانه اضعف الكائنات الحية ومنها الطفيليات وحيدة الخلية والبكتريا والفايروسات التي  لا ترى إلا  بالمجهر الالكتروني .... فما اجدر بمالك القوة الجسدية ان يكون حكيما   متبصرا .... متآخيا مع اخيه الانسان الاضعف جسديا، ومنها الاطفال والمرض والشيوخ والنساء ... وإلا  ينحدر الى مستو ى الحيوان الوحش....
اما  القوي الثاني بقوة الانصار والإتباع لقبيلته  ولحزبه وطائفته  وعصابته .... فعليه ان يدرك بان قوته هي حاصل  جمع  قوى الضعفاء والأقل نه  شأنا في  المرتبة  القبلية  او الحزبية  او من شلة العصابة ... يتوجب عليه ان يحترم هذه القوى التي  صنعت منه جبارا  قويا  ، حيث يمكن ان تتخلى عنه  وتنقلب ضده ليكون من عامة الناس ان لم تصفيه  جسديا وفي التاريخ البعيد والقريب   الكثير من الشواهد  على هذه  الوقائع  والحوادث  حتى داخل العائلة الواحدة .....
اما قوة السلطة وهي الاخطر بين  اشكال وأنواع  قدرة الظلم والقهر  لأنها تستند على  قوة الردع للدولة  وهيبتها  ونفوذها  ... متمثلة بالحكومة التي يفترض ان تكون مستوظفة  لدى المواطن  الانسان  الفرد في البلد المعين ومن ثم الشعب وليس العكس كما هو في  بلداننا ..... تاني خطورة هذه  السلطة وامتلاك هذه القدرة حين تكون غاشمة ومستبدة تتحكم في مصائر  الناس وحياتهم ... باسم القانون مستغلة المنصب الوظيفي المسند اليها من  قبل  راس الحكومة ... هذا الامر ينطبق على  كل  مكونات  الهيكل الهرمي في مؤسسات الدولة كرئيس الدولة  ورئيس الوزراء  انتهاء باسط رجل  امن في الشارع  او موظف  حكومي ...
ان ثقافة  الهيمنة وسد نقص فرض الارادة  بين الاعلى والأدنى  في مجتمعنا تفرز الكثير  من السلوكيات  والممارسات  السادية المستندة  على قوة المنصب  وضعف الذات ... وللأسف نجد هذا السلوك  متمثلا   حتى لدى  ذوي الشهادات العليا  من المدراء والمدراء  العامين  وعمداء الكليات والمعاهد  رغم ان بعضهم يحمل   درجة عالم  وبرفسور في اختصاصه .....
فالمدير القدير يدير مؤسسته ودائرته  بالإقناع  والقدوة والمثل الحسن وبذلك يكون بمثابة الاب الصالح  الحكيم في تعامله  مع افراد اسرته ..... هكذا يكون امام مرؤوسيه من موظفين او عمال او طلبة وحتى وزراء  .. يعمل جاهدا الى  تنمية  روح التفاني وحب  وإتقان العمل لديهم   مقتدين بسيرته وسعة صدره وحكمته في انجاز واجباتهم  وتعاملهم  مع مواطنيهم ضمن عملهم الروتيني اليومي .....
المدير الناج او المسئول الناجح من لا يضع مبدأ العقوبة في اولويات اجراءاته وقراراته في تقييم وتقويم فعل وسلوك معيته بل  ان يكون ناجحا وقادرا على ترسيخ النزاهة والتفاني  والإبداع في  العمل لديهم لتكون العقوبة اسوء الحلول في الادارة الناجحة ..
ان يضع نفسه محل الموظف او العامل او الطالب او المواطن الذي يريد محاسبته وبالتالي يحكم هل ان اجراءه منصفا وعادلا ومقوما ؟؟؟ اهو نابع من دافع شخصي لإظهار السلطة والجبروت ضد الادنى والأضعف  ؟؟؟
ان يسال نفسه هل ما فعله نابا فعلا من حرصه على الصالح العام  وتطور العمل  وليس لانه لا يظهر  مزيدا من التبجيل  والقردنة والولاء لسيادته ؟؟؟
هل ان  ما اقدم عليه   وسبب  فيه الاذى للادنى هو  الحل الوحيد لمعالجة حالة الخلل او النقص او الخرق الذي يرى ان الانسان الاضعف اقدم عليه ؟؟؟
من كل ذلك نخلص الى المعنى الكبير لحكمة سيد البلغاء ونصير المظلومين والفقراء الامام علي عليه السلام وهو يذكر هؤلاء الطواغيت ان مهما بلغ جبروتكم وسلطتكم فسلطة الله   اكبر منكم وسيحاسبكم   ان في الدنيا او الاخرة ..... والأمر الاشد مرارة ان يصدر مثل هذا الظلم من ادعياء  شيعة الامام علي  وممن ادعوا بالحرية والديمقراطية والعدالة ... وممن من الله عليهم  بالمناصب  والمكاسب  فأداروا  لنعمته  ظهر المجن  فاستكبروا  واستأثروا  .. ونسوا  قول   الامام علي عليه السلام (( احبب لأخيك  ما تحب لنفسك واكره له  ما تكره لها ))
فهل يحب هذا  المنكر ان يظلم  وان يهان  وان  تسلب حقوقه ؟؟؟
هذا ماالله واتقواؤمن بالله  واليوم الاخر  اما من لايؤمن فلابد له ان يتعض من دروس التاريخ ويعلم بان فوق  كل   جبار  قدير  وفوق كل جبار من هو اقوى منه وان السلطة لو دامت لغيرك لما وصلت اليك  ، عليه ان يستمع  لكل اصحاب الرسالات  وأصحاب الحكمة وعظماء التاريخ ..... عليهم ان يعرفوا ان الظلم والقهر   دمر اعظم الامبراطوريات واشد الديكتاتوريات  بطشا في التاريخ .... فاسمعوا وعوا يا  اصحاب المناصب  .... ويا حديثي النعمة ممن   حصلتم على فرصة الحكم والجاه  وما كنتم   بها تحلمون  .... اتقوا الله  واتقوا   قيم الحق والعدل في تعاملكم  مع  الناس ...

116
((قرر مجلس الوزراء العراقي الغاء البطاقة التموينية وابدالها بمبلغ ((500)) دينار أي مايعادل ((400)) سنتا يوميا اعتبارا من  شهر اذار 2012!!!!!!!
     
((رادله گــــــــــــــرون گصــــــــــــــوا اذانه ))


حميد الحريزي

قرأت مذكرات احد المناضلين العراقيين المقاومين للنظام الدكتاتوري السابق ، في معرض حديثه ووصفه لما يتعرض له السجين السياسي من قبل أجهزة الدكتاتورية آنذاك من تعذيب وأساليب يندى لها جبين الإنسانية الغرض منها كسر شوكة السجين السياسي وانهياره في زنزانات التعذيب بواسطة ماابتكروه من وسائل التعذيب والترهيب مترحما على العهد الملكي مقارنة بالعهد الجمهوري حيث عاش ظلم وملاحقة العهدين كمناضل مخضرم. فيروي إمكانية مواجهة السجين ومن الممكن أن يوكل محامي وتجري له محاكمة علنية حيث يمتلك القضاء نوعا من الاستقلالية لاتقارن مع الوضع في الجمهوريات المتعاقبة على سدة الحكم في العراق وكان من الممكن أن يزوره ذويه في أوقات معلومة وإيصال احتياجاته وتلبية طلباته ولايآخذ ذوييه حتى من الدرجة الأولى بجريرة فعله كما فعلت الأجهزة الأمنية للنظام السابق ضد أقارب المعتقل السياسي حتى من الدرجة الرابع أو مابعدها
والرجوع للمقارنة بين العهدين ترينا الكثير من الإشارات والدلائل على أفضلية النظام الملكي والتزامه بحقوق الإنسان وهذا ليس انحيازا منا للنظام الملكي على حساب النظام الجمهوري بالطبع.
أما الآن فيظل (النظام الديمقراطي الجمهوري المعولم)بإشراف الولايات المتحدة الأمريكية راعية الديمقراطية وحقوق الإنسان.نرى رؤوس تقطع ودور تهدم وأعراض تهتك وملايين تهجر في الداخل والخارج....سرطان مستفحل وكوليرا فاتكة وحصة تموينية هزيلة مقطعة الأوصال متهالكة شهر بعد شهر. قنينة الغاز أميرة الشارع العراقي بامتياز...تحسد المحافظة أختها بسبب سويعات معدودة لوجود التيار الكهربائي والماء...تتساوى جميعها بالخضوع لسلطة المليشيات والعصابات والأشقياء وليس لدولة القانون...محسودا من صار شرطيا حتى وان حمل البكالوريوس والماجستير في الهندسة أو الاقتصاد أو أي فرع أخر من العلوم وان عليه إن يؤدي التحية والخضوع إلى سيده الضابط الشبه أمي ومن مختلف الرتب ومن بقايا جيش القدس وجيش النخوة أو من مليشيات المقاومة للنظام لدكتاتوري ولا باس أن يكون من جيش الصحوة حتى وان كان من الجلادين في الماضي والحاضر......الخ
فان منح صدام الرتب لاقرباءه وكوادر حزبه ومخابراته فإنها بالتأكيد أسماء يمكن عدها ومعرفتها بسبب محدوديتها وتخضع لمرجعية حزبية واحدة ... لكن أسماء ورتب ونياشين ألان لايمكن عدها ولايمكن معرفة مرجعيتها ناهيك عن مؤهلاتها المهنية لحمل مثل هذه الرتب والنياشين والمواقع والمهام الموكلة إليها.
مما أدى بالكثير من الناس الترحم على أيام صدام وحكمه ونظامه ومنها ربات البيوت لعوائل العاطلين وصغار الموظفين والمستخدمين والمتقاعدين حيث لاغاز ولانفط ولاتمن ولاسكر ولاطحين .في ظروف معاشية غاية في الصعوبة وأزمة سكن لاتوصف وإمراض لاتعد مقابل رفاه وبذخ أصحاب المليارات ومئات الملايين ممن كانوا من رفاقهم المفلسين ممن التحق بالمليشيات المتنفذة والأحزاب المهيمنة على السلطة. كيف لنا أن نتطلع إلى ماحلمنا به بعد زوال ليل الدكتاتورية في بناء عراق ديمقراطي مستقل حر امن وشعب سعيد مرفه في ظل دولة الدستور والمؤسسات الديمقراطية الحقيقة
فواقع الحال بعد الاحتلال يذكرنا بحكاية طالما يرويها أهلنا حينما يجور عليهم حكام عصر حاضر قياسا بما فعله حكام عصر غابر.
حيث يروى إن احد الأشرار اختص بسلب أكفان الموتى بعد دفنهم ليعتاش على أثمان بيعها مما دعا الناس إلى لعنه على رؤوس الإشهاد بعد موته باعتباره مثالا للوحشية والخسة وانتهاك المحرمات مما أغاض ولده من بعده وهو يسمع شتيمة أبيه بإذنيه دون خجل وقد عرف سبب هذه الشتيمة لأبيه عندما أخبرته أمه كيف كان يفعل أبيه بالموتى وهو لم يزل صغيرا آنذاك وهذا ماأثار غضب الناس عليه.
فاقسم الولد إن يجعل الناس جميعا يترحمون على والده ويتاسفون على زمانه. فاخذ لايكتفي بسلب كفن الميت بل يدق خازوقا في دبره دون أية شفقة أو مراعاة لحرمة فضج الناس لهذا الفعل الشنيع الغير مسبوق متأسفين على عصر أبيه حيث لم تسمح له أخلاقه أن يخوزق الميت كما هو حاصلا الآن واخذوا يترحمون عليه فأنهم كانوا له من الظالمين.
وهاهو المواطن العراقي البسيط وبعد أن انهارت أمام ناظريه حتى أكواخ أمنياته وأمانيه ناهيك عن جنات عدن وقصور ووعود العم سام ورهطه ومواليه ومريديه (حفظهم الله جميعا) في العلبة الخضراء فلا امن ولاامان ولامصنع ولابستان ولاقصر شاهق البنيان ولالحم ودجاج وألبان فقعد ملوما محسورا مهموما بعد أن خسر كل شيء فقد وجبة الديكتاتورية ولم يحظى بجنة الديمقراطية  وهاهو قرار الحكومة ((الرشيدة)) بالغاء  البطاقة التموينية  وابدالها  ب((500)) دينار يوميا  أي مايعادل سعر قنينة ماء شرب واحدة مرددا المثل الشعبي المعروف
              (رادله گـــــــــــرون گصـــــــو أذانه).!!!!


117


اهلاً  يــالحبيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــب

الى روح القاص المبدع زميلنا الراحل ((زمن عبد زيد))
 

حميد الحريـــــــــــــــــــــــزي



((اهلا  اهلا يالحبيب))*
كفوا عن البكاء والنحيب
هاتفته..... فكان  حاضراً
كان زمننا
المجيب
بكم تزدان مجالسنا
وبكم  حفلنا
يطيب
((اهلا اهلا يالحبيـــــــــــــــــــــــــب))
كعهده    فرحا  سمحا
قمرا
 ولكن لايعرف  الكسوف
ولا
المغيب
((اهلا ..اهلا  يالحبيـــــــــــــــــــــــب))
 زمن  كان  للسرد  وفياً
اجاد القص
مبدعا  
مجددا
غادر التقليد  والسرد
الرتيب
 احتضنه الجمال مردداً
 ((اهلا ..اهلا  يا لحبيــــــــــــــــــــــــــــــب))
للكل  يشدو
للود  للحــــــــــــــــــــب   للصفاء
يعدو
كان للجميع صديق
له ((بيت السرد)) يشهد
كريما ابيا
صادق الوعود
حميما لايعرف  الجفاء
والبرود
 مع الكل  ودودا   للبعيد
والقريب
((اهلا  اهلا يالحبيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــب))
أ جبنا ابو   الافراح
هل مللت العيش   ايها القمر
المنير
واستعجلت
 الرحيل
هل   فاجعتك ، خاتمة  لقصك
الاخير؟؟
انت روح   الشباب دوما
هل  رحلت   هربا من
المشيب؟؟
استحلفتك بالله  ياصديقي
 اسْمِعّني
((اهلا اهلا يالحبيـــــــــــــــــــــــــــب......))
  ((زمن)) بلا خريف  ، ((زمن)) بلا شتاء
((زمن)) فصولا  من
ربيع
صديقي
هل استحالت  عليك رؤيا
الجميع؟؟
فتماهت روحك بارواحنا
 معنا حاضر  انت
دوما
لا تغيب
((اهلا اهلا يالحبيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــب))
((اهلا اهلا  يلحبيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــب))


•   ((اهلا  يا الحبيب))  لازمة  الترحيب  التي تميز بها افقيد المرحوم  زمن   للترحيب  بمن يهاتفه او يخاطبه....










118
أدب / رقصة المطر
« في: 17:58 22/10/2012  »


يسرني ان  اهدي باقات الورد المنتشية بزخات مطر ابداعكم  الساحر  الاديبة الرائعة  ((هيام الفرشيشي ، الاستاذ الكبير محسن  العوني)) بمناسبة فوزكما بجائزة المثقف وهو فخر لنا جميعا ....  نتمنى  لكما مزيدا من التألق  اقمارا   في سماء الثقافة والأدب....  

ايات الشكر والتقدير لنادي شعر ((ابو القاسم الشابي)) في تونس الخضراء ،وللشاعر الكبير الصديق  سوف عبيد   لمبادرته  الجميلة في  رعاية اهل الثقافة والأدب.... دمتم احبتنا    لكم الفرح الدائم  وسط مطر الابداع والحب والسلام  ... يسرني ان اهديكم  نص ((المطر)) معنى النماء والخصب  والنقاء
متمنيا لكم   دوام المسرة  والفرح...
حميد الحريزي
عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق
عضو  ((ملتقى المثقف  العراقي))
رئيس تحرير مجلة الحرية


رقصة المــــــــــــــــــــــــــــــطر



حميد الحريـــــزي


 

انهمر المطر... واغتسل الحجر
وأضاء  المروج   شعاع
 القمر
لم يغادرني الحبيب
تجشم البروق
توقاها حبيبي
 وانتظر
 طاب النسيم،   فاض النبع زلالا
تبسم الورد والعطر
انتشر
رقصت الامطار  جذلى
قبلت  وجنات  الحبيب
غنت الاطيار لحن  العشق
بين ابناء
 البشر
زخ  المطر ... واغتسل الحجر
وأضاء المروج   شعاع  القمر
الان طاب اللقاء
طاب العناق
وطاب السمر
هرولت  سواقي الماء جذلى
تسابق  الفراشات للثم ِ
 ثنايا
النهر
قالها  ابن داغستان   حقا
((ليس هناك من موسيقى اجمل من صوت المطر))
هُزِمَت  جحافل الغيوم
حَمـِّــــــلها  اثقال
الهمومِ
قَبِــــــــــــــلْ    مبسم  الشمس مشرقة
مَتِــــــــــــــــعْ   الروح  بشدو  الطيور
وقبلات النسيم
  لوريقات
الشجر
دع ْ الاحزان   تنأى
ارتشفْ  حبات الندى
استمع ْ عزف  الناي  دوماً
وَرددْ  اناشيد
الفخر
قارئة اشجان  البحر
 عاشقة السرد
نور  ال ((هيام ))
هنا
وال((محسن)) سيد المقال
حضر
  باركتهما  ربات   الجمال
 انتشى   الابداع  زهوا
رقص الحرف  
وغنى
الوتر
*


العراق  
19-10-2012




119

حميد الحريزي
الى الاديب الكبير قمر العراق المنير استاذنا القدير   جمعة اللامي  نتمنى له العمر المديد ودوام التألق والعطاء ، مع فائق  شكرنا وتقديرنا  لهذه الالتفاتة  والمبادرة الرائعة  وهم يحتفون برمز  كبير من رموز الثقافة والأدب العراقي والعربي والعالمي ....قلوبنا معكم وخطابنا قاصر  في   ابلاغ شكرنا وتقديرنا لجهدكم الكبير  تقبلوا باقات الورد  المعطر بالحب المحمول على اجنحة حروفنا  الطائرة اليكم عبر فضاء الحرية والحب والجمال............

حميد الحريزي
عضو  الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق
عضو ((ملتقى   المثقف العراقي))
رئيس تحرير مجلة الحرية
العراق  - النجف

لا يعنـــــــــــــــــــــــــــــي 



حميد الحريزي
 ا
أن 
تحتفي   ب((اللامي))
لا يعني
انك  خاضعا لسحر صورته
ان  تحتفي  ب((اللامي))
يعني
انك  تعشق  اقمار
الادب
*
 ان 
تقرأ  كتابات ((اللامي))
لا  يعني
انك  تزجي وقتا
ان تقرأ  كتابات  اللامي
يعني
انك
مغرم
 بالجمال

*
ان
تكون  اديبا منتجا
لا يعني
 ان
ترصف  كلمات السرد
ان
 تكون اديبا منتجا
 يعني
ان يستأ نسك الاحرار
في
زنزاناتهم
*
ان
تستتر الشمس
لا يعني
 إنها  تخشى الغيوم
ان
تستتر الشمس
يعني
ان الشمس
تلبس جلد الأرض
لتشارك الزهور متعة الاستحمام
بزخات
 المطر
*
ان تكون حاكما
لا يعني
انك امتلكت رقاب
الناس
 ان تكون حاكما
يعني
انك مَلَّكتَ رقبتك
لمحكوميك


ان
تخطفك النجوم
لا يعني
انك تسكن قبة السماء
ان
تخطفك النجوم
يعني
انك مشروع
قمر
*
ان
تلعب حامي هدف
لا يعني
انك الحارس الوحيد
ان
تلعب حامي هدف
يعني
انك تتحمل مسؤولية
الخسارة
*
ان
تهديك قبلة
لا يعني
أن جسمها  صار مشاعا
ان تهديك قبلة
يعني
إنها أوصدت باب
الشك
*
ان
تتراكم الغيوم في السماء
لا يعني
موت النجوم
ان
تتراكم  الغيوم في السماء
يعني
انك ستشهد استحمام الزهور تحت
زخات
المطر
*
ان
تقرأَ حكمت الشامي
لا يعني
انك اصبحت حكيما
ان
 تقرا  ((حكمت الشامي))
يعني
انك  حظيت بإحدى جواهر
الادب


120



بحر الغــــــــــــــــــــــــــرام

 
حميد الحريـــــــزي

اسمع صوت الهلاهل والطبول
تظهر
فتاة أحلامي محمولة
على موجات
بحر هادر
اشد العزم وأصارع الهياج
توقفي أيتها الرياح
اهدئي أيتها الأمواج
أخشى ان تمزقي برقع
حبيبتي
حبيبتي لا تتقن التخفي
عطرها يفضحها
امسك بها مغمضة العينين
وسط مرج اخضر
تقبل الرياحين
تغازل فراشات ملونة
تلاعب
النسيم
اتوسد حضنها
تجللني بشعرها الحرير
يسكرني
لثم منائر النهود  ، فاسقط
بين    تويجات
الزهور
مصابا بارتفاع  ضغط
الغرام
*
ايلول 2012



121
برعاية  ((ملتقى  المثقف العراقي))
تحتضن قاعة الجواهري في  المقر العام للادباء والكتاب حفل  توزيع  جوائز  ((مؤسسة المثقف)) للفائزين  بجائزة الابداع للعام  2012




بتاريخ 8-10-2012 احنضنن قاعة الجواهري  في  المقر العام  لاتحاد الادباء  والكتاب في العراق احتفالية تسليم  جوائز مؤسسة (0المثقف))   للفائزين بها  لعام 2012 ، وكان الحفل برعاية   (0ملتقى المثقف ))  حيث يقدم هذا الوليد الجديد  باولى  فعالياته ونشاطاته  الثقافية الواعدة والطامحة  نحو  ما  هو اشمل  واكمل   في كل  مجالات  الثقافة  والادب ..... ضمت القاعة بين حناياها  جمع من  الادباء والكتاب  واصدقائهم ، بالاضافة للمحتفى بهم ، وقد اضفى  الاستاذ الشاعر والمناضل الكبير الفريد سمعان  طعما  وبهاءا خاصا  للاحتفالية  بحضوره  مع نخبة من  الزملاء  الادباء اعضاء  الهيئة الادارية لاتحاد الادباء  والكتاب المركز العام ...... وزعت باقات  الورود  مع ضحكات وابتسامات  والقبل الحميمية للحضور اريجا فواحا عطرا ،  جميلا معبرا  عن روح الثقافة  الحقة المترعة  بالحب  والسلام  للعراق  ولكل  بني الانسان في كل  مكان .....
افتتحت الاحتفالية بكلمة الشاعر الاستاذ الفريد سمعان ، الذي  عبر عن فرحه وسروره  بهذا الحراك الثقافي الدائم في عراق اليوم،  والنشاط المستمر في التكريم   والحضور الدائم لاعلام الثقافة والادب  الذي  لايكاد يفارق  قاعة الجواهري على مدى ايام الاسبوع وتواصله خلال  ساعات  اليوم ...... قدم الشاعر  امنياته بالتقدم والنجاح لملتقى المثقف العراقي وتهنئته  الحارة للمحتفى بهم .....
ثم القت  الدكتورة السيدة  ماجدة السعد كلمة  الدكتورة المختفى بها بشرى البستاني، تلتها   القى  الشاعر  المبدع  الدكتور  ناصر الاسدي قصيدة رائعة  الهبت  حماس  الحاضرين .....  كما القى   الاستاذ الاديب حمودي الكناني  كلمة  مؤسسة المثقف بالنيابة عن   الدكتور ماجد الغرباوي ،  والقى الاستاذ الاديب   زاحم جهاد مطر   رئيس  اللجنة التحضيرية  للملتقى  كلمة الملتقى  ، معبرا خلالها عن شكره  لمؤسسة المثقف ورعايتها  ، وشكره لاتحاد الادباء والكتاب باحتضانهم  للاحتفالية  ،  وللحضور الكريم ولكل من اسهم في  هذه الفعالية ، متمنيا للجميع التقدم  والازدهار ،والقيت  كلمة المحتفى بهم من قبل   الاستاذ صالح الطائي  معبرا   من خلالها   لمشاعر  التقدير والعرفان لمؤسسة المثقف  وملتقى المثقف العراقي  ولاتحاد الادباء  وللحضور الكريم لرعايتهم هذه  الفعالية  التي تعبر عن مدى اهتمامهم  بالثقافة والمثقف......
 بعد استرحة قصيرة  اطلت علينا ((حواري))  البهجة والفرح والسرور  فرقة شبعاد  باغاني  والحان ساحرة من الغناء العراقي الاصيل  ، فامتع  شذاها  الحاضرين ،  وارقصت عذوبتها ارواح الجمهور،  فرقصت قاعة الجواهري  ومرتاديها طربا وفرحا بنضارة الوجوه  وحلو االالحان وحميمية وصدق المشاعر...... تخللت  الاحتفالية قراءة   برقيات التهنئة  والمباركة  الواردة من العديد  من الشخصيات والمنظمات  الادبية والسياسية والاعلامية  العراقية ...
تلتها  فقرة توزيع  اكاليل الورد  وجوائز   مؤسسة المثقف على الفائزات والفائزين......
فكانت ساعات لاتنسى للمحتفى بهم  وللحضور الكريم  وصورة ناصعة  معبرة في سجل الثقافة العراقية ، نتمنى  الازدهار الدائم  للثقافة العراقية   ، ثقافة  الحرية والتقدم والسلام والتاخي ، لينعم العراق  بالامن والامان والرفاه والتقدم الدائم.......
اسماء الفائزين بجائزة المثقف لعام 2012
****************.
وفي نهاية الحفل وزعت الجوائز على الفائزين
1. الدكتورة  بشرى البستاني
2 .  الاديبة سنية عبد عون رشو
3. الدكتور ناصر الاسدي
4. الاستاذ عبد الفتاح المطلبي
5. الاستاذ حميد الحريزي
6. الاستاذ صالح الطائي
7. الاستاذ حمودي الكناني
وقد تم منح الاستاذ موسى فرج شهادة تقديرية

حميد  الحريزي
رئيس تحرير مجلة الحرية
10-10-2012

122
من ينتصر  للثقافة والمثقفين العراقيين؟؟؟؟؟
حياة البروفسور عبدالاله الصائغ في خطر
                                 
وردتنا الرسالة التالية من الأستاذ الدكتور     جعفر عبد المهدي صاحب ، التي يشرح فيها الوضع الصحي المأسوي والحرج جدا الذي يمر به البروفسور الأديب  والمفكر العراقي الكبير عبد الإله الصائغ في بلاد المهجر في الولايات المتحدة ، وهو برسالته يناشد  معالي وزير التعليم العالي  العراقي ، بضرورة الاهتمام الفوري والعاجل  بأمر  البروفسور الصائغ وهو  في حالة تري صحي مريع  وعوز مادي  خانق مما   يجعل حياته   عرضة  للتوقف في أية لحظة،
في الوقت الذي نظم فيه صوتنا الى صوت  الأستاذ جعفر وندائه الإنساني لإنقاذ حياة  احد العقول العراقية  الكبيرة .... نطالب كل الجهات ذات العلاقة  ومنها وزارة  التعليم العلي ووزارة الثقافة  واتحاد الأدباء ، وكل أبناء العراق الأحرار  ، ومنهم أبناء  مدينة النجف الغيار  للعمل الفوري من اجل إنقاذ حياة  الأستاذ الكبير الأديب والباحث عبد الإله الصائغ.... إنها عقول   وأرواح عراقية  لا تعوض فلا تفرطوا بها  يا ابناء العراق في الداخل والخارج  ،   وكل حسب  قدرته ومسؤوليته  الانسانية والوطنية.....

الأديب والصحفي العراقي
حميد الحريزي
16-9-2012
***********************************



الى/ أسماع وزير التعليم العالي المحترم
أ.د. جعفر عبد المهدي صاحب
سعادة الوزير : من عادتي لا أحب السجع ولا التزويق اللفظي ولا التيه في تورية
 الحديث.ولا من عوائدي ان اطلب مطلبا شخصيا لأطرق ابواب المستضعفين الذين اصبحوا  أولياء أمور في عراقنا الحالي.
رأيت من الأفضل ان أبدأ بطرح موضوع بحثي بقصيدة بدوية في النخوة قالها شاعر بدوي يدعى ( أخو تكفى) أأمل من السيد الوزير التمعن في مضامين أبياتها قبل ان ينظر في طلبنا:

اما لطمنا العيل والا ألطم العيــــــل .......... مادام شب النار مندوب الاطفا

من ذاق حر القايله يعشق الليـــــل .......... ومن شب ضوه ليلة البرد يدفـا

امسيت في جيلٍ ولاهوب ذا الجيل ......... واصبحت والا ديرتي شبه منفـا

واللي حما بيته بطيـرن ابابيـــــل ............ ماجيت ادور كل من صد واقفا

ولاجيت ابشحذ يانما دلّه وهيـــل ............ جيتك وجرح الظلم غاديه يشفا


جيتك بكلمه كنها صعقة الــويـل .............. ان قلت تكفا لاتهـاون بتكفـــا

تكفا تراها كلمةٍ تقطم الحيــــــل ............ لابالله الا تنسف الحيـل نسفــا

تكفا ترا تكفا لها هدرة السيــــل ........... في صدر حرٍ ينتف الطيب نتفـا

تكفا ترا تكفا لها تسّرج الخيـــل .......... ان كان لك في مجمع الخيل عسفا
تكفا تراني من قرومٍ مشاكيـــل ............ حماية الساقه بسيـفٍ وشلفــــــــا

تكفا وتكفا ماتسـاق لمهابيـــــل ........... تكفا تخلّي القرم لاشٍ وهطفـــــــا

تكفا ترى تكفا تهزّ الرجاجيـل ............ لولا صروف الوقت ماقلــــت تكفا 

السيد الوزير: هل يجهل مثقف عراقي كاتبا ومفكرا واديبا مبدعا وموسوعيا أكاديميا بوزن الأستاذ الدكتور عبد الإله الصائغ؟ انه صاحب العديد من المؤلفات العلمية الرائدة، إنه صاحب موسوعة النجف وموسوعة الصائغ الحضارية التي تجاوزت اعدادها عدد حروف الأبجدة العربية؟
بينت لكم طبعي في الإختصار يا سعادة الوزير فاقول: هذا الرجل الأديب والأكاديمي الأبرز قد انقطع عن العالم خارج بيته فامطرنا عليه بوابل من الرسائل نستفسر منه سر غيابه، فاجابنا برسالة يعتذر فيها عن عدم الرد نتيجة لوضعه الصحي المتردي.وسوف لا نذكر لكم الرسالة بالكامل وانما الجزء الخاص الذي ذكر فيه معاليكم وهذا نصه حرفيا:
"  ...مولاي تستطيع القول أنني اعيش أيامي الأخيرة فقد إنحرف العمود الفقريوأصابني الشلل والعجز معا وأنا ليس معي ضمان صحي أمريكي لمرور الفترة المحددة دون ان تسلم جنسية والدائرة الثقافية العراقية في واشنطن التي أعمل فيها لكي اوفر الدواء والخبز والكساء هذه الدائرة تعطي الظمان الصحي وإيجار البيت وكل المصاريف لمن يتعاقد معهم من العراق وأنا تعاقدت معهم من أمريكا فيسمونني مستخدم محلي وكلما ذهبت الى المستشفى تكون اجور الفحص والدواء ما يعادل راتبي الشهري فقررت أن لا أذهب الى المشفى وانا متعمد أن لا اجيبك حتى لا أسبب لك وجع  رأس...  جاء معالي وزير التعليم العالي السيد علي الاديب  وحدثه دكتور طاهر البكاء وزير التعليم العالي السابق بما معناه إن خسارة الصائغ لاتعوض وهو مريض ويحتاج الى ضمان صحي  كما حدثه البروف عبد الهادي الخليلي في الإتجاه ذاته  وكنت واقفا فصافحنا ماشيا وقال اكتبوا لي طلبا حول الصائغ ". إنتهى النص.
والله لو كان هذا الرجل أمريكيا لوضعوا له تمثالا امام بيتهم الأبيض،ولو كان أسرائيليا كنيستهم،ولو كان روسيا أمام كريملنهم، ولو كان المانيا أمام بوندستاغهم. فما هي الصورة في عراقنا.
هذا وضع يكتنف احد رموز أكاديمينا ومفكرينا وأدبائنا المعاصرين، أنه البروفيسور الدكتور عبد الإله الصائغ، فما هو رد فعلكم في إنقاذ ما يمكن إنقاذه وأنتم في موقع المسؤولية الأول في عراقنا الحبيب؟
ومن خلالك يا سعادة الوزير أناشد كل المسؤولين في الدولة العراقية أن يبادروا وبسرعة لا تقبل التأجيل في إنقاذ هذا العلم العراقي...ولكم جزيل الشكر.
أ.د. جعفر عبد المهدي صاحب.


 


123
( الحمى الطائفية في المنطقة وتداعيات الازمة السورية )

اقام ( فضاء الثقافة ) اصبوحته يوم السبت 8 / 9 / 2012م بعنوان ( الحمى الطائفية وتداعيات الازمة السورية ) ، وكانت الندوة حوارية حرة اشترك فيها جمع من المثقفين تباينت فيها الاراء والتحليلات والمواقف تجاه اسباب ومعالجات الازمة ، الا إن المشترك بين جميع المواقف هو التاكيد على مواجهة استغلال الطائفية لاغراض سياسية .
بدأت الندوة بكلمة مدير فضاء الثقافة ( عبدالله الجنابي ) الذي قدم مجموعة من الاسئلة كمدخل لموضوع الندوة ومنها :
1- هل علينا اذابة الطائفية ام مجابهة استغلال الطائفية لاغراض سياسية ؟
2- كيف نحصن العراق من اثارة الصراع طائفيا بين ابناء الوطن الواحد ؟
3- كيف يستطيع المثقف استثمار وسائل الاعلام في بث الوعي وحماية المجتمع من الانقسام طائفيا ؟
4- كيف نفسر الانعطاف في موقف الحكومة من النظام السوري ؟
5- لماذا ظهر الاختلاف بين موقف الحكومة العراقية وموقف الولايت المتحدة مع ارتباطها بمعاهدة تحالف استراتيجي ؟
6- لماذا لا تكفي التطمينات الامريكية بضمان عدم وصول السفليين إلى السلطة في سوريا ؟
7- كيف تفسر اختلاف موقف الحكومة العراقية من حزب البعث العراقي الذي تصفه بالفاشي وحزب البعث السوري مع انهما وجهان لعملة وحدة ؟
8- لماذا يكون ثمن الوصفة الامريكية (الديمقراطية ) مذابحا وخرابا وتمزقا للنسيج الاجتماعي لكل بلد عربي ؟
9- هل تريد امريكا منا الوصول إلى نتيجة مفادها إن الحل يكمن في العلمانية وفصل الإسلام عن السياسة ؟
10- كيف السبيل إلى قراءة هادئة وفهم يرتبط بظروف الزمان والمكان لمعركة الجمل ؟ بعبارة اخرى ، متى نتخلى عن التقاتل بالنيابة عن علي أو عن عائشة لحد هذا اليوم ؟
ثم توالت بعدها مداخلات وتعليقات الحاضرين ، لكن المفاجئة التي حدثت هي حضور الفنان العراقي المبدع جعفر الخفاف ، الذي استطاع إن يجر الندوة إلى محور الفن وتجربته في الغربة وقبلها تحدث عن مساره الابداعي ونشأته في النجف . وقد اجتمع الحاضرون على ضرورة اقامة احتفاء بالفنان الملحن العراقي في ندوة من ندوات الفضاء القادمة .
وقد حضر الندوة جمع المثقفين منهم الاستاذ الدكتور عبد علي الخفاف والاستاذ صالح العميدي والناقد عبد الرضا جبارة والفنان مهدي سميسم والاستاذ صالح الحلو والكاتب ابراهيم الخفاجي وغيرهم كثير.
كما حضرت الدكتورة بتول فاروق رئيسة الجمعية والمشرف العام على فضاء الثقافة جانبا من الندوة )).
 ولابد لنا ان نسجل بهذه المناسبة الى ان  فضاء الثقافة في النجف برعاية   عضو البرلمان العراقي الدكتورة  بتول فاروق  وسعة  ثقافتها  وتقبلها  الرحب  لمختلف اراء ووجهات النظر من اجل بناء تقليد  ونظام حواري  هاديء ومنتج ،  بلاضافة  الى  الحضور الفاعل لمدير  فضاء الثقافة ومقدم ومدير الندوات والاصبوحات  الفكرية والثقافية والادبية الاستاذ عبد الله الجنابي ـ جعل من هذا الفضاء بحق مصباحا مشعا  بتفاعل الافكار البناءة  والهادفة من اجل ثقافة المحبة والسلام والديمقراطية في  مدينة النجف خصوصا  وفي العراق عموما،  ولايسعنا الا ان نثمن هذه الجهود الكبيرة  لهذه  المنظمة الفاعلة وللمشرفيين  عليها ودعوتنا لكل   المثقفين ومن يهمهم الشان العراقي  التفاعل الدائم مع فعاليات  ((فضاء الثقافة)) ، والتواصل بجدية عالية مع مايقيمه الفضاء من فعاليات وندوات.....
حميد الحريزي
اديب وصحفي
رئيس تحرير مجلة الحرية في 8-9-2012

124


المنبر الأصــــــــــــــم

 

حميد الحريزي



قالها
الشاعر المجنون
كما انتم في كل حين
تقبلون  حمالات
 النهود
ترددون ما قاله الجدود
تسحركم  قارئة
الفناجين
((أديباتكم))   ترفع المفعول به
كما  ترفع  لكم
الفساتين
لجمعكم عظيم
فوائد
أطفالنا  الجياع
اتخموا من فضلات
الموائد
التهموا بقايا  الخبز
اعتصروا  كعوب كؤوس  ((ويسكيكم))
دخنوا  أعقاب  
السكائر
تجشؤا  حروفكم
وبالوا على
القصائد
اختل توازنكم من دسم
 الطعام
واختل توازنهم من شدة
الجوع
قولكم
نصفه هراء ، ونصفه  الثاني
خضوع
نقادكم ، يتبارون على
النقود
سيان عندهم
قول صدق ، او رقص
قرود
اين انتم عن  ((ساحة السباع))؟؟
اين انتم عن
((اين حقي))؟؟
اين انتم عن
((مواطنون بلا وطن))؟؟
اين انتم  عن
((ترنيمة الجياع))؟؟
موازينكم أكلتها
الوسائد
صار  الشويعر  
شاعراً
التهمتم الشعير، وتقيأتم
المشاعر
 ربات الشعر منكم براء
 هربت منكم الساحات ، ولعنتكم
المنابر
 الحِسُ فارق جمعكم
تبرأَ الإبداع  منكم
وغابت
الضمائر
 باكية  مقاعد الفن  في حضرتكم
لم نر سوى الزيف
حاضر
ماتت الأقلام بكيا ، وانتحرت أوراق
الدفاتر
نشرت
قواميس الكلام للإبداع
نعيا
 تميزت نفوس الأحياء
غيظاً
وثارت أرواح الشعراء قهرا
في
المراقد؟؟؟
تحسنون  القيل والقال
 تستفزكم  قيم الجمال
وتجمعكم
الموائد
*
أيار 2012
على هامش  ((مُهَرِج ْ )) ان     ((المُرْ  ))  بد...








125
أدب / زغاريد الضفادع - نص شعري
« في: 13:43 27/08/2012  »
زغاريد الضفادع - نص شعري
حميد الحريزي
دبابيسُ اللذةِ تغامرُ بالظهور
تَلعقُ حبيباتِ القُبَلْ
تُطلِقُ شفاهُ
الكَذبِ
تساوم الكف على الأصابع
تنجب التوائم
تستعصي على الموانع
دبابير منزوعة الإبر
 تنذر النذور
تدار ولا تدور
تنتحب صناديق العجائز
منذ
عصور
تمائمها لفها الظلام ، تنتظر 
الظهور
لماذا لا تزار ، لماذا لا تزور؟؟؟
 لازال تموز في العالم السفلي
يقلب  سجلات البشر، ديونهم مفزعة في حضرة
الآلهة الكبير
تناسلت السعالي  في أنهارٍ نام حراس
ضفافها
زغردت الضفادع  تبارك  أعراس
 الطناطل
القدور تفور  بأجنحة
 الحَمام
تناسلت الثعالب  وسط  نباح كلاب
القبيلة الراقصة
على وقع  مخالب
الذئاب
...............
.....................
 انهزمت قبائل  الضباع
هربت الثعالب  بلا ذيول
انقلبت  قدور الطهاة
حين
باغتها ضوء
القمر

نيسان 2012
Hamd.hur@gmail.com

126
رمضانيات فقراء العــــــــــــــــــــــــــراق((5))
                 
هاي وينك يا ((حنــــــــــــــــــــــــش))؟؟؟

تميز عراقنا الحبيب ، عراق الخيرات ، عراق السواد  والذهب الاسود، وعلى مر تاريخه الحديث الذي وعيناه نحن  بعد ثورة الرابع عشر من تموز ، بكونه عراق العراك والازمات ،   حكوماتنا المتعاقبة ملكية او جمهورية  قومانية او شعبية
بانها   ولادة للازمات الواحدة تلو الاخرى واحيانا  تلد  توأما واحد او اكثر مرة واحدة ، ليبتلي بها هذا االشعب المقهور على مد  العصور .........
ففي  عهد القائد الضرورة ،  مرة  ازمة في الشخاط ومرة ازمة الطحين او الدهن او  المعجون   وازمات نقل  ...الخ ناهيك عن ازمة فقدان الثقة بين الشعب والحكومة ... لحين انهيارها  تحت ضربات جحافل  ((المحرر)) الامريكي  وحلفائه ومن ركب دباباته  من انصار الديمقراطية والتحرير ، وتسلموا قيادة البلاد وتدبير شؤون العباد ، مستظلين براية الديمقراطية  القادمة من وراء البحار.....
اخذ  البعض يحلم بالرفاه وانتهاء الازمات ، فبعد الان لا شمولية ولا شيوعية ولا  قومانية ، ولا حصار ، ولا تهديد بالاستعمار بعد ان تاخينا مع الامبريالية عدوة الشعوب ، ومع الشيطان الاكبر ..... وحكامنا مختمة جباههم من اثر السجود وسيمائهم بوجوههم ، الورع ، ودوام البسملة والصلوات  في العلن وفي الخلوات ........
ابشر ايها الشعب الصابر  اتاك الخير من حيث لا تحتسب  ((اللهم صلي على محمد  وال محمد))......
ولكن للاسف تقاسم رفاق الدرب السلطة  ، على اساس  المذهب والطائفة  والقومية ،  فاختلط الحابل بالنابل ، رفعوا المظلومية عن احزابهم وكتلهم  والبسوها  للمواطن العراقي ...، فلا امن ولا امان ، لاعمل ، لاسكن ، لا خدمات ...رغم انه بصم لهم في عملية الهرج السياسي وهو  شبه مغمى عليه وسط  الفوضى  الخلاطة.........
طبقتنا السياسية  استطاعت ان  تبدع ايما ابداع في  تطوير وتدوير تجربة حكم القائد الضرورة في  توليد الازمات وادامتها  لانها في ظل  فسادها ، وفشلها في ادارة دفة الحكم ، وانانيتها، وارتباطها بقوى خارجية ، لابد ان تشغل المواطن العراقي في هموم جانبية وانهاكه في تدبر قوت يومه ، من خلال  الازمات المزمنه  والحادة المتلاحقة ، والحاجة ام الاختراع كما  هو معروف ......  فما دام حكم العراق مبني على المحاصصة العرقية والطائفية ، فالنهب والسلب ،  والفشل هي سمة الطبقة الحاكمة ، لذلك فهي ستظل  مولدة للازمات ...  فازمة الامن والكهرباء والماء والسكن والتعليم اصبحت ازمات مزمنة ربما تطبع عليها  المواطن العراقي ، مما تطلب  ظهور ازمات اخرى تهم  مفردات حياته اليومية بشكل مباشر ..... فكانت ازمة  الطماطه ، ثم ازمة وغلاء البصل ، والان ازمة الغاز والحبل على الجرار... فخيال طبقتنا الحاكمة ((القطوازية)) خصب  برسم وافتعال وتوليد الازمات..... ان هذه الازمات هي الجدار الساتر كما ترى  لسرقاتها وانانيتها  وصراعها المفضوح على المناصب والمكاسب............
ابتدعت لنا احد  الفضائيات العراقية  مسلسلا رمضانيا تظهر فيه شخصية  شعبية  فطنة ذكية قادرة على كشف مؤمراة قوى الشر ومولدة الازمات والكوارث  للمواطن العراقي ، لايستسلم   بل يعمل على  رد كيد المتامرين وقوى الشر الى نحورهم .......
 ولكننا للاسف لم نشهد له حضور لحل ازمة البصل والغاز  التي ارهقة المواطن العراقي الصائم المحتسب  وكانه ينادي باعلى صوته  عاتبا على ((حنش))   ان يحل له  هذه الازمة
((هاي وينك ياحنش؟؟؟؟))
هاي وينك   يابو الشهامة ياحنش               كهرباء ماعدنه  وماذينه العطش
 كلنه خل تروح الطماطه                             ليش البصل من عدنه طفــــــش
جزنه من الطماطه والبصل                           ولك بياع الغاز علينه انهمــــش
لا   انته اسمع   شتكانه                          وحاكمنه مصيوب بطرــش
                     عوف العگاريگ  والحگ  النه ياحنش

الحريزي حميد
رمضان 2012

127
رمضانيات فقراء العراق ((4))
 
مــــــــــــــــــــن  يلزم ((البزون))؟؟؟


حينما كنا صغارا في ستينات االقرن الماضي، حيث االبطالة، وتدني مستوى المعيشة، تقدم لنا وجبة الغداء والعشاء مرق ((جچتال حاجچم)) وهو نوع رخيص من القرع، او مرقة ((سلق))، ، لم نعثر يوما على  قطعة لحم في المرقة ......
كانت والدتنا تجيب على أسئلتنا عن اللحم :-  يمه  اللحم ما كله البزون.........!!!!
كنا نصدق ما تقوله لنا أمنا ، ولم نشعر  بما تعانيه من مرارة العوز وضنك العيش، مما كان يدفعنا  لمراقبة ومطاردة البزازين طوال النهار ، ولكن دون جدوى فللبزون وسائل وطرق سحرية في سرقة  اللحم  من ((علاكة)) والدتنا وبقية نساء المحلة.............
بعد ان بلغنا الإدراك تمكنا من حل اللغز ، لغز  الفقر وقلة ما في اليد ، وعدم قدرة أمهاتنا على شراء اللحم، فيعمدن على شراء كوم صغير من الشحم  المقشور من   ((مصارين)) الذبائح ، بعشرة فلوس او خمسة عشر فلسا ، لتعمل لنا قدرا من مرق ((جچتال حاجچم)) ......
في وسط السبعينات  وحتى أواسط الثمانينات اختفى ((البزون)) وظهر اللحم في  مرقة بيوتنا، ولكن  عادت قطعان (( البزازين )) و((العتاوي)) بعد سلسلة حروب الديكتاتور  ، واختفت اللحمة من قدور طعامنا وكذلك اختفى الخبز الابيض وووو.. واختفى عدد من أصدقائنا وآبائنا وإخواننا الى الأبد أما في  الحرب او في السجون او المنافي............
استبشرنا خيرا بان دبابات وهمرات  وطائرات ((المحرر)) الأمريكي سوف تقضي على  ((عتاوي)) الديكتاتورية وتعود  اللحمة  وربما سنتذوق الهمبرگر الأمريكي في عهد الديمقراطية... ولكن هذه المرة باغتتنا قطعان  كبيرة من العتاوي والبزازين بإحجام وألوان وأشكال مختلفة   فأكلت اللحم والشحم  ناهيك عن السمك والدجاج ، لم يكتفوا  بأكل اللحوم والشحوم ولكنهم خطفوا منا رؤوس أحبائنا و حتى راس البصل  في شهر  رمضان......!!!!!!!!!!
نسال الى متى ستبقى ((البزازين)) و((االعتاوي)) تسرق لحمة  وشحمة أطفالنا؟؟؟؟
مركتنه لحمته ابطن بزون
وحكامنه يفطرون بفسجون
تدرون لو ما تـــــــــدرون؟؟؟
حالتنه ترجــــــــــع  لي وره
البزازين تاكل  ودينه مخدره
يگولون هاي قسمه مقــدره
كصوا اذانه الرادله گرون!!!
لرده حال واقعنه وصـــــــــــــــل
جزنه من اللحم لحكونه عله البصل
نهبونه اهل العياره والدجــــــــل
ما مش صدگ عدهم بس چذب مضمون!!!
كَلولي ليا وكت تبقه لحمتنه بطن بزون؟؟؟


حميد الحريـــــــــــزي

128
رمضانيات فقراء العراق ((3))
(ماذينه يماذينه ..... حل عن الحكم و انطينه كراسينه)     
       

                 
في هذا الشهر الفضيل ، الذي له  خصوصية خاصة ضمن  أشهر السنة في العالم الإسلامي، يكفيه فخرا ان فيه ليلة القدر التي  خير من ألف شهر... وهو الشهر الذي نزل فيه القران على صدر نبينا محمد ((ص)).......
كما ان لها الشهر ذكريات مريرة في تاريخ الشعب العراقي ومنا انقلاب 14 رمضان 1963 ، حين قادة شراذم القومانية الفاشية انقلابا دمويا ضد نظام حكم الجمهورية العراقية الاولى وواد ثورة الرابع عشر من تموز  بقيادة الشهيد عبد الكريم قاسم ورفاقه الأبطال....
الطريف ان انقلاب  الرابع عشر من رمضان صادف الثامن من شباط 1963 وقد كان يوما شديد البرودة على خلاف الرابع عشر من تموز  لاهب الحرارة، وكان صدام الحار جدا والبارد جدا احدث انفجارا دمويا قضى على أحلام العراقيين في التحرر والسعادة والسلام........
في هذا الشهر تؤدي بعض  الفئات الاجتماعية الشعبية العراقية ومنها ((الماجينه ياماجينه )) وهو يوم ولادة الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، حيث يمسك الأطفال الدر ابك والدفوف ويدورون على دور المحلة مرددين (( ماجين هياما جينه حلي الچيس  ونطينه ، تنطونا لو ننطيكم باب مكه انوديكم .... يهل السطوح تطونه لو نروح)).... يجمعون من خلال ذلك كميات من  الحلوى والزبيب هدايا من  اهل الدار  فيرددون دعاءا  حفظ الدار وراعي الدار  وسط  أصوات الدرابك ورقصات الفرح الغامر....
الطريف في هذا العام  كأني  اسمع أطفالنا   يرددون اللازمة التالية  تعبيرا عن الواقع المؤلم الذي يعيشونه وعوائلهم الفقيرة  والمعبر عن معاناتهم وإهمال السلطة لمطالبهم

ماذينه يا ماذينه.... حل  عن الحكم ونطينه كراسينه
ما ذينه يماذينه.... 
احنه بالهم والقهر
وانته بالخضره متونس وناسينه
ما ذينه   يماذينه
مليارات النفط ويــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن
بطاله عطاله  ناكل ونشرب بالدين
الكهربا  صارت حلم
والحر حيل ماذينه يماذينه
حل عنه بالعجل ونطينه  كراسينه
ما ذينه  يماذينه
لوما القهر
 ماجينه يماذينــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه
اخذ العدس منريده
حجي الجذب لتعيده
انته حرامي الظهر ، والحرامي نكص ايده
بسوانينه يماذينه
ما ذينه يماذينه حل عن الحكم ونطينه كراسينه

الحريزي حميد


129
رمضانيات   فقراء العراق((2))
 
هاي وينك ياعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدس ؟؟؟
 من يقرأ عن العدس   ملك السفرة الرمضانية في العراق، يطلع على مدى غنى هذا المنتج الغذائي .. فهو يغنيك عن اللحم والشحم  ومضاره ،وعن السمك وزفرته ، وعن لحم الطيور وانفلوزنتها الخطرة... فهو الأطيب والأغنى من  الفسنجون ، وهو شفاء للآذان والعيون ، وفيه للمصاب بالحصبة من الفوائد  ما لا تعلمون..
لذلك وحرصا  من حكومتنا الرشيدة على صحة وسلامة مواطنيها الأعزاء وخصوصا الفقراء منهم، قررت وزارة التجارة بعد  ان  لبست العدسات العدسية ودرست فوائد العدس التي لا تحصى فقررت ان تحجب عنهم   اللحم والأسماك والزيت والسكر  والجبن والحليب والبيض  ، وان تثري مائدتهم الرمضانية بالعدس ، قاهر الأمراض وساتر الأعراض، وهو الشافي المعافى حامي المواطن الفقير من الانقراض..
وحكمتها لا تتوقف عند هذا الحد وهي صاحبة الخبرة الكبيرة المتراكمة طوال عشرات العقود من سنوات الحرمان للمواطن العراقي ، ولغرض وقايته من الإفراط  في تناول هذا  الغذاء السحري قررت ان تختزل حصته الى ربع كيلو عدس طوال شهر رمضان الخير ...فتكون الوجبة العدسية  عدة حبات  عدس   بعد الفطور وعدة حبيبات عدس  قبل السحور......
وقد  تفهم فقراء العراق إجراءات وقرارات وحكمة  وزارة التجارة ... في الربع كيلو العدس......
ومنها تركهم  مراقبة هلال  شهر رمضان وموعد الصوم  التي  ينجم عنها الخلاف  وفك الائتلاف ... فكان  تحديد أول أيام رمضان  هذا العام موحدا بين السنة والشيعة ((صلوا على محمد وآل محمد)) ،  فسجل منجزا  كبير للحكومة الرشيدة في القضاء على الطائفية عبر الوسائل العدسية  العابرة للطائفية... كذلك فان قلة حصة العدس فجرت منابع الإبداع لدى المرأة العراقية، فصنعت من حبات العدس الذهبية  ال ((صفراء فاقع لونها تسر ألناظرينا)) اللامعة قلائد وأساور تزين جيدها ومعصمها !!!فليذهب الذهب للجحيم !!!

شغل الصائم العراقي الفقير نفسه  في مراقبة هلة ربع كيلو العدس ، ولكن يبدو ان غيوم سحب الثقة ودخان خطب القوى اللا متفقة ، والوعود اللا صادقة حالت دون ان تتم الفرحة العدسية الكبرى التي  يفترض ان تهل علينا  عند هلة شهر رمضان  الكريم  ولكن هاهو الثلث الأول  من الشهر  ينصرم دون ان  نشهد هلة ربع كيلو العدس.. فتفجرت قريحة  فقراء العراق  بأبيات من الشعر    ولسان حالهم يقول:-
هاي  وينك ياعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــدس
اتربالك ونگطع مني النفس
يامكرمة وزارتنا الأمينة
يافرحة  النفس الحزينـــــــــــــه
يادوه لكلمن صخن لو عطس
اچه العيد يلغالي  او ما اچيت
چاوينك ياحبيبي  ياعدس؟؟؟؟
الحريزي حميد
العراق
رمضان 2012

130
رمضانيات فقيـــــــــــــــــــــــر
عله كيفك ويانه يابصل.....(1)

في عراق الأمس الغير مأسوفا عليه ، كان العراقي إذا ضاقت عليه ظروف عيشه ، وشح عليه دسم الطعام ، من لحوم الطير والأنعام ،  يقول لمضيفه الذي يعرف ضيق حاله، وكثرة عياله ، ان لا يهتم كثيرا  لضيافته فهو قانع  بالخبز والبصل (( كلشي  الحصل ولو خبز وبصل)) ، او  لا تكلف نفسك كثيرا سأكون شاكرا  لك  حتى برغيف خبز وشيف رقي (( حتى ولو خبيزه ورجيجيه)) او برغيف خبز وحبات تمر(( ولو خبيزه وتميره))(( خبيزه وطميطات)).......
فان توفر رغيف الخبز  امرأ مفروغا منه في ارض السواد ووفرة  محصول الحنطة والشعير والرز  ،  أما بالنسبة للبصل  والرقي  والطماطم  والتمر   في متناول أكثر الناس فقرا ، فهو ايدام  وغموس الفقراء  اللذين يصعب عليهم  الحصول على    اللحوم الحمراء او البيضاء مع   بعض أنواعها تمتلئ به الأنهار الاهوار والفيافي القفار ولكن ليس بوفرة البصل والرقي والتمر والطماطم، ولا  يتم الحصول عليه بنفس السهولة ...... نذكر نحن وكما إبائنا كانوا يذكرون لنا  ان الفلاح كان يترك محصوله من الرقي والبطيخ والبصل والتمر والطماطم  في العلوة  لان  سعر حمولته منها لا تسد أجرة  العربة الناقلة رغم رخص الأجرة آنذاك ، إذ كان سعر لتر  الكانز والبانزين اقرب الى ((البلاش)) قياسا بسعره اليوم.......
إما اليوم فما عساه ان يأكل الفقير ان لم نقل بماذا سيطعم ضيوفه  اذاكان سعر حقة الرقي والبطيخ ثلاثة آلاف دينار ، وسعر كيلو الرطب بستة آلاف دينار ، وسعر كيلو البصل ... نعم البصل ب ألف وخمسمائة دينار واما الطماطه  فسعر ولا حرج!!!!!
أما بالنسبة للحم والسمك والدجاج فقد اصبح  حلما للموظف البسيط وللمتقاعد ألما قبل والما بعد والكاسب  ، ناهيك عن مئات الآلاف من العاطلين عن العمل... نقول  هل ناسف على  زمان مضى .... كيف لنا ان تؤدي فريضة الصيام ناهيك عن القدرة على الدعاء والقيام  ،وكيف لنا  ان نشعر بواقعنا هذا بالقناعة والرضا وقد شح علينا  الرقي والبطيخ وتمنعت  علينا الطماطه  وترفع علينا البصل  ، فنقول:=
 عله كيفك ويانه يابصــــــــــــــــل
                                  لا زيت عدنه والعدس *لسه ما وصل
بس الخبزه عدنه للفطــــــــــــــــــور
                                                          والله يدري شناكل بالسحور
ظلينه نتأمل   سعادتنه  بالظهــــــــــــــــور
                                                 من   زماط  الحكومه ضاع الأمل


                                       لا وخوف من الله  عده ولا خجـل
جزنه من   الأحمر وإلا بيض  والتـــــمر
جزنه من وعود الحكومه والچــذب
محد يسمع حچينه وما نرضه السلب
حتى ((الاسيود)) تكبر عل الجـــــدر
 انچان البرلماني نسه وعوده  ولا سأل
                                     ماظنينه   انته تنسانه يا بصــــــــــــــــــــل؟؟؟
رمضان كريم وعساه  بخت راس البصل!!!

حميد الحريزي
رمضان 2012



131
((العشــرة المبشرة))* –  نص فقري

حميد الحريزي
احترقت ذكرياتي
توارت نجوم سمائي
فضاع بين ناظري الطريق
لا نوارس تداعب بحار روحي الهائجة
أفزعتها الكواسج  المقروشة
لا منائر  بعد يوم
 ((الدولرة))!!
سكنتها  خنازير مستفزة
أصبحت بلا تاريخ
انتحر
المؤذن الأخير
تدجن ((الشيوعي الأخير))
استبدل  صديقي صورتي بدينار 
في جب  جيوبه
المغلقه!!
الزهور بلا عطور
الرياحين سلمت روحها
للمقبره!!
ما عادت قواميس الوعظ تحمل
غير
الثرثره!!
  ((إنسان العولمة)) بلا روح
لا يملك غير  فم
 و
مؤخره!!
الويل لمن جمع مالا
و((بعثره))
الويل لمن يفعل أعمالا
خيره!!
من يكنز المال
من يرافق  الأرذال
 له البشارة، له الإمارة
صار من
(( العشرة المبشرة))!!
•   تذكر الإحصائيات ان من 5-10%  من الشعب أثرياء جدا ،وهم أعضاء الطبقة السياسية الحاكمة وتوابعها  في العراق، في حين توارت الطبقة المتوسطة   أما الأغلبية الساحقة تعيش تحت مستوى خط الفقر.
حزيران 2012
Hamd.hur@gmail.com


132
قول المطـــــــــــــــــــرقة والمنجل – نص شعري
حميد الحريزي   

الى رايـــة بلا راي
وعنوان بلا معنــــى

 
 
المنجل بلا
أسنان
رأس المطرقة من
طين
سرقوا لحية صاحب (رأس المال)
تقنع خلفها سراق
المال
توارت نجوم الفجر خلف عواصف
من
رماد الكتب المحروقة
في بغداد صلى (الشيطان الأكبر) في بيوت
ملائكة الرحمة
تبادلوا  الدولارات بالفتاوى
(الديمقراطية)
كذب (الأمين) استبدل الملائكة
بالشياطين
كل الألوان تفرحنا إلا
اللون
الأحمر
فما دعوى المساواة إلا
ضلال مبين
لا معنى للدينار   بلا
فقر
الفقراء خراف الله
نحن الرعاة
نضحي بها حيث نشاء
نحن القضاة
نحن أصحاب السلطة والمال
نحن ولاة
الأمر
لنا السلطة والسلطان
عليك الحمد وعليك
الشكر
إنا  أعطيناك
الصبر
فسبح بنعمتنا من الميلاد الى
القبر
قُرْ   في
الفقر
علام التأفف من
القهر
يا جاحد نعمتنا
الم نريك
(نجوم الظهر)
إنا أعطيناك
الصبر
اصبر  ثم اصبر  سننصفك
(يوم الحشر)
لك قصورا مشيدة
ولك انهار  اللبن
والخمر
لك  غلمان ولك حواريا
أزواجا بلا
مهر
ارتق ثوبك بالصبر
اشبع جوع طفلك بالعسر
تمتع برائحة البترول
توسد التربة فراشا
التحف السماء  غطاءا ، واطلب
من ولاتك أمرك المغفرة
والستر
إنا أعطيناك التراب بلا ثمن
فلا تخجل
التهم الوحل ونم ،بجوعك من
يدري؟؟؟
منجلك  بلا أسنان
رأس المطرقة من
طين
انتحر الحداد وانطفأ
الجمر!!!
هكذا قال دعاة (الفكر)، هكذا قال
اهل
المكر
اطمر وجهك بوحل الخزي
لم ينفعك العذر
ارتضيت الذلة
والغدر
اتركها انت لست فارسها
رايتنا الحمراء
منارة الثوار
لا تسكت على ظلم
لا تنسى حلم
الفقراء
لا تغريها (كراسي الحكم)
(يوسف) و(سلام) و(خالد)
أحياء
سيحرقون ذُلَــــــــــــــــك َ
بالنار
نار الثورة والفكر
رافقهم (كاوه الحداد)
يصلح أسنان المنجل
يعيد
للمطرقة رأس فولاذ
لا يقهر
فار  دم  الشهداء المهدور
اقترب يوم الطوفان
اتركوها رايتنا الحمراء
ليعانقها حاملها
الأسمر
أسلمت الراية  لرموز الاستغلال
ول(أولي الأمر)
هل تدري؟؟؟
لاشك انك
تدري
منجلك بلا أسنان
ورأس مطرقتك من
طين .
 


133
هاي ليــــــــــــــش ........شي HI L ؟؟؟((9))

((تتعدد المقترحات والفقر واحد)) رواء حيدر

أكثر من 30% يعيشون تحت خط الفقر، دخل بعض الأسر لا يزيد على ((2)) دولار يوميا
5-10% أثرياء جدا من أعضاء الطبقة السياسية الحاكمة وتوابعها.
الطبقة المتوسطة مسحوقة في بلد الاستهلاك.
لا زراعة ولا صناعة
ميزانية 2012 أكثر من ((120)) مليار دولار....
ولو افترضنا ان نفوس العراق ((30)) مليون ، وقسمنا  أل ((120)) مليار دولار لاتضح لنا مدى الحيف والفارق الصارخ بين  الطبقة العليا  أل ((10%)) والطبقة المسحوقة وهي الأغلبية ، والطبقة المعدمة الذي تعادل ((30%)) التي لا تحصل إلا على دولارين يوميا.....  مع التردي المريع في الخدمات الأساسية الكهرباء والماء والصحة والسكن والتعليم لأدركنا  مقدار ما تستحوذ عليه الطبقة العليا من الثروة الوطنية  على حساب جوع وحرمان أغلبية أبناء  العراق حيث البطالة والتسول والجوع والعري والسكن في الخرائب  ومدارس الطين  ، ووووو
شبع  حد التخمة ... ترف حد البطر  مقابل جوع حد الموت وبؤس حد العدم
مما يثير في عقول الأغلبية المسحوقة وكل ذي ضمير حي السؤال التالي:-
هاي ليــــــــــــــش ........شي HI L ؟؟؟

حميد الحريزي



134
أدب / رقصة الأقراط
« في: 23:42 05/07/2012  »


رقصة الأقراط 




حميد الحريزي



أقراط ُحَبيبتي
حباتُ كرومٍ ، تُغازلُ السَّحر
تَستدرِجُ النجومَ ، تُخبئها بينَ
الحُلَّم
تُوصَدُ بوابّاتُ حَمَّالاتِ
النُّهود
تندِلقُ نوراً بين
شفاه ِ
الحبيبْ
أقراط ُحبيبتي
تَعزِفُ الحانَ العِناق
تُومضُ عشقاً، عند أناملِ
العشيقِ
تُغَرِدُ لموسيقاها
العنادلْ
تَرقَصُ جدائلُ الحَرير
 تُعَّطر فجرَ المضبسمِ
المضيء
قالت:-
الشفاهُ
ألا تذكرُ حبيبي طَعم
القُبَل؟؟
 يومَ تحَلَّقتْ فراشات ُالزُهور
لترقصَ رقصاتُ
الغَجرْ
حين صفقت المياسم ، وكركرَ التويجُ
مُرتَشفاً نورَ
القمر؟؟؟
أقراطُ حبيبتي
نجوماً
في سماءِ الخُدود
أقراط ُحبيبتي
 قيثارة  تَعزفُ الألحان
بلا
وَتَرْ
تُغادِرُ السُّبات
تُنشِدُ الحانَ الحياةِ وتَدحرُ
الضَّجَرْ
أقراط ُحبيبتي




حزيران 2012


135
هاي ليــــــــــــــش ........شي HI L ؟؟؟(7)
 
وين راح يدرس ((عبيس)) وأخواته وإخوانه ؟؟؟


في الآونة الأخيرة ، انتشرت بشكل واسع ظاهرة  المدارس الخصوصية الأهلية ولمختلف  المراحل  ، الروضة والابتدائية والمتوسطة والإعدادية ، كرد فعل على تردي  مستوى التعليم العام المكفول من قبل الدولة ، من حيث البنايات  والأساتذة  والمستلزمات الأخرى.....
طبعا  لا يحضى بمثل هذه الخدمات المميزة  إلا   أبناء  العوائل ذات الدخل الجيد وهو أقلية طبعا...... فأين سيكون مصير عشرات الآلاف من أبناء الطبقة الفقيرة في العراق ومن يرعاهم ..
أليس من المفروض ان تكون المدارس الحكومية أفضل واقدر واشمل من المدارس الأهلية ، نظرا  للإمكانيات الكبيرة للدولة العراقية ومواردها الضخمة مقارنة بالقطاع الخاص.؟؟؟؟
هل يبقى عبيس وأخواته وإخوانه من العوائل المعدمة بلا تعليم ولا رعاية ، ليضافون الى  الرقم المخيف للامية  الأبجدية في العراق الآن  والتي تزيد على ((7)) ملايين حسب بعض الإحصائيات لمنظمات مختصة ، إي ما يعادل ربع سكان العراق؟؟؟؟؟
هم وعوائلهم ومن يتعاطف معهم  وكل حريص على مستقبلهم يسأل  أولي الأمر:-
هاي ليــــــــــــــش ........شي HI L ؟؟؟
حميد الحريزي

136
دِينُ المجانيـــــــــــــــــــــــــن!!!

 

حميد الحريزي
لا أُريدكِ
 دعيني
أمزقُ دفاترَ ذكرياتي
أهجرُ الذكرى
أعالجُ الشَوق بالآهاتِ
بالدمعِ اغسل
 فناجيني
@

لا أريدكِ دعيني
ما عدتُ من لحمٍ ودم
 عدتُ الى اصلِ خَلقي
صرت من  ماءٍ  و
طينِ
فان شئت أُسجدي على تربتي
 أو ان شِئتِ
اسحَقيني
@
لا أُريدك
دَعيني
 ما عادَ تسبيحُ المَلاكِ يعجبكِ
أغراك السرابُ
سحَرك البريقُ
ورُقصَ
الشياطينِ
@

لا أُريدكِ
دعيني
أحزمي الخِصرَ
البسي التِّبرَ
وارقصي  في دواوين
السلاطينِ
@
لا أُريدكِ
دعيني
نذرتُ الروحَ للندى والعطرِ
ما عادت  ((مسجاتُ))
العشقِِ
 و((يوتيوبات )) الحب ِ
تُغريني
@

لا أحبكِ اتركيني
الحبُّ قِبلتي
الوفاءُ  سَجيَّتي
ما عدتُ من دينكِ
ولا صِرتِ
من
دِيني
@
ما عدتُ أَهواكِ
 أتركيني
ما عَلَّمني الحُّبَ  قَوالٌّ
ولا قرأتهُ  في كُتبٍ
الحبُّ يا حلوتي
  مَخبوءٌ
ب((جيني))
@

ما عُدتُ  معبودَّكِ
 أتركيني
ما عاد فمي مكمنُ  نهديكِ
فَمٌ بفمٍ
كَفٌ بكفٍ
مُرتَفعٌ بمنخفضٍ
أثنان بواحدِ  انْ شَتتنا الشَّكلُ
 ضَمتنا
المضامين
@
ما  عدت الحبيب َ
فاتركيني
أهيمُ في  بساتينِ الجمال ِ
أعانق الشمس ، خَرير الماءِ يُطربني
وندى الازهارِ
يرويني
@
 
لا أريدكِ  اتركيني
كنت ِلسَفِينتي المرسى
عيناك ضياءُ  فجر الله
 دفءُ مكوراِتكِ من صقيعِ
 الهمِ
ينجيني
@

لا أُريدكِ اتركيني
أنا ابنُ  جُمّارِ النخيلِ
أنا ابنُ  الفلاحةِ السَّمراءْ
أنا ابن نايَّ الرعاةِ
مالي
 وَ
حبِّ
((الخَواتين))
@
مالكِ ومالي
 فاتركيني
ما عاد  شهدُ ثغركِ افطاري
 ما عادت جدائُلك ِمسبحتي
 أنامَلكِ  الحلوةُ  ما عادتْ
 تُدغدغُني
رموشَكِ  النعسى  صارتْ
 رؤوساً
للثعابينِ
@
أنا لا أهواك  ا بنتَ ((النيت))
اتركيني أحببتُ الناسَ طراً
أفنيتُ العمرَّ حباً
ضيعتُ َالعمرَ قهراً
متنقلاً بينَّ
الزنازينِ
@
غزا الشيبُ شعَري
فلا تندبيني
اتركيني
 طارت زرازيرُ روحي
أقصَتها البراري
 تلقفتها شِباكُ  صيدِ
القُساةِ
الملاعينِ
@
لا أُريدك اتركيني
منديلي لا يَمسحُ اكتافَ اهلِ
المالِ
منديلي يمسحُ دموعُ اطفالِ
الجياعِ
العراةِ
المساكينِ
@
أُقصدي  سوقَ البيعِ
واتركيني
لا اشتريكِ  ابنةُ
 المالِ
ارصدتي في البنوك صفر
عملتي  شيكات حب
دقاتُ قلبٍ
 وأشواقٍ تجري في
شَراييني
@
لا يُرضيكِ  دربي
فاهجريني
اكتظَّ  بالأحلامِ رأسي
أعلنتها جهراً بلا همسِ
ضحكاتُ الاكواخِ هَمّي
سعادةُ بني الانسانِ   عِنواني
قصدتُها وَمحوتُ دونها  كلَّ
العناوينِ
@

لا أريدكِ اتركيني
   ما عدتُ أرويك بِشِعرِي
رسائِلُ حُبِّي  ذَرتها الريحُ
غادَر الماءُ
أَنهاري
ما لكِ وحبِّّي
فقد صارَ الحِّبُ
دينَ
المجانينِ
&&&&&&&&&&&&&&
نيسان2012




137
يا قادة العراق((الديمقراطي)) بمن  تقتـــــــــــــــــدون؟؟؟

حميد الحريزي

تناقلت وكالات الإنباء ان الوالقادمين،ي   الاشتراكي المنتخب  أول القرارات التي أصدرها عند صعوده لسدة الرئاسة  اصدر قرارا بتخفيض  راتبه ورواتب  جميع أعضاء حكومته بنسبة 30% وهي نسبة غير قليلة طبعا ،   الجميل في الأمر ان هذا القرار لم يكن وعدا من وعود الرئيس الفرنسي عند خوضه الانتخابات  الفرنسية ن بمعنى انه لم يكن التزاما من قبل الرئيس الفرنسي أمام ناخبيه ، فوفى به بعد فوزه ، هذا القرار  جاء بعد الفوز مباشرة  إي انه لم يكن  محاولة  لكسب ود معارضة أو  قوى غاضبة تهدد شعبيته ، ولم يكن القرار  عشية  إجراء انتخابات جديدة . بمعنى انه قرار نابع من قناعة تامة بان المسئول  يجب ان يكون خادما لشعبه  وان لا يراكم امتيازاته وثورته على حساب فقر أو معاناة  عموم الناس . وهذه طبعا سابقة  رائعة تسجل للرئيس  الفرنسي المنتخب وتؤكد بالفعل سمته  الاشتراكية ، لم يسبقه فيها  سوى الرئيس الكوري  الذي  تبرع براتبه طيلة فترة رئاسته   ....
في الوقت نفسه نقرأ ونسمع ان  رئيس البرلمان العراقي طالب أمين بغداد بتخصيص قطع أراضي سكنية   مساحة كل منها ((600)) مترا على  شاطئ دجلة والأمر  طبعا يشمل  حتى أعضاء مجلس الحكم ، أسوة بالسادة الوزراء... وهذا يعني عمليا مصادرة شاطئ نهر دجلة بالكامل نظرا للعدد الكبير للسادة النواب الحاليين والقادمين ، ومن له خبرة في   أسعار العقارات سيصاب بالذهول  لضخامة   السعر التقديري أو سعر السوق ل أل((600)) مربع هذه ...  النواب يتقاضون عشرات الملايين  كرواتب بالإضافة للمخصصات والايفادات والمنح والمخصصات .... ولا شك ان الرأي العام العراقي  يعرف تماما  ان هؤلاء الأعضاء أو الوزراء  يملك كل منهم أكثر من دار  وأكثر من عقار في داخل وخارج العراق ... في حين  يسكن  آلاف  المواطنين العراقيين وعوائلهم في   الخرائب والزرائب ، أو في  بيوت مؤجرة  تثقل كواهل من لهم عمل فكيف بالعاطلين عن العمل ... قنوات التلفاز تعرض  يوميا  حالة الفقر والبؤس وانعدام  ابسط الخدمات للعائلة العراقية فلا ماء صالح للشرب ولا كهرباء ولا طرق مبلطة  ولالالالالا... وان بعض هذه العوائل تسكن في المقابر حيث عرضت قبل  فترة قناة البغدادية  عائلة  مع أطفالها  تسكن في  مقبرة وادي السلام في النجف!!؟؟؟؟؟؟
لا نريد  لزعماء وقادة العراق ان يتشبهوا بسيرة  الإمام علي أو بسيرة عمر بن الخطاب أو سلمان المحمدي أو الغفاري  ولا بهوشي منه  أو جيفارا ووووو ولكن ليتهم يقتدون بالرئيس الفرنسي أو الرئيس الكوري  ولا اعتراض ان تمثلتم بالرئيس  الصيني أو الرئيس الأمريكي أو الرئيس الإيراني  ، فبمن انتم تتمثلون ولمن انتم  تتشبهون  يا قادة الديمقراطية في العراق؟؟؟؟

138
أدب / ((دعابل خضر))- قصة قصيرة
« في: 00:14 24/05/2012  »



دعابل خضر

قصة قصيرة


حميد الحريزي


كالعادة في مثل هذا اليوم كل عام ، عيد الأضحى تتوافد أعداد كبيرة من الناس على مقبرة وادي السلام ، ليترحموا  على أرواح موتاهم وتوزيع الثواب ، لفت نظر بعض النساء في المقبرة،  وجود امرأة ممدة بجانب  قبر معلم بصورة  شاب ، حاولَنَّ إعطاءها بعضا من الفواكه ولكنها لم تستجب لهن ولم تحرك ساكنا ... أعدنَّ عليها النداء مرات ومرات ،هززن جسدها فوجدنَّه باردا  متخشبا ، لا حياة فيه ...
أكملت كباقي الناس  إعدادها الثواب لزيارة قبر زوجها الشهيد((محمد))، كانت تصطحب معها وحيدها ((خضر))، أم خضر ستذهب هذه المرة وحدها لان ولدها كما تقول قد سكن قرب والده منذ  ان اخذ عربته متوجها للسوق في مركز المدينة ، امتهن ((الحمالة)) اثر وفاة والده ، ترك المدرسة ليوفر لقمة العيش له ولامه ، رفض مزاولة  والدته للخبازة. "آني ابن محمد  مو ابن الخباز ة" يلبس حزام أبيه دافعا عربته إمامه متلفعا بيشماع اسود ، يضفي عليه علامات الكبر رغم نعومة جسمه.. يزوغ في بعض الأزقة متحاشيا لقاء احد من زملائه الذاهبين للمدرسة، يرسل خلفهم الحسرات مستذكرا أيام دراسته وتفوقه في الدروس..ظل يواصل قراءته في البيت عند عودته من العمل ، ثم يطلب من  أمه ملاعبته ((الدعبل))...
يلله أم خضر خل نشوف شطارتج بلعب الدعبل، يختط له ((أورطة)) في باحة الدار، ساحبا إياها من يدها محلفها بروح العزيز أبو خضر أن تشاركه اللعب...
"ولك يمه آني وين واللعب وين   " مستذكرة أيام طفولتها وكيف منعها الأهل من لعب الدعبل مع الصبيان، عليها أن تلعب ((محلقوه))مع البنات فقط، ظلت متشوقة لهذه اللعبة المسلية التي برعت  فيها ، متغلبة على أقرانها من الصبيان _ تنهمك في اللعب وتحرز النصر تلو الآخر على ((خضر)) حتى  تقترب دعابله من النفاذ...
الله الله أم خضر صدك شاطره باللعب تكَولين  ما عندي خلك؟؟؟
تبدأ تتراخى في لعبها  مرسلة الدعبل بلا مبالاة موفرة  له فرصة الفوز والمسرة.. تطبع على جبينه قبلات الفرح والود فهو ""وليّدها أبو ألعيشه و ((الوالي)) و((زلمة البيت))  شايل ريحة  محمد – كما اعتادت إن   تخاطبه..
تدور هذه الذكريات في مخيلة ((خضر)) كما تدور عجلات عربته المتوجهة صوب السوق.. يحتمل فضاضة بعض رجال الشرطة ومحاولاتهم منعه من تجاوز الحواجز الكونكريتية لدخول السوق ، يغتنم فرص انشغالهم فيزوغ مع المتسوقين بخفة عالية...يطالع وجوه الناس والبسطايات ، أنواع المعروضات ، كانت أمه تصطحبه معها عند الذهاب للممسواق اليومي، ينط أمامها  او خلفها ، تشتري له ((شكرية)) و((ديوك عسل)) أو طيارة ورقية أو دعابل جديدة ..
قرر خضر أن يشتري دجاج وفواكه ثواب لوالده في ليلة الجمعة كما  وعد  والدته "قبل أن يخرج للعمل" اليوم سأعمل بهمة وسيرزقني الله وافي بوعدي  لوالدتي" حمل عربته بأنواع الأكياس  للمتسوقات قاصدا البيوت في درابين البراق خلف أضرحة ((بنات الحسن)) (ع) فجأة فار التنور، هبة  عاصفة حمراء محملة  بسكاكين النار ووووو. اهتزت لها أركان بيوت منطقة ((حنون))* سقطت من على رف الغرفة حافظة دعابل خضر ، تناثرت شظاياها الزجاجية في الغرفة ... ، صعدت دوامات الدخان في سماء المدينة .. اصفر لونها ، تسارعت نبضات قلبها، هرعت تركض بدون شعور  صوب السوق ... تركض وتصيح  ((يمه خضر ، يمه اسم الله ، بعيد البله ولا كَالها الله)) حاول الشرطة منعها من دخول السوق  ، تجاوزتهم وأخذت  تبحث بين الأشلاء  المتناثرة في السوق طولا وعرضا ..."خضر يمه خضر .. إني أشم ريحتك .. لكن وين انته لابِد.. جاوبني خضر ..." عثرت على عربته النصف محترقة وسط اشلاء الجثث وبرك الدماء الساخنة...
((خاله شتدورين الجثث  ما تتميز  الوحده من الثانيه؟؟؟ يجوز أبنچ بالمستشفى يو شرد خارج السوق...))"لا لا يمه لا خضر هنا بالسوگ انه أشم ريحته بالسوگ . هاي اديته ، هذا اشماغه .. هذا احزام أبوه " ركضت  ناحية أخرى  وصاحت (هاي وصله من جسم  وليدي ... هاي وصله من بنطرونه  .." صعدت احد الفوگ". "" آني أشمه هنا فوگ" .. عادت تحمل رأسه المهشم والمحروق .بنواح وصياح ،قالت هذا هو وليدي خضر.... لطمت الخدود نواح  وصياح تتفجر له القلوب ، سقطت فاقدة الوعي ... رقدت في المستشفى عدة أيام بين إغماء وصحو. بعد إن خرجت من المستشفى اخذ الجيران يلاحظون عليها تصرفات غريبة يسمعونها تتحدث مع خضر .. كأنها ممسكة بيده  مرافقا إياها للسوق ، تجلس في الشارع تلاعبه((الدعبل))،  تشتري له الملابس واللعب تطير الطيارات الورقية الملونة... تخطب له  من  بنات الجيران ..."خضر ما مات ... ابني خضر ما مات أبوه وده عليه وراح له"...تهيم في الطرقات والأسواق تسأل عنه الصبية في الشارع والسوق ... تسائل عربته" نشدت عربانتك كَالت لي "ما كو خضر طار خضر .. من يوم العجه الصفرة.  من يوم  المطرت الدنيه لحم ودم وخضر ما كو".  تنهض تركض باتجاه المقبرة ..."هذاك خضر جاي من أبوه.... أبو خضر ردلي خضر، انته رحت خليلي خضر".. يتجمع حولها الناس نساءاً ورجالاً محاولين تهدئتها وتصديق تهيئاتها بان ولدها لازال حيا وسيأتي لداره، ازدادت نحولا وشرودا ، اخذ بصرها يتدهور يوما بعد يوم  حتى بلغت العمى التام، فلم تعد ترى سوى صورة خضر ولا تسمع غير صوت خضر، ابيض شعرها كشجرة داهمها الخريف في عز ربيعها ... رغم ذلك كانت تذهب كل ليلة جمعة نحو المقبرة قاطعة مسافات غير قصيرة تتجاوز المنحنيات والمنعطفات وتقاطعات الطرقات وسير المركبات لتصل قبر ولدها وزوجها ... تستدل عليهم من خلال شم رائحتهم - كما كانت تقول – تجلب معها طعام الفطور والغداء والعشاء مع الشاي  والفواكه في كل مرة تزورهم .. تجلس عندهم تفترش سفرتها وتناديهم لتناول طعامهم ... يهدها التعب واليأس بعد الندب واالصياح .. تترك السفرة على حالها لتعود أدراجها  ، معتذرة لهم ،  تعدهم بأنها ستجلب لهم ما يحبونه في المرة القادمة .. هكذا  استمر حال أم خضر حتى أصبحت مضرب الأمثال ((مثل أم خضر)) في عظمة مصابها ولوعتها ووفائها وحبها المنقطع النظير لولدها وزوجها.....تعرفت عليها إحدى جاراتها عند زيارتها لموتاها صباح عيد الأضحى، اجروا لها مراسم الغسل ، ورغم محاولاتها لم تفلح  ((المغسلة)) أن تخرج ((الدعبل)) من يد أم خضر، فقرروا  دفنها مع ((دعابله)) بين  زوجها وولدها ، أخذت النساء تزورها وتنذر لها النذور تبركا وطلبا  للحاجة ، يضعن نذورهن ((دعابل )) و((طيارات )) ملونة قرب الأضرحة الثلاثة.. حين يعود غائب او يرزقهن الله بمولود طال انتظاره....

139


فناجين القبــــــــــــــــــــــــل


حميد الحريزي


 

((نمنم)) روحي مرصوفٌ
 على شفتيكِ
الحُبلى
بالقبلْ
رفيف ُ أجنحةِ اللثمِ يسكرُ  ضِفافَ
 النهرِ المسكونِ
بزوارقِ شوقٍ  تحملُ
آهاتي
الحرى
أزرارُ نهديكِ أبوابُ
الجنةِ
يا مَنْ
أبراجُكِ محصنةٌ  برموشِ
الحُسْنِ
شعاع ُعينيكِ    أذابَ
شمعَ لسانِي
المصلوبَ
 على أعمدةِ  حروفِك
الذهبيةِ
كيف الوصلُ ودونك سبعُ
سلالاتٍ  مُرَمَحةٍ
برماحِ
السحرِ
باقةُ زهوري في كفي
تنتظُرُ غمز َ  الحاجبِ
تجفُ شرايانيِ
لوجفت
بعيداً عن شفتيكِ
خازنةُ أرطال
الشهدِ
اعشقْ ثم اعشقْ
أِفني كلَ سنينِ العمرِ
دعكَ من  دواماتِ القهرِ
اسبحْ في  بحرِ العشقِ
الاعمق
اعشقْ  ثم اعشقْ  
عشْ عاشقاً
((من المهدِ إلى اللحدِ))
 واعلمْ  
 ان  لولا الحبُ
لا
قبلُ
و
لا
بعدُ

12-1-202
Hamd.hur@gmail.com

140
قول في الثقافة والأدب
العولمة الرأسمالية تجزئة الموحد ، و تشظية المجزأ
((ألأديبات)) نموذجا

حميد الحريزي
في لجة التنظير والتدبير للقوى المأزومة التي تتزعم العالم اليوم ، بعد انهيار القطب المضاد أو ما  سمي  ب((المعسكر الاشتراكي)) وهيمنة المعسكر الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. كان الصراع  أثناء الحرب الباردة كما  أطلقوا عليها ، رغم  إن لهيب نيرانها شمل  قارات بأكملها وراح ضحيتها مئات الآلاف من البشر ناهيك عن الخسائر التي لا تعوض في الثروات ، والأضرار الفادحة التي ألحقت بالبيئة ، نقول إن الصراع كان يدور بين القوى الاشتراكية وفي مقدمتها الأحزاب  والحركات الشيوعية باعتبارها طليعة للطبقة العاملة وحلفائها من المفكرين والمثقفين الثورين كما  ترى  ، و قوى الرأسمال العالمي باعتبارها راعية مصالح  أصحاب رؤوس الأموال ومن حالفهم...... بمعنى إن  سمات  الطبقات والأفراد والأبطال في كل المعسكرين واضحة  وجلية ، يحاول كل  طرف من طرفي الصراع أن يبرز رموزه ويصنع حولهم هالة من التبجيل  والتهويل إلى حد التقديس  باعتبارهم أبطال أسطوريين  يجب أن يتمثلهم الجميع........ولكن بعد انهيار ((المعسكر الاشتراكي)) وانفراد المعسكر الرأسمالي  بقيادة العالم ،بانت ملامح وصورة بطل  الرأسمال القبيحة والمقرفة والإجرامية الاستغلالية عبر ممارساته  سواء في بلدان المركز  أو خارجه واعتماده أخس الأساليب وأكثرها همجية من اجل الهيمنة على ثروات ومقدرات الشعوب المستضعفة ، ناهيك عن القهر  والحرمان الذي تعاني منه الطبقات الكادحة في  بلدان الرأسمال المتقدمة نفسها  كأمريكا  وانكلترا وفرنسا  ...الخ،  سقطت أخر الأقنعة الديمقراطية التي كانت  تتخفى ورائها الرأسمالية  باعتبارها مخلصة العالم من   ظلم واستبداد  الأنظمة الشيوعية ، تطلب الأمر هنا  أن  تصنع وعيا مزيفا جديدا عبر آلتها الإعلامية والدعائية ومعاهد ها الإستراتيجية الجبارة المختصة في علم النفس وعلم الاجتماع ، هذا الوعي  المصنع  يسعى لتخليق أقطاب  وهمية متناقضة   تستطيع أن تخفي التناقض والصراع الحقيقي المحرك لمجريات  الأحداث في العالم إلا وهو  صراع الطبقات الاجتماعية المتناقضة  في المصالح والإرادات  والأفكار باعتباره المحرك الرئيس للصراع  في المجتمعات الطبقية..... فاخذ رحم الرأسمال  يولد مسوخا فكرية  تطبل لها وسائلها الإعلامية باعتبارها فتحا جديدا  في العلم والمعرفة والأدب بمختلف مستوياتها  ، ومنها ما  أنتجته  مصانعها الايدولوجية حول  نهاية التاريخ لفوكاياما الذي نظر  لتأبيد  قوى الرأسمال العالمي باعتباره خاتم الصراع بين القوى ومنهيا  ل((أسطورة )) الصراع الطبقي  الماركسية.....
كذلك  خرج من رحم هذه المؤسسات الكونية  مفهوم صراع الثقافات وصراع الأديان   مظهرا  إن حقيقة الصراع إنما هو صراع أفكار واديان وعادات وتقاليد وليس صراع طبقات  صراع بين مُستَغِل  ومُستَغَل .... العقل الكوني استطاع  إن  يشظي  الطبقات الاجتماعية والمنظمات المهنية والديمقراطية  فتم تخليق صراعا وهميا بين الرجل والمرأة  مظهرا إياه وكأنه صراع  ولدته جينات وراثية  وليس هو وليد تشكيلية اجتماعية اقتصادية تحمل في بنيتها جرثومة  هيمنة الأقوى على الأضعف فارضة ثقافة الغاب  بعيدا عن  الواقع الإنساني الذي  يرفض مثل هذه الهيمنة أو التفرقة ... وهنا سوقت الكثير من المفاهيم  والمصطلحات  والثقافات التي تعزز التشظي الاجتماعي على أساس جنسي  أو عرقي أو ديني أو طائفي أو قومي ،باعتباره قدرا محتوما وصفة وراثية  جينة لا يمكن التخلص منها .... فأججت نيران الصراعات  على  هذا الأساس  ،   فانقسمت وتشظت  بلدان  عديدة وخصوص   ما كانت تعرف  بالمعسكر الاشتراكي إلى دويلات صغيرة  انضوى بعضا منها تحت جناح  المنتصر ((الديمقراطي)) الأكبر  الرأسمالي بعد إن كان عدوها اللدود  ، في المقابل  سعت الطبقة الرأسمالية وعقلها الكوني  إلى توحيد ودمج  العديد من  كارتلاته وممالكه الاقتصادية الاحتكارية لتشكل إمبراطورية  عظمى وقوى قهر كبرى للاستغلال والهيمنة  على ثروات الشعوب في شرق  العالم وغربه ، أي دمج وتوحيد أسواق الرأسمال  وتشظي المجتمعات والدول والشعوب  ، مثل هذا  التقسيم والشرذمة  حدثت في  بلدان  الجنوب  والعالم  الثاني والثالث حيث التناحرات  القومية والدينية والعرقية تنخر في بنية مجتمعاتها ، وهنا يعيد الرأسمال العالمي مشهد صراع العبيد في ساحات الإمبراطورية الرومانية  ومتعة الأباطرة والملوك بمرآى  الصراع الدموي بين  عبد وآخر حد الموت لا لشيء سوى  إمتاع الإمبراطور وحاشيته  وإشغال العبيد في صراع جانبي  يؤبد استغلالهم ، هذا التقسيم  المستند على هذه الصناعة  الرأسمالية وهي  في أوج أزمتها تكرست في المجال الثقافي والأدبي  بشكل خاص  فجاءت مسميات ((الأدب النسوي)) باعتباره أدب  خاص  منفصل عن الأدب  العام  ومتنافر معه  تحت دعوى الانتصار  للمرأة  لمهمشة  والمقهورة... انتشرت هذه الثقافة في مجتمعات مستهلكة مخترقة  بقيم  عالم الرأسمال  ومنتجات مصانعه الفكرية الايدولوجية ومنها بلداننا العربية ، فتمكنت هذه الجرثومة (( الحداثية )) من غزو عقول وأدمغة الأدباء والكتاب والمثقفين في العالم الثالث ومنها بلداننا العربية  وبضمنها العراق  ضمن نظرية  ((الفوضى الخلاقة))... فتم الانجرار وراء هذه الكذبة  الكبرى المراد بها  تزييف الوعي وإبعاد  الأنظار عن  حقيقة   ومسميات أطراف النزاع في هذه البلدان لتنغمس المجتمعات في صراعات ثانوية ، لتغرق في النتيجة في  وحل صراعاتها الجانبية، متناسية أو جاهلة أسبابها ومسبباتها باعتبارها   إفرازات موضوعية وحتمية  للتفاوت الطبقي وواقع الاستغلال  الذي تمارسه الطبقات المالكة  ضد الطبقات المحرومة.... وإظهار الرجل  كذئب مفترس مسعور  يتربص بالمرأة  لافتراسها  فانطلت هذه الكذبة على  العديد من  العقول   التابعة لبهرج الرأسمال واستلطاف قيحه وإفرازاته السامة ، في حين تصدت له بعض العقول الواعية والنيرة من كلا الجنسين وهنا  استذكر قولا   مشهورا لإحدى المثقفات المناضلات في مصر  عندما  طرح عليها سؤال حول رأيها في تخصيص باصات  نقل خاصة  للرجال وأخرى للنساء في ظل أزمة النقل في مصر وتعرض النساء للمضايقة نتيجة ذلك  فأجابت بما معناه  أنها ترفض هذا العزل  المخجل ،لأنها تريد أن ترى  في الرجل  الأخ والأب  والزوج والحبيب والزميل  المستعد دوما لمساعدتها  ويبادلها الحب والاحترام والود وليس الذئب المتوثب لافتراسها وأهانتها .....
 أراد الرأسمال العالمي المأزوم  أن يكون الصراع بين المسيحي والمسلم  واليهودي والمسيحي  والازيدي والصابئ ، والكردي والعربي  والفرنسي  والأمريكي  وبين الرجل والمرأة والأسود والأبيض ... وليس بين  المُنتِج  اليَّدوي  والجسدي والفكري  وبين صاحب  رأس المال واستغلاله  البشع  لطاقات المنتجين من شغيلة اليد والفكر ، هذا الاستغلال  المولد لكل أزمات الإنسان   وسلوكياته ومفاهيمه المتخلفة ليظل مستعبدا  مستغلا على الدوام......
 عمد أيضا  إلى تسفيه  الفلسفة  مولدة التساؤل والتأمل ،وكل أنواع الالتزام  والمبدئية باعتبارها  مقيد ة لحرية الإبداع  والحرية الفردية، مموها فلسفته المضللة هذه .... وما موت المؤلف  في المجال إلا دبي((الرواية)) خصوصا   محاولة  لإخفاء وجه  مولد  الانقسام والصراع والفتن العرقية والطائفية  لكونه  وجه الرأسمال والاستغلال البشع الذي يجب أن لا يستدل عليه احد ولا يسأل عن جذوره وسماته احد ، كما جرى قتل واختفاء البطل قي الرواية ((الحديثة)) في فرنسا خصوصا.....وقد نسج على منواله عدد من الأدباء   في بلداننا ومنها العراق  ، مدعين  موت  البطل النموذج في الصراع الاجتماعي والسياسي والثقافي الدائر في رحم المجتمع ، فإذا كان الكاتب الغربي  انطلت عليه لعبة   التضليل تحت تأثير  أقنعة الرأسمال المتخفي وراء الكواليس لقباحة  وجهه ومظهره وهو  يحرك آلة الاستغلال والخراب وامتصاص دماء الكادحين المنتجين ، فلا عذر  للأديب أو المثقف والكاتب في بلدان العالم الثاني والثالث  إي في بلدان  المحيط الرأسمالي لان   هذه المجتمعات تخوض صراعا ضروسا ضد  الهيمنة الرأسمالية  والساحة مليئة بالإبطال  الايجابيين  والرموز  الثائرة المضحية من اجل الحرية والانعتاق  لشعوبها ولبلدانها مما يستوجب  إن يكون  البطل هنا ظاهرا حيا  فاعلا  محبوبا  مُهابا من قبل أحرار  البلد ومناضليه وعموم كادحيه..... وفي هذا الشأن خاصة  تدخلت  مخابرات قوى المركز الرأسمالي  وصنعت ((أبطالا)) وهميين ركبوا موجات التحرير والتغيير ، وساندتهم  بمختلف الطرق والوسائل لتصنع منهم حكاما مستبدين ، كأصحاب سمو وجلالة   والقائد الضرورة  والزعيم الأوحد ...الخ، قاتلة بذلك البطل الشعبي ، مغيبة المناضل الحقيقي في سجون  ومعتقلات ومنافي  أنظمتها القمعية التابعة، ولأجل شرعنة هذا النهج الخطير ،   عمل مفكريها ومنظريها لترويج نظرية  موت  البطل وموت المؤلف  في النتاج الأدبي والفكري ، سعيا إلى محو أي اثر لهذا المناضل والمقاوم والبطل   الوطني من الذاكرة الشعبية  في هذه البلدان المحتلة من قبل  المستعمر الخارجي أو من قبل   المحتل ((الوطني)) التابع........ أما الآن وقد  استنفذت هذه اللعب  الغاية منها  وتصاعد الغضب الشعبي للجماهير المقهورة ضدها  ، وهنا ظهرت فرصة  كبيرة لبروز  مناضلين وأبطال شعبيين حقيقيين  من اجل حرية ورفاه  وانعتاق الشعوب ،ووعي الطبقات المقهورة لمصالحها وإمكانية توحدها رجالا وتساءا وقوميات واديان مختلفة خلف مطالبها الوطنية والطبقية ، استشرت ظاهرة موت (( البطل)) ، وما رافقها من دعوات التشظي والشرذمة تحت مختلف الذرائع ، كعمل احترازي استباقي لقتل وواد أي وليد وطني واعي  يناهض قوى الاحتلال والاستغلال ، ولنا في  مجريات وواقع  ظاهرة ما سمي ب ((الربيع العربي)) مثال  ودليل واضح على  ما نقول .......
 البحث في هذا الأمر يطول ويتشعب وهو بحاجة إلى دراسات  مطولة ومعمقة لكشف وسائل   خداع الرأسمال العالمي المأزوم في عصر عولمته المتوحشة.... ولكننا نركز اليوم على ظاهرة تشظفي  منظمات المجتمع المدني والمنظمات المهنية على أساس جنسي  وأبرزها ما حصل في المجال الأدبي حيث ابتدع  البعض بدعة   منظمة  ((الأديبات)) إي تقسيم  الانتماء للأدب على أساس جنسي   وهو أمر  جاء كنتيجة  طبيعية لما أسموه ونظروا له سابقا بما يسمى الأدب النسوي !!! وكأن تاء التأنيث((الساكنة))،  ونون النسوة  عرق جديد أو طبقة  خاصة وعقل  خارج نطاق الواقع الإنساني المعاش... مما يعني تقسيم المهن وحتى الهوايات على أساس الجنس  كان  تكون هناك  منظمة المهندسات والفلاحات  والمعلمات  والطبيبات، والعاملات.... الخ وبالتالي يجب أن تتشظى منظماتهم المهنية  والديمقراطية على أساس  الجنس ثم على أساس  عرقي وطائفي وقومي ... الخ وبذلك بتشرذم المجتمع وتضيع  هويات مكوناته الطبقية والمهنية وفق هذه  التجزئة والانشطارات  الذاتية التي لا تتوقف  عند حد........
 الطامة الكبرى إن العديد من  مثقفينا وأدباءنا ومفكرينا  انطلت عليهم  اللعبة وآخذو  يروجون بحماس كبير  لمثل هذه الأطروحات وهذه التقسيمات ليكونوا في مقدمة  مستوعبي مفاهيم الحداثة وما بعدها وبذلك يدفعون عن أنفسهم تهمة التخلف  والتحجر وعدم فهم روح العصر  التي يقذفهم بها خدم   الرأسمال ومنظريه ومريديه.. دون أن  يتفكروا هذه الروح روح من ؟؟ وهذا العصر عصر من ؟؟ ومن  يتسيده وما ذا يريد؟؟؟؟؟؟
إن اغلب  فعاليات ومهرجانات ((الأديبات)) ينظمها ويديرها ويشرف عليها هم الرجال كدليل إثبات على عجز النساء عن تدبر أمورهن ، و للأسف  نشهد بينهم  من هم  الأكثر  امتهانا لكرامة المرأة وعدم  احترامها ،  ليظهر بمظهر حامل لواء تحرير المرأة وراعي نتاجها الأدبي والثقافي... ولاشك إن هذا النهج أتى منسجما مع بعض توجهات قوى الدين السياسي الداعي إلى ثقافة عزل الرجل عن المرأة في كل مجالات الحياة ....... مع احترامنا وتقديرنا العالي لخصوصية  المرأة  وما وقع ويقع عليها من  ظلم وتهميش وإقصاء مضاعف في مثل  هذه المجتمعات والثقافات المتخلفة ولكن الحل لا يأتي من العزلة والانعزال والفصل الجنسي أو العرقي بل بالوقوف معا رجالا وتساءا في  ساحة واحدة وخندق واحد  للنضال  من اجل الحرية والانعتاق ومحاربة قوى  الجهل والظلم والظلام والتخلف ، وخصوصا  في مجال الثقافة والأدب بمختلف أجناسه ومستوياته وأنواعه.....
نتمنى على كل مفكرينا وكتابنا أن  يتفكروا ويفلسفوا ويتعقبوا جذور ودوافع مثل هذه  الدعوات  وهذه الأساليب  التشظوية  الخطيرة التي  سينتج عنها المزيد من التخلف والاستلاب والقهر والصراع في حين  تزداد حصون ومناعة (( العقل الكوني)) للرأسمال العالمي ليؤبد  واقع استغلاله ويطيل من عمر هيمنته على الإنسان ومقدراته وبسلب حريته في كل  أرجاء المعمورة ........ لا فرق بين اسود وابيض وقومية وأخرى  وجنس وأخر ، فهو ينتصر لطبقته المستغلة النهمة للمال والجاه والسلطة توحدها أهدافها الاستغلالية ، وتعمل جاهدة وبكل الوسائل لتجزئة وانشطار النقيض تحت مختلف الذرائع............
Hamd.hur@gmail.com

141
من أجل ِ تحالف قوى اليسار ِ العراقيّ
 على هامش انعقاد المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي العراقي...
حركة اليسار الديمقراطي العراقي –حيد-

 
ترد في بعض المناظرات والآراء ما يعانيه اليسار العراقي من حالة الضعف وعدم الفعالية وسط الجماهير مما يؤثر في القرار العراقي في مختلف الإشكاليات المصيرية الهامة التي تشهدها الساحة العراقية وكثيراً ما يعزى السبب في ذلك إلى شرذمة قوى اليسار وتفتتها وتمترسها تحت مختلف العناوين واللافتات الأسباب ومن يرى ذلك فهو مصيبٌ في تشخيصه للمرض ولكن غالباً ما يغفلُ الأسباب الحقيقية والموضوعية لهذا الواقع مما يجعلنا ندور في حلقة شبه مفرغة ونقدم الخسائر تلو الخسائر في صراعنا الوطني والطبقي وسط ساحة ملتهبة مما يحملنا مسؤولية تاريخية كبرى أمام الشعب والوطن ومما هو جدير بالملاحظة والاهتمام أن أغلب قوى اليسار تطرح شعار تقاربها وتألفها وربما اتحادها من اجل تقديم برنامج موحد يمثل الحد الأدنى لطموحات جماهيرها والعمل تضامنياً من أجل تحقيقه على أرض الواقع .... ولكن كثيراً ما يسدل الستار على مثل هذه الأطروحات وتطمر هذه الأحلام تحت ضيق الأفق السياسي والتنظيمي والعقائدي لكثير من هذه القوى وبذلك يتم وأد هذه المشاريع وهي ما زالت أجنه قبل أن ترى الحياة أو غالباً ما تبقى كلمات رائعة وبليغة حبيسة أوراق كاتبها ومد ارج مكاتب هذه الأحزاب والحركات .
إننا في الوقت الذي نؤشر ذلك لا نحمل مسؤولية هذا الواقع طرف دون غيره على الرغم من إن التاريخ وشواهد الواقع تدل دلاله واضحة على من ساهم بشكل كبير ولا زال في تأبيد هذا الواقع واستمراره كذلك فإننا لا نغفل ولا نتغافل عن دور الواقع الاجتماعي المشرذم و المتشظي وعدم وضوح الاصطفاف الطبقي وتداخل وتلون وميوعة كافة الطبقات والفئات الاجتماعية وسرعة تغير ألوانها وأشكالها تبعاً لتغير الظروف بالغة التعقيد وخصوصاً في ظل حكم الاستبداد والدكتاتورية الصدامية الذي لم يدخر أيه وسيلة أو طريقة شرقية أو غربية إلا وستخدمها لغرض تآكل وتصفير رأس المال الاجتماعي ذخيرة الشعوب على مدى تاريخها وصراعها من أجل الحياة السعيدة لتكون لها ذخيرة من المبادئ والأعراف والثوابت تصون وحدتها وتحافظ على نسيجها الاجتماعي ضد كل مظاهر القهر والعسف والكوارث الطبيعية والاجتماعية وهي بهذا الرأسمال الذي يماثل جهاز المناعة الوقائي لدى الكائن الحي ضد الإمراض والأعداء فكلما كان هذا الجهاز منيعاً أو كلما كان هذا التراكم للرأس مال الاجتماعي وفيراً كلما كان المجتمع قادراً على تجاوز النكبات والإمراض الوافدة والمتوقعة مما يجعل جسمه معافى وقوياً
لقد كان حكم الدكتاتورية الصدامية مكرساً جهوداً استثنائية وبحوثاً جبارة من أجل تفكيك هذه القيم والأعراف الاجتماعية الغنية بالتضامن والتضحية والإيثار ومفاهيم الجيرة والنخوة والصدق والوفاء لتحل محلها قيم الثعلبة والتقريد والتسول الأخلاقي والخنوع ..... الخ.
إننا نشير بعجالة إلى مثل هذا الموضوع الذي هو من شأن علماء الاجتماع إنما نريد إن نؤكد على موضوعية وعدم غرابة وجود هذا الكم من العناوين السياسية على الساحة العراقية فهي واقع يغطي هذه الجزر العديدة المتناثرة على سطح بحرٍ هائج هو واقع المجتمع العراقي وشدة تمزقه في الوقت الحاضر ومن ضمن ذلك هي عناوين وكتل قوى اليسار العراقي هذا وبشكل مختصر الواقع الطبقي والسياسي للمجتمع العراقي .
2- التحولات الدراماتيكية والمتلاحقة على الساحة العالمية بعد انهيار ما يسمى بالمعسكر الاشتراكي وعلى رئسه الاتحاد السوفيتي ما أدى إلى اختلاف الآراء والاجتهادات في تفسير أو امتصاص وتفكير وتنظير ما حدث بالإضافة إلى تنوع أساليب مواجهة الواقع الجديد كذلك فأن على الجميع إن يدرك ما ساهم به من أخطاء تاريخية في مسيرة الكفاح والنضال الوطني والطبقي وعدم تلافي هذه الأخطاء والنواقص النظرية والتنظيمية أو على الأقل عم الالتفات لها ومحاولة إصلاحها إلا بعد فوات الأوان مما ساعد كثيراً على تشظي الحزب والحركة بعد إن عجز الداخل الفكري والتنظيمي عن استيعاب واحتواء ومعالجة الأخطاء والنواقص . وعدم الاهتمام بما يطرحه العديد من أعضاء الحزب لتقييم مسيرة حزبهم أو حركتهم، وهذا لا يعني على الإطلاق إننا نستبعد ما يحمله الفرد العراقي من حواضن ذاتية وإمراض مستوطنه لا وعيه في حب السيطرة والأنانية ونفي الأخر وممارسة العنف وهي أمراض مستشرية في ثنايا المجتمع العراقي وبكل فئاته وشرائحه حيث القيم البدوية والعشائرية والإقطاعية المتخلفة فهي تمتلك قابلية وقوة سحرية في اختراق أكثر الفلاتر والحواجز الثقافية والفكرية لتعشعش في كهوف اللا وعي ولفترات زمنية طويلة كخلايا نائمة تسفر عن وجهها القبيح في فترات ألازمات والكوارث ... من كل ذلك نريد أن نخلص بأن أسباب هذا التشرذم والتنوع لقوى اليسار العراقي هي أسباب موضوعية وذاتية في الوقت نفسه.

فما العمل لمواجهة هذا الواقع؟
 
إننا نرى إن إقرارنا بما ورد أعلاه ولأننا نسترشد بمنهج علمي في التفسير والتغير نرى أن ما يساعد ويعمل على سد نقص الموضوع هو الذات الواعية المدركة لما يحيطها من الصعاب وتفهم جيداً قوانين عمل الطبيعة والمجتمع فكلما كانت هذه الذات مستوعبه لموضوعها عارفةً بدقائق وجوهر صيرورته وقوانين تطوره كلما أحكمت السيطرة عليه موظفة حركته ونموه بما يخدم مصالحها .... وتتجسد هذه الذات الواعية في موضوعنا هذا في الأحزاب والحركات السياسية عند إقرارنا بأن ( التنظيم هو أعلى درجات الوعي) فما هو المطلوب من هذه الحركات والأحزاب السياسية اليسارية لتكون بمستوى طرحها بجبهة أو اتحاد أو توحد قوى اليسار العراقي .
ومن منطلق اجتهادنا وتصوراتنا نرى يجب أن تتوفر الشروط التالية لكي يمكن أن تنقل هذه الأطروحات من دائرة الأحلام إلى أرض الواقع....

نبذ أفكار ومفاهيم الارتداد والتحريفية :-
********************************

يجب إن تتخلص الحركات والأحزاب اليسارية من هيمنة الأفكار المثالية لتخلص نفسها من درن التقديس وعبادة الشخص والنص ومهما بلغ شأنه وتقر بأن لا شيء ثابت سوى المتغير والمتبدل والجديد فليس هناك ما هو خارج دائرة المسائلة والتشكيك والنقد والتجديد وبذلك أن تطرح جانباً أحكام الارتداد والتحريفية التي أشاعت الرعب والاحتراب وهيمنته على القوى اليسارية فلا يمكنناً أن نفهم معنى الارتداد والردة خارج الأديان والعقائد الغيبية المثالية فالمرتد كاو تسكي نعرفه جميعاً وكذلك تروتسكي وغارودي .... الخ . وهي إحكام كهان الشيوعية على من خرج أو حاول إن يجدد أو يجرؤ على نقد أقانيم الشيوعية ومسالة بعض رموزها مما ألقى بالحركات اليسارية والأحزاب الشيوعية في خانة الأديان والفكر الغيبي على الرغم من كونها تحمل راية محاربة الأفكار الغيبية والمثالية وما أفضع ما شهدته الساحة العالمية والعربية والعراقية من تهم تحر يفيه ضد كل من يحاول أن يجتهد أو يخرج أو يساءل أحد أعلام الفكر الشيوعي بعد أن تم نقلهم من ساحة الواقع وساحة النضال والتجدد إلى ساحة الجمود والتقديس من ساحة الجدل والتناقض إلى ساحة العصمة وعدم جواز تجاوزهم أو حتى محاورتهم بعيون مفتوحة، أن التحريفيه والارتداد نقلت النظرية الماركسية من كونها نظرية علمية واقعية إلى دين متزمت منغلق وحولت أعلامها من مناضلين ثوريين إلى أنبياء ورسل وائمه معصومين وقد ذهب نتيجة ذلك الكثير من( زنادقة ) الفكر وأصحاب ( البدع والمرتدين) من المناضلين ضحايا رفاقهم حراس العقيدة وشرطتها السرية .
إن من يقرا تاريخ الحزب الشيوعي العراقي ومذكرات الرفاق الرواد من الشيوعيين والماركسيين سيرى حجم المأساة وما جرته مثل هذه الحروب الداخلية على الحركة الشيوعية واليسارية والوطنية العراقية من خسائر وألام لا زلنا نعيش أثارها لحد ألان.
نسأل متى يجب أن نتعلم الدروس ونستلهم العبر؟؟
ومن يتأمل ظاهرة التحريف للنصوص وفبركتها وبذل جهود كبيرة ومضنية لتفكيكها ثم إعادة تركيبها من جديد لتظهر بمعنى يقارب أو يطابق ما يريد إن يذهب إليه المفكر أو المفسر والمنظر من معنى ربما لا يحمله ظاهر النص الأصلي وبما إن هذا المنتج و النص الجديد لا ينال الاعتراف ولا يسوق منتجه الفكري إلا بإسناد من المقدس ومباركته واعترافه بشرعية نسبه إليه وإلا فما هو إلا زنديق وصاحب بدعه ومرتد وتحريفي ....
وما يترتب على ذلك من الويلات أشدها الحرق والقتل والتعذيب وأخفها الإبعاد والعزل والتشريد فيجب إن يكون الواقع المادي وما ينسجم مع قوانين حركة الطبيعة والمجتمع وما يرتقي يهما نحو الأكمل والأفضل هو الحكم لمصداقية الفكر ومقاربته للعلم في التفسير والتغيير وليس مطابقته لما هو سائد متعارف عليه من أقوال ونظريات ممن نصبوهم أنبياء معصومين وإلا لظلت الشمس تدور حول الأرض ولم يسجن ويعذب كاليلو ويهدد بالحرق وبذلك تبدو مسيرة التحريف هي نتيجة للتقديس بسبب صعوبة خرقه وتجاوزه ضمن تغيير معطيات ووقائع الحراك الاجتماعي في ظرف متغير وزمن وحراك لا يعرف السكون ونرى ان ذلك احد الاسباب الرئيسية ان لم يكن أهمها للتحريف .

الوريث الوحيد ( طالما أنا موجود فأن غيري شبح)

.---------------------------------------------------------

ضرورة التخلص من فكرة حق الإرث للابن الأكبر نرى إن بعض العناوين لبعض القوى الشيوعية واليسارية العراقية تهيمن عليها فكرة الوريث الشرعي الوحيد لكل تراث الكفاح ونضال وميراث الجماعات والأفراد الثوريين والمناضلين في العراق وما سواه لا يستحق من هذا الميراث شيء كذلك لا يحق لأحد إن ينسب نفسه لهذا التاريخ والإرث الخالد فقد جيرته هذه الفئة باسمها .... ولا زالت بعض هذه القوى تصر على فكرة طالما إن موجود فأن غيري شبح, وكأن بعضهم يقول مستعد أن اعترف بكل ألوان الزهور وإشكالاها إلا إن تنبت بجانبي وردة حمراء فهذا أمر لا يطاق. وقد يرد سبب ذلك إلى نسب أقوال إلى بعض زعماء الأحزاب الشيوعية وخصوصا لينين ( إن وجود أكثر من حزب شيوعي في بلد واحد يعني إن أحدهم على خطأ ) مما كرس مبدأ احتكار وامتلاك الحقيقة المطلقة من قبل حزب أو حركة بعينها دون غيرها وعدم الأخذ بنظر الاعتبار تاريخية النصوص والشواهد وتبدل الظروف ومن ثم تجاوزها أو نسخها أمر طبيعيا جدا في مجرى الصراع الاجتماعي في ظرف ومكان متغير وان حدوث ذلك لا يمس مكانة ورفعة وكفاحية الزعيم القائل . إن الشيوعيين العراقيين يعرفون تماما ما جرته هذه النظرة وحالة الاحتراب وحتى الإيقاع أو تصفية الرفيق لنده القائم أو المتوقع وبأساليب وطرق اقل ما يقال عنها أنها لا تتفق على الإطلاق مع القيم والمبادئ الشيوعية وقد أسس الرفيق الخالد ( فهد ) بدأ الحزب الواحد ضمن سعيه لبناء تنظيم حديدي وصهر كل عناصره ضمن قالب واحد موحد في ظل أعلى شكل من إشكال المركزية الستالينية المسماة تعسفا بالقواعد اللينينية في بناء التنظيم الثوري وفقا لما كان يراه وما تتطلبه وما هو سائد من ظروف أمنية وعالمية في ذلك الوقت.
إن من يقرأ ويعيد قراءة تاريخ الحزب الشيوعي العراقي بعين الحاضر المتفتح والمتجدد بعقل واقعي جدلي وليس بعقل العقائدي المتحجر والمتبلد فعلى الشيوعي ان ينظر إلى الوقائع والإحداث والتاريخ بعين المنهج الواقعي وليس بعين الحالم الذي يقفل عقله وحواسه على حزب متخيل وسلوك تفترضه النظرية في كتب المنظرين والحالمين بالشيوعي الفاضل .إن هذا السلوك في ظل الأوضاع الراهنة وبعد الزلزال الذي هز العالم وفي ظل الأيمان بالديمقراطية السياسية والتعددية ونبذ العقائدية الجامدة المنغلقة وضرورة فتح المجال رحباً أمام مختلف الآراء والاجتهادات والقراءات الفكرية والسياسية والتنظيمية ... نقول إن هذا السلوك أصبح مرفوضاً حيث يجب التعامل بين مختلف القوى بروح الشفافية والأخوية الرفاقية الحميمة لتكون بمستوى الأهداف الإنسانية السامية المشتركة والمبادرات الجادة الصادقة لإنتاج وإبداع أفضل السبل والصيغ وتقديم أجمل وأكمل الأمثلة في طريق النضال الوطني والطبقي والأخذ بيد من يتخلف أو يعجز عن اللحاق بركب المناضلين والمتميزين لا بوضع العراقيل وفبركة المكائد والتظليل والتشويه لأبقإءه يدور في دائرة عجزه وتخلفه لأكون إنا الوحيد وغيري عدم . يجب أن تراجع كافة التنظيمات والحركات اليسارية بناها التنظيمية والعمل على إن تكون منسجمة مع أطروحاتها النظرية في الديمقراطية والتعددية والتداولية داخل التنظيم وخارجها ونبذ أسلوب تأليه القائد وصنع الأصنام والرموز مقتدية بذلك بما يحيطها من الهوس الديني والبرجوازي والقومي في صناعة هذه الرموز وعبادتها مع فائق تقديرنا للعقول المفكرة والمبدعة وعباقرة الفكر والعمل ولكن نرى أن أشد أعداء المفكرين والمبدعين والمصلحين هم عبادهم ومقدسيهم
أسباب تأليه وتقديس القائد
*************************

-----------------. نرى إن احد الأسباب الرئيسية لظاهرة تقديس وتعظيم وتاليه القائد بالإضافة إلى الموروث الثقافي الذي يكون عاملا مساعدا لمثل هذه الظاهرة في بعض المجتمعات هو ضعف الموضوع لقيام وولادة ونشوء الحزب وتطوره مما يفرز قصورا واضحا في الوعي وعدم تكامل القدرة الذاتية على استيعاب النظرية وفهم وتفسير المتغيرات الاجتماعية لدى اغلب جماهير الحزب وأعضاءه وأنصاره مما يعطي للقائد والزعيم دورا استثنائيا يكاد يكون فيه الأول والأخير في إصدار التعليمات وتدبيج البيانات ووضع التنظيرات لتكون بمثابة النصوص المقدسة في ظل حالة الانبهار واستصغار الذات من قبل هذه الجماهير أمام عبقرية وتفوق القائد وقدراته الفذة فتسبغ عليه مختلف الأوصاف والصفات مما يهيئ له مسرح الدكتاتورية والاستبداد بوعي ودون وعي ليعتليه محمولا على أكتاف القطيع الزاعق والمصفق لعظمة إلهه المعصوم .
لذلك يتطلب إن تعيد أحزابنا وحركاتنا الشيوعية واليسارية النظر وتتخذ الإجراءات الوقائية والاحترازية وخصوصا في بلدان التخلف والاستبداد ومنها العراق على شكل آليات ومواد في أنظمتها الداخلية وممارساتها التنظيمية لسد الطريق إمام مثل هذا المرض الخطير، فغالبا ما يتم نقد القائد أو الزعيم أو السكرتير والأمين العام السابق دون إن نضع المعالجات التي تحفظ وتجنب المسمى اللاحق من الانزلاق في نفس الطريق وارتكاب نفس الخطأ وانتهاج نفس المنهج مما جر ويجر إلى الكوارث والنكسات والهزائم للحركات والأحزاب الشيوعية واليسارية .

طرح برنامج واضح ومتميز وعدم خلط الأوراق
******************************************

إن من الركائز المهمة لبناء وحدة اليسار هو إن نعرف ما يميزنا عن غيرنا من أحزاب وحركات وقوى سياسية على الساحة العراقية مع وضوح مقاييسنا وبوصلتنا للحراك الطبقي في المجتمع العراقي وما يجسد ويوضح ذلك هو طرح برنامج موحد لقوى اليسار الديمقراطي العراقي يستطيع إن يجيب إجابات واقعية على إشكالات واستحقاقات الساحة السياسية والاجتماعية العراقية الراهنة مستجيباً بذلك لنبض وطموح أغلبية الشعب العراقي من العمال والفلاحين والطلبة وعموم شغيلة اليد والفكر .
امتلاك الحصانة الفكرية والعملية ضد الانجرار والتبعية والذيلية في مواجهة شرور العولمة المسلحة وهو التطرف الديني واليساري والقومي والطائفي لتكون بذلك قوى اليسار الديمقراطي منار ينير طريق الكادحين ومحبي العدل والسلام وتفسير الظواهر والفاعلية في التغيير الاجتماعي بما يخدم الإنسان وحريته وسلامته وما تتعرض له الجماهير الشعبية عموماً من ضخامة وتنوع وحنكة أساليب التظليل والتعمية الثقافية والسياسية وشد العصائب على العيون لحجب الحقائق وتأبيد حالة تردي الوعي وحالة التخدير واختلاط الألوان تحت تأثير مورفين الشعارات الوطنية والطائفية والثورية المتطرفة خصوصاً ونحن نشهد حالة من الإيغال المتعمد في طريق الاصطفاف القبلي والطائفي والعرقي على هامش استعراضات الانتخابات والاستفتاءات مما يستدعى شعوراً عالياً بالمسؤولية من كافة القوى اليسارية والديمقراطية بمختلف ألوانها ومرجعياتها لتجميع نقاط الاتفاق والعمل على ترحيل نقاط الاختلاف إلى مراحل أخرى فسيجد واقع النضال اليومي الحلول الكفيلة بتجاوزها وتقديم البراهين على صواب ما هو أكثر واقعية وعلمية من بين خيارات واجتهادات مختلفة ونبذ ماهو خاطئ ومتخلف .
لذلك نرى ضرورة البدء ألان وعدم ترحيل مهمة لجان التنسيق ومن أبسط المستويات إلى أعلاها بدءاً باللجان الثنائية والثلاثية وحسب درجة قبول واستعداد الإطراف في قبول ذلك للعمل من اجل تحقيق تحالف قوى اليسار العراقي الديمقراطي.
ولسنا بحاجة إلى توضيح ضخامة المهمة الوطنية والطبقية الملقاة على كاهل الشيوعيين واليساريين وعموم القوى الوطنية والديمقراطية في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الشعب والوطن... فلم يتساهل التاريخ في أحكامه مع من يتلكأ أو يتباطأ أو يعرقل إنجاز هذه المهمة التاريخية العظمى حيث يرزح الشعب تحت نير الهيمنة الأجنبية المسلحة ويئن من هول وهمجية ضربات قوى الإرهاب وعصابات القتل ومافيات السلب والنهب .
ليكون اتحاد وتجمع قوى اليسار الديمقراطي العراقي مثالاً واقعياً شاخصاً أمام أبناء الشعب بالتضحية والإيثار والديمقراطية الصادقة والتفاني والتنافس الحر من اجل تحقيق أهدافهم النبيلة والسامية في بناء وطن حر مستقل وشعب امن مرفه.......

ملاحظة :- سبق لنا ان  طرحنا هذه الورقة منذ  بداية عام2008 ، ونشرت في مجلة ((الحرية)) وموقع الحركة في موقع ((الحوار المتمدن))
.
________________________________________



142
يا متقاعدي العالم  اتحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــدوا
المتقاعد اليونانـــــي  ينتحر

المتقاعد العراقي  ينتظــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر؟؟؟!!!


تناقلت وكالات الانباء العالمية الخبر المفجع عن انتحار الصيدلي اليوناني المتقاعد البالغ  ((77)) عاما من العمر  حين اطلق النار على نفسه امام مبنى البرلمان اليوناني...
نتيجة لذلك ثارت ثائرة الشعب اليوناني الذي خرج  للشوارع غاضبا محتجا متضامنا مع ابن وطنه المتقاعد المنتحر نتيجة الظروف المعيشية التي يعيشها واضطراره  للتفتيش عن لقمة عيشه في اكوام القمامة .. تحت وطأة الازمة المالية والاقتصادية لعموم النظام الرأسمالي العالمي وخصوصا اليونان  وبدرجة اخف ايطاليا واسبانيا ....
فإذا كان للحكومة اليونانية  بعض العذر في عدم تامين حياة كريمة للمواطن اليوناني وخصوصا المتقاعد  كونها حكومة بلد فقير الموارد يعتاش عل المساعدات الدولية وخصوصا  الدول الاوربية ...
فلا عذر للحكومة العراقية في بلد  يمتلك ثروات هائلة ومتنوعة   ، فقد بلغت صادرات من البترول لشهر اذار  وحده ما يزيد عن ((70)) مليون برميل وبإيرادات تزيد على ((90 )) مليار دينار عراقي ...
ميزانية العراق هذا العام تزيد على ((112)) مليار دولار ... في حين لازال راتب المتقاعد العراقي يعيش في ظروف معيشية غاية في الصعوبة حيث لا يتجاوز الحد  الاعلى لراتب المتقاعد على 500 الف دينار عراقي وهي لا تكفي لسد حاجات المتقاعد المعيشية من اكل وشرب  وسكن اكثر من عشرة ايام في ظل  صعود شامل في اسعار الاغذية   وفقر  او عدم حصوله على مفردات البطاقة التموينية ناهيك عن رداءتها وتقلص عدد مفرداتها .... هذا اذا افترضنا  ان المتقاعد موفور الصحة معافى وهذا نادر  الحصول، فاغلب المتقاعدين مصاب بأكثر من مراض مزمن  كارتفاع ضغط الدم ، او السكر ، او القولون وهي امراض بحاجة  للعلاج والرعاية الدائمة والمستمرة ...
رغم كل لك لازال البرلمان العراقي ومن خلفه الحكومة العراقية ، يغض النظر ولا يبالي بواقع المتقاعد  وماساته رغم تظلماته ومطالباته المتعددة ، ورغم الوعود التي  اطلقها  بعض السادة النواب والوزراء بأنهم سينتصرون للمتقاعد المظلوم ويعطونه  حقوقه المهدورة ... لكن للأسف  عمليا انصبت جهودهم لزيادة رواتبهم ومخصصاتهم وامتيازاتهم وأخرها المطالبة بشراء سيارات مصفحة بملايين الدولارات... اما المتقاعد ((اليتيم)) فليقعد مقهورا محسورا، يسد رمقه ورمق عياله  من اكوام  التصريحات الكاذبة ..
 نريد ان نقول ان المتقاعد العراقي نتيجة لإيمانه بالله واليوم الاخر وحرمة  قتل النفس الا بالحق ، فانه  سوف لن يلجأ للانتحار وسيلة للحصول على حقوقه بل سيلجأ الى الانفجار بعد ان سأم  الوعود والانتظار ولا شك  ان ابناءه وبناته وأخواته وإخوانه من العراقيين سيهبون لنصرته باعتباره  اما وأبا وأستاذا  ومديرا ... وبذلك فهو  وأنصاره يتمثلون  قول نصير الحق والعدل والمساواة علي  بن ابي طالب (ع)  وصوت العدل والثورة ابو ذر الغفاري رضوان الله عليه ((عجبت لمن لم يجد  قوت يومه ولم يخرج  شاهرا سيفه)) فقد بلغ السيل الزبى وبلغ الصبر منتهاه ،  قرئنا قبل عدة ايام  دعوة المتقاعدين العراقيين لتوحيد صفوفهم  وتشكيل ((حزب المتقاعدين)) ليكون معبرا  عن طموحاتهم وحقوقهم في قبة البرلمان   ..  تحت شعار (( يامتقاعدي العراق اتحدوا من اجل  مستقبل افضل)) ... واللهم اشهد  انهم على حق ولابد لهم  لم الشمل  وإيصال ممثليهم للبرلمان لضمان حقوقهم  المهدورة ، رغم اننا  لا ننسى الدور الكبير الذي قامت ولا زالت تقوم به  الجمعيات الانسانية لمتقاعدي العراق ولكن الامر  اكبر من قدراتهم  وقراراتهم لأنه بحاجة الى  صوت قوي فاعل في البرلمان العراقي يسعى لتشريع قانون منصف للمتقاعدين  وتعويضهم عما اصابهم من حيف وظلم وإجحاف......
بقلم :-  مظلوم بن محروم بن تعبان العراقي.
عنوان السكن  :- قصر الاحلام  وسط بحيرات البترول الخام.
اقرب منطقة دالة:- بيوت الصفيح .
اسم المختار :- هلكان بن جوعان العريان.



143



العقـــــــــــــــــــــــال المعقوف


             
    

حميد الحـــــــــــــريزي 





غربانا محملة بصلبان معقوفة
 تحوم
فوق قباب
الريح  الصفراء
تُصَفِقُ لها ذئاب صحارى
البترول
و
محضيات الغرب
الثملى
 اهتزت  مؤخرات العهر
ال((ديمقراطي))
((مثلي)) الغرب  
               يتنادون
انتصارا
لحرية الخزي العربي
دوت مآذنهم  ، صرخت  قنواتهم
عاش الدولار
الأكبر
مخصب حرم
الوالي
أحل ((القرضاوي))
غسل الجنابة في  بئر
 الذهب
الأسود  
تنمر  التاج المسروق
لعن التنين
الأصفر
ارض العرب لا تصلح مرعى
لغير الكابوي
عشقوا بساطير المارينز
وحبوب ((النصب))
وعاهرات
 ((الهمبركر))
أمروا برجم
((المسكوف))
لعزف ((الاباجي))  طَرِبَ العقال
المعقوف و رقص
الخنجر
دخل العم سام
 سبحوا بحمد  الدولار
سجدت كل
عواصمهم
رقصت كل
((عمائمهم))
فرحا بالفتح الأكبر
أدوا  فريضة حج ((البنتاغون))
وضحوا  برؤوس  ((الشر))
تطهروا من فكر
الرجس ومن
الشيطان
الأحمر
سيكتمل الفتح
ويندمل الجرح
 لا بغداد و لا دمشق و لا
القدس
البنتاغون رمز عروبتهم
الدولار كتابهم
لا التوراة
ولا
الإنجيل
و
لا
القرآن
و
لا
((رأس المال))
 و لا
((الكتاب الأخضر))
كفى لغوا كفى هذرا
ابن العرب
((تحرر ))
ابن البدو
((تحضر))




آذار 2012









144
  يا متقاعدي  العراق اتحدوا  من اجل  حياة أفضل
بقلم حميد الحريزي

بعد طول مناقشات ، وصراخ  ومزايدات الحرص على  مصلحة المتقاعدين ، وحفظ كرامتهم ، ومكافئتهم على  ما  قدموه من عطاء للوطن خلال  عملهم في  مؤسسات الدولة المختلفة ،   ظهر علينا مجلس النواب العراقي  الموقر  بقرار  منح المتقاعدين  مبلغ ((50)) ألف  دينار  لا تعادل طبعا وجبة  فطور للسيد النائب  ، تضاف الى رواتب لمتقاعدين ممن رواتبهم ((400)) ألف  دينار فما دون... الى حين  تعديل قانون  رواتب الموظفين  العاملين والمتقاعدين ، هذه ال الى حين  امتدت  لأكثر من عشر سنوات مضت  وربما تمتد  لعشرة اخرى ........  وربما يطويها النسيان نهائيا في لجة أزمات وصراعات القوى السياسية المهيمنة على سدة الحكم والبرلمان في العراق اليوم.
هناك أمر هام نود ان نلفت النظر إليه الا وهو عبارة الموظفين والمتقاعدين ... وهي مثار التباس كبير حيث يفهم منها ان المتقاعدين غير موظفين وإنما شملهم العطف الحكومي برحمة واو العطف البائسة ... المفترض ان تكون هذه الجملة  كآلاتي – موظفي  الدولة العاملين والمتقاعدين-
هذا أولا
ثانيا:- للأسف الشديد يعامل المتقاعد في العراق وكأنه حجر زائد القي في كومة  سكراب مهجور وليس إنسانا  أوجب عليه العرف الاجتماعي تبعا لعمره وتشعب علاقاته  الاجتماعية خلال مسيرته الحياتية الكثير من الالتزامات والواجبات   سواء الأفراح او الأتراح مما يتطلب ان تخصص له مخصصات منافع اجتماعية بحجم مسؤولياته ان صح تعبير كالمنافع  التي منحت لذوي المناصب  العليا في مؤسسات الدولة المختلفة ... لأنه ذو منصب خاص ودرجة عالية  ضمن  عائلته ومحيطه الاجتماعي باعتباره  رب لأسرة  زوج وأب وجد وأخ وصديق وجار ووجيه ضمن عشيرة او محلة او مدينة تترتب عليه العديد من الأمور واجبة الأداء وإلا  يعزل اجتماعيا وينظر إليه بعين الاستخفاف  وإللا احترام  ان لم ينجزها...
 بلاضافة الى عامل تقدم العمر وتعرضه لغزو الكثير من الأمراض الطارئة والمزمنة واجبة المتابعة والعلاج، فمثلا  وأنا اكتب  بجانبي احد الشيوخ المتقاعدين يعاني من السكر  وارتفاع ضغط الدم وقرحة المعدة والتهاب القولون والبروستاتة والبواسير والتهاب المفاصل ناهيك عن ضعف البصر... هذا الحال  لا يشمل اغلب  المتقاعدين ولكن الأكيد ان  كلهم او اغلبهم مصاب بواحد او أكثر من هذه الأمراض.....
استنادا لما تقدم مما ذكرناه  وما لم نذكره ككثرة ضيوفه وزائريه وفقا لعمره ومكانته الاجتماعية ....يتوجب ان يصرف للمتقاعد مخصصات خطورة ومنافع اجتماعية ووجاهة مضافا لما كان  يتقاضاه وهو في العمل الوظيفي....  ولا يصار الى  قطع مخصصات الزوجية والأطفال الغير بالغين او الدارسين او العاطلين عن العمل وكأن المشرع يقوم  بانفكاك  الموظف المتقاعد من كل التزاماته الحياتية مع تاريخ صدور كتاب انفكاكه من عمله الوظيفي !!!!!!
 يتوجب ان يتم  تغيير تعريف المتقاعد ليحمل عنوان (( مستشار او خبير)) في مهنته   لدائرته او مؤسسته او منشاته او مصنعه  او شركته التي كان يعمل  فيها ، تتاح له فرصة التواصل مع دائرته واستلام راتبه الشهري منها  كما كان  ليكون تقاعده  ليس أكثر من إعفاءه من إلزامية الحضور والدوام الروتيني اليومي كبقية الموظفين العاملين ... ولدائرته عليه حق استضافته  حين تكون بحاجة للاستئناس برأيه وخبرته   لحل إشكاليات العمل  وتطويره وتلافي النواقص التي  تنتج عن قلة خبرة الموظفين الجدد من الشابات والشباب ، كذلك  استنفار قدرات  هؤلاء (( الخبراء او المستشارين)) في الظروف الطارئة  ومن اجل تنفيذ خطط وبرامج  غير تقليدية  للدائرة او الوزارة المعنية   كالحملات الصحية او  التعليمية او الإحصائية او الثقافية ....الخ
يجب ان يعامل المتقاعد على انه طاقة وقدرة نوعية  وثروة وطنية يجب ان تعمل الدولة والمجتمع على رعايتها وصيانتها ودوام عطائها وليس سلعة مستهلكة وفائضة عن الحاجة  يجب التخلص منها..
كما يفترض على مؤسسات الدولة  تحفيز وتشجيع المتقاعدين للعمل على انجاز البحوث والدراست النظرية  والعملية للارتقاء بالعمل الانتاجي والإداري لمؤسساتهم مستفيدين من الوقت الحر الذي منح لهم بتقاعدهم... وهنا تحصل الدولة ومؤسساتها على أفضل البحوث والنتائج بأقل التكاليف وبأفضل الخبرات.... ولا باس ان توضع آليات حوافز خاصة  لمكافأة البحوث والدراسات والأعمال والمقترحات المتميزة والمبدعة.... مما يعطيه  مزيدا من الأمل  والتفاؤل بالحياة  كونه لازال فردا منتجا  ومفيدا للدولة وللمجتمع  وهذا مما يقلل كثيرا من معناته النفسية والجسدية ...
ربما  ذهب خيالنا بعيدا في امانيننا  لآبائنا وإخواننا وزملائنا المتقاعدين ، ولكننا  لا نرى ان ما  تطرقنا إليه امرا غريبا  في الكثير من الدول والمجتمعات المتطورة  فقد  قدمت للمتقاعدين من الخدمات ومن الفرص ما يفوق خيالنا الجامح هذا...
 وهنا لابد لنا ان نشير الى القصور الكبير في  نشاط وعمل  المتقاعدين   من اجل الحصول على حقوقهم  وتحقيق آمالهم في  دوام العطاء والعيش الكريم ، مما يتطلب منهم  مزيدا من تنظيم جهودهم  وتوحيد صفوفهم من مختلف المهن والعناوين   عسكريين ومدنيين خدميين وإنتاجيين  والتنادي  لتشكيل لجان  تنسيقية في كل  مدينة ومحافظة  وبالتالي  تشكيل لجنة تنسيق عليا ، وانتخاب لجنة تحضيرية    لتأسيس حزب المتقاعدين الذي يتبنى تحقيق مطالبهم     بالأساليب  السلمية والدستورية  من خلال القيام بالفعاليات والنشاطات المختلفة  للضغط على السلطات التشريعية البرلمان، والسلطات التنفيذية الحكومة  للاستجابة  لمطالبهم وحقوقهم خصوصا وأنهم  قوة  مليونية كبيرة لا يستهان بها  تستطيع لما لها من  اثر فعال في محيطها الأسري والمهني  ومالها من خبرة  حياتية من رفع او إسقاط أية قوة سياسية تطمح بالصعود للسلطة، وان توصل للبرلمان  نوابا يتحسسون آلامهم ومعاناتهم  كما لغيرهم من  المواطنين، أصبح هذا الأمر هاما وملحا جدا بعد ان هدرت حقوق ومطالب المتقاعدين   في اكبر وأضخم ميزانية للدولة العراقية منذ  ولادتها ولحين التاريخ، وبعد  اتضاح زيف وكذب الوعود التي  لم يتم الوفاء بها  لامن قبل  أعضاء البرلمان ولا من قبل الحكومة  لإعطاء المتقاعدين حقوقهم ورفع الحيف عنهم..... وفي الختام نقول  يا متقاعدي العراق  اتحدوا من اجل ضمان حياة أفضل لكم ولابنائكم وأحفادكم ....

145
الفصل الســـــــــــــــــــــابع
من رواية ((أحلام المشاحيف))
المفتــــــــرق


 قبل ان يكمل  كلمته حدث  لغط   وشبه فوضى إذ ارتأى البعض انه لا يتفق مع  راي الخطيب  وان التعاون مع  الأمريكان  هو أفضل الطرق  للخلاص من النظام الذي عجزنا عن إسقاطه عبر  أكثر من  ثلاثين عاما خلت ... وان الأمريكان أعلنوا بأنهم سيدخلون محررين وليس  فاتحين او محتلين.. ولابد من الخلاص من الديكتاتورية حتى وان حصل الاحتلال ...
تدارك ((جيفا را  الاهوار))  الأمر  لكي لا يتطور الي  احتكاك خشن  معلنا ان لكل منا رأيه  وطريقته  وقناعته   ومن هنا  سنفترق  ولكل مساره  الذي ستثبت الوقائع والأحداث القادمة  خطله من صوابه  فلا داعي للاحتراب  والتلاسن والعداء......                               
كانت ((سعيده)) ووالدها وجمع من  المقاومين الآخرين الي صف  ((جيفا را الاهوار))  ورفاقه ، صافحته بحرارة عند أكماله لكلمته قائلة :-
هذا عين الصواب والطريق الصحيح للخلاص من  الديكتاتور ربيب وصنيعة أمريكا وحلفائها، يجب ان نتعض من تاريخنا البعيد والقريب ،  الاستعمار  ينصب  صنائعه ويرعاهم  على حساب حرية  ورفاه شعوبهم  طالما  ينفذون  مخططاته  ويعملون لضمان مصالحه ، وبالتأكيد ان لهؤلاء الصنائع عمرا محددا  بعدها لابد وان  تتهاوى عروشهم  تحت ضربات شعوبهم  وثوراتها التي لابد منها مهما طال الوقت ،  غالبا  ما تسعى أمريكا الي  اتخاذ خطوات استباقية  لإجهاض  أجنة الثورات قبل ولادتها  ، عبر نشر الفوضى وخلق الذرائع للتدخل العسكري المباشر وفرش البساط لوجوه جديدة في شكلها قديمة  في جوهرها ... لابد ان يقرر الشعب مصيره بيده .... استحسن الجميع  ما ذهبت إليه ((سعيده))  وقررا  ان   يقيموا الوضع الجديد  وما بعده  ودراسة كل الاحتمالات والتكيف معها..... مما يستوجب عقد اجتماع  موسع  لنخلص ن خلاله الي  القرارات  والخطط التي تقينا  وتحافظ على   عناصرنا  ، ومحاولة  إيجاد صلة بتنظيمات  الحزب في كردستان وفي الخارج للتنسيق  وتوحيد الرؤى والتحركات  المستقبلية .. وعدم الانجرار  لمخططات  قوى الرأسمال العالمي  كثمن للخلاص  من الديكتاتورية ..
افترق الجمع  موزعا على ثلاث مجموعات ((سيد حمزه)) وأنصاره  اللذين يسعون  لإسقاط النظام  بأي ثمن ، و((جيفا را الاهوار)) وأنصاره اللذين  اختطوا طريق الخلاص عبر ثورة شعبية   عراقية ، ومجموعة ((ماهود))  التي لم تحسم أمرها بعد   في تأييد ومساندة اي الفريقين...........دارت رحى الحرب  ، شهد الكل   ما سببته من تدمير وخراب  ، كانت الهزيمة  الكبرى للنظام / دمرت القدرة العسكرية العراقية ومرغت كرامة الجيش العراقي بالتراب ،  كانت الانتفاضة  التي أتت على ما تبقى من مؤسسات الدولة   والبني التحتية للبلاد، حرف مسارها منذ انطلاقتها الأولى  لتصب  في  مصلحة  دول مجاورة(( لاشرقية ولا غربية ، جمهورية اسلامية)) و (( لا ولي الا علي  أنريد قايد جعفري)) ، أدارت لها أمريكا ظهر المجن ، أعطي  الضوء الأخضر للنظام لسحق الانتفاضة ، انشغلت  قوى((المعارضة)) في الخارج  بالاجتماعات  والمناورات وتقسيم المناصب والمكاسب فيما بعد النظام ، تركت الجماهير بلا قياده،  قرر ((العقل)) الأكبر الأمريكي  تأجيل الإطاحة بالنظام لحين استنزاف قدراته المتبقية  و إخضاعه لشروط استسلامية مذلة  في  خيمة صفوان، لابد ان  تتم عملية تجريف القيم  الايجابية والثورية للشعب العراقي  عبر تجويعه وإطلاق يد  النظام لتأديبه وقمعه ،  فخيم  ليل الحصار الاقتصادي، أصبح الشعب مرتهنا لدى السلطة، حدث الانهيار الكبير  للمعسكر ((الاشتراكي))، صالت وجالت فرق التفتيش ، ابتلعت قوى ((المعارضة)) الطعم الأمريكي ، استكملت  أدوات اللعبة : اعد المسرح على أكمل وجه  لغزو جديد ،عاد التاريخ الي  سنوات الاحتلال الانكليزي ، انهار النظام بوقت غير متوقع ، عمت الفوضى ((البناءة)) مدن  العراق ، أعلن المحرر نفسه محتلا ، هدمت خيمة  الناصرية ، تولى ((برايمر)) تفصل سلطة على مقاس  أمريكا ، هرولت قوى ((المعارضة )) دخلوا   ما اسمي  بمجلس  الحكم الانتقالي .......
كان ((جيفا را)) و((سعيده)) وبقية رفاقهما منهمكين بإعادة  بناء بيوت الحزب في كل  مدن العراق وقصباته ، إعادة ارتباط رفاق الدرب ،  التفكير بدخول حزبهم مرحلة جديدة  من الكفاح وفق شعاره المعلن ((لا ديكتاتورية ولا احتلال)).......
عقد اجتماع استثنائي لمجموعته  لتدارس الوضع:-
" رفاقنا الأعزاء إننا الان ندخل مرحلة جديدة وخطيرة من الكفاح من  اجل  انجاز مرحلة التحرر الوطني الديمقراطي  وفي مقدمتها التخلص  من الاحتلال  بكافة السبل المتاحة  وبكافة الوسائل المتيسرة،  ها هي   البرجوازية  قد  قدمت الوطن بطبق من ذهب  لأسيادها وأولياء نعمتها  الأمريكان وحلفائهم، وذهبت جعجعتها وجبروتها  في أول اختبار حقيقي لوطنيتها ، علينا ان نكون أوفياء لوعودنا وشعاراتنا ، ولدماء شهدائنا ، إننا بالضد من قوى الرأسمال  المتوحش في كل مكان وكل  زمان فكيف به وقد احتل بلدنا وإذلال شعبنا وجاء بدباباته وطائراته لسرق ثرواتنا وعليه  فننا  ندعو الي  رفض الاحتلال  وعدم مصافحة ممثليه ومريديه  مهما اختلفت مسمياتهم وأوصافهم "
كانت سعيده تستمع بانتباه شديد  لتقرير  الرفيق ((جيفا را)) التي كانت  ترى فيه  ((ناطور))   ورفاقه  سالت:-
ولكن  هل لك ان تعلمنا بموقف قيادة الحزب  في هذه المرحلة ؟؟
 التفت إليها مستغربا سؤالها، قائلا:-
وهل الأمر يحتاج الي  سؤال او وضوح   فشعار الحزب في غاية الوضوح ، ونهجنا الفكري  والسياسي  ليست بحاجة الي شرح في  عدائنا لكل احتلال  بالإضافة الي موقنا المناهض للرأسمالية  في كل حين ومكان، فما الداعي للسؤال؟؟؟
رفيقنا العزيز تتناقل وكالات الأنباء ان هناك    دعوة موجهة  للحزب الشيوعي  لدخول مجلس الحكم  المرتقب..... فما هو موقف قيادة الحزب من هذه الدعوة؟؟؟
نعم ... ان  برايمر  وبتوجيه من البنتاغون هناك محاولة لتسقيط جماعي لكل قوى ((المعارضة )) العراقية عبر إدخالها في مجلس الحكم بقيادة برايمر،  واعتقد جازما  ان هذه  الخطة سوف لن تنطلي  على قيادة الحزب ، ناهيك عن كونها  متناقضة مع شعاره المعلن  والمقر عبر مؤتمره  السابع، ثم اتخاذ مثل هذا القرار يجب ان يكون راي فاعدة الحزب وفقا  لمبدأي الديمقراطية  والتجديد للحزب  المقرة في مؤتمره الخامس ......
لاباس  سنرى  ما سيحدث ؟؟
بعد  يوم عمل مضني للتواصل مع رفاق الأمس وترتيب الخلايا واللجان   ،كانت الصدمة الكبرى حين  اخبرهم الرفيق المسئول ان الحزب قرر الاشتراك في مجلس الحكم  الانتقالي  ممثلا بسكرتيره  العام التي  توافق الدخول للمجلس  ممثلة  بمسئولها الأول .....
 أصيب  الجمع  بالصدمة الشديدة والمفاجأة التي لم تكن في الحسبان  بحيث تعذر على ((جيفا را)) و((سعيده)) و((العم سرحان))   أسلوب الرد  والرفض  القاطع  لهذا القرار الذي  سيعيد قتل  شهدائه من جديد  ويضحي  بالحزب على مذبح الرأسمال العالمي  ويتنكر لتاريخه النضالي الطويل  ولشعاراته التي لم يجف حبر حروفها بعد......
انصرف  الرفاق وفض الاجتماع  برفض الأغلبية  الساحقة للرفاق للقرار ....

اعتكفت ((سعيده )) في دارها  بمعية والدها  الذي  بدى عليه  الهرم والتعب  ،  كانت تراقب باهتمام  شاشة التلفاز   الذي  سينقل  وقائع الجلسة الأولى لمجلس الحكم  وياهوال المفاجأة الكبرى  وهي  تلمح  ((حاشوش))  يدور في أروقة المجلس  بمعية  ((مريوده))، ولقائائهما مع  القنوات الفضائية باعتبارهما من  الشخصيات  التي كانت تخوض نضالا ضاريا ضد النظام ألصدامي ، وتحمسهم    لخطوة إعلان مجلس الحكم  ودعوتهم كل القوى لتسهيل مهمة  برايمر  من اجل  بناء  دولة الحرية والديمقراطية في  العراق ...  وكذا أعقبه  ((سيد حمزه)) وكانت  المفاجأة الكبرى  بظهور الرفيق ((حميد)) وهو  يوزع البسمات  ويعلن عن تفاؤله وتحمسه لمشاركة حزبه في بناء الديمقراطية  ودولة المؤسسات في العراق  من خلال مجلس الحكم الانتقالي؟؟؟؟!!!!!!!!
كان ((سرحان ))  منشغلا في لف سيكارة  حين شاهد ((حاشوش)) و ((مريوده))
 قدما نفسيهما باسم ((سيد علوان))  و(( علويه فضيله))  وهم يتحدثون للناس عن جهادهم وتضحياتهم   في مقارعة الديكتاتورية الصدامية  وتحملهم للسجن والتعذيب  مما اضطرهما للهجرة خارج العراق كلاجئين بعد  الانتفاضة الشعبانية المباركة، سقطت علبة تبغه من يده  فتناثر تبغها وتناثرت أوراق دفتر اللف على الحصيرة  ... وقد بلغ به العجب والاستغراب والغضب ا شده ، التفت الي سعيده قائلا:-
ولكم هاي خوش سالفه ولكم صرنه  مثل الگال
                         (( المارضه بچزه رضه بچزه وخروف)) ..
 ردنه نتخلص من صدام ادور اچانه برايمر وفوگاها  ربع صدام  وشلون صايرين مناضلين ومجاهدين .......!!!!!!!!!!!
ألقم  ((مشربه)) سيكارة دبل لف ،ملأت دوامات دخانه الغرفة ...  ملتفتا لدهشة وشهقة ابنته ((سعيده))  حين قالت :-
ها ولكم هذا الرفيق ((ابو عايف))، يابويه ياگاع انشگي وبلعيني هاي وينك ي ((فهد)) ي ((سلام عادل)) ي (( خالد)) ي (( سيد عباس)) ي ((ناطور)) ولكم هاي شلون صارت؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وعندما استفسر منها ((سرحان))  عما رأت وما الذي أثار استغرابها أكثر مما رأى... منهو هذا النوب ((أبو عايف)) ... فقالت :-
والله يابويه ألشفته مصيبه  هذا ألشفته سكرتير الحزب   .... فقال  سرحان :-
يعني شنهو ربعكم هم طبو  لمجلس الحكم ((ألانتعالي )) ويّــــــه الجماعة...
ولكم هاي صدگ مصيبه عله گولت أبو المثل:-
                            ((ضرط وزانه وتاه  الحساب))"
چاوين صار شعارهم ((لا ديكتاتورية ولا احتلال)) يبين يبعد أبوچ الجماعة لاگتلهم كراسي مجلس الحكم ألاحتلالي بقيادة  ((الدم قراطي)) برايمر  الحَيّمِر ، فشالوا ال(لا) راس الشعار  حتى يصير خفيف ((ديكتاتورية واحتلال)) اي والله رحمه من رب العالمين (( رادله گرون  گصوا  أذانه))،  چا شنهو همه وحد عن الجماعة أهل اللحه الچانوا  يصيحون ((أمريكا الشيطان الأكبر)) هسا اشو صارت  ((أمريكا  الملاك الأكبر))... اي والله رحمة الله عله أبو المهوال الهوس
                               (( ذبوله رغيف وهز ذيله))
قررت سعيده ان تلتقي بالرفيق ((جيفا را)) وهي في غاية الالم  والتوجع ولازال في ذاكرتها  حلمها  في الليلة السابقة (( بعد الكدر الذي خيم على صدرها  حينما شاهدت لمة ((مجلس الحكم الانتعالي ))  خلدت للنوم متعبة   فسمعت والدها (( سرحان ))  ومشاهداته في يوم العيد فقررت ان تقصه لرفيقها ((جيفارا))  قائلة:-


يتبع الفصل الثامن   والاخير










146
واقع المرأة العراقية في الماضي والحاضر

بقلم حميد لفته



تسود في عراق اليوم نزوات ودعوات وأفعال ظالمة ضد المرأة تمس بكرامتها وإنسانيتها وعظمة دورها  كأم وأخت وحبيبة.فقد ذكرت جريدة (طريق الشعب) في العدد 2978 تشرين الثاني 2007 تحت عنوان (البرابرة يتصيدون النساء في البصرة) وقالت الناشطة (ل.م) في منظمة رابطة المرأة العراقية في البصرة :-
سجلت منظمتنا كمعدل (20 جريمة) قتل تطال  النساء شهرياواوضحت ان المبررات التي يشيعها المجرمون هي ان النساء اللواتي يتعرضن للقتل إما سيئات السمعة أو لايلتزمن بالحجاب الإسلامي وحتى عدم ارتداء العباءة أو التبرج وأشارت إلى ان الجهات التي تقوم بهذه العمليات هي جهات متعددة وهي عصابات منظمة  تتستر بالأمر بالمعروف  والنهي عن المنكر)
هذه المرأة المخلوق العظيم والجميل والذي يروى ان الإنسان اليوناني  كان ينحني خشوعا واحتراما  ان صادفته امرأة حامل
ومن يتحرى  تاريخ وأسباب  وبواعث  مثل هذه السلوكيات الشائنة التي تسيء كثيرا للدين  والشرع المقدس وكذلك للعرف  والتقاليد والقيم السامية  التي يحملها المواطن العربي والعراقي على مدى تاريخه الطويل  فالمرأة دائما محل احترام  وتقدير وإجلال وليس هناك أدل من مايذكره التاريخ القديم  والحديث عن الشخصيات النسائية العربية والعراقية التي سجل لها التاريخ أجمل وأروع الصور في العلم والقيادة والحكمة .
فما هي الأسباب المستترة وراء مثل هذه الظاهرة التي تبدو غريبة على المجتمع العراقي خصوصا  .
هذا ما سنحاول ان نلقي الضوء على بعض ما نراه من الأسباب سواء السياسية أو الاجتماعية والثقافية  في العصر السابق أو في عصرنا الراهن.
أولا :- في التاريخ العربي الإسلامي استطاع بنو أمية الاستحواذ على الخلافة واخذ السلطة بعد صراع مرير مع العلويين دار بين الإمام علي (ع) ومعاوية بن أبي سفيان  من بني أمية انتهى إلى اغتيال الإمام علي (ع) وسيادة معاوية  وجعل أمر الخلافة ميراثا لابناءه ورهطه من بعده بعد ان كانت بالشورى.
فلم تهدأ حرارة المقاومة عند أهل بيت الرسول (ص) لهذا التعدي الفاضح على حقهم في الخلافة نظرا لقرابتهم من الرسول (ص) وكونهم من سلالته واهل بيته من علي وفاطمة(ع) واستمر الخلاف السياسي في الاسلام وتمخض عن اتجاهين:-.

الأول:- يدعو إلى الأحقية في الخلافة لمن كان من نسل فاطمة ابنة الرسول (ص) وابن عمه علي ابن أبي طالب زوجها باعتبارهما من صلب الرسول وهم من اشتهروا على طول التاريخ بالعلويين وهم الأئمة المعصومين(ع) وأبنائهم وخلفائهم.
إما العباسيون أبناء  العباس عم الرسول فيرون ان العباس عم النبي  اقرب إلى الرسول من ابن عمه  ولا يعتد العرب بنسب المرأة  بما معروف بالعائلة الأبوية فلايعني الانتماء إلى فاطمة  بنت الرسول ان أبنائها من علي هم الأقرب للرسول وهم الأحق بالخلافة.
وفي الوقت الذي تمسك فيه العلويون بنسبهم إلى فاطمة الزهراء (ع) ابنة الرسول الكريم (ص) واجتهدوا في رفع شان المرأة وقدرها وشرف الانتساب إليها سعيا منهم لإسناد أحقيتهم  بالخلافة  من بعد رسول الله  ووصيته المشهورة  في بيعة الغدير بالخلافة للإمام  علي (ع) وهي  قوله (من كنت مولاه فهذا علي مولاه) فهم بذلك ليسوا أبناء ابن عم الرسول وإنما هم أبناء بنته.
 وعلى الرغم من ان العباسيين قد رفعوا مظلمة العلويين عندما كانوا في المعارضة واستفادوا من كسب ودهم وود مناصريهم وخصوصا في العراق  ضد الحكم الأموي  إلا إنهم سرعان ماتنكروا لهم بعد ان  استلموا  مقاليد الحكم  واعتلوا عرش الخلافة. واخذوا ينكلون  بالعلويين وبذريتهم  وإتباعهم وشيعتهم اشد تنكيل.
عمل العباسيون بمختلف الطرق والوسائل على ابتذال المرأة والتقليل من شأنها وإظهارها كدمية وبيت متعة  ولهو ورقص غناء وليست موضع حكم ونسب رفيع  فعمدوا إلى إخفاء  أسماء أمهاتهم وأخواتهم وبناتهم على عكس ماكان يفعل الأمويون والعلويون قبلهم   فلا حرج ان يدعى معاوية  بابن هند والحسن والحسين بأبناء فاطمة(ع) وقد اخذ الشعراء والأدباء العباسيين إما بذكر المؤنث  أو إيجاد كنية  أو لقب  يخفون أسماء النساء خلفه وبذلك فأنهم  عملوا على تقوية السيادة المطلقة للرجال  على النساء.
اقبلوا على الزواج من الجواري والإماء وقربوهن من مجالسهم الخليعة في الأماكن  العامة ونحوا  الحرائر من النساء  ولهم في هذا  الأمر كلام يطول ذكره. بحيث أصبحت بعض الجواري  تتحكم في شؤون السلطة والسلطان. وانتشر في عهدهم وبتشجيع  وقبول ورضا  منهم ممارسة  الفجور والبغاء  والدعارة  والتهتك والحط من قدر المرأة إلى الحضيض كل ذلك كان باعثه الأول وليس الاخير إسقاط حق المرأة في أولوية النسب وعدم أهليتها لذلك وبالتالي عدم أحقية من ينتسب إليها ليكون وريث سلطة أو خلافه..
وعن مدى القسوة التي مارسها العباسيون ضد أبناء عمومتهم من العلويين  يذكر الطبري في تاريخه ( ذكر أبو يعقوب بن سليمان قال حدثتني حميدة العطارة – عطارة أبي جعفر- قالت لما عزم أبو جعفر المنصور على الحج  دعا ريطة بنت أبي العباس امرأة المهدي  وكان المهدي بالري قبل شخوص  أبي جعفر  فأوصاها بما أراد وعهد إليها ودفع إليها ومفاتيح الخزائن وتقدم  إليها  واحلفها وكد الإيمان  التفتح  بعض تلك الخزائن  ولاتطلع عليها أحدا إلا المهدي  ولاتطلع هي الاان يصح عندها موته فإذا صح ذلك اجتمعت  هي والمهدي وليس معهما ثالث  حتى يفتحا  الخزانة فلمقدم  المهدي من الري إلى مدينة السلام  دفعت إليه مفاتيح  وأخبرته عن المنصور انه تقدم  إليها  فيه ألا يفتحه  ولا يطلع  عليها أحدا حتى يصح موته. فلما انتهى  إلى المهدي  موت المنصور وولى الخلافة فتح الباب ومعه ريطا فإذا أزج كبير فيه جماعة من قتلى الطالبين وفي إذنهم رقاع منها أنسابهم وإذا فيهم أطفال  ورجال  وشباب ومشايخ عدة كثيرة فلما رأى ذلك المهدي ارتاع لما رأى  وأمر فحفرت لهم حفيرة  ودفنوا فيها) (1)
 إنما أوردنا هذا الشاهد لنوضح طبيعة وخطورة هذا الصراع بين أبناء العم وهم جميعا من قريش والذي سبق لقريش  ان ارتأت  ان الحكم لها وليس لغيرها  من قبائل العرب  لان رسول الله منهم
. ولم يدخر الفر قاء جهدا ولا طريقة  ولاحيلة  إلا وأقدموا عليها لإثبات أحقيتهم بكرسي الحكم مما يستوجب ان نكون يقظين تجاه الخطاب السياسي للقوى المتصارعة  وكشف المستور  وراءه  في وقتنا الحاضر مستفيدين من شواهد العصر الغابر حيث يقول نصر حامد أبو زيد (علينا في اشتباكنا  مع الخطاب السياسي ان نكشف عن نتاج ايدولوجية التزييف  التي يمارسها عن قصد أو غير قصد وذلك بالكشف عن حقيقة التوجهات التي تسعى إلى قمع الإنسان  كلية وان كانت تبدأ بما تتصوره الحلقة الضعيفة في الإنسان ، أي المرأة)(2)
( وقد كان الإمامان محمد بن الحسن وأبو جعفر المنصور يتساجلان الرسائل ويناظران بالكتب ليكسب كل منهما  عطف جمهور المسلمين وانحيازهم إليه، وفي هذه الكتب  يطاول كلاهما صاحبة بماله من فضل السيف وكرم العرق  وقوة القرابة من رسول الله وكان مما فخر به محمد أمومته سيدة نساء العالمين  فاطمة بنت رسول الله  وخديجة أم المؤمنين  فكان مااجاب أبو جعفر(إما بعد فقد أتاني كتابك  وبلغني كلامك  فإذا جل فخرك  بالنساء لتضل به الجفاة والغوغاء ،؟ولم يجعل الله النساء كالعمومة  ولا الآباء كالعصبة والأولياء)(3)
ومن ثم اخذ العباسيون ينالون أمر المرأة بالتهوين وقرابتها بالوهن  وعقدتها بانحلال كلما سنحت  سانحة أوجدت داعية واخذ شعرائهم وعلماؤهم  وذوو أرائهم  يبعدون مدى مابين الرجل  والمرأة  كأن الله تعالى  لم يجمع بينهما في كل موطن من كتابه العزيز ولما قال مروان بن أبي حفصة شاعر بني العباس  يخاطب العلويين ويمدح العباسين:-


خلو الطريق لمعشر عاداتهم         حطم المناكب كل يوم زحام
ارضوا بما قسم الإله لكم به          ودعوا وراثة كل أصيد حام
انى يكون وليس ذاك بكائن           لبني البنات وراثة الأعمام
بذل له الرشيد مائة إلف وعشرة ألاف درهم. ولقد رد عليهم محمد بن يحيى ألتغلبي قائلا بحق المرأة وعلو شأنها:
لم لا يكون وان ذاك لكائن           لبني البنات وراثة الأعمــــــــام
للبنت نصف كامل من ماله         والعم متروك بغير ســــــــــــهام
ما للطليق وللتراث وإنما             صلى الطليق فخامة الصمصام
ومعروف اعتراض الخليفة المستنصر العباسي حين علم بولاية شجرة الدر أمر مصر فانه على الرغم من رضا شعبها واطمئنانه لحكمها كتب إلى أمراء المماليك يقول لهم :-
( أعلمونا ان كان ما بقي عندكم في مصر من الرجال من يصلح للسلطنة فنحن نرسل لكم من يصلح لها . ثم ختم رسالته بإنكار شديد ووعيد وتهديد وتمثل بعد ذلك يقول من قال:-

النساء ناقصات عقل ودين         ما رأينا لهن رأيا سنيا
ولأجل الكمال لم يجعل الله         تعالى من النساء نبيا
ومن كل ذلك نعلم ان بني العباس كان ينظرون إلى المرأة بمؤخرة عيونهم حتى لا ينازعهم بنوعهم زمام الملك باسمها ولا يسلموهم بسموها وإما تركهم الإماء يصرفن قياد الملك ويقبلن زمام الرعية فما كان ذلك إكبار للمرأة ولا تنويها بشأنها وإنما استضعافا لنزوات النفوس وانقلابا لحكم الهوى ) (4)
وكان على المرأة ان تستقبل الصدمة بعد الصدمة وتستعد للطمة بعد اللطمة في ظل هذا العهد وكان أو ما ابتدعوه لها من العنت والمكروه بيمين البيعة الذي يفرضون فيه على الرجل والسيف مصلت على عنقه ان يحلف بطلاق امرأته على ان يبقى على بيعتهم ولا يحيد عن دولتهم ولا يحول عن نصرتهم ولا يتابع احد سواهم واللذين يقسمون هذه اليمين هم ذو الرأي والجاه من الساسة الكفاءة والقادة الحماة والأئمة الهواة وقد يكون الرجل منصرفا بقلبه عنهم ميلا لسواهم فما عسى ان تكون امرأته ؟؟
ولكن صوتا دوى من مدينة رسول الله ( ص ) فانتظم دويه الشرق والغرب (( بان طلاق المكره ويمينه لا غية )) ومصدر ذلك الصوت إمام المسلمين وحجة الإسلام مالك ابن انس صدع به بين سطوة السيف وصولة السيف ولم يخشى في الحق إلا ولا ذمة ولم يرع في الله لومة لائم , ودعم هذا الرأي الصارخ بآراء أئمة المسلمين علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر بن مسعود وعبد الله ابن عباس وابن الزبير ومن إليهم من أشياخ العمامة والسلام والإسلام . ولقد راع الخليفة الجبار أبا جعفر المنصور موقف الإمام الأعظم مالك ابن انس فأمر بان يضرب بالسياط عاري الجسد فشدة يده وضرب على جسده وعليها بالسياط حتى خلعت كتفه فما يناله عزم ولا وهن له رأي ولا حلت له عقده ولا زاغت منه عقيدة بل خرج من المحنه اثبت جنانا وأمضى لسانا واشد يماما وأقوى برهانا ) (5).

 فما عسانا ان نقول لمن لا زال يحلف بالطلاق الثلاث في ابسط المواقف وأكثرها تفاهة ليهد بيته ويهدم بناء أسرة ويفكك  أكرم وأقدس علاقة إنسانية بين الرجل والمرأة أفلا يتفكرون ؟؟وكما ذكر المفكر  نصر حامد ابوزيد (ان ترك الطلاق لمجرد اليمين يتفوه به الرجل في حالة نزاع مؤقت أو خلاف  عارض مسالة تؤكد بدائية العلاقات الاجتماعية  على مستوى الأسرة وهي العلاقات  التي يتحدد دور الزوجة فيها في استرضاء الرجل بكل  الوسائل المهددة لإنسانيتها وذلك خشية الغضب المؤدي إلى الطلاق ) (6)
فماهي الأسباب الخفية والمستترة وراء مثل هذه الممارسات والعادات التي ورثناها دون ان نتفكر أصول نشأتها ومدى ملائمتها للشرع والعقل . وقد سدر بنو العباس ومواليهم في الاستهانة بالمرأة وعم الفساد بين صفوف نساءهم إذ تصرفوا في عهد رفاه باذخ وعجت حواضرهم بالجواري الحسان والغلمان من كل جنس ولون
نورد هنا شاهدا بسيطا لما يذكره العفيفي حول كثرة الجواري وتعدد إشكالهن وقومياتهن في العهد العباسي(وقد خلص للمسلمين من وراء ذلك عدد لايحده الإدراك من النساء على اختلاف أسنانهن وأجناسهن  وأقطارهن ،ومنهن الفارسيات والتركيات والارمنيات والجرجيات والشركسيات والروميات والبربريات والحبشيات،وفيهن بنات الأكاسرة والقياصرة  والاساورة والبطارقة من كل قاصرة الطرف ناعمة الكف لم تبتذلها المهن ولم تمتهنها المحن
لم تلق بؤسا ولم يضرر بها عوز             ولم ترتجف مع الصالى إلى النار
وكان قواد الدولة  وولاة  الأمصار يجمعون من أولئك أنضرهن وأنداهن صوتا وأمثلهن أدبا  ويرسلونهن إلى الخليفة وهو يصطفي منهن من يشاء ويثيب وزراءه وندماءه وخلصاءه بمن يشاء.
ولقد ينبئك بما تجمع للخلفاء من الجواري ماروى ابن الأثير ان المتوكل أهدى إليه في يوم واحد ، عشرون ألف جارية، ولهن ولأشباههن بنى قصر الجعفري حين ضاقت بهن مقاصير الخلافة في بغداد)ص10 ج3

 . فهجروا نساءهم لينغمسوا في شهواتهم وغرائزهم الحيوانية.. وقد شاع القول التالي في زمنهم ( من أراد قلة ألمؤنه وخفة النفقة وارتفاع الحشمة مطلبه بالإماء دون الحرائر واستشهد من يقول :-
( عجبت لمن تمتع بالسراري كيف يتزوج المهائر وأول من جرؤ بهذا الصوت من المفاضلة الشاعر المبيح بشار بن برد )(7).
هذا نزر يسير من الأمثلة في ما تعرضت له المرأة سواء الحرة أم له الجارية والأئمة في مثل هذه العهود من عصرنا ( الذهبي ) من امتهان الكرامة وانتزاع القيم الإنسانية وكل ذلك يجري تحت غطاء ديني مزيف وحديث ومقال محرف ولكن ما هو أنكى من ذلك ان توضع على عيوننا عصائب التعتيم والتجهيل لحين التاريخ ينزلق شبابنا في مثل هذه الممارسات الخسيسة وتسلط سيوف رجولتنا وفحولتنا ضد المرأة وان ما تشيعه وكالات الإنباء ونشرات منظمات حقوق الإنسان والمنظمات النسوية لما تتعرض المرأة العراقية من الاهانة والإذلال والإرهاب والتعسف إنما يجرح كل ذات إنسانية حرة  في ظل الاحتراب الطائفي المهيمن على الساحة العراقية بعد الغزو الامريكي وسقوط الدكتاتورية  وفي هذا الشأن يقول أبو زيد:-
 ( ان الطائفية  تشطر الإنسان نصفين ،قوتين متقاتلتين كنتيجتان  تبادلا للسيطرة والعنف في علاقة يهيمن فيها الذكر على الأنثى هيمنة تامة مطلقة )(8). وقد برعوا في رواية الأحاديث والأقوال الملفقة والمحدثة مما يتناسب مع خطهم السياسي وتوجهم الفكري بما يدعم سلطانهم وتسلطهم على رقاب الناس فكثر الرواة والغواة والمتكسبين من أهل العلم والشراء من دواوين الملوك والسلاطين والأمراء من بني العباس ( وقد زور الرجال أحاديث نحلوها عن رسول الله وفيها ان المرأة قرارة اللؤم ودارته ومنبت الشر ونبعته كان لم يكن من أمه ولا زوجه ولا ابنته التي عدها عديل نفسه وادخر الله منها سلالة نبيه أو نسبوالى إلى فلاسفة اليونان والهند تشبهم المرأة بالصائد الخاتل أو الحية الرقشاء ؟ وما زوروا الحديث :- أوقف سلاح بليس النساء – النساء حبائل الشيطان – شاوروهن وخالفوهن ، إياك ومشاورة النساء فأن رأيهن إلى افن وعزمهن إلى وهن . النساء شر كله، وشر ما فيهن كله استغناء عنهن ) الخير ويحفظن الشر , يتهافتن ويتمادين في الطغيان للشيطان ) ... وزعموا ان من الاقدمين من قال ( لا تدع المرأة تضرب صبيا فانه أعقل منها ... وان سقراط راى امرأة تحمل نارا فقال : نار تحمل نار والحامل شر من المحمول ) المرأة في جاهليتها واسلامهاج3 عبدا لله عفيفي.
وإننا في يومنا هذا  نسمع الكثير من هذه الأقوال  أو بما هو بمعناها أو أكثر منها امتهانا للمرأة والحط من كرامتها  وقدرها إلى ماهو ادني من قدر الحيوان وخصوصا في بعض الأرياف المشبعة بروح الثقافة الإقطاعية المتخلفة.
(وقد تمادى العباسيون وشعرائهم في امتهان كرامة المرأة والحط من قيمتها ومن أسوء ما قيل في ذلك العهد :-
تمتع بما ساعفتك ولا تكن              جزوعا إذا بانت فسوف تبين
وان هي أعطتك الليان فإنها           لغيرك من خلال ستلين
وخنها ان كانت تفي لك أنها           على مدد الأيام سوف تخون
وان حلفت لا ينقصن الناي عهدها         فليس لمخضوب البنان يمين  . ص150 ج 3
وقد أصبح اسم المرأة عورة يعاب ذكره حتى لقد أراد أبو الطيب المتنبي ان يرى خوله بنت حمدان أخت سيف الدولة فسماها ( فعلة ) وهذا قوله :-
كأن فعلة لم تملا مواكبها      ديار بكر ولم تخلع ولم تهب
فانظر إلى هذا النوع من الحجاب كيف الجأ الشاعر العظيم إلى تلك الكتابة الفاسدة وإخراجه ذلك المخرج المعيب ؟ ولقد أراد ذلك الشاعر ان يصف ذلك الحجاب في رثائه والدة سيف الدولة فدعاه دفنا وذلك قوله :-
صلاة الله خالقنا حنوط          على الوجه المكفن بالجمال
على المدفون قبل الموت صوتا       وبعد الموت في شرف الحلال)

وبالضد من ذلك تفنن العلو يون في فرض الحجاب والعزلة والتبتل على المرأة . لذلك لم يجد نساء هذا البيت فرجه من الهم ولا متسعا للسرور . (حتى لقد نشأ جواري ذلك البيت على غير ما نشأ عليه جواري ذلك القصر فما كانت الجارية تدخل في رقهم حتى أتت تتلقاها إحدى نساءهم فترويها الحديث وتعلمها الفرائض )
(وكذلك كانت بلاد العراق مسارح للتبرج والتهتك ومعابد للتزهد والتنسك وفي كلا الموطنين فقدت المرأة أنوثتها التي تنهج لها سبيل الزوجية السعيدة والأمومة الرشيدة وكان للبيتين الكبيرين في هذا العهد-بيت العباسيين وبيت العلويين- اثر واضح في توجيه المرأة إلى ناحية من تينك الناحيتين)(9)
فقد أصبح صوت المرأة عورة ويدها عورة وحرم عليها مخالطة الرجال والعزوف عن الزواج بحيث تخلت المرأة عن أنوثتها بالكامل وفي هذا الشأن يقول  نصر حامد أبو زيد (ان الأم المتفرغة للبيت والأسرة ،بما تحمله من وعي سلبي تنقله  إلى أطفالها، تصبح أداة تساهم في خلق المواطن الطيع الصالح  المذعن من منظور كل من الخطاب السياسي والديني معا )(10) وقد سلك صدام حسين هذا السلوك في أوج أزمة نظام حكمه  داعيا المرأة  ان تترك العمل خارج البيت  وتقر في د ارها  للتفرغ كما يدعي لتربية الأطفال  ولخدمة الزوج وقد تناغم هذا الخطاب وتخادم كثيرا مع بعض دعوات رجال الدين للحجر على المرأة في دارها.
عاشت نساء العلويين في حالة خوف وقلق دائم وبؤس دائم طوال عهد الأمويين  والعباسيين ورقابتهم الشديدة  لسكنات وحركات  العلويين وزجهم في السجون  والمعتقلات وحياكة الدسائس  والتهم  والمؤامرات  للحط من شانهم بالإضافة إلى تصفيتهم جسديا  عن طريق القتل  بالسيف أو السم .
 ان هذا الحال أضفى على العلويين ومن شايعهم وعلى النساء بالخصوص واقعا مثقلا بالرعب  واليأس والحزن  والكمد  فنزعن إلى طلاق الدنيا ومباهجها  ومظاهر الزينة  والمسرة  فاعتزلن الحياة مختارات  حياة التبتل والعزوف عن الزواج ناهيك عن الاختلاط  بالرجال  وقد نحى نفس المنحى  نساء أنصارهم  ومشايعيهم  ومناصريهم ولعدة قرون فتر سخت هذه السلوكيات  والممارسات الطارئة  لتكون  سلوكا دائما في بعض أوساط المجتمع العراقي.
من المؤلم والمأسوف عليه حقا إننا ما زلنا نعامل المرأة في عراق اليوم بعقلية السابقين المتنابذين المتقاتلين وقد أكلت سيوفهم ورماحهم وفنون تعذيبهم ووسائل مكرهم وحيلتهم من حقوق المرأة وإنسانيتها بين مجون ودعارة وتهتك أو الموت والدفن في الحياة والمبالغة في الحجز والقهر وقتل روح العمل ومنافذ الأمل بوجهها دون الأخذ بتاريخ السلوك والحدث وظروفه  في أي فترة من فترات التاريخ العربي الإسلامي .
 وقد أسرف البعض بقطع الرقاب والويل والثبور لسافرة الوجه والشعر ومجملة الوجه والثغر فلا بد ان يوضع عليها الحد بأنواع وإشكال من صنوف الاعتداء تفوق العد والحصر. وأخذت الطوائف وميليشياتها تتبارى في اضطهاد المرأة وظلمها وتعذيبها ووأدها في الكبر ناهيك عن الصغر ، لا لذنب جنته أو طريق غواية سلكته وإنما سعيها لتكون ذات إنسانية فاعلة تعمل من اجل رضي الله وعبادة وصالحهم كعاملة ومهندسة وطبيبة وممرضة وكاتبة وصحفية وفنانه.. الخ وهذا هو السبب الحقيقي وراء تعدد إشكال و أساليب ردود فعل المرأة لمقاومة أنواع الظلم والاضطهاد التي تتعرض لها كالانتحار والحرق ضد نفسها  أو ضد مضطهديها  وكما قالت سيمون دي بوفار ( ان حياتها المرتكزة  إلى أساس  من الثورة العاجزة هي سبب  سهولة ذرف الدموع  عندها  بالإضافة إلى كونها  اقل من الرجال  سيطرة على أعصابها  وان ظهر لها ان الدموع  غير كافية  للتعبير عن ثورتها  فإنها تلجا إلى تمثل الأدوار العنيفة ) (11)
فأين نحن من قيمنا الإنسانية النبيلة وأين نحن من لائحة حقوق الإنسان وأين نحن من دستورنا الذي صوتنا عليه والذي تضمن ولو بشكل منقوص صيانة حياة وكرامة الإنسان العراقي امرأة أو رجل.

يجب غسل عار الأنظمة الاستبدادية  المتخلفة

 وان السؤال الصارخ الذي يثار  هنا أمام  كل هذه العناوين  ابتداء من العائلة  فالقبيلة  والعشيرة والطائفة  والديانة  والقومية  هو :-
 أين انتم من المرأة وهي تجوب الشوارع  والطرقات  تتسول لقمة العيش  وهي تحمل على اكتافها أطفالكم الجياع ؟؟؟
 وتضطر ان تبيع  جسدها مقابل  لقمة العيش  لها ولا بناءها في ديار العرب  والعجم  على طول الأرض وعرضها؟؟ وهذا  ماصرحت به مؤخرا اريكا فلنر  ممثل الأمين ا لعام للأمم المتحدة لشؤون  اللاجئين لتصف حال العراقيات  في سوريا والأردن؟
أليس من الحق والواجب والأمر بالمعروف  صيانة كرامة هؤلاء النسوة  وحمايتهن  وأطفالهن من الجوع والبؤس  والحرمان  وهي ابسط حقوق  الإنسان  وانتم  أصحاب الثروات المليارية  والموائد الباذخة  التي يعجز  القلم عن وصفها ؟؟؟
فالمرأة إما ان تكون  احد حريمكم  أو احد جواريكم وسرا ريكم  ومحضياتكم  وإلا سيكون  مصيرها الطرد والنبذ  والقتل غسلا للعار  ان هي تمردت على ظلمكم وطغيانكم  وعبوديتكم ؟؟؟
ولعلماء النفس  والاجتماع  رأي  هو ان اغلب  حالات الدعارة  وبيع الجسد  هو تمرد غير واعي  وثأر غير منضبط من قبل المرأة   لتمريغ  كرامة وانفة مضطهديها  بالوحل والعار  كلما اوغولوا في امتهان كرامتها  وسحقوا إنسانيتها الذين يحاولون ان يغسلوا عار هزيمتهم بغسل عار المرأة كما يدعون   وهو شعورهم بالمهانة والعنة والخصي أمام الطغاة والمستبدين من حكامهم ( إذا كان صدام حسين يمثل ولو بشكل رمزي (القيادة) التي أدت إلى الهزيمة  ، فان ثقل صور نصره   (حواء) إلى رمز القيادة تلك من شانه ان يحرر(الذكورة) العربية من وطأة الإحساس بالعار)  (12)
متناسين السبب الحقيقي  الكامن وراء مايسمونه  شذوذ المرأة  وسقوطها  كسقوط أخلاقي بعيدا عن الواقع الاجتماعي للداعرة والمومس  حيث تصف حالهن سيمون ( مصاعب حياة المومسات  لاتنحصر  في حالتهن الأخلاقية  والنفسية  وإنما في شروط حياتهن المادية ، كذلك مستثمرات من قبل حاميهن ، تعيش المومسات  في جو من الضيق والقلق  المادي  ز ان ثلاثة أرباعهن  لايملكن شيئا  يذكر  في الحياة  ويقع 75 % منهن في ظرف خمس سنوات  فريسة للإمراض  الزهرية ، وتصاب المومسات  بالسل بعدل واحدة من كل عشرين ، ويصاب  60%منهن بإدمان على الكحول  كما يموت 40% منهن  قبل الأربعين من العمر)(3)
هذا كلام وشاهد من دولة أوربية متقدمة  كفرنسا  وقبل انتشار مرض الايدز ومثيلاته من الإمراض  الفتاكة  في العالم فكيف لحال في البلدان الفقيرة  والمتخلفة  والموبؤة  بمختلف الأمراض  والعلل المعدية   وجاء هذا الكلام قبل انهيار الاتحاد السوفياتي  وحروب القرن  في يوغسلافيا  وإفريقيا  والعراق  وأفغانستان  والصومال والكونغو والسودان  حيث البؤس والتشريد  والضياع ( ان موجة الدعارة والبغاء  تشتد خلال فترة الحرب والأزمات  التي تعقبها ) كما تقول سيمون 
فما هو حال نسائنا ونحن نعيش  حروبا امتدت لأكثر من عشرين عاما  ولا تزال  وقد تم التخلي عن اغلب القيم الايجابية للدين الإسلامي  التي ترفع من شان  المرأة  وقدرها  والبحث في بطون الكتب الصفراء  ومخيلات النحالين والدجالين  والمرضى والمتخلفين عن كل ما يسند للدين زورا  للحط من قدر المرأة  ويحط من مكانتها  وفي هذا الخصوص معروفة للجميع الشروط الواجب توفرها  لوضع الحد على الزاني والزانية بالرجم أو الجلد وهي شروط شبه مستحيلة الحصول لسد الطريق  أمام المتقولين  وأصحاب الكيد للفتك بالمرأة والافتراء عليها  وكما يذكر  المفكر نصر حامد (في عصور التأخر والانحطاط يتم إخفاء (النساء شقائق الرجال ) ويتم إعلان (ناقصات عقل ودين ) ويتم تحريم اللقاء  الجنسي  خلال فترة ((الحيض)) إلى تحريم  الحديث معها ومشاركتها الطعام  عودا إلى محرمات ((التابو)) الأسطورية )(15)
(وتحول المرأة إلى الكائن المثير للشهوة المحرك للغرائز الباعث على الفتنة وأحبولة الشيطان...الخ  ويصبح الحل الوحيد هو (الوأد) الذي يمارسه العربي البدوي في الجاهلية – لكنه ((الوأد)) داخل اللباس الأسود  المغلق تماما الامن فتحتين للعينين انه المعادل الموضوعي لعملية ((الدفن)) على سطح الأرض درء مقدما للشبهات ) (16)
 ونحن نقول للأستاذ نصر بان نموذجك محسود لان له فتحتان للعينيين ينظر منهما فان حجابنا بدون فتحات بل مغلق تماما إذ تبدو المرأة كمخروط اسود لايعرف وجهه من قفاه. وفي حقيقة الأمر غالبا مايشك الكثير منا في إنسانيته  وهو يرى كيف يخشاه ويحترز ويتحفظ منه الجنس الآخر كونه وحشا يمكن ان ينقض عليه في كل حين.


الجذور الطبقية والاقتصادية لاضطهاد المرأة
---------------------------------------------
نأمل ان نكون قد استطعنا  كشف النقاب  عن الجذر الفكري  والعقائدي  كما نرى  الذي أدى إلى امتهان  إنسانية المرأة بين طرفي النزاع  فمن داعي للتهتك  والدعارة  إلى داعي للوأد في الحياة  وان كل ذلك  يشير بوضوح  إلى كونه بدافع التسلط  والتملك والحفاظ على الأملاك  والامتيازات  سواء للحاكم أو المحكوم  وقد أصبحت  المرأة  رمزا لهذه الملكية  وصولجان  السلطة  فاخترعت له مختلف  الوسائل  والحبائل والقيود  والمحاجر وطرق الإرهاب  والاغتصاب  الجسدي  والفكري  والمعنوي  لتكون  طوع  بنان وإرادة مالكها  كسلعة  وليست كانسان  فمرة باسم  حريم أو باسم محضية  وباسم جارية  كل شيء جائز  ماعدى وصف إنسانة  وكما وصفت ذلك سمون دي بوفار ( ان المرأة  خلعت من عرشها الإلهي بحلول الملكية  الفردية  فقد كان مصيرها  مرتبطا  خلال الزمن  بهذه الملكية  وان تاريخها يختلط  اختلاطا بعيدا بتاريخ الميراث ) (17)
 ومن التقاليد والأفعال مايمتهن حرية المرأة تسير علية بعض العوائل  وهو رفضها القاطع تزويج بناتها من غير أبناء العم وعدم مصاهرة العشائر والقبائل الأخرى وخصوصا ( السادة ) وهذه الممارسة في حقيقة أمرها عبارة عن واقع رب العائلة بالحفاظ  على إقطاعيته وأملاكه وعدم السماح بتفتتها ان تزوجت البنت من غير أبناء العم المقربين نظرا لحقها في الميراث . والذي غالبا ما تحرم منه في الواقع الفعلي أو تبقى عانس بفعل لا إنسانية وأنانية الآباء والأشقاء وحرمانها من التمتع بحياتها كباقي البشر وان هي تمردت فستواجه بالموت والقتل غسلا للعار... ؟؟ وهناك الكثير من هؤلاء النسوة  التي فاتهن القطار  ويقن عانسات  يرزحن تحت رحمة الأب أو الأخ ،  وانه من مساوئ التقليد ان بعض العوائل الفقيرة والتي لا تملك شيئا تخاف ضياعه تسلك نفس السلوك مع بناتها تماشيا مع عرف القبيلة السائد وتحت أقنعة وادعاءات زائفة ومن حق بسط السيطرة والملكية  على المرأة من قبل الأخ والأب وابن العم وابن الخال والزوج  والابن  بل يمتد هذا الحق إلى عموم العشيرة كملكية عامة مشاعة لكل إفرادها  وهو صاحب الحق الأول في امتلاكها  والتمتع بها  فان زهد بها يمكن ان تكون من حق الغير (الغريب) من العشائر والقبائل  الأخرى  وعلى هذا الحق بنيت فلسفة  وحق (النهوة) لذلك يمكننا ان نجد احد المتنفذين وقد تزوج  بثلاث أو أربعة من أقاربه من النساء ومن ثم رميها  بعد ان يشبع رغبته الحيوانية منها لان ذلك لايكلفه شيئا  وقد يلجأ إلى سيف النهوة للحصول على المال مقابل التنازل عن حقه في ابنة عمه أابنة خاله أو أي فتاة في العشيرة  . امتد هذا الحق  ليشمل حق القتل (غسلا للعار)  فان أي تصرف  من المرأة  يمس بشرف وسمعة العائلة أو القبيلة   يجب ان يعمل  رجالها جميعا  متكافلين  متضامنين  لغسل هذا العار  بقتل المرأة  وقد ذهبت  ولازالت  تذهب  العديد من أرواح  النساء  والفتيات  البريئات  ضحايا  الإشاعة  والكيد والدسيسة حيث تثبت عفتهن ودوام عذريتهن  خلاف ما أشيع  وقيل بحقهن  ومن المرعب والمخيف حقا  ان تدعي  الطائفة أو الديانة  بالإضافة للعائلة  والعشيرة  ان لها حق القتل  والحجر وفرض الوصاية  على المرأة  باسم (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) لتجد المرأة  نفسها محاصرة  وقاصرة  ومستهدفة  من عموم المجتمع  الذي يعبر  بذلك عن  الثار والانكسار وانهزامه  سواء كان فردا أو جماعة  وكرد فعل لما يتعرض له من القهر من قبل قوى الاستبداد  والدكتاتورية  في الداخل والخارج  على حد سواء  واجدا في المرأة  فريسة سهلة  ليغرز فيها مخالبه  وأنيابه  بعد ان عجز عن مقاومة مضطهديه  وعجز عن استرداد كرامته المهدورة  وسيادته الوطنية المسلوبة  وقوميته المهانة  ممن كانوا السبب في كل ذلك   طوال مئات السنين  وهذا ما نراه ونسمعه من ممارسات  ضد النساء من مختلف الطوائف والأديان والقوميات في عراق اليوم  وفي بعض الدول العربية  الأخرى.

كتاب الله وسنة رسوله براء مما يدعون
--------------------------------------.
 يدعي البعض  بحقهم الذي برره لهم الدين  في فرض حالة عدم المساواة بين الرجل والمرأة  وان المرأة يجب ان تكون خاضعة لسيطرة ونفوذ الرجل وان النساء قوامون على النساء  مما يظنون انه سترا يستر وحشية وهمجية ولاانسانية سلوكياتهم تجاه المرأة  وقد ارتأينا ان نستأنس برأي أصحاب الاختصاص في بيان بطلان هذا الادعاء  وعدم شرعيته وان الله ورسوله  براء مما يدعون.
فلنا ان نتتبع هذا الأمر مع سام محمد الحامد علي  ودراسته بهذا الخصوص المنشورة على(www.alawweenonline)
(هو الذي انشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون)سورة الأنعام 98.
(وانه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذ تمنى) سورة النجم 54-64
(فاستجاب لهم ربهم اني لااضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض)
المساواة قاعدة من قواعد العدل ومنها يتفرع كل طارئ محدث!!
(خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله اتقاكم) سورة الحجرات
-إذن طبيعة التكليف واحدة للذكر والأنثى –وهي الانسجام مع الفطرة الإنسانية التي أودعنا الله إياها والتزود  للآخرة بالعمل الإنساني (السليم على أصل التقوى) .إما اختلاف الجنس بين الخلق (الذكر وأنثى) وتميز واختصاص كل منهما ببعض حيثيات التكليف الشرعي وفروعه  لايعني تفاضل بينهما أبدا  إذ ثبت قطعيا  واحدية النشأة والخلق. وان لاكرامة لأحد على أخر – ذكر كان ام أنثى- الابالتقوى والعمل الصالح المفضي لخدمة الناس والإنسانية ،وتبين ايضا ان اختلاف التفاصيل (في العبادة والتكليف) إنما يعود لطبيعة كل منهما وبأنه لاذنب  ولا جرم  لمن كانت طبيعته وتكليفه على نحو يخالف  شريكه .... ويلاحظ ذلك الاختلاف في الجنس الواحد إذ لكل شخص قدرته وطاقته وعقله ولرب قائل يقول:-
ماذا عن قول الحق-تبارك وتعالى- في كتابه العزيز( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض) سورة النساء
الم يثبت الله فضل الرجل على المرأة ؟
فنقول:- علينا ان نعي معنى كلمة ((الرجال)) ومعنى كلمة ((النساء)) والسر من وراء استخدامهما دون غيرهما... من سياق الآية المشار إليها يتحدث عن الحياة الزوجية  بشكل عام وهذا ينسجم مع كلمة((قوامون) وهي غير ((أولياء)) والله تعالى  لم يقل :الذكور قوامون على الإناث. وهذا أولا.
إما ثانيا  فلم يقل الله :-الرجال أولياء النساء وإنما قوامون وهذا يعني أنهم مكلفون  بصيانة  الأسرة وحمايتها  ورعايتها وتامين مستلزماتها.
وفيما يخص البيت:لنساء لباس الرجال والرجال لباس النساء  وقد بدا الله خطابه بالنساء أولا لأنهن بيت السكينة.واللباس كما البيت :سترة وسكينة ..وختم بالرجال لتكتمل دورة الحياة وتتم العلاقة الإنسانية على أحسنها ولتكون على أصل المثلية المطلقة كما في (الزاني والزانية واحد والسارق والسارقة واحد...وهكذا.
..قال الأستاذ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي (الولاية على الشيء  أو الشخص في المصالح الشرعية  أكثر من آثار بقص الأهلية في الشخص الذي تسري  الولاية عليه .فلايتاتى له ممارسة  حقوقه أو بعض منها الاباذن الولي ،بل ممارسته حولها .ومن المعلوم ان الشريعة الإسلامية  ساوت بين الرجل والمرأة  في حق الأهلية عندما يكون كل منهما يتمتع بكامل الرشد ومن ثم فليس لأحدهما ولاية على الأخر.
أما القوامة فهي من قام بالأمر أي قام بشأنه وهو مصطلح شرعي يعني نظر الزوج بشؤون زوجته من حيث الرعاية والحماية لها ودرء الخطر عنها وتقديم العون المادي والمعنوي اللازمين لها) لاياتيه الباطل أزد محمد سعيد رمضان البوطي دار الفكر ط1 ص148-149.
اثبت القران قوامة الرجل على المرأة فقال الرجال قوامون على النساء ونفي ولاية الرجل على المرأة  واثبت لكل منهما حق الولاية على الأخر فقال ((المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ؟)) وهي مايسمى في مصطلح الشريعة الإسلامية  بالولاية المتبادلة) البوطي المصدر السابق.
إذن ليست الولاية بأمر مقتصر على الرجل دون المرأة وإنما متعلق بمستوى  الأهلية بين الطرفين القائمة بينهما الولاية.
لكن هل تعمل المرأة  لتطوير نفسها وتهذيبها على أصل ضبط العواطف وتنمية الحس العقلي للأمور فضلا عن تنمية الثقافة  ام أنها تكتفي بالاستسلام لطبيعتها الأنثوية التي عبثت بها كثيرا التربية غير الصحيحة؟؟؟
وهل يساعد الرجل والمجتمع على بلوغ المرأة المكانة التي بوأها الله إياها والمنزلة التي ارتضاها لها ام إنهما يساعدان على تكريس واقع المرء الظالم واللاشرعي ؟؟؟)
ونحن نقول بعد ما استعرضنا رأي كتاب الله في المساواة بين الرجل والمرأة  من أين أتت الأوامر لفرق (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) ومن أعطاهم معاقبة ومحاسبة خلق الله ومن نصبهم قضاة وجلادين  يحزون الرؤوس ويرعبون النفوس التي حرم الله إلا بالحق والعدل.؟؟؟
وكيف تتهاوى حجة القوامة التي يتكأ عليها الكثير من مدعي الرجولة والفحولة  للإذلال أخواتهم ونساءهم وبناتهم  وزوجاتهم وبنات  أوطانهم وقومياتهم وأديانهم .



قصور الحقوق الممنوحة للمراة العراقية بعد التغيير في العراق
-----------------------------------------------------

  رغم الانفتاح( الديمقراطي) الذي ساد بعد سقوط الدكتاتورية على يد المحتلين فلم تحصل المرأة على حقوقها لا بل تعرضت ولا زالت تتعرض إلى التميز ونكران الحقوق وسلب الحرية من قبل سلطة الدولة وسلطة المجتمع. وما أوردناه بخصوص قتل النساء في البصرة وغيرها من المدن العراقية دون رادع خير مثال على ما نقول. أعطيت المرأة 25% في البرلمان ضمن القائمة المغلفة في انتخابات البرلمان العراقي كما دخلت أسماء اغلب النساء كديكور ملزم للقائمة بأمر برا يمر وليس كذات فاعلة . كان يفترض ان تكون الانتخابات على أساس الفرد الشخص رجل أو امرأة مع مراعاة ظروف المرأة وضيق مساحة حركتها وقساوة الأعراف والتقاليد الدينية والاجتماعية يفترض ان تكون نسبة الأصوات المطلوبة من عضوة البرلمان تقل عما يطلب من عضو البرلمان الرجل بنسبة تؤهل النساء منفردات للحصول على 25% أو 30% أو أكثر من مقاعد مجلس النواب على اقل تقدير خصوصا  وان المرأة تصل نسبتها بين السكان  مايقارب 60% من المجتمع العراقي  الراهن  ان لم يكن 50% فان ماتعانيه المرأة من قصور ا في عقلها بل بسبب ماتعرضت له من الحجر والظلم الاجتماعي (إننا نجلس المرأة في المطبخ  أو في المخدع  وبعد ذلك  ندهش إذ نرى افقها محدودا ونقص جناحيها ثم نشكو من أنها لأتعرف التحليق، لارتبطنا بالمرأة أبدا رابطة الإخوة فقد جعلنا منها بالخمول والفساد كائنا منعزلا  ليس له سلاح سوى سحره الجنسي)(18). وبذلك تمكن المرأة الفاعلة وليست المرأة التابعة الخاضعة للأعراف والتقاليد المختلفة كما هو حال اغلب عضوات البرلمان العراقي الآن حيث لا نرى سوى كتل سوداء تتحرك تحت قبة البرلمان غالبا ما يقفن ضد حقوق المرأة المشروعة تنفيذا لأوامر القائمة المضافة إليها كأرقام مجردة ليس أكثر ومما هو أكثر خطورة انحيازهن إلى مشاريع قوانين تلغي كل ما حصلت علية المرأة من حقوق خلال مسيرة كفاحها الطويل ضد القهر والظلم والاضطهاد ومنها القانون رقم 188 لسنة 1959 . تصف بوفار هذا الحال المحافظ للمرأة فتقول ( عقلية المرأة تخلد عقلية الحضارات الزراعية التي تعيد الفضائل السحرية للأرض. ولايكتسب الزمن بالنسبة إليها صفة التجديد ولايشكل ينبوعا للإبداع ولما كانت منذورة للتكرار فهي لاترى في المستقبل إلا صورة مطابقة للماضي)(19)

 ما أعلنته اريكا فلر ممثلة الأمم المتحدة لحقوق اللاجئين حول حال الأم والمرأة العراقية في الدول العربية ناهيك عن الأجنبية واضطرارها لبيع جسدها مقابل لقمة العيش لها ولأطفالها يوجه لطمه قوية لكل أدعياء الشرف والعفة والحرص على الأرض والعرض ويسقط كل ادعاءاتهم الكاذبة والمزيفة . وهو طبعا ليس حال النساء العراقيات فقط بل انه حال اغلب النساء في بلدان العالم الرأسمالي في ظل العولمة الرأسمالية الهمجية وكم تذكر ذلك  كريستا فيشتريش(ليست العولمة بالنسبة للنساء في كل أنحاء العالم عملية تجريدية على مسرح مرتفع. إنها ملموسة وحاضرة : تفقد عاملات النسيج في لاوزيتس أعمالهن التي تنتقل إلى النساء في بنغلاديش. تنظف الفلبينيات الخضار والمطابخ في الكويت.تعرض مومسات برازيليات أنفسهن في حي المحطة في فرانكفورت .ترعى البولينيات الشيوخ في ألمانيا بأسعار زهيدة...في الفلبين لانستطيع العوائل تفرز القمامة من الأكوام ان تبيع النفايات البلاستيكية حيث تكون قد وصلت من ألمانيا ثانية حمولة من البلاستك الذي يحمل النقطة الخضراء ،بسعر منخفض لاينافس ) المرأة المعولمة –دار الجمل  ترجمة د.سالمة صالح الطبعة الأولى.
 من الأمور الهامة جدا علمية وموضوعية الغوص إلى جذور وتاريخ الظاهرة والتقليد للكشف عن أسبابها الحقيقية كونها إرادة بشرية وضعت لمصلحة أو لغاية الحاكم أو طبقة أو فردا أو جماعة وبمرور السنين أضفي عليها مظاهر القداسة ودعمت بسطوة النص المتحول والمحرف لنبي أو وصي وخليفة أو زعيم مما أعطاها قوة الدوام والاستمرار ومقاومة الطرق ومحاولة الخرق من قبل الفرد والمجتمع والسلطات الحاكمة والتي غالبا ما تجد مصلحتها في دوام سلطتها والحفاظ على نفوذها المبنية على الاستبعاد والاستبداد . وان كل ما قدمناه من شواهد إنما يشير بوضوح إلى الأسباب الكامنة وراء قهر النساء واضطهادهن ومن موقعين مختلفين حيث ظلمت المرأة من قبل الظالم والمظلوم ووضعت بين مطرقة الظالم وسندان المظلوم.
وبغض النظر عن الايدولوجيا ولوائح الحقوق ومبررات التقدم وما إليه فا لانتصار لحرية المرأة وصون كرامتها إنما هو انتصار لإنسانية الإنسان وحريته وكرامته بغض النظر عن جنسه .

حق العلم والعمل الطريق الواقعي للمرأة من اجل التحرر:
--------------------------------------------------------
 لم تستطع المرأة الظفر بحريتها كما نرى دون ان يضمن لها حق ممارسة العمل المنتج في مختلف مجالات الحياة  والتخلص من التشكيلة الاجتماعية  الإقطاعية أو شبه الإقطاعية  المتخلفة  أو هيمنة البرجوازية  الهجينة من إقطاع وأصحاب رأس مال ربوي  لا يعدون  أكثر من سماسرة  للرأسمال العالمي هذه الفئات التي  لاهم  لها  سوى المزيد من الربح وكنز الأموال وباخس وأقذر وأحط الوسائل وهو مايتعارض ويتقاطع تماما مع قيم الحرية والمساواة لعموم المجتمع في مقدمته المرأة..
 ان فتوى العمل وضرورته  هي المخلص الحقيقي والواقعي للمرأة لتخلص نفسها  وتخلص  الرجل من العبودية الظاهرة والمستترة وراء جدار الذكورة الخانق .
ان الشاخص أمام عيوننا كيف أفتى العمل  بضرورة نزول المرأة مع الرجل إلى ارض العمل  في الريف وهي تشارك الرجل  كتفا لكتف في الحراثة والزراعة وجني المحصول والرعي  بالإضافة إلى مسؤوليتها البيتية في تربية الأطفال وتهيئة أجواء الراحة والمتعة  الجسدية والروحية  للرجل وبذلك فهي تنوء  بواجبات  وأعمال لا يحتملها أكثر الرجال قوة وصبرا ومطاولة .
ولكن من الطريف أن هذا الفلاح أو الراعي الساذج غالبا ما يُلبس زوجته الحجاب محاكيا الإقطاع وبعض أدعياء الدين المتطفلين عندما يأتي إلى المدينة بصحبة زوجته ليحجبها أمام القصر المحصن بعد أن كانت سافرة أمام الكوخ؟؟
كذلك فأن العمل المنتج يخلص ألإنسان العامل الفرد من درن وضيق أفق وأنانية ممتهني البطالة المقنعة من باعة المفرق والسماسرة والوسطاء  والمرابين حاملي رذائل المجتمع الإقطاعي والبرجوازي الطفيلي ومالكي رأس المال التجاري والربوي في تبعية ذليلة ومستجدية للرأسمال المعولم أصحاب الصرائر والإقفال والقاصات وهم يتفننون في حفظ وحب أموالهم (الحرام) عن  عيون الناس ليعكسوا بذلك الفعل  على نسائهم  وما ملكت أيمانهم  مجسدين بذلك روح اللصوصية والثعلبة  والاحتيال والغش وحتى الجريمة من اجل كسب المال  وامتلاكه لينعكس هذا الفعل  بعدم الثقة والخوف  من الآخر على نسائهم (ملكياتهم) والخوف من هذه الملكية ان تتسلل وتركب رأس المجن لمالكها  مهما علا شأنهم  وهذا هو شان الدينار  والدرهم فما ان يغادر جيب مالكه ومحفظته ودفتر شيكاته  حتى تنقطع أية صلة بينه وبين من كان يمتلكه وأصبح طوع بنان المالك الجديد ولا تنفع كل توسلاته وحسراته بعودته  ليدخل خزائن من افتقده. .

وباختصار شديد ففعالية الطبقات الاجتماعية المنتجة سوف يعمل على تفكيك الكونفورميا الاجتماعية الساكنة والمحافظة والمتضمنة قيما ً متخلفة معيقة لتقدم وتحرر الإنسان والمجتمع ومنها المرأة  . وبذلك فهذه الفاعلية  ستمهد الأرضية الصالحة لتنفيذ القوانين والتشريعات التقدمية ومنها ما يضمن حرية ومساواة المرأة فبدون هذه الحاضنة الاجتماعية أي عملية نسخ  بعض التقاليد والأعراف الاجتماعية البالية و تنحيتها واستبدالها بما هو جديد عن طريق إحراقها في بوتقة العمل المنتج سوف تبقى هذا القوانين والتشريعات حبر على ورق وتجري عملية خرقها ومخالفتها في كل حين  كما هو واقعنا الحالي مهما كانت بلاغة وقداسة المواعظ والنصائح والإرشادات  الأخلاقية  ومهما كثرت وعلت المنابر الخطابية وبيانات الشجب والاستنكار .حيث يكون عددها  وفخامة  وبلاغة وارتفاع  وعلو خطابها  متوازيا مع علو المصانع والمعامل  وسعة

147
الفصل الســــــــــــــــــــــــادس من  رواية
((أحلام المشاحيف))

             
المقاتلة المســــــــحـورة
   
لزم الكل الصمت  في بداية الأمر ، وكأنهم استغربوا هذا الطلب من ((سعيده)) وهي في حالة نقاهة.... فأجاب الوالد:-
ما كو مانع  يبويه لكن ما تشوفين  بعد وكت  عله السلاح   وصحتچ بعدها ما تتحمل ؟؟؟
بويه آنه ما  أطيب ولا راح أصحه  إلا ما   اخذ بثاري وثار ((ناطور)) وربعه  من هل الظلام ، آني لازم  ادور ((حاشوش)) ورفيجته ((مريوده )) وآخذ حگي منهم......
أعجب الجميع بردها  وإصرارها  على  ان تكون احد المقاتلات والمقاتلين في كفاحهم من اجل حريتهم وخلاصهم .... وكان الرد من الجميع وفي مقدمتهم والدها
تدللين : سعيده ، ومن عين باچر راح  انطيچ ((كلاشنكوف ))  وستنظمين لمجموعة المقاتلات والمقاتلين اللذين  يتدربون على  إتقان استعمال السلاح واصلاح عطلاته وأمور أخرى....
تهلل وجه ((سعيده )) بالفرح وكأنها عادت لأيامها الأولى ... فبدت في غاية النشاط والحيوية ... شكرت لهم استجابتهم وقالت :-
آني  أريد ان  انظم  للمقاتلات والمقاتلين  الأمين دورة سريعة وقت فراغهم لتعلم القراءة والكتابة ، لأني  أرى ذلك سينفعهم كثيرا في الوقت الحاضر والمستقبل  ، ويمكنهم من استيعاب  التعليمات والمعارف العسكرية والحياتية العامة .
وقد تمت الموافقة على طلبها  وابلغ  الجماعة  الاستجابة للخطة التعليمية التي ستضعها  ((سعيده))   لتعليم الأميين والأميات القراءة والكتابة  ، والعمل على توفير المستلزمات الضرورية لذلك من خلال الحصول على الكتب التعليمية من بعض أصدقائهم وصديقاتهم من المعلمين والمعلمات.......
وهكذا كان  انتظمت  ((سعيده)) في الدورة التدريبية وقد أحرزت  استيعابا وتفوقا ملموسا في إتقان استعمال السلاح  خلال فترة قياسية ، كما  أنها  كانت تحرز تقدما ملموسا في تعليم الأميين القراءة والكتابة ، لم يكن  يعكر صفوهم غير الحملات التي تشنها السلطة على  مقراتهم واضطرارهم للتنقل بين الچباشات المختلفة المتناثرة على طول وعرض وعمق الاهوار.....
كانت  ل((سعيده)) أفكارا واقتراحات  مدهشة في التخطيط والتنفيذ لبعض العمليات  القتالية التي  كانت تقوم بها المجموعات  المقاتلة ..... نجحت ان تكون نواة خاصة من المقاتلات  تم اختيارهن  من قبلها وفقا لإمكانيتهن المتميزة للقيام بإعمال الاستطلاع  وجلب المعلومات ، ومجموعة أخرى للقيام بعمليات خاصة  تستهدف  بعض الأهداف الهامة  التي تتميز بالدقة والجرأة والصدى الإعلامي الكبير، مما اكسب  عمليات ((الثوار))   تحول نوعي  هام في عملياتهم الخاصة  ومثلت تحدي  كبير  لأجهزة السلطة ...
لم تستطع أجهزة السلطة التكتم على أخبار  عمليات  بطولية مدهشة   أودت بحياة العديد من  كبار مسئولي الأمن والاستخبارات والحزب  حتى في مركز  محافظة ذي قار و ميسان و البصرة، يقال ان الفاعل واحد في كل هذه المحافظات ، وترشح  الأجهزة ان الفاعل امرأة تمتلك قدرات  سحرية في اصطياد هذه الرؤوس  والإيقاع بها في  فخاخ الموت ، لم يكن يصدها  حاجز او سياج او حماية فقد  دخلت الي غرف نومهم ، ومكاتبهم المحصنة  والمحمية بحماية خاصة ، مما ادخل الفزع ليس في قلوب المسؤولين المحليين وإنما حتى  في مركز العاصمة ، عجزوا عن حل اللغز المحير  خاطف الأرواح  في الليل  وفي الصباح؟؟؟؟؟؟!!!
 تعرض ((سيد نعمه )) الي أكثر من عملية خطف ، وكذا حال  ((مله فطومه)) بعد ان تعرفتهم ((سعيده))، وقد أصرت بأنها تريدهم أحياءا ولا تريد قتلهم ، بعد ما اطلعت على  أساليبهم في التضليل والتدجيل  الكبير والمذهل  في السيطرة على عقول بسطاء الناس ، وتجنيدهم لخدمة أهداف السلطة ومخطاطاتها  تحت  عباءة الدين والشعائر  الدينية المختلفة ، بالإضافة  الي  سلب أموالهم بواسطة  شعوذتهم  المختلفة ....وقيادة وتدبير عملية تسقيط جماعي للفتيات البريئات ، من اجل أحكام عملية ارتهانهن لسيطرة ((سيد نعمه)) و((فطومه))... فلو  قتلو ا دون ان  يقروا بما كانوا يفعلون لأصبحوا من  الأولياء  وينصب لهم  المغفلون العزاء ويبنون لهم  المقامات  والمزارات ... بهذه الحجة القوية والذكية  كانت ترد  ((سعيده )) على من يطالبها بقتلهم....
نتيجة لهذه النشاطات والعمليات  الفاعلة  والجريئة أخذت  أجهزة النظام  ومسؤوليها يحسبون ألف حساب قبل الإقدام على اي عمل إجرامي بحق أبناء الاهوار  و أماكن تجمعهم وتواجدهم... كانت تصل للمسئولين بعض التهديدات من  الثوار  تدعوهم  فيها بان ينتهوا عن  فعل من الأفعال وان لم  ينتهوا فسيكون  عقابهم شديد  ، وبعد ان اثبت الثوار ان تهديداتهم لم تكن  للتخويف فقط وإنما  نفذوا  كل تهديداتهم  بحق المتمادين  والمستهينين بهذه التهديدات ففقدوا رؤوسهم ثمن استهتارهم وتماديهم في إجرامهم....
لم  تتوقف عمليات الثوار  بعد صمت المدافع  على جبهات القتال مع إيران  وتوصل النظام العراقي والإيراني الي وقف إطلاق النار وتسوية المشاكل  فيما بين الحكومتين.....وسط تسائل الناس  كيف ولماذا بدأت ، وكيف ولماذا انتهت؟؟؟
اخذ  سكان الاهوار يعانون الأمرين أولها  تجفيف الاهوار من قبل السلطة العراقية  ، بالإضافة الي قمعها  وإهمالها لسكان الاهوار والتنكيل بهم وإثارة الشكوك بأصولهم وولاء اتهم ... تحول الهور الي  غابة من الطرفاء والقصب  والعاقول  ... توطنته  الذئاب  والضباع  والأفاعي والعقارب  خصوصا  بعد  ان بدأت استعدادات النظام لاحتلال الكويت ودخول العربات العسكرية والمدرعات  للصحاري  وهروب  الوحوش البرية الي   الزور المترامي الأطراف في جنوب العراق .. اضطر العدد الأكبر من مربي الحيوانات والصيادين  والفلاحين الي  الهجرة للمدن الكبيرة ، مما حدا بالثوار الي  تقليص أعدادهم للحد الأدنى ما عدى المكشوفين للسلطة وأجهزتها الأمنية..  شكلوا  نواتات صغيرة متنقلة  لا تقوم في اغلب الأحيان  إلا بعمليات دفاعية بحتة  وبعض العمليات الخاصة  ضد العناصر المسعورة من  زمر النظام.......
اتخذت هذه القرارات  والإجراءات بعد عقد الثوار اجتماعا واسعا حضره ((سرحان )) و ((سعيده)) بقيادة  (((جيفا را  الاهوار)) وفصائل  ((أبو الأحرار)) ..............
تحدث القادة قائلين :- أعزائنا  الثوار والمجاهدين  نرى ان سحب الحرب التي شنها أمريكا وحلفائها  أخذت تتكاثف بسرعة ، خصوصا وان النظام أعطاها كل المبررات  والذرائع  لتشن هذا الهجوم  بقرار أممي   بعد أن أقدم الطاغية على احتلال الكويت  ورفض الانسحاب منها ، إننا نرى  ان الحرب غير متكافئة وان  الحرب خاسرة تماما وستؤدي الي تدمير  بلدنا ونهب ثرواتنا ، بسبب حماقة  مجنون بغداد ،  ولا نبالغ ان قلنا انه   قدم لأمريكا  خدمة لا يستطيع ان يقدمها له  حتى  اقدر وأكفأ عملائها لابل  اقدر واكفا مقاتليها ..... مما يستوجب علينا العمل على تغيير تكتيكاتنا القتالية وأساليب مقاومتنا في الظرف الراهن ... إننا مطالبون بمقاومة عدو مزدوج  النظام  وزمرته وأمريكا الرأسمال والاستغلال وحلفائها وهذا أمر في غاية الصعوبة والخطورة والتعقيد... بحيث  يصعب الفرز والتمييز بين  العدو في ((الداخل )) والعدو  ((الخارجي)) إنهما يعملان بالتخادم والتضامن  من اجل تدمير  العراق  أرضا وشعبا  مما يتطلب من كل فصائل المقاومة الوطنية  الحذر واليقظة وعدم الانجرار وراء زيف دعوى الطرفيين  فكلاهما  مجرم قاتل  مخاتل طامع  مستبد ....  نحن نرقب بألم بالغ انجرار  قسما ممن يدعون النضال من اجل  تحرير العراق من أيدي الطاغية  بالاستعانة  بالأمريكان وحلفائهم وهذه هي الطامة  الكبرى  كمن يهرب من  كلب  مسعور  ليستغيث  بذئب جائع!!!!
وعليه فإننا قررنا إيقاف عملياتنا ضد  قوى السلطة  في الظرف الراهن وانتظار ما ستسفر عنه  الإحداث ، سنحتفظ بأسلحتنا  وبروابطنا التنظيمية  والانتشار في مختلف مدن العراق والقيام  بالتوجيه والتثقيف  والتعبئة  لنكون جاهزين  حين  تكون الفرصة مواتية للثورة الشعبية   وتغيير النظام  وقبره بأيدي  عراقية بعيدا عن التدخل الخارجي  بأي صفة كانت  وتحت اي مبرر  مهما كان ...... إننا نرى ان الشعار الصائب اليوم  هو (( لا للديكتاتورية  ولا للاحتلال)).





الفصل الســـــــــــــــــــــابع

من رواية ((أحلام المشاحيف))


المفتــــــــرق


 قبل ان يكمل  كلمته حدث  لغط   وشبه فوضى إذ ارتأى البعض انه لا يتفق مع  راي الخطيب  وان التعاون مع  الأمريكان  هو أفضل الطرق  للخلاص من النظام الذي عجزنا عن إسقاطه عبر  أكثر من  ثلاثين عاما خلت ... وان الأمريكان أعلنوا بأنهم سيدخلون محررين وليس  فاتحين او محتلين.. ولابد من الخلاص من الديكتاتورية حتى وان حصل الاحتلال ...
تدارك ((جيفا را  الاهوار))  الأمر  لكي لا يتطور الي  احتكاك خشن  معلنا ان لكل منا رأيه  وطريقته  وقناعته   ومن هنا  سنفترق  ولكل مساره  الذي ستثبت الوقائع والأحداث القادمة  خطله من صوابه  فلا داعي للاحتراب  والتلاسن والعداء......                               
كانت ((سعيده)) ووالدها وجمع من  المقاومين الآخرين الي صف  ((جيفا را الاهوار))  ورفاقه ، صافحته بحرارة عند أكماله لكلمته قائلة :-
هذا عين الصواب والطريق الصحيح للخلاص من  الديكتاتور ربيب وصنيعة أمريكا وحلفائها، يجب ان نتعض من تاريخنا البعيد والقريب ،  الاستعمار  ينصب  صنائعه ويرعاهم  على حساب حرية  ورفاه شعوبهم  طالما  ينفذون  مخططاته  ويعملون لضمان مصالحه ، وبالتأكيد ان لهؤلاء الصنائع عمرا محددا  بعدها لابد وان  تتهاوى عروشهم  تحت ضربات شعوبهم  وثوراتها التي لابد منها مهما طال الوقت ،  غالبا  ما تسعى أمريكا الي  اتخاذ خطوات استباقية  لإجهاض  أجنة الثورات قبل ولادتها  ، عبر نشر الفوضى وخلق الذرائع للتدخل العسكري المباشر وفرش البساط لوجوه جديدة في شكلها قديمة  في جوهرها ... لابد ان يقرر الشعب مصيره بيده .... استحسن الجميع  ما ذهبت إليه ((سعيده))  وقررا  ان   يقيموا الوضع الجديد  وما بعده  ودراسة كل الاحتمالات والتكيف معها..... مما يستوجب عقد اجتماع  موسع  لنخلص ن خلاله الي  القرارات  والخطط التي تقينا  وتحافظ على   عناصرنا  ، ومحاولة  إيجاد صلة بتنظيمات  الحزب في كردستان وفي الخارج للتنسيق  وتوحيد الرؤى والتحركات  المستقبلية .. وعدم الانجرار  لمخططات  قوى الرأسمال العالمي  كثمن للخلاص  من الديكتاتورية ..
افترق الجمع  موزعا على ثلاث مجموعات ((سيد حمزه)) وأنصاره  اللذين يسعون  لإسقاط النظام  بأي ثمن ، و((جيفا را الاهوار)) وأنصاره اللذين  اختطوا طريق الخلاص عبر ثورة شعبية   عراقية ، ومجموعة ((ماهود))  التي لم تحسم أمرها بعد   في تأييد ومساندة اي الفريقين...........دارت رحى الحرب  ، شهد الكل   ما سببته من تدمير وخراب  ، كانت الهزيمة  الكبرى للنظام / دمرت القدرة العسكرية العراقية ومرغت كرامة الجيش العراقي بالتراب ،  كانت الانتفاضة  التي أتت على ما تبقى من مؤسسات الدولة   والبني التحتية للبلاد، حرف مسارها منذ انطلاقتها الأولى  لتصب  في  مصلحة  دول مجاورة(( لاشرقية ولا غربية ، جمهورية اسلامية)) و (( لا ولي الا علي  أنريد قايد جعفري)) ، أدارت لها أمريكا ظهر المجن ، أعطي  الضوء الأخضر للنظام لسحق الانتفاضة ، انشغلت  قوى((المعارضة)) في الخارج  بالاجتماعات  والمناورات وتقسيم المناصب والمكاسب فيما بعد النظام ، تركت الجماهير بلا قياده،  قرر ((العقل)) الأكبر الأمريكي  تأجيل الإطاحة بالنظام لحين استنزاف قدراته المتبقية  و إخضاعه لشروط استسلامية مذلة  في  خيمة صفوان، لابد ان  تتم عملية تجريف القيم  الايجابية والثورية للشعب العراقي  عبر تجويعه وإطلاق يد  النظام لتأديبه وقمعه ،  فخيم  ليل الحصار الاقتصادي، أصبح الشعب مرتهنا لدى السلطة، حدث الانهيار الكبير  للمعسكر ((الاشتراكي))، صالت وجالت فرق التفتيش ، ابتلعت قوى ((المعارضة)) الطعم الأمريكي ، استكملت  أدوات اللعبة : اعد المسرح على أكمل وجه  لغزو جديد ،عاد التاريخ الي  سنوات الاحتلال الانكليزي ، انهار النظام بوقت غير متوقع ، عمت الفوضى ((البناءة)) مدن  العراق ، أعلن المحرر نفسه محتلا ، هدمت خيمة  الناصرية ، تولى ((برايمر)) تفصل سلطة على مقاس  أمريكا ، هرولت قوى ((المعارضة )) دخلوا   ما اسمي  بمجلس  الحكم الانتقالي .......
كان ((جيفا را)) و((سعيده)) وبقية رفاقهما منهمكين بإعادة  بناء بيوت الحزب في كل  مدن العراق وقصباته ، إعادة ارتباط رفاق الدرب ،  التفكير بدخول حزبهم مرحلة جديدة  من الكفاح وفق شعاره المعلن ((لا ديكتاتورية ولا احتلال)).......
عقد اجتماع استثنائي لمجموعته  لتدارس الوضع:-
" رفاقنا الأعزاء إننا الان ندخل مرحلة جديدة وخطيرة من الكفاح من  اجل  انجاز مرحلة التحرر الوطني الديمقراطي  وفي مقدمتها التخلص  من الاحتلال  بكافة السبل المتاحة  وبكافة الوسائل المتيسرة،  ها هي   البرجوازية  قد  قدمت الوطن بطبق من ذهب  لأسيادها وأولياء نعمتها  الأمريكان وحلفائهم، وذهبت جعجعتها وجبروتها  في أول اختبار حقيقي لوطنيتها ، علينا ان نكون أوفياء لوعودنا وشعاراتنا ، ولدماء شهدائنا ، إننا بالضد من قوى الرأسمال  المتوحش في كل مكان وكل  زمان فكيف به وقد احتل بلدنا وإذلال شعبنا وجاء بدباباته وطائراته لسرق ثرواتنا وعليه  فننا  ندعو الي  رفض الاحتلال  وعدم مصافحة ممثليه ومريديه  مهما اختلفت مسمياتهم وأوصافهم "
كانت سعيده تستمع بانتباه شديد  لتقرير  الرفيق ((جيفا را)) التي كانت  ترى فيه  ((ناطور))   ورفاقه  سالت:-
ولكن  هل لك ان تعلمنا بموقف قيادة الحزب  في هذه المرحلة ؟؟
 التفت إليها مستغربا سؤالها، قائلا:-
وهل الأمر يحتاج الي  سؤال او وضوح   فشعار الحزب في غاية الوضوح ، ونهجنا الفكري  والسياسي  ليست بحاجة الي شرح في  عدائنا لكل احتلال  بالإضافة الي موقنا المناهض للرأسمالية  في كل حين ومكان، فما الداعي للسؤال؟؟؟
رفيقنا العزيز تتناقل وكالات الأنباء ان هناك    دعوة موجهة  للحزب الشيوعي  لدخول مجلس الحكم  المرتقب..... فما هو موقف قيادة الحزب من هذه الدعوة؟؟؟
نعم ... ان  برايمر  وبتوجيه من البنتاغون هناك محاولة لتسقيط جماعي لكل قوى ((المعارضة )) العراقية عبر إدخالها في مجلس الحكم بقيادة برايمر،  واعتقد جازما  ان هذه  الخطة سوف لن تنطلي  على قيادة الحزب ، ناهيك عن كونها  متناقضة مع شعاره المعلن  والمقر عبر مؤتمره  السابع، ثم اتخاذ مثل هذا القرار يجب ان يكون راي فاعدة الحزب وفقا  لمبدأي الديمقراطية  والتجديد للحزب  المقرة في مؤتمره الخامس ......
لاباس  سنرى  ما سيحدث ؟؟
بعد  يوم عمل مضني للتواصل مع رفاق الأمس وترتيب الخلايا واللجان   ،كانت الصدمة الكبرى حين  اخبرهم الرفيق المسئول ان الحزب قرر الاشتراك في مجلس الحكم  الانتقالي  ممثلا بسكرتيره  العام التي  توافق الدخول للمجلس  ممثلة  بمسئولها الأول .....
 أصيب  الجمع  بالصدمة الشديدة والمفاجأة التي لم تكن في الحسبان  بحيث تعذر على ((جيفا را)) و((سعيده)) و((العم سرحان))   أسلوب الرد  والرفض  القاطع  لهذا القرار الذي  سيعيد قتل  شهدائه من جديد  ويضحي  بالحزب على مذبح الرأسمال العالمي  ويتنكر لتاريخه النضالي الطويل  ولشعاراته التي لم يجف حبر حروفها بعد......
انصرف  الرفاق وفض الاجتماع  برفض الأغلبية  الساحقة للرفاق للقرار ....

اعتكفت ((سعيده )) في دارها  بمعية والدها  الذي  بدى عليه  الهرم والتعب  ،  كانت تراقب باهتمام  شاشة التلفاز   الذي  سينقل  وقائع الجلسة الأولى لمجلس الحكم  وياهوال المفاجأة الكبرى  وهي  تلمح  ((حاشوش))  يدور في أروقة المجلس  بمعية  ((مريوده))، ولقائائهما مع  القنوات الفضائية باعتبارهما من  الشخصيات  التي كانت تخوض نضالا ضاريا ضد النظام ألصدامي ، وتحمسهم    لخطوة إعلان مجلس الحكم  ودعوتهم كل القوى لتسهيل مهمة  برايمر  من اجل  بناء  دولة الحرية والديمقراطية في  العراق ...  وكذا أعقبه  ((سيد حمزه)) وكانت  المفاجأة الكبرى  بظهور الرفيق ((حميد)) وهو  يوزع البسمات  ويعلن عن تفاؤله وتحمسه لمشاركة حزبه في بناء الديمقراطية  ودولة المؤسسات في العراق  من خلال مجلس الحكم الانتقالي؟؟؟؟!!!!!!!!
كان ((سرحان ))  منشغلا في لف سيكارة  حين شاهد ((حاشوش)) و ((مريوده))
 قدما نفسيهما باسم ((سيد علوان))  و(( علويه فضيله))  وهم يتحدثون للناس عن جهادهم وتضحياتهم   في مقارعة الديكتاتورية الصدامية  وتحملهم للسجن والتعذيب  مما اضطرهما للهجرة خارج العراق كلاجئين بعد  الانتفاضة الشعبانية المباركة، سقطت علبة تبغه من يده  فتناثر تبغها وتناثرت أوراق دفتر اللف على الحصيرة  ... وقد بلغ به العجب والاستغراب والغضب ا شده ، التفت الي سعيده قائلا:-
ولكم هاي خوش سالفه ولكم صرنه  مثل الگال
                         (( المارضه بچزه رضه بچزه وخروف)) ..
 ردنه نتخلص من صدام ادور اچانه برايمر وفوگاها  ربع صدام  وشلون صايرين مناضلين ومجاهدين .......!!!!!!!!!!!
ألقم  ((مشربه)) سيكارة دبل لف ،ملأت دوامات دخانه الغرفة ...  ملتفتا لدهشة وشهقة ابنته ((سعيده))  حين قالت :-
ها ولكم هذا الرفيق ((ابو عايف))، يابويه ياگاع انشگي وبلعيني هاي وينك ي ((فهد)) ي ((سلام عادل)) ي (( خالد)) ي (( سيد عباس)) ي ((ناطور)) ولكم هاي شلون صارت؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وعندما استفسر منها ((سرحان))  عما رأت وما الذي أثار استغرابها أكثر مما رأى... منهو هذا النوب ((أبو عايف)) ... فقالت :-
والله يابويه ألشفته مصيبه  هذا ألشفته سكرتير الحزب   .... فقال  سرحان :-
يعني شنهو ربعكم هم طبو  لمجلس الحكم ((ألانتعالي )) ويّــــــه الجماعة...
ولكم هاي صدگ مصيبه عله گولت أبو المثل:-
                            ((ضرط وزانه وتاه  الحساب))"
چاوين صار شعارهم ((لا ديكتاتورية ولا احتلال)) يبين يبعد أبوچ الجماعة لاگتلهم كراسي مجلس الحكم ألاحتلالي بقيادة  ((الدم قراطي)) برايمر  الحَيّمِر ، فشالوا ال(لا) راس الشعار  حتى يصير خفيف ((ديكتاتورية واحتلال)) اي والله رحمه من رب العالمين (( رادله گرون  گصوا  أذانه))،  چا شنهو همه وحد عن الجماعة أهل اللحه الچانوا  يصيحون ((أمريكا الشيطان الأكبر)) هسا اشو صارت  ((أمريكا  الملاك الأكبر))... اي والله رحمة الله عله أبو المهوال الهوس
                               (( ذبوله رغيف وهز ذيله))
قررت سعيده ان تلتقي بالرفيق ((جيفا را)) وهي في غاية الالم  والتوجع ولازال في ذاكرتها  حلمها  في الليلة السابقة (( بعد الكدر الذي خيم على صدرها  حينما شاهدت لمة ((مجلس الحكم الانتعالي ))  خلدت للنوم متعبة   فسمعت والدها (( سرحان ))  ومشاهداته في يوم العيد فقررت ان تقصه لرفيقها ((جيفارا))  قائلة:-


يتبع الفصل الثامن   والاخير










148


احــــــــــــــــــــــــــلام المشاحيف
                   
 المقاومــــــــــــــــــــة

الفصل الخامـس 

حميد الحريزي

في هذه الليلة الظلماء احتدم إطلاق النار واستمر لفترة غير قليله بين الجانبين وخصوصا موضع سرحان ومن يقابله على الجهة الثانيه، مما وضع جميع المواضع في استنفار كامل ...انقطع الرمي وانقطع الاتصال بسرحان لسبب غير معروف ..... فترك أمره حتى الصباح وعند الاستطلاع  لم يعثروا على أي اثر لسرحان  او لسلاحه مع وجود بقع دموية في الموضع !!!
تم إعطاء موقف  للفصيل ومن ثم للسرية فالفوج وقيادة القاطع ان  المقاتل  سرحان أصبح في عداد المفقودين..... ذاع نبا الفقدان في مركز الناحية وفي  قريته وأول من أشاعه المله ((فاطمه)) زوجة  سرحان... التي أظهرت  مبالغة كبيرة في الحزن والتأسي  وتلقي العزاء لفقدانها زوجها العزيز المقاتل البطل ((سرحان))((ولمن تريد الحيل  يابوسكينه))...  تعاطف الرفاق مع  قضية فقدان  ابو سعيده ومصاب مله ((فاطمه)) فاعتبر الفقيد شهيدا وأعطي كافة حقوق الشهيد ل((فاطمه)) بعد ان أصبحت قيّمة رسميا على ((سعيده)) فاقدة العقل والإدراك...ملكت  ((المله)) دارا في مركز الناحية وسيارة صالون حديثه وإكراميات وهدايا أخرى تثمينا للشهيد البطل ((سرحان))... .... ولم تمر ليلة جمعه الا وتكون مله ((فطومه)) في حضرت السيد((نعمه)) مع مجموعة من النساء والأطفال المحملين بالنذور والهدايا ، إضافة إلى ما كانت تحضره  المله معها كثواب لروح المرحوم الشهيد.... تقضي ليلتها هناك ثم تعود عند الضحى وهي شبه نائمة في الزورق...تتأسى لها النساء إنها أتلفت حالها على المرحوم وخصوصا عندما تنفرد بالسيد((نعمه)) لأنه كان  صديقه الحميم!!!!
عندما يعود الناس من الزيارة يكونون محملين بأخبار مختلفة تكاد لا تصدق يتم تداولها في داخل المدن ومجالس العزاء حيث  اختصت المله ((فطومه)) برواية رؤى السيد وما يرويه زواره القادمين من أماكن بعيده  ...ومنها ان مجموعة من الطناطل   استوطنت الاهوار وأخذت تقوم ببعض الأعمال ضد الناس وخصوصا من  أفراد الشرطة والجيش الشعبي والأمن  والرفاق الحزبيين، وانه رأى أكثر من رؤية وكان هناك جرافات أخذت تشق الطرق في الاهوار...وربما يصل الأمر الى تجفيفها ان استفحل أمر هذه الطناطل الذي أخذت  تتكاثر يوم بعد يوم وربما هي  مسيرة من قبل سحرة معادين للحكومة العراقية......؟؟؟؟!!!!!!!
أخذت بعض الطائرات (السمتية) تحوم  في سماء الاهوار بين حين وآخر ، ويشاهد أحيانا إطلاقها لصواريخ او  رشقات من مدفعها الرشاش  في إمكان مختلفة، ذهب بعض  مربي الجاموس والصيادين ضحية هذه الضربات... كما انتشرت أخبار ،تعرض السيارات العامة والخاصة الى التسليب ومصادرة الأسلحة وحجز بعض من  يشتبه بهم من عناصر الاستخبارات او الحزب..... وكانوا يُحمِلون المطلق سراحهم بعض من المنشورات والبيانات السياسية بمختلف العناوين... وأحيانا يعلقون على صدورهم ((زورية  ))* او ((زوريتين ))  محاكاة لأنواط الشجاعة كما كان يعلقها على صدورهم  القائد الضرورة.
  أخذت تحدث في الاهوار عمليات غاية في الجرأة والدقة والحنكة في التدبير ، تمت  مباغتة العديد من الفرق الحزبية  وقتل او اسر  منتسبيها والاستيلاء على أسلحتهم ومعداتهم ، هجر الرفاق الكبار بيوتهم فلم  يعودا ينامون  في بيوتهم بل في أماكن مجهولة  ، او يتجمعون في أماكن محصنة  ومحروسة من قبل الجيش خشية هجوم  هذه القوى المسحورة التي أصبحت لها الهيمنة على الاهوار  وبعض القرى  في الليل خصوصا ، أخذت تظهر بيانات في المدن والقصبات تحمل صور  ((جيفا را))  او ((خالد احمد زكي)) او  صور الشهيد  ((محمد باقر الصدر)) وغيرهم من  شهداء الحركات المقاومة للنظام ، الكثير من البيانات والبلاغات  كانت  تقدم الأدلة الدامغة على عدم ارتباطها بإيران او اي دولة مجاورة ، بل هي حركة مسلحة تقاتل النظام من اجل الحرية وبناء  الدولة الديمقراطية  دولة  العدل والمساواة  وصيانة  كرامة الإنسان وأمنه ورفاهه.... فقد أصبحت كلمة العميل الملحقة بأسماء القوى السياسية المقاومة  للسلطة  تقابل بالاستهزاء  والتندر وترتد  لصدر السلطة وأجهزتها  الإعلامية  المهرجة .....
في صبيحة احد الأيام  حينما كانت العائلة المستأمنة على  ((سعيده)) تريد تقديم الطعام لها  ، فلم تعثر لها  على اثر رغم  التحري عنها في كل مكان من الدار  وما حولها في الأكمات المحيطة بصريفتها ، تم أخبار  ((المله  فطومه )) بالأمر ، فاتت بنفسها لتتأكد من الأمر  برفقة بعضا من أفراد الشرطة  والأمن  ، انتشرت الزوارق البخارية في كل مكان  فباءت كل الجهود في العثور عليها حية او ميتة ، سجلت مفقودة  لأسباب مجهولة  ، ربما  جرفتها مياه الاهوار  وابتلعتها الأسماك والسلاحف ، او  اختطفها احد الطناطل وقد يكون  أخذها الجن الذي تزوجها وافقدها عقلها من يدري... مثلت ((فطومة )) دور المتألم  مع  دموع الأسف لفقدان وديعة المرحوم  العزيز الشهيد  (( سرحان))........
أهمل أمر ((سعيده)) وطواه النسيان  بعد انتشار عشرات  الاحتمالات  والتصورات لغيابها المفاجئ، اعتبرها البعض  من الأرواح المبروكة  وقد تسامت الي ربها فتحولت طيرا من طيور الاهوار  يسمع له أنين  ونواح طوال  الليل والنهار حزنا على حبيبها ووالدها... وآخذو ينذرون لها النذور وينصبون لها القدور.... كانت هذه  الرواية الأكثر قبولا  ورواجا بين سكان الاهوار   وملائمة لأوضاعهم المأساوية  وواقع  الخوف  والقهر والتوتر الذي خيم على حياتهم تحت كابوس  الحرب  التي  يشتد أوار نيرانها يوم بعد يوم والتي  بدت بلا نهاية .... استقبل ((الثوار))  ((سعيده)) بفرح بالغ اغلبهم يعرف قصتها  الحزينة وحبها المغدور ،  كان حبها مضاعفا فهي حبيبة محبوبهم ((ناطور))  وهي أبنت ((سرحان)) المقاتل الذي اثبت  جراءة وبسالة  وحنكة كبيرة في المعارك والتدبير ، وقدرته الكبيرة على  معرفة  خارطة الاهوار مداخلها مخارجها  حتى  في الليالي المظلمة كطائر من طيورها   ،كان  الثوار بحاجة ماسة الي مثل هذه الخبرة ومثل هذا الدليل  عند  تخطيطهم لاي عملية  او عند تنقلهم من مكان لآخر ومن چباشة الي أخرى ،  فلازال العديد منهم يتذكرون بألم بالغ ما آل إليه مصير  الثائر  الشيوعي ((خالد احمد زكي)) في اهوار الغموگه حينما ظل هو  ورفاقه  الطريق آنذاك.............
كانت  ((سعيده)) مذهولة  ولم تدرك ما هي عليه ، حتى إنها لن تتعرف والدها  في أول الأمر ، تولت  النساء عملية  تنظيفها بإدخالها حمام  ساخن اعد لها خصيصا ، واستخدمن  مبيدات القمل  لتخليصها من أسراب القمل  وبيوضه المعششة  في رأسها وكل جسمها  طوال فترة حجزها ، أعدو لها وجبة دسمة من حليب الجاموس  ومن الزبد والجبن ، وخصصن لها وجبات غذائية خاصة من لحم الطيور والأسماك  والتمر ،  وصف لها مسؤول المفرزة الطبية  أنواعا من المراهم  لمداواة  التقرحات المنتشرة  في جسمها ، وبعض الحبوب والبراشم  للقضاء على الالتهابات .... كان  ((سرحان )) يجلس قبالتها أوقات طويلة  يسرد لها حياتهما وذكرياتهما  منذ طفولتها  واسترجاع الاحداث التي مرت بهما ، تستمع أحيانا بانتباه كبير وأحيانا تصرخ خوفا من الذئاب  العاوية ... تنادي ((ناطور)) تنادي أمها  تبصق بوجه ((حاشوش))  و((مريوده)) ... تندب أمها .. تعاتب  سيد ((يوشع )) ولماذا خذلها  ، ارتشى  ب((طلي))  حاشوش الحرام  وترفع على ((ديكها الأبيض)) ملكها الوحيد، ثم تستكين وتنام .... أخذت صحتها تتحسن يوم بعد يوم وأخذت تستأنس والدها ونساء  ((الثوار)) ...  تناقصت  نوبات صراخها وفزعها .. أخذت تدعو كل شاب يحمل سلاحا ((ناطور)) ... كان الجمع يرقب تصرفاتها بين حزن وفرح  حسب  تصرفاتها.....أخذت تسال عن والدها  وعن  ((حاشوش))  و((مريوده )) .. وأين هي الان كانوا يجيبونها  عن كل أسئلتها بالتفصيل ،يوم بعد آخر أخذت تتحسن  وتنشط  وتستوعب ... وما ان مر الشهر الأول على تواجدها مع رفاق والدها حتى استعادت كامل وعيها...
كاد والدها ان يطير من الفرح وهو يرى ابنته العزيزة  عادت معافاة  وبكامل  صحتها الجسمية والعقلية ... أخذت تطالع في بعض الكتب والكراريس الموجودة في مقر الجماعة حين تكون بمفردها ...  وكان طلبها الأول من والدها ان تتمرن على استخدام السلاح
بويه  آني الي طلب عدكم أتمنه  ما تردوني؟؟؟
گولي يبعد أبوچ ، غالي وطلب رخيص ، بيچ خير ودللي؟؟؟
بويه آني أريد أتدرب عله السلاح؟؟


149
الفصل الرابـــــــــــع 
التحـــــــــــــــــــــول





بعد ان اختلت  ((مريوده)) بحاشوش وبقية الرفاق  أسرها عن وجود جماعات مسلحه لقوى وأحزاب مختلفة في الاهوار تقوم بعمليات الاغتيال والخطف وشن  هجمات مسلحه على مقرات الأمن والاستخبارات والمقرات الحزبية وتستهدف الرفاق وتقطع الطرقات مما يستوجب الحذر واليقظة التامة واستخدام كل أساليب الردع مع هذه المجاميع...وقد وضعت خطة مفصلة من قبل جهاز الأمن والاستخبارات والمخابرات والحزب للمتابعة والملاحقة والمراقبة... وقد أوكل لحاشوش و((مريوده)) دور هام في هذه اللجان لملاحقة المخربين ورصد تحركاتهم............. وإنهما مرشحان لدورة في مركز المحافظة او في بغداد لغرض التدريب لرفع قدراتهم في أساليب المراقبة والحصول على المعلومات... وقد حصل ذلك بالفعل حيث ادعى كل منهم على انفراد بأنه ذاهب لزيارة أقاربه...وقد أوكلت  مريوده أمر العناية بسعيده الى الجيران...........
بعد فترة من عودتها أحذت ((مريوده)) تتردد على  مأتم العزاء ألمقامه على أرواح القتلى في المنطقة لشتى الأغراض وقد عرضت قدراتها لتكون ((مله)) او ((عداده)) من الطراز الأول مستغلة حلاوة وطراوة صوتها وقدرتها على حفظ  قصائد المديح والرثاء في مختلف الأغراض، انقطعت علاقتها بحاشوش والفرقة الحزبية وأخذت تكثر من زيارة أضرحة الأولياء والأوصياء ولا تفوتها مناسبة  في هذا المجال لابل تبنت أمر  تسير زيارات النساء الجماعية لأضرحة الأئمة والأولياء((الدوره))، كما إنها برعت في أمور نسائية أخرى...مكنتها من دخول  ان لم يكن كل  فاغلب بيوت القرية وما جاورها من القرى الأخرى، أصبحت ذات هيبة وصيت ووجاهة عند المسؤولين وعلى مستوى القيادات العليا......
أما (حاشوش)فقد أشيع انه قد طرد من الحزب لأنه الح  كثيرا في مطالبة السلطات  بالكشف عن مصير المعتقلين من أهالي المنطقة وحاول الاعتداء على الرفيق المسئول.... شاع الخبر بين الناس وسط استغرابهم ودهشتهم وسبحان من مغير الأحوال من حال الى حال...
فقد قرر((حاشوش)) ان  يحترف الصيد حاملا شباكه على زورقه ليجوب الاهوار طلبا للرزق وتدبر أمر عيشه من صيد الأسماك والطيور، متبرعا بالفائض لمن يصادفهم في الهور بأريحية غير معهودة  قربته من قلوب تجمعات الصيادين في ثنايا الهور ، وغالبا ما يجد أخبار معارضته للسلطة وطرده من الحزب متداولة بين الصيادين في الهور مما يجعله يحظى باحترام وتقدير وإعجاب البعض  في حين يواجه الصدود والابتعاد من قبل آخرين، والشك والريبة من قبل تجمعات أخرى على علم بتاريخ وسلوك ((حاشوش)) متخذين قرار عدم السماح له بدخول مناطق سيطرتهم وتجمعاتهم ولا التعرف على عناصرهم، بلاضافة إلى تسريب أخبار كاذبه ووهميه إلى سمعه على سبيل الاختبار والتحقق من شخصيته ومهمته في الهور..كان حاشوش يتعرض بين فينة وأخرى للاعتقال من قبل قوات خاصة لا احد يعرف من أين تأتي....وبعد فترة من الزمن يطلق سراحه ليعود الى ممارسة عمله مرة أخرى..لم تكن شباك حاشوش مخصصة لصيد الأسماك والطيور فقط بل تصطاد أحيانا بعض القرويات في أثناء تواجدهن في الهور او  مشا حيفهن  المحملة بالملح لإيصاله الي اهوار ألعماره ومن ثم الي إيران، كان مشروع مساعدة دائمة ونخوة مثارة على طول الخطوط حتى لإعطاء بعض المال بسخاء لمن يتقبلنه منه على سبيل المساعدة والنخوة والإنسانية لحين ابتلاع ال((طيرة)) للطعم  لتفرش له جناحيها برضي ومتعة تامة، استطاع حاشوش ان يكون عبر هذه الممارسة شبكة من العلاقات الحميمة مع عدد غير قليل من القرويات البائسات متمكنا من بناء عرش ذكوريته على أكداس حرمانهن وكبتهن وحاجتهن وجهلهن........
كان بعضهن يحضرن مجالس المله ((مريوده)) وينقلن إخبارها لحاشوش أول بأول.. واستطاع ان يستغفل بعضهن بإيصال رسائل وتعليمات وطلبات عن طريقهن الى  ((مريوده)) باعتبارها نذور او هدايا ل((أهل البيت)) كمشاركة من  ((حاشوش)) المظلوم الغريب المطرود..
لم تكن ((مريوده)) عديمة الحيلة في التواصل واللقاء بحاشوش سواء في ثنايا الهور او في المدينة..........
بالتعاون مع بعض المتعاطفين معه من الصيادين والقرويات استطاع ((حاشوش)) ان يقيم له ((چباشه)) صغيرة في منطقة نائية من هور الحمار ، وخلا هذه الفترة زهد في الصيد والعمل واخذ يكثر من الصلاة والسجود والركوع وقراءة القرآن والأدعية ويتنبأ بمصائر الناس، هذا سيطلق سراحه وذاك سيعتقل وفلان سيتعرض لشر..وووو... وكانت كل تنبآ ته صادقة وحقيقة... أطلق لحيته وحلق شاربه وتختم بأكثر من خاتم.... غير متناسيا مسبحته السوداء ال(101) ، مسورا ((الچباشة)) بالرايات الملونة من الخارج ومزينها من الداخل بصور الأئمة والأولياء..... بسرعة مذهلة بانت على جبهته آثار السجود والورع، اخذ الناس نساء وشباب وشيوخا يقصدون المله لمعرفة الطالع والتزود بالرقي والحروز والأدعية للشفاء من مرض او تحقيق أمنية ، وبالخصوص كانت رقى المله بخصوص الحصول على وظيفة  او الحصول على عمل لدى السلطة مجاباً، فلم يرجع أحدا خائبا وهو يحمل دعاء او رقية من المله، الذي تطلب الأمر ان يوسع ((چباشته)) أضعاف مما كانت حيث يتطلب أمر بعض المرضى وطالبي البركة والزوار المبيت في مضيف المله، وغالبا ما يتطلب الأمر ان ينفرد المله بالمريض او المريضة والمبيت معه ليلة او أكثر، واستحمام المرضى او المريضات وخصوصا من المصابات بالعقم او تأخر الحمل،ونظرا لما امتاز به المله من بركات وورع فقد اخذ الناس يسمونه بالمله (نعمه) فهو نعمة وهدية من رب السماء لسكان الاهوار...نسي الناس (حاشوش) وصار المله (نعمه).
في احد الأيام دعا المله كل معارفه من الرجال والنساء وكل من تصله دعوته وأولم وليمة كبرى لان هناك أمر هام يريد ان يطلعهم عليه المله.
وفي اليوم الموعود تقاطرت المشاحيف على مضيف المله وهي تغص بالنساء والرجال من مختلف المناطق وحتى  من مركز ألمحافظه، وعند دخولهم المضيف  فوجئوا برجل  مهيب  الطلعة ، يرتدي ملابس بيضاء ناصعة ويعتم بعمة سوداء ذات تنسيق جميل يلف على رقبته يشماغ اخضر مزخرفة بزخرفة إسلامية  ساحره، نوراني الطلعة ذو لحية بيضاء وجبهة وضاءة،  كل من يدخل  ينحني مقبلا يد السيد الجليل ويتنحى جانبا لفسح المجال للآخرين،  اكتظ المضيف بالمدعوين، وكانت هناك حركة نحلية خارجه تقوم بتهيئة الطعام والشراب واستقبال الوافدين وتوزيع البركات على الزائرين والزائرات والجميع يتلهفون لمعرفة الخبر المفاجئ الذي يريد ان يعلنه المله.......
قبيل الظهر تنحنح السيد المهيب فران الصمت المطبق على  الجالسين والواقفين وكلهم آذان صاغية للقول المنتظر ثم صلى على محمد وال محمد ثم ثنى وثلث فضج الديوان بالصلاة بصوت واحد هز أركان الچباشة ورددته نباتات وطيور الهور فهيمن مزيدا من الذهول والخشوع على  الجمع وتوجه السيد بالكلام للحاضرين:-
تعرفون أيها الإخوة ان أهل بيت الرحمة من النسل العلوي تعرضوا للظلم والاضطهاد والسجن والتشريد من قبل الطغاة والسلاطين لعنة الله عليهم، مما  أدى بهم للتشرد من ديارهم والتستر على أنسابهم وألقابهم خوفا من البطش وملاحقة  عسس السلاطين- وهنا اخذ احدهم ينظر بوجه الثاني، لأنه لا يفهم ولا يعرف معنى العسس- تنبه السيد بفطنته لذلك قائلا :-
لا يختلط عليكم الأمر  فالعسس تعني شرطة الأمن السرية  كما نقول في هذا الزمان كفانا الله شرهم ..فردد الجمع وراءه الله يچفينه شرهم. آمين
 تناول السيد قدحا من الماء من يد الصبي الواقف لخدمته  قائلا :-
لعن الله من حرمك من الماء سيدي يا أبا عبدا لله....فردد الحضور نعلتاالله على بني أميه...
نعم أخوانه  وما تعرض له أهل البيت من ظلم  لعشرات السنين  أنسى الناس نسبهم الأصلي كونهم من ذرية رسول الله صلى الله عليه وسلم..... ولكن الله سبحانه ينتصر دائما لهذه الذرية الطاهرة ويأتي وقت لتعرف حقيقة من  حاول الباطل  ان يطمر نسبه ويبخسه حقه......
القصد من حديثنا أيها الأحبة هو ما عرفتموه باسم مله ((نعمه)) ، فهو أيها الإخوة من ذوي الحسب والنسب انه من ذرية رسول الله((ص)) وقد عثرت بالصدفة او بتوجيه من الله عز وجل على  شجرة نسبه وحسبه فأمرني ملك رايته في عالم الرؤيا ان اقصد ديار مله ((نعمه)) وكشف الستر عن نسبه وحسبه  وقد أدلني الملك على مكانه وكونه كان يعرف ب((حاشوش  ابن فدعوس)) بينما هو السيد((نعمه السيد أيوب..السيد ..السيد..الخ))، فضج الحاضرون بالصلاة على محمد وال محمد وعلت الزغاريد  والتهليل والصلوات في خارج المضيف ونثرت ((الواهليات)) ونذرت النذور،  أسكتهم السيد بإشارة من كفه ان اسكتوا:-
ومن نعم الله أيها الإخوة إنكم أسميتموه دون  علم منكم ((بنعمه)) وهذا أمر  رباني  أيها الإخوة من الله بها عليكم نتمنى ان تزيدكم إيمانا واعترافا بفضل ((سيد نعمه ))عليكم ووجوده بين ظهرانيكم.... هذا ما جئت من اجله  وما على الرسول الا البلاغ المبين والسلام عليك ورحمة الله وبركاته
نهض السيد واخرج من حقيبة له عمامة سوداء وغترة خضراء و((وصاية)) سوداء من القماش الفاخر والبسها لسيد (نعمه) مباركا ومهنئا له نعمة الله عليه... ثم تقاطر الحضور عليه للمباركة وتقبيل يده وتلقي  لعابه ، مناولا احدهم  واقفا على جانبه قناني ماء صغيرة اسال السيد فيها لعابه ليتبرك به الناس ملتمسين الرزق والأمان والشفاء، ومثل هذا حدث خارج المضيف أشرفت عليه المله ((مريوده)) التي أصبحت تسمى بالمله ((فاطمه))  استجابة لأمر ورد على لسان إحدى المبروكات وتكرر الأمر أكثر من مره.
عند الظهر أمهم السيد للصلاة الظهر....ثم  أخذت صواني الرز العنبر المثقلة  بلحم الخرفان والحولي والمشبعة بدهن الحر مع أواني ((الروبه))ناهيك عن خبز الطابگ السياح والسمك المشوي  فعاش الناس يوم فرح وعرس ومهرجان لم يحلموا بمثله وسط واقع حرب خيم عليهم فيه الحزن والخوف والتشرد، ختم اللقاء الكبير عند المساء  عادت الزوراق والمشاحيف من حيث أتت وهي تحمل الرايات الملونة والشارات في الرقاب والأيدي وقناني الماء المباركة في أيدي وجيوب وحقائب العائدين الى منازلهم ،لم يتخلف  من الركب سوى عدد من الفتيات  المتطوعات لخدمة السيد وضيفه ، والمله ((فاطمه)) التي قدمت بصحبة السيد  حامل السر والخبر السار....
وبعد ان صفى الجو وذهب المباركون التأم شمل الثلاثة المباركين  خلعت العمائم وأبعدت التمائم،وأحضرت الكؤوس وطابت  النفوس، وقد أبدعت ((مريوده)) في غناءها وأبدعت ((صانعاتها)) بالرقص والغناء حتى انبلاج الفجر حيث صلى ((الساده)) على أرداف الغواني....
جلس ((سرحان)) خلف مدفعه الرشاش في موضعه الأمامي المقابل لمواضع قوات العدو، كان يسمي موضعه بل((نوچه)) أي المكان الذي يختبأ فيه الصياد لمراقبة دخول الطيور  في شباكه وسط الهور لاتخاذ  قرار سحبها  لتطبق على الطيور في الوقت المناسب.......بين حين وآخر تبدد صمت الهور  ((صلية)) مدفع رشاش او بعض طلقات  متقطعة باتجاهين متعاكسين، لا لصد خطر او هجوم وإنما لإثبات وجود يقظ  وتبديد الضجر على السواتر المتقابلة، بحيث أصبحت وسيلة لتبادل الرسائل  فيما بين الطرفين عبر شفرة لحنية يفهم منها مضمون الرسالة هل هي ودية او  سب وشتم وما إليه، وأحيانا تكشف عتمة الهور طلقات مدفع التنوير المتشظية او المظلية فتبدو كأنك في وضح النهار، سرعان ما يعود الصمت الي سابق حاله لا يعكر صفوه سوى نقيق الضفادع او صفقات أجنحة بعض الطيور المستفزة او التي تمرح وتمارس الحب في فضاءات المنبسطات المائية  بين اكمات القصب والبردي، تتقافز أمام عينيه أنواع  مختلفة من الأسماك، يستفزه بعضها وهو يتحداه بلامبالاته واستعراض جسمه أمام ناظريه_البز والگطان، والشبوط، والبني, والحمري، والسمتي- تظهر بأحجام قلما صادف مثيلها في منطقته خلال رحلات صيده هناك، كان يختار واحدة او أكثر  ليصوب لها نيران بندقيته الكلاشنكوف، وينزل ليسحبه من الماء يصحبه معه  عند حضور بديله في الحراسة إلى مقر الفصيل ،فالسمك أصبح وجبة الغذاء الرئيسية لهم في هذا المكان النائي، معوضا عن نقص التجهيزات الغذائية من مقر القاطع بالإضافة الي رداءتها وكان اغلبها من المعلبات التي لم يستسيغها سكان الاهوار، هذا الواقع أغنى ((سرحان))من  الحاجة  الي  أسماكه المجففة التي جلبها معه من بيته لعمل ((المسموطه)) المحببة لدى  سكان عموم الجنوبيين وخصوصا سكان الاهوار.....................


150
أدب / أحلام "المشاحيف"
« في: 00:04 25/01/2012  »


أحلام "المشاحيف"





حميد الحريـــــــــزي






 +
                     رواية قصيــــــــــــــــرة



     

                 الفصـــل الأول- الحلــــــــم

 هذه فرصتك ((ياحاشوش)) ان تثار لذلك ومهانتك ونبذك من قبل من رفضوك واحتقروك أنت وأبوك.. هاهم ((الرفاق)) الجدد يتوسلون الناس للانضمام إليهم دون قيد او شرط سوى الولاء للحزب والثورة والقائد، أي ولك مسدس ورشاشه و((هلهلوه  للحزب القايد)) وهلوله للشيطان   ، لا يعني لي ذلك شيئا.. هل أنا في حلم او علم ((حاشوش)) يصير حكومه .. يارحمتك يارب لا  يارحمتك يا رفيق عفلق، أين أنت يا ((أبو حاشوش)) ألا تستيقظ.. لتأخذ ثأرك ممن يدعون الطهارة والشرف والعفة والله والله لاعمي يا والله وراس العزيز عفلق أريد اگلب عاليها سافلها واطلع بيهم نار گلبي... وبالخصوص هذول الشوعيه اللي تكبروا علي وطردوني طردت الچلب الأجرب...
بكر حاشوش بالذهاب لمقر الحزب مهنئا ومباركا بهوساته  التوسلية للثورة ((البيضاء)) التي نذر نفسه لها هو والده المناضل (فدعوس) الذي نفاه الاقطاع والرجعية وأعداء العروبة من الرفاعي للفهود بسبب نضاله وكفاحه من اجل  الفلاحين ومحاربة الشعوبية والديكتاتورية.....
تغامز الرفاق فيما بينهم وقد ذهل بعضهم من تأليف ((حاشوش)) لقصة نضاله ونضال أبيه ((ألحرامي)) القاتل... وقد أعجب بعضهم تقديم نفسه بهذه الطريقة وهذا الوصف وكما قال احدهم والله:- ان حاشوش بعثي  مأصل وانه سيكتب للقيادة بتاريخه وتاريخ عائلته النضالي من اجل العروبة كي ينال حقوقه بغد ان تعرض للظلم والتشرد والتهجير................
وهكذا كان فقد قبل ((حاشوش)) عضوا  في الحزب مع تسليمه بندقية كلاشنكوف ومسدس مع مكافأة  مالية مجزية و أوصى له بقطعة  ارض سكن بجوار المنظمة ومنحة للبناء.... "انه كلب صيد ثمين لا يمكن الحصول عليه بسهولة في هذه المنطقة التي لا تعرف غير مقاومة السلطات والحكومات على طول تاريخها".......هكذا فال الرفيق المسئول في سره
أول  خطوة قام بها ((الرفيق حاشوش)) متمنطقا مسدسه  متنكبا رشاشته قاصدا دار عشيقته ((مريوده))مستعرضا عضلاته :بما من عليه الحزب من النعمة والجاه ولابد له ان  يتأهل فليس هناك أحسن من ((سعيده)) بنت سرحان تصلح زوجة له ، وقد رتب الأمر مع((مريودة)) مسبقا لإقناع ((سعيده)) وأبيها  وبذلك يكون تردده على دارهم وعلاقته مع مريوده لا تثير التساؤل.... كما قال لها
او طمام العار  اجه ((الفسيفس)) يتبختر بوروره وصدگ  من گال  ((من قلة الخيل شدوا عل الچلاب سروچ)) هكذا قالت ((سعيده)) عند رؤيتها ((حاشوش)) يتوجه لدارهم
،  الغريب بالأمر ان حاشوش جلب معه هذه المرة كيسا من الفواكه  قدمها باعتبارها هدية منه  لعمه((سرحان)) لما من عليه الحزب من تكريم وعرفان بنضاله وابيه من اجل الشعب والوطن.
نهض ابو سعده مهللا مرحبا بحاشوش  مخليا له  مكان الصدارة في الكوخ طالبا من مريوده ان  تعمل شاي تازه للاستاذ  .
 صار من عيوني والله يابه هي رفعت شان الاستاد  حگه ذبيحه  مو استكان چاي لكن  شنسوي(( العين بصيره والايد گصيره))  .. هكذا قلت مريوده  ردا على طلب سرحان
تنحنح ((حاشوش))  ممسدا شواربه متلمسا مسدسه واضعا بندقيته أمامه، أي والله رحمالله والديچ  ودينه ماي بيد المحروسه ((سعيده))...
أحضرت له ((سعيده)) الماء  وقد بان عليها الاستياء والتململ قائلة في سرها ((من عسا  زقوم))...
هله هله  بأم السعد هله  بهل الجهامه الحلوه والله حريمه المثلچ يعيش هنا، انتي رادلچ قصر بالولايه....وخدامه تخدمچ
لا يعمي انه بخير ورحمه وهاي عيشتي وعيشة أهلي خل الولايه لهل  الولايه... ثم خرجت ضجرة من الكوخ.
عمي شنهي عمي  گلي  ((سرحان)) ترضه انته بهذا الحچي....بس مايهم باچر اتشوف شلونه حيل حاشوش.... ثم كشر  عن أنيابه بضحكة ذئبية  وهو ينظر لابو سعده!!!
ما يهمكك منه يا استاد هاي بعده زعطوطه ماتعرف گدرك زين ....
دخلت ((مريوده)) وهي بأبهى زينة تملا فمها الضحكة والفرح والترحيب باستاد حاشوش وهي تحمل صينية الشاي
شوف شوف ابو ((سعيده)) شوف شلون لايج المسدس بحزام  استاد ((حاشوش)) وشلون وچه مورد ولايجله  صبغ الشوارب وطالع شباب ابن  اربعطعش.
تبسم حاشوش شاكرا  لمريوده إعجابها برجولته وهيبته وعلو شانه.....
وضعت  مريوده أمامه قدح الشاي والآخر لابو سعده.. تفضل استاد تفضل.....
أي نعم مشكوره يمريوده لاكن آنه مايطيبلي الچاي لمن  اعرف شنهو راي ابو سعده بالموضوع الكتلچ عليه .....
أستاد اشرب چايك  شنهو  ابو سعده وسعده يلگون أحسن  منك.... موهچي ي(سرحان)
أي أي مضبوط  ((سعيده)) ما تلگه مثل استاد ((حاشوش)) أصل وفصل والسبع تنعام منه !!هكذا رد سرحان موضحا لحاشوش ان مريوده قد أخبرته بطلبه ولكن.... يا استاد انه أشوف البت چنه موهاويه.....وهاي بعد ظلت عله ((مريوده)) شلون تقنعه وانشالله ايصير خير.... استاد...
انعم الله عليك عمي ((سرحان)) ومريوده مايرادله نخوه... بس انه شويه مستعچل  من حيث القصر راح يخلص بنيان ومايصير  أگعد بيه  وحدي...... ناوله تفاحة من كيس الفاكهة وناول مريوده بقية الكيس ..... وبعد ان أكمل التهام تفاحته  استأذن بالمغادرة  لكثرة مهامه وأشغاله الحزبية وان عنده لقاء بمدير الناحية..و..و
خرجت خلفه مريوده  وطال وقوفها معه عند زورقه وهي دالعه ... دس بيدها  مبلغ من المال على ان يلتقيا غدا صباحا لتخبره برضي وإقناع ((سعيّده)) بالزواج منه وان لا تنسى خفارتها وضرورة مبيته في المقر اللية القادمة ليكون ((سرحان)) على علم ....ودعته مريوده بضحكة داعرة  وعادت للبيت فسمعت سعده تقول:-
انجلع من ألف حجاره وراك وعساك لارديت... يا منعول الوالدين ماتگلي اشچابك علينه.......
 ما ان حل المساء حتى استدعى سرحان ابنته آمرا اياها  بان ترضى بطلب ((حاشوش)) فهو هبة السماء لها، مال وجاه ... وقد أكدت وألحت مريوده معددة فضائله  ووجاهته وسلطانه ...
فلوس ومال وحلال ولا ((ناطور)) المهتلف التعبان الماينعرف راح يرد  عدل من الحرب يو لا...وحتى لو رد اتظل تركض وراه الحكومه لأنه  مو منتمي للحزب القايد.................
والله والله وروح أمي العزيزه لو ادري أنذبح مية مره ولا أصير  مره لهل  الخسيس هذا...اللفوه ألحرامي ابن ألحرامي... أراد والدها بصفعها لو لم تحول دون ذلك مريوده...
خله خله عليّه انه اعرف النسوان باچر اتعقل.... گومي نامي... گومي ماتستحين تراددين ابوچ... بنات هلوكت!!!!
أطفأت ((سعيدة)) شمعتها النفطية ((اللمبة)) ثم انسلت تحت ((اللحاف)) المتهرئ،والدموع تنهمر مدرارا بعبرة مخنوقة وأنة مكبوتة بعد  ساعة من جدل حاد بينها من جهة وبين والدها وزوجة أبيها((مريوده)) من جهة ثانية  بغرض إغراءها للزواج من  ((حاشوش)) الطامع بالزواج منها، بعد ان انتحرت زوجته الأولى  لاتهامه إياها بإقامة علاقة غرامية  مع المعلم  (( سلام)) حيث كانت تعمل (( فراشة )) في  مدرسة القرية، ورفضها ان تعطي جسدها للرفيق  المسئول وبالتواطوء  من قبل  ((حاشوش)) وشكوكهم بانتمائها الى جهة معاديه كما يزعمون.
تعذر عليها  النوم بعد ان سمعت كلام ((حاشوش)) حول حبيبها  (ناطور) واستحالة بقائه حيا وعودته إليها  سالما فقد ذهب الى ((درب الصد مارد)) وهو في الخطوط الأمامية من القتال بين  القوات العراقية والقوات الإيرانية. بعد مكرمة القائد وإعفائهم من عقوبة الإعدام لانتمائهم للحزب ((الشيوعي العميل)).
-ماذا يريد هذا ((الخنزير)) مني،ألا يكفيه علاقته المفضوحة مع  ((مريوده)) وخصوصا بعد ان وظفها في مقر ((الفرقة)) لتكون تحت الطلب في كل وقت، وتكون لها سطوة قوية على زوجها ((الديوث)) ، بسبب ماتنفقه من مال تحصل عليه من مرتبها الشهري ومكرمات الرفاق وعطاياهم و...!!
هذا ما رددته (سعيدة) مع نفسها،وهي تبحث وتدرس وتداور في رأسها شتى الأفكار والخيارات للخلاص من هذا ((الخنزير)) الزيتوني الكريه المتهتك،وماذا سيحل بها لو صدق قوله وقتل حبيبها ((ناطور)) ليكون طعما للنار التي أشعلها النظام ((ألصدامي)) مع إيران، ليذهب  دمه هدرا  كغيره من أبناء العراق في هذه الحرب المجنونة.
أعادت تأكيد نذر ديكها الأبيض لسيد ((يوشع))  وقد صاح صيحته المألوفة  بعد منتصف الليل  المسماة((صوت ديج المختاضه)) ، ان أعاد إليها حبيبها ((ناطور))سالما واجتمعا معا تحت سقف واحد.مستذكرة أخر حوار لها معه حول ما قرره حزبهم لحماية وصيانة رفاقه وتنظيمه في ظل اشتداد حملة  الملاحقة والسجن والقتل والتعذيب والترهيب التي تقوم بها أجهزة السلطة ، فقد أصبح حلفاء الأمس أعداء اليوم ان لم يدخلوا تحت خيمة الحزب القائد....
((سعيده)) الحزب يگول كلمن يشوف حاله ويدبر نفسه، يظل، يشرد ،يطي تعهد...القياده ماتگدر تحمي كل الرفاق والأصدقاء ...هم يالله تگدر  تحمي الكوادر العليا...!!!!
-هاي شلون...هذا الحچي ما معقول ايعوفكم هچي بعد ما كشفوكم للحكومه... وكت النفاهه تعالوا وكت الضيج ما علينه...!
-هذا واقع الحال يا سعيده.. ولهذا السبب ابو عاهدين يشوف ان ننزل للهور ونجدد ثورة ((خالد احمد زكي)) ولا نبيع ذله لهل الذيابه  ولو القضيه موهينه... والطمع والخوف عمه عيون الناس وگامت تبيع ضمايره للحكومه... والمصيبه بيهم من  رفاگتنه وربعنه المطلعين على الزغيره والجبيره ويعرفون كل الخفايا والأسرار....
والمصيبه الثانية يا((سعيده)) لم يجد الحزب تضامن وعون يذكر من قبل الرفاق السوفيت ولاغيره لابل هل تسمعين وتشوفينهم وياهم((دهن ودبس)).. فشلون يدعمون ثورة مسلحة ضد النظام ((الاشتراكي الثوري)) المعادي للامبريالية كما يتوهمون.
تره صدگ هاي مصيبه چبيره ... شلون تگدر تخدم بجيش عدوك، وتحارب گوه عليك بحرب انته ضده... هكذا قالت ((سعيده)) لناطور ضمن حزمة من تساؤلات التعجب والرفض و ((الاستغراب)) لما سيصل إليه حال الناس في ظل حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل...
- المصيبة إنهم يدعون ان هذه الحرب هي دفاع عن الوطن وكرامته وسيادته وثرواته!!!!
 ويسال هل حفظ لنا هذا الوطن كرامتنا وثروتنا ومعتقدنا حتى يستحق منا الدفاع عنه.... اننا ارض وشعب رهينة حكم ديكتاتور مستبد... والطرف الاخر يريد ان يصدر ثورته كمن يصدر علب الفواكه او رزم الأقمشة الي كل العالم معتبرا الأمر امرا شرعيا واجب الإطاعة والتنفيذ مما أعطى السلطة ذريعة كبرى لقتل وملاحقة كل رافض للانخراط في جيشه وجهده العسكري ويعتبره يقف في صف  العدو..
وبعد تقلب وحسرات وزفرات ودموع حزن  وألم تسلل النعاس الى عينيها وغطت في نوم عميق
( رف من الزوارق المزينة والمزركشة يتقدمها طرادة زفة ((سعيّده)) الذهبية باتجاه دار حبيبها ((ناطور)) في جباشة آل عباده  وسط هور الحمار، الزغاريد يضج بها الهور  طيور الماء بالونها وأشكالها وأصواتها الجميلة مشاركة أهل الفهود وخصوصا ((سعيّده وناطور))  فرحتهما بيوم زفافهما الذي طال انتظاره،كانت الطيور تحلق وتدور  في السماء محومة حول الزوارق كأنها تردد هوسات الشباب ((مبارك عرسك يلهيبه))و ((جبنالك  برنو ما ملعوب َبسرگيه))  وسرب من البط الأبيض  والخضيري بأنواعه مشكلة مظلة فوق  طرادة العروس لوقايتها من  الشمس  ناثرة من مناقيرها  حباتٍ من اللؤلؤ على رأس العروس ورؤوس الزوافيف مع هدير أصوات الاطلاقات  النارية من بنادق الشباب الزوافيف من جباشتهم وهم يزفون عروس أخيهم  وصديقهم ورفيق عمرهم وعزيز هم ((ناطور)) صاحب المواقف  الشجاعة المشهودة والذي يكن له الجميع حبا خاصا لما يتمتع به من سمعة طيبة ونخوة وصدق ووفاء وتعرضه للكثير من الأذى والسجن والملاحقة بسبب مقاومته لكل أنواع الظلم والاستبداد من قبل السلطات الحكومية وتوابعها من الإقطاعيين وأزلامهم، وقد سبق لجده ان استشهد  وهو يقاوم الانكليز في ثورة العشرين  و استشهد والده  مع ثوار الأهوار  خالد احمد زكي ورفاقه في هور ((الغموكَه)) فيسلم   السابق للاحق راية الكفاح لتواصل هذه العائلة  التضحية من اجل حرية الوطن وسعادة الشعب.
تتمايل ((سعيّده)) بجمالها الأخاذ شقراء فرعاء  عيناء ((مصقول عوارضها)) ، عيناها الزرقاوان الواسعتان ورموشها الناعسة وجدائلها الشقراء الطويلة التي تلاعب مكوراتها الرجراجة ونهداها  كأنهما رؤوس  بط  ابيض يرومان شق الثوب  لينطلقا  في فضاء الحرية ، توهج جمال ((سعيّده)) بعد إن تزينت بالكحل والحناء واحمر الشفا يف وارتدت بدلة العرس البيضاء، مما ابهر ناظريها وهي تتأمل  صورتها في  المرأة التي تحملها فضيلة  شقيقة  ((ناطور)) وقد هيمن الانبهار والإعجاب على كل ((حديثات)*)  الفهود المشاركات في الزفة  فبدت كحورية من جنان الخلد  وليست قروية من الهور كأنها  ابنة الارستقراطيات الغربية المترفة وليست ابنة ((سرحان)) القروي صياد السمك والطيور ومربي الجاموس ومن سكنة  صرائف القصب  والبردي  وقد يتصور المشاهد ان  جنات عدن  تبعث من جديد ولكن على حين غرة  انقلبت  ((مريوده)) الى حية  رقطاء ضخمة فاغرة فمها  لافظا لهبا  شديدا  ودخانا  اسود  ادخل الرعب في صفوف  الزوافيف  رجالا ونساء  وماجت  ومادت السفينة بمن فيها فاختلط الحابل بالنابل وعل الصراخ  في كل جنبات الهور وسط عاصفة  صفراء هوجاء قلبت عاليها سافلها، كادت الأفعى ان تطبق على رقبة ((سعّيده)) بعد ان  حاولت إطفاء شمعتها، لولا ان تسارع  ((سعيده)) وتعمي بصرها بنار شمعة عرسها التي ازدادت توهجا  ثم  أطبقت  بكلتا يديها على  رقبتها مع صرخة رعب ونجدة  مدوية)
استيقظت على أثرها ((سعيده)) وإذا بها ممسكة  برأس((محراث التنور)) لتسحبه من يد مريوده  التي لكزتها بطرفه من اجل إيقاظها من نومها،مريوده التي انقلبت على قفاها مرعوبة من صرخة وحركة  ((سعيده))باتجاهها كمن يندفع بقوة  ليرد هجوم  وحش مفترس.
-هاي شبيج خاله  جنج مسودنه طفرت عليه تريدين تاكليني وصياحج فزز الجيران ماتكليلي شبيج
ماتكَعدين   بعد ليمته تروحين للحشيش ، نايمه  امبطخه وتمهذرين ساعه تضحكين  ساعه تبجين وتصيحين َ،  يبين  تتحلمين ((بناطور))  المهطور.
هذا  ما قالته ((مريوده)) ل(سعيده)) وهي ترتجف وتحاول ان تستعيد توازنها
ها.اها.. شنهو ليش؟؟؟جاعده جاعده ، بس ((يمريوده)) اشو اليوم ما سمعت  دبچي يعوعي الصبح وكَعد عله حسه مثل كل يوم  بسلا  مريض شوصاير بيه الله اليستر
هكذا  قالت ((سعيده)) لامرأة أبيها ردا  على  زجرها آمرةً  إياها بالنهوض.
-ما تروحين  تشوفينه  خاف صاير بيه أبو ((ضريج)) *. قالت  مريوده مستهزءه
خاله برد حيلج   ديجي منذور ل((سيد يوشع)) وما يصير عليه كلشي هكذا ردت عليها ((سعيده)) .
ثم تفقدت  الديك  وقد كان واقفا منتصبا  على ظهر الكوخ ، انه بكامل صحته ونشاطه  ولكن لماذا لم يصيح هذا اليوم  هذا ما لم تعرفه وما أثار قلقها وظل سرا على  ((سعيّده)).


151
                              

رواية (( العربانــــــــــــــــــــــه ))


  *

الفصل الرابع



ولادة كفـــــــــاح

حمل أبو مطشر ((بقچة)) صغيرة تضم ملابسه ، ودع أم مطشر وقبل  مطشر
موصيا إياه أن يكون الولي من بعده ، ويلتزم بالعمل مع اسطه ((نوماس)) ... رافق دليله ((واثق)) متوجها الي حيث  سيأخذه دون أن يسال ... وحين علم في الگراج  وجهتهم بغداد    قال  مع نفسه (( أي ولك يمظلوم لبغداد مره وحده  لا هنا ولاهنا ... انته چا ضعت بولاية المشهد  ادور لبغداد ... شلون راح أتدبره ...  الله كريم عليك يابو الجوادين ياباب لحوايج ... لنك تسفره بوچهي وتامني بوطن "
سأله  ((واثق)) مابك يا (أبو مطشر)) ساهما .. تتكلم مع نفسك ... لا تهتم صديقي كل مشكلة ولها حل ...
 على طول الطريق وهو مبهور بما يرى من  مشاهد المدن والسيارات المختلفة الأشكال والألوان  وهي تجري على الطرق الاسفلتيه الملتوية  كالأفاعي السوداء ...  رفيقه يصف ويسمي له المدن والقصبات والأماكن  المهمة التي تمر بها السيارة  ... الكفل  ، خان النص، كربلاء ،عون بن علي ، المحمودية ، الاسكندريه  اللطيفية ثم بغداد ... حيث توقفت السيارة في علاوي لحلة وقد كان الوقت ظهرا .....
كان رفيقه  كريما معه حيث تناولا طعام الغداء في احد المطاعم الشعبية في  العلاوي مع أقداح من الشاي ... ابتاع له  ولمظلوم علبتين سكائر ((غازي) ... قائلا إن موعده مع أستاذ منير في الساعة الثالثة بعد الظهر ... فعليهما إن يستغلا هذه الفترة ليتعرف أبو مطشر على بعض مناطق بغداد .. ومواقف باصات النقل وو... وقد كان واثق يقوم. بالشرح والتوضيح لمختلف المناطق والمحلات والمطاعم.دوائر والمقاهي والمطاعم ...الخ
في احد المقاهي المطلة  على   نهر دجلة ، قصد واثق احد المناضد في زاوية  الكازينو .. فلمح بفرح غامر صديقه  أستاذ منير جالسا إليها ... نهض مستقبلا إياه مرحبا به بحفاوة وشوق كبير... أهلا وسهلا ومرحبا بابن عمي العزيز ((سرحان)) ، رد له مظلوم السلام بأحسن منه ولم يستفسر حول ((سرحان)) إذ أوضح له واثق  إن اسمه من ألآن فصاعدا هو   ((سرحان))  وليس مظلوم حتى لا يستدل عليه أحدا من آل ((رطان)) او غيرهم ......
أمر لهم  الأستاذ بقنينتين من مشروب الكوكا كولا المثلجة  ليخفف عنهم حر تموز اللاهب ....
بعده اصطحب ((منير))  الذي أصبح  اسمه من  الآن فصاعدا ب ((سعدون)) ... اصطحب سرحان عبر العديد من الأزقة والشوارع الضيقة المكتظة بالناس من مختلف الأجناس والأزياء ... وما أثار دهشته الكبيرة  النساء السافرات   ، فلم يسبق له إن شاهد امراءة سافرة غير محجبة تسير في الشوارع والأماكن العامة ، والدته وأم مطشر تتدثران  بعباءتين  فوق بعضهما وتجلسان بالطريق عند مرور أي رجل ، لا يسيران إلا بعد أن يتجاوزهما ... استفسر من أستاذ منير عن حال الناس اللذين سيرهم جرياً ، احدهم يسابق الآخر ، وحال هذه النساء ((العريانة)) ما لذي حصل للناس وأين  ذاهبة بمثل هذه العجلة ، من  ((فَرَّع)) النساء وطردهن من بيوتهن بدون ((عبي)) ولا ستر ... هل  من عدو او حش  او حريق  هدد حياتهم فهربوا  خفافا  خوفا وهلعا....؟؟؟؟؟
ابتسم أستاذ ((سعدون))
هذا هو حال المدن الكبيرة ياصديقي .. إنها ضرورات العمل الذي يتطلب السرعة  والخفة والتخلص من كل زائد ، فلا تستغرب إن طلب منك صاحب العمل خلع ((بشتك)) وكوفيتك وعقالك ... لترتدي محلها القميص والبنطلون ... يعني سرحان يصير ((أفندي))...
باستغراب ودهشة كبيرة  قال ((سرحان)) :- عفه انه أبو مطشر يردوني  أصير من المفاريع .. عمي هاي ما تصير عدنه اله بالعرگه ، الزلمه يفرع ويطب للكونه شاهراً سلاحه .....
فقال سعدون :-
 نعم أخي  ((سرحان  )) هذه حياة المدينة عبارة عن معركة حامية الوطيس يوميا من اجل كسب لقمة العيش والاستمرار بالحياة (جري وكدح وخفة وفطنة  وغش إن تطلب الأمر   ،يتخلف من لم يستجب لشرط  سوق العمل ويداس بالإقدام ...)
والله إستاد هاي الدنيه تراوينه وتعلمنه دروس مو عله البال..... اسأل الله لا يحرمني منك ومن أمثالك إستاد بجاه الكاظم أبو الجوادين  ...
 شكرا  أخي ((سرحان )) وألان دعنا ندخل للعملي والمفيد ، إننا ألان سنذهب الي احد الأصدقاء  من أصحاب المطابع المعروفة في ا لعراق.. الذي هو بحاجة الي حارس في المطبعة ليلا والى  عاملا متدربا  على رصف الحروف في النهار وهو يضمن لك  أجرا  مجزيا بالإضافة الي الأكل والمنام  .. فهو من أصدقائنا المقربين  وله علم كامل بما أنت عليه  ...
 لكن إستاد  تره آني لا اعرف اقره ولا اكتب شلون راح  اگدر اسطر الحروف  
سرحان هاي  ما عليك بيه  ، هاي شغلت(( اسطه جمال))  صاحب المطبعة وزملائك العمال في العمل ...
هسه امشي وياي نصعد لهذا الفندق فهو صديقي لنستريح  شويه  ... وهاك هاي العلاگه جايبلك بيه بنطرون وقميص وحذاء حتى تبدل بالفندق ، وحتى تدخل المطبعة أفندي ...
والله إستاد ، هاي كلفه ، خاف ما اعرف امشي بالبنطرون والقميص والدور المصيبه مصيبة ((القندره))  ... إستاد تره آني طول عمري ما لابس قندره... وخاف واحد من عمامي يشوفني أمفرع وتصير فضيحه أبو مطشر  تهيلگ بالولايه وصار يمشي أمفرع ؟؟؟؟
ضحك أستاذ منير كثيرا ، ثم طمأن ((سرحان )) وقدم له سيكارة لوكس ليهدئه  قائلا :-
((سرحان )) راح أخليك  تتدرب على المشي بالقندره داخل الغرفة لمن تتعود عليه  يالله نطلع لبره ....
صعدا الي الفندق استقبلهم صاحب الفندق مرحبا ومهللا بأستاذ سعدون وبابن عمه  القادم من الريف لرؤيته..... – أعطاهم مفتاح الغرفة  : متمنيا لهم الراحة والسلامة ...
بدء سرحان  يخلع العقال  والكوفية و((البشت)) ، و((الدشداشة)) ..  ووضعهما جانبا... ثم ناوله سعدون القميص ثم البنطلون الذي بذل جهدا غير قليل ليدخل ساقيّه فيه ، احتزم عليه  بعد أن ادخل القميص بداخله بطلب من سعدون  ... ناوله زوج الجوراب الذي كاد أن يتمزق بسبب خشونة  وفطور قدمي سرحان ....  ساعده  سعدون في لبس  الحذاء  ....  وحين وقف  سرحان قال ..
أشوف روحي چني طاير  ، بروح أبوك  إستاد خل اتوچه عليك لا طيح ... اشو چني راچبلي  بعيره مو ((قندره)) .. چني فوگ النخله ..._ تذكر  ذلك حين ركب الطائرة متوجها الي ألمانيا  موفدا من قبل الحزب  واخذ يضحك من نفسه  آنذاك  _  بالاتكاء على سعدون اخذ ينقل خطواته بحذر وبطأ  كطفل  يتعلم المشي  توا ...
لف ملابسه العربية ووضعها داخل بقچته التي جلبها من أهله  ........
غادرا الفندق بعد أن شكرا صاحب الفندق ... فابتلعنهم شوارع بغداد  مساءا ، سرحان لا يكاد يصدق ما تراه عيناه مما يرى  ، خصوصا وقد أخذت الناس تتدافع بالمناكب وهي  تسير مسرعة لا يدري الي أين ، وخصوصا السافرات الحسناوات وهن يتقافزن كالغزلان  بين الرجال بخفة وسرعة مذهلة رغم إنهنَّ يسيرن َّ على  ((بسامير ))  السكاربيل العالي ، كيف  لا يسقطنَّ أرضا!!!!؟؟؟؟.....
والله يعمي سنه لو أدرب  أم مطشر حتى تمشيله خطوتين  بالسكاربيل ما أتدبره..
إستاد ((سعدون)) ماتگلي بروح أبوك هاي الوادم نسوان وزلم ليش كاره الهدوم ... الزلم مفرعه والنسوان مصلخه وهدومه مبزنگه ... شنهي  الخام غالي  بغداد يو هذا بخل  ....؟؟؟؟
ابتسم سعدون قائلا :-
 اخوي سرحان خل أسألتك عندك وبمرور الأيام تعلمك الولايه إسراره وإخباره  ... أكل الناس ولبسه  وعاداته  متعلقة  بأسلوب عمله وحياته  ... العمل هنا هو أبو السواني  والأعراف ......
بعد مسيرة غير قليلة،  اعتاد سرحان ألسير بالحذاء  ... شُبِعت عيناه بنفس المشاهد  في كل  المناطق التي مروا بها  في شوارع بغداد ، الرشيد  الرصافي  شارع غازي  الميدان ... الخ حتى وصلوا المطبعة التي  قصدها سعدون  ...
دخل إستاد سعدون وخلفه  ((سرحان)) فوجدوا الاسطه ((جمال)) وبعضا من عماله يهمون بالخروج من المطبعة بعد ان انتهت  نوبة عملهم االيومية وهم وسط أكداس من الورق بمختلف الألوان والإحجام ، وعدد من المكائن الحديدية كأنها جمالا باركة ....
استقبلهما جمال أحسن استقبال مرحبا باساتذ سعدون وبابن عمه سرحان ،  لأنه سبق وان علم بقدومه من الأستاذ ... تسامرا وتذكرا ودار بينهم حديث حميم القسم الأكبر منه لا يعرف ((سرحان )) معناه ومبناه  انه حديث مثقفين  .. اصطحبهم جمال خارج المطبعة لتناول وجبة العشاء على شرف ((سرحان)) ضيفهم العزيز وشغيل المطبعة وحارسها الجديد ... كان عشاءا دسما شهيا من الكباب العراقي اللذيذ  تبعته أقداحا من الشاي ((السنگين))  وسجائر الغازي....... بعدها طلب الأستاذ الأذن تاركا سرحان  صحبة اسطه ((جمال)) متمنيا له عملا جيدا وصحبة سعيدة  مع زملائه العمال  واعدا إياه بأنه سيزوره بين حين وآخر وأخباره سيسمعها من الاسطه ((جمال))..
عاد اسطه ((جمال))  بصحبة ((سرحان))  الي المطبعة  ، عرفه  بزميله الحارس السابق الذي رحب به  مرحبا، دله على مكان  منامه وتواجده وما هو مطلوب منه ، وجد  ((سرحان)) من زميله  الألفة والفهم المشترك فهو من أصول ريفية أيضا من  العمارة ،  مطمأنا إياه  بأنه سيعيش وسط هؤلاء الناس بأمان وسعادة وحب ، فهو سيسافر صباح غد  عائدا الي أهله في العمارة  بعد أن امضي أكثر من عام  في المطبعة ولم يشهد من منتسبيها غير الطيب والمحبة والمساعدة وقد  "اكسبوني الكثير من الخبرة والمعرفة التي كنت  اجهلها"..
في صباح اليوم التالي  التقى  وتعرف بالعمال  والأسطوات العاملين في  المطبعة  وكانوا جمعيا  لطفاء طيبين  متعاونين ، ائتلف  معهم وأحبهم وأحبوه ،  بعد أكثر من أسبوع اقترح عليه اسطه جمال أن يتعلم  رصف الحروف في ألواحا خاصة ، فرغم جهله القراءة الكتابة  سيعمل وفق صور الحرف ومكانه  في الكلمة ومكان الكلمة في الجملة ... وقد رسم له اسطه جمال الحروف  وأعطاه نماذج منها  ... وبدء ((يتمرن )) عليها طيلة فترة انفراده بنفسه  ليلا في المطبعة ... فأحرز تقدما كبيرا في تشخيص الحروف وأسماءها وبالتالي كتابتها وقراءتها  مما شجع الأسطوات الي تكليفه  برصف  بعض الألواح وفق ما مكتوب أمامه  وما يراد منه .. كرس  كل جهده وقدرته وفطنته   من اجل  إجادة هذا العمل الممتع الذي تعلم من خلاله على الكثير من  المعارف  التي كانت أشبه بالطلسم بالنسبة له،    انه لم يصدق  تعلمه القراءة والكتابة خلال عدة أشهر بعد إن كان هذا حلما شبه مستحيل بالنسبة له ، كما انه  اخذ يحل شفرة العديد من المفاهيم والمصطلحات التي يتحدث بها ((الأفندية ))   وغيرهم أمثال ((أستاذ  منير)) واسطة نوماس واسطه جمال وبعض العمال والأسطوات  في المطبعة .... كما انه  اقبل  بدافع لا يوصف في  التعرف على معنى ومضمون  ((الشيوعية )) من خلال بعض المطبوعات في المطبعة وبعض الكراريس التي يجلبها له اسطه جمال او بعض العمال  حين يسألهم عن بعض المصطلحات  في مختلف المجالات السياسية والأدبية والعملية والثقافية العامة ... تعرف أسماء ماركس وانجلس ولينين  وستالين وفهد  ووووو. ديكتاتورية البرولتاريا الرأسمالية ، الاشتراكية، الأدب الواقعي  ، الرواية القصة ، والشعر الثوري  وووو
حاز ((سرحان)) على المهارة الكافية بشهادة الأسطوات في المطبعة  رفعت درجته الي مرتبة عامل ماهر وتحسن مردوده المالي الذي كان يرسل فائضه الي عائلته حين يلتقي ولده او الاسطه ((نوماس)) وغيره من معارفه هناك ممن يثق بهم ... وقد زادت همته ونشاطه  أكثر فأكثر حين وردته بشرى ولادة ابنه الثاني  الذي  اقترح إن يسميه  ((كفاح))....
 وبمناسبة  قبول عضويته وولادة  ولده ((كفاح)) وترقيه درجة  في عمله المهني ،قرر اسطه جمال أن  يقيم  حفلة  ووليمة خاصة على  شرفه على شاطئ دجلة ....
التأم الجمع مساءا  ، طابت الجلسة  قرب نهر الدجلة الذي كان يتدفق  ماءه  احمراً ((دهله حميره)) جعلت ((سرحان )) يتذكر ايام  زراعة  العنبر في ريف المشخاب ،   وسحره ضوء القمر وهو يرسل شعاعه  على كل  بني البشر  دون تفريق ، حركة السفن والزوارق في النهر ، شباك الصيد ،  اخذ الجميع يتبادلون  القريض وابيات الابوذية التي  تعبر عن هموم ولعواعج الكادح العراقي .... طاب الحديث فطلبوا منه أن  يسمعهم صوته الجميل الذي طالما استمعوا إليه  وهو واقف خلف مكائن الطباعة ،  بلغ الشوق به أشده لأهله و لام مطشر حبيبة الروح ، بعد ان  دارت كؤوس  ((الزحلاوي)) والبيرة في الأيدي  ، متذكرا  (زبيب ))  غنوده الذي  فهم الآن ماهو  وما مفعوله.... انطلق صوته  منسابا  مغردا  شجيا   ساحرا لعذوبته  و بلاغة قوله  ... توسعت حلقة السامعين  من الحاضرين في الكازينو ومن الصيادين اللذين  ركنوا زوارقهم  وأسرعوا نحو هذا الصوت المذهل  جمالا وسحرا  ... تبرع بعضهم ببعض سمكات  والآخر  بالمقبلات  وووو فأصبحت  وليمة سمك   واحتفالية  لم يشهد الشاطئ مثلها من قبل ... تعلق الحضور ب((سرحان )) صوتا وخلقا ...  عاش الجميع ساعات من الفرح والبهجة  والطرب   والتمتع بسحر  شواطئ دجلة  وسمكها اللذيذ..... اختتموا حفلهم بعد منتصف الليل  وعاد ((سرحان )) الي المطبعة هو والاسطه ((جمال)) ..ودعه ودلف الي  مستقره ..... وحين اختلى  بنفسه وراجع ما آل إليه حاله وتكشف له المخبوء والمستتر مما لم يعرفه ... ضحك من نفسه  وجهله  " أي مظلوم  ولك هاي الشيوعية طلعت عالم من الفكر والعلم  والمعرفة ، كاشفة أسرار الماضي  والحاضر وأفاق المستقبل ، الآن واضح  ليش انته وغيرك تعيشون الحرمان والفقر والقهر ، الفلاحين والعمال والكسبة .....الخ : وعرفت ليش يطاردون  استلذ منير ، ويخافون من مناشير الشيوعية ... وانته عبالك الشوعيه علويه... باچر ومن كل  ولازم  افاتح الاسطه جمال وهو صديق حميم  لأستاذ منير حتما شيوعي ، لازم أوصله  واحچيله  رغبتي بالاتصال بالحزب "
عند صباح اليوم الثاني  انفرد ((سرحان )) باسطه ((جمال)) طالبا منه أن ينظم له لقاءا  سريعا  بأستاذ منير  لأنه  لا يعرف شيئا عن عمله ومكان سكنه ... وعده  الاسطه خيرا .... وبالفعل  قال إن الأستاذ  سيلتقيه بعد يوم غد  وهكذا كان  إذ التقاه في  احد المطاعم الشعبية  في  شارع الكفاح    حول وجبة غداء  (( تمن فوگاه ))  ...
نعم  اخ ((سرحان)) عرفت انك طلبت مقابلتي ، هل ضايقك احدهم في العمل  ؟؟ هل لديك مشكلة  مع احد؟؟؟
لا أستاذ المسالة لا تتعلق  بالعمل ، بل هناك أمر خاص  أود  مفاتحتك به  بشكل منفرد...... فأجابه   ،على الرحب والسعة  أبو ((مطشر)) تفضل  سار بمحاذاة نهر دجلة  ، فقال  سرحان:-
أستاذ منير  آني عندي رغبة  الانتماء للحزب الشيوعي ، بعد ما عرفت  شنهو الشيوعية  ، وبعد ما عرفت  إن الحال ما يتغير  بدون وجود مثل هذا الحزب  ليدافع عن الفقراء والكادحين والمظلومين  في كل مكان .... فأجاب أستاذ منير:-
 اسمع  ياصديقي  بعد ما تعرفت عليك   وأنت تبيع اللبلبي  ، وعرفت أخلاقك وكرهك للظلم وشجاعتك وإحساسك بالقهر، توقعت   انك ستجد طريقك يوما لحزب الكادحين ، ولكن  لا أنا  ولا غيري من الرفاق فاتحك بالأمر وأنت تمر في  مشكلة عشائرية  ، ربما تضطر للموافقة  طلبنا مقابل  إيجاد حل لمشكلتك ، أما الآن وقد انتهت هذه المشكلة وأصبحت حرا في العودة ال دارك واهلك وفضلت البقاء في عملك في المطبعة ... وبعد ان تعلمت القراءة والكتابة واطلعت بنفسك على الفكر من مصادره  وعرفت سيرة أعضائه من خلال معاشرتك لهم  وحبك لهم ... فاكتب رسالتك  وأعطها للرفيق جمال لإيصالها للحزب وسيأتيك الرد عن طريقه ،فجمال هو احد الكوادر الشيوعية ،وأنت الآن برعايته وسأتصل به أنا لابلاغه برغبتك.... شكره  سرحان شكرا كبيرا   وعاد للمطبعة فرحا و متحمسا للعمل ، وهو ينتظر الاسطه ((جمال)) وكأنه إنسان جديد آخر  إضافة له صفة الشيوعي الكثير من الهيبة  والاحترام ....
وبالفعل كتب رسالته  كما افهمه اسطه جمال  ووعده  ان يأتيه الرد بعد اطلاع  الرفاق واخذ موافقتهم  على طلبه ... وهكذا كان  فقد ورده الرد الايجابي  بقبوله مرشحا لعضوية الحزب   في الوقت الحاضر وسيوضع تحت التجربة النضالية العملية لمدة ستة أشهر قابلة  للتمديد للبت في عضويته من عدمها
اخذ ((سرحان )) يضاعف عمله وقراءته  ويوضب حضور اجتماعات خليته الحزبية التي كانت تشكل  من عمال المطابع وبعضهم ضمن مطبعته التي يعمل فيها، كان  يزور عائلته  كل ما سنحت الفرصة لذلك ، واخذ يزور  أعمامه وأبناء قريته ، منورا مثقفا   مقيما كل فرد من أفراد العائلة للأقارب وبقية الفلاحين  وأصدقائه ومعارفه الآخرين ،  أصبح  ولده الأكبر((مطشر )) شابا يافعا يتقدم  في عمله المهني ((النجارة )) ويبرع  فيه بشكل أعجب  الاسطه ((نوماس)) الذي اخذ يقطر له الفكر  الاشتراكي وفقا لمدركاته وقدراته مما  جعله يصبح من نشطاء  ((الاتحاد العام لطلبة العراق)) البارزين  في النجف ومنطقة الفرات الأوسط ....اخذ الناس يلمسون التغيرات الكبيرة التي  ظهرت على شخصية وسلوك  ((سرحان )) واستطاع  ان يقنع أم مطشر  ببقائه  هناك في بغداد لأنه أصبح ملك عمله الجديد  قبل أي شيء آخر  ، استطاع ان يبني له  قاعدة قوية في الريف وفي المدينة ، وبين أصدقاءه وزملائه في العمل  بالإضافة لصداقته التي توثقت يوم بعد آخر مع صيادي الأسماك منذ يوم الحفلة  المشهودة على  ضفة النهر ....  اخذ نجم  ((سرحان )) يسطع كعامل واعي  مثقف محبوب  صاحبة جماهيرية كبيرة بين العمال والصيادين والفلاحين .. وهذا ماكان يتوقعه له الأستاذ منير.... بعد مرور الستة أشهر الذي كان  ((سرحان)) يعدها يوما  بعد آخر منتظرا اليوم الموعود على أحر من الجمر ... ....... جاء  هذا بمناسبة ولادة الحزب في شهر آذار عشية الاحتفال بذكرى  ميلاد الحزب في 31 آذار 1934فابلغه  مسؤول الخلية  بأنه  وعدد من الرفاق الآخرين  حصلوا على  شرف العضوية في الحزب وكان أاسمه الحركي ((عاصف)).... احتفلت الخلية  بميلاد الحزب وبميلادهم الجديد بمنحهم شرف العضوية في حزب الفقراء والكادحين  ..... قرر  سرحان ان يحتفل بهذه المناسبة  العظيمة  ... ان يدعو((جمال)) وبعض رفاقه وأصدقاءه الي سهرة  جميلة على ضفاف دجلة  مع أصدقاءهم من الصيادين ..... وكان لهم ذلك  إذ احتفلوا في الهواء الطلق    في ليلة قمراء   نور القمر  براقص موجات  دجلة  ،كما يزين سماء  بغداد الصافية،  مسحت الرياح  عن وجهه المشرق بعض  قطع من غيوم متفرقة  فتألق نوره مع  صدى صوت ((سرحان )) المتدفق عذوبة ورقة  كتدفق  مياه نهر ((المشخاب)) وهي تعانق شتلات ((العنبر))  التي تتضوع عطرا ،بلغ الفرح والمرح  منتهاه في هذه اللية السعيدة ..... ازداد ((جمال)) فخراً  برفيقه الرائع الممتلئ حماساً ونشاطاً وحيوية  وجرأة .....  أصبح مثالاً رائعاً للشيوعي المأمول........
بعد مرور فترة على منحه شرف العضوية ... طلب منه ان يتفرغ عدة ايام ،  لحضور  دورة تدريبية خاصة حول  عمل وتصليح وصيانة الطابعات بطلب من الحزب بلغ به بشكل فردي عن طريق الرفيق ((جمال)) ... غُطيَّ أمر غيابه  بسفره الي عائلته في النجف  فالأمر يجب ان  يكون في غاية السرية والكتمان حتى على رفاقه  ... وهكذا التقى  ((سرحان )) الرفيق (( سعدون )) الذي أوصله بدوره الي البيت الذي تمت فيه الدورة  ، تمكن  (( عاصف ))  من اجتيازها بشكل يثير الإعجاب  نظراً لحماسهِ  وتجنيد كل طاقته من اجل خدمة عمله النضالي وتطور حزبه فذلك يقرب الفقراء من يوم الخلاص كما  يرى....
 عاد  ((عاصف )) الي عمله في المطبعة  وبعد مرور عدة أسابيع  قرر الحزب ان يتفرغ الرفيق ((عاصف )) لمهمة خاصة وعليه يجب تغطية انقطاعه عن  عمله  في المطبعة  بادعاء  سفره الي بلدته  والتحاقه بعائلته  بسبب  ظروف خاصة ... وبالفعل ترك ((عاصف  )) عمله مودعا  زملائه ورفاقه ومنهم الرفيق  والصديق ((جمال)) ، ليذهب الي بلدته وتفقد عائلته وأطفاله  وأبناء عمومته  ليودعهم بعد  ذلك ،على أن  يزورهم وقت تسمح له الظروف  مستقبلا.. عاد  وهو  ممتلئ  ثقةً وفخراً بتطور  الخلايا التي أسسها في الريف ، وتطور عمل ولده ((مطشر))  ، والنمو السريع والمعافى لولده ((كفاح)) الذي كان  فطنا جميلا ذكيا  متفوقا في دراسته في المدرسة...... وعمله في النجارة مع الاسطه نوماس بدلا من أخيه  ((مطشر)) الذي تفرغ للدراسة........
التقى الأستاذ ((سعدون)) فور  عودته الي بغداد  وفق  موعد مسبق متفق عليه ... رحب به   معبرا له بفخره واعتزازه   لتفانيه في سبيل قضيته  وحزبه ، والآن  يطلب منه الحزب   ان يعمل في إدارة و تشغيل  مطبعة من النوع الذي تدرب عليه من اجل زيادة فعالية إعلام الحزب ووسائل تحريضه وتواصله مع جماهيرية في ظل المستجدات السياسية   على الساحة الوطنية  وبروز دور الحزب القيادي في  قيام وقيادة ((جبهة الاتحاد الوطني)) من اجل الخلاص من التطام  الملكي الرجعي الموالي  للرأسمال العالمي  الانگلو اميريكي.... تقدم سعدون أمامه مبلغا إياه ان يتبعه ويفعل ما يفعله ..... توقف  ((سعدون)) في موقف احد الباصات  فتبعه  ((سعدون )) ليصعد ألبا ص خلفه دون ن يجلس الي جانبه او يكلمه ....  في المنطقة التالية نزل ((سعدون )) فتبعه  ((عاصف )) سار   ((سعدون )) متوجها لأحد ألأزقة بعد   ان  تأكد بان لا احد  كان يتابعه او يراقبه... انتظر ((عاصف )) وافهمه انه   سيلتقي  بالرجل والمرأة  القادمين  من الاتجاه المعاكس  لخط سيرهما ... سيسألهما  بعض ألأسئلة ليثبت له  بأنهم المقصودين  بلقائه  وعندما يتركمهما عليه ان    يمثل لقاءه يهما كأنه صدفة ،يقبل بعضهما البعض   الأول باسم ((فالح)) والثانية((مليحة))  كأنهم من معارفه ومن أقرباءه التقاهم بالصدفة هنا  وعندها   سيتولى الأمر  الرفيق والرفيقة اللذين التقيتهم .... وهكذا كان
فعل ما طلب منه حين لقاءه ((فالح)) و ((مليحة)) سلم  عليهما بحرارة وهم ردوا عليه بمثله كذلك ، السؤال  عن الأهل والأصدقاء والعيال وإنها صدفة جميلة  ان يلتقيا به .. وما عليه إلا ان يذهب معهما لدارهما فهو ضيفهم اليوم
 رغم حرارة هذا الحديث ومظهر عفويته كانت عينّا (( سرحان )) لم تفارق ((مليحة)) أخت فالح ، لاشك انه سبق  وان  رأى هذه  الفتاة  في مكان ما يجب ان يتذكر  ، طولها ، شكلها ، عيونها، صوتها   إلا إنها سافرة ولهجتها بغدادية ...
 أللهم أنعلك يالشيطان .. أيصير اهيه ... لالا موهيه  وين ذيچ  وين هاي ، الله  يخلق من الشبه سبعين .. لالا موهيه موهيه  .  بس يبين بعده گليبك يرفرف عليه ..
 سار معهم مسافة ليست ببعيدة ... اتجها نحو دار في احد ((الدرابين )) البغدادية القديمة ،  أدارت  ((مليحة )) المفتاح في باب الدار  ، فتح الباب ، دخل الثلاثة للدار وجدها دار بسيطة ذات أثاث متواضع جدا ... يتوسطها تنور وأكوام من الحطب ...الخ.
جلس الثلاثة  على بساط  يغطي أرضية الغرفة  ، قال فالح :-
رفيق ((عاصف)) أنت الآن في احد بيوت الحزب و((مليحة)) بمثابة  شقيقتك ، تشاركك السكن في لدار وأنا ابن عمكما .....
الدار تضم آلة طابعة للحزب سوف تكون أنت المشرف المباشر والمشغل لهذه الآلة المهمة جدا بالنسبة للحزب في الوقت الحاضر.. ستأتيك طلبات الطباعة منسوخة باليد لتقوم بطباعتها حسب الأعداد المطلوبة وفي الأوقات المحددة... أما توزيعها فستكون من مسؤوليتي  فانا سأكون يوميا هنا لاستلام أرغفة الخبز  التي  تتولى خبازتها ((مليحة )) باعتبارها خبازه توفر الخبز للمطاعم والبيوت   لمن يطلبها ... ستكون كمية من المناشير بين أرغفة الخبز مؤشرة بعلامة خاصة  سأوصلها للحزب بطريقتي الخاصة ليتولى الرفاق والأصدقاء بتوزيعها  ... أما القسم الثاني فستتولى ((مليحة)) طريقة إيصالها للحزب... كل اتصالاتك ستكون عن طريقي ... أي طلبات لك ولمليحة وللطابعة سأقوم بتوفيرها لكم ... والآن أودعكم والى لقاء..
انفرد ((مظلوم)) بمليحة التي كانت اسما على مسمى جمالا ورشاقة وحسن حديث...
أطلعته مليحه  عل غرفة داخليه ... ازاحت  ((الكانتور)) جانبا فظهرت   بابا  خلفه  ... تحتوي الغرفة على آلة الطابعة وكمية ن الأوراق والأحبار وما إليه من مستلزمات الطباعة  أفهمته ان هذا مكان عمله  ، ليقوم بطباعة  كل ما يطلبه الحزب منه المنشورات والبيانات الحزبية..... الخ... التي ستتولى هي و((فالح)) عملية توزيعها ... قسما منها يجب إيصاله عبر وسادة نوم بها  .. ليقوم ((ابولطيف )) بتقسيمها حسب الطلب الي   كميات   مخفية وسط  وسائد  قطنية اصغر  يأتي مكلفون باستلامها منه  عن طريق إشارة محددة للتسلم والاستلام ....
كانت مليحة تتحدث معه وتشعر انه سارح ومشغول رغم سماعه لها ، بأمر آخر ، على لسانه سؤال وكلام  يتردد في البوح به لها  فبادرته بالقول:-
نعم يا أبو مطشر  حدسك وتوقعك وشكك صحيح تماما  فانا ((غنوده)) التي  عرفتها سابقا وقد ماتت   لتولد بمحلها ((مليحة )) الشيوعية زوجة الرفيق الشيوعي ((مشتاق)) السجين  في نقرة السلمان  لعشرة سنوات ... فبعد  ان افترقنا  وعلمت بهروبك من المدينة تعرفت مشتاق بالصدفة  فكان ودودا  طيبا صادقا  .. يفيض حبا وحنانا وإنسانية ، كان يعمل في احد محلات  (معيوف )) للقماش  ، كانت لنا علاقة حب  كبيرة  توجناها بالزواج  وترك معيوف وزمرته  .... ترك  ((مشتاق )) العمل معه  وتوارينا للعمل في    بغداد ... الي حين إلقاء القبض عليه قبل اقل من سنة  من قبل الأمن  وحوكم محاكمة شكلية  بدعوى قيادته للتظاهرات  وتوزيعه للمنشورات ..... بقيت لوحدي  ، كلفني الحزب للتفرغ  لإدارة الأوكار الحزبية  والقيام بمهام  مختلفة  في مختلف المدن العراقية  ... ومنذ ذلك الوقت نذرت نفسي وجهدي وكل حياتي للحزب ولزوجي الحبيب الذي انتشلني من مستنقع الرذيلة والانحطاط والتردي... كان مشتاق ضحية  انهيار احد الرفاق في السجن تحت التعذيب ... وها أنا الآن  أقوم بدور الأخت ألخبازه للرفيق  ((عاصف )) الذي هو أنت  للعمل من اجل  طباعة وتوزيع  منشورات الحزب وبياناته  ... فمن هذه اللحظة أنت أخي ورفيقي في النضال علينا إسدال الستار على الماضي  الذي تعرفه وأتمنى ان تكون بمستوى المسؤولية الكبيرة ...
أصيب  ((عاصف )) بالذهول والعجب  مما سمع ومما رأى كيف دارت الأيام وما هو سر هذا الفكر  في تغيير سلوكيات الناس   من حال الي حال لا   يمكن تصورها في الخيال ... وإلا من يصدق  ما وصل إليه ((مظلوم) الفلاح والعربنچي   الجاهل الي ما وصل إليه ، ومن يصدق ما وصلت إليه ((غنوده)) الغجرية  لتكون مليحة  المناضلة الشيوعية تضحي بشبابها وراحتها ومتعتها من اجل قضية كبرى تجر عليها الويلات من سجن وتشريد وتعذيب ..
أمام مثل هذه الصورة والتحولات الكبرى في حياة الناس ومثالها مظلوم وغنوده... والأمثلة الكبيرة لشياع ومشتاق وأستاذ منير ونوماس وجمال  ووو عظم أمام عيني((عاصف )) الفكر والحزب ومسيرته الكفاحية الجبارة  .. فضاعف حماسه  واقسم ان لا يدخر جهدا من اجله...  وان تكون علاقته علاقة الر فقة والأخوة  الصادقة النقية البعيدة عن الغرائز  الحيوانية  ب (0مليحه )) بعد ان ماتت والى الأبد   ((غنوده)) على يد المناضل  (( مشتاق))...
واصل ((عاصف )) عمله في المطبعة ،ازدادت نشرات الحزب وبياناته على بعد قيام ((جبهة الاتحاد الوطني)) بين القوى  الوطنية العراقية ، اثر الجهد الكبير والتبدل النوعي في  سياسة ونشاطات الحزب فأصبح له دور كبير  في قيادات نضالات الجماهير العراقية من اجل التحرر والانعتاق ...
كان عاصف يتابع  بألم كبير أخبار  الانقسامات  والخلافات والصراعات بين القيادات الحزبية  ، التي كانت لاتعدوا ان تكون خلافات شخصية من اجل  تبوء المواقع العليا في القيادة  الحزبية  .
  " أي ولك يمظلوم هذوله هم مثل  شيوخ الأفخاذ عدنه كله أتريد تصير شيوخ عموم وتگوم تامر وتنهي ، هاي احنه وين ما نروح  شايلين امراضنه ويانه، چا وين الوعي  والفكر  "
بعثت في روحه الأخبار الأخيرة  بوحدة الفصائل الشيوعية  بفضل حنكة ومهارة  وكفاءة الرفيق ((سلام عادل)) مزيدا من القوة والاندفاع والحماس فظل يسهر الليالي لطباعة  منشورات الحزب  وبياناته وأبدع في  صيانة الطابعة والمحافظة على كفاءتها لأنها كانت  ذات أهمية استثنائية في مثل  ظروف الحزب   آنذاك ، كان و ((مليحة )) يبدعون أساليب ووسائل استلام وتسليم الرزم  المطبوعة .. كانت هذه المطبوعات تلهم حماس الجماهير والتفافها حول الحزب الشيوعي وتبينها لسياسته وبرامجه  وتزيد من استعدادها  للتضحية من اجل  تحقيق أهدافه  المتمثلة في ((وطن حر وشعب سعيد))،  هذا الشعار الذي أصبح  يتردد على كل لسان نظرا لعمق وبلاغة وغنى مضمونه.. كانت  السلطة  تفقد صوابها لعدم قدرتها على  كشف هذه البيوت والأوكار السرية للشيوعيين ومطابعهم .. رغم جيش مخبريها السريين ووكلاء أمنها ومخابراتها  التي  باءت بالفشل ولم تستطع إخماد صوت الحزب الذي ظل عاليا ومسموعا في كل المناسبات الوطنية  والقومية والأممية عبر منشوراته ومسيراته وتظاهراته الداعية للخلاص من الحكم التابع لقوى الاستعمار  والرجعية .. والعمل  للحفاظ على الثروة الوطنية   العراقية وان تكون  لصالح  كادحي الشعب  وجماهيره الفقيرة والمهشمة ....
كان((عاصف))  يتواصل مع عائلته بين حين وآخر وكلما سنحت الفرصة  للقيام بذلك وقد يستمر غيابه عنهم لعدة أشهر....  فقد أصبح ((مطشر)) قائدا طلابيا  معروفا ، وتألق(( كفاح)) في دراسته ، وقد رزق ببنت اسماها ((سوزان )) لازالت في دور الصبا ... كانت العائلة تتدبرعيشها من خلال الدنانير القليلة التي خصصها الحزب  لهم  نظرا  لتفرغ  والدهم للعمل الحزبي ، كما ان ((نوماس))  كان  يمدهم  ببعض المساعدات رغم انقطاع ((مطشر )) عن العمل بسبب  انتقاله الي بغداد للدراسة  في كلية الحقوق ... وكانت ((مليحه )) ما تحصل عليه  ترسله لحبيبها وزوجها السجين ..
من خلال المناشير والأدبيات المطبوعة من قبله ولقاءاته المتقطعة بالرفيق ((سعدون )) كانت الكثير من البشائر  لقرب يوم وفجر جديد في العراق يلوح في الأفق .. هناك معلومات عن قوة تنظيم الحزب والحركة الوطنية عموما وهي تزداد بشكل مدهش في القوات المسلحة ضباطا وجنودا  ومراتب ... تشكلت قواعد وخلايا رصينة للحزب في الريف والمدن والقرى العراقية  من أقصاه الي أقصاه ، أصبحت المنظمات المهنية والديمقراطية قوة فاعلة في الحراك الاجتماعي  والسياسي العراقي  كاتحاد الطلبة والشبيبة  ورابطة المرأة  والجمعيات الفلاحية والنقابات العمالية  ونقابات الأطباء والمعلمين المحامين ،الصحفيين العراقيين .. وخصوصا في قطاع السكك والكهرباء والنفط والموانئ والنسيج الخ .......
في أوقات الاستراحة التي تتخلل ساعات العمل يجلس ((عاصف)) و ((مليحه)) حول قوري الشاي وبعض ماتعمله  ((مليحه)) من ((الكليجه)) بالسمسم  او بعض أرغفة الخبز الحار بعد  إنهاء وجبة من الخبز  ليتناقشون ويتبادلون الرأي في مختلف الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد او مناقشة بعض البيانات والبلاغات الحزبية التي كانت تصدر عن قيادة الحزب ... كانت أحلامهما تحلق عاليا في عالم الخيال والأمنيات لما ستحققه الثورة  القادمة والتي سيكون لحزبهم دور كبير في قيادتها .... ما ستحققه للعمال والفلاحين والنساء والشباب  ، يتفقون على ان الثورة  ستعمل على  :- القضاء على البطالة وستدور آلاف المعامل والمصانع في البلاد ، كذلك سيتم توزيع الأرض على الفلاحين والتخلص من الإقطاع البغيض ،  ستزول بيوت ((التنك)) و((الطين))  لتحل محلها البيوت الجميلة المضاءة والصحية لعموم أبناء العراق ، ستضمن الثورة حياة كريمة وسعيدة للغجر كما تتمنى مليحة فيتخلص أهلها من حياة الامتهان والمذلة فيصبحون مواطنين  عراقيين   يتمتعون بالجنسية العراقية  والتساوي في الحقوق والواجبات مع بقية إخوانهم العراقيين ن تفتح المدارس في كل مكان ويتم القضاء على الأمية والجهل ، تنشر دور العلم والجامعات  والسينما والمسرح والمكتبات في كل مكان ، يعيش العراقيين  بدون تمييز على أساس الدين او العقيدة او الجنس  او اللون ......ووووووو
كانت مليحة تتساءل
لكن رفيق هل ترى ان القوى المعادية التي تضرر من الثورة  هل ستسكين ،  وكيف  سيتم التصدي لها ؟؟؟
-   والله  يا مليحه  بالتأكيد هذوله ما راح يسكتون وبالخصوص  شركات النفط  والإقطاعيين وأتباعهم من الدجالين ... ومن لف لفهم من الطفيليين  وسراق الثروة الوطنية العراقية... طبعا ستشتد طبيعة الصراع الطبقي بين أنصار الثورة وأعدائها بين جموع الكادحين والمهمشين وبين بقايا وشراذم وأنصار القوى الاستغلالية والطفيلية وبدعم من القوى الرجعية والرأسمالية في العالم وبالخصوص أمريكا وبريطانيا وحلفائهما...
-   ولكن اللي  أشوفه ان الجماهير سوف تدافع عن مصالحها ولن تسمح بالردة .... لكن اليخوف صدگ يارفيقه  آني خايف من الخلافات  والصراعات بين رؤوس الحزب  ، بين من هم في السجن ومن هم في الخارج ... خصوصا واحنه شفنه هذا الصراع بالعمل السري والظروف الصعبه فبالتأكيد سيكون اشد وأصعب في ظروف العمل العلني وإغراءات المناصب والمكاسب.. وهذا الأمر سيضر ضررا بالغا بقضيتنا وعلى الهيكل التنظيمي للحزب...
-   أكدت مديحه ما  ذهب إليه ((عاصف)) قائلة أنا من خلال تجربتي وخبرتي الطويلة مع الرجال  والنساء ومن خلال عمليآخر.نا  التقي بأفراد من الظلم  حقا ان يسموا بالشيوعيين او الشيوعيات...
-   هل تعلم يا رفيق مدى المصاعب التي واجهت الرفيق ((مشتاق)) ليضمني للحزب لا لشيء إلا لأني غجرية وليس لأي سبب آخر ... وهذا ما يتناقض تماما مع  ما يدعو له الحزب والفكر الشيوعي عموما في احتضان واحتواء المظلومين  وخلاصهم وزجهم في آتون النضال من اجل حريتهم وكرماتهم باعتبارهم ضحايا بنية اجتماعية واقتصادية معينة  تتميز بالاستغلال والاستلاب  وامتهان كرامة الإنسان ومنهم الغجر.... واني أرى ان  الإنسان من الصعوبة بمكان ان يكون شيوعيا  فكرا وتصرفا  وسلوكا  وكل منا يحمل قدر من قذارة  وتردي الواقع الذي نعيشه في لا وعينا.......
-   وبعدين يا رفيق  انته تشوف اشلون تتخذ القرارات فنحن  نتلقى وننفذ دون ان يكون لنا  دور فاعل في  القرار  ولا في طريقة تنفيذه وهذا مرض ربما سيمتد مع قيادة الحزب لما بعد  مرحلة العمل السري وهو أمر خطير سيؤدي بالتأكيد الي الفردية والديكتاتورية  والبيروقراطية في عمل الحزب .. ولو آني عله گد حالي من الفهم والاستيعاب ولكن هناك أمور يمكن ان يفهمها الإنسان  على بساطته خصوصا إذا كان صادقا  مع نفسه وفكره... وإلا  كيف يمكننا ان نفسر  سيادة دكتاتور او مستبد في حزب شيوعي يؤمن بالقيادة الجماعية ويحترم   رأي كل رفاقه  لازالت لا تدعو  الي النقيض  الفكري . وهذا ما حصل في الحزب الشيوعي الشقيق.. والتي لم تكشف إلا بعد وفاته ولا أظن أنهم قد وضعوا لها الآليات والأساليب التنظيمية والفكرية التي تمنع من ظهورها مرة ثانية.... ظل ((عاصف))طشر إذا اگلك هذا الحال يشبه حال عشائرنا ، فلشيخ العشيرة الرأي  الأول والأخير في اتخاذ القرارات  فيما يخص  عشيرته وحفاظه على انتقال الشيخة بين  أبناءه  بالوراثة وعلى أفراد العشيرة البسطاء  الخضوع والتنفيذ ... يعني شويه ساعدني رفيق  آني يجوز ما اگدر  اعبر عن ما يدور في  راسي من أفكار  لكن اگول لو چان اكو حرية التعبير عن الرأي لقاعدة الحزب وقياداته الفرعية لما أصبح ستالين دكتاتورا وإلا أين القيادة الجماعية للحزب  أين المكتب السياسي واللجنة المركزية وقيادات المناطق ووو... وهنا  يمكننا ان نقول ان هناك خللا  ما مجود في  بنية الحزب ككل متعارضة تماما مع الفكر الماركسي .... فإما ان  يكونوا على درجة كبيرة من اللاوعي او أنهم مغلوبين على أمرهم بفعل شللية  القائد  وأحكامه السيطرة  على السلطات والأجهزة القمعية في الدولة والسلطة  ، ماذا يعني انتخاب السكرتير مدى الحياة ....  هل الحزب والمجتمع  الذي صنع هذه الشخصية غير قادر على خلق مثيلها او أكفأ منها .. وان كان الأمر كذلك فمعنى  ذلك ان الفكر الماركسي بكامله على خطأ  الذي يرى  ان  ليس هناك فروق كبيرة بين بني البشر إلا بقدر اختلاف ظروف حياتهم  واختلاف البنية الاجتماعية الاقتصادية التي يعيشون في كنفها .......
-    ظل  ((عاصف)) مذهولا  ومندهشا من حديث  ((مليحة)) هذه الأفكار والتصورات والآراء التي كانت تدور في مخيلته ولكنه  لم يستطع التعبير عنها  كما عبرت عنها  ((مليحة )) ... يبدو إنها لم تكن خبازه فقط أنها بحق مفكرة  ومنظرة  وتمتلك من الجرأة والقدرة مما لا يمتلكه الكثيرون ...
-   والله يارفيقه مليحه آني  ما چنت اتصورچ بهل الثقافة والقدرة على التعبير وكأنك قد قرءتي أفكاري وتصوراتي ... يبدو  ان الرفيق ((مشتاق))  كان مفكرا فذا ورفيقا شيوعيا  كفوءا  .... عمي انتي مو خبازه انتي ((كروبسكايا))*...
-   ضحكوا  وأداروا  أقداح ((الشاي  خمرة الثوار)) كما  يقول الرفيق فهد
وعلى حچايتچ  رفيقه  يصبح قائد الحزب كالمرجع الديني    مقدس لا يرد له قول نقي  خالص من الدنس ... استل  أبو مطشر سيكارة مزبن  من داخل علبته المعدنية ولعها من ((الچولة )) التي كانت أمامهم .....والله يارفيقه إحنا بالنسبه للشيوعية   أخذناها منهج حياة  ونريدها مثل ما فهمناها   من الكتب ومن  محاضرات الرفاق  الكبار .....
هسه يارفيقه تخل تچي الثورة ويحلها ألف حلال ... نخل تنكسر المچرشه والله كريم ههه
بدت مها كثر جدية وصرامة في  حديثها نظرت إليه وهي تنفث حسرة عميقة وتقول :-
وهاي هيه المصيبه الچبيره يا رفيق ... يبدو ان  حالتنا كحالة الأم الحامل التي  تجهل جنس مولودها  هل هو ذكر أم أنثى  ولا هي بأي شهر من الحمل  .. وإذا كان  احد الجنسين فلم يفكر الأبوين باسمه ، كذلك لم تحضر له والدته  الملابس والدثارات اللازمة عند  ولادته ، ولم تجري اللقاحات  الواجبة  لوقايته قبل ولادته  ولا  تمتلك قابلته الأداة النظيفة والأسلوب الأمثل لقطع حبله السري وبالتالي قطع علاقته بشكل سليم  مع   بيئته السابقة ، وعندها سيتعرض المولود الي الإصابة بمختلف الإمراض والعاهات  وان عاش فسيعيش ضعيفا وهنا  مشلولا او شبه مشلول تسيره الظروف المحيطة وغير قادر على مقاومتها... وستبدأ مشاكل وشجارات والديه منذ يومه الأول حول  اسمه  وحول من سبب له المرض والإهمال وووووو
 هذا الحديث البليغ  والعميق من قبل ((مليحه)) أعاد ((عاصف )) الي سابق جديته ومتابعته للحديث  قائلا :-
رفيقتي العزيزة أنا اتفق معك تماما في ما تقولينه ، وأقول صراحة  أنا تعلمت منك كثيرا  يبدوا انك لم تعجنين الطحين فقط  ومن ثم تخبزينه فيكون خبزا حارا شهيا  بل أنت تعجنين الأفكار والأسئلة  ثم  تخبزيها في فرن الحياة والفكر الماركسي لتأتي بمثل هذه الروعة والدقة والعلمية ، ولكننا لم تتاح لنا فترات النقاش  وتداول الرأي إلا  أوقات استراحتنا المحدودة ، ويبدو لي ان اغلب الرفاق وخصوصا في القيادة  لم تتاح لهم فرصة  هدوء واستراحة  لغرض أثارت مثل هذه الأسئلة والأفكار وإنما انهمكوا تماما في الوضع التنظيمي والسياسي والفعاليات الجماهيرية ففاتتهم  مثل هذه التساؤلات ... ولكني أقول ان ما بعد الثورة سيكون انشغالهم اكبر  وبذلك  تبقى هذه الأسئلة والإشكاليات  من دون إجابة  مدروسة  وقد نتعرض نتيجة ذلك لأخطار كبيرة .... الموقف من الوحدة العربية ، ومساواة المرأة والرجل ، والقضية القومية للقوميات الأخرى الكردية والتركمانية وغيرها ، الموقف من الدين وكيفية التعامل مع المتدينين  ، االارض  وكيفية توزيعها على فقراء الفلاحين: تأميم الثروة النفطية ، التعامل مع القوى والأحزاب الوطنية بمختلف  انتماءاتها وتوجهاتها  ووووو...
نعم  رفيقي العزيز  وأنا أرى  ان مثل هذه الأسئلة والإشكاليات  يفترض الإجابة عليها في مؤتمر للحزب الذي لم يعقد مؤتمره الثاني منذ  التأسيس ولحد ألان  ليتم من خلاله رسم سياسة الحزب ومواقفه المختلفة الحالية والمستقبلية وخصوصا احتمالات التغيير التي تبدو في الأفق القريب ... يجب تعميق الممارسات الديمقراطية المركزية الواعية داخل التنظيمات الحزبية  وإشراك أعضاءه وأصدقاءه في رسم وتنفيذ سياسة الحزب وخطه الفكري ومعرفة ماذا يريد .... بالتأكيد أنت تعرف  ما جرى وما يجري داخل سجن نقرة السلمان وبقية السجون الأخرى  التي تغص بالشوعيين  وكوادره من مختلف المستويات وطبيعة الخلافات  والممارسات  هناك .... يجب عدم إغماض العيون عنها بل دراستها وفهم جذورها وأسبابها  وإمكانية علاجها.لأنه كمالي سيصبح الحزب أشبه بسفينة من دون ربان   وان  وجد الربان لا يمتلك بوصلة  كفوءة .. وبالتالي ستصبح كل القوى الوطنية والديمقراطية  بدون ربان وليس لحزب وحده ... لأنه  كما نرى هو القائد الأكفأ والأقدر لقيادة عملية التحرر الوطني الديمقراطي ......
 نعم  رفيقتنا العزيزة والآن  خلص نفط ((الچولة)) والچاي برد ، وهسا كلمن يروح لشغله ، ومثل ما احنه هسه  نفكر  بهل  الأمور أكيد الكثير من رفاقنه يفكرون بمثل هذه الأمور  ، المهم الآن ان نضع ثقتنا الكاملة بقيادتنا  ونترقب  قوادم الأيام الحبلى بالكثير من الأحداث ...... بعد عدة ايام تعزز الوكر بالأم ((تسواهن )) وهي  رفيقة  متوسطة العمر   تمتلك وعيا  سياسيا وثقافة رفيعة ومعلومات غزيرة في مختلف  جوانب الحياة وتجيد اللغة العربية والكردية والتركمانية والانگليزية  بالإضافة للغتها الأصلية العبرية - فهي كما علموا رفضت مغادرة وطنها العراق فقررت البقاء وقد  تزوجت من احد الرفاق في الحزب  ورفضت  الهجرة  مع  أبناء قومها اللذين  اسقطوا الجنسية العراقية  وهجر  عددا كبيرا منهم الي فلسطين المحتلة   بالتنسيق بين الصهيونية العالمية والسلطات الرجعية،  و بسبب الخوف من ما  يتعرضون له  من قبل قوى شوفينية  متطرفة او دينية متشددة  بالتواطوء مع أجهزة الأمن الحكومية كا الهجوم على بعض دورهم العبادية من قبل قوى ((مجهولة))-  ،  كانت  الرفيقة ذات مهام كبيرة ومتشعبة ومنها كتابة وترجمة وتصحيح المقالات والبيانات بمختلف اللغات ... كانت تقوم بكل ذلك وكأنها ابنة الأربعة عشر سنة  بسرية وهدوء تام  ،تبدو كأم   بسيطة طيبة من جنوب العراق ..... واستطاعت ان تُغنِّي  ((عاصف)) و((مليحة )) بالكثير وان تسمع منهم الكثير دون تكلف و ادعاء ......وهكذا مرت   الأسابيع والأشهر والأمور تسير بشكل مرضي ، وقد كانت مناشير الحزب تشير الي تصاعد المزاج الثوري بين الجماهير الشعبية، وتوطد العلاقات مع القوى والأحزاب الوطنية الأخرى وبمستويات متفاوتة........ وذات يومالأخبار المتفائلة من شهر تموز 1958 كاد((عاصف)) ان يطير من الفرح وهو يطبع منشورا للحزب  باللغة العربية والكردية والتركمانية يبشر  بقرب فجر جديد .. ويوجه كل منظماته الح

152


أمنيات عام  جديــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد




حميد الحريزي



لا  أتمنى ان يحب لي
ما يحب لنفسه
أتمنى ان يدلني
على مؤذن  تحترمه
مئذنته
****************
لا أتمنى عليك ان تدفع
أجرتي
كل ما أتمناه
ان تقرئنا السلام
عند ركوبك
الباص
*****************
 لا أتمنى عليكم
ان تزرعوا
الجديد
كلما أتمناه ان
لا تطفئوا أعقاب  سجائركم في
تويجات
أزهاري
**************
الورد
ينث عطرا
 في
أيادي العشاق
لكنه ينتحر عند أبواب
القبح
لا أطلب منكم عدم القطف
كلما أتمناه  ان لا يكون  الورد باقات من
رياء
***************
حمامتي أطلقتها للريح
حمامتي لا تحتمل
الأقفاص
 لا أتمنى عليكم  إطعامها
كل ما أتمناه
ان لا تدخلها أسرابكم باسم الإخوة
في
قفص جديد
**************
صديقي
لا  أتمنى عليك ان تدفع الموت
عني
كلما أتمناه ان تكون
صادقا
لأنك صندوقي الأسود
حين  يلفني
العدم

 أواخر  ديسمبر 2011



153



مجلة الحرية تحضر  ندوة فضاء الثقافة في النجف المنعقد
تحت عنوان
((حوار الأديان الأهداف والآليات))


 

                         
رأي هيئة تحرير  مجلة الحرية في ما يدعى بحوار الأديان والذي ترى انه كان  اقرب للواقع والهدف المنشود لو  سمي ب(تعايش الأديان)
بسم الله الرحمن الرحيم (( وجادلهم بالتي هي أحسن)) النمل
((الناس نوعان إما أخا لك في الدين أو نظيرا لك في الخلق)) الإمام علي في وصته لمالك ألاشتر
مقدمة:-
بعيدا عن الجوهر الحقيقي للأديان والمتمثل بالتعايش والتسامح والمحبة بين بني البشر على مختلف عقائدهم ومذاهبهم ، والابتعاد عن السمو الروحي الذي يرتفع بصاحبه فوق أنانية النفس الفرية  لينقله إلى  الهم الجماعي الإنساني ، شهدت البشرية خلال تطورها العديد من الحروب المريرة المدمرة بين معتنقي الأديان والمذاهب والطوائف وعرضت حياة الإنسان وأمنه ورفاه لأبشع أنواع القهر  والاستبداد والإقصاء ولنا في التاريخ القريب والبعيد الكثير من الشواهد على هذه المآسي .
 من اجل مصالح فئة أو طبقة أو حاكم أو سلطان أو إمبراطور أو أمير تجري عملية تحريف وتزييف النصوص  الدينية وسيرة الأنبياء والأوصياء  لإدامة حكمهم أو زيادة ثرواتهم وتغطية جشعهم واستغلالهم.... تحت ذريعة نشر الفضيلة والإيمان واجتثاث الكفر والانحراف ومعاداة واجتثاث الآخر .. مبتعدين بذلك عن المعنى والمضمون التأسيسي للدين وجوهره الحقيقي.. يساندهم في ذلك وعاظ السلاطين ممن تزيوا بزي الدين والإيمان وخدمة الفضيلة والحق زورا وبهتانا... وقد جندوا كل معارفهم ومكرهم وشيطنتهم خدمة لمصلحة أنانية  ولصالح سلطة مستبدة غاشمة تريد أن تستعبد الإنسان  بعد إن خلقه الله حرا.....
فلا موسى عليه السلام فضل اليهود على الناس أجمعين ولا عيسى المسيح دعا لبيع  صكوك  الغفران وإقامة محاكم التفتيش وقيادة الحروب الصليبية ولا نبينا محمد (ص) وعلى اجتثاث من لم ينتسب لدينه ورسالته الإنسانية الشاملة.
إن الله جل جلاله أمر الملائكة أن يسجدوا لآدم أبو البشرية جمعاء قبل أن يكون أبونا آدم يهوديا أو مسيحيا أو مسلما  فعلام نحن مختلفون؟؟؟؟
إن تعدد الأديان والمذاهب والطوائف الدينية السماوية منها والوضعية إنما هي سمة أساسية في الحياة الدنيا مثلها كمثل ((قطعة قماش ملونة ومزركشة )) كما وصفها المفكر  الأمريكي د...هوستن سميث إن نظرنا إليها من الخلف رأيناها عبارة عن فوضى وأشباح ومسوح ، وان نظرنا إليها من الأمام شاهدنا لوحة رائعة الجمال متناسقة الجمال صممها فنان  قدير ... بمثل هذه الرؤية والنظرة العقلانية  الواقعية يجب النظر  لتعدد  الأديان .......
نخلص مما سبق إن حروب الاقتتال والإقصاء الديني والطائفي إنما صنعها مصنع وابتدعها مبتدع بعيدا عن جوهر وروح الرسالات الدينية المتعايشة بسلام وأمان.....
إيمانا بما ذكرنا تداعت الكثير من القوى والشخصيات من مختلف الأديان والمذاهب من اجل التحاور وتبادل الرأي والتشاور لغرض كشف أقنعة المنتفعين والمزيفين والمغرضين من أرادوا بالأديان ونهجها الإنساني السمح شرا، والعمل  على فضح أساليب  التفرقة والاقتتال بين بني البشر... حيث أدركت هذه القوى ضرورة هذا الأمر في عصرنا الحالي الذي أصبح فيه العالم ليس قرية صغيرة بل عبارة عن بيت واحد بعدة غرف... وقد أعطت هذه الجهود ثمارا طيبة على طريق السلام والوئام بين مختلف الأديان والمذاهب.... لكن قوى الظلم والظلام لا يمكن أن تعيش إلا على ركام الحروب والتفرقة والاحتراب بين البشر ومن هذه الحروب وأخطرها على الإطلاق الحروب بين الأديان والمذاهب والطوائف نظرا لأنها  تلبس لباس الدين والمقدس لتضليل العقول..
مما يستدعي وعيا عاليا من قبل علماء وعقلاء هذه الأديان للعمل بروح وجوهر الرسالات ويتمثلون قول  الملائكة  كما ذكر احد  القديسين إن الملائكة يسبقون الإنسان وهم يقولون ((أفسحوا الطريق لصورة الله)) الواحد الأحد رب كل الكائنات والمخلوقات وكل بني البشر...
نرى إن هذا الأمر هو ما حفز فضاء الثقافة في النجف وبالتعاون مع جامعة الكوفة التي تبنت عقد مؤتمر عالمي لحوار الأديان في المدينة عاصمة الثقافة الإسلامية إلى عقد هذه الندوة الحوارية التشاورية التداولية تحت عنوان (( حوار الأديان:- الآليات والأهداف))  هذه الندوة التي تنادى لها العديد من رجال الدين الأجلاء والأساتذة الفضلاء وعموم مثقفي النجف الكرماء اللذين يهمهم امن وسلامة وتآخي بني البشر لتكون مدينة النجف الاشرف  منارا   للتسامح والتعايش بين الأديان....... انعقد شملهم وتبادلوا الرأي حول الهدف المطلوب والمرجو من هذه المؤتمرات وهو نشر روح التآخي والتسامح والمحبة والوئام بين الأديان  لكي ينتقلوا للخطو الثانية إلا وهي  وضع تصور عن  أفضل وأصلح وأكمل الآليات التي سيتم إتباعها لعقد هذا المؤتمر وغيره من المؤتمرات ونجاحه وتحقيق الأهداف المرجوة منه.... ونتيجة للحوار والنقاش وتبادل الرأي يجب إن تتبلور توصيات يتفق عليها  لوضعها إمام  اللجنة التحضيرية الموقرة للمؤتمر المنتظر انعقاده لتكون خلاصة خبرة السادة المحاضرين في الندوة ومداخلات الحضور الكرام .. للاستفادة منها  لتلافي الثغرات والانتكاسات التي حصلت خلال المؤتمرات السابقة....




وقائـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع الندوة *

*************************************************************

 
وقد أدار الندوة الأستاذ الشاعر  عبدا لله الجنابي رئيس تحرير  موقع فضاء الثقافة في النجف بالترحيب بالحاضرين  مع إشارته   متأسفا  الى غياب الدكتور عقيل عبد ياسين رئيس جامعة الكوفة عن الندوة علما إن الندوة أقيمت  لتكون الندوة طرفا  رئيسيا فيها ... كما أشار الى   الحراك الفكري والثقافي في العراق رغم ما يمر به البلد وإنسانه من محن... رحب أيضا بحضور الأديب الدكتور  عضو مجلس النواب العراقي علي لشلاه....
 ثم طلب من الأستاذ الدكتور عبد الأمير زاهد  لعرض ورقته.. الذي أشاد بإقامة مثل هذه المؤتمرات  قبل عقد  المؤتمرات  لغرض إنجاحها وإثراءها بآراء ذوي الشأن ...  ذكر االدكتور زاهد بان الغرب قد تخلى عن مبادئه العلمانية  وأعطت الكثير من التنازلات أمام أنصار الأديان... ثم  تحدث الدكتور بإسهاب عن  وجهات النظر المختلفة بحوار الأديان .... وخلص الى ضرورة   منع  توظيف الدين في السياسة والعكس ، ابتعد الدكتور كثيرا عن عنوان الندوة ...  وقد طرح رأيا خطيرا ما معناه إن احد الطوائف الإسلامية تقف تماما مع القاعدة وتساند مواقفها... ما  اثار رد من قبل بعض الحاضرين ومنه الأستاذ مهدي ألزرفي...
ثم تحدث الأستاذ سامي المعمار متحدثا عن  الجهود المبذولة   لمنع الفرقة بين  أبناء الوطن الواحد  ا لعراق... قرء ملاحظات السيد سعد ضياء الفياض  من منظمة ملتقى الأديان الذي ارتأى إن يكون العنوان التقارب بين الأديان وليس الحوار بين الأديان.... كذلك تساءل عن آليات المتبعة في  الدعوات الموجهة  للاشتراك في المؤتمرات ويفترض إن ندعو من  يقر الحوار والتقارب  وليس المتعصب الرافض ...  وقد رد مدير الندوة  عبدا لله الجنابي إننا يجب إن ندعو الذي لا يقبل  وإلا  ما لفائدة من دعوة من يقر اللقاء والتقارب؟؟؟
كما تساءل الفياض عن الضوابط والآليات في منح الأوسمة في هذه المؤتمرات؟؟؟
ثم  دعيت الدكتورة عضو مجلس النواب راعية الندوة لعرض ورقتها باعتبارها  ماجستير  عن الأقليات الدينية.. التي أشارت الى وجود التعددية الدينية عند العرب قبل الإسلام .. والى ضرورة التسامح بين الأديان والتسامح معناه قبول خطا الآخر فرغم عدم  قناعتنا بالخطأ ولكننا  بذلك  نتمثل المعنى الحقيقي  للتسامح..
 نقل الحديث للأستاذ الشاعر الدكتور عضو مجلس النواب علي شلاه الذي أشاد بالحوار بين الأديان... وضرورة لقاء من يقبل بالحوار... لتكون الأطراف الرافضة محرجة أمام الأطراف المتحاورة... ثم نقل الحديث للأستاذ مهدي ألزرفي... مؤكدا نجاح الندوة التي عقدة من قبلهم رغم ببعض التشنجات ... لا يمكن فصل الدين عن السياسة.. من حقنا أن نحرم بعض الممارسات المحرمة في الإسلام كشرب الخمر مثلا....
 انتقل الحديث والمداخلة للدكتور عبد علي الخفاف عميد كلية الآداب الذي كان حديثه مركزا ومستشهدا بالأرقام حيث ذكر إن هناك 33 ألف ومعتقد في العالم
125 دين يعتنقها أكثر من مليون نسمة
23 دينا رئيسا  بظمنها العلمانية واللاادرية والملحدين
60% من 7 مليار يتوزعون ما بين الإسلام والمسيحية....
 قائلا إننا الآن في عصر التكنولوجيا المعاصرة التي جعلت   معتنقي الأديان والطوائف والأعراق يقابل احدها الأخر مما يتوجب عليها إن تعيش بسلام وألفة وقبول الأخر...  إن الصراع ليس بين العقائد بل بين السلوكيات   متنبأ إن المرحلة الزمنية القصيرة القادمة كفيلة بتلاشي هذه الخلافات والتنا حرات ليحل التناغم والتعايش بين بني البشر بمختلف  أديانهم وعقائدهم ومذاهبهم.... فالعصر العولمي الاممي يدفع الى تأسيس ثقافة الأديان وان  المعتقد  حق شرعي لكل منها.
الطائفية أمر واقع الخطر ليس في الطوائف الخطر في توظيف الطائفية..
الحضارة الغربية نموذج لتطور العقل البشري حصل في الغرب قبل غيره لأسباب  موضوعية وذاتية ... ذاكرا أمثلة من الحياة اليومية  للاستفادة من منجزات العقل البشري...
سال مدير الندوة الحضور هل يمكن إن يبني  يهودي  معبدا له في الفاتيكان وهل يمكن أن يبني المسيحي كنيسة له في مدينة مسلمة والعكس.... سؤال افتراضي
 عقب عليه الأستاذ لشلاه قائلا من الناحية النظرية نعم ولكن من الناحية العملية  والواقع المعاش  لا ... وذكر مثلا معاشا من قبله لأحد الممارسات التي  تثبت ما ذهب إليه.
 نقل الحديث للأستاذ سليم ألكتبي الذي طالب بضرورة بناء بنية تحية مناسبة وملائمة للحوار وبدون ذلك كل نقاش عبثي ،  ضاربا مثلا رياضيا باعتباره دكتوراه رياضيات إن:-
خمسة أسس للحوار يمكن أن تنتج لنا 33 مليون علاقة !!!
ثم تحدث الدكتور جواد الجنابي قائلا إن الحوار غير قائم أساسا ولا يتفق مع عقائد الإسلام وخصوصا المذهب الشيعي الذي  يؤمن بالمهدي المنتظر ليخلص البشرية من  الجور والفساد...
 أعطيت الفرصة لحميد الحريزي رئيس تحرير  مجلة الحرية الذي أشار الى ضرورة أن تبلور  الندوة توصيات ملموسة تمثل رأي المتناقشين والمحاضرين لغرض  وضعها أمام  أنظار اللجنة التحضيرية   في  جامعة الكوفة بعد إقرارها من قبل الحضور أو  ...والذي لأجله  جاءت الندوة الحوارية حيث  إن المجتمعين ليس بديلا عمن سيحضر المؤتمر ولكنهم  يثبتون وجهات نظرهم وآراءهم  ليكون المؤتمر القادم ناجحا ومنتجا مؤديا الغرض المقام من اجله......
ولكن مدير الندوة ارتأى إن  تتم صياغة المقترحات والتوصيات  لاحقا ، نرى إن  ذلك يعد  نقطة سلبية تحتسب على الندوة  والذي لم يكن جديدا على مثل هكذا ندوات  فغالبا ما تنتهي دون إن تبلور  توصيات  يمكن أن تستفيد منها الجهات ذات العلاقة....
•   نود الإشارة إن  وجهات النظر وأحاديث المذكورة في  عرضنا لوقائع الندوة هي ليست  نصوص حرفية بل  تمثل المعنى المقصود  بالأحاديث  وقد حرصنا أن يكون   غير مخالف للنص الحرفي لأراء وأحاديث المتحدثين محاضرين أو مداخلين مما استوجب التنويه .....

                                     مقترحات مجلة الحرية

                                         
وبهذه المناسب تجدر الإشارة الى إن  رئيس تحرير المجلة حمل معه  مقترحات وتوصيات نأمل  أن تلقى الانتباه  والاهتمام من قبل ذوي الشأن وبالخصوص من لدن السادة  أعضاء اللجنة التحضيرية لمؤتمر حوار الأديان القادم  وفي ما يلي نص  التوصيات:-
 
•   إن يكون المبدأ الأساسي في هذه الحوارات مبنيا على احترام حق الإنسان أن يمارس طقوسه وشعائره الدينية دون عدوانية من معتنق الدين الآخر بما في ذلك ازدراء دينه وتشويه معتقداته واهانة أنبياءه ورموزه  ، سواء كنا نؤمن بها أو لا نؤمن وفق مبدأ  لكم دينكم ولي ديني وكل حر في ما يعبد ويقدس ويعبد.
•   الابتعاد عن النهج والسلوك التبشيري وطرق الترهيب والترغيب في كسب الأعضاء من الأديان الأخرى، وعمل الاحتفالات  وتسليط الإعلام  عليه وكأنه  جندي أتى نادما من معسكر الأعداء لينظم  إلى معسكر الطرف الآخر   ... فيجب أن يعتبر أمر الإيمان الديني والمذهبي والفكري شانا خاصا شخصيا ناتج عن قرار حسم صراع داخل ذات الإنسان الفرد وهو حر في قراره وتغيير قناعاته كما يريد دون أية ترهيب أو إقصاء أو ترغيب، مما يجعل العلاقة بين الأديان علاقة عدواه وتغالب  وامحاء  وتجعل من الإنسان المتدين  مكبلا بسلاسل  عقيدة أو دين أو فكر اعتنقه نتيجة صدفة بيولوجية لا دخل له بها، فهو أصبح محسوبا على دين آباءه واجداه  منذ الولادة....
•   نتمنى أن تكون الدعوات للمؤتمر وفق قدرات وكفاءة وسعة أفق المدعو لا بناءا على شهرته وبريق  اسمه وعلاقتنا الخاصة به، فيجب أن يكون عضو منتجا ومفكرا متنورا لاغناء المؤتمر بكل ما هو نير ويخدم أهدافه النبيلة ، أن يكون مفكرا   فاعلا منتجا وليس  معكرا مستهلكا للوقت  وللمال...
•    أن تكون اللجنة التحضيرية ولجان الاختصاص ممن لهم القرة  والاستعداد والحماس والجدية لانجاز مها المؤتمر وتحقيق أهدافه وليس اسماءا لا تمثل عناوينها تغدق عليها الألقاب والهدايا والأوسمة دون وجه حق ، فقد أصبحت بعض الوجه والشخصيات  تحتكر مثل هذه النشاطات الهادفة الهامة...
•   نام لان يكون للنساء حضورا بقدر كبر دورهن في المجتمعات المختلفة في إرساء قيم التسامح والتعايش كزوجات وأخوات ومربيات باالاضافة إلى كونهن من المفكرات  والناشطات الكفوءات القادرات على أغناء مثل هذه المؤتمرات بخبرتهن وعلمهن.
•    الابتعاد عن سلوك ونهج الإسراف والبهرجة والمغالاة في المظاهر والولائم التي تحاكي مظاهر وموائد الحكام وأساطين الثروة والمال، يجب تمثل روح الأديان في الزهد والتواضع ونبذ تمثل وتقليد سلوك السلطان، في عالم يضج بأصوات الجياع والمرضى والمشردين من الأطفال والشيوخ والنساء...
•   العم الضاغط والمؤثر على الحكومات من اجل وضع مناهج تربوية وتعليمية تقوم على نبذ التعصب والانغلاق  والاحتراب بين الأديان والطوائف، بل العمل على تعريف النشء الجديد بالمبادئ السامية لكل الأديان ونزوعه نحو السلام ... وكذا هو الحال بالنسبة للمؤسسات الثقافية والإعلامية الحكومية  و االاهلية  ومنظمات المجتمع المدني.....
ختاما نتمنى للمؤتمر القادم نجاحا كبيرا وان يكون نقلة نوعية في العلاقة بين الأديان والطوائف في طريق التعايش السلمي ونبذ التفرقة على أساس الطائفة أو الدين أو المعتقد الفكري وتامين حرية الإيمان والتفكير والعقيدة لكل بني الإنسان من دون تمييز

 
     حميد الحريزي
رئيس تحرير مجلة الحري
 

في 15-10-2011


154
من للمثقف ألنجفي يارعاة الثقافة في عاصمة الثقافة؟؟؟؟
رسالة موجهة من  :-
ملتقى سور النجف  الثقافي
إلى:-  السادة مسئولي السلطة ورعاة الثقافة في النجف الاشرف

السلام عليكم
نحن مشرفي وأعضاء وأصدقاء  ملتقى سور النجف الثقافي ، نعرض  أمام أنظاركم  رسالتنا هذه  آملين أن تحظى باهتمامكم ومتابعتكم ، والانتصار للقضية المطروحة   من خلالها
السيدات والسادة الكرام
كل الأمم تفخر بمثقفيها وعلمائها وتحرص كل الحرص على رعايتهم وتقديم الدعم بمختلف أشكاله لهم سواء أكان ماديا أو معنويا ، وذلك كون الكاتب والباحث الشاعر والروائي والفنان هو  الكنز والثروة الحقيقة للبلد وللشعب وللأمة وهو   من المعادن النفيسة   الذي يصعب الحصول عليها، لأنها قدرة وموهبة وإمكانية من غير الممكن تصنيعها ولكن من الممكن جدا تنميتها ورعايتها وتطويرها أو بالعكس طمرها والتفريط بها وتلافها .. لا نريد إن نسهب في هذا الموضوع كثيرا لأنه أصبح امرأ معروفا فالعرب جميعا وحتى المسلمين يفخرون بحصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل  للآداب لأنه استطاع أن  يضع اسم هذه الأمة ضمن  أسماء الأمم الأخرى في قدرتها على الإبداع والعطاء... الكتاب والشعراء والأدباء والفنانين والعلماء هم كنز الأمم الذي لا ينضب ولا يمكن ا يطويه النسيان فلا زال هوميروس وجلجامش وإضرابهما خالدين مخلدين في ذاكرة الشعوب.... في حين اندثرت أسماء الملوك والسلاطين والأمراء وذوي الثروة والمال والجاه......
القصد من هذه المقدمة البسيطة لفت أنظار المسئولين وذوي الشأن في  البلد عموم وفي النجف خصوصا عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2012 ، فمن الجدير بالمدينة أن تقدم كشفا لزوارها  من المثقفين والكتاب والأدباء  والمفكرين أشخاصا أحياءا وليس أمواتا فقط، منتجا حاضرا وليس تراثا مندرس فقط..
الشاهد هنا زميلنا واحد حملة القلم المبدع والمنتج الأستاذ جليل الخزرجى رئيس تحرير مجلة وحي الغري الباحث المعروف ذو الباع الطويل في إلقاء الضوء على الشخصيات الأدبية العلمية والأدبية والفنية والفكرية  الإحياء منهم والأموات في مدينة النجف في الماضي والحاضر ، وله مخطوط ضخم في تراجمهم وانجازاتهم ، وبالخصوص أسماء اللذين لم يحظوا بمكارم السلطان وأهل الجاه نظرا لتعففهم وزهدهم ورفعة نفوسهم وسموهم على الشهرة ومديح السلطان وذوي الثروة والوجاهة ، ولكونهم  من مناصري الحق والعدل والحرية ولابتعاد عن التزويق والتلفيق والنفاق طلبا للمال والشهرة...
كما  إن  للباحث حضورا مشهودا في إلقاء الضوء على الإرث الاثاري الضخم في العراق عموما وفي النجف خصوصا وبالتعاون مع دائرة الآثار في النجف وله في هذا الشأن العديد من الدراسات والمقالات المنجزة أو التي قيد الانجاز  ضمن طموحه الكبير في   إلقاء الضوء على  آثار ومآثر القدماء والمحدثين في النجف وفي العراق...
لقد ظل هذا الكاتب والباحث  طيلة حياته وفيا للكلمة الحرة رغم كونه يعاني من شظف العيش وضيق ما في اليد خصوصا بعد إن ضربة مطرقة العولمة الانفتاحية وانفلات الأسواق الغير مسبوق في العراق مهنته بعد انهيار الديكتاتورية فابتلعت الديمقراطية المعلومة مصدر رزقه... ولكنه بقى سخيا  لا يبخل بقوته  ومستلزمات وضروريات حياته من اجل إعلاء شان الكلمة  وإظهار وإبراز الحقائق المطمورة وهكذا عرفناه  عند اصدار مجلة وحي الغري......
 نقول إن مثل هذا الباحث والصحفي والمؤرخ الجليل يجب أن يلقى الرعاية والعناية من ذوي الرأي والأمر والنهي في الشأن الثقافي  في المحافظة ... الأستاذ جليل الخزرجى يعاني من مرض خطير وأزمة قلبية حادة وشديدة كادت أن تؤدي بحياته  قبل أكثر من شهر وهو الآن تحت الرعاية المركزة في مستشفى الحكيم العام قسم الرعاية المركزة.... زاره ويزوره ويترقب أخباره بقلق كبير أصدقاءه  ومعارفه وعائلته الكريمة...ولكننا للأسف الشديد لم نشهد حضور مسئولا أو نائب مسئول من العناوين القيمة على الثقافة في النجف قد بادر إلى زيارته أو الاطمئنان عليه.. وهنا نقول  من للمثقف في أزماته  ومحنته ومعاناته في النجف عاصمة الثقافة؟؟؟؟؟

ملتقى سور النجف الثقافي
في 10-10-2011

155


بصمـــــــــــــات الثعالب
 
نص شعري


حميد الحريزي


وجوهٌ مقنعةٌ  تلاعبُ
شفةًٌ مشنوقةٌ على مساميرِ
الهذرِ
انتفخت  أوداجُ النفاقِ
تنزفُ قيحاً في
جيوب
القدرِ
يبقى اللونُ  الأصفرُ
سيدَ
الألوانِ
وحيدةٌ روحي  بلا
رفيقٍ
تطالعُ  أنيابَ ثعالبِ مغروزةً
بأجنحةِ
النوارسِ
يستمر غَليانُ القدورِ
امتلأ فضاءُ العطسِ
برائحةِ
الحمامِ
المحروقِ
تتناثرُ أطباقُ الكذبِ
فوق مناضدَ مجللةٍ بأرديةِ
الرياءِ
المبادئُ فرشاةً تلمعُ
أحذيةَ السلاطينِ
جباهٌ لا تعرفُ
الخجلَ
((صراطة)) ((ضراطة)) تغالب القرود
لأ ضحاكِ
الملوكِ
يفتشون عن معبودِهم بين
نفاياتِ الرجالِ
لا يحتملونَ العيشَ بلا
صنمْ
يستحيّي نساءهم ، ويتبول عليهم
النعمْ
القرودُ خجلةً من حفيدِها
((إلا نسان))
العبوديةُ
لهم صارت
شُعاراً
على قارعة الطريقِ
في وضحِ النهارِ اغتصبوا
صاحبةَ َ
الجلالةِ
أحفاد الطغاة ، تمثلوا الغُزاة، إنهم
جناةٌ بلا حياءٍ
دنسوا
 حَرمَ  سيدة ِالقولِ
والمقالةِ
تشظى اليراع غيظاً
بكفٍ تقطرُ دماً في ضريحِِ
الكَلِمْ

السبت 26 آب 2011







156
بعد التحية والتقدير\ اعلام
 
اداناه  اسماء الزملاء المرشحين من قبل مجلس الصحافة العالمي للحصول على  العضوية للمجلس ، نظرا لنشاطهم الصحفي والاعلامي المتميز ، وقد طالب المجلس الاعضاء المرشحين لنيل العضوية الفخرية ان يكونوا بمستوى  هذه العضوية  لدعم المجلس واهدافه وطموحه ليكون ممثلا لكل الصحفيين في العالم، وبهذه المنا سبة  نشكر  المجلس لقراره هذا بمنحنا ثقته  ونهنيء  زملائنا وانفسنا بهذه الثقة العالية  ،نامل ان نكون  في مقدمة المدافعين عن حرية الكلمة الصادقة الجريئة في كل انحاء العالم
 
 
حميد لفته دخيل الحريزي
 
رئيس تحرير مجلة الحرية
 
العراق

***********************************************************************************************************************

الاسماء المرشحة للحصول على العضوية الفخرية للمجلس  العالمى للصحافة  كالتالى :
1-  ادريس السدراوي
2- ناجي عبد السلام السنباطي
3- ماجد محمد سعيد الفيحاني السبيعي
4-  عبد الجواد امين عبد الجواد مصري
5- عبدالواسع طه محمد السقاف
6- عمرو سليم   -   مصرى
7- جهاد ماهر يونس شلط
8- علاء فاروق أحمد
9- جمال حسن محسن احمد رفعان (مسؤل إعلامي ثقافي)بجامعة صنعاء   - اليمن
10 - زايد يوسف حامد مشاقي
11-  فادي صلاح فتحي
12-  حميد لفته دخيل الحريزي
13-  علاء عاشور عيد صبيح
14- محمد صبيح محمد الزواهرة
15- Laila Chiadmi
Nationalité: Marocaine
16- ساهر الأٌقرع
17-  يوسف محمد يوسف الشيخ
18- رشيد لمسلم     -  المغرب
19- د.محمد إياد الزعيم    -   سوريا
وباقى الاسماء فى المرحلة القادمة

157

قول على قول
(( يادعاة الفلسفة  ... هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين))
دعوة  لاجتثاث الفلسفة!!!!!

بقلم :- حميد الحريزي
 
في مقالة طويلة  بعنوان ((يادعاة الفلسفة  ... هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)) نشر  احد كتاب جريدة ((الفارابي )) الغراء الصادرة عن مؤسسة الفارابي في النجف  مقالة، شن فيها هجوما كبيرا على الفلسفة والفلاسفة وكأنه يذكرنا بمقولات  (من تفلسف تزندق) هذه المقولات التي أطلقت من قبل القوى المهيمنة على السلطة وكراسي الحكم  والخلافة لوكلاء الله في الأرض ووعاظ السلاطين ، هذه المقولة ،سيف يشهر بوجه كل معارض لأفكارهم وأسلوب حكمهم الفردي الوراثي الاستبدادي، إن عدائهم للفلسفة المراد به سد طريق التساؤل والتفكير والتفكر على كل من يشعر بالظلم وفقدان العدالة والحكم باسم الله ودينه القويم زورا وبهتانا، كأغلب حكام  آل أمية وبني العباس  وآل سلجوق وآل عثمان وما شاكلهم... ومن يحاول أن يكافح الخرافة والهرطقة والغلو ، وهي نتاج عصور القمع والتخلف... بمعنى هي محاولة لمصادرة نشاط وحراك وفعالية العقل لبشري وخصوصا  عقل المسلم ليبقى مبرمجا ومسيرا وفق إرادة ورغبة ونهج القوى المتنفذة والحاكمة سواء في سدة الحكم أو خارجه من الأتباع والحواشي وهما طبعا وجهان  لعملة واحدة  هي عملة ألاستبداد والجور والقهر...
مثلا  يذكر الكاتب (( إن تلاميذ الفلسفة اليونانية أحاطوا العلوم العربية والنقدية.. وظهرت ثمار ذلك في قتل الأدب العربي في عصور الانحطاط ))!!!
ليس خافيا على كل مطلع إن انتعاش الفلسفة  دائما يرافق عهود التقدم والازدهاوالشعر. في كل بلدان العالم وفي مختلف مجالات الحياة ومنها الادب وظهر هذا جليا في   الحضارة اليونانية وعصر التقدم والرقي العربي الإسلامي وفي عصر النهضة والتنوير في  الغرب... وقد كان هذا التقدم واضحا في العصر العباسي الأول وهو عصر ازدهار الفلسفة ، ولا ادري من أين أتى الكاتب  بمقولة فصل الأدب عن الدين وكأنه يريد أن يقول فصل السياسة عن الدين ويعيب على المأمون انحيازه لأهل العلم والمعرفة  والتشجيع على ترجمة أمهات الكتب   للحضارات الأخرى  كالحضارة اليونانية والرومانية والفارسية والهندية ... لحاجة بلاد الإسلام إليها بعد ما اتسعت  إمبراطوريتهم في الشرق والغرب وتعقدت وتعددت دواوينها  ما  استوجب الاستفادة من خبرات الحضارات الأخرى...((إن الإسلام  واتساع الإمبراطورية وحاجة العرب إلى ما عند  الأمم من العلوم كانت من أقوى البواعث على طلب الفلسفة ونقل  كتب العلم إلى اللغة العربية)) تاريخ الفكر العربي إلى أيام ابن خلدون –عمر فروخ – دار العلم للملايين ط2 أيار  .1979
كما هي حاجتنا الآن،  لترجمة الأدب والفلسفة وعلوم الطب والكيمياء والفلسفة والشعر ...الخ من الدول والحضارات الأخرى.... يرى الكاتب في نظرة تعصب ديني وقوماني إن من ترجم هذه الكتب إلى العربية هم اليهود والنصارى... وكأنهم لم يترجموا كتب الرياضيات والطب والهندسة والفلك من حضارات إنسانية متطورة ،وهذا تبادل محمود للعلوم والأفكار بين حضارات العالم المختلفة ، فقد أخذ الغرب الكثير من العرب والمسلمين وهذا أمر معروف للقاصي والداني  لا حاجة إلى التفصيل  فيه.... وهل كان هؤلاء يريدون بشعوبهم ودولهم شرا  ...يعيب الكاتب على المأمون  إجزاله العطاء للكتاب ونقلة العلم والمعرفة بما فيها الفلسفية للغة العربية، وهذا ما ندعو إليه في عصرنا الحاضر ونعيب على حكامنا عدم رعايتهم الكافية لحركة الترجمة من اللغات الأخرى للغة العربية وبالعكس ، وهذا  أمر محسوب للمأمون  ولا يحسب عليه (( إن يقابل"المأمون" المخطوط المترجم(( من اليهود والنصارى بما يقابله من لذهب في الميزان))؟؟!!
يستشهد الكاتب ببعض الآيات القرآنية المختارة  بصورة انتقائية وخارج سياقها الدلالي  يريد لها إن تصب لصالح ما  يريده متناسيا عشرات الآيات القرآنية التي تطالب العقل الإنساني وخصوصا المسلم بالتفكير والعلم والتساؤل  عن أصل الكون وعظمة خلقه وبديع نظامه وهي الأساس والبرهان ألأول للدين الإسلامي في الدعوة للإيمان بعيدا عن المعجزات الحسية  / كما يذكر في الأديان السابقة كاليهودية  والمسيحية - كليم الله وعصا موسى ، وكلمهم في المهد  وولادته من رحم أمه دون أن يمسسها بشر ، وإحياء الموتى - ..الخ) أي إن الإسلام دين عقل وبرهان عقلي، طالب الإنسان أن يحرك فكره وعقله ويتفكر الكون والكواكب والجبال والإبل ليتوصل إلى قدرة ووحدة خالقها العالي المتعالي الكريم... وهذا النهج يحسب لصالح الفلسفة فهي في احد تعار يفها تفكر أصل نشوء العالم ومن هو مدبره وخالقه  نذكر بعضا من هذه الآيات  الداعية إلى  التفكر في الخلق (( ولله ملك السموات وارض والله على كل شيء قدير، إن في خلق السموات ولأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قيما وقعوداً وعلى جنوبهم، ويتفكرون في خلق السموات والأرض، ربنا، ما خلقت هذا باطلان سبحانك فقنا عذاب النار)) آل عمران (3: 189- 191)
هذه الأفكار والنظم الفلسفية التي كانت خير داعم لدعاة المسلمين في تفسير سور القرآن وتوفير القناعة للناس بالمبادئ الإسلامية والإيمان بالله عبر  صياغة وإتيان البرهان.
 يواصل الكاتب اتهامه الفلسفة فيقول((وجعلت أفكار اليونان تأخذ مكان العقائد الإسلامية، وانعكست القضية حيث أصبح المسلمون في معزل عن الكتاب والسنة)) وهنا يظهر الكاتب وللأسف الشديد كسلفي متشدد وهو ليس كذلك كما اعلم.... ثم يقول مستمرا في مغالطته هذه
((وهكذا أهملت الأمة شؤون العلم والعقل والثقافة واللغة العربية وتراكم ذلك من عصر إلى عصر من عصور الانحطاط حتى وصلت نسبة الأمية في اللغة العربية إلى ما يزيد عن 99% في نهاية العهد العثماني)).
انه لمنطق غريب حقا إن يعزى الجهل والتخلف والأمية للفلسفة والفلاسفة ، فهل كان الفيلسوف أميا؟؟؟ وهل يمكن أن يكون الفيلسوف أميا؟؟ وهنا يمكن أن تكون الإجابة بنعم عن هذا السؤال لو اعتمدنا مقولة الكاتب حين يقول ((لو قرأنا التاريخ لم نجد أحدا من الفلاسفة هدى شخصا ضالا  أو كافرا إلى الإسلام بل نلاحظ كثير من العوام يشرحون الإسلام وعقائده أفضل من الفلاسفة))؟؟؟؟؟
وهنا الكاتب  يبدو كمن  اقفل فكره ،كما هو حال الحاكم المستبد  ولنا في عهد صدام  مثالا  لازال نصب عيون كل المتعاطين بالثقافة والعلم والأدب ،كانت  تصدر قوائم طويلة لا تنتهي بمنع  الكتب من مختلف الاختصاصات  وخصوصا ما يتعلق بالفكر والفلسفة حصرا، وقد دفع بعض الأدباء أو أصحاب دور النشر والطباعة وباعة الكتب حياتهم ثمنا نتيجة جلب أو طباعة أو بيع  واستنساخ كتب بعينها؟؟؟!!!
إما  ما يستشهد به الكاتب كون الأمية قد بلغت 99% في زمن  العثمانيين / نقول هل ا ن آل عثمان فلاسفة أم كانوا غزاة  ، وتميزوا بفرض سياسة التتريك  على البلدان التي يغزونها، فما ذنب الفلسفة ؟؟؟
 بالعكس للفلسفة  التنويرية الفضل الكبير في انهيار هذه السلطنة  الاستبدادية، فالفلسفة على  مدى التأريخ هي مشعل نور  يحرق عروش الاستبداد والقهر، في حين  كان أعداؤها من وعاظ السلاطين ، والانحياز  للظالم ضد المظلوم....
اما ما يقوله الكاتب إن الغزالي قد كفر الفلاسفة  فللأمر تفسيرا يبدو مقنعا، وان لم يكن الغزالي  مثال تقليد أو استشهاد ((الشيعة)) مذهب الكاتب، الذي يدعي:-
((تمكن الغزالي  من تكفير أكابر الفلاسفة المسلمين كالفارابي وابن سينا بأيسر السبل))
فالغزالي الفيلسوف الإسلامي الشهير الذي قال بمبدأ الفصل والتمييز بين الفئات الاجتماعية من حيث درجة الوعي حين قال  إن هناك  من العلوم  ما هو ((ممنوع لغير أهله)) أي محجوب عن العقل العامي الذي لا يمتلك خلفية معرفية وثقافية تؤهله لاستيعاب وإدراك مقولات الفلسفة واستيعاب الأدلة البرهانية ...
الغزالي لم يكفر هؤلاء الفلاسفة ومنهم ابن رشد لأنهم يتعاطون الفلسفة  ولكن كان له نظر إن تحجب الفلسفة أو الأدلة البرهانية العقلية عن العامة ((الجاهلة )) كما يرى وقد أوضح ابن رشد هذا الأمر كالتالي(( الناس على ثلاثة أصناف :- صنف ليس له من أهل التأويل أصلا وهم الخطبيون الذين هم الجمهور الغالب، وذلك  انه ليس يوجد احد سليم العقل يعري هذا النوع من التصديق. وصنف هو أهل التأويل الجدلي وهؤلاء هم الجدليون بالطبع فقط، أو بالطبع والعادة . وصنف من أهل التأويل اليقيني وهؤلاء هم البرهانين ، بالطبع والصناعة  اعني صناعة الحكمة وهذا التأويل لا ينبغي إن يصرح به لأهل الجدل فضلا عن الجمهور، ومتى صرح بشيء من هذه التأويلات لمن هو من غير أهلها وبخاصة التأويلات البرهانية لبعدها عن المعارف المشتركة- أفضى ذلك بالمصَّرح له والمصرح إلى الكفر)) ابن رشد فلسفة بن رشد دار الأفاق الجديدة – بيروت ط1 1978 م .
لان المصرح له لا يعرف معنى التأويل ومغزاه فيكفر ، إما المصِّرح فيكفر لأنه أصبح سببا  لكفر المصرح له الجاهل من الفئة الأولى والثانية كما ذكرنا أنفا... ويبدو إن  الكاتب   احد  وضع نفسه في معاداة الفلسفة مع  الفئة الأولى أو الثانية ، ففسر أقوال الغزالي بغير المراد منه..... وهو يدعو إلى اجتثاث الفلسفة من عقول المسلمين....
ومما يثير الاستغراب حقا إن الكاتب يكتب في جريدة اسمها ((الفارابي)) تصدر عن مؤسسة علمية  اسمها ((الفارابي)) هذا الفيلسوف الإسلامي الكبير وهناك إجماع  بأنه من أشهر فلاسفة العرب والإسلام  كما يقول عمر فروخ... فمن الأجدر إذن إن يدعو إلى غلق هذه المؤسسة والجريدة المسماة باسم هذا الكافر الخطير....وان   ولا يكون احد كتابها بصفة ((محرر)).
كما إن كل الشواهد تؤكد إن الشيعة هم أكثر المذاهب  الإسلامية  دفاعا عن الفلسفة   ودراستها والحث على  التسلح بها، فقد إلف مطهري أسس الفلسفة في جزأيـــــــــن.وكذلك محمد جواد مغنية  له – علي والفلسفة  ومعالم الفلسفة، ومؤلف فلسفتنا الشهير  للشهيد الأول محمد باقر الصدر ، وموسوعة  فلسفية للشهيد الثاني محمد صادق الصدر، كذلك تدرس الفلسفة  لطلبة الحوزة الدينية، وان المذهب الشيعي  هو المذهب الوحيد الذي ابقي باب الاجتهاد مفتوحا  لإصدار الإحكام والفتاوى بما يتلاءم وروح العصر والفلسفة فيما لا يتعارض مع  روح الفرائض  الأساسية في الإسلام..... فالذي اعلمه إن الكاتب ينتمي للمذهب الجعفري  والمذهب الجعفري  لم يذهب لا أئمته الأطهار ولا علمائه الإبرار ولا مفكريه هذا المذهب ...
 وفقط هم أتباع ابن تيمية يحرمون  الفلسفة ويضعونها في خانة الزندقة.
بعض تعارفي الفلسفة:-
•        ((النظر في حقيقة الأشياء..
•         فهم ظواهر الطبيعة بالرجوع إلى أسبابها.
•        وهي نظر في  الطبيعة وظواهرها  وتاريخ وأسباب ظهورها واختفائها ، واصل الوجود ومآله، وكذا المجتمع وتطوره وأسباب تطوره أو نكوصه.))
أما مجال عمل الفلسفة ومناهجها فمحل تجريبها  في الوسط الاجتماعي سواء بالقبول أو الرفض بالصحة أو الخطأ، وهي لا تدعي الكمال  والجمود بل التغير والتطور((لا ثابت غير المتغير)) ، فهي  ترسم الأفق للعلم  وتتكئ عليه في الآن نفسه ، تجدد وتتجدد مع تطور  علوم الإنسان وتجاربه وغالبا ما يكون لها السبق في  تأشير أفق التطور.....
الفلسفة  لا تقسم  ((فلسفة ماركسية وفلسفة رأسمالية ))  كما يذكر الكاتب وإنما يمكن تقسيمها إلى   الفلسفة ا لواقعية  ((المادية )) وهي التي ترى سبق المادة على الفكر((إنا موجود فانا أفكر)) ، والفلسفة المثالية  والتي ترى إن  الفكر سابقا المادة ((أنا أفكر فانا موجود))...
وهنا فليس من يعترض على من ينتقد احد هذه المناهج الفلسفية أو يتبناها، أو يدحض آراء احد الفلاسفة من أي مدرسة كانت أو يتبنى   آراءه ومنهجه... لكن ا ن يأتي احدنا ليشطب الفلسفة  بشكل شامل ويكفرها، فهذا أمر لا يقبله  ذو بصر وبصيرة ، وما هو جدير بالذكر إن هذا النهج وهذا القول   والموقف من الفلسفة  والدعوة  إلى إعدامها إنما هو موقف فلسفي  يستند إلى رفض كل ماهو جديد وكل ماهو نابه ومتسائل، ليفرض فلسفته الخاصة ومنهجه الخاص وعقيدته الخاصة ونفي وتكفير ما عداها.... ولاشك أن تعدد  المذاهب إلا سلامية إنما هو نابع من التزام وتبني موقف ونهج فلسفي بذاته أصبح أنصاره ومريديه والمقتنعين به  مذهبا، ولو  تتبع الكاتب تاريخ نشوء مذهبه سيجد انه  كان رأيا ومنهجا  مرفوض  وقد أنكرته وكفرته  السلطة الحاكمة بناءا إلى فلسفتها الخاصة ومنهجها في الحياة والتفسير والتأويل ...
 

158
                        حميد الحريزي – ق قج      

                               الشــــــــــــــرف

ندوات ،محاضرات في الداخل والخارج، ايفادات ، استقدام خبرات من الدول الصديقة والشقيقة، للحد من ظاهرة الفساد المستشرية في البلاد.. بعد أشهر من المداولات ، لم تتوصل اللجنة  الى تعريف توافقي  للشرف والشريف ، فعلقت أعمالها  لاحتلال آخر ..........


                                           الضــــــرة – ق فج


بعد هدأت الأنفاس ، تجملت  وتعطرت ، الليلة تفاجئ الزوج الحبيب بعد  فترة غير قليلة من  الخمول واللامبالاة ، وسط  انشغالات الأطفال والمطبخ.... تسللت من بين صغارها لتفتح الباب الموصدة، ففوجئت بإحداهن  مفترشة صدره وهو يعتصرها صوب فلبه النابض، وأخريات يملأن حيز سرير  النوم  بلا نظام ،بإشكال  وأجناس مختلفة، تملكها الغضب ، سحبت المتهتكة من على صدره فنزعت غلافها الأنيق  (( رواية الحب في زمن الكوليرا – لماركيز))،  رجتها أن لا تشكوها إليه مع نظرة توسل للأخريات ، عادت من حيث أتت مواربة  الباب خلفها بهدوء ،  وقد تركت رائحة عطرها وطبعة احمر شفتيها على الغلاف المنزوع ...
ايلول 2011

                                  البــــــــــــــكاء المزدوج
            
يديها مقيدة للسرير، امتدت أصابعه المرتعشة بين ساقيها البيضاويين كبياض الحليب،   يزداد صراخها ، تتوغل أصابعه أكثر  لتأخذ طريقها بين  الفخذين  الناعمين البضيّن، يتحسس حرارة سائل لزج، ترتجف قدماه ، انه سيفعلها لأول مرة ، يرفع  فستانها ، تتعالى  صرخة هستيرية بارقة، يهتز السرير صعودا ونزولا  بفعل اختلاجات الجسد، تتدفق اللوازج البنية،هو يسحبه،  مرعوبا، يزداد صراخها ،  تدفعه بكل قوتها ، تتراخى أعضائها ،ينزلق بين يديه ،متراجعا يرفعه سابحا بالدماء الدافئة، يناوله للممرضة كتلة لحم باكية، تنهمر دموع الطبيب  الشاب ،والأم البكر فرحا  بنجاح تجربتهما الاولى ...





159
أدب / صلوات العطر - نص شعري
« في: 12:21 13/09/2011  »
صلوات العطر - نص شعري
حميد الحريزي
 
أنا اذكر، أنت،هل
تذكرين؟؟
يوم
أزال  أسلاكه الشائكة
قلبي
فتح ينابيع بحيراته
صوب
روضك
العطر
تغير الفجر
ورقصت  قاعات الدرس
انتهت مشاعة
دفاتري
وأقلامي
ما عادت تَكتِبُ
في
أيادي الغير
الآن خبرت
أنواع الكحل
وما تعني ، أشكال
قناني
العطر
الآن أدركت
ماذا
بين المفتاح وما بين القفل
الآن  حفظت
أرقام
حمالات
النهد
ولماذا أحببت  ((كلات القند))*
الآن تعلمت  سر
الألوان
الأحمر
الأصفر
الأخضر
وفهمت سر  ألوان الورد
الآن عرفت
ما سر القرط؛
ختم العشاق على مظروف
الهمس
الآن عرفت
 سر  رعشة  فؤادي
في باب
اللمس
 الآن عرفت  سر انتحار
البدر
نورك
أبهى
بسمتك معنى طلوع شعاع
 الفجر
الآن عرفت
حكمة  جدي آ دم ، ترك الفردوس
الاعلى
لينعم  بجنات
سيدات
الأرض
أنهار شهدٍ  من حِلِماتَها
تجري
أحسنت الفعل والدنا
 ولك منا
كل
العذر
اخترت جنة حواء
فما حاجَتك
للتينِ والزيتونِ وانهارِ
الخمر ِ
والدنا لك ِمنّا ُكلَ
العُذرِ
•        ((كلات القند )) كتل مخروطية الشكل من السكر، ناصع البياض بالغ الحلاوة.
 
أيلول 2011


160
اغتيال الصحفي الفنان الشهيد هادي المهدي وصمة عار لا تمحى بوجه قوى الإرهاب والاستبداد والقمع
ولكن
هل يمكن اغتيال القلم ؟؟


بقلم حميد الحريزي


بسم الله الرحمن الرحيم ( ن والقلم وما يسطرون ) . فما أعظم ان يقسم الحق بالقلم وعظمته ومكانته في رقي وتقدم الحضارة الإنسانية خصوصا وان الحق يؤشر انه علم بالقلم هذه الأداة ينبوع ووسيلة التعليم والمعرفة حيث يقول بسم الله الرحمن الرحيم ( اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم ) والذي علمت الإنسان مالم يعلم . ومن ميزات القلم ايضا ان يظل يحتفظ بالمضمون مهما اختلف شكله أو لونه كبيرا أو صغيرا متينا أو نحيفا طويلا أو قصيرا احمر كان ام اصفر أو اسود .... الخ وبيد أيا كان من بني البشر بغض النظر عن الجنس واللون والرتبة الاجتماعية والعلمية. وان ما أسبغ عليه الإنسان من دلالات لألوان ما يخط من حروف وخصوصا في التواقيع كاللون الأحمر واللون الأخضر وما شابه فلا علاقة لها بماهية وشكل القلم . وهناك ميزة أخرى مهمة للقلم هي قدرته على ربط اللسان وتجسيد الفكر ليكون مدونا شاهدا على كاتب العهد والقول والكلم مهما طال الزمان وتطورت وتغيرت البلدان فما أعظم واخطر وأمضى ما بخطه القلم وما اصدق ما يخطه القلم وقد فاق أي شيء أخر وليس صحيحا ولا منطقيا قول القائل ( السيف اصدق إنباء من الكتب ) فما تسطره الأقلام في الكتب إنما يأتي بالفكرة والإقناع والمعرفة وليس بسبق القهر والقوة والبطش . وما للقلم من خاصية كونه ينتهي بنهاية مدببه واخزه ... فكأنه يثبت حروفه على الورق بقبلات واخزة لتكون وسيلة إنذار للتذكرة وعدم النسيان فلا تنثني روح الورق بحب الحروف المسطورة من دون الإحساس بوخزات القلم على صفحته البيضاء وبذلك تكتسب المكانة والتقدير والأهمية عند الإنسان عندما يفيض سطحها يمضون وروح الفكرة . ومن هنا تتجلى عبقرية ومدى تمثل السومريين لوظيفة ومعنى واثر الكلمة حينما كانت كتاباتهم على شكل علامات مدببة وبما اصطلح عليه بالكتابة المسمارية كدلالة على وسيلة دق الفكرة بواسطة الحرف على الورق .
 ان حروف القلم هي واخز جبار للضمير الإنساني من حيث العجز والانتشاء أو الاحتقار والازدراء  فهو وخز مريح مخدر مسكن شافي للألم شارح للصدر مزيلا للكدر كما هو علاج الوخز بالإبر عند الصينيين مما يجعل الروح الإنسانية الخيرة الحكيمة المنتجة  تكن للقلم أعظم تقدير واحترام وإجلال لايدانيه في هذا الشأن أي شيء أخر .
 بينما يكون وخز القلم وخز تحقير وتصغير واستنكار وإدانة لقوى الشر والطغاة والظالمين والجهلة والتكفيريين والمستبدين والديكتاتوريين في كل عصر وزمان لذلك فان غضبهم وكرههم للقلم لا بدائية أي شيء عداه. فعندما ينتفض القلم لا تستطيع كل جيوش الطغاة ان تنال من مقدرته على التحريض والتنوير وطرد دياجير الظلم والظلام . ولا يهم ان كتب على رقاق الذهب أو على ( ورق دفتر الباخرة ) . كما يذكر ذلك الشاعر عريان سيد خلف ليكتب همومه وأفكاره لاخفاءها عن عين الرقيب والسلطة الفاشية التي تبلغ حالة الهستريا من وخزات القلم مهما كانت ناعمة وصغيرة لتكتب على ورق (( البافرة )) .
 فعندما تمتد يد الإرهاب والطغيان والظلم والظلام لاغتيال وقتل وحرق المناضلين والعلماء والمفكرين والفلاسفة ودعاة الإصلاح والصحفيين لا لشيء الا لأنهم اسروا لأقلامهم بما يدور في رؤوسهم من أفكار لتتحول الى وخز مسمار يدق المضامين على ورق الكتب والصحف والبيانات الرافضة لكل مظاهر وأساليب العبودية والاستغلال  والعنف.
 وفي عالمنا (( الثالث ))عموما وعالمنا العربي خصوصا خطفت أيدي الطغيان والإرهاب أرواح حملة القلم ضنا منها أنها قادرة على قهر (( أداة الله )) للتعليم والمعرفة وها هي تخطف منا كل يوم قلما مناضلا مثابرا ن ليلتحق بركب شهداء القلم قرابين الحرية والكرامة والرخاء للشعب والاستقلال والسيادة للوطن .
 مجدا لأرواح وأسماء وأفكار حملة القلم
الخزي والعار لأدوات الظلم والظلام المجرمين القتلة .

161
       مناجاة
ما قبل الرحيــــــــــــــل*


حميد الحريزي

ما بك ، يا رباعي الجيوب
هل أنهكتك السنين؟؟
مالك دائم الشكوى؟؟
ما بك أيها الصغير،  يا مالك سر الوجود؟؟
أنا لم ارتوي من صدر
الحياة
وأنت تريد ان تستريح
من ملكك القرار؟؟
من حملك
الأسرار؟؟
حبيبي هل تريد ان  تستريح؟؟
وهل لي  بعدك من طريق ؟؟؟
اجبني أيها الصغير
اجبني  يا من بيدك
المصير
لم يزل  هناك حلم في
الخيال
لازال عندي عزم 
النضال
لا زلت  اطمح ان اسمع  جوابا على
سؤال
هل يمكن ان يعش الإنسان سعيد؟؟
هل تعـم المساواة
البشر؟؟؟
هل يمكن  ان تزهر
الحياة؟؟
ما زلت احمل بسمة لطفل
يتيم
ما زلت احمل للجياع سلالا من
غذاء
ما زلت احلم بشوارع  بلا
متسولين
ما زلت احلم بعالم بلا
أنين
ما زلت احلم بزهور تملأ
الدروب
ما زلت احلم بعالم
بلا
حروب
ما زلت  احلم بغابات
بلا
مصائد
ما زلت احلم بعالم
بلا
مكائد
ما زلت احلم بعالم
 بلا
عبيد
ما زلت احلم  بعالم
بلا
معابد
ما زلت احلم بفرح  اناشيد
الصبايا
مازلت احلم بعالم بلا
بغايا
ما بالك تريد ان تنام أيها الصغير؟؟
ما بالك أعلنت في
أعضائي
النفير؟؟
ما بالك مللت  الضخ  تريد ان تقطع
المسير؟؟
لا زلت احلم ان أقول ما لم
يقال
لا زلت أريد ان  اضرب
المثال
اكلم الطيور
 أشم عطر الزهور
أعانق
الأطفال
 مازلت احلم بشم  عطر
النهود
مازلت احلم  بقطف
رمان
الخدود
حبيبي  لي عندكَ رجاء
اخبرني قبل ان تطفئ الضياء
اخبرني قبل  ان تسكنني العماء
اسمح لي قبل ان تستريح
لأقبل حبيبتي القبلة
الأخيرة
لألقي نظرة على  خارطة  وطني
الجريح
أمهلني لاغتسل في مياه
النهرين
أمهلني لإكمال هذين
الشطر ين
أمهلني  لأكمل 
القصيدة
أمهلني  لأودع من
أريده
خذ كل  العمر وأعطني الدقائق
الأخيرة
أنا اعرف كل منا
يلقى
مصيره
دعني ارى هدم اخر
السجون
دعني اقبل سعف النخيل
دعني أودع الشاطئ العليل
دعني اشهد غروب
 الغازي
الدخيل
دعني  اختبر  درجات الوفاء
دعني اثبت درجات النقاء
دعني اكشف   الرياء
بين ((الرفاق))
وأقطاب
العشيرة
دعني ودعني ودعنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيييييييي
فما بالك يا رباعي الجيوب
تأمر مضخاتك
بالوقوف؟؟
لماذا أخرجتني  بلا خيار
للوجود
لماذا بعد  امتلاكي  السر  تأمرني ان
أعود
منادي رحيلك بين أعضائي
 ينــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــادي د ي دي دي دي
يطوف
في  الشرايين والمفاصل
والكفوف
في الأطراف  في العيون
في اللسان والشفاه
ان بلغ الامر
منتهاه
ان عجلوا  شرب كأس
الفناء
فقد حان
وقت
الرحيل

*كتب النص بعد إصابتي بارتفاع ضغط الدم ارتفاعا مفاجئا غير مسبوق.




20 آب  2011



162
مهالك الــــــــــــــــدروع  
حميد الحريزي
هديتي المتواضعة لصديقي الشاعر العراقي الكبير يحيى السماوي


                                 
الشاعر
يمنحه الحاكم درعا
لا ليحميه
بل
ليلقي القبض عليه
متلبسا
بالعنف
*
الشاعر
يمنحه الحاكم  بيتا  لا ليكرمه
بل يمنحه بيتاً
كي
يسلبه أبيات
العشق

*
الشاعر
يمنحه  السلطان درعا
لا ليمنحه حصانة ضد
العسف
يمنحه درعا
كي
يلحقه بقوات
دركه
*
الشاعر
حين لا يحمل مشعل
 نور الصدق
يحمل فرشاة لتجميل
وجه
السلطان
*
الشاعر
حين يتعالى على أبناء
جلدته
لا يمتلك  معنى القول
المثقف
 القمامة ستصبح منبره   
حين  لا يحفظ ماء
وجه
الحرف

*
الشاعر
ان لم يكن قوله شفرة
سيف ضد القبح
تحتقره
الزهور
*

الشاعر
يكتب بقصبة  شريانه
الشاعر
لا يستجدي  قلما
لينازل جبروت
السلطان
*
الشاعر
يحتزم بآهات المحرومين
لمصارعة
الظلم
ليشعل نار الثورة
لا يحتزم  بقصائد مديح
الأمراء
*
الشاعر
لا يسير على هدي
مصابيح
السلطان
الشاعر
مصابيحه  لمعان عيون
 الثوار
*
الشاعر
بيادر حروفه  تُغْنّـــــــي  العالم
الشاعر
لا ينتظر عطايا
السلطان
السلطان يستجدي منه حرف
شِــــــــــعْـرٍ
حار
*
الشاعر  يهديه العاشق
وردة
الشاعر ليس من لوث
السلطان
خده
*
الشاعر  من يتدثر  بدراعة
الفقراء
الشاعر ليس من يخلعه
السلطان
بردة
*
الشاعر
لا يستهزيء بأقوال
المجانين
الشاعر والمجنون وجهان
لحقيقة
واحدة
*
الشاعر
لا يدخر في جيوبه  مالا
 الشاعر
رصيده مفتوح في قلوب
العشاق
الشاعر
في جيوبه أقلاما
 وحروف
*
 آب 2011



163
إليكِ يا أملي المضـــــــــــــــــــاع
تنانير الغــــــــــرام

حميد الحريزي
 
ما عادت  قبلات شفتيك ترويه
 ليس لشراهته
بل
لان احدهم شاركه شهد
الرضاب
فقرر تحريم
القبل
*
لأنها تشبه نهديك  بنى الإنسان
 قباب
الأولياء
حين   أسعدته  أنفاقك
حفر
 أنفاق
 الخلاص
**
الغروب
لا يئد الشمس.
الحمرة
خدودها الخجلى في حضرة
عريسها
القمر
***
الورد
لا يذبله القطف
الورد
يموت  قهرا  في يد
عاشق
مزيف
****
عصافير الحُلُّمِ
تزقزق خلف أقفاص حمالات
النهود
تعارك  قماطها الحرير
تخلع أبواب 
 الخوف
كي تستقبل  أفواجا
من
قبل
 
*****
تضطرم  نيران الشفاه
تمتص رحيق من
 عسل
لتفور تنانير
غرام
من
لدن
******
هضاب الأرداف فجرت براكين
الشبق
التحمت مركبات الشوق
هدرت شلالات
من
دفق
*******
يرفع
نبي الهوى آذان الغرام
تنادت  فصائل
الجسد
لتؤدي صلاة الشكر
 لربات
الفتن
 
آب 2011



164
قول على قــــــــــــــــــــــــــــــــول -5-
                       
         (( ما جمعت ثروة الا من بخل او حرام)) الإمام علي عليه السلام

لظهور  الثروة والمال ، تاريخ  طويل ، يمتد في أعماق  مسيرة التطور البشري، وهناك أكثر من تفسير  لنشوء وتطور الملكية الخاصة وتراكم الثروة، فهناك من يرى إنها  لم تولد مع الإنسان وإنما كان الناس يعيشون  كقطعان تعتمد اللقط  ومن ثم الصيد  وما بعدها الزراعة في مشاعات جماعية مشتركة ، تعود ملكيتها للقبيلة او العشيرة بالتساوي وبما يسد حاجة كل فرد من أفراد الجماعة   دون تمييز، وبتطور الآلة  من الحجر فالبرونز ومن ثم الحديد ، بدأت تظهر  الحيازات الخاصة للأسرة الشبه مستقلة عن باقي الأسر ،  نتج عن ذلك وجود فائض  للإنتاج ، فبدأت عملية المقايضة ، بين ألعوائل او القبائل  الفائض لديها مقابل ما تحتاجه لدى الطرف الآخر او العشيرة الاخرى، ثم اخذ الإنسان يستغل جهد أخيه الإنسان  ليعمل لصالحه مقابل  عيشة الكفاف ، وبذلك  اختفت ظاهرة قتل الأسرى وتحولوا الى عبيد... لا نريد ان نسهب في متابعة تاريخ نشوء الثروة والمال والتي كانت احد وسائلها الاستئثار على ثروة الغير بالقوة ، او بالربي ، او بالربح التجاري... أي نتيجة  لطبيعة  العلاقات بين قوى الإنتاج وعلاقتها بوسائل الإنتاج، ومنها  أيضا  الاستفادة من ريع الأرض  الزراعية في عهد الاقطاع  ولمبني على  استغلال جهد العبيد والاقنان والفلاحين لتصب في جيوب  مالكي الأرض والأمراء والنبلاء، ثم تطورت في عصر الرأسمالية في استغلال  جهد العمال  الماهرين وغير الماهرين في عصر الصناعة هذا  ما اسماه ماركس ب ((فائض القيمة)) أي هو الجهد المبذول من قبل الإنسان العامل في إنتاج السلع بما يفوق عدة مرات على ما يستلمه من اجر يومي، جهدا يفوق كثيرا  ما يتطلب من جهد العامل  لإنتاج قوة عمله ، هذه القوة السحرية القادرة على إنتاج قيمة اكبر من تكاليف إنتاجها..........وقد اجتهد الكثير من علماء الاقتصاد  في تسمية هذه  القيمة التي يستأثر بها  مالك الرأسمال – وهو المال المنتج  لقيمة جديدة  أثناء العمل – وهذا يختلف طبعا عن الربا الذي يبدو وجه  الاستغلالي القبيح مكشوفا   على العكس من   رأس المال الذي يبدو وكأنه منصفا وعادلا يعطي لكل ذي حقا حقه... وكان ماركس  اقدر وأكفأ من  استطاع ان  يمزق قناع رأس المال هذا ويظهر بشاعته واستغلاله عبر اكتشافه  لما سمي  بفائض القيمة وهي الدافع الحقيقي وراء  حماس وتنافس أصحاب الأموال لتحويلها الى رؤوس أموال وذلك بتوظيفها في  سوق العمل المنتج ... وهو السر الكامن وراء ثراء الأثرياء وفقر الفقراء، وهذا ما ينسجم تماما مع عبقرية الإمام على عليه السلام قبل عدة قرون من كشف ماركس في مقولته الفذة
                (( ما رأيت من ثروة موفورة  ، الا وبجانبها حق مضيع))
 وهذا الحق المضيع هو الذي أتى ماركس بعد مئات السنين ليسميه ب((فائض القيمة)) مثبتا  لحقيقته عبر معطيات  قوانين الاقتصاد الرأسمالي في عصره...
مقولة الإمام على عليه السلام تعبر  بعبقرية  خارقة عن احد وسائل تراكم رأس المال في عصرنا الحاضر  الا وهو الحرام  بمفهومه العام أي الاستيلاء على  مال الغير وثروته وثمرة جهده دون وجه حق بضمتها القوة او الاحتيال واستغلال حاجة  بصورة مباشرة كالنهب والسلب والربا او عن طريق  لاستحواذ على ((فائض القيمة)) في عصر الصناعة والتطور الرأسمالي وخصوصا في عصر العولمة الرأسمالية المسلحة ...وهذا شاهدها  الحاضر بالغزو والعودة للوسائل المباشرة بالاستيلاء على الثروة عن طريق الاحتلال للبلدان والشعوب  لغرض الاستحواذ على ثرواتها وخيراتها واستعباد سكانها ولم تكتفي بالأساليب غير المباشرة  والمقنعة عبر  الاستحواذ على فائض القيمة ...... ولاشك ان  الحرام هو المصدر  الاكبر للثروة لان البخل لا يمكن ان  يجمع ثروة طائلة  مهما بلغت درجته... في عالم متعدد الحاجات والمتطلبات الحياتية عالم الاستهلاك القهري أمام مغريات  عصر التقنية والرفاه .....
في هذه العجالة والمقالة المختصرة أردنا ان نؤشر  على  مقولة  عظمية للإمام علي عليه السلام ، ونقول  لمن يدعون إنهم مسلمين وإنهم من أشياع وأتباع الإمام علي عليه السلام وهم  يملكون المليارات  من الدولارات والقصور والضياع والخدم ووووو في الوقت الذي يعيش إخوانهم في الإنسانية والوطنية والدينية والطائفة تحت مستوى خط الفقر، ملايين الجياع والعراة والمشردين والمتسولين نساء وشيوخ وأطفال يفترشون الأرض ويلتحفون السماء.... ولاشك ان إسرافهم وبذخهم لا تدل على بخلهم كمصدر لجمع الثروة الطائلة  فبذلك  يكون مصدر ثرواتهم وغناهم وممتلكاتهم هو الحرام... في عراقنا اليوم حيث استحوذت الطبقة السياسية المهيمنة على السلطة وحواشيها على ثروة شعب العراق، بخيانتهم لعهدهم لمن أتمنهم على مصالحه وثروته ،عبر  عملية  إيصالهم للسلطة عن طريق الانتخابات  لتكون السلطة وسيلة لإثرائهم وثرائهم  وإفقار وتجويع من تمثلهم .....ما هو أدهى ان أهل الفتوى والحل والعقد يباركون لهم ثرواتهم وملكياتهم ولا يسألونهم هل أتت ثرواتهم من بخل او حرام  حينما يستلمون منهم ما يسمى ب ((الحقوق )) وهو يرددون  في صلاتهم ((أشهد ان عليا ولي الله .. اشهد ان عليا ولي الله ))؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!
حميد الحريزي
Hamd.hur@gmail.com

165
                                                   
((أفندم أنا موكَــــــــــــــــــــــود))
بعد فوات الآوان

  حميد الحريزي

 منذ فترة  ((التحرر)) من الاستعمار المباشر للدول العربية، وما تبعها التخلص من  ما سمي بعملاء الاستعمار وطردهم  من على كراسي الحكم ، استولت على السلطة مجموعة من الشباب الضباط الأحرار عن طريق اجتر اح طريق  الشرعية الثورية نظرا لفساد الشرعية الدستورية والبرلمانية ، الملكية والرئاسية منها، نظرا لفساد هذه الطبقة الحاكمة وحواشيها وتزويرها للانتخاب وان كانت شكلية ضمن لها التمسك بالحكم... مما ولد معارضة شعبية كبيرة لهذه الأنظمة سيطرت على الشارع المحكوم بقوة الحديد والنار والتضليل ومخدرات الوعيد   ومسلسلات التسويق...
 لقد ضمن هؤلاء الثوار  بيانهم الأول بوعود لإعادة الحياة  للشرعية الدستورية  وإعطاء الحكم للشعب  عبر اختيار ممثليه في انتخابات حرة ديمقراطية، وأعلنت إنها إنما تقود فترة انتقالية تمهد لإعداد الظروف المناسبة   لصياغة آليات مقبولة ومناسبة تتيح  المجال واسع للجماهير المهشمة لاختيار  حكامها وممثليها، والعمل على صياغة دستور دائم ، يضمن حقوق المحكوم  ويحدد سلطات الحاكم... ولكن  كرسي السلطة الساحر  ، سحر عقول  هؤلاء ((الثوار)) وزين لهم  البقاء على رأس السلطة ، دخلوا في نزاعات فيم بينهم تدحرجت خلالها  رؤوس  رفاقهم وشركائهم في الثورة ، كما وأدت كل وعودهم في تسليم السلطة للشعب ، فظلت تحكم بالمراسيم والبراشيم المسكنة والوعود الكاذبة ، والخطب الرنانة والتحذير من عدو يتربص، ومستعمر يتجسس ، فما على الشعب الا  سماع القائد المخلص والزعيم الأوحد والقائد الضرورة.... مما أدى الى  نتائج مأساوية  وخسائر فادحة  أدمت القلوب وهدرت الثروات ومهدت للغزوات وها هو حال  شعبنا العراقي والشعب المصري والليبي والتونسي والمصير المجهول المخيف للشعب السوري الشقيق و  المصائب لازالت  تهوي على رؤوس  الحاكم والمحكوم في مصير مجهول..؟؟؟؟!!
ان الذي حفزنا على كتابة هذا المقال  هو إجابة الرئيس المصري وهو ممدا  داخل قفص الاتهام  على رئيس المحكمة المصرية المشكلة  لمحاكمته وأنصاره وعائلته وأركان نظامه
                                                        (( أفندم أنا موكَود))
 ما كان أجدى له ولشعبه  ولتاريخه لو انه  قال هذا الكلام للقضاة ولأبناء الشعب  قبل ان يكون ممدا على سرير العجز والمرض وقبل ان يحل بمصر وشعب مصر ما حل وهو يسير الى مصير تحفه المخاطر وتعترض طريق حريته العقبات والقناطر... فمتى يتعض حكام العرب  ويجيبوا بنعم يا أفندم أنا موجود ردا على تساؤلاتهم ومطالبهم واتهاماتهم ويتعودا  فراق كرسي الحكم ويتخلصوا من سحره عن طريق دستور ديمقراطي حقيقي يضمن للجميع حقوقهم  كمواطنين متساوين في الحقوق والواجبات  ، تصان كرامتهم وحقوقهم في ثروتهم  ، وضمان  حريته السياسية والفكرية والدينية...

166
قول على قــــــــــــــــول
                           
((2))

                  ((لو كان الفقر رجلا لقتلته)) الإمام علي عليه السلام
حميد الحريزي
هذه المقولة الفائقة الدلالة والقوة والمضمون لم يقلها إنسانا عاديا او انفعاليا ، بل هو ((قرآن يتكلم )) انه سيد البلاغة والحكمة الإمام  علي ((ع))، صاحب سيف الفقار ،  ذو القول والعلم المشهود والخالد في تاريخ الإسلام ، من تمثل جوهر الإسلام ومضمونه الحقيقي في تحقيق  المساواة والعدالة للإنسان والحرص على كرامته وتوفر سبل عيشه ، مثل هذا الرجل العظيم سيكون غضبه شديدا وهو يرى انعكاسات الفقر والعوز على أخوه الإنسان، هذا العوز الدافع نحو توجهين وطريقين متناسبين مع درجة وعي وحصانة وتربية ذات الفرد المعوز... فهي إما تدفع الفرد باتجاه القردنة والثعلبة والتسول الأخلاقي أي ما يقود نحو الانحراف والمسكنة ومهادنة المسئول واندثار القيم الايجابية مما يجر الى الفساد والنفاق وانتشار الأمراض الاجتماعية المختلفة كالسرقة والرشوة والاحتيال والكسب غير المشروع والسكوت على الظلم.... وهو حال الكثير ممن والوا الأمراء والملوك والسلاطين في الماضي والحاضر، لا بل هم وسيلته في قمع وقتل أهل الحق والعدل...
وإما ان يقود نحو إدراك السبب الكامن وراء  الفقر والعوز وخصوصا من قبل أصحاب السلطة والثروة والجاه، مما يدفع المعوز الى الثورة ضد  هذه السلطات والمهيمنين على الحكم باعتبارهم السبب الرئيسي وراء عوزه ومذلته وفاقته واستحواذهم على الثروة ومصادر إنتاجها وتكاثرها ومن أمثالهم أبو ذر الغفاري وأتباعه أتباع الإمام علي (ع)... هذا السبب الأكثر وجاهة لثورة العامة على الخليفة الثالث عثمان بن عفان ((رض)) وما آل إليه مصيره المأساوي وما خلف من تداعيات كبيرة انعكست على طبيعة الحراك الاجتماعي من بعده وان تستر بستار الدين... والبسوه لبوس الطائفية  وليس باعتبار بين  المستغِل والمستغَل ، بين الظالم والمظلوم، بين الجائع والمتخوم.......
نتيجة ما سبق كانت مقولة نصير الفقراء وعدو الاستئثار ورائد الإيثار الإمام على (ع) في قوله أعلاه الذي وصلت قوته  حد القتل للنفس المحرمة الا بالحق... وهل هناك من هو  أفضل واعلم من الإمام علي بالحق وامتثال   للشريعة السماوية وتفسير أحكامها؟؟؟
بمعنى ان من يفقر الناس ومن يذل الناس لعوزهم ومن يولد الفقر يستحق القتل بحق.....
وهنا نسأل ماذا يقول سادة العروش وأصحاب الكروش والمناصب العليا وحواشيهم ممن استأثروا بالثروة والمال العام.. وخصوصا في عراقنا اليوم... بلد تزيد  ميزانيته السنوية على ((100)) مليار دولار ، في حين يعيش ما يقارب ربع سكانه تحت خط الفقر وحالة من العوز والحرمان... أغلبية شعبية تعيش في ظل أسوء الخدمات ومنها الكهرباء والماء والسكن والخدمات الصحية.....
يشار للفاسد ولكنه لا يحاسب ... يشخص السارق والمختلس ولكنه لا يحاكم ... القضاء يحكم و أحكامه لا تنفذ او تنقض  ، حاكم يتنكر لأصوات المظلومين ويتستر على المفسدين... قصور تناطح السماء وخرائب تعانق الأرض... فما هو قولنا وما هو فعلنا يا أبا الحسن ونحن نشهد آلاف الأطفال الجياع والنساء المتسولات والشيوخ المرضى ، وآلاف بيوت الصفيح ... وبماذا سيتعذر وبماذا  يبرر أمام قولك يا علي  من امتلكوا الضياع والقصور واختزنوا الذهب والفضة والدولار، ماذا سيقول أمامك من يدعي انه من  أتباعك وهو يغش قوت الشعب ويسرق أمواله ، أموال العاجز واليتيم،  ماذا يقول من يبات متخما وحوله ملايين الجياع؟؟؟؟؟؟
Hamd.hur@gmail.com

167
قول على قول
الجار والجــــــــــــــــــوار
(1)

قال لقمان  الحكيم (يابني، حملتُ الحجارة والحديد فلم أر شيئاً أثقل من جار السوء ) * مقولة رائعة حقا ، والجار أحيانا يكون باختيار وهو الجار في حالة السكن في المدن او الأرياف او البوادي ، لان ن قادر ان يغير سكنه حتى وان تعرض للخسارة المادية ولكنه سيربح راحة باله وسلامة ماله وعياله.
إما النوع الثاني من الجوار فهو جوار الوطن فهذا الجوار لا يمكننا استبداله او تغييره ، فلا يمكن استبدال قارة بقارة، ولا وطن بوطن إنما  هي جورة أبدية  طالما بقي  الشعبين  او الوطنيين في الوجود....
هاهو حال وطننا العراق مع جيرانه سواء أشقاء القومية او الإسلام...  هؤلاء الجوار اللذين  يتفننون في إيذاء  بلاد الرافدين في الماضي والحاضر... الكويت تفرعنت  وهي تحاول ان  تغادر صيغة التصغير  ((كويت)) لتكون  كوت ... حفرت في المائل  لاستنزاف  ثروتنا النفطية ، لم تكتفي بهذا بل امتد ذراعه اخذ يستطيل  يوما بعد يوم  مستقويا بصديق طامع في البلدين، نقول  امتدت هذه الذراع لتغلق على العراق طريق البحر عن طريق انشاء ميناء مبارك (( الكبير)).....
وهاهي شقيقة الدين  إيرانتهدم قراناأي حرج حينما تدخل  قواتها الأرض العراقية وانتهاك سيادتها وتخرج حيث تشاء... مدفعيتها تقصف وصواريخها تهدم  قرانا وترعب فلاحينا وتحرق مزارعهم وحيواناتهم وبيوتهم... حينما نعرض لهذين البلدين الجارين لا يعني ان الجيران الآخرين لم يلحقوا الأذى بأرض وشعب العراق كما يحصل من قبل تركيا وهي تخرق سيادة ارض العراق بدعوى محاربة قوى  إرهابية تهدد امن تركيا، بالاضافة  عملها لسد أتاتورك   وحرمة العراق من حصته المائية مخالفة كل الأعراف والقوانين الدولية ، ناهيك عن سوريا والسعودية وتسهيلها مهام قوى الاحتلال والإرهاب في انتهاك حرمة ارض وشعب العراق تحت مختلف المبررات والأعذار......
عودة لقول لقمان الحكيم نقول ما ثقل وأقسى  واشد ايذاءا  من معاناتنا من جيران السوء، وقد خرقوا في تجاوزاتهم الخرقاء هذه  كل حقوق الجيرة والإخوة وكل المواثيق  والأعراف الدولية؟؟؟؟ 
ولا يسعنا هنا  الا تذكير  جيراننا أشقاء الدين والقومية  بالقول الشهير (( من آذى جاره ورثه الله داره))** 
* شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج17- ص10 دار الكتاب العربي العراق بغداد.
** نفس المصدر.

             


168
الشقيق أولى بالبتخفيض!!!

حميد الحريزي

العراق اشتهر بأرض السواد  لاشتهاره بالزراعة وغابات النخيل ، وغابات الا لقصب والبردي  في اهوار ه  المترامية الأبعاد ، هذا الوصف قبل اكتشاف ابار الذهب الأسود  في عصر التقدم العلمي والحضاري  المعاصر ، مما اوجب ان تسمى ارض العراق بأرض الذهب الأسود، ولكن  كبرياء  زعماء الحضارات الراهنة  لا يريدون كشف أطماعهم في  عراق الذهب الأسود.
استبشر أهل العراق  بأبراج الحفر والتنقيب عن البترول في الشمال والجنوب والوسط، ستكون  منازلهم  نور بنور  ونور وبهجة، شوارعهم  مضاءة .... بمعنى بلد نور  بنور ...... سترحل الفوانيس  وتحال الى المتاحف اللا لات الى المتاحف الأثرية، أي وداعا لعصور الظلمة والظلام..... ثارت الثورات ودارت الدورات  ... عشرات السنين من التمرير والتحرير ... وإذا  بالظلام يخيم على البيوت والحارات والشوارع ، عشعش الظلام   في الأكواخ  والقصور ..... تم استعادت اللالات  والفوانيس من المتاحف ولكنهم  تفاجئا  بفقدان  لنفط الابيض .. فاحترقت فتائل الفوانيس واللالات...
هذا الحال  دفع بغض اعضاء البرلمان العراقي الى التعاطف مع  معاناة أبناء الشعب العراقي وحرمانهم من  التمتع بثروتهم الوطنية وذهبهم الأسود  حيث :-
 ((قال مقرر اللجنة النائب عن التحالف الوطني عدي عواد كاظم في تصريح خص به "الصباح": إن أحد أعضاء مجلس النواب، لم يسمه، قام بجمع 100 توقيع لغرض خفض أسعار المشتقات النفطية في البلاد، في خطوة قال إنها تهدف لرفع المعاناة عن كاهل المواطنين.
وأكد أن طلبا بذلك رفع الى هيئة رئاسة المجلس، لكن لم يتم اتخاذ إجراء إزاءه حتى الآن.
وأوضح كاظم ان هيئة الرئاسة ستحيل الطلب الى لجنة النفط لدراسته ووضع الجدوى الاقتصادية له بعد اتخاذ الإجراءات المطلوبة من قبلها.
وبين مقرر اللجنة أن هناك تعاطفاً بين أعضاء المجلس وموافقة مبدئية على خفض أسعار المشتقات النفطية، الا أن مصدراً مسئولا في وزارة النفط قلل من أهمية هذا التوجه، وقال لـ"الصباح": ان الوزارة لا تمتلك أية معلومات عن هذا الموضوع، مشيرا الى ان الأسعار الحالية للمحروقات تم تحديدها بالتنسيق مع كل من صندوق النقد والبنك الدوليين في ضوء التزامات العراق أمام المجتمع الدولي في إطار الإصلاحات الاقتصادية")) جريدة الصباح الصادرة في 1-4-2011.؟؟؟!!!!!
نقول  ما الذي  يجعل العراقي حكومة وشعبا رهينة  صندوق النقد الدولي ، وأي إصلاحات هذه التي   تمنع  حكومة بلد من بلدان العالم  للتصرف بثرواته ، إما بالنسبة للجدوى الاقتصادية  نقول:-
 أليس من الجدوى الاقتصادية  ان  تنخفض أجرة النقل العام والخاص  مما يسهل تنقل الناس بسهولة وبدون ان  تكلفه كثيرا، فيزداد التواصل بين الناس  ، والسفر والاطلاع.
 أليس من الجدوى ان تنخفض أجرة  نقل الأحمال كالفواكه والخضر واللحوم  ومواد البناء والأدوات والأثاث وووو  مما يخفض من  كلفتها  وسعر شراءها بالنسبة للمواطن.
أليس من الجدوى الاقتصادية ان يشتري  منتجي الفواكه والخضر وبقية المنتجات الزراعية   الكاز لمولداتهم لسقي مزروعاتهم فتزيد كمياتها وتنخفض أسعارها مما يغني البلد من الاستيراد من  دول الخارج  وفقدان عملة صعبة من البلد.
أليس من الجدوى الاقتصادية ان  تعمل المصانع والمعامل والورش بوقود ذو سعر منخفض فتنتج بضائع وسلع عراقية  تستطيع ان تنافس المستورد، تشغيل أيادي  عراقية عاطلة عن العمل وتوفر سلع للمواطن بأسعار مخفضة.
  ليس هناك مفصلا من مفاصل  الحياة  لا علاقة له بالطاقة ومنها المشتقات النفطية..... مما يتوجب ان تعمل الحكومة العراقية على تخفيض  أسعارها للإنتاج المحلي الى أدنى مستوياته  لإحداث نهضة إنتاجية  كبيرة في البلد.
ومن المفارقة حقا ان العراق يجهز دول عربية  شقيقة  بالبترول العراقي بأسعار مخفضة  جدا  لغرض دعم  الأشقاء والأصدقاء ومنها الأردن((الشقيق)) ، في حين  يباع للعراقي  بأسعار  تفوق الأسعار العالمية ((لتر البنزين 450)) دينارا وأحيانا أكثر من ذلك خلال الأزمات.!!!!!
 فلماذا لا يعترض البنك الدولي على البيع المخفض للأصدقاء والاشقاء ويعترض على صاحب الثروة ابن العراق؟؟؟؟
نقول  لوزارة النفط   الا يفترض ان يكون التنسيق مع مالك الثروة ابن العراق وليس مع  البنك الدولي أداة الاستغلال  الأبشع في العالم كما هو معروف وهو صندوق الشركات الاحتكارية في العالم؟؟؟!!!


169



14 تموز 1958دروس الماضي وعبر الحاضر
 دراســـــــــــــــــة
بمناسبة الذكرى (53) لذكراها الخالدة


                                                                                                          بقلم :- حميد الحريزي


نال الشعب العراقي سيادة منقوصة تحت رعاية بريطانيا العظمى كنتيجة لمقاومة الشعب العراقي الباسلة لقوات الاحتلال والهيمنة الرأسمالية البريطانية والظروف الدولية الضاغطة باتجاه إنهاء مرحلة الاستعمار المباشر.
تم تأسيس دولة دستورية ديمقراطية ملكية بملك مستورد ورئيس وزراء تابع بتزكية من مس بيل والمخابرات البريطانية....
وضع للبلاد دستور ومجلس نواب(منتخب) وفق خيارات وطريقة الديمقراطية الغربية والأبوية الدينية والعشائرية والمتخادمة في معظمها مع المصالح البريطانية.
وبدلا من ان ترعى الحكومة والبرلمان مصالح الشعب العراقي وسيادته وصيانة ثروته أصبحت راعية لمصالح الرأسمال العالمي حيث النهب للثروة النفطية وسواها وانتقاص السيادة الوطنية بترسيخ تواجد القواعد البريطانية والهيمنة الاقتصادية... ومزيدا من السجون والمعتقلات وقيودا على الحريات ونصب المشانق لأبناء العراق الشرفاء وخصوصا من المناضلين الوطنين اليساريين والشيوعيين... وبذلك ظل معظم أبناء الشعب العراقي من عمال وفلاحين وعموم الكادحين وأبناء الطبقة الوسطى والمثقفين التقدميين يرزحون تحت مطرقة البطالة والعوز والمرض والأمية. وقد صودرت كل الوسائل والطرق السلمية للاحتجاج والمطالبة بالحقوق و غالبا ما تواجه مثل هذه المطالب المشروعة بالحديد والنار... وان كان لا يقارن بالطبع بما حدث في عهد الدكتاتوريات الجمهورية ما بعد الملكية من حيث النوعية والكم. فهل يمكن مقارنة ما حدث في قمع لانتفاضة كانون الثاني 1948 مع ما حدث من قمع وقتل بالجملة لانتفاضة الشعب العراقي ضد الدكتاتورية الصدامية في آذار 1991؟؟
. بحيث جعل المواطنين يترحمون على الملكية في ظل جمهوريات الرعب والدكتاتورية الوحشية.وبذلك أثبتت الطبقات الإقطاعية وشبه الإقطاعية والبرجوازية الطفيلية زيف ادعاءها الحرية والاستقلال والديمقراطية.
ان هذا الأمر دفع أبناء الطبقات المتوسطة الطامحة بالسلطة والجاه وأبناء البرجوازية النامية والمتطلعة للتحرر من هيمنة الرأسمال العالمي وبعضا من شرائح المثقفين وبعض الأفراد من ذوي الحس الإنساني والوطني الصادق والمعجبين بالتغيرات الثورية العاصفة في عموم العالم وخصوصا العالم الاشتراكي ، وتنامي وتصاعد نضال حركات التحرر الوطني في أسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية.
كل ذلك دفع بالضباط الأحرار داخل الجيش للتخطيط للقيام بانقلاب عسكري وبالطبع فهو ليس الانقلاب الأول والأخير في العراق... ولكن الذي يميز هذا الانقلاب كان مدعوما من قبل أوسع الجماهير الشعبية والأحزاب والقوى السياسية المحظورة والمنظورة لهذا التغيير ، والتعبئة الجماهيرية لمؤازرته وخصوصا القوى الموئتلفة تحت جبهة الاتحاد الوطني في 1957. وبعد نجاح العسكر في الاستيلاء على السلطة وبدل ان يتبنى مطالب الشعب الحقيقية في ترسيخ الممارسات الديمقراطية وتعديل الانحراف في الممارسات السابقة وتعديل الدستور وتفعيله جنح الى المراسيم والقرارات الفردية معززا ممارساته بتنظيرات الشرعية الثورية المطروحة آنذاك من قبل القوى الشيوعية واليسارية والقومية الانقلابية التي أتت منسجمة مع الموروث القبلي والعشائري الأبوي  ساعيا تحت شتى الذرائع إلى عرقلة وتأجيل وغض النظر عن الشرعية الدستورية وانتهاج أسلوب الزنزانات الكونكريتية بدلا من الصناديق  الانتخابية وسيلة لتثبيت واستمرارية الحكم.
ان غياب الوعي بالذات الطبقية لمختلف طبقات وشرائح المجتمع العراقي آنذاك وعدم وضوح الفرز الطبقي في ظل هيمنة واستمرارية علاقات إنتاج إقطاعية متخلفة مع حفنة من برجوازية طفيلية تابعة وطبقة عاملة ضعيفة وقليلة العدد مشوهة الوعي قبلية السلوك لم يزل حبلها السري مرتبطا بالقرية ،كانت تندفع مختلف هذه القوى تحت عاطفة وتأثير الشعارات الآنية العاطفية وليس بقوة ورسوخ القناعات الوطنية والطبقية بما فيها الطبقة العاملة ومن يدعي طليعتها الحزب الشيوعي العراقي على اعتباره أقوى الأحزاب اليسارية على الساحة العراقية.
فبعد انهيار قصر الرحاب انهارت جبهة الاتحاد الوطني وعدم الاعتراف بمكوناتها ووجودها وأحقيتها في إدارة دفة الحكم بعد التغيير من قبل العسكر المسيطر على السلطة وبذلك تمترس كل طرف من أطراف الجبهة ليست تحت برنامج وطني ديمقراطي للانتقال من الشرعية الثورية الموءقتة الى الشرعية الدستورية بل تحت متاريس ادولوجياتهم المغلقة من قوما نية وشيوعية ودينية محمية من قبل واحد او أكثر من الضباط الأحرار في مجلس قيادة( الثورة )لتدخل الجمهورية الفتية في آتون صراع مقيت دامي قاد الى الانقلاب الفاشي في 8 شباط 1963 مدفوعا بدافع ثأري نتيجة مجريات هذا الصراع وضيق أفق مختلف أطرافه والقوى المحلية والعالمية المستترة والظاهرة خلف كل منهم.
                               
 وعلى الرغم من استماتة الزعيم عبد الكريم قاسم ان يكون فوق الميول والاتجاهات ويوفق بين  المتناقضات ، لما يتمتع به من كاريزمية محبوبة امتد تأثيرها لحد ألان بسبب نظافة يده وجيبه ،ليطفأ نار السهام المتحاربة والمتخاصمة في بحر حبه للشعب و الوطن ولكن هذه النيران كانت اكبر واقدر واعنف من بحر حبه ووطنيته وإنسانيته وجنوحه للسلم فاغرق نفسه ومعه مركب التغيير الثوري في لجة بحر الاتجاهات المختلفة لتقفز إلى دفته زمرة من القوى القومانية الفاشية وهو نهاية موضوعية لقوى أقحمت نفسها في حراك وواقع اجتماعي تجاوز حضورها وقدرتها على النهوض بمهمة استكمال وقيادة مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية وكما يذكر المفكر المصري صلاح عيسى:-
( في اللحظة التي كانت البرجوازية الأوربية تخون ثورتها بدأت البرجوازيات العربية محاولاتها لتحقيق هذه الثورة وتلك هي المأساة الحقيقية التي وقعت فيها والتي لم تكن تستطيع مواجهتها الا بشيء واحد ان تتوشح برداء الإقطاع وعقله وليس برداء البرجوازية الثورية وان تتأثر في أسلوب حركتها بأتاتورك وهتلر...وتخون الديمقراطية وتجيد لعبة سلب العقل)


ما هو دور اليسار العراقي في الحدث وما بعده؟

كانت اغلب القوى او فلنقل القوى الرئيسية في تحالف جبهة الاتحاد الوطني محسوبا على اليسار مثل الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي وحزب البعث العربي الاشتراكي وشخصيات يسارية أخرى .
فبعد ان ظفر العسكر بالسلطة وغصت شوارع بغداد والمحافظات بالجماهير المؤيدة (للثورة) بدء استئثارهم بالسلطة بعد ان أصابهم الغرور بهذا لدعم الجماهيري الغير مسبوق في تاريخ العراق السياسي وعدم الاعتراف بدور أحزاب جبهة الاتحاد الوطني في تفجير ونجاح(الثورة) فانقسمت هذه الأحزاب وفق خلفياتها الايدولوجية والطبقية الى:-
- قوى مقاومة مخالفة ترفع شعاراتها القومانية المتطرفة مطالبة بالوحدة الاندماجية الفورية مع الشقيقة سوريا ومصر وبدعم مباشر من قبل الحكومتين المصرية والسورية بقيادة عبد الناصر وتحذيرها من المد الشيوعي الأحمر والغزو السوفيتي المتربص . وفي مقدمة هؤلاء حزب البعث والتيار الناصري بقيادة عبد السلام عارف والشواف والطبقجلي وغيرهم من الضباط بالإضافة الى شعارات وتبريرات لإقصاء قاسم عن قيادة السلطة وعرقلة تجذير (الثورة) والذي غالبا ما تخرج من تحت كوفيات القوى الإقطاعية والقبلية وبعض ا لعمائم المتحالفة معها التي ضربت مصالحها ونفوذها بإصدار قانون الإصلاح الزراعي وقانون أ لأحوال الشخصية وإلغاء قانون دعاوى العشائر كمطالب مشروعة لجماهير غفيرة من الشعب العراقي هذه القوى المحافظة نتيجة موضوعية بسب تردي البنية الاقتصادية والفكرية للمجتمع العراقي والعربي وتبعية البرجوازية للرأسمال العالمي مما سبب عجزها في قيادة هذه المرحلة وكما ذكر المفكر المصري صلاح عيسى:-
(فبقاء العالم العربي قرية في تركيبه الديمقراطي وشبه قرية في بناءه ألاقتصادي وسيطرة الايدولوجيا الزراعية على مناخه الفكري والعجز عن تحطيم العلاقات القبلية والإقطاعية مؤشر على ان البرجوازية قد كادت تنفذ دون أن تنجز شيئا له قيمة!!!!)
- قوى انطوت على النفس وترفعت على العمل السياسي بعد ان عجزت عن إسماع صوتها وتقويم الأخطاء والممارسات وإيصال رؤاها بطريقة ديمقراطية سلمية وواقعية سياسية في رفع الشعار واتخاذ القرار ومن هذه القوى حسب ما أرى الحزب الوطني الديمقراطي العراقي وعدد من المثقفين اليساريين والديمقراطيين المستقلين والذي جعل مثل هذه القوى تقف مذهولة حيرى متطيرة من هول ما حدث من الفوضى والدمار وتناحر عنفي ينذر بالعاصفة وهذا ما حدث بالفعل في 8 شباط 1963.
- قوى مساندة متحالفة الى حد استجداء العطف من لدن الزعيم الأوحد وأصحاب البزة الخاكية واستمالتها لقيام دولة الديمقراطية الشعبية وهي الشكل السائد للديمقراطي آنذاك في بلدان أوربا الشرقية وفي عموم ما يسمى بالمعسكر الاشتراكي وهي صيغة تتخفى بظلها هيمنة الحزب الشيوعي القائد ان لم يكن الأوحد في سدة الحكم. وبذلك يبدو ان قيادة الحزب الشيوعي العراقي غير مستوعبة وغير متمثلة لتنظير مراجعها من قادة الفكر الشيوعي والاشتراكي والذي أوضحت وبأكثر من مكان ومناسبة ومؤلف الى عدم قدرة البرجوازية التابعة على قيادة مهام انجاز الثورة الوطنية الديمقراطية وإيصالها الى بر الأمان وهو الاشتراكية كما هو مفترض كهدف للشيوعيين أوان هذا الموقف كان بضغط من الحزب المرجع في الاتحاد السوفيتي ضمن تنظيرات التطور اللاراسمالي صوب الاشتراكية بقيادة البرجوازية الوطنية الديمقراطية .
- (0برجوازية وبرولتاريا إقطاعية ذلك ما نلمحه في سيطرة القيم الزراعية في مجال التنظيم إذ تنتشر الفردية وهي ابنة شرعية للإنتاج الزراعي وتنبت علاقة الكتل الكبيرة وتسود العلاقات الشخصية والمعايير غير الموضوعية والتبعية للزعامة والقداسة التي ترسخها)     

الزعيم  الشهيدعبد الكريم بعد إصابته برصاص البعث عام 1959

 هذا انعكس موضوعيا على قيادة الحزب وبذلك أخذت تتخبط في إجراءاتها وقراراتها وهيمن على قيادة الحزب صراع عنيف بين مختلف التيارات والتوجهات والرؤوس وهو كما يبدو مرض مزمن في بنية الحزب والمجتمع على القيادة والسيادة وحب السيطرة منقسما الى تيار يساري متطرف منفلت مغامر يؤمن بنظرية الانقلاب والمؤامرة داعيا الى اختطاف السلطة من الزعيم ومناصريه ،وتسلم الحزب للقيادة وتيار يؤمن بضرورة مواصلة التعبئة الجماهيرية والضغط على السلطة العسكرية وانتزاع السلطة منها بالطرق السلمية او على اقل تقدير إجبارها وبالتضامن مع كافة القوى الديمقراطية واليسارية الأخرى على إعطاء الحزب دورا قياديا في إدارة دفة الحكم والمحافظة وتطوير وتحذير المطالب الشعبية هدف ووسيلة التغيير وكليّهما لم يكتب لهما النجاح والتأييد في حين سيطر على قيادة الحزب تيار(يميني) ذيلي متذبذب و متخادم مع العسكر بقيادة الزعيم الأوحد. ان فقدان وضياع البوصلة الطبقية لقيادة الحزب وجناحها المهيمن رغم الصدمة الكبيرة التي تعرض لها الحزب بعدم موافقة الزعيم على مشاركة الحزب في السلطة على الرغم من شبه سيطرة تامة للحزب على الشارع العراقي .هذه الصدمة التي كان يجب أ ن تكون صدمة صحوة لا صدمة غيبوبة للوعي ووسادة للخدر والغفوة مما أدى بالحزب الى فقدان السلطة في الحكم وفي الشارع معا وبالتالي أدت لأكبر انتكاسة للحزب وللشعب العراقي لازالت أثارها للان.
 ان تكبيل الحزب بقيود التبعية للبرجوازية والعسكر في الداخل وللشقيق الأكبر في الخارج أدى الى شد عصائب التضليل والتجهيل والخدر واللامبالاة للجماهير بشعارات غير واقعية أدى الى ابتعادها ويئسها وقنوطها وفقدان الحزب لسلاح المبادرة لحماية مكتسبات الشعب الذي حصل عليها بعد التغيير وكذلك عدم مبالاة وميوعة قيادة الحزب وهشاشة إجراءاتها للدفاع عن أنصار وأعضاء وأصدقاء الحزب وهم يتعرضون للقتل والإذلال والمضايقة من قبل سرايا الفاشية المسلحة أمام أنظار السلطة لا بل ان السلطة عمدت على اعتقال الكثير من النشطاء الشيوعيين وزجهم في السجون آنذاك.


دور الدول العظمى والدول العربية ودول الجوار:-

بعد انفجار الوضع السياسي في بغداد استنفرت كافة الأجهزة المخابراتية ناهيك عن القدرات العسكرية في ملف الأطلسي وحلف وارشو ودول الجوار لما للعراق موقع هام وخصوصا باعتباره عضوا فاعلا في حلف بغداد بقيادة بريطانيا في ظل عدم رضا الولايات المحتدة الأمريكية وتوجهها لأخذ زمام قيادة العالم من بريطانيا الآفلة وبين غضب حلف وارشو. وبذلك فقد وضعت كل هذه الدول أوراق مصالحها في السلة العراقية سواء في السر والعلانية لتكون هي الرابحة الوحيدة أو الرئيسية محرقة أوراق القوى المنافسة.
وليس بعيدا عنا واقع العراق الآن في ظل هيمنة الرأسمال والنفوذ الأمريكي وما يتعرض له الشعب العراقي من الإبادة والخراب .
نقول وتبعا لهذه المصالح والصراعات  كانت ولاءات القوى السياسية العراقية بوعي وبدون وعي تقف الى جانب هذه القوة أو تلك ،وهنا لا نغفل الدور الذي لعبته القاهرة ودمشق بقيادة عبد الناصر وتركيا وإيران ودول الخارج من اجل ان تجر ((الثورة)) الى مصيرها المحتوم وإغراقها في بحر الدماء والفوضى لتشنقها بنفس الحبال الذي  سحلت به رجلها الأول ((نوري السعيد ))، أخفت  هذه القوى طائفيتها وشوفينيتها ومصالحها الاستغلالية تحت شعارات القومية والدين ،اتحدت بكل فئاتها تحت ضغط قوة وخطر نقيضها الطبقي المتمثل بالطبقة العاملة النامية ومسانديها وأدواتها السياسية وخصوصا الحزب الشيوعي العراقي.
وهذا هو ما يفسر تشظي وتقاتل هذه القوى -  القطوازية  - تحت يافطات طائفية وعرقية بسبب وضعها المريح والمستريح لضعف وتشرذم وجهل نقيضها الطبقي وتخبط وضعف أداته السياسية والتنظيمية المتمثلة بقوى اليسار وأحزابه وحركاته وقياداته في الوقت الحاضر.
ان قوة القوى اليسارية وسعيها لتلبية مصالح جماهير الفلاحين وعموم الكادحين في القرية والمدينة لأجل خلع قوى الإقطاع والبرجوازية الطائفية وسماسرة الاحتكارات البترولية العالمية وإبعادها عن مصدر القرار السياسي نظرا لتناغم وارتباط مصالح هذه القوى مع مصالح القوى الرأسمالية المستغلة في العالم الرأسمالي تحت القيادة الانكلوامريكية المرعوبة من أمكانية ان يكون للسوفيت موطئ قدم في المياه الدافئة وفوق بحيرة البترول. دخلت بكل قواها من باب الادعاء بالديمقراطية والقومية المشرع أمامها بفعل العمى السياسي والوطني وضيق الأفق والأنانية وحب التسلط لهذه القوى ضد قوى التغيير الثوري وحرفه عن خط السير باتجاه ضرب مصالح حلف الناتو والشركات البترولية الاحتكارية وكسر عصى الإقطاع في عراق ما بعد التغيير.
في مثل هذه الظروف الصعبة والمعقدة يحضر دور الموقف الحازم والثوري الجريء والواعي لقيادة قوى التغيير صوب الأهداف المرسومة لها أي وجود القائد التاريخي لمثل هذه المرحلة الحاسمة الذات الفرد والذات الحزب والذات الطبقة ... وهنا اتضحت الهوية والصورة الحقيقية للزعيم الشهيد كبرجوازي صغير متوهما القدرة على الإمساك بكل خيوط الصراع الطبقي الملتهب والذي أصبح داميا بين أنصار التغير وأعداءه فخرجت من كهوف لاوعيه عفاريت الخوف من دور الجماهير والطبقة العاملة والشيوعية لتكبل يديه وتغشي بصره وجر قدميه عن السير قدما في نصرة وتجذ ير قوى التغير نحو استكمال مهام الثورة الوطنية الديمقراطية بقيادتها الثورية وبدلا من لجم قوى الردة ومن وراءها مخالب الرأسمال الانكلو أمريكي انطلقت حنجرته وزادة فصاحته بسيل لا ينقطع من الخطابات والمواعظ والتحذيرات والتهديدات متوهما نفسه ألها يقول للشيء كن فيكون؟؟؟!!!!                       
مصدرًا  العديد من القرارات والمراسيم وعدد من الإجراءات ضد مطالب وطموحات الجماهير الكادحة ومحجما دور أدواتها كالمنظمات الديمقراطية والمهنية وكذلك الحزب الشيوعي العراقي و زج عناصره في السجون. وظل متخوفا من جماهيره من الكادحين اللذين حملوه على الرؤوس واضعة كل ثقتها وأملها به وبقيادته كقائد وزعيم مخلص.ورغم ضخامة مسيراتها وآيات ولاءها وهدير هتافاتها بالولاء(للثورة) والزعيم الأوحد المحبوب لم يستطع الزعيم ان يتجاوز او يتخلص من كوابيس الرعب المتأصلة في لاوعيه وأمثاله خوفها من الجماهير والحنين الدائم الى أحضان الإقطاع والبرجوازية والإنصات الى دعاوى وعاظ السلاطين وفتاوى متقمصي لباس الدين، الذي لمست الخطر الداهم بفقدانها مصالحها بضرب مصالح حليفها التاريخي وولي نعمتها من الا قطاعين والمرابين وتجار السوق السوداء والمضاربين وهي تتنكب لواء محاربة كل الانجازات التقدمية والإنسانية والثورية التي أقدمت

الزعيم يزور السيد محسن الحكيم في المستشفى
عليها قيادة التغير تحت ذريعة محاربة الشيوعية ووقف المد الأحمر.
وهاهو التاريخ يكذب ويفضح كل تلك الأكاذيب والادعاءات ويعطي الدروس البليغة لكل ذي بصر وبصيرة ما أدى إليه انهيار الاتحاد السوفيتي على الشعوب والبلدان. أوطانا وجماعات ، بعد محاربة القوى اليسارية والشيوعية وفتح الأبواب إمام قوى الرأسمال والاحتكارات العالمية في عصر العولمة والرأسمال المسلح بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.
وها نحن نرى رؤيا العين المجردة ولمس اليد كيف جرت محاربة الشيوعية وعموم قوى اليسار الى الخراب والحروب الأهلية والطائفية والاتجار بالرقيق الأبيض والمخدرات وإشاعة روح الاتكالية واللامبالاة تجاه النفس والوطن والشعب والبيئة ولنا في ما حصل ويحصل في أفغانستان والعراق والصومال وقبلها أوربا الشرقية وجمهوريات الاتحاد السوفيتي واليمن وإيران وغيرها لتقع فريسة سهلة لقوى الاحتلال والإرهاب باعتبارهما توأمان لأم واحدة الرأسمالية العالمية المسلحة .......
مما شجع الزعيم وبرر له بعض اجرائاته وخوفه من تعاظم نشاط الحزب الشيوعي هي الممارسات المتطرفة والمنفعلة والعناصر التي ارتدت برداء الشيوعية ضمن موجة المد الأحمر آنذاك والذي لا تعرف من الشيوعية غير القمصان والأربطة والمسابح الحمراء والشوارب الستالينية المفتولة والباجات لصور لينين وقاسم معلقة في الصدور والمباهاة والتسابق في مظاهر السكر والكفر ومن أمثال مثل هذه الأفعال والأقوال ما جرى من القتل والحرق والسحل والاعتداء لقوى وعناصر حسبت على الشيوعية ،والشيوعية ومثلها الإنسانية من كل ذلك براء ، كانت بعض هذه الأحداث بسب ردود الأفعال العاطفية تحت ضغوط واستفزازات القوى المضادة والمعادية(للثورة) والمأجورة المندسة بين كل االفرقاء لإغراق البلاد في آتون الحرب والاقتتال الداخلي وما حصلت عليه هذه القوى من الدعم من قبل قوى إقليمية وعربية وغير عربية وقوى الاحتكارات البترولية للرأسمال العالمي ودفع هذه القوى لتغطس في مستنقع العنف الفاشي ألتدميري تحت يافطة محاربة الدكتاتورية القاسمية والشعوبية والشيوعية .... وما أشبه اليوم بالبارحة حيث تجري عمليات القتل والحرق والتدمير ضد أبناء الشعب العراقي وثرواته وتدمير مدنه وقراه وبناه التحتية بدعوى محاربة الاحتلال  الأمريكي والنفوذ  ألصفوي وألبسته لباس الطائفية المقيتة.
وقد ساعد على استشراء هذا الأمر واستفحاله وخروجه عن نطاق السيطرة الموقف المتذبذب لقيادة الحزب الشيوعي آنذاك وسعيه لقيادة ((المقاومة الشعبية )) ومن ثم التخلي عنها .
كرد فعل لما جرى من فوضى دفعت قيادة الحزب  للذهاب بعيدا في إجراءاتها اليمينية الانبطاحية ، ا لغرض  منها إثبات حسن النية للزعيم وأجهزة الدولة الأمنية فقامت بسحب الأسلحة الشخصية من أعضاء وكوادر وأنصار الحزب وسحب بلاغات اليقظة والحذر أو تهالك تلك الإجراءات بسبب عدم مصداقيتها وشللها مما ترك الحزب مخدر الإطراف محدود القدرة مترهل البنيان فمكن ثلة من المغامرين ان تسيطر على السلطة من أيدي قوى واسعة وغفيرة من الشيوعيين وأنصار الزعيم في المدينة والريف والقوات المسلحة .
غرقت قيادة الحزب آنذاك في بحر الجماهير الهائجة المندفعة الغير مسيطر عليها بسبب قلة الكادر وضعف كفائتة في إدارة دفة الأحداث وإتقان فن العمل العلني من قبل كادر تأقلم وتقولب مع العمل السري طيلة عقود من الزمان وعدم استيعابه لضرورات المرحلة وعلمية وعملية الحركة ولجم جماح القوى الفوضوية والمتطرفة والمندفعة والمندسة والقوى اليمينية المشرئبة أعناقها والعطشى للسلطة والمخدرة بمفعولها الذي اتخم الحزب بها لغرض تشويه سمعته وتأكل جماهيريته وصرف قاعدته وأنصاره عنه.
ومن العوامل التي ساعدت على حدوث ذلك الصراع الداخلي في الحزب بين عناصره القيادية وعدم قدرته وتلكؤ بعض عناصره او تعمدهم لعرقلة عقد مؤتمر للحزب ليضع الخطوط العريضة لنشاطه وبرامجه وتنظيماته وطرق ووسائل تحركه في مثل هذه التغيرات والتحولات الخطيرة في البلاد حيث لم ينعقد المؤتمر الثاني للحزب آلافي 1970 أي بعد 25 عاما من انعقاد المؤتمر الأول في 1945.
ونعود للزعيم الذي سلم رأسه ورأس (الثورة) ورؤوس الشيوعيين الذي كان العديد منهم معتقلا قدمها للفاشية البعثية و بيانهم الأسود رقم 13 بإهدار دمهم ،وقتلهم أينما و جدوا بمساعدة المخابرات الأمريكية التي كانت تذيع أسماء القيادات الشيوعية وأماكن تواجدها من إذاعة مجاورة للعراق.

الزعيم الشهيد ورفاقه بعد إعدامهم في مقر الاذاعة

وهاهو الحزب المسامح يهدر دماء رفاقه وجماهيره لعيون الديمقراطية الأمريكية المحمولة على ظهور الدبابات والطائرات ويصافح أيدي جزاريه والتهادن مع أعداءه الطبقين المحلين والمستوردين ليخسر فرصته في ان يكون المرجعية الوطنية الصادقة للشعب العراقي لمقاومة قوى الاحتلال والاستغلال.
ان سيطرة القوى الفاشية على السلطة في 8شباط 1963 افقد الشعب العراقي وقواه اليسارية فرصة تاريخية جبارة لتجذ ير (الثورة) وإيصالها الى شاطئ الأمان والديمقراطية والرفاه من خلال السير ضمن عملية تنمية صناعية وزراعية ونهضة وثقافة وطنية ديمقراطية من خلال ما أقدمت عليه قيادة الزعيم من خطوات كبيرة وتاريخية في هذا الاتجاه كقانون رقم 80 لتأميم النفط وقانون الإصلاح الزراعي وقانون الأحوال الشخصية ونشر التعليم ومجانيته في مختلف المراحل وتأسيس وتطوير العديد من المعامل والمصانع والكليات والمعاهد ودور العلم بالإضافة الى بناء ألاف الدور السكنية لفقراء الناس وتعبيد الطرق وتحديث المواصلات........الخ وفتح المجال أمام تأسيس المنظمات المهنية والديمقراطية والنقابات والاتحادات العمالية والفلاحية.
حصل كل ذلك في أفضل ظروف دولية بوجود قوة الردع والمساندة بقيادة الاتحاد السوفيتي بالإضافة الى الدعم منقطع النظير من قبل الجماهير الشعبية ومنظماتها المهنية والديمقراطية كاتحاد نقابات العمال واتحاد الجمعيات الفلاحة واتحادات الطلبة والشبيبة والمحامين والأطباء والمهندسين وكافة شرائح المجتمع الأخرى بغض النظر عن الدين والطائفة والقومية والجنس واللون.
ان ما جرى من أحداث خلال التغيير العاصف في 1958 وما بعدها وخصوصا بعد الانقلاب الفاشي في 8 شباط الأسود أدى الى تفتت اليسار العراقي وإضعاف قدرته وانشغاله في مداواة جراحاته وآلامه وتعرض الحزب للانشقاق والشرذمة على الساحة العراقية بتبني التيارات القومية للماركسية والاشتراكية بعد هزيمة حزيران وادعاء هذه البرجوازيات الصغيرة أنها على يسار اليسار ومنها ادعاء البعث بعد 1نقلاب 17 تموز و30تموز 1968 بقيادة الخط ألصدامي العفلقي للحزب وقدرته الفائقة على التلون والادعاء والمناورة وتزوير التاريخ الماضي والحاضر وإيغاله بالجريمة والتأمر والتصفيات لكافة الحركات المنافسة والرافضة لقيادته. استمر الحزب الشيوعي العراقي بين (اليمين واليسار) فمن تبني طريق الكفاح المسلح في الجبل والهور (القيادة المركزية)وبين محاولة حل الحزب في تنظيمات الاتحاد الاشتراكي العربي(اللجنة المركزية)
ما جرته التجربة الفاشلة للجبهة الوطنية مع البعث ألصدامي وعدم استيعاب الدروس والتجارب السابقة وصفات ونهج وخصوصية هذه الأحزاب ومنابعها الطبقية في العراق في أنها لا تجد مخرجا لازمتها في قيادة الحكم والاحتفاظ به الا بأسلوب القمع الدموي الدكتاتوري الفاشي حينما تستنزف أساليبها الديماغوجية في التضليل والتطبيل والشعارات الفارغة وحينما توضع أمام مفترق طرق بين الديمقراطية الحقيقية والتقدم وبالتالي إنهاء الحالة الاستثنائية وإتاحة الفرصة للقوى الاجتماعية الناهضة وخصوصا الطبقة العاملة وفكرها ومناصريها لتكون على رأس السلطة لقيادتها بحكم تطور الحراك الاجتماعي وعجز البرجوازية الممثلة بالكمبرادور عن النهوض بهذه العملية وبذلك فهي تلجا لانتهاج أسلوب العنف لكبح القوى اليسارية والشيوعية والديمقراطية التي تسعى الى بناء الدولة الديمقراطية التعددية لدستورية وفك ارتباط الاقتصاد الوطني من الهيمنة الرأسمالية
وهنا تتضح أهمية قيام قوى يسارية فاعلة قادرة على تحمل مسؤوليتها الوطنية والطبقية في عملية التغيير سعيا نحو بناء المجتمع الديمقراطي الاشتراكي هدف وطموح الجماهير ومأمن رفاهتها وخلاصها. (لكن ذلك رهبن بمدى حجم الإرادة الفاعلة لهذا النقيض وقدرته على فهم المستقبل فهما علميا بما في ذلك التحكم في الحاضر والسعي للتأثير فيه. وان حجم هذه الإرادة هو العامل الحاسم في تحقيق الحتمية وفي اختصار هذا التحقق زمنيا من الناحية الأخرى. من هنا يصبح بناء هذه الإرادة وتنقيتها ايدولوجيا وتنظيميا هو اقرب المهام زمنيا الى المستقبل) كما يقول صلاح عيسى
ان خير ما يمثل جزع البرجوازية الطفيلية في بلداننا ومنها العراق كونها مسخ لإقطاع بشع تفتقد لموضوعية وجودها ونموها ومفارقة اعتلاءها سدة السلطة السياسية وتنطعها لانجاز مرحلة التغير الوطني الديمقراطي هو الرد الفاشي المتغطرس لسلطة البعث على مطلب الحزب الشيوعي العراقي الخجول بإنهاء فترة الحكم الاستثنائي و الشرعية الثورية بحل مجلس قيادة الثورة وإجراء انتخابات ديمقراطيه وبرلمان وسن دستور دائم للبلاد حيث رأت قيادة الحزب ان الديمقراطية(عرجاء) (إن كانت هناك ديمقراطية أصلا)؟؟؟؟ وقد جاء هذا الطلب بناءا على ضغط قواعد الحزب ومطالبتها بموقف حازم للرد على ديكتاتورية وتعسف الحزب(الحليف). ومما هو جدير بالذكر ان هذا الطلب جاء بعد قص أجنحة الحزب الفاعلة بحل منظماته المهنية والديمقراطية كاتحاد الشبيبة واتحاد الطلبة العام ورابطة المرأة وإعطاء الشرعية الكاملة لمنظمات السلطة الفاشية مما سهل على السلطة ضربه وتصفيته.
تسبب هذا الطلب بهياج البعث وشنه حملة إعلامية وتصفيات جسدية واعتقالات بالجملة لكوادر وأنصار الحزب في طول البلاد وعرضها . مع تامين كافة التسهيلات لقيادته بالرحيل والمغادرة خارج العراق الذي أدمنت عليه هذه القيادة في أوقات الشدائد عدى بعض الأسماء المعروفة بصلابتها ومواقفها من السلطة وعدم مهادنتها فقد جرت عملية اعتقالهم وتصفيتهم ومجهولة مصيرهم لحين التاريخ كصفاء الحافظ وصباح الدرة وعائدة ياسين وغيرهم من الكوادر الوسطى في الحزب حيث تمت إذابة أجساد بعضهم بالتيزاب. وقد عاشت بقية جماهير ألحزب تحت رحمة قوى الأمن والمخابرات الصدامية فمن اعدم ومن أمضى شبابه في السجون والمعتقلات ومنهم من احترق بنيران حروب الطاغية حيث لا مفر بعد ان أصبح من المستحيل إعادة الصلة بالحزب وقيادته الهاربة والمنفية. ولم يبقى من الشيوعيين سوى قلة قليله اختارت ان تحمل أرواحها على اكفها ومقاومة النظام كل بطريقته الخاصة مما أبقاهم أقمارا زاهرة تنير ظلام العقول تحت نير ظلام الاستبداد والفقر والحروب أملة بيوم الخلاص من الدكتاتور ونظامه وقد كان ذلك قريبا جدا وشاخصا في انتفاضة آذار المجيدة لولا............؟؟؟؟ولكن من المؤلم ان يوصف مثل هؤلاء الشيوعيون البواسل المحاربين بالقاصرين بنظر القادة الفارين !!!!!!
ورغم ذلك وفقدان الكثير في حملة الدكتاتورية على جماهير الشعب ومنهم بقايا الشيوعيين فقد بقيت هذه الكوكبة مخلصة لأفكارها ولحزب فهد الخالد ولمبادئ الاشتراكية والشيوعية النبيلة متناغمة ومؤيدة شعار الحزب قبل الاحتلال (لا ديكتاتورية ولا احتلال) ولكن هذا الأمل قتل وتحول الى كابوس مرعب وخانق بعد ان استكانت قيادة الحزب لإرادة الاحتلال ومشاريعه الجهنمية مع بقية القوى القادمة على ظهور الدبابات والمتهالكة على كراسي الحكم الدولارية وارتضى المشاركة في مجلس الحكم البرايمري العرقي الطائفي الامبريالي!!!!؟؟؟
وضع الحزب الشيوعي  العراقي في مأزق وطني وطبقي وفكري كبير فزاد من الشرذمة والتشظي والتعدد للعناوين اليسارية والشيوعية على الساحة العراقية.
وفي ظل تعنت وحب ألهيمنة والسدور في الانحراف والخطأ لقيادة الحزب ذهبت إدراج الرياح الجهود المضنية التي تحاول ان تبذلها بعض العناوين اليسارية لإنضاج مشروع تحالف وطني لقوى اليسار العراقي وخصوصا بعد انعقاد المؤتمر الوطني الثامن وعدم الإشارة لا من قريب ولا من بعيد للقوى الشيوعية واليسارية على الساحة العراقية والمضي في طريق إغفالها وتهميشها ان لم يكن معاداتها وإلصاق التهم المختلفة بها وبرموزها  مضحية بكل  ذلك من اجل  مناصب وزارية معوقة ومهمشة ستفقدها ختما بعد  ان أفلست تماما في الانتخابات البرلمانية في 7-3-2010   كل هذا  أدى ويؤدي الى فقدان الشعب وعموم كادحيه المرجعية الوطنية والطبقية البديلة لقوى المحاصصة الطائفية والعرقية في ظل أوصاف مظللة لقوات احتلال عسكري بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية حيث ينذر تموز اليوم وبعد (53) عاما لتموز 1958 بخطر ضياع ونهب الثورة الوطنية وتقسيم البلاد الى كانتونات طائفية وعشائرية وعرقية لتكون الساحة العراقية ملعبا مناسبا لتنفيذ مخططات الامبريالية والرأسمالية المسلحة وهي تعيش أعلى مراحلها وهلاكها وتعريضها العالم للخطر فالإرهاب هو أعلى مراحل الامبريالية وهي أعلى مراحل الرأسمالية متجاوزة طور الاحتكار نحو الهيمنة المسلحة والاستعمار.   ان الواقع المتردي الحالي يتطلب  وجود قوى يسار عراقي جديد بعيدا عن  الانبطاح والولاء  للقوى الطائفية والعرقية المهيمنة على السلطة السياسية  او التنافس معها على كرسي الحكم قبل بناء قاعدة شعبية قوية واعية  ذات كفاءة في التفكير والتدبير  وقيادة عمليات التغيير المنشود، كذلك يجب عدم المهادنة او  الانبهار او الانجرار للقوى الإرهابية  التي تحاول ان تلبس لباس المقاومة المسلحة او غير المسلحة هذه القوى التي لا تختلف مع القوى المهيمنة على السلطة الا في  درجة هيمنتها وقمعها للقوى الوطنية والديمقراطية  او حول  شكل وكيف  كراسيها وحصتها من كراسي السلطة وكما يؤشر  ذلك المفكر الماركسي  سمير أمين حيث يقول (( الخطأ الاستراتيجي هو اعتبار ان مرحلتنا هي مرحلة تدعو الى المنافسة من اجل الاستيلاء على الحكم ، بينما هذا الاستيلاء لا معنى له طالما لا توجد في الساحة قوة اجتماعية شعبية تستطيع ان تفرض نفسها على القوى الاخرى الداخلية(سواء كانت تتجلى في نظم الحكم أم في بديل الإسلام السياسي وهما وجهان للعملة نفسها) والخارجية(الاستعمار الذي يقوم وراء هذين البديلين). فالمرحلة الراهنة هي مرحلة إعادة بناء هذه القواعد الشعبية الغائبة تماما حاليا، قبل التفكير في الاستيلاء على الحكم او المشركة معه من اجل دفعه نحو التقدم)  د. سمير أمين في مواجهة أزمة عصرنا ص287
بناءا على ذلك يظهر مدى الخطأ الكبير الذي  وقعت فيه قيادة الحزب الشيوعي العراقي اللجنة المركزية عند دخولها مجلس الحكم  ودخولها عملية انتخابية خاسرة مقدما ، وخطاها الفادح الأكبر  بتعاليها وترفعها على  القوى الشيوعية واليسارية العراقية الاخرى ، في حين عقدت تحالفات  مع قوى  متحالفة  ومتخادمة مع قوى الاحتلال والرأسمال ظنا منها أنها ستحقق فوزا كبيرا  في الانتخابات  ويكون صوتها الاعلى في قبة البرلمان  بواسطته تستطيع ان تلوي ذراع قوى  الإسلام السياسي ومن وراءه  الاحتلال الأمريكي وأنصاره!!!!؟؟؟؟؟؟
وهذا ما أوصل هذه القيادة الى الإفلاس التام سلطويا  ، والخسارة الأكبر خسارتها ثقة جماهيرها واغلب أنصارها من  الكادحين والمهمشين  والمقهورين، مما جعلهم فريسة سهلة لقوى التخلف والظلم والظلام
مما يلفت النظر تواريخ الأحداث  على الساحة العراقية أتت مناظرة لأحداث  مهمة وكبيرة ومفصلية في تاريخ الشعب العراقي، فمجلس الحكم الطائفي بقيادة برايمر أعلن عنه عشية  14 تموز 2003 وانهيار النظام كان بتاريخ 9-4-2003 أي في ذكرى إبرام معاهدة الصداقة والتعاون بين النظام المنهار والاتحاد السوفيتي.... إنها عملية استفزاز وتداخل  او استبدال تواريخ ومحاولة مسحها من الذاكرة العراقية؟؟؟؟!!!
في الختام نقول ألف تحية لشهداء تموز الأبطال سلام عادل ورفاقه وحسن سريع ورفاقه وخالد احمد زكي ورفاقه وعبد الكريم قاسم ورفاقه ومحمد الخضري وصفاء الحافظ وعائدة ياسين ضحايا الفاشية المدعومة من الامبريالية الأمريكية وحلفائها.
  ألف تحية لكل العراقيين الأحرار ضحايا الاحتلال الغاشم والإرهاب الفاشي في الماضي والحاضر، سيظلون نجوما تنير الطريق لجماهير الشعب العراقي لبلوغ  الحرية والسيادة الكاملة وبناء الغد  السعيد مهما طال الطريق وتعقدت وصعبت المهام التي بدونها لا تتحقق الحرية والتقدم والازدهار والديمقراطية الحقيقية.





170
في ديوانه الثقافي في مدينة النجف الاششرف
اقام السيد الدكتور عبد الكاظم الياسري امسية احتفالية ثقافية    بمناسبة ذكرى ثورة العشرين الوطنية التحررية 
             
                 

 في مساء الاول من تموز اقام  السيد الدكتور عبد الكاظم  الياسري امسية   احتفالية استذكارية  في ديوانه العامر بمناسبة  ذكرى ثورة العشرين الوطنية التحررية العراقية.
حيث قدم الندوة الشاعر المعروف شهيد الشمري ، مشيدا بالثورة العراقية الكبرى، ومشيدا  برعاية صاحب الديوان  الدكتور عبد الكاظم اليا سري، وبالحضور  المتابع المحب  للثقافة والادب والفكر.
افتتح الامسية  بقصيدة للشاعر السيد وسام الياسري،ة تغنى خلالها  بالثورة وامجادها وقادتها وببطولة  الشعب العراقي  ، ومقاومته للظلم والاستعمار، ثم قدم الدكتور المؤرخ حسن عيسى الحكيم محاضرة قيمة عن الثورة  التاريخية التي لازالت في ذاكرة احرار العراق، حيث المقاومة الباسلة لابناء العراق  من المدينة والريف العراقي ومن مختلف المكونات العراقية ، ومختلف الطبقات والشرائح ، كانوا متحدين متآزرين  متكاتفين من اجل  انتزاع استقلال وسيادة بلدهم من براثن الاستعمار البريطاني، وقد تطرق الدكتور المحاضر الى الدور الكبير الذي لعبه ابناء الفرات الاوسط وبالخصوص مدينة النجف  باعتبارها العقل المنظم والمحرض والقائد  والداعم للثورة، منبها الى احداث ثورة النجف في 1918 باعتبارها  المقدمة  للثورة العراقية الكبرى.
أشاد المحاضر بدور  العشائر العراقية المختلفة  في  مساندة الثورة ، بالتعاون والتنسيبق و قيادة بعض زعماء الدين انذاك ومن ابرزهم السيد محمد سعيد الحبوبي . وقد قرا المحاضر اسماء ابرز القيادات الدينيةوالعشائرية في الثورة ، ومجرياتها ، ومصير بعض قادتها.
وبعد ان اكمل موجزا محاضرته فتح باب النقاش والحوار للحضور ، اللذين اغنوا  جوانب مختلفة مما تطرق اليه الدكتور المحاضر وبعضا مما لم يتطرق اليه.
كانت  الامسية التذكارية موفقة وناجحة ومنتجة رغم ان  موضوع الامسية موضوعا  واسعا  من الصعوبة بمكان تغطية كل جوانبه.
في ختام محاضرته دعا السيد الحكيم  ذوي الشأن بالاهتمام بتراث ثورة العشرين الخالدة.....


 
بكرم مشهود  وأريحية وتواضع جم  رعى الدكتور  ألياسري الأمسية في ديوانه المعمور مستقبلا ومضيفا ومودعا السادة الحضور ، وهذا الامر ليس غريبا على سيادته  باعتباره ابنا بارا لوطنه وشعبه ومدينته ولعشيرته وأجداده من آل ياسر اللذين كانوا لهم دور بارزا في  التهيئة للثورة ودعمها وقيادتها كالسيد علوان ألياسري والسيد نور ألياسري وغيرهم، قدم الحضور والمحاضر آيات الشكر والتقدير له ولعائلته  الكريمة في رعاية  الثقافة والمثقفين في مدينة النجف ، واهتمامه الملحوظ في إحياء المناسبات الوطنية والدينية والثقافية.
 اختتم الشاعر   شهيد ألشمري الندوة  بالشكر الوافر للسيد المحاضر وللسادة الحضور والشكر لراعي الديوان ، مذكرا  بالدواوين النجفية  على امتداد  أيام الأسبوع، داعيا الجميع الى التواصل المستمر مع هذه المحافل الفكرية والثقافية  في مدينة النجف.
 
 




حميـــد الفتلاوي
رئيس تحرير مجلة الحرية
العراق
في 1-7-2011


171
أدب / ((عورة)) غارودي - نص شعري
« في: 23:50 29/06/2011  »
((عورة)) غارودي  - نص شعري
 حميد الحريـــــــــــزي

نعم لا  أحبـــــــــــــــكم
ولا
أرى فيكم من يستـــــــــــــــــــــــحقُ
صداقتي
غادرتني طيبتي، غُلَّت كفوفي
ما عادت تعرفُ
البسطَ
((لو صدقت لما كنت  ولا كنا))
بكتني أوهامي خلفَ شبابيكِ
مقبرةِ الأحلامِ
الموؤدةِ
أحرقتُ كلَّ صناديقِ جدَّتي
لأبخرَّ أصنامَ
الصدقِ
أُسكّنكُم حدقاتِ عيوني
وتسكنّوني مزابلَ
 ذكرياتِكُم
أحرقتُ زهورَ ربيعي
كي َتنيرَ ظلامَ دروبكم
 احترَقت صبيرات
عُمري
بانفجازاتِ
رواجِمكم
أشادتْ أدعيتـــــــــــــــكم  قلاع َ
القهرِ
غبيُّ أنا لم افهم دروسَ التاريخِ
كَمنْ لم يعرفْ
نفيَ الغفاري،
  حرقَ الحلاّج
          وقُرمطَ طريدَ خُلفاء اللهِ على الأرضِ
ما عاد ((يوسفُ)) مثلاً أعلى
سقطتْ رايتُه في وحلٍ
المالِ
تخلّى ((الرفاقُ)) عن مطارقِهم
ما عادَ
المنجلُ يُطّرزُ  رايتَهم
مَزقتْها رياحُ الدم((قراطية))
تبكيها ساريتها  وقتَ شروقِ
الشمسِ
كبثورِ الجدري ، شوهتَّها ذروقُ غربانِ
الكهوفِ المظلمةِ
لا زالت عَورة ((غارودي)) تُقَبِّح وجهَ
الفكرِ
ما أسعدني الآنَ
وقد تَغوطّتكُم على طرقاتِ سلاطين
العصرِ
سعالي ،عقارب، ثعابين
تُنشدهم أناشيدَ
السِحرِ
********************
عمى اسودَ، تقيأتْهُ أبارُ الذَهب
الأسودِ
هُدمَ المسرحُ ، تضخمتْ أعمدةُ
المعبدِ
فرعونُ النيلِ يصرخُ ألماً من
 سياطِ
فرعونَ البيتِ((الأبيضِ))
ما أوسخُكم
ما أقبحكم
حَملْتُم كلَّ جيناتِ الخســــــــــــــــــــــــــــــةِ
منذُ ما قبلَ التاريخِ
لِتشوه َوجهَ الدنيا
تتغوط ُ زيفـــــــــــــــــــــا ًفوق شبكاتِ
 ((النتِ))
خوفاً  من تمزيقِ قناعِ السلطانِ
الأوحدِ
لُحاكُم  فوقَ رماحِ منائرَ ((الله اكبر))
تُكَبِرُ رأسَ المالِ
وتلوط ُالغلمانَ خلفَ  ستار
المرقدِ
((الدولار)) مؤذنُ العصرِ عابرَ القارّاتِ
قافزَ البــــــــــــحار
مدوياً في كل بقاعِ
الأرضِ
متناهي الدقةِ  ، يُذَكِرُ بمواقيتِ سدادِ أرباحِ
القَـــــــــــــــــــــــــــــرْضِ
فما لنا ومالَ
((بلال الأسود))
التنورُ
 مُلك يمينِ البنت ِ((آغون))
يفورُ متى شاءت
تَقلِبُ عاليها سافلها، يوم تخرسُ كلَّ
((النقالاتِ))
الكل خارج التغطيةِ
يومَ لا يسَلمُ الا المثلــــــــــيون
ومن دخل 
((البيت الابيض))
من قبل ((صلعة)) العم غوربي ،وهلل لصواريخ
((الحريه))
****************
سقطتْ كلُّ  رسالاتِ  البشرِ
صارَ الدولارُ
((وحيُّ)) العصر
كفوا كل كفوفكـــــــــــــــــم  ، ما عدتُ  صغيرُكم
ما عادتْ تُغريني
((ديوك َالعسلِ))
أدمتني رماح شواربِكم
قتلتني سمومُ
القُبــــــــــــــلِ
   طناطــــــــــــــــــــــــل المزابل
جميعُكم
لصوصُ أَحلامي
منْ لم يشتركُ في  قلع ِزهورِ
أيامي
من لم يخنقْ  أحبُّ آمالي
فليتكلم
ستبقى  صلاتي  حبيسةً
محرابِ
ذاكرتــــــــــــــــي
أتساءل
متى ينتفض الله؟؟؟
عياله الفقراء ، يذبحون في كل  الأرض
بسيف
يحمل اسمه
أهلَكَــــــــــــنا عصف ((المال))
نبي العصر الدجــــــــــــــــــــــــــــال
صيّرنا
(جذوع أنــــــــــــــــــــــــس خاوية)
أفســـــــــــــــــد ((وكلائه )) كل الأرض
تكاثر أنبياء الزور
Copy &paste))))
أذن مؤذن ((البيت الابيض)):-
آمناً من أودع  دفتر ((صَلاتهِ)) في صندوق
البنك الدولي
آمناً من  نحر فقيرا  على مذبح
العم سام
قربان شكرٍ لموتِ
الإنسان
فمتى يفور التنور؟؟؟
ردحتم فوق  كرامتكم
((ابن طوعة))* قائدكم
ينثر الحلوى ويبخر
البخور
((المايزور ((البيت ألأبيض )) عمره خساره))
سئمتها منابركم
سسأيمم وجهي  صوبَ بيوتِ
((التنك))
وأُصلي خلف
خيالي
نعم
لا
 أطيقــــــــــــــــــــكم
لا
أحدَ  منــــــــــــــــــــكم  يستحق
صداقتي



أواخر حزيران 2011





172
ماذا وراء بدعة الاختبار في نقابة الصحفيين العراقيين ؟؟؟؟

بقلم  حميد لفته الحريزي
رئيس تحرير مجلة الحرية


منذ أكثر من خمس سنوات  قدمت طلباً الانتماء الى نقابة الصحفيين العراقيين عن طريق فرع النقابة في النجف  وللأسف للحين لم احصل على هوية النقابة علما بني رئيس تحرير مجلة ((الحرية)) المعتمدة من قبل نقابة الصحفيين العراقيين وبتوقيع المرحوم الأستاذ شهاب التميمي وفق مباركة النقابة  ذي العدد ((1531)) في 2-10-2007 وبرقم اعتماد ((366)). وقد  قدمت أكثر من أربعة طلبات  مؤيدة من قبل رئيس فرع نقابة النجف  مرفقة معها كل المستمسكات المطلوبة ومن ضمنها  كتاب اعتماد المجلة  والعشرات من المقالات والدراسات والأعمدة الصحفية المنشورة لي في  الصحف  والمجلات العراقية والعربية (( المدى، الصباح، الزمان،الأمة العراقية، صوت العراق، الأهالي، البينة، الدعوة، البينة الجديدة ، المواطن، جريدة بغداد ،مجلة بغداد، مجلة الحرية ، مجلة قراطيس، مجلة شعوب، المؤتمر،  جريدة الزوراء  التي تصدرها نقابة الصحفيين العراقيين ،العرب اليوم... بالإضافة الى  العشرات من المواقع الالكترونية العراقية والعربية))، كذلك عضو الهيئة الاستشارية لمجلس الصحافة العالمي وعضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق.
لم يرد مجلس النقابة على أي من الطلبات ردا مهنيا  كاستكمال وثيقة او عدم  توفر شرط من شروط عضوية النقابة، وهنا لابد ان نشير ان السيد مؤيد اللامي وأعضاء لجنة العضوية في المقر العام وأعضاء فرع النجف  استعرضوا  عام 2007 طلبات العضوية في مقر الفرع ومن ضمنها  اضبارتي وتم إقرار عضويتي كعضو متمرن مع وعد بترحيلي  للعضوية العاملة وبقلم السيد اللامي ولكن........... وكذا وعده في العام الماضي عند حضوره للنجف  في قاعة  جامعة الكوفة وعرض موضوع عضوية عدد من الصحفيين وعدم وجود أي مبرر لعدم صرفها ومن ضمنها عضويتي .. على الرغم من كونه لا يعطي المبررات  الكافية للتأخير ولكنه وعد بأنها ستنجز خلال اقل  من أسبوع  ولكن......
الآن تم ابتداع الاختبار لمن يطلب العضوية ولنا على هذه البدعة الملاحظات التالية:-
أولا:- لا يرفع طلب العضوية دون ان يرفق طالب العضوية  ما لا يقل عن (6-10) مواضيع منشورة  في الصحف والمجلات العراقية.
ثانيا:- ان يرفق الطلب بتأييد استمرار بالعمل الصحفي من مجلة او جريدة او جهة إعلامية معتمدة من قبل  النقابة .
نستنتج من ذلك ان مَنْ يُطلَبْ للاختبار هو من لم يقدم هذه الشهادات والدلائل على كفائتة  في الكتابة الصحفية والإعلامية...
فما هو المانع لمن له العشرات من المقالات والتحقيقات والدراسات، ويرأس تحرير مجلة معتمدة، وسبق ان اشر قبول الطلب والعضوية في اضبارته ما هي دواعي طلب حضوره للاختبار؟؟؟
الا يعتبر هذا الإجراء طعنا في  الصحف والمجلات  العراقية والعربية وهي من أمهات الصحف في البلاد لأنها نشرت ومررت مقالات وكتابات عنصر أمي صحفيا ولا يعرف ابسط مستلزمات الكتابة الصحفية وهو مضمون الاختبار؟؟؟
وهل ان من يقوم على تحرير الصحف والمجلات العراقية ليس صحفيا او من أساتذة الإعلام اللذين يعمل كلهم في  الصحف والمجلات التي كتب فيها طالب العضوية،  او ان المُختَبِر سيكون من صحيفة دير شبيغل الالمانية  او الديلي ميل والمورننك ستار او محمد حسنين هيكل ......الخ، لان الصحف العراقية  ليست بالمستوى المطلوب بالنسبة لمجلس النقابة في العراق؟؟؟؟
نرى ان هذا الطلب لا يعني  سوى فلتر  سيقوم من خلاله مجلس النقابة على عزل وعدم تمرير طلب عضوية  أي صحفي  غير  موالي وغير مرغوب به من قبل  السيد النقيب او رئيس الفرع ومن له سلطة القرار في مجلس النقابة لأسباب غير مهنية؟؟؟؟
لذلك   فان  إجبار  طالب العضوية ممن سبق وصفهم أعلاه أمرا غير مقبول وخارج الكفاءة المهنية، فهل يعقل ان يطلب من لاعب  منتخب او لاعب دولي  في 
أي لعبة  كانت  (القدم ، الطائرة، السباحة.. ) ان يشرح أوليات اللعبة  وعدد اللاعبين وما هو الخطأ والصح  عند ممارسة اللعبة؟؟؟؟
أرفق لكم  ما تيسر لي وما يسمح به وقتكم من  كتاباتي في الصحف العراقية، آملين من كل زملائنا الصحفيين العراقيين رأيهم فيما يجري وبكل جرأة وصراحة بعيدا عن  المجاملة والاخوانيات الغير مهنية... بالتأكيد ان ما ذكرته  يشمل العديد من الزملاء الصحفيين العراقيين المحرومين من هوية نقابتهم....
تقبلوا تحياتي مع الود والتقدير

حميد لفته الحريزي
رئيس تحرير مجلة الحرية
أديب وصحفي عراقي
Hamd.hur@gmail.com
15-2011
             

173
هل سيفعـــــــــــــــــلها المسئولون العراقيون؟؟؟*

حميد الحريزي
بدون أية إثارة للضجيج  والاستغراق في الخطب الرنانة المصحوبة  برسم إشارات وعلامات سحرية بمختلف الأشكال والألوان، مع بريق ((المحابس))  في اكف مسئولينا ، أقول  بدون كل هذا الوصف  ونتيجة ما حل ببلاده من كارثة طبيعية ونكرر  كارثة طبيعية لا يمكن ان يقف بوجهها  أقوى جبار على الأرض ... ظهر رئيس وزراء اليابان ((تاتو كان)) ليعلن  انه سيتخلى عن استلام راتبه الشهري كرئيس وزراء لحين تسوية  الوضع في محطة ((توكو شيما)) النووية التي أصيبت بأضرار بالغة نتيجة الكارثة الزلزالية الغير مسبوقة ، وتسرب الإشعاعات النووية منها...... بمعنى ان الرجل حمل نفسه جزءا هاما من المسئولية  في ما حدث وحمل نفسه مسئولية اكبر في ضرورة بل واجب إصلاح ما حدث ... وهو بذلك لا يستحق راتبا شهريا لازالت هذه المشكلة لم تحل؟؟؟؟؟!!!!!!
في مقارنة بسيطة بين  زعماء  حكوماتنا  وهذا الرئيس الياباني ماذا يمكننا ان نقول  وماذا يتوجب  ان يفعله رؤساء وزرائنا ورؤساءهم في العراق خصوصا وفي الوطن العربي عموما.... يُحَمِل الياباني  نفسه ما لم يكن  له ذنب فيها الا ان يكون الاهاً... في حين  تشهد بلداننا  عشرات الكوارث من قتل وسلب ونهب وسرقة للأموال وإزهاق الأرواح ... طبعا ان المسئول الأول عن عدم حدوث مثل هذه المآسي والكوارث تقع على السلطة التنفيذية في الدولة وخصوصا رئيس الوزراء والوزراء ونوابهم والمديرين العامين والمحافظين ونوابهم ......الخ.
ففي الوقت الذي أصبحت هذه المآسي من الأحداث اليومية المعتادة  في حياة العراقيين  بين مد وجزر كموجات مد وجزر بحر اليابان ... ولكنه ليس من صنع قوة خارقة ولكنه من صنع فساد وعدم كفاءة   وجهل  ولا إنسانية أجهزة الدولة التنفيذية ومصنعيها من قبل القوى والأحزاب والحركات السياسية المهيمنة على مقاليد السلطة في العراق وفق مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية او ما سمي بمبدأ المشاركة والتوافق  الناتجة من فوضى الديمقراطية وموجات  الانتخابات العرقية والطائفية التي ركبها أكثر الناس جهلا وأنانية وتعصبا، في حين ترفع عنها  أكثر الناس  قدرة وكفاءة وحبا للناس وللوطن...
نقول رغم كل هذا الكوارث الناجمة عن الفشل والجهل وشلل وكسل ان لم يكن تعمد  هذه الرؤوس المسئولة عن كل ما يجري، تردي  متزايد في الخدمات ، بطالة  مفزعة ، شلل الزراعة والصناعة، فضائح فساد تزكم الأنوف وعلى أعلى المستويات.... يعمل مسئوليينا وبرلمانيينا الموقرين على سن القوانين والتشريعات  لزيادة رواتبهم ومخصصاتهم ومنحهم وميزاتهم حيث تذهب اغلب موارد البلد الى جيوبهم... لم نسمع ولم نقرأ ان  برلمانيا او رئيساً للوزراء او وزيرا او مديرا عاما او وكيل وزارة  ومن كل الأطياف السياسية يمينية  او يسارية قد تنازل عن  جزء او كل راتبه من اجل  تسوية أوضاع البلد وحل أزماته .. او بعضا منها.. لا بل وصل عدد وزرائنا الى رقم  لا مثيل له في كل العالم.. وحكومتنا لم تزل تعاني من النقص في  العدد والقيم فاستحقت  تسميتها بالحكومة الناقصة بكل المعاني...... رغم ان الشعب قد نزل للشارع  مطالبا بمحاربة الفساد  ومحاكمة المفسدين وعزلهم والموزورين ولكن لا مجيب  لا بل اتهموا بالبعثية او الإرهاب او  حملة أجندات خارجية؟؟؟!!!
يبدو إنهم وجدوا حلا لحَرفِ وأبعادِ سهام هذه الاحتجاجات عن المطالب  بالنزاهة والكفاءة .. الآن عمت ظاهرة الكواتم .. وعادت  من جديد السيارات المفخخة والتفجيرات في طول وعرض البلاد.............
لا اعرف بمن يقتدي حكامنا في طريقة الحكم والسلوك؟؟؟
هل بالخلفاء الراشدين وكل الرموز المسلمة؟؟؟ فهم  ابعد ما يكونوا  عن هذه التجربة مجسدة بإعلامها  اللذين كانوا ويظلوا نماذجا تثري العالم بإخلاصها وعدلها وصدقها وتضحيتها.
هل يقتدون بأنظمة الحكم في العالم الرأسمالي في الغرب؟؟؟ الواقع يقول بأنهم من التلاميذ الفاشلين في هذه المدرسة العالمية بكل  صفاتها ومواصفاتها.............
هل يقتدون بأنظمة الحكم الشمولية ؟؟؟؟  الواقع يقول إنهم لم يقتدوا الا بأكثر نماذجها جهلا ودموية  واستئثارا بالسلطة والمال؟؟؟؟
البلاد  تتدهور  من سيء الى أسوء وهم  يتناطحون  فيما بينهم ووسط معاركهم ونطاحهم تذهب  الضحايا وتحوم المنايا على رؤوس الأبرياء من الناس من مختلف الشرائح الاجتماعية وخصوصا الفقراء منهم!!!!
نتمنى  صادقين أن  نذكر لحكامنا ((الديمقراطيين)) ولو حسنة واحدة  كي ننسى  ما تختزنه ذاكرتنا من حسنات حكامنا الشموليين  والديكتاتورين !!!
نريد حكاما يترحم عليهم العراقي لأنهم وفروا له عملا شريفا ، لأنهم علموا أبناءه في مدارس لائقة، لأنهم لم يسلطوا عليه  مخابراتهم ورجال أمنهم ومخبريهم السريين،  لأنهم وفروا له سكنا لائقا ، لأنهم أعطوه حقه او بعض حقه في ثرواته الطائلة، لأنهم لم يسرقوه ، لأنهم  رعوا الزرع  والضرع، لا نهم  لا يبيتون ليلتهم متخمين وهناك طفل عراقي جائع، لا نهم لا يخضعون الا لله وشعبهم......
طلبوا مهلة ((100))يوم  خلالها وبعدها سيلمس الشعب  تطورا في تقديم الخدمات ورسوخا في الأمن والأمان ..هاهي المهلة  على وشك الانتهاء والحكومة لم تكمل تشكيلتها ولم تزل أهم الحقائب الوزارية  بلا حامل ((الدفاع والداخلية والأمن الوطني والمخابرات))، والوضع الأمني  أكثر سوءاً  والفساد يعيش ربيعه الغير مسبوق، زيت فاسد عشرات الآلاف من الشهادات   المزورة في -النية العفو عنهم -،  خشب مصبوغ يدعى شاي ...الخ) ..؟؟؟!!!!
خرجت ملايين الحناجر العراقية المظلومة تطالب بتخفيض رواتب ومخصصات الرئاسات والدرجات الخاصة  دون مجيب  فأين هم من  مثال رئيس وزراء اليابان الذي لم يخلع بدلة العمل منذ الكارثة لحين التاريخ ورفض استلام راتبه الشهري كما ذكرنا .....

((هل سيفعلها المسئولين العراقيين))* كان هذا اصل العنوان كما ارسلته سابقا  بناءا على  ما اراه خلاق حكم اللغة بل وفق حكم المضمون وواقع المفهوم  حيث نرى المضمون يشير الى التنصيب او الانكسار وليس الرفع كم توجب قواعد اللغة، لذلك وجب التنويه مع الشكر، لذلك وجب التنويه مع الشكر

174
هل سيفعـــــــــــــــــلها المسئولين العراقيين؟؟؟

حميد الحريزي

 بدون أية إثارة للضجيج  والاستغراق في الخطب الرنانة المصحوبة  برسم إشارات وعلامات سحرية بمختلف الأشكال والألوان، مع بريق ((المحابس))  في اكف مسئولينا ، أقول  بدون كل هذا الوصف  ونتيجة ما حل ببلاده من كارثة طبيعية ونكرر  كارثة طبيعية لا يمكن ان يقف بوجهها  أقوى جبار على الأرض ... ظهر رئيس وزراء اليابان ((تاتو كان)) ليعلن  انه سيتخلى عن استلام راتبه الشهري كرئيس وزراء لحين تسوية  الوضع في محطة ((توكو شيما)) النووية التي أصيبت بأضرار بالغة نتيجة الكارثة الزلزالية الغير مسبوقة ، وتسرب الإشعاعات النووية منها...... بمعنى ان الرجل حمل نفسه جزءا هاما من المسئولية  في ما حدث وحمل نفسه مسئولية اكبر في ضرورة بل واجب إصلاح ما حدث ... وهو بذلك لا يستحق راتبا شهريا لازالت هذه المشكلة لم تحل؟؟؟؟؟!!!!!!
في مقارنة بسيطة بين  زعماء  حكوماتنا  وهذا الرئيس الياباني ماذا يمكننا ان نقول  وماذا يتوجب  ان يفعله رؤساء وزرائنا ورؤساءهم في العراق خصوصا وفي الوطن العربي عموما.... يحمل الياباني  نفسه ما لم يكن  له ذنب فيها الا ان يكون الاهاً... في حين  تشهد بلداننا  عشرات الكوارث من قتل وسلب ونهب وسرقة للأموال وإزهاق الأرواح ... طبعا ان المسئول الأول عن عدم حدوث مثل هذه المآسي والكوارث تقع على السلطة التنفيذية في الدولة وخصوصا رئيس الوزراء والوزراء ونوابهم والمديرين العامين والمحافظين ونوابهم ......الخ.
ففي الوقت الذي أصبحت هذه المآسي من الأحداث اليومية المعتادة  في حياة العراقيين  بين مد وجزر كموجات مد وجزر بحر اليابان ... ولكنه ليس من صنع قوة خارقة ولكنه من صنع فساد وعدم كفاءة   وجهل  ولا إنسانية أجهزة الدولة التنفيذية ومصنعيها من قبل القوى والأحزاب والحركات السياسية المهيمنة على مقاليد السلطة في العراق وفق مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية او ما سمي بمبدأ المشاركة والتوافق  الناتجة من فوضى الديمقراطية وموجات  الانتخابات العرقية والطائفية التي ركبها أكثر الناس جهلا وأنانية وتعصبا، في حين ترفع عنها  أكثر الناس  قدرة وكفاءة وحبا للناس وللوطن...
نقول رغم كل هذا الكوارث الناجمة عن الفشل والجهل وشلل وكسل ان لم يكن تعمد  هذه الرؤوس المسئولة عن كل ما يجري، تردي  متزايد في الخدمات ، بطالة  مفزعة ، شلل الزراعة والصناعة، فضائح فساد تزكم الأنوف وعلى أعلى المستويات.... يعمل مسئوليتنا وبرلماننا الموقر على سن القوانين والتشريعات  لزيادة رواتبهم ومخصصاتهم ومنحهم وميزاتهم حيث تذهب اغلب موارد البلد الى جيوبهم... لم نسمع ولم نقرأ ان  برلمانيا او رئيساً للوزراء او وزيرا او مديرا عاما او وكيل وزارة  ومن كل الأطياف السياسية يمينية  او يسارية قد تنازل عن  جزء او كل راتبه من اجل  تسوية أوضاع البلد وحل أزماته .. او بعضا منها.. لا بل وصل عدد وزرائنا الى رقم  لا مثيل له في كل العالم.. وحكومتنا لم تزل تعاني من النقص في  العدد والقيم فاستحقت  تسميتها بالحكومة الناقصة بكل المعاني...... رغم ان الشعب قد نزل للشارع  مطالبا بمحاربة الفساد  ومحاكمة المفسدين وعزلهم والموزورين ولكن لا مجيب  لا بل اتهموا بالبعثية او الإرهاب او  حملة أجندات خارجية؟؟؟!!!
يبدو إنهم وجدوا حلا لحَرفِ وأبعادِ سهام هذه الاحتجاجات عن المطالب  بالنزاهة والكفاءة .. الآن عمت ظاهرة الكواتم .. وعادت  من جديد السيارات المفخخة والتفجيرات في طول وعرض البلاد.............
لا اعرف بمن يقتدي حكامنا في طريقة الحكم والسلوك؟؟؟
هل بالخلفاء الراشدين وكل الرموز المسلمة؟؟؟ فهم  ابعد ما يكونوا  عن هذه التجربة مجسدة بإعلامها  اللذين كانوا ويظلوا نماذجا تثري العالم بإخلاصها وعدلها وصدقها وتضحيتها.
هل يقتدون بأنظمة الحكم في العالم الرأسمالي في الغرب؟؟؟ الواقع يقول بأنهم من التلاميذ الفاشلين في هذه المدرسة العالمية بكل  صفاتها ومواصفاتها.............
هل يقتدون بأنظمة الحكم الشمولية ؟؟؟؟  الواقع يقول إنهم لم يقتدوا الا بأكثر نماذجها جهلا ودموية  واستئثارا بالسلطة والمال؟؟؟؟
البلاد  تتدهور  من سيء الى أسوء وهم  يتناطحون  فيما بينهم ووسط معاركهم ونطاحهم تذهب  الضحايا وتحوم المنايا على رؤوس الأبرياء من الناس من مختلف الشرائح الاجتماعية وخصوصا الفقراء منهم!!!!
نتمنى  صادقين أن  نذكر لحكامنا ((الديمقراطيين)) ولو حسنة واحدة  كي ننسى  ما تختزنه ذاكرتنا من حسنات حكامنا الشموليين  والديكتاتورين !!!
نريد حكاما يترحم عليهم العراقي لأنهم وفروا له عملا شريفا ، لأنهم علموا أبناءه في مدارس لائقة، لأنهم لم يسلطوا عليه  مخابراتهم ورجال أمنهم ومخبريهم السريين،  لأنهم وفروا له سكنا لائقا ، لأنهم أعطوه حقه او بعض حقه في ثرواته الطائلة، لأنهم لم يسرقوه ، لأنهم  رعوا الزرع  والضرع، لا نهم  لا يبيتون ليلتهم متخمين وهناك طفل عراقي جائع، لا نهم لا يخضعون الا لله وشعبهم......
طلبوا مهلة ((100))يوم  خلالها وبعدها سيلمس الشعب  تطورا في تقديم الخدمات ورسوخا في الأمن والأمان ..هاهي المهلة  على وشك الانتهاء والحكومة لم تكمل تشكيلتها ولم تزل أهم الحقائب الوزارية  بلا حامل ((الدفاع والداخلية والأمن الوطني والمخابرات))، والوضع الأمني  أكثر سوءاً  والفساد يعيش ربيعه الغير مسبوق، زيت فاسد عشرات الآلاف من الشهادات   المزورة في -النية العفو عنهم -،  خشب مصبوغ يدعى شاي ...الخ) ..؟؟؟!!!!
خرجت ملايين الحناجر العراقية المظلومة تطالب بتخفيض رواتب ومخصصات الرئاسات والدرجات الخاصة  دون مجيب  فأين هم من  مثال رئيس وزراء اليابان الذي لم يخلع بدلة العمل منذ الكارثة لحين التاريخ ورفض استلام راتبه الشهري كما ذكرنا .....

175
أدب / بمـاذا تفـكر الكلاب؟؟؟
« في: 11:07 01/05/2011  »
بمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاذا
               تفــــــــــــــــــــــــــــــــــكر  الكلاب؟؟؟


حميد الحريــــــــــــــزي

 بماذا تفكر الكلاب؟؟
سؤال بلا جواب
بماذا تفكر الكلاب
بعظمة مكدودة؟؟
برأس قمرٍ فوق السحاب؟؟
بقلادة من ذهب
بشال من حرير
بلحس مؤخرات عواهر  ((هوليود))
أم  في يوم العقاب والثواب؟؟؟
بماذا تفكر الكلاب؟؟؟
هل تعرف الأعراق والأطياف
هل تعرف المعاهدات والأحلاف
لأي منظمات تنتمي
هل تعرف  الحركات والأحزاب؟؟؟
هل رعية ؟؟
هل في نظامها كلابا و رئيساً للكلاب؟؟؟
ملكية او جمهورية ؟؟
ما شكل الحكم في دولة
                  الكلاب؟؟؟
أ تعرف معنى الهمر
أ تعرف الأباشي
 أم  تظنها من  أخواتها الدواب !!!
كم عام يعتلي الكلب العرش ويعتزل؟؟؟
أ يقبل بالبديل
        أو يعلن الحرب والقَتِل ؟؟؟؟
يعلن  حالة الطوارئ
               أ و يلملم عظامه ويقرر الرحيل ؟؟؟
أ   يكتفي بالعواء والإضراب؟؟؟
بماذا تفكر الكلاب؟؟
من يعدل بين الكلاب؟؟
من يعتلي العرش ويضبط  الحساب
أ يعرف  ما معنى  لجان النزاهة؟؟؟
رأيته فوق الكنوز يبول
يسكر نشوة  حين تلتف الذيول
حبيبته سيدة القول
لها قرار  الرفض ولها القبول
لا تعرف ما معنى  الاختطاف و الاغتصاب
تحيا  بسلام
تهزئ من ذل خوار انثى البقر
حين  وقت  السفاد
لأول  ثور تسلم القياد
ألكلبه سيدة الخيار، كل الذكور حولها تدور
تلحس التراب من خلفها، تعيش في
انتظار
بلا جلد بلا وعد بلا حجاب
 ما أروع حب الكلاب ؟؟؟
 ما أحكم الكلاب
تعلمنا معنى التواضع والورع
لا تتبول الا فوق مرتفع!!!!
ما أروع  أن تكون جروٍ
ابيض أو بأي لون
يكبر على الوفاء ، يكره  الرياء ويطارد
الذئاب
فما أروع الكلاب؟؟
لا تعرف معنى الطبقات
ترافق الفقراء
والجياع
أصوات الكلاب لا تشرى
ولا تباع
يغادرها الإنسان ، يهجرها
الرفيق
لا تعرف القطيعة
والعتاب
فبماذا تفكر الكلاب؟؟؟
أَتكتب أم الوفاء مذكراتها
أتزور الشهادات؟؟
أ تعرف أرقام الأزقة
هل تحفظ أرقام الدور
والأبواب؟؟؟
هل ترتاد المكتبات وتقرأ
الكتاب؟؟؟
بماذا تفكر الكلاب؟؟؟
سؤال بلا جواب
هل تذرف الدموع ؟؟
هل تحمل جوازات سفر؟؟
هل تستأجر المخادع والحفر؟؟
هل تدرك معنى ان يكون الرغيف نظيف؟؟
هل تعرف الجفاء
والعتاب؟؟؟
هل لها مخبر سري  يدبلج الأخبار؟؟
هل  لها بطاقات سكن؟؟
هل لديها جناسي وشهادات ؟؟
هل للكلاب مخاتير
يدل عليها البوليس لأمر خطير؟؟
هل نجد في  قانون الأمم ؛للكلاب باب؟؟؟
تتكلم بأي اللغات
هل تدرك الحدود والمسافات
أو قل هل ترفع الشعارات
هل تميز الماء من
السراب؟؟؟
هل تعرف التشهير والتحقير
والسباب؟؟؟؟
فكيف تفكر الكلاب؟؟؟

نيسان 2011





176
المنبر الحر / عامـل أنا
« في: 16:19 28/04/2011  »
عامـــــــــــــــــــــــــــــــــــل أنا – نص شعري
بمناسبة عيد العمال العالمي

حميد الحريزي
 
عاملٌ أنا
بدلتي السماءُ زرقاءُ
عاملٌ أنا الجِدُّ
أنا وتدُ الأرضِ
بسمةُ الأوطانِ
أنا روحُ الزمانِ
أَنا
 مشغلُ البناءِ عشيقُ الشمسِ في كلِّ يومٍ أخلقُ جديداً
في كلِ يومٍ
لي مولودٌ ودرسٌ
الشمسُ  شَمسي
تقبلُني عندَ الصباحِ ، تودُّعُني عندَ
المساءِ
 عَشِقَتْ الصدقَ مطرقتي
أنا رَحمُ الخلقِ
أنا للإبداع وعاء
سلُوا الشواهقَ عنّي ، سَلُوا بواطنَ الأرضِ
جروحي لن تجفَّ بعدُ
صَدئتْ آلاتُ مصانِعي 
 محسودةٌ هي
أخواتِها  هربّوها أعداءُ العراقِ
ماتتْ أغاني   صباحاتِ العملِ
قالوا
أجنحةُ الطيورِ
 قصّوها
ارفعوا حناجَرها
فالغناءُ
والتصفيقُ حرامٌ
لذكر ((كاورباغي))* يجن جنونُ
((الهمرِ))
متى تَدورُ الآلاتِ
لتنسجَ  آمالُ العُمَالِ
وتُخيط ُألبسةَ
الأطفالِ
أصبحت معامِلُنا  مقابرَ
كبلوها أيدينا
بعد ان عُدنا من
السواترِ
 متى  نتمثلُ قولَ المنائِرِ
((حي على خير
العملِ))؟؟؟
مطرقتي معوقةٌ تشكو الكَسل
والمنجلُ مكسورٌ
كسيرٍ حسيرٍ فاقِد
الأملِ
قال ((القائد المظفر)):-
اقفلوا المعاملَ
 اتركوا المزارعَ والحقولَ
فلتجفف  ألأهوار والجداولَ
اتركوها مقاعدُ الدرس
لا حاجةَ لكم بالأفراحِ والعِرس
دعُوا  اليومَ وغداً
تأملّوا جدكم ((القعقاع)) في
الأمسِ
الأمريكان لكم أعداءُ والروس والألمان
كل الأقوامِ أعداؤنا
 والكويت طريقُنا المضمونُ الى
القدسِ
أنا ((ربكم الأعلى))
أقرأ العيونَ  في البيوتِ والسجونِ
أنا اعلمُ ما لا تعلمونَ
أعلم الجهرَ ،وما يقالُ في
الهمسِ
((عامل)) وصف ((وضيع))
سلوني أنا بعلمِ النفسِ  ضليعٌ
فأبدلنا هذا الوصفَ
 المزيفَ
بأ مرنا سيكُون العامل
موظفٌ
أصبح ((الزيتوني)) سيدُ الألوانِ
تكاثفَ الحشدُ
وضاقَ بالهتافين المكانُ
انتشرَ النفاقُ  كالجذامِ
((بالروح بالدم نفديك ياصدام))
صار الرجوع للخلفِ أمام
بأمر الانكَليزِ والأمريكان
لبس الوحشُ قناعُ إنسان
صار سيدُ المالِ
محرراً للأوطانِ
وصار ((الشيطان الأكبر))
رمزا للحريةِ والأمانِ
جلب ((المحررُ)) قطعاً من لصوصِ
نصفُهم يعتلي الكراسي
للحريةِ ينظرُ ويقيمُ
الأماسي
ونصفُهم الثاني
يرتدي  ثوبَ المخلصِ
حامي حمى الدينِ والعرضِ والوطنِ
مقاومٌ ، مساومٌ
مجهولٌ المعالمِ
يرتدي الجينزَ، والكوفيةَ، وألوانَ من
العمائمِ
يصنع اللواصقُ والحوارقُ
لديهِ كلَّ أنواعِ
الكواتمِ
خبيرٌ في تجارةِ الأصفرِ والأبيضِ والأسودِ
خبيرٌ في كتابةِ الحروزِ
والتمائمِ
لذا لا تسأل عن زرعٍ أو صنيعٍ
نحنُ نأكلُ
نقطعُ ولا نشتلُ
نحن نشتري ولا نبيعُ
هكذا قررَ
خبيرنا  الضليع
بماذا يحتفل عمالُ العراقِ
بركامِ المصانعِ
أو بدمِ الشعبِ
المراقِ
سماؤنا رمادٌ
أرضُنا بُوارٌ
وماؤُنا مرٌ
المذاقِ
فبماذا يحتفلُ عمالُ العراقِ؟؟؟
الاشتراكية كفراً،  ب((الثلاث))أ لقينا عليها
الطلاقَ
في جيبه حرز ،الدولار له حلال
في جيبي رجسٌ
فيه سرُّ البلاءِ
والظلالِ
عليك الصمت لا تقل هذا
نفاقٌ
حدودُنا تتقيأُ علينا قَيحهم
لا تكن شموليا
((دعه يربح دعه يمر))
هكذا أفتى سيّدُ
المالِ
أبوابُ الحريةِ فتحناها
فلا تضيقُ عليها
الخناقَ
لنا الخضراءُ والقصورُ
ولكم  شوارعُ بلا أرصفةٍ
فالأرصفةُ ملكاً
ل((لهمر))
بطلة مسرحِ ((هايمكارت))**
يوم شنقَ النجومُ الزرقاءُ  ،يومَ  أغتيلَ
القمرُ
ولتكن تعليماتِنا مفهومه
((القطاع العام)) ممنوعٌ عليكم
كما أمرَ ((القائد الضرورة))
((القطاع العام)) حكراً
للحكومه
ماذا يعني ان تكونَ عاطلاً عن
العملِ
الأرزاقُ بيد الرزاقِ
فلا داعي للنقمةِ
والجدلِ
هذه قوانين ((العدل))
..............، فمتى يطيب العيش
ومتى جرح العراقي
يندمل
لا دخانَ مدخنةٍ يرتفعُ
ولا عجلةٌ تدورُ
صمتُ مَعامِلنا، كصمتِ
القبورِ
هل من جواب ٍ،هل من قولٍ لديكم
يا((رفاق))؟؟؟؟
بماذا يحتفل عمالُ
العراق؟؟؟؟
 
أواخر نيسان
2011
* إضراب عمال النفط ضد الشركات الاحتكارية في كركوك في 1- تموز 1946 وقد استمر 13 يوما.
(*(*  في عام 1886 أعلن ألوف العمال في شيكاغو في الولايات المتحدة الأمريكية  الإضراب العام احتجاجا على ظروف  العمل القاسية  التي كانوا يعانون منها،ونزلوا الى الشارع  بتظاهرات ضخمة  مطالبين  بتحين  شروط العمل وبيوم عمل من 8 ساعات  وقد اتسع الإضراب  فشمل جميع المؤسسات  الصناعية ومؤسسات  النقل  وعلى الفور أرسلت  الحكومة الأمريكية  عميلة  الاحتكارات  جنودها  لقمع الإضراب  فسفكت دماء بريئة  واستشهد عدد  من العمال ).
وقد دست الحكومة  مجموعة من العملاء والجواسيس داخل المظاهرة  تمكنت من إلقاء متفجرات تسببت في مقتل بعض الناس مما أعطى  المبررات للسلطات  باعتقال عدد من العمال ومحاكمتهم  والحكم على عدد منهم بالاعدام أو السجن  لسنوات طويلة.وقد اظهر  القادة العمال  النقابيون  صلابة  كبيرة وهم يواجهون  الإحكام  الجائرة الصادرة من قبل  قوى الرأسمال  حيث قال العامل ((لينغ))" إني احتقركم واحتقر قوانينكم وسلطاتكم  المبنية على القوة فاشنقوني من اجل هذا.
وقال العامل (انجل)(( هل بإمكان احترام حكومة  تمنح حقا لطبقة ممتازة وتمنعه عن الطبقة العاملة ؟ ليس بوسعي  احترام حكومة  من هذا النوع).-(
وقد قال العامل شواي (( أنا اعلم  ان هدفنا  لن يدرك  هذه السنة ولا السنة القادمة ولكن سيدرك في يوم من الأيام )) .
أعيدت محاكمة العمال بعد سنتين  من صدور  الإحكام  بعد ان اعترف احد الجواسيس بما قام به  مدفوعا من سلطة الرأسمال بعد ان لم يتمكن من الصمود أمام تأنيب الضمير  تم تبرئة العمال ومن  الملفت ان هذا التأنيب الذي لم نجد له مثيلا  في ضمائر ووجدان جواسيس الدكتاتورية في العراق جزاء ما اقترفوه من أعمال القتل والقهر والتعذيب وافتعال الأحداث وتلفيق التهم  وشهادة الزور  ضد القوى المناضلة  لنيل حقوق الطبقة العاملة والمكافحة من اجل الحرية والكرامة الوطنية.
وقد جرت الاحتفالات  بالأول  من أيار عام 1889 في ألمانيا والإمبراطورية الهنغارية وفرنسا وايطاليا وبلجيكا والسويد وأقطار أخرى وكان من  ابرز شعارات هذا الاحتفال ياعمال العالم اتحدوا).
(وفي المؤتمر الاممي بباريس تقرر القيام بمظاهرة أممية كبرى في يوم معين يبقى ثابتا كل سنة  ليتسنى  للشغيلة في كل ألأقطار والمدن  مطالبة السلطات الاجتماعية  بتحديد يوم العمل بثماني ساعات).
 
 
 
 
 
 
 
 

177
المنبر الحر / منائر النساء
« في: 12:12 22/04/2011  »
منائر النساء

الى التي  انشغلت يديها بحمل قلبها هديه لأبناء وطنها ، انشغلت أيدي الخسة بسرقة نقودها على خشبة المسرح.
الى من تستحق ان توضع كل قطرة من دموعها في قارورة كأثمن جائزة تقدم للأدباء والفنانين وأهل الثقافة والفكر بدلا من جائزة ((نوبل )) ،لتكون جائزة ((ناهده)) صانعة الفرح والحب والأمان والوفاء 
الى الإنسانة ، الى الفنانة الى القديسة  الى وهج الحب والنقاء الى أم الفقراء الى :-
((ناهده الرماح)) أقدم هديتي المتواضعة....


حميد الحريزي

من يضيء مصابيح
النساء
يملك الأقمار والنجوم
من يضيء مصابيح
النساء
يملك مفاتيح أفلاك
السماء
********
من  يفتح خزائن
النساء
يحل طلاسم  الخلق
ويعلم سر كل
داء
********
من  يتقن  حكمة النساء
يسود  الأرض
 بلا
عناء
******
من  يدخل قلب  المرأة
يحيا  آمنا
يتعلم دروسا في البر
والوفاء
*******
من تناوله المرأة رغيفا  من رضا
يتذوق  حلاوة طعم الحب
مع
الغذاء!!
******
من يتوسد حضن المرأة
ينام قرير
العين
يملك سر الحب ، يعلم الناس طعم
الهواء!!
*************
من توشوش له المرأة
حكايات العشق
يتقن سر اللحن و سحر
الغناء
***********
من تفتح له  المرأة  مصباح
عينيها
يأمن  شر الظلمة  ويمسك سر
الضياء
**********
من يمسح دمعة خد امرأة
لا يمسه الحزن
دهرا  ، فدمعها  قبسا من
هناء
********
أشهد:-
انك الوجود والبناء
سيدة الخلق  أنت لا ينصفك
الثناء
تعالوا نطالع الخفاء
تعالوا
نستكشِفُ الما وراء
حين نجوع تكون  لنا خبزا
حين نتعرى تكون لنا
رداء
نقف في حضرة  أم الكون
نبحر عبر بحار
((النون))
مالكة سر فرح الكون
تُطَهِرُ النفوس  ، حين تمارس
الفنون
مسرح هي في كل دار
تعلم الحروف
تحني الكفوف
هي لكل تائه
منار
حين تضاء مصابيح
النساء
تتوارى  النجوم   ، بنورها الأرض تباهي 
السماء.
بأقمار دموعها كتبت اسم
الوطن
أغلقت عليه الجفون
من اجله كل أمر يهون
أم العطاء لا تعرف للحب
ثمن
أم العطاء تعارك
المحن
((ناهدتنا )) نهرا من
نقاء
تعالج الأسى بالدموع
 مبسمها  يتضوع عطرا
((ناهدتنا)) لا تعرف الخضوع
رقصت لها الأطيار والزهور
في ارض الصبا
هتفت باسمها الجموع
((ناهدة )) الشعب لك كل القبل
((ناهدة)) العراق  لابد من رجوع
ان تنكر لك أصحاب الكراسي
تيجانهم لقدميك مداس
هم الظلم والظلام وأنت
الضياء
لنا
أنت
قلباً تحرسه الضلوع
((ناهدتنا))  نقولها بلا رياء ،عطر  الحياة أنت ونحن
الإناء
نقولها بلا رياء
إذا كان الناس أرضاً فالفن
ماء.
نيسان 2011
Hamd.hur@gmail.com




178
مع من يلعب الشعب في الملعــــــــــب؟؟؟؟!!!

كلما اقتربت نهاية أل((100)) يوما  لوعد الحكومة لأبناء الشعب بان تقدم له انجازاتها على مختلف المستويات وخصوصا الخدمات الأساسية ، ومحاسبة المفسدين ، وكلما  اتسعت رائحة العفن والفساد وأخره  فضيحة الزيت الفاسد بمليارات الدنانير العراقية ،  لم يلمس المواطن العراقي أي تطور  في الخدمات الأساسية كالكهرباء والتربية والتعليم والسكن والصحة  لا بل هناك تراجعا في بعض هذه الخدمات وفي أحسن الأحوال بقائها  على حالها...... وبدل ان تتلافى السلطات تعثرها ان لم نقل فشلها وفي مقدمته  كونها لم تزل حكومة ((ناقصة)) بكل المعاني .. أخذت تبتدع أساليب مختلفة من اجل تكميم أفواه العراقي المنتفض على واقعه البائس ومعاناته المزمنة والمطالب بالتغيير الشامل والجذري لمشاكله وهمومه، وعوزه وضنكه، يتأجج غضبه يوما بعد آخر وهوى يرى اللامبالاة وعدم الاستجابة لمطالبه المشروعة... كما يرى ان أمواله تنهب وتسرق جهارا نهارا ، يرى  تلاعبا خطيرا ومميتا  بقوته اليومي ومستقبله ومستقبل أطفاله.....  وآخر هذه البدع  توجب على المتظاهرين حصر تظاهراتهم ومسيراتهم الاحتجاجية في الملاعب  الرياضية العامة .... يبدو إنها أحست ان الشعب العراقي  أصبح متخوما ومترهل الجسم  مبتلى ب((بكروش))  البدانة ،  لمجرد  شمه رائحة الزيت  ا لذي استوردته له وزارة التجارة التي  تسهر على صحته وسلامته وتضخم كرشه.... فارتأت حكومتنا الموقرة ان تدخل أبناء الشعب  في الملاعب العامة ليمارسوا رياضة الترشيق رافعين رايات ولافتات الشكر للحكومة  الموقرة وحرصها الكبير على صحتهم؟؟؟!!!!! . كذلك اكتسابه اللياقة البدنية الكافي لاستقبال وفود العرب القادمة لعراق ((الزيت)) المميز  لتتذوق طعمه وهي تتلقف أل((450)) مليون دولار المخصصة  لحلالي المشاكل العرب، والاستفادة من تجاربهم في  رعاية وإسعاد  شعوبهم، التي خرجت عليهم بصورة غير متحضرة في ميادين التحرير والتغيير، فعليهم ان يتعلموا من تجربة حكومتنا  في جعل التظاهر في الملاعب حصراً!!!!
يبدو ان حكومتنا قد  أفلست من تصديق الناس لاتهامها المتظاهرين بأنهم  من البعثيين والارهابين والقاعديين  وانها  تشم فيهم رائحة الشيوعيين   ((الملحدين)) ،  ضاق صدرها ولم تعد تحتمل  الأيادي التي تريد ان تلعب بالدهن هذه المرة!!!
فاخذت  أيديها تلعب بالنار وهي تخرق أهم فقرات الدستور التي  تضمن حرية التعبير والتظاهر للمواطن العراقي حيث يشاء وأين يشاء  ،  يجب ان تدرك الحكومة ان إجراءاتها هذه  خرق فاضح للدستور الذي تتكئ عليه وقت ما تشاء وترميه جانبا حين يهدد مواقعها  وكراسي أنصارها من الفاسدين والمفسدين......
أيها الحكام ان الشعب لا يلعب ، ان الشعب  يطالب بحقوقه التي تعاقد معكم على تحقيقها في الانتخابات البرلمانية الأخيرة ، فإما أن تفون بالوعود والعهود وإما ان تعلنون عن عجزكم  وإفساح المجال لغيركم في إدارة شؤون البلاد والعباد. وان لعب الشعب معكم في الملعب فالحكم  هم انتم من كتبتموه وصوت عليه الشعب ،  وهو الدستور العراقي الدائم ((المادة” 36 “:
تكفل الدولة وبما لايخل بالنظام العام والآداب:
أولا حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل.
ثانياً ـ حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر.
ثالثاً ـ حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وتنظم بقانون.)).

ضمن ما  ورد أعلاه فان الحكم بالتأكيد سيرفع بوجه السلطة الكارت الأحمر والطرد من ساحة الملعب وإعلان فوز الفريق المنافس.
أيها الحكام ان الشعب لا يكل ولا يتعب  وهو يناضل من اجل  حماية آمنه وثروته وكرامته، يجب عليكم ان تعيدوا قراءة تاريخ أبناء العراق جيدا ، وعليكم ان تقرؤوا ما يجري حولكم لرؤوس قطفت ورؤوس أخرى حان قطافها ، وقد ارتدت هراواتها  عليها  عارا وشنارا  ولعنه.....
أيها الحكام استمعوا لصوت الشعب ولا تستمعوا لأصوات جيوبكم وأصوات كراسيكم، فبدون كسب ثقة الشعب لا مال يدوم ولا حكم يقوم.
      الشعب  لا ((يلعب)) ...الشعب لا يتعب ....الشعب لا يغلب

حميد الحريـــــــــــزي
العراق 16-4-2011

179
فضاء الثقافة ألنجفي وجمعية تنمية المرأ ة في النجف
تقيم ندوة حوارية حول مسودة قانون  حماية الصحفيين العراقيين
المقدمة لمجلس النواب العراقي للمناقشة والتشريع

برعاية الدكتورة بتول فارق عضو البرلمان العراقي وعضو لجنة الثقافة والإعلام في  المجلس الوطني أقام فضاء الثقافة وجمعية تنمية المرأة في النجف ندوة حوارية حول قانون حماية الصحفيين العراقيين المراد مناقشته من قبل أعضاء مجلس النواب خلال جلسته الحالية، وقد حضر الندوة   بالإضافة للدكتورة  بتول فاروق ، الإعلامي المعروف سالم مشكور والسيد  نقيب الصحفيين في النجف  ، وعدد كبير من الصحفيين والإعلاميين ومراسلي   القنوات الفضائية والمهتمين بالشأن العام، أدار الندوة الحوارية  الأستاذ الشاعر عبدالله الجنابي رئيس تحرير موقع فضاء الثقافة ألنجفي.
كانت كلمة الافتتاح للسيد عبد الرزاق السلطاني   الذي أكد من خلالها على أهمية إقرار القانون  مؤكدا إن نقابة الصحفيين العراقيين هي الجهة  أو المنظمة المهنية الشرعية الوحيدة التي تمثل الصحفيين والإعلاميين في العراق.
ثم تحدث  الأستاذ سالم مشكور ، وقد تضمنت كلمته التأكيد على ضرورة أن تنبثق القوانين من أصحاب الشأن حتى تكون منتجة ومقبولة، كذلك أكد إن مركزية النقا بة أمر مرفوض دستوريا ولا يمكن أن تكون الجهة الوحيدة التي تمثل الإعلاميين والصحفيين ، وان الانتماء للنقابة ليست شرطا  لتوصيف الصحفي والإعلامي، متسائلا هل إن كل أعضاء النقابة صحفين وإعلامين ، وهل إن كل الصحفين والإعلامين هم أعضاء في النقابة؟؟؟؟
مقترحا أن يتم تشريع قانون يرعى الصحفيين والإعلاميين يتضمن حمايتهم.
ثم تحدثت  النائبة الدكتورة بتول فاروق قائلة، إن لابد من إصدار قانون لحماية الصحفيين، ولكن هناك اعتراضات عديدة على القانون  وفي نصه العديد من الثغرات، ومن أهمها تعريف الصحفي والإعلامي كونه حصرا من هو عضو نقابة الصحفيين  وهذا أمر غير عادل كما ترى، مؤكدة أن هذه الثغرات يجب أن تصحح  كي يمكن تمريره من خلال مجلس النواب في دورته الحالية......
اعترض السيد السلطاني  على حديث النائبة  متهمها بعدم الحيادية وفرض وجهة نظرها مما يؤدي الى عدم إقرار القانون.....
أعطي الحديث للحقوقي  محمد عنوز موضحا وجود العديد من القوانين  التي تتقاطع مع ما ورد في  مسودة القانون الحالية... و من المفترض أن تضمن حماية وحقوق  كل مواطن عراقي... أما الرواتب التقاعدية ، فلغير الموظف  تتبناه مؤسسة الشهداء والسياسيين وهي مؤسسة قائمة،.....
تحدث  الصحفي والإعلامي حسن الخرسان  مطالبا  باعتماد قانون حماية المطبوعات لعام 1968 مع إجراء بعض التعديلات الضرورية  الواجب إدخالها على هذا القانون..
كما أشار الى التقاطع بين حق الإعلامي والصحفي بخصوص حصوله على المعلومة وبين قانون انضباط موظفي الدولة الذي لا يسمح  للموظف  اعطاء المعلومات  للصحفيين والإعلاميين..
الصحفي صالح ألعميدي  تساءل عن تعريف الصحفي ، والمبلغ المحدد للصحفي الذي يجب آن يكون متغيرا حسب الظروف...ومتغيرات السوق...
كما تحدث كذلك  صحفيون آخرون  ومنهم  الصحفي  والكاتب  احمد الموسوي الذي  طالب أن يتم ضمان حق المواطن بالحماية بغض النظر عن توصيفه، مؤكدا ومؤيدا ما ذهب إليه الأستاذ سالم مشكور في سن قانون للصحافة والإعلام يتضمن آليات حماية الصحفيين......
بعد أن تحدثت النائبة عن تصوراتها لتصحيح القانون  وردها على بعض التساؤلات وبعض الاعتراضات  ، وإيضاحها حرصها على أن يكون القانون  مستوفياً شروط تشريعه  ومروره  في مجلس النواب ، وإنها  ليست ضد إصدار القانون ولكن حرصها على عدم رده وعدم المصادقة عليه هو ما يدفعها الى بيان  ثغراته ومعوقاته ...........................
بعد احدث البعض اعتراضا شديدا  وصاخبا على  أسلوب التقديم وعدم الإفساح لهم بإبداء الرأي كما يرون ...... اختتم مدير الندوة الأستاذ الجنابي الندوة ، بعد إن تم  جمع ورقة الاستبيان التي قدمت للحضور لبيان رأيهم بمسودة القانون..
نخلص من ذلك إن مسودة القانون أثارت العديد من وجهات النظر بين معترض تماما على إصدار هذا القانون وأمثاله قائلا :- نحن نريد حماية امن وكرامة  وضمان حقوق كل مواطن عراقي بغض النظر عن مهنته وعنوانه ، فلاح ،عامل ، مهندس ، ...الخ.من خلال تفعيل وتشريع القوانين التفصيلية للقواعد والبنود الدستورية الخاصة  بحقوق المواطن العراقي ، والعمل على أغناء الدستور  بكل ما يضمن امن ورفاه وكرامة  المواطن العراقي.
كما كان للبعض الآخر اعتراضا شديدا وهو ما مثل رأي الأغلبية الى رفض تعريف الصحفي الوارد في  المادة الثانية من مسودة القانون.
وأثير سؤال هام هل  القانون يحمي الصحفين من قوى الجريمة والإرهاب ، أو يحميهم من تجاوزات واعتداءات بعض الأجهزة الأمنية وبعض المسئولين في الحكومة؟؟؟؟
كما يرى العديد من الصحفيين والإعلاميين أن اغلب مواد مسودة القانون فضفاضة ورخوة وغير واضحة ، ناهيك إلا إن بعضها لا ضرورة له إطلاقا لأنها أمورٌ  تقرها القوانين العراقية النافذة .... وقد ذهب البعض الى إن القانون وكأنه يقول :- قانون حماية نقابة الصحفيين وحماية السيد النقيب وليس  قانون حماية الصحفيين وقانون حماية الصحفي والإعلامي.
ناهيك عن  واقع  منح العضوية  للنقابة  وهو حديث ذو شجون بحاجة الى  مراجعة ودراسة  لشروط العضوية وآلياتها، مما يتطلب إعادة النظر بقانون النقابة في مؤتمر عام  خرج عقلية النظرة الشمولية وثقافة الهيمنة والمركزية المطلقة...
ختاما يسر هيئة تحرير  مجلة الحرية إن تقدم شكرها وتقديرها  لفضاء الثقافة وجمعية المرأة  وللدكتورة عضو مجلس النواب والكادر القائم على نشاطها بالشكر والتقدير والتثمين العالي لمبادرتها في تنمية الرأي والرأي الآخر ، كون الدكتورة والفضاء حلقة وصل هامة بين ذوي الشأن وذوي الامر في مختلف مناحي الحياة الثقافية والأدبية والاجتماعية والصحفية والتعليمية بصورة عامة.
تحياتنا ثانية مع الود
 
حميد الحريزي
رئيس تحرير  مجلة الحرية
9-4-2011 النجف الأشرف


180
فضاء الثقافة  ألنجفي  -  يقيم أصبحوة   للمسرح
جرأة في الطرح  و التشخيص ورؤيا ناضجة للتطوير

صباح يوم السبت الموافق  الثاني من شهر نيسان 2011  وعلى قاعة تنمية المرأة أقامت مؤسسة فضاء الثقافة النجفية أصبوحة متميزة ورائدة حول  واقع المسرح في النجف، ابتدأت  الاصبوحة بدعوة الأستاذ الشاعر عبدالله الجنابي بتحياته للحاضرين وتمنى عليهم أن تكون الاصبوحة ورشة عمل منتجة ومفتوحة وبدون  موانع تتناول الشأن المسرحي ألنجفي وطرح هموم  المسرحيين النجفيين  ، والأساليب والآليات  المطلوبة للنهوض بالحركة المسرحية في النجف.......
في هذه الاصبوحة تم عرض مسرحية بعنوان (( قل ولا تقل))  للفنان المسرحي  إيثار ألفضلي، كانت المسرحية تتناول هموم المثقف في العراق عموما وفي النجف خصوصا من خلال  الدفاع عن نقاء اللغة العربية وإتقان الكتابة بها من قبل الكتاب والأدباء  حملة القلم والكلمة .... خصوصا وان النجف حاضنة الأدب واللغة ومنهم العلامة الكبير ((مصطفى جواد))  صاحب المقولة المشهورة ((قل ولا تقل))  التي عالج فيها الكثير من الأخطاء الشائعة في   لفظ  وكتابة الكثير من المفردات  باللغة العربية....
تعرض النص إلى عدة ظواهر سلبية في الواقع الثقافي والأدبي منها:-
تلوث الوسط الثقافي والأدبي بأدعياء الثقافة والكتابة والأدب ،  يملكون من المال والسلطة مما يمكنهم من  كتابة ونشر وطباعة  ((كتاباتهم)) رغم تفاهتها ، أو المكتوبة بالنيابة عنهم مستغلين عوز  وفاقة أو تهافت بعض الكتاب  للكتابة بالنيابة عنهم، وبيعهم نتاجاتهم المركونة على  الرفوف  دون أن تجد من يهتم بها  ويخرجها للنور......
في حين يكون المثقف الحقيقي  داخل صندوق اسود قبره في الحياة وما بعد الممات ممثلا بالعلامة الكبير ((مصطفى جواد )) الذي  اندثر قبره تحت ذريعة  فتح طرق جديدة  ، دون أن يقام له ضريح  يليق بمقامه كعلامة كبير ، ناهيك أن يقام له نصب تذكاريا يليق بقامته الثقافية العالية....
المفارقة إن الممثل ((البطل)) الذي يمثل دور المثقف يتلوى ألما وحسرة ويذرف الدموع على مال إليه حاله  في هذا الواقع المرير ... كان خلفي طفل يضحك منه ومن حركاته غير مدركا لألمه وهمه وشكواه  .. كأن  هذا الطفل  الجاهل يمثل عقلية  الحاكم الجاهل الذي لا يقيم وزنا للعلماء والأدباء ولا يعبأ بهمومهم وآلامهم لا بل هو يضحك من عقولهم  ويتسلى  بآلامهم !!!!!!!
يطالب المثقف بمحاكمة المسئول الجاهل ولكن الحاكم  يوجه التهمة إليه باعتبار شكواه ومطالبته بحقوقه، تمثل تشهيرا بالحاكم  المسئول واعتداءا على منزلته وانتقاصا من  هيبته أمام الرأي العام وقرر معاقبته وطلب منه أن يعود إلى لحده...
يتطرق الممثل لشارع المتنبي وبيع الكتب  الأدبية والثقافية ..يبح صوته وليس هناك من يشتري أو يقتني الكتاب في ظرف صعب ... يرافق هذه الشكوى موسيقى حزينة تعبر  عن حجم الوجع والمعاناة.........
كان العمل ناجحا ،الممثلون أجادوا أدوارهم وأداءهم مما أمتع الحاضرين وهم يتلقون   عملا هادفا  يلقي الضوء على  الواقع الأدبي والثقافي من خلال معاناة منتجيه لجهل المسئول وتطفل الطارئين  وأدعياء الثقافة من حديثي النعمة والجاه للظهر بمظهر الكاتب المثقف العارف....
بعد نهاية عرض المسرحية، قدم الأستاذ علي المطبعي نقيب الفنانين في النجف هدية للمثل  صاحب العمل ((إيثار ألفضلي))......
تحدث احد الفنانين عن تكريم دائرة السينما والمسرح التابعة لوزارة الثقافة  للفنانين النجف تقديرا لأبداعاتهم وتميزهم ....
ثم تحدث الرائد المسرحي  الأستاذ مهدي سميسم الذي قال ((انه يشعر وكأنه ولد من جديد)) وهو يعيش أجواء  العمل المسرح ووجود  من يحتضنه في محافظة النجف  مشيدا بدور فضاء الثقافة .. متمنيا على فضاء الثقافة  تبني تقديم إعمال مسرحية في المحافظة ومطالبا إن ((تتشكل هيئة عليا للثقافة والفنون)) تتبنى رعاية وبناء  وتفعيل ثقافة وطنية عراقية....
تحدث الأستاذ المسرحي الشهير ((دخيل العكايشي)) حيث أو جز وابلغ قائلا (( هل أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي)) ردد هذا القول مرات عديدة ثم  ترك المنصة وسط تصفيق واستحسان الحضور.....
تحدث الأستاذ والمخرج المسرحي الرائد  ((إحسان التلال)) عن ضرورة أن تتبنى  مؤسسات  أهلية وحكومية المسرح ألنجفي وإظهاره للوجود  بفعالية اكبر  خصوصا وان المسرح في  المركز العاصمة يعاني من أزمة كبيرة لعدة أسباب مما يستوجب تفعيل النشاط المسرحي في المحافظات ... وتطرق إلى تخصيص  مبلغ ((120 مليون دينار عراقي)) للمهرجانات الفنية  بمناسبة النجف عاصمة الثقافة دون أن يكون هناك باب لمكافأة أو تكريم  كتاب وممثلي المسرح... وكرر شكوى الفنانين من سوء تعامل وعدم تفهم المسئولين  في المحافظة لهموم أهل الفن... قائلا إننا نعاني كثيرا  من اجل  بناء حركة مسرحية ناهضة في المدينة  وصفا حالهم بالقول الشعبي المشهور ((كمن يحفر بئرا بإبره ))!!!
ثم قدم الأستاذ الجنابي لأحد السادة من الوسط الحوزوي  السيد ((رياض محمد سعيد الحكيم)) معددا  نشاطاته العلمية والثقافية ، شاكرا ً له تجشمه الحضور رغم كثرة مشاغله  وارتباطاته وعزمه على السفر، لمشاركة المسرحيين و الفنانين همومهم في المحافظة معتبرا ذلك أمرا يستحق الثناء والتقدير للسيد المبجل وتفضله بالحضور ، وعد حضوره دعما معنويا  وفكريا  للحركة المسرحية والفنية في النجف..
طلب من العقيد الركن مسئول الحركات في النجف - من الشخصيات دائمة الحضور   للنشاطات الثقافية والأدبية في المحافظة - ليقدم الشهادات التقديرية باسم فضاء الثقافة في النجف للعديد من الأدباء والكتاب والصحفيين والفنانين.. وهنا نقول الحمد لله أن الثقافة والمثقفين بألف خير حينما يكرمون بأيدي العسكر، وهذه ظاهرة لافتة في النجف  مدينة العلم والثقافة والأدب ، يوجد عدد من أفراد القوى الأمنية بمختلف الرتب والمستويات  ،شعراء وأدباء وكتاب وإعلاميين ،محبين ومشجعين  للثقافة والأدب  ،.. نأمل أن تكون دلالتها ايجابية ترتفع  بمستوى رجل الأمن ليكون محبا ومشجعا وأحيانا منتجا للثقافة والأدب  (لا يضع يده على قبضة مسدسه حينما يسمع باسم الثقافة والمثقف)  و هي خطوة هامة لدخول المدينة الفاضلة .... اللهم آمين. ولا يبدو  هذا الأمر غريبا   في عراقنا اليوم  خصوصا وان السيد وزير الثقافة الحالي  كان وزيرا  سابقا للدفاع ومن سبقه  احد ضباط الشرطة  ومن سبقه إعلاميا وسياسي محترف ... فللديمقراطية أحكامها.
ثم  طلب من السيد ((دخيل العكايشي )) اختتام الاصبوحة  ولكن العكايشي بدءها بدلا من  اختتامها...قائلا ((أنا لا أريد أن انهي هذه الاصبوحة ولكني أريد أن أبدء هذا المشروع الثقافي الحضاري الهام))، مشيرا بما معناه :-   إلى أن المسرحي لابد أن يكون ثوريا ومحرضا متحمسا ضد كل أنواع القبح والفساد والتخلف والفساد- رادا للأستاذ الجنابي مزحته  عندما طلب من  التحدث من على المنصة وان لا يكون ديكتاتوريا كالقذافي ، قائلا ما معناه :- إن القذافي  استبد وتهور وضرب شعبه ، أما أنا انتصر للحرية ولأبناء شعبي ووطني وانتصر للفن والمسرح والجمال....
 وقال :- المسرح العراقي مسرح وهاج لابد أن تكون له قيمة ومكانة ورعاية في مجتمعنا العراقي واهتماما  يستحقه من المسئولين  في المحافظة وعموم العراق..
* بحماس وألم وحرقة كبيرة وعتب مكشوف تحدثت الأستاذة والفنانة المخرجة المسرحية (حمائل حسن)) عن الواقع المسرحي والفني في المحافظة وترفع واستنكافية اغلب المسئولين  حتى على مستوى اداراة المدارس في التعامل مع الفن والفنانين ، كما أشرت  ضعف  مشاركة المرأة النجفية في الأعمال المسرحية وحتى في حضور العروض المسرحية رغم قلتها ...،وشخصت قصورا في تواجد وحضور السيد نقيب الفنانين للعديد من الفعاليات والمؤتمرات  التي تهتم بالشأن المسرحي والفني في المحافظة.
مشيرة كذلك إلى عدم وجود جهاز إنارة مسرحية واحد في كل المحافظة!!!
.... شارك العديد من الحضور هذا الهم ومصداقية وأحقية الشكوى.
تقدمت من المنصة طفلة صغيرة  تطالب أن يكون للأطفال حصة من الإعمال المسرحية  التي تقدم في المحافظة  ، قوبل طلبها بالتصفيق والتأييد من  المسرحيين وكل الحاضرين.....
أقترح الأستاذ   دخيل العكايشي  أن يخصص فضاء الثقافة أصبوحة خاصة  ومتخصصة  لمناقشة الهم الفني والمسرحي في النجف خصوصا وفي العراق عموما على أن توجه الدعوة  لحضور ومساهمة :-
1-   الجهات ذات الاختصاص  بالشأن الفني والمسرحي.
2-    الأفراد المهتمين في الثقافة والفن.
3-    المسئولون   من ذوي العلاقة بالفن والمسرح ورعايته.
4-   شخصيات  إعلامية.
مؤكدا على ضرورة أن يكون هناك حوار حضاري للمسرح في هذه المحافظة التي كتب الكثير من أدباءها النص الشعري المسرحي منذ الثلاثينات  مثل  علي الصغير عام 1936.
ومهدي البصير والحبوبي  وغيرهم.
اختتمت الاصبوحة بالشكر والتقدير من قبل كل الحضور  لمؤسسة فضاء النجف لمساهمتها الفعالة في  تبني واغناء  الثقافة النجفية دون تحفظ ودون انحياز ودون فرض  توجه بعينه ، ودعم كل ما يسهم بصدق وفعالية وجدية  لإثراء الثقافة والأخذ بيد المثقف والإنسان  ألنجفي لما هو أفضل.......
شكر الأستاذ الجنابي الحضور متمنيا على الجميع الالتزام  بالحضور في الوقت المحدد للفعالية أو النشاط ،  وتمنى عددا من الحضور  أن يكون الإعداد والتحضير والتبليغ عن النشاطات  وعناوينها أفضل مما هو عليه  لتكون الفائدة المرجوة منها  أكثر واشمل ،ولا باس أن  تحرر إدارة الفضاء القرارات والتوصيات تنمية المرأة  والاقتراحات  التي تتمخض عنها مثل هذه الفعاليات  ووضع الية  لإعلانها  وإيصالها الى ذوي الشأن  في المحافظة أو السلطة الاتحادية  ومتابعتها مع الجهات المعنية لاسيما وان  المشرفة على  الفضاء والجمعية هي  الدكتورة بتول فاروق عضو مجلس النواب العراقي وعلى تواصل وتماس مباشر مع الجهات العليا  صاحبة القرار..........

ختاما تقبلوا تحيات أسرة تحرير مجلة الحرية واعتذارها مقدما عن  أية ثغرة في التقرير أو التصوير والتحرير ..مع فائق شكرها لفضاء الثقافة ألنجفي وجمعية تنمية المرأة، وتميزها في تبني ورعاية وإدارة وتنشيط مثل هذه الفعاليات والنشاطات الهامة....
*ملاحظه:- الأحاديث الواردة في التقرير ليست نصوصا  بل  تعبر عن المعنى والمضمون الذي سمعناه وفهمناه   عند سماع المتحدث لذلك وجب التنويه.

عرض وتلخيص
حميد الحريــــــــــــــــــزي
 
رئيس تحرير مجلة الحرية
2-4-2011

181
جمعية تنمية المرأة وفضاء الثقافة في النجف
تكــــــــــــــــرم
الأدباء والكتاب والأعلامين في المحافظة

بمناسبة الذكرى السادسة لتمنية المرأة والذكرى الثانية لتأسيس  فضاء الثقافة في النجف  أقيم حفل  بالمناسبة  حضره عدد كبير من الأدباء والمثقفين والإعلاميين في المحافظة   وقد تم  من خلاله تقديم  الشهادات التقديرية  لعدد من الأدباء والكتاب والأعلامين  ، تماشيا مع تقليد  اتبعته المؤسسة خلال كل عام بذكرى تأسيسها ، يهدف إلى  دعم ومؤازرة مثقفي المحافظة معنويا وتثمين جهودهم في نشر الوعي الإنساني والديمقراطي  والمساهمة في بناء وترسيخ  المؤسسات الديمقراطية في البلاد   وبناء دولة دستورية  تعددية  ديمقراطية  تسعى من اجل  استكمال  سيادة الوطن وحرية ورفاه  المواطن العراقي.
وقد بدء الحفل  :-
بتلاوة إي من الذكر الحكيم ، ثم كلمة الأستاذ الشاعر عبدا لله الجنابي الذي قدم شكرا خاصا للنائبة  والأديبة بتول فاروق وحرصها  الكبير  لرعاية الثقافة والمثقفين،  ودعم حقوق المرأة.
كما  نبه إلى الاهتمام  بمعرض الصور الكاريكيتيرية للفنان المبدع حسن شبع الملصقة على الجدران الداخلية لقاعة  الاحتفال.
كما نبه إلى  الاطلاع  على معرض الكتاب الذي أقامه الاتحاد العام للأدباء والكتاب في النجف  في مقر الجمعية.
ودعي  كافة  الحضور  إلى تقديم مقترحاتهم  وأفكارهم من اجل  تطوير وتفعيل دور  الفضاء والجمعية
ثم ألقى الشاعر ضرغام البرقعاوي  قصيدة بالمناسبة ، مشيدا بدور الشباب  العربي  وهو يخوض  نضالا شرسا في ميادين التحرير من اجل الحرية والانعتاق والتخلص من الديكتاتورية والاستبداد.
ثم ألقيت كلمة الحوزة العلمية الدينية بالمناسبة.
قرء الشاعر الشعبي زيد ألسلامي قصيدة غزلية حظيت  باستحسان الجمهور.
ألقى الدكتور  باقر الكرباسي كلمته  ألقى بعده الشاعر شهيد ألشمري بإلقاء قصيدته.
 قدمت خلال الاحتفالية المرطبات والحلويات  على الحضور
وفي الختام قامت الدكتورة بتول فاروق بتقديم الشهادات التقديرية على المكرمين.
ومن خلاله طلب  الأستاذ مهدي سميسم  من فضاء الثقافة  أن تتبنى  إقامة عمل مسرحيا في المحافظة نظرا لقلة العروض المسرحية  في النجف على الرغم من الأهمية الكبيرة التي يحتلها المسرح في نشر الثقافة والوعي الإنساني والديمقراطي في المجتمع.
بعد ذلك  تم مناداة عدد من المكرمين ليستلموا ظروفا خاصة تحتوي على بعض من المال،   لم تلاقي هذه الخطوة الاستحسان  من قبل عدد من المثقفين والحضور لأنها لم تشمل جميع المكرمين  أولا ، وثانيا ما هكذا يكرم المبدع فلابأس أن يقدم له كتابا أو مجموعة كتب أو ((سيت)) أقلام ...الخ من  الهدايا العينية ذات المغزى المعنوي ، أو يتم تبني عددا من الأعمال والنتاجات الفكرية والأدبية والفنية  للأدباء من اجل  طبعها على نفقة الجمعية أو الفضاء وحسب الإمكانية المتاحة ، ونبذ  سلوك الكيل بمكيالين عند التكريم في مثل هذه المناسبات العامة مما ينعكس سلبا على الق وأهمية وعمومية هذا النشاط الهام.
اختتم الحفل  الذي سادته روح المودة والمحبة  والتواصل بين مختلف  عناوين أهل الثقافة والأدب والفن شاكرين للجمعية والفضاء ولإدارتهما جهودهم الخيرة والمثابرة والجادة  لدعم  المرأة والثقافة والأدب في محافظة النجف.
حميد ألحــــــــــــــــــريزي
عن هيئة تحرير مجلة الحريـــــــــــــــــــــــــــــــــــــة         
                 

182
يجب تعميم الرحيــــــــــــــــــــــــــــــــــــل

حميد الحريزي

بعد سبات طويل ، أصبح عابر الفصول في الوطن العربي بمختلف أقطاره، مما أدى إلى تعفن كراسي الحكام وهم يسبحون في مستنقع  واقع آسن  لا يشغلهم شاغل سوى تأبيد العفونة وجمع المال وإحكام قبضة الحكم والقمع وغلق كل
ينبوع  يحاول أن  يحرك آسنا  متعفنا، كي يبقى الشعب  لا يعرف غير أل((يعيش)) للسلطان بمناسبة وغير مناسبة ، مع  إجراء مسرحيات انتخابية غالبا ما يفوز بها حزب السلطان وحواشيه ب ((90%))  أو أكثر من الأصوات ،فامن الحاكم  من ((شرور)) المعارضة وخطرها لازالت الأغلبية الساحقة من الجماهير تغط في نوم عميق وقد أوكلت أمرها إلى  الحكام ، والى قيادات
تتزعم المعارضة لا تختلف في واقع الحال عن الحكام في احتكارها للمناصب القيادية لهذه الأحزاب والمنظمات بمختلف  ألوانها وتوجهاتها، فعمر الأمينالعام أو السكرتير العام في المنصب  لا يقل عن عمر الحاكم في سدة الحكم الذي  يدعي انه يقود حملات معارضة لأزاحته من كرسي الحكم...... هذا ناهيك عن الجمود الفكري وعدم الوضوح في طرح المطالب وعدم  تحسس نبض الجمهور وخصوصا الشباب  الذي ادخله عصر العولمة والثورة الهائلة في  طرق وأساليب الإعلام وانتشار الثقافة..
كل ما مر ذكره راكم خبرة كبيرة بين صفوف الشباب المستقل الذي  سام خطابات الحكام وسام  وغسل يديه من رموز المعارضة ودينصوراتها ومتحجراتها التي عفي عليها الزمن، فقرر  الشباب أن يأخذ قضيته بأيديه ويفجر ثورة عارمة  ضد الحكام الفاسدين والمستبدين في تونس ومصر والجزائر والمغرب والعراق وإمارات الخليج العربي وهناك حراك بثلج الصدور ويؤشر وعيا ديمقراطيا ووطنيا متقدما في لبنان  من خلال تجمع وطني شباب  حمل لواء الوحدة الوطنية ووضع حد للانقسام الطائفي في لبنان  واحة الحرية  وموطن الفكر والثقافة  مما يتناقض بشكل صارخ مع المحاصصة الطائفية المقيتة التي  تريد لها الطبقة السياسية المهيمنة في لبنا على تابيدها وإدامتها.... نعرض لهذا الحراك المجتمعي الشبابي الرائع المبشر بولادة عصر الحرية الجديد في بلاد هيمن عليها التخلف والقهر والفساد والاستبداد، نقول إن
كلمة:-
ارحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل
التي قذفها الشباب بوجه الحكام والسلطات الاستبدادية  يجب أن تقذف بوجه
دينصورات القوى والأحزاب السياسية التي تدعي الديمقراطية والثورية
واللبرالية وتدعي  قيادة الجماهير للحصول على  حقوقها......
كيف يمكن أن يحصل هذا  والواقع يرينا مدى تمسك واحتكار أفراد لزعامة
وقيادة هذه الأحزاب والمنظمات حتى غدت تسمى باسمهم أو باسم قبائلهم...
فهناك بعض الزعماء يتولون المنصب الأول في الحزب أو الحركة منذ ولادتها
ولحين التاريخ لعدد من السنوات بقدر عمر الحزب أو الحركة أو لعشرات من
السنين  للبعض الآخر و لا نظن إننا بحاجة لذكر أسماء هذه الأحزاب
والحركات أو أسماء قادتها اللذين يدعون إنهم حصلوا عليها بالانتخاب
((الحر))........
إن تجذير ثورة الشباب وديمومتها يتطلب  أن تكون أل (ارحل) أن تشمل كل
القيادات البطريركية والأبوية العشائرية أو الدينية أو الطائفية. للسلطة
وللأحزاب ولحركات وللمنظمات المهنية والديمقراطية والنصوص القانونية
والدستورية بمختلف  صفاتها إن كانت تعرقل  الحراك الاجتماعي من اجل حياة
حرة ديمقراطية مرفهة للإنسان  العراقي خصوصا  والعربي عموما.. والتخلص من
نزعة التقديس للشخص والنص التي تحاول أن تأبد ثقافة الخنوع والخضوع
والاستسلام لهذه  الدينصورات والمتحجرات الأثرية ، من اجل ردم الهوة  بين
 وسائل التطور العلمي والفكري والنزوع  للحرية في العالم والأساليب
والأفكار والقيادات المتخلفة في العالم وبالأخص في الوطن العربي والعراق
بشكل خاص.
يجب أن يجذر الشباب مطالبه وأساليبه وقياداته كي يتمكن أن يؤسس لنظام حكم
 دستوري ديمقراطي تعددي وتأسيس دولة ديمقراطية علمانية دولة الحداثة
الدولة المدنية دولة المواطن الفرد بغض النظر عن دينه وطائفته وقوميته
وجنسه وعقيدته، وكذلك العمل على  تحريك وتجديد عجلة العمل الفكري وعجلة
العمل الصناعي والزراعي  المنتج  وإدارته  بأساليب التقنية الحديثة على
أيدي قوى وطنية منتجة  غير تابعة  ولا موظفة  لصالح قوى المال والاستغلال
 الداخلي والخارجي.. والتخلص من ثقافة الاستهلاك والتبذير في القدرات
والثروات والحريات......
في الخلاصة لابد  لكل مراقب  أن يكون متفائلا  بما أقدم عليه الشباب في
انتفاضاتهم وثوراتهم التي  ستستمر وستكون شاملة لكل مجالات الحياة
السياسية والفرية والثقافية والانتجاية.



183
الواقع العراقي بين
بين صوت الشارع وظلم التشريع

حميد الحريزي
منذ عام 2003 و((العملية السياسية)) تلعب على حبال الديمقراطية والتغيير في العراق، فما أن يرتفع صوت المواطن للمطالبة بحق مغتصب أو لتوفير خدمة عامة حتى ترفع بوجه تهمة محاولة تخريب  أو الإساءة للعملية السياسية السائرة نحو الديمقراطية مع التناوب في تعليق الأخطاء والإساءات والتلكوء والفشل على شماعات مختلفة ابتداء من مخلفات النظام المقبور إلى القاعدة وبقايا البعث ألصدامي والمتصيدين في الماء العكر.......
ففي الوقت الذي يعاني فيه أغلبية أبناء العراق من العوز والبطالة وسوء الخدمات ، كرس ممثلي الشعب في البرلمان المنتخب في سن القوانين والتشريعات التي تخدم مصالحهم ومن لف لفهم من الوزراء ووكلائهم والدرجات الخاصة ونوابهم والمدراء العاميين لتؤمن أمانهم وأمانيهم في الجاه والثراء لهم ولأولادهم وبناتهم ومقربيهم....
حيث بلغت رواتبهم ومخصصاتهم أرقاما خيالية لا مثيل لها في دول  العالم الديكتاتوري أو العالم الديمقراطية
فهل هناك موظف خدمة في العالم تزيد مخصصاته على ال300%؟؟؟
هل يجوز إن يمنح راتبا تقاعديا من  تقل خدمته  عن السنة الواحدة وبنسبة 30% لتصل إلى نسبة 80% من مجموع الراتب والمخصصات لاقترانه، لمن له خدمة تزيد على خمسة سنوات في حين قانون الخدمة والتقاعد العراقي لا يمنح راتبا تقاعديا للموظف  الذي تقل خدمته الفعلية عن 15  عاما ، ولا يستحق الموظف ال80% من الراتب الاسمي فقط ومن دون المخصصات إلا إذا زادت خدمته على ال30 عاما ؟؟؟!!!
 هل هناك قانون يعطي من يتقاضى مكافآت مالية وليس راتبا شهريا راتبا تقاعديا  كما هو الحال  بالنسبة لنواب البرلمان العراقي كما كان سابقا وكما هو مقترح في  مشروع القانون الجديد؟؟؟
هل من المعقول أن تبلغ نفقات الرئاسات الثلاثة  ((100)) مليون دولار  كما صرح بذلك وزير المالية السابق؟؟؟!!!
هل من المعقول أن تبلغ نسبة المال المسروق  كفساد مالي ((15)) مليار دولار أي ما يعادل  ربع إجمالي الميزانية للبلاد؟؟؟
هذا الحال في بلد يعد أكثر من ربع مواطنيه تحت خط الفقر!!
ويعاني أكثر من 6 ملايين مواطن  من البطالة.
وتمتنع الحكومة عن  الأخذ بمقترح لجنة من الخبراء بدفع ((30)) دولار شهريا للفرد العراقي ليسد اغلب احتياجاته الغذائية الضرورية بكرامة ودون  فساد ولا حاجة للاف الموظفين والوكلاء والمخازن وما إليه، إي بما يعادل ((11)) مليار دولار  للعام  بفرض إن  ((30)) مليون عراقي يستحقون التموينية وبدون استثناء أصحاب الرواتب المليونية، إي إن هذا المبلغ يقل بأربعة مليارات عن  المبلغ المسروق بطريقة الفساد المالي كما ذكرنا آنفا.
إن من يتأمل إجراءات الحكومة والبرلمان العراقي الاستفزازية للمواطن والشارع العراقي الملتهب  وتأبيد وتشريع  واقع البون الواسع بين ما  تتقاضاه وتتمتع به  الفئة السياسية الحاكمة من الثروات والامتيازات عبر سن  واقتراح مشاريع قوانين، إنما يستنتج مدى الإصرار  على تجاهل مطالب الجماهير واللامبالاة لمعا ناتها وحرمانها من ابسط الحقوق في بلد من أغنى بلدان العالم من ناحية ثرواته وأفقر شعوب العالم من حيث  الواقع المعيشي لمواطنيه.
أصبحت هذه الطبقة الحاكمة ((المنتخبة)) لا تستجيب إلا لغرائزها  في القمع وابتكار التهم والأوصاف الغير لائقة  تمارس ضد كل من يرفع صوته للمطالبة بحقوقه ، ويطالبها بالإيفاء بالتزاماتها أمام من انتخبها وأوصلها إلى سدة الحكم.
واقع الحال يتطلب إعادة نظر سريعة في مجمل العملية السياسية في العراق واليات الحكم والدستور ، وفي مقدمتها ترشيق الوزارات والدرجات الخاصة والنواب  وما شاكلها  التي أصبحت  أشبه بمثلث برمودا يلتهم كل ثروات الشعب وخيراته ليلقيها في جيوب  فئة محدودة من الشعب على حساب حرمان وبؤس الأغلبية التي وصل بركان غليانها حد الانفجار في يوم 25 شباط وقبله وسيستمر بعده إلى ما لا تعرف مديات تطوره واتجاهاته.
على الحكومة عدم الترفع  أو صم الآذان عن سماع مطالب الشارع العراقي وإقناع النفس في اتهامات  التسييس والبعث والقاعدة وما شابه ، فلم تعد مثل هذه التهم والادعاءات مجدية ولا يصدقها احد، وإذا كانت ذات نفع فابلتاكيد ستكون للبعث والقاعدة وكأنها حاملة هموم الناس ومعاناتهم  وهذا ما تسعى إليه هذه القوى مستثمرة أخطاء ولامبالاة الطبقة السياسية الحاكمة.
في الختام نرى أن أزمة الطبقة السياسية خانقة وهي بالتاكيد من طبيعتها ى وبنيتها  مادامت تتبنى المحاصصة الطائفية والعرقية، وتصر على إدامتها تحت  مبررات الأمر الواقع رغم إن هذا الواقع غير معقول.
نأمل أن يمتلك الحس الشعبي الإصرار والمطاولة  في المطالبة بحقوقه وإصلاح النظام السياسي القائم  بوعي وانضباط عالي وان لا نرى  بعد اليوم أي عملية حرق أو تخريب للمال العام ، لا بل الكشف عن الفاعلين وإدانتهم وتقديمهم للقضاء العادل.
 




184
من حثالة الديكتاتوريات إلى نفايات الديمقراطيات!!!
إنهم يجملون وجه البعث

بقلم :- حميد أالحريزي

ما إن أطلت علينا (الهمر) حاملة الديمقراطية ألينا عبر البحار والمحيطات هدية من العم سام وحلفاءه الميامين  ابيضت عيوننا وأصابها الإعياء والرمد ونحن نبحلق  بعيوننا وعيون أهلنا وأصدقائنا وكل من نصادفه  في الطريق  أو المطعم  أو السيارة التي سرعان ما يركنها  سائقها  على جانب الطريق  أشبه بطائر ضعيف  حام فوقه صقر الموت ليخلي الطريق للهمر وأخواتها من أدوات الموت والقهر فيتيح لنا فرصة تملي همرنا ((الحبوبة)) . أقول تضامنا وتعاونا وتناخينا بعضنا البعض لكي نرى الديمقراطية المحمولة كما نفعل عند مراقبة هلال العيد  رجالا ونساء تقدمين ورجعيين يساريين ويمينين دون جدوى.... فهل لبست قناع الإخفاء  أو نحن أصاب أعيننا العشو  وقصر النظر أو لربما إن هذه الديمقراطية الحلوة لا يراها إلا حامليها أو قد تكون على ظهور الطائرات والبوارج  والمدمرات  فان مقامها أسمى من إن تحمل على ظهر الهمر؟؟؟؟
أو إننا لم نستوعب معنى شرر غضبها واستياءها  من عمى بصرنا وخطل بصيرتنا  وإلا كيف لا نستطيع أن نرى  إخوتنا وأبناء ووطننا وحتى طيورنا وحيواناتنا وأشجارنا  وهي ترقص فرحا وهي ترشق الهمرات  بنافورات السائل الأحمر متدفقا من صدورهم ورؤوسهم بفعل ((صلية )) قبلاتها النارية الملتهبة شوقا ومودة حد الموت الديمقراطي الحر.
عذرا فقد خرجت عن صلب موضوعي وانشغلت في حديث مغري للهمر الجميلة المغرية حول الديمقراطية.
أقول  عند ما أطلت علنا هذه الهمرات والنبرات والدبابات والطائرات من كل لون  ونوع وجنسية  أتتنا من كل فج عميق... فبلتا كيد إن أسواقنا  ستمتلئ بالسلع الأمريكية  والبريطانية والهولندية والسويسرية واليابانية....((انكَطع ))نفسي من التعداد  انتو كملوا بقية الأصدقاء..حتى حلق خيال بعضنا بعيدا حالما بالشقراوات والسمراوات في الشوارع والمحلات ناهيك عن ((الهمبركر والسندويجات)) الأمريكية  كما في الأفلام ومثبت أوصافها وإشكالها بلاقلام حتى  زودونا أخوتنا (الديمقراطيين) قائمة تضم أكثر من أربعين مادة غذائية غير الحقيبة الدوائية.
أما أنا فقد استبشرت خيرا 
لقد طرت فرحا  فسوف احصل  على علاج القرحة  الانكليزي وعلاج الضغط الأمريكي وعلاج السكر السويسري  لأتخلص من التهام الكبسولة والحبوب (الأردنية والهندية والصينية والمصرية والمريدية...الخ) أي من صيدلية الفقراء كما يسمونها دون أن تشفي مرضا أو تخفف عرضا على مدى سنوات طوال منذ أيام التقشف والتعفف وأيام القادسية  وأم المعارك والحصار الجائر...ولكن وما أمر وأدهى هذه اللاكن ....التي لا يمكن أن يحس بمرارتها الأمن يقف شهريا  أو أسبوعيا عند أبواب الصيدليات الأهلية والحكومية على حد سواء ولا يحصل غير أدوية(الفقراء) أو تالفة ونافذة المفعول والتي لا تعدو أن تكون علاج نفسي يصفه الطبيب وهو مقتنعا  بعدم جدواها  أو ضعف تأثيره في أحسن الأحوال فلم يكن لدواء الشافي ولا العلاج المعافى.
فما بال الأصدقاء قد شحوا علينا بالغذاء والدواء وحتى بالحذاء  ،وان وجدت فلا يطالها إلا من سكن الخضراء...!!!!
والذي كان سبب فزعتهم إلينا وقد صدق الصديق (الصدوق) بوش عندما قال  ولا زال يقول  إن شعب العراق يستحق الديمقراطية  ولا يستحق الديكتا تورية ولكنه لم يقل  أن شعب العراق يستحق  الماء والكهرباء والرز والحنطة والدواء والحذاء الأمريكي ولا يستحق النفايات البورمية والفيتنامية والمصرية والصينية والإيرانية التي  يحاول إخوتنا الديمقراطيين الحاكمين كنسها بمكنسة البنك الدولي  الذي استكثر علينا حتى هذه النفايات فهل استبدل لنا الصديق بوش حثالة الديكتاتوريات بنفاية الديمقراطيات.؟؟؟!!!
 انتفخت جيوبهم  المحشية بالدولارات الأمريكية  وانتفخت كروشهم بلحوم الخراف المحشية في حين  خوت جيوب وبطون أبناء الشعب وبحت أصواتهم وهم يطالبون بحقوقهم من ثرواتهم وخيراتهم المسروقة علنا ولا من مجيب!!!!
والانكى من هذا إن  من يطالب بحقه يتهم بالبعثي المشاغب بعد ثماني سنوات من  اندحار البعث ، وهم يدركون أو لا يدركون بأنهم يجملون صورة البعث من حيث لا يعلمون ولكن بالتأكيد من حيث يعلم ويخطط  أزلام البعث اللذين لبسوا العمائم وعلقوا التمائم ودخلوا في أحزاب ما بعد الاحتلال متسلحين بقدرتهم الفائقة على التلون والتخفي بمهارة تفوق مهارة الحرباوات........ وهم بذلك اصطادوا أكثر من عصفور بحجر واحد
أولا:-  يظهرون للناس إن البعث هو المدافع عن حقوق المظلومين والمقهورين والمحارب القوي ضد الفساد والمفسدين، حينما يتهم كل مطالب بهذه الحقوق والمحارب لكل هذه المفاسد  بأنه بعثياً.
ثانيا:- وضع مزيدا من الحواجز  ودعائم عدم الثقة بين الناس والسلطة الحاكمة.
ثالثا:- يثبتون للحكام المغفلين  بأنهم قد تخلوا تماما عن  أصولهم البعثية وإنهم  الأكثر حرصا على  الديمقراطية وبذلك تتاح لهم فرص التسلق للمناصب والمكاسب العليا، واكتساب القدرة والوسيلة الفعالة لهدم سلطة الأحزاب الحاكمة من الداخل تمهيدا ليوم العودة المنشودة.
توجه مدافع الماء البارد والساخن والرصاص المطاطي والحي والهروات من كل لون لأبناء العراق وشبابه الثائر المطالب بمحاسبة ومحاكمة المفسدين والسراق ويحرم بعض ((أولي الأمر))  على الناس الخروج في مثل هذه المظاهرات والاحتجاجات  لأنها ((مشبوهة))  فربما  اندس  البعث في صفوفها ، وبهذا يبقى البعث كابوسا مرعبا للمواطن العراقي في ظل الحكومة الديكتاتورية وهراوة بيد الحكومة((الديمقراطية)) ؟؟؟!!!!!!


185
صدق الشبوط
الثقافة تستحق أعلى النقاط
الثقافة تستحق أعلى التخصيصات
حميد الحريزي

في ظل عالم تطغى على فضائه رائحة البارود ودخان الحرائق بلغت وحشيته حدودا مخيفة، حيث أصبحت السيادة لرائحة اللحم البشري المحروق.
في شرق وغرب وشمال وجنوب العالم، حيث تنفس العالم الصعداء بعد اندحار  الفاشية عام 1945، فدخل  كوكب الأرض في جنة الاشتراكية  شرقا ودخل جنة الديمقراطية في جانبه الغربي، دفع البشر مئات الآلاف وعشرات الملايين في محرقة الكفاح من اجل إن  تنعم الأجيال بعدهم بنعيم الجنان الموعودة وكما قال احد الشعراء :-
                                        ((انا يا أخي آمنت بالشعب المضيع والمكبل
                                    وحملت رشاشي لتحمل من بعدنا ألأجيال منجل)).

هكذا كان حلم أجدادنا وآبائنا أن  ننزع للسلم والسلام  والمحبة والرفاه والتضامن بين  أبناء البشر وان كانوا حملوا الرشاش فلأجل أن نحمل نحن وأجيالنا القادمة المطرقة والمنجل والقلم  لبناء عالم أفضل،.
اختلف  المنتصرون  حول الطريق الموصلة للجنة، فدار صراع حامي الوطيس متعدد المجالات بين الشيوعية والرأسمالية واستمرت روائح الشواء البشري  في العالم في فيتنام وكوريا والصين وأفغانستان وشيلي وفلسطين والعراق ووووو..........
هلل أنصار الرأسمالية ((الديمقراطية)) بخفوت نور ووهن عضد أو موت الشيوعية ((الديكتاتورية)) بانهيار الاتحاد السوفيتي، فسيسير العالم موحدا خلف سيد الرأسمال بواب الجنة والرفاه والحرية...
لكن عظمة كرنفال المسير وعظمة المنجزات الاقتصادية والعلمية لهذا السيد أيقظت في رأسه أحلام وذكريات الإمبراطور والسلطان الأوحد.... فلكي تسعد الإله وتنعم بالرخاء لابد إن يشقى بني البشر الذي خلقته من دم وتراب.....
مما استفز شيطان الحرية وإبليس الذات الإنسانية المتمردة ضد الظلم والاستغلال وأثار روح المقاومة والتمرد لدى بني البشر ضد الإله إمبراطور العصر....... فان كان السير للأمام للحلم قد أغلق فلابد من العودة ليسلك طريق الندامة وجلد الذات  لطلب الغفران من إمبراطور وسيد لم يعرفوا قدره
في وسط هذه الطرق ظل صاحب خيار التوازن والتمسك بالحلم  والأمل في مستقبل عالم حر خالي من الظلم والجوع والقهر  يعاني الضياع والإحباط والذهول لأنه لم يزل يحلم بطريق خلاص جديد يرفض الواقع القائم لاستبداد إمبراطور ((الديمقراطية)) ويرفض القهقرى نحو عالم موهوم وجنة مفقودة.
هذا الواقع المعاش في عموم بلدان العالم وبالخصوص في العالم الإسلامي ومنه عراقنا الحبيب حيث يرسخ تحت هيمنة قوى الاحتلال والاستغلال وخدمه المتقنعين بقناع ((الديمقراطية)) أصبح سالك طريق العدل والحرية لابد له من سلاح جديد  واحد لا غير يختلف تمام الاختلاف عن كافة الأسلحة التقليدية أسلحة الشواء البشري التي اثبت التاريخ فشلها في بناء السعادة الإنسانية وسلامها ...
هذا السلاح هو سلاح الثقافة والوعي، الذي يستطيع إن يبطل أسلحة الإمبراطور المتوحش المتربع على العالم وكذلك هو قادر على تمزيق أقنعة التضليل والتعمية من على عيون المتقهقرين والمنحدرين صوب جنة مفقودة مطمورة تحت ركام السنين الغوا بر.
شاهد حديثنا هذا الصخب الذي  نسمعه في قبة البرلمان العراقي حول تقاسم الحقائب الوزارية وتقسيمها إلى وزارات سيادية ووزارات عاديه.... سيادية وضعت على رأس الوزارات وأعطيت أهمية كبرى بحجم ما تحمله من قوة ردع وقمع مشروع وغير مشروع وبالتأكيد فان الردع وقمع الداخل  له الأولوية الكبرى في الواقع الحاضر حيث قوى الإرهاب وعصابات القتل والنهب والسلب.، متناسين تماما تجارب التاريخ القديم والحديث بان هذه الأجهزة إنما هي مولدة بشكل دائم للإجرام والجريمة والخوف بمختلف اشكالها... والمثال الماثل  جيوش وأجهزة القمع للنظام السابق وضخامتها من حيث العدد والعدة والتنوع والحال الذي كان يعيشه المواطن العراقي من الخوف والتعسف والقهر وكذا هو حال الحاكم وزبانيته ومقربيه بمعنى شعب بكامله يعيش الخوف والترقب والقلق وحالة اللا أمن، وقبله جيوش الشاه وقبله جيوش هتلر الجرارة وجيوش المارد الأحمر ووووو
في حين أفادت وكالات الأنباء أن سويسرا أجرت استفتاءا لحل الجيش بشكل تام.إي تسليح تبرز الأهمية الكبرى للثقافة الإنسانية التي تصبو لزرع قيم التسامح والمحبة والسلام بين البشر مهما كانت أديانهم وعقائدهم وألوانهم وأجناسهم... هذه القيم يفترض إن تكون مزروعة في أحضان الآباء والأمهات أي في الأسرة والروضة والمدرسة والشارع والجامعة والجامع والحسينية والكنيسة  وفي قبة البرلمان وداخل مجلس الوزراء وفي داخل التنظيمات الحزبية...إي  تسليح ودعم قوى الضمير والرقيب الداخلي ليكون قادرا على كبح وقمع واستئصال نوازع الشر من داخل الإنسان...
إن هذه المهمة الكبرى هي حاملة مفاتيح وصكوك السلم والسلام تحتاج إلى مؤسسات وليست مؤسسة واحدة لتأدية هذا الدور .
في الدول التي تعاني من شرور الإرهاب وثقافة العنف لابد من ايلاء أهمية كبرى لوزارة الثقافة باعتبارها المؤسسة ذات المسئولية الرئيسية في زرع ثقافة المحبة والسلام واحترام القانون وحرية وكرامة الآخر بين أفراد الشعب والواحد وبين مختلف الشعوب.
 وبذلك ممكن إن تكون القوى التي كانت تدعي مقاومة الديكتاتوري والظلم وفية للدين الذي برقابهم للشهداء والمناضلين من اجل الحرية وفق قول الشاعر أعلاه:-
((فدين عليك دمائنا والدين حق لا يؤجل))
لذلك نرى إن تكون وزارة الثقافة في مقدمة  ما تسمى بالوزارات السيادية وعلى رأسها جميعا، تخصص لها الدولة أكثر واكبر القدرات البشرية كفاءة وأضخم الموارد المالية للنهوض بمهمتها الوحيدة التي  تمتلك حق حضر تجوال أفكار وثقافات الشر والعدوان والأنانية والاستحواذ والفوضى داخل المجتمع.
وليس كما هو حال وزارة الثقافة الآن حيث  غالبا ما منحت لأفراد بعيدين كل البعد عن الثقافة بمختلف مستوياتها فمرة لمنتسب امن وأخرى لمتهم بالإجرام والقتل أو تابع لفكر وايدولوجية مغلقة غير منفتحة ضمن  منهج المحاصصة العرقية والطائفية  باعتبارها وزارة من الدرجة الثالثة أو الرابعة يجب أن تكون وزارة الثقافة وزارة كل الشعب وليس وزارة طائفة أو حزب أو قومية بعينها. هذا لا يعني إننا ندعو أن تكون لوزارة الثقافة ووزيرها دور المخدر والسكوت على الظلم وعدم المطالبة بالحقوق ولكنها تنشر  نهج المقاومة الحضارية السلمية طويلة النفس وفق آليات الديمقراطية والتنافس الحر بين القوى المتنافسة لإدارة شؤون الدولة والمجتمع ونشر روح العدل وتكافوء الفرص وردم الفجوات الطبقية بين طبقات وفئات المجتمع المختلفة، أي ترسيخ روح الشراكة والتضامن بدل روح الاستئثار والإقصاء.
بناءا على ذلك نعمل لكي تكون وزارة الثقافة من أهم الوزارات السيادية وتمنح لفريق عمل مستقل يترأسه وزير يتميز  بسمو ثقافته وتفانيه  من اجل نشر قيم المواطنة وحب العمل واحترام الآخر ويكون عينا ساهرة لبرامج واليات عمل الوزارات كافة كالتعليم والتعليم العالي والوزارات الأمنية بمختلف مستوياتها كي تكون مشبعة بثقافة السلم والعدل والتسامح والتضحية والإيثار وحب الوطن والنزاهة وحب العمل والمساواة ،وهذه مثل وقيم لا يمكن أن تقوم بها أية  وزارة أخرى  غير وزارة الثقافة وبرامجها الفاعلة. لذلك نرى إن وزارة الثقافة تستحق أعلى النقاط، وهي بذلك تستحق أعلى التخصيصات وليست ادناها  ((187)) مليون دولار كما ذكر الأستاذ عبد الجبار الشبوط في مقالته ((دعما للثقافة)) في جريدة الصباح يوم 8-شباط 2011


186
أدب / مصابيح الطريق
« في: 19:58 05/02/2011  »
مصابيح الطريق

حميد الحريزي

ابن مصر يستفيق
يعانق
الشقيق
يرفع اللواء يفلسف العناء
يشمر السواعد
يشم رائحة
الشواء
فيعرف الطريق
بيوت الصفيح لا تنام
تطرد الخوف
تنضم الصفوف
تتشابك الكفوف لترفع الأعلام
هذا الشعب
لا يضام
لابد أن ينجلي الظلام
بيوت الصفيح
تغادر الخنوع
تهز قبضات الحساب
تهجر
الدموع
((المختار)) يغادر الكهوف
تنادت
الصفوف
كفى خضوع
((بوعزيزي)) بهاتف الجميع
بلاد ((بوحيرد))
لم    تستكين
هبت   الملايين
تصارع التنين
في الحجاز يولد الجنين
في
الأردن الشماء
تفور الأرض
وتنتفض
السماء
كفى رياء
فارت الدماء
حي
على العمل
ما عاد  ينفع
الدعاء
في اليمن السعيد
ما عاد ((القات))
يفيد
لابد من فجر جديد
يزرع الزهور
يعانق الطيور
يحطم أغلالاً
 من حديد
في ارض الجمال
ارض السلام
بلاد الأرز
لبنان
تقاسمته رايات الظلام
بين شيخ
وراهب
وإمام
حامت في سمائه
الغربان
خنق فضاءهُ الدخان
 فلابد ل(لابضاي) أن يصنع
الأمان
قالها ((ابن عامل))*
الله واحد الوطن واحد وكذا واحد
هو الانسان
واحدة هي الجنان
فمن قسم
البشر
وا آهتي على ارض الرافدين
المسيح
مذبوح يصيح
((المندى)) مثخن بالجروح
((عديُّ)) غادر الجبال
والسفوح
محمد
قلدوه سيف  مختم ب((الله اكبر))
ليذبح
الصغار
نبي السلام صيروه  نبي حرائق
ونار
معلم البشر
يهدم الكنائس ، يحرق الديار!!!
في
البيوت يسكن الظــــــــلام
هدنا الجوع وشح الطعام
ب((النهب)) وب((اللطم))
نوقر
الإسلام!!!
في
الخضراء
كنوز المال والذهب
في
بلاد النفط
ملايين الجياع
برلمان بلا بِرٍ للوعود
وزاراتنا بالمزاد تشرى
وتباع
منائرنا تضج  ب((خير العمل))
شوارعنا تضج بالعاطلين
عن العمل
صار الزور شرعاً يتبع
آن الأوان أن نقول كفى
لأصحاب
الكروش
كفى نوماً كفانا جـــــــــــــــهل
لا بد لليل أن ينــــجلي وتنهار
العروش
لا بد لابن العراق
أن       يستفيق
أن يسلك الطريق
أن يعانق الشقيق
فما  عدنا   نطيق
هذا الخنوع وهذا الكســـل
((حي على خير العمـــــل))
((حي على خير العمــــل))
يعيش من يكنز حب النفوس
يموت من يكنز المال
والتبر
شعب العراق حر لا يستكين
استذكروا وثبة الجسر
وثورة العشرين
كيف هبت الملاييـــن
في ((الواحد والتسعين))
إباءٌ وَرَثَهُ ألآباء
للبنين
لم تزل ندية دماء
الحسين
لم تزل ترسم طريق
ألجائعين.

 كتبت في الشهر الاول من عام الثورة



187
الفرق بين لعبة كرة القدم  ولعبة  كرة  السياسة

حميد الحريزي
طوال الشهر الماضي من السنة الجديدة، ونحن مسمرة عيوننا إلى شاشة التلفاز لمتابعة تصفيات كاس آسيا لكرة القدم، حيث كان لنا شباب يتنافسون مع المنتخبات الكروية الأخرى عرب وغير عرب من قارة آسيا واستراليا................
لقد كانت الوجوه والملامح تتبدل بين حين والآخر حسب مجريات اللعب الجاري على الملعب وخصوصا حينما يكون اللعب بين منتخبنا ومنتخب آخر منافس، حتى يصل الأمر إلى الزعيق والصياح الهستيري وحتى البكاء... ولاشك ان مثلنا الكثير من العوائل العراقية وغير العراقية.........
وكم كان ألمنا كبيرا لما لحق منتخبنا  من ظلم وخسارة باطلة لانحياز الحكم القطري الشقيق لصالح الفريق الاسترالي الخصم وكان  سببا رئيسا لخسارة الفريق....
نرى ان المنظمات ووسائل الأعلام  والدول تبذل الكثير من المال وتؤمن كل وسائل الاتصال والإعلام والحماية  تبذل الكثير من اجل ان تؤمن انشغال ذهن وتفكير وعاطفة الجمهور مع هذه اللعبة السحرية التي تهيمن على العقول... لتشغله ولو مؤقتا عما هو أهم في حياته اليومية وبذلك تؤمن مشاكسته ومعارضته وربما  حتى ثورته.....................ليس  بعيدا ما حصل بين الجزائر ومصر  أي في بلدين يعيشان أزمات اجتماعية كبيرة  حاولت الالمحلية فيال مثل هذه الاحتقانات لحرف توجهات جماهيرها نحو  مشاكل جانبية وتناسي همومها الأساسية  وحقها في العمل والثروة وصيانة الحقوق الأخرى، مستغلة  حب وتعلق الجماهير بمثل هذه الممارسات الرياضية ..............
يبلغ السخط بنا أشده على الحكومة وعلى وزارة الكهرباء وقد ينتقل السخط على صاحب المولدة المحلية  في الحي حيث ينقطع التيار الكهربائي أثناء اللعبة.... ولكن سرعان ما ننسى سخطنا ونقدنا وهياجنا عند عودة التيار والسماح لنا بمتابعة مجريات اللعب فندخل في عالم آخر.
حين اعرض لهذا الواقع وهذا الانشغال والهوس بكرة القدم بلعبة جماهيرية كبيرة لا أريد ان اقلل من شان وأهمية هذه اللعبة المسلية وغيرها من اللعب الجماهيرية الأخرى بل إننا ندعوا إلى تنميتها ورعايتها وعدم تسييسها او استخدامها وسيلة للتخدير .... ولكننا نلفت النظر إلى مدى اهتمام الحكومات ووسائل الإعلام بمجرياتها ودورياتها المحلية والقطرية والإقليمية والعالمية في حين نلمس إهمالا تاما او اهتمام لا يذكر بما يجري من لعب على الساحة السياسية خصوصا حينما تنتفض وتثور الجماهير ضد قوى الظلم والقمع في بلدانها... الظهور بمظاهرات  ومسيرات مطلبية لتوفير خدمات أساسية  وحياتية مفقودة او ناقصة كالماء والكهرباء والتعليم والصحة وفرص العمل... والمشاركة في القرار ومراقبة السلطات ومحاسبتها.
ما لفت نظري ان نساء أميات او شبه أميات وشيوخ كبار السن وعجائز من البسطاء والأميين او أشباه الأميين آخذو يعرفون ما معنى ((فاول)) و((تسلل)) و ((ضربة الجزاء) وضربة ((الزاوية)) وضربة ((التماس)) والضربة ((الحرة)) وووووو.... ومن هو  مراقب الخط وما هو دوره  ومن هو الحكم وما هو دوره في ضبط اللعب  ومدى قدرته وكفائتة ونزاهته في إدارة اللعب ... وما معنى ((الكارت الأصفر)) و ((الكارت الأحمر)) .......
ولكن للأسف الشديد نرى المواطن العادي وحتى بعض المتعلمين لا يعرفون شروط واليات وأحكام اللعبة  الديمقراطية  السياسية.. وهذا الأمر  يأتي بناءا على تخطيط  وعمل مسبق لتأبيد جهل الانسان المواطن باليات وشروط وقوانين  وفن اللعب السياسي ، لكي تبقى الكرة السياسية  طوع قدم الحاكم وليس المحكوم.
  كما ان المراقب لا يشهد دور فاعل للمنظمات التي تدعي رعاية  اللعبة الديمقراطية ،أي لا توجد ((فيفا)) سياسية تراقب اللعب  وان وجدت فهي لا تقيس بمقياس واحد ولا تتسم بالشفافية والمهنية الكافية وغالبا ما تكون أحكامها  لصالح الحاكم وليس المحكوم، وغير معروف الحكم الذي يدير هذه اللعبة السياسية حيثما تحصل في هذه البلدان وأي قانون يمسك بيده هل هو قانون الحاكم او قانون المحكوم أم ان هناك قانون دولي  إنساني عام متفق عليه تمارس ضمنه اللعبة ومن يخرقه يتعرض لصفارة الحكم ويرفع بوجه كارت أصفر او كارت احمر وقد يطرد من اللعب والملعب وخصوصا حين يلجا إلى الخديعة والخشونة والغش في اللعب.
وكذا يعني خروج الكرة خارج الملعب المحدد المعروف حسب قانون.. هذا الملعب المعروف الأبعاد واأصول وأحكام نقول ماذا سيحصل  لو ان ثقافة لعبة الكرة الواسعة بين الجماهير في كل العالم ومنها العالم العربي موجود بما يماثلها في ثقافة اللعبة السياسية الديمقراطية التنافسية.
من سينتفع من انتشار وفهم ثقافة أصول  وأحكام اللعبة الديمقراطية السياسية ومن هو المتضرر.؟؟؟؟
بالتأكيد المستفيد هو اللاعب صاحب الحجة القوية، اللاعب صاحب البرنامج الذي يخدم أغلبية الجماهير، اللاعب المشهود له  بالنزاهة والصدق ، والعمل من اجل الصالح العام، اللاعب الذي يمتلك الخبرة العالية في إدارة شؤون البلاد الداخلية والخارجية ، اللاعب الذي يتميز بالشفافية والصراحة أثناء اللعب وما قبله وما بعده.....وهي صفات مرادفة لمهارات وقدرات لاعب الكرة في الملعب من حيث اللياقة البدنية، والحماس، والتدريب الكافي والتركيز والخبرة في اللعب، ووو.
وهنا نرى ان المتضرر من وجود حكم وقانون ومراقب خط وثقافة لعب سياسي هو الفريق والحكم الذي يفرض نفسه  عبرا للعب الغير نظيف والكذب وارتكاب ((الفاولات)) ... أي عبر عدم اعترافه بأصول اللعبة وقوانينها الدولية والإنسانية المعترف بها، بل هو يأخذ دور مشرع قانون اللعبة وهو المراقب وهو الحكم وهو اللاعب، هو المهاجم وهو المدافع وهو حامي الهدف...
وها نحن نرى بأم العين ونسمع ملأ الإذن ما يجري في  مصر وما يعانيه  الشعب والشباب المصري الثائر من الطاغية حسني وزمرته وبلطجيته رغم ادعاءهم أنهم يؤمنون باللعبة الديمقراطية في  السياسة  ولكن حين  يمارس  الجزء الأكبر من الشعب ممارسة هذه اللعبة ويعبر بشكل ديمقراطي سلمي عن مطالبته بالخبز والعمل وتصحيح الدستور بما لا يدع مجالا لتوريث السلطة لأبناء الحكام ، ومطالبتهم بالتحقيق في  التزوير الكبير والخطير الذي حصل في الانتخابات البرلمانية الأخيرة وأحرز من خلالها الحزب الوطني الديمقراطي حزب مبارك  على الأغلبية في البرلمان، يظهر الحاكم الحكم ليقمع هذه الأصوات ببشاعة كبيرة مسلطا على شباب مسالم يرفع مطالب مشروعة زمر من ((البلطجية)) وأفراد من الشرطة والشرطة السرية بملابس مدنية مستعملين السكاكين والهراوات والاطلاقات النارية والأحجار وقنابل المولوتوف  والقنابل المسيلة  للدموع مما تسبب لحد ألان  على استشهاد أكثر من ((300))  مواطنا مصريا ومئات الجرحى بالإضافة إلى عمليات السلب والنهب والاعتداء على العوائل والمال العام من قبل  الأجهزة الحكومية السرية وهذا الاحتجاجات الغاضبة والمسيرات المليونية الغاضبة التي استمرت لأكثر من عشرة أيام.
وهنا  السلطة ((اللاعب)) المنافس  يرتكب ما لا يحصى من  ((الفاولات)) واستحق الحكم بالعديد من ضربات ((الجزاء)) وعدد كبير من الكارتات الصفراء والكارتات الحمراء التي تستوجب الطرد الفوري بدون  أي اعتراض...... ولكن مَنْ يرفع هذا الكارت بوجه النظام المستبد الذي يدعي انه الفائز وانه  مستمر بتسجيل الأهداف الكبرى؟؟
في مثل هذا الحال حينما يعجز  الدستور ((الحكم)) المفترض عن إشهار البطاقة الحمراء بوجه الحاكم ويأمر بطرده من ملعب السياسة المصرية بعد ان افسد فيها وخرب ودمر وارتكب الكثير من المخالفات ولعب خارج الملعب الديمقراطي  على مدى أكثر من ((30)) عاما هو وزمرته الفاسدة العاجزة المستبدة، هنا  يأتي دور  المشرع الأكبر والحكم صاحب الصلاحية المطلقة برفع ((الكارت)) الأحمر بوجه الحكم والحاكم وطرده وهذا الحكم هو الشعب المصري وهو حق لكل شعب في العالم باعتباره  المشرع الأكبر ضمن كل دساتير العالم وكل  مواثيق حقوق الانسان  والمنظمات الانسانية المعترف بها... وان الملك والرئيس والأمير إنما هو يمارس وظيفة عامة  ضمن عقد تخويل من الشعب وحين يخل بالعقد  توجد إبطال العقد وفك العلاقة بين المتعاقدين.
ومن الخطورة بمكان ان يحاول المتفرج واللاعب والحكم الاحتياط ان  يحل محل اللاعب الأصلي والحكم الأصلي ليسجلوا الفوز لأنفسهم رغم أنهم خارج الملعب أصلا!!!!
وهذا ما تحاول ان تفعله بعض الشخصيات والأفراد من أدعياء السياسة في مصر لتجير ثورة أبناء مصر لصالحها ولكن هيهات.
وإذ نتحدث عن مصر العزيزة لا يفوتنا ان ننوه لما يجري من خرق للديمقراطية ونصوص الدستور  عند نعامل بعض أجهزة السلطة في العراق ضد المواطنين المطالبين بالعمل وتوفير الخدمات الأساسية ، والعمل  للحد من الفقر والبطالة  المستشرية في المجتمع العراقي رغم  ثرواته الهائلة  التي يذهب اغلبها في جيوب  كبار المسئولين وحواشيهم، ناهيك ا الفساد المالي والإداري وتوقف التعيينات لشباب جامعي لازال ينتظر لعدة سنوات عسى ان يحصل على فرصة عمل سواء في القطاع العام المحتكر من قبل القوى المتنفذة او من قبل القطاع الخاص المعطل تماما او  ذو  الوصف الطفيلي الغير منتج.
نقول ان شعب العراق  عانى الكثير من الآلام والويلات والحروب وقد آن الأوان ان يستقر ويستريح، ولكنه قد يصل إلى درجة الانفجار ولاشتعال   وهو في وضع وحال تحيطه  كل ذئاب الأرض المسعورة  والثعالب المأجورة لتقطع أوصاله وتنهب خيراته، فعلى كل  مسئول حكيم وعلى كل وطني عراقي شريف  ان يعمل من اجل  إنصاف فقراء ومعطلي وأيتام وأرامل وعراة وجياع  العراق، لكي لا يحدث ما لا يحمد عقباه في ظل مزاج عربي وإقليمي وعالمي مشتعل، ان حال أغلبية أبناء العراق   يشتعل ويساعد على الاشتعال أكثر من أي وقت مضى.

السادس من الشهر الثاني من عام الثورة الأول


188
أدب / بيارق الجياع
« في: 17:28 01/02/2011  »
بيارق الجياع
حميد الحريزي

دوت صفارات إنذار ٍ
حصنوا 
 القصور
عززوا
الثغور
أَغلَقوا الحدود
وراقبوا المد ارج
فقد جاءنا ما يلي:-
استيقظ ابن ((غفار))
اهتزت قصور ((بن علي))
جاءكم رفيق
((علي))
لابد من قرار
لابد لليل أن ينجلي
((حيدر))* في البصرة لازال فرنه يفور
((محمد))** بو عزيزي
لازال يواصل
 الحضور
نفض الجياع
تراب القبور
في
مصر
في الجزائر
في كل
أرجاء بلدان العرب
((جيفارا))
لم يعرف القنوت
نجمة  حمراء
وقبعة
له في كل دار
((الحلاج))
يرفض أن يتوب
دجلة العظيم
وزع  سره
على
القلوب
في الشمال
والجنوب
بين بيوت الصفيح
في متاهات الحقول
بين الأزقة
ودور
بلا نور
لازال
((الغفاري))  يجوب
ينادي
بصوت جهير
يا معشر
 الجياع
حتى متى تبقون في
ضياع
سأمت كراسي الحكم
من طول تربع
 الملوك
في القصور
نسمع عهر
 الغلمان
والعبيد
من غياهب السجون يتسلل
صرير الأغلال
 والحديد
يطالبونكم بحسن السلوك
يباركون لكم الايدز
والسل
والحشيش
ولكن
 إياكم
 أن تمسوا  كراسي
الملوك
******
تعالوا
أطفالنا الحفاة
من
تونس
من
مصر
من
دمشق والعراق
من ارض دجلة
والفرات
في بحيرات  الذهب الأسود
يسبحون
وبطونهم جياع
تتسول أمهاتهم في
الطرقات
تنغص السير
على راكبي
((الهمر))
انا الصادق جئتكم
أقول
من :-
يهادن القصر
من يرتضي
الفقر
ملعون في الحياة
والممات
آ لا هبوا يا ملايين الجياع
في السهل
في الجبل
في الأغوار
في الاهوار
وفي البقاع
((محمد)) و((حيدر)) و((فاطمه))
أوقَدوا
بأرواحَهم
فتيل
الصراع
((الغفاري)) و ((جيفارا))و((خالد))***
بيارق
العدل
خرجوا من بيوت
 الصفيح
خرجوا
مع
 وجع نزف
الجريح
من
فم
كل طفل جائع
 يصيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــح
مبسمه
يقول
أئمة العدل
غادروا الضريح
شتتوا جمع أهل
النفاق
كشفوا عن وجوه الأدعياء
القناع
نحن أئمة العدل
نحن حرب على
 الفقر
لازالت سيوفنا تطارد
القهر
لا زلنا
ولازالت مبادئنا
لا تباع
أسموكم
الرعاع
ولكنهم لصوص
حرفوا
الدساتير
وزوروا النصوص
من قال((بوعزيزي)) انتحر
((بو عزيزي))
فجر
الخوف
((بو عزيزي))
دق
رأس
الخطر
يابنيتي لا اعرف الكسل
شهادتي في  صدر
ألعربه
قالوا
عملك غير نظيف
يضايق ((ليموزين)) الأمير
فلنطبخ الروح
بزيت
كان
يريد أن ينضج الرغيف
أنضج ((بوعزيزي)) الجسد
مشويا
بفرن
السلاطين
مرفوع
الجبين
فهبت الملايين تساءل ((أسوء العابدين))
من أي قوم
يكون
من أي طينة
 ومن أي دين؟؟؟
((النواب)) غير ملام****
حين
وجه لكم
الكلام
((اولاد  قراد الخيل...))
ها قد  دقت ساعة
 الخطر
انتهى
الجدب
وجاء
المطر
حان وقت تحرر
 البشر
 هل
جاء ((المنتظر))
يعم الكون
السرور
تغرد الطيور
تفتح
الزهور
فليختفي السلاطين
بلغ
 الغيض منتهاه
المارد الجبار
قد
ظهر
فهل
من يسكن((الخضراء))
 والقصور
المضاءه
راجع
النفس
هل
 فَهمَ
الدرسَ
والعِبَرْ؟؟
*  محمد شهيد انتفاضة الكهرباء في البصرة في العراق
** الشاب التونسي الذي احرق نفسه واشعل فتيل انتفاضة شعبية عارمة في تونس لم تزل قائمه.
***  الشهيد  خالد احمد زكي قائد انتفاضة اهوار الناصرية في جنوب العراق ضد سلطة البعث  عام 1969.
**** مظفر النواب الشاعر الثوري العراقي الشهير.
 
آ لا هبوا يا ملايين الجياع ...
حميد الحريزي

أشكر كل من قدمّك
وأشكر كل من رآكَ وسمع صوتكَ العربي العراقي الحبيب الأصيل
وأقول وأقسم لكَ أنه شرف لي أن أقرأ لكَ كل هذا الشعر .......
قصائد تختزن الواقع بالذاكرة
أنتَ ذاكرة وذكريات وقوة كل الذين رحلوا من العراق إلى الغربة
أنتَ ؟؟؟
من أنتَ؟ حميد الحريزي ؟؟؟
الشاعر المتجدد في الكيان والبيان
يختصر الكون ومصير العراق وما صار إليه بقصيدة بين يديكَ ؟
شكراً لكَ ..
................

كل طفل جائع
يصيـــــــــــــــــح
مبسمه
يقول
أئمة العدل
غادروا الضريح
شتتوا جمع أهل
النفاق
كشفوا عن وجوه الأدعياء
القناع
نحن أئمة العدل
نحن حرب على
الفقر
لازالت سيوفنا تطارد
القهر
لا زلنا
ولازالت مبادئنا
لا تباع
أسموكم
الرعاع
ولكنهم لصوص
حرفوا
الدساتير
.........
بيارق الجياع / حميد الحريزي


** أين ترى الشعر الآن في خارطة الأدب العربي؟ هل ثمة علامات بارزة تؤكد حضوره بقوة؟
ـ الشعر حاضر في الشعوب كوجود فني دائم. ولا أعتقد أنه يمكن تغييبه عن حياة المجتمعات، باعتباره قيمة عليا للتعبير ولتبادل المشاعر والصور والرسائل المعرفية. الشعر بريد الأرواح، وقد لا تتوقف حركة ذلك البريد حتى بعد اختفاء البشر من على سطح الأرض، لأن البريد الشعري ذاك سيستمر بإيصال الرسائل المشفرة ما بين الأموات والأحياء ضمن منظومة هندسية تملك طاقة خاصة للاستمرار بنقل المشاعر ما بين الموجود واللاموجود. ومن هنا يمكن التوكيد بأن الشعر هو في واقع الأمر تربة الأدب العربي الحمراء الذي تنبع منه بقية الفنون بمختلف طرائق التعبير عن الجوهر الإنساني.
إما البحث عن علامات تشير إلى حضوره فهم الناس أنفسهم. أعني أن وجود الشعر مرتبط بوجود الناس على هذه الأرض. باعتقادي كل مخلوق بشري إنما هو مقطع من الشعر. مقطع يختلف عن الآخر ولا يتطابق معه إلا في حالات جد نادرة. من هنا علينا أن ندرك بأن الطبعات الشعرية مثلها مثل بصمات الأصابع تفسد فيما لو تطابقت خطوطها. لأن الاختلاف جوهر المادة الشعرية ومجالها الحيوي.
(أسعد الجبوري)
................

جوزيه حلو ـ فرنسا





189
متى تطلق سلف الموظفين  العاملين والمتقاعدين؟؟؟

في عام 2010 كان لوزارة المالية العراقية للدورة السابقة مبادرة تشكر عليها  في إعطاء الموظفين العاملين والمتقاعدين – لأننا لا نريد إن نقول الموظفين والمتقاعدين وكان المتقاعدين  غير موظفين  وهو وصف خاطئ بنظرنا – سلف مالية  على الرغم مما شابها من ثغرات تتعلق ب :-
1-   ضآلة المبلغ المسلف (5) ملايين للموظفين العاملين و(3) ملايين للموظفين المتقاعدين حيث نرى
أ‌-   لا مبرر إطلاقا للفرق بين السلفتين  بل يفترض أن تكون الارجحية للمتقاعدين،  بناءاً على كبر المسئوليات العائلية والاجتماعية الملقاة على عاتقهم، وطول فترة خدمتهم، ضآلة راتب المتقاعد نسبة براتب قرينه الموظف العامل.
ب‌-   طلب الكفيل من المتقاعد المكفول قانونا أصلا لان راتبه  دائم  حتى بعد الوفاة ، يفترض تسليمه السلفة فور تقديمه الطلب وتوقيعه الاستلام،  وليس كما هو الحال بالنسبة للموظف العامل  حيث يمكن أن يتعرض للفصل أو الطرد أو سحب اليد أو السجن ...الخ مما يستوجب كفيل.
ت‌-    نسبة الأرباح وقسط الاستقطاع  غير منسجم مع نية الحكومة والدولة العراقية في إنصاف ذوي الدخل المحدود  وتحسين  حالتهم المعاشية.
2-   استفاد من السلفة عند إطلاقها لأول مرة من هم على اتصال مع أهل القرار والمتنفذين وأصحاب الوساطة والوجاهة ودافعي....... في الكثير من الحالات وبقة شريحة كبيرة من ذوي الحاجة الحقيقية دون الاستفادة من السلفة خلال فترة الإطلاق القصيرة مما  جعلهم يتحرقون انتظارا  لإطلاقها من جديد .
3-   مما سبق نخلص إلى:-
•   ضرورة الإسراع بإطلاق السلفة .
•   زيادة مبلغ السلفة وبالتساوي بين الموظفين العاملين والموظفين المتقاعدين.
•   اختزال الروتين في طلب المستندات والكفلاء خصوصا بالنسبة للمتقاعدين.
•   تخفيض نسبة الفائدة ونسبة الاستقطاع من راتب المستفيدين من السلفة.
نتمنى أن تحضي ملاحظات ذوي الدخل المحدود بالاهتمام   لمساعدتهم في مواجهة ظروف حياتية ومعاشيه صعبة.

حميد الحريزي                     

190
البرلمان الشعبي
آراء  وملاحظات  حول موجباته و آليات عمله

مهما كان  الشخص المكلف  بمسؤولية إدارة  أية مؤسسة حكومية  نزيها ونظيف اليد والجيب، لابد من  إشعاره دائما إن هناك رقيب خارجي يسجل له ايجابياته ويحصي عليه أخطاءه وهفواته، بمعنى عدم الاكتفاء بالرقيب الداخلي للفرد وللهيئة الحاكمة والمتصدرة للسلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية،  فلإنسان مهما كان منزها تتحكم فيه أحيانا نزوات وأمزجة تزين له خرق  القانون والعرف  حين يأمن الرقيب الخارجي وحين ينام أو يتغافل أو يبرر له عمله الرقيب الداخلي ((الضمير)).خصوصا في من  اختلال القيم وأوقات الأزمات والحروب والكوارث الطبيعية والأوبئة.
وهنا لا نريد أن نركز على الجانب السلبي من الأمر  فالإنسان النزيه المجد والكفء والمبدع بحاجة إلى من يشيد بجهده وكفائتة وتضحيته وتفانيه في عمله حتى لا يحسسه رقيبه الداخلي  إن  ما يقوم به من عمل جيد وتضحية ونزاهة لا يلقى أي تقدير ولا يلفت انتباه  الرقيب((الضمير)) الجمعي الخارجي.. مما يضعف من مقاومة رقيبه الداخلي  ويأكل من جرف القيم الإيجابية لدى الفرد.
نرى أن هذا الأمر  يحظى بمزيد من الأهمية في ظروف  البلدان التي تعيش ظروف استثنائية كعدم الاستقرار  الأمني وعدم اكتمال بناء المؤسسات الرقابية، وعدم ترسخ  الثقافة الديمقراطية بين الأفراد والجماعات الماسكة بالمسئولية في مؤسسات الدولة المختلفة، وبقاء رواسب  الانحياز للثقافة القبلية والطائفية والعرقية و المحسوبية والمنسوبية على حساب حقوق المواطنة  والعدالة  ، هذا بالإضافة إلى قلة الخبرة الإدارية لأغلب الكوادر الذي   تتوالى زمام المسئولية في مثل هذه الدول ، خصوصا بعد  التحولات الجذرية التي تجري فيها.
من هذه البلدان العراق ، البلد  والشعب الذي خضع لعقود من الحكم الشمولي  بمختلف ألوانه وتدرجاته الاستبدادية والديكتاتورية  وصولا إلى الحكم الفاشي، ليحصل تغيير  بفعل قوة خارجية ، إشاعة القوى وهدمت ((الدولة)) أو إن الدولة  انهارت بانهيار عمودها الديكتاتور الأوحد واتضاح زيف  وهشاشة مؤسساتها المختلفة المرتبطة  بشخص الديكتاتور السلطة وليس بجسد الدولة السلطة.
إن ما نعيشه الآن من  التردي المريع في الخدمات والأوضاع الأمنية وحصول حكومتنا على درجات  متقدمة في الفساد المالي والإداري ويبدو أنها  سائرة لتكون الأولى في العالم في هذا المجال، هذا الأمر يجري في أغنى بلد في العالم مما  يوفر أفضل ظروف  لتأسيس  زمر ومافيا  تتربع على سدة الحكم وتديم سيطرتها بقوة المال ألملياري  الذي تستحوذ عليه ويجعل من الصعوبة بمكان  التصدي لمثل هذه الطبقة الغارقة في الفساد و((المبدعة )) في مجال ترسيخ الإفساد وتفريخ المفسدين.... غير مبالية لما يعانيه اغلب أبناء وطنها من الجوع والبطالة والحرمان من ابسط الخدمات... ففي عدد جريدة الصباح الشبه رسمية صرح مسئول إن ((90%)) من الأموال المخصصة للأعمار تذهب في جيوب المفسدين ؟؟؟؟!!!
 وذكرت  منظمة النزاهة الدولية إن ((300)) مليار دولار  ذهبت  في جيوب المفسدين  حتى عام  2008 من أموال  العراق ؟؟؟ وهناك آلاف الشهادات الدراسية المزورة، تسنم أصحابها مناصب حساسة في أجهزة الدولة المختلفة !!
لا نريد أن نسهب في  ذكر الأرقام المذهلة   التي سرقت وأهدرت  وزورت لغير صالح الشعب العراقي، ولا حاجة بنا لذكر مستوى المسئولين اللذين  توسخت أياديهم بسرقة أموال الشعب العراقي  ، فلا نظن إن  عراقيا واحدا لم يرى أو يسمع أو يعاني من مثل هذه الحال المأساوية الغير مسبوقة في نهب المال العام.
  وليس جديدا  أو كشفا للسر ألقول إن  من يكون في زمام المسئولية سواء أكان عضو  مجلس محافظة أو عضو برلمان  ، تنفيذيا بسيطا أو وزيرا  أو رئيس وزراء   ستضعه  ظروف البلد  في حالة من العزلة عن عموم الناس وخصوصا من خارج حواشي السلطة .....  مما يسد كل  النوافذ المطلة على  معاناة الناس  وملاحظة ومحاسبة الفاسدين والمفسدين والغير كفئويين ممن هم  في معيته أو تحت إشرافه ومسئوليته على فرض انه نزيه وشريف  ومخلص لوطنه وشعبه.
مجمل ما تطرقنا اليه يتطلب إن تكون هناك  جهات أو مؤسسات ساندة  تمتلك القدرات والآليات لتفعيل الرقيب الخارجي الحريص على الدولة ومؤسساتها والحريص على المال العام ن قادرة أن تكون العين القادرة والساهرة على  رصد  أعمال التقصير والخلل ناهيك عن الفساد  والتخريب المتعمد للقوى الفاسدة والمفسدة داخل أجهزة الدول، في حين تنمي روح المبادرة ونقاء وفاعلية  الرقيب ((الضمير)) المجتمعي وتجعل منه الحامي الأكفأ  لثروات البلاد  وقوانينه ،والرادع الأقدر على كشف الفاسدين والمفسدين ، والقامع لكل  توجه ديكتاتوري تسلطي مناهض للديمقراطية ومزيفا ومحرفا للقانون والدستور حامي حمى  الدولة الديمقراطية الدستورية التعددية.... هذا  وغيره ما نراه باختصار شديد موجبا  ملحا وضروريا لقيام ((البرلمان الشعبي )) الذي يتشكل بمبادرة ذاتية  من قبل أبناء  الحي والمدينة  في الريف والمدينة  على مستوى المحلة  فالحي  فالناحية والقضاء ومركز المحافظة ومن ثم عموم العراق ليكون سلطة  رقابية  ساندة  للبرلمان المنتخب ديمقراطيا ومعينا  لمؤسسات الدولة في النهوض بمهامها والحامية للمال العام بقوة العرف قبل القانون لأموال وأرواح الناس، والمستشار الأقدر في إبداء الرأي والمشورة للسلطات المعنية في  الإشارة لأكثر طرق العلاج نجاحا ولأكثر المشاريع ضرورة وأولوية  ولأقدر الناس في تحمل المسئولية.. حين يكون هذا البرلمان ولجانه المختلفة مؤلفة من أفراد وجماعات   متطوعة في مثل هذا الحراك الاجتماعي الفاعل،  والمكون من مختلف طبقات وشرائح وفئات المجتمع، المعروف عنهم القدرة والنزاهة والحرص ورجاحة الرأي يملكون رأسمالا رمزيا  يؤهلهم ليكونا قادة وسط  محيطهم وأبناء حيهم ومدينتهم.
تتشكل هذه اللجان وفق أسس وآليات يرتئيها  الناس في مجالهم  المجتمعي وتنظم نشاطاتها بعيدا عن المكتبية والبيروقراطية والروتين ، في المقهى، والديوانية، والمتنزه والمسجد .... الخ لتتدارس أوضاعها وتنظم أولوياتها وحاجتها للخدمات. تختار  الأساليب المناسبة لتوصيل  ما تراه  عن طريق:-
 * مقاومتها السلمية للظواهر الضارة والسلوكيات المنحرفة سواء في المجتمع أو في مؤسسات الدولة وأجهزة الحكومية المختلفة، عبر  الوفود  والمقابلات أو عبر اللافتات والمنشورات  ووسائل الإعلام والصحافة المختلفة أو عبر الاعتصام والتظاهر في حال عدم استجابة الجهات المختصة لمطالبيهم ومقترحاتهم المشروعة.
*  تشكل منسقيات عمل متدرجة من الحي  فالمنطقة  فالمدينة والناحية والقضاء ومركز المحافظة ،   ينتخب لها مجلس منسق يسير  نشاطاتها بالتعاون مع المنسقيات الأخرى  قدر  تعلق الأمر بها ووفق حجم المطلب أو القضية المطروحة.
فمثلا تبليط شارع، أو فساد مسئول محلي لا يستدعي  أن تنشط  لأجل إصلاحه أكثر من منسقيه المحلة أو الحي، في حين يتطلب مواجهة  قرار شامل وهام مثل  (مشروع قانون  إعفاء المزورين) من العقوبة  والغرامة والحرمان من تبوء مسئوليات حكومية ، يتطلب حشد شعبي واسع من مختلف المستويات والفئات  على المستوى الوطني لإفشاله ومحاسبة المدافعين عنه.
وكذا هو ألحال بالنسبة للقضايا الوطنية الكبرى وحسب الأهمية كما تراها لجان  البرلمان ومنسقياتها المختلفة التي لا تختلف من حيث  الوصف المعنوي والتنفيذي الواحدة عن الأخرى إلا  بما يوفر للحراك والعمل أفضل شروط النجاح والدقة والموضوعية.
من الضروري جدا أن تنسق هذه المنسقيات للبرلمان الشعبي مع منظمات المجتمع المدني من  نقابات واتحادات وجمعيات وكل حسب اختصاصه ليكون الفعل أقوى   وأكثر فائدة ومنتجا ،غير نابع من  عاطفة منفعلة أو  منفعة ضيقة.
العمل قدر الإمكان أن تمول نشاطات وفعاليات المنسقيات وأعضائها على قدراتهم الذاتية وعدم الارتهان المالي والإداري والتعبوي لأي قوة  أو حزب أو فئة، ليس من باب التقاطع ولاكن من باب الاستقلالية والعمل التكاملي الرامي  إلى تحقيق الهدف المرسوم للفعالية المعينة، بعيدا عن هيمنة المفهوم السياسي الضيق، وان يكون البرلمان الشعبي كيانا شعبيا مستقلا بعيدا عن هيمنة إي حزب ا وايدولوجية سياسية والعمل لتوظيفه  لصالحها الخاص ومكاسبها ، ولا مانع من إسنادها ودعمها للمطلب الشعبي ومؤازرته ومساندته  حسب قناعاتها بالقضايا المطروحة وانسجامها مع برامجها.
البرلمان لا يدعو الناس إلى عدم الانخراط في العمل السياسي ولكنه يرفض  هيمنة أية قوة سياسية على نشاطاته وفعالياته.
لا نريد أن ندخل في تفاصيل عمل  ونهج ووسائل وهيكلية ((البرلمان)) الشعبي في  مقالنا أو مقترحنا هذا ليكون الباب مفتوحا لمن يسانده ويضم رأيه لهذا الرأي لتكون المنسقيات المنتخبة  وبالاستناد إلى مجال عملها ومكونها المجتمعي هي صاحبة الرأي الأخير في كل ما تقدم ، يظل الباب مفتوحا أمام إبداع ومبادرات وإرشادات وتوجيهات الجماهير الشعبية المنظمة  بفاعلية لتحقيق مطالبها ، وبذلك نستطيع أن نتجاوز الروتين والبيروقراطية والهرمية في  العمل والتنفيذ والمتابعة.
.........................
..........................
...........................
 نأمل أن تكون مقترحاتنا واجتهاداتنا  هذه نقطة انطلاق فاعلة لمواجهة  ظاهرة الفساد والافساد، ونقطة انطلاق لبناء مؤسسات الدولة الفاعلة، وإنجاح خطط الحكومة الرامية إلى تحقيق الأمن والأمان والرفاه للشعب العراقي بعد أن  يكون  لأبناء الشعب رأيا في  إنشاء المشاريع واقتراح الخطط  والبرامج لتكون وسيلة هامة من وسائل وركائز تنفيذها وتطويرها وحمايتها لأنها تشعر بأنها وليدة  أفكارها  وصنيعتها وغير  مفروضة عليها  من فوق.كذلك سيكون عونا كبيرا لهيئة النزاهة في الكشف عن جرائم التزوير والرشوة والاختلاس، وبديلا فاعلا عم ما اسمي(( المخبر السري)) في كشف شبكات الجريمة بمختلف مستوياتها ويساعد كثيرا على استئصالها لان أفراده  فاعلين داخل المجتمع على دراية تام بما يدو في مناطقهم السكين أماكن عملهم
 ندعو جميع بنات وأبناء الوطن ليكونوا أصحاب قرار  في عمل وفعاليات ((البرلمان الشعبي)) المنشود  وليس ضيوفا أو متفرجين على لجانه ومنسقياتها المختلفة.
والعمل الواعي  الحذر  من  الأفراد والقوى أيا كانت التي تحاول أن تجعل من ((البرلمان)) جسرا يوصلها إلى أهدافها ومنافعها الخاصة ، فهناك الكثير من الطفيليات والعناصر الانتهازية والوصولية التي  تعكر ولا تفكر إلا بما يخدم مصالحها الخاصة فقط.  فمثل هذه العناصر تفسد عمل ((البرلمان)) وتؤدي إلى فشله وضياعه في متاهات وصراعات جانبية ضارة. فيتوقف جريان منابعه  الجادة المضحية  وتفسد الطحال والحشرات  الضارة نقائه  وتسيء لأهدافه ونواياه النبيلة الهادفة.فيتحول إلى تجمع  للفوضى وصراع الإرادات فيصاب بعدوى القوى السياسية وصراعها من اجل المناصب والمكاسب.
 ضرورة أن  يشعر ألموظف الحكومي بأنه ومؤسسته مستوظف من قبل المجتمع والشعب وليس العكس كما هو سائد ألآن.
نتمنى أن لا تثير مثل هذه الآراء والمقترحات والنشاطات أجهزة الدولة بمختلف مسمياتها ومسوياتها وان لا ترى فيها تهديدا لهيبتها وسلطتها بل ترى  إنها خير مساند وعاضد لكل خططها ومشاريعها وتوجهاتها الخيرة الهادفة لبناء مؤسسات ديمقراطية وسيادة القانون  وتنظيف أجهزتها من المفسدين  وخير وسيلة لكشفهم.
لنا كامل الثقة بانبثاق النواة الأولى لهذا البرلمان المشروع  لينقل أمنيات وتمنيات كل المخلصين من حيز التمني إلى حيز العمل المنسق الفاعل من اجل خير ومنفعة الوطن والمواطن رغم إقرارنا مقدما بصعوبة ولادة مثل هكذا كيان  الذي لا يمكن أن يولد إلا من رحم شعب واع  ومنظم ومنضبط ويعرف ماذا يريد وكيف يحصل على ما يريد وفق القانون والدستور بعيدا عن الفوضوية والغوغائية.وان كانت القوانين والمواد الدستورية لا تحقق طموحها عليها أن تجد السبل الكفاحية لغرض تطويرها أو إلغائها واستبدالها بما هو أصلح، فليس هناك من مقدس في الدولة المدنية سوى إرادة الشعب وضمان مصالحه والسعي لتحقيق طموحاته..
كل رأي محل اهتمام وكل مقترح   يضيف قوة وفعالية لبرلماننا الشعبي المأمول، قبته بيوت كل الناس وهويته حب الوطن والشعب، وغايته بناء عراق ديمقراطي حر وشعب مرفه سعيد.

حميد الحريزي
العراق



191

عسى ظناً به ولعلما - مؤتمر الصحافة والاعلام


تماشيا مع  موجة المؤتمرات السارية هذه الايام من نهاية السنة الواقفة على بالب الوداع وضمن فعاليات النجف عاصمة الثقافة الاسلامية، اقامت  نقابة الصحفيين العراقين في النجف  -المؤتمر  الوطني الاول للصحافة والاعلام -  اعتبارا من 22-12- لغاية 23-12-2010/ في قاعة جامعة الكوفة ،وقد حضر جمع غير قليل من  اهل الصحافة والاعلام والضيوف الاخرين بضمنهم عضو مجلس نواب و السيد المحافظ واعضاء من مجلس المحافظة واخرين.
قدمت  كلمات الضيوف كالعادة، وكلمة السيد نقيب الصحفيين وكلمات ودراسات اخرى في  يوم الافتتاح الفترة الصباحية، ثم جرى حوار مباشر مع السيد النقيب تحدث عن المكاسب واورد بعض المثالب في عالم الصحافة العراقية.
تحدث العديد من الحضور عن سلبيات عمل النقابة المركز وخصوصا عدم العدالة والاهمال والتقصير في منح  عضوية النقابة بالرغم من مرور اكثر من اربعة سنوات لبعضهم ومنهم الكاتب على تقديم الطلب دون نتيجة لا باالرفض ولا بالايجاب، وقد رد السيد النقيب بصحة  الحديث وصحة تقديم الطلب ووعد بانجازها باسرع وقت ولكنه طبعا لم يذكر سببا للتاخير والتهميش  الذي مورس بحق اكثر من خمسة اسماء من الزملاء الصحفيين والاعلاميين في النجف....
ولاندري هل سيكون هذا الوعد كسابقاته او سينصف الزملاء وتحقق طلباتهم مع احتساب مدة التاخير بسبب لجنة العضوية ام لا؟؟؟
هل سيشمل هؤلاء الزملاء بالمنحة  والقطع السكنية كاقرانهم ممن سبقوهم ام لا؟؟؟ ومن سيرفع المظلومية عنهم؟؟؟
وطبعا لا اريد اكون متشائما كزميلي الذي يجلس بجانبي الذي  قال :-
اذا لم نحصل على قطعة ورقية صغيرة تسمى بطاقة العضوية رغم استحقاقننا بعد مرور اربعة وخمسة سنوات على طلباتنا ، هل تصدق سنحصل  على المنحة وقطعة الارض ((300)) م2؟؟؟
 
احبتي زملائي سازف لكمبأ حصولي على بطاقة العضوية كاملة وساخبركم باستلامي المنحة والارض، حال حصولي عليها
وتفائلوا بالخير تجدوه، وان بعض الظن اثم؟؟؟
 
تحياتي لكم ولكل الزملاء الحضور منهم والغياب وللسيد النقيب وللسيد ((هاني العقابي - مستشار السيد نقيب الصحفيين - عضو اتحاد الصحفيين العرب)) كما ورد بالكارت  الذي تبنى الامر واهداني كارته الخاص للتواصل والاتصال  فالف شكر للسيد المستشار
تحياتي والى اللقاء.
 
حميد الحريزي
صحفي عراقي -بلا  بطاقة عضوية
 
23-12-2010



192
خطاب عتاب الى الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق -المقر العام

في عصرنا الراهن اصبح النيت من الامور الهامة جدا في الايصال والتواصل في العلم بين مختلف المؤسسات والعالم وبين اعضاء هذه المؤسسات، ووللموقع الالكتروني اهمية استثنائية كبيرة في ه1ا المجال ،خصوصا اذا كان مثل موقع الاتحاد العام للادباء والكتاب المقر العام في العراق، يفترض ان يكون هذا الموقع المراة العاكسة للفعاليات الاتحادية المهنية والنقابية وتوصيل المعلومة الجديدة لاعضائه، بالاضافة الى كونه مرجعية كبيرة للنتاجات الفنية والادبية بمختلف فروعها من خلال ماينشر في الموقع بحيث يعتبر النشر شاهدة يعتز بها الاديب حين تنشر  مادته الادبية شعرا او نثرا اورواية في الموقع،  خصوصا اذا تمت  المنقشات والنقد والتقويم عبر الموقع من قبل الشعراء والنقاد والقصصاصين ، ولكن للاسف الشديد من يدخل على موقع الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق المقر العام  يصاب بخيبة الامل  والدهشة كون الموقع يبدو في حالة  نعاس مزمن لم تجري عليه اية عملية تحديث لعدة اشهرن ولم تضاف اليه سوى اسماء الادباء ممن حصلوا على المكافات !!!!!
وكانهم يعرفون من خلال مكافآتهم؟؟؟؟
فلانجد قصائد شعرية او قصص اووايات او اخبار الادباء في العالم العربي والعالم عموما ، لاوجود لنتاجات نقدية ودراسات  عن النتاج العراقي او العربي او العالمي، الذي يفترض ان يكون االموقع اكثر المهتمين بها ومرجعا موثوقا من مراجعها. والمؤلم حقا اننا رغم كتابتنا اكثر من مرة  لمثل هذه الملاحظات لم نجد من يرد او يفسر او يستجيب او يبرر مثل هذا الحال المؤلم، فماذا عساه يقول العرب او الاديب والمهتم العالمي بالادب حين يجد  نافذة الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق بمثل هذا الخواء والركود رغم ثراء النتاج الادبي العراقي.
وعند طرح الموضوع على الاستاذ (فاضل  ثامر) رئبيس الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق  كان رده :- ماذا عسانا ان نفعل  فالشباب لايقومون بتحديثه؟؟؟؟؟
بمعنى ان هناك من  هو مكلف للقيام بهذه المهمة ولكنه لم يفعل؟؟؟!!!!!!
 
هذا الامر الاول والمهم والذي نتمنى ان  يتم تلافيه باسرع وقت ليكون  موقع الاتحاد بمستوى النتاج الادبي العراقي ومعبرا عنه بحق.
 
ثانياً- لانعلم ماهي الاسباب وراء عدم ورود اسماء بعض الكتاب والادباء من اعضاء الاتحاد ولديهم بطاقات عضوية وقدموا استمارات المكافاة اسوة بزملائهم  ولكن لاتوجد اسمائهم ضمن القوائم المعلنة في الاتحاد نامل ان لايتعرض البعض  مم ليس له ((حبايب)) في المقر من هذه المكافاة رغم   ان لنا راي فيها، ولاضير ان نشير ان الكاتب ضمن ممن لم ترد اسمائهم في هذه القوائم.
 
حميد لفته الحريزي
قاص وناقد وكاتب
عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق
النجف
رئيس تحرير مجلة الحرية
 
نائب رئيس تحرير موقع عراقنا الاخباري
عضو الاتحاد العالمي لحماية حقوق الاطفال
عضو اتحاد الصحفيين
مرشح لعضوية المجلس العالمي للصحافة



--

193
  طبيعة الحراك الاجتماعي ومتغيرات الثقافة العراقية

حميد الحريزي

الثقافة منتج حراك اجتماعي لزمن محدد تطول مدة صلاحية مفرداته وتقصر  بقدر سرعة وطبيعة هذا الحراك ويفرزه كحاجة أو ضرورة للفرد وللجماعة وللشعب والأمة خلال ممارسته الحياتية اليومية.
ومن أهم ميزات هذا المنتج هي صعوبة اقتناءه والتعامل به من قبل الفرد والجماعة والشعب وصعوبة استبدال أو الاستغناء عن مفرداته، فقد يطول زمن  تداول وصلاحية منتج معين قرون من الزمن وكذا هو الأمر مع عدم صلاحيته وركنه على رفوف الذاكرة الإنسانية لعدم الحاجة إليه.... نتيجة للحراك الاجتماعي وخصوصا متغيراته الاقتصادية.
وان سبب هذه الممانعة للبناء أو الاستغناء هو كون مفردات هذا المنتج ستكون جزء من السلوك الاجتماعي وتقاليده وأعرافه.. أي  يتحول  نتيجة هيمنة حاجته وضرورته وتكرار التعاطي به إلى عادة سلوكيه لا يمكن خرقها أو التجاوز عليها تستوظف جمهرة أفراد المجتمع كبوليس طوعي لحماية ووشاية ضد من يحاول خرقها وتجاهلها وتكون قوة  الردع هائلة لأنها تحضى  بدعم العقل والفعل الجمعي للمجتمع بغالبيته وتسمى بالكونفورميا الاجتماعية.
 ونتيجة لذلك يمكننا إن نلمس مدى سهولة أو مدى صعوبة تطبيق الأنظمة والقوانين من قبل السلطات بقدر تماشيها مع الكونفورميا الاجتماعية السائدة أو مقاومة ومعاكسة ومفككة لها.
وهذا ما يمكن إن يلاحظ عبر تاريخ الشعوب والبلدان في مقاومة فرمانات  السلطان والتمرد عليها وعدم قبولها إلا بالقوة والجبر، وقد ينطبق نفس الوصف على القوانين والقرارات الثورية التي تصدر عن السلطات مترافقة مع التحولات والانقلابات العسكرية  ولا نقول الثورات في مختلف البلدان لإلزام جميع أفراد المجتمع  بشكلها ومضمونها، ففي الثورة يكون  اغلب أعضاء المجتمع الثائر  يريد التغيير فتاتي قرارات السلطة منسجمة مع  مطالب أغلبية المجتمع، بعكس ما يحدث في حالات الانقلاب والمؤامرات حيث لم  يمهد  مسرح الوعي بعد لقبول مثل هذه التغيرات(( ((بس هل الشهر ما كو مهر  بصاية  المهداوي)) ونتذكر جيدا المقاومة العنيفة التي صدرت من القوى المحافظة لقانون الأحوال الشخصية بعد 14 تموز 1958حتى من قبل بعض النساء ، وان بعض الفلاحين  تذمر من قانون الإصلاح  الزراعي!!!!
 ضرورة تطبيقها والالتزام بمضامينها، رهن الإعداد المسبق لمسرح الحياة الاجتماعية لتكون مقبولة من قبل الأغلبية الساحقة من أفراد المجتمع وجماعاته وطبقاته ولا نستغرب طبعا في ظل هذا الوصف إن يرفض الأشخاص أو الجماعة قوانين وتعليمات إنما شرعت أو صدرت لصالحهم كما ذكرنا آنفا ، ومن ابسط الأمثلة على ذلك حظر التدخين في الأماكن العامة لان التدخين أصبح عادة أدمن المدخنين عليها ولا يمكن التخلي عنها إلا أن تتوفر القناعة والإرادة الفاعلة لدى الفرد لتركها وإلا فأنه سيشاكس هذه التعليمات والقوانين ويخرقها ويتحايل عليها بطرق ووسائل شتى في السر والعلن .
إن هذه المقدمة تقودنا إلى التساؤل عن ماهية الظروف المساعدة والكابحة لنشر ثقافة معينة في مجتمع معين , أو فلنقل أين يكمن سر ثبات أو شيوع أو فقدان صلاحية وضمور ممارسات وسلوكيات وأفعال وأعراف وتقاليد معينه في هذا المجتمع ؟؟
إن الباحث الاجتماعي أو عالم النفس أو المصلح لا يمكن أن يكتفي بتوصيف الحال ولا كن عليه أن ينقب عن السبب الكامن وراء الظاهرة أو السلوك المعين وما هي بواعثه , سواء كان ايجابيا أو سلبيا وعندها يعمل على تجفيف مصادر وينابيع وبواعث هذا السلوك أو تعزيزها كي يتمكن من القضاء عليها في حالة السلب أو بناءها ورسوخها في حالة الإيجاب .
يبدو لي إن هذه الحالة تشبه كثيرا حالة المريض فبادئ  ذي بدء يجب أن يقتنع الفرد انه مريض من خلال شعوره وإحساسه وملاحظاته للإعراض المرضية وعندها سيقصد الطبيب مختارا لغرض اخذ العلاج والالتزام بتناول الدواء والالتزام بتعليمات طبيبه المعالج . ولكن الصعوبة الكبرى التي تواجه المصلح  أو الداعية والناشط الاجتماعي وحامل لواء التغير إن المريض الاجتماعي لا يعترف ولا يقر بمرضه وإنما هو يرى إن هذا الداعية أو المصلح أو حامل لواء التغير هو المريض ولنا في التاريخ أمثله كثيرة حول اتهام أفراد المجتمع للمصلح بالشذوذ والجنون ويعاني الكثير من الأذى و النبذ إن لم يكن من الاستئصال البيولوجي بالقتل من قبل المجتمع ناهيك عن السلطة  المهيمنة على مقاليد الحكم والنفوذ ومن ذلك يجب إن تكون هناك مطرقة تحركها المصلحة  الاقتصادية أو الاعتبارية تطرق باستمرار على قيد العرف والتقليد لكسره واستبداله بغيره , ولو تبسطنا كثيرا في هذا الأمر فان ابن الريف الذي يرتدي (( العقال والشماغ والدشداشه )) سوف يخلعها عن طبيب خاطر حينما يقف خلف ما كنه العمل لسد ضرورات حياته اليومية , وتعود عليه بمورد عالي يفوق ما كان يحصل عليه في الزراعة أو الرعي وما شاكل . فحينما تنتعش حركة العمل الصناعي والزراعي المنتج يستدعي بالضرورة إن يكون هناك عقل منتج في مختلف العلوم الإنسانية , هذه الحركة تحاكي عمل الجرافة والحادلة التي تجعل الطريق سويا مزيلة كل عقبة تعترض طريق التطور والتقدم في شتى مجالات الحياة . فمن المشاهدة اليومية نرى إن المرأة تنزل للعمل في المزرعة واالحياة.ن قيد أو بدون التقيد بالحجاب والنقاب , كما هو حال (( جواري )) الإقطاعي محصنات القصور وقد نزلت المرأة في العمارة مثلا كعاملة بناء .
إن قانون العمل وضروراته هو المولد والمفتي الأول والأخير في الحياة . ففي عصر الخلافة العباسية حينما ترامت أطراف الإمبراطورية الإسلامية وتلاقحت مع ثقافات وتداخلت كونفورميا الشعوب يبعضها  استقدم الخلفاء والأمراء الصناع والتجار والفنانين والمترجمين والكتاب والجواري والعبيد سواء عن طريق الأسر او الشراء او بدفع الأجر من مختلف البلدان ليكونوا بمستوى توسع مهام الإمبراطور والإمبراطورية , والمتطلبات المستجدة دائما للمجتمع بمختلف شرائحه وخصوصا العليا لإشكال ووسائل ومظاهر جديدة تتطلبها ظروف الرفاه وتطور العلم والعمل ... هذه الحاجات وهذا الحراك استولد طليعة طبقة جديدة (( برجوازيه )) تسعى للتسلح بالعلم والمعرفة ونبذ كل ما هو تقليدي معيق للتطور والتقدم في الصناعة والزراعة والتجارة , مما مكن رحم المجتمع من حمل وولادة المعتزلة التي تحمل مشعل التنوير باعتمادها على العقل المفكر المدبر المفسر وليس على فقه الفقهاء أصحاب النصوص الجامدة المتحجرة , لكن هذه الفلسفة ومن تبناها وناضل من اجل تكريسها في وعي وثقافة المجتمع آنذاك , لم يكن موضوعها مكتملا بسبب كون الإمبراطورية العباسية كانت دولة خراج وجزية إي دولة ريعية غير منتجة , تطلب دوام سلطانها قمع نشاط العقل والتفكر والتساؤل ومخالفة السلطان ، فان تطور قوى الإنتاج التي تتطلب علاقات إنتاج من نوع جديد لا ينسجم مطلقا مع طبيعة نشوء وتطور ونمو برجوازيه منتجه لتنمية  إنتاج رأسمالي كما حدث في الغرب الرأسمالي حيث طرد البرجوازي المنتج النبيل والإقطاعي وسلطته المطلقة وحل البرولتاري محل الفلاح وألقن والحرفي جارفا معه كل ما هو معيق من مفردات الكونفورميا الإقطاعية او ثقافتها  التي أصبحت متخلفة ومعيقه ومعوقه لحركة التطور الرأسمالي لهذه البلدان , ولا يدعي احد إن هذه التحولات مرت بيسر كما ا مرر حروفي على هذه الورقة وإنما هي جرت في ظل صراع مرير بين قوى التقدم والتخلف ,وقد ساعد على كسبها للمعركة , قوة موضوعها المجتمع المنتج والدولة المعتمدة على دافعي الضرائب في تمشية مؤسساتها , مما اضطرها إن تكون هذه المؤسسات لتخدم مصالح هذه الطبقة المنتجة  دافعة الضرائب , وبذلك حل أصحاب رأس المال محل الإقطاعيين والمرابين ورجال الدين وحجمهم ثم أقصاهم مع ثقافتهم وطرقهم في التفكير والتدبير في المجتمع وقد كانت البروتستانتية وليدة هذا الصراع وقناعة الشرعي في ترسيخ نفوذ وهيمنة البرجوازية وثقافتها في المجتمع الغربي الهولندي والانكليزي والألماني والفرنسي ... الخ
سبقت قيم البرجوازية ورأس المال حركة التنوير والنهضة إي تفويض العقل سلطة القول والفعل , هذا العقل الذي تم واده في حضارتنا العربية الإسلامية تحت تهمة الزندقة , والهرطقة ومن ثم الإلحاد في عصرنا الحاضر .
لذا يتوجب على الباحث والمتفكر لمضمون ثقافة المجتمع العراقي عليه إن يسلط الضوء على طبيعة حراكه الاجتماعي ومن هي الطبقة السياسية المهيمنة على مقاليد السلطة وتاريخ ولادة ونشوء الدولة العراقية, وهل هي دولة \سلطة أو سلطة \دولة.
لماذا بقت برجوازيتنا تابعة للرأسمال العالمي ؟؟
 حدث ذلك نتيجة قطع مسيرة تطوره الموضوعي تحت قهر الاستعمار العثماني ومن ثم الاستعمار البريطاني وحصر نشاطه ضمن دائرة مصالح الرأسمال المسيطر , الرأسمال الاحتكاري الاستعماري المتحكم في قوى الإنتاج وبالتالي تأبيد علاقات الإنتاج المتخلفة وما يرافقها من ثقافة الركود والارتداد لماضي مندرس باعتباره فردوسها المفقود لتعوض عن دونيتها وتبعيتها تحت مظلة الرأسمال العالمي مما أودعها عوق مستدام وثقافة متخلفة .
ولم يقطع حبلها السري بأصولها الإقطاعية وشبه الإقطاعية والمالية الربوية بحيث استحقت  منا  تسميتها ب_القطوازية- لتكون مولودا مسخا يمزج بين قيم الإقطاع وثقافة ما قبل الحداثة وقشور ثقافة البرجوازية المدينية الحداثية محاولا تقليدها في المأكل والملبس من حيث المظهر، بينما ظل إقطاعيا ربويا في الجوهر إن هناك  التصاقا سياميا  من  ناحية الرأس بين القطوازية والرأسمال العالمي حاميها ومولدها.
هذا الأمر أنتج وبوصاية من الرأسمال الاستعماري الانكلو أمريكي  الذي تحت كنفه ووصايته وبإرادته ولدت الدولة العراقية التي اغلب رموزها وقادتها من غير العراقيين وهذا هو حال قادة وأمراء وخلفاء ولايات وسناجق العراق لعدة قرون من حكم الإمبراطورية الفارسية والعربية الإسلامية والإمبراطورية التركية والبريطانية، ولم يزل الأمر على هذا الحال مع الإمبراطورية الأمريكية، التي استقدمت معها طبقة سياسية مصنعة في بلاد الغرب والشرق لتولي زمام السلطة وأوكلتها بناء دولة  ((الحداثة والديمقراطية)) التي لا تمت لجذورها وبنيتها الطبقية والفكرية بصلة، ولو أرجعنا كل رمز منها إلى طبقته الاجتماعية وحاضنته الفكرية والثقافية لما صعب علينا تفسير سبب تدهور الثقافة العراقية ونكوصها صوب القبور ورهابها من قيم التنوير والنهضة ناهيك عن ثقافة الحداثة والمدنية...
إذا سلمنا بمقولة الطبقة الوسطى باعتبارها حاملة لواء التطور والتقدم الحضاري والثقافي في المجتمعات المتمدنة.... إي ثقافة الفرد المواطن المفكر المدبر المتنور... يوجب علينا إن نضع طبقتنا المتوسطة تحت المجهر الكاشف لطبيعتها وجوهر بنيتها وطبيعة نشأتها  وما تعرضت له من متغيرات وتبدلات وما هو واقعها ألان؟؟؟؟
فبسبب القطع القهري لقوى الاستعمار العالمي للتطور الحر والموضوعي للطبقة البرجوازية الوطنية المنتجة أولا، وبسبب كون  الدولة العراقية دولة ريعية اعتمدت في بناء وتكون ونشوء مؤسساتها على الإيرادات البترولية... إي نشأت الدولة قبل نشوء المؤسسة كحاجة اجتماعية تطلب قيامها رعاية مصالح الفرد وضمان تماسك المجتمع وإنما مبعث قيامها ونشأتها ضمان دوام وتماسك سلطة الدولة.
هذه الطبيعية الريعية قادت الى الارتباط التكويني بسلطة الدولة حيث صنعت الدولة الطبقة الوسطى لإدارة مؤسساتها وليس العكس، مما جعل هذه الطبقة بالضرورة تابعة للسلطة ومنقادة الى ولي نعمتها الطبقة السياسية المهيمنة على السلطة – القطوازية_،  من هذا الوصف نرى ان يكون وصف طبقة برجوازية كبيرة وبرجوازية صغيرة وطبقة برولتاريا هي  أوصاف لا تحضى بالعلمية والموضوعية المنسجمة مع هذه المفاهيم والمصطلحات في علم الاجتماع والاقتصاد والسياسة للدول المتطورة ذات النشوء الطبقي الكلاسيكي التقليدي،
ان نهج عدم الثبات ورهاب الحرية والديمقراطية المسيطر على الطبقة السياسية المهيمنة ومقاليدها بسبب تبعيتها وازدواجيتها وطفيليتها باعتبارها طبقة مستهلكة وليست منتجه... أدى بها الى سلوك كل وسائل القمع والتضليل والتدجيل والركون للاتكاء  على ثقافة الغيب واختلاق الأزمات بالتعاون مع  قوى الدين السياسي وبالتخادم مع رموزه، كل ذلك لكبح جماح  بروز ونمو طبقة برجوازية وطنية منتجه تحاول فك إسارها من طوق الرأسمال العالمي وانتهاجها طريقا وطنيا حرا في بناء اقتصادها وإنسانها المنتج المتطور... فلذلك تتصف  بالتطرف والمغامرة مخفية حقيقة ضعفها وهزالها وأنانيتها .. فمن انحياز  متطرف نحو المحافظة والتزمت والركود الى التطرف اليساري  الصبياني المنفلت او ركوب موجات موضة التجاوز الوضيعة  في العالم الرأسمالي كأحد مظاهر تلك المجتمعات المأزومة ايظا... فبسبب أزمة هيمنتها الطبقية وتأرجحها بين جذر لم يزل ثابتا وفرعا يحاول ان يعانق شمس الحرية والتطور، مما ينعكس بقوة على فرض ثقافة غير متوازنة مشوهة ممسوخة غير واضحة المعالم والمناهج.. نخلط بين ثقافة ما قبل الحداثة وما بعدها بشكل غريب... يتحدث عن ((سواني)) العشائر ولائحة  حقوق الإنسان، عن تحرير المرأة ويلزمها الحجاب وينصب  الرجل قيما عليها ،يتحدث عن نسبية انشتاين ويصرخ ((ياحوت البلاعة..)).. القائمة تطول ونظن ان الكثير من الكتاب قد كتبوا بإسهاب في توصيف مظاهر وواقع التردي الثقافي في المجتمع العراقي. عبر عنوان جدلية متغيرات الثقافة في المجتمع العراقي.
  في ظل عدم وجود الحامل الاجتماعي لفلسفة التنوير والتغيير لا يمكن أن تكون هناك ثقافة حداثة وحرية وحقوق إنسان ومساواة- نشهد مطاولة القصيدة العمودية في الشعر وعدم شعبية إن لم يكن مقاومة قصيدة النثر الحديثة ، وهيمنة الشعر الشعبي- ، ونرى إن هذا هو السبب الجوهري الكامن وراء فشل وانحسار دور الأفراد والأحزاب والحركات اللبرالية والديمقراطية واليسارية والمؤسسات ونزعات الحداثة في الفن والأدب والعمارة وما إليه، وهيمنة تيارات وتجمعات الدين السيا سي التي تعيش اغلبها على نبش ركام ومخلفات وآثار حروب السلف ويقسمونه إلى صالح وطالح لتكون غطاءا وقناعا يشرعن هيمنة طبقتها – ((القطوازية))- نسبة إلى  تكونها من الإقطاع والبرجوازية الطفيلية- على السلطة وبقائها حية رغم أزماتها وفسادها وعدم قدرتها للانسجام مع روح العصر وبذلك فهي  تحرف اهتمام الطبقات والفئات والأفراد  عن  واقعهم المعاش رغم مرارته وافتقاده للأمن والحرية والعدالة ، لتكون ثقافة القبور وصنميه النص وتقديس الشخص وإقصاء المخالف والمختلف هي السائدة وتعلق آمالهم  وأحلامهم إلى ما بعد الحياة أو على يد مخلص موعود.
العمل المنتج يستدعي التجاوز والتغيير والتطور والإبداع المستمر مما يكون عاملا هاما لاحتضان ثقافة الحداثة والمدنية  والتساؤل، بعكس العمل  الفردي الطفيلي الذي يعتمد الغيب والاتكال ية والتقديس والدجل والإقصاء،فبائع المفرق مثلا  لا يمكن الا ان يكون اقصائيا لمنافسه، لا يرى ما هو أفضل وأحسن من بضاعته وبالتالي من  معتقده، يبتدع الغش والتضليل في تصريف بضاعته  وبنفس الطريقة يروج لأفكاره ومعتقداته، يغلف الجوهر  الرديء   ليعرض  ظاهرا براقا  جذابا متسترا على  جوهر عفن ورديء، وكذا عرضه لنفسه بكل ما يدل على الورع والطيبة ومخافة الله، جبين مختوم وإصبع مختم ولحية  تبهر الناظرين.. فيبدو من الطاهرين الورعين ويخفي كل  خبث ولعب الشياطين
 يربح يوما ويخسر آخر  يتعرض لمفاجأة السوق وتغيراته  غير مدركا لقوانين الاقتصاد وغير مدرك لسر  كثرة زبائنه في يوم وشحهم في يوم آخر مما يجعله  كفلاح  المطر يركن للغيب  يتفاءل طورا متشائم حينا آخر، متطير دائما من صوت الطير وعاهة الإنسان ...,و..و... فمثل هذا النموذج وهو السائد في واقع العمل في عراق اليوم  ولعدة  عقود خلت وخصوصا ما فعلته عقود حكم الديكتاتورية  وسنوات الحصار من تجريف مريع للقيم الكونفورميا الاجتماعية الايجابية المختزنة في وعي الإنسان العراقي كنتيجة لتاريخه الطويل من مقارعة الظلم والتعسف  ... مما ترك أثرا كبيرا في كهوف اللاوعي للإنسان في تعامله اليومي فردا كان او جماعة وحتى أكثرها ادعاءا بالتقدمية والحداثة والتجاوز ...فلابد لخفايا اللاوعي ان تنشط  مفرداتها في لحظات  معينة ... وإلا ما معنى مدعي الزهد والعفة  ان يكون سارقا...وما معنى الديمقراطي اللبرالي ان يكون عشائريا متعصبا ،وما معنى ان يكون اليساري الاشتراكي أنانيا مستغلا... وما معنى  ان يكون داعي الحرية والاستقلال تابعا للأجنبي المحتل و..و...و... ولا يمكن ان نغفل  النهج المخطط لقوى الرأسمال والاحتلال الأمريكي في  تأبيد وإدامة  ثقافة الطوائف والأعراق وبث روح الفرقة بين  أبناء الشعب الواحد، كما دوره كاستعمار من نوع جديد ربما غير مسبوق ان يجلب ((معارضته)) معه كالقاعدة وقوى الجريمة المنظمة  وموجات  التحلل والتفسخ والرفض السلبي، ونشر ثقافة النفعية الضيقة بواسطة ما سمي بمنظمات المجتمع المدني وما شابه مما افقد  العراقي الحر  أكثر خياراته مضاء في مقاومة ومناهضة قوى الاحتلال والاستغلال والتخلف والجريمة وثقافتهم المغرقة في الأنانية والقردنة والنفعية واللامبالاة تجاه  وطنه وابن جنسه،  مما نتج عنه جبال رواسي من المصاعب والعوائق بوجه  من يحاول مناهضة قيم وثقافة التخلف والسوداوية والاستهلاك .......
في ما تقدم حاولنا عرض ما نراه العوامل و ((الطناطل)) الكامنة وراء تردي الوعي والثقافة المنتجة في المجتمع العراقي  حاليا بالمقارنة مع عقود  مضت مما يثير العجب والاستغراب ان  يتمنى التقدمي  ان يرجع الزمان للخلف متحسرا متألما على عصر  يعتبر ذهبيا مقارنة  بواقعه الحالي وفي الحقيقة السر كامن  في كون المفقود كان مجتمعا وضع إقدامه على طريق العمل المنتج و كونفورميا اجتماعية لم تزل متماسكة.....
ولعدم الإطالة لم نلجأ الى الاستشهاد والاقتباس من  العديد من المصادر والإحصائيات والدراسات التي  تؤكد ما ذهبنا إليه.

194
النجف تستضيف ((بيت)) قصيدة النثر

بتاريخ 26 -11-2010  استضاف اتحاد الأدباء والكتاب في مدينة النجف  عدد من أعضاء هيئة تحرير مجلة (بيت) المعرفة ب( مجلة ثقافية فصلية تصدر عن بيت الشعر العراقي) وهم كل من:-   سهيل نجم وحسام السراي، و محمد ثامر ، والشاعر فارس حرام –رئيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب في النجف – الذي  قدم الأمسية بالترحيب بالزملاء الأدباء القادمين من بغداد وكذا هو ترحيب  الزملاء والسادة الحاضرين في مقر الاتحاد
قدم الزميل سهيل نجم نائب رئيس تحرير المجلة ورقة يوضح فيها نهج ومنهج المجلة وتبنيها لقصيدة النثر  الحديثة  كون بيت الشعر منحازة بالتمام والكمال إلى قصيدة النثر مبعدة ومستبعدة  القصيدة التقليدية  وبالخصوص الشعر العمودي. إلى
كما  تطرق إلى  مسالة  تقديم الشاعر (( ادونيس)) للعدد الاول من المجلة حيث كان البعض يتمنى أن تكون المقدمة بقلم أديب عراقي.
كما تحدث الزميل حسام السراي حول فكرة إصدار المجلة وانحيازها لقصيدة النثر الحديث، وتطلعاتها لإيصال القصيدة إلى القارئ العربي والعالمي كون قصيدة النثر عابرة للقطرية والقومية.
كذا كان حديث  الصحفي والإعلامي (محمد ثامر يوسف) مسئول القسم الثفافي في الاتحاد عضو مؤسس ل(بيت) الشعر
 موضحا طبيعة قصيدة النثر ومنشأها والبنية الاجتماعية الحاضنة لها.
كما أشار الزملاء إلى ما أبدعوه من وسائل للوصول للمتلقي ومتذوق قصيدة النثر وخصوصا في بغداد ومحاولاتهم الاتصال والتواصل مع الأدباء والشعراء في العالم.
كانت هناك عدة مداخلات من قبل الأدباء والشعراء الحضور  حول عنوان المجلة وقصيدة النثر وفق ما طرحه الزملاء الضيوف ومنهم الدكتور صباح عنوز وكاظم ستار ألبياتي ومهدي شعلان  وعبد المنعم القريشي  ، وحسين ناصر،وحمودي السلامي  وحميد الحريزي  والزميل ظاهر  وزمن الكر عاوي......
في الختام جدد الحضور ترحيبهم بالزملاء الضيوف ومساندة وترحيب الأغلبية منهم لمبادرتهم  وتمنوا للمجلة كل تقدم  وازدهار. بعد أن دامت الامسية أكثر من ساعتين.
قدم الشاعر فارس حرام رئيس الاتحاد هدية للزملاء الضيوف  عبارة عن مجموعة من المطبوعات   لنتاج أعضاء اتحاد الأدباء والكتاب في النجف  والصادرة من قبل الاتحاد ضمن سلسلة إصدارات مجلة (بانيقيا) التي يصدرها الاتحاد.

حميد الحريزي
عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق
رئيس تحرير مجلة الحرية
العراق النجف 26-11-2010

195
الثقافة تستحق أعلى النقاط

حميد الحريزي

في ظل عالم تطغى على فضائه رائحة البارود ودخان الحرائق بلغت وحشيته حدودا مخيفة، حيث أصبحت السيادة لرائحة اللحم البشري المحروق.
في شرق وغرب وشمال وجنوب العالم، حيث تنفس العالم الصعداء بعد اندحار  الفاشية عام 1945، فدخل  كوكب الأرض في جنة الاشتراكية  شرقا ودخل جنة الديمقراطية في جانبه الغربي، دفع البشر مئات الآلاف وعشرات الملايين في محرقة الكفاح من اجل إن  تنعم الأجيال بعدهم بنعيم الجنان الموعودة وكما قال احد الشعراء :-
                                        ((انا يا أخي آمنت بالشعب المضيع والمكبل
                                    وحملت رشاشي لتحمل من بعدنا ألاجيال منجل)).

هكذا كان حلم أجدادنا وآبائنا أن  ننزع للسلم والسلام  والمحبة والرفاه والتضامن بين  أبناء البشر وان كانوا حملوا الرشاش فلأجل أن نحمل نحن وأجيالنا القادمة المطرقة والمنجل والقلم  لبناء عالم أفضل،.
اختلف  المنتصرون  حول الطريق الموصلة للجنة، فدار صراع حامي الوطيس متعدد المجالات بين الشيوعية والرأسمالية واستمرت روائح الشواء البشري  في العالم في فيتنام وكوريا والصين وأفغانستان وشيلي وفلسطين والعراق ووووو..........
هلل أنصار الرأسمالية ((الديمقراطية)) بخفوت نور ووهن عضد أو موت الشيوعية ((الديكتاتورية)) بانهيار الاتحاد السوفيتي، فسيسير العالم موحدا خلف سيد الرأسمال بواب الجنة والرفاه والحرية...
لكن عظمة كرنفال المسير وعظمة المنجزات الاقتصادية والعلمية لهذا السيد أيقظت في رأسه أحلام وذكريات الإمبراطور والسلطان الأوحد.... فلكي تسعد الإله وتنعم بالرخاء لابد إن يشقى بني البشر الذي خلقته من دم وتراب.....
مما استفز شيطان الحرية وإبليس الذات الإنسانية المتمردة ضد الظلم والاستغلال وأثار روح المقاومة والتمرد لدى بني البشر ضد الإله إمبراطور العصر....... فان كان السير للأمام للحلم قد أغلق فلابد من العودة ليسلك طريق الندامة وجلد الذات  لطلب الغفران من إمبراطور وسيد لم يعرفوا قدره
في وسط هذه الطرق ظل صاحب خيار التوازن والتمسك بالحلم  والأمل في مستقبل عالم حر خالي من الظلم والجوع والقهر  يعاني الضياع والإحباط والذهول لأنه لم يزل يحلم بطريق خلاص جديد يرفض الواقع القائم لاستبداد إمبراطور ((الديمقراطية)) ويرفض القهقرى نحو عالم موهوم وجنة مفقودة.
هذا الواقع المعاش في عموم بلدان العالم وبالخصوص في العالم الإسلامي ومنه عراقنا الحبيب حيث يرسخ تحت هيمنة قوى الاحتلال والاستغلال وخدمه المتقنعين بقناع ((الديمقراطية)) أصبح سالك طريق العدل والحرية لابد له من سلاح جديد  واحد لا غير يختلف تمام الاختلاف عن كافة الأسلحة التقليدية أسلحة الشواء البشري التي اثبت التاريخ فشلها في بناء السعادة الإنسانية وسلامها ...
هذا السلاح هو سلاح الثقافة والوعي، الذي يستطيع إن يبطل أسلحة الإمبراطور المتوحش المتربع على العالم وكذلك هو قادر على تمزيق أقنعة التضليل والتعمية من على عيون المتقهقرين والمنحدرين صوب جنة مفقودة مطمورة تحت ركام السنين الغوا بر.
شاهد حديثنا هذا الصخب الذي  نسمعه في قبة البرلمان العراقي حول تقاسم الحقائب الوزارية وتقسيمها إلى وزارات سيادية ووزارات عاديه.... سيادية وضعت على رأس الوزارات وأعطيت أهمية كبرى بحجم ما تحمله من قوة ردع وقمع مشروع وغير مشروع وبالتأكيد فان الردع وقمع الداخل  له الأولوية الكبرى في الواقع الحاضر حيث قوى الإرهاب وعصابات القتل والنهب والسلب.، متناسين تماما تجارب التاريخ القديم والحديث بان هذه الأجهزة إنما هي مولدة بشكل دائم للإجرام والجريمة والخوف بمختلف اشكالها... والمثال الماثل  جيوش وأجهزة القمع للنظام السابق وضخامتها من حيث العدد والعدة والتنوع والحال الذي كان يعيشه المواطن العراقي من الخوف والتعسف والقهر وكذا هو حال الحاكم وزبانيته ومقربيه بمعنى شعب بكامله يعيش الخوف والترقب والقلق وحالة اللا أمن، وقبله جيوش الشاه وقبله جيوش هتلر الجرارة وجيوش المارد الأحمر ووووو
في حين أفادت وكالات الأنباء إن سويسرا أجرت استفتاءا لحل الجيش بشكل تام.....
وهنا تبرز الأهمية الكبرى للثقافة الإنسانية التي تصبو لزرع قيم التسامح والمحبة والسلام بين البشر مهما كانت أديانهم وعقائدهم وألوانهم وأجناسهم... هذه القيم يفترض إن تكون مزروعة في أحضان الآباء والأمهات أي في الأسرة والروضة والمدرسة والشارع والجامعة والجامع والحسينية والكنيسة  وفي قبة البرلمان وداخل مجلس الوزراء وفي داخل التنظيمات الحزبية...إي  تسليح ودعم قوى الضمير والرقيب الداخلي ليكون قادرا على كبح وقمع واستئصال نوازع الشر من داخل الإنسان...
إن هذه المهمة الكبرى هي حاملة مفاتيح وصكوك السلم والسلام تحتاج إلى مؤسسات وليست مؤسسة واحدة لتأدية هذا الدور .
في الدول التي تعاني من شرور الإرهاب وثقافة العنف لابد من ايلاء أهمية كبرى لوزارة الثقافة باعتبارها المؤسسة ذات المسئولية الرئيسية في زرع ثقافة المحبة والسلام واحترام القانون وحرية وكرامة الآخر بين أفراد الشعب والواحد وبين مختلف الشعوب.
 وبذلك ممكن إن تكون القوى التي كانت تدعي مقاومة الديكتاتوري والظلم وفية للدين الذي برقابهم للشهداء والمناضلين من اجل الحرية وفق قول الشاعر أعلاه:-
                              ((فدين عليك دمائنا والدين حق لا يؤجل))
 لذلك نرى إن تكون وزارة الثقافة في مقدمة  ما تسمى بالوزارات السيادية وعلى رأسها جميعا، تخصص لها الدولة أكثر واكبر القدرات البشرية كفاءة وأضخم الموارد المالية للنهوض بمهمتها الوحيدة التي  تمتلك حق حضر تجوال أفكار وثقافات الشر والعدوان والأنانية والاستحواذ والفوضى داخل المجتمع.
وليس كما هو حال وزارة الثقافة الآن حيث  غالبا ما منحت لأفراد بعيدين كل البعد عن الثقافة بمختلف مستوياتها فمرة لمنتسب امن وأخرى لمتهم بالإجرام والقتل أو تابع لفكر وايدولوجية مغلقة غير منفتحة ضمن  منهج المحاصصة العرقية والطائفية  باعتبارها وزارة من الدرجة الثالثة أو الرابعة يجب أن تكون وزارة الثقافة وزارة كل الشعب وليس وزارة طائفة أو حزب أو قومية بعينها. هذا لا يعني إننا ندعو أن تكون لوزارة الثقافة ووزيرها دور المخدر والسكوت على الظلم وعدم المطالبة بالحقوق ولكنها تنشر  نهج المقاومة الحضارية السلمية طويلة النفس وفق آليات الديمقراطية والتنافس الحر بين القوى المتنافسة لإدارة شؤون الدولة والمجتمع ونشر روح العدل وتكافوء الفرص وردم الفجوات الطبقية بين طبقات وفئات المجتمع المختلفة، أي ترسيخ روح الشراكة والتضامن بدل روح الاستئثار والإقصاء.
بناءا على ذلك نعمل لكي تكون وزارة الثقافة من أهم الوزارات السيادية وتمنح لفريق عمل مستقل يترأسه وزير يتميز  بسمو ثقافته وتفانيه  من اجل نشر قيم المواطنة وحب العمل واحترام الآخر ويكون عينا ساهرة لبرامج واليات عمل الوزارات كافة كالتعليم والتعليم العالي والوزارات الأمنية بمختلف مستوياتها كي تكون مشبعة بثقافة السلم والعدل والتسامح والتضحية والإيثار وحب الوطن والنزاهة وحب العمل والمساواة ،وهذه مثل وقيم لا يمكن أن تقوم بها أية  وزارة أخرى  غير وزارة الثقافة وبرامجها الفاعلة. لذلك نرى إن وزارة الثقافة تستحق أعلى النقاط
ومن أجل ذلك ندعو كل أحرار ومثقفي العراق للعمل الجاد والنشط لتكون وزارة الثقافة وزارة سيادية من الدرجة الأولى وتسند مسئوليتها إلى شخصية من وسط المثقفين وباختيارهم للنهوض بهذه المهمة الوطنية والإنسانية الكبيرة.

196
البطاقة التموينية
احذفوها من الأضابير وعززوها في القدور

حميد الحريزي

صدر مؤخرا قرار  من  الأمانة العامة لمجلس الوزراء موجها لكافة الوزارات بعدم  طلب البطاقة التموينية من المواطن عند مرجعته لأي دائرة رسمية  باعتبارها احد الوثائق الأساسية المطلوبة لترويج أية معاملة رسمية في العراق.
وكان لنا مقال قبل  أكثر من سنتين معنون ب(( متى تكون لنا بطاقة واحدة موحدة)) فالمواطن العراقي ليثبت مواطنته وعراقيته لابد أن يمتلك المستندات التالية (( بطاقة الجنسية العراقية وشهادة الجنسية العراقية وبطاقة السكن والبطاقة التموينية)) وطبعا هناك وثائق أخرى تعريفية كهوية المهنة أو الدائرة التي يعمل فيها وجواز السفر. وكنا نتمنى أن توحد كل هذه المستمسكات ببطاقة واحدة حيث إن كل هذه الوثائق تقول إن فلان بن فلان الفلاني ولد في البلدة الفلاني بتاريخ كذا
ولا داعي أن تأتي أكثر من وثيقة لإثبات ذلك  كما هو الحال في اغلب بلدان العالم.
فقد فعل حسنا مجلس الوزراء بإلغاء هذه الوثيقة .....  ونام لان تتخذ الإجراءات العملية مترافقة مع العداد السكاني العام لتوحيد بطاقة الجنسية وشهادة الجنسية وبطاقة السكن في بطاقة واحده.
وبهذه المناسبة نأمل أن لا تكون هذه الخطوة مقدمة لإلغاء  مفردات البطاقة التموينية المر شقة حد الهزال  بل يفترض ضمن الواقع ألمعاشي حيث البطالة التي تتجاوز ربع السكان  وعيش عدة ملايين من العراقيين تحت خط الفقر إلى  زيادة عدد المفردات وتحسين نوعيتها لتكون عونا حقيقيا لحفظ حياة وكرامة المواطن العراقي وتامين ابسط مستلزمات حياته إلا وهو الطعام في بلد الثراء.

197
على ضوء مناقشة البرلمان العراقي بتاريخ 24-11((المرعب السري))

حميد الحريزي

في طفولتنا كنا نلاحظ أهلنا تتغير ملامحهم وتظهر على وجوههم علامات الانزعاج والمضايقة حينما يحضر مجلسهم شخص بعينه سواء كانوا في المضيف او في المقهى او في مجلس عزاء او حفل فرح فيبدو كشخص مصاب مرض معدي خطير فيحاول الناس الابتعاد عنه او تحاشيه قدر الإمكان،فغالبا ما يغير المتحدث وجهة وعنوان ومغزى حديثه بصورة مفاجئة ويتبادلون بينهم الغاز وكنى تشير الى الحذر فقد حظر المكروه مثل ((برغش)) او ((بكَه))، وأحيانا يتحدث المتكلم بطريقة الكلام القابل للتأويل والذي يحمل في ثناياه معنى مستترا يختلف عن المعنى الظاهر والمباشر وهذا ما يسمى في مناطقنا بل((حسجه)) وهي محملة بالشتم والذم والنيل من ((السري)) وسيده ولكن دون ان يستطيع ان يرد عليها او يعترض على مضمونها وقد يؤدي به الأمر الى الجزع والهرب للتخلص من هذه النكات او ((البسامير)) التي تدق عنقه وتنال من شخصه دون ان يكون له أية حول او قوة في الرد عليها إلا في حياكة الدسائس والتهم الكيدية الكاذبة ليسود بها وجوه أسياده ،كانت هذه التصرفات والأفعال تثير استغرابنا نحن الأطفال في الخمسينات او الستينات فنصدع رؤوس آبائنا بالأسئلة والاستفسار وكانوا يخبروننا بهمس ان هذا الشخص ((سري)) او ((كراش)) وهو الشخص الذي نحاول ان تزرعه السلطات الحكومية او قوى ((الإقطاع)) بين صفوف الناس لينقل أخبار الناس وخصوصا ممن يحذر جانبهم او ممن يسميهم بالخطرين او المعادين للسلطة والسلطان او المحرضين ضد نفوذ الشيوخ المستبدين والإقطاعيين وتأليب الناس على العصيان والتمرد وعدم إطاعة أوامر وطلبات ((أولي الأمر)).
وقد كنا نلقب بعض أقراننا ((بالكَراشة)) اي اللذين يفشون أسرارنا وتصرفاتنا التي تعد تمردا على توصيات الأهل او معلمينا في المدرسة كالسباحة في النهر او التدخين او عمل المقالب او إرهاصات الحب والمراهقة ...الخ من التصرفات والشقاوات الصبيانية البريئة، لذلك غالبا ما نحرص على استبعادهم من مرافقتنا او مشاركتنا في هذه الشقاوات الصبيانية.
ومن المعروف ان من يتطوع ليكون ((سريا)) او ((كَراشا)) او ((عسسا)) غالبا ما يكون من الشخصيات الوضيعة والمنبوذة والتي غالبا ما تشعر بالدونية والنقص فتكون هذه الوظيفة وسيلة لكي يكون الشخص مهاب الطرف وذو سلطة وسطوة على الناس من أهل قريته او مدينته او بلده تعوضه عن الدونية والمهانة في وسط المجتمع، وان كان له اهتمام بحماية النظام او مصالح الشيخ او السلطة والسلطان فهي في واقع الأمر تقع في ذيل قائمة اهتماماته،بل يسعى جاهدا موظفا كل ذكائه وطاقاته وقدراته في سبيل إيذاء واهانة من لا يظهرون له الاحترام والتبجيل،او ممن يحمل لهم ضغينة سابقة كرد فعل ثأري سيستعمل نفوذه السلطوي للأخذ به.
ليس بعيدا علينا مثل هذه النماذج وتعدد أوصافها وأسمائها ومهامها من الرجال والنساء ألتي سلكة طريق ((السري)) و((وكيل الأمن)) و((المخبر)) في ظل واقع الشبكة العنكبوتية من الارهاب والتعسف والقمع للسلطة الديكتاتورية وفي ظل انحسار القيم الايجابية بين الناس نتيجة الجوع والخوف طويل الأمد، ومن الملاحظ ان كلمة((امن)) او (أمين)) جاءت متأخرة ولم نكن هي الكلمة او المصطلح او العنوان الشعبي لمثل هؤلاء لان الكلمة او العنوان لا يدل على معناه كالأمن ولامان للمواطن بل العكس من ذلك بسبب وجود حالة من الاغتراب بين الشعب والحكومة وأجهزتها ((الأمنية)) المختلفة التي غالبا ما تكون أجهزة قمع وكبت وملاحقة وسلب الأمن من المواطن العراقي الحر وضمانته للحاكم المستبد والطاغية الدكتاتور.
ليس هناك ن عنوان وظيفي أكثر بغضا وبشاعة في مخيلة المواطن العراقي من ((المخبر)) او ((السري)) او ((شرطي الأمن)) او ((وكيل الأمن)) وقد التحقت بهذه العناوين في عهد الديكتاتورية كلمة((رفيق)) التي أصبحت مرادفا بديهيا ((للمخبر)) وشرطي الأمن والمخبر السري بعد ان كانت من المصطلحات ذات الخصوصية الحميمة والسامية حيث يتداولها المناضلون ضد الظلم والقهر فيما بينهم ولا يحظى بها إلا ذو جهد وعزم وخلق رفيع ومشهود.
لقد تنفس أحرار العراق الصعداء عند انهيار الديكتاتورية رغم غصة الاحتلال لأنهم سيتخلصون من ((الرفيق)) و((المخبر)) و((شرطي الأمن)) و ((وكيل الأمن)) وملاحقهم من التوابع لأجهزة السلطة القمعية في كل العصور.
ولكننا نرى العجب العجاب وسؤال بلا جواب وهو :- كيف يقر مناضلي الأمس وضحايا هذا((المخبر السري)) وشرطي((الأمن)) و((الرفيق)).؟؟؟
كيف يتم إقرار هذه الوظيفة وهذا العنوان المقرف والذي يثير الخوف والاشمئزاز لدى الناس في ظل ((الديمقراطية))والحرية المزعومة وان احد ابرز ميزات مثل هذا الموصوف بالديمقراطية والحرية هو غياب الوجه القبيح ((للمخبر السري)) وملحقاته وتوابعه ومرادفاته؟؟؟
ان العودة الى مثل هذه الوظائف والعناوين مكنت قوى الارهاب والظلام والقمع وأزلام والديكتاتورية ان تدق إسفينا خطيرا بين ابناء الشعب الذي هم جميعا حماة الأمن والسلطة الشرعية والديمقراطية وبين ((السلطة)) التي يترض إنها منتخبة ومختارة من قبلهم وهم حماتها طوعا وعلنا وليس في كتابة التقارير والإخباريات الكاذبة في الظلام.
ويتبادر هنا سؤال هام وهو :- من سيتطوع ويقبل على العمل في مثل هذه الأجهزة،هل هم أحرار وأبناء أحرار العراق اللذين قدموا الكثير للتخلص من مثل هذه الوظائف المقيتة ؟؟
بالتأكيد سيتدافع عليها من يحسون بالانكسار والضعف ومن تمرس في هذا العمل ((الخسيس)) أيام الأنظمة القمعية اللذين سيكون شغلهم الشاغل إلحاق الأذى بكل عنوان حر وكل عقل ناقد وكل عمل حريص ،وسيكونون تربة خصبة لنفوذ القوى الشريرة من بقايا الديكتاتورية تحت تأثير مختلف الضغوط والإغراءات المالية والوعود بالجاه والسلطة او التهديد بكشف أوراقهم السوداء وممارساتهم الإجرامية السابقة أمام مسؤليهم ان لم يتعاونوا مع أسيادهم السابقين؟؟؟!!!
ان زرع مثل هذه العناوين والوظائف لنكون أجهزة سلطوية انماتحدث شرخا في شرف ووجدان وضمير الإنسان العراقي الوطني الحر الذي تفرض عليه مبادئه وتربيته وموروثة الثقافي وعرفه الاجتماعي وحبه للحرية ان يكون متطوع ذاتيا وبالعلن للحفاظ على امن وطنه وامن ابناء شعبه وحفاظه على مؤسسات الدولة باعتبارها مؤسساته،ان مأسسة الضمير الشعبي النابذ للفساد والمفسدين وللجريمة والمجرمين والإرهاب و الارهابين والطائفية والطائفيين والعرقية والعرقيين والجواسيس والتابعين محصورة في مؤسسات ((معصومة)))) تعلو على الضمير الاجتماعي الجمعي العراقي مثل((المخبر السري)) و((هيئة النزاهة)) وهي ليست أكثر من عملية تضخم وترهل وانشطار المؤسسات القضائية والأمنية والتنفيذية العراقية إنما هو مؤشر خطير على تآكل الكونفورميا الاجتماعية ذاتية الفعل ورد الفعل التي بدون ترسيخها وتنميتها بين أفراد المجتمع كثقافة عامة ،لا يمكن ان يستقر الأمن ولا يسود السلم ولا العدل وقيم الحرية والديمقراطية..
فان يكون ((المخبر السري)) مطلق اليد موثوق ومصدق تبنى على تقاريره قرارات التحري وإلقاء القبض والسجن وربما يطال الشخص المخبَر عنه التعذيب والاهانة دون ذنب سوى تعكر وعدم ارتياح هذا ((المعصوم)) الجديد؟، ان مصداقية هذا المخبر ((السري)) هو القبض على المخبر عنه في الجرم المشهود والتحرز على أدلة قاطعة لأدلة الجرم او النية التي ليشوبها الشك في الإصرار على الفعل الغير شرعي.
نأمل ان يكون ضمير الإنسان العراقي هو الرافض العلني قبل السري لكل ماهو شرير ومعادي للوطن والمواطن ولكل مظاهر الفساد الإداري والمالي وما إليه.
ان على الأحزاب الوطنية الديمقراطية وبكافة أطيافها ومؤسسات المجتمع المدني مثل منظمات حقوق الإنسان وغيرها من الفعاليات المدافعة عن حرية الإنسان وصيانة كرامته والمناهضة لكل عمل يناهض الديمقراطية ويحاول ان يعيد بناء الدولة البوليسية السرية المتناقضة مع ما تضمنه الدستور الحالي وما يجب ان يركز عليها ألدستور المعدل القادم ان تعمل بفعالية اكبر ولتكون بمستوى مهامهم لرصد مثل هذه الإجراءات الاستثنائية والغير دستورية وإبطالها ومطالبة السلطات بوقفها.
ان ممارسات وتاريخ هذا الدخيل على زمن ((الحرية)) والديمقراطية المفترض إننا نعيشها الآن إنما تثير الخوف والرفض من قبل كل أحرار العراق ولا تدل إلا على كونه مرعبا سريا او مخربا سريا يلبس ثوب الشرعية نأمل التخلص منه وبأسرع وقت حتى لا تعود كوابيس الديكتاتورية تقض مضجع العراقي الحالم بالحرية-2010 لعنوان ووظيفة المخبر السري

198
أدب / مطر الدولار- ورسلة تضامن
« في: 00:54 11/11/2010  »
قلوبنا معكم أخوة الوطن  يا وردة فواحة تجمل صدر العراق على مر العصور لكم منا كل الود والحب  يا مسيحي العراق ، الخزي والموت والعار  لمن يريد إن يجتثكم من ارض الرافدين ليفقدها عطرها ، إن قوى الإرهاب تريد أن تزجكم في طريق الدم والاحتراب،  تبت أياديهم وأيادي أسيادهم ، انتم في حدقات العيون أيها ألأحبه... نطالب السلطات ت الأمنية أن تكون بمستوى مسئولياتها للحفاظ على أرواح كل العراقيين المسالمين وفي المقدمة المسيحين وكل أبناء الديانات والأقليات  والقوميات  في العراق.
حميد الحريزي- العراق


مطر الدولار
حميد الحريزي

مطر أسود
والرعد عويل وبكاء
الأرض
دماءً
والعالم
أصم
أبكم
أرمد
مَّن وحَدَ
الملهى والمعبد
لتبارك حرق
الإنسان؟؟؟؟؟
*********** 
مطر أحمر
والليل بلا صبح
فار التنور
لا  أكواخ
ولا قصور
حل الطوفان
ما عاد
مكانا
للنصح
أُغلِقَ باب الصفحِ
في عيد
الفطرِ
وعيدِ
الفصحِ
كيف
توحد الحَّملُ
والذئبُ
في  قلع عيون
الإنسانِ؟؟؟
************.
التربة
قيرٌ يغليّ
اندمجَ الجبلُ
بالسهلِ
أكلنا
الجمرَ
وشَّرِبْنا
الدخانَ
لا حاجة للمبصر
وسط
أفواج العميان
نشفَ الدمعُ
ضج َالجمعُ
من يقايضني شربة ماءٍ
بأكوام الدولار ؟؟؟
اختلط
الأمر
مَّـــــــــــــــنْ الميت؟؟
ومَّـــــــــــــــــنْ حفار  القبر؟؟
كيف
أتفق الشَّبكَ
والطير
لصيد الإنسانِ؟؟؟
**************
انصهر الجلمدُ
ذاب الفولاذُ
اختلط السائلُ بالسائلِ
اندمجَ
المنقولُ في جسدِ
الناقلِ
ما عد نا
نميز بين:-
المجنون وبين
العاقل
مَّــــــــــــــنْ المسئول ومَّـــــنْ
السائل؟؟؟
سلال القمامة زائدة
القمامةُ تُرمى
في التيجانِ
لا حاجة لترجمةٍ
موحدة
لغة الخوفِ
كما الضحكة
الصرخة
 واحدة
مَّــــــــــــــــــــــــــــــنْ جمع الجن مع
 الجرذ
لقضمِ
دماغ الإنسانِ؟؟؟
*************.
الأقرب
ينهش لحم
ألأقرب
((الألف)) متكأ ه
في زمنٍ ضاعَ
انقلبَ ((عيّنٌ))
فصار
الأقربَ
عقربٌ
صندوق جَدكَ
أكلهُ ((العثَ))
أي قيم تندب في عصرٍ
الدي ((نار))
 لا تفتش عنه
في ((جيبك)) مخبوء
الشيطان
أعلن بيعتكَ لربِ
العصرِ
قدرك هذا
 قَتَل ((أيل)) وتوج الدولار
رَباً  للأربابِ
أستو لدناه
((جبريدولار))
((اسرادولار))
و((ميكادولار))
أبناء
الآلهة الكبرى
 أين ألمهرب
وقد
صار ((الدولارَ))
ربُّ الإنسانِ ؟؟؟
************.
ضاع
معنى  الإنسان
اختلط
الجنسان
لا فرق
بين
ألفُرْسِ
والألمان
ضاع العنوان
لا فرق بين
ألداعر
والرهبان
مــــــــــــــــن الرجل؟؟
ومــــــــــــن
المرأة؟؟؟
خصيان  تناكح
خصيان
سفينتنا
يلاطمها الموج
هدر
البحر
وغرق القبطان
مطر الدولار
كسح الأوطان
مطر الدولار
دموي
أو بلون
القطران
مطر الدولار
لا يعرف لونا
ولا يعرف عنوان
صرنا
أرقاماً
ما عدنا  نتعارف
بالأسماء
لا معنى  للغيث
صار
مطَرَنَا اسودُ
والرعد
نار ورصاص  وعواء   
حطم
ألأهلة
والصلبان
العمى ألأسود ضللهم
نار الحقد
 برد وسلام
((حنا)) وأمه
أحياء
خيل لهم  قتلى
اشتاق ((الروح)) لأبنائه
أسكنهم
رياض  وجنان
تظل
شموعَ القداسِ
مسرجةٌ
ألقِى
أبن الرب
صولجانه
ليخمد   لهب
ألنيران
لواء((محمد))
دين
الحق
مما يفعلون
براء
سلم  وسلام
فمن خلط صوت الحق
بأصوات رياء؟؟؟







199
من يصنع الكبسولة العراقية؟؟؟

حميد الحريزي
حينما تتعرض الشعوب الحية لكارثة او أزمة سواء كانت طبيعية او طبيعيه، تجد الفكر والذهن وتستنفر كل طاقاتها من اجل إيجاد الحلول الناجحة لاحتواء الأضرار الناجمة من هذه الأزمات والكوارث ، في مثل هذه الظروف الحرجة والمصيرية تتضح قدرات الأفراد والجماعات وتبرز على الساحة لأخذ زمام المبادرة مستحضرة كل موروثها ليكون معينا مجربا لإيجاد الحلول... فتبتكر الطرق والوسائل والأساليب وحتى الأدوات من اجل الخلاص والوصول الى شاطئ ألسلامه.
 لاشك ان العراق من البلدان التي تعرضت للكثير من الكوارث والأوبئة والغزوات، وضعت أبناء الرافدين تحت ظروف في غاية الصعوبة كادت تحكم على الشعب العراقي بالفناء والاندثار ومن يقرأ التاريخ القديم والحديث للعراق يجد الكثير من هذه الأحداث الذي لم يزل قسما منها في ذاكرة الأجيال الحاضرة.
 من هذه الفواجع والكوارث تسلط قوى مستبدة على مقدرات الشعب، ومنها التعرض لغزوات الأقوام المتوحشة الأخرى كالفرس والرومان والتتار والترك والانكليز ، وكل من هؤلاء الغزاة ظن انه سيظل خالدا في سيطرته على الشعب العراقي واستباحة وطنه... ولكن الأمر المعروف ان الشعب العراقي استطاع ان يحمي وطنه ويطرد قوى الظلال والاحتلال وضرب ا روع الأمثلة في التضحية والفداء.. من اجل حرية الوطن وسعادة الشعب.... هذه التضحيات والبطولات للأسف الشديد غالبا ما تسرق وتلتف عليها أفاعي كراسي السلطة من المستبدين والطامحين بالثروة والجاه ... مما يزرع الإحباط والتذمر بالإضافة الى نشره للجهل والأمية والمرض والخرافة بين صفوف الأغلبية المظلومة والمقهورة من الشعب ... ضيع لاحتلال الأمريكي على الشعب العراقي فرصة التخلص من الديكتاتور كي لا يتمكن أهل العراق من بناء وطنهم ودولتهم الديمقراطية بقواهم الذاتية وتشكيل حكومة نابعة من رحم الشعب وبإرادته الحرة، لان مثل هذه الحكومة ستكون وطنية خالصة تعيش هم أبناء العراق وتسهر على مصالحهم وخلاصهم من الظلم والفقر، وستكون سياجا صلدا بوجه قوى الاحتلال والاستغلال في الهيمنة على خيرات البلد وثرواته..... وهي ((الكبسولة)) المخلصة لوطننا وشعبنا من ظلم وقهر وحرمان سنين طوال.
 وسط فوضى وفشل القوى المهيمنة على الساحة السياسية العراقية في تشكيل حكومة وطنية ترفض الوصاية والخضوع والتبعية بحكم طبيعتها الطبقية وارتباطها بأجندات خارجية متصارعة وبسبب بنيوي في جوهرها الرافض للآخر والمشبع بثقافة الاستحواذ والانفراد بالسلطة والجاه والمال، كل هذا يتطلب من قوى الشعب الحية من وطنين أحرار ومثقفين وقوى يسار وديمقراطية حقيقية السعي الحثيث المثابر لتوحيد صفوفها وتستحضر تاريخها النضالي المجيد المقاوم لقوى الاستعمار وأذنابه ومريديه الى تصنيع ((كبسولة)) الإنقاذ الوطني وإخراج الوطن والشعب من دياجير الاحتلال والاستغلال والتخلف والأنانية والفساد، ولتكن كبسولة شيلي مثلا رائعا لإرادة الشعوب والحكام المخلصين المحبين والمضحين من اجل وطنهم وشعبهم.

200
المنبر الحر / ((نشيج)) أللسان
« في: 22:43 14/10/2010  »
((نشيج)) أللسان

حميد الحريزي
أنا آ((سف)) جدا آ((سف))
أنا آ((سف)) حقا آ((سف))
أ ((ن@ ن @ن @ن @ن@ن@ن))  أكشف لكم جرحي النازف
أ (ن ∞ن ∞ن ∞ن∞ن))ا  جداً آسف
**********************.
ما لمست  حرير((الفَر)) ش
وما تذوقت  طعم((المَح)) شي
ما قلت إني الخا((رِق))
ولا قلت إني ((العَار)) ف
لم أتعلم فن
ألصا ر((ف)) ولا فن ال((مَصّ))روف
أنا آسف جدا ((آ))سف
**********************.  
لم ((أتعرَ))ف  ما معنى
ال((KISS)) وف ولا الخِسوف
 تعلمت  مسح الأكتاف
تَبِعتُ ((الخراف))ات
و تعلمت  الضرب على الدف
و((ياحوت البلاعه هدي گمرنه بساعه))*(1)
أدعو بطول ع((مرِّ)) ((السِل))طان
أبخر لكسب ود الجانِ
لا تسأل  عمن((أكو))ن  و  ((ما اكو))ن
أنا طبعا ((أن∞ ان ∞أن)) سان
يسعدني  أل((رِِق))صَ
وأغتنم  ((الفر)) صه
يمتعني عمل ال((see))اف   
اسأل عني :-
((الحر)) س  و((القر))صان
كيف ((أخَرِِ)) خشوعا
لعِظّات زعيم ألرُهْبان
لل((غَيّ))بِ  أسلمت  قيادي
على جبيني مكتوب قَدَري
فما ذنب (ألأ مري))CAN 
هذا أ((مرٌ)) مكتوب
منذ زمان .
*************************.

اتهموا عطر((البت))    roleبأصل الفتنه
وأل((بت)) رولَ((ه)) :-
يتس((رب))  خلف حجاب
قالوا بيد الأمريكان موت ال((حر))MAN
ألم  تكِ
بيد السلطان ال((أعمى)) ر؟؟
**************************.
من قال :- الجوع  أهون
من ركوب ألعار((ي))؟؟؟
من قال :- أبن  العرب
حماراً يحمل أص((فاراً))؟؟
فهو الأول في فن ال((سم))عِ
وهو الأول في رفع ال((زر))عِ
من يتحداه  في
فن النكح وفن ((الرَض))ع
********************.
ما أسعدكم
كل الدنيا تحسدكم:-
 في دوركم  ملاعب فئران
ما  أأمن  مدنكم  بلا ((جِد))ران .
***********************.
 جعلناكم أمييّن حفاة
أنقذناكم من شر ((الحر))ف
ومن شر ((الأسر))اف ومن شر ال((سِر))ف ي
 ((أَمي))نون لأنكم أميون
الم يك الحاكم أمياً؟؟
فما أشر((ف))كم؟؟
خلصناكم من الفنون والقلم وما
يزورون
وخلصناكم....
لذلك  وجب ((شك))ر  جناب السلطان
*********************.
ما حاجتكم للنور
ونور ((السِل))طان يشرِح  صدوركم
 ((اللالة والفانوس)) أمانة أجدادكم*(2)
أصيل من يحفظ أمانة جده
فسبح باسم ((السِل))طان
واعتزل أعداء ((اللاله))*
سبح ((باسما))ئه  و لا تت((بع)):-
 أهل ((القيل والقال))
************************.
إنا سلطنا عليك ((ألأقوى)) ل
وتكفلنا ((ألأفعى)) ل 
لغيرنا لا تركع
تذكر ان جدك ضفدع
أنت مخلوق للنقِ
انك لغير النق  لا تنفع
*****************.
فأنسى فن القول
 وتعلم فن  ((النط))ح
من ((الثور))ي
وتعلم فن ((اللط))م
من ألمله((ى))
سر جنب ((الحي))ط
هنيئا لك ((العيّ))ش تحت
 ظل&((م))&راجعنا أهل((ألشر)) ف 
اهل الوعظ
وعلم القبض
**********************.
 ما
أدراك ما معنى((الَدر))س
وما سر((الَمِد))see*(3)
وما يجرى للقدس
إنا   ولينا((الاخرَ))(  )*(4)
وصادرنا الخشن و
((ألأمل))س
علامات((؟؟؟؟))
أدوات الشيطان
فتعلم لا تسأل ولا تتحسس
اسمع قول ألواعظ
حامل السر ألأق((دَس))
لا ترفع صوتك بحضرته
إذا قال اصمت لا تتنفس
إنا فضلنا((الأخرَ)) س
إنا صادرنا الخشن و((الأمل))س
*********************.
لا تتبع عقلك
 مَنّْ  يُدلكَ على
 سر المفتوح وسر المجرور
فتميز بين
((المِحبس)) و((المَحبس))
و((مات))خفي  الصدور
 فتهلك
يوم لا ينفعك الآسف
ولا يشفع لك
جرحك إلنا((زف)) لنا:-
خبر موت العقل  في يوم
لا ينفع عاقل ولا مجنون
الا من أتى  ((المخ))بر
بالخبر اليقين
عمن ظَنَّ
عمن أنَّ
ومَنّ شك بخلودِ  ((السِل))طان
في اليقظةِ
 في الحلم
 او في ألها((تِفُ،تِفٌ)) تِفْ
  ((آ))سِـــــــــــــــــفْ  أنا  حقاً آسف
*********************
      1 - لازمة يرددها الناس عند خسوف القمر، ظنا منهم ان حوت يريد ابتلاعه. 
 2   - اللاله :نوع بدائي من انواع الإنارة في العراق تعمل بالنفط الأبيض.

    3- المدس  ومفردها مداس وهو شكل من الأحذية الجلدية او البلاستيكية  تحتذي عادة  من قبل  رجال الدين..
4- شعار النازي الصليب المعقوف.

.



201
الخاسرون هم الأولى بتشكيل الحكومة القادمة


مرت لحد الآن أكثر من ((100)) يوم على إجراء الانتخابات للبرلمان العراقي، ولم تتمكن الكتل الفائزة منفردة أو مجتمعة أن تنتخب رئيسا للبرلمان ورئيسا للوزراء أو رئيسا للحكومة... رغم الخرق الدستوري المترتب على مثل هذا التأخير...ولم يحصل الشعب العراقي غير التسويف والوعود بعد إن فشلت كل الحلول التوافقية أو الاستحقاق الانتخابي أو الشراكية ((سنيه)) أو ((شيعيه )) أو عرقية..الخ من الحلول لحل عقدة الحكم التي أخذت تزداد تعقيدا وعنادا واستعصاء على أيدي القوى المهيمنة على  العملية السياسية...
خلاصة القول إن الفائزين فشلوا لحد الآن عن تشكيل الحكومة رغم كثرة العزائم وقوة الكواتم..
إن الكثير من الظواهر والممارسات تحدث في عراق ما بعد الديكتاتورية تشير إلى هيمنة اللامالوف واللا منطقي منها:-
\-المهمش في  ظل الديكتاتورية لازال مهمشا في ظل الديمقراطية.
\- العدو الأكبر ((للشيطان الأكبر)) و(( عدو الشعوب)) أصبح من ملائكة الرحمن ومحررا للشعوب.
\- الأقلية تتحكم بالأغلبية وتبتزها وهذا هو شان  قادة الأكراد مع الأغلبية العربية.
\- الأكثرية الشعبية تعيش تحت ظروف  انعدام الأمن وشحة  فرص العمل وانعدام الخدمات الأساسية، بينما تنعم الأقلية الحاكمة بحياة الرفاه الباذخ والأمن وضخامة الرواتب.
\-  من بين أقلية في دول  العالم الأول والثاني والثالث تحصل حكومتنا الديمقراطية على الدرجات الأولى في حجم الفساد المالي والإداري، فاقت ما كان في عهد الديكتاتورية.
\- اكبر خزين للطاقة في العالم بمختلف مصادرها فان سكان العراق هم أصحاب النسبة الأدنى في العالم من حيث ساعات التزود بالتيار الكهربائي إن لم يكون معدوما تماما.
\- البلاد التي تحتل النسبة الأكبر من حيث الأيدي العاملة العاطلة عن العمل تستورد العمالة من الخارج.
\- البلد الذي تشق أراضيه أشهر نهرين في العالم ناهيك عن الآبار والعيون ، يعاني ناسه ومزارعه وحيواناته من شحة كبيرة في مياه الري والاسقاء والشرب.
\ - البلد الذي يظم أشهر الديانات السماوية وتحتضن أراضيه عشرات المراقد للأنبياء والرسل والأئمة والصالحين دعاة السلام والحق والعدل، هو الأكبر في عدد  جرائم القتل والخطف والسلب والنهب والسرقة.
\بعد إن كان يكنى بأرض السواد لخصوبة أرضه وغزارة إنتاجه من المحاصيل الزراعية، أصبح اليوم ارض للتصحر والفساد يستورد حتى الرقي والطماطم والخيار.
ربما أسهبنا في تعداد ما ذكرناه من الشواهد على انقلاب الموازين في ارض الرافدين.
وبناءا على ذلك نرى مادام هذا هو الأمر الواقع والسائد إن  ما يجب  أن يكون الأول أصبح الأخير والأخير هو الأول.
وهذا ما يفسر لنا سبب عرقلة وفشل تشكيل الحكومة من قبل القوى الفائزة الأولى والثانية والثالثة..,و..و مما يناقض دلالات وإحالات  ما أسلفنا مما يتطلب:-
تكليف الأفراد والقوائم والكتل الأقل حيازة للأصوات في الانتخابات  اللذين  تمت تسميتهم بالخاسرين  بتشكيل الحكومة وبطريقة التناسب العكسي بين عدد الأصوات وأهمية المنصب المعين في الحكومة..... فهم الأقدر على تشكيل حكومة خاسرين بوقت قياسي وتخليص البلد من أزمته الخانقة.
حميد الحريزي

202
رفع التجاوزات أو منع الحقوق؟؟؟؟؟


حميد الحريزي
 نرى إن من الواجب أن نتعرف على مفهوم التجاوز وبذلك نتعرف على المتجاوز الذي  كثرت عليه الملاحقات .
يتردد مفهوم التجاوز ليعني في الكثير من الحالات :بأنه السلوك والتصرف في مختلف مجالات الحياة  كالأكل والشراب واللباس وطريقة التفكير ، بصورة غير منسجمة مع التقليد السائد...... وهذا التصرف يوصف بالثورية والسير إلى الأمام  ويرى فيه أنصار التقدم ودعاة التغيير في نظام التفكير والثقافة والاقتصاد وحتى الأزياء والفنون باختلافها بأنه عمل محمود غالبا ما يتصف به ويتبناه دعاة الإصلاح والدعاة من أنصار التغيير وصولا إلى مفهوم الثور ة بمختلف أساليبها ووسائلها السلمية وغير السلمية وهذا مرهون بمدى ما يواجهها من مقاومة وصد وقمع من قبل المجتمع أو السلطة الحاكمة .
هناك تجاوز يوصف بالتعدي على حقوق الآخرين سواء الفكرية أو الثقافية أو المالية....الخ. يصل الوصف مثل هؤلاء بالمجرمين ن ويقع في خانته اللصوص والسراق وعصابات السلب والنهب والقتل والاغتصاب وكبت حريات الآخرين الثقافية والعقائدية دينية وغير دينية بمعنى التجاوز تحكمه أعراف اجتماعية أو قوانين حكومية عادلة أو ظالمة حسب منهج وتركيبة الكونفورميا الاجتماعية والقواعد القانونية،  التي تسنها السلطة التشريعية التي تمثل الطبقات والفئات الاجتماعية السائدة. فمالك وصاحب رأس المال لا يفكر كما يفكر الأجير ، والسيد لا يفكر كما يفكر ويريد العبيد...الخ.
الذي يهمنا في هذا الشأن ما يتداول في وسائل الإعلام حول محاربة المتجاوزين على الارض أو الشبكة الكهربائية أو شبكة توزيع المياه...
نسال هل إن  من تجاوز على خطوط الطاقة الكهربائي كان صاحب ملهى أو مرقص أو دار دعارة و لعب قمار أو...أو ... مع إن مثل هذه الدور لها حق  بالتزود بالتيار الكهربائي ولكن طبعا الأولوية للدور السكنية في كل الأحوال.؟؟؟
هل المتجاوز  غير عراقي دخيل على الوطن وساكن بصورة غير شرعيه؟؟؟
إذا كان مواطن عراقي إلا يفترض إن توفر له كافة الخدمات الكهرباء والسكن والماء الصالح للشرب  وهي ابسط حقوق المواطنة والمفترض أنها مكفولة دستوريا، فهل يحق أن  نسميه متجاوزا وهو يرى أخيه المواطن  يسكن أفخم القصور الفارهة ويستهلك الطاقة الكهربائية بشكل باذخ  يتجاوز مئات المرات ما يستهلكها ((المتجاوز)) الذي يراد له إن يفترش الأرض ويلتحف السماء يحيى بخوف وبؤس تحت دياجير الظلام وهجمات الحشرات والهوام لاشيء يخفف عنه قسوة لهيب الصيغ ولا برد الشتاء القارص.
هل إن حرمان هؤلاء الناس من السكن ومن الكهرباء والماء يعد مكسبا للحكومة ونظرائهم من أبناء الوطن، أن نصادر عشرات الأمتار من بيوت الصفيح لتضاف إلى مئات الأمتار لأصحاب القصور، وان نصادر بعض امبيرات كهرباء تبدد ظلام القهر عن الفقراء من أبناء وطننا لتضاف إلى عشرات أجهزة التكييف ونشرات الاضوية والإنارة الباذخة.؟؟؟؟
قولنا هذا لا يعني إن هناك من يستغل اللا قانون ليحتال ولينهب ويسلب ويستولي على المال العام  ولكن مثل هؤلاء يمكن فرزهم ومعرفتهم من خلال طلب معلومات عن ملكياتهم من البلديات والأمانات ودوائر العقاري ومحاسبتهم قانونيا خارج مظلة الفساد المالي والإداري لكي يرتدعوا.
 بعد كل هذا هل يحق لأحد أن يسمي ما يجري برفع التجاوز أو بمنع الحقوق وتثبيت الظلم والتعدي على استحقاقات المواطن وإفراغ القواعد والنصوص الدستورية من مضامينها.
نرى إن ما يحصل من ((تجاوز)) على الأرض أو على الشبكة الكهربائية أو المائية إنما هو فعل اضطرار وليس خيار في أعمه الأغلب، مما يتطلب من الحكومة أن توفر للمواطن هذه الحقوق لتقطع الطريق أمام التجاوز ((المشروع)).


203
نطالب ساستنا بإلغاء وحدات قياس الزمن!!!!


من المعلوم في عصرنا الحاضر للزمن أهمية كبرى بالنسبة  للإنسان وسباقه المحموم من اجل المزيد من التقدم وإحكام السيطرة على الطبيعة والبحث المضني من اجل الظفر بأكثر الوسائل كفاءة لضمان راحة وتطور وسعادة الإنسان على الأرض، فللثواني  وأجزاءها أهمية كبرى لنجاح أو فشل مهام كونية كبرى سواء من اجل البناء أو الخراب لا يبدو إننا نأتي بجديد ولا غريب في مقدمتنا المملة هذه ربما تجعل القارئ الكريم يغض النظر عن قراءتها  فيختار موضوعا   آخر يمده بمعلومة جديدة أو خبر جديد أو يفسر له امراً غامضا من أمور حياته أليوميه  ومجريات الإحداث والتطورات في بلده أو في العالم ولو فعل ذلك فلا لوم عليه فالوقت ثمين ومجريات الحياة تسير سراعا في كافة المجالات..... ولكن ما عسانا نقول لعشرات السياسيين من الكتل والأحزاب والكيانات وهم ينطون علينا عبر شاشات التلفزيونات وهو يتراشقون بالأقوال والأمثال  دون أن نصل إلى أية نتيجة
وقد نشاهدهم في القناة الأخرى في نفس اليوم أو اليوم الثاني لنسمع نفس الحديث ، والأمر الأكثر إزعاجا وإثارة للأعصاب حقا إن هناك وجوها معينة  تتصدر هذه الحوارات والنقاشات والمشادان بينما لا نرى ولا نسمع العشرات من أعضاء قيادية في هذه الأحزاب والحركات والكيانات مما يجعلنا نظن إنها أيدي خفية تحرك خطيبها ومفوهها من وراء الكواليس  فتجعل منه مكرر القول والحركة والحجة لا تفهم لحديثه أولا ولا آخرا ، يجهد نفسه ويشد أعصابه ويعلو خطابه للي رقبة الحقائق والشواهد والأدلة والقوانين كي تصب في مصلحة حزبه دون يراعي للمتلقي المواطن المصاب بالضغط والسكر واحتقان الشرايين وضعف البصر وقد ابتلاه الله بقوة البصيرة والفطنة في فهم وإدراك الحق من الباطل وتشخيص الصادق من الكاذب  مما يجعله مشدود الأعصاب  لما يسمع من مهازل الحديث وسفسطة النقاش الغير منتج، ومن ابسط ما يثير أعصاب العراقيين هو وعود  ألهؤلاء بإعطاء الوعود بالأرقام بالأسبوع واليوم والساعة ولكنها تمر ويمر غيرها ولا يخجل ليظهر ثانية ليحدد   وقتا جديدا لحسم الأمر  وسيزف البشرى للشعب المنتظر ، وكأنه نسى وأنسى الناس وعده القريب وكذبه العجيب  إن لم نقل لثماني سنوات مضت فعلى مدى هذه السبعة أشهر الماضية منذ الانتخابات في 7-3-2010 ولحين التاريخ..........
من اجل هذا وحرصا على سلامة المواطن العراقي الصحية والعقلية وللحد من انتشار الإمراض المزمنة الناتجة عن هزل وفشل العملية السياسية الجارية؟، ومنها السكر، وقرحة المعدة والاثنى عشري، والضغط ، وانتفاخ القولون ، وتصلب الشرايين والاختلال في البنى العصبية وعطبها ، نطالب الحكومة والسادة أعضاء البرلمان  أن يصدروا تشريعا بإلغاء الوحدات الزمنية في العراق فلا سنة ولا شهر ولا يوم ولا ساعة ولا أجزاءها ... لندخل في هيولي وعماء لا فرق بين اليوم والأمس ولا بين  آذار وتشرين ولا بين 2003 و 2010  وفي هذا الأمر فائدة كبرى للشعب وللبرلمان فلا يبقى معنى لجلسة مفتوحة ولا لجلسة مغلقة ولا لوعد ولا وعيد  ولجم من يعترض على تقاعد النواب  المخالف لقانون الخدمة والتقاعد  فلا معنى ل(15) عام ولا لخمسة أشهر ولا معنى لغياب من الجلسات ولا معنى لحساب النفقات بغض النظر عن الزمن وإزعاجاته فلا معنى لمحاسبة مسئول على إنفاق كذا مليار بشهر واحد في حين هي مخصصة ل (12) شهر حيث تلغى كل الوعود والحدود  وتكسر القيود .
 ونحن إذ نقدم لهم هذه الخدمة الكبرى وهذا الاكتشاف العظيم  لا نريد منهم جزاءأً ولا شكورا وإنما حرصنا منا على سلامتنا وسلامة أحبائنا من الإمراض والانقراض.
حميد الحريزي

204
شرك الشراكة في حكم العراق
حميد الحريزي

 تمر الأشهر سراعا بعد 7-3-2010 يوم الحشد الانتخابي دون ان تقبض الأصابع البنفسجية على شيء يذكر من الوعود الانتخابية او تشكيل حكومة وفق مبادئ الوطنية والمواطنة كما كانت تدعي كل القوى المشاركة في الانتخابات، برلمان مفتوح بدون برلمانيون ودم شعب مسفوح بدون أسباب، تردي مريع للأمن كما حال الخدمات الاساسيه وفي مقدمتها الكهرباء والسكن ، لازال الصراع على أشده بين الرؤوس الرئسية  للقوى الفائزة في الانتخابات تدور حول سؤال رئيسي الا وهو من هو الرئيس ومن هو المرؤوس؟؟؟
كل منهم يفتش عن مبرر ليدعي استحقاقه ليكون على رأس الحكومة سواء  من هو له الآن او من يريد ان يحصل عليه في الحكومة القادمة وما أكثر هذه المبررات حيث ابتدأت بتخوين الحاسوب ولم تنتهي عند تفسير من هي الكتلة الأكبر، هل الكتلة الحائزة على أكثر المقاعد في الانتخابات او من تجمع اكبر عدد من الكراسي داخل  قبة البرلمان، وكان العراق البلد الوحيد في العالم الذي يجري انتخابات.
ان ما سهل  هذا الجدل السفسطائي الغير منتج هو الدستور المليء بالكهوف والثغرات وعدم دقة الصياغات لقواعده القانونية وبنوده الدستورية، هيمنة عليه عقلية إنشائية متوترة وليست عقلية القانوني الخبير.
ومن الأسباب الأخرى المهمة هو عدم وجود فرز واضح او برنامج مميز بين القوى ((الفاعلة)) في العملية السياسية، مما جعل المنافسة منافسة زعماء إفراد لا تميزهم سوى صورهم في  وسائل الإعلام وليس برامجهم ومناهجهم، مما أدى الى ظهور نتائج متقاربة جدا بين الزعماء تكاد تكون لا تذكر((89 او 91)) فأصبحت حجج كل منهم ضعيفة، في مثل هكذا نتائج في المنافسات العادية يلجا الطرفان إما الى وقت إضافي للعب او الى ركلات الجزاء كما في لعبة كرة القدم وأحيانا الى القرعة لتشخيص الفائز!!!!!
فلولا عثرات الدستور وسابقة المكونات الطائفية التي زرعها برايمر سيء الصيت فالمنطق يقول ان النائب حين يصل الى قبة البرلمان يكون ممثل لعموم الشعب  وهذا محتوى القسم الذي يردده في قبة البرلمان. وبذلك يفترض ان يجتمع ال((325))  نائبا أدى القسم وتجري عملية انتخاب  الرؤوس الثلاثة وفق التصويت السري وبشكل فردي ومن يحصل على اغلب الأصوات  يسمى رئيس للجمهورية او رئيس البرلمان او رئيس الوزراء، وقد لا يستغرق الأمر عدة أيام  كما حدث في بريطانيا مثلا، ولكن هذه الممارسة مستحيلة  بسبب ما  بينا آنفا.
أمام مثل هذه الفوضى العارمة واللقاءات والولائم الغير منتجة وكأنها لعبة ((الحية ودرج)) فسرعان ما يهبط الصاعد او يصعد الهابط وهكذا دون  تتشكل الحكومة والشعب يعاني، كل شيء متوقف ماعدا النهب والسلب والقتل. وأخذت الأصابع الظاهرة والمستترة تلعب لعبتها في أمر تشكيل الحكومة المقبلة.
وبدلا من الاعتراف بالعجز الكامل والتفتيش عن  هذا العجز والفشل الكامن في بنية الطبقة السياسية المتصدية للعملية السياسية ومنها الآليات الانتخابية المعتمدة ، وثغرات ومطبات وكهوف الدستور، وعدم فك الارتباط والتبعية بقوى خارجية، وبالتالي التوصل الى آلية ناجحة لاستئصال سرطانات التجارب السابقة ليكون جسم ((العملية السياسية)) وعقلها سليما قادرا على بناء دولة المؤسسات الديمقراطية المنشودة وفق دستور مدني حديث بعد إزالة  مفخخا ته و عبواته الناسفة وتناقضاته، خصوصا وقد اعترف  الجميع  بما فيه من شارك او اشرف  على صياغته بأنه مليء بالثغرات.
وبالطبع فان مثل هذا الخيار لا يرضي من ذاق حلاوة كرسي الحكم وحصد  ملا يستحق وما لا يحلم به من الوجاهة والثروة والامتيازات ناهيك عمن افسد ونهب واختلس وارتكب الجرائم مستغلا منصبه  وسلطته، كذلك فان الأمر لا يروق للعديد من القوى الخارجية المتصارعة على الساحة العراقية وكل منهم يريد ان تكون بيضة الذهب في سلته.
يدور الحديث الآن حول حكومة مشاركة وطاولة مستديرة   وخصوصا من قبل  اللذين لم يحصدوا  عددا كبيرا من المقاعد  البرلمانية وبذلك كأنهم يدعون الى إلغاء نتائج الانتخابات وإبقاء الحال على ما هو عليه، فيدعون الى حكومة مشاركة وطاولة مستديرة غير واضحة الصفات ولا البدايات  ولا النهايات فالكل يغمس أصابعه في الكيكه فيختلط الحابل بالنابل فلا يعرف من هو الحاكم ومن هو المعارض ، فنعود الى هرج التقاذف بالتهم والى مبدأ ((شيلني و أشيلك)) فيكون شعب العراق هو الضحية لتبقى صالة العملية السياسية غير معفرة   مصابة بشتى انواع الجراثيم والفطريات وتعيش بين شقوقها العقارب والحشرات والطفيليات فيسقط الجميع مرضى في شرك المشاركة او المحاصصة. بمعنى أدق ...



205
المنبر الحر / بركات السلطان
« في: 23:20 09/09/2010  »
بركات السلطان

حميد الحريزي


سبِّحوا  باسم ِ سيدِّ
الفرسانْ
مالكِ الجندِ
صادقِ الوعدِ
من
وهَبكُم بيضَ النَّملِ
وبُرازَ الجرذِ
 وأسرابَ القملِ
بالمجّانْ
***************.
هل تَعرِفُ سرَّ حِكْمَتِنا
في:-
أِقفالِ فمكْ
هل تُدرِكُ حِكْمَتنا
في تكبيلِ يَدكْ؟؟
يا جاحداً حَقَّنا إنّا خلَّصناك :-
من ذُلِّ السؤالِ
إنّا  أغلقنا أُذنَيكَ وأعطيناكَ
((النَّقال))
خلَّصناكُم من وحشتِكُم
خلَّصناكم من غُربةِ الغربِ
ومَنْ
الوَحدةِ والكَربِ
ما تَركنا فَرداً يتجولْ
ولا تَركنا وَحيداً يتَسوّلْ
بَلْ سيَّرناكُم :_
أرتا لاً  تتبع أرتا لْ
ميسوُرٌ عيشُكم
موفورٌ رزقُكم
ضاعف ألأميرُ لكم :-
تِلالَ الأَزبالِ
وأعطاكُم حقَّ التنقيبِ في
الأوحالِ
فَطيّبوا أَفواهَكم بِذكرِ
مَنْ خلَّصكُم
مِنْ شرِّ الكنزِ
وثُغاءِ العنزِ
((القناعة كنز لا يفنى))
له التِّبرُ
 ولك الصَّبرُ
ونِعَمِ الإيمانِ
**********.
عطّروا أجسادَكُمْ
مَتّعُوا أَطفالَكم
بفُرثِ  الخِرفانِ
قَوّوا  أجسامَكُمْ
ببُرازِ الفئرانِ
اِنّا نخشى عَليكُم من :-
السُّمنةِ
ومِنْ
مرضِ الإدمانِ
كُلوا هِنيئاً
وسمُّوا باسمِ وكيلِ((الرحمنِ))
من بركاتِنا
جعلناكُم  خِِصّيان
 لا تحزنُ
نساؤكُم سيطَأُها سَيّدُنا
أعفاكُم من شقاءِ
نكاحِ النِّسوانِ
لا ظلمَ بعد اليومِ
للكل حقٌّ  بِ :-
قضيبِ السلطانِ؟؟؟
لا حاجة لك بالفكرِ
اِجتثْ
حواسَّ الشمِّ والذّوقِ
وأزرعْ سناً
كالفأسِ عصيَّ الكَسرِ
لا حاجةَ لكَ
بالفلسفة والجبرِ
((مالكَ ومالُ)) القصةِ والشعرِ
انَّ قَدرك  بالقِدرِ
ما حاجتَك للفكر
 إنّا أعطيناكَ
 كل شهاداتِ الغدرِ
أستاذاً في علمِ المكرِ
أّجهِدْ النفسَ
واضبْ الدَّرسَ
لتحرزَ المرتبةَ الأُولى
في  تبجيلِ السَّجانِ
**************.
اِنهِ العُمرَ..انسَ القَهر
وأنسَ الفقرَ
ارفعْ راياتِ العُهرِ
أِطوِ أعلامَ النَّصرِ
ذاك زمنٌّ ولّى
 لا يلائِمُ  روحَ  العصرِ
لا يلائم ((ثقب الأوزون))
ولا أنفلونزا الطيَّرِ
إنّا
أعفيناك  من أُجرة السكنِ
في المقابرِ أسكناكَ
كَي
لا تهتَمُ بشأن الدَفنِ
فأنتَ
من القبرِ الى القبرِ
ابعثْ للخليفةِ آياتِ الشُّكرِ
لا يضللُّكَ
دعاةُ الوطنِ و الأوطانِ
دوما أنتَ الأَ وطأ
والأعلى السلطان
تَمتَّعْ بأَحلامِ
النَّومِ
وتعلم  صبر
الصوم
لا تنظرْ للأعلى
أُنظرْ
دوماً للأسفلْ
سيكونُ لك قصرٌ
ولك حواري
ولك نهرٌ من خمرِ
لأنك  صدَّقتَ   قولَ
الوعاظِ
فصارتْ كل حياتِكَ
رَمَضانَ
سبِّح  بأسمِ
مَنْ
وهبكَ  بيضَ  النَّملِ
وبُرازَ الجرذِ
 وأسرابَ القملِ
بالمجّانِ
***********.
أيلول 2010







206
الدم المسفوح بين  الفاتح و المفتوح
حميد الحريزي

لا نريد أن نختزل آلام الشعب العراقي بما بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، فتاريخنا حافل بالماسي وآلام  منذ أقدم العصور، حروب وحروب مقابله ، غزوات وردها، صراع حكام وسلاطين وأمراء وشيوخ قبائل وقطاع طرق، طغيان انهار ومجاعات وأوبئة مدمرة لم تبقي ولا تذر، حتى ما سمي بالعصر الذهبي إنما كان ملطخا بدماء الأحرار والمفكرين  والخارجين على عبودية السلطان وخرافات الإنس والجان....
ولكننا لا نريد أن نقلب المواجع كما يقال...ولكننا  ربما لم نشهد في تاريخنا المعاصر  مثل ما نحن فيه من هدر للدماء وما رافقها من هدر للكرامات والأموال والثروات والتي أتت  امتدادا  أكثر شدة وأوسع أثرا من مولده نظام الديكتاتور....
فقد دمرت مدن وشردن حارات وإحياء بكاملها بعد الاحتلال  ((الفاتح المحرر))، فلا مصنع يدور ولا حقل يعمر بينما شلال الم لم يزل يتفق ممزوجا  بدخان الحرائق ودموع الثكالى والمشردين والمغدورين دون  تمييز ودون استثناء وتحت سيف الإرهاب  والمحرر والحامي....فان بريق الذهب الأصفر والأسود قد أعمت أبصار أولياء الأمر فبرعوا في الاقتتال والصراع من اجل حيازته لثماني سنوات من كنز الذهب والفضة ولم تزل خزائنهم تصيح إلا من مزيد...في الوقت الذي  فاقت السنين العجاف سنين يوسف العراقي الجريح المحروم المكلوم.... وكلما أعطى وضحى يجازى بنكران الجميل ومزيدا من الأزمات وفقدان الحقوق وابسط الخدمات...  ينادي ولا مجيب يصرخ ولا من يسمع ....يستجير ولا مجير... يذكر ولا من يتذكر...
وأخر ما نشهده ما سمي بالعرس الديمقراطي في انتخابات  مجلس النواب في السابع من آذار الفائت...وها هي تمر أشهر  تلو أخرى  ،لا يسمع المواطن العراقي غير صليل  سيوف المتصارعين وحداء وأراجيز المتعاركين  ليقطف  واحد أو أكثر من الرؤوس الذهبية ((البرلمان والجمهورية ورئاسة الوزراء)) فكان احدهم ولد  ليكون رئيسا  ... متناسين  ما يرددونه دوما ((كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن  رعيته)) فهو الراعي الأوحد والأقدر والأكفأ وعلى كل الرؤوس إن  تخضع لعصاه السحرية....
هل  لنا  أن نتفاءل بقرب انعقاد  الجلسة الأولى للبرلمان وكل الدلائل تشير  إن البرلمانيين  سيواصلون صراعهم السفسطائي الذي لا ينقطع تحت قبة البرلمانن كما هو خارجها ومن هو الأحق بتشكيل الوزارة هل الكتلة الفائزة أم الكتلة الحائزة إلى اكبر عدد من الكراسي في البرلمان في حين تردد  أمام الكواليس وخلفها إن  انعقاد البرلمان سيكون قريبا جدا  ربما لتسجل مباشرة البرلمانيين الجدد  ليضمنوا حقوقهم  ويتمتعوا بامتيازاتهم ولا ندري  كيف ستحتسب رواتبهم  هل من تاريخ  ترديد القسم  أو المباشرة أومن تاريخ المصادقة أو من تاريخ الفوز؟؟؟؟
 .....ولكن ما هو بعيد هو تشكيل الحكومة حتى يتفق  الفائزين على توزيع مناصب الرؤوس والوزارات الحلوب
مما سيضطرهم إلى جعل جلسة البرلمان مفتوحة أو كما ذكر تعلق إلى إشعار آخر!!!!
..... فعلام العجلة وقد أصبح الراتب مضمون فلا فرق بين ((الأمين والمأمون)) فكليهما أبناء ((هارون))..... فلا خوف ولا قلق..  في واقع غياب النقيض الشعبي القوي الذي يمكن أن يحشد  جماهير المهمشين والمستبعدين والمقهورين في جبهة واحدة من اجل  استعادة واستكمال  سيادة الوطن وسعادة الشعب ووحدته ورفاهه ليكون القرار وطنينا عراقيا بعيداً عن إرادات وأجندات  دول الجوار ودول ما وراء البحار ،
 نسال الم يكن النائب الفائز المصادق علالمواطن العراقيا للشعب وهذا ما سيقسم عليه، ألا من الأجدر أن تطرح أسماء الرئاسات في المجلس ليصوت عليها النواب بعيدا عن ولاءاتهم الحزبية والكتلية ومن يحصل على أكثر الأصوات يفوز بالتكليف والتشريف  في الموقع  المحدد وبذلك يمكن أن  نسمي هذه الممارسة بالديمقراطية الحقيقية ديمقراطية الشعب وليس ديمقراطية الرؤوس ، أم إنكم تتوقعون إن  يرشح الجميع للمنصب وكل يصوت لنفسه؟؟!!!
كل ما ورد أعلاه يشير إلى  استمرار دم المواطن  العراقي المسفوح  في ظل
((المحرر الفاتح))  و  البرلمان المفتوح!!!
ختاما نقول  احسموا أمركم أيها  ((الفائزون)) فان لم تسمعوا صوت من انتخبكم ، فمستر بايدن على الأبواب  ولا شك إن صوته  مطاع  مجاب!!!.

207
آراء وملاحظات حول فعاليات ونشاطات الاتحاد العام للأدباء والكتاب في النجف

 أماني ومقترحات  أمام الهيئة الإدارية الجديدة


بعد ان أجريت ممارسة انتخاب هيئة إدارية جديدة للاتحاد في 20-7-2010 ونتج عنها اختيار خمسة أعضاء للهيئة الإدارية بالإضافة الى اسمين احتياط. وقد انتخبت هذه الهيئة  الشاعر فارس حرام رئيسا للاتحاد ووزعت المهام الأخرى على الأعضاء الآخرين للهيئة ( د. عبد الهادي الفرطوسي، د. باقر الكرباسي، زمن عبد زيد وخامسهم مهدي شعلان).
  علما بان فارق الأصوات كان قريبا جدا بين الأسماء الفائزة في الانتخابات  حيث حصل فارس حرام على(32) صوتا، وباقر الكرباسي على (31) صوتا و عبد الهادي الفرطوسي (29) صوتا وزمن عبد زيد (27) صوتا ومهدي شعلان(24) صوتا حيث فاز بالقرعة مع معادله عبد الرضا جباره الذي أصبح عضو احتياط  مع متنافسين اثنين على  عضوية الاحتياط الثانية لكل منهما (19) صوتا. ونرى ان هذه النتائج تشير الى عدم وجود برنامج مختلف بشكل كبير عن نهج وبرنامج الهيئة السابقة او  ان من تبنى مشروع تغيير متميز لم يستطع توصليه الى اغلب الهيئة العامة او إقناعهم بمضمونه، ولا نغالي إذا قلنا ان الاصطفافات بنية على أسس خلافات او توافقات شخصية او بناءا على وعود مأمولة.
عموما ان النتيجة ربما حازت على رضا  وارتياح أغلبية  اعضاء الهيئة العامة الحضور، ومن الملفت إني لم استطع ان اعرف  العدد الحقيقي لأعضاء الهيئة العامة وربما لم يكن  في الاتحاد سجلا موثقا  لأسماء وتخصصات أعضاء الاتحاد!!؟؟
 نبارك لكل من حُمِلَ  شرف المسئولية في مثل ه1ه المؤسسة الثقافية الهامة وبالخصوص في محافظة النجف الاشرف هذه المحافظة التي أنجب رحمها أعلاما  بارزة وخالدة في مختلف مجالات وفنون الأدب والثقافة ، وقد جاء انتخابها متزامنا مع التحضيرات الكبيرة التي تجري في المحافظة لتكون عاصمة الثقافة الإسلامية عام 2010.
نأمل ان يكون تقديرنا صحيحا  بحصول تغيير نوعي في  انتخابات الهيئة الإدارية الجديدة وان لم تكن بمستوى طموح بعض الكتل او الأفراد ولكن هذا  هو خيار أعضاء الهيئة العامة لأدباء وكتاب النجف ضمن ممارسة حقهم الانتخابي كمرشحين وناخبين ..والتي جرت حسب ما لاحظناه بشفافية عالية وبحرية كاملة ونزاهة.. لم تشبها شائبة سوى ما حصل عندما طرحت اللجنة المشرفة على الانتخابات  خيار ان يكون عدد أعضاء الهيئة الإدارية خمسة أعضاء واثنان احتياط كخيار أول او سبعة أعضاء واثنان احتياط كخيار آخر وكلاهما متاح حسب قانون  الانتخابات للاتحاد. طرح الاقتراحان للتصويت فحصل الخيار الثاني(7) أعضاء على الارجحية في التصويت، وأعلنت اللجنة إنها ستمضي في الانتخاب وفق هذا الخيار، ولكن قبل  التصويت اعترض البعض وخصوصا من قبل  الكتل  المنظمة المتنافسة على المقترح لأنه عبأ أنصاره ومريديه للتصويت  على خمسة  أسماء معلومة لديهم مما جعله يتحفظ خشية من  وصول عناصر من اللا منتمي لكتلة  بل كفرد  قد يكون غير مضمون التحكم في صوته ورأيه في حال  إجراء انتخاب الرئيس ونائبه وتوزيع المهام  بي أعضاء الهيئة الإدارية..وللأسف استجابة اللجنة المشرفة للاعتراض الغير مبرر وقررت أعادت التصويت ثانية وسط اعتراض خجول  من قبل مؤيدي ال(7) وتفضيلهم السكوت، أعيد التصويت وحصل مقترح(5)  على الارجحية بفارق ضئيل لا يتعدى صوتين .. وهنا نرى ان ما حصل ممارسة غير قانونية وغير مبررة وسابقة غير مرحب بها وبالفعل حرم مرشحان من عضوية الهيئة ألعامه  بفارق ثلاثة أصوات عن الفائز الخامس إذ حصل كل منهم على (24) صوتا،  وحرم المرشح الثاني ليكون عضو احتياط مع منافسه رغم حصولهما على نفس العدد من الأصوات (19) صوت.وهذا الأمر ذو أهمية لتوازن  توجهات أعضاء الهيئة العامة.
•   من المفترض ان يقدم المرشح نفسه للناخبين وموجز مختصر عن نتاجه الأدبي والثقافي وما يتضمنه برنامجه او  توجهاته في الدورة الجديدة. وهذا لم يحصل ولم يطلب من المرشحين ذلك. بما جعل التصويت للأسماء او التجمع وليس للتعهدات والبرامج التي تمثل بنود العقد بين الناخب ومرشحه، والمطالب بالإيفاء بها عند فوزه.
•   لا يفوتنا ان نعلن عن أسفنا للحضور الفقير  للعنصر النسوي من الأديبات والكاتبات النجفيات وخصوصا الأسماء البارزة منهن، كفليحه حسن، وبتول فاروق وغيرهن  أخريات  علما بأني لا اعرف  بالضبط عددهن  كأعضاء كاملات العضوية في الهيئة العامة للاتحاد ، عدم الحضور ربما ترفعا او لخلافات شخصية او لعدم الفاعلية وأسباب أخرى، وبذلك لم تحظى أي من الأديبات على  عضوية الهيئة ألعامه.
•   نأمل ان يكون عمل الهيئة الإدارية الجديدة بروح الفريق الواحد الموحد وطي صفحة الخلافات الشخصية  تفعيل النقد البناء والمنتج وسحب عصي العرقلة والمناكفة والمشاكسة المضرة في نشاط وعمل أية مؤسسة اجتماعية.
•    ان يكون عضو الهيئة الإدارية رئيسا او نائب رئيس او مسئول لجنة منفتحا على أعضاء الهيئة العامة  معتبرا كل من له الرغبة في مؤازرته ومشاركته في أداء مهمته عضوا صاحب قرار  وليس ((متطفلا))  ليس له حق المشاركة.
•   تشكيل لجنة مختارة من ذوي القدرة والخبرة من مختلف مجالات الأدب والثقافة  والنقد  لاختيار النصوص التي تستحق  تبنيها من قبل الاتحاد لغرض الطباعة والنشر والتوزيع والنقد والتعريف   والمشاركة في المسابقات والمهرجانات المختلفة.لتلافي النواقص والثغرات الكبيرة واللا موضوعية في تبني  طبع ونشر بعض النتاجات او ترشيح الأسماء للمشاركات، خارج ضوابط تقييم المنتج من قبل الهيئة الإدارية السابقة، حتى ان بعضهم لم يقرا المنتج الذي وافق  او غض النظر عن وضع بصمة الاتحاد عليه وهذا ما يضر كثيرا بالكاتب والقارئ وسمعة ومهنية الاتحاد ورصانة مطبوعاته. اننا نرى ان   بصمة الاتحاد على المطبوع هي شهادة تقدير وتقييم عالية المستوى للمنتج يحصد الاتحاد  أولا وقبل الكاتب سلبيات عدم رصانته او امتلاكه الحدود الدنيا لشروط النص الناجح  اذا لم يكن من النصوص المتميزة التي تستحق المؤازرة والتشجيع.
•   ان يصار الى عقد اجتماعات ولقاءات دورية بين الهيئة العامة والهيئة الإدارية ولجانها الاختصاص  اختيارية للثانية وإجبارية للأولى ووفق برنامج معروف ووقت محدد في الظروف العادية ناهيك عن الظروف الاستثنائية.
•   العمل على مغادرة ثقافة النخبة المختارة المنكفئة على نفسها والمترفعة على الجمهور، اننا نرى ان للاتحاد رسالة بالغة الأهمية في أغناء ثقافة الجمهور ورفع مستواه الثقافي وتنمية ذائقته الأدبية والفنية والثقافية عموما، لذلك يتوجب وضع خطه علمية وعملية مرنة وواقعية من اجل اجتذاب الجمهور العام للتواصل مع فعاليات الاتحاد ونشاطاته المختلفة، خصوصا إذا كانت ذات مساس مع همومه واشكالياته وموطن تساؤلاته ومعاناته... فهذا الجمهور هو  موضوع ووسيلة وهدف الأديب والكاتب  والمثقف الفاعل. فما فائدة منتج  شعري او قصصي او ثقافي عام دون متلقي.
•   نتمنى ان تشكل لجنة  متخصصة لمنح العضوية للاتحاد تتكون من أدباء ونقاد وكتاب ذوي اختصاص ونزاهة وموضوعية.. يكون رأيها وتوصيتها معتمدة  لدى المقر العام للبت في قبول العضوية او عدمها.
•   تشكيل لجنة إعلامية  فاعلة تغطي نشاطات وفعاليات الاتحاد المختلفة بالتعاون والتنسيق مع وسائل الأعلام المختلفة  المقروءة والمسموعة والمرئية، ومنها ان يكون لاتحاد النجف حيزا يتناسب مع حجم نشاطاته في الموقع الالكتروني الرئيس للاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق –المقر العام ، والذي يشكو هو للأسف فقرا مريعا في محتوياته وتجديد فقراته ومتابعته للإنتاج الفني والأدبي والثقافي العراقي والعربي والعالمي.
•   الاهتمام الكبير والجاد في إصدار مجلة خاصة بالاتحاد بشكل منتظم، على ان لا تكون تحت هيمنة رئيس الاتحاد او أعضاء الهيئة الإدارية الا بقدر مشاركتهم بالنصوص والكتابات الأدبية والثقافية ، توكل مهمة  تحريرها لى لجنة متخصصة وذات تجربة في هذا المجال ، وان تكون الأفضلية لنتاج وإبداعات أدباء وكتاب النجف.
•   كل ما سبق لا يلقى على كاهل الهيئة الإدارية الجديدة المنتخبة بل تحقيق الطموحات والمقترحات تأتي ضمن مسئولية تضامنية تكافلية لكل أعضاء الهيئة العامة  بالدرجة الأولى وكل مثقفي النجف وكتابها بصورة عامة. ليكون عطاءهم أفضل ونشاطهم اشمل وتكاتفهم وتضامنهم امتن  ليظهر على أحسن وجه ومثلا يقتدي به في كل محافظات العراق .خصوصا إنهم يستظلون بظل الإمام علي ((ع)) إمام التضحية والعدل والبلاغة والإيثار وهو القائل ((أحب لأخيك ما تحب لنفسك ، واكره له ما تكره لها))


مع أطيب أمنياتي لاتحادنا ولهيئتكم المحترمة التقدم الدائم والنجاح والتميز

حميد لفته الحريزي
ناقد وقاص وكاتب
عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق.
22-7-2010

208
انتخاب هيئة ادارية جديدة لاتحادالادباء والكتاب في النجف

 في الساعة السادسة والنصف من مساء يوم الثلاثاء 20-7-2010 ججرت عملية انتخاب هيئة ادارية جديدة للاتحاد العام  للادباء  والكتاب  في النجف، وقد كانت الانتخابات باشراف لجنة قانونية وحضور واشراف وادارة  الناقد الادبي علي الفواز نائب الامين العام  للاتحاد العام للادباء والكتاب ففي العراق -المركز العام والاديب  احمد عبد الساده، وكان التنافس شديدا بين من رشح لعضوية الهيئة الادارية ، جرت الانتخابات بهدوءوشفافية تامه وقد  افرزت النتائج فوز كل من:-
1-د. عبد الهادي الفرطوسي.
2- د. باقر الكرباسي.
3- فارس حرام.
4-زمن عبد زيد.
5-  مهدي شعلان بعد ان فاز بالقرعة التي اجريت بينه وبين  عبد الرضا جباره لتعادلهما بعدد الاصوات (24) صوت لكل منهم.

نتمنى للهيئة الادارية توزيع اعمالها وانتخاب رئيسا جديدا للاتحاد  وتلافي سلبيات  الهبئة السابقة وتعزيز منجزاتها  الايابية، وتفعيل دور ومساهمة  الهيئة العامة، خصوصا وان  النجف تشهد استعدادات واسعة  باعتبارها عاصمة الثقافة الاسلامية  لعام 2012.
الف مبروك للفائزين والى مزيد من  الابداع الادبي والثقافي.
 
 
حميد الحريزي
عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب في النجف
رئيستحريرمجلة الحرية
21-7-2010


209
من يحل عقدة الحكم في العراق؟؟؟
                                     

حميد الحريزي
 
تروي احد الحكايات إن إمبراطورا  عند محاولة  دخوله لأحد البلدان  ،صادفه في مدخل الباب عمود لف حوله حبل تتوسطه عقدة كبيرة في غاية التعقيد وقد كتب بجانبها إن من يستطيع أن يحل هذه العقدة قادر على  حكم هذه البلاد، وقد روى العديد  من شيوخ البلدة للإمبراطور وقادته كيف عجز الكثير من الغزاة والولاة من فك هذه العقدة العجيبة مما أدى بهم للهزيمة والفشل في حكم البلاد أو السيطرة عليها،فما كان من الإمبراطور إلا أن يستل سيفه ويهوي على العقدة بضربة قوية فتناثرت خيوطا متطايرة وسط عجب واستغراب أهل المدينة وجيش الإمبراطور فأشار الإمبراطور لجيشه بدخول المدينة  آمنا وفرض سيطرته على هذه البلاد والذي لا نعلم من أعاد عقد  عقدة  جديدة استعصى على من بعده حلها  فيفقد زمام السيطرة في  حكم البلاد.
 
في عراقنا اليوم وخصوصا  بعد انهيار السلطة  والدولة بعد ضرب عقدة  رقبة الدكتاتور بسيف إمبراطور العصر (بوش)،الذي قاده ذكائه وفطنته وخبرته الاحتلالية والاستفادة من تجارب إسلافه في إمبراطوريات الاستغلال والاحتلال عبر التاريخ، إن يضع عقدة يضعها أمام من  أجلسهم على كرسي الحكم في العراق لتديم ضعفهم وتشتتهم وعجزهم وتلهيهم في مشاجرات ومشاحنات لها بداية وليس لها نهاية وتنسيهم  المبادئ والشعارات التي كانوا يرفعونها  يوم كانوا في صفوف المعارضة للنظام المنهار وقدموا لتخليص الشعب من شروره، فادخلوا البلاد في  فوضى غير مسبوقة من الفوضى في مختلف جوانب الحياة .
 
إن هذه العقدة  (البوشية البرايمرية) الخبيثة هي عقدة المحاصصة الطائفية والعرقية التي أصبحت بمثابة قيود بأيادي من يريد ان يرسي دعائم دولة دستورية ديمقراطية مستقلة وعراق حر وشعب مرفه، وكمامات  تغلق الأفواه  و عصائب تضليل  تغشي العيون وتعمي الأبصار لتغط في مستنقع المحاصصة الطائفية والعرقية.
 
إن قوى الرأسمال والاحتلال بقيادة إمبراطور العصر(أمريكا) كانت  بدرجة من الذكاء والخبث حين عملت على تخليق واستيلاد وزرع وتنمية بذرة الطائفية لسد الطريق بوجه من يريد الانعتاق من هذا الشرك المحاصصي الخطير والعودة إلى أصالته الوطنية العراقية وبهذا الفعل أثقلت الأقدام وشلت الأذرع والأكف ولجمت الأفواه بأثقال خطيرة من خلال توريطها في جرائم الفساد المالي والإداري والاقتتال الطائفي والعرقي هذا الانزلاق الخطير لأغلب رؤوس القوى المتصدية للعملية السياسية وجعلها ترقد في صالة عمليات الإمبراطور تحت مفعول مخدر متجدد  الفعل بشكل اتوماتيكي مستأنسة  هذه القوى دوام  مفعوله كي لا تصحو على واقع  صحوة وطنية واعية تضعها في قفص  الاتهام وتحت طائلة الحساب والعقاب حيث يعود المجتمع العراقي كغيره  إلى مكوناته الحقيقية   عمال وفلاحين وتجار ومثقفين  وذوي اختصاص  في مختلف مجالات الحياة وليس (سنة وشيعه وايزيديه وصايئه ومسيح و...و...).
 
إما من لم يكن  ضمن وصف العرق والطائفة ان وجد ،وانغمس في العملية السياسية  الاختلالية فقد شلت حركته وابتلعت مبادئه  دفاتر الدولار والكراسي  السلطوية الدوارة والقصور الفارهة  الذي لم يكن يتصورها  حتى في الأحلام،مما جعله يسخر  ويستخف بعقول من يطالبوه بالإيفاء بوعوده وشعاراته التي فقد المئات والآلاف  من العراقيين حياتهم وزهرة شبابهم وأملاكهم ووظائفهم من اجلها.
 
هانحن نشهد كيف  تطبق هذه العقدة على خناق اهمم هيئة تشريعية ورقابية في البلاد ألا وهو مجلس النواب العراقي بعد إن استقال أو أقيل رئيسه (محمود المشهداني) لأسباب ظاهرة وأخرى مستترة ففاحت رائحة المحاصصة لتزكم الأنوف بعفنها وتكشف زيف من يدعون إنهم يسعون للخلاص منها،فكل منهم يدعي إن مطرقة المشهداني  ثقيلة الوزن ألدولاري هي من حصته، فتعطل إقرار ميزانية 2009 التي قد يكون التصويت عليها ساحة جديدة للمساومة كسابقتها بين أطراف المحاصصة  على طريقة(شيلني وشيلك)و(سترلي وسترلك) بعيدا كل البعد عن مصلحة عموم الشعب العراقي وهمومه، كذلك تم تعطيل تشريع أكثر من(50) قانون تعتبر  عصب الدولة العراقية وهيكلها العظمي المطلوب اكساءه بلحمة الوطنية العراقية  ودمها بعيدا عن عفن الطائفية والعرقية.
 
هل أن إرادة الشعب العراقي المتطلع للحرية  والخلاص من كل قوى الاحتلال والاستغلال وتوابعها بعد تخلصه من حالة التشتت والاستكانة والتهميش،وليس  إرادة ديكتاتور جديد يصنع في دهاليز مخابرات الدول الطامعة في السيطرة على العراق أرضا وشعبا وثروات هي التي ستحل هذه العقدة وتنبذ من ابتدعها ومن اخذ بها الى الأبد؟؟
أسئلة ستجيب عليها مجريات الأحداث ومجريات الحراك الاجتماعي والسياسي القادم.
من الإجابات الواضحة أنانية وفشل ((القطوازية)) الحاكمة، الصراع المرير الذي جرى  في مجلس النواب حول تشريع قانون الانتخابات البرلمانية لعام 2010، هذا القانون الذي أتى أسوء من سابقة حول تثبيت وشر عنة الطائفية والعرقية في العراق ، بإضافة كوتا الطوائف الا ثنية والدينية، وتقسيم العراق الى عدة مناطق انتخابية وليست منطقة انتخابية واحده، عدم وضع آليات عمليه لتمثيل المرأة في البرلمان خارج عفن الكوتا وبقاء المرأة كتابع ورقم غير مؤثر في البرلمان ضمن القوائم والكتل البرلمانية الكبرى، معادلة توزيع الأصوات الفائضة على الكتل الأكبر،وعدم سن قانون الأحزاب السياسية، وعدم وجود إحصاء رسمي لسكان العراق..
كل ما ذكر أعلاه إنما كان يصب في نهر المحاصصة الطائفية والعرقية المتعفن، فجاءت نتائج الانتخابات مطابقة لمنهج تأبيد الطائفية وأجندات دول الجوار والاحتلال، لتدخل البلاد في أزمة سياسية خانقة فتحت الأبواب على مصراعيها  لتمتد كل الأيادي  غير العراقية  من اجل هندسة الطبقة السياسية الحاكمة في العراق لتكون  مأمورة بأمر هذه الدول وليس بأمر  الشعب العراقي ومصالحه...... فها هي الأشهر تمر سراعا دون ان تتفق  رؤوس((القطوازية)) المتقنعة بقناع الطائفية والعرقية على تشكيل الحكومة الجديدة، بعد ان استنفذت الرئاسات الثلاثة السابقة فترتها الدستورية وأصبحت بلا غطاء دستوري تحت  بدعة الجلسة البرلمانية المفضوحة والمفتوحة على الفوضى والخراب والاحتراب.
أن ونار غضب الشعب العراقي مرجل يغلي بسبب انعدام الأمن والأمان وابسط الخدمات، دون أية بارقة أمل لمبادرة تنقذ البلاد من ويلات جديدة لا يمكن التكهن  بمدى خطورتها على وحدة  العراق الوطن والعراق الشعب.
كما ان على  قوى الظلام والفاشية السابقة واللاحقة ان تعي تماما :- ان بريق شعاراتها وصراخها المزيف ضد الاحتلال لا يمكن ان تنطلي على أحرار العراق وجماهيره ألتي خبرت حيل ووسائل هذه القوى للقفز الى سدة الحكم لتكون  بديلا ربما اشد وحشية وخسة من أسياده ومرضعيه المحتلين بمختلف أشكالهم وألوانهم وصفاتهم.
 
وقد برهنت الجماهير الكادحة  بمختلف أديانها وقومياتها وأجناسها  في البصرة والناصرية والعمارة والنجف وكربلاء وواسط وبابل وبغداد  الانبار والسليمانية وكل المحافظات العراقية  برهنت على وعيها المتقدم  بنبذ الطائفية والعرقية والقومانية وأدعياء القومانية والاسلاموية ولابسي قناع المقاومة، ورص صفوفها من اجل تحقيق مطالبها  الحياتية بتوفير الخدمات  الأساسية كالماء والكهرباء والعمل والتعليم و الصحة والسكن والأمن والأمان ورفض كل معاهدات الإذلال والارتهان لقوى الرأسمال والاستغلال وتمزيق كل ما بصمته أصابع الديكتاتورية السابقة والقوى المنصبة اللاحقة في التجاوز على ارض ومياه وسماء وسيدة العراق وشعبه، والتخلص من كل قوى الفساد والإفساد وعصابات السلب والنهب المحلية والأجنبية ، انه بركان الغضب الشعبي ألعراقي الذي سيكتسح كل عفن قوى الاحتلال والاستغلال ويمزق أقنعتها ويحرق بنار وعيه ووطنيته عقدة المحاصصة القذرة في حكم العراق .
ان على قوى الاحتلال ان تحمل معها كل عملائها  ومعاهداتها ومخططاتها الإجرامية وأطماعها  في ارض وثروة العراق عند الرحيل  ان صح  فعل هذا الرحيل ،ولا يقتصر حملها على دباباتها وطائرتها وهمراتها الملطخة بدماء العراقيين، ان انتفاضة الكهرباء المعمدة بدم عمال العراق وكادحيه هي البداية للانتفاضة الشاملة من اجل قيام عراق حر مستقل موحد ودولة تعددية ديمقراطية علمانية دستورية ، دولة المواطن العراقي الحر المرفه السعيد بغض النظر عن جنسه وقوميته ودينه ومعتقده الفكري والسياسي.

210
متى يختتم مونديال قطف الرؤوس الذهبية؟؟؟

بقلم حميد  الحريزي
 
انتهت دورة الاولمبياد الكروية ولم تنتهي بعد لعبة   تشكيل الحكومة العراقية وهي  لم تزل مؤجلة حيث لم تتمكن أي من القوائم جني واحد او أكثر من  الرؤوس الذهبية ((رأس الجمهورية،رأس الوزراء، رأس البرلمان))، بعد ان استنفذت  الكتل المتنافسة الفائزة  كل الفرص المتاحة لفوزها:-
الوقت الضائع و ((الأشواط)) الإضافية وركلات الترجيح فلم تحسم الأمر، ويبدو ان عصا بايدن لم تؤشر على احد الرؤوس المرشحة لإحدى الرئاسات ، فقد أجلت جلسة البرلمان ((المفتوحة))  ((14))  يوما أضافياً أي الى شهر آب بدلا من منتصف  تموز كما كان معلن من قبل ، وربما يكون التأجيل لإشعار آخر، مما يتطلب استدعاء الإخطبوط ((بول)) ليحسم  أمر القائمة الفائزة؟؟؟!!!!
فبعد أن  اقسم ((نوابنا)) اليمين وصارت عضويتهم أمر يقين، فلا داعي للعجلة في قيام الحكومة المؤجلة  ....مادامت الرواتب والمكفآت أصبحت نافذة مسجله!!!!
إذ لم يحصل  المواطن العراقي من الديمقراطية غير(الدي) بينما غابت عنا ((مقراطية)) التي يبدو أنهم قد نسوها في البيت ((الأبيض)) الأمريكي ولم تسعها دباباتهم وطائراتهم وبوارجهم المحملة بالقنابل والصواريخ والبنادق الأوتوماتيكية.....الخ من أسلحة ووسائل (الدي) البناءة التي أثبتت فعاليتها في قمع انتفاضة الكهرباء في ألبصره.
خلاصة القول إن  المواطن العراقي لم يستطع أن يتحمل الكلفة الباهضة لحكومة الدكتاتورية  السابقة ولا يمكنه أن يحتمل الكلفة المذهلة لحكومة (الدي) الأسطورية على حساب جوع وتشرد وانعدام الحرية  والأمن والعمل لابناءه حيث يعيش أكثر من ربع السكان تحت مستوى خط الفقر!!.ولا يمكن ان يطول صبره وقهره على ألاعيب السياسة والسياسيين وأنانيتهم وفشلهم في تشكيل حكومة وطنية بعيدة عن المحاصصة الطائفية والعرقية كما  وعدو ناخبيهم........
انتفاضة الكهرباء نذير لكل  الفاسدين والمفسدين والمتكاسلين، فما عاد الشعب بحاجة لمن يرفع  مظلوميته((الطائفية والعرقية)) بل بادر  ليأخذ حقه بيده وينهي مظلوميته ومعاناته الحياتية والمعاشية،  مزقت انتفاضة الكهرباء أقنعة الدجل الطائفي والعرقي ورمتها نارا بوجوه مروجيها....والمتسترين خلفها من الفاسدين والمفسدين والسراق والمزورين.
تكلمنا حين كان عدد  النواب (275)   في عهد الرخاء وكان  عبأ تكاليفهم  وصوت ضجيجهم  وكسلهم وفشلهم  اثار تذمر الكثير من أبناء العراق  فكنا نأمل ان يتم تخفيض عددهم  ليكن  بعدد  زعماء الكتل الفائزة  فواقع الحال يقول ان وجود رئيس الكتلة في قبة البرلمان يكفي لان أعضاء قائمته وكتلته  مسيرون بأمره، وإذا بنا نفاجأ  بزيادة عددهم الى ((325)) ولا نعلم  كم سيكون عدد الوزراء والمدراء والوكلاء........ خصوصا بعد صدور العديد من القوانين والقرارات لزيادة رواتب  ومخصصات الساده النواب والوزراء ووكلائهم ونوابهم  وحماياتهم، ولا ندري كم ستكون مكافآتهم وهم لم يتمتعوا بإجازاتهم الصيفية هذا العام لانشغالهم في معركة الكراسي وتنظيم الولائم واللقاءات وألا ماسي، وكم سيكون عدد حماياتهم بعد ((رحيل )) القوات الا جنبيه ، لان المواطن العراقي ضمن تجربته لسبع سنوات عجاف أدرك المعادلة التالية :-
كلما عظمت الرواتب والمخصصات كلما اشتد العراك على المناصب الذهبية ،وهذا هو السبب الكامن وراء تعطل وشلل الجهود المبذولة لتشكيل الحكومة فكل منها يريد ان يكون رأسا  ذهبيا واحدا او أكثر في سلته مهما طال الوقت وحمى وطيس الصراع ،ومهما كانت معاناة المواطن العراقي ذو الإصبع البنفسجي الذي أوصلهم الى قبة البرلمان غير مبالين لآلامه في ساحة الأحزان، حيث انقطعت صلتهم به لحظة أعطاهم بصمته البنفسجية؟؟؟؟
                      ((برلمانه  ونلعب بيه شله غرض بينه الناس))
قطع المواطن العراقي لأصبعه البنفسجي هو استفتاء شعبي عارم لسحب الثقة ممن اختارهم سابقا ولاحقا فقد اثبتوا عجزهم وفشلهم في تشكيل الحكومة بعد مرور أكثر ن أربعة أشهر على الانتخابات البرلمانية،وهنا تكمن حكمة منح السادة النواب وعوائلهم  جوازات سفر دبلوماسية ، فيبدو  إنهم  مدركين تماما  ألحاجة الماسة لهذه الجوازات  حيث يبدوا ان الوضع ليس آمنا لهم  ولحواشيهم ،فقابل الأيام  تنذر بالكثير  لكل من نهب ومن سلب ومن هرب  أرصدة  او كسر باب  خزينة موصدة.
 طفح الكيل وطال ليل القهر والحرمان، عليهم ان لا يستهينوا بغضبة الشعب، وما كتبه على لافتاته في انتفاضة الكهرباء ((اليوم نتظاهر وغدا نثور)) وياويل من سيكونون هدفا لثورة الشعب وغضبه، يوم لا ينفعهم مالهم وما يكنزون وما كانوا بسببه يصطرعون فيا ليتهم يعقلون!!!
لسان حال المواطن العراقي يقول:- متى يختتم  مونديال  قطف  الرؤوس الذهبية لتشكل الحكومة العراقية؟؟؟؟.

211
14تموز حدث هام في تاريخ الشعب العراقي
الدروس والعبر

حميد الحريزي

نال الشعب العراقي سيادة منقوصة تحت رعاية بريطانيا العظمى كنتيجة لمقاومة الشعب العراقي الباسلة لقوات الاحتلال والهيمنة الرأسمالية البريطانية والظروف الدولية الضاغطة باتجاه إنهاء مرحلة الاستعمار المباشر.
تم تأسيس دولة دستورية ديمقراطية ملكية بملك مستورد ورئيس وزراء تابع بتزكية من مس بيل والمخابرات البريطانية....
وضع للبلاد دستور ومجلس نواب(منتخب) وفق خيارات وطريقة الديمقراطية الغربية والأبوية الدينية والعشائرية والمتخادمة في معظمها مع المصالح البريطانية.
وبدلا من ان ترعى الحكومة والبرلمان مصالح الشعب العراقي وسيادته وصيانة ثروته أصبحت راعية لمصالح الرأسمال العالمي حيث النهب للثروة النفطية وسواها وانتقاص السيادة الوطنية بترسيخ تواجد القواعد البريطانية والهيمنة الاقتصادية... ومزيدا من السجون والمعتقلات وقيودا على الحريات ونصب المشانق لأبناء العراق الشرفاء وخصوصا من المناضلين الوطنين اليساريين والشيوعيين... وبذلك ظل معظم أبناء الشعب العراقي من عمال وفلاحين وعموم الكادحين وأبناء الطبقة الوسطى والمثقفين التقدميين يرزحون تحت مطرقة البطالة والعوز والمرض والأمية. وقد صودرت كل الوسائل والطرق السلمية للاحتجاج والمطالبة بالحقوق و غالبا ماتواجه مثل هذه المطالب المشروعة بالحديد والنار... وان كان لا يقارن بالطبع بما حدث في عهد الدكتاتوريات الجمهورية ما بعد الملكية من حيث النوعية والكم. فهل يمكن مقارنة ماحدث في قمع لانتفاضة كانون الثاني 1948 مع ماحدث من قمع وقتل بالجملة لانتفاضة الشعب العراقي ضد الدكتاتورية الصدامية في آذار 1991؟؟
. بحيث جعل المواطنين يترحمون على الملكية في ظل جمهوريات الرعب والدكتاتورية الوحشية.وبذلك أثبتت الطبقات الإقطاعية وشبه الإقطاعية والبرجوازية الطفيلية زيف ادعاءها الحرية والاستقلال والديمقراطية.
ان هذا الأمر دفع أبناء الطبقات المتوسطة الطامحة بالسلطة والجاه وأبناء البرجوازية النامية والمتطلعة للتحرر من هيمنة الرأسمال العالمي وبعضا من شرائح المثقفين وبعض الأفراد من ذوي الحس الإنساني والوطني الصادق والمعجبين بالتغيرات الثورية العاصفة في عموم العالم وخصوصا العالم الاشتراكي وتنامي وتصاعد نضال حركات التحرر الوطني في أسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية. كل ذلك دفع بالضباط الأحرار داخل الجيش للتخطيط للقيام بانقلاب عسكري وبالطبع فهو ليس الانقلاب الأول والأخير في العراق... ولكن الذي يميز هذا الانقلاب كان مدعوما من قبل أوسع الجماهير الشعبية والأحزاب والقوى السياسية المحظورة والمنظورة لهذا التغيير والتعبئة الجماهيرية لمؤازرته وخصوصا القوى الموئتلفة تحت جبهة الاتحاد الوطني في 1957. وبعد نجاح العسكر في الاستيلاء على السلطة وبدل ان يتبنى مطاليب الشعب الحقيقية في ترسيخ الممارسات الديمقراطية وتعديل الانحراف في الممارسات السابقة وتعديل الدستور وتفعيله جنح الى المراسيم والقرارات الفردية معززا ممارساته بتنظيرات الشرعية الثورية المطروحة آنذاك من قبل القوى الشيوعية واليسارية والقومية الانقلابية التي أتت منسجمة مع الموروث القبلي والعشائري الأبوي  ساعيا تحت شتى الذرائع إلى عرقلة وتأجيل وغض النظر عن الشرعية الدستورية وانتهاج أسلوب الزنزانات الكونكريتية بدلا من الصناديق  الانتخابية وسيلة لتثبيت واستمرارية الحكم.
ان غياب الوعي بالذات الطبقية لمختلف طبقات وشرائح المجتمع العراقي آنذاك وعدم وضوح الفرز الطبقي في ظل هيمنة واستمرارية علاقات إنتاج إقطاعية متخلفة مع حفنة من برجوازية طفيلية تابعة وطبقة عاملة ضعيفة وقليلة العدد مشوهة الوعي قبلية السلوك لم يزل حبلها السري مرتبطا بالقرية ،كانت تندفع مختلف هذه القوى تحت عاطفة وتأثير الشعارات الآنية العاطفية وليس بقوة ورسوخ القناعات الوطنية والطبقية بما فيها الطبقة العاملة ومن يدعي طليعتها الحزب الشيوعي العراقي على اعتباره أقوى الأحزاب اليسارية على الساحة العراقية.
فبعد انهيار قصر الرحاب انهارت جبهة الاتحاد الوطني وعدم الاعتراف بمكوناتها ووجودها وأحقيتها في إدارة دفة الحكم بعد التغيير من قبل العسكر المسيطر على السلطة وبذلك تمترس كل طرف من أطراف الجبهة ليست تحت برنامج وطني ديمقراطي للانتقال من الشرعية الثورية الموءقتة الى الشرعية الدستورية بل تحت متاريس ادولوجياتهم المغلقة من قوما نية وشيوعية ودينية محمية من قبل واحد اواكثر من الضباط الأحرار في مجلس قيادة( الثورة )لتدخل الجمهورية الفتية في آتون صراع مقيت دامي قاد الى الانقلاب الفاشي في 8 شباط 1963 مدفوعا بدافع ثأري نتيجة مجريات هذا الصراع وضيق أفق مختلف أطرافه والقوى المحلية والعالمية المستترة والظاهرة خلف كل منهم.
 وعلى الرغم من استماتة الزعيم عبد الكريم قاسم وما يتمتع به من كاريزمية محبوبة امتد تأثيرها لحد ألان بسبب نظافة يده وجيبه في ان يكون فوق الميول والاتجاهات ويوفق بين المتناقضات وليطفأ نار السهام المتحاربة والمتخاصمة في بحر حبه للشعب والوطن ولكن هذه النيران كانت اكبر واقدر واعنف من بحر حبه ووطنيته وإنسانيته وجنوحه للسلم فاغرق نفسه ومعه مركب التغيير الثوري في لجة بحر الاتجاهات المختلفة لتقفز إلى دفته زمرة من القوى القومانية الفاشية وهو نهاية موضوعية لقوى أقحمت نفسها في حراك وواقع اجتماعي تجاوز حضورها وقدرتها على النهوض بمهمة استكمال وقيادة مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية وكما يذكر المفكر المصري صلاح عيسى:-
( في اللحظة التي كانت البرجوازية الأوربية تخون ثورتها بدأت البرجوازيات العربية محاولاتها لتحقيق هذه الثورة وتلك هي المأساة الحقيقية التي وقعت فيها والتي لم تكن تستطيع مواجهتها الابشيء واحد ان تتوشح برداء الإقطاع وعقله وليس برداء البرجوازية الثورية وان تتأثر في أسلوب حركتها بأتاتورك وهتلر...وتخون الديمقراطية وتجيد لعبة سلب العقل) ص 34


ما هو دور اليسار العراقي في الحدث وما بعده؟


كانت اغلب القوى اوفلنقل القوى الرئيسية في تحالف جبهة الاتحاد الوطني محسوبا على اليسار مثل الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي وحزب البعث العربي الاشتراكي وشخصيات يسارية أخرى .
فبعد ان ظفر العسكر بالسلطة وغصت شوارع بغداد والمحافظات بالجماهير المؤيدة (للثورة) بدء استئثارهم بالسلطة بعد ان أصابهم الغرور بهذا لدعم الجماهيري الغير مسبوق في تاريخ العراق السياسي وعدم الاعتراف بدور أحزاب جبهة الاتحاد الوطني في تفجير ونجاح(الثورة) فانقسمت هذه الأحزاب وفق خلفياتها الايدولوجية والطبقية الى:-
- قوى مقاومة مخالفة ترفع شعاراتها القومانية المتطرفة مطالبة بالوحدة الاندماجية الفورية مع الشقيقة سوريا ومصر وبدعم مباشر من قبل الحكومتين المصرية والسورية بقيادة عبد الناصر وتحذيرها من المد الشيوعي الأحمر والغزو السوفيتي المتربص . وفي مقدمة هؤلاء حزب البعث والتيار الناصري بقيادة عبد السلام عارف والشواف والطبقجلي وغيرهم من الضباط بالإضافة الى شعارات وتبريرات لإقصاء قاسم عن قيادة السلطة وعرقلة تجذير (الثورة) والذي غالبا ماتخرج من تحت كوفيات القوى الإقطاعية والقبلية وبعض ا لعمائم المتحالفة معها التي ضربت مصالحها ونفوذها بإصدار قانون الإصلاح الزراعي وقانون أ لأحوال الشخصية وإلغاء قانون دعاوى العشائر كمطالب مشروعة لجماهير غفيرة من الشعب العراقي هذه القوى المحافظة نتيجة موضوعية بسب تردي البنية الاقتصادية والفكرية للمجتمع العراقي والعربي وتبعية البرجوازية للرأسمال العالمي مما سبب عجزها في قيادة هذه المرحلة وكما ذكر المفكر المصري صلاح عيسى:-
(فبقاء العالم العربي قرية في تركيبه الديمقراطي وشبه قرية في بناءه ألاقتصادي وسيطرة الايدولوجيا الزراعية على مناخه الفكري والعجز عن تحطيم العلاقات القبلية والإقطاعية مؤشر على ان البرجوازية قدكادت تنفذ دون أن تنجز شيئا له قيمة!!!!)
- قوى انطوت على النفس وترفعت على العمل السياسي بعد ان عجزت عن إسماع صوتها وتقويم الأخطاء والممارسات وإيصال رؤاها بطريقة ديمقراطية سلمية وواقعية سياسية في رفع الشعار واتخاذ القرار ومن هذه القوى حسب ماارى الحزب الوطني الديمقراطي العراقي وعدد من المثقفين اليساريين والديمقراطيين المستقلين والذي جعل مثل هذه القوى تقف مذهولة حيرى متطيرة من هول ماحدث من الفوضى والدمار وتناحر عنفي ينذر بالعاصفة وهذا ماحدث بالفعل في 8 شباط 1963.
- قوى مساندة متحالفة الى حد استجداء العطف من لدن الزعيم الأوحد وأصحاب البزة الخاكية واستمالتها لقيام دولة الديمقراطية الشعبية وهي الشكل السائد للديمقراطي آنذاك في بلدان أوربا الشرقية وفي عموم ما يسمى بالمعسكر الاشتراكي وهي صيغة تتخفى بظلها هيمنة الحزب الشيوعي القائد ان لم يكن الأوحد في سدة الحكم. وبذلك يبدو ان قيادة الحزب الشيوعي العراقي غير مستوعبة وغير متمثلة لتنظير مراجعها من قادة الفكر الشيوعي والاشتراكي والذي أوضحت وبأكثر من مكان ومناسبة ومؤلف الى عدم قدرة البرجوازية التابعة على قيادة مهام انجاز الثورة الوطنية الديمقراطية وإيصالها الى بر الأمان وهو الاشتراكية كما هو مفترض كهدف للشيوعيين أوان هذا الموقف كان بضغط من الحزب المرجع في الاتحاد السوفيتي ضمن تنظيرات التطور اللاراسمالي صوب الاشتراكية بقيادة البرجوازية الوطنية الديمقراطية .
- 0برجوازية إقطاعية وبرولتاريا إقطاعية ذلك مانلمحه في سيطرة القيم الزراعية في مجال التنظيم إذ تنتشر الفردية وهي ابنة شرعية للإنتاج الزراعي وتنبت علاقة الكتل الكبيرة وتسود العلاقات الشخصية والمعايير غير الموضوعية والتبعية للزعامة والقداسة التي ترسخها) ص 35 صلاح عيسى
 وهذا ما يبدو قد انعكس موضوعيا على قيادة الحزب وبذلك أخذت تتخبط في إجراءاتها وقراراتها وهيمن على قيادة الحزب صراع عنيف بين مختلف التيارات والتوجهات والرؤوس وهو كما يبدو مرض مزمن في بنية الحزب والمجتمع على القيادة والسيادة وحب السيطرة منقسما الى تيار يساري متطرف منفلت مغامر يؤمن بنظرية الانقلاب والمؤامرة داعيا الى اختطاف السلطة من الزعيم ومناصريه وتسلم الحزب للقيادة وتيار يؤمن بضرورة مواصلة التعبئة الجماهيرية والضغط على السلطة العسكرية وانتزاع السلطة منها بالطرق السلمية او على اقل تقدير إجبارها وبالتضامن مع كافة القوى الديمقراطية واليسارية الأخرى على إعطاء الحزب دورا قيادا في إدارة دفة الحكم والمحافظة وتطوير وتجذير المطالب الشعبية هدف ووسيلة التغيير وكليهما لم يكتب لهما النجاح والتأييد في حين سيطر على قيادة الحزب تيار(يميني) ذيلي متذبذب و متخادم مع العسكر بقيادة الزعيم الأوحد. ان فقدان وضياع البوصلة الطبقية لقيادة الحزب وجناحها المهيمن رغم الصدمة الكبيرة التي تعرض لها الحزب بعدم موافقة الزعيم على مشاركة الحزب في السلطة على الرغم من شبه سيطرة تامة للحزب على الشارع العراقي .هذه الصدمة التي كان يجب أ ن تكون صدمة صحوة لا صدمة غيبوبة للوعي ووسادة للخدر والغفوة مما أدى بالحزب الى فقدان السلطة في الحكم وفي الشارع معا وبالتالي أدت لأكبر انتكاسة للحزب وللشعب العراقي لازالت أثارها للان. ان تكبيل الحزب بقيود التبعية للبرجوازية والعسكر في الداخل وللشقيق الأكبر في الخارج أدى الى شد عصائب التضليل والتجهيل والخدر واللامبالاة للجماهير بشعارات غير واقعية أدى الى ابتعادها ويئسها وقنوطها وفقدان الحزب لسلاح المبادرة لحماية مكتسبات الشعب التي حصل عليها بعد التغيير وكذلك عدم مبالاة وميوعة قيادة الحزب وهشاشة إجراءاتها للدفاع عن أنصار وأعضاء وأصدقاء الحزب وهم يتعرضون للقتل والإذلال والمضايقة من قبل سرايا الفاشية المسلحة أمام أنظار السلطة لابل ان السلطة عمدت على اعتقال الكثير من النشطاء الشيوعيين وزجهم في السجون آنذاك.


دور الدول العظمى والدول العربية ودول الجوار

بعد انفجار الوضع السياسي في بغداد استنفرت كافة الأجهزة المخابراتية ناهيك عن القدرات العسكرية في ملف الأطلسي وحلف وارشو ودول الجوار لما للعراق موقع هام وخصوصا باعتباره عضوا فاعلا في حلف بغداد بقيادة بريطانيا في ظل عدم رضا الولايات المحتدة الأمريكية وتوجهها لأخذ زمام قيادة العالم من بريطانيا الآفلة وبين غضب حلف وارشو. وبذلك فقد وضعت كل هذه الدول أوراق مصالحها في السلة العراقية سواء في السر والعلانية لتكون هي الرابحة الوحيدة أو الرئيسية محرقة أوراق القوى المنافسة.
وليس بعيدا عنا واقع العراق الآن في ظل هيمنة الرأسمال والنفوذ الأمريكي وما يتعرض له الشعب العراقي من الإبادة والخراب .
نقول وتبعا لهذه المصالح والصراعات ولاءات القوى السياسية العراقية بوعي وبدون وعي لتقف الى جانب هذه القوة أو تلك وهنا لانغفل الدور الذي لعبته القاهرة ودمشق بقيادة عبد الناصر وتركيا وإيران ودول الخارج من اجل ان تجر ((الثورة)) الى مصيرها المحتوم وإغراقها في بحر الدماء والفوضى لتشنقها بنفس الحبال التي سحلت بها رجلها الأول في ألمنطقة نوري السعيد . فأوقدت نار الاحتراب السياسي ليس تحت ذريعة الطائفية والطبقية بل خلف شعارات قومية وديمقراطية مزيفة .
وهي ان أخفت طائفيتها وشوفينيتها ومصالحها الاستغلالية تحت شعارات واتحدت بكل فئاتها تحت ضغط قوة ونفوذ وخطر نقيضها الطبقي المتمثل بالطبقة العاملة النامية ومسانديها وأدواتها السياسية وخصوصا الحزب الشيوعي العراقي.
وهذا هو مايفسر تشظي وتقاتل هذه القوى -القطوازية - تحت يافطات طائفية وعرقية بسبب وضعها المريح والمستريح لضعف وتشرذم وجهل نقيضها الطبقي وتخبط وضعف أداته السياسية والتنظيمية المتمثلة بقوى اليسار وأحزابه وحركاته وقياداته في الوقت الحاضر.
ان قوة القوى اليسارية وسعيها لتلبية مصالح جماهير الفلاحين وعموم الكادحين في القرية والمدينة لأجل خلع قوى الإقطاع والبرجوازية الطائفية وسماسرة الاحتكارات البترولية العالمية وإبعادها عن مصدر القرار السياسي نظرا لتناغم وارتباط مصالح هذه القوى مع مصالح القوى الرأسمالية المستغلة في العالم الرأسمالي تحت القيادة الانكلوامريكية المرعوبة من أمكانية ان يكون للسوفيت موطئ قدم في المياه الدافئة وفوق بحيرة البترول. فدخلت بكل قواها من باب الادعاء بالديمقراطية والقومية المشرع أمامها بفعل العمى السياسي والوطني وضيق الأفق والأنانية وحب التسلط لهذه القوى ضد قوى التغيير الثوري وحرفه عن خط السير باتجاه ضرب مصالح حلف الناتو والشركات البترولية الاحتكارية وكسر عصى الإقطاع في عراق مابعد التغيير.
في مثل هذه الظروف الصعبة والمعقدة يحضر دور الموقف الحازم والثوري الجريء والواعي لقيادة قوى التغيير صوب الأهداف المرسومة لها أي وجود القائد التاريخي لمثل هذه المرحلة الحاسمة الذات الفرد والذات الحزب والذات الطبقة ... وهنا اتضحت الهوية والصورة الحقيقية للزعيم الشهيد كبرجوازي صغير متوهما القدرة على الإمساك بكل خيوط الصراع الطبقي الملتهب والذي أصبح داميا بين أنصار التغير وأعداءه فخرجت من كهوف لاوعيه عفاريت الخوف من دور الجماهير والطبقة العاملة والشيوعية لتكبل يديه وتغشي بصره وجر قدميه عن السير قدما في نصرة وتجذير قوى التغير نحو استكمال مهام الثورة الوطنية الديمقراطية بقيادتها الثورية وبدلا من لجم قوى الردة ومن وراءها مخالب الرأسمال الانكلو أمريكي انطلقت حنجرته وزادة فصاحته بسيل لاينقطع من الخطابات والمواعظ والتحذيرات والتهديدات متوهما نفسه ألها يقول للشيء كن فيكون؟؟؟!!!!مصدرا العديد من القرارات والمراسيم وعدد من الإجراءات ضد مطالب وطموحات الجماهير الكادحة ومحجما دور أدواتها كالمنظمات الديمقراطية والمهنية وكذلك الحزب الشيوعي العراقي و زج عناصره في السجون. وظل متخوفا من جماهيره من الكادحين اللذين حملوه على الرؤوس واضعة كل ثقتها وأملها به وبقيادته كقائد وزعيم مخلص.ورغم ضخامة مسيراتها وآيات ولاءها وهدير هتافاتها بالولاء(للثورة) والزعيم الأوحد المحبوب لم يستطع الزعيم ان يتجاوز اويتخلص من كوابيس الرعب المتأصلة في لاوعيه وأمثاله وخوفها من الجماهير والحنين الدائم الى أحضان الإقطاع والبرجوازية والإنصات الى دعاوى وعاظ السلاطين وفتاوى متقمصي لباس الدين الذي لمست الخطر الداهم بفقدانها مصالحها بضرب مصالح حليفها التاريخي وولي نعمتها من الاقطاعين والمرابين وتجار السوق السوداء والمضاربين وهي تتنكب لواء محاربة كل الانجازات التقدمية والإنسانية والثورية التي أقدمت عليها قيادة التغير تحت ذريعة محاربة الشيوعية ووقف المد الأحمر.
وهاهو التاريخ يكذب ويفضح كل تلك الأكاذيب والادعاءات ويعطي الدروس البليغة لكل ذي بصر وبصيرة ما أدى إليه انهيار الاتحاد السوفيتي على الشعوب والبلدان أفرالشعبية.نا وجماعات ، بعد محاربة القوى اليسارية والشيوعية وفتح الأبواب إمام قوى الرأسمال والاحتكارات العالمية في عصر العولمة والرأسمال المسلح بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.
وها نحن نرى رؤيا العين المجردة ولمس اليد كيف جرت محاربة الشيوعية وعموم قوى اليسار الى الخراب والحروب الأهلية والطائفية والاتجار بالرقيق الأبيض والمخدرات وإشاعة روح الاتكالية واللامبالاة تجاه النفس والوطن والشعب والبيئة ولنا في ماحصل ويحصل في أفغانستان والعراق والصومال وقبلها أوربا الشرقية وجمهوريات الاتحاد السوفيتي واليمن وإيران وغيرها لتقع فريسة سهلة لقوى الاحتلال والإرهاب باعتبارهما توءمان لام واحدة الرأسمالية العالمية المسلحة .......
ومما شجع الزعيم وبرر له بعض اجرائاته وخوفه من تعاظم نشاط الحزب الشيوعي هي الممارسات المتطرفة والمنفعلة والعناصر التي ارتدت برداء الشيوعية ضمن موجة المد الأحمر آنذاك والذي لا تعرف من الشيوعية غير القمصان والأربطة والمسابح الحمراء والشوارب الستالينية المفتولة والباجات لصور لينين وقاسم معلقة في الصدور والمباهاة والتسابق في مظاهر السكر والكفر ومن أمثال مثل هذه الأفعال والأقوال ماجرى من القتل والحرق والسحل والاعتداء لقوى وعناصر حسبت على الشيوعية والشيوعية ومثلها الإنسانية من كل ذلك براء وقد حدثت بعض هذه الأحداث بسب ردود الأفعال العاطفية تحت ضغوط واستفزازات القوى المضادة والمعادية(للثورة) والمأجورة والمندسة بين كل االفرقاء لإغراق البلاد في آتون الحرب والاقتتال الداخلي وما حصلت عليه هذه القوى من الدعم من قبل قوى إقليمية وعربية وغير عربية وقوى الاحتكارات البترولية للرأسمال العالمي ودفع هذه القوى لتغطس في مستنقع العنف الفاشي ألتدميري تحت يافطة محاربة الدكتاتورية القاسمية والشعوبية والشيوعية .... وما أشبه اليوم بالبارحة حيث تجري عمليات القتل والحرق والتدمير ضد أبناء الشعب العراقي وثرواته وتدمير مدنه وقراه وبناه التحتية بدعوى محاربة الاحتلال والمد الشيعي ألصفوي وكلاهما لم تمسسه نيران المقاومة المزعومة بل ساعدت كثيرا على سلب خيار المقاومة الشريفة والوطنية الصادقة وما موجود منها بالفعل لصالح قوى الإرهاب والدكتاتورية وألبسته لباس الطائفية المقيتة.
وقد ساعد على استشراء هذا الأمر واستفحاله وخروجه عن نطاق السيطرة الموقف المتذبذب لقيادة الحزب الشيوعي آنذاك وسعيه لتزعم ومن ثم التخلي عن خيار المقاومة الشعبية .
كرد فعل لما جرى من فوضى ذهبت قيادة الحزب بعيدا في إجراءاتها لغرض إثبات حسن النية للزعيم وأجهزة الدولة الأمنية فقامت بسحب الأسلحة الشخصية من أعضاء وكوادر وأنصار الحزب وسحب بلاغات اليقظة والحذر أو تهالك تلك الإجراءات بسبب عدم مصداقيتها وشللها مما ترك الحزب مخدر الإطراف محدود القدرة مترهل البنيان فمكن ثلة من المغامرين ان تسيطر على السلطة من أيدي قوى واسعة وغفيرة من الشيوعيين وأنصار الزعيم في المدينة والريف والقوات المسلحة .
غرقت قيادة الحزب آنذاك في بحر الجماهير الهائجة المندفعة الغير مسيطر عليها بسبب قلة الكادر وضعف كفائتة في إدارة دفة الأحداث وإتقان فن العمل العلني من قبل كادر تأقلم وتقولب مع العمل السري طيلة عقود من الزمان وعدم استيعابه لضرورات المرحلة وعلمية وعملية الحركة ولجم جماح القوى الفوضوية والمتطرفة والمندفعة والمندسة والقوى اليمينية المشرئبة أعناقها والعطشى للسلطة والمخدرة بمفعولها الذي اتخم الحزب بها لغرض تشويه سمعته وتأكل جماهيريته وصرف قاعدته وأنصاره عنه.
ومن العوامل التي ساعدت على حدوث ذلك الصراع الداخلي في الحزب بين عناصره القيادية وعدم قدرته اوتلكا بعض عناصره اوتعمدهم لعرقلة عقد مؤتمر للحزب ليضع الخطوط العريضة لنشاطه وبرامجه وتنظيماته وطرق ووسائل تحركه في مثل هذه التغيرات والتحولات الخطيرة في البلاد حيث لم ينعقد المؤتمر الثاني للحزب آلافي 1970 أي بعد 25 عاما من انعقاد المؤتمر الأول في 1945.
ونعود للزعيم الذي سلم رأسه ورأس (الثورة) ورؤوس الشيوعيين الذي كان العديد منهم معتقلا قدمها للفاشية البعثيةو بيانهم الأسود رقم 13 بإهدار دمهم ،وقتلهم أينما و جدوا بمساعدة المخابرات الأمريكية التي كانت تذيع أسماء القيادات الشيوعية وأماكن تواجدها من إذاعة مجاورة للعراق.
وهاهو الحزب المسامح يهدر دماء رفاقه وجماهيره لعيون الديمقراطية الأمريكية المحمولة على ظهور الدبابات والطائرات ويصافح أيدي جزاريه والتهادن مع أعداءه الطبقين المحلين والمستوردين ليخسر فرصته في ان يكون المرجعية الوطنية الصادقة للشعب العراقي لمقاومة قوى الاحتلال والاستغلال.
ان سيطرة القوى الفاشية على السلطة في 8شباط 1963 افقد الشعب العراقي وقواه اليسارية فرصة تاريخية جبارة لتجذ ير (الثورة) وإيصالها الى شاطئ الأمان والديمقراطية والرفاه من خلال السير ضمن عملية تنمية صناعية وزراعية ونهضة وثقافة وطنية ديمقراطية من خلال مااقدمت عليه قيادة الزعيم من خطوات كبيرة وتاريخية في هذا الاتجاه كقانون رقم 80 لتأميم النفط وقانون الإصلاح الزراعي وقانون الأحوال الشخصية ونشر التعليم ومجانيته في مختلف المراحل وتأسيس وتطوير العديد من المعامل والمصانع والكليات والمعاهد ودور العلم بالإضافة الى بناء ألاف الدور السكنية لفقراء الناس وتعبيد الطرق وتحديث المواصلات........الخ وفتح المجال أمام تأسيس المنظمات المهنية والديمقراطية والنقابات والاتحادات العمالية والفلاحبه.
حصل كل ذلك في أفضل ظروف دولية بوجود قوة الردع والمساندة بقيادة الاتحاد السوفيتي بالإضافة الى الدعم منقطع النظير من قبل الجماهير الشعبية ومنظماتها المهنية والديمقراطية كاتحاد نقابات العمال واتحاد الجمعيات الفلاحة واتحادات الطلبة والشبيبة والمحامين والأطباء والمهندسين وكافة شرائح المجتمع الأخرى بغض النظر عن الدين والطائفة والقومية والجنس واللون.
ان ماجرى من أحداث خلال التغيير العاصف في 1958 وما بعدها وخصوصا بعد الانقلاب الفاشي في 8 شباط الأسود أدى الى تفتت اليسار العراقي وإضعاف قدرته وانشغاله في مداواة جراحاته وآلامه وتعرض الحزب للانشقاق والشرذمة على الساحة العراقية بتبني التيارات القومية للماركسية والاشتراكية بعد هزيمة حزيران وادعاء هذه البرجوازيات الصغيرة أنها على يسار اليسار ومنها ادعاء البعث بعد 1نقلاب 17 تموز و30تموز 1968 بقيادة الخط الصدامي العفلقي للحزب وقدرته الفائقة على التلون والادعاء والمناورة وتزوير التاريخ الماضي والحاضر وإيغاله بالجريمة والتأمر والتصفيات لكافة الحركات المنافسة والرافضة لقيادته. استمر الحزب الشيوعي العراقي بين (اليمين واليسار) فمن تبني طريق الكفاح المسلح في الجبل والهور (القيادة المركزية)وبين محاولة حل الحزب في تنظيمات الاتحاد الاشتراكي العربي(اللجنة المركزية)
ماجرته التجربة الفاشلة للجبهة الوطنية مع البعث الصدامي وعدم استيعاب الدروس والتجارب السابقة وصفات ونهج وخصوصية هذه الأحزاب ومنابعها الطبقية في العراق في أنها لاتجد مخرجا لازمتها في قيادة الحكم والاحتفاظ به الا بأسلوب القمع الدموي الدكتاتوري الفاشي حينما تستنزف أساليبها الديماغوجية في التضليل والتطبيل والشعارات الفارغة وحينما توضع أمام مفترق طرق بين الديمقراطية الحقيقية والتقدم وبالتالي إنهاء الحالة الاستثنائية وإتاحة الفرصة للقوى الاجتماعية الناهضة وخصوصا الطبقة العاملة وفكرها ومناصريها لتكون على رأس السلطة لقيادتها بحكم تطور الحراك الاجتماعي وعجز البرجوازية الممثلة بالكمبرادور عن النهوض بهذه العملية وبذلك فهي تلجا لانتهاج اسلوب العنف لكبح القوى اليسارية والشيوعية والديمقراطية التي تسعى الى بناء الدولة الديمقراطية التعددية لدستورية وفك ارتباط الاقتصاد الوطني من الهيمنة الرأسمالية
(لكن ذلك رهين بمدى حجم الإرادة الفاعلة لهذا النقيض وقدرته على فهم المستقبل فهما علميا بما في ذلك التحكم في الحاضر والسعي للتأثير فيه. وان حجم هذه الإرادة هو العامل الحاسم في تحقيق الحتمية وفي اختصار هذا التحقق زمنيا من الناحية الأخرى. من هنا يصبح بناء هذه الإرادة وتنقيتها ايدولوجيا وتنظيميا هو اقرب المهام زمنيا الى المستقبل) كما يقول صلاح عيسى
وهنا تتضح أهمية قيام قوى يسارية فاعلة قادرة على تحمل مسؤوليتها الوطنية والطبقية في عملية التغيير سعيا نحو بناء المجتمع الديمقراطي الاشتراكي هدف وطموح الجماهير ومأمن رفاهتها وخلاصها.
ان خير مايمثل جزع البرجوازية الطفيلية في بلداننا ومنها العراق كونها مسخ لإقطاع بشع تفتقد لموضوعية وجودها ونموها ومفارقة اعتلاءها سدة السلطة السياسية وتنطعها لانجاز مرحلة التغير الوطني الديمقراطي هو الرد الفاشي المتغطرس لسلطة البعث على مطلب الحزب الشيوعي العراقي الخجول بإنهاء فترة الحكم الاستثنائي و الشرعية الثورية بحل مجلس قيادة الثورة وإجراء انتخابات ديمقراطيه وبرلمان وسن دستور دائم للبلاد حيث رأت قيادة الحزب ان الديمقراطية(عرجاء) (إن كانت هناك ديمقراطية أصلا)؟؟؟؟ وقد جاء هذا الطلب بناءا على ضغط قواعد الحزب ومطالبتها بموقف حازم للرد على ديكتاتورية وتعسف الحزب(الحليف). ومما هو جدير بالذكر ان هذا الطلب جاء بعد قص أجنحة الحزب الفاعلة بحل منظماته المهنية والديمقراطية كاتحاد الشبيبة واتحاد الطلبة العام ورابطة المرأة وإعطاء الشرعية الكاملة لمنظمات السلطة الفاشية مما سهل على السلطة ضربه وتصفيته.
تسبب هذا الطلب بهياج البعث وشنه حملة إعلامية وتصفيات جسدية واعتقالات بالجملة لكوادر وأنصار الحزب في طول البلاد وعرضها . مع تامين كافة التسهيلات لقيادته بالرحيل والمغادرة خارج العراق الذي أدمنت عليه هذه القيادة في أوقات الشدائد عدى بعض الأسماء المعروفة بصلابتها ومواقفها من السلطة وعدم مهادنتها فقد جرت عملية اعتقالهم وتصفيتهم ومجهولة مصيرهم لحين التاريخ كصفاء الحافظ وصباح الدرة وعائدة ياسين وغيرهم من الكوادر الوسطى في الحزب حيث تمت إذابة أجساد بعضهم بالتيزاب. وقد عاشت بقية جماهير ألحزب تحت رحمة قوى الامن والمخابرات الصدامية فمن اعدم ومن أمضى شبابه في السجون والمعتقلات ومنهم من احترق بنيران حروب الطاغية حيث لامفر بعد ان أصبح من المستحيل إعادة الصلة بالحزب وقيادته الهاربة والمنفية. ولم يبقى من الشيوعيين سوى قلة قليله اختارت ان تحمل أرواحها على اكفها ومقاومة النظام كل بطريقته الخاصة مما أبقاهم أقمارا زاهرة تنير ظلام العقول تحت نير ظلام الاستبداد والفقر والحروب أملة بيوم الخلاص من الدكتاتور ونظامه وقد كان ذلك قريبا جدا وشاخصا في انتفاضة آذار المجيدة لولا............؟؟؟؟ولكن من المؤلم ان يوصف مثل هؤلاء الشيوعيون البواسل المحاربين بالقاصرين بنظر القادة الفارين !!!!!!
ورغم ذلك وفقدان الكثير في حملة الدكتاتورية على جماهير الشعب ومنهم بقايا الشيوعيين فقد بقيت هذه الكوكبة مخلصة لأفكارها ولحزب فهد الخالد ولمبادئ الاشتراكية والشيوعية النبيلة متناغمة ومؤيدة شعار الحزب قبل الاحتلال (لا ديكتاتورية ولا احتلال) ولكن هذا الأمل قتل وتحول الى كابوس مرعب وخانق بعد ان استكانت قيادة الحزب لإرادة الاحتلال ومشاريعه الجهنمية مع بقية القوى القادمة على ظهور الدبابات والمتهالكة على كراسي الحكم الدولارية وارتضى المشاركة في مجلس الحكم البرايمري العرقي الطائفي الامبريالي!!!!؟؟؟
وضع الحزب الشيوعي  العراقي في مأزق وطني وطبقي وفكري كبير فزاد من الشرذمة والتشظي والتعدد للعناوين اليسارية والشيوعية على الساحة العراقية.
وفي ظل تعنت وحب ألهيمنة والسدور في الانحراف والخطأ لقيادة الحزب ذهبت إدراج الرياح الجهود المضنية التي تحاول ان تبذلها بعض العناوين اليسارية لإنضاج مشروع تحالف وطني لقوى اليسار العراقي وخصوصا بعد انعقاد المؤتمر الوطني الثامن وعدم الإشارة لامن قريب ولامن بعيد للقوى الشيوعية واليسارية على الساحة العراقية والمضي في طريق إغفالها وتهميشها ان لم يكن معاداتها وإلصاق التهم المختلفة بها وبرموزها  مضحية بكل  ذلك من اجل  مناصب وزارية معوقة ومهمشة ستفقدها ختما بعد  ان أفلست تماما في الانتخابات البرلمانية في 7-3-2010   كل هذا  أدى ويؤدي الى فقدان الشعب وعموم كادحيه المرجعية الوطنية والطبقية البديلة لقوى المحاصصة الطائفية والعرقية في ظل أوصاف مظللة لقوات احتلال عسكري بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية حيث ينذر تموز اليوم وبعد (52) عاما لتموز 1958 بخطر تقسيم البلاد وضياع ونهب الثورة الوطنية وتقسيم البلاد الى كانتونات طائفية وعشائرية وعرقية لتكون الساحة العراقية ملعبا مناسبا لتنفيذ مخططات الامبريالية والرأسمالية المسلحة وهي تعيش أعلى مراحلها وهلاكها وتعريضها العالم للخطر فالإرهاب هو أعلى مراحل الامبريالية وهي أعلى مراحل الرأسمالية متجاوزة طور الاحتكار نحو الهيمنة المسلحة والاستعمار.
مما يلفت النظر تواريخ الأحداث  على الساحة العراقية فمجلس الحكم الطائفي بقيادة برايمر أعلن عنه عشية  14 تموز 2003 وانهيار النظام كان بتاريخ 9-4-2003 أي في ذكرى إبرام معاهدة الصداقة والتعاون بين النظام المنهار والاتحاد السوفيتي.... ولا غرابة ان تشهد مدينة النجف تهديم نصب ثورة العشرين  بدعوى إنشاء نفق  في هذا المكان حصرا ، خلال احتفال  بعض جماهير العراق بثورة العشرين ضد الاستعمار الانكليزي ... انها عملية استفزاز وتداخل  او استبدال تواريخ ومحاولة مسحها من الذاكرة العراقية؟؟؟؟!!!
ألف تحية لشهداء تموز الأبطال سلام عادل ورفاقه وحسن سريع ورفاقه وخالد احمد زكي ورفاقه وعبد الكريم قاسم ورفاقه ومحمد الخضري وصفاء الحافظ وعائدة ياسين ضحايا الفاشية المدعومة من الامبريالية الأمريكية وحلفائها.
  ألف تحية لكل العراقيين الأحرار ضحايا الاحتلال الغاشم والإرهاب الفاشي سيظلون نجوما تنير الطريق لجماهير الشعب العراقي لبلوغ  الحرية والسيادة الكاملة وبناء الغد الاشتراكي  السعيد مهما طال الطريق وتعقدت وصعبت المهام التي بدونها لاتتحقق الحرية والتقدم والازدهار والديمقراطية الحقيقية.

212
((فوك انطارته طلع حمد مطلوب))
حميد الحريزي
ألهب حر الصيف مشاعر العراقيين، وصعد من الم جراحهم وتكر  من ادعوا تمثيلهم لوعودهم وعهودهم، ولم يعد أمر تقصير مختلف ((مؤسسات)) الدولة خافيا على لقاصي والداني،  حيث أصبح حديث المنظمات الدولية قبل المحلية والدول الصديقة قبل العدوة بلا ضافة إلى يذكره العديد من رموز السلطة والفاعلين في العملية السياسية القائمة  وأخذت الأشهر تجر أشهر أخرى وسنين  تجر سنين ولكن لم تتحقق أحلام الأغلبية الساحقة من أبناء الوطن ولم  يهل عليهم عيد الحرية والديمقراطية واكتمال السيادة والخدمات،  سنوات تلو سنوات ووعود تلو وعود فيزداد الأمر سوءا وتهورا ولازال جيب كهنة  الساسة مليئا بحمص الوعود كما في المثل الشعبي المعروف ((عله هل الحمص ما يصير عيد)).. ومن جملة هذه الوعود توفر خدمة الكهرباء للمواطنين التي استمرت في التردي عاما بعد عام فبلغ السيل الزبى للمواطن العراقي المقهور ، مشغله معطل وداره مظلمة شوارعه  موحشة وقد بح صوته من المناداة، وانثنت شفرة أقلام كتابه وهي نطالب وتقترح وتؤشر، ومل خطباء المنابر التكرار، مما اضطر الجماهير الغاضبة للنزول للشوارع معبرة عن سخطها على المسئولين عن  تردي الخدمات وغضبها من زيف الوعود ورفضها واستهجانها بسبب الضحك على ذقون المحرومين من ابسط الخدمات في حين ينعم المسئول بالجاه والرفاه والرواتب والمخصصات ويده طليقة في نهب ثروات الشعب وخيراته والعقود  الملفقة – كما هو وصف الباخرة التركية التي  لم تكن كفاءتها التوليدية ثلث ما معلن عنه- ... أصبح المسئولين بين جاهل لا يعرف ما يفعل ومغفل لا يعلم وفاسد نهم لا يشبع ومخلص عاجز مكبل اليدين مسلوب الصلاحيات وفق المحاصصة الطائفية والعرقية أو داء الشلل المزمن...
 فبادرت هذه الجماهير لتأخذ قضيتها بيدها ومحاسبة الفاسد والمقصر وتبصير الجاهل وإيقاظ المغفل ومساندة ودعم الحريص المخلص...
هذا الفعل يجب أن يسر كل مسئول حكيم مخلص يتحسس هموم شعبه ومواطنيه ومن  أوكله ثقته وفوضه أمره.... ولا يصاب بمرض رهاب صحوة الجماهير ومطالبتها بحقوقها وان يأخذ الخبر اليقين من صدق وشرعية مطالبها ومعاناتها... وان يختار ما تختاره وتقترحه من حلول لازمتها... فهما بلغ الحاكم من النقاء والعفة والإخلاص كفرد لا تشفع له وسط جمع من الفاسدين والمتكاسلين والجهلة والمرتشين... وبالتأكيد فان الجماهير سترفع بوجهه أصبع الاتهام لمشاركته المقصرين والمفسدين والمرتشين أفعالهم... وإذا كان هناك من هو سيء النية أو متصيد تحقيق أهدافه وسط الجمع  المستاء الثائر فلا يعني هذا معاقبة الجمهور  فالمثل يقول (( رزق البزازين عله المدعثرات))، فيجب على المسئول إن  يحصن  نفسه وعمله من الأخطاء ليتجنب النقد  لكي لا يستغل من قبل منافسيه أو أعدائه كما يدعي..
على المسئول إن يكون آذانا صاغية لطالب جماهيره وشكواهم..وليست آذانا صاغية لمستشاريه ومشاوريه مصنعي الأزمات والمتسترين على حالات التقصير والفساد فيصدق عليه المثل الشعبي القائل((  عاطوا بإذنه ما سمع ، شاوروه سمع)) فيوجه لومه وتعنيفه ورصاصه للمظلوم في حين يزكي ويبرئ المسئول رغم افتضاح أمر عجزه إن لم نقل  فساده وكسله فافتضح أمره وعلى قصره؟؟!!! فيكون حال الجمهور الذي ضحى بحياته وماله وصحته ووقته آملا أن يجني من وراء ذلك الأمن والسلام والرفاه كحال حمد ، حيث يروى إن رجلين اشتركا في زراعة ورعاية وجني المحصول، وقد أصبح بدرا فأوكل لحمد مهمة حراسته بينما تولى الشريك الثاني عملية التسويق والبيع.. ولكن الذي حصل إن القائم بعملية التسويق والبيع جير كل الإيرادات لصالحه وحمل (حمد) مصاريف ونفقات النقل والتسويق وعمولة  السمسار ... ونتيجة هذا الحساب ظهر مطلوبا وصح عليه المثل القائل(( فوك نطارته طلع حمد مطلوب)).. وهذا هو حال  شعب العراق ناطور الديمقراطية حيث أصبح مطلوبا وملاما أمام من أوكلهم إدارة العملية السياسية الديمقراطية فإذا بها ((دولارقطية)) في جيوبهم و((دم قراطية)) لشعبهم.

213
المنبر الحر / انتفاضة البصرة
« في: 22:50 20/06/2010  »
انتفاضة البصرة

دم الشهيد حيدر
شعلة انتفاضة عظمى لا تنطفئ
 دم الشهيد حيدر البصري  ورفاقه مصباح ينير طريق أبناء العراق للكفاح ضد الظلم والتهميش والفساد وتردي الخدمات


 في ظل الواقع  السياسي والاقتصادي والاجتماعي الحالي في العراق والذي لا نظن أن بنا حاجة لإيضاحه فقد أصبح معروفا للقاصي والداني وخصوصا   للعراقي البسيط الذي أحس  بمزيد من الألم والحيف خلال ثمان سنوات خلت ولحين التاريخ، تحت مظلة ((الديمقراطية)) وقد كان للكهرباء حصة كبيرة من هذه المعاناة الموروثة من عهد الديكتاتورية  بسبب حروبها القذرة، وتحت شماعة الحصار الاقتصادي  انذاك، في الوقت الذي كان المواطن العراقي تصورا بان هذه المشكلة وسواها  كالبطالة وكبت الحريات والتميز الطائفي والعرقي ستنتهي  مع انهيار الدكتاتورية حيث توطنت أكثر دول العالم تقدما تكنولوجيا  وعلميا مع رفع كل أنواع الحضر الاقتصادي  ضد العراق والإيرادات المالية الضخمة بالإضافة للمنح والمساعدات الدولية، التي لم تذهب لصالح الشعب وإنما التهمتها قوى الفساد المالي والإداري ومافيات الاختلاس والسرقة والتزوير رغم المبالغ الضخمة المخصصة للكهرباء والبالغة كما ذكر الكثير من االمسؤولين أكثر من (17) مليار دولار، فالنور والأمان والرفاه  والامتيازات الأسطورية من حصة رموز  السلطة  وأتباعهم حصرا، في حين ظلت الأغلبية العظمى من العراقيين تحت وطأة دياجير الظلام والفقر والبؤس والحرمان... ومزيدا من الوعود الكاذبة  والتنكر للعهود المبرمة بين الناخب والمنتخب حال حصوله على  كرسي السلطة... فالشعب يصارع شتى أنواع القهر والظلم والحرمان فالقوى السياسية التي سميت بالفائزة تتصارع على المزيد من كراسي السلطة والجاه ومزيدا من الامتيازات  والمخصصات.... ليس هناك أي أمل لخلاص مرتقب خصوصا بعد مرور أكثر من  مئة يوم على الانتخابات  ولم تسفر الصراعات الا  على المزيد من  الخلافات والاختلافات والتهم المضادة...مما أضرم نيران الغضب والرفض الجماهيري وبلغ فوران مرجل الغضب  حالة الانفجار في أكثر من محافظة ومدينة عراقية خصوصا وان الوزارة تعد المواطن بمضاعفة  كلفة الوحدات الكهربائية...!!!
 ولا عجب ان تكون البصرة صاحبة التاريخ المجيد في تصدر  مسيرة الكفاح الوطني والطبقي ، ارض البصرة ارض الذهب الأسود وثغر العراق ومولدة العقول  المحرومة من الماء الصالح للشرب والكهرباء والأمان، فقد بلغ السيل الزبى وانفجر غضب البصري بوجه الإهمال والفساد  والوعود الكاذبة تمت مواجهته بالرصاص الأعمى ليسقط أبناء البصرة صرعى بنيران ((الديمقراطية)) المسلحة، يسقط حيدر عامل الصمون الثائر  ورفاقه  من اجل حقه وحق  كل أبناء مدينته وكل مدن العراق لنيل حقهم في  العيش الكريم والأمان والعمل والخدمات الصحية والتعليمية والثقافية ومن ابسطها الكهرباء والماء.
سيبقى حيدر ورفاقه شهداء الشعب والوطن مصباحا ينير طريق الكفاح من اجل الحرية والرفاه والسيادة الوطنية.. فلم يكونوا أول شهداء  الحرية والكرامة ومقارعة الظلم بل  استمرارا  لمسيرة وكفاحية شعب العراق في مختلف عهود الاستعمار والاستئثار والاستبداد ، فالبتاكيد سوف لم يكونوا أخر المضحين والمناضلين ولا يمكن ان يطول نوم الشعب المقهور ((على زبد الوعود))، وعلى  السلطة الحاكمة ان تعي دروس التاريخ جيدا وكما قال ابو القاسم ألشابي:-
((إذا الشعب ا راد الحياة  فلابد  ان يستجيب القدر

                                               ولابد لليل ان ينجلي  ولابد للقيد ان ينكسر)).
السلطة مطالبة بتوفير الخدمات وفي مقدمتها الماء والكهرباء والأمن والأمان ، وتقديم من أقدم  على فتح نيران الأسلحة على المتظاهرين ين المسالمين الى العدالة فورا والحد من مثل هذه السلوكيات الهوجاء تذكرنا بأيام الديكتاتورية...

حميد الحريزي

19-5-2010

214
ماهكذا نوقر موتانا  ؟؟؟!!!!
بقلم حميد الحريزي
- فوق سطح سيارة حديثة تحمل لوحة تسجيل تدل إنها قادمة من مدينة بعيدة ربط على سطحها تابوت خشبي لف ببطانية وحبل متين يتخلل قضبان سلتها.الحديدية المخصصة لحمل الأمتعة .إن ما يضمه الصندوق الخشبي هو بالتأكيد أب او اخت او ام وزوجة أو صديق عزيز على ابعد الاحتمالات لمن هم جالسين داخل السيارة المبردة.
 العزيز المحمول على ظهر السيارة كقطعة أثاث أو أي حمل ليس ذي قيمة طوال هذه المسافات تحت رحمة الشمس اللاهية صيفا والبرد القارص والأمطار في الشتاء،غالبا ما تركن السيارة ومحمولها جانبا لينزل الأحبة ليتناولوا الطعام والشراب في احد مطاعم الطريق وهم قاصدين احد المراقد المقدسة في النجف أو كربلاء أو أي ضريح للاثمة أو الأولياء ليدفن الميت إلى جواره طلبا للشفاعة وحسب العرف والعادة .
ليس هناك من لم يلاحظ هذه الصورة ولأكثر من مرة أو عاشها ومارسها هو لأكثر من مرة.
نقول الا يجدر أن يوضع هذا الجثمان العزيز في تابوت يليق بكرامته كانسان وليس في صندوق خشبي متهالك نتيجة تكرار الاستخدام وما يتعرض له أثناء الحمل والنقل ، مسامير الناتئة تنغرز في جسد الحامل والمحمول معا!!!.
الا يفترض تتم عملية تعقيم  ان لم نقل إتلاف للتابوت قبل وبعد نقل الأموات اللذين قد تكون أسباب وفاتهم بسبب احد الإمراض المعدية مما يسبب نقل العدوى إلى من يتكفلون حمله ونقله في كل عملية  تشييع ودفن؟؟؟ .
الا يفترض أن يوضع تابوت المتوفى في فضاء سيارة مبرده معدة لهذا الغرض كما نلاحظ ذلك في أكثر دول العالم ، وان يكون مصان الكرامة محترما بعد إن ودع الحياة لأخر مرة ليعبر بذلك الأهل والأحبة والأصدقاء عن صدق ومحبة ووفاء وليس ربطه على ظهر السيارة كأي بضاعة تافهة مع المبالغة في الصياح والنياح ولطم الخدود وإقامة الولائم والعزائم بملايين الدنانير؟؟؟!!!!.
فهل كتب على الإنسان العراقي المسلم خصوصا أن يكون غير مصان الحقوق والكرامة حيا وميتا وحتى من اقرب الناس إليه؟؟؟!!!!.
 الا يستفز  ضمائرنا مثل هذه المشاهد المؤلمة المحزنة؟؟؟.الا ننتصر لكرامة أحبتنا اليوم ولكرامتنا غدا  وهم  ينقلون بمثل هذه الطريقة التي لا نعامل بها حتى حيواناتنا؟؟؟!!
وربما يعترض معترض على هذا المقترح لكثرة الأموات في الأوبئة او الحروب كما هو حال العراق ألان. فمن الممكن أن تعد شركات خاصة سيارات مكيفة
ومصمصة لنقل الجثامين   يتم الاتصال بها من قبل المتكفلين بتغسيل ونقل
ودفن  الميت على أن تتكفل منظمات وهيئات خيرية أو تتحمل الدولة أجور النقل في حالة عجز ذوي المتوفى القيام بذلك.
أرجو أن لا اكون بطرا في مثل هذا لطرح أمام ما يعانيه الإنسان الحي في عراق اليوم فما لنا ومال المتوفي.
انه كما أرى مشهد يألم القلب ويعذب الضمير ،على الأقل أنا لا ارتضيه أن يحصل لي وان لا يحصل  لكل إنسان على وجه المعمورة

215
قول على قول((المُهلهِل السياسي))

 واقع الحال بين ((النعال)) و(النقال))!!!



حميد الحريزي

 كنتيجة موضوعية ان تعشعش في رؤوس مسئولي الحكومات للدول الريعية ثقافة
مالكي  ثروات وأموال  شعوبهم    وهو من حقهم الخالص هم وحدهم يملكون حق
منحه وإهدائه او منعه وسلبه ممن يشاءون، حيث ترسخت في كهوف لاوعيهم ان
المواطن في مثل دولهم إنما هو مستخدم ومستوظف عند الحكومة\ الدولة وليس
العكس كما هو الحال في الدول ألمنتجه التي تعتمد مؤسساتها على ما تجود به
جيوب وأيدي دافعي الضرائب وليس ما تجود به الأرض من الذهب الأخضر او
الأصفر او الأسود.
ففي السبعينات من القرن الماضي كان الديكتاتور العراقي   يوزع خيرات
البلد وموارده من النفط على  من يشاء كعطاء  وهبة ومكرمة حتى فاضت
مكرماته على القاصي قبل الداني.. فقد بلغ به الوهم انه المالك المانح
الواهب  إما المواطن فهو المستجدي المتسول... اخذ يذكر أبناء العراق
((الحفاة)) انه قد  مكنهم من  لبس ((النعال))... ومن الطريف طبعا انه كان
من ضمن هؤلاء الحفاة اللذين من عليهم  ب((النعال))الممنوح من رأس القائد
المخلص الذي يبذخ بأموال الشعب المحروم اخذ ينعم بالذهب والألماس والقصور
الفارهة واليخوت الباريسية والجواري بعد ان امسك بصولجان السلطة  باسمهم
متناسيا   كونه كان حافيا كحالهم. ولاشك ان هذا الأمر كان محل تندر وتكدر
أبناء العراق انذاك ومن ضمنهم ((ثوار)) الأمس من معارضي السلطة سابقا
وقد اعتلوا  الكراسي الدولار ية الدوارة الآن... يبدو ان قصور الدكتاتور
مسكونة بجن النسيان فما ان سكن((الثوار)) قصوره حتى أصيبوا بنسيان كل ما
كان وانشغلوا بتوزيع الرواتب والمراتب  للإخوان والأقارب والأعوان...
 اخذ البعض الآن يذكر  العراقي حين يشكو حاله  وما يعانيه من ضنك العيش
والبطالة وفقدان الخدمات يذكره  بمنة جهاز((الموبايل )) النقال...
فقد آثار انتباهي احدهم بما يسمى ب((المحلل السياسي)) من اللذين راج
سوقهم في هذه الأيام بسبب اعتلال صحة العملية السياسية  الموضوعة في صالة
الإنعاش، بعض  هؤلاء اللذين لا يليق بهم سوى اسم ((المهلهل السياسي)) في
مقابلة له في احد  القنوات الفضائية... حيث قال ما مضمونه ان شعبنا الآن
يعيش في بحبوحة من العيش رغم ان الكثير من وسائل الإعلام ((المضادة
((للمسيرة الديمقراطية)) تدعي غير ذلك وتبالغ في عرض صور آلام ومعاناة
المواطن العراقي ........
وبدا غير مقتنعا برد الإعلامي المحاور بان سبب انتشار الموبايل يعود الى
فقدان الأمن والأمان وتردي خدمات  الهاتف الأرضي ان وجد وكون الفضائيات
تعرض حالات على الهواء مباشرة وعلى الأرض حيث الفاقة والبؤس والحرمان
وفقدان الأمن والأمان... ونضيف الى ذلك  شيوع ظاهرة الاستهلاك في عصر
العولمة  في عصرنا الحاضر عصر العولمة الرأسمالية المتوحشة والقدرة
الهائلة لوسائل إعلامها  بالتخادم مع خدامها ومريديها ووكلائها في تصنيع
المستهلك ونهب ثروات الشعوب عن طريق ترويج وتتويج مثل هذه السلع والشركات
في سوق مفتوح لكل السلع والبدع ......
لا يسعنا الا  ان  نضع الأرقام التالية أمام أنظار السيد  ((المهلهل
السياسي )) وطبعا ليس من حق لأحد في منعه من ((الهلهوله )) والدفاع عن
الفاعلين في العملية السياسية.... خصوصا وان هذه العملية عليلة وتعاني من
الاحتقان وأزمة  تنفسية مزمنة بسبب الترهل والمحاصصة وإصابتها بالتخمة
وليست بفقر الدم وسوء التغذية  كحال من تولت أمرهم  ،ولا يسعنا الا ان
نضع أمامه  ومن أمثاله  ورثة ((هلهل... وهلهوله للحزب القائد))....
وهلهوله  لكل سارق وهلهوله لكل فاسد  فعسى الأرقام التالية ترفع  من
((تون)) هلاهله ((هلهل )):-
))  انخفضت حصة الفرد العراقي من ذروتها في سنة 1980 والبالغة 16،404
دولار بالأسعار الحقيقية  لتصل الى 3،054 دولار في سنة2008 .
ان 23% من الشعب العراقي يعيش تحت خط الفقر أي ان الفرد الواحد من هذه
الشريحة يعيش على اقل من دولار واحد في اليوم))*
ويمكن مقارنة الأرقام أعلاه مع رواتب  ومخصصات  الرؤساء والوزراء والسادة
 النواب والدرجات الخاصة والعليا في الحكومة  ليرى البون الشاسع بين  دخل
المواطن العادي ان له دخل وراتب المسئول؟؟؟
هل يعلم ((المهلهل)):-
ان أطفالنا يدرسون في بيوت من طين وقصب في الديوانية و الناصرية ..و..؟؟؟
هل يعلم المهلهل  ان قسما  من أبناء العراق يسكنون القبور و((بيوت)) من صفيح؟؟
هل يعلم المهلهل ان لدينا أكثر من نصف مليون أرمله؟؟
هل يعلم كم عدد الأرامل واليتامى والمفقودين والمهجرين..؟؟؟
هل يعلم عدد البيوت والدوائر المحروقة وكمية الأموال المسروقة؟؟؟
هل يعلم كم ساعة  ينعم المواطن العراقي بالكهرباء؟؟؟
هل يعلم كم معمل توقف وعلا مكائنه الصدأ؟؟؟
هل يعلم اننا نستورد الماء والخيار..والسيارة والمكنسة  والطيارة؟؟؟
 وهل يعلم... وهل يعلم ..؟؟؟؟  بالتأكيد يعلم ولكنه  أدمن على الهلهوله
وكذبِ ألمقوله!!!
فمن يعيش في نعيم ((الديمقراطية))وبحبوحة ((الديكتاتورية)) سوى المسئول والهلهول؟؟؟
وقد تغابى ((المهلهل)) ان العديد من الرموز الحكومية والفاعلة في العملية
السياسية قد  اعترف بسوء حال المواطن العراقي وتردي مريع في الخدمات
العامة ،ليكون  ملكيا أكثر من الملك  ،فأكثر من مسئول حكومي وسياسي صرح
ولمح  عن سوء حال المواطن العراقي مؤشرا الخلل والقصور الفاضح في الطبقة
السياسية الحاكمة وفق مبدأ المحاصصة التي تحمل ضمن بنيتها  أمراض الفساد
والكساد وعدم الاستقرار وكل يغني على ليلاه رغم كونه يعلم ان ((ليلى في
العراق مريضة)).....
وهكذا  يريد لنا ((المهلهلين)) ان نبقى على هذا الحال  بين منة
((النعال)) ومنة ((النقال)) فشكرا للمهلهل السياسي ..   واللهم احرس
أصحاب الكراسي .. وأعذهم من ((الخناس الوسواس الذي يوسوس في صدور
الناس))، ومن كل إعلامي ((وقحِ)) قاسِ؟؟!!!.

*من كتاب((الاقتصاد العراقي 2010 -  الحاضر وخيارات المستقبل)) للدكتور
محمد علي زيني ط4 2010  - دار الملاك للفنون والآداب والنشر




216
الى متى السكوت عن المؤقت والموقوت؟؟؟؟

حميد الحريزي
 
 
في المجتمعات المتطورة التي تولد حكوماتها من رحمها الشرعي وتبني  دولها مؤسساتها على أسس ديمقراطية تعتمد مبدأ المواطنة  والكفاءة ..تعمل وفق قوانين وشرائع تحفظ للمواطن حقوقه وامتيازاته دون قلق او خوف،مما يجعله  متزن السلوك سليم الوسيلة للوصل الى مبتغاه ونيل حقوقه أي بوساطة القوانين النافذة دون منة من احد او وساطة او شفاعة من احد  .....
 ولكن هذا الوصف يكاد ان يكون بعيدا تماما عن مؤسسات الدول القلقة المبنية على التغالب والثعلبة والقفز الى رأس الطابور بمختلف الوسائل وعبر مختلف السلالم الظاهرة والمستترة مهما كانت الوسيلة ((فالغاية تبرر الوسيلة)) ومنها   الاحتيال على القوانين  ولي رقابها واستخدام القوة والجاه والتزلف والتسول والمسكنة والرشوة والتزوير والتحوير...
وكم فقدنا وغيرنا من الناس الكثير من الفرص(الطيارة) في الحصول على المال والغلال والوظائف والزمالات الدراسية والمساكن ولمعونات...و..و حيث ان هذه  القرارات  والمكرمات والهبات  والسماحات إنما تصدر من الجهات المسئولة لغرض فائدة ((شرعية)) لأزلامها وتابعيها وسرعان ما تلغى او يجري التريث عنها ومن ثم نسيانها بعد ان  تمتع بها الأعوان ونفر قليل من المتقردنين والمزورين والمتسولين ليحشروا أنفسهم بين المحظوظين  وهو ما يغض النظر عنه من قبل المسئول  لتكون غطاءا شرعيا لمثل هذه السلوكيات...
مثل هذا لحال في عدم ا تكافوء الفرص يفقد الكثير من  المواطنين تحت ضغط ألجاجة والإحساس بالغبن والحرمان  حصانتهم لينزلقوا في طريق اللا مشروعية  واللا كرامة وبذلك يعم الخراب في المجتمع حاكما ومحكوما .
ان ما نريد ان نشير إليه هنا هو موسمية وعدم استمرار ما تصدره حكوماتنا الديكتاتورية والديمقراطية من  المكاسب  والحقوق للمواطن العراقي سواء من هو في الوظيفة او خارجها  كسلف العقاري وسلف المزارعين والصناعيين ..و..و.. وخصوصا سلف الموظفين والمتقاعدين والمتزوجين  حيث أقرت بل فترة وتدافع لنيلها المتدافعون ممن استطاعوا ان يكونوا  على رأس الطابور تحت حدسهم القوي بان الغيث لن يطول فهي أمطار موسمية.. فقد تمطر الآن  ثم تنقطع بعد  لحظات.. وان أمطرت هنا   قد لا تمطر هناك....!!!!
 والأعذار في كل مرة غير مقنعه بالمرة فمرة حجج بنك النقد الدولي ومرة المبلغ المرصود قد نفد ويجب رصد مبالغ أخرى  وان الميزانية لا تحتمل- علما ان إيرادات النفط وحده لشهر  نيسان هو  4مليارات و222 ألف دولار  والعهدة على ((الحره)) _ وكأنهم لا يملكون رقما دقيقا لعدد الموظفين والمتقاعدين في الدولة العراقية، تغدق المنح والسلف لذوي الدخل العالي  وتعطى بالقطارة الموسمية  للعاطلين وصغار الموظفين والمتقاعدين....!!!
 نسأل متى تكون لنا مؤسسات قارة ذات قدرة وكفاءة ونزاهة  تتخذ قراراتها بحرفية عالية وتطبق قوانين الدولة بنزاهة وبعدالة..
متى تكون قرارات حكوماتنا مدروسة وغير انفعالية ولا تصب في مصلحة الحزب او الشخص الانتخابية او غير الانتخابية الا من حيث التفاني والإخلاص والدقة  والمثابرة في العمل  وإحقاق الحق سعيا  لبناء جسور الثقة بقرارات الدولة وقوانينها والاطمئنان الى  كونها تصب في خدمة ذوي الحاجة والمستحقين وليس  المحسوبين والمصفقين والتابعين....وطبعا لاتصل الأوهام  حدا نطالب فيه إعادة النظر برواتب ومخصصات الرئاسات الثلاث والوزراء والنواب التي فاقت الخيال حيث لا مثيل لها  لا في الجنوب ولا في الشمال !!!! ولم نسمع بنائب واحد يوعدنا ببان تكون  الرواتب والمخصصات وفق قانون موحد للخدمة والتقاعد ولاشك ان احدهم سيكشف جهلنا حينما نقارن بين((200000 دينار و2000000000 دينار)) سوى أربعة أصفار وهل للا صفار من قيمة؟؟؟!!!! فما اجهلنا إذن؟؟
نأمل ان نتخلص من  الصفات والقرارات المؤقتة.:-  قوانين الطوارئ المؤقتة والهويات المؤقتة .. وأرقام السيارات المؤقتة... وجوازات السفر المؤقتة(…..S,g,A)  والوظائف المؤقتة.. والعبوات المؤقتة..... والسلف المؤقتة..... والهويات المؤقتة (الختم المستدير، الختم المثلث، الختم الفسفوري...الخ).....نقول:-اللهم اجعل المؤقت مؤقتا..والباطل مشتتا....



217
لنا رجاء ... تضامنا مع جابي أجور الكهرباء

حميد الحريزي

في برنامج تلفزيوني لقناة الاتجاه حول  الكهرباء باعتبارها أزمة مزمنة في العراق الديكتاتوري والعراق الديمقراطي برعاية سيدة التقنية في العالم صديقتنا وحليفتنا الأولى  أمريكا أم الرأسمال والتكنولوجيا المتطورة، وبعد عدة مكالمات  مليئة بالحرقة والألم والشكوى من مواطنين من مختلف محافظات العراق ما عدى كردستان المضيئة طبعا
او ضح السيد مدير عام توزيع الكهرباء ان الوزارة بحاجة الى 25مليار دولار لبناء البنية التحتية الكهربائية    ، ولم يذكر  عشرات المليارات المصروفة لحد الآن ولكنها لم تنير دارا ولم تدور ماكنة معمل...
كذلك شكي السيد المدير العام من  الإفراط في استهلاك الطاقة فعليه ان يقتر قدر المستطاع أي ترشيد الترشيد  وتحديد المحدد ومزيدا من الظلمة والظلام.... وفي الأخر  زف إلينا بشرى  مضاعفة أسعار الوحدات الكهربائية على المستهلك أي من 10 الى 20 ومن 20الى 40 ...الخ  كوسيلة للترشيد ووفاء للوعيد وعلى المواطن ان  لا يستغرب إذا كانت القائمة((تكسر الظهر وتزيد القهر)).......وكان الأخ مقدم البرنامج قد داخله مستغربا   عن ترشيد ومضاعفة  المفقود.....
فمن الترف ان يشغل العراقي أكثر من  مكيف هواء بل عليه ان يستعمل أكثر من ((مهفه))....لا نرى حاجة لإيضاح معنى المهفة لأننا لا نكتب لأصدقائنا الانكليز ولا اليابانيين ولا الأمريكان  لأنهم لا يفهمون  عن أي شيء نتحدث فهل معقول ان يكون بلد الطاقة الهوائية والشمسية والمائية والغازية والنفطية بلا كهرباء......!!!!!ولا نريد ان  نزيد عجبهم حينما نقول بلا ماء...... وسعر برميل النفط على العراقي ب150 دولار وعليهم ب70 دولار وعلى الشقيقة الاردن ب 22 دولار.... من باب التضحية والإيثار وإكرام الصديق والشقيق والجار؟؟؟!!!انه كرم عراقي بحق...وليس من حق احد ان يقول وهب الأمير.............فالأمير منتخب
فلازال الأمر بمثل هذه الاستحالة كما ورد في المقالة..الا إذا تبرع الرؤساء الثلاث بالإضافة الى الوزراء والسادة النواب  بنصف رواتبهم وهذا أمر غير ممكن فهم  أصحاب عوائل لا يمكن تجويع أطفالهم فماذا يعني مرتب  ثلاثة او أربعة ملايين دينار....... وقد اعتادوا حياة العز والرفاه  والبذخ ... والمثل يقول ((أنطي المتعلم وخلي المحتام)) فالفقير العراقي وبناته وأبناءه من أصحاب الآمال والأحلام المؤجلة  أي ن ((المحتامين)) طوال قرون من الزمان!!! وعلينا ان نعتبر من قرار حرمانهم من البطاقة التموينية فادت دموع أطفالهم  المحرومين من شاي وزيت وحليب الوجبة الى انكماشها  الى ((خمسة مفردات)) بعد ان كانت ((15))مفرده...ولاشك ان الرقم خمسة من الأرقام المباركه وكما يقولون ((شكو عليكم تضربون بالخمسه))!!!نأمل ان لا ييجعلونا نضرب بالصفر!!!؟؟
ختاما لنا رجاء بسيط مع وزارة الكهرباء ان يزود جابي الأجور وقارئ مقاييس الكهرباء  بمطرقة صغيرة يدق بها ابواب المواطنين  كي يستطيع ان يدخل الدار ليستلم  مبلغ  وصل الكهرباء.... فالمسكين غالبا ما نراه يعاني الانتظار في الباب  وقد يصاب بضربة شمس  في الصيف ونزلة برد في الشتاء بسبب عدم الاستجابة لطرقه  الغير مسموع  للباب بيده او قلمه ولا جواب  ، فجرس الباب لا يعمل لان الكهرباء مقطوعة.......ولا مانع طبعا ان تضاف كلفة المطرقة على قائمة الكهرباء مع الزيادة المرتقبة التي بشر بها السيد المدير العام....   ف ((المبلل  ميخاف من المطر)). ...كما يقول المثل العراقي.

23-5-2010





218
ليطلع الصحفيين في العراق....

السلام عليكم
الاستاذ مؤيد اللامي المحترم
السيد مؤيد السبع المحترم
 السيد عماد عبد الامير المحترم
السيد سعد محسن المحترم
السيد رشيد الحمداني المحترم
السيد....المحترم
منذ  2006 ولحد الان قلمي يخط طلب عضوية النقابه، طلب ليس من حضراتكم ولكنه طلب تزكيه  كتاباتي في اكثر الصحف والمجلات العراقية والعربية والاجنبية ومنه جرية الزوراء جريدة النقابه.
بعد اخذ ورد زار مقرفرع النقابه  في النجف السيد مؤيد اللامي قبل ان يكون نقيبا وبالاشتراك مع  لجنة العضوية تمن دراسة طلبات واضابير طالبي العضوية ومن ضمنهم اضبارتي وتمت مصادقته على طلبيي باتفاق الاراء كوني عضوا متمرنا في تموز 2007 واصطحب الاخ صباح الاضابيرمعه مع نسخة من مجلة الحرية التي اراس تحريرها ولازلت.
ولكن للاسف  صدرت قرارات منح العضوية دون اسمي....الا اذا كان التوقيع مزورا ... الله اعلم!!
ثم ارسلت اضبارة ثانية مع تاييد وشهادة السيد عبد الرزاق السلطاني رئيس الفرع باهليتي وجدارتي بالعضوية كاملة ولكن دون جدوى فقد صدرت قرارات في الشهر الثاني دون اسمي علما بانني سلمت اضبارة كاملة  وغير منقوصة الوثائق مع عشرات من مقالاتي ودراساتي في الصحف والمجلات العراقية والعربية وكتاب المبباركة  واعتماد المجلة مع كادرها والوثائق الاخرى بيد الاخ غازي شايع الذي سلمه بدوره للاخت ام على ليعرض على اللجنة ،  اتصلت عدة مرات بالسيد النقيب والاخ غازي والاخ صباح واكدوا اهتمامهم بالامر اخرها  بحضور رئيس الفرع في النجف السيد عبد الرزاق السلطاني ولكني فوجئت بعد م وجود اسمي ضمن  القرار الصادر في شهر نيسان من هذا العام........!!!!يبدو ان هناك فارا  يترصد اضباراتي اسال الله ان ياخذ حقي منه ومن  قضمه اضبارتي.
انكم قد منحتم  احد محرري المجلة  الزميل (كامل هادي جبر) صفة مشارك من 1-4-2010  علما اني من زوده بالتاييد كونه  احد محرري مجلة الحرية باعتباري رئيس تحريرها  وصاحب امتيازها، وطبعا هو  مظلوم بقرار كم هذا لان طلبه منذ 2007 ايضا ويفترض ان يمنح العضوية العاملة.
 
لاحظت ان قراركم يذكر ان عدد المشمولين بالقرار هم(646)  يبدا من محمد كريم الكناني وينتهي باسم عباس عبد الساده الذي منح العضوية العاملة من ناريخ 2009. ولكن القائمة تبدا  برقم واحد وتنتهي برقم 643  وهي بالفعل تبدا باسم الزميل محمد كريم وتنتهي باسم الزميل  عباس عبد الساده ،وقد سقطت منها ثلاثة ارقام لااعرف لماذا ومن هي هذه الارقام المختفية ولمن تعود.
 
نامل ان تردنا اجابة مقنعة منكم فقد طال انتظارنا ونفد صبرنا
يرحمكم الله فالنقابة ملك  الجميع
 ويجب ان يحترم قانونها ويطبق على الجميع
حميد  لفته الحريزي
رئيس تحرير مجلة الحرية
كاتب وصحفي وقاص
عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق
12-5-
 
ملاحظه :- رغم استفساراتي العديدة وكتاباتي ومكالماتي الهاتفية  فل  اخرها ما اعرضه امامكم فلم احصل الا  على وعود واعذار غير مبررة بالمره.
يمكن لمن يريد ان يطلع على كتاباتي ان يبحث عن طريق الكوكل في  مواقع الصحف والجرائد والمجلات التالية:-
(( الصباح، المدى، الزمان، صوت العراق، المؤتمر، الامه، المؤتمر، الاهالي، كل العراق، العرب اليوم، الجريده، المناره،مجلة شعوب ، مجلة بغداد، مجلة الحرية، مجلة قراطيس، الزوراء...الخ)) المنشورة تحت اسم حميد لفته، حميد لفته الحريزي، حميد الحريزي
 
 
22-5-
 
حميد لفته الحريزي -كاتب وقاص وصحفي عراقي
رئيس تحرير مجلة الحرية

219
من اجل وليمة  منتجه!!!

حميد الحريزي
 
 ليس عبثا تنوعت المنتجات النباتية  والحيوانية في البر والبحر لتكون غذاء للإنسان سيد الكوكب باعتباره صاحب العقل المفكر والمدبر  المنتج.
لقد أودعت أمنا الأرض وأبونا البحر أسرار هامة جدا لم يزل بعضها عصيا على الإنسان ولم يكشف ميزاتها وصفاتها وفوائدها.
فهناك العديد من المواد الغذائية له مفعول كبير ففي معالجة أمراض عديدة عند الإنسان منها ما هو عضوي ومنها ما هو  نفسي ، هذا أمر معروف للجميع ولكن...
ان ما نريد ان نلفت النظر إليه هو ميزة بعض الأغذية في  جعل مزاج الإنسان رائقا وشفافا متميزا بالسماحة والود والتضحية والإيثار والشعور العالي بالمسئولية، في حين هناك أغذية  تجعل المزاج عكرا وتصرف الإنسان فظا غليظا أنانيا ولا يحب غير نفسه وهي  الأغذية غالبا ما تكون من الوجبات الأساسية للناس المرفهين أصحاب المال والجاه....
بيت القصيد هنا ان وكالات الأنباء أفادت ان فخامة الرئيس[M1] جلال الطالباني سيقيم مأدبة غداء للكتل السياسية ذات الشأن في العملية السياسية بعد الانتخابات البرلمانية، هذه العملية التي تعاني من ضيق في التنفس وعسر في الهضم وهشاشة في العظم وطبعا ليس بسبب العواصف الترابية او شحة  وتردي مواد الحصة التموينية...ولكن بسبب ضيق الأفق وغلبة المصلحة الذاتية وشحة في الوطنية وفقر في الإنسانية وسوء هضم للديمقراطية هذه المخلفات  السامة والمثيرة للحساسية التي انبعثت  ولم تزل تنبعث من الماكينة الطائفية والعرقية المصنعة بمواد محلية وبخبرة وتخطيط العقلية البنتاغونية البرايمرية الأمريكية.
فبعد أكثر من  سبعين يوما عراقيا مشبعا بلون الدم وعرق الهم ورائحة الدخان والألم، لم تزل القوى المتصدرة للعملية السياسية وهي تتبارز بالمداد والعتاد الخارق والحارق المجرب بأجساد ورؤوس وأملاك المواطن البسيط  البريء، كل هذا من اجل تضع واحدا او أكثر من الرؤوس الثلاث في سلتها، وهي مبارزة أثبتت للمواطن العراقي  ان أبطالها لم يتصارعوا   ليصل الأكفأ والأقدر والأكثر عطاء من اجل سعادة وسيادة وخير الشعب والوطن، ولكن لان هذه الرؤوس ستملأ السلة التي تحوزها  ذهبا وجاها وسلطانا، لذلك نتمنى  على السيد الطالباني  مفترضين انه حسن النوايا ويسعى كما هو مفترض بمن يشغل منصبه ان يكون ممثلا لكل العراقيين ان لا يفضل لبن اربيل على غيره حينما يجلس على كرسي الرئاسة، ان يختار طهاة لهم خبرة ودراية كبيرة في اختيار نوعية الأغذية والشرابات التي تعمل على تهدءة الخواطر  وتحفز  روح السماحة والمحبة والتضحية والإيثار وحب الوطن وتذكر عهودهم وعقودهم  لذوي الأصابع البنفسجية..............
يجب ان لا تخلو المأدبة  من التمر البصري والجوز السليماني والتين التلعفري والكبة  الموصلية والبرتقال الكر بلائي والرمان الشهر باني والزيتون البعشيقي، غير متناسين الهمبركر ولا الزعفران ولا لحم الجمال السعودية والكرزات السورية...
عسى ان تكون  سكين الطالباني قادرة على تقسيم كعكة السلطة بما يرضي الجميع  .... ويشرب الجميع نخب الصفاء  ليوسع صدر العملية السياسية ويفتح مجاريها التنفسية....!!!

220
هيئة تحرير مجلة الحرية تستنكر وتدين جريمة اغتيال
 الصحفي الشهيد سردشت عثمان

 في كل يوم تسيل دماء  بنات وأبناء الشعب العراق على أيدي قوى الإرهاب والاحتلال  ولكن الفاعل  دائما ((طنطل)) مجهول؟؟!!
إن دماء كل أبناء العراق عزيزة وغالية مهما اختلفت أديانهم وقومياتهم وطبقاتهم وأجناسهم وأعمارهم ومهنهم، ولابد من الأخذ بحق هذه الأرواح والدماء المهدورة   وملاحقة الفاعل والمحرض والممول والمتواطئ والمقصر  ليأخذ جزاءه أمام قضاء عادل.
إن دم الصحفي صوت الحق وحامل لواء السلطة الرابعة عين ومرشد المواطن لمكافحة الفساد والمفسدين ومنتهكي أعراق المجتمع وقيمه السامية وقوانين الدولة ، نقول إن هذا الدم  يمتلك خصوصية خاصة فاختطاف واغتيال الصحفي الشاب والشجاع سردشت عثمان وهو  واقف بشموخ في ساحة الكفاح متنكبا قلمه وكاميرته لمقاومة قوى الظلم والظلام والديكتاتورية والتخلف والاستبداد والدفاع عن كرامة وحقوق الإنسان، فاغتياله بهذه الطريقة الجبانة  والبشعة تتطلب تضافر كل  أحرار العراق بدون استثناء وكل أحرار العالم من اجل إيقاف المذابح والمجازر التي ترتكب بحق أبناء العراق وسط شلل إن لم نقل عجز أو حتى تواطيء بعض القوى التي يفترض إن تكون  حامية  الأمن وحرية وكرامة الإنسان العراقي في كل مكان  فما بالك إن يكون في مكانا عاما  وفي وضح النهار.
إننا نظم صوتنا الى الأصوات الهادرة في كردستان  العراق خصوصا  وكل أحرار العراق التي تستنكر وتدين  مثل هذه الجرائم الوحشية ومطالبة السلطات  با لقاء القبض على القتلة المجرمين وتقديمهم للعدالة وكشف من يقف وراءهم.
الصبر والسلوان لذوي الشهيد وأصدقاءه وزملائه.
 سيبقى  القلم  حيا وحرا عصيا على القهر والإفناء والإبادة.
المجد والخلود  للصحفي الجريء سردشت عثمان وهو يلتحق بقافلة شهداء  الكلمة الحرة والصوت الجريء والصورة المعبرة .
هيئة تحرير مجلة الحرية
11-أيار-2010

221
ثقافة  الاستبداد والاستبعاد والاستيراد في ارض السواد
حميد الحريزي

 لا نريد أن  نكون من جلادي الذات ولاممن يتبنى  نظرية السلوك الإنساني التي ترى أن السلوك تحدده الجينات  وليس البيئة الاجتماعية إلي يترعرع فيها الإنسان منذ ولادته، ولسنا ممن يروج لحكم الفرد المخلص، ولكن الذي جرى ويجري في عراقنا الحبيب يبدو ليس غريبا ولا عجيب، فمنذ عهد السومريين والبابليين والأشوريين يروي التاريخ  الكثير الكثير عن الحروب والنزاعات بين  الملوك والأمراء وقد كان غالبا  ما يطلب كل منهم عون ومساعدة  الأجنبي لقهر أخيه وابن وطنه أو يفتح له الأبواب ويجند له الحراب ليتخلص من  الحاكم الجائر فدخل ارض العراق الرومان والفرس والمغول  والأتراك بالتعاون أو التهاون  من  بعض أبناء العراق لسبب أو آخر، من الملاحظ أيضا أن  من حكم واستعبد وانتقم وكفر بالنعم حاكم مستورد،  مرة أموي  ومرة عباسي أو علوي أو ... وليس بعيدا علينا قصة ولادة أول دولة عراقية بهندسة  بريطانية في أعقاب إمبراطورية تركية مستبدة وبعد أن طال نزاع  رموز ومتنفذي أبناء العراق ولم يتفقوا أن يختاروا ملكا  لتاج العراق  تم استيراد ملكا يحكهم  برضي وتدبير المحتل الانكليزي عام  وباستشارة المس بيل1921،  المبكي والمحزن حقا  انه عندما انتفض ابن العراق  لكرامة  شعبه وسيادة وطنه  وتخليص خيراته من براثن  الاستعمار وقوى الاحتكار في الرابع عشر من تموز1958 وبرز على  راس السلطة زعيما وطنيا  لم يجود التاريخ بمثل  محبته لأبناء شعبه وعدله ونزاهته وشجاعته وانحيازه لفقراء وكادحي العراق((الزعيم عبد الكريم قاسم))، ما كان  من بعض أبناء العراق إلا إن يتآمروا مع قوى خارجية عربية وغير عربية مع  قوى الاحتكار والاستعمار فقتلوه ومثلوا به  وعملوا حتى على إخفاء قبره في  ما أسموه بعروس الثورات في  8 شباط 1963وبذلك فأنهم قد قتلوا محاولة  رائعة لبروز  رمز وطني حقيقي في ارض السواد وأبدلوه  بأسماء وعناوين لا تمتلك  غير حروف أسماءها العربية والعراقية وكأننا نحاكي أجدادنا  زمن عبادة الأصنام حيث إنهم يلتهمون إلههم المصنوع من التمر اللذين يعبدونه  متى ما شعروا بالجوع  وكان هناك علاقة ترابط  بين الإله المعبود وبين العبد فالإله  كان مغريا ومحرضا للأكل لأنه من  التمر  والعبد   مجبولا على    عادة تغيير وتبديل  ألهته بعد   أن يضجر منها لأنها  إما أن تكون بحلاوة وطراوة التمر فتأكل  وإما  مصنوعة  من حجر فاقد  المرونة فيكسر ،  اعد المسرح السياسي في العراق من قبل أيدي خارجية متخادمة مع أيدي عراقية داخليه  ليعتليه مسخ أريد له أن يكون  رمزا لا يمتلك سوى روح التدمير والخراب وسحق كرامة  الإنسان العراقي فكان الطاغية والرمز المسخ ابن أبيه  اللا مجيد  الذي فاق بربرية الأتراك والمغول والفرس والرومان في إذلال أهل العراق والعبث في مصيرهم ومصادرة حرياتهم، وبفرضهم حصارا   قاهرا على أبناء الشعب، و عدم  التزامهم بقرار المم المتحدة ((688))، عمل   البعض بقصد أو غير قصد على  واد ثورة الشعب عبر انتفاضته المجيدة في  آذار  1991 من خلال  تحييرها الى احد  دول الجوار واصطباغها بصبغة طائفية ضيقه ،  مما أغلق باب الخلاص من  ظلمه  وجبروته إلا  بالتعاون مع الأجنبي  ليأتي معارضيه على دبابات المحتل الأمريكي  وحلفائه في 9-4- ، وبعد خلافات وانقسامات بين  أقطاب ((المعارضه)) العراقية حول من يحكم العراق بعد ((التحرير)) أتى العقل الأكبر برايمر لهندسة  السلطة السياسية في عراق ما بعد انهيار الديكتاتورية وفق أجندته العرقية والطائفية وما حدث ولازال يحدث ليس بحاجة للشرح، وها نحن الآن بعد أن خرج أكثر من (12) مليون عراقي للتصويت وانتخاب  سلطة تشريعية وتنفيذية في 7 آذار 2010 وبعد  شعور بالعجز  والأنانية والعراك حول  المغانم وبدافع القفز للمناصب ونيل المراتب انتشر زعماء عراق اليوم –الفائزين بأكبر عدد من مقاعد البرلمان-  انتشروا في بلدان الجوار وغير الجوار من عرب وغير عرب ليعودوا للبلاد وقد  جلب كل منهم صك الرضا لنفسه وحزبه والكارت الأحمر ضد منافسه لكي يعرض على العقل الأكبر الأمريكي  ليختار  أشخاص الرئاسات الثلاثة الجمهورية والبرلمان والوزراء، وبالتالي  كأننا نعيد تاريخا  توهمنا بأننا قد تجاوزناه وان  العراقيين   بلغوا سن الرشد وسكنة ديارهم الحكمة بعد  ذاقوا كل الويلات عبر تاريخهم الطويل بسبب الفرقة   والاعتماد على قوى خارجية في شؤون إدارة وحكم بلدهم، فما سر هذا البلد الذي لم يزل عاجزا  عن ولادة  رمزا وطنيا يجمع عليه الشعب العراقي لا بالماضي ولا بالحاضر وربما في المستقبل ، فليس لنا غاندي الهند ولا كاسترو كوبا ولاهوشي منه الفيتنام ولا مانديلا أفريقيا ولا لينين روسيا ولا مختار ليبيا  ولا...ولا..ولا مما يبدو إننا قد ابتلينا بجين الاستبعاد والاستبداد والاستيراد ابتداء من  الطماطة و الخيار وانتهاء  بالرؤساء والامراء؟؟؟؟

222
بيان بمناسبة الأول من أيار

الطبقة العاملة بين الواقع والطموح


     تمر علينا هذه الأيام, ذكرى عزيزة على قلوب العمال والكادحين, بل على قلوب كل من أنتما إلى قيم الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة والكرامة الإنسانية, في عالمنا واضعا إياها هدفا نبيلا نصب عينيه وبالضد من قوى الوحشية والاستغلال والهيمنة.
    في عالمنا اليوم, الرأسمالية المتوحشة, كما هي بالأمس تنثر الدمار وتدمر الشعوب وتشوه البيئة ولكن بوتائر أسرع وبوسائل اشد فتكا موظفة التطور الهائل والمتسارع في العلوم والتكنولوجيا لصالح تعظيم إرباحها وفرض هيمنتها, سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. وكل ما تعمقت أزماتها ازدادت وحشية.
     يبدو على السطح إنها في أوج هيمنتها وسيطرتها على العالم. إنها تجتاحه كتسونامي مدمر لا يقف بوجهه شيء, خصوصا بعد التراجع الذي تشهده مراكز المقاومة واندراج العديد منها في أمواجه وانخراطها, بشكل أو بأخر, في مشاريعها المختلفة.
    هذه الرؤية لا ترى سوى الجزء العائم من جبل الجليد وان الغوص في أعماقه يرينا كم هي البراكين الذي تغلي فيها. يجري الحديث كثيرا عن ثورة الجياع المقبلة وعن التمردات الكثيرة التي تتشكل تحت لافتات شتى, كردود فعل غاضبة وعنيفة, قد تكون غير واعية لأسباب بؤسها, وتذكرنا بالردود الأولى الغاضبة للعمال في بواكير الفجر الدامي للرأسمالية, قبل أن يكتسبوا الوعي لينتظموا فيما بعد بحركات نقابية قوية وسياسية مناوئه للرأسمالية.
     الحركات المناهضة للعولمة تنشط في قلب العالم الرأسمالي المتطور وكثيرا ما حاصرت الرموز السياسية لقادته وهم يعقدون مؤتمراتهم تحت الحراسة المشددة كأنهم في حالة حرب. حركات السلام التي استطاعت حشد الملايين من البشر في تظاهرات ضخمة مناوئة للحروب. كفاح المدافعين عن البيئة. الإضرابات والفعاليات العمالية عبر العالم. النهوض المتواصل لليسار في أمريكا اللاتينية وأماكن أخرى من العالم وتحديه وتصديه الشجاع للمشاريع الأمريكية.
      إن الظرف الموضوعي مهيأ – وان بشكل متفاوت هنا وهناك- لمناهضة الرأسمالية المعولمة, غير إن الخلل يكمن في الظرف الذاتي, الذي لم يتمثل هذه المتغيرات الجديدة تماما. كذلك الإخفاق الواضح للكثير من أساليب التنظير وأشكال التنظيم والنضال لليسار التقليدي, كذلك البطء النسبي لنشؤ وتبلور يسار جديد يستوعب نظريا وعمليا التطورات الجديدة.
      على الصعيد المحلي أصيبت الطبقة العاملة بنيويا في الصميم, ففي عهد النظام الدكتاتوري السابق تعرضت الكثير من قياداتها النقابية والسياسية وكذلك نقاباتها إلى مخطط تصفية طويل الأمد. لقد تم تصفية العديد من قياداتها أو أجبرت على الانكفاء والنزول تحت الأرض بدون فاعلية مؤثرة نتيجة لعنف السلطة وفاشيتها اللذان قل نظيرهما, لتلحق هذه النقابات بالسلطة وتتحول إلى فرع من فروع الحزب الواحد. ومن ثم أقدمت السلطة الدكتاتورية على اقتطاع العمود الفقري للطبقة العاملة من الجسم العمالي وفق القرار 150 سيء الصيت بمنحهم صفة موظفين وبالتالي حرمانهم من حقهم في التنظيم النقابي وأفقدت الطبقة العاملة طبيعتها من العمال الصناعيين (البروليتاريا) وبذلك أجهزت على إمكانية بلورة المشروع العمالي وحجبت أدواته عن تفعيل الكفاح والنهوض بالحركة السياسية والاجتماعية في مشروع اجتماعي, وطني ديمقراطي, يؤسس لبديل شعبي للدكتاتورية يكفل الحرية والكرامة والعدالة.
       لقد قامت الحروب العديدة التي خاضها النظام لتدلي بدلوها في تدمير الوضع الاقتصادي والاجتماعي والخسائر البشرية في الأرواح في عموم كادحي المدن والأرياف وباقي القوى الحية في المجتمع وبذلك ساهمت في إفقاد الشعب قدراته لتشفع الرأسمالية العالمية ذلك بالحصار الجائر على الشعب العراقي من اجل استكمال الإجهاز على ما تبقى لديه من إمكانيات.
      لقد ساهمت السياسات المدمرة للدكتاتورية بالتكامل مع فرض الحصار واستخدام القوة المفرطة للتكنولوجية الحربية المتطورة لدول التحالف على تهيئة الأرضية المناسبة لاجتياح العراق بعد أن دمرت بنيته التحتية والفوقية تدميرا شاملا لتفقده المقومات اللازمة لمناهضة المشروع الرأسمالي المعولم.
      جاء الاحتلال الأمريكي لحصد ما زرعه, انهيار شبه تام للمجتمع المدني العراقي, أشباح طبقات وبقايا اقتصاد ودولة, ليتم الإجهاز عليهما وإفراغ البلد من كل مقومات الاجتماع وتحويله إلى تجمعات يسهل إعادة تشكيلها بما يخدم مصالح أمريكا وهذا هو جوهر ما أطلق عليه "الفوضى الخلاقة" وحقيقتها السياسية والاقتصادية.
      تواجه الطبقة العاملة مخاطر جمة من تطبيقات "الاقتصاد الحر" وتجري إشاعة الأوهام في صفوفها باعتبار هذا النمط من الإنتاج منقذا للبلد وان الاستثمار الأجنبي سيكون بمثابة المن والسلوى الذي سينزل على الشعب العراقي من سماء الشركات الاحتكارية العالمية في واشنطن ولندن وغيرهما حيث يسيل لعاب هذه الشركات لليوم الموعود بهيمنتها على ثروات البلد واستنزافها وإفقار شعبه بعد إن هيئة لها الأرضية المناسبة أدواتها السياسية العالمية- الدول المحتلة وصندوق النقد والبنك الدوليين- وكذلك الشرائح والقوى المحلية المرتبطة بالاقتصاد التابع المندمج في الاقتصاد المعولم. إن المشكلة ليست في الاحتلال العسكري المباشر فقط وإنما في نمط الاقتصاد التابع الذي سيعقبه وهو التحدي الأكبر الحقيقي للطبقة العاملة والشعب العراقي.

•   بعد سقوط الدكتاتورية وانهيار مؤسسات الدولة وأجهزتها القمعية وما أحدثه من فراغ في السلطة حدث انفتاح ذو حدين في البلد. رفعت القيود عن كل شيء حرية الرأي وحرية اضطهاده, الديمقراطية وعكسها, حرية التنظيم وحرية المليشيات, استمرار الاحتلال ونقل السيادة...الخ حرية المتناقضات أنتجت توازن الرعب والفوضى ومن بين ذلك أفرزت بعض الآليات الديمقراطية. وبغض النظر عن اختلاف المواقف والنظرة إلى هذه الديمقراطية فان من مصلحة الطبقة العاملة تجذيرها والكفاح من اجل تحويلها إلى ديمقراطية حقيقة بدمقرطة الحياة في المجتمع والدولة وكشف بطلان وزيف النظرة التي تشيعها القوى الشمولية التي تقف الديمقراطية فيها عند حدود الإلية الانتخابية وسيادة ’’الأغلبية‘‘, حيث يستبدل التفويض الإلهي بالتفويض الانتخابي مع ضبابية التداخل بينهما, منتجة نظاما دكتاتوريا مبطنا. الديمقراطية غير قابلة للتجزئة ومن يقبل بها عليه أن يقبل بجملتها وكذلك ببعدها الاجتماعي باعتبارها تستند على قيم المواطنة والمساواة. لذا يجب الحذر من أية مبررات توظف للحد من الديمقراطية والحقوق الأساسية للإنسان, فقضية الديمقراطية لم تحسم بعد وخطر نشؤ دكتاتورية سافرة مازال قائما.
•   منذ سقوط النظام ودوامة العنف لا تنقطع وتطال المجتمع بشكل وحشي وبطرق وأدوات تستهدف وتؤدي إلى ما يشبه الإبادة الجماعية. ولا يقتصر ذلك على العنف العسكري والمسلح وإنما يشمل مجالات أخرى كالعنف الفكري والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والجنسي... كما انه كثيرا ما يطال البنى التحتية. حيثيات هذا العنف المتنوع تثير الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام المشروعة حول أسبابه وأهدافه ومغزاه ومن يقف وراء الستار لتأجيجه واستثمار نتائجه. ليس المرء بحاجة إلى الكثير من الفطنة لمعرفة من يستفيد منه لكن الواضح والذي لا يقبل الجدل إن المتضرر الأكبر هو الشعب العراقي والبني التحتية في البلد.
•   تعاني الصناعة والزراعة في العراق من الإهمال والشلل ويجري فتح السوق إمام المنتجات والسلع المستوردة الرديئة مما اضعف هذه القطاعات التي تعاني من الضعف أصلا حتى صرنا نستورد كل شيء من المسمار إلى الخيار. إن ذلك يهدد اقتصاد البلد واستقلاله مع ازدهار النشاطات التجارية التي تخلق شرائح من السماسرة والوكلاء ونمط الاقتصاد غير المنتج لتكون قاعدة اجتماعية-سياسية للمشروع الرأسمالي المعولم.
هذا جزء من الواقع المر الذي يعيشه العمال إضافة إلى البطالة الواسعة والإفقار والأمراض والتهميش, فما الذي نطمح إليه؟ الإجابة على ذلك هو حركات نقابية وسياسية تعي خطورة هذه الإشكالات لتؤسس رؤية وبرامج ووسائل واقعية توحد اليسار والحركة الوطنية الديمقراطية من اجل بناء مجتمع ودولة مدنية حديثة يسودها العدل والمساواة والحرية وتعتمد معيار المواطنة وانجاز الاستقلال الحقيقي. أن تحقيق ذلك يعود في جزء كبير منه إلى نقد العامل الذاتي لذاته فهل يتحقق هذا الطموح؟
فالطبقة العاملة العراقية مطالبة أكثر من غيرها باعتبارها  رأس الرمح في مناهضة ومقاومة قوى الاحتلال والاستغلال مطالبة إن توحد صفوفها  وتختار قادتها من رحم حراكها الاجتماعي والطبقي ورفض الهيمنة والقيمومية التي تحاول أن تفرضها عليها  القطوا زيه خدمة لمصالحها ومصالح أسيادها ،  نبذ العناصر أفرادا وقوى وحركات دخيلة على الطبقة العاملة سواء من بقايا الديكتاتورية السابقة أو من أدعياء الديمقراطية  الاحتلالية اللاحقة.
يجب أن تعي الطبقة العاملة العراقية خطورة  وضع البلاد الآن :-
 دولة بلا قيادة، ووطن بلا سيادة، وقادة تجمعهم الولائم وتفرقهم المغانم والغنائم.
يجب انتعي الطبقة العاملة دورها التاريخي في قيادة الكفاح الوطني والطبقي والسعي لاستكمال السيادة الوطنية والتخلص من كل أشكال الاستغلال والاحتلال ورفض كل المعاهدات الاسترقاقية والاستعبادية غير المتكافئة.
والعمل على بناء دولة المؤسسات الديمقراطية المستوظة من قبل الشعب ولصالحه وليس العكس فقد اثبت التاريخ إن ليس  هناك ما هو احرص من العمال على بناء الأوطان وحرية ورفاه الشعوب والإيمان بالديمقراطية الحقيقية.
ألف تحية  لعمال العراق وعمال العالم بعيدهم المجيد.

هيئة تحرير مجلة الحرية
29-4-2010





223
نعم للعد اليدوي للأصوات وللرواتب والمخصصات
حميد الحريزي

بعد أن هدأت أصوات ((الدرابك)) وطبول العرس الديمقراطي لانتخابات  مجلس النواب العراقي، لازالت العروس  لا تعرف فارسها حيث لازال مخدعها (قبة البرلمان) مقفلة واختلط الأمر على  الحشد  في باب المخدع غير مميزا من هم المعازيم ومن هم ذوي العريس والعروس ومن هو العريس، فلا يسمع غير ضجيج ونشيج ومرافعات ومدافعات على أبواب المحاكم حيث لم يتم التصديق بعد على إي من عقود  القران الذي يدعي أكثر من رقم انه  يمتلك العقد الأكبر، أخيرا قرر القاضي إن يعاد العد والفرز يدويا بعد إن تمكن العقل العراقي الفطن من أثبات خرف وفساد العقل الالكتروني وعدم سيطرته على عواطفه وميوله الجينية كما برمجتها الشركات المصنعة فقد وقع في عشق وغرام بعض الأرقام والكتل فهيمنت على عقله وحرفت  نقله وخصوصا في  العاصمة بغداد، ومن يدري فربما يشي هذا العاشق المتلبس بالفساد  واللا موضوعية بإخوانه في  المحافظات الأخرى ، فتجلب صناديق العد والفرز اليدوي، وباس  فالصبر جميل حتى لا نقع في المحظور ونرتكب  المحرمات ونزيل كل الشبهات من عقد القران ومباركة العريس الشرعي حنى وان  استمر أمر تشكيل الحكمة بقية هذا العام؟؟!!!!
 ولكن السؤال:-
إذا كان العقل الالكتروني مشكوا في أمره فمن يستطيع  وكيف  ينزه اليد البشرية التي ستتولى عد ملايين الأوراق الانتخابية ومن سيشرف على عملية العد والفرز وهل إن المشرف منزه  من الخطأ والغش والانحياز، خصوصا وقد تم الطعن في شهادة ونزاهة قوى المراقبة والحكم الدولي والعربي والاممي حول نزاهة وصحة نتائج الانتخابات ومباركته للعريس والعروس.
والسؤال الثاني ماهو الحل وما هو العمل لو اعترض على هذا العد وحياديته ونظافة اليد التي قامت بالعد والفرز سواء الربحين أو الخاسرين؟؟؟
فهل سنضطر  أن نطلب ممن يقوم بعملية إعادة العد والفرز أن  يغتسلوا ويتطهروا  ثم نحلفهم أليمينا  ليكونوا  محايدين فيع ملهم؟؟؟ ولكن  بمن سنحلفهم هل بالقران أو التوراة أو الإنجيل  أو الكنزا زبرا أو  راس المال أو  الدستور....؟؟؟ وان اقسموا هل أن تجربتنا تدل على كفاية القسم لردع المحلف واعتماده الدقة والموضوعية والنزاهة، فكم نائبا اقسم ونكث وكم  وزيرا اقسم وسرق وكم وكم؟؟؟؟
وان كنت قد دخلت  حلقة مفرغة ولا أجد  مخرجا للطعن والطعن المقابل ولكنني أتمنى أن تجري عملية عد ونسلم رواتب أعضاء البرلمان وكبار المسلين من الرؤساء والوزراء بالعد اليدوي واعتماد  الدينار العراقي بالعد اليدوي لنرى كم هو الفارق من الكم والوقت تستغرق عملية عد رواتب المسؤلين مقارنة مع الكم والوقت لعد رواتب صغار الموظفين والمتقاعدين ناهيك عن العاطلين مع مراعاة الشهادة ومدة الخدمة في دوائر الدولة ؟؟؟
 كنا نتمنى أن يختلفوا حول هذا الأمر أي  حول مصالح  من انتخبهم وليس من انتدبهم ، فلم نسمع ولم نقرا لا بالتلميح ولا بالتصريح حول إعادة النظر واختزال  الفرق بين رواتب المسؤلين وبقية الموظفين لنعقل ماهو سبب العراك  والخلاف والتأخير في تشكيل الحكومة!!!
إن ما جرى ولازال يجري إنما يثبت إن الخاسر والفائز والشاهد والمراقب كلهم جوقة تحوم حولها شبهة التزوير تحت رداء الديمقراطية والمشاركة التي لا تعني  إلا تقاسم الغنائم  ضمن  آلية المحاصصة الطائفية والعرقية، وكل يريد النصيب الأكبر والمنصب الأخطر لأنه  يدر ((واردا)) أكثر ،وان الخاسر الأكبر هو الشعب العراقي الذي لازال يئن تحت نير الإرهاب والجريمة المنظمة والفساد المالي والإداري والبطالة  وافتقاده لأهم الخدمات وانحدار غير مسبوق في الصناعة والزراعة والتربية والثقافة والعمران، إن وصف المتعاركين والمتصارعين كوصف اللذين يفتعلون صراعا وعراكا فيما بينهم لسرقة شخص ثالث قريبا منهم  تدفعه غيرته ونخوته لفك اشتباكهم فيغفل  عن  محتويات جيوبه فيسرقها المتصارعين  المحتالين  ..لا يدرك إلا بعد فوات الأوان إن ثمن طيبته ونخوته  و((فزعته))  هو سرقة  أمواله وحاجياته إن لم يكن هدر دمه بنصال سكاكين المحتالين،  خف لون البنفسج  من أصابع العراقيين  وزال تماما بعد  أكثر من شهر ونصف  من إجراء الانتخابات ولكن  همومهم وآلامهم  ونزف دمائهم واحباطاتهم تزداد وقلقهم يتضاعف حول مستقبل يبدو مجهولا أن لم يكن مخيفا ومرعبا وكل  طرف من إطراف ما سمي بالعملية السياسية يتهدد ويتوعد بالعودة  للمربع الأول  ولا  أقول ما أدراك ما المربع الأول لأنك عشت كل مآسيه ومصائبه وكوارثه .

224
الظاهرة الطائفية وإشكالية الدولة المدنية- دراسه

حميد الحريزي  - كاتب من العراق
 
                                                     
يدور الحديث عن الطائفية والطوائف في أوساط الناس من ذوي الثقافة وغيرهم، وغالباً ما يتم التركيز على توصيف الظاهرة وعدم التعريف بها، وهذا نهج متأت عن جهل لجوهر ومضمون الظاهرة وجذورها التاريخية. هذا ما يحدث فعلاً وخصوصا في ظل هيمنة ثقافة التغالب والادعاء وحب التظاهر والارتقاء التي غالبا ما تكون سائدة خلال فترات التحولات الهامة إن لم نقل الكبرى والتي يصاحبها حالة فك عقدة اللسان للإنسان المقهور والمهمش من قبل الأنظمة السلطوية والأعراف الاجتماعية الاستبدادية، وإن كان هذا  نابع عن جهل أو قلة معرفة فإن هناك من يسعى ويبذل جهداً فكرياً كبيراً من أجل أن يظل سر نشوء وترعرع الظاهرة الطائفية مستورا موارى خلف ستائر القدسية والأغطية الأيديولوجية التي تسعى لتأبيد حالة الجهل والعمى الفكري لجمهور مضلل معطل مكبل بقيود ايدولوجيا قوى ترى في الظاهرة الطائفية وتأييدها خدمة كبرى لدوام سيطرتها، سواء في سدة السلطة الحاكمة أو على وسادة ومنبر المجتمع عبر جمهور مقهور ومبهور ومضلل يقاد بسلاسل وهمية ترسم عليها رموز مقدسة، يوحى للمقاد من خلال استحضار أشباحها أنها تعطي دعمها وتدعم هؤلاء باعتبارهم وكلاء وأمناء ومستودع سر هذا المقدس.
وهنا لابد من سؤال: هل الظاهرة الطائفية هي ظاهرة تخص الدين الإسلامي دون غيره؟
طبعاً إن الجواب سيكون بالنفي حتما حيث إن هذه الظاهرة موجودة في كافة الأديان سواء السماوية منها أو (الوضعية) كما هو حال التشظي والانشقاق في كافة الحركات والأحزاب السياسية العقائدية، وهذا هو حال المسيحية واليهودية والبوذية وغيرها، وهذا مما يجب أن يوفر للعقل دليلاً قوياً كون هذه الظاهرة ليست وليدة عقل خارق مفارق أو نتاج مفكر متأمل، إنما هي حالة نابعة ومولدة من رحم حراك اجتماعي دائم التغير والتبدل والتجدد باعتباره صراع مصالح قوى وطبقات وفئات اجتماعية مختلفة ذات بنية تحتية معينة، وفي مستوى من التطور أو مستوى معين من الصيرورة تستدعي أن يكون لها غطاءا ايدولوجيا في البنية الفوقية يدعم وجودها ويؤمن لها الركائز الفكرية للديمومة والبقاء في حلبة الصراع الدائر بينها وبين نقيضها الطبقي.
لكن الذي يهمنا هنا ضمن هذه الدراسة هي الظاهرة الطائفية كما تمظهرت في الطوائف الإسلامية وبالخصوص ما أطلق عليه (الطائفة السنية) و(الطائفة الشيعية) باعتبارهما محور الصراع الطائفي على امتداد التاريخ العربي الإسلامي ودوله المختلفة منذ عصر صدر الإسلام ولحين التاريخ.
إن من يتفكر جذر نشوء الظاهرة الطائفية يستطيع أن يستنتج أنها ليست مشكلة إيديولوجية وإنما هي مشكلة سياسية في الأصل، أو تمظهرت وترعرعت في رحم الصراع بين طبقة التجار ومواليهم وبين جمهرة فقراء المسلمين، عرب وغير عرب، لتسلم منصب وصولجان السلطة والحكم، وقد تم تغطية وجه الصراع الحقيقي بين المصالح بغطاء من النصوص والطقوس وانتعش سوق رواة الآيات والحديث والذي يبدو انه واقع حال خالي الغرض لو تم تفكره أفقيا كصراع بين صحابة رسول الله(ص) بغض النظر عن انتماءاتهم الطبقية، ولكن لو يتم تفكره عمودياً لتوضحت معالمه الطبقية في ذلك العصر، فبعد أن تمكن- تجار قريش من إقصاء كل ما عداهم من المهاجرين والأنصار ممن بذلوا المال والدماء والتضحيات الجسام في نصرة وثبات الإسلام، استبعدوا من  الخلافة نظراً لعدم وجود صلة قرابة دم تربطهم برسول الله(ص) كون الرسول من قريش، بمعنى إن حق القبيلة أولى بالخلافة حسب ما زعموا وكأنهم نسوا أو تناسوا حديث النبي (لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى) فاختزلوا التقوى في صلة الرحم والدم، ولعل قصة مقتل سعد بن عبادة الأنصاري الذي دخل المنافسة مع أبي بكر لخلافة  الرسول كممثل للأنصار من قبل الجن معروفة في هذا المجال فتم اغتياله والتخلص منه، انتقل الصراع بعد ذلك من قريش وغيرها من قبائل العرب إلى مَن مِن قريش هو الأحق بالخلافة؟؟
نرى أن قريشاً وتجارها تنكرت لمبادئها التي أقصت بموجبها بقية المسلمين من حق الخلافة ألا وهي علاقة قرابة الدم والذي يستوجب أن يكون الإمام علي(ع) أو فلنقل بني هاشم هم الأولى في الخلافة وفق مبدأ القرب من رسول الله(ص).
وقد كان هذا الإقصاء مبنياً على أساس المصالح الطبقية، وقد أتى متخفياً ومستتراً خلف حزمة كبيرة من النصوص والروايات المتصارعة، واستطاع أن يكسب المعركة السياسية متخلياً عن قاعدة المبادئ التي تمسك  بها الإمام علي  وأنصاره ومشايعوه.
فارتأت ارستقراطية قريش أن تختار أبو بكر الصديق(رض)، الصديق والنسيب للرسول ليكون مقبولا من قبلها لتسنم الخلافة، والغير مرفوض بقوة من قبل عامة المسلمين وفقرائهم رغم ميلهم  للإمام علي وأنصاره كمالك الأشتر وأبي ذر الغفاري وسواهما، أي حصل ما يشبه الهدنة والتوافق الطبقي آنذاك وإن كان قلقا، وقد انعكس على خيار أبي بكر الصديق لعمر بن الخطاب الذي لقب بالفاروق حيث كان أكثر ميلاً للمبادئ الإسلامية وللفقراء والتمسك بالقيم التي جاء بها الإسلام وعدم المجاملة في قول الحق وتحققه، كما كان مجلسه مفتوحا أمام الإمام علي(ع)، أي إن صوت المبادئ وصوت فقراء المسلمين كان مسموعاً بشكل واضح في ديوان خلافة عمر وقد جسدتها المقولة المشهورة (لولا علي لهلك عمر)  والتاريخ يتحدث بالكثير من الشواهد المؤكدة حول هذا الأمر وقد ذهب عمر ضحية توجهه هذا، فإن كانت يد الاغتيال فارسية  الانتماء فإن العقل المدبر عربي أموي قرشي النسب  ارستقراطي الانتماء الطبقي، أراد بهذه الفعلة أن يتدارك هيمنة  أنصار كفة فقراء المسلمين بقيادة الإمام علي والغفاري وأنصارهما  فالتقى بقتل عمر دافع الثأر القومي الفارسي والحقد الطبقي الارستقراطي العربي الأموي خصوصاً الذي عبر عن حقيقة خيانة أهل الثروة والمال لمبادئهم مهما كانت تدعي الرفعة والسمو حينما تتهدد مصالحهم الطبقية الممثلة في انحياز عمر لصالح الفقراء والحد من ثراء الأغنياء، فقد روي عن عمر في آخر أيامه قوله: (لئن عشت إلى هذه الليلة من قابل لألحقن أخرى الناس بأولاهم حتى يكونوا في العطاء سواء). كما ذكر عنه (لو استقبلت من أمري ما استدبرت لأخذت فضول أموال الأغنياء  فرددتها على الفقراء)[1]
 فباغتيال عمر عجلوا وصول الخليفة الثالث عثمان بن عفان(رض) لتولي الخلافة باعتباره الأنموذج الأمثل لتحقيق طموحات تجار وارستقراطية قريش بقيادة معاوية بن أبي سفيان لتحقيق مقاصدهم لحيازة الثروة من الغنائم التي بدأت تتدفق بكميات  هائلة على بيت مال المسلمين نتيجة التوسع في الفتوحات الإسلامية في عهد الخليفة الثاني (رض).
 
وقد كان ما كان في عهد الخليفة عثمان بن عثمان(رض) حيث أصبح بيت مال المسلمين حكرا على بني أمية وأشراف قريش فتملكوا أطيانا وضياعا وكنزوا سبائك الذهب والفضة وملك أيمانهم  الجواري والعبيد وقطعان من الإبل والمواشي تبهر الأبصار، في الوقت الذي كان يعاني فيه عامة المسلمين من الفقر والفاقة والعوز. (لقد بالغ عثمان في إسناد هذه الطبقة فوضع بيت المال تحت تصرفها وأطلق للصحابة وغيرهم اقتناء الأموال وتملك العقارات والتنقل بين الأمصار دون أي قيد)[2]
وأدناه نموذج لمدى كنز المال والغلال لعثمان وبعض مناصريه في ذلك العهد:
(عثمان بن عفان/ من النقد: 150 ألف دينار ومليون درهم، قيمة الأراضي والعقارات 100 ألف دينار.
الزبير بن العوام: من النقد 50 ألف دينار/ أموال مختلفة: 1000 فرس و 1000 عبد)[3]
وللتاريخ قول كثير في هذا الوقت من وصف حركات المعارضة والرفض والتمرد على ما آلت إليه الحال وطريقة صرف وتوزيع الأموال، وقد كان أبو ذر الغفاري صوتاً هادراً لا يهادن في كشف هذا الظلم والحيف دائم التحريض على الرفض والثورة من اجل العدل والمساواة بين المسلمين، فنبذ منفياً ومات وحيدا في الربذة بأمر من عثمان وبتحريض من معاوية، وقد كان نفيه وموته أحد أقوى أسباب تراكم الغضب لعامة المسلمين ضد عثمان، وكان ما كان من أمره تحت فورة وغضب مناصري العدل والمبادئ الذي تتوج بقتل عثمان ومبايعة الإمام علي من قبل جمع فقراء المسلمين الثائرين باعتباره إمام الفقراء والمقهورين وميزان الحق والعدل. وطبعا لم  تستكن ارستقراطية قريش وعقلها المدبر  معاوية بن أبي سفيان حيث البس النزاع قميص عثمان والمطالبة بثأره، فكان مظهراً واضحاً من مظاهر قوى الاستئثار الطبقي لينتقل الصراع من ساحة الأفكار والروايات إلى ساحة السيوف والرماح والصراع الدامي الطاحن بين مختلف الأطراف الذي حاولت العديد من الأقلام والدراسات ذات النظر الأفقي أن تصوره عداءا شخصيا بين أفراد وروايات ووصايا، وليس صراعا بين مصالح فئات وطبقات مستأثرة وطبقات محرومة ومهمشة. انه صراع بقيادة  أهل الإيثار بزعامة الإمام على  وأهل الاستئثار بقيادة  معاوية  ورهطه.
فهل كان خلاف طلحة و الزبير وأعوانهما مع الإمام علي(ع) وصحبه خلافاً شخصياً أم خلافاً على كمية ونوع العطاء من الغنائم وإعطائهم المناصب، فكان باعثا لمعركة (الجمل) بزعامة عائشة أم المؤمنين رمزاً شخصياً ومشخصنا للصراع للتجتمع  حول ناقتها الجموع المؤملة  والمضللة، ومن المعلوم إن استمرار الصراع والمعارك الدامية بين معاوية ابن أبي سفيان نقيب بني أمية وأهل الثروة والجاه ضد الإمام علي نقيب بني هاشم ورمز المستضعفين والفقراء، وخصوصا معركة صفين وما نجم عنها وما تلاها من أحداث وانقسام صفوف المسلمين، حتى انتهت باغتيال الإمام علي(ع) في محراب صلاته في الجامع من قبل ابن ملجم، فلم يستطع إمام الفقراء أن يتفرغ ولم تثنَ له الوسادة خلال خلافته  لتركيز مبادئه وخططه ومساعيه لنشر قيم الإسلام الجوهرية في العدل والمساواة ورفع الظلم ومحاربة الاستكبار، وقد وصف هادي العلوي فترة حكم الإمام علي بالحدث العابر نتيجة لقصر المدة والانشغال في المعارك والحروب فـ(...حكم علي بن أبي طالب كان أشبه بحدث عابر في خضم الأحداث، وانقضت سنواته الأربع في مكافحة التمردات التي أثارها عليه أشراف العرب وأدت في النهاية إلى انهيار الخلافة واستيلاء الأمويين كممثلين للطبقة العليا على السلطة، ليفتحوا صفحة جديدة في حكم الاستغلال)[4].
وبغض النظر عن ظاهر من يقف وراء جريمة مقتل الإمام علي(ع) إنما كانت بتدبير ارستقراطية قريش وبزعامة معاوية  وأنصاره، مما قلب موازين كفة الصراع لصالح قوى الثراء والمال والسلطة، كل هذه المعارك الطبقية الدموية الطاحنة بين الأثرياء ورموزهم، وبين الفقراء ورموزهم من المسلمين دارت تحت يافطة من هو الأحق بالخلافة؟؟؟ متخفية تحت حجج ونصوص وروايات منقولة ومنحولة ومفبركة مخفية حقيقة هذا الصراع والذي امتد كما هو معروف قروناً من الزمان طوال الحكم الأموي والعباسي والعثماني وما بعدهما ولحين التاريخ، تحت ما يسمى الصراع الطائفي بين السنة بمختلف أطيافهم وأوصافهم وبين الشيعة  بمختلف أطيافهم وفرقهم (بدأ الشيعة حزباً سياسياً تحول بالتدريج إلى حركة معارضة سرية، وفي النهاية تطور إلى طائفة دينية بارزة ... ولكن زعماء الشيعة فشلوا في انتزاع الخلافة من السنة فإنهم عانوا من بطش السلطة الحاكمة، هذا البطش الذي بات دوماً مصير هذه الحركات، لقد اكتسب الشيعة الكثير من مميزات أقلية مضطهدة)[5]. وهنا يتبادر للذهن سؤال يقول: ما هو سبب الإخفاقات المزمنة لحركات الفقراء ومن ينذرون أنفسهم  للدفاع عن جوهر الرسالات الإنسانية على امتداد التاريخ العربي الإسلامي؟؟؟
نرى إن السبب الرئيسي لذلك كامن في بنية هذه التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية وطبيعة الدولة الريعية الخراجية مما حال دون بلورة طبقة برجوازية ناهضة منتجة، بل كتلة هلامية من التجار المرابين والعبيد والأقتان والحرفيين والصناع الصغار جندت ووضبت بمجموعها لخدمة متطلبات قصر السلاطين من وسائل الراحة والترف والكماليات لهم ولحاشيتهم ونسائهم وجواريهم وغلمانهم، وكانت تعتمد على توفير مستلزمات جندها وعساكرها عن طريق الاستيراد والمتاجرة المبنية على مبدأ وأسلوب المقايضة، أو طبقة التجار المستوردين وليس المنتجين وبالاعتماد على جلب أعداد  كبيرة من العبيد والجواري للعمل في قصور وضياع الأمراء والسلاطين وأمراء الجيش.
كانت هناك إرهاصات لنواة طبقة برجوازية منتجة في بدايات العصر العباسي، رافقتها حركة فكرية فلسفية صاعدة عرفت باسم المعتزلة أو الفكر ألمعتزلي وخصوصاً في البصرة والكوفة وبغداد باعتبار هذه المدن من اكبر حواضر المدن العباسية، وقد تبنى بعض خلفاء بني العباس وخصوصا المأمون هذه الحركة، فقطعت  السلطة طريق تطورها الطبيعي وهي لم تزل تحبو كحال مولدتها البرجوازية الناشئة، فقد كانت هذه الحركة تدعو إلى عقلنة أساليب وآليات الحكم وبناء الدولة، واعتمدت التفكر والتدبر العقلي المتسائل بعيدا عن التقليد والجمود النصي المتبع في إصدار الأحكام والقرارات والافتراءات، متأثرة في كثير من أطروحتها بالفلسفة اليونانية والفارسية التي برع العديد من (أهل الذمة) في ترجمتها إلى اللغة العربية، ومن بين هذه الحركات والدعوات حركة أخوان الصفا وغيرها من حركات المتصوفة ومن تم  اتهامهم بالزندقة والارتداد، حيث كانت حركة فكرية تمور بالحياة والتساؤل والحركة بين معتزل متفلسف ورافع سيف محارب أو مرتدي خرقة متصوف أو لا مبال ماجن أو موال للحكم والسلطان، إنها إرهاصات عصر تنوير لم يكتب لها الحياة والتطور بسبب انسدادها الموضوعي الكامن في البنية الاجتماعية الاقتصادية القاصرة. لم تطل فترة ازدهار هذه الفلسفة ونفوذ هذه الطليعة الطبقية الداعية للتثوير والتنوير التي لم تكن متوائمة مع طبيعة الدولة الخراجية ونظام توريث السلطة والخلافة غير المنسجمة مع الفكر المتسائل المتجاوز، ولا تتفق مع  الآلية الثيوقراطية التوريثية في الحكم، فأدار لها خلفاء بني العباس بعد المأمون  ظهر المجن وحورب أنصارها ومتبعوها والداعون إليها كما حورب رافضوها  في بداية الأمر، بالعكس مما حدث في الغرب حيث كان للبروتستانتية دور كبير في دعم نضال البرجوازية الصاعدة  وتقدمها في هدم سلطة الاستبداد الإقطاعي وتطور الصناعة والتجارة حيث يذكر ماكس فيبر (من المعروف جيدا إن البروتستانتية كانت احد أهم العوامل في تطور الرأسمالية والصناعة في فرنسا)[6].
لاشك إن التاريخ يحدثنا عن انتفاضات وحركات وثورات دامت سنينا طوال تقارع السلطات الثيوقراطية الوراثية، ومن هذه الثورات والانتفاضات ثورة الزنج (كانت ثورة  الزنج حركة ضيقة لا تنطوي على برنامج دقيق ونظرية تضمن لها البقاء والانتشار  الواسع)[7] وعموم جمهرة الفلاحين والداعين للعدل والمساواة وحركة البابكية وثورة القرامطة والإسماعيلية، بالإضافة للمعارضة العلوية   المستمرة طوال الحكم الأموي والعباسي وما بعده تحت حجة أحقيتهم بالخلافة والحكم باعتبارهم أهل بيت الرسول، هذا الحق المهدور الذي غالباً ما يكون سترا للكثير من الطامحين للسلطة والثورة أن يتستر به وباباً عن طريقه يدخل قلوب المتذمرين والناقمين على السلطان في مختلف العصور، ولكن سرعان ما يعادون وينكلون برموز العلويين (أهل الحق) عند وصولهم سدة الحكم كما فعل العباسيون عندما استتب لهم الأمر بعد إسقاطهم للخلافة الأموية.
 لم تستطع هذه الزعامات لهذه الانتفاضات والثورات أن تتجاوز عجزها الموضوعي بإنتاج أيدلوجيتها الخاصة بها المعبرة عن مصالح  القوى المنضوية تحت لوائها من الفلاحين الفقراء أو العبيد أو من أبناء القوميات المضطهدة والمحرومة، بل ظلت متلفعة برداء الأيديولوجية الدينية السائدة لتنتج ركائز نقيض طبقي واضح المعالم والأهداف، بل غالبا ما تستند إلى خطاب أخلاقي والعودة إلى المثل والمبادئ التي تدعيها الطبقة الثيوقراطية النقيض، مما  جعلها تدور في نفس الفضاء الفكري والثقافي لنقيضها دون أن تستند إلى نظرية أو منهج فكري يفكر وينظر لأسباب استغلالها وينير لها طريق ووسيلة وأداة الخلاص والانعتاق من نفس التشكيلة والبنية المحددة والكابحة والمعيقة لتطورها وهيمنتها، فالتاريخ يتحدث عن الكثير من انتفاضات العبيد (سبارتاكوس) وما قبله وما بعده وكذلك انتفاضات الفلاحين وعموم المقهورين، ولكنها كانت تحصد الفشل والانكسار ومنها ثورة (1920) ضد الاحتلال البريطاني للعراق، بسبب عدم وجود قيادة فلاحيه للانتفاضة، وإنما كان قادتها من قوى إقطاعية وعشائرية حيث يذكر ل.ن.كوتلوف (كان للمواقف السياسية لقيادة الثورة أثر كبير في تقرير مصيرها. وكان تكوين القيادة بالأساس من رجال الدين وشيوخ القبائل، وكان للفئات الانهزامية نفوذ كبير في قيادة الثورة)[8]. وكأن مفاتيح النصر والتحول الجذري في تاريخ الشعوب وضعت في يد وعقل الطبقة البرجوازية التي استطاعت أن تعي ذاتها وتعمل لذاتها وتنتج فكرها ونظريتها في المكان والزمان المناسبين لتحرز الانتصارات الكبرى في التاريخ على نقيضها الطبقي الإقطاع والحكم الاستبدادي الثيوقراطي والملوكي  المطلق بمختلف أطيافه وتمثلاته بما فيه عزل الدين السياسي وعزل الكنيسة وممثليها عن السلطة والدولة، وبذلك تمكنت من عزل سلطة وتحكم رجال الدين على رجال السياسة والحكم بعد أن كان لا دين بلا سياسة ولا سياسة بلا دين كما هو الحال ما قبل فترة النهضة والتنوير وما قبل الثورة الصناعية، فعمدت البرجوازية الغربية إلى وضع أناجيلها  وقوانينها وثقافاتها العملية الإنسانية الأرضية على شكل دساتير خاصة بها تسند بناء دولة ديمقراطية حديثة في العديد من البلدان المتطورة كبريطانيا وفرنسا وغيره من البلدان الأوربية وكما ورد في البيان الشيوعي: (تجر البرجوازية إلى تيار المدنية كل الأمم، حتى أشدها همجية، تبعا لسرعة تحسين جميع أدوات الإنتاج وتسهيل وسائل المواصلات إلى ما لا حد له.... وتجبر البرجوازية كل الأمم، تحت طائلة الموت، أن تقبل الأسلوب البرجوازي في الإنتاج وأن تدخل إليها المدنية المزعومة... فهي باختصار تخلق علما على صورتها ومثالها)[9]، ولكن هذا الحراك لم يحصل في البلدان الخراجية المتخلفة نظرا لبقاء رحمها قاصرا عن حمل وولادة طبقة برجوازية منتجة لتكون النقيض الفاعل للطبقة الثيوقراطية الإقطاعية في الماضي وشللها كطبقة قطوازية  - اشتقاق من قبل الكاتب  مركب من الإقطاع والبرجوازية باعتبار الأخيرة  مرتبطة برحم الأولى  ولم تزل  في البلدان التابعة - في العصر الراهن وتبنيها وتسترها بالأيديولوجية الطائفية وليس  بأيديولوجية الطبقة البرجوازية الوطنية المنتجة بانية دولة الحداثة في العالم المتحضر كما يذكر ذلك مهدي عامل (إن ما يميز الأيديولوجية "الطائفية" من حيث أيديولوجية البرجوازية الكولونيالية هو بالتحديد، علاقة الضرورة التي تربطها، في تكونها التاريخي، وفي حركة تجددها أو إعادة إنتاجها، بالنظام السياسي للسيطرة الطبقية، وبالدولة، أداة هذه البرجوازية الكولونيالية، هو  بالضبط كونها أيديولوجية سياسية لا أيديولوجية دينية، وفي هذا يكمن طابعها الطبقي البرجوازي الذي تتميز الأيديولوجية الدينية)[10].
ومن ميزات البرجوازية أنها تحقق ذاتها وكذلك تمهد الطريق وتقدم الأدوات والوسائل لحفار قبرها ونقيضها الطبقي لطمرها، الطبقة العاملة وأنصارها بعد أن تعي ذاتها وتعمل لذاتها، وهذا ما لم يحصل ولم يتوج بالانتصار لحين التاريخ!!!
إن الذي يهمنا من العرض الموجز أعلاه بيان حقيقة ما يسمى بالصراع الطائفي والجذر التاريخي للطوائف، هذا الستار الأيديولوجي الذي تتخفى خلفه القوى الطامحة للسلطة السياسية بعد أن  موهت وغطت وطمست جوهره كصراع بين فئاته وطبقاته الاجتماعية.
(إن العنف الطائفي في كل مكان من العالم لا يقل اليوم فجاجة، ولا يقل اختزالية، عما كان قبل ستين عاما. فوراء دعم الوحشية الفظة، يوجد أيضا اضطراب مفاهيمي حول هويات الناس، يحول البشر متعددي الأبعاد إلى مخلوقات ذات بعد أحادي)[11].
 
الظاهرة الطائفية في العراق المعاصر:-
وبعد أن عرضنا للجذر التاريخي للطائفية وطبيعة القوى المستفيدة من تأبيدة وتكريسه يجدر بنا الإجابة على السؤال التالي: ماذا تمثل الطائفية في العراق المعاصر؟ ومن هي القوى المستفيدة من ترسيخ الطائفية في المجتمع العراقي؟ وما هو السبب الكامن وراء هيمنة الفكر والسلوك الطائفي في عصرنا الراهن؟
وللإجابة عن السؤال الأول نقول: إن الطائفية في عراقنا المعاصر تتمثلها وتتخفى تحت قناعها الطبقة البرجوازية العراقية التابعة والمعاقة وبالتحالف والتخادم مع الإقطاع المولد والشريك معها والذي وجد استمرار وجوده ونفوذه في ظل هذه البنية النيوكولنيالية في عصر الامبريالية، وبالخصوص في طورها الفاشي المسلح الحالي كعولمة رأسمالية مسلحة، بعد أن دخلت عصر أزمتها الخانقة وتخليها عن قيمها ومبادئها وقت نهوضها وعنفوانها في مرحلة الرأسمالية التنافسية وصراعها ضد قوى الملكية الإقطاعية الدينية الاستبدادية، حيث فصلت الدين عن الدولة وأنهت الصراع الدامي بين الطوائف المسيحية خصوصاً كالصراع بين الكاثوليكية  المعيقة للهيمنة البرجوازية الصاعدة وبين البروتستانتية المساندة لهذه الطبقة الناهضة الداعية إلى الحكم الديمقراطي الدستوري وما إليه من شعارات الحداثة الأوربية. وليس خافيا سر الإمبراطورية العثمانية بالسير على نهج الإمبراطوريات الإسلامية السالفة  وتبنيها للطائفة (السنية) في الحكم والعمل على استبعاد وتهميش الطائفة (الشيعية) التي أصبحت مرجعية للقوى المعارضة المستبعدة والمهمشة والمستغلة طبقيا من أبناء القومية العربية، ومن مختلف القوميات والأديان والطوائف الأخرى غير الإسلامية وغير العربية، وقد عمل سلاطين عثمان على سد الطريق أمام قوى الشعب المنتج من عمال وفلاحين ووطنين أحرار ونواتات البرجوازية الوطنية لتكون مدركة وواعية لذاتها وتخوض معاركها الوطنية والقومية والطبقية ضد مستغليها، فأججت نيران الطائفية والعشائرية لكسر شوكة القوى الوطنية المستنيرة والحؤول دون تحذر الوعي الوطني والطبقي في المجتمع العراقي, واستمرار تبعيته للسلطنة العثمانية كدولة خراج ريعي إقطاعي استبدادي كابحا أي تطلع لقواه ونواتاته التقدمية بالنهوض باعتبارها حاملة لواء بناء دولة الحداثة الذي تبناه فيما بعد كمال أتاتورك باني ومؤسس تركيا الحديثة، وإن كان لازال يحمل بذور هشاشته وعجزه الموضوعي.
في العراق واصل الاستعمار الانكليزي عمل العثمانيين ولكن بأكثر واشد جهنمية وحنكة وعلمية في تأصيل وتأبيد هذه الظاهرة في المجتمع العراقي، بعد الاحتلال الانكليزي للعراق (انشأ الانتداب البريطاني الكيان العراقي عام 1921 كدولة تحكمها نخبة أقلية سنية)[12]، ومن يقرأ الوثائق والدراسات والمذكرات الصادرة عن رموز ومسئولي الاستعمار البريطاني النافذة آنذاك يضع يده على هذا المسعى المحموم في التعامل مع الشعب العراقي على أساس عشائري وطائفي والعمل على تقريب وترغيب بعضها وترهيب واستبعاد الأخرى وحسب درجة الولاء للاستعمار ومخططاته، هذا مما يثير النزاع والصراع والفرقة بين طبقات وفئات المجتمع العراقي وإطالة فترة غياب الوعي الوطني والطبقي وبالتالي إطالة عمر الاحتلال والاستغلال ونهب الثروات. وقد كان الإبعاد والشك والريبة من (الطائفة الشيعية) العراقية برموزها المعروفة آنذاك بسبب تزعمها للمقاومة الوطنية العراقية ضد الاستعمار الانكليزي على الرغم من حصولها على ولاء من (المستبدة) وبعض المشايخ العشائرية الإقطاعية والعقارية ذات المنافع الشخصية الضيقة، فمن يقرأ مذكرات المس ببل العقل المدبر والمفكر والمهندس للاحتلال البريطاني للعراق في وصفها لفئات المجتمع العراقي لا يراها  تحيد عن الوصف العشائري والطائفي والعرقي عندما تتحدث عن تركيبة المجتمع العراقي آنذاك، مبتعدة تماماً عن ذكر طبقاته  وفئاته على أساس  اجتماعي وعلاقتها بعلاقات الإنتاج القائم حينها، حيث نجد أوصاف عربي، كردي، آشوري، تركماني، صابئي، أزيدي، سني، شيعي...الخ هي السائدة في خطاب المحتل البريطاني ورموزه. وقد عمل قادة الاحتلال البريطاني على حرف الأيديولوجية الدينية المقاومة والمحرضة ضد الانكليز واحتلالهم للعراق لتكون أيديولوجية طائفية عرقية، وبذلك تحول الشعب العراقي إلى شعب طوائف وعشائر وأعراق وليس شعباً من الطبقات والفئات الاجتماعية التي تخوض صراعها على الأرض وليس تحتها في قبور مندرسة أو فوقها في سماء مفارقة.
وقد استطاع  الاستعمار البريطاني أن يحقق بعض النجاح في هذا المضمار عن طريق خيانة طبقة القطوازية العراقية للقيم الوطنية وتبعيتها موضوعيا لقوى الاحتلال والاستغلال تماشيا مع مصالحها الأنانية الضيقة كطبقة مسخ مكونة من إقطاع مستبد معيق للتطور والحداثة وبرجوازية ضعيفة مشلولة ومجهضة من قبل قوى الرأسمال الاستعماري المحتل ارتبطت موضوعيا بقوى الرأسمال العالمي في علاقة صيرورة لا يمكن أن تنفصم عراها لا بموت  واندحار إحداها عن طريق نقيضها الوطني والطبقي المتمثل بقوى الشعب المكافحة المحرومة من عمال وفلاحين وكسبة ومثقفين ووطنين أحرار حينما يخوضون صراعهم على أسس اجتماعية وطبقية وطنية واضحة كاشفين زيف التضليل والتجهيل الذي تمارسه طبقة القطوازية وأسيادها لإظهار هذا الصراع بمظهر الطائفية والعرقية، وكما يذكر حنا بطاطو (فإن هذه الزمر وحدت صفوفها وأدركت مصالحها المشتركة في القضايا الحاسمة، من قبل إعفاء طبقتهم "طبقة ملاك الأرض" من الضرائب، والإقصاء العملي للطبقات الأخرى من المناصب الهامة في الدولة، ثم وهذا الأهم، الدفاع عن النظام الاجتماعي الذي كان ينفعهم جميعا)[13]
إن الانحدار نحو الأيديولوجية الطائفية التي تحاول أن تخفي وجهها السياسي وسعيها للهيمنة الطبقية على السلطة السياسية في البلدان التابعة ومنها العراق إنما هو خصيصة تميزت بها هذه الطبقة وتفردت بها عن البرجوازية في البلدان الرأسمالية المتطورة بقدر ما ارتبطت بها ارتباطا بنيويا غير قابل للانفصام في عهد الامبريالية وطورها الرأسمالي المعولم المسلح في عصرنا الراهن حيث إن الإرهابية هي أعلى مراحل الامبريالية والذي يبدو انه آخر مراحلها الذي سيقود حتما إلى نهاية العالم على الكرة الأرضية أو نهايتها على يد نقيضها الذي يأخذ بالاتساع باستمرار، فليس العمال وحدهم ولا أنصار البيئة ولا العلماء ولا عشاق الحرية والديمقراطية الحقيقية ولا شعوب العالم الرازحة تحت الاستغلال  الرأسمالي بل هم جميعا الآن في مواجهة موت أو حياة مع الامبريالية في طورها الإرهابي المسلح. فمن اجل أن يكرس الاستعمار البريطاني  وجوده ويديمه سلك مختلف الطرق والوسائل لتصنيع طبقة سياسية ذات صفة عشائرية وطائفية قادرة على الإمساك بالسلطة وفق الأجندة الاستعمارية البريطانية بشكل يموه حقيقة الصراع الوطني والطبقي بين الشعب العراقي والاستعمار البريطاني باعتباره مستغلا ومحتلا لأرض وشعب العراق بكافة طبقاته وفئاته وأعراقه وأجناسه وطوائفه والذي يفترض أن يكون  عدو الجميع وطنيا وطبقيا في آن واحد، وجد التاج البريطاني أن خير طبقة تمثل مصالحه هي طبقة القطوازية العشائرية الطائفية يقف على رأسها ملك مستورد ذو نسب علوي ولكنه ليس شيعيا ولا سنيا خالصا، إنما جلبته غريزة الحكم وليس دافع حب الشعب أو الأمة وهو محمول على أكتاف المستعمرين حيث (وصل فيصل إلى العراق في الثالث والعشرين من حزيران عام 1921... وبالرغم من تلك الظروف التي هيأها المستعمرون الانكليز إلا أن عميلهم استقبل ببرود عند قدومه إلى العراق)[14].
 ففي الوقت الذي كانت هذه السلطات الاستعمارية تواجه بالحديد والنار المطالب المشروعة للعمال والفلاحين والفقراء في المدينة والريف وتمنعهم من حقهم في التنظيم المهني والنقابي والسياسي وخصوصا انتفاضات فلاحي الوسط والجنوب وعمال السكك والنفط وبعض رؤساء العشائر والقبائل المهمشين من قبل قوى الاحتلال، وتحارب نخبه الطليعية المستنيرة كما يذكر خليل احمد خليل: (تتلاقى الثقافة العادية والسياسة العادية عند جامع مشترك: العداء للنخبة المعرفية والعلمية الحديثة وإرهاب هذه النخبة بالذات، بدءً من استبعادها وصولاً إلى تكفيرها وتهجيرها.... وتكون ذروة العداء مخصصة للعلماء اليساريين عموماً والماركسيين خصوصاً، لا بوصفهم معارضين اشتراكيين وديمقراطيين للرأسمالية كما هو حالهم الفعلي، بل بتوصيفهم الأيديولوجي المصطنع بأنهم "مرتدون" و"كافرون"... وباسم هذه التوصيفات يهيج الجمهور، وتصدر له فتاوى الاغتيال والإرهاب، التي يعول مطلقوها على "متطوعين" من هذا الجمهور بالذات)[15].
نراها تقدم مختلف أنواع الدعم لزعماء العشائر والطوائف الموالين لها (إن 1،7% من الملاّك استحوذوا على1 ،63% من الأراضي)[16]. وتسعى لاقتسام السلطة فيما بينهم ومن المعروف المغزى من تشريع قانون العشائر وقوانين حظر الأحزاب الديمقراطية واليسارية منها على الخصوص، وبذلك داس  المستعمرون بجزماتهم على أفواه رموزهم التي ادعت أنهم (جاؤوا  محررين لا فاتحين). وليس خافياً ما أثير آنذاك من فتن طائفية وعرقية بهندسة ودعم ومساندة  قوى الاستعمار والطبقة القطوازية العراقية لغرض إلهائها عن قضاياها الأساسية في معارك جانبية في الوقت الذي مارست قمعاً وحشياً على كل الانتفاضات والاحتجاجات الشعبية والوطنية العراقية كانتفاضات الفلاحين في 1935 و1936 وانتفاضة 1948 و1952و 1956 وإقدامها على جرائم إعدام ونفي وشنق العديد من رموز الحركة الوطنية والعمالية في العراق ومنهم قيادة الحزب الشيوعي العراقي في شباط 1949.
هل الطائفية بضاعة بريطانية؟
إن من يدعي ذلك يقع في وهم كبير فالظاهرة الطائفية سابقة على الاستعمار البريطاني المسلح على العراق وهي ولادة طبيعية من رحم الطبقة القطوازية في عصر الامبريالية الاحتكارية الاستعمارية عبر فعلها القهري في قطع مسار التطور الرأسمالي الطبيعي لهذه البلدان على يد برجوازية وطنية منتجة كما حصل في الغرب الرأسمالي. وإن قوى الاستعمار لم تكن حيادية من هذه الظاهرة، بل سعت من اجل تنميتها وتأييدها وازدهارها والعمل على كونها الثقافة السائدة في المجتمع العراقي، رغم ذلك فقد سجلت القوى الديمقراطية واليسارية العراقية أمثلة رائعة في مقاومة وكشف زيف وخطورة ومرامي هذه الثقافة الاستعمارية وخدامها وقد أحرزت انتصارات متميزة في الحفاظ على الروح الوطنية العراقية المناهضة للاحتلال والاستغلال. وقد تتوج هذا الكفاح المرير بالحدث الهام في 14 تموز 1958 بقيادة نخبة من الضباط الأحرار المدفوعين بدوافع مختلفة منها وطنية وقومية وطبقية ودينية بالإضافة إلى بعض دوافع  السلطة والجاه والشهرة. كانت السلطة بقيادة الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم هذا القائد الذي أقدم على العديد من القرارات والقوانين والانجازات لصاح الشعب العراقي والحد من استغلال الشركات الاحتكارية البترولية العالمية  وضرب بعض مصالح الطبقة الإقطاعية، حاول أن يمسك صولجان السلطة من الوسط ويوازن بين مصالح الطبقات الاجتماعية المختلفة عبر قرارات ومواقف فردية مع الانحياز الأكبر لصالح فقراء الفلاحين والعمال والكسبة من خلال قانون الإصلاح الزراعي الأعرج وقانون رقم (80) في التأميم الجزئي لحقول النفط بالإضافة إلى قانون الأحوال الشخصية لإنصاف المرأة، وإعطاء فسحة كبيرة للعمل النقابي والمهني والسياسي والديمقراطي للقوى اليسارية والديمقراطية العراقية بمعنى إعطاء حيز من الحرية القانونية لنشوء منظمات مجتمع مدني في العراق. مما أثار حفيظة وخوف الطبقة القطوازية المتخادمة مع بعض الرموز الدينية مما حدا بها إلى تناسي صراعاتها الطائفية والعرقية وتتحد سنة وشيعة عرباً وأكراداً وتركماناً خلف مصالحهم الطبقية التي أصبحت مهددة بفعل مد يساري عارم في الشارع العراقي الذي بدا وكأنه يمر في حالة من صحوة وطنية وطبقية هائجة ليتوحد وينتظم في أحزاب ونقابات وجمعيات وروابط لتدافع عن مصالحها الوطنية والطبقية التي حرم منها طيلة قرون من زمن الاضطهاد والاستغلال (هذا الواقع أخاف القوميين... وفي شهر آذار 1959 بعد شهر واحد من إلقاء القبض على (عارف) بادر العقيد الشواف إلى إعلان ثورة في الموصل، لكنها لم تكن محكمة التنظيم فما لبثت أن قضي عليها بعد سفك دماء غزيرة)[17]. وما شهدته بغداد في عيد العمال العالمي في الأول من أيار 1959 من مسيرة مليونية بقيادة الحزب الشيوعي العراقي ومنظماته المهنية والديمقراطية، فكان مشهدا لم يشهد له العراق مثيلا من قبل، مما  افزع قوى الظلم والظلام بكافة توصيفاتها ومشاربها وانتماءاتها لتسفر عن وجهها الفاشي وهي تعيش أزمتها ولحظة احتضارها في معركة موت أو حياة في الدفاع عن مصالحها الطبقية الاستغلالية فسعت إلى تشغيل كل معامل ومختبرات ومولدات أوهامها الأيديولوجية لحرف الصراع عن  مساره السياسي كصراع مصالح اجتماعية ووطنية ليغلف بالأوهام القومانية الشوفينية والتعصب العرقي والطائفي لتقذف به في وجه نقيضها وعدوها الطبقي  الشارع العراقي اليساري لاختراق المناطق الرخوة في منظومته المناعية لمقاومة حملات التضليل والتجهيل العرقي والعشائري والطائفي، بالإضافة إلى توظيفها المبالغ فيه لسلوكيات وأفعال بعض الأفراد المندسين واليساريين المتطرفين والغوغاء تحت  يافطة الشيوعية والشيوعيين. هنا بالضبط حدث إجماع الطبقة القطوازية لتمزق بأنيابها ومخالبها الحاقدة المعبأة بحقد طبقي لا يوصف شعار اليسار العراقي في كون الاشتراكية طريقاً للحرية والسعادة للأغلبية الساحقة من أبناء الشعب العراقي، وقد سعت إلى تضليل العقل الجمعي ألقطيعي للجمهور لتحقيق أهدافها، ومما يجدر الإشارة إليه أن خليل احمد خليل يعرف الجمهور بـ(مجموعة الشغيلة ومستضعفي رأس المال، وأكثرهم اضطهادا، اقلهم تنظيما وتربية واستعدادا للتنظيم)[18].
فقد تخلت القطوازية عن كل شعاراتها الوطنية ومحاربة الاستعمار وعن قيمها العشائرية الايجابية وعن كل مبادئها الدينية التسامحية بطلب العون والتعاون المباشر المفضوح من دول عربية وأجنبية وخصوصا ممثلي الاحتكارات النفطية والمخابرات الأمريكية لإجهاض (ثورة) الرابع عشر من تموز في الثامن من شباط الأسود 1963. حيث أسفرت هذه الطبقة عن وجهها الفاشي في ممارسة السلطة ضد أعدائها الطبقيين تحت شعارات معاداة الشيوعية والدكتاتورية الفردية والشعوبية!! فظهرت بأبشع وأقسى أنواع الدكتاتورية الفاشية، وأسوء أشكال الشوفينية القومية، ولسنا بحاجة إلى سرد أحداث هذه الفترة المظلمة من تاريخ العراق على يد عصابات البعث ومؤازريه الذين أغرقوا البلاد والعباد من كل الطوائف والقوميات والأجناس ببحر من الدماء.
ومن اجل تدارك ضياع السلطة هيمن عارف القوماني الطائفي على السلطة السياسية والذي حاول تجميل وجهه البشع باعتباره المخلص من فاشية البعث وحرسه اللا قومي بعد أن خلص الشعب من (ديكتاتورية قاسم والخطر الشيوعي الهدام والملحد) معتمدا  جمهورا حائراً خائراً مغلوباً على أمره (جمهور عمالي فلاحي، كدحي، يجري التلاعب به بوصفه جمهورا دينيا لإبعاده المظهري عن لعبة السياسة، ولإدماجه العضوي في آلة السلطة وهي آلة حرب طبقية، وأول هذه الحرب، لعبة (تلاحم) السياسي والديني بالجمهور أو بعامة الشعب، تحت شعار (من الشعب وإلى الشعب)[19]. ولكنه قد أسفر عن طائفيته في أكثر من موقف (كان تكاتف الزمر الحاكمة المتعاقبة منذ تشرين الثاني 1963 على الأقل قد عبر عن نفسه بصورة متكررة وإن تكن غير حصرية – في أشكال محلية، طائفية، قبلية أو شبه قبلية)[20]. أي أن هذه الطبقة ظلت تعيش أزمتها المزمنة والمتجددة فانتهى حكمه بنهايته  المفجعة وانتهى حكم شقيقه على يد البعث وبدعم مخابراتي مكشوف ومستتر من دول الرأسمال العالمي وذلك لقطع الطريق على محاولة أو محاولات قوى يسارية عراقية للاستيلاء على السلطة  من قبضة عارف الرخوة، وبذلك أعادت تعبيد الطريق ثانية أمام ربيبها البعث للامساك بالسلطة وبواجهة جديدة هذه المرة  تتزيا بزي أقصى اليسار والثورية والاشتراكية والحرية مخفية جوهرا فاشيا وطائفيا متعصبا باعتباره الفئة والشريحة الأكفأ من طبقة القطوازية العراقية وأكثرها شراسة وحرباوية لتحقيق أهداف وأجندات أسيادها.
فقد كان لصدام وتياره في حزب البعث دوراً مدروساً كبيرا ومخططا له بدقة لتكريس حكم الطائفة في العراق وقمع كافة الطوائف الأخرى سواء عن طريق التقتيل أو التضليل، وقد كرس كل قدرات الدولة وإمكاناتها المالية باعتبارها دولة بترولية لتكريس حكمه الفاشي الطائفي العشائري وتمكين طائفة بعينها وعشيرة أو قرية بعينها من الهيمنة الكاملة على السلطة تحت غطاء الحزب وحكمه الشمولي. ومن يقرأ الكتاب الهام لـ اريك دافيس (مذكرات دولة السياسة القائد. والهوية الجماعية في العراق الحديث) ترجمة حاتم عبد الهادي/ إصدار المؤسسة العربية للدراسات والنشر ط1 2008، سيطلع على حجم ما بذله النظام من اجل تصنيع ذاكرة تاريخية تكرس حكم طائفة بعينها وتهيئ  الأرضية الفكرية لحكم الدكتاتور الإله الفرد، ومحو كل معلم من معالم الصراع الطبقي وطمسه تحت يافطات مختلفة باعتباره صراعا حضاريا وشعوبيا وطائفيا .. ومن هذه الإجراءات: إعادة كتابة التاريخ .. توظيف المثقفين لخدمة مشروعه .. إعادة العشائرية .. إلغاء صفة عامل وتوصيفه بالموظف .. إغلاق التربية والتعليم، والتعليم العالي ليكون حكرا للحزب القائد .. السيطرة على الصحافة .. توظيف الدين المطيف (سنيا) لخدمة السلطة من خلال وعاظ السلاطين .. ولا يسعنا هنا إلا أن نشير إلى مهزلة شروط عضو المجلس الوطني الذي أنشأه الديكتاتور باعتباره غطاءا شرعيا لنظام حكمه، فمن هذه الشروط إن يكون عضو المجلس الوطني:
(ج/ مؤمنا بمبادئ وأهداف ثورة 17-30 تموز المجيدة وأن تكون مساهمته في المعركة المقدسة ضد العدوان الفارسي سواء بالمشاركة أو التطوع أو التبرع أو في نتاجات فكرية أو أدبية فعالة ومتميزة وتتناسب مع قدراته وإمكانياته وان يكون مؤمنا بان قادسية صدام قد عززت بالمجد هام العراق وأنها الطريق الذي ليس سواه من طريق للحفاظ على العراق أرضا وسماء وأمنا ومقدسات)[21].
 (وقد منعت الثورة بعض العناصر من الترشيح لعضوية المجلس الوطني وهم: كما جاء في التقرير المركزي للمؤتمر القطري التاسع "أعضاء الحزب الشيوعي لخيانتهم للوطن والشعب والثورة والمنتسبون للفئات السياسية العميلة والمعادية للثورة كما منع من الترشيح من سبق أن كان عضوا في المجالس النيابية في العهد الملكي الرجعي، وحرم المدانون بجرائم الخيانة والتجسس والعمالة والجرائم العادية المخلة بالشرف)[22]. ولا نظن أن هذه الآليات (الديمقراطية) وما خلفت من مقابر جماعية بحاجة إلى تعليق أو توضيح  كي  يلمس  الفرد مدى خوف وهشاشة هذه الفئة من كل صوت معارض أو ناقد، فلا صوت يعلو على صوت القائد (الإله الواحد الأوحد الخالد المخلد).
مفهوم الدولة وأشكالها
لا نريد أن ندخل في تفاصيل وأشكال الدول ونظريات نشوئها وتكونها، حيث إننا نرى أن الدولة حسب تعريف الواقعية التاريخية هي سلطة طبقة محددة ضمن تشكيلة اجتماعية اقتصادية معينة تفرض من خلالها هذه الطبقة وحلفائها سلطتها لقمع ولجم وإخضاع الطبقات الاجتماعية الأخرى.
أي أن الدولة هي حاجة اجتماعية ناتجة عن صراع وحراك طبقات  المجتمع تكون فيه السيادة للطبقة الأقوى، ولا تنتهي الدولة إلا بانتهاء الصراع الطبقي بانحلال الطبقات، وبذلك تضمحل الدولة نظرا لانتفاء شرط وجودها.
ولكن الذي يحدث أن الطبقات الاستغلالية غالبا ما تخفي حقيقة هيمنتها الطبقية على السلطة وخدمة طبقتها فتظهر وكأنها الممثلة لكل طبقات وشرائح المجتمع.
هذا الوصف للدولة يظهر جليا وواضحا في ظل حراك اجتماعي تقليدي في حالة وجود طبقات اجتماعية واضحة الحدود والميزات كما هو الحال بالنسبة للإقطاع والفلاحين والبرجوازية والطبقة العاملة وما بينهما من فئات اجتماعية وسطية.
أما في حالة البلدان التابعة غالباً ما تكون الدولة مصنعة من قبل قوى خارجية غازية ومستعمرة، وبذلك تكون كياناً وجسماً غريباً على المجتمع في ذلك البلد، وهذا ما حصل في العراق تحت مظلة الاستعمار البريطاني حيث كانت بريطانيا هي حاضنة وراعية الدولة العراقية التي لم تكن نتيجة للحراك الاجتماعي الداخلي، ومن  نتائج ذلك أن كان ملك العراق الأول مستوردا من خارج العراق على بلد تم تحديد حدود سيادته من المحتل البريطاني ووفق ما يضمن مصالحه وأجنداته الآنية والمستقبلية. وبذلك فقد كانت الطبقة الحاكمة مختارة ومنتقاة من قبل ممثلي التاج البريطاني وليس من الشعب العراقي، فكانت مكونة من كبار الإقطاع  والذين كانوا أيضا من كبار شيوخ العشائر والقبائل بالإضافة إلى التجار والبرجوازية الناشئة التابعة للرأسمال العالمي، مما شكل طبقة هجينة سنطلق عليها اسم الطبقة القطوازية. وقد استبعدوا كل القوى الديمقراطية وممثلي الفئات والطبقات الشعبية من عمال وفلاحين ومثقفين...الخ، بل كانوا ممثلين في البرلمان على أساس عشائري وطائفي وليس على أساس طبقي أو مهني، مما ساعد كثيرا على انتعاش الطائفية والعرقية والعشائرية، ومن العوامل المساعدة اكتشاف الثروة النفطية في العراق التي وفرت للدولة الناشئة  موردا ريعيا لتمويل مؤسساتها وقواها القمعية كدولة استهلاكية ريعية كابحة لنمو وتطور القوى المنتجة في كل مجالات العمل والإنتاج الصناعي والزراعي وكما يشير إلى ذلك خليل احمد خليل: (نلاحظ غياب الظروف الاقتصادية كالثورة الصناعية والعلمية التقنية ونمط الإنتاج الصناعي العالمي، مقابل نمط إنتاج رعوي زراعي ريعي غير موات في العالم العربي لنشوء جمهور واع، قادر على حكم نفسه بنفسه، كما نلاحظ القطيعة التاريخية بين الجمهور وحاكميه، فالجمهور مجرد "شاعر" يهيم في وادي حياته الشخصية، والحاكم في واد آخر، مع قلة مستبدة، مستبيحة لجمهور متخيل، لكنه موجود ومباح لمن يستغله)[23].
(إن الجماهير التي يعزى إليها صنع التاريخ، إنما تستعمل غالبا لصنع تاريخ لفئات أو طبقات أخرى، كالنحل الذي يُسرق عسله (أكله) وكالأشجار التي تؤخذ ثمارها)[24].
هذا الحال مكن الدولة من تصنيع طبقة وسطى مرتبطة بالسلطة وليس بعجلة الإنتاج مما افقدها القدرة على الضغط على السلطات المهيمنة من اجل إشاعة روح الديمقراطية وبناء دولة الحداثة معتمدة على قواها المدنية الحديثة على أساس اجتماعي مهني  ومنظمات مجتمع مدني وأحزاب سياسية كممثلة لطبقات وفئات وشرائح اجتماعية منتجة، كما هو الحال في  نشوء دولة الحداثة في  أوربا والعالم ما بعد الثورة الصناعية، ولكن خوف قوى الرأسمال العالمي وتوابعه القطوازية العراقية من تنامي نقيضها الطبقي والوطني، الطبقة العاملة العراقية والفلاحين والطبقة البرجوازية الوطنية المنتجة، عملت على كبح جماح هذه الطبقات والشرائح وشل بناها التحتية المولدة كالزراعة والصناعة المتطورة والعمل على إشاعة ثقافة استهلاكية غير منتجة لتأبيد حالة الشرذمة الطبقية وإدامة حالة الضياع والضعف والميوعة الطبقية لدى الطبقات  المستغلة المنتجة وعدم نموها العددي وعرقلة تطور وعيها الطبقي. وكما يذكر جاريث ستانسفيلد (كان تأثير النظام ألريعي مدمرا لأية إمكانية لنشوء أو تطور حكومة تمثيلية، وإذا اتخذت الدولة، التي سيطر عليها حزب البعث دور "الرازق" أو "الواهب" العطوف بالنسبة للغالبية الكبرى من الفئات الاجتماعية، لم يبق كثير حافز يحث الأفراد على الانتماء إلى قوى سياسية تتوخى برامجها قلب الأوضاع القائمة)[25].
 إن هذا السعي يؤشر التناقض في سلوكيات قوى الاحتلال والاستغلال الاستعماري التي تسعى لبناء دولة الحداثة بأدوات ما قبل الحداثة كالعشيرة والطائفة، أي استخدام مكونات المجتمع الأهلي في بناء دولة الحداثة المدينية، وبذلك تبدو براقة حديثة المظهر ولكنها متعفنة متخلفة الجوهر

225
ضوء على نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية 2010.
هل سيكون  مولود العروس الجديد مختلفا  عن سابقيه؟؟؟؟



حميد الحريزي

 بعد إن أسفرت حلبة الصراع السياسي  للانتخابات الاجتماعيا بين-3-2010 وأظهرت  عدد ما حصلت  علي الكيانات من الراسي البرلمانية، حيث أظهرت إن الرقمين ((333)) القائمة العراقية و((337)) ائتلاف دولة القانون قد خطفا الأضواء في حفلة ((العرس الديمقراطي)) ومن منهما سيتربع على  قلب ((العروس))، حيث  حصدت العراقية أو ما يسمى بقائمة أياد علاوي ((91)) كرسيا وحاز الفارس الثاني دولة القانون أو ما سمي ب((قائمة
المالكي))(89)) كرسيا ولا يفوتنا طبعا ملاحظة  الرمزية في وصف القوائم والائتلافات وبذلك  ظهرت النتائج متقاربة جدا بين  الفارسين المرتقبين.
وهنا يثار السؤال التالي هل إن الصراع كان صراعا اجتماعيا  بين القوائم والكيانات؟؟؟  هل من ميزة جديدة لهذه الدورة الانتخابية أم لم يزل الحال على ما هو عليه في الدورات السابقة؟؟؟ إن تحليل الأرقام بادماحها بما يماثلها في التوجه الفكري والسياسي
فمجموع((97 الى100)) مقعد للعراقية و ((161 مقعدا)) للكيانات الإسلامية
((الشيعية)) و ما يقارب ((60)) مقعدا للاكراد. تظهر إن الصورة  لازالت كما هي عليه في الدورة السابقة إن لم يكن أكثر دفعا وتركيزا للون والوصف العرقي الطائفي، بعد إن اقر بدعة  الكوتا الطائفية والجنسية في البرلمان بحيث أزاحت  التوصيف الاجتماعي للصراع الانتخابي، فقد ارتضت العراقية لبس رداء الطائفة  السنية وخصوصا بعد إن تطيف  البعث بلون الطائفة السنية فأصبحت  قائمة  سنيه بعثيه ،هذه  القائمة  التي استطاعت أن تلقي كل أخطاء الفترة السابقة في سلة القائمة  المنافسة ((الشيعية)) من ائتلاف دولة القانون والائتلاف الوطني العراقي لتستحوذ بذلك على  أصابع المنطقة الغربية من العراق وتنال من  جرفها في المنطقة الجنوبية من العراق – ما يقارب عشرة مقاعد- حيث استطاعت العراقية أن توحد  الطيف ((السني)) في جبهة واحدة بالإضافة الى ضم كل من له هوى أو  جذر بعثي وقوماني عروبي حتى وان ارتدى القناع الطائفي في المرحلة الراهنة، كذلك حفزت روح الإحساس أو الشعور بالمظلومية والتهميش والإقصاء من قبل الطائفة الأخرى والقومية
الأخرى((الاكراد)) بالحكم والجاه مما كان دافعا لان يغمسوا أصابعهم في المحبرة البنفسجية لصالح قائمتهم الحلم والقائد المخلص، مما أفضى الى عدم الحصول  للائتلافات المنافسة من الحصول على أصوات تذكر في هذه المناطق((الانبار ، ديالى، صلاح الدين، نينوى)).
في حين سرت  روح التململ من إلا نحيازات الطائفية بعد أن حصدت الحرمان من العمل والخدمات ورزحت تحت هيمنة المليشيات  الطائفية وإرهابها بالإضافة الى حالة العجز والفساد وسوء الإدارة وانتشار  ظاهرة الرشوة في كل مفاصل الحكومة، فاظهر  تواضع نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع قياسا بالمنطقة الغربية من قبل أنصار الائتلافات الشيعية مفسحة المجال إما اندفاع القائمة المنافس ((333)) مما مكنها من الحصول على عدد من المقاعد في الوسط والجنوب.
ومن خلال الصورة أعلاه يمكن المراقب أن يلمح أن ريح التغيير النسبي في كردستان العراق على يد ((قائمة التغيير)) لم تهب في وسط وجنوب العراق بشكل واضح ومؤثر بسبب عدم بروز عنوان أو قائمة تحمل هموم الفقراء والمهمشين والديمقراطيين واليساريين  ولها برنامج واضح ومميز وجريء في المنطقة  الوسطى والجنوبية ليحتضن  شعور الملل واليأس والرفض للتوجه الطائفي للقوائم المهيمنة وتعميق  التوجه الاجتماعي بدلا من الطائفي في خيارات الناخبين، ناهيك عن المنطقة الغربية التي لم تزل ترزح تحت  إحساس الشعور  بالمظلومة  ذو المنبع الطائفي. فلم تزل ((احزاب)) الإسلام السياسي هي المسيطرة والمهيمنة في المنطقة الجنوبية ويكاد الطرفان والتوءمان ذوي اللون الواحد بتركيز مختلف الدرجة، يتقاسمان النفوذ بصورة مطلقة وبنسب متساوية بينهما.
وقد تميزت نتائج هذه الدورة بخسارة يتناسب حجمها طرديا مع ما يحمل الرقم أو الكيان  أو الائتلاف من حس وطني لبرالي أو يساري ديمقراطي وهذا ما حدث لقائمة اتحاد الشعب والأمة العرقية وغيرهما.
فلم تزل الصورة تحتفظ بألوانها وشخوصها السابقة مبتعدة عن الهم الوطني والاجتماعي للصراع ومحاولة شرعتنه من خلال الآليات التي تضمنها قانون الانتخابات لهذه الدورة حين جرت  الطوائف الأخرى (المسيحية والصابئة والايزيدين والشبك ) للانجرار نحو التكتل الطائفي  مبتعدة عن  الاصطفاف الطبقي والمهني حيث كانت هذه الأصوات تدخل في رصيد القوى اليسارية والديمقراطية العلمانية، بالإضافة الى تقسيم العراق الى عدة  مناطق انتخابية بعدد المحافظات العراقية بدلا من كونه منطقة انتخابية واحدة وعدم وجود قانون الأحزاب وعدم  وجود تعداد سكاني يعتمد عليه  في احتساب عدد من يحق لهم التصويت مما افقد القوى اليسارية والوطنية الديمقراطية العلمانية الكثير من الأصوات لكونها رموزا وطنية أكثر منها رموز  محلية أو عرقية  وطائفية، فبدت الانتخابات البرلمانية الوطنية وكأنها  إعادة واستنساخ لانتخابات مجالس المحافظات، هذا القانون  الذي قسم  الوطن الى مقاطعات  وقسم الشعب الى مكونات طائفية وعرقية وليست طبقات وفئات اجتماعية كما هو واقع الصراع  والحراك الاجتماعي الحقيقي، إن التقسيم الطائفي ولمناطقي والعرقي  الذي تتخفى قوى الاستغلال والظلام خلفه لتخفي طبيعتها الاستغلالية وشد عصائب التضليل على عيون أبناء الطبقات والفئات المستغَلة والمقهورة، كان يفترض أن تعارضه القوى اللبرالية واليسارية والديمقراطية والعلمانية ولا تقع في فخ الطائفية والعرقية مهرولة مع جمهور الأعراق والطوائف ممنية النفس بإمكانية الحصول على جزء من الكعكة بأصابع مشلولة في ظل هذا الهرج السياسي بعد أن تخلت  عن أهم مبادئها  في التصدي لقوى الاستغلال والاحتلال والاستبداد وعدم  تبنيه  لمطالب وطموحات الأغلبية الساحقة من أبناء  الشعب العراقي من عمال وفلاحين وبرجوازية وطنية منتجة ومثقفين وطلبة  وهم رصيدها الكبير والفاعل مقابل  أرصدة المال والثروة والتضليل التي يملكها منافسوها من  ((القطوازية))، وبذلك خسرت ثقة جماهيرها أو جعلتهم يعيشون في حالة من اليأس وعدم الفعالية لافتقادهم  لمن يمثلهم، وبذلك فقد خسرت هذه القوى وحرمت حتى من الفتات الذي حصلت عليه في الفترة السابقة.
كما ما يميز هذه الدورة أيضا وكسابقتها بكونها القوائم هي قوائم زعامة الفرد –البطل المخلص- مما يعني لازالت ثقافة تصنيع الديكتاتور والمستبد الفرد هي السائدة  في العقل الجمعي العراقي كموروث راسخ لمئات سنين  فائتة ونتيجة  لركود وتخلف البنية التحتية لدولة ريعية ومجتمع مستهلك  غير منتج.
أن واقع الحال يشير الى بقاء الحال على ما هو عليه حيث ستبقى رحى المحاصصة وفق الديمقراطية التوافقية تدور وتدّور عجلة ((العملية
السياسية)) مما قد يجر الى مزيد من التفرقة والعزل العرقي والطائفي ليصب في نهر المشروع البايدني لتقسيم العراق وفق الوصف العرقي والطائفي وإعادة الروح ل((الفدرالية الإقطاعية والطائفية)). وستبقى الكلمة العليا ((للعقل
الأكبر)) سيد الرأسمال والاحتلال الأمريكي ليمرر من خلال هذه الأجواء المشحونة بعوامل وألغام الشك والتفرقة الوطنية أن يمرر كل أهدافه ومخططاته وإطماعه، وتأبيد حالة اللا  استقرار واللا امن في البلاد لحين
اكتمال نمو وهيمنة  ((القطوازية))  لتتخلى عن  راس القط   وتدخل  في برج
الرأسمال الأمريكي لتكون (( برجوازية طفيلية)) كاملة البنيان والخبرة، ووكيلة مضمونة وكفوءة في إدارة مصالح الرأسمال الأمريكي في العراق والمنطقة وقطع أية صلة أو غزل أو هوى مع منافسيه في المنطقة وخصوصا المنافس الإيراني.
نعم سيعلو الزعيق ويطول ويتشعب العراك بين مختلف الكتل الفائزة  لغرض الحصول  وحيازة اكبر المكاسب وعدد الوزارات السيادية  الحلوب في التشكيلة الوزارية  القادمة ،لتضع المواطن العراقي تحت  الأمر الواقع منهكا من معاناته المعاشية والخدمية اليومية ليرضى بما  تتوصل إليه هذه الكتل وان كانت لا تصب في المصلحة الوطنية وبناء الدولة المدنية الديمقراطية دولة الدستور والقانون العادل دولة المواطن الحر الكريم الأمن. ولتتمكن هذه القوى ضمن هذا الضجيج الزعيق أن تتجاهل  أصوات المواطنين الذي  تطالبهم
بالإيفاء بوعودهم الذي   تعهدوا له  بتحقيقها  في حال فوزهم.
هذا الواقع  يتطلب من القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية والتي سميت بالخاسرة إن تحول هذه ((الخسارة)) الى رصيد وطني وفكري ومبدئي في قلب المواطن العراقي مبتعدة عن إلانجرار وراء غريزة حيازة كرسي الحكم بأي ثمن ويوجب عليها الائتلاف والتنسيق والتوحد بمختلف أطيافها وألوانها خلف برنامج حد أدنى لتخوض نضالها الوطني والطبقي وتبني مصالح الأعداد الغفيرة من العراقيين بمختلف أطيافهم وقومياتهم وأجناسهم  ليكونوا برلمان الشارع اليقظ وضمير  الشعب المراقب  لما تفعله السلطة جادة في العمل لاستكمال السيادة الوطنية وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية دولة الحداثة الدستورية وضمان حقوق الإنسان، والوقوف بوجه ما يخطط له الاحتلال وراس المال  لتجديد  الاتفاقية الأمنية وتمديد وتأبيد بقاء القوات الأجنبية وخصوصا الأمريكية على ارض العراق وتسويق وتشريع قانون غير عادل للنفط والغاز والوقوف بوجه الاستبداد والفساد المالي والإداري وكشف المفسدين والمرتشين، وان تعمل جاهدة لتعديل وإعادة صياغة الدستور العراقي ليكون بحق دستوريا وطنيا ديمقراطيا حديثا ليمكن صندوق الاقتراع ليكون  فلترا لفرز الأصوات وفق المصلحة المهنية والطبقية والوطنية  بدلا من الطائفية والعرقية وصراعاتها التي لها أول وليس لها آخر وضامنا لحقوق الإنسان المواطن الفرد بغض النظر عن عرقه وقوميته وجنسه وطائفته وعقيدته السياسية والدينية

226
المنبر الحر / اجتثاث الحاسوب!!!
« في: 16:36 25/03/2010  »
اجتثاث الحاسوب!!!


مع تبدلات شاشات العرض لنتائج صناديق الانتخابات في  المسلسل الديمقراطي الجديد المسمى ((بالنتائج الجزئية لعملية العد والفرز لأصوات الناخبين)) أخذت  تتبدل نبرة حديث وقسمات وجوه رؤساء الكتل والكيانات السياسية بين رابح  أمسى خاسر وخاسر أمسى رابح فمرة أول ومرة ثاني وأخرى  ثالث وهكذا فبدت الوجوه  كأنها  إشارات المرور ((ترفك لايت)) فمرة "اخضر"  متفائل فرح مستبشر ومرة  "اصفر" خائف  مرتجف  مترقب وأخرى  " أحمر" غاضب  مرعد مزبد مهدد، فاخذ البعض يزكي المفوضية والأخر يشكك  ويتهم أعضاءها  بالغش والانحياز والتزوير، وقد ولد هذا الحال البلبلة  واالارباك الشديد ومزيدا من الفوضى والاحتقان وخلافات  غير مسبوقة بين المتسابقين صوب  كرسي الرئاسة  الحكومية والجمهورية  والبرلمانية وصوب  كل المناصب((السيادية)) الحلوب، كذلك إربك هذا الأمر جمهرة المتراهنين حول إي رقم سيفوز  ويحصد اغلب الأصوات حيث لم يظهر بعد الرقم الفائز ففي كل  مساء  رقم ولون جديد فلم يتمكن امهر المتراهنتين على حزر أي رقم هو الفائز رغم الاستعانة بأصحاب الخبرة والتجربة في أشهر حلبات السباق  المحلية والعالمية.
فقد تميزت الانتخابات البرلمانية  العراقية بإلكترون لا يعمل في ارض السواد ويبدو إن  مداراته قلقة  بطريقة غير معروفة علميا  فيتحول من مدار الى آخر ويتحد  وينجذب نحو عناصر أخرى بشكل عشوائي وغريب بدلا من إن ينفصل ويبتعد عنها، فربما  أصيب بأنفلونزا الفساد والارتشاء، وقد إصابة عواصف العراق  وخصوصا  عواصف بغداد الترابية  الأخيرة عيون الحواسيب بالعمى فلم تعد تميز بين الأسماء والأجناس والعلامات وقد أصيبت بعشي الأرقام وانحرفت صوب الأوهام ؟؟!!
مما دفع بالعديد من القوائم إن لم يكن اغلبها تطالب باجتثاث الحاسوب بسبب فساده وعدم كفائتة وعدم اعتماد نتائجه حيث  تم اكتشاف نقاط سوداء في ضميره وقلبه تضمر العداء والضغينة لبعض الأرقام والعلامات بينما تحتضن أرقام أخرى؟؟!!
وكما ذكر الأستاذ صائب خليل في مقالة له :-
((الحاسبة هي المزور الجديد والجاسوس الجديد، ليس على مستوى الدول النامية فقط بل على مستوى العالم وبين الدول المتقدمة)).

مطالبة باعتماد العد اليدوي  نظرا  لرصانته وكفائتة المجربة من قبلنا في أول عهدنا بالمدرسة حيث علمنا  ذوينا الحساب بأصابع أيدينا وأرجلنا لحل المسائل الرياضية المستعصية علينا  حيث لم يكن آنذاك عدد  يذكر أو يعتد به من فاقدي الكفين أو القدمين قبل  حروب القائد الضرورة أو حروب ((الديمقراطية)) و((التحرير))، التي   فرضت علينا الآن إن نجلب معنا ملايين من الحصى الملون ليكون وسيلتنا لضمان سلامة العد والفرز بشكل دقيق، وبذلك  نلقن  العالم  المتحضر درسا بليغا في الابتكار والتحضر وحل المعضلات مهما بلغت من التعقيد  والصعوبة وان أصابعنا وحصانا  اقدر وأكفا من عقوله الالكترونية الفاسدة؟؟!!!.
إن الناخبين العراقيين يشعرون بحالة من الألم وتأنيب الضمير لأنهم اندفعوا  بهذه الإعداد المليونية لوضع أصواتهم في صناديق الاقتراع مما أثقل على  المسئولين إمكانية العد والفرز  غير مدركين  إن أعضاء المفوضية  ليس هنودا ولا الحاسبات  من صناعة الهند حتى  تتمكن من  عد وفرز مئات الملايين  من الأصوات الانتخابية مما جعلها ((تخيط وتخريط)) تحذف أصفارا وتضيف أصفارا كيفما تشاء  فكيف لنا اعتماد نتائجها؟؟؟!!
 ولاشك إن السادة  أعضاء النزاهة سيشعرون بتأنيب الضمير لأنهم استندوا على الأرقام والحسابات لمثل هذه الحاسبات الالكترونية ((الدايخه)) في توجيه التهم بالفساد والرشوة والاختلاس والتزوير  الى السادة المسئولين مما يستوجب إعادة النظر بإنصافهم ورفع الغبن عنهم وتقديم الاعتذار إليهم بشكل مباشر وجه لوجه وسيرا على الأقدام  وليس عن طريق ((الموبايل)) أو  الانترنيت هذه  الأدوات المسكونة بعفاريت الجن  والمردة  والكفرة  مما يستوجب شمولها  بالاجتثاث الفوري والتخلص من شرورها.
حميد الحريزي

227
الديمقراطية المثليه!!

النتائج الانتخابية بين ((مفردات)) المفوضية  ومفردات التموينية


منذ 2003 غردت كثير من الحناجر للعروس الموعودة بعد اختفاء ((العروس))المطرودة بعد إن استطاعت دبابات الحلفاء إن  تقطع رأس ((ألعريضي)) الديكتاتور وتقضي على نظامه وتشتت   أزلامه  وترعب جرذانه، وقد استبشر عراقي الداخل والخارج بفك اسر  الديمقراطية المحجوزة في سراديب الديكتاتور لتخرج  في شوارع وأزقة وجبال واهوار العراق ليستقبلها اغلب العراقيين بالفرح والأهازيج في كل مكان  وقد أحس عاشق الديمقراطية العراقي المحروم منها طوال عقود من الزمان، حيث فتحت السجون وتحرر الألف من أحرار العراق الإحياء وكشفت الدلائل والعلامات للأحرار الأموات في المقابر الجماعية في شتى أنحاء العراق ولحين التاريخ.
 وفي وقتها  أعدت ربات البيوت رفوف المطابخ واعدت الحاويات والأواني طبل العرس التموينية التي  طالت قوائم مفرداتها وأنواعها ومناشئها وأخذت العوائل تتوحم  على خيال  أكلات وطبخات محرومة منها  حيث الخبز الأبيض الوفير والحليب الفرنسي والجبن الدنمركي  والرز الأمريكي  ...ووو...و الخ ولكن للأسف أخذت هذه المفردات تتبخر شيئا فشيئا كلما علا صوت طبل  العرس الديمقراطي... واخذ الموجود منها يتعفن  أو  يستبدل ووو.
لم يبقى مسئول في الحكومة إلا وتأسى  لحال المواطن  لما فيه من حالة بؤس وشقاء فلا ماء ولا كهرباء ولا سكر ولا شاي ولا  جبن ولا حليب ولاولاولا....وقد كثرت اللاءات حتى  أصبح الكثيرون بلا رأس، وبالتالي ضاع ((رأس الخيط)) واختلطت الأوراق وتوارى ((ألحرامي)) في سوق هرج الادعاء السياسي وزيف الشعارات، فالكل تأبط سارقا ومفسدا متباكيا على النزاهة والشفافية، مرت السنوات العجاف على الشعب المكلوم  بينما  ينعم بالجاه والثروة عاشق الديمقراطية الحاكم المتخوم ، ومع اقتراب وإطلالة ربيع 2010 أرسل الآلاف من هؤلاء العشاق والمريدين هدايا الود وشهادات ألتنوير والتزوير وعهود الولاء والتزلف للحبيبة الدي مقراطية إن هي  أجلسته على كرسي البرلمان وأنزلت على قلوبهم على حين غرة:- الحب والرحمة والعفة ليوزعوا الهدايا ويقيمون الولائم للفقراء والأيتام والأرامل من بنات وأبناء  أبناء الشعب العراقي مرفقة   برقم قائمة ((المخلص)).
أما  المفوضية العليا للانتخابات أثبتت قدرتها الفائقة  في استيعاب تجربة البطاقة التموينية وها هي  تجزءا نتائج التصويت   مبتدئة من  10 إلى 15الى 20 إلى 60الى 70 و80% وأصناف الاقتراع العام والخاص والمشروط وأصوات الداخل والخارج فاختلطت الأرقام وتداخلت النسب والجداول والتوقعات.... وضاع الحساب وارتبك الكتاب ،  وظهر رؤساء القوائم بين مبتسم ضاحك أو  متبرم مشكك حيث نرى وجهه يتلون بلون أرقام كيانه وقائمته ربحا أو خسارة...  واخذ الكل يدعي هو من  فاز بقلب العروس وهو الأحق  بها لأنها من  طائفته  وهي الأقرب إلى عشيرته وطائفته وعرقه وبذلك  أعلن ((النهوه)) على الخاطب المنافس وبدأت عملية التراشق بالخارق والحارق بين العشاق القدامى والجدد وليس هناك من يعلم كيف  سوف يتطور الأمر بين قبائل وشيوخ وأفخاذ وطوائف وأعراق  وخاطبة الديمقراطية ((العملية السياسية))وما  مخبأ في صندوقها  من الذهب والفضة ومفاتيح كنوز ارض السواد ،فانقسم الكبار بين ناه ولا منتهي وبدء كل منهم يحشم أولاد عمومته وحلفاءه في الداخل والخارج لنصرته لاستلام صولجان السلطة من عروس ((2010).و لا نعلم ماذا سيكون موقف ((العقل الأكبر))؟؟ هل يبارك احدهم ؟؟ أو سيجعل السلطة ((العروس)) مشاعا بينهم ضمن مبدأ  المثليه عفوا الديمقراطية التوافقية؟؟ لتكون هذه العروس المدللة في بلاد الغرب ألتي استقرت وتحصنت في بيت الرأسمال، يراد لها أن تكون ملكا  مشاعا لأتباعه من رؤوس ((القطوازية)) طبقته المختارة والمفضلة ،  هذه العروس  تبدو غريبة ضائعة في عراق ((الحرية))  عاجزة عن فهم اللغة  التي يتكلمها عشاقها اللذين يريدون أن يدخلونها في خانة حريمهم ومحضياتهم محضور عليها الاتصال بعامة الناس يريد  ((الكبار)) أن  يغتصبونها وراء صناديق الاقتراع ، لتتحول  من ديمقراطية حرة الى ((دم ع راطية)) تندب حضها في ارض العجائب، فتكون الأربعة سنوات القادمة في حكم العراق كالأربعة المنصرمة فلا امن ولا أمان ولا خدمات ولا اكتمال سيادة ،لا دولة قانون ولا دولة ((ماعون)) وليكن الأمر أسوء مما كان وبذلك يصدق المثل الشعبي القائل ((رادله كَرون  كَصوا أذانه)).

حميد الحريزي 18-3-2010

228
صيد الأوهام وصراع الأرقام


حميد الحريزي


ان حكيما أراد أن يختبر ذكاء أبناء مدينته، فوقف فوق جسر المدينةالذي يربط بين شطري المدينة على ضفتي النهر، وشكل حلقة صغيرة من لفسبابته ليلتقي بإبهامه رافعا إياه في الهواء وحينما مر به احدهم سألهعما يفعل فأجابه:-إني اصطاد الطيور!! فسأله ولكن كيف تصطاد؟؟ قال:- سيأتي الطير الطائر مارا عبر حلقة كفي هذه فأطبق على رقبته واصطاده!!!!! فانشرح صدر هذا المواطن لأنه يريد أن يشتري طيرا حرا، فأمره الصيادبالجلوس وينتظر لحين اصطياده للطائر وإعطاءه إياه مجانا، ثم أتى الثانيوالثالث والرابع ...الخ فتشكل بالقرب من الصياد طابورا ينتظر صيد هذاالصياد الماهر ليحصلوا على طيورهم؟؟!!! حتى جاء الدور لأحد أصحاب الفطنة مستغربا وغير مصدقا إمكانية الصيد بهذهالطريقة فأي طائر هذا الذي يضيق به فضاء المدينة على سعته ليمر من خلالحلقة يدك الضيق، متهما الصياد بالخبل والجنون!!!! فرد عليه الصياد قائلا:- إذا كنت ترى إني مخبولا فما قولك بهذا الحشد الجالس الذي ينتظر صيدي؟؟!! إن حلقة صياد الوهم إنما تمثل الآليات الانتخابية المقرة في قانونالانتخابات في 7-3-2010 وصياد الوهم هذا يمثل أطراف القوى السياسيةاليسارية والعلمانية والديمقراطية الوطنية أفرادا وأحزابا المشتركة فيالانتخابات الحالية مؤملة جمهورها المغفل والمصدق لأقوالها بأنه سيتمكنمن اصطياد كراسي البرلمان بمثل هذه الإلية التي وضعت قانونا انتخابيامفصل ضمن مقاسها العرقي والطائفي لا يمكن أن يكون وجود القوى اليساريةوالعلمانية الوطنية الديمقراطية إلا ديكورا لذر الرماد في عيون المواطنالعراقي المتعطش للحرية والعدالة والديمقراطية وليلبس هذه الممارسة لبوسالشرعية الديمقراطية .!!! فما هي صدقية الممارسة الديمقراطية في بلد لم يزل يفتقر إلى صياغة دستوردائم فالمادة الأخيرة من الدستور أفقدته شرعيته ومتانته وأوجبت إعادةصياغة مواده. وبالتالي جر هذا الأمر إلى عدم إصدار قانونا للأحزاب السياسية واظهرالتنافس كصراع بين كتل من الطوائف والأعراق المسيسة وليس قوى اجتماعيةمتنافسة لتحقيق مصالحها وأهدافها وفق مبدا الوطنية والمواطنة. عدم اعتماد على إحصاء سكاني دقيق وشامل لكل العراقيين في الداخل والخارجحيث اعتمدت البطاقة التموينية كقياس لعدد الناخبين اعتمادا على أفواههمومعدهم وليس على ذواتهم وانتماءاتهم الوطنية والطبقية ومن اخطر هذهالآليات اعتماد مبدأ الكوتا النسائية وللاثنيات الدينية والقومية فيالبلاد مما كرس وشرعن لتأبيد الشرذمة الطائفية والعرقية (أكراد، عرب،شبك، كلدو اشوريويون، صابئة، ازيديه مسيح، سنه، شيعه...الخ) وقد تم تكريسهذا المبدأ المشرذم بجعل العراق عدة مناطق انتخابية بدلا من إن يكونمنطقة انتخابية واحدة كدلالة على إن النائب يمثل كل العراقيين وليسمنطقة أو فئة و طائفة أو عرق أو دين بعينه. هذا ناهيك عن الكوتا النسائية التي فقدت ضرورتها نتيجة المشاركة الكثيفةللنساء في الترشيح والانتخاب. إننا في الوقت الذي نقف بقوة إلى جانب مبدأ الانتخاب والوصول للسلطة عبرصناديق الانتخاب كأفضل الخيارات الديمقراطية نحو بناء الدولة المدنيةالديمقراطية، نرى إن مثل هذه الآليات والقوانين الانتخابية تحولالممارسة ((الديمقراطية)) إلى بيعة أثنية عرقية فينتج عنها مزيدا منالعقبات المعيقة للديمقراطية الحقيقية والوحدة الوطنية وتعطيل دولةالمؤسسات الحديثة. نرى إن قوى الاحتلال والاستغلال وكل القوى الدولية الطامعة في ثرواتالعراق تسعى إلى تأبيد هذه الحالة رغم إن العديد من القوى تزيت بزيالوطنية والديمقراطية بعد إن عجزت عن ترقيع أرديتها الطائفية والعرقيةلتخفي عيوبها عن أنظار العراقيين اللذين ظهر نفورهم من المحاصةالطائفي والعرقية جليا واضحا، فهذا الإعلام الأمريكي والغربي عموما وبعضمن الإعلام العربي يحاول إن يوزع ولاءات القوى الفائزة حسب ما يتمنىفقائمة العراقية بزعامة علاوي قائمة بعثية سنية وقائمة دولة القانونبزعامة نوري المالكي قائمة شيعية، بالإضافة للقائمة الكردية ، وجرالأعراق والطوائف التي تنبذ التعصب والتقوقع والتمترس خلف الطائفةوالعرق عبر الكوتا الجديدة التي منت بها القوى والأحزاب الطائفيةوالعرقية على هذه الأقليات القومية والدينية، كل هذا لإخفاء وإقصاء كلوعي طبقي ووطني موحد للأبناء الوطن ومحفزهم للتضامن والتكاتف عبرمصالحهم وصفاتهم المهنية والطبقية وليس عبر التكتل والتعصب الطائفيوالعرقي والعشائري. بعد كل هذا الوصف هل يمكن إن يطمح المواطن العراقي ذو الإصبع البنفسجيإن تحقق له مثل هذه القوى الفائزة ضمنمن يرتجيبيعات آماله وأمانيه فيالسيادة الوطنية والأمن والخدمات والحرية والعمل ؟؟ وهل يمكن إن تصطاد حلقة صياد الوهم غير الهواء الملوث بدخان الحرائقورائحة الفساد والكساد لتقدمه إلى طوابير من يرتجي طيره الموعود، وقدفات بعض هذه القوى العبرة من القول الشعبي المشهور:- ((ما ارجه بالصفصاف يطلع ثمر بيه)) أنها شجرة بطبيعتها غير مثمرةلاستعطي سوى هراوات القمع ووقودا لنيران الحرائق وهذا هو جوهرأل((قطوازية)) المهيمنة على سدة الحكم في العراق، وها هي النتائج المعلنةللانتخابات تدل دلالة واضحة إلى هزيمة شبه تامة للقوى الوطنيةالديمقراطية واليسارية، وبقاء نفس الوجوه للدورة السابقة تتصارع من اجلإطالة عمر استئثارها بالسلطة والمال واستمرار أزمة إل((قطوازية)) بحكماستفحال أزمة مرضعتها وراعيتها الطبقة الرأسمالية المسلحة في عصر العولمة، فسيعلو صراخها وتنابذها وتراشقها بالخارق والحارق حسب تعبير أياد جمالالدين خلال هذه الفترة لتلجا بعد ذلك إلى التوافقية والمحاصصة مرسلةبذلك رسالة إلى المواطن العراقي أن لا حل أمام العراق إلا المحاصصةالطائفية والعرقية و الديمقراطية التوافقية لتكون أمرا واقعا مفروضاعلى أبناء الشعب العراقي لتقتسم من جديد المناصب والمكاسب ضمن المحاصصةالطائفية والعرقية والعشائرية محرقة كل وعودها وشعاراتها في طبخ ولائم تقسيم الغنائم!!!!.

229
إعلان
 نصائح بالمجان  لحيازة كرسي في البرلمان!!!
حميد الحريزي
 

لا يمكن لأحد أن يلوم أدواة التصوير بمختلف أنواعها وأشكالها على ما تنتج
من صور، سارة أو مؤلمة ، صادقة أو كاذبة ولكن بالتأكيد  إن هذه الأداة
الرائعة تمتلك روح تتعذب في عالم اليوم  لأنها غالبا ما تكون شاهدا على
عدد هائل من الصور والظواهر المؤلمة والمخزية لبني البشر وحتى للحيوان
والنبات على طول وعرض المعمورة، الجوع، الكوارث المرض الجهل النفاق العهر
 والبغاء العطش  ، التعذيب والإعدام ….الخ
وتتألم كذلك من حجم الدجل والكذب والتضليل الذي يمارسه الحكام والسلاطين
واساطين السياسة والتجارة وأدعياء الدين والقيم وحقوق الإنسان
والديمقراطية وهم  يحاولون أن يظهرون على خلاف حقيقتهم بينما يخفون قبحهم
وظلمهم وإجرامهم،   فيظهرون بمظهر  المحب والعطوف والعادل والكريم
والرءوف.
القصد من هذه المقدمة إن شوارع العراق وحاراته وحتى قراه تغص بصور
الرؤساء والزعماء والقادة  بدءا بصورة  القائد الضرورة والذي  روي  قبل
سقوط حكمه إن احد المواطنين البسطاء كان يتحدث مع نفسه وهو جالس في
السيارة مذهولا    من كثرة صور  الديكتاتور وكبر حجمها متسائلا  كيف سيتم
جمعها وإتلافها بعد سقوطه الذي بات محتوما مرددا (( هاي شيلمه.. هاي
شيجمعه))؟؟!!
 إما الآن فان الصور والشعارات  أصبحت  وكأنها  غابة  غير مشذبة  الأشجار
تضم الأحياء والأموات  متعددة  الأزياء والألوان والإحجام وخصوصا  قبيل
الحملات الانتخابية المحلية أو الوطنية فتظهر المرشح والحاكم  مع طفل
مورد الخدين  ، أو بمظهر عطف وحنو على معوق أو  الابتهال والخضوع والدعاء
لولي من الأولياء..وو وان أبناء الشعب في قلوبهم وطبعا ليس في جيوبهم!!!
 لك أن تقف أمامي أو تجلس بجانبي في الصورة  طبعا  ولكن اياك أن تحاول
الجلوس  بمكاني على الكرسي؟؟!!!
 يمكنني أن أسدي خدمة مجانية  ولوجه الوطن لا اريد  من وراءها لاجزاءا
ولا شكورا ولا حتى صورة وان ادلهم على  ضمان كرسي في البرلمان وبالمجان
على  أن:-
* أن يصوروا قرب  مواقع الحرائق  والانفجارات متعهدين  بمنع حدوثها.
 أن يصوروا  وسط ركام البيوت المهدمة وعدا بإعادة تشيدها وبنائها من جديد.
 التصوير الى جانب ((اللالة والفانوس)) مع التعهد باجتثاثها من حياة العراقيين.
 التصوير في باب معمل  مخرب  متعهدا  بإعادة الحياة إليه لتدور مكائنه من جديد.
 التصوير مع متسول بائس في بلد البترول  متعهدا بإعادة الكرامة إليه وليس
إصدار الفرمانات  بمنع التسول  تحت ذريعة الضرورات الأمنية.
التصوير وسط آلاف العاطلين عن العمل وهم يبحثون  عن فرصة عمل  تسد رمقهم وعوائلهم.
 التصوير في  مدرسة من طين  آيلة للسقوط على  رؤوس الأطفال.
 التصوير مع من يبحثون في فضلات البيوت والفنادق  عن بقايا طعام يسدون به جوعهم.
 التصوير مع من  اضطررن على بيع أجسادهن من اجل  لقمة العيش لهن ولأطفالهن.
 التصوير مع آلاف الشيوخ من المتقاعدين وهم  يلاقون أصناف المشقة والذل
على صناديق  الصرف  لاستلام رواتب لا تغني عن جوع.
 التصوير مع  ملايين المهاجرين والمهجرين وهم يعانون غربة  الداخل والخارج.
 التصوير مع مئات الآلاف من  خريجي الكليات والمعاهد ومن مختلف
الاختصاصات وقد شابت رؤوسهم دون أن يحصلوا على فرصة عمل.
  تصوير ما كان عليه قبل دخول البرلمان  وما هو عليه الآن.
 تصوير رفضه للرواتب  والمخصصات الخيالية  لأعضاء البرلمان والرئاسات
التي فاقت حد الخيال، وإلغاء قانون  تقاعد  أعضاء البرلمان لأنه  بدعة لا
قانونية فلااقاعد لخدمة اربعة سنوات!!!!!.
 التصوير مع صحفي مجروح مهان من قبل حمايته.
بمعنى ان يكون مع  مايحتاجه المواطن وما يعاني منه وليس بمايظن انه نفضل عليه  بلقاء او قبلة  او ابتسامة.
 عذرا القائمة تطول في تعداد  فرص التصويرمع هموم الناس، التي يمكن أن تضمن للمرشح
كرسي البرلمان،وهي عقد العهد  بينه وبين من يصور  معه في أعلاه مقابل
انتخابه  تنص على:-
أتعهد أنا المنتخب من قبلكم  بان لا يعاد تصوير تلك المشاهد المؤلمة في
الانتخابات التي  تلي دورتي الانتخابية  القادمة لأنها ستصبح من الذكريات
، وسأكون محاسب أمامكم إن لم أفي بوعدي وعهدي ولكم حق سحب  ثقتكم  مني
واختيار من ترونه كفأ لانجاز  ما عجزت  عن انجازه.

230
-رحلة صيد في نهر (( النمش))-

حميد الحريزي

 
 في هذه الصفحات نحاول إن نجد باب لدخول ملعب نص الشاعرة فليحة حسن والموصوف رواية((نمش ماي)). المكونة من ((37)) صفحة من الحجم المتوسط الصادرة عن دار ينابيع-سورية-دمشق ط1 في 2010.
 نرى إن النص يمكن إن يصف معاناة الإنسان العراقي في ظل النظام الديكتاتوري ومعاناته بعد ((التحرير)) في 9-4-2003. أي إن الكاتبة تحاول أن  تلقي  نور  الكشف على كهوف ودهاليز المرحلتين وما جرى داخلها في ثلاثة أجزاء للنص ((الروائي))، ونرى أن الفصل الثاني يبدو  فصله واستقلاله هو فعلا قسريا عن مولده الجزء الأول حيث يدور السرد في ظل التسلط  الديكتاتوري وماسي نظامه نظام القهر والتسلط ومصادرة الحريات والكرامة الإنسانية. , ولكن الكاتبة لم تغفل أن تصف صورا لحدث قادم يبدو لا علاقة له بسياق السرد حيث وصف حالة الاستسلام المذلة للقوى المحتلة- الفانيلات البيضاء علم استسلام مذل- وإلقاء القبض على الديكتاتور مختبئا في جحر جرذ من الرواية(( لم نجده بعد... وقد فتنا ومازلنا عنه ولم نعثر إلا على جحر جرذ سنفتشه بعد قليل انتهى...))1 فهي حالة ربط بين  السبب والنتيجة.
 يبدأ الجزء الأول من النص ب(( امتدت كفاه إلى جسدي الغافي بانتظار لمسة احدهم) ). فالكاتبة أبدعت حقا مستحضرة روحا شعرية تنث ني منعشا لروح وجسد القارئ، إنها تنطق الحجر الطابوق حيث يتابع القارئ فتاة عاشقة عطشى للمسات الحبيب المتخيل، فتصف خلجات جسمها وردود فعلها لا نأمل الحبيب ، يكاد القارئ يصدم وهو يكتشف إن المتحدثة  هي الطابوقة، بحيث أصبحت هذه الطابوقة المأنسنة على يد الكاتبة إلى احد شخصيات وشهود ومتحدثي وساردي النص لا بل أكثرهم رقة وإحساسا مرهفا محملا بالمشاعر النبيلة، تعي وتساؤل عن صيرورتها وتحولاتها على يد الإنسان حيث اقتلعت من منبعها الأول ((الطين)) (( من أنا ألان، لم استيقظ إلا على صوت احدهم وهو يصرخ :- اتركها، لص)) لا تتصوروا شدة فرحتي وهو يضعني إلى جنب صواحبي ويصب علينا(جص) رطبا سرعان ما سرت برودته إلي))  ص20 من الرواية(( تقرفصت كجنين وصار حبل أفكاري يضغط علي فلم أجد سوى التوسل بهلام شفاف اسمه القدر))  من الرواية واضح من كلام  ومشاعر الطابوقة و إنها لم تكن  جزاء في بناء دار سكن أو  بناية معمل أو مستشفى  أو مدرسة  بل هي جزء من سيطرة وسور سجن وشاهد موت رجل حر ، فمن خلال مشاعر وإحساسات طابوقة  تطالب فليحه النفس الإنسانية  أن تعي طموحاتها واستلابها وضياعها ونشوتها وتساميها وتفاهتها وهي وحيدة وهي مع الجماعة فوق أو تحت سواء كانت وسيلة طرد اللص أو سيطرة حكومية تشهد تنمر من فيها من ذوي القبعات الحمر على أبناء وطنهم بينما يصنعون من  فانيلاتهم البيضاء علما للنصر المهزوم امام الغازي ((المخلص)). أو تكون جزءا من جدار لسجن الأبرياء وقرابين الفداء ولتكون شاهدا وموثقا لعذابات الإنسان المقيد المقهور، شاهد لخنوعه وصناعته للمستبدين وعدم إدراكه لسبب عبوديته وقهره فيلقي اللوم على القدر  واقع مرير ينطق الحجر فما بال الإنسان  يظل قابعا في آلة خنوع واستسلام(( القدر يستهدين بنا دائما... يضعنا نطفا في أرحام لا نختارها... ويسحبنا إلى ارض نجهلها... ويسوقنا رجالا إلى مذبحة لا نعي كنه وجودها.... كل الوجوه التي نحيط بك  جيء بها وقودا لأتون موت يفور ولا ينطفيء إلا بانتهائنا أجمعين))  .
((ما زرعناه سنحصده)).
ببراعة شاعر تصف الكاتبة حالة اللامبالاة لحياة الإنسان المضطهد ، الإنسان المتطلع للحرية والانعتاق والذي يرفض الإحكام الجائرة وصف لمدى وحشية ولامبالاة أجهزة السلطة بحياة الناس ومدى رخص حياة الإنسان المواطن في نظر السلطة وأزلامها وشرطتها، فبعد مقتل الشاب البريء الذي انتخى لقيمه كجار وكانسان يتحلى  بقيم الشرف والنخوة والدفاع عن الضعيف، يسال الضابط الجندي الذي أتى بخبر مقتل الشاب  الهارب  للخلاص من السجن.
((الضابط:- وهل أصاب السور شيء؟؟؟ يجيب الجندي:-  لا، لا سيدي فقط سقطت منه  ((طابوقة)) رايتها على الأرض بجانب الجثة) )!!!
أية مخلوقات هذه التي يهمها  سور السجن أكثر من حياة إنسان.
((الحارس النعسان التقط من مكان الطبخ بعض العظام ورماه لهن- الكلاب- وهو يمضغ كلمته المعتادة:
-عفيه..))  وهي إشارة تعيد القارئ إلى هذه (العفيه)) التي كانت تعني تكريم((إعطاء عظام)) من قبل الدكتاتور لحراسه و لبنات نظامه وحماته.
تواصل الكاتبة إعادة الحياة للطابوقة حاملة روح وذكرى القتيل والشاهد على مصرع الهارب صوب الحرية والتي ستعيدها  أم الضحية النهر رحم الإنسان الأول.....
يتناول الجزء الثاني  من الرواية وصفا لمدى قوة وعناد وثبات المرأة العراقية- الأم- وهي تعيش عذابات وإلام أبناءها وذهابهم وقودا لمظالم وحروب السلطات الاستبدادية، تحاول الكاتبة أن تنعش السرد بشيء من عادات وتقاليد العراقي المكافح المقهور البسيط وتربطه بمنبع وجوده الأول حيث تشكو الأم المفجوعة  ب(وليدها) للنهر  مخاطبة إياه (( يا جاري زينب ردلي وليدي))  ص38 ثم ترمي الطابوقة حاملة بقايا ذكرى ومؤتمنة سر وصيته إلى مجرى النهر، هذا النهر الذي يتنمش خده الصافي بجثث ضحايا الانفجار الإرهابي في بغداد في زمن ((التحرير))  حاملا روح الإنسان وجسده مؤتمن سره وحبله السري.
ومن  أروع وصف واحتجاج الكاتبة على معاناة مدن العراق في زمن الاحتلال وصفها  لشوارع بغداد حيث تقول(( صرنا نتعرق في شوارع تقمطها الاسلاك الشائكة والصبات الكونكريتية التي لم  تفلح الرسومات الموشومة عليها بإخفاء قيحها)) .

 إن المتلقي يرى ويسمع صراخ الشارع البغدادي ((الطفل)) وهو يتلوى ألما وقد انغرست مسامير الاسلاك الشائكة في جسمه الطري، ومدى شعوره بالاختناق  من هول ثقل الصبات الكونكريتية الجاثمة على صدره، وقد كان اختيار   وصف(( مقمط)) ذكيا  ورائعا ومكثفا لدرجة المأساة التي يعيشه العراق أرضا وشعبا حيوات وجمادات، إنها لوعة ما بعدها  لوعة وشهقة تنتفض لها حتى وحوش الغاب وبرابرة العصور السحيقة، هذا الوصف يرد في الجزء الثالث ، جزء واقع الاحتلال للبلاد والذي هو  نتيجة طبيعية لحال الشعوب والبلدان المحكومة من قبل قوى استبدادية شمولية ديكتاتورية تصادر حريات وكرامات وحيوات الناس كما وصفته الكاتبة في الجزء الأول والثاني من النص ((الروائي)).ف((ليست الرواية من عمل الخيال أكثر مما هي انعكاس للواقع: إذ يكمن جوهرها وصفتها الضرورية في الارتباط مابين ما هو واقعي وما هو خيالي)) .
 ومن الملاحظ أيضا أن ((نمش ماي)) حروف بلا نقاط، فقد ظهر النص على خلاف ما اعتدناه في السرد الروائي والقصصي أن  نقرا وصف لحركات وسكنات وتعابير وجه الشخصية الروائية وطريقة كلامها في الحزن والفرح والخوف  والترقب  أو في الجد والهزل في حالات  الرفض أو التسول الأخلاقي  وما إليه من مشاعر إنسانية، مما لا يترك في ذاكرتنا أية صورة متخيلة للشخصية الروائية تميزه عن غيره من الشخصيات، فهناك صورة باهتة  صورة سالبه غير مظهره  للسائق والشيخ وللشرطي و..و..و بينما يمكنك إن تتصور حالة الطابوقة وشكلها في فرحها وحزنها في تمددها وتكورها مسترخية أو مخنوقة أي انسنة الجماد وتجميد الإنسان؟؟؟!!!
كذلك فان شخصيات النص لا تعيش أي  حوارا أو صراعا داخليا فلا تساؤل ولا استرجاع صور ولا همس داخلي  ، باطن آسن ومظهر متحجر، حيث  تبدو الكاتبة لا تريد أن تقحم علم النفس وأثره في رسم الشخصية الروائية وهو أمر هام في  فهم دواخل ومشاعر وكوامن الشخصيات الروائية  ومصباحا ينير دهاليز الشخصية وكهوف لاوعيها.
 أرى إن روح الشعر وحسيته هي المسيطرة على أسلوب وطريقة السرد فالكاتبة في نمش ماي تظهر   سلوك شخوصها  كفعل ورد فعل دون وصف أو فهم للمصنع والمختبر الداخلي الذي خلق وصنع هذا الفعل.
 
غياب البطل!!

الكاتبة لا تسمي بطلا محوريا ((للرواية)) بل تجعله يعمل ويتمظهر من خلال ثنايا النص فهو فاعل مستتر تقديره الحاكم الفرد المستبد المهيمن يتمثل بأذرعه وأصابعه ولوا مسه القمعية  والتنفيذية  بمختلف مستوياتها ومراتبها، ذئاب وكلاب بشرية تحركها غريزة الخوف والسادية  والتملق والخنوع التام للرئيس والتنمر والفرعنة على المرؤوس ناهيك عن المواطن العادي موضع الشك والتهمة والقصور الدائم امام السلطان، وقد أبانت الكاتبة هذا من خلال سلوكيات ذوي القبعات الحمر في السيطرات ،وسلوك السجان وجنوده تجاه السجناء الأبرياء وتجاه ذويهم.((إن الروائيين الواقعيين بحق اليوم هم علماء اجتماع، فلم يعد يكفي إن يصغوا للبشر لكي يفهموهم بل لابد  أن توجه إليهم الأسئلة))  .
إن قاريء هذا النص وكما اسماه الأستاذ عبد الإله الصائغ((الرواية القصيرة جدا)) يفتقد أول ما يفتقد لصورة واضحة للبطل كما هو معتاد في الرواية والقصة لغاية الآن كما نعلم وان يكن الصائغ يتحدث عن تجارب من هذا النوع لكتاب آخرين.....
 وبذلك استطيع القول إن هذه الرواية القصيرة جدا هي رواية تغوص  في واقع عالمي ومحلي ملتبس واقع قبح البطل الفاعل المحرك المهيمن المسيطر على مقدرات العالم والذي يسعى لان يصنع العالم وفق ما يريد ويشتهي، أن يعتصر  الإنسان إلى أقصى حد ممكن ليدر عليه  بمزيد من الربح والثروة، يملأ العالم ضجيجا وضحايا وبهرج ومسوخ وقرقوزات من كل الأجناس والأشكال  والأنواع ، مرتديا مختلف الأقنعة كالدين والديمقراطية  والعدل والمساواة  وووو لإخفاء وجهه القبيح ممثلا بالعولمة الرأسمالية في دورها الإرهابي هو صورة متطرفة للامبريالية الأمريكية راعية الديكتاتوريات ومصنعة  الإرهاب كوسيلة لخنق حريات الشعوب وتخليق عدوا وهميا مسيطر عليه  مطلقا على نفسه  بالمقاوم لشرور أمريكا، هذا ((الطنطل)) الذي يمكن تسميته  بخطاف خيارات الشعوب في الثورة والمقاومة من اجل استرداد حريتها والتمتع بثرواتها(( كالقاعدة وابن لادن وأبو طبر  ووو)) قتل واختطاف وحرق أبناء الشعب الأبرياء في مختلف  مناطق العراق ومن كل القوميات والطوائف  والطبقات والأجناس   كل ذلك بدعوى مقاومة الاحتلال!!!!!!
إما غياب البطل الحقيقي المقاوم الفاعل فمرده ، عدم  وضوح ونضوج واكتمال ملامح ومعالم وأدوات خياره الجديد ،(( أحلام)) مغتصبة ومقتولة على يد مختار  فاسد ومجرم ، وروح متحررة  مغامرة  تفقد حياتها مقابل  إسقاط  طابوقة واحدة  من  سور السلطة الضخم، و((غالب)) مغلوب أمانيه ورسالته متهرئة تائهة لا تعرف طريقها إلى المرسل إليه،((شيخ)) مدعي  دين  مراهق  متصابي، جمع سجين مستسلم لقدره  ومصيره، كسير حسير مستكين؟؟؟!!!!!
هل هناك تواطيء بين الكاتب والواقع لإبقاء المهيمن مستورا والمقاوم عاجز مغدور ، هل إن واجب المثقف الأديب والفنان  أن لا يتجاوز عمله عمل حامل آلة التصوير ، وهل أن الواجب  هو الوصف دون أن يساهم في  تصنيع وإنضاج أداة التغيير عن طريق الكشف عن ماهية وصورة  البطل المغير والسلطان المدمر. أم انه كف  إن يكون  نبيا وطليعة ووصيا على عقول وسلوك جمهور  مستسلم  قطيع يبحث عن راعي وأسير يبحث عن مخلص كما في  الروايات والقصص المؤدلجة، وقد اخذ دور  المصباح الكاشف عن مظاهر وجواهر الجمال وعن ظواهر القبح والفساد  وترك للمتلقي الفطن الخيار...بمعنى احترام عقل المتلقي وسحبه للمشاركة في اختيار طريق الخيار والخلاص من  قيود القهر والاسنغلال والإفلات من دائرة ومستنقع القبح إلى فضاء الحرية
 فهل نمش ماي ريادة اقتحام أم حالة استسلام  لواقع فاسد مرعب ظالم؟؟؟
إن النص  باجزاءه الثلاثة يفتقد للبطل، وقد يبدو إن لكل جزء بطله الذي لا تبدو قامته تعلو على من يجاوره من الشخصيات على العكس مما كان في الروايات أو القصص التقليدية حيث كان البطل جبلا عالي الهام واضح  المعالم معروف  الجذور والانتماء، إما بطل   ما سمي  ب ((الرواية القصيرة جدا))  فهو غير واضح المعالم  يكاد يندمج  مع من حوله، يتحاور ويتجاور مع البشر والحيوانات والجمادات التي تشاركه الحدث، نرى إن هذا الغياب سواء بوعي من الكاتبة أو لا فأنه دلالة واضحة على عدم وجود طبقة اجتماعية مهيمنة في مجتمع متشظي مشرذم مستهلك  وغير منتج ، حيث أصبحت حالة تداخل الطبقات والفئات بعضها ببعض وانعدام حدودها وعدم وجود تميز هذه الطبقات بعضها عن البعض كما في بلدان العالم الأول، فهذه خاصية ألبلدان التابعة في زمن العولمة الرأسمالية مما كان له انعكاس فاعل في وعي الكتاب والأدباء والفنانين ليتكلموا عن كتل هلامية وخليط غير متجانس وجغرافيا بشرية تضاريسها  لا تحتوي على قمم عالية مميزة بل كثبان  رملية متحركة سرعان ما تظهر وسرعان ما تختفي في حالة  تغير وعدم ثبات بشكل دائم، ومثل هذا الوضع يخدم  ((العقل الأكبر))  كنية المتحكم في العالم المتقدم كما اسماه الدكتور عبد الهادي الفرطوسي في رواية(( الزمن الحديدي))  ليبقى متواريا عن الأنظار  أو مصنعا عمى الألوان  لعدم ألفات النظر لهمجيته وغروره  وإجرامه، ونتيجة لذلك ظهرت الشخصيات بدون أسماء وبدون صفات أو مواقع في عملية الإنتاج الاجتماعي فاختلط الحابل  بالنابل، اختلط المنتج  بغير المنتج والصانع والمبدع بالطفيلي  المستهلك، تعدد الإعمال الهامشية وتعدد الهويات، فمرة معلم أو عامل أو بائع مفرد أو سائق تاكسي بما يفقده هويته المهنية وبالتالي يشوش وعيه الطبقي، وهذا ما يراد ترسيخه في عقول وفي وعي ولاوعي اكبر عدد من الفئات والشرائح والطبقات الاجتماعية المقهورة والمستغلة والمستلبة ، وسيكون دور الطبقة المثقفة وخصوصا من الأدباء والفنانين كبيرا في ترسيخ  مثل هذه القناعات والرؤى المضللة وان مرت تحت غطاء التجديد والتجريب والتجريد، وكأنها موجة اللا بطل واللا محدد واللا معروف هي حالة  تترجم  استسلام وخنوع البرجوازية في مرحلة تفسخ الرأسمالية المعولمة وليست تواصلا لرفضها والتمرد عليها كما  تمظهرت به المدارس السابقة كالدادائية والسريالية والوجودية.((اللا بطل/ anti- heroاللا أجتماعي والمنغلق – ميال إلى التأمل في قدره الكوني المفروض عليه الذي لا يستطيع منه مهربا))  .
وقد افرز هذا الواقع المائع والملتبس وتداخل الطبقات والمفاهيم والصفات بعضها ببعض إلى بروز ظاهرة (( سوبر ماركت الكاتب)) حيث نرى إن العديد من كتابنا يطمح أن يكون شاعرا وناقدا ومحللا سياسيا وكاتب قصة ورواية...الخ وكأنه يماثل  سوبر ماركت السلع والبضائع متناسا إن هذه البضائع  مؤشر على كل منها مناشئها المختلفة، ومع احترامنا لتعدد المواهب وهو أمر موجود  بلاشك ولكننا يجب أن  لانستهلك ولا نشتت قدراتنا في أكثر من توجه واختصاص ومجال  إبداع وكأننا لا نعرف  هويتنا  ولا ندرك  موهبتنا نقول هذا  كي لا نعود   لنندب البخت إن لم نحرز نجاحا في أي من هذه الاهتمامات  مرددين القول الشائع((سبع صنايع والبخت ضايع)) فهل هو ضياع البخت  أو ضياعنا نحن،  وكأننا لا نريد أن  نترفع على واقع الكثبان المتحركة ولانطمح أن نكون قمما في الشعر أو القصة القصيرة أو الرواية أو النقد الأدبي ، نتمنى للمبدعة الشاعرة فليحه حسن إن توفق في   تشييد  قممها في الشعر والقصة  القصيرة والرواية والنقد(( فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم)).

الهروب هو الحل، الخارج هو الخلاص!!!

((لا...لا... لن تثبطوا عزيمتي لن أموت قلت لن يقتلوني انظروا إلى هذه الجدران العالية سأتسلقها وسأعبر إلى هناك لن اجعلهم يمسكونني سأهرب خارج الوطن الذي فطمنا من حنانه إلى الأبد.....
-كل أرواحنا تحلم بالخارج، تتوق لضوئه،))  .
 وهنا نرى مدى  الانكسار والإحباط الذي يهيمن على  الفرد المقهور في هذا البلد، المفطوم  عن حنان وطنه  بشكل نهائي وابدي  لطول فترة  قهره واستغلاله ، فلا يرى حلا إلا  بالهروب للخارج  لبلاد النور والحرية والخلاص كما يرى بقية  سجناء السور  فكل أرواحهم تحلم بالخارج  للخلاص من الموت الذي يهطل  عليهم كهطول المطر وهم يرون في ((... الموت خلاص جميل)) ، فما عساهم يقولون وقد أتاهم  الخارج ((المخلص)) ليكون  سببا في تناثر جثث ضحاياهم  وانكسار جسورهم   وأنهارهم  حاملة جثث موتاهم بدل أن تكون حاملة للنماء والحياة  والفرح... أية دراما سوداء  تلف هذا الإنسان العراقي الحائر  الذي  لا يتحالف الداخل والخارج إلا من اجل قتله وقهره وقتل أحلامه، جرذ يستدعي قط وقط يستدعي كلب... أحداث تداهمك بقسوة مفرطة  كما هو حال مشاهد  المداهمات  وقنابلها الصوتية المفزعة في ظل واقع امني منفلت ومخيف... يلتبس فيه فرز  الحامي من ألحرامي، المقاوم من المساوم، الكل ملثم وأنت دائما في دائرة الشك والأسلاك الشائكة.......

ازدواجية السلوك وهيمنة ثقافة الريبة والشك والخوف:-

تلفت الكتبة النظر ولو بومضات ومقاطع قصيرة دالة على تفكك الكونفورميا الاجتماعية الايجابية في عهد الديكتاتورية والاحتلال ...حيث يظهر مدعي التدين الورع على حقيقته من خلال مضايقة المرأة التي شاركها الجلوس على كرسي واحد في السيارة المتجهة صوب مدينة بغداد وهو يتظاهر بالعلم والورع من خلال مسبحته السوداء وقراءته لكتابه الأسود المذهب((إن حركة قدمه التي لا تفتر تحاول الاقتراب ن فريستها الهاربة ))  .
مختار السلطة وشرطيها السري... يختار  الرذيلة والاعتداء على الأعراض وسلب الأمن والأمان من البيوت بدل أن يكون موطن أسرار الناس ومحل ثقتهم ومثلهم في الأخلاق الفاضلة والالتزام كما هو معروف عنه سابقا، مثل هذه المسوخ التي برعت السلطات  الاستبدادية في تصنيعها لخدمة أهدافها ككلاب صيد ضد أبناء  الشعب ممن  يشاكسون ظلمها وتعسفها واستبدادها ، بالرغم من إن الكاتبة لا تغفل الإشارة  إلى وجود بقايا من حملة الكونفورميا الايجابية مثل   جار أحلام والطباخ في السجن وبائع الشاي الذي أنقذ المرأة من الموت المحقق على أيدي  راكبي الدراجة، ومن تطوع لدفن  الامراة العجوز أم الضحية...
ومن ألاشارات والدلائل الهامة  في الرواية هي انهيار الجسر بين ضفتي النهر بين ضفة الموت والخراب والدمار وضفة الأمن والسلام حيث تعذر العبور(( بسرعة اركضي ولا تحاولي التوقف  الا عند الجانب الآخر من النهر  اركضي ليس لك نجاة إلا في الضفة الأخرى....))  .
  بائع الشاي الذي تظاهر  بأنها  من عائلته واتت إليه لأنه تأخر  اليوم  كي يدفع عنها خطر الموت على أيدي راكبي الدراجة القتلة على الهوية.

هشاشة في بناء الحبكة السردية  لحدث مقتل  ((أحلام))


 في واقعة مقتل ((أحلام)) على يد المختار نرى إن هناك هشاشة واضحة في  حبكة السرد حيث يبدو الحدث غير مبرر فالمختار طلب المتعة  الجنسية من أحلام وليس قاصدا قتلها وان  الخطر كان صادرا من الشاب حامل السكين الذي باغت المختار طالبا منه تركها لحالها مهددا إياه بسكين المطبخ، فكان المفترض أن يضرب أو يقتل  الشاب الجار وليس أحلام الخائفة المذعورة؟؟؟!!
وتأتي عبارة (( هجم علي وسحب من يدي السكين وأسرع راكضا إليها كانت  تقف إلى جانب تقف إلى جانب الباب الموارب وغرسه في بطنها، فخرت على الأرض ميتة، وفتح الباب وخرج راكضا....))  .
أولا:- إن  طعن البطن بالسكين لا يمكن أن تكون مميتة بالحال كما  يمكن أن يكون  حينما تكون الطعنة في موضع القلب من صدر الإنسان.
ثانيا:- يفترض أن يكون الباب مفتوحا  فمن خلاله دخلت أمه للدار وطلبت منه أن لا يطعن المختار بالسكين مما أدى إلى تراخي قبضته عن السكين واختطافها منه المختار.
ثالثا:- يفترض أن يتجمهر على الدار بقية الجيران والمارة في الشارع   حيث أصوات الشجار والصراخ من قبل الشاب ومن قبل الضحية ومن قبل أمه(( استطاعت جارتي أن تفلت منه إلى الباب الذي بدأت طرقاته تصم آذاننا، كانت الطارقة أمي)) . فهل هذا الطرق الذي يصم الأذان لم يسمع من قبل الجيران الآخرين؟؟؟!!!
رابعا:- رغم وجوده  وأمه والضحية يخرج المختار ويذهب ليخبر الشرطة بالأمر ثم يعود مع الشرطة   ويجدوه ممسكا بالسكين  في يده باعتباره القاتل وكان  الشرطة منتظرة في باب دار الضحية بعلم مسبق ومخطط مسبق للإطاحة  بالشاب  وإلقاء  تبعة  الجريمة عليه وهو عكس  ما ينبيء به  نص الرواية؟؟!!!!.
فكان المفترض بالكاتبة إن تبحث  عن  تخريجه أكثر  معقولية ومنطقية لتوضح مدى فساد السلطة ورموزها وأدواتها وطرق  نصبها للفخاخ ضد كل من لا يرضخ لجبروتها وظلمها.
 كذلك فان ما يثير التساؤل رسالة((غالب)) التي سلمتها العجوز إلى احد المشيعين لام ((القتيل))؟؟  كيف وصلت إلى العجوز التي يفترض أن تكون في المغتسل؟؟؟ وهل  السترة الخاكية له أو  لأحد رفاقه من العسكريين طلب منه إيصالها  لأهله؟؟؟حيث أخبرته (( كنت أنظف المكان – أي مكان؟؟؟- من ملابسهم -من هم وأين؟؟؟- حين سقطت  هذه من جيب احدهم وتاكدت بأنها رسالة...)) 
في مجمل النص المتداخل والمتشابك من حيث الشخصيات والأمكنة ،والجذاب من حيث المفردة والوصف وسرد الحدث وتواري البطل تبدو الكاتبة  كحامل كامرة دوارة ملتقطة صور الظلم والتعسف والحرمان وهشاشة وتآكل القيم في محيط مجتمع محكوم من قبل سلطان جائر يستدعي محتل متغطرس مجرم يكمل مسيرة الخراب والدمار ونزيف الدم لشعب يغط في دوامة الحرائق والانفجاريات وأصوات القتلى والجرحى والسجناء والمرضى والمشردين، أمهات ثكلى تعارك الموت وتجترح المعجزات من اجل  الاطمئنان على أبناءهن وبناتهن وسط بحر الموت والخراب وسعير النيران. انه نص من جملة حسناته انه يبعث على التساؤل ولن يفصح عن  مكنونه ومضمونه من القراءة الأولى.
 إن ((نمش ماي)) بانوراما الحزن والبكاء والصراخ والعويل والحرائق والانفجارات والتزييف والجريمة وأشلاء الضحايا وتآكل القيم، استطاعت الكاتبة إن  تسجله  بلاقط  عالي الحساسية  مرهف أ لاحساس وان ترسمه نمش على خد نهر  غافي وهي  لا تقوى إلا على  أن  تتقيا  مشاهد ومظاهر القبح المأساوية متكئة على ركيزة جسر منكسر.


231
غياب النقد وأثره على  الأدب والفن في العراق و الوطن العربي
حميد الحريزي
لكل منتج  لابد من متذوق، وهذا المتذوق هو نتاج  ثقافي حضاري في مجتمع معين ولفترة تاريخية معينة من  تاريخ الشعوب،  مدى نباهة وموضوعية وعمق المتذوق  ومدى إحساسه بالجمال تعتمد  على  الغنى الحضاري والثقافي والحس الجمالي لمجتمع معين أو مكان (سوق) المنتج ، وبالطبع هناك تفاوت في درجة ونوعية سيادة  ثقافة  ذوقية معينة بين الناس أو مستهلكي المنتج في زمان وأخر وبين شعب واخر.
فإذا كان هذا الكلام عن  المنتَج أو الحاجة  المادية  ( الملبس والمأكل والسكن والمتنزه...الخ) من مجالات الحياة الإنسانية المختلفة،فكلما كان هذا الذوق (الناقد) سليما ورفيعا وناشطا في تقيميه وتقديره ، أو استحسانه أو نبذه لمنتج معين ، سيكون  المُنتج قادرا على تطوير أدواته وقدراته ليكون ُمنتَجه بمستوى الذوق الرفيع والإحساس الجمالي العالي,
أن ما سبق  وصفه يخص ما مطلوب للمنتج بشكل عام فهو بالتأكيد يكون من الضرورات الهامة جدا في تطور وسمو المنتج الأدبي والفني بمختلف أنواعه وتفرعاته وعامل فاعل في عملية صقل وتنمية قدرات الموهوب فيوفر  دافعا قويا لتقدم العبقريات الأدبية والفنية وتقديمها لمنتجات وأعمال تبقى خالدة في ذاكرة الإنسان ليس على المستوى المحلي والوطني وإنما على المستوى العالمي   وما  ملحمة كلكامش  والالياذه والاوديسه والمونليزا ...و.. إلا أمثلة بسيطة للإعمال الفنية والأدبية في التاريخ الإنساني القديم واعمال  بيكاسو ودافنشي وشكسبير وتولستوي  وجواد سليم  ونجيب محفوظ ...,..و..و في التاريخ المعاصر كأسماء منتجة خالدة  تتباهى بها شعوبها وأوطانها أكثر من أي شيء آخر ، و لعصرنا الراهن عصر اختزال الزمان و المكان في حركة الأشياء وانتقال المعلومات خصوصية خاصة جعلت من الأعمال  الفنية والأدبية  المتميزة  ملكا لكل العالم، ولكن للأسف الشديد نلمس فقرا شيدا في ظهور اسماءا جديدة في مجال النقد في عالمنا العربي من ابناء الجيل الحاضر، هذا بالإضافة إلى كسل ولامبالاة ملحوظة للعديد من الأقلام الناقدة من الجيل السابق ، وقد لا يكون في الأمر غرابة  في مثل  الواقع  الراكد والغير فاعل لمجتمعاتنا العربية عموما في ععصرنا الراهن، نظرا لسيادة ثقافة التبعية والتقليد الأعمى وثقافة الاستهلاك الرخيص، وغياب  ثقافة  أو نهج  أو أسلوب التفكير المتسائل الناقد المشكك وانحسار حيز الحرية العامة والفردية ،حيث لم  يعد  إن  بعض الشك    إثم بل إن كل شك وتساؤل ونقد اشد من الإثم  قد تصل عقوبته حد القتل البايلوجي ناهيك عن القتل الفكري والاقصاء الاجتماعي وما  امثلة ما حصل لنوال السعداوي والقمني وحامد نصر ابو زيد وحتى نجيب محفوظ ومهدي عامل وغيرهم الكثير من  اقمار الفن والادب الا شاهدا على مانقول، وبذلك  لا يرى منتج الفن مهما كانت  موهبته وعبقريته من يتناول منتجه المهمل لينفض عنه غبار  الإهمال والإغفال ويغوص في بحر مضمونه المبدع ليظهر إلى السطح لآلئه  وجواهره  الثمينة التي لا يستطيع أن يحسها  أو يلتقطها أو يصل إليها المتلقي العادي بدون حفريات  وتأويلات وكشوف  وأضواء الناقد المتخصص  .
و نتيجة لذلك  يخبو الق الكثير من نجوم وعبقريات الفن والأدب وتموت أروع زهور وثمار الإبداع في مختلف مجالات الفن والأدب وبالتالي تهيمن الاشنات والطحالب في مستنقع السكون والتقليد على  الذائقة الجمالية والفنية لمثل هذه المجتمعات وتوأد الكثير من الجواهر والنفائس الأدبية والفنية   أمام عيني مبدعيها ومنتجيها وهم يكتوون بنار الألم والحسرة واليأس في  مثل هذا الواقع المتردي.
أن حالة الفقر الملحوظ في  النقاد في مجال الأدب والفن من حيث العدد والنوعية التي تملك ناصية هذا ان يكون الناقد  ملما ب  بعدة علوم منها ألفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع وتاريخ الشعوب  وحضاراتها وثقافتها بشكل عام وان يكون لديه  إلمام  جيد بتاريخ  شعبه وبلده  خصوصا وتاريخ تكونه وتطوره ونكوصه وازدهاره  في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وان يكون ملما بعادات وتقاليد  التي تتحكم في سلوك من يروي أو يتحدث عنهم أو يتمثلهم شعرا أو نثرا أو موسيقى وفنون حركية كالرقص والتمثيل والمسرح ولاشك يفترض أن يمتلك منهجا في النقد  ليتعرف على أدواته ووسائله في النقد والبحث والتحري وقراءة ما وراء السطور  وما يختفي بين ثنايا الحروف والكلل مات والحروف والحركات والصور وهذا لا يعني عبادة  منهج بعينه أو الانحياز  إلى منهج بعينه إلا بقدر  إمكانياته على تفعيل أدوات ووسائل الناقد على الكشف والتحليل والتأويل والتركيب والاستنتاج كما يذكرا غراس((ا لفن لعب في معظمه،وليس عملية مقدسة، فإذا تصرفت على انه مقدس فانك لا تنتج كتبا بل مواعظ)[1][1] وكما ذكر غونتر  ليتمكن من تكوين صورة واضحة للعمل أو المنتج مجال النقد أن يظهر زهوره وطحالبه جواهره وقشوره، وان لا يكون القصد الهدم والكبت والإحباط بل البناء والتطور والرقي، فللناقد دور كبير في تطور المبدع والفنان كما أن له دور كبير في تنمية الثقافة النقدية  الواعية لدى المتلقي مما يعطي للمنتج الأدبي والفني  القدرة على توصل رسالته إلى من يريد بشكل جيد فلا فائدة من منتج أدبي أو فني جيد بدون متلقي واعي يستطيع فهم وقراءة وحل شفرات رسالة المبدع المرسلة إليه ، فغياب الناقد الكفء يجبر  المبدع إلى اخذ دور الناقد ليأشر ويؤل ويحل شفرات رسالته ولكنه أيضا  قلما يستطيع أن يعي  وعي لاوعيه المنعكس صورة أو معنى أو حركة في منتجه الإبداعي وكما ذكر الروائي عبد الرحمن مجيد الربيعي(قد بدا القصاصون أنفسهم بإعلان الضوء في مدنهم للتعريف بإعمالهم وخلق تواصل ما مع قرائهم على الرغم من إن هذا العمل ليس من مهماتهم الأساسية والتي تتركز في الإبداع فقط))[2][2].
كما إن لنا قول لابد منه  ألا وهو أن يكون الناقد  عينا كشافة ولماحة وصائدا ماهرا ومنقبا  لا يتعب في اكتشاف ورعاية  وتنمية  براعم الإبداع بمختلف  أشكاله وتخصصاته الأدبية والفنية وعدم الترفع على البراعم التي تريد أن تورق وتزهر وتثمر منذ نعومة أظفار المبدع والموهوب وستكون لرعاية الناقد  اثر كبير في مدى رقي المنتج الأدبي والفني وتطوره  فلمرحلة رياض الأطفال دور كبير في تنمية قدرات أطفال المدارس واستيعابهم للمواد  الدراسية في المراحل التالية، وكذا إن دور البستاني والفلاح في  حراثة وتسميد وسقي  النبتة دور كبير في نموها وإزهارها وإثمارها،كذلك فان دوره في إزالة الحشائش المتطفلة على الحقل ستساعد كثيرا على معافاتها ونموها وعطائها.
ربما لا يكون لك فضل كبير عند  إلقاء الضوء وإبداعات ونتاجا ت اعلام وقمم الفن والأدب ولا كن  سيكون للناقد دور القابلة والحاضنة والراعية للفنان والأديب اليافع كي تستمر عملية الإبداع وظهور قمم جديدة  ورياض جديدة ترفد حياة  الإنسان بما هو جديد ومتلائم ومتلازم مع روح العصر الجديد الذي قد لا تتمكن الاسماء السابقة من استكشاف  وإشباع ذوقية وإشكاليات وهموم الجيل الجديد، فلا يعني إن  اهتمام الناقد الكبير ستثلم عظمته وشهرته إن هو اهتم بالأدباء والفنانين اليافعين والمبتدئين  بل العكس هو الصحيح حيث نرى ان النقاد الكبار  يفتخرون حينما يكون لهم السبق في الإشارة والرعاية للأدباء والفنانين  اللذين اصبحوا نجوما واقمارا ساطعة في سماء الفن  والادب حينما لم يكن هناك من التفت لمواهبهم في اول تفتحها.
نود أن نشير هنا إلى إن لكل مرحلة أو فترة  تاريخية أو مرحلة تحول سياسي انعكاسها على المنتج الأدبي والفني بالإضافة إلى المجالات الأخرى، فإذا كنا  نمتلك كما  ونوعا مقبولا من  الدراسات النقدية للمنتج الفني والأدبي في  الفترة الديكتاتورية المنهارة  فهل يمكننا تأشير  أشكال ومواصفات  وأساليب التعبير والتصوير  لفترة ما بعد التغيير في 9-4-2003 وهل يمكننا أن نقول أنها فترة أو مرحلة جديدة متميزة عما سبقها من  مراحل  التطور الفني والأدبي  وما هي شواهد وملامح  ومميزات هذه المرحلة.
فإذا كان القامع والمانع للمبدع عن تعبيره عن إبداعاته  ونتاجا ته هي السلطة الديكتاتورية  المستبدة التي إرادة للمبدع أن يكون تابعا لها  ومدافعا عن كرسي الحكم وتمجيد الحاكم. وقد كان المجتمع في واقع الأمر هو المتفهم والداعم والراعي للمبدع الذي يحاول أن يشاكس السلطة ويكشف عن عوراتها ومظالمها بحق المحكوم وتسلط قمعها ضد أغلبية  مكونات المجتمع من النازعين للحرية والتحرر والعدل والمساواة، ولكننا نرى ان جذوة الابداع قد خبت من حيث النوع والكمية  في  زمن (الديمقراطية) والذي يفترض ان يكون زمن الحرية  للمبدعين ودافعا قويا من اجل اثراء الذائقة العراقية المتعبة والمثقلة  بثقافة اللون الواحد والحزب الواحد والاتجاه الواحد،  فهل يمكن القول أن المبدع والفنان  في الوقت الذي تخلص من قيود ورقابة السلطة  فقد حاضنته الاجتماعية وأصبح مستهدفا من قبل ((جمهور)) جاهل مؤدلج محمل  بروح سوداوية  تمجد ثقافة الموت وجلد الذات وعبادة  رموز  ألبستها ثوب الإلوهية والتقديس، وهنا كيف سيكون شكل المنتج الأدبي والفني هل سيهبط المبدع إلى  مستوى الجمهور أو يعتزل ساحة الإبداع والعمل مؤجلا كل طموحاته وانتاجاته إلى مستقبل   قد لاياتي. أو يحصر فعله ومنتجه  بنخبة تتناقص يوما بعد يوم  ملتحقة برعيل  المحبطين أو المنحطين ذوقيا أو الملتحقين برهط السلطة ، أو انه سيتمكن  من اجتراح  طرق ووسائل جديدة يمكن أن  تديم حضوره ويكون  فاعلا (مثقفا عضويا) لتنمية وتهذيب  ذائقة الجمهور ليواصل طريق التقدم والازدهار والحرية وهل هذا ممكن وهو بين اغراءات السلطة  التي تسعى لاستيظافه لصالحها وبين  قمع الجمهور المؤدلج والموجه بالضد من  فكر المبدع وعقله وفعله الناقد هذا الجمهور المصادر والمستباح والمسيطرعليه  من قبل  رجل السلطة ورجل الدين المسيس المتحالفين مصيريا لادامة روح الخنوع والسكون والخضوع  لجمهور  ممهور  بختمهم ومسحور باوهامهم؟؟؟؟
 


232
متى نَشكُر ولا َنستَنكِر؟؟
حميد الحريزي
جاءت الآية القرآنية الكريمة (( لئن شكرتم لأزيدنكم)) حيث  منَّ الحق على الإنسان بنعمه التي لا تعد ولا تحصى وبذلك طالب الإنسان أن يشكر هذه النعمة ليزيدها عليه، مزيدا من الصحة والأمن والرفاه والرزق الوفير.
بمعنى أن هناك نعم تستوجب الشكر لابد من توقيرها  وتقديرها وشكر فاعلها، في العلاقات بين الدولة توجه الحكومات والشعوب شكرها وتقديرها وذكرها الطيب لما تقدمه لها الدول  المختلفة في العالم من مساعدات في ظروف الحاجة إليها  في مختلف المجالات والصعود السياسية والاقتصادية والعلمية وليس خافيا شكر الشعب المصري  للسوفيت لدوره الفاعل والكبير ففي بناء السد العالي  الذي سيبقى شاهدا على هذه المساعدة الثمينة التي تستوجب الشكر والتقدير الدائم .
ولكن للأسف وياليتنا لا نظل كعراقيين نتأسف دائما من سلوكيات بعض الدول الصديقة والشقيقة القريبة والبعيدة مما يسبب لنا الأذى المتكرر، وكذلك  ناسف من أفعال  حكامنا ومسئولينا وذوي الأمر منا اللذين هم على راس السلطة وإدارة الدولة ومنذ  قيام وتأسيس الدولة العراقية  ولحد الآن، كذلك سلوكيات وأفعال بعضنا ضد البعض الذي  وصل حد القتل والتمثيل والحرق ناهيك عن التدمير الاقتصادي والثقافي والاجتماعي والنفسي.
هل يمكن أن نستنتج من هذا إن العراقيين  شعب دائم التذمر وعدم الرضا والتمرد على السلطات والحكومات والزعامات والأحزاب لا لشيء إلا لكونه خاصية جينية لعدم الرضا وعم الوفاء ترسخ في بنيته   الفكرية السيكولوجية منذ آلاف السنين، من المسلم به طبعا إن لا يكون هناك إجماع على القبول أو الرفض في مواقف الشعوب الأرض ومنها الشعب العراقي تجاه الحكومات وأحزاب وأفراد  معينة وفي فترات محدده تبعا لطبيعة هذه القضية أو تلك ودوره في الحراك الاجتماعي الدائر في  ذلك البلد. ولكننا نستطيع أن نشير بقوة  وثقة إن الشعب العراقي من أكثر  شعوب العالم وفاءا واعترافا  بالجميل لمن يقدمه المساعدة والاحترام في مختلف المجالات وان كانت ضئيلة وبسيطة، فلازال أغلبية الشعب العراقي وبالخصوص فقراءه يستذكرون وبحب كبير الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم الذي ترك شواهد تذكر بصدق قوله وفعله لصلحهم كالسكن والشافي والمدارس وبناء المصانع والمعامل وإنصاف الفلاحين الفقراء في الريف بالإضافة إلى نظافة يده وجيبه بشهادة واعتراف  أعدائه قبل أصدقائه ومحبيه، ولنا في التاريخ العربي الإسلامي الكثير من الشواهد في حب  وتذكر   العديد من الخلفاء والحكام  بسبب عدالتهم ونزاهتهم وانتصارهم للعدالة ومنهم علي  بن أبي طالب  وعمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز وعبد الكريم قاسم هذه العيون الأربعة الخالدة في ذاكرة فقراء العرب المسلمين وغيرهم وخصوصا العراقيين، ولكن للأسف لا يرى العراقي غير مواقف الأذى والتجاوز على حدوده وسيادته وثروته وثقافته من قبل الدول العظمى والصغرى من دول الجوار يستحق من العراقيين الشكر والعرفان  بالجميل ولكن العكس هو الحاصل  جحودا ونكران للجميل والمعروف، وعلى مستوى الحكومات التي حكمت العراق لا يمكننا أن نشير لفعل راسخ في ذاكرة العراقيين لا لأفراد اقل من أصابع الكف الواحدة ممن يستحقون الذكر الطيب وما عداهم وهم الأغلبية لا يستحقون غير اللعنات والكره لما فعلوه من إعمال  إجرامية بحق أبناء العراق   الأحرار والشرفاء والمتطلعين  للحرية والرفاه  وآخرهم ولا نقول أخيرهم  الدكتاتور المنهار.
 نقول لقد مللنا الاستنكار والرفض والاحتقار نريد أن نشكر ولا نستنكر ، نشكر الأمن والسلام والمحبة والتالف والرفاه وان من نشكره يفترض أن  يزيدنا ولا يستضعفنا   باعتباره مستوظفنا وليس والينا وراعينا وصاحب المنة علينا.
نأمل   أن يستقر قرارنا ودولتنا  بحكومة وطنية عادلة منتخبة  تُشكر ولا ُتستَنكر.
 
كانون الثاني -2010

233
للوقاية من السكر
والامتناع عن المنكر
حميد الحريزي
 
كل الحكومات الديمقراطية المنبعثة من شعبها ورادته الحره تعمل جاهدة وبكافة الوسائل والطرق وعبر بذل جهود كبيرة واموال طائلة من  اجل امن وسعادة شعوبها ومواطنيها لتامين كل مايخدم مصالحهم الانية والمستقبلية، فهي العقل  المخطط والعالم بما يخدم المواطن الفرد او المجموع حيث انها تحمل تفويضا عبر العقد الانتخابي الموقع بين الطرفين مما يتيح لها  ان  ترعى شؤونه ومصالحه وما يفيدده ومايضره.\فمثلا  في عراقنا اليوم مرة اكثر من ستة اشهر لم  تسلم وزارة التجارة  المواطنين حصتهم من مادة السكر ضمن الوجبة الغذائية ((البطاقة التموينية)) وقد رفع الكثير من ((المغرضين))  عقيرتهم بانتقاد الوزارة والحكومة بسبب  عدم تسليم هذه المادة التي يعلم الجميع مدى اهميتها بالنسبة للمواطن العراقي من مختلف  الاديان والقوميات  والتيارات باعتبارها قرينة الشاي  التي لاتفترق عنه ابدا، فالشاي هو الانس هو منشط الذاكرة هو وسيط الخير بين الناس في افراحهم واتراحهم له طقوسه الخاصة عند المتدينين وغير المتدينين من المفلسين  ((الشاي خمرة الثوار))،تناوله علامة ود ورضا ،والامر به في المقاهي علامة محبة وتقدير وكرم  ،والامتناع عنه علامة كره او غيض وعدم تقدير ولاشك ان السادة في وزارة التجارة بذلك عارفين!!!
ولكن بعد التاني والتقصي وراء القصد من حجب السكر  تظهر الحكمة والحرص لدى وزارتنا الرشيدة  الا وهو عمل حمية  للعراقيين  اللذين اشارت العديد من التقارير  الصحية ان عدد المصابين منهم بالسكر يزداد بشكل غير مسبوق بسبب زيادة  حلاوة الديمقراطية  الزائدة الراقصة على انغام المتفجرات  والمفخخات  ومسرح مجلس النواب وماتعرض فيه من تراجيديا وكوميديا ؟؟!!!و....و...و وقائمة   العروض والفروض الحلوة  المقدمة للعراقي لاتعد ، مما يتطلب حمية اجبارية من السكريات والنشويات وما اليها فما اروع واحرص واعلم وزارتنا الموقره وان كانت بلا وزير!!!!
كما عملت  بعض الاجهزة الامنية على حملة كبرى لاغلاق  بيع الخمور باعثة الخدر والفجور مما  يجعل عيون المواطن لاترقب  المفخخين والمفخخات في الكراجات والازقة والساحات  وهي متعارضة مع  الشريعة وغير ضرورية للديمقراطية او الحرية الشخصية.
وانا اعرض هذه  السمات العبقرية للوزارات لااريد ان اسمع عن طلب اية تفسيرات  لحجب الحمص او العدس او الحليب او الرز  او اية مادة اخرى من سلة الغذاء ...فبالتأكيد هناك مبررات  لايعلمها الا ذوي الشان والراسخون في كراسي الوزارات واخصائي المحاصصة والمحاصصات...الا يكفي انهم  تنازلوا عن حصتهم في البطاقة التموينية؟؟؟؟!!!
كن واثقا ونم قرير العين عزيزي المواطن  الكريم ان وجبتك محفوضة   وتساؤلاتك وشكوكك مرفوضة وتسيء للعملية الساسية التي  ادخلت في صالة الانعاش  الديمقراطية وكن حذرا ممن يريدون ان يشوشون على العملية الانتخابية حاملة مفتاح حلول كل الازمات الوطنية والشخصيه.



234
المنبر الحر / من يقيل الفانوس؟؟
« في: 15:55 11/01/2010  »
من يقيل الفانوس؟؟
حميد الحريزي
 في انتخابات مجالس المحافظات  الماضية ازدحمت  دعايات وإعلانات  مختلف لقوائم الانتخابية حركات وأحزاب وشخصيات  بالوعود  والعهود  المختلفة  التي سيحققها الفائز للمواطنين، ووقتها قد  تمنينا على  الفائزين اللذين سننتخبهم أن يكون قرارهم الأول بعد الفوز  هو (( نطالب  مجالس المحافظات بإقالة الفوانيس واللالات)). مرت  عدة اشهر دون أن نرى من  ذلك شيئا إن لم يكن الحال أسوء  وخصوصا بالنسبة لبيوت  وشوارع  الطبقات الشعبية  الفقيرة في عموم العراق وخصوصا المنطقة الوسطى والجنوبية، حيث أصبح الفانوس وأخته اللاله ضيوف شرف دائم  بالنسبة  للمواطنين   اللذين يعيشون عيشة الكفاف ، إما  من هم  تحت مستوى خط الفقر  وهم بالملايين  فلا  يحضون حتى  بحضور الفانوس ولا اشراقة أخته لاله  وان  زارهم احد الشقيقان  فلا يجد عندهم  ما يروي به ضمأ فتيله من  النفط الأبيض كي يشع نوره ويملأ أنوفهم  بعطوره !!!
والأمر المثير هنا إن العراق يوصف بأنه بلاد الطاقة  بمختلف أنواعها – النفطية والغازية والهوائية والشمسية...و..ومما ليس لنا به علم، هذا بالإضافة إلى تواجد كل ملوك العلم والتكنولوجيا في العالم يسرحون ويمرحون في عراق الظلام   بعد إن شع علينا نور((الديمقراطية والتحرير)) عبر  اضوي  وبروجكترات طائراتهم ودباباتهم  وهمراتهم  وسيارات الدفع الرباعي البلاك ووترية وأخواتها فشح علينا  الوايت وتر، والربد وتر، واليلو وتر، وبدلا أن تكون ارض السواد كنية لخضرتها ووفرة مياهها أصبحت  ارض جرداء  مقفرة تستورد الماء والخضار من دول الجوار. لا اظن أن أحدا  يستغرب أو يكذب ما نقول إلا إذا كان من خارج البلاد أو من سكنة المنطقة الخضراء.
نريد أن نقول  بعد أن  خابت  وتبخرت أحلامنا مع  تبخر وعود وعهود  مجالس المحافظات هل لنا من أمل  في أن  تتحقق أمنيتنا البسيطة هذه  على يد أعضاء مجلس النواب القادم  بعد أن  عجز عنه المجلس  الذي أشرفت دورته على الانتهاء وقد أودعنا الفوضى والظلام  و سيغادرنا محملا  أعضاءه  بالامتيازات والجوازات  والممتلكات ،كما ذكر الأستاذ محمود عثمان ما معناه بان رواتبهم هي الأعلى بين اقرأنهم في كل إنحاء العالم الغني والفقير ، وكذلك سيزداد عددهم القادم إلى (325) مما  يستوجب  نشاطا اكبر وانجازا اقدر من سابقه  وان يكون الأجر على قدر المشقة ، اللهم حقق أمانينا وصدق  دعا وينا فقد سامنا  اللاله وشقيقها الفانوس ومللنا  طلبنا المسموع والمهموس.


235
رسالة الصحفي الطائر
إلى كل قلم صادق حر جريء
إلى كل العراقيين الوطنيين الأحرار
إلى  الصحفي الجريء عماد العبادي  مع التحية
اختلط لدي الحلم بالواقع وأنا أراقب طائرا صغيرا يرفرف بجناحيه وينقر على نافذتي عند الصباح الباكر , ولم يسبق مشاهدة طائرا بهذا الوصف حيث يبدو رأسه كبير الشبه بخارطة العراق وجناحية كأنهما دجلة والفرات , ألوانه ريشه بألوان الطيف العراقي الزاهية إنها ألوان تتكلم . تخيل لي إن الطائر يطلب النجدة مني ويريد دخول الغرفة ففتحت النافذة ثم جلست وراء منضدتي , استقر الطائر العجيب بحركة رشيقة فوق منضدتي واقفا أمام ناظري فارشا جناحيه وبدا لي كان  شاشة عرض ملونة فتحت في صدره لتعرض أخبارا وقصصا وحكايات وصور من قلب الأحداث في عراقنا الجريح يصاحبها عزف ياسر الألباب يردده الطائر، يتناغم حزنا أو فرحا بكاء أو رقصا مع طبيعة ومضمون ومغزى الموضوع المنثور ومع شكل الصورة وما تقول .!!!
أدهشني شكل وسلوك الطائر وما شاهدته منه  فترءاى لي كأنه عراق طائر ....
كمن يعترض على حياتي وشرود فكري واخذ بالتنقل قافزا من قمة راسي على كفي يدي ثم على الورق المسطور أمامي ثم عاد إلى وقفته أمامي ليبدأ ما كتب على صدره بالصوت والصورة والنغم . أمسكت قلمي لأنقل ما أراه على شاشة الطائر الصغير للورق أحسست إن ما بادرت إليه أفرحه كثيرا فاخذ يزقزق فرحا وكأنه يلثم ضروري بقبلات من منقاره الجميل . هذا الفعل  دفعني إلى الاستنتاج بان الذي أمامي روح إنسان بجسم طائر !!!!
فأخذت اسأله وأتلقى إجاباته سطورا  وصورا مشعة كلوحات الأخبار والإعلانات الضوئية عرفت انه يدعى عصفور العراق الزاجل اختار أن يعمل كمراسل صحفي طائر يجوب ارض وسماء العراق ملتقطا الأخبار والصور والمشاهد كما يلتقط الطير الجائع الحبوب ، وعدني أن يمدني بما حصل عليه  من صور وأخبار لأسطره على الورق  على  شرط الأمانة والصدق وعدم التزوير والتحوير وستكون القطيعة بيننا إن لمس وأحس  مني غير ذلك ؟؟؟!!!!
فخاطبته بألم قائلا:-
هل جلبك قدري أيهامكان لخرابطائر لتقودني إلى حتفي طالبا مني قول الحقيقة  وأنا وسط قطعان  كلاب وذئاب الأرض المسعورة؟ التي تنادت من كل مكان  لخراب العراق وقتل شعبه ونهب ثرواته؟
اطرق قليلا عازفا لحنا شجيا يقطع نباط القلوب قائلا إنني كنت مثلك وان أعلنت لك اسمي لعرفتني فورا وقد دفعت حياتي البشرية ثمن صدقي  وجرأتي، ولكن كما ترى فان قذائفهم ورصاصهم وسكاكينهم قد حررتني من ارتهانات حياة البشر لأسبح في فضاء الحرية , فإما إن تكن كما كنت أنا أو آن ترفع من مطبوعك اسم وشعار ( الحرية ) فان الصدق هو مهر وصداق واجب الدفع لمن يعشق الحرية .
مسح على راسي بجناحيه مودعا إلى لقاء فجر جديد قائلا :-
افتح نافذتك أو اقفلها بوجهي جوابا لقبول شرطي أو رفضه !!!!
وأنا بدوري أوجه سؤالي إليكم فما تقولون ؟؟
هل نقفل نوافذنا ونغمض عيوننا  عما يحدث في عراق اليوم من فوضى وفساد  ونهب  وتزييف للديمقراطية وانتهاك  لأبسط حقوق الإنسان   أو نفتحها على مصراعيها ولا نخشى في قول الحق لومة لائم وكما فعلها العشرات من زملائنا الصحفيين الأحرار ابتداء  بالشهيد بشهاب التميمي  وليس انتهاء بالمعافى عماد االعبادي......

حميد الحريزي

236
الظاهر والمستتر حول عسر ولادة قانون الانتخابات البرلمانية العراقية في 2010



من المعلوم لكل منظري ومفكري الحراك السياسي في إي بلد من البلدان أو في إي مجتمع إنما يعزونه إلى تركيبة هذا المجتمع الطبقية وطبيعة الصراع الدائر بين هذه الطبقات أو الفئات الاجتماعية في دفاع كل منها عن مصالحه ومكتسباته والتي أصبح مقدار ضمانها وتحققها بمقدار حضور هذه الفئة أو الطبقة ضمن الفئة السياسية المهيمنة على السلطة وسطوتها في إدارة مؤسسات الدولة.
بمعنى إن الحراك يدور ضمن دائرة الفئات والطبقات وليس ضمن دائرة الاثنيات والطوائف والقبائل هذه لتوصيفات التي هي ليست أكثر تمظهر وتجسيد للحراك الأول وليس العكس.
إن من يستحوذ على الثروة والجاه من خلال صولجان الساسة،أداة القمع للقوى المستغَلة والمهدورة حقوقها وكرامتها يسعى ويستميت من اجل تشويه صورة  الصراع وطبيعته فبدلا من أن يكون صراعا اجتماعيا بين قوى مستغلة وقوى  مستَغلة وهي الأغلبية، يصار إلى تصوير الصراع على انه صراعا بين أعراق وقوميات وطوائف وعشائر وغالبا ما تحرز هذه القوى النجاح في سعيها هذا في البلدان المتخلفة الذي لازالت تدور في محيط المجتمع الأهلي ما قبل الحداثة والمدنية، فتقد\ح في ثناياه روح العرقية والطائفية والعشائرية لاستعار نار كادت  تخبو لإحكام هيمنتها على قيادته وانقياده بما يخدم تأبيد سيطرتها واستغلالها،كما إن هذا المسعى يحوز على درجات عالية من النجاح في ظل واقع الميوعة الطبقية في هذه البلدان  نتيجة للقطع القهري لصيرورة تطورها الاقتصادي والاجتماعي بفعل السيطرة العسكرية والاقتصادية والثقافية لقوى الرأسمال العالمي المتطور باعتبارها بلدانا تابعة.
يحز هذا التوجه مزيدا من النجاح في الدول الريعية وخصوص دول الريع النفطي حيث تطغى صفة الاستهلاك على صفة الإنتاج على عموم شرائح المجتمع وبالتالي تمتلك الفئات الطفيلية الحاكمة ثروة مالية كبيرة من  ريع النفط قادرة على تسكين وتدجين كتلة كبيرة من شعوبها تبدو غير واضحة المعالم والصفات، يهيمن سلوك القردنة والثعلبة والتسول الأخلاقي واللامبدئية هو السائد في تفسير حالة الصعود والنزول في السلم والمراتبية الاجتماعية وليس موقع الفئة أو الطبقة في عملية الإنتاج الاقتصادي والثقافي.
في واقع العراق اليوم الطبقة السياسية المهيمنة على سدة الحكم بالتخادم والتناغم إن لم نقل التبعية لقوى الاحتلال والاستغلال إنما هي خير مثال ونموذج لما تقدم ذكره ، هذه الطبقة التي صنعها المحتل من  مستنقع العرقية والطائفية التي كانت مستترة خلف قناع القومانية البعثية بشكل ظاهر وسيطرة الطائفة السنية والشوفينية العروبية والعشائرية  من أقارب الحكم وحاشيته في الواقع الفعلي ، بمعنى إن قوى الاحتلال لم تستورد خدامها من خارج البلاد وإنما استنهضت هممهم وأخرجت بعض رموز ألطائفية والعرقية  والعشائرية من سراديب القمع ألصدامي أحادي الولاء لتزج بها في فوضى سوق هرج ((الديمقراطية)) الاحتلالية ليركب كل منها حصان مظلوميته تحت ستار قوماني أو طائفي أو عشائري في حين خنقت تحت ستار كثيف من التزييف والتحريف والتجريف كل مظاهر صراع الطبقات والفئات الاجتماعية واستلاب وعيها وتجفيف كل ركائز نموها وتطورها واصطفافها ناهيك عن تنظيمها، فأوقفت أو دمرت عجلة الإنتاج الزراعي والصناعي وجندت المنتج الثقافي ليصب في مستنقع المحاصصة الطائفية  والعرقية وترهيب وترغيب من لم يركب في مركبها وهانحن نشهد التصفيات الجسدية للعديد من  المفكرين وأصحاب الأقلام الحرة ممن يكشفون ستر الحكام ويفضحون عمليات النهب والفساد  والإفساد.
إن بنية وتركيبة هذه الطبقة السياسية المهيمنة على سدة الحكم  بعد الاحتلال هي قوى طفيلية تابعة من بقايا الإقطاع مولد طبقة تجارية عقارية ووكلاء رأسمال عالمي طفيلي غير منتج، كطحالب متسرطنة تمكنت من عرقلة إن لم يكن خنق طبقة برجوازية وطنية منتجة سواء في الريف أو المدينة وبالتالي أجهضت موضوع ولادة طبقة عاملة قادرة إن تعي ذاتها وتخلق أداتها في الكفاح من اجل الحرية والديمقراطية والعدل والمساواة باعتبارها الطبقة ذات المصلحة الأولى في ترسيخ  بني العدالة والديمقراطية وحرية الإنسان مواطن حر،فها نحن نستورد كل احتياجاتنا  من الحذاء إلى الطائرة من الطماطة إلى الماء!!!!
أهم ميزات هذه الطبقة كونها اقصائية استحواذية أنانية لا تؤمن بالمشاركة ولا بالشريك ولا يعنيها مفهوم الوطن والمواطنة لا بقدر ما يدر عليها من إرباح وامتيازات غير مشروعة، وكونها هي وليدة غياب ووأد مفهوم الوطنية والمواطن منذ قيام  الدولة لعراقية برئاسة  ملك مستورد وبحضانة ورعاية الاستعمار البريطاني ولحين التاريخ فكأننا نعود  إلى الوراء  لما يقارب القرن من الزمان ولكن بوجه أكثر وحشية وبشاعة وزيف اكبر بكثير.
((علم ودستور ومجلس امة كل عن المعنى الصحيح محرف))
فالمستعمر جاء الآن تحت غطاء الديمقراطية  وقيام دولة الحداثة والحرية والمؤسسات ولكن المفارقة أنها  تريد إن  تقيم دولة الحداثة بأدوات  ما قبل ألحداثة  والمدنية، فبدلا من الطبقة والحزب   والمنظمة  تحاول إن تبني  بالطائفة والعرق و والعشيرة مكونات المجتمع الأهلي وليس المدني.
هذه اللوحة أنتجت صراعا بين تراكيز مختلفة  للون  واحد داخل  أواني عملية سياسية مستطرقة مطلوب إن  لا يعلو مستوى إحداها على الآخر بقوة الموضوع وقوة السيد  المحتل وهو يرقب من بعد وبقلب تغمره  المسرة والاطمئنان صراع ديكته بعد إن وضعها في حلبة الصراع الطائفي والعرقي  والعشائري حيث يسعى كل منها ليكون وحيدا داخل  الحلبة بالقضاء والإقصاء لغريمه في الصراع الدموي وقوده عامة أبناء الشعب المقهور والممهور بختم الفتاوى والمبهور ببريق  شعارات((الدي مقراطية)) كل همه أن تكون  ديكته منشغلة بعراكها  ليستحوذ على طبق طعامها دون أن تحصل منه إلا على حبات  فاسدة ، متناسية هذه ألديكه أنها تابعة لمالك  وراع واحد لا يريد الهزيمة ولا الانتصار لأي منها  كأراجيز   تتحكم بحركتها أصابع  مستترة خلف برقع الديمقراطية ،
غياب النقيض الفاعل والقوي  المنظم والواعي ، سيبقي الطبقة المهيمنة على السلطة الآن   في صراع ونزاع مصالح وامتيازات  ضيقة ليحوز كل منها الحصة الأكبر والموقع الأخطر في هرم السلطة في ظل وضع مريح، طبقة تستتر خلف دخان الحرائق ويغطي صراخ  وعراك أطرافها حول المغانم والمكاسب أصوات الانفجاريات التي وقودها أبناء الشعب الأبرياء.
من كل  ما سبق نخلص إلى  الرؤية الواضحة للأسباب الكامنة وراء عسر ولادة قانون الانتخابات  بما ينذر بانفلات امني خطير وشبح مرعب للاقتتال الطائفي والعرقي المقيت.
إن الوضع  الراهن  وما وصلت إليه ((العملية السياسية)) من مأزق وأزمة خانقة ، واستشراء  الفساد والنهب والمحسوبية  وعدم الكفاءة في كافة مفاصل  السلطة  يتطلب إعادة نظر شاملة  بكل مرتكزاتها وبالخصوص ركيزتها  القاتلة :-المحاصصة الطائفية  العرقية بقيادة برا يمر،وإعادة  صياغة الدستور  الحاضر نصا والمعطل والمعاق والملتبس فعلا وقد عجزت كل محاولات الطبقة الحاكمة  عن إعادة صياغته وترقيعه لأنها   اعتمدت نفس الأيدي  الطائفية والعرقية التي  أودعته كل  حالات الشلل والخلل وسوء الفهم والالتباس التي  يعاني منها.
يجب  رفع عباءة الدين السياسي وكوفية  القوماني الشوفيني والعشائري عن قبة البرلمان ، والتخلص من الهيمنة العسكرية والاقتصادية والسياسية لقوى الاحتلال وفق قيام علاقات تعاون وصداقة بين الشعوب على أساس متكافئ.
 إن فهمنا لحالة العسر والاختناق في العملية السياسية الحالية يتطلب  استثارت همم كل القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية وكل أحرار العراق  لدرء أية محاولة لتأجيج نيران الطائفية أو العرقية من جديد  لتكون ذريعة وغطاء لإطالة عمر الاحتلال  واستباحته  لسيادة البلاد ونهب ثروات الشعب  والإعداد لعودة ديكتاتور جديد  كمخلص ضرورة ،  إن الجميع يجب أن يكونوا بمستوى مسئولياتهم الوطنية والطبقية وهذه مهمة لا تقبل التأويل ولا التأجيل.
حميد الحريزي
رئيس تحرير مجلة الحرية
عضو هيئة تحرير  شبكة عراقنا الاخبارية الالكترونية

237
من ينتصر للفلسفة؟؟؟
بمناسبة  يوم لفلسفة
حميد لفته الحريزي
بعد انهيار الدكتاتورية انتشرت على طول وعرض البلاد المئات من المنظمات المهنية والإنسانية وبمسمى منظمات المجتمع ألدمني المختلف الإغراض والأهداف الحقيقي منها والوهمي , ومنها من يتستر تحت هذا الاسم أو ذاك ليقضي نشاطا أخر بعيد كل البعد عن الهدف والاسم المعلن , وقد برع العديد من متصيدي الفرص في طريقة الالتفاف والاحتيال وابتداع الأسماء والشعارات واللافتات في مختلف المجالات , بحيث أصبحت هذه المنظمات والجمعيات والنوادي وسيلة للكسب المادي والمعنوي والاستحواذ على حقوق ومال الغير والحصول على الهبات والمساعدات من الداخل والخارج . ولكننا في كل هذا الهوس وهذا التدافع باللافتات والإعلانات والمقرات لم نجد مقرا واحدا ولا لافته واحدة تمت بصلة سواء من قريب أو بعيد إلى الفلسفة , والتي أرى أنها الفقيدة الأولى من عراق اليوم والأمس والمستقبل وكأن وطننا لايطيق الفلاسفة وكأننا الأول في العالم في عدد الفلاسفة ممن يتفكرون في شؤون الكون والعباد .
كما إننا لم نشهد لقاءا واحدا في فضائياتنا لأي فيلسوف أو شارح فلسفة أو متحدث عن تاريخ أو مدارس الفلسفة ولو 1% من ندوات ولقاءات الشعر الشعبي مع احترامنا للشعر والشعراء شعبين وغير شعبيين أو 1% من المحللين السياسيين ممن اضجروا شاشات التلفاز بطلعتهم وفي أكثر من فضائية كأنهم قطط تتنقل بخفة بين صحون الستلايت على سطوح المنازل ولا حتى أي لقاء إذاعي على اقل تقدير , ناهيك عن الصحف والجرائد والمجلات، فيبدوا إننا شعب لا حاجة له بالفلسفة ؟ ومعلوم من هو الشعب الذي لا حاجة له بالفلسفة ؟ فإما ان يكون متفلسفا بكامله فلفلسفة زاده اليومي ؟أ وهو شعب يغط في حالة الركود والسكون والخضوع وإقفال باب التساؤل والنقد والشك ؟ ولاأ ظن إننا من النوع الأول؟؟؟
فلا يمكن ان يكون الشعب منتجا إذ لم يكن شعبا متفلسفا ؟ فان من ارتقى بالشعوب صوب التقدم والتطور والحضارة هم الفلاسفة ؟ فالعالم يعرف جيدا فضل أفلاطون وأرسطو طاليس وكانت وهيدجو و هيغل وماركس . و.. و .. ؟ حيث الفلسفة هي العلم الأكثر نقدا وشكا وتساؤلا وأكثر العلوم مشاكسة ؟ الفلسفة تعني الحركة ضد السكون والجمود، الشك والتساؤل ضد اليقين والتحجر , التطلع نحو الإمام وكسر القيود بدل التقهقر للخلف والانزواء في كهوف الماضي والرضا بسلاسل الأعراف والتقاليد والإحكام ؟
ويحق لنا ان نسأل كم فيلسوف عربي أو كم فيلسوف عراقي وكم فيلسوف إسلامي عندنا ؟ مقارنة بما أنجبته وولدته واستولدته الحضارات الحية في العالم ؟
 ما هو سبب إصابتنا بالعقم الفلسفي ؟؟؟
 ومن أخصى عقولنا واقتلع أرحام شعوبنا وحرم عليها ولادة الفلاسفة ؟ ومن هو المستفيد ؟ أو من هو الذي يقف وراء هذا الاخصاء وهذا الإخفاء والامحاء لدور الفلسفة والفلاسفة ؟ نسال أين هي حصة درس الفلسفة في مدارسنا على مختلف مستوياتها ؟؟؟
وأين هي حصة الفلسفة في معاهدنا وكلياتنا الإنسانية ناهيك عن العملية منها ؟ وكيف يمكن ان يفكر الإنسان بدون ان يمتلك نهجا فلسفيا علميا وعمليا أي منهجا لحياته حسب قناعته ؟ أليس من الجدير بنا ان نمد أجيالنا ولو بصورة مبسطة أهم المدارس الفكرية والفلسفية في العالم خيالهم وتكون عقولهم رحبة وعارفة بما يدور في العالم ؟ وهو الطريق السليم لتربية جيل ناقد وعقول فاعلة منتجة ؟؟؟
 لنحصنها بذلك ضد كافة أنواع الهرطقات والخرافات والخزعبلات ليكونوا انذاك شبابنا حطبا لنيران الدجالين والمشعوذين ؟؟؟
لسنا فلاسفة , ولكننا نرى ان الفلسفة هي الإكسير الشافي والمعافى من دياجير الظلام الزاحف وخصوصا على عقول شاباتنا وشبابنا ؟ ليكون لقمة سائغة كاملة لذئاب الجهل والخرافة ؟ ممن لا يمكن ان يكون لها مقام ولا يسمع لهم كلام إلا في بؤر الجهل والجمود والتخلف لذلك نرى ان اشد أعداء الأنظمة الدكتاتورية والاستبدادية على مدى التاريخ هم الفلاسفة والحكماء ؟
 لذلك نرى كل فروع العلم مسموح لها بالنمو والانتشار والازدهار إلا الفلسفة لأنها الكاشف لكل زيف والمذيبة في وهج نورها كل قناع يتقنع به المستبدين والديكتاتوريين والظلاميين والجهلة
لأنها تفك كل عصائب التضليل والتجهيل عن عيون الناس المظلومين والمضطهدين والقانتين والمستكينين في ظل دوغما الاستبداد والجهل والظلم والخرافة والسحر .
((لايمكن لديكتاتور ان يركب على رقبة شعب واع.وتشكيل الوعي بتكوين العقل النقدي...ولذا كان لابد ن وعي خاص وهذا الوعي يجب ان يكون اجتماعيا...،ويمكن اليوم لأرسطو وزينون لو بعثا ان يشتركا في مناقشة اعقد المسائل الفلسفية والسياسية في برلمانات الحكم وسيجد ان الخميرة الفكرية التي وصلا إليها لم تتطور كثيرا عن أيام أثينا)) كتاب كيف تفقد الشعوب المناعة ضد الاستبدادص181

238
ماهو خيار القوى اليسارية والديمقراطية في الانتخابات البرلمانية لقادمة؟؟؟
حميد الحريزي- العراق
تمر الايام مسرعة نحو يوم الاختيار واتخاذ القرار(16-1-2010) بلنسبة للقوى المؤمنة بالعمل السياسي البرلماني في  الظرف الراهن ونراه ممكنا ومنتجا في ظل  الهيمنة الظاهرية والمستترة للاحتلال المسلح وغير المسلح في العراق.حيث لم تزل الهيئة التشريعية الحالية ((البرلمان)) تعيش حالة من فوضى المناقشات والمناكفات دون ان تنمكن من تهيئة الارضية القانونية لاجراء  الانتخابات البرلمانية القادمة وبالطبع هذا الامر نتيجة طبيعية للخل البنويوي  للركيزة  الاساسية في اصداار القوانين   الا وهو الدستور الذي  جاء نتيجة ولادة  قيصرية   وجاء مشوها غير قادر على الفعل او النطق السليم لانه ترعرع في رحم الطائفية والعرقية وبرعاية الدبابة الامريكية وقد اعترفت كافة القوى المهيمنة على السلطة بذلك فاضافت اليه  المادة (142) للتخلص من  سوط  الغطاء الزمني  لانجازه في موعده المحدد ،مما اعطى لهذه المادة القدرة  على  رسم علامات التشكيك  والطعن والاجتهاد في التفسير والتدبير لكافة مواد البرلمان، وقد عجزت  لجنة  اعادة صياغة الدستور البرلمانية عن صياغة نصوص متفق عليها بخصوص ما اسموه النقاط الخلافية، لان اللجنة  عملت  بنفس العقليات والمناهج التي ساهمت  في الصياغة الاولى، فاجمعت ان يبقى الحال على ماهو عليه لانه يقدم  ستار كثيفا  من دخان التغطية  لكل مفاسد وفشل وتخلف  هذه القوى وديمومة مكاسبهاوليس فيي صالحها ان يكون  دستورا  يؤسس لدولة ديمقراطية  دولة المؤسسات والقانون   الذي  يؤمن مصالح الانسان العراقي كمواطن  بغض النظر عن العرق والطائفة والجنس والدين.
فلم يتم  تشريع ضوابط عمل  الاحزاب  السياسية  لتكون  احزابا حقيقية وليس تجمعات طائفية او عشائرية متخلفة  ولاتعرف من الديمقراطية سوى لفظها.
واذا اقر  هذا القانون هل سيعتمد:-
القائمة المغلقة  ام القائمة المفتوحة؟؟؟
قائمة مفتوحة  والعراق  منطقة انتخابية واحدة؟؟
قائمة مفتوحة والعراق  مناطق انتخابية متعددة؟؟
ويبدو ان المعلن ان الخيار الاخير سيكون هو المرشح للتصويت عليه.
وكاننا نعيد اتخابات مجالس المحافظات مرة ثانية!!!!
ثانيا\ عدم وجود بيانات احصائية حديثة وموثوقة توضح ععد السكان وبالتالي عدد من  يحق لهم التصويت في الانتخابات في كل محافظة، بالاضافة الى ما اسموها  عقدة كركوك وكان كركوك  مدينة قد ظهرت  الان على خارطة العراق،ولاشك ان ثغرات ونواقص الدستور كان لها اثر كبير في عدم وضوح الرؤيا واتساع رقعة الاجتهادات والتفسيرات لنصوصه باعتباره الركيزة الشرعية الاولى في تشريع او سن القوانين المختلفة.
مما تقدم يطرح علينا السؤال االتالي:-
في ظل هذه الفوضى وعدم وجود الضوابط والتشريعات الاساسية الضامنة  لاجراء انتخابات حقيقفية يمكن ان توفر فرص مقبولة  للتنافس الحر بين القوى والاحزاب السياية وفق برامجها الانتخابية وليس ضمن  توجهاتها الطائفية  او العرقية، فهل يعتبر قرار المشاركة في هذه الانتخابات صائبا؟؟؟
ان هذا السؤال يحيلنا الى سؤال اخر :- ماهو برنامج الحد الادنى لقوى اليسار والديمقراطية التي  ستشترك في  الانتخابات؟؟؟
هل ستتحول قوى اليسار والديمقراطية إلى طائفة جديدة أو عرق جديد أو عشيرة جديدة للتنافس مع الطائف والعشائر والأعراق التي لبست لبوس السياسة بعد الاحتلال ضمن نهج  الفوضى الخلاقة للرأسمال الأمريكي؟؟؟
أم يتوجب على قوى اليسار والديمقراطية أن  تكون قوى معارضة  خارج الآلية  الحالية للديمقراطية أو ما يسمى بالعملية السياسية  ضاغطة  من اجل أن يكون التنافس والصراع بين قوى اجتماعية  يوحد الأفراد والجماعات والطبقات حول مصالحها الوطنية والطبقية ونبذ العرقية والطائفية؟؟؟
رغم كل ثغرات  ونواقص آليات  العملية الانتخابية المعتمدة الآن  نرى انه لا يمكن أن تكون المشاركة  فاعلة إلا في إقرار القائمة المفتوحة والعراق  منطقة انتخابية واحدة والاشتراك ضمن  جبهة يسار عراقي يلتف حول برنامج متفق عليه وإلا فان دخول الانتخابات  دون توفر هذه الآليات إنما سيثبت إقدام الطائفية والعرقية والمحاصصة  الكريهة ويزيد من آلام وويلات الكوارث لأرض وشعب العراق بكافة  قومياته وأديانه وطبقاته.
وسيكون لكل حادث حديث  ونحن بانتظار ما ستسفر عنه  الاجتماعات  متكررة الفشل للبرلمان العراقي في إقرار قانون انتخابات جديد  ، حيث ستكون الأيام القادمة  حبلى  بإحداث جسام مما يتطلب من قوى اليسار والديمقراطية إن تكون بمستوى  الأحداث ومستوى المسؤولية الوطنية والطبقية الملقاة على عاتقها  لإنقاذ البلاد  وشعب العراق من خراب ودمار كبير ، اقله سوءا ربما التقسيم أو حرب  طوائف وأعراق  أو عودة الديكتاتورية  بصورة مخلص ضرورة.
7-11-2009

239
الدين والسياسة
الإسلام السياسي في ميزان العصر
حميد لفته الحريزي
المقدمة:-
((غير الصحيح ليس في الدين ولكن موقفنا الذي يذهب مع تقديس الدين إلى تقديس الحلول والمواقف التي قدمها الدين في زمانه ومكانه وظروفه التاريخية المحددة بواقعها وزمانها،بحسبانه حلولا ومواقف صالحة لكل مكان وكل زمان))(1)
لم تكن الديانات أمرا طارئا أو زائدا في حياة الإنسان منذ استطاع أن يعي نفسه عبر تاريخ تطوره ونشؤه الطبيعي الذي لازال مستمرا لحد الآن، بل هي حاجة روحية وجد الإنسان فيها شعائر وطقوس وممارسات يمكن إن تعيد له التوازن والقدرة على العيش في صراعه المرير مع قوى الطبيعة المختلفة، هذه القوى التي يرى  انه عاجزا عن مواجهتها بقواه الذاتية الخاصة،فما عليه إلا أن يبتدع مؤمنا بمناصرة ومؤازرة قوى قاهره في مواجهة هذا الأخطار،أو عن طريق دفعها للاشتباك فيما بينها والتخلص من شرورها،كما أن تجربته الناجحة في تدجين بعض الحيوانات المتوحشة اوحت له طريق تقديم المكافآت والرشا وما يسمى بالقرابين والنذور للفوز باسترضاء الخارق المتوحش وكف شروره ناهيك عن مناصرته ومساعدته للإنسان في تحقيق غاياته وأهدافه.
وضمن مسيرة التطور الإنسانية يبدع بعض الأفراد من الإناث أو الذكور في طريقة أداء مثل هذه الطقوس والشعائر نظرا للياقتهم البدنية أو لتميزهم في امتلاك القدرات التمثيلية وتماهيهم وذوبانهم في مثل هذه الطقوس أو الشعائر وإيمانهم المطلق بها،كما إن البعض منهم قد خدمتهم الصدف أو خلق لهم الآخرون الفرص المواتية ليحق لهم القول بأنهم الأكثر قربا للآلهة أو هو الفرد المختار والمفضل لديها مما يستوجب على الآخرين إن يجعلوا منه وسيطا بينهم وبين الإلهة ولا باس إن يكون ابن الآلهة أو  إن روح الآلهة تسكنه وقد يكون هو الإله ومخالفته أو عصيان أوامره أو التقاعس في عبادته وعدم تقديم النذور والقرابين له يورث للإنسان العذاب والمرض وقلة الرزق وسخط الطبيعة كالفيضانات المدمرة أو انحباس المطر المميت أو انتشار الأوبئة الفتاكة،ولكن الملاحظ إن الإنسان كلما استطاع أن يضع  يديه على  احد أسرار الطبيعة وأسباب ومسببات الظاهرة الطبيعية بدأت هيبة ونفوذ الإله ووكلاءها ما يتضاءل وبصورة فردية مع عظم وقوة التطور العلمي والتقني للإنسان وأحكام سيطرته على أمه الطبيعة وفتح مغاليق أسرارها.

تطور قدرات الإنسان العلمية.
-----------------------------.
أيقن إن الأرض تدور وقد اعتلى الإنسان ظهر الإلهة القمر، أمطر السماء في عز الصيف وحجب المطر في الشتاء  واخذ ينزله حيث يشاء اجتازت البواخر المحيطات والبحار وظهرت معجزة ألهاتف والكهرباء والقطار البخاري  والبنسلين وتم قهر الكوليرا والطاعون والجدري والتدرن والملا ريا، كل هذا سبب وهن وضعف قوى الطبيعة وقوى الاستبداد البشري أدى إلى رفع يد الملوك والأباطرة والقياصرة و رفع أيادي أبناء ووكلاء الله على الأرض ليتحرر الإنسان من القيود والممنوعات والمحرمات وكسر صولجان الكاهن الذي اخذ يعيق حركة التطور .
كفاح الإنسان للتخلص من ضياعاته:-
**************************************
إن خلاص الإنسان من ضياعه الأول حينما انفصل عن  أمه الطبيعة ووصايتها وجبروتها عليه ليحكم سيطرته عليها ويوظفها لصالحه كان خلاصه من ضياعه الأول، إما الضياع الثاني حصل بفصل الإنسان عن القطيع البشري عن أخيه الإنسان والتخلص من عبوديته المباشرة لينطلق فردا حرا يبني ويطور ويفكر ليحقق  قفزات عملاقة في مجال العلم والمعرفة والتقنية الفائقة مما جعله بالتالي يضيع ذاته مخلقا آلهة جديدة وهي آلهة ((رأس المال)) والهة العمل المأجور هذا الذي يستميت من اجل تأبيد عبوديته  لرأس المال والملكية الخاصة المغمسة والمشبعة بدماء أخيه الإنسان وفي هذه المرحلة إنما يكمل الإنسان بناء سفينة((جده)) نوح سفينة خلاصه الحقيقي من طوفان عصر  العولمة الرأسمالية المتوحشة باعتبارها المرحلة الأخيرة في حلقات تطور الامبريالية وعندها يبدأ الإنسان تاريخه الحقيقي لينعم في فضاء الحرية الحقيقية محققا شعار ((من كل حسب طاقته ولكل حسب حاجته)) وهو مبدأ يرى الكثيرون بأنه شبه مستحيل ولكننا نقول إن  دراسة واقع عائلة عراقية  متحابة ومتضامنة وخصوصا من العوائل الفقيرة في الريف والمدينة يمكننا إن نلمس لمس  اليد واقعية هذا الهدف وسريان مفعوله والعيش في ظله لكل أفراد العائلة  حيث يعطي كل فرد منهم ما يستطيع عليه  من مردود العمل والجهد ويحصل كل منهم ما لا يزيد عن  حاجته أسوة  بغيره  كبارا أو صغارا نساء أو رجالا  أصحاء أو مرضى متعلمين أو  أميين وهذا  يدحض  ادعاءات حراس الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج والعمل المأجور بكون الاشتراكية  إنما هي  طوبائية مستحيلة  التحقق على الواقع  الإنساني .
سر خضوع الإنسان ل((المقدس)) في عصر العلم:-
****************************************************
في خلال هذه الفترة الانتقالية نرى مفارقات تدعو للتأمل والتساؤل كي لا نحس إننا نقع في متاهة تناقض قوانين النظرية والنظر فبماذا نجيب عن السؤال التالي:-
وفقا لما تقدم يتوجب اختفاء مظاهر الخضوع للأشخاص أدعياء  الالوهة أو وكلاءها وإنهاء مرحلة التقديس لبعض بني الإنسان من البعض الآخر، ولكننا نرى إن الياباني قمة التطور العلمي والتقني والتكنولوجي يخر ساجدا أمام الإمبراطور معتقدا إن دما مقدسا يجري  في عروقه ، والمعصوم أو وكيله يجب أن يكون مطاع من قبل الجميع وهكذا؟؟
إن الرأسمال  لا يمكن أن يغادر عرش الملكية الخاصة ويترك سطوته الجبارة على الإنسان وهو صاحب الثروة المعرفية الكبرى والتجربة في مكامن ومخابئ النفس البشرية ،لابد أن يلبس قناع القداسة ليخفي وضاعته وقسوته كمصاص لدماء البشر محولا الدين إلى ايدولوجيا تلبسه وعيا مزيفا كما أشار إلى هذا الأمر بوضوح تام السيد احمد القبنجي مشيرا إلى خطر الايدولوجيا قائلا((أول ن أشار إلى خطر الايدولوجيا  وان الإنسان الايدولوجي يعيش حالة من الغربة عن الذات الأصلية هو "كارل ماركس" حيث  ذهب إلى إن الإنسان قد يعيش حياة كاذبة ويتوهم انه يدرك حقائق الأمور، انه وعي زائف ومن قبيل الدجل المركب وهو إن الشخص لا يعلم بأنه لا يعلم ويتصور انه يعلم ، فهذه هي الايدولوجيا التي نجعل الإنسان يعيش بأفكار موهومة مترابطة فيما بينها وتدفع الشخص إلى المسير باتجاه معين كما يريده أصحاب المطامع والفئات السلطوية، وهذا حال الدولة الدينية مضافا إلى أنها تتحرك ضمن منظومة من الأفكار الماضوية ومدفوعة بدوافع ايدولوجية معينة فأنها تدفع الناس أيضا بهذا الاتجاه وتعمل على تعمية الواقع وتشويه الحقائق من اجل حفظ مكانتها في قلوب الناس وحفظ الامتيازات السياسية التي اكتسبتها من خلال الضرب على وتر الين والمقدسات))(2) ولكن وكما يذكر((الدين الأمريكي بقي في مجتمع صناعي في مقابل إن يصبح علمانيا))(3).
فالتطور البشري على مستوى المعمورة أدى إلى توحد آلهة الخير والعدل في اله واحد احد وجعل من الإنسان مثله يقل للشيء كن فيكون، في حين توحدت آلهة الشر بمختلف أشكالها وتقسيماتها وألوانها في آلهة واحدة متحدة موحدة إلا وهو اله المال ورأس المال  المولود من رحم الملكية الخاصة.
ونظرا لكون عورته مكشوفة ومراميه معروفه فانه يتخفى وراء بعض رموز وهياكل مراحل التطور التوحيدي لآلهة البشر الممثلة بالكهان والخلفاء ووكلاء المعصومين كما ينقل احمد القبنجي عن  صدر الدين القبنجي قوله في المذهب السياسي في الإسلام(ط2 ص269) (( سلطة نائب المعصوم وولي الأمر في عصر الغيبة فهي الأخرى لا تستمد من الأمة إنما سلطته سلطة إلهية ،إن الراد عليه راد على الإمام المعصوم والراد عليه كالراد على الله تعالى وهو عل حد الشرك بالله...))(4).ذوي الدم المقدس وأبناء الآلهة ليوقف عملية التطور والسمو الإنساني ويعرقل مسيرته نحو الحرية والعدل والمساواة جوهر ومخبر جميع الأديان، والتاريخ يشهد على  شناعة أفعال  هذه الآلهة المسخ وما فعلته بالحلاج لأنه وجد الله في جبته  والسهر وردي  الذي وجده تحت قدميه ، حينما تجرؤا  ودعوا إلى إلغاء دور الوسيط بين الإنسان وخالقه فقط فكيف بمن يدعي إن الإنسان هو  خالق  معبوده الآلهة سواء أكانت متعددة أو موحده؟؟؟!!.

اتساع ثقب ((أوزون)) القيم الدينية والروحية:-
********************************************
وإذا كانت الطبيعة قد عبرت عن انتقامها الموجع لمن خرق نواميسها وثوابتها وقوانينها واستغلالها بشكل وحشي وغير عقلاني والعبث في أشكال ومضامين أبناءها والعبث في جيناتهم بشكل تعسفي غير محسوب النتائج والمدفوع بدافع وحيد ألا وهو  دافع الربح، وقد لمسنا ردود الفعل الكونية على هذه الأفعال مثل جنون البقر والايدز وأنفلونزا الطيور والخنازير...والذي غالبا ما يخفى وجه المولدة البشعة لهذه الأمراض الكونية إلا وهي الرأسمالية ونظامها المبني على  قتل روح الإنسان والحيوان والنبات محولة إياها إلى  دولارات تدخل خزائنها التي لا تمتلئ والتي تصرخ خزانتها  إلا من مزيد.
ومن هذه الشرور ثقب الأوزون واتساعه مما قد يؤدي إلى هلاك الحياة برمتها على كوكب الأرض عبر ارتفاع درجات حرارة الأرض وذوبان ثلوج القطبين وارتفاع مناسيب مياه البحار والمحيطات ليغطس العالم في لجة المياه المظلمة المتلاطمة كأول عهدها.
أما بالنسبة للقيم الروحية السامية المشبعة بها كافة الأديان السماوية والوضعية منها فان انتهاكها سيؤدي بالتأكيد إلى ردة فعل وجدانية إنسانية كبرى، فالإيغال في توسيع ثقب أوزون القيم الروحية الإنسانية سيؤدي بالتأكيد وهو كذلك الآن إلى ارتفاع درجة غليان ردة الفعل الإنسانية في كل مكان مهما حاولت شياطين وسعالي المال إن  تتقنع وتتخفى خلف رموز تاريخية كانت  تتمثل روح الدين وجوهره في زمنها وليس لها وجود في واقع اليوم.
إن العمل على تسييس الدين إنما هو السبب الأكبر والأكثر تأثيرا في توسع ثقب أوزون القيم الروحية والدينية و نذكر ما قاله المفكر الإسلامي السيد احمد القبنجي (( الدين سينهار تماما في حالة تولي المرجعية الدينية سدة الحكم وسيكتشف الإنسان إن الدين حاله حال الأطروحات الأخرى من حيث قصور أدواته في حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية للإنسان))(5) على الرغم إن كل وقائع وشواهد التاريخ الماضي المتمثل في محاكم التفتيش وما يماثلها في عهد ألخلافه الامويه والعباسية والعثمانية والطالبانيه  والقتال الطائفي الوحشي في بلادنا بعد التغيير ألا دليل دامغ لا يقبل الجدل حول صحة هذه المقولة ففي (( حملة مسلم بن عقبة ألمري لتأديب مدينة رسول الله(يثرب) ومن فيها من الصحابة والتابعين بأمر الخليفة القرشي يزيد بن معاوية ،فقتل من قتل في وقفة الحرة التي هي من كبرى،مخازينا التاريخية، إذ استباح الجيش نساء المدينة أياما ثلاثة حبلت فيها ألف عذراء من سفاح، واغتصاب علني وهن المسلمات الصحابيات وبنات الصحابة والصحابيات(فكم بالحري اغتصبوا من نساء البلاد المفتوحة؟؟))(6)
الحجاج((اعدم من العراقيين في عشرين سنة هي مدة ولايته مائة وعشرين ألفا من الناس بقطع الرأس بالسيف أو الرقبة))(7)
وليس المقال يتسع لذكر ما فعل سعيد ابن العاص عم الخليفة القائم عثمان بن عثمان في مدينة طميسة بعد فتحها وقتل كل من استسلم له ما عدى واحدا  لأنهم طلبوا منه إلا يقتل واحدا منهم لو استسلموا  لجيشه الفاتح!!!!.
وقصة يحيى وفتحه الموصل عندما ثارت ضد عبدا الله السفاح.
وما عسانا نقول للقائل(( فعدونا ألان والخطر الداهم على الجهاد هم هؤلاء الروافض ومعهم الحثالة من أهل السنة... افنتركهم يؤذون الجهاد وحذرا من فتنة طائفية؟؟... لقد أكرمنا الله بقتل الحكيم الذي كان يقطر خبثا ومكرا وعداوة لأهل الإسلام)) (8).
إن اهتزاز مصالح الطبقات الاجتماعية المهيمنة والمستغلة إنما يدفعها إلى التقهقر إلى الوراء وإعادة الحياة لرموز عاشت وخلقت لزمان غير زماننا فلا يمكن إن يقود ممتطي الناقة طائرة البوينج ولا يمكن لمن لا يعرف القراءة والكتابة إن ينظم برامج الحاسوب.
حيث إن هذه القوى ترى إن  مستقبل التطور البشري والعلمي والتقني لا تدع لهم أية أحقية في الاستئثار بالحكم والجاه والثروة ومما يجب الإشارة إليه  ان  لا احد يعترض على تدين الفرد ولكن الاعتراض على تسييس الدين ، فالدين قائم على أساس المقدس الذي لا يمكن مسائلته ولا مشاكسته ولا الإيغال في تفسيره وتدويره، إنما هو قناعات إيمانية  وقدسية نصوص في الإنجيل والتوراة والقرآن والزبور...الخ ولذا فهي أقوال وأفعال الأنبياء والأوصياء والرسل والأئمة يمكن أن تكون  محل تطبيق بالنسبة للفرد  ويمكن أن تكون  مثار ترويع حينما تلبس لباس السلطة الدولة وبذلك لا يمكن أن يدخل عالم السياسة المبني على التساؤل والتبادل والمشاكسة والمعاكسة والتخلي عن مبدأ تقديس النصوص والأشخاص خصوصا في زمن الديمقراطية السياسية والاجتماعية والتعددية الفكرية والعقائدية، ففي الوقت الذي يمكن إن تتداول الأحزاب السياسية القائمة على أسس وضعية إنسانية وتتحاور وتتبادل المواقع والمسؤوليات ، فان الأحزاب الدينية أو الدين المسيس لا يقبل ألتنازل ولا التداول لأنه يستند على  القول والفعل المقدس ويأتمر بأمره وإلا سيكون تناقضا ومخالفا لمبادئه  ومقدساته  وفيما يخص الإسلام  فان  دستوره الأساس هو القرآن ولكن القرآن كما قال الأمام علي (ع) ((حمال وجوه...ومنطوق بلغة الرجال)) وفيه الناسخ والمنسوخ وفيه الظاهر والمستتر  مما يعطي فضاء كبيرا للتفسير واستنباط ضمن تاريخا يستجد من حياة الإنسان العملية كل حسب  هواه ومصالحه لذلك فإننا نجد العشرات إن لم يكن المئات من التفاسير للقرآن وكل مفسر يرى انه  الأصح  مستندا إلى مستودع هائل من الأحاديث والشواهد المروية عن الرسول الكريم  الذي يختلف المسلمون أيما اختلاف في صحة  بعضها ونفي الآخر  بالإضافة إلى أن مذاهب أخرى  استندت إلى قول الأمام المعصوم  مما لا يمكن رده أو التشكيك فيه وهذه اختلفت مع بعضها حول من هو المعصوم وما هو عدد المعصومين فاتسعت رقعة الاختلاف  وتنوعت الأوصاف  لفرق ومذاهب المسلمين  ابتداء ب ((الرافضة)) وليس انتهاء ب ((النواصب))  وكما ذكر السيد احمد القبنجي بخصوص القانون الإسلامي  إن (( القانون الإسلامي رغم كونه يستوحي أصوله من الوحي ،إلا انه قانون بشري يعتمد على إفهام الفقهاء واستنباطاتهم من القرآن والسنة، والقرآن حمال  وجوه كما يقول الإمام علي (ع) في نهج البلاغة،مضافا  إلى إن المواد القانونية في القرآن معدودة وقليلة جدا لا تكاد تفي ببيان الكليات فضلا عن الجزئيات))(9) فالنص أسير القائل والناقل والمؤول والمفسر خصوصا إذا تم عزله عن تاريخه وموضوعه، يمكن أن يكون عسلا  مشبعا بالسم أو ماءا قراحا يروي الغليل  وبسبب ذلك ونتيجة للاختلاف في التفسير فقد كفر البعض الآخر وحاول  تحطيمه . وفيما يلي شواهد بسيطة على تعدد الأحكام من حيث النطق ولكنها بالتأكيد ذات مرامي وأهداف مختلفة إذا أخذت ضمن  تاريخ وسبب نزولها:-
التسامح
*************** .
*((ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن)) العتكبوت 46
*((لا إكراه في الدين)) يونس99.
*((افانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)) يونس99.
*((لكم دينكم ولي دين)) الكافرون6.
*((وليحكم أهل الإنجيل بما انزل الله فيه)) المائدة 47.
*((إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب)) الرعد 40.
*((عليكم أنفسكم لا يضركم من ظل إذا اهتديتم)) المائدة 105.



الإقصاء والقتل والوعيد
**********************.
*((إن الدين عند الله الإسلام)) 19 العمران.
*((من يتبع غير الإسلام دينا  فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)) 85 آل عمران.
*((الغير دين الله يبغون وله اسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها)) 83 آل عمران.
*((قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله)) 29 التوبة.
*((اقتلوهم حيث ثقفتموهم)) 91 النساء.
*(( فان لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق)) 4محمد
  ومما تقدم يمكننا إن نؤشر نمطين من السلوك وأسلوب المعاملة للمخالف والمختلف ضمن دفة  القران الكريم  والشواهد  اكبر وأكثر في الروايات عن النبي والصحابة  منذ فجر الرسالة لحين التاريخ وهنا يتوجب من الناحية العقلانية المعاصرة المتطورة  إن (( نرى ضرورة الدعوة إلى تكوين حركة تأويلية راهنة في ضوء الدعوة إلى تعميم الثقافة العقلانية والى دمقرطة التعليم في كل أوساط الأمة بحيث يغدو الاجتهاد وجها من أوجه نشاط البشر جميعا، وان ظل الأمر أكثر بروزا في نطاق المجموعات من النخب المثقفة والمتفرغة نسبيا))(10)

 السند الطبقي لظاهرة  الدين المسيس:-
*********************************
إن حالة الشرذمة الطبقية وركود الحراك الاجتماعي واستحالة نهوض طبقة اجتماعية مجددة ومنتجة الذي خلقته العولمة الرأسمالية المتوحشة أدى إلى تأسين المجتمعات التابعة مما أدى إلى بعث الحياة في المتحجرات والدينصورات وزحف الطحالب ذات اللون الاخضرالسائب قاتلا  أي إمكانية لتفتح الزهور الملونة العطرة رمز التفتح والنماء والتفاؤل.
ومثل هذا الوضع إنما هو وسطا ملائما للغاية لهيمنة الأفكار الدينية وعاملا مشجعا لتسيس الدين من اجل إعادة بناء الجنة الموؤدة والظفر بالجنة الموعودة.
الدولة والدين:-
************
إن هيمنة الدين على الدولة وهو الهدف المطلوب من تسييس الدين أي دين كان إنما يسعى لقيام دولة ذات نظام تولتا ري شمولي  فدبرت نظام استبدادي ديكتاتوري وهنا يحاول الإنسان إن يفلت من النمر ليسقط في عرين الأسد.
فالدولة ممكن إن ترعى كافة الأديان والعقائد وتتمثل في قوانينها وتشريعاتها وطريقة حكمها القيم السامية والنبيلة لجوهر الأديان  ولكنها حتما ستسقط في شباك التولتارية والشمولية والاستبداد إن هي حملة اسم أيا من الأديان أو مذهبا من المذاهب  ليكون دينها الرسمي. وان ما يحدث في بعض البلدان التي أعلنت أنها جمهوريات بمسميات دينية ونصب رموزها أنفسهم ولاة على العباد والبلاد بمختلف أديانهم وقومياتهم وتوجهاتهم إنما قاموا بتوسيع ثقب أوزون القيم الدينية فتمرد الناس على حكمهم  بعد إن كشفت عورة ولاة الأمر وظهر مقدار حبهم للكراسي والدنيا الزائلة كما يقولون!! ولنا  بما حدث ويحدث في الجمهورية الإسلامية الإيرانية مثالا معاصرا  لما نقول وكما ذكر السيد القبنجي واصفا ما وصل إليه حال الشعب الإيراني قائلا(( إن الإحصاءات التي تتقدم بها دائرة الإحصاء في الجمهورية الإسلامية بين الحين والآخر تشير إلى حقائق مذهلة عن زيادة الجريمة والجنوح وتفكك الأسرة والانحطاط الأخلاقي بنسب عالية،فقبل أيام ذكر التلفزيون الإيراني إن إيران أصبحت تحتل المرتبة الرابعة في العالم في معدل ألطلاق بعد أمريكا والسويد ومصر، إما القتل والجريمة فيزداد سنويا بمعدل 20% وهكذا  الحال في نسبة المدمنين على المخدرات (ثلاثة ملايين مدمن) ونسبة العطالة (2 مليون عاطل) ونسبة الانتحار وبخاصة الفتيات ((300 حالة سنويا في طهران وحدها) والبغاء (30 ألف مومس في طهران فقط) والحبل على الجرار كما يقولون))(11) .
ومن كل ما تقدم يرى العديد من  حكماء ومتنوري الإسلام بضرورة رفع هيمنة الدين عن الدولة ورفع هيمنة الدولة على الدين مما يعتبر إساءة  وتدخل في مهام ومجال عمل الآخر،  ومن هؤلاء نصر حامد أبو زيد ومحمد أركون وسيد ألقمني وأياد جمال الدين واحمد القبنجي وضياء الشكرجي وسروش وشريعتي  بلا ضافة إلى جمع العلمانيين واللبراليين واليساريين وغيرهم.
وهنا نرى خطل أو عدم دقة مقولة عزل الدين عن الدولة باعتبار إن الدين  مبادئ وقيم أخلاقية سامية  لا يمكن إن تتجرد منها  مؤسسات الدولة وإلا أصبحت دساتيرها وقوانينها بلا روح  وبلا سند ثقافي للشعب المحكوم .ولكن إذا كانت السماء يسكنها الملائكة المجردين ، فان الأرض يقطنها البشر اللذين يحملون مختلف الغرائز والطبائع  كالجوع والشبع والفرح والحزن وحب التملك والسطوة والتسلط و الجنس وما إليه، وإذا كان الزمان والمكان ثابت غير متغير في السماء فان زمان ومكان وظروف البشر واحتياجاته متغير متبدلة متغيرة على الدوام،مما يستدعي إن تكون القوانين والدساتير التي تنظم حياتهم متغيرة متبدلة بشكل مستمر،وما يدعم هذا القول  وجود الناسخ والمنسوخ في  آيات وسور القرآن الكريم في فترة وجيزة امتدت  طوال فترة حياة الرسول الكريم باعتباره المتلقي الوحيد للوحي، ولكنه بالتأكيد يجب إن يكون الأمر عبرة للإنسان  والتكيف مع مستجدات الحياة وإلا لكان الله قد انزل القرآن على الرسول دفعة واحدة لا تقبل التغيير والتبديل  ومن  يطلع على أسباب النزول   والناسخ والمنسوخ من  آيات القران  وتسلسلها التاريخي حسب أوقات نزولها والغرض من نزولها بالإضافة إلى  أحاديث الرسول (ص) الموثوقة  لوجد إن الوحي كان بين الناس لا يفارقهم يتلمس حاجاتهم وإمكانياتهم وأمنياتهم وكما قال السيوطي ((لمعرفة أسباب النزول فوائد،واخطأ من قال لا فائدة لجريانه مجرى التاريخ. ومن فوائده الوقوف على المعنى أو إزالة الإشكال))(12) .،فعلى الإنسان المسلم أن لا يكون من ((الرويبضة- قالوا: هو الرجل التافه الحقير في أمور العامة))(13) وان الرويبضة هو ن يتنكر لنوعية العصر الذي يعيش، ويبحث عن أجوبة محددة لأسئلة في عصر سابق!! .
)) الإسلام الدين والعبادات  والفروض المعروفة فكل ما عداه قابل للتغير والتدبير والتجديد بما يلاءم  حياة الإنسان وتجددها ومسبوق السيد القبنجي (( القضايا التي يدركها الإنسان بالعلم الحضوري كالجوع والعطش والحزن وألم، فلا معنى لان يقال بان الله تعالى اعلم من الإنسان بهذه القضايا،لأنه لا معنى للقول بان الله تعالى يعلم بحزني وجوعي أكثر مني،أو يعلم بشدة عطشي للماء أكثر مني !!!))(14)
ومن الصعوبة بمكان إن يستوعب الإنسان المعاصر وهي يعيش ألاف المتغيرات الثقافية والسياسية والعلمية والاجتماعية والمدى الغير مسبوق  الذي وصل إليه واقع الاتصال والتواصل بين مختلف شعوب الأرض   وحضاراتها المختلفة  فيأتي من يقول :-
((إن الإسلام جاء بكل ما يحتاجه البشر من قوانين وتشريعات فلا يحتاج بعدها إلى أعمال عقله وأتعاب ذهنه في خلق تشريعات جديدة للموضوعات الجديدة))(15) .

الدين والديمقراطية
الإسلام والديمقراطية:-
********************
يتحدث الكثير من المفكرين والكتاب عن الديمقراطية  في الإسلام سواء ببعدها السياسي أو بعدها الاجتماعي،ولكننا لا نرى ذلك  ليس بالنسبة للدين الإسلامي فقط ولكن بالنسبة لكل الأديان، وان كان هناك حيز من الديمقراطية  وقبول الرأي المختلف فإنما هي ديمقراطية داخل الدين الواحد أو المذهب الواحد وليست ديمقراطية شاملة، ويجب الفصل بين الديمقراطية السياسية ومفهوم إمكانية تعايش مختلف الديانات والمذاهب والعقائد ولكن خارج  السلطة السياسية فمن الممكن إن يتعايش القس والإمام والحاخام والكاهن  في مجتمع واحد  وفي ظل دولة واحدة ولكن من الاستحالة بمكان إن  يجلسا على كرسي حكم واحد إلا أن يتخلى كل منهم عن صفته الدينية أثناء ممارسته للحكم أو جلوسه على كرسي السلطة وهذا هو ما تطالب به القوى العلمانية بعكس ما يشاع عنها  في سعيها  لنبذ الدين والقضاء عليه.((ففي كل حركة إسلامية فان مكان الجبهة هو الطليعة ودورها الأساس وفي مواجهة الأعداء لجأت الثورة الإسلامية للحسم والإرهاب –نعم الإرهاب))(16).
ويرى حزب التحرير في الأردن أن الحزب ((يعمل لتطبيق الإسلام كاملا في جميع أحكامه عبادات كان أم معاملات..كما لا يجوز تطبيقها بالتدريج لأننا ملزمون بجميعها،ويجب أن يكون تطبيقها كاملا ودفعة واحدة..وحين يكون الواقع مناقضا للإسلام فانه لا يجوز تأويل الإسلام حتى يتفق مع الواقع لان ذلك تحريف الإسلام))(17) .
وإذا  أمكن إن  تقبل بعض الأنظمة الدينية الديمقراطية السياسية والتعددية  في الحياة العامة فلا يمكن إن تتقبل بروح رحبة ونفس راضية الديمقراطية اللبرالية وحرية الفرد في ممارسة حياته الخاصة وخياراته وأفكاره بحرية تامة  حتى وان كان من  أتباع دين ومذهب آخر   ناهيك إن يكون ملحدا لا يؤمن بالله.
فمبدأ الشورى مثلا هو ممارسة حرية إبداء الرأي داخل  نخبة من الدين الواحد وليس بين أديان مختلفة  وقد  لمسنا ممارسات الإقصاء والمفاضلة  حتى بين أتباع الدين الواحد أنفسهم  فالمهاجرون  غير الأنصار    كذلك تم حصر الخلافة والحكم  بقريش دون غيرهم من قبائل العرب الأخرى  ،وقد طغى صراع دام وضاري بين  أفخاذ  قريش نفسها بين من هو الأحق في تولي الخلافة والحكم بين بني هاشم وبني أمية وبني العباس والذي لازلنا نعاني من نتائجه وإفرازاته لحين التاريخ.
وليس غائبا عنا الصراع الدامي والمرير بين مختلف مذاهب المسيحية نفسه بين الكاثوليك والارثودكس وبينهما وبين الأديان الأخرى  ولا زالت الحروب الصليبية تملا كتب التاريخ  بصور العنف والدموية والوحشية،  واغلبنا نتحدث بفخر وكبرياء عن ((فتوحات)) الدولة الأموية والعباسية  والفاطمية  رغم إننا نقرا ((لا أكراه في الدين))  وكانت جيوشنا تجلب ألاف  النساء الأسرى ليقتسمها القادة  والجند بعد إن  يتم فرز  حصة ((الخليفة))   الذي يحظى طبعا بحصة الأسد  حتى امتلك بعضهم ألاف الجواري الحسان والولدان  والغلمان  كغنائم من البلدان ((المفتوحة)) بقوة السلاح  !!!
يروي ابن كثير إن معاويه خطب الناس في الكوفة فكان مما قال ((ما قاتلتكم لتصوموا ولتصلوا أو لتزكوا ، قد عرفت إنكم تفعلون ذلك، ولكن إنما قاتلتكم لأتآمر عليكم فقد أعطاني الله ذلك وانتم كارهون ))(25) .
فعن أي ديمقراطية يتحدث المتحدثون سواء في الماضي أو الحاضر.
أي ديمقراطية وعدالة هذه أن  يأتي أحدهم  إلى الدنيا سيدا  بينما يولد الآخر عبدا وكيف ينسجم هذا مع مقولة الناس يولدون أحرارا؟؟!!
فالديمقراطية اللبرالية  ألحقه إن تكون لك حرية الاعتقاد والتعبد وممارسة الشعائر كما تشاء ولا كن ليس لك إن تتحدى أو تتجاوز الدستور الديمقراطي  عند مزاولتك للحكم تحكم بنص الدستور والقانون الوضعي في الحكم وتتعبد  وتتصرف حسب دينك ومعتقدك في شأنك الخاص.
فليس للاصولين  الأمثلة بشكل صلة بالديمقراطية وحقوق الإنسان وما شابه وكما يقول طيب تزيني:-
(( ضرورة التمييز بين مستويين اثنين مما يطلق عليه راهنا (الأصولية الإسلامية) الراهنة هما ((الأصولية الاجتماعية)) و((الأصولية السياسية المسيسة)) ،أما الأولى منهما فتتمثل بجمهور هائل متعاظم من مواطني المجتمع العربي المسلمين الخاضعين... من عسف وإفقار وتهميش وإذلال،أو بعبارة مكثفة-لافتقاد للخبز والكرامة والحرية والثقافة، في حين تتمثل الثانية ((الأصولية السياسية المسيسة)) بالنخب السياسية الإسلامية التي تتعاظم الأدلة والقرائن على إنها- على الأقل في معظمها- ضالعة في إنتاج تلك الايدولوجية الظلامية وفي قيادة الممارسات الإرهابية الظلامية مع شطائر من النظم السياسية العربة ذاتها،باتجاه المحافظة على التأزم والاضطراب والإرهاب ومصادرة أراء الآخرين في خارج الحبة))(18) .
وستذكر بعضا من الأمثلة  بشكل مختصر  تمثل  نموذج لما ذكر  تزيني في أعلاه:-
(( بتقديمه الشيخ  محمد بن محمد الفزازي(من المغرب) في حوار بث من القناة التلفازية المدعوة ب(الجزيرة) ،في الثالث من آذار ن هذا العام 1998م. لقد قال الرجل بوثوقية تامة ((القوانين الوضعية تحت أحذيتنا)) وأعلن بصيغة تجعل من الإسلام دين وصاية على الآخرين ،قتل وإرهاب واستعداء ومصادرة لحريات  البشر ((حرية الاعتقاد نوع من الردة على الدين))، ومن ثم ((رحم الله الذي قتل فرج فوده وحسين مروه)) وأخيرا يجيب على السؤال التالي ((كيف تقف هنا على هذا النبر وتدعو إلى القتل)) قائلا((هكذا يريد الله))(19).
ولا نعرف كيف يمكن أن يستقيم هذا القول مع قول وحديث عبدا لله ابن عباس الذي قال عنه رسول الله(ص)هو ((حبر هذه الأمة)) انه قال((إن الله لا يعذب على الشرك وإنما يعذب على الظلم)) هذه روح القران كما فهمها من تخرجوا في مدرسة النبوة مباشرة- كما يقول  سيد ألقمني ويتساءل قائلا:-
أليس عدم المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق ظلما؟؟
أليس عدم المساواة بين المرأة والرجل في الميراث اليوم ظلما؟؟
أليس عدم المساواة بين غير المسلم والمسلم اليوم ظلما؟؟
أليس العمليات الانتحارية ضد المدنيين المسالمين ظلما؟؟
(20)
ويمكننا إن نضيف قائمة طويلة من التساؤلات والمظالم دون أن  نحصي عدد الممنوعات والمحرمات التي  تبلغ كثرتها وتنوعا  بكثرة ونوع وتعدد المجتهدين  وأهل الفتوى.
وأد حرية الفكر والتفكير العقلاني التنويري:
***********************************
باختصار شديد نشير إلى الحركة الاعتزالية التي وضعت العقل في المقدمة عند تفسير النصوص والأحكام  والروايات فما كان منسجما مع التفكير العقلاني الحر مقبول ومالا يكن يعتبر مرفوضا وهي حركة سبقت حركة التنوير في أوربا ولكن الفرق هنا  إن لا وجود لحامل اجتماعي  للفكر العقلاني((ألمعتزلي)) بسبب من تكلس وركود  الحراك الطبقي في الدول الإسلامية بسبب كون الدولة الإسلامية هي المالكة  للأرض ومعتمدة على الخراج كدولة ريعية ، فالاعتزال  جاء  بالدرجة الأولى متأثرا بالفلسفة اليونانية المترجمة، وبذلك هي أشبه ما تكون بالسلعة المستوردة وقد راقت للخليفة السلطان في بداية الأمر فأصبحت منهج وفلسفة  الحكم مما  أسرع في موتها وسقوطها قبل أن  تثبت جذورها في ارض الإسلام  وهكذا كان مصير ما بعدها سواء من قبل الكواكبي أو محمد عبده أو صاحب المشروطة   أو  من تأثر بهم في عصرنا الحاضر كما أسلفنا مثل احد القبنجي أو  ضياء الشكرجي وأياد جمال الدين وغيرهم بسبب واقع الميوعة الطبقية  وهيمنة الفئات الطفيلية الغير منتجة والتابعة  في البلاد  ووهن إن لم نقل شلل الطبقة البرجوازية المنتجة  بسبب القطع الذي  سببه الاستعمار الخارجي   واكتشاف الثروة النفطية مما أعاد الدولة العراقية  إلى مسيرتها الأولى كدولة تعتمد على ريع النفط بنسبة تزيد على ال90%. مما يجعل الآفاق  شبه مغلقة إما حركات التغيير والعقلنة في مثل هذه البلدان وان ((إمكانية بروز آفاق مفتوحة وجديدة أمام إنتاج قراءة إسلامية معاصرة تستجيب لمقتضيات العصر وتحدياته، يد إن هذا مشروط بأمرين اثنين واسمين –كما يذكر  طيب تزيني-:-
أولهما يتمثل بوجود أو بولادة حامل اجتماعي بشري يحفز على ذلك مما يعني إننا هنا أمام شرطية تحول اجتماعي فئوي وطبقي يحتضن الولادة الجديدة العسيرة ويحمي صيرورتها واحتمالاتها.
أما ثانيهما فيقوم على عملية تكوين اطر عميقة وواسعة من العلماء والباحثين والمفكرين القادرين على إنتاج مثل تلك ((القراءة الإسلامية)) يدا بيد مع جماهير الأمة العريضة وتعميمها في أوساطها على نحو يجعل من هذه الأمة مشاركا في ذلك بعيدة عن أية نخبوية))(21).

الاسلام السياسي في ميزان العصر:-
****************************
وفي الختام لو عدنا إلى أصل عنوان  موضوعنا إلا وهو الإسلام السياسي وميزان العصر لتطلب منا الأمر أن يكون لنا اطلاع وإلمام  بمختلف أطياف و الإسلام السياسي الفاعل حاليا على الساحة السياسية والذي بالتأكيد سنجد مستويات مختلفة من حيث التشدد والاعتدال وحسب  الظرف والبلد  والمذهب أو الطائفة  التي ينتمي لها هذا الحزب  أو التيار السياسي الإسلامي والأمر الثاني  يفترض بنا أن  نلقي الضوء ونفهم ماهي سمة العصر لنتعرف على  الأوزان ووحدات القياس والوزن التي يستعملها ويوزن بها هذا الميزان مختلف المواقف والأفكار والمناهج والسلوكيات والقوانين المطلوب منه وزنها وإذا عرف هذا العصر بكونه عصر الديمقراطية  بمفهومها السياسي واللبرالي ووضع حرية  الفرد في مقدمة اهتماماته ، وبناءا على هذا  لو وضعنا  ((الإسلام السياسي)) في كفة الميزان ووضعنا في الكفة الأخرى  الديمقراطية السياسية ،الديمقراطية اللبرالية، حقوق الإنسان والحرية الفردية، الإيمان بالتعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة، الموقف من المرأة، الموقف من الأديان والطوائف الأخرى،حرية الفكر والعقيدة والنشر والعمل، الحداثة وما بعد الحداثة...الخ.
لخرجنا  بنتيجة غير ايجابية على وجه الإجمال  حينما  نزنها  بوحدات موازين العصر من معاني ودلالات  للمفاهيم والممارسات والمواقف التي وضعت في الكفة الثانية من ميزان العصر مقابل كفة الإسلام السياسي كأحزاب وتنظيمات  دينية وإسلامية سياسية  والاستثناء هو وجود متدينين إسلاميين إفراد مهتمين بأمور السياسة سيحصلون على درجات ايجابية ممتازة لو وضعوا في كفة الميزان الثانية. وكما ذكر سيد ألقمني ملخصا الممارسات المشتركة مع أحزاب الإسلام السياسي قائلا:-
((المشترك بين الجميع حديثهم عن الديمقراطية السياسية "حرية صندوق الانتخاب" دون جوانب الديمقراطية التأسيسية ودونها لا ديمقراطية اقصد الجانب الحقوقي الذي يؤسس حقوق الاختلاف وحقوق المرأة وحقوق الأقليات وحق الاعتقاد الحر وإطلاق حق تشريع البشر لأنفسهم بما يناسب مصالحهم ومعطيات واقعهم.وكلها حقوق مرفوضة من جميع التيارات الإسلامية بدون استثناء ولأاعتقد الأمر سوى مناورة أذكى في منهجها من لغة القنابل والرصاص،بغرض الوصول إلى السلطة عبر صناديق الانتخابات وبعدها يكون لكل مقام مقال))(22) .
وكأننا نستحضر قصة  عبد الملك بن مروان الملقب بحمامة المسجد لطول مكوثه بالمسجد  وكثرة تلاوته وتهدجه  ليل نهار بآيات القرآن الكريم قبل أن ينصب خليفة  ولكن عندما ((يأتيه خبر انه أصبح الخليفة فيغلق القرآن ويقول له"هذا أخر العهد بك" ثم يقف في الناس خطيبا ليقول" والله لا يأمرني احد بتقوى الله بعد مقامي هذا إلا ضربت عنقه"))(26).
فما عسانا أن نقول وبماذا نحكم على قوى وتيارات من دين  واحد انشطرت مذاهب وطوائف  وتنكبت السيوف والرماح والسكاكين ليجز احده رأس الآخر  من نفس الدين ونفس المذهب ، ناهيك عن ما جرى بحق  معتنقي الأديان الأخرى، متهما إياه بالكفر والخروج عن ملة الإسلام  وان لنا بما حدث في عراقنا ما بعد الاحتلال لدليل  لا يقبل الدحض حول ما حصل وعلى أيدي الجميع دون استثناء ونسوق لكم هذه  المقولة لابن لادن (( إن التشيع دين لا يلتقي مع الإسلام إلا كما يلتقي اليهودي مع النصراني تحت اسم أهل الكتاب... لقد كانوا عبر التاريخ شجا في حلوق أهل الإسلام وخنجرا يطعنهم في الظهر..وهؤلاء القوم كفرهم أهل السلف"))(23))  فهل تعني مقاومة بعض رموز الشيعة لرموز الظلم والعدوان والانتصار للحق والثورة على الباطل طعنا في الظهر  لأهل الإسلام  إلا إذا اعتبر مسلم بن عقبة ألمري صاحب وقعة الحرة من أهل الإسلام  هذا الذي أرسله ((الخليفة)) يزيد بن معاوية ((لتأديب مدينة رسول الله يثرب ومن فيها من الصحابة والتابعين ،فقتل من قتل في وقعة الحرة  التي هي من كبرى مخازينا التاريخية، إذ استباح الجيش نساء المدينة أياما ثلاثة حبلت فيها ألف عذراء من سفاح،واغتصاب علني وهن المسلمات الصحابيات وبنات الصحابة والصحابيات))(24)).
نختم  موضوعنا  آملين أن نتمثل جميعا قول فولتير لرسو:-
(( أنا لا اقر كلمة واحدة مما كتبت،ولكني سأقف حتى الموت مدافعا عن حريتك، مؤيدا حقك في إن تقول ما تريد)).


المصادر:-
*********.
1-سيد القمني –أهل الدين..والديمقراطية ص116.
2- احمد القبنجي – الاسلام المدني –ص372.
3-محمد سبيلا –مجلة قضايا إسلامية معاصرة- العدد (30) شتاء 2005 ص221.
4- احمد القبنجي –الاسلام المدني- ص376.
5- احمد القبنجي- الاسلام المدني- ص297.
 6- سيد القمني –اهل الدين..والديمقراطية ص68.
7- نفس المصدرص69.
8-نفس المصدر ص116.
9- احمد القبنجي –الاسلام المدني – ص387.
10- طيب تزيني –الاسلام والعصر تحديات وافاق ص93 دار الفكر المعاصر.
11- احمد القبنجي – الاسلام  المدني- ص391.
12- طيب تزيني –الاسلام والعصر- نحديات وافاق –دار الفكر المعاصر لبنان بيروت ص104.
13- نفس المصدر ص 119.
14- احمد القبنجي – الاسلام المدني- ص399.
15- نفس المصدر ص387.
16- الاسلام والعصر ص100.
17-نفس المصدر ص100-101.
18- طيب تزيني – الاسلام والعصر- ص159-160.
19- نفس المصدر ص167.
20- سيد القمني اهل الدين..والديمقراطية ص2005.
21- طيب تزيني – الاسلام والعصر – ص175.
22- سيد القمني – اهل الدين والديمقراطية – ص30.
23- نفس المصدر ص116..
24- نفس المصدر  ص68.
25- توفيق السيف –نظرية السلطة في الفقه الشيعي ص53.
26- سيد القمني – اهل الدين والديمقراطية ص68- دار مصر المحروسة ط1 القاهرة 2005.
 

240
فوازير العولمة الرأسمالية
ما هي المادة المحللة على الجار المحرمة على أهل الدار ؟؟؟
حميد الحريزي
إننا لا نكتب فزوره من فوازير  قناة السومرية الفضائية ولا فزوره من فوازير جداتنا في ليالي الشتاء في أيام زمان بل  نكتب فزوره  من فوازير صندوق النقد الدولي وفزورة من فوازير  حكومتنا الوطنية الغير خاضعة لغير مشيئة الله وشعبها.
ان من  يريد ان يحل هذه الفزوره عليه ان يطلع على سبتاي تل عدة قنوات فضائية منها فضائية الديار والبغدادية  نقلا عن جريدة الرأي الأردنية ان كمية البترول لعراقي الخام المصدر للشقيقة الجارة الأردن سترتفع من  (10) إلى (15) ألف برميل يوميا وبسعر تفضيلي (22) دولار للبرميل علما ان سعر برميل البترول بلغ أكثر من (70) دولارا للبرميل في الأسواق العالمية  وان  بعض الأخبار  تقول ان سعره الآن (78) دولار.
وإذا علمنا ان تسعيرة  لتر البانزين العراقي على المواطن العراقي هي (450) دينار لو ضربت في (75) لتر كمية البانزين المستخرج من كل برميل نفط  بعد التكرير لكان  المبلغ يساوي أكثر من 28 دولار عن كل برميل علما ان البرميل الواحد من النفط الخام  يساوي 209 لتر  36 % بنزين  و 40% جازولين أي (82)لتر كازولين والبقية مشتقات أخرى.*
ولو أجرينا حسابا على المبلغ التفضيلي للجارة لكان
 15000x(70-22)= 870000  دولار هبة حكومتنا العراقية للجارة الأردن يوميا؟؟!!!
في حين يدفع المواطن العراقي مبلغ (128) دولار للبرميل الواحد زيادة على ما يدفعه شقيقه الأردني ثمنا  لمنتجه الوطني. أي ما يعادل (30320000)دولار سنويا  من الدخل القومي العراقي  المدين بمليارات الدولارات للدول الشقيقة والصديقة؟؟!!
ولا نعلم هل ان هذه الدول الممنوحة  أسعار تفضيلية  تفضل العراق وشعبه  بمنتجاتها المصدرة للشعب العراقي أم إننا نطعمهم لوجه الله  لا نريد منهم جزاءا ولا شكورا؟؟؟
وفي موضوع ذو علاقة بالأسعار نشرت إحدى الصحف لعراقية وبثت بعض الفضائيات الصندوق النقد  الدولي يعترض ويرفض أي تخفيض في أسعار المحروقات  في العراق لغرض الاستهلاك المحلي وإلا سيتخلى عن كل التزاماته بتخفيض الدين الذي بذمة العراق لدول العالم وبالخصوص الصديقة والشقيقة  الممنوحة  أسعار تفضيلية، ففي الوقت الذي يريد او تريد الحكومة العراقية ان  تبقى أسعار المحروقات  في داخل العراق محسوبة  على أساس  سعر البرميل ب(150) دولار  على مالكي الثروة النفطية ،لم يعترض على بيع البرميل  ب(22)) دولار على جيرانهم ؟؟؟!!!
كما ان حكومتنا  تحتمي  من مطالبة المواطنين العراقيين ذوي الدخل المحدود من المتقاعدين وصغار الموظفين والعاطلين عن العمل بتحسين أوضاعهم بزيادة  رواتبهم بما يضمن لهم العيش الكريم بان صندوق النقد الدولي يرفض أية زيادات في الرواتب إي تمنع صاحب الحقل ان يأكل من حقله في حين لا يعترض  الصندوق على الرواتب والمصروفات الخيالية  للطبقة السياسية الحاكمة وتوابعها  فيبدو حالها كحال من يحرم على  الفلاح المنتج ان يأكل من  نتاج يده بينما يحل للإقطاعي  بكنز الغلال والأموال!!!
وليس بنا حاجة  لنبين مدى تأثير المحروقات على  الإنتاج الزراعي والصناعي  والرفاه الفردي  لأي بلد باعتبارها عصب الحياة والطاقة المحركة للمعامل والمكائن  والمصانع فكلما كانت أسعارها منخفضة كلما توفرت المنتجات الصناعية والزراعية  بأسعار اقل تتناسب مع المخول المنخفض لأغلبية أبناء الشعب العراقي الذي يعيش أكثر من (23%) منهم تحت مستوى خط الفقر.
نسال هل يمكن ان يكون هذا معقولا في كل دساتير الأرض السماوية والوضعية ان يحرم صاحب الدار من  ممتلكاته وتحلل على الجار؟؟؟
ونسال هل من المعقول  ترتهن حياة   ورفاه أبناء الشعب العراقي بإرادة  صندوق النقد الدولي راعي مصالح الرأسمال والاستغلال في العالم؟؟؟
*

الحزب الشيوعي السوداني
cpos@btinternet.com
الحوار المتمدن - العدد: 1662 - 2006 / 9 / 3
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
     
المؤتمر الصحفي المنعقد بمركز الحزب الشيوعي السوداني بالخرطوم(2) في يوم الثلاثاء الموافق 22/8/2006
رأي الحزب الشيوعي في الزيادات في اسعار البترول والجاز والسكر.





241
لماذا كل هذه القيود والتعليمات التعسفية ضد الكوادر الصحية  يا وزارة الصحة؟؟؟
من الأمور البديهية إن تعمل مؤسسات أية دولة في لعالم إلى حث وتشجيع منتسبيها لتطوير مستواهم العلمي وتعمل على إيجاد البل والوسائل المختلفة لتذليل الصعوبات ورفع المعوقات التي تحول دون تحقيق طموحاتهم في هذا المجال وبالخصوص في مجال الأمور الصحية والطبية وبالطبع فان هذا الأمر يجب أن يكون من أولويات وزارة الصحة العراقية نظرا  للواقع الصحي المتردي في العراق والسعي من اجل  تطويره وزيادة كفائتة  وخصوصا في  مجال تطوير الكوادر الصحية والطبية. ولكن من المؤسف إن  تطلع علينا وزارة الصحة في  كتابها المرقم 37686 في 2\7\2009 الموقع من قبل الدكتور خميس حسين السعد بتاريخ 28-6-2009 بما  يخالف هذا الفرض تماما وهو مخالف أيضا حتى لما كان  معمولا به في أيام النظام السابق حيث المجال مفتوحا للموظفين من الكوادر الصحية  وحملة  شهادة الإعدادية لإكمال دراستهم  سواء  بإجازة دراسية   أو  تسهيل أمور دراستهم في الدراسات المسائية في الكليات والجامعات الحكومية والأهلية وقد تمكن  العديد منهم الحصول على أعلى الشهادات في مجال اختصاصهم بلاضافة إلى خبراتهم العملية في دوائرهم.
إما إلا وبعد (6) سنوات من عمر الديمقراطية نطلب وزارة الصحة إن يحصل الموظف من حملة  شهادة الإعدادية أو المعهد على عدم ممانعة ليكمل دراسته  بعد  ما فاته ذلك  لأسباب مختلفة يأتي في أولها  الوضع المادي لهؤلاء الطلبة وعوائلهم وكذلك  الوضع الأمني المتردي  أو  الملاحقة الأمنية للنظام السابق أو  كونهم جنودا أو جيش شعبي أيام النظام السابق مما أجبرهم إلى البقاء على ما هم عليه أو اختيار الدراسة في المعاهد لتكون مرحلة انتقالية أو جسر يوصلهم إلى طموحا تهم في  مواصلة تحصيلهم العلمي عبر تامين احتياجاتهم واحتياجات عوائلهم المادية من الوظيفة ، علما إن اغلبهم  كان معدل درجاته يؤهله للقبول والدراسة في كليات ذات مستوى رفيع ولكن...
إن طلب وزارة الصحة هذا يذكرنا بطلب مديرية الاستخبارات العسكرية ومديرية الأمن العام في وقت النظام السابق بحصول منتسبيها من المتطوعين على  إذن وعدم  ممانعة للزواج!!!!
وقد اشترطت الوزارة الشروط التالية :-
((1- إن يتم منح الموظف عدم ممانعة للالتحاق بالدراسة المسائية  بعد إن تتوفر فيه الشروط التالية:-
 ((ا- خدمة فعلية لا تقل عن خمسة سنوات)).

ولا ندري لماذا مثل هذا الشرط والدراسة مسائية لا علاقة لها بدوام الموظف ومتطلباته والتزاماته نجاه دائرته، ثم لماذا الخمس سنوات وما علاقة الوزارة بمثل هذه لفترة وهو شرط غي مطلوب بين شروط القبول في الكليات والجامعات المسائية وحتى الصباحية في العراق بل المطلوب إن يكون خريج المرحلة الإعدادية أو احد المعاهد بغض النظر عن سنة التخرج  أو عدد سنوات الخدمة بالنسبة للموظف؟، فما هي فلسفة   أو السر الكامن وراء عرقلة دراسة موظف الصحة للتحصيل العلمي هل خوفا على جيبه أو كونه  غير ناضجا بعد وسيكمل سن الرشد والاستيعاب بعد خمسة سنوات؟؟؟؟!!!
((ب- توافق العنوان الوظيفي مع الدراسة التي يروم التقدم إليها))
هذا الشرط يأتي من الوزارة على من  تمنحه الوزارة  إجازة دراسية والوزارة ستكون مجبرة إلى تعديل عنوانه و راتبه  بعد إكماله الدراسة المحددة له وهذا لا ينطبق على خريجي الدراسات المسائية فليس  مطلوبا من الوزارة منحه إجازة دراسية ولاهي مجبرة قانونا في تعديل أو تغيير راتبه أو عنوانه الوظيفي والأمر متروكا لحاجة الوزارة الفعلية. إما إن الوزارة عملت على تغيير العناوين والرواتب لخريجي الكليات والجامعات الأهلية المسائية بغض  النظر عن  العنوان  والحاجة ومماثلته للعنوان الوظيفي السابق للموظف فمثلا – معاون طبي أو معاون صيدلي ويحصل على  شهادة البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه ي الهندسة أو القانون أو التاريخ أو اختصاص  علمي أو إنساني آخر – فيتم تغيير عنوانه وراتبه  بعد تقيم طلب منه بذلك  فهذا أمر  يخص خطط الوزارة  وان أدركت خطاه وأثقلها بمثل هذه العناوين فليعني ولا يستدعي إصدار تعليمات تعسفية ونطال حرية الموظف  والتهديد بان هاء خدماته في الوزارة خصوصا وانه لا يخل بأي من واجباته أو التزاماته  وأداء عمله بشكل جيد في دائرته، وان اخل بها سواء كان دارسا أو غير دارس فهو معرض للمسائلة والعقوبة حسب نوعية وشدة المخالفة  والدارس غير مستثنى منها في كل الأحوال.
((د- لحاجة لخدمات خريجي الاختصاصات العلمية للدراسة في وزارتنا))
هذا نص وضابط ملتبس وغامض فان كانت الوزارة بحاجة لمز يدا من الاختصاصات العلمية فلا باس أن تضع الوزارة شرطا بأنها غير ملزمة  بتبني  العناوين العلمية التي ليست بحاجتها،وهو أمر مسلم به في كل الأحوال ولكنه  لا يمنع أي موظف أو أي مواطن في مواصلة دراسته وتحقيق طموحاته.
((2-  التزام الموظف في لدوام الرسمي وحسب حاجته المؤسسة بمايساو يساعات العمل مع باقي الموظفين على أن يوقع تعدا بذلك)).
 لاشك إن هذا الشرط يبدو غريبا ومثيرا للاستغراب الم يكن الموظف خاضعا أصلا لمثل هذه الضوابط سواء الدارس وغير الدارس أو ليس هناك ضوابط عقابية بالتغيب أو ترك الدوام الرسمي المقرر،وإذا كان هناك عمل إضافي فيفترض أن يكون اختياريا وليس إجباري  لان كونه إجباريا يخل بشروط التوظيف وكل قوانين الدولة العراقية ولا يستوجب إلا في ظروف طارئة.
((3- للوزارة الحق في إنهاء خدمات الموظف في حالة عدم التزامه بالتعليمات))
ونعلم أية تعليمات تقصد الوزارة هل هي هذه التعليمات التي لا تستند  إلى أي  سند أو قاعدة قانونية حسب ما نعلم وهي بالتأكيد مخالفة تماما لحقوق الإنسان وماد الدستور العراقي وغير موجود في شروط التوظيف  في وزارة الصحة العراقية ولا أي من الوزارات العراقية الأخرى على حد علمنا.
فهل الدارس في الكليات والمعاهد المسائية (مرتشي، تارك للدوام الرسمي، سارق للأدوية والمستلزمات الطبية، مهمل في واجبه مما يسفرعن  ضرر للمريض ، مرتكب لجريمة مخلة بالشرف أو جناية أخلاقية داخل أو خارج المؤسسة.
من كل ما تقدم فهل هناك أي مسوغ قانوني أو مهني ا واساني لإصدار مثل هذه التعليمات ضد  موظفي وزارة الصحة من خريجي الاعداديات أو المعاهد وفي ظل نظام دولة ديمقراطية دولة الدستور والقانون تمر بمرحلة نهوض وتطوير وإلحاق بركب العالم المتحضر وكل توجهات الحكمة العراقية المنتخبة  تسعى  لاختصار الزمن لإرساء العراق  وشعبه  في مرفأ التقدم العلمي والحضاري ، ويلمس المراقب إن كل وزارات الدولة تسعى من اجل تطوير قدرات منتسبيها  وقدراتهم العلمي والعملية وليس كما هو وارد في تعليمات وزارة الصحة لوضع العراقيل والتهديد  بالفصل لمن يسعى للاستزادة من العلم والمعرفة دون إن يشترط على الوزارة  شيئا مقابل ذلك  سوى ما يفترض أن يكون  منسجما مع المنهج العام للدولة ومؤسساتها في الوقت الحالي.
نتمنى على السيد وزير الصحة  والدائرة القانونية في الوزارة ومنظمات حقوق الإنسان ونقابة ذوي المهن الصحية  دراسة هذه التعليمات واتخاذ قرار يجنب  الكادر الوسطي في وزارة الصحة من  الأثر الضار جدا بتطلعاته هؤلاء الموظفين لإكمال دراساتهم وتحصيلهم العلمي.

حميد لفته - العراق


242
متى  يولد حزب ألمتقاعدين؟؟؟
حول مقترح زيادة رواتب المتقاعدين
حميد لفته الحريزي
بعد التغيير في 9-4-2003 عمل أكثر من طرف سواء بعلم وقرار مسبق أو بدون علم على عدم الاكتفاء بإسقاط وتغيير ا نظام الحكم واستبدال الحكومة وإنما عمد إلى إسقاط كامل كيان الدولة ومؤسساتها وقوانينها التي سارت عليها منذ تأسيسها ولحين السقوط أي ضياع جهد يقارب القرن من  البناء وتراكم الخبرة الإدارية وخبرة  تشريع القوانين،فقد تبنت سلطة الاحتلال الأمريكي نظرية الفوضى الخلاقة وقد أبدع برا يمر في تنفيذ هذه الفوضى فلم يبقي حجر على حجر كما يقال لمؤسسات الدولة العراقية ابتداء من المؤسسات الأمنية وبذريعتها وانتهاء بأبسط القوانين التي تسير  عمل الدولة ومؤسساتها المختلفة.
إما الفئة الثانية فهي الطبقة السياسية الجديدة التي أعماها قصر نظرها وطمعها في حيازة المال والغلال وكما يقول المثل الشعبي العراقي((البز ون يفرح بعمى أهله)) فقد أفرحتها هذه الفوضى وبقاء الدولة دون قانون أو ضابط أو رابط ينظم مجريات الأمور المختلفة فيها بل الأمر متروك لهم يشرعون قوانين على مقاساتهم ورغباتهم وبما يضمن لهم عيشا مرفها غير مسبوق لم يكونوا يحلمون به أو كانوا يعيبونه على  رأس النظام السابق وحاشيته ومقربيه حيث  تجاوزوه أضعافا مضاعفة  وكأنهم بفعلهم هذا يأخذون المال من خزائنه رغم انفه جزاء ما عانوا من تشرد وحرمان في الأيام الخوالي غير مدركين إلا نفر منهم ، إنهم إنما يغرفون من أموال الشعب العراقي الذي يعيش أكثر من ربع سكانه دون خط الفقر وتبلغ البطالة الوقتية والمقنعة  أكثر من 50% حسب الكثير من الإحصاءات  الموثوقة بلاضافة إلى  مئات المليارات من الدولارات مطالب العراق بتسديدها مقابل د يون النظام السابق!!
 وهناك فئة ثالثة من بقايا المسئولين من النظام السابق تعاملت بارتياح بل شجعت هذه الفوضى لكي يختلط الحابل بالنابل ونطغى  على فضائح الطبقة السياسية المنهارة مما يدفع الناس إلى الترحم على أيام حكم سيدهم السابق بالإضافة إلى ضياع الأدلة والوثائق التي تدينهم في  ظل حكم سيدهم اللاحق فيما يخص استئثارهم   واستهتارهم بالمال العام.
 من القوانين  الهامة الذي تم تجميدها وعدم العمل بمقتضاها هو قانون الخدمة والتقاعد المدني والعسكري الموحد والذي كان ينظم رواتب ومخصصات واستحقاقات رواتب  موظفي الدولة حسب تحصيلهم العلمي وعناوينهم الوظيفية ومدة خدمتهم.
 فقد أصبح لكل شريحة من موظفي الدولة قانون خاص بها ينظم رواتبها ومخصصاتها فكأننا عدة دول  وليست دولة واحدة فللرئاسات الثلاث وللوزراء والنواب و مجالس المحافظات والدرجات الخاصة  قوانينها وقد بلغت  رواتبهم أرقاما خيالية لم يحلم بمثلها أقرانهم في أغنى دول العالم، ففي الوقت الذي  قرر المجلس أن يكون  الراتب التقاعدي  لعضو المجلس  يعادل 80% من  راتبه وهو في الخدمة التي لا تزيد عن أربعة سنوات أو أربعة أشهر وحتى أربعة أيام بغض النظر إن كان لبعضهم خدمة سابقة في الدولة وبغض النظر عن تحصيلهم العلمي  واحتفاظهم بالعديد من الميزات  وألا كراميات والمنح السخية!!! علما إن  قانون الدولة العراقية لا يمنح تقاعدا لمن  تقل خدمته عن (15) عاما خدمة فعلية في دوائر الدولة.
في الوقت عينه ظل عامة المتقاعدين  السابقين واللاحقين واللذين لديهم خدمة  فعلية تصل إلى أكثر من ثلاثين  عام ظلوا يتلقون عشرات الدولارات بالتساوي لا فرق بين أمي  وحامل لشهادة الدكتوراه، وبعد اخذ ورد واجتهادات ما انزل الله بها من سلطان جاء قانون التقاعد الأخير بعد إن سلبت منه كل حسنات مسودته إن  كان ممكنا تسميتها بحسنات وقد كان لوزارة المالية الدور الفاعل   في   غبن المتقاعدين  وتقليص ما قرر لهم في أكثر القوانين سوءاً  وتم الالتفاف على وعود تعويضهم عما فاتهم خلال الفترة السابقة قبل نفاذ القانون وأصبحت حقوقهم نسيا منسيا دون أية  رقابة أو محاسبة لا من ألشرع ولا من القانون ،فالمجرفة ((الديمقراطية)) قررت تجريف  كل  ما كان مرتبطا بمؤسسات الدولة السابقة   وليس من كان مرتبطا بالنظام السابق!!! وقد حدث هذا  في الوقت الذي كان يباع برميل البترول  بأكثر من 140 دولار،وبذريعة اعتراض صندوق النقد الدولي  مدعيين إن إنصاف المتقاعدون قد يسبب للبلد خسارة عشرات المليارات من الدولارات فهل يرضى المتقاعدون  هذا وقد ((تنعموا)) (35) عاما بنعمة النظام السابق  وقد كان يتقاضى اغلبهم أكثر من عشرين دولار شهريا فما لهم يعترضون على بعض آلاف من الدولارات  يتقاضاها ((المحرومون)) التي اقرها لهم المشرع الديمقراطي!!!؟؟؟.
 إما الآن وبعد أن انخفض سعر البترول إلى  الخمسين أو اقل من ذلك يشعر السيد الوزير بوزر ما سببه قانون التقاعد النافذ للدرجات الدنيا من المتقاعدين من ظلم وحيف ويعد بتقديم قانون جديد معدل يقر زيادة رواتبهم  على أن يقدمه مجلس الوزراء إلى مجلس النواب وتتم مناقشته في مجلس النواب وبعد إقراره أو تعديله يعاد إلى مجلس الوزراء  ومنه إلى؟؟؟؟ ثم إلى؟؟؟ ثم الى؟؟ ثم الى خانة النسيان أو سلة المهملات خصوصا وان المجلس الموقر وهو  على أبواب عطلته الصيفية مثقل بمشاريع القوانين الذي لم تنجز فلم يحسم أمر قانون الانتخابات ولا قانون الأحزاب ولا تعديل  الدستور ولاقانون النفط والغاز ولا مشكلة كركوك ولا مشكلة نينوى ولاولاولا....الخ فهل يتسع وقته لمناقشة واقرار وإنصاف شريحة المتقاعدين ليودع أعضاءه قبة البرلمان لقرب انتهاء سنواته الأربع بعد اقل من  خمسة أشهر بحسنة لصالح شريحة المتقاعدين تماشيا مع قول ((واتبع السيئة الحسنة تمحوها))
وبذلك لا ندري هل ما يسمعه المتقاعدون هل هو حقيقة أو دعاية انتخابية؟؟  فقد ينشأ المتقاعدون حزبهم الخاص  الذي يتبنى مطالبهم العادلة ولا يعطون أصواتهم وأصوات عوائلهم المليونية إلا لمن يضمن حقوقهم.
وبالمناسبة فان هنا تلميح إلى إن هذه الزيادة  إن صح خبرها لا تحسم إلا في 2010 وعندها تكون الانتخابات قد أجريت فان فاز لا يفي وان خسر لا يلام.
وهنا يتوجب على  جماهير فقراء المتقاعدين أن يتوحدوا ويوحدوا  أصواتهم  وقرارهم  لنيل حقوقهم  ويشعرون  من يعنيه الأمر إنهم لم يزالوا أحياءا وقادرين على الفعل والتأثير الفعال في توجهات الرأي العام  نظرا  لسعة الجماهير اللذين لهم تأثير عليها بالإضافة  إلى خبرتهم الحياتية الطويلة في خلق الفعل ورد الفعل في الشارع العراقي  وعدالة ومشروعية قضيتهم وتفهم عموم المجتمع العراق لمظلوميتهم ومعاناتهم طيلة الفترة  الماضية وعرفان  الأجيال الجديدة لفضلهم وحجم  ما قدموه من  خدمات لوطنهم وشعبهم خلال سنوات خدمتهم الطويلة  في دوائر ومؤسسات الدولة العراقية وقد عانوا من الظلم والقهر والتعسف في زمن النظام الديكتاتوري السابق فهل يصح أن يستمر هذا الظلم في ظل النظام الديمقراطي اللاحق؟؟؟!!!.
 


243
المنبر الحر / الهاتف الكذاب!!!
« في: 16:03 23/05/2009  »
الهاتف الكذاب!!!
بقلم حميد لفته

تضغط زر الاتصال في لحظة حرجة فيأتيك الرد:
-الاتصال خطأ.
مما يجعلك تعيد النظر في الرقم وتتأكد من ذاكرة الجهاز وذاكرتك أيضا وإلا ما ألذي يدفع هذا الجهاز للكذب؟
-المكالمة محظورة... المكالمة غير مسموحا بها!!!
ما هذا هل فلان الذي اتصل به مراقب من قبل السلطة اول اسامح الله من الإرهابيين أومن المنتمين لمافيات الخطف والتهريب.....أو ربما انأ متخذ بحقي قرار ما من السلطات أو على الأقل محظور علي الاتصال من قبل الشركة المالكة لخطي المحمول...أو...أو وانأ لا اعلم ؟
فما علي إلا التدقيق وإعادة النظر بمن اتصل بهم مهما كانت ثقتي عالية بهم وعلي أيضا مراجعة سلوكي وتصرفاتي فانا رجل طيب ومسالم ولكن ربما....؟
- الجهاز مغلق او خارج منطقة التغطية....؟
- ماذا ولماذا يغلق صديقي نقاله فربما استنفذت البطارية طاقتها بسبب طول انقطاع التيار الكهربائي وعدم قدرته على الشحن ...أو قد يكون مريض ...اوقد يكون زعلان ..ولكن ما لسبب...ربما يكون مسجون او مختطف..أو...أو؟
- ولكن كيف يكون خارج منطقة التغطية؟ فهو في نفس المدينة لابل في نفس الحي الذي اسكنه فهل أصبحت التغطية لا تشمل أكثر من مساحة دارنا. فلأجرب الاتصال بهاتف زوجتي وهي إلى جانبي ولكن الجواب نفسه الجهاز مغلق أو خارج منطقة التغطية!!!!
- فلربما يقصد بالتغطية إنا وزوجتي لم نكن تحت غطاء واحد..فدخلنا تحت البطانية ...ولكن العجب في الأمر ان الجواب جاءنا هذه المرة
الاتصال محظور..!!!!.
-فلأجرب هاتف شقيقي الذي يحل ضيفا عندنا
- عذرا رصيدك غير كافي لإجراء مكالمة فلم يتبقى لديك سوى(3) سنتات!!!
- ولك هذا طلع ليس كذابا فقط وإنما سلاب ونهاب أيضا فل تتجاوز مكالماتي أل(20) دقيقة من ما مقداره (10) دولارات عبأتها توا؟؟!!!
- وغالبا ما يأتي رد الشبكة مشغولة الآن يرجى الاتصال في وقت أخر وهكذا يتكرر الأمر مرات عديدة وكأن النقال أصيب بعدوى دوائرنا وتعلم من الموظفين تكرار كلمة روح تعال باجر....!!!!!
- لا نعرف ما يجري وأي صورة مضحكة مبكية التي نعيشها مع هواتفنا النقالة ولماذا تحرق أعصابنا بمثل هذه السادية بالإضافة إلى نهب نقودنا ظنا منا إننا نؤمن التواصل مع من نريد بعد ان أغلق باب التواصل في زمن الخوف وحظر التنقل والتجوال؟؟؟؟!!!
- نتمنى ان ننقل سخطنا وقرفنا وشديد استيائنا من كذب وابتزاز ودجل وتلفيق التهم لهذه الشركات حيث تنخفض مصداقيتها لدينا بقدر ما ترتفع أبراجها التي تبث الأشعة الضارة والأكاذيب الملفقة.
- أهي خيانة العقول ألالكترونية ؟أم عدم أمانة ودجل المسؤلين ومبرمجي هذه العقول على الكذب والاحتيال لتزيد من آلامنا فوق ما نحن فيه؟
افلا يكفينا كذب وزيف المسؤلين عن الماء والكهرباء والغاز والبنزين والسكن وفرص العمل والأمن والأمان والحصة التموينية وزيادة رواتب المتقاعدين و..و..؟؟؟؟
- عفوا لمن اكتب وأخاطب واشكي همي وألمي إذا كان من أخاطبه خارج نطاق التغطية الإنسانية والقانونية؟!!!



244
التوافقية:- بدايتها فوضى ونهايتها متاهة
حميد لفته
بعد انهيار الديكتاتورية في العراق على يد قوات الاحتلال الأمريكي،ولحاجة الأمريكان الى وكلاء يساهمون في تنفيذ أجندات ومصالح الرأسمال المسلح الذي يحكم تحت يافطة الديمقراطية وضمن نهج الفوضى الخلاقة ثم ولادة ما سمي بمجلس الحكم المبني على اساس  التمثيل لعرقي والطائفي بدعوى إشراك كل ((مكونات)) الشعب العراقي في الحكومة الانتقالية بقيادة الدكتاتور ((الديمقراطي)) برا يمر!!!
ووفق موجبات ديمومة مصالح الرأسمال الأمريكي وحلفائه في العراق عمل العقل الأمريكي لتخليق طبقة سياسية مكونة من عدة كتل ومجاميع ذات أصول طبقية واحدة او متقاربة وذات طموحات ومصالح مبنية على  الإقصاء والتهميش والاستحواذ على السلطة والمال والجاه وليست على اساس التوافق المبني على ثقافة التضامن والتكافل والتعاون من احل حرية الوطن وسعادة وان المواطن، فدخلت في صراعات يولد بعضها بعضا مولدة صراخ وضجيج يصدع  رؤوس عامة ابناء الشعب في الوقت الذي يتخم كروش  ويثقل جيوب المتصارعين على  الشاشات الفضائية،ففي مؤتمراتهم وصخبهم يحضر كل شيء ماعدا مصالح  الشعب والوطن حتى وان  كانت تزخر بها شعاراتهم وتتصدر لافتاتهم،فهي لم تعدو ان تكون وسيلة ضغط على الغريم المنافس لإحراز المزيد من المناصب والحصول على المزيد ن المكاسب، مما يضطرهم الرجوع في نهاية الأمر وبعد تجريب لي الأذرع واستعراض القوى وإمكانات كل منهم الى الحلول التوافقية عبر اقتسام المغانم وسط بذخ العزائم والولائم وأحاديث الود والسمر وقُبل الصفاء والظفر.
ومما ساعد على ذلك  عدم بروز قوة  او كتلة سياسية قوية مهيمنة لأسباب موضوعية وذاتية وتحت عين ورقابة ((العقل الأكبر)) لقوى الاستغلال والاحتلال الذي يعمل في السر والعلن  على بقاء كل الكتل والقوى  في حالة ضعف  ليستمر صراعها ويمكن إحكام قبضته في  قيادتها وتوجيهها وان لا تكرر معه  تجربة إعلاء  شان الديكتاتور المعزول وتفرعنه ومحاولته فرض  إرادته وخياره على أسياده .
فمن الملاحظ  ان هذه القوى تتحدث عن الاستحقاقات الانتخابية حينما تكون هي القوية والمهيمنة والمسيطرة في نهاية كل عملية انتخابية سواء في البرلمان ومجالس المحافظات ،ولكنها سرعان ما تتحدث عن التوافقية ان كانت ضمن الأقلية ان لم تكن من الخاسرين.
ان هذا الحال خلق المزيد من الاحتقان وتأخير غير مبرر في تشريع او إقرار او إصدار العديد من القوانين والمشاريع بما يصب  في صالح الشعب وليس بعيدا عنا ما حصل بعد عزل او إقالة او استقالة  رئيس البرلمان ((الدكتور المشهد اني)) وعملية اختيار رئيسا جديدا للبرلمان، وما حصل ولازال  في  تشكيل الحكومات المحلية في المحافظات بعد الانتخابات المحلية   ونينوى والنجف  مثالا واضحا على  ما يمكن ان يحصل نتيجة  رفض او  المطالبة بالتوافق والتوافقية.
ان ثقافة الإقصاء وتهميش الآخر ذات الجذور الضاربة في البنية الفكرية والتنظيمية للأفراد والحركات والأحزاب في بلدان العالم الثالث عموما والعراق خصوصا،ان استدعت مثل هذه الصيغ التوافقية في ظرف ووضع معين بعد انهيار الديكتاتورية  وكما أشار الى ذلك السيد المالكي فإنها ستكون وبالا على البلاد والعباد ان هي استمرت وتجاوزت مرحلة ووقت متطلبات الأزمة لتكون هي القاعدة وليس الاستثناء والذي تسعى بعض القوى على تابيده واعتباره القاعدة كما هو الحال في  البلد الشقيق لبنان منذ الأربعينات ولحد الآن وكم  جر هذا النهج من الويلات على الشعب والوطن  اللبناني.
ان هذا النهج قد ساعد كثيرا على ديمومة حالة الفوضى  وخلط الأوراق وعدم فرز الصالح عن الطالح والنزيه عن الفاسد والحر من التابع، وتمترس الفاسدين والفاشلين والتابعين خلف كتلة عرقية او طائفية فتعزى الثغرات والأخطاء الى  كل الأطراف تحت يافطة التوافق مما يشكل سياج حماية ووسطا ملائما لنمو الفاسدين والمفسدين وحمايتهم وصعوبة  محاسبتهم ومسائلتهم وفق نهج الحفاظ على سمعة الكتلة  وعدم كشف مستو رها أمام الكتل المنافسة الأخرى.
ان  المتابع والمراقب  الحريص على وحدة الوطن وحريته وسعادة الشعب ورفاهه والمؤمن  بالآليات الديمقراطية السياسية على الأقل لا يرى أية ضوء في نهاية نفق او خانق التوافقية في عراق اليوم ويجب الخروج منه بأسرع وقت ممكن والاحتكام الى  رأي  المواطن العراقي وخياراته الحرة وضمن  قانون واليات انتخابية  يمكن ان توفر الحد المقبول  من الأجواء للناخب العراقي في اختيار من يمثله في قوائم  مفتوحة ومن ضمنها سن قانون  للأحزاب السياسية  لا يسمح   بتأسيس أحزاب  قائمة على اساس  طائفي او عرقي ولا يتضمن نظامه الداخلي  وبرامجه بنودا تنص على إيمانه بالنهج الديمقراطي  والتداول السلمي للسلطة ونبذه للعنف  والنهج التآمري والانقلابي لاستلام السلطة  والكشف عن مصادر دعمه وتمويله ،مع توفير الدعم اللازم للقوى  المهمشة  والتي لا تملك وسائل متكافئة مع أصحاب السلطة والمال في  إيصال  آراءهم وبرامجهم وشرح وجهات نظرهم  للرأي العام العراقي.


245
الشاعر ناظم حكمت
شاعر الحب والثورة والسلام
بمناسبة  الأول من أيار ورد الاعتبار
حميد لفته – العراق
ناظم حكمت نبض حياة وسحر جذب ومحبة وحميمية وجمال أخاذ تسري في عروقي منذ ان تعرفت على قدر من تاريخ حياة ونضال وكفاح هذا الشاعر الكبير هذا القلب والإنسان الخالد الذي لا يموت وهو ينبض بالمحبة والمودة للإنسانية جميعا وبون استثناء والذي نذر نفسه وشعره وكل تفاصيل حياته من اجل قضية عادلة وهدف سامي إلا وهو تحقيق حرية وانعتاق وسلام العالم عبر تحقيق الاشتراكية حلم الشعوب.
ولابد للعالم العربي عموما بكل فئاته وشرائحه وبالأخص مثقفيه كما أرى ان يكون ممتنا للروائي والمناضل الكبير حنا مينة لم بذله من جهد ودراسات مفصلة تغطي الكثير من شخصية ونضال ونتاج ناظم حكمت. حتى إني أصبحت نتيجة لذلك لاستطيع ان أراهما أقوالا وصورا ومنتج أدبي منفردين بل علمين من إعلام الفكر والنضال والشعر والأدب تجمعهما وحدة المنهج الفكري وحب الإنسان.وفاءا مني لروحي وبهجتي ومتعتي بسمو وإنسانية وثراء ناظم حكمت في ذكرى رحيله الرابعة والأربعين إلا ان أضع مع كل الأحرار في العالم أكاليل الزهور على ضريح ناظم حكمت واذكر المطلع وأتحف من يطلع على بعض النماذج والمختارات  من رياض ماقاله وأشعاره وعظيم أفعاله..... وبعض مما قيل بحقه وهو كثير شاعرا ومناضلا وإنسانا
وبمناسبة إعادة الاعتبار للشاعر الكبير من قبل الحكومة التركية وكان ناظم حكمت قد جرد من جنسيته التركية في خمسينيات القرن الماضي لاعتناقه المبادئ الماركسية، وبعد هربه من البلاد عقب قضائه سنوات في السجون استذكر قول الشاعر الكبير الراحل رسول حمزاتوف في حتمية الموت  وخلود ما يتركه من اثر بعده حيث يقول:
( كلنا سنموت لن نعيش الى الأبد
وذلك معروف وهو ليس بجديد لكننا نحيى ليبقى بعدنا اثر
بيت أو شجرة أو كلمة اوممر)

وهاهي قرارات الاستبداد تموت ويحيى  ذكر وتراث وحب الشاعر العظيم ،نأمل ان  يود رفاته  لأرض وطنه ويدفن في قريته كما تمنى وأوصى ناظم حكمت ليعيش جسده بينهم كما عاش شعره وقوله وفعله في قلوبهم وقلوب كل أحرار العالم.
ومما قاله ناظم بخصوص الموت
(أمنا الطبيعة ستعلن ساعة الانصراف ذات يوم
قائلة:-
لقد انتهى الضحك والبكاء ياولدي
وستعاود الحياة التي لا ترى ولا تتكلم ولا تفكر دورتها اللا محدودة)

وتنفيذا لمقولة أمنا الطبيعة ودع ناظم حكمت الحياة وتوقف قلبه عن الخفقان في 3\6\1963 توقف قلب الشاعر الذي قال عنه حنا مينة(يكفي ان نقول ناظم حتى نقول الإنسان) وفي سبب موته يقول حنامينة( الذي يقرؤون رسائل ناظم حكمت وهو في السجن أو قصائده المكتوبة في تلك الحقبة رسائله المكتوبة الى كل واحد منا وكذلك قصائده المكتوبة من اجل كل واحد منا لن يتساءلوا مم مات ناظم بعد ذلك في الثالث من حزيران 1963 انه لم يمت إلا من الحب حب الإنسانية العظيم)

 
فمالذي سيفعله شهيد الحب الإنساني  لو بقي على قيد الحياة حيث يجيب عن هذا التساؤل قائلا
(إذا بقيت سالما سأكتب على الجدران وفوق الأرصفة  في الساحات العامة اشعري وسأعزف على الكمان في ليالي العيد لمن يبقون من المعركة الأخيرة وكذلك سأعزف على الأرصفة المغمورة بضياء ليلة رائعة للذين يغنون أغاني جديدة للناس الجدد والخطوات الجدد)
 وشرط ناظم على الموت لكي يكون عادلا يجب ان تكون الحياة عادلة يعنى ان يحيى الإنسان حياة مليئة بالسعادة والحرية والرفاه والمحبة حيث يقول(حتى يكون الموت عادلا لابد للحياة ان تكون عادلة)
فلأجل عدالة الحياة  لأجل غد الإنسانية المشرق يعزف ناظم ألحانه ويكتب أشعاره بعد ان تخلع الإنسانية رداء الحروب والاستغلال والعبودية  حيث الخلاص وتجاوز وحشية الرأسمالية بالغد الاشتراكي السعيد  حتى يرى الإنسان مالم يراه ويقول مالم يقوله بعد  حيث يقول
( أجمل البحار: ذلك الذي لم يزره احد بعد
أجمل الأطفال: ذلك الذي لم يكبر بعد
أجمل أيامنا: تلك التي لم نعشها بعد
أجمل الكلمات: التي وددت قولها لك
هي تلك التي لم اقلها بعد)

 وناظم يعرف تماما هدفه وكذلك يعرف عدوه وعدو الفقراء والمعدمين الذين تبنى قضيتهم حيث يدعوا لوحدة وتماسك وتكافل قوى البناء والكفاح من اجل الحرية والعدالة والسلام حيث يقول
(البرجوازية قتلت اثنين منا
أماتت اثنين لن يموتا منا
البرجوازية دعتنا للمعركة
وقد قبلنا الدعوة
فنحن كما نعرف ان نضحك بفم واحد
نعرف ان نحيا ونموت كواحد
كلنا من اجل واحدنا
واحدنا من اجل كلنا)

وهو يصف أعداء الحياة لحبيبته ولزوجته ويدعوها للتفاؤل والكبرياء والعنفوان الإنساني والأمل واثقة بالنصر حيث يقول:
( أنهم أعداء الأمل ياحبيبتي
نعم أعداء
المياه الجارية
والأشجار المثمرة اليانعة
والحياة المتدفقة المتطورة ذلك لان الموت طبع بصماته
على جباههم:-هم مثل الأسنان المنخورة هم مثل اللحم المتهرئ
إنهم محكومون بالانهيار الى غير رجعة
عندئذ ياحبيبتي سوف ترين بكل تأكيد
ملائكة الحرية تحوم في أجواء
بلادنا
مرتدية أحلى ازيائهامتلفعة ثياب العمال)

    ان ناظم حكمت لايرى الحرية الاوهي مرتدية ثياب الطبقة العاملة انطلاقا من  منهجه الماركسي  باعتبار ان تحرر الطبقة العاملة وحريتها ستحرر الإنسانية جميعا من التعسف والقهر والديكتاتورية والاستغلال .
فما أحوجنا في عراق اليوم لمثل هذه الرؤية الصادقة لخلاص الشعب العراقي  من نير الإرهاب والاحتلال والقهر والاستغلال الداخلي والمستورد وماهو أحرى بطبقتنا العاملة في ان تمزق عصائب التضليل والزيف الطائفي والعرقي لتحمل راية الكفاح الوطني والطبقي من اجل عراق حر ديمقراطي اشتراكي  مستقل ملتحمة ومتكاتفة مع كل القوى المناهضة للعولمة الرأسمالية المسلحة والمتوحشة لبناء عالم الأمن والسعادة والسلام لكل الشعوب.
ان شاعرنا الكبير يدعو كافة نساء العالم وخصوصا نساء المناضلين والمكافحين من اجل غد الحرية والسلام ان يكنن رايات للثورة فخورات فرحات غير حزينات ولا منكسرات  متفائلات وجميلات  بجمال بيرق الثورة   والمبادئ السامية التي من اجلها عذب وسجن وتشرد أزواجهن وأحبائهن  حيث يقول مخاطبا زوجته بأرق وأسمى وأكثر العبارات وثوقا بالنصر وتحدي قوى الظلم والظلام :-
(اخرجي من الصندوق ذلك الفستان
الذي كنت ترتدينه حيث التقينا أول مرة
ارتديه ومري كوني مثل أشجار الربيع
أشكلي القرنفلة التي أرسلتها في الرسالة من السجن
في شعرك
ارفعي جبهتك العريضة
تلك الجبهة البيضاء المختلطة بالتجاعيد الجاذبة
للقبل
في مثل هذا اليوم
لايجوز لزوجة ناظم حكمت ان تكون حزينة مهيضة
الجناح
لذلك مستحيل
في مثل هذا اليوم
ينبغي لزوجة ناظم حكمت ان تكون رائعة الجمال
كواحدة من بيارق الثورة)

وهو يخاطب الإنسان في كل مكان وكل زمان مبشرا وواعدا ومؤكدا بزوال الظلم والاستبداد كما سينقضي فصل الخريف  وإمكانية ان يخلق الإنسان الواعي  ربيع الحرية والرفاه والسلام الدائم للبشر:-
( الخريف سينقضي مرة بعد مرة
والربيع سيعود مرة بعد مرة
ونحن سنقضي شتاءا أخر
متدفئين بنار غضبنا الاكبر
ورجائنا الأقدس)

وبذلك فشاعرنا الكبير يدعو المكافحين والمناضلين من اجل الحرية ان تحصنوا بوعيهم وعدالة قضيتهم وسمو مبادئهم ضد كل أساليب القهر والحرمان الموصوف بقساوة وشح الشتاء فليتحصن بدفء مبادئه وعدالة قضيته مما يتدفأ الإنسان بالنار ليتقي أذى البرد ألشتائي القارس حيث تخلد الحياة للسكون.
وناظم حكمت لا يغفل دور وسائل الاتصالات والتقنية الحديثة في عصره في تضليل وتكبيل المعذبين والمظلومين من عمال وفلاحين وعموم الكادحين وحرف وعيهم وجرهم لمعارك جانبية لإدامة وتأبيد استغلالهم  .وها نحن نرى ما يحدث الآن في عموم العالم والعراق بالخصوص نتيجة امتلاك قوى الظلام والرأسمال المسلح واذرعه من القوى الإرهابية والفاشية والمليشيات الطائفية للقنوات الفضائية ووسائل الاتصالات المتقدمة في المساهمة الفعالة في إدامة غياب الوعي الوطني والطبقي لدى الجماهير المسحوقة واستنزاف طاقاتها في الشعائر والطقوس البالية والغير منتجة لغرض ديمومة السلب والنهب لحرية وحياة وثروات الشعوب وفي هذا يقول  ناظم:-
(عصافير الدوري على أسلاك الهاتف
يالها من مخلوقات مسكينة لا تعرف شيئا عن الهاتف
ليتني أرى أجسادكم ملفوفة كلاكفان
فقد جعلتم أبناء قومي
مكفوفين وعيونهم مفتوحة)

وهو يخاطب أولئك المتلاعبون بالعقول محتكري وسائل الثقافة والإعلام.
ولشاعرنا الكبير الكثير الكثير في معنى المحبة والوفاء والقيم النبيلة وهو بحق شهيد الحب الإنساني النبيل كما وصف أسباب موته الأديب حنا مينة ومنها الصداقة الصادقة النزيه بين أبناء البشر ودعوته لرعيتها من قبل الأصدقاء كما يرعى الفلاح الشجرة فكلما كانت أرضها خصبة خالية من الأعشاب الطفيلية الضارة وماءها وفير سمادها التواصل ألحميمي  متمتعة بشمس الحرية والنماء كلما كان عمرها طويلا وثمرها وفيرا وخضرتها دائمة فان ماتت الشجرة لن تحيى مرة ثانية حيث يقول.
(الصداقة كالشجرة إذا يبست لن تخضر ثانية)
ومما استوقفني كثيرا ماورد من معاني في قصيدة للشاعر بخصوص النفط وعمال النفط في (باكو) السوفيتية خصوصا وعراقنا الحبيب  يطفو على بحيرة من النفط يشم رائحتها المغرية ويسيل لها لعاب كل ذئاب الأرض لغرض نهبها وسلبها وقد قدم أبناء وبناة العراق عموما وعمال النفط خصوصا وكل القوى الوطنية العراقية قرابين الفداء والشهداء من اجل تخليصها من براثن  الشركات الاحتكارية الطامعة بالتخادم والتكافل مع عملائها في الداخل  وقد تكل هذا النضال المرير بالنصر بسن قانون رقم(80) في 1959 وقرار التأميم في بداية السبعينات.
نتيجة الأوضاع السائدة في عراقنا اليوم وهيمنة الرأسمال العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية عادة آمال الشركات الاحتكارية المحرك الحقيقي للقرار السياسي الرأسمالي بل كشفت عن وجهها الحقيقي لمعاودة سلب ثروات العراق الهيدروكاربونية عبر الدفع لتمرير مشروع مسودة قانون النفط والغاز المزمع عرضها وتامين المصادقة عليها لتكتسب الشرعية القانونية المحلية والدولية خلال الأسابيع القادمة .
ان لما يدعو للفخر والاعتزاز ما تحلى به اغلب الاختصاصيين والباحثين والاقتصاديين والمثقفين العراقيين من وعي عال وإصرار لكشف مخاطر هذا القانون وإجحافه بحق الشعب العراقي وثروته الوطنية وفق صيغته الحالية.كما ان ما يدعو للفخر الموقف الصلب لعمال النفط العراقيين لرفضهم القانون بصيغته الحالية وخصوصا صيغة (عقود المشاركة) وتأييد الكثير من الفئات والشرائح للشعب العراقي لموقف العمال  نأمل ان يكون هذا الأمر عامل توحيد للشعب العراقي ليكون صفا واحدا بوجه الاحتكارات العالمية بعيدا عن الشرذمة الطائفية والعرقية والمراد منها تفتيت الإجماع الوطني العراقي  لنهب ثرواته واللعب بمقدراته.
فهاهو ناظم حكمت يقول ويعانق عمال النفطي باكو السوفيتية كرمز لكل العمال في العالم  حينذاك حيث يقول
( وددت معانقة العمال المبدعين بمعاطفهم المز فتة
وعيونهم السود
وان اجثوا على ركبتي
فوق ثرى باكو المقدس
واحتضن النفط براحتي
واشربه
كخمر اسود)

فالف تحية لعمال العراق بمناسبة عيدهم المجيد
وها نحن نعانقهم ونطبع قبلاتنا على جباههم السمراء ونشد على أيديهم في نضالهم المرير من اجل بناء العراق والحفاظ على استقلاله وعلى ثروته. ومعهم سوية ومع اكف كل أحرار العالم نضع أكاليل الزهور على ضريح الشاعر الخالد ناظم حكمت..الذي سيظل حيا في ذاكرة المناضلين جميعا  .



246
إنهم يقتلون فراشات الربيع في وطني؟؟؟!!
حميد لفته
تناقلت وكالات الأنباء العراقية والعربية خير قيام الطائرات الإيرانية المعتدية بقصف قرى بنجوين في شمال العراق مدعين استهداف فصائل كردية مسلحة معارضة لها مقرات ومعسكرات او ملاجئ في هذه المناطق، ان هذا القصف العدواني يأتي متواصلا مع القصف المدفعي الذي يكاد يجري بشكل مستمر ومنظم على جبال وقرى كردستان العراق.
يضاف الى هذا القصف الجوي والمدفعي الإيراني هناك القصف الجوي والمدفعي والتوغل العسكري الواسع للقوات التركية داخل كردستان بدعوى محاربة حزب العمال الكردستاني التركي ،كل هذه التجاوزات والانتهاكات ضد ابناء الشعب العراقي تجري أمام أنظار كل العالم وأمام مرأى ومسمع سلطة الإقليم والسلطة الاتحادية العراقية وسلطة وقوات التحالف دون أية ردود فعل ذات اثر وهنا  تثار الأسئلة التالية:-
أولا:- ماهو موقف سلطات الإقليم كردستان العراق من كل هذه الاعتداءات والانتهاكات فهل هي عاجزة أم متواطئة،ولتجيد غير إطلاق التصريحات النارية والتهديد  والوعيد حول ما يسمى ((بالمناطق المتنازع عليها)) بين المحافظات العراقية التي رسمها  النظام السابق وفق ضروراته الأمنية..
ثانيا:- ماهو موقف السلطات العراقية الاتحادية فهي عاجزة أيضا عن القيام بهذا الواجب الوطني المقدس أم أنها محظور عليها دخول  أراضي كردستان والقيام بواجبها في صد العدوان وإذا كان الأمر كذلك فما هو معنى كونها قوت اتحادية عند مهامها لتشمل كل جغرافيا الوطن خصوصا المناطق الحدودية.
ثالثا:- اذا كانت  كل من سلطة الإقليم والسلطة الاتحادية مصابة بالعجز ولا نقول التواطيء مع هذه القوى الخارجية المعتدية .فما هو موقف السادة الأمريكان خصوصا بعد الاتفاقية الأمنية بين الحكومة العراقية والحكومة الأمريكية فهل هي عاجزة أيضا ع أم أنها متواطئة مع هذه الدول او بسبب عجزها عن  محاربة  هذه القوى التي تحسبها إرهابية  او أنها تغض النظر عن التدخلات السافرة لهذه الدول على الأراضي لعراقية مقابل ان تغض النظر عن التواجد الأمريكي في لعراق.
ان ما يجري على ارض كردستان العراق من تدخل سافر للقوات الإيرانية والتركية ومهادنته من قبل سلطة الإقليم والسلطة الاتحادية والقوات الأمريكية((الحليفة)) إنما يتطلب موقفا وطنيا شعبيا حازما وقويا لإجبار هذه السلطات على القيام بواجباتها في الدفاع عن امن وسيادة الشعب والوطن ضد اي اعتداء واختراق  من اي طرف كان،وان لا كون تواجد القوات الأمريكية الغازية لأرض العراق مبررا للقوات التركية والإيرانية وغيرها من الدول في انتهاك سيادة العراق وانتهاك امن أبناءه وترويع إنسانه وحيوانه وحرق وتدمير ثرواته وممتلكاته  بدعوى ان ارض العراق مفتوحة لنهب ودب ولا فرق هنا ين أمريكي او إيراني او تركي او بريطاني او طلياني وغيره.
ان كل هذا الواقع المرير والمؤلم يتطلب موقفا موحدا وحازما من كل أحرار العراق  من كافة القوميات للتخلص من كل القوى الغازية والمعتدية على سيادة  وامن وسلام الوطن  والمواطن.
ان نداء استغاثة إنسان وحيوان  نداء فراشات وزهور نداء جبال اهوار نداء صحارى ووديان وانهار العراق لم يعد يحتمل التأجيل والتأويل فإلى العمل الوطني الديمقراطي الموحد  لإنهاء كل إشكال ومظاهر الاحتلال والاستغلال.

247
انبذوها فإنها نتنة

حميد لفته
لا يختلف الاستعمار الأمريكي عن سواه إلا بدرجة همجيته وعنجهيته وكونه يأتي تحت ظل الديمقراطية والحرية ، فان أولويات اي استعمار تحقيق أهدافه الذي جاء من اجلها كالاحتفاظ بالمواقع الاشتراكية ذو الأهمية الخاصة للدولة الغازية واحد ركائزها لتحقيق أجندتها في المنطقة مثل ضمان قواعد عسكرية لفترات تطول او تقصر حسب متطلبات ضمان المصالح . بالإضافة الى ديمومة الهيمنة الاقتصادية وديمومة حالة النهب او على الأقل التعامل غير العادل او غير المتكافئ بين الدولة المحتلة والدولة التي وقع عليها الغزو والاحتلال وخصوصا اذا كان بلدا غنيا بثرواته وفي مقدمتها الثروة النفطية .
ان الحفاظ على هذه المصالح يتطلب زرع روح الوهن والضعف والشعور بالدونية بين هذه الشعوب المستعمرة . بالإضافة الى الإقدام على خطوات وإجراءات وسن قوانين تكرس روح التجزئة والشرذمة والتفرقة بين مكونات الشعب الواحد سواء بتعزيز ما موجود من هذه العوامل او نبش التاريخ القديم لبعث ما اندثر منها مثل الخلافات العرقية والطائفية سعيا لتفتيت جغرافية الأوطان ليتحول  الى حيازات  واقطاعات ومناطق هيمنة ونفوذ عرقي  او طائفي  او قوماني متطرف مشعلا نارا تحرق الأخضر واليابس وتضحي بالمصالح الوطنية والقومية على مذبح الطائفية  والقومانية  بدعوى الدفاع عن  ورفع مظلومية  الطائفة والقومية وحتى العشيرة.
ومن بؤر التوتر والاحتقان ما أصطلح على تسميته بالنظام الفدرالي في العراق حيث السعي الى فدرلة العراق الموحد قسرا  وليس وبقوة القانون ومتطلبات الواقع!!!
ان إقرار مبدأ الفدرالية في ضع غير ناضج وفي ظل احتقان عرقي وطائفي وتحت وصاية الاحتلال  ونيران حرائق الارهاب بالإضافة الى عدم وجود دستور مكتمل ولا قوانين كاملة التشريع  بلاضافة الى تدخل قوى إقليمية في شؤونه إنما ينذر بخطر كبير وشر مستطير في عراق اليوم والمستقبل.
إننا نسمع ونلمس العديد من الدعاوى والمشاحنات والاحتقانات حول ما يدعى بالمناطق المتنازع عليها في شمال الوطن ووسطه مرة من   الحالمين بجمهورية كردستان او أنبارستان او كربلاءستان والحبل على الجرار،وكان الوطن قد وضع على مشرحة التقطيع والقسمة والشرذمة بين  الطوائف والقوميات والأديان والعشائر حتى قبل ان  تكتمل سيادته وخلاصه من براثن  الارهاب والاحتلال وواقع  الضعف والاختلال، كصراع  أشقاء على  تقاسم غرف دار أبيهم قبل ان يطردوا منه  عصابات النهب والسلب وتخليصه من هيمنة الطفيليين  والطارئين والطامعين  ويحكموا  سياجه الحامي مما سيؤدي الى ان يتهدد بناءه على  رؤوسهم جميعا او يتمكن منهم الأغراب  ويطردونهم خارجه.
لذا فان أجراس  الخطر تنذر بحرب واحتراب بين  القوميات المختلفة وبين  شراذم القومية الواحدة  والدين الواحد والطائفة الواحدة  سعيا للزعامة  والانفراد بالسلطة والاستئثار بالثروة وما حصل ولازال يحصل في كردستان العراق  بين  الحزبين الكرديين خير مثال على ذلك؟، وربما ماهو  أسوء واشد مرارة ويضيع الوطن والمواطن  ان لم  يتم الكف عن هذه الدعوى السخيفة والخطيرة  والعمل بحرص  وبروح الوطنية العراقية  المخلصة من اجل وحدة وسلامة الوطن، فصوت العقل يقول:-  انبذوها فإنها نتنة.

248
في يوم الصحافة
الى الماء يسعى من يغص بلقمةٍ
حميد لفته
تصدر البيانات وتقام الاحتفالات وترفع رسائل الاحتجاج والنقد في كل العالم ضد السلطات القامعة او المعرقلة او المعوقة لعمل او حرية الصحافة والصحفيين حيث تقاس ديمقراطية اي بلد بمدى حرية الصحافة والصحفيين في هذا البلد باعتبار ان الصحافة صاحبة السيادة كما يسمونها هي الرقيب الأكثر فعالية وأثرا في العالم والعين المفتوحة لمراقبة السلطات وما يتعرض له الإنسان من القهر او التجويع وتقييد حريته والصوت القوي ضد الفساد ومظاهر التجويع والترويع وتلوث البيئة ومنبر كل المظلومين والمضطهدين في العالم ونتيجة لذلك فقد تعرض الصحفيين للملاحقة والمطاردة والقتل والتهميش والإبعاد نتيجة قيامه بهذه المهمة الإنسانية الكبرى فتنطبق عليه مقولة (( من راقب الناس مات هماً)).
ان يتعرض الصحفي لمثل هذه الممارسات من قبل السلطات من الترهيب كذلك يتعرض الى امتحان الترغيب حيث تشترى الأقلام والأفكار وتدبج المقالات والدراسات بثمن مدفوع وامتيازات يحلم بها الصحفي المشاكس لأرباب السلطة والجاه والمال والمنحاز لهموم الناس.
ولاشك ان النقابة هي المنظمة المهنية التي يسعى ويعمل المنضوين تحت أية مهنة من اجل قيا مها وتأييدها لكي تعبر عن طموحاته وآماله وحقوقه وتنبري للدفاع عنه في حال تعرضه للظلم وللمسالة الغير مشروعة من قبل السلطات.
ولكن هذه المنظمات قد تتعرض كغيرها من الأهداف والمنظمات الى الاختطاف من قبل قراصنة المنظمات المهنية والديمقراطية حتى في عصر والعولمة والديمقراطية ومن هذه المنظمات تعرضت نقابة الصحفيين للقرصنة في عرض المحيط الديمقراطي العراقي الهائج والمتلاطم الأمواج، وأصبح الصحفيين العراقيون ينظرون بألم وحسرة وعجز تام لنداءات نقابتهم ((المقرصنة)) الباحثة عن ((سوبر)) صحفي مخلص او من يدفع الفدية عنها وعن مئات الأضابير لزملائهم من الصحفيين المحجوزة والمرتهنة في عنابر مقر النقابة لتكون أهلا للقلب صاحبة السيادة وربت الشفافية والمضاد الفعال لبيروقراطية والروتين والفساد ،حيث ان عراق اليوم بأمس الحاجة لمثل هذه النقابة لتخوض عباب بحر البناء القاسي صوب الديمقراطية الحقيقية والتطور والحرية وكسر عصا الديكتاتورية والاستبداد، فان كان ظلم الحكام او السلطات وعصابات النهب والفساد والاستبداد للصحفي معروفة الدوافع والأهداف والغايات وقد اختار الصحفي الحر طريق مشاكستها ومقاومتها عن طيب خاطر، ولكن ان يأتي الغبن والتهميش والظلم من ((نقابته)) فهو أمر يثير الرفض والقرف والتساؤل والاستغراب وهنا يجد هاوي المتاعب ورافض الإغراءات حاملا قلمه رمحا يكاسر به عصي الظلم والظلام بلا درع يحميه ولا مأمن يأويه ولا دواء يشفيه فيصدق عليه القول ((الى الماء يسعى من يغص بلقمة فإلى أين يسعى من يغص بماءِ)).
نقول إلا يجدر في مثل هذا اليوم ان يعقد السيد النقيب اجتماعا موسعا مع صحفيات العراق وصحفييه والاستماع الى شكاواهم وتساؤلاتهم واعتراضاتهم بصدر واسع بسعة رب الشفافية والسيادة بدل ان تتناثر شكاويهم واتهاماتهم واعتراضاتهم على صفحات الصحف ومواقع الانترنيت؟؟؟؟

249
((العامل والعمال والأدباء))
حميد لفته
بمناسبة الأول من أيار عيد العمال  العالمي ولإيضاح  الدور الفاعل   للمثقفين الثوريين  وخصوصا الأدباء والشعراء والفنانين في عموم  العالم  أمثال  اراغون  وبابلو نيرودا  وناظم حكمت  ولوركا وبول ايلوار وديستوفسكي  ومايكوفسكي  وجورج امادو  وغيرهم  الكثير وفي العراق خصوصا  أمثال  عبد الوهاب البياتي  والسياب  وسعدي يوسف ومظفر النواب والجواهري ومحمد صالح بحر العلوم  وغيرهم الكثير  في دعم ومساندة وتبني قضية الطبقة العاملة  مدركين لدورها التاريخي  في خلاص وتحرير  نفسها وكل  بني الإنسان  من عبودية  راس المال والتخلص من أحكام واستعباد الضرورة للعيش  في حيز الحرية الحقيقية في عالم  مرفه  امن   متضامن سعيد  ،عالم اشتراكي يصون كرامة الإنسان أينما كان  وبغض النظر عن العرق والجنس  والقومية والدين ومن هؤلاء الأدباء  الأديب والكاتب والشاعر العراقي الكبير  الذي رحل عنا في هذا العام الفقيد  ياسين طه محفوظ حيث  نقتبس بهذه المناسبة قصيدته الرائعة ((عامل..وعينانالحياة،)) التي تحكي معاناة العامل  العراقي  وهو  يواجه قساوة وضراوة حياة الكدح والاستغلال ولكن  آماله تظل  متأججة  وإيمانه بانتصار قضيته  لا يتزحزح نشرت هذه القصيدة للراحل ياسين طه حافظ قبل  (50) عاماً  في مجلة الطليعة التي يصدرها اتحاد طلبة كلية التربية العدد الأول  السنة الثانية  تشرين الأول 1959 ((مطبعة شفيق- بغداد ))
يسرنا  ان تكون هذه القصيدة الرائعة والجميلة للفقيد وقد غادرنا هذا العام بعد (50) عاما من كتابتها لتكون هدية للطبقة العاملة العراقية في  عيد العمال العالمي حيث  لم تزل الطبقة العاملة  والشعب العراقي يردد معه((فأنني رغم العناء.. رغم قسوة الحياة ، مازال لي شيئان: الحب والأمل))، فالطبقة العاملة تستطيع بقلبها العامر بالحب دوما لأبناء وطنها دون تمييز في الجنس واللون والدين او القومية ان تعزز أمل كل أحرار العراق للتخلص من كل  أشكال ومظاهر الاحتلال  والاستغلال ونبذ المحاصصة الطائفية والعرقية وبناء العراق الحر الديمقراطي الموحد، فكل تاريخ الشعوب ومنها تاريخ كفاح الشعب العراقي تثبت ان الطبقة العاملة  هي الطبقة  ذات المصلحة الحقيقية  في إقامة النظام الديمقراطي ألتعددي وهي الطبقة الأجدر والأقدر   لحمل راية الكفاح من اجل الحرية والعدل والمساواة والسلام والدفاع عن سيادة وحرية الوطن والوقوف بصلابة  ضد كل القوى الطامعة في ثروات الشعب من قوى الاحتكار والاستغلال الرأسمالي وخصوصا في عصرنا الراهن حيث يقع وطننا وشعبنا  بيت براثن الرأسمال العالمي المتوحش المسلح المتخادم والمتناغم مع قوى البرجوازية الطفيلية التي عملت ولازالت تعمل  على تدمير وتفكيك البنية التحتية  للصناعة والزراعة ليتحول  العراق الى سوق مفتوح أمام  السوق الرأسمالي ومستودعا لكل نفايات العالم  بينما مصانعنا ومعاملنا  يتاكلها الصدأ  وتتاجر بها أيدي المهربين والمخربين دون اي وازع  من ضمير او الشعور بالمسؤولية الوطنية فتتحول ارض السواد الى مستورد للماء والطماطة والخيار وتتحول ارض الذهب الأسود  البانزين والكاز والنفط الأبيض من دول الجوار، لتتحول ارض السلام الى ساحة ، أوت كل ضواري الأرض  ليفترس بعضها بعضا وليكون ابناء العراق  حطبا ووقودا لحرائقهم وحروبهم وأطماعهم في نهب ثرواته وتقاسم خيراته.
ولكنني((رغم العناء...وقسوة الحياة ،  مازال لي شيئان:-
الحب والأمل)) فهيا للبناء والأعمار والعمل و((حي على خير العمل حي على خير العمل))
حميد لفته -العراق

((عامل .. وعينان خضراوان*

                                       ياسين طه حافظ
عيناك خضراوان،
يا حبيبتي عيناك خضراوان....،
وحيرتي جافية تقبع في طريقي
الطويل
تسد كل باب،
تؤلمني.. تشل كل نظرة
ارفعها إليك
فأنني....
أواه هل تدرين؟
عامل أنا!
أعود في المساء متعب العينين
متعب الذراع
ظامئا أعود في المساء
لبيتنا المطفأة الأضواء  فيه
من زمان..
لامي الراعشة اليدين،
لصورة واحدة تعيش في الظلام،
لمقلة قد اطفيء الوميض في قرارها
وماتت الألوان...
              ***
أعود في المساء
يا حبيبتي،أعود في المساء
وانت في طريقي الطويل
جميلة العينين يا ربيعي الصغير!
أعود يا حبيبتي
لحجرة داست على أكتافها السنين
لأمسح التراب عن فانوسنا
المنعقد الجبين،
أصبت في الزيت...أوقده!
أمي لا تعبأ بالضياء !
حياتها ظلام !
حياتها ظلام !
عشر سنين لم تر الشروق
لا الضحى.. لا حمرة الشفق !
والنور،
يا حبيبتي، قد عاد في خيالها
ذكرى...
من الصباح للمساء
تقبع في العباءة المنهوشة الأهداب
إنسانة وحيدة تحيطها الظلمة والخراب
تظل بانتظار
عودة ذاك العامل المتعوب في المساء
يمنحها ابتسامة.. أواه لا ترى ابتسامته !
أواه لا تراه !
لكنها تفرحها خطاه
وتنبع الفرحة في فؤادها الذابل
إذ يقول كلمته..
            ***
أعود في المساء،
يا حبيبتي، أعود في المساء متعبا
ثقيلة خطاي
لامي الراعشة اليدين...
تضمني..تمنحني القبل،
تظنني..ذاك الفتى في شعره
المرسل في عفوية  تفرح كل قلب..
تظنني ذاك الفتى الدافق بالحب والمرح..
تظنني..
ذاك الذي كانت تراه
قبل ان تودع البصر
وقبل ان يزول من سمائها القمر..
أواه لا تدري!
لغبرة تملأ محجري بالجفاف والأسى
أواه لا ترى التراب والعنا
قد حفرا في ذلك الوجه الذي
تعرفه من قبل ان تودع البصر
وكدسا في قلبه التراب
والشوك والجراح والكدر...
                 ***
لكنني أعود في المساء
لبيتنا المطفأة الأضواء فيه
من زمان..
أعود في المساء
أمر من هنا..أمر من هناك..
لعلني أراك،
يا حبيبتي ، لعلني أراك..
أوزع النظر
أرقبك الجميلة العينين في طريقي
الطويل
وانثر الطريق تمتمات:
(( عيناك خضراوان،
يا حبيبتي ، عيناك خضراوان...))
فأنني رغم العناء.. رغم قسوة
الحياة،
مازال لي شيئان:
الحب والأمل
وكلمة جميلة الإيقاع لا تمل:
حبيبتي !

3-5-1959))
                                  ــــــــــــــــــــــــــــــــ
محمد صالح بحر العلوم
مقاطع من قصيدته الرائعة :-
     أين حقي؟
من فقير الشعب بالقوة تستوفى الضرائب
وهو لم يظفر بحق و يؤدي الف واجب
وعليه الغرم و الغنم لسراق المناصب
ويسمى مجرما إن صاح فيهم أين حقي؟!
***********************   
أيها العمال هبوا و أرفعوا هذي البراقع
عن وجوه ما بها غير عاب ومصـــانع
و إصرفوها عن عيون عميت عن كل واقع
و تراني صادقا عنها بقولي: أين حقــــــي؟!
  ***********************
أيها العمال أين العدل من هذي الشرائع
أنتم الساعون و النفع لأرباب المصانع
و سعاة الناس أولى الناس في نيل المنافع
فليطالب كل ذي حق بوعي : أين حقي؟!



250
بمناسبة الأول من أيار عيد العمال العالمي
 (الطبقة العاملة العراقية ماضيها وحاضرها وآفاق المستقبل)(1-10)
بقلم حميد لفته
كيف دخل الأول من أيار التاريخ ؟؟؟ ج(1)
***********************************
(عندما زار أنجلس مدينة مانشستر عام 1842 وجد  350 ألفا من ا لعمال المستضعفين المحشورين في بيوت رطبة متهدمة قذرة يستنشقون فيها هواء يشبه مزيجا من الماء والفحم.وفي المناجم رأى نسوة نصف عاريات يعاملن معاملة أحط البهائم وكان الأطفال يمضون يومهم في أنفاق مظلمة حيث كانوا يستخدمون في إدارة وسائل التهوية البدائية وفي غيرها من المهمات العسيرة.(1)
إما صناعة الجلد فان استثمار اليد العاملة بلغ حدا كان فيه أطفالا في الرابعة من عمرهم يعملون بدون اجر فعلي)(2)
 نتيجة لمثل هذه الأوضاع المأساوية التي تعيشها الطبقة العاملة الأمريكية خاضت نضالات  عنيفة ومتواصلة من اجل نيل حقوقها ففي ( في عام 1886 أعلن ألوف العمال في شيكاغو في الولايات المتحدة الأمريكية  الإضراب العام احتجاجا على ظروف  العمل القاسية  التي كانوا يعانون منها،ونزلوا الى الشارع  بتظاهرات ضخمة  مطالبين  بتحين  شروط العمل وبيوم عمل من 8 ساعات  وقد اتسع الإضراب  فشمل جميع المؤسسات  الصناعية ومؤسسات  النقل  وعلى الفور أرسلت  الحكومة الأمريكية  عميلة  الاحتكارات  جنودها  لقمع الإضراب  فسفكت دماء بريئة  واستشهد عدد  من العمال )(3).
وقد دست الحكومة  مجموعة من العملاء والجواسيس داخل المظاهرة  تمكنت من إلقاء متفجرات تسببت في مقتل بعض الناس مما أعطى  المبررات للسلطات  باعتقال عدد من العمال ومحاكمتهم  والحكم على عدد منهم بلاعدام او السجن  لسنوات طويلة.وقد اظهر  القادة العمال  النقابيون  صلابة  كبيرة وهم يواجهون  الإحكام  الجائرة الصادرة من قبل  قوى الرأسمال  حيث قال العامل ((لينغ))" اني احتقركم واحتقر قوانينكم وسلطاتكم  المبنية على القوة فاشنقوني من اجل هذا) (4)
وقال العامل (انجل)(( هل بإمكان احترام حكومة  تمنح حقا لطبقة ممتازة وتمنعه عن الطبقة العاملة ؟ ليس بوسعي  احترام حكومة  من هذا النوع)(5)
وقد قال العامل شواي (( أنا اعلم  ان هدفنا  لن يدرك  هذه السنة ولا السنة القادمة ولكن سيدرك في يوم من الأيام )) (6)
أعيدت محاكمة العمال بعد سنتين  من صدور  الإحكام  بعد ان اعترف احد الجواسيس بما قام به  مدفوعا من سلطة الرأسمال بعد ان لم يتمكن من الصمود أمام تأنيب الضمير  تم تبرئة العمال ومن  الملفت ان هذا التأنيب الذي لم نجد له مثيلا  في ضمائر ووجدان جواسيس الدكتاتورية في العراق جزاء ما اقترفوه من أعمال القتل والقهر والتعذيب وافتعال الأحداث وتلفيق التهم  وشهادة الزور  ضد القوى المناضلة  لنيل حقوق الطبقة العاملة والمكافحة من اجل الحرية والكرامة الوطنية.
وقد جرت الاحتفالات  بلأول  من أيار عام 1889 في ألمانيا والإمبراطورية الهنغارية وفرنسا وايطاليا وبلجيكا والسويد وأقطار أخرى وكان من  ابرز شعارات هذا الاحتفال ياعمال العالم اتحدوا)(7).
(وفي المؤتمر الاممي بباريس تقرر القيام بمظاهرة أممية كبرى في يوم معين يبقى ثابتا كل سنة  ليتسنى  للشغيلة في كل ألأقطار والمدن  مطالبة السلطات الاجتماعية  بتحديد يوم العمل بثماني ساعات)(8)
وبعد ذالك  اخذ العمال في العالم  الاحتفال  بيوم الأول من أيار كل حسب ظروفه من يحتفل بالسر  ومن يحتفل بالعلن وقد اعتمد الأول من أيار عيدا للعمال في أكثر دول العالم في الوقت الحاضر ومنها العراق والذي يطالب عمال وأحرار العراق من كل الطبقات  والشرائح الاجتماعية ان يكون عطلة رسمية.
وصف مختصر  لوضع الطبقة العاملة  البريطانية كنموذج لوضع الطبقة العاملة في ظل النظام الرأسمالي  في بداية النهضة الصناعية ج)2)
**********************************************************************************

نظرا  لتطور صناعة الغزل والنسيج في بريطانيا  والحاجة الماسة للأصواف  التي أصبحت تدر ربحا وفيرا  على أصحاب الأراضي  إضعاف  ما يحصل ون عليه من الإنتاج الزراعي  فعمدوا الى تحويل أراضيهم الى  مراعي واسعة وطرد الفلاحين الفقراء من الأرض ( تم طرد 15000 نسمة بضمتها 300 عائلة فلاحيه وتم  تدمير وحرق جميع قراهم وتحويل جميع حقولهم الى مراع ،وأرسل الجنود الانجليز للتنكيل بهم فبلغ الأمر بهم حد  خوض معارك حقيقية ضد السكان المحليين وقد احرقوا عجوزا في كوخها بالذات لأنها رفضت مغادرته ) (9 )
((ولم يستطع  أولئك الذي انتزعوا فجأة  من نمط  حياتهم  الأليف  ان يتعودوا بنفس هذه المفاجأة على ضبط وضعهم الجديد فصاروا بالجملة فقراء وقطاع طرق متشردين إما بدافع الميل وإما في معظم الحالات تحت ضغط الظروف ولهذا أصدرت في أواخر القرن الخامس عشر في سباق القرن السادس عشر كله جميع بلدان أوربا الغربية قوانين دموية ضد التشرد .ان آباء الطبقة العاملة الحالية  قد تعرضوا قبل غيرهم  للعقاب لأنهم حولوا الى متشردين وفقراء وكان القانون يعتبرهم مجرمين ((متطوعين)) انطلاقا من الفرضية الزاعمة ان كان بوسعهم -إذا ما رغبوا- ان يواصلوا العمل في ظل الظروف التي زالت من الوجود) (10)
(بموجب مرسوم هنري الثامن الصادر في  1530 يحصل المتسولون والشيوخ والعجزة إذنا بالشحاذة ، إما المتشردون الذين لا يزالون قادرين على العمل فقد تقرر لأجلهم عكس الأولين الجلد والسجن وكان يجري ربطهم الى عربة وجلدهم الى ان يسيل الدم على أجسادهم سيلا متواصلا وبعد ذلك ينبغي اخذ يمين منهم  بالعودة الى مسقط رأسهم وفي حالة العودة الى التشرد كان يتكرر الجلد  وتقطع نصف الإذن إما إذا ضبط  المتشرد للمرة الثالثة فكان يعاقب بالإعدام بوصفه مجرما خطيرا وعدوا للمجتمع) (11)
 يقول توماس  مور(من عداد هؤلاء المشردين الذين أرغموا حقا  وفعلا  كما قال توماس مور -على احتراف السرقة  اعدم في عهد هنري الثامن 72000 شخص وفي زمن ايزالبث كان يشنقون المتشردين صفوفا كاملة ولم تكن تمضي  سنة دون ان يشنق في هذا المكان او ذاك 300 او 400 شخص)( 12)
ان قيمة ما يحصل عليه العامل  من قيمة غذائية خالصة لا تحقق غير 515 سعره حرارية علما بان العامل  في الإعمال الشاقة كالحفر والبناء يحتاج يوميا الى 4500 سعره حرارية كحد أدنى) ص69العامل العادي يحتاج الى 300 سعره حرارية على ان يحتوي هذه الكمية على مائة غرام بروتين ثلثها على الأقل بروتين  حيواني ومائة غرام من الدهن هذا بخلاف الفيتامينات والأملاح  والمعادن المطلوبة والمعادن المطلوبة لحياة الجسم وبناءه) (13).
 فما بالك ان أكثر من 30 % من أبناء الشعب العراقي يعيشون على اقل من دولار يوميا كما ذكر ذلك النائب الدكتور مهدي الحافظ وزير التخطيط السابق في حين يبلغ ما يتقاضاه السيد النائب  ومن هو أعلى  وأدنى منه  من النواب والوزراء ومن لف لفهم  ما يزيد على ألف دولار باليوم الواحد علما ان كيلوا اللحم  يساوي ما يعادل ما يزيد على ستة دولارات فتصور ما يمكن ان يأكله ال30% من أبناء العراق  وهم  يجلسون  على بحيرة من النفط.
ومن الجدير بالذكر  ونحن نتكلم عن الطبقة العاملة التي لم تتسلم مقاليد السلطة السياسية طوال تاريخ كفاحها ضد قوى راس المال في بلدانها وفي عموم العالم باستثناء فترة محدودة  أيام كومونة باريس،إما عدى ذلك فقد كانت ولازالت أنظمة الحكم التي تدعي تمثيل الطبقة العاملة إنما حكمت وتحكم بالنيابة او بالوصاية عن العمال وهذا هو احد أسباب فشل وتعثر أكثر التجارب((الاشتراكية)) في العالم وفي كل بلد من بلدانه،ولسنا بصدد التفصيل في هذا الأمر.
ولا نظن إنا نقول جديدا او غير معروف بعد ان أشار العديد من قادة هذه التجارب ومن أبرزهم  لينين الى هذه الحقيقة ولكن تضافر جهود العديد من العوامل الذاتية والموضوعية منها شراسة الصراع في الداخل والخارج ضد بلدان المعسكر(( الاشتراكي)) حالت دون تصحيح المسار وتهيئة الظروف كي تمارس الطبقة العاملة دورها القيادي المفترض للدولة الاشتراكية لتكون  طبقة  واعية لذاتها كما هو حال الطبقة البرجوازية في بلدان الرأسمالية في العالم حيث تقود كطبقة واحدة موحدة حينما تواجهها مخاطر أعداءها الطبقيين  المتمثلين بالعمال الواعين،مما اكسبها الكثير من عوامل القوة والتجدد والاستمرار في الحكم رغم كل تناقضاتها،ولكنها بالتأكيد لم تكن مكتوفة الأيدي لتقاد الى قبرها(( المعد)) سلفا بحتمية تخديرية غالبا ما يتكأ عليها المتكاسلين والمترددين البائسين واهمين ان الحتمية التاريخية ستوصلهم الى جنتهم الموعودة,
الطبقة العاملة العراقية-نموذجا للطبقة العاملة في  بلدان العالم((الثالث))ج(3)
***************************************************************
النشأة والتطور
******************.

ان الكثير من الوثائق  والمؤرخين  عراقيين وأجانب  تشير الى حداثة الطبقة العاملة  العراقية  حيث لم تكن في مطلع القرن  العشرين غير مجموعة من الحرفيين في مشاغل مانيفكتورة لا تتعدى  العديد من أنوال الحياكة اليدوية  وخصوصا في بغداد  والموصل تهتم في صناعة الخيام وبعض العباءات للرجال  والنساء  من الصوف او الوبر بالإضافة الى صناعة الأحذية ودباغة الجلود وبعض الصناعات الحرفية كالصياغة وحدادة أدوات الزراعة والنجارة والتي غالبا ما يكون  رب العمل ((الاسطه))  يزاول العمل بنفسه بالإضافة الى عمال ((الكور)) لصناعة الطابوق لإغراض البناء بأساليب بدائية بسيطة ( ان الحركة العمالية ففي العراق  البلد المستقل  متخلفة عن بقية الأقطار العربية لمجاورة التي تعاني من الظلم والاستغلال الاستعماري)وان نسبة  العمال قليلة  جدا قياسا  للدول المجاورة بالقياس الى عدد السكان (14)
البلد            النفوس عام 30- 1931                       عدد العمال                     النسبة
العراق            000و285و3                                  55000-65 ألف            2-2،4 %
سوريا             000و831و2                                  250 ألف                         9%
فلسطين           000و0و035و1                               90000 عامل                9%

تعرضت هذه الصناعات  والأعمال  الى الكساد والتدمير بسبب ما مربه العراق  وحواضره وخصوصا بغداد والموصل ولبصرة بعد سقوط الخلافة العباسية وتوالي السيطرة  على بغداد  من قبل قوى ودول  وأقوام  بربرية  متخلفة ومنها آل عثمان  وسيطرتهم التي دامت لمدة طويلة الى حين  موت هذه الإمبراطورية المريضة وانتقال العراق لسيطرة  الإمبراطورية البريطانية رائدة الاستعمار الجديد سنذكر  الكوارث  والماسي  التي تعرض لها العراق وحواضره وأريافه من الخراب والقتل والأمراض  الفتاكة  وموجات الفيضانات المدمرة لدجلة والفرات واقتتال الإخوة فيما بينهم وغزوات البدو  على أطراف  المدن  وما تعرض له  من السلب والنهب والتخريب
(فمثلا في عام 1831 انتشر في بغداد وباء رهيب كان يقضي في ذروته وحسب شهود عيان على أكثر من ألف  شخص يوميا ولم تكاد الأمور تهدأ بعد هذا الخراب حتى يفجر دجلة ضفتيه واغرق المدينة  وهدم حوالي ثلثي بيوتها ودفن تحت الأنقاض 15000 ألف شخص  في ليلة واحدة ونتيجة لهذه المحنة المركبة تناقص سكان بغداد في أربعة أشهر قصيرة من حوالي 80000 الى 27000 نسمة وكان هذا يعني من الناحية الاقتصادية انخفاضا حادا في عدد المستهلكين وفي قدرة السوق المحلية على الاستيعاب ولكن الأهم  هو اختفاء حرف عديدة )(15)
ولكن بعد عدة سنوات  أخذت تدب تدريجيا الحياة في العمل  نظرا  لمتطلبات قوى الرأسمال العالمي الاستعماري وخصوصا الانكليزي  لحاجتها الى مشاريع  نقل وقلاع تمركز  ومورد الغذاء وأيدي عمل رخيصة  لخدمة مخططاتها فكانت من أولى  هذه الطلائع العمالية  في مجال سكك الحديد وخصوصا سكك حديد بغداد برلين ،ومن ثم بدأت إعمال التنقيب والبحث واستخراج البترول ونهم هذه الشركات الاحتكارية من مختلف الجنسيات وخصوصا البريطانية  لاستغلال  الثروة البترولية  الهائلة  في العراق  مما جعل هاتين المجالين  السكك الحديد ((النقل)) واستخراج  واستثمار البترول الموقع الأول في حركة العمل في العراق  وازدياد  أعداد العمال  الماهرين وغير الماهرين وهنا يشير الجدول التالي  الذي يبين  عدد العمال  الذين يتمركزون في عدد المشاريع الهامة  سنة 1929-1930(16)
المشاريع                                                         عدد العمال
----------                                                       ------------
1- السكك الحديدية                                          6000 عامل
2- ميناء البصرة                                                800- عامل
3- شركة نفط العراق                                         2400 عامل
4-شركة نفط خانقين                                         1100 عامل
5- جمعية تنمية القطن الانكليزية                            150 عامل
6- معمل نسيج                                                100 عامل
وهذا التطور رافقه أيضا العمل المضنييع البناء وشق الطرق ودور الترفيه لأصحاب المال والجاه وخصوصا من أصحاب رؤوس الأموال وأرباب الشركات الاحتكارية والإقطاعيين والتجار وسماسرته في الداخل ومن كل هذا يخلص المتتبع  للوضع المزري للطبقة العاملة  من حيث قلة عددها وقلة أجورها وظروفها المعايشة الصعبة فقد بلغ اجر العامل خمسة قروش قبل الحرب العالمية الأولى.... ولم تكن هناك حدود ليوم العمل  المضني سوى شروق الشمس  وغروبها في اغلب الأحوال... ولا أية قاعدة ثانية لتحديد الأجور سوى المنافسة الحرة  التي تدفع بالعمال دوما الى حضيض الفاقة والبؤس(17).
وكما يذكر كوبرمان في دراسته(( ينهض العامل كالطير ويطير من عشه كي يحصل على رغيف الخبز  الممزوج بالرماد  وهو ملزم بانجاز عمله تحت أشعة الشمس المحرقة حتى الغروب ويستلم عن يوم العمل هذا غير الأجر الزهيد البالغ 33 فلسا))  (18)
وعن وصف الطبقة  العاملة العراقية  ونشأتها يقول ماجد لفته ألعبيدي في دراسته(( لقد نشأة  الطبقة العاملة العراقية بشكل فوقي مشوه كتعبير عن حاجة الرأسمالية البريطانية من مجتمع زراعي ثم احتلاله  على خلفية سقوط الإمبراطورية العثمانية وكانت تسوده العلاقات الأبوية القبلية على صعيد الريف فيما تسود المدينة  علاقات ما قبل الرأسمالية حيث الإنتاج اليدوي الحرفي)) (19) مقال بعنوان الطبقة العاملة  العراقية  بين تعقيدات الماضي وإشكاليات  المستقبل في 1-5-2006)
وها هو التاريخ يعيد نفسه  ولكن بأكثر قتامه وقسوة وهمجية حيث يأتي الاحتلال الأمريكي  البريطاني المشترك هذه المرة ليحل محل ديكتاتورية غاشمة  سبق وان أتت بقطار أمريكي اسود في 63و1968وماهو أدهى ان الولايات المتحدة أعادت العراق الى ما قبل 1920 من حيث تدمير بناه التحتية الاقتصادية والثقافية  والاجتماعية لا احد يستطيع ان يخمن كم هو عدد سكان بغداد سيكون بعد ان تتخلص من الاحتلال وقوى الإرهاب وكابوس الاقتتال الطائفي وفقدان الخدمات والإمراض الفتاكة..و...و.
من الأرقام التالية يستطيع ان نرى الشبه بين الماضي الاستعماري المندثر والاستعمار الأمريكي الحاضر من خلال مقارنة إعداد  الموظفين  والشرطة في مؤسسات  الدولة مقارنة بعدد  إفراد الشرطة بعدد العمال

السنة             عدد الموظفين                             عدد النفوس           عدد أفراد الشرطة
------           ---------------                          ------------                ---------------
1931          3143                                      4,564                       4,564
1958          20031                                    6 مليون
عام                   العمال
-----               ----------
•1927              1639
•1957             3872
1920 عدد الشرطة 2470
1958 عدد الشرطة23383
ومن ذلك نستطيع ان نستنتج مدى اهتمام المحتلين والسلطات التابعة لهم  بقوة القمع في الوقت الذي يزداد عدد الشرطة حوالي عشرون ألفا لا يزداد عدد الموظفين والعمال أكثر من ألفين او  أدنى من ذلك وقد كان معدل الأجور كما يذكر حنا بطاطو ج1 ص166((معدل الأجور 75 فلسا عام 1926 56فلسا في 1930 و50 فلسا 1935 و1937) وربما يترحم العمال على الوصف الماضي رغم  مأساويته وتخلفه لان عمال العراق الآن يرزحون تحت ليل البطالة وخراب منشاتها ومعاملها الصناعية.
لقد تطورت الطبقة العاملة العراقية عدديا ونوعيا وخصوصا بعد  الرابع عشر من تموز وما تلاها نتيجة  لإنشاء العديد من المصانع والمعامل والمنشاة الزراعية وبدأت حركة عمرانية كبيرة  بالإضافة الى ازدياد عدد نفوس العراق من  حوالي  ستة ملايين عام 1958 الى أكثر من 25مليون إنسان في الوقت الحضر  ويقدر عدد العمال  بما يقرب  السبعة ملايين فرد .
(خلافا لكل المتنبئين بتحول الطبقة العاملة الى جمهور هلامي مفتون بالاستهلاك ،يدرك المحافظون ان الطبقة العاملة تبقى في نظرهم ،مصدرا محتملا للخطر الدائم وان المعركة في سبيل كسب هذه الطبقة عقلا وقلبا،معركة شاقة وضرورية دائما )(20)
كل هذا يجعلنا نؤمن إيمانا كاملا ان الطبقة العاملة لازالت تحتل دور القطب الفاعل في عملية الحراك الاجتماعي في عصر العولمة الرأسمالية  وما الاعتصامات  التي قام بها عمال نفط الجنوب والعمال العاطلين  وعمال الكهرباء وغيره إلا مثالا  بسيطا على ذلك وليس  بعيدا عنا اعتصام وتظاهرات عمال المحلة الكبرى في مصر.
وهذا مما يعطي لقوى اليسار  دعما كبيرا وقاعدة اجتماعية فاعلة إذا استطاعت ان تتلمس الأساليب والطرق الأكثر فعالية  في كسب ود العمال وثقتهم  وإيمانهم بقضيتهم دون  هيمنة او وصاية,وقبل كل ذلك هناك إمكانية لبناء نقابات واتحادات عمالية قوية وفاعلة.
بدايات العمل  النقابي  لعمال العراق ج(4)
**********************************.
ماهي النقابات؟
**************.

(النقابات هي منظمات موحدة كبقية المنظمات تحتم استيعاب كل أبناء الطبقة ففي وعائها ولا تستثني أية فئة او جماعة عمالية من إطارها بسبب التباين الفكري والسياسي  او الانتساب القومي وهي مطالبة بان تدافع عن كل العمال وتحتضنهم وتوحد صفوفهم وتذود عن مصالحهم،... والحركة النقابية حركة ذات طبيعة ديمقراطية، تقدمية تكافح ضد الاستغلال الرأسمالي وضد القوانين والأنظمة الجائرة وضد سياسة الإرهاب وأساليب البيروقراطية)(21)
( أول تجربة لان ينظم العمال أنفسهم كان في نهاية 1924 من قبل جماعة من عمال السكك الحديدية والذي يشكلون اكبر مجموعة من حيث التركيز (أكثر من 800 عامل عام 1924) حيث طلب عدد منهم من الحكومة  إجازة  فتح نادي لعمال السكك الحديدية (22)
في( 1928-1929) تبدل  الوضع السياسي وان عاصفة  ثورية عمت البلاد بأجمعها وخاصة تلك الفترة بالذات من نهاية عام 1928 وبداية عام 1929 تكونت جمعية حرفي العراق (الاتحاد التعاوني للحلاقين))و(اتحاد عمال الطباعة) يضم عمال للصحف والمطابع الحكومية وفي السنة  التالية  تشكل (اتحاد عمال الميكانيكا) واتحاد السواق وجمعية بائعي المخضرات وقد كانت منظمة الحرفيين  ابرز تلك المنظمات في النضال من اجل حقوق أعضائها وتحسين أوضاعهم تلك  المنظمة التي منع نشاطها من قبل الحكومة مرتين )
(23)
وفي ظل ازدياد  عدد العمال في مؤسسات النقل  وبعض الصناعات الاستهلاكية  مثل صناعة التبوغ والغز ول  والنسيج والجلود  وبقية الصناعات الأخرى، ما تعرض له العمال العراقيون من شتى أنواع الاستغلال والاضطهاد على أيدي أصحاب رؤوس الأموال من وطنيين او أجانب وعدم الاستجابة لأبسط مطاليبهم بالإضافة الى فتح نافذة الاطلاع على العالم  المتحضر والمتقدم في الشرق والغرب الرأسمالي  ودور بعض المتنورين ومناصري حقوق العمال في العراق.
مما بلور لدى إعداد متزايدة من العمال ضرورة  قيام تنظيم نقابي مهني  يهتم  بأوضاعهم وينظم صفوفهم في سبيل  تحقيق مطالبهم وقد كانت الريادة  في هذا المجال لعمال السكك الحديد بقيادة محمد صالح القزاز.
في 21-8- 1934 تهيأ العمال لعقد مؤتمر عمال عموم القطر لانتخاب هيئة جديدة  ووضع منهاج جديد.
في 27-8-1934 استلم القزاز  سماحا بفتح ألاتحاد الممنوع.
في 8-9-1934 اعتقل القزاز مع جماعة  من الشباب  الثوري بحجة أنهم نظموا  خططا  ضد الملك.
ومن المعلوم ان السلطات الحاكمة كانت تستشيط غضبا لأي نشاط عمالي  منظم للمطالبة بحقوقهم في الأجر والرعاية الصحية والسكن اللائقان النضال النقابي هو في نفس الوقت نضالٌ من اجل الديمقراطية ومحاربة الاستبداد ومنفذيه ووسائله(ان الديمقراطية النقابية ترتبط ارتباطا عضويا بالديمقراطية العامة  وتؤثر الواحدة بالأخرى تأثيرا مباشرا لذلك كان من أول واجبات الحركة النقابية النضال في سبيل ترسيخ وتوسيع مظاهر الديمقراطية العامة لأنه لا يمكن ان تديم وجودها  وتستمر بعملها في ظروف انحسار الديمقراطية)(24) .
ولكن غالبا ما تؤثر بعض العناصر الطارئة والانتهازية الموظفة من قبل السلطات الديكتاتورية وأصحاب رؤوس الأموال من القوى المستغلة اي حرف النقابات والاتحادات عن مسارها المهني والوطني  وزجها في  قضايا وفعاليات لا تخدم الطبقة العاملة بل تجر الى المزيد من البلادة  او التطرف اليساري او اليميني على حد سواء( ففي  الوقت الذي تفتقد الحركة النقابية  عنصر الوعي، او يضعف دوره في توجيه أمورها فان هذه الوافدات تجد في هذه الحركة بيئة ملائمة  لتفريخ كل مظاهرها السلبية وآثامها، حيث تسيرها بالطريق الذي تريده  هي ،اليمين او اليسار او تبعدها عن جماهير الطبقة العاملة فتحيلها الى هيكل الى هيكل هزيل عديم القدرة والتأثير في حين  تشتد المشاكل وتتعقد  ظروف العمل  والحياة العامة) (25)
وكذلك من الضروري والهام جدا عدم إخضاع النقابة لأي اتجاه سياسي او تنظيم غير تنظيمها المهني  بحيث تكون قادرة على اتخاذ القرار المستقل  وبما ينسجم معم صالح الطبقة او الفئة الاجتماعية التي تمثلها النقابة او الاتحاد  مما يخضع قراراتها الى توجهات الحزب السياسي الذي صنع النقابة   سواء داخل السلطة السياسية كما جرى مع البعث  في العراق  او خارج السلطة (( ان النقابة  ليست حزبا،ولا جماعة فكرية فلا يصح إخضاعها لاتجاه  سياسي معين ولا إلزامها بتنظيم غير تنظيمها لان هذا الأسلوب من الممارسة النقابية يسحب الخلافات السياسية  والفكرية من صعيد السياسة الى صعيد الحركة النقابية فتتعرض وحدتها وتسيب الأضرار للطبقة العاملة والحركة  الوطنية نفسها)) (26)
وهذا ما تعيشه الطبقة العاملة العراقية بعد تشظي الدكتاتورية  في العراق  حيث تم توزيع المناصب القيادية للاتحاد حسب المحاصصة الطائفية والعرقية كانعكاس  عن نظام المحاصصة في الحكم  او تشكلت  اتحادات او مجالس مصنعة من حزب سياسي معين يدعي ان الممثل الحقيقي والطليعي للطبقة العملة  وكلاهما  في واقع الأمر إنما ينصب نفسه وصيا ووليا لأمر الطبقة العاملة ومن خارج صفوفها  وبذلك يغلقون الطريق أمام العمال لاختيار ممثليهم من العمال  الذين اختبروهم خلال تاريخ الصراع  الطبقي والوطني وحصلوا  على  ثقتهم واحترامهم  كممثلين  حقيقيين وصادقين للعمال.

 
الإضرابات والمظاهرات وإلا عتصامات  التي خاضها العمال العراقيين لنيل حقوقهم ج)5)
************************************************************************

بسبب تعنت السلطات  الحكومية وأصحاب رأس المال للشركات الاحتكارية وعدم استجابتهم لمطالب العمال المشروعة في زيادة الأجور حيث كان يعيش اغلب العمال في حال دون مستوى الفقر والكفاف وطول ساعات العمل المضنية في الإعمال الشاقة  مما بلور  لدى العمال ضرورة المطالبة بزيادة الأجور وبما يتناسب مع توفير الحد الأدنى من العيش  كالمأكل والملبس  والصحة   للعمال وعوائلهم ناهيك عن التربية والتعليم.ومطالبتهم بثماني ساعات عمل  وعدم استغلال المرأة العاملة  والأحداث في الإعمال الشاقة والصعبة والخطرة (( وكان أول شهيد عمالي عام 1920 في 24 -5-1920 وهو نجار اخرس في بغداد شيعته الجماهير في اليوم الثاني ومنحته لقب شهيد الوطن) (27) .
وفي خضم هذا الكفاح فقد خاض العمال في باكورة نشاطهم المنظم بقيادة القزاز قادوا إضرابين لعمال السكك حيث اندلعت في (1930-1931) حوالي(1000)عامل في معامل السكك الحديدية في بغداد في 3-12- 1930 واستمر الإضراب ثلاثة أيام بسبب تقليل الأجور بنسبة 6-10% وانتهى بانتصار جزئي للعمال.
في نهاية شباط 1931 أعلن (1200) عامل الإضراب السكك بدء في بغداد في 5-7-1931 وبعد عشرة أيام عم الإضراب حيث بدا في 15-7-1931 واستمر حتى 19-7-1931.حيث قامت مظاهرة جماهيرية في بغداد وكذلك في البصرة فقد كانت المظاهرة في البصرة  اكبر وتحولت الى صدامات دموية مع الشرطة
قام اتحاد عمال الميكانيك بقيادة القزاز بعد ان تحررت من الموظفين الكبار اللذين انضموا بأمر الحكومة من اجل إفسادها وكان ذلك في عام 1932 وقد جمعت هذه المنظمة  حولها  العمال النشطين والمستخدمين وقد وجد القزاز صلة مع حزب العمال البريطاني وكذلك مع قادة النقابات الإصلاحية في ألمانيا)(28).
5-11-1933 مقاطعة الكهرباء وقد شملت المقاطعة كل مدينة بغداد وقد لعب القزاز ورفاقه العمال النشيطون في منظمة عمال الميكانيك دورا بارزا مما أدى الى اعتقاله وستة من رفاقه بعد مرور (20)يوما في المقاطعة وذلك في 52-11-1933 وأرسلوا الى المنطق الكردية ومنع نشاط الاتحاد وبعد فترة من اعتقالهم وتحت ضغط العمال اضطرت السلطات الى إطلاق سراحهم)(28).

وقد ذكرت المناضلة سعاد خيري أهم هذه المظاهرات والإضرابات  العمالية في كتابها القيم  تاريخ  الحركة الثورية المعاصرة في العراق   من 1920-1958  الجزء الأول لمايلي:-
كان أول إضراب كبير نظم للعمال في بغداد  وهو إضراب عمال السكك في الشالجية سنة 1927 ويمكننالإضراب واهما الإضراب الناجح باكورة  الحركة النقابية العمالية البرولتارية في العراق.
تأسيس أول نقابة عمالية في العراق بعد سنتين من الإضراب أي في 1929 وكانت النقابة وبعد ذلك الإضراب  واهم ثمراته)
-اتصال العمال في وقت مبكر فقد اتصلوا بمكتب العمل أ لدولي .
-في يوم 5تموز 1931 أصبحت بغداد معطلة تماما فقد أعلن الإضراب العم  ولم يستثنى منه سوى موظفو الحكومة )
(وتوسع الإضراب  ومعارك الشوارع بين قوات الحكومة المسلحة وبين الجماهير العزاء  فشمل جميع  مدن وقرى العراق  وسقط  عدد كبير من القتلى  والجرحى  وتميز الإضراب في المنطقة الجنوبية بالسعة والتنظيم وقوبل بأقسى أشكال إلارهاب وخاصة في يوم 16 تموز حيث سقط عدد كبير من القتلى  والجرحى..وكان من ابرز قادة الإضراب في هذه المنطقة  يوسف سلمان يوسف (فهد) وحسن عياش وعبد الجبار حسون.))
وانتقاما لشركة1933 يتصدرون النضال الوطني حيث قامة نقابات  العمال والحرفين  والكسبه في بغداد لمقاطعة شركة  الكهرباء  الاستعمارية في بغداد مطالبين بتخفيض سعر الوحدة الكهربائية الباهظة على المستهلكين وقد قاد عدة الحملة  مجلس نقابات اتحاد العمال في بغداد برئاسة محمد صالح القزاز ولم تتورع الحكومة عن أي عمل لكسر حملة  المقاطعة  فشنت حملة  إرهابية  على  النقابيين وقيادات العمال وزجهم في السجون وأنارت المعابد والمحلات  بالأضواء  الساطعة  بإسراف وبدون مناسبة .... وانتقاما  لشركة الكهرباء الاستعمارية قضت  الحكومة على جميع  منظمات العمال  والكادحين في 2 كانون الثاني 1934)
-كان في مقدمة الإضرابات إضراب  عمال  الموانئ  ((في المعقل))  الاستعماري في البصرة  ان حتى اصطبلات  خيول  الاستعماريين  أحسن معاشا وسكنا من العمال العراقيين فكانت الاصطبلات المبنية من الأجر والمزودة بالمراوح الكهربائية للخيل).
دام الإضمدرسة طبقية فاضطر  العدو الاستعماري  الى التنازل  وإجابة المطالب بما فيها زيادة اوطا من (145)فلسا الى (50) فلسا كحد أدنى)
-إضراب عمال النفط في كركوك منذ  أول تموز 1946 واستمر 13 يوما ..لقد كان مدرسة  طبقية ووطنية  بحق  كما جاء في جريدة -اتحاد الشعب- في 15ر تموز 1946..كان العمال  وتحيطهم جماهير كركوك  يجتمعون يوميا   فيخطبون  بالكردية  والتركية  والعربية وآخرون بالأثورية والارمنية ولكن هناك شيء كان يجمع العمال على اختلاف  لغاتهم  وقومياتهم وهو أنهم عمال )
وقد ورد وصفا ضافيا  لإضراب عمال كاورباغي في الكتاب المذكور يروي آيات من  البطولة  والإقدام والتضحية  لعمال النفط  وجماهير الشعب  معهم  في تحديهم  للسلطات الاستبدادية  وعملاء الشركات  الاحتكارية وقد سقط  العديد  من العمال شهداء في معارك  كاورباغي المجيدة !!!!
- انتفاضة  1948 قامت في بغداد يوم 26 كانون الثاني  1948 على فوهة  بركان فقد أعلن العمال الإضراب السياسي فوضعوا الحد الفاصل في سير الوثبة وقررت لجنة طلاب الكليات والمعاهد  وكذلك لجنة التعاون الوطني  التظاهر ..فلما  كان اليوم التالي ((الثلاثاء) 27 كانون الثاني 1948 أصبحت بغداد ساحة حرب).)
أصبح  نضال العمال محور النضال الوطني  والديمقراطي في القطر بصورة ملحوظة من الجميع بحيث ان نوري السعيد لمح إليه في مجلس النواب.
- إضراب عمال النفط في عين زالة لمدة عشرة أيام في أواخر الأرصفة أيوفاز العمال بمطالبيهم  عدا مطلبهم الرئيسي :النقابة.
-4 نيسان إضراب عمال السفن والكهرباء وإسالة الماء وعمال الأرصفة  أي أصبح الإضراب شاملا جميع  عمال الميناء في البصرة وانتهى الإضراب نفس اليوم بعد تلبية  جميع المطالب لأنه كان يمتاز بالتنظيم  والشمول.
23نيسان 1948 اضرب في حديثة والمحطات الأخرى نحو(700) عامل في حديثة و(كي3) وكان المطلب الرئيسي هو الاعتراف بحق التنظيم النقابي.
وكان من ابرز  مظاهرها هو مساندة الفلاحين وجميع الكادحين من سكنة حديثة وقراها  لإخوانهم العمال المضربين  ماديا ومعنويا فقدر فض  باعة  الخبز ان يستلموا من العمال ثمن خبزهم)
- تحرك من حديثة  في الصباح الباكر في اليوم الحادي والعشرين من الإضراب  المصادف 13-5- 1948 في طريقهم الى بغداد  وقد قاوم العمال السير الشاق  والعطش  والجوع ببسالة  جديرة بهم وحملوا رفاقهم المتعبين على أكتافهم .
انتهت المسيرة في يوم 15-5-1948  عندما بلغ العمال الفلوجة وبعد مسيرة ثلاثة  أيام منهكة حيث أعلنت الإحكام العرفية ، فقد أوقفت الشرطة المسيرة واعتقلت  قادة الإضراب ومنظميه وبعد ثلاثة أيام انتهى  أطول إضراب قام به عمال العراق )
ويوم بعد يوم أخذت تشتد  الاجرآت  القمعية  ضد الشعب  بقصد تصفية المكاسب الديمقراطية لوثبة  كانون  وكسر  المعنويات الجماهيرية لغرض فرض المعاهدة الاسترقاقية  التي رفضها الشعب)
- إضراب عمال بواخر  الحفر في أواخر  سنة 1949 حيث اضرب أكثر من 600 عامل لمدة ثلاثة أيام  ونال العمال  مطالبيهم.
-إضراب شركة النفط  في البصرة  في شباط 1950 حيث اضرب في أب 1950 350 عاملا  في شركة كري مكنزي في البصرة(الدوكيارد) لمدة  تسعة أيام وفالعمل بالقطعة.
إضراب عمال شركة الغزل والنسيج العراقية في بغداد ودام الإضراب 12 يوما واستطاع العمال فرض نقابتهم في التفاوض عنهم وفازوا بإلغاء نظام العمل  بالقطعة  مع زيادة ((50)فلسا في الأجور  اليومية فقامت الحكومة بإحراق  مقر النقابة  انتقاما منهم
- في شباط 1951 اضرب (2000) عامل في شركة نفط البصرة لمدة (13) يوما وفازت  ببعض مطالبهم  كما اضرب في بغداد عمال النسيج في معامل فتاح باشا وصالح إبراهيم في الكاظمية وإلا عظمية  لمدة(3) أيام وفازوا  بإلغاء  قرار فل (300) عامل وزيادة  الأجور.
-في نيسان 1951 اضرب (400) عامل نسج  في المعامل اليدوية في النجف
-14 تشرين  الثاني  1951  إعلان الإضراب العام تأيدا للشعب  المصري في نضاله  الوطني
اضرب جميع عمال النسيج  الآلي واليدوي وجميع عمال السكاير في بغداد كما اضرب عمال شركة كري مكنزي والميكانيك في البصرة تلبية لنداء مكتب النقابات الدائم.
-10 كانون -1952 أغلق المكتب الدائم لمجلس النقابات العمال.
-حزيران 1952 قاد الشيوعيون إضراب العمال العراقيين في قاعدة الحبانية الحربية وقتل في هذه المجزرة  عامل عراقي  وجرح عدد كبير من العمال وإبعاد  4 عمال من العراق).
- حزيران 1952 اضرب (9009 عامل لمدة ثلاثة أيام في القاعدة  البريطانية(الشعيبة) في المعقل  في لواء البصرة .
-23-أب-1952 اضرب (3000) عامل في الميناء (المعقل) لمدة  ثلاثة أيام مطالبين بزيادة الأجور وإيقاف الفصل الكيفي  والانتهاكات وتحسين شروط العمل ولكن السلطات الرجعية وأجهزتها القمعية أقامت مجزرة وحشية في اليوم الثاني قتل فيها (3)عمال وجرح ثلاثة آخرون.
ساندت جماهير البصرة المسيرة وكذلك ساندها الحزب الشيوعي العراقي في بغداد، حقق العمال مطاليبهم ما عدى النقابة).
شباط 1952 اضرب ألف عامل في الفاو ولمدة ثلاثة أيام فازوا بزيادة أجورهم  ورفض طلبهم  بالعمل نصف دوام يوم الخميس.
-1952 اضرب  600 عامل في شركة الدخان الأهلية
-22-24 تشرين الثاني 1952 إضراب سياسي الذي قام به العمال خلال انتفاضة تشرين وكان لهم الدور البارز في التهيئة لانتفاضة والمساهمة فيها.
-مايس 1953 أول إضراب بين عمال مشروع مصفى النفط  في الدورة (في بغداد1953 اضرب عمال النفط في الدورة في بغداد وقد انتهى الإضراب في نفس اليوم بعد ان فاز العمال ببعض مطالبيهم.
-8 كانون الأول 1953 اضرب عمال السكك ليوم واحد احتجاجا على تأخير دفع رواتبهم فحققوا فيه مطلب عدم تأخير دفع الرواتب
تشرين الثاني اضرب عمال اللاسلكي في الميناء ويقدر عددهم ب(150) عاملا لمدة تسعة أيام لبت أكثر مطالبهم.
-5 كانون الأول 1953 اضرب عما نفط البصرة وقد اكتسب إضراب عمال النفط في سبيل مطالب اقتصادية أهمية سياسية
.في اليوم الحادي عشر للإضراب 51-12- 1953 أطلقت الشرطة النار على العمال المتظاهرين فجرح عدد منهم كما أطلق احد  موظفي الشركة الانكليز النار على عامل فجرحه فنظم الحزب الشيوعي إضرابا  عاما في البصرة احتجاجا على الأساليب الدموية التي استعملتها الحكومة ضد العمال وإسنادها  للشركة الاحتكارية  الاستعمارية أجرت الشرطة العراقية بإشراف سعيد القزاز  الاعتقالات  بالجملة  بين العمال  المضربين ومؤازريهم من عمال  وطلاب وكادحين ونقلتهم مباشرة الى سجن نقرة السلمان الصحراوي وقامت الشركة بفصل العمال بالجملة وتحت ضغط هذه الإجراءات وبطش الأحكام العرفية انتهى الإضراب بعد(13)يوما دون تحقيق  مطالبي العمال المضربين.
- إضراب عمال مصلحة  نقل الركاب وعددهم (300)  لمدة أربعة أيام  وأعلنوا تايدهم لعمال نفط البصرة المضربين كما قدموا مطاليبهم وفازوا بها.
-إضراب أكثر من (200) عامل من شركة تاجريان الهندسية في البصرة تأيدا  لعمال النفط وفازا  بمطالبهم  الخاصة .
- إضراب عمال الكوكا كولا لمدة يومين.
- إضراب عمال شركة التجارة والمقاولات ( البر زون) في البصرة ليومين أيضا  أيضا إضراب عمال شركة هولواي لأربعة أيام  متوالية لعمال النفط.
- 16 كانون الأول 1953  إضراب عمال السكاير  واحتل المرتبة الثانية بعد إضراب  عمال..
-في 16  كانون الأول  وهو اليوم الحادي عشر من الإضراب هاجمت الشرطة المعامل  بالسلاح  وأخرجت العمال  المعتصمين بعد ان جرحت عدد منهم واعتقلت عشرات العمال وأغلقت  المعامل كما احتلت مقر نقابة  عمال السكاير ).
16-أب- اضرب عمال  السكاير مطالبين  بفتح  نقابتهم وزيادة أجورهم وانتهى الإضراب بعد منتصف الليل بعد تعهد الوزير بوعوده عاد العمال الى الإضراب  بعد يومين  واعتصموا في معاملهم  وطوقتهم الشرطة وقطعت عنهم  الماء والكهرباء والطعام  وبذلت الجماهير كل ما في وسعها لمساعدة  العمال  المحاصرين  وبعد يومين فقط فازوا بمطاليبهم)
- 14 أيلول 1953اضرب عمال  السكاير إضرابا عاما ودام الإضراب خمسة أيام وقد طوقتهم الشرطة وقطعت الماء والطعام عنهم-وقد فاز العمال بمطاليبهم ماعدا النقابة.
-24 أيلول اضرب عمال شركة  جعفر ليوم واحد ثم عاودوا الإضراب بعد أربعة أيام احتجاجا على اعتداءات الشقاة على النقابيين.
لقد تطور وعي العمال النقابيين وأساليب  نضالهم الى هذا الحد بحيث  لم يبق أمام الحكومة وأصحاب المعامل  سوى احتلال  المعامل ومقرات النقابات بقوة السلاح)
-إضراب عمال مطبعة الرابطة في 25-4-1955 مطالبين بزيادة أجورهم  وقد اضرب في نفس اليوم عمال قسم النساجين في شركة صناعة الجوت مطالبين بزيادة أجورهم.
-21-4-1955 اضرب عمال القاعدة  الحربية في البصرة (الشعيبة) عن العمل  مطالبين بإعطائهم (المنحة) أسوة ببقية العمال   ولكن القائد الانكليزي صدهم قائلا(سأحرق بيوتكم إذا  لم ترجعوا الى أعمالكم وتنهوا الإضراب)) إما الشرطة التي بدلا من تخرس المستعمر وترد كرامة أمتها الوطنية هجمت على العمال واعتقلت العشرات منهم وانتهى الإضراب بعد ثلاثة أيام دون  ان يحصل العمال على مطالبيهم كما فشل إضراب عمال البيبسي كولا الذي أعلن في نهاية نيسان 1955) .
- إضراب عمال شراكة (دورمن) الانكليزية  المتعهدة ببناء جسر الهندية الحديدي.
-الأول منتشرين 11955 اضرب عمال الجص في عكركوف من اجل زيادة أجورهم.
- 24-3-1957 اضرب
(450) عاملا فنيا في معمل نسيج الوصي احتجاجا على  تخفيض أجورهم.
- إضراب عمال الكونكريت في شركة المنصور التي كانت تقوم بإنشاء معمل الأسمنت في السماوة وتستخدم(700) عامل.
-20-4-1957 اضرب عمال الزراعيون في المزارع  الحكومية ((النموذجية)) في حقول ابو غريب.
-8-5-1957 اضرب 600 عامل في شركة الغزل والنسيج العائدة للوصي.
-إضراب عمال (البلوكات) في شركة(زيلن) في تكريت.
-إضراب عمال معمل الطابوق العائد الى  عبد الحميد عريم في الرمادي.))
- تصدي العمال في اغلب محافظات العراق للانقلاب الفاشي في 8 شباط 1963)).
-إضراب عمال الزيوت المشهور عام 1968 والذي تم قمعه بقسوة بالغة من قبل السلطات  آنذاك.))
ومن خلال نظرة فاحصة لعدد الإضرابات وإلا عتصامات  والمظاهرات  يمكننا ان نستنتج مدى حيوية وفاعلية الطبقة العاملة العراقية  ووعيها المتقدم  للدفاع عن كرامتها الوطنية وحقوقها الطبقية ومدى الترابط بينهما  فوقفت بحزم ضد كل مظاهر الاستغلال وبقايا الهيمنة الاستعمارية والاستغلال وقدمت الشهداء من اجل ذلك واستطاعت ان تجبر  قوى الظلم والسلطات الاستبدادية وذيول الرأسمال العالمي على الإقرار بالعديد من مطالبها  ومنع مخططاتها  الاستعمارية في العراق ونهب ثرواته وخصوصا النفط
ثانيا\ يتضح لنا  خمود جذوة وأحيانا أنطفا  حماس العمال في العهود الجمهورية المتلاحقة لا بسبب  تحقيق العمال  لطموحاتهم ومكانتهم المطلوبة في مصير البلاد ولكن بسبب الأساليب التعسفية والإجرامية  بالغة القسوة التي تعرض لها الشعب بكافة طبقاته ومكوناته وخصوصا في عهد الحكم الديكتاتوري ألصدامي ألبعُثي طوال أربعون عاما متواصلة مما جعل الناس ومنهم العمال تترحم على العهد الملكي لأنه أهون شرا وأيسر أمرا واخف قهرا وتعسفا من العهد الجمهوري ((الديمقراطي الشعبي)) و((الاشتراكي الثوري)).
ومما هو اشد مرارة ان عمالنا وصناعة العراق ومنشاته تعرضت لأبشع أنواع الإهمال والتخريب والسلب في العهد ((الديمقراطي)) بقيادة الرأسمال الأمريكي المسلح حيث تشير الإحصائيات الى أكثر من 120 ألف معمل ومصنع متوسط وصغير مقفل ومعطل  إما المنشاة الصناعية الكبرى فقد بيع اغلبها في سوق السكراب  وفتحت أبواب العراق على مصراعيها أمام المنتجات الصناعية والزراعية الأجنبية  مما أتى على ما تبقى الصناعات والمنشات العراقية  وان أكثر من 50% من الأيدي العاملة العراقي ترزح تحت كابوس البطالة  المزمنة،وان ثروات البلاد عرضة للسلب  والنهب  من قبل ما فيات الداخل والخارج وخصوصا الثروة النفطية العراقية التي تحاول قوى الاحتكار العالمي إعادة السيطرة عليها ،كما ان الكثير من الحرف والحرفيين في طريقهم للانقراض من العراق وربما دون حلم بالعودة في ظل هيمنة الرأسمال المعولم والتوجهات الحالية للدولة العراقية وسلطتها السياسية باتجاه السوق ((الحر)) وهيمنة الرأسمال الأمريكي المسلح.
دور الأحزاب السياسية العراقية في تطور الوعي الطبقي والسياسي للعمال:- ج(6)
*****************************************************************

كان للأحزاب السياسية العراقية وخصوصا المتنورة منها في بداية العشرينات وبعد الحرب العالمية الأولى دور كبير في إسناد مطالب العمال في حقوقهم ومساندتهم  لقيام منظماتهم المهنية والديمقراطية على ا لرغم من تذبذب هذا الدعم وهذه المساندة وخصوصا من قبل أحزاب لا تملك رؤيا علمية لطبيعة العمل واستغلال رأس المال لليد العاملة العراقية وتبنيها لفكر اشتراكي  طوباوي بشكل خجول ومتردد منسجما بذلك مع طبيعتها الطبقية ((كبرجوازية  وطنية ناشئة))تحاول ان تقاوم النفوذ الأجنبي والهيمنة الإقطاعية ضمن شروط وضوابط الديمقراطية اللبرالية البرجوازية مستغلة الحيز الضيق من الديمقراطية السياسية في العراق(ففي 21 نيسان 1927 صدرت جريدة بغداد باسم((نداء العمال)) لصاحبها (عباس ألجليلي) ووقفت جريدة الشباب التي كان يديرها عبد القادر إسماعيل المحامي تدافع عن العامل )(29)
في تموز (1930)  أجيزت مجلة نصف شهرية باسم (( الصنائع)) وهي أول مجلة عراقية يصدرها عمال عراقيون تنطق  بلسان حالهم))
(مع بداية ارتفاع رايات النضال  العمالي ارتفعت جنبا الى جنب كلمة الاشتراكية فشرعت الطبقة العاملة تنشر دعوة جادة لتوحيد صفوفها وتردد لأول مرة عام 1930 شعار الاشتراكية المتطورة في العراق((ياعمال العالم اتحدوا)) فقد اتخذته مجلة العامل شعارا لها وتبنته في مقال افتتاحي(30)

(ففي عام 1930 استطاعت جمعية الصنائع العراقية ان توطد مكانتها داخل الحركة العمالية وان تفتح لها فروعا عديدة في البصرة  والناصرية وخانقين والنجف والحلة وفي معظم المناطق التي تتواجد فيها تجسيدا

251
قراصنة عصر العولمة!!!
حميد لفته
حينما نسمع بالقراصنة يعود بنا الزمن الى مئات السنين الى الوراء في عالم متخيل لعصابات من أفراد ضواري أشداء يسكنون البحار والمحيطات كمخلوقات أسطورية تقطع طرق البحار والمحيطات تقوم بالسلب والنهب كنوز وبضائع التجار  المغامرين وهم يشقون عباب البحار والمحيطات بعيدا لاعن بلدانهم وقاراتهم سعيا وراء الربح من خلال التجارة ويذكر التاريخ ان  الخليفة عمر بن الخطاب جهز  حملة لمحاربة القرصان وكذلك  الأمويون والعباسيون قد جندوا الجند وجهزوا السفن للقضاء على القرصنة وتامين طرق التجارة البحرية،مثل ما يقومون بحماية طرق  التجارة البرية بين البلدان،
كان هؤلاء القرصان وقطاع الطرق عصبة من الناس اللذين ضاق بهم العيش وسدت عليهم منافذ  وطرق العيش وهم يشهدون تلال الذهب والفضة وأطنان الحرير والعسل وآلاف الجواري والقيان الحسان والغلمان التي تذهب لقصور الأثرياء من التجار والملوك والأمراء،
لاشك ان الكثير من القراصنة هم من البحارة ذوي المهارة العالية والخبرة الكبيرة والقدرة والكفاءة في معرفة متاهات ومداخل ومخارج البحار والخلجان بالإضافة الى كونهم من الرجال الشجعان  الأشداء يجمعون حولهم الكثير  من المتمردين ولمغامرين  وطالبي الثراء السريع وعدم احترام القانون المحلي او الدولي وقد تقف وراءهم  بعض الدول لتمدهم بالمال والوسائل والحماية  وقت الضيق وهي ترمي من وراء ذلك مكاسب  اقتصادية او سياسية  او  غايات أخرى قريبة او بعيده.
غالبا ما تبرز مثل هذه الظواهر وتنتشر في أوقات الأزمات والحروب التي تمر بها البلدان في مختلف الأزمان.،ومما يعتبر عاملا مشجعا لظهور القرصنة البحرية في تلك الأزمان هو عدم وجود وسائل الاتصال والمراقبة والمتابعة المتطورة للسفن والممرات المائية وعدم القدرة على نجدتها وتخليصها  من مخالب القرصان في غياهب البحار والمحيطات،فالقرصنة اذا حالها حال  ظاهرة قطاع الطرق عبر الصحارى والجبال والمناطق  والطرق الغير محمية.
وقد ظهرت بعض حالات القرصنة البحرية والجوية  كانت تقف وراءها أهداف سياسية تقوم بها منظمات وقوى وعصابات توصف بالمتطرفة مطالبة بتحقيق مطالب وأهداف  سياسية او تطالب بإطلاق سراح بعض مؤيديها ...الخ ولكن ليس من بينها  المطالب المادية  او طلب المال
إما ان  يظهر القرصان  الآن في عصر العولمة  كمارد  ينتفض من  خلال رماد العصور الغابرة  ، او  ميتا ينتفض من  مقابر التاريخ ليعبث في امن وسلام العالم ، في عصر أصبح فيه العالم أشبه بقرية صغيرة  مكشوفة الدروب  والشعاب ومكشوفة المغارات والكهوف في ظل التقدم العلمي الهائل والمسح المكوكي خلال أربعة وعشرين  ساعة في اليوم من قبل الأقمار الصناعية ووسائل المسح والترقب ومتابعة حركة وتنقل أجسام في غاية من الصغر سواء في البر او البحر في الغابات او الصحارى هذي القدرات الهائلة والأسطورية المذهلة للدول الكبرى من قوى عسكرية ضاربة ووسائل نقل وتنقل خيالية السرعة والدقة بحيث بلغت كوكب المريخ وما بعده.
كذلك ان تكون وراء هذه المارد الأسطوري الأسود  وكأنه قادم من كوكب غير كوكب الأرض منافع مالية صرفه فهو يحتجز  وياسر من اجل المال بغض النظر عن جنسية وقومية   السفن والعبارات او الزوارق المختطفة والماسورة!!!
 ان عودة هذه الظاهرة  في هذا الوقت وبهذا الوصف أمر يثير الاستغراب،حيث تقف اغلب الدول موقف المتفرج او العاجز  عن استئصاله او السيطرة عليه او الحد من نشاطه ، حيث ورد خبر الآن  وأثناء كتابة  هذا المقال وبعد عملية  ((تحرير)) القبطان الأمريكي  ،ان القراصنة اختطفوا أربعة سفن تعود لعدة دول وبسرعة  خاطفة ومذهلة وخلال ليل  البحار وأمواجه المتلاطمة  حيث لم  تستغرق عملية الاستيلاء أكثر من ثلاثة دقائق!!!!
حيث يتمكن هؤلاء القراصنة من اقتياد السفن والبواخر لدول صغرى وكبرى كما يقتاد قصابون الخراف،ليبادلوها بعد ذلك بملايين الدولارات كفدية ندفعها الدول والشركات مقابل سلامة رجالها ورعاياها وبضائعها من أيادي هؤلاء القرصان،والأخطر من  ذلك يشاع ان  هؤلاء  يمولون منظمات وقوى إرهابية في المنطقة والعالم؟؟
ان عملية  تحرير الكابتن الأمريكي  وما رافق هذه العملية من  صور دراماتيكية وخيالية شبه أسطورية حيث  أنقذ القبطان  الايثاري  الشجاع ((الفادي)) رفاقه من البحارة مقابل بقاءه رهينة بأيدي القرصان وإطلاق سراح السفينة.
كذلك كيفية  سيطرة السوبر مان الأمريكي الخارق الذي انقض على القراصنة لينقذ ((الفادي)) من أيادي الشر ليظهر هازئا يتمتع بدعابته المعهودة كما ذكرت زوجته ليضحك  على عقول هؤلاء الصعاليك امام جبروت ((المخلص)) السوبرمان الأمريكي،
ان هذا الحال  هو إرسال رسالة للعالم ان لا امن ولإسلام لا في البر ولا في البحر إلا ان تكون تحت جناح  السوبرمان الأمريكي المعولم وتقديم القرابين  له باعتباره  زعيم الآلهة وقاهر جبروت  آلهة الشر في كل مكان وزمان؟؟!!!!
 ان هذا القرصان الأسود يخفي وراء عتمة بشرته وغموض قدرته وزمن ظهوره  وعجز اغلب دول العالم عن مواجهته  لحد الآن  ما عدى المارد الأمريكي ،  نقول انه يخفي أكثر من سؤال وسؤال:-
ماذا يخفي وراءه هذا القرصان ((الأسود))  وما هو سر قوته وجبروته ،وما هو ثمن بطولة وقدرة وتفرد  السوبرمان الأمريكي باعتباره المخلص الاكبر والحامي الجبار؟؟

252
لست مسئولا عن الحرائق لكن نيرانها تحرق أحلام أبنائي!!!!

حميد لفته
في زيارة لممثلي شركة شل لمدينة البصرة أوضح:-
((أ نائب رئيس منطقة الشرق الاوسط في ((شل)) منير بو عزيز.. قدر في حديث الى الحياة ان أكثر من (70%) من الغاز العراقي عبارة عن غاز مصاحب لعملية استخراج النفط، مما جعل التقديرات والتقارير الصادرة من مجلس النواب تحدد خسارة العراق ب ((100 بليون دينار عراقي يوميا (80 مليون دولار))!!! وأشار الى ان كميات الغاز المحروقة يوميا تكفي لتزويد بلد مثل الأردن مرتين بالطاقة الكهربائية ولتعبئة (300) ألف اسطوانة غاز يوميا))*
فلو أجرينا حسابا بسيطا لمقدار الخسارة السنوية من الغاز في البصرة فقط ((28 مليار و800 مليون دولار سنويا اي ان خسارة المواطن العراقي نعادل ما يقارب (1000 دولار) سنويا وهذا مبلغا غير قليل يمكن ان تعيش به عائلة عراقية مكونة من خمسة أفراد وهو معدل عدد أفراد العائلة في العراق،هذه العوائل التي تعيش نسبة توازي أكثر من (50%) من أفراده للبطالة السافرة او المبطنة،واستنادا الى بعض التقارير الدولية فان هناك 30% من الشعب العراقي يعيش ضمن او دون خط الفقر.
الا يمكن ان تبني هذه المليارات المحروقة ان تبني مساكن لمن يعيشون في لعراء وبيوت ((التنك)).
الا يمكن ان تبني هذه المليارات المحرقة آلاف المدارس لائقة لأبنائنا بدلا ن مدارس الطين؟؟
الا تكفي هذه المليارات المحروقة ان توفر عيشا كريما لآلاف المتسولات والمنسولين في عراق البترول؟؟
الا يمكن ان تصون هذه المليارات المحروقة كرامة المرأة العراقية التي تبيع جسدها من اجل ان تعيش؟؟
الا يمكن ان تبني هذه المليارات المحترقة مزيدا من المشافي الكفوءة لرعاية الإنسان العراقي المبتلى بأنواع المصائب والأمراض والعلل؟؟
ألا يمكن ان تسد هذه الثروة المحروقة حاجة المطبخ العراقي من الغاز السائل حيث تدفع العائلة العراقية ثمنا باهظا وجزءا غير يسير من دخلها مقابل الحصول عليه للاستهلاك اليومي،والذي قد يصل الى ((25)) ألف دينار للاسطوانة الواحدة وهذا ما لم تستطيع دفعه سوى العوائل الثرية في العراق. مما يضطر العوائل العراقية ان تطبخ على الحطب لان النفط الأبيض ((الكيروسين)) ان لم يكن مفقودا فسعره يفوق سعر الغاز السائل مما أدى الى عدم نفع ((الجوله)) و((البريمز)) وهي أدوات الطبخ للعوائل الفقيرة في العراق!!؟؟؟
الا يمكن ان تنير هذه الطاقة بيوت العراقيين التي تقبع اغلب وقتها في بحر الظلام، والا يمكن ان تساعد على تدوير عجلات معاملهم وتزهر مزارعهم وهي تكفي كما يشير الخبراء لتزويد بلد مثل الأردن مرتين بالطاقة الكهربائية؟؟؟
ألا يمكن ان تزود ((300)) إلف اسطوانة غاز يوميا باسطوانة واحدة من الغاز السائل و للعائلة العراقية وتعفيها ن دخان الحطب؟؟ وألا ..وألا..وإلا....
والسؤال من هو المقصر في عدم الاستفادة من هذه الثروة الكبيرة المهدورة لعشرات السنين ومنذ اكتشاف النفط في لعراق ولحد الآن؟؟
نسال لماذا تقع أعباء هذا الهدر الجنوني للثرة الوطنية ومن هو المسئول عن ذلك؟؟
لماذا تقع أعباء كل هذا الهدر والجهل واللامبالاة على كاهل المواطن العراقي الفقير الذي يغلي الما وغضبا وحرقة وهو يرى ثروته تهدر وهو يعاني من الجوع والبطالة وحر الصيف وبرد الشتاء ويحيى دون مستوى الكفاف؟؟؟
ومن يرفع صوته ويطالب بحقه ويدين المقصر يكون مصيره الإعدام والشنق والسجن والتعذيب والسجن والتشريد!!! ويمكن ان نتأكد من هذا لو سألنا سجون قصر النهاية وسجن الحلة المركزي ونقرة السلمان وسجن رقم واحد وسجن الكوت وسجن ديالى المركزي وسجون الرضوانية وسجون مديريات الأمن والمخابرات في عموم البلاد شمالا وجنوبا شرقا وغربا وفي مختلف العصور أيام الاحتلال او الحكم الملكي او الجمهوري الاستبدادي والديمقراطي؟؟؟!!
ويمكننا ان نستذكر المصير المأساوي الذي نعرض له الزعيم((الشاذ)) عبد الكريم قاسم حينما وقعت عيناه على مآسي ابناء شعبه من الفقراء وهدر ثروته الوطنية وحاول ان يشذ عن جوقة الحكام وذوي الأمر من سلاطين العراق وحكامه لينصف فقراءه ومعدميه ويقف بوجه جوقة السلب والنهب من الشركات الاحتكارية!!
فلماذا نحيا حالة بؤس وشقاء وظلم وظلام ونحن لا ذنب لنا ولا آبائنا ولا لأبنائنا في ما يحصل من هدر وضياع للثروة الوطنية بينما يعيش ذوي الحل والعقد والسلطة حياة توازي حياة أغنى الأمراء وملوك وسلاطين البترول في لعالم؟؟؟ لماذا يعاقب ويحرم البريء بينما يكافئ ويكرم المذنب؟؟؟
* جريدة الأهالي ص12 العد 297 في 8-4-2009

253
مجالس المحافظات مطالبة بإقالة :((الفوانيس واللالات))!!!

قد كانت لافتات المالتي سينفذهاين لعضوية مجالس المحافظات متخمة بالوعود التي سينفذها الفائزون لأبناء محافظتهم في مختلف مجالات الحياة كالتعليم والصحة والعمل والسكن والنقل ولماء والكهرباء والقضاء على الفساد ومحاسبة المفسدين...الخ
وبعد مرور أكثر من شهرين على العملية الانتخابية لم تعلن النتائج النهائية إلا قبل عدة أيام مما جعل آمال المواطنين مؤجلة وهي تترقب ان تباشر هذه المجالس الجديدة مهامها فعسى ان يأتي قليلا من الفرج وان يلمح المواطن بصيص ضوء في نهاية الأنفاق وان يلمس كلمة صدق في زحمة النفاق والوعود الكاذبة والتستر بستار الوضع الأمني واستشراء الارهاب.إما الآن فان المواطن يتمنى ان لا تجد المجالس الجديدة شماعة انخفاض أسعار البترول وان يستفيد أعضاء المجلس الخلف من تجربة أعضاء المجلس السلف ويتعض الفائزون بما حل بالخاسرين ويكونوا عند حسن الإنسان العراقي المثقل بالمشاكل والهموم الحياتية اليومية كالبطالة والإرهاب وسوء الخدمات الصحية والبلدية،ولاشك ان المتضرر الأكبر من هذا الحال هو المواطن الفقير العاطل عن العمل او صاحب الدخل المحدود من الموظفين الصغار او المتقاعدين ((المغضوب عليهم)) وليس المتقاعدين من مجلس النواب او مجالس المحافظات طبعا!!
هذا المواطن الذي أصبح الآن ضمن مدى رؤية القوى الخاسرة، لتكون همومه وآلامه ومعاناته مضامين لشعاراتهم ولافتاتهم وخطبهم!! بعد ان كانت تحجبه عن عيونهم كراسي السلطة التي كانوا بامتيازاتها ينعمون، فأدركوا في هذه الانتخابات ان هذا الإنسان المعدم والكادح الفقير قادر ان يختار وقادر ان يعاقب وقادر ان ينزع عن عينه عصائب التضليل والتدجيل والزيف ويطالب بحقه في حياة حرة كريمة آمنه فلم تؤثر على قراره ((البطانيات)) ولا((الصوبات)) ولا((الوريقات)) لانه يعرف إنها جزءا تافها من ماله المسروق وحقه المغصوب وليس مكرمة ولا مّنة من المانحين يعني ((من لحم ثوره)).
هذا الموقف وهذه الصحوة وان كانت ناقصة ومتأخرة فقد كانت كافية لتكون إنذارا قويا لمن حاولوا تهميشه واغتصاب حقوقه واستغفاله في ظل مختلف الشعارات العرقية والطائفية او (الديمقراطية))، أدت بهذه القوى ان تصحو على حين غرة لترفع لافتات تطالب بإنصاف الطبقات الشعبية الفقيرة.
لاشك ان مطالب هذه الطبقات الشعبية الفقيرة يصعب تعدادها حيث ان التقارير الموثوقة للكثير من المنظمات الدولية والمحلية تشير الى بطالة تزيد على 50% وأكثر من مليوني أرملة وإضعاف هذا العدد من الأيتام والمشردين وان أكثر من 30% من الشعب العراقي يعيش في او تحت خط الفقر.
ومن لا يقدر ان يشتري الماء المستورد!!! عليه ان يكون تحت رحمة الكوليرا والتايفوئيد وغيرها من الأمراض،ومن لا يستطيع ان يشتري المشتقات البترولية التي تطفو ارض وطنه على بحيرة منها ان يعيش في كابوس الظلام ووطأة حر الصيف اللاهب وبرد الشتاء،ومن لا يملك قطعة من ارض وطنه عليه ان يسكن البراري تحت سقوف من الصفيح ومن لا يملك قوت يومه عليه ان يفتش في فضلات الأثرياء ونفايات المطاعم والفنادق الراقية ،ومن لا يستطيع ان ((يورق)) لا يستطيع ان يعمل كناسا ولا يتطلع ان يصبح شرطيا او جنديا ،إما ان يتوظف بشهادته فهذا امرأ صعب المنال اذا لم يمتلك ((كارتا)) من احد سكنة المنطقة الخضراء او ما حولها او ان يكون من ذوي الأيادي الرمادية.
فمن اجل ان تكون طلباتنا واقعية وأحلامنا متواضعة نقول إننا نطالب((مجالس المحافظات الجديدة ان تصدر قرارا : برفع المولدات وإقالة الفوانيس واللالات )). لتسبح بيوتنا،وشوارع مدننا وتدور عجلات مصانعننا ، ومكائن مزارعنا بقوة التيار الوطني المستمر وليس بتيار ((سيريس)) متقطع.
لتكون هذه الخطوة هي ((عربون)) الثقة والمصداقية لوعود وعهود الفائزين الجدد بعد ان عجز عن تحقيقها من سبقوهم فأصبحوا من الخاسرين.
حميد لفته
11-4-2009

254
نحمد الله انك لم تكن فيها
حكاية العم ((هلكان العريان)) في العيد التعبان
حميد لفته
يذكر احد العمال انه مع عصبة من أصدقاءه ألكسبه قصدوا احد المدن العراقية للعمل وقد كانت جيوبهم خالية وبطونهم خاوية،فاخذوا يدورون في شوارع المدينة علهم يصادفون وليمة عرس او عزاء يمكن ان يدسوا أنفسهم بين المدعوين لسد جوعهم،وبينما هم كذلك لمحوا من بعيد طابور من الناس من مختلف الأعمار وبمختلف الأزياء وهم يحملون صناديق الهدايا ويقود بعضهم خرافا سمينة وهم يتدافعون لخول احد القصور المنيفة فاستبشروا خيرا فقد عثروا على بغيتهم وأمنيتهم في الظفر بوجبة دسمة طالما حلموا بها فالتحقوا في الطابور وهم يتصنعون مساعدة الآخرين في حمل او سحب هداياهم من الخراف المسمنة لغرض التغطية خشية ان يعترض طريقهم أحدا لأنهم غير مدعوين، أخيرا فقد تمكنوا من الدخول فشهدوا باحة الدار وقد ملت بالطبالين والزمارين وحاملي الدفوف وهم يهزجون ويدبكون تختلط بهم النساء المزغردة وأطفال راقصة منشده وهم يتلقفون ((الملبس والجكليت والحامض حلو والمصقول) الذي كان ينثر على راس رجل كهل من أصحاب الكروش ينوء بحمله كرسي وضع في وسط باحة الدار والناس يستعرضون أنفسهم أمامه فردا مصافحيه وهم يرددون ( نحمد الله انك لم تكن فيها)) ثم يسلمون هداياهم لأبنائه ومقربيه ويخرجون من باب خلفيه.
أصاب جماعتنا العجب والدهشة والاستغراب لما يشهدون فالشيخ السبعيني الجالس باتم الصحة والعافية ولا يبدو عليه المرض كذلك لا تدل هيئته كونه عريسا او قادما من حج بيت الله،فصعب تفسير الأمر عليهم مما أنساهم جوعهم وخواء بطونهم فقرروا ان يسألوا الناس المباركين عن حقيقة الأمر وماهي المناسبة لهذه((الهيصه)) وهذا الهرج وكل هذا الفرح والمرح والرقص على أنغام الدفوف وهذه الأكداس من الهدايا والتبريكات الحارة بالسلامة والفوز العظيم، فكانت اغلب الأجوبة مخيبة للآمال حيث وجدوا ان نسبة غير قليلة من القادمين إنما اجتذبهم الطابور وحب الاطلاع والفضول لمعرفة حقيقة الأمر وكان قسما نهم كحالهم ممنيا النفس بوليمة دسمة كالمعتاد عندما تكون عند مثل هؤلاء الوجهاء والتجار من أصحاب الثروة والمال عند قدومهم من الحج والعمرة او سلامتهم من مرض خطير او زواج احد أبناءهم الكبار او ختان أطفال أبناءهم وأبناء أبناءهم الصغار.
فقصدوا رجلا كهلا يبدو انه من السماسرة وهو محمل بالهدايا ،فيبحلق في وجوههم مستغربا ومستنكرا سؤالهم وعدم معرفتهم بالأمر الجلل قائلا:-
-شنو بابا انتو مو من الولايه وما تعرفون ألصار للحجي والله ستر عليه،ولكم بابا ألحجي كانت ((دشداشته)) مشروره عله الحبل في سطح الطابق العلوي للقصر فهبت رياح قوية مما أدى الى سقوط ((الدشداشه)) من السطح للأرض،ياساتر يارب!!!
فأجابه الجماعة مستغربين ومستفهمين:-
حجي بروح أبوك شنو يعني وإذا طاحت الدشداشه بالكََاع اشصار؟؟
- ولكم شنو اشصار تدرون لو كان ألحجي لابس الدشداشه الله لا يكَوله جان صار طشار!!!!
ولذلك كما ترون نحن البياعه شرايه والدلالين والمستأجرين عند ألحجي جئنا نبارك له سلامته حامدين الله تعالى انه لم يكن فيها ساعة سقوطها من السطح العالي؟؟!!
وقد بلغ الاستغراب حدا كبيرا عند الجماعة الجياع وهم يشهدون مدى تزلف وتسول وقردنة هذه النماذج المنتفعة التي تتمنى موت ألحجي للخلاص منه ،الآن يختلقون الحجج والذرائع للتقرب منه لانه من أصحاب الثروة والجاه والسلطة عسى ان يصيبهم من فضله شيئا؟؟!!
ان باعث هذه الحادثة التي رواها لي العم ((هلكان العريان)) هو الخبر الذي قرأته له حول الاحتفالات الكبيرة والتطبيل والرقص التي سيقيمها الحزب الشيوعي العراقي لأكثر من أسبوع بمناسبة الذكرى الماسية لميلاد الحزب كمحاولة مني لإدخال البهجة والفرح لقلب ((العم هلكان العريان)) الذي غطاه الحزن والألم منذ إعلان نتائج انتخابات مجالس المحافظات والخسارة المرة التي تعرض لها الحزب في هذه الانتخابات وما قبلها بالرغم من كونه كان ما حدث ليس مفاجأ له، فهو يرى ان هذا الهرج والتطبيل والتزمير و(( فايز حزبنه ماهمته الوكَعات))!! فهو يشبه تهنئة متزلفي ومتسولي وغوغاء المدينة للحاج وقولهم((نحمد الله انك لم تكن فيها)) فطبالة الحزب ومزمريه يهنئون القائد الحزب انه لم يكن ضمن رداء السلطة ومجالس المحافظات ويا ليته قد ترفع عليها منذ البداية، ولكنه خسرها رغم تسوله وتوسله لها منذ دخوله مجلس الحكم و لحد الآن.
لافتا نظري الى تصريح المصارع العراقي الشهير ((عدنان القيسي)) الذي صرح قبل أيام عند عودته للعراق بان ماكان يجري على ارض الملاعب وفوزه فيها إنما هو من تدبير وتخطيط المخابرات العراقية للإلهاء الناس عن واقعهم الحقيقي وجرهم الى حلبة صراع وهمي وبين خصمين مصطنعين.
فالحزب بدل من كشف خبايا هذا اللعبة الانتخابية وهي تجري بين نفس اللاعبين وتبادل الأدوار واقتسام المقاعد والمناصب فيما بينهم وبإيعاز من جهات عليا تحرك أطراف اللعب وتتحكم في مجريات أللعبه وما كان على القيادة إلا ان تنأى بنفسها عن ((لعبة)) المحاصصة الطائفية العرقية المصممة أمريكيا.
إما وقد دخلها وخسر خسارة مرة وهزم هزيمة كبرى فعليه ان يكرس ذكراه الماسية الى ورشة عمل جاد وفاعل وجريء لدراسة أسباب هزيمته ،وسماع الأصوات المخلصة التي وجهت النقد البناء والحريص على حزبهم وعلى مصالح شعبهم ووطنهم ونبذ الإصرار على الخطأ وتكراره وإمراره دون مراجعة مما يفع الى الظن ان لم يكن الجزم بالعمل المقصود ومع سبق الإصرار لتهديم هذا الصرح العملاق الذي بني بدماء وتضحيات آلاف الشيوعيين وعوائلهم وأصدقائهم.مما يتطلب وضع الحلول والإجراءات والقرارات لتصحيح النهج الفكري والسياسي والتنظيمي لقيادة الحزب التي تحاول ان تبقي الوضع على ماهو عليه لأنها تعلم تماما إنها السبب الحقيقي وراء ما جرته على الحزب من نكسات وخسائر وتهميش دوره في الشارع العراقي،ولغرض التغطية ولتكون الأصوات التي انطلقت من داخل الحزب ناهيك ممن هم خارجه غير مسموعة هذه الأصوات المطالبة بعقد كونفرس موسع او مؤتمر استثنائي يفضي الى تنحية هذا الرأس القيادي الخائب ان لم يبادر من ذاته الى التنحي عن قيادة الحزب اعترافا بفشله.
ان هذا التطبيل والتزمير والرقص وسط الهزائم لتكون كممارسة أحزاب السلطة في الوطن العربي وفي عراق الديكتاتورية عندما يحولون المصائب والهزائم الى انتصارات مزعومة ولا نظن ان ذاكرة الشعب العراقي وذاكرة الشيوعيون خصوصا قد غاب عنها سلوك الدكتاتور المنهار عند إيقاف الحرب المأساوية مع إيران وكيف غصت ساحات بغداد والمحافظات بالفرق الغجرية وفرق الطبالين والمزمرين لعدة أيام وهي ترقص فرحا وابتهاجا على أشلاء ألموتي والجرحى والمعوقين والأمهات الثكلى والأيتام والمشردين وخراب البنية التحتية للاقتصاد والمجتمع العراقي وتكبيل أعناق العراقيين بمليارات الدولارات ديونا نعاني منها الآن.
وفي ختام حديثه المؤلم ينفجر العم ((هلكان العريان)) ضاحكا وهو يقول ((ان شر البلية مايضحك)) يا عمي يكَولون ((اذا طابت النفوس غنت)) ما كَالوا ((اذا مرضت النفوس غنت)) والأعجب من هذا يا عمي ان الجماعة ((صاروا مطهرجيه ومطيرجيه)) هازا يده تعجبا لما وصل إليه الحال وآل إليه المآل!!!.
إما أنا فأقول ماقاله المتنبي:-
عيد ،بأية حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمر فيك تجديد
إما الأحبة فالبيداء دونهم فليت دونك بيداً دونها بيد
أصخرة أنا؟ مالي لا تحركني هذي المدام ولا هذي الأغاريد
اذا طلبت كميت اللون صافية وجدتها وحبيب النفس مفقود
نأمل ان يعود العيد على كل شيوعي العراق وقد تعافى حزبهم المجيد حزب الشهداء والتضحيات ليكون حزبا للبناء والانتصارات من اجل سعادة الشعب وحرية الوطن وخلاصه من قوى الشر والاحتلال والاستغلال وقد انتظمت كل القوى اليسارية والديمقراطية في جبهة فاعلة قوية قادرة على تحقيق طموحات جماهير الشعب من شغيلة اليد والفكر.
ودعني العم ((هلكان العريان)) قائلا:-
في البدء كان العمل(( فحي على خير العمل)).


255
ماذا يقول السيد نقيب الصحفيين في العراق؟؟؟
***********************************

بعد انهيار الدكتاتورية الصدامية وانتعاش روح الديمقراطية السياسية وان كانت مفخخة وتخفي خلف فستانها المستورد الكثير من حملة البلطات والسكاكين والمتفجرات لإسكات أصوات الصحفيين الأحرار اللذين قرروا ان يتنكبوا راية الدفاع عن حرية الوطن والمواطن وإنصاف الحق والعدل في عراق ما بعد التغيير، فقد هجرت الكثير من الأقلام أسمائها المستعارة والسرية او ان بعضها قرر طلاق حالة الصمت والترقب لتأخذ مكانها على صفحات الجرائد والمجلات ودور الإذاعة والتلفزيون والفضائيات وقد اثبت الكثير منها عن طاقة مبدعة وخلاقة في هذا المجال لا لأنها تحمل شهادات أكاديمية عليا في مهنة الصحافة والإعلام ولكن لأنها تحمل الصدق والانحياز الكامل للديمقراطية الحقيقية والحرية والعدل والمساواة، تميزت بعقلية نقدية موضوعية لم يستطع ان يدجنها الحاكم المنهار، وجرأتها في الطرح والمعالجة هذه الصفات التي دجنة عند الكثيرين من الصحفيين العاملين في صحافة النظام الديكتاتوري السابق ما عدى من هجر البلاد وعاش في المنافي وارض الغربة وغالبا ما انتحل اسما مستعارا للكتابة خوفا من بطش أجهزة النظام في الداخل وذراعها الطويلة في الخارج.
الخ). المقدمة نريد ان نخلص ان ما يتوجب على نقابة الصحفيين العراقيين المنتخبة ان تعي هذه الحقيقة في منح العضوية لمن تقدم لطلبها بغض النظر عن عمره الكتابي العلني في الصحافة الرسمية السابقة انطلاقا من صفة الصحفي التي تختلف من حيث النوع والمهمة والدور عن أية مهنة أخرى مثل ( المهندس، او الطبيب او الفلاح او العامل ...الخ) .إذ ان الصحفي هو حامل لواء السلطة الرابعة سلطة الرقابة والتوعية والكشف هذه السلطة المقصية والمستبعدة والمبعدة لا بل الموؤدة في ظل الأنظمة الديكتاتورية والمستبدة التولتارية ومنها السلطة السابقة في العراق،سلط الرأي الواحد والحزب الواحد والقائد الإله..ولكن ألمفارقة الكبرى ان نقابة الصحفيين أعضاء قادة السلطة الرابعة لم تعي هذه الحقيقة وتعاملت مع العمر الزمني للصحفي وليس مقياس الكفاءة ومقياس الموقف والانتماء الحقيقي لرحم وروح هذه السلطة..فتعاملت مع طالبي العضوية وكأنهم طارئين على المهنة – على الرغم من إننا لا ننفي وجود مثل هؤلاء الطارئين واللذين ربما اتخمت بهم النقابة لسبب ولأخر_ فأبعدت البعض او ماطلت ولازالت تماطل في منحهم عضوية النقابة تحت حجة حق يراد بها باطل ألا وهي صرامة الضوابط في منح العضوية لطالبيها بعد تم ضمان العدد الكافي من الموالين والمؤيدين،وليتعرض هؤلاء الصحفيين لمحاولات التدجيين والاحتواء ولكن هذه المرة تحت ضغط وسلطة السلطة الرابعة؟؟؟!!!
فمنذ أكثر من عام تم تقديم طالبات العضوية للنقابة من قبل مجموعة من الصحفيين في النجف بما فيهم رؤساء تحرير مجلات وجرائد معترف بها من قبل النقابة ولها حضورها في الساحة الإعلامية والصحفية العراقية وتتضمن أضابيرهم كل المستمسكات المطلوبة وعشرات النسخ من المساهمات والكتابات في الصحف العراقية وغيرها وقد اشرف السيد النقيب (مؤيد اللامي)) بنفسه في مقابلة أصحاب هذه الطلبات وتدقيق أضابيرهم مع مجموعة من أعضاء مقر النقابة العام ووضع توقيع الخاص وموافقة الآخرين على منح الهوية النقابية لهم وقد عزلت أضابير المستحقين واستصحابها السيد النقيب معه الى بغداد مع وعد مؤكد بان بطاقات العضوية ستكون بأيديهم خلال أيام معدودة – هذا الأمر قبل ان يفوز الأستاذ مؤيد اللامي بمنصب النقيب- في الانتخابات الأخيرة على اثر اغتيال الشهيد التميمي.
ولكن للأسف لم تصل البطاقات لحد الآن حيث جرى تأخيرها بدعوى الانشغال في الانتخابات- طبعا تم تسريع منح البعض بالهويات أيضا تحت نفس العذر ولكن لمن- وعلى الرغم من مرور عدة أشهر على انتهاء الانتخابات واستلام الطاقم الجديد لمسؤولياته في المقر العام دون ان تنجز هذه البطاقات ،ومن يتصل إما لم تتم الاستجابة لمرجعته ومطالبته إلا عن طريق فرع النقابة في محافظته فالفرع هو المسئول ولكن رغم الانتظار فلا جدوى!!
او العذر ان السيد النقيب خارج العراق وعليكم انتظار عودته!!!
وأخيرا يأتي الرد ان على صاحب الشأن ان يراجع بنفسه وحضوره للمقر العام لمتابعة أمر عضويته وكأنه يسكن احد إحياء بغداد!!
وإذا راجع هل سيجد معاملته منجزه أم يتوجب عليه ان يراجع مرات عديدة بين محل سكنه في الجدوى.ت ومقر النقابة مما يتوجب عليه المبيت وما أدراكم ما هي تكاليف ومصاعب المبيت؟؟!!
كذلك رغم طول الانتظار نفاجئ بنشر أسماء عدد من الزملاء في جريدة الزوراء قررت النقابة قبول انتماءهم وعضويتم في النقابة ..مع تهانينا لهم وألف مبروك ..وطبعا الأقربون أولى بالمظروف!!
مما وضع مسئولي فروع النقابة في الحافظات ومنها النجف تحملهم متاعب السفر وتكاليفه دون جدوى ..و جعلهم بين مطرقة زملائهم الصحفيين ومطالبتهم بحقهم في عضوية النقابة وبين سندان المقر العام الذي يماطل ويسوف ويبدو انه اخذ لا يثق بماترفعه قياداتت هذه الفروع من معاملات وطلبات..والله اعلم ولكننا نحن الضحية حينما تهتز الثقة بين الرأس والأطراف.
ومن المفارقة حقا ان السيد نقيب الصحفيين يعاتب مجلس النواب العراقي على تأخر انجاز وتشريع قانون حماية الصحفيين والتأخير في نحهم حقوقهم في الوقت الذي ربما أخذت ألفئران قدرا من أضابير الصحفيين المقدمة للمقر العام لنيل العضوية؟؟!!
وهنا يثار سؤال هل عندما ينظر في أمر هذه الطلبات ويقرر منح أصحابها عضوية النقابة هل ستحتسب فترة سبات أضابيرهم في درج النقابة او يعتبر أصحابها صحفيون ممارسون كمن يقد الانتماء حاليا ؟؟؟نسال هذا مع عدم إيماننا بهذا التصنيف للصحفيين وتصنيفاتهم التي لا مبرر لها غير الكفاءة بغض النظر عن العمر الصحفي الذي قد يكون من الأمور المطلوبة في احتساب الراتب التقاعدي للصحفي.
ألا يستحق هؤلاء الصحفيين وهم من اختار طريق المصاعب والمتعب والمخاطر حيث بلغ عدد شهداء الصحافة ((300)) شهيد نقول إلا يستحقوا ان يملكوا ابسط أسلحتهم دروعهم للدفاع عن أنفسهم ضد مختلف التجاوزات والأخطار لتقيهم بعض الشرور وقد تمكن عوائلهم من الحصول على بعض الحقوق في حالة سقوطهم صرعى في ساحتنا الملتهب هالا وهي بطاقة عضوية النقابة،ولا نقول ان تكون لهم امتيازات أقرانهم في السلطات الثلاثة الأخرى(التنفيذية والقضائية والتشريعية) أم أنها سلطة رابعة بلا مميزات وسلطة بلا سلطات.
أسئلة نضعها أمام السيد نقيب الصحفيين وأمام كافة الزملاء الصحفيين العراقيين للمرة الثانية حيث تم تحرير هذه الملاحظات سابقا ونشرت في بعض الجرائد وبعض المواقع الالكترونية ومواقع بعض الفضائيات دون ان تلقى اي اهتمام.

حميد لفته دخيل
رئيس تحرير مجلة الحرية المسجلة في نقابة الصحفيين تحت رقم 366 وفق المباركة برقم 1531 في 2\10\2007 وبتوقيع المرحوم الشهيد شهاب التميمي.
لي عشرات المقالات والدراسات والأعمدة الصحفية في الصحف العراقية والعربية وبعض الصحف الأجنبية(صحيفة المدى، والزمان ،والصباح ،والأهالي، وألامة، والدعوة، والبينة ، والعرب اليوم، والغد الاردنيه وغيرها) بالإضافة الى عشرات المواضيع والقصص والدراسات في العديد من المواقع الالكترونية العراقية والعربية.،وبعض المقالات المترجمة والمنشورة في بعض الصحف الأجنبية ويمكنكم التأكد من هذا من خلال وضع الاسم على البحث في الغوغول.
مع التقدير والاحترام
حميد لفته – رئيس تحرير مجلة الحرية
ايميل hamd.hur@gmail.com
Irqhur.mag@gmail.com
19-3-2009
ملاحظة\ بعد عدة اتصالات تليفونية بمقر النقابة السيد النقيب والسيد صباح اخبرني السيد صباح بان الاضبارة تم الاطلاع عليها ووضعت أمام لجنة العضوية وستردك النتيجة خلال ثلاثة أيام ،وبعد مرور الأيام وعند اتصالي بالسيد صباح اخبرني با ن علي مراجعة المقر لإخراج الاضبارة !!!!
وهو لايعلم في اي تتم مراجعة منتسبي فرع النجف وعلي مراجعة الفرع ؟؟؟!!!
ولا نعلم في حلقة مفرغة ندور وما هو المطلوب بالضبط، وهل ان الاضبارة فقدت؟؟!!
يبدو إننا سنبقى صحفيون بلا هوية وصحفيون بلا حماية وصحفيون بلا حقوق!!!!

256
انتبه في مدرستنا مشرف!!
حميد لفته

خلال المراحل الدراسية الابتدائية والمتوسطة والثانوية تزدحم في ذاكرة جيلنا الذي أنهى دراسته في بداية السبعينات او الستينات وما قبلها الكثير من الذكريات \لأيامه الدراسية ومنها مثلا:-
توزيع الوجبة الغذائية ((الحمص والبيض والحليب) ورفعة العلم كل يوم الخميس من كل أسبوع طيلة العام ورنة جرس المدرسة الذي كان عبارة من قطعة من ((الشيلمان)) معلقة في الحائط قرب الإدارة يقوم فراش المدرسة بطرقها بقضيب حديدي معلق الى جانبها حيث يدق الجرس حسب ايعازات إدارة المدرسة في بداية كل حصة دراسية وبعد انتهائها.
كذلك ظل خالدا في الذاكرة المعارض الفنية المدرسية السنوية حيث يتم الإعداد له خلال السنة بالإضافة الى النافسة بين المدارس في العاب الساحة والميدان والكشافة والأشبال بملابسه الملونة وأشرطته الزاهية في ملاعب المدن الرئيسية خلال فترة معلومة من كل عام بالإضافة الى المنافسة بين المدارس في العاب الساحة والميدان والكشافة خلال فترات محددة من كل عام ولتي يحضرها أولياء أمور وعوائل ألطلبه لتكون حفلا جميلا ممتعا،السفرات المدرسية الربيعية الجميلة والممتعة والمسلية ولعبة التنس أوقات الفرص في ممر المدرسة كذلك هناك مهرجان أدبي ثقافي تقيمه بعض المدارس الإعدادية يشترك فيه الطلبة بمساهماتهم الفنية والأدبية والثقافية في يوم مشهود في قاعة المدرسة ولا يفوتنا أيضا النشرات الجدارية التي تتنافس من خلالها مختلف الشعب والصفوف في المدرسة والتي كانت تصمم وتضمن بمختلف المواضيع الأدبية والثقافية والعلمية بأقلام الطلبة وكانت تخصص جوائز خاصة للفائزين والمتميزين من الطلبة المساهمين في هذه النشاطات اللا صفية التي كانت تجعل من الطالب في شوق دائم للمدرسة واكتشاف الكثير من المواهب والطاقات عن طريق هذه الفعاليات.
ومن ابرز ما رسخ في الذاكرة بشكل مميز هو زيارة المشرفين المشرفون التربيون الى المدرسة حيث تدخل الإدارة والطلبة وحتى((الفراشين)) في الإنذار استعدادا لهذا لزائر المهيب حيث نلاحظ اهتماما غير عادي على معلمينا ومدرسينا وهم يلقون محاضراتهم ويشرحون لنا الدروس مترقبين لحظة دخول السيد المشرف الى الصف حيث يقف الأستاذ ويأمرنا بالقيام احتراما وترحيبا بالأستاذ المشرف،بع ان يشكرنا المشرف المهيب الأنيق ياخذ له مكانا بين الطلبة او في أخير الشعبة في حين يستمر الأستاذ في مواصلة محاضرته وقد يشترك المشرف في توضيح بعض الأمور واختيار نماذج عشوائية من ألطلبه لاختبار معلوماتهم في المادة موضوع الدرس. وبعدها يخرج شاكرا استاذنا وشاكرنا لينتقل لشعبة أخرى.
بعدها يمكن ان نلحظ الغضب او الارتياح والرضا من قبل أساتذتنا تماشيا مع ما عكسته إجاباتنا على استفسارات وأسئلة السيد المشرف وبيان مدى استيعابنا للمادة،حيث نرى السيد المشرف يدون بعض الملاحظات قبل خروجه من الصف.
علما بان بعض مديري المدارس كانوا بمثابة مشرفين دائمين وهم يتابعون الدروس والمعلمين والمدرسين ومدى قدرتهم على إيصال المعلومة للطالب والتزامهم في الوقت المحدد للمحاضرة وإلزام إكمال المادة المقررة حتى ولو بدروس إضافية بعد الدوام الرسمي –مجانية طبعا_ مع الاحترام الملحوظ الذي يفرضه السيد المدير على الهيئة التعليمية او التدريسية في المدرسة نتيجة كفائتة العلمية والإدارية وخبرته المشهود لها من قبل زملاءه دون ان يفرض عليهم فرضا بناء على موقع حزبي او علاقة قربى بمدير التربية وغيره.
لكن للأسف الشديد نشهد اليوم غياب كل هذه الممارسات في اغلب مدارسنا اليوم حيث يذكر لنا أبناءنا وبناتنا بأنهم لم يشهدوا ولو زيارة واحدة للمشرف لمدرستهم وان حدثت فلا تتجاوز إدارة المدرسة وتناول الشاي والمرطبات دون الاطلاع على مجريات سير التعليم في المدرسة التي ابتلي اغلبها بمعلمين ومدرسين غير أكفاء ولا يحبون مهنتهم ولا يملكون القدرة على توصيل المادة للطالب ناهيك عن القدرة في التواصل والاحترام المتبادل بينهم وبين طلبتهم في حين لا يكاد دور مدير المدرسة يذكر في ضبط وتوجيه ومراقبة دوام وكفاءة هيئته التعليمية والتدريسية فتعم الفوضى في المدرسة ويتكاسل المعلمين والمدرسين في أداء واجباتهم تجاه طلبتهم فليس هناك من يقدر ويقيم كفاءة وتفاني المدرس او المعلم المواظب والجاد والمتمكن من مادته ويلفت نظر او يطور المهمل والركيك والمرتبك وقليل التجربة بحيث أصبح بعض الطلبة يتندرون حول أخطاء معلميهم ومدرسيهم.
هذا بالإضافة الى وباء الدروس الخصوصية التي البعض لا يهتم إلا بالطلبة اللذين يعطيهم هذه الدروس مقابل مبلغ باهظة غير مباليا بمصير بقية الطلبة.
وإذا كانت ولم تزل الكثير من الشواهد والأمثلة الرائعة لمعلمين ومدرسين تميزوا بالأثرة والكفاءة والتمسك بأخلاق المهنة للمدرس والمعلم – الذي كاد ان يكون رسولا- بالرغم من ظروفهم القاسية أيام النظام السابق نشهد للأسف الشديد تردي مريع في أداء الواجب والكفاءة العلمية والشعور بالمسئولية وعدم الالتزام بالضوابط المهنية والتربوية للعديد من المعملين والمدرسين ونقصا مزمنا في مدرسي بعض الدروس بالإضافة الى عدم كفاءة العديد من مديري ومديرات المدارس ولامبالاة مديريات التربية بشكاوي الطلبة والطالبات على الرغم من الرواتب المجزية التي لا يمكن مقارنتها بما سبق وهم يستحقون ماهو أكثر.
نرى ان جزءا كبيرا من هذا الوضع لمؤلم يتعلق بتردي عملية الإشراف ان لم يكن انعدامها بلاضافة الى عدم كفاءة ومهنية وحماس المشرفين ان وجدوا وقلة وبيروقراطية وانعزال بعض مديري التربية اللذين جاء بهم الوضع المضطرب ليشغلوا هذه المناصب دون استحقاق ضمن المحاصصات الحزبية في تقاسم المناصب والمراتب.
ان العملية التربوية والتعليمية بحاجة ماسة ان إعادة نظر وتقييم جاد من قبل ذوي اختصاص وخبرة وعقول متنورة ومفتوحة بعيدا عن الولائات والاملاءات السياسة والحزبية الضيقة لمعاجلة حالة التدهور ألحاصل .
ومما يلفت النظر بروز ظاهرة المدارس الخاصة التي تعمل باجر لتكون لأبناء الذوات وأصحاب الثروة والجاه لتجذب المدرسين والمعلمين الأكفاء من المدارس الرسمية بإعطائهم الامتيازات والرواتب العالية وترك المدارس الحكومية خاوية يقودها ويوجهها أشباه الأميين لتخرج اجيال من الطلبة الفاشلين.
فلم نعد نسمع من أساتذة أبناءنا وبناتنا وصايا أساتذتهم ((ديروا بالكم ولدي بيضونه وجه تره اليوم يزورنه المشرف!!))

257
بمناسبة يوم الشهيد الشيوعي

(ابحث لكم عن اسم آخر)
حميد لفته
في عدد جريدة طريق الشعب (121) الخميس 12 شباط 2009 وبمناسبة يوم الشهيد الشيوعي كتب الأستاذ عبد المنعم الاعسم مقالا رائعا حول تاريخ الحزب الشيوعي العراقي وعطاء وتضحية الشيوعيين وهو في حيرة من أمره بماذا يسمي هذا الحزب حامل راية الفداء والكفاح من اجل خير وسعادة وامن الإنسان العراقي.
 ويسردوفي افتتاحية الجريدة ورد ما نصه( في يوم الشهيد الشيوعي، نتصفح سجل الواهبين الخالدين،ونمجد ذكراهم المضيئة وأسمائهم التي يتردد صداها في رحاب الوطن وفضائاته فسلاما على قائمة طويلة من الشهداء الشيوعيين قادة وقواعد وأصدقاء ابتداء من الخالد فهد ورفاقه والخالد سلام عادل ورفاقه والخالد صفاء الحافظ ورفاقه ورفيقاته... والقائمة تطول وتمتد الى عهد ((الديمقراطية)) الأمريكية)).
لا اظن ان هناك اثنين من أحرار العرقين يختلفون حول تضحيات الشيوعيون العراقيون وصلابتهم في مقاومة الظلم وقوى الاستغلال والاحتلال في مختلف الاوقات في تاريخ العراق الحديث.
ولكن كنتتم ذكران يتم ذكر أسماء الخونة والمتخاذلين والساقطين وممن باعوا ضمائرهم ومبادئهم على عدوهم الوطني والطبقي خلال مسيرة السفر الخالد لمسيرة الشيوعيين الطويلة وسلموا رقاب رفاقهم للشنق والتعذيب والسجن أو ممن باعوا مبادئهم وتنازلوا عن القضايا والمبادئ التي استشهد من اجلها الشيوعيين الإبطال.
حبذا لو تم ذكر اسم مالك سيف وزمرته ومن تلاه ممن سلكوا طريق الخيانة والسقوط حتى تكتمل صورة الوفاء والمجد للشهداء الخالدين واللعنة والاحتقار للخونة والساقطين.
وهنا نقول الم يقول الرفيق الخالد فهد بان كان وطنيا قبل ان يكون شيوعيا وقدا صبح أكثر وطنية حينما أصبح شيوعيا وقد قاوم بشجاعة منقطعة النظير ومعه كل رفاقه الأبطال الاستعمار البريطاني وأذنابه وقد اعتلى المشنقة هو ورفاقه وهم يهتفون بحياة وحرية الشعب والوطن،ولم يهادنوا أذناب الاستعمار ممن نصبهم الانكليز لان الانكليز جاءوا محررين للعراق من الاستبداد العثماني، كما هو حاصل الآن حينما ((حرر)) الأمريكان العراق من الاستبداد ألصدامي؟؟
الم يسقط العديد من الشيوعيين وأصدقائهم شهداء أبطالا وهم يتظاهرون ويقاومون معاهدة حلف بغداد سيئة الصيت في انتفاضة 1948 الخالدة؟؟ لاكما يحدث الآن حينما يبصم حزب الشهداء على الاتفاقية الأمريكية العراقية؟؟؟!!!
الم تكن المخابرات الأمريكية هي القطار الذي أتى بالبعث الفاشي للسلطة في 8شباط 1963 الأسود وكانت وكالات المخابرات الأمريكية تبث أسماء المناضلين الشيوعيين وعناوينهم من إذاعة في الكويت لتدل عليهم عصابات الحرس ((القومي)) القتلة؟؟؟ فماذا يقول حزب الشهداء لسلام عادل ورفاقه وهو يصافح برا يمر ونكروبونتي وكل عصابات الغزو الأمريكي وهم يحتلون وطنهم؟؟؟!!
الم يكن العمال الشيوعيون وأصدقائهم في كاورباغي وغيرها قد بذلوا دماء وعرقا وتحملوا شتى أصناف التعذيب والتشريد والسجن والإبعاد في مقاومة الشركات الاحتكارية الانكليزية والأمريكية للحفاظ على الثروة النفطية الوطنية وقد كانوا هم الصناع الحقيقيون لقرار التأميم؟؟؟ فإذا يقول لهم الآن حزب الكادحين وهو مستعد ليبصم على مسودة مشروع قانون النفط والغاز بصيغته الأمريكية المجحفة؟؟؟!!
الم يكن خيرة الشباب الشيوعي ذهبت أرواحهم الطاهرة تحت يد الجلاد عيسى سوار المجرم وعصابات البارتي دون إي ذنب اقترفوه وهم عزل من السلاح؟؟؟ فما عسى حزبهم ان يقول وهو يأخذ جلاديهم بالأحضان ويدخل معهم في حلف واحد دون ان يطالب حتى بمحاكمة القتلة أو حتى الاعتراف بالجريمة وتقديم الاعتراف عن الجريمة النكراء لهم ولعوائلهم؟؟؟!!!
الم يذهب عشرات الأنصار والنصيرات الشيوعيات ضحية أبشع جريمة قتل وتمثيل وتقطيع الأجساد من قبل عصابات (اوك) في بشتي آشان الأولى والثانية وهم يحملون السلاح للدفاع عن الشعب العراقي بكل قومياته ضد الديكتاتورية الفاشية الصدامية؟؟؟ فما هو جواب الحزب لأرواح هؤلاء الشهداء وعوائلهم وهو يعانق زعيم القتلة ويتحالف معهم دون حصوله حتى على بيان اعتذار ناهيك عن محاسبة القتلة وتقديمهم للعدالة فذهبت أرواحهم هدرا؟؟؟!!!
الم يصعد الشيوعيون وأصدقائهم المشانق وهو يهتفون بسقوط الامبريالية والاستعمار والرجعية وقوى الظلم والظلام؟؟؟فما عسى ان يقول لهم الحزب وهو ضمن مسيرة الاحتلال والاستغلال الرأسمالي البغيض بقيادة الرأسمالية الأمريكية المتوحشة وتفتح مقراته ومؤتمراته تحت حراسة دباباته وطائراته ومار ينزه ومرتزقته؟؟!!!
الم يبذل الشيعيون العراقيون وأصدقائهم الغالي والنفيس وتحمل السجون والتشرد والتعذيب والقتل من اجل وحدة الوطن أرضا وشعبا؟؟؟ فبماذا يمكن ان يجيب الحزب هؤلاء لو سألوه عن إقراره على صك التقسيم الطائفي والعرقي تحت ذريعة الفيدرالية؟؟؟!!
ماذا عساه ان يقول لتحسين ألمنذري وتحذيره في مقولته الرائعة((احذر بسمة الجلاد)) وقد استسلم كليا ملقيا كل أسلحته وجدران حمايته أمام تكشيرة جلاديه؟؟؟

وهنا نعود لعنوان مقالة الأستاذ عبد المنعم الاعسم لنقول (ابحث لكم عن اسم آخر)) وهنا نوجه الخطاب لقادة الحزب الشيوعي العراقي الحالية لنقول ((ابحث لكم عن اسم آخر )) ولكن ليس الحزب الشيوعي طبعا احتراما ووفاء وإجلالا لأرواح الشهداء الشيوعيين وتقديسا لدمائهم واحتراما ووفاء لكل المعذبين والمشردين والسجناء من الشيوعيات والشيوعيين لأنكم لستم أهلا لحمل هذا السفر النضالي الخالد.
الم ينذر هؤلاء الشهداء أرواحهم في محاربة الطائفية والعرقية،وقدموا التضحيات من اجل ان تسود روح المحبة والتكافل والتضامن بين كل أبناء العراق؟؟
فبأي عذر وبأي حجة وبأي وجه ستقابلهم قيادة الحزب وقد دخل العملية السياسية بعد الاحتلال من أقذر أبوابها الا وهو باب الطائفية والعرقية؟؟؟
بأي التبريرات والحجج سوف تجيب قيادة الحزب هؤلاء الشهداء حينما يسالون عن الفشل الذر يع في الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجالس المحافظات بحيث لم تصل النسبة من المؤيدين الى 2% من مجموع الناخبين؟؟؟
هل السبب هو عدم وفاء العراقيين للشهداء الشيوعيين وتضحياتهم ؟؟؟ أم السبب هو انحراف قيادة الحزب عن الخط الفكري والنهج السياسي لمبادئ الشهادة والفداء التي آمن بها الشيوعيون وضحوا من اجلها،؟؟؟
أم لان قوائم الحزب يتصدرها العديد من الانتهازيين والمتخاذلين والمرتشين الذين لا تتوفر في اغلبهم ابسط مبادئ الشيوعية من حيث الجرأة والصدق والمبادرة ووضوح النهج والمنهج؟؟؟
لا نريد ان نسهب في تعداد حالت التردي والانحراف لقيادة الحزب وخصوصا بعد الاحتلال ولحين التاريخ في مختلف المجالات الفكرية والسياسية والتنظيمية الخطيرة.
بعد كل ما عرضناه نترك الباب مفتوحا للرفيق عبد المنعم الاعسم ليتوصل الى (أي الأسماء يختار للحزب) وهل من بينها اسم الحزب الشيوعي العراقي الذي يعرفه الشعب العراقي شعب الفداء والتضحيات من اجل وطن حر وشعب سعيد، حزب فهد وسلام عادل وخالد احمد زكي وصفاء الحافظ وعايده ونضال ونايف وحسن وكريم ومحمد وتوما وووووو.

258
واقع الخلاف بين الرأس والأطراف
حميد لفته
بعد ان انجلت غبرة  الشعارات وتأرجح اللافتات  ظهرت النتائج الأولية  لانتخابات  مجالس المحافظات  العراقية؟،وان لم نكن  نتفق مع من يرى ان هناك  تغييرا كبيرا قد حصل في طبيعة ووصف  القوى التي حوت اغلب كراسي المجالس،ولكنها بالتأكيد لم تظهر بحلة طائفية اوعرقية صارخة كسابقاتها  ، وقد  فرت العديد من هذه الكرسي من تحت اللذين أرادوا ان يؤصلوا الطائفية والعرقية، فبدت  وجوه  الفائزين لتظهر بمظهر المستقل أو اللبرالي أو رجل الدولة والقانون،ولاشك إنها خطوة خجولة نحو  بناء دولة دستورية علمانية ديمقراطية ، ومما يؤكد ذلك هو  بقاء أكثر من خمسين بالمئة من الناخبين العراقيين في بيوتهم  ولم يدلوا  بأصواتهم لأنهم لم يجدوا من يعبر عن  تطلعهم وطموحهم ومعبرين عن رفضهم  للعرقية والطائفية وبحثهم عن بديل  جديد.
ان صبغة  الوطنية العراقية والديمقراطية  واللبرالية والاعتدال التي ظهرت بها مجالس المحافظات تثير في المتتبع السؤال التالي:-
كيف ستكون العلاقة بين مجالس المحافظات وبين  مجلس النواب العراقي المبني على مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية، والذي لازال مشلول الأطراف بسبب فقدانه للمشهداني رأسه المستقيل أو المقال ، حيث اشتبكت الإرادات والادعاءات لحيازة هذا الرأس الذهبي-حيث يبلغ راتبه الشهري  أكثر من ستين ألف دولار-   فهو من حصة الطائفة الفلانية والكيان الفلاني ولم يدر بخلدهم  أنهم  ورئيسهم  لابد ان يكونوا من حصة الوطن العراق!!!
هل سيتوافق مجلس المحافظة ويتقاسم أعضائه المناصب والمراتب على طريقة مجلس النواب أم ان مجلس النواب سيتبع مجالس المحافظات ساعيا  للنبذ الفعلي والعملي الملموس للمحاصصة الطائفية والعرقية المتعفنة وليس بالقول بينما يتشبث  بها  بالفعل؟؟
الا يجدر ان  يفسح المجال  للعناصر الكفوءة   للترشيح  لرئاسة مجلس النواب بغض النظر عن طائفته وقوميته ودينه وجنسه  لتجري عملية التصويت ليفوز بالرئاسة الشخصية الأقدر والأجدر عسى  ان تسجل حسنة في سجل هذا البرلمان الذي  لم تبقى من عمره سوى عدة أشهر؟؟؟
الا يجب ان تتعض  القوى  المهيمنة على  مجلس النواب من  إنذار نتائج مجالس المحافظات والذي سيكون اشد وطأة وأقوى صوتا وأكثر جذرية ورفضا  للمحاصصة العرقية والطائفية  والهيمنة  الأجنبية على مقدرات الوطن والمواطن؟؟؟
ماذا سيقول هؤلاء النواب  لمن انتخبهم وماذا سيقولون  لبقايا ضمائرهم  وهم يعطلون إقرار  ميزانية 2009 وتعطيل  تشريع قوانين هامة  تتعلق بمصالح  وحياة  عموم العراقيين؟؟؟
كيف  ومتى وبأي آلية ستعمل مجالس المحافظات  الجديدة  لتفي بتعهداتها ووعودها لناخبيها   من اجل  توفي العمل  والأمن والخدمات لأبناء  المحافظات  اللذين عانوا كثيرا من  البطالة والفساد  وإهدار المال العام  وتكاثر لفاسدين والمفسدين؟؟؟
كيف سيحل هذا الاختلاف بين  الرأس والأطراف؟؟؟

259
اراء وملاحظات حول انتخابات مجالس المحافظات العراقية
 
على أي الصناديق وقع اختيارنا؟؟؟
حميد لفته
مر يوم 31؟1؟2009  كما أسموه عرس الديمقراطية بسلام   في (18-4) محافظات عراقية!!! بسلام على الرغم  من إن  ستة رؤوس قد قطفت  من مجموع الرؤوس (14000 رأس-6) الذي كانت  متطلعة لتبوء  اماكنها في مقاعد مجالس المحافظات  العراقية؟،بالإضافة  إلى عدة  قنابل صوتية  استقبلت  بها زفة العروس  في  تكريت،هذه العروس((الديمقراطية)) التي  أهدانا إياها العم بوش بعد أن كان   يحتجزها  في زنازينه  صنيعته المدلل دكتاتورنا الموؤد. هذه العروس التي ضاقت شوارع وجدران مدننا  وساحاتنا  بصور  المعجبين الباسمة ووعودهم  الوردية ومؤهلاتهم الخارقة ليضعوها  بخدمة  هذه العروس الفاتنة التي أغدقت بعطاياها  السخية  على من سبقهم  فملأت جيوبهم بالمال  وامتلأت ضياعهم بالخدم والحشم فأصبحت وجوههم ناظرة وقصورهم عامرة،هذه القصور التي  أخفتهم وراء جدرانها   الحصينة عن عيون  ووجوه أحبائهم الناخبين النائحين التي  بحت أصواتهم وهو يحاولون أن يذكروا من انتخبوهم بما كانوا يوعدون ولكن  دون جدوى!!!
توجهت  كل عيون المرشحين الجدد نحو  الأصابع البنفسجية التي  ستبصم  العقد الجديد مع المرشحين الجدد، أعلن  أل( الف14-6..) مرشح بان كل نهم خاتم في هذا الأصبع البنفسجي يأمره فيطيع منفذا كل أمانيه وتطلعاته وطموحاته على صيغة (شبيك لبيك أنا  عبدك بين أيديك)!!!
هذا الإصبع الذي لم  يحظى بأي اهتمام وهو يؤشر على   ابسط حقوقه وتطلعاته في ارض السواد  والذهب الأسود!!!
هذا الأصبع الذي لم يحظى بأدنى اهتمام  وهو يؤشر على  المرتشين  والقتلة والانتهازيين والعاجزين والكسالى..و..و..و!!!
هذا الأصبع الذي  اصبح اصفرا  شاحبا  نتيجة الجوع والبطالة والمرض.
هذا الأصبع الذي  أصبح لا تراه حتى  عيني صاحبه  لأنه غارق في دياجير الظلمة والظلام!!!
هذا الأصبع الذي  يرتجف من البرد  لأنه يفترش الأرض ويلتحف السماء لعدم  حصوله على مسكن  يؤبه!!!
ونحن بدورنا نسال هل إن هذا الأصبع  عثر   على من يستطيع إن  يفي بعهده  ووعده ويكون أهلا  للثقة  ساعيا لانتشال  الإنسان  والوطن  من حالة التردي التي تهمين عليه  في مختلف مفاصل  الحياة؟؟؟
إن حالنا الآن تذكرنا بحال أهل مدينة حلب في  زمان الحكم العثماني  مع ولاتهم وباشاواتهم آنذاك حيث يصف لنا الكاتب  عبد الله حنا هذا لحال  في حادثة طريفة  تقول((إن احد الباشوات بلغه ا ناهل حلب يتآمرون عليه وسيكتبون إلى الباب العالي لما كان عليه من الطمع بالمال وظلمه الناس بالغرائم. فدعا الباشا بعض وجهائهم  وأدخلهم في غرفته الخاصة وفتح أمامهم صندوقا مملوءا ذهبا إلى نصفه وقال لهم،سوف لا ارحل من حلب إلا بعد أن يمتلئ الصندوق من ذهبكم، ولكن اعلموا أن من يأتي بعدي  من الباشوات سوف يأتيكم بصندوق فارغ. إن تعبئة نصف صندوق أهون من تعبئته كاملا. فبهتوا وخرجوا سالمين))
وهنا نسال الاصبع البنفسجي هل بصم عقدا  جديدا مع من يمتلك  صندوق نصف مملوء بالذهب مما اكتنزه خلال السنوات الخمسة الماضية ،أم  وقع عقدا مع حامل الصندوق الفارغ والذي يسعى جاهدا من اجل إن يملاه ذهبا كحال  زميله السابق، أم  انه وعى حقيقة تقول :-
إذا كانت الصناديق المصنعة من قبل آل عثمان قابلة للامتلاء، فان الصناديق  المصنعة من قبل الأمريكان لا يمكن أن تمتلئ  مهما طال الزمان  وان ابتلعت كل خزائن وثروات الأرض.
وهنا وجب على الأصبع البنفسجي أن يختار  صندوقا  من قبل ((اسطه)) عراقي ماهر  ومصنوعا  من معدن  عراقي خالص، مفاتيحه في جيوب أبناءه المخلصين اللذين  سيعيدون بقوة  محتوياته الحياة لمعاملهم  ومصانعهم،والخضرة لحقولهم ومزارعهم،والنظارة لمدنهم وشوارعهم ،والنور بيوتهم ،والسمة لشفاه أطفالهم ،والكرامة والراحة لشيوخهم.
صندوقا عراقيا تكون أقفاله عصية على   الطامعين والفاسدين والمرتشين والمختلسين والمبذرين.
نأمل أن تكون الأصابع الموقعة والأصابع الممتنعة عن التوقيع قد بدأت  تشير إلى العراقي  القوي  الحر الأمين حامل الصندوق العراقي الأصيل.
 
*عبد الله حنا-المجتمعان الأهلي والمدني في الدولة العربية الحديثة-ص29 –دار المدى ط1 2002.

260
ملاحظات حول شعارات المرشحين  ومطالب الناخبين
حميد لفته
تحمل شوارع وساحات وهامات مدننا وبنياتنا أنواعا وأحجاما وألوانا متنوعة من البوسترات واللافتات والصور والأرقام وكلها تدعو (انتخبوا مرشحكم..فلان.. رقم (  ) ضمن القائمة رقم( ) حيث يقتحم هذا المرشح وسائل حسك السمعي والبصري دون استئذان ودون إن  يعرف نفسه ويقدم مؤهلاته وما هي الأهداف التي ستجري وفقها عملية التعاقد بينك كناخب وبينه كمرشح.
فالأغلبية الساحقة تتمترس خلف شعارات عامة وفضفاضة سوف لا تكلفه أي  التزام قانوني أو أخلاقي للإيفاء بها ولا اي عناء في سبيل تحقيقها .
إن تجربة الخمسة سنوات  الماضية لم تعطنا حتى مثال واحد على  عضو مجلس محافظة أو عضو مجلس نواب قدم استقالته لأنه عجز  عن الإيفاء بالتزاماته لمرشحيه  وعجز عن تحقيق الأهداف التي تعاقد  بها مع ناخبيه وكم يبدو هذا الأمر  غريبا وعجيبا  ونحن  كناخبين وهم كأعضاء  مجالس محافظات ومجلس نواب يقرون  بالمدى  الذي  وصل إليه الحال من حيث الفساد المالي والإداري وتردي الخدمات  وتدهور الاقتصاد ...الخ  ناهيك عن فضائح الشهادات والمؤهلات المزورة التي  تم كشف بعضها  وتم التستر  على اغلبها علما  إن لا احد من الظاهر أو المستتر تمت محاسبته أو إقصائه من منصبه ناهيك عن تقديمه للقضاء لينال جزاءه ،وقد  بان  غش وكذب العشرات من المزورين في بداية  الإعداد للانتخاب مجالس المحافظات فقد أعلنت المفوضية العامة  اكتشافها (65) شهادة مزورة من أصل (3000) شهادة تتم تدقيقها لحد الآن(18-1-2009 )فكم سيبلغ هذا الرقم من العدد الإجمالي للمرشحين الذي يقارب أل(50) ألف مرشح؟؟؟!!!
فعلى امع مشروعوطني
هو مع قوى الاحتلال ام يعمل على  الإسراع في إنهاء وجوده؟؟.
هل هو مع الفدرلة ام  ضدها ام مع تأجيلها؟؟؟.
هل هو مع حرية السوق والخصخصة ام مع سيطرة القطاع العام وتنمية القطاع الخاص المنضبط والمقنن؟؟؟.
هل هو مع تعديل أو استبدال الدستور أو إبقائه على ماهو عليه؟؟.
هل هو مع  مشروع قانون النفط والغاز بصيغته الحالية أو لديه رؤيا أخرى وما هي؟؟
هل هو مع مساواة الرجل والمرأسيحقق للتجارالواجبات ام لا؟؟
لا نعرف إلى أي طبقة اجتماعية ينحاز المرشح فهل هو مع الظالم  والمستغل ام مع المظلوم والمستغل والمهمش هل هو  مع الأثرياء لزيادة ثرائهم أو هو مع الفقراء  للقضاء على أسباب فقرهم
كنا نتمنى أن يعلن المرشح ماذا سيحقق  للتجار وماذا سيحقق للإقطاعيين وماذا سيحقق للعمال  والفلاحين  وماذا سيحقق للأدباء  والفنانين وماذا  يحقق للمرأة  والطفل والمتقاعدين...الخ هذا  فيما يخص الطبقات والشرائح الاجتماعية.
وكم تمنينا إن  تكون أهداف المرشحين واضحة وملموسة وذات مماس  مباشر بحياة الناس وذات برامج وخطط  تستطيع إن تتجاوز  عثرات  ما قبلهم وكشف المتورطين في  قضايا الفساد والإفساد والكسل لسابقيهم وتقديمهم للعدالة  لينالوا جزاءهم هم والقوائم والكيانات المتسترة عليهم، نتمنى إن يتبنى  المرشحين وكل حسب مؤهلاته وقدراته  بالتضامن والتكافل لتحقيق ما يلي:-
*بناء  قوات امن وجيش على أساس الكفاءة والولاء للوطن والدستور والإسراع في إنهاء  كل أشكال الوجود العسكري والأمني والمخابراتي  لقوى الاحتلال وكل القوى الأجنبية  الناشطة في العراق.
* رفع الكتل الكونكريتية من الطرقات وضمان حرية  سكن وتنقل المواطن العراقي.
 نظمن وصول الغاز  لطباخك والنفط الأبيض لمدفأتك والنور لمصابيحك وبأسعار الكلفة  باعتبارك مالك أضخم احتياطي للبترول واقله كلفة في العالم
*نعمل على إعادة الحياة للمصانع والمعامل العاطلة والمعطلة لندعم الاقتصاد الوطني ونوفر فرص العمل للعاطلين ونضمن تنوع مصادر الدخل الوطني
* نمدك بالطاقة والسماد والالات الزراعية ونحمي محصولك الزراعي وثروتك الحيوانية من المنافسة الخارجية لتامين سلة الغذاء وطنيا.
*كرامتك مصانة ومعاملاتك منجزة بلا منة ولا روتين.
*ضمان تعليم مجاني لكافة المراحل الدراسية مع منحة مالية لكل المراحل الدراسية  وإعداد كوادر تعليمية وتدريسية كفوءة وفق احدث الطرق والقضاء على ظاهرة  التعليم والتدريس الخصوصي.
*نسعى  لأغناء  البطاقة التموينية لذوي الدخل المحدود والعجزة  والعاطلين عن العمل مع العمل على إلغائها بتوفير فرص عمل ودخل مناسب يمكن المواطن العراقي من العيش الكريم.
*علاجك مضمون مجانا ولا حاجة بك لمراجعة العيادات الخاصة من خلال رفع مستوى كفاءة مؤسسات الدولة الطبية والصحية وفصل العمل للكوادر الطبية والصحية وخيارهم بين  العمل الخاص أو العمل في مؤسسات الدولة.
*المسئول الحكومي مهما على شانه وعنوانه مستوظف عندك لك ، أنتلحق في عزله واستبداله ومحاسبته إن لم يكن كفوءا وجادا في أداء واجباته.
*وضع قانون موحد للخدمة  والتقاعد المدنية والعسكرية يشمل كل عناوين الحكومة من رئيس الجمهورية  لأصغر  وابسط عامل وعلى أساس  الشهادة  ومدة الخدمة ولا فرق  إلا في المخصصات  المعقولة التي تناسب كل عنوان والقضاء على ظاهرة  التضخم السرطاني في رواتب الرئاسات الثلاث  والوزراء ونوابهم وأعضاء مجالس النواب  ومجالس المحافظات  وكافة الدرجات العليا والخاصة في الدولة .
*ملزمين بوضع كافة الحسابات والمعلومات  والخطط في مختلف مجالات الحياة الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية أمامك لقطع دابر العفوية  والتبذير والرشوة والفساد وعدم الجدوى وإهدار المال العام.
*باب المسئول مفتوحا أمامك في أي وقت وفي إي مكان وعنوان،أنت تطلب وأنا أنفذ ضمن القانون والدستور.

261
آراء وملاحظات حول انتخابات مجالس المحافظات
 
" إرتفاع القامات وتدني الخدمات "(ح7)

بقلم : حميد لفته

        عند سيرك في شوارع المدن العراقية تشعر وكأنك تسير وسط غابة من الشعارات والصور واللافتات وأرقام المرشحين وكياناتهم , التي لم توفر أي مكان أو فسحة لوضع هذه الوسائل الدعائية , جدران المؤسسات وواجهات المباني , لوحات إعلانات ودعايات شركات الموبايل والإنترنت أو  دعاية  أية شركة حيث تم التعدي على  لافتاتها وبوستراتها الإعلانية مدفوعة الثمن .
    ومن الملاحظ أن ضخامة وكبر وعدد هذه اللافتات والبوسترات والملصقات يتناسب عكسيا ً مع الفترة الزمنية المتبقية ليوم الاقتراع الانتخابي في 31\ 1\2009 فكلما قصرت الفترة طالت وكبرت وتمددت وارتفعت اللافتة والصورة والبوستر الدعائي للمرشح.
      فقد بلغت بعض اللافتات وبوسترات صور المرشحين عدة أمتار طولاً وعرضا ً مما يشير إلى ضخامة المبالغ المصروفة من قبل الفرد أو الكيان في حملته الدعائية الانتخابية في وقت تدعو فيه السلطة في الوقت الحاضر المواطن العراقي إلى التقشف والترشيد وهو مُقبل على وضع مالي وإقتصادي صعب نظرا لأنخفاض سعر برميل النفط في السوق العالمي .
        ومن الملفت للنظر إن بعض المحافظات تشهد ترديا مريعا للخدمات العامة تتناسب عكسيا مع ضخامة الشعارات والبوسترات حيث تمتد فترة إنقطاع التيار الكهربائي لأكثر من ثمانية أو تسع ساعات مقابل ساعة أو ساعة ونصف تجهيز , بدلا من أن تكون أربع أو ثلاثة ساعات قطع مقابل ثلاثة ساعات تجهيز قبل بداية الحملة الانتخابية, كما أزداد سعر ((قنينة)) الغاز لعدة أضعاف حيث بلغ سعر ها (12) ألف دينار أو أكثر خلال الأيام الأخيرة , بالإضافة إلى توقف معاملات التسليف العقاري وسلف المتقاعدين وتعيينات الموظفين ....الخ التي أتت مع نهاية سنة  2008 وبداية سنة جديدة، وإرتهان ميزانية 2009 داخل قبة البرلمان الباحث عن رأس جديد بعد أن أقال أو أبعد رأسه القديم دون الإتفاق على بديل فغط البرلمان في فوضى الخيارات والتجاذبات بين الكتل والكيانات الساعية لخطف هذا الرأس  الذهبي لصالحها تحت مختلف الذرائع والحجج , منها حق, ومنها حق يراد به باطل، ومنها باطل سافر أو باطل مستتر !!!.
إننا إذ نعرض هذا الحال إنما نثير التساؤل التالي :
ألا يجدر بالمتبارين والمتنافسين أو المتصارعين والراكضين لأخذ السبق على مقاعد مجالس المحافظات أن تعمل بنفس الهمة والحماس والجدية لتوفير الخدمات وتحسين جودتها لخدمة الناخب العراقي لتكون حافزا للمشاركة في الإنتخابات وحسم خياره لصالح أكثر الكيانات والرموز والأسماء عطاءا  في  مجال  الخدمات؟؟؟
أم إن هذه الكيانات والأسماء والعناوين كلها تتفرج على المواطن وهو يغرق في بحر الأزمات الأقتصادية والأجتماعية والسياسية ليلقي كل منها الذنب على غريمه ومنافسه وعلى الناخب أن يلتفت لطول وضخامة صورة  المرشح  ليتعلق به بأعتباره المخلص الأقدر والمنقذ الأجدر للمواطن وإيصاله إلى بر السعادة والرفاه والأمان .
وماعليه إلا أن يضع إشارة (صح) أمام كيانه ورقم تسلسله ليضمن تحقيق كافة أحلامه وأمنياته في سلة الرقم المختار.
 
 
حميد لفته
12/1/2009

262
  متى يتم تخفيض أسعار المحروقات؟؟؟
بقلم حميد لفته
بدون الحاجة إلى المشاطرة والمناظرة حيث يبدو إن من بديهيات السوق أن يكون سعر السلعة مهما كان نوعها أو مصدرها خارج  فعل الاحتكار في بلد المنشأ اقل بمقادير متباينة لظروف  مختلفة عن سعرها في البلدان المستوردة وهذا هو قانون السوق وخصوصا في البلدان التي تؤمن بحرية السوق كما هو حال  النهج الاقتصادي في عراق اليوم، وبالطبع هناك سلع تعتبر  سلع استراتييجية وذات تأثير واسع على كافة مفاصل الحياة والاقتصاد  في البلاد ومن هذه السلع المحروقات بكافة أنواعها.
فمثلا انخفاض أو ارتفاع البنزين أو الكاز سيؤثر بنفس النسبة على  تكاليف النقل  والتدفئة وافران الصموت ومكائن الري ومولدات الكهرباء... إي بماله انعكاس مباشر على حياة  الإنسان المستهلك وخصوصا الفئات الشعبية ذات الدخل المحدود فكلما انخفضت تكاليف إنتاجها ونقلها  وطهيها في المنازل  والمطاحن والمطاعم فينخفض سعر الصمون والخبز والخضر  وسعر أمبير  الكهرباء للمولدات الكهربائية.
ولا نظن  إننا بحاجة للمزيد من الايضاح حول أهمية خفض أسعار المحروقات.
ولكننا نعيش في عراق ((الديمقراطية)) اليوم خلاف كل هذه البديهيات الخاصة   بآليات السوق ،وكذلك  خلاف لكل الشعارات المرفوعة من قبل أصحاب القرار من اجل خدمة ورفاه الشعب وسعادة المواطن ورفع مستواه المعاشي.
ففي الوقت الذي  بلغ فيه سعر البرميل النفط الخام (167)دولارا كان سعر لتر البنزين(400) دينار أي  ما يقارب  ربع الدولار للتر وكذا هو حال الكاز والنفط الأسود والنفط الابيض والغاز حيث وصل سعر (قنينة) الغاز أكثر(25) ألف دينار.
وبعد إن انخفض سعر برميل النفط إلى اقل من (30) دولار للبرميل وخصوصا النفط العراقي الذي تذكر  بعض المصادر بأنه يباع بأقل من الأسعار العالمية خصوصا  للأشقاء والأصدقاء!!!!
ولكننا لم نشهد أي تخفيض لسعر لتر البنزين أو لتر الكاز أو النفط والغاز .
ومن المفارقة إن  حكومة الاردن الشقيق التي  تستورد النفط الخام من العراق قد أقدمت على تخفيض أسعار المحروقات ومن ضمنها البنزين للمرة السادسة على التوالي تبعا لهبوط  أسعار برميل  البترول الخام في العالم.
فإذا كان برميل البترول يكلف على المستوردين الآن ما يقارب أل(35-37)دولار مما يستدعي إن يكون سعر لتر البنزين اقل من مئة دينار على افتراض إن العراق يستورد البترول ولا ينتجه  ويصدره.
ومن اجل إن لا يواجه اعتراض صندوق النقد الدولي إذا باع منتجاته البترولية با قل من  أسعار دول الجوار( علما بان  المسؤولين الماليين صرحوا أخيرا  بان العراق قد تخلص من اسر  صندوق النقد الدولي مع غرة  عام 2009).  وموت مبرراتهم بإمكانية تهريبه إلى دول الجوار أن تم بيعه بأسعار مخفضه للمواطن العراقي في داخل الوطن!!!
فبأي عذر يمكن أن يعتذر أصحاب القرار بعد أن خفضت دول الجوار(مثل الأردن) المستوردة  للبترول العراقي أسعار المحروقات  ومن ضمنها  البنزين  لأكثر من  خمس مرات تماشيا مع انخفاض سعر البترول الخام.
وبأي عذر يمكن أن  يبرر مسلينا  ارتفاع اسعار المحروقات إذا كانت كلفة استخراج البرميل الخام العراقي اقل من خمسة دولارات قد تصل إلى دولار واحد  في بعض الحقول حسب بعض الدراسات من قبل  ذوي الاختصاص.
نقول إلا يحق لأبناء العراق أن يتمتعوا بثروتهم البترولية ليستمتعوا  بالكهرباء للنور والتدفئة والنقل والعمل باعتبار إن  البترول أهم  مصادر الطاقة، وان يحصلوا على  مواد البناء وخصوصا الطابوق  بأسعار زهيدة والتنقل بأقل الأسعار لهم ولبضائعهم  بأقل  اجر في العالم وألا يحق.. وألا يحق..وألا يحق...الخ لأنه يمتلك أهم مصدر للطاقة ألا وهو البترول...وألا يحق..وألا يحق...!!؟؟؟
والى متى  يبقى المثل الشعبي العراقي ينطبق على  أبناء العراق في عهد  الديكتاتورية  والديمقراطية (( ابن الحايج عريان وابن  الاسكافي حفيان)) فلا نور ولا دفأ ولإماء ولا سكن ولا سفر ؟؟؟


263
أراء وملاحظات حول انتخابات مجالس المحافظات
(ربيع الولائم وصراع القوائم)
بقلم حميد لفته
تعيش محافظات العراق اليوم في ظل هوس ((تنافسي)) من اجل حيازة مقعد أو مقاعد في مجالس المحافظات ضمن الدورة الانتخابية الحالية، وفي الوقت الذي لا يمكننا إطلاق صفة ((النفعية)) على كل الأسماء والعناوين والقوائم الانتخابية ولكن ربما تسري هذه الصفة على اغلبها المتزاحمة للحصول على هذا المغنم الكبير والمال الوفير خصوصا بعد ما أفسدت هذه المراكز والمواقع بالرواتب الضخمة والأبهة الغير معهودة والمنح والسلف والامتيازات الكبيرة ،فبدل إن تكون مواقع بذل وعطاء وتضحية من اجل خدمة سكنة المحافظة وبالتالي خدمة كل أبناء العراق أصبحت وسيلة للكسب والإثراء والجاه وفي ظل حسابات بسيطة يجريها ((المرشح)) بين ما يبذله من أموال قد تصل  إلى عشرات  ومئات الملايين   من الدنانير  وببين ما يكسبه من وراء هذا المقعد يخرج بنتيجة إن مقدار الربح سوف يكون كبيرا لابل كبيرا جدا  قد لا يحلم به عند مزاولته لأي عمل تجاري آخر.
وما يهمنا هنا هو أصحاب المهن والمهارات المختلة المستفيدة في هذا الهوس الانتخابي والعناصر الهامشية والهوام التي استفادت وستستفيد من هذا السياق المارثوني نحو  مقاعد مجالس المحافظات.
فقد ازدحمت مكاتب الخطاطين والمصورين ومصممي الشعارات والمطابع بقوائم الطلبات لمئات الآلاف من الكارتات والبوسترات واللافتات والصور لآلاف الأسماء والأرقام الذي غصت بها الشوارع والجدران في مراكز المدن والإحياء والأزقة والطرق وامتلأت الجيوب با لكارتات الملونة للمرشحين اللذين قد لم  يراهم الناخب  إلا في الصورة واخذوا يتبارون في كسب ثقتك ومودتك للحصول على صوتك ومن هم في معيتك ومسؤوليتك  كالعائلة والأصدقاء والمعارف والأقارب.
لاشك إن الكسب والنفع قد شمل باعة الأقمشة والورق وفئات أخرى.. ولكن اقل المستفيدين إن لم يكونوا في الحبان في هذا الهوس هم أخصائي علم النفس وعلم الاجتماع اللذين ن المفترض إن تتم استشارتهم وتوصياتهم والأخذ بها بالنية للقوى المرشحة للانتخابات،كذلك يجب الاستنارة باستطلاعات الرأي الموضوعية لتكون البوصلة الموجه للمرشح في اختيار  ببرنامجه الانتخابي وشعاراته المنسجمة مع طموح وتطلعات الطبقة  أو الفئة الاجتماعية التي يروم خدمتها ويسعى لكسب أصواتها الانتخابية.
ولا يفوتنا هنا إن نشير إلى وجود فئة من الناس على هامش الظاهر والأحداث وتسعى لتوظيفها  لحسابها بغض النظر عن مجريات الحدث ونتائجه المرتقبة  ومدى أهميته ومن هذه الفئات هي فئة الهتافين بالأجرة وبعض الكتاب والشعراء اللذين يوظفون أقلامهم في خدمة من يدفع، كذلك هناك فئة تدع((اللكامه)) وهؤلاء يمتلكون خبرة وحنكة كبيرة في معرفة موقع وزمن الولائم  والعزائم التي تقيمها الأحزاب  والتكتلات والأفراد كعربون مودة  وتعارف دسمة لكسب الناخبين، فتراهم يلبسون وجوه الحماس والترحيب والانبهار بالكتلة والحزب  والفرد المرشح صاحب الوليمة وإنهم سيكونون أول المصوتين والداعين بالتصويت  لصالحه بع إن (دهن  زراديمهم) كما يقول العراقيون وما إن تنفض هذه الوليمة حتى ينتقلوا إلى وليمة منافسة أخرى ليعلنوا مبايعتهم وحماسهم لاسمه ورقمه وشعاره ومرشحيه وهكذا تعيش هذه لفئة ربيعا دسما يمتد طيلة الفترة الدعائية للانتخابات لتنعم بلذيذ الطعام ناهيك عن الحقائب والملابس والأقلام وهي تحمل  مختلف الأرقام والصور والشعارات. سيتم استعراض الفائز منها عند ذهابهم المؤكد لمباركته على الفوز الذي ما كان ليتحقق لولا جهودهم  وتعبئة الأصوات لصالح الفائز وليبينوا مقدار الجهد والمال والحنكة والمشقة والمضايقة التي تعرضوا لها من اجل ضمان فوزه واعتلاءه كرسي المجلس وألان الدور عليه ليوفي ويسدد لهم إتعابهم ومعاناتهم وتعويض خسائرهم وجعلهم محل اهتمامه الأول في حصولهم على المكاسب والمناصب  وفي أولها التمتع بوليمة الفوز والانتصار وهم يطلعون ويراجعون معه خسائره والأموال التي  صرفها من اجل  الفوز ومساعدته بآرائهم ومشورتهم في كيفية تعويضها أضعافا  مضاعفة كمن سبقه وكم سيلحقهم من الأرباح.

264
( واقع الشارع الانتخابي في انتخابات مجالس المحافظات)

بقلم حميد لفته

قبل فترة وجيزة بدأت الحملة  الدعائية لانتخابات مجالس المحافظات التي يرى الكثير من  السياسيين إنها من الأهمية بمكان بحيث إنها ستكون عاملا هاما في الفوز بمقاعد مجلس النواب  بعد انتهاء مدة البرلمان الحالي،فمن يستطيع أن يفرض هيمنته على مجالس المحافظات ستكون له نفس الهيمنة وربما اكبر في مقاعد البرلمان القادم لما لهذه المجالس من قدرات في تهيئة وتعبئة  الناخبين لصالح قائمة أو فرد دون غيره في منافسة تبدوا كأنها لغزا محيرا مجهول الهدف، فما يشاهده ويسمعه المواطن العراقي لايتعدى صورة  المرشح ورقم قائمته وتسلسله فيها دون بيان ولو موجز مختصر عن تاريخه السياسي وتحصيله العلمي ونبذة ولو بسيطة لما قام بع من أعمال وأفعال وأقوال للصالح الوطني العام وماهو المجال  أو الفرع من فروع الإدارة أو المعرفة وماهو ودوره وما هي مواقفه خلال هذه السنوات الخمس العجاف التي مرت على أبناء المحافظة وأبناء العراق عموما التي تميزه وتكسبه ثقة الناخب ومفاضلته مع غيره من المرشحين.
إننا نشهد جحافل من صورمن علماء يدفع بعضها البعض وقد يعتلي بعضها ظهر الأخر مع أرقامها المميزة لغرض إن تدخل في لاوعي الناخب كلمة أنا أنا أنا أنا الأفضل وأنا  اختيارك ولمئات المرات ومئات الأماكن  وأين ما ذهب بالإضافة إلى حجم اللافتات والتي تكفي لكسوة آلاف العرايا وكأنها بحجمها وعلو مكان تعليقها تعبر عن فخامة  المرشح وعلو ه ورفعته ودوره الكبير في الحياة الاجتماعية والسياسية ليسلم الناخب هذه الإشارات  والعلامات لمخزون لاوعيه لتكون  الدافع الأكبر لخياره أمام صناديق الاقتراع.
وبالمناسبة فان الكثير من  علماء النفس والاجتماع يقسمون الناخبين إلى:-
1-  الناخب المتلقي التابع/ وهو من النوع الذي لا يمتلك  القدرة ولا الدافع لتحليل  وتركيب المعلومات  والإشارات  التي يستلمها لإصدار الحكم والرأي  بل يستلم الإشارة كما هي من المصدر دون أية تساؤل.
2-   الناخب المؤدلج/ ويشكل هؤلاء الأفراد المنتمين للأحزاب والتنظيمات  السياسية على مختلف توجهاتها وايدولوجيا، فهؤلاء يتلقون التوجيه من قياداتهم الحزبية باعتبار إن الحزب أو التنظيم السياسي هو  الأعلم في معرفة من هو الأفضل والأجدر والاك فا بما يخدم أهدافه وتوجهاته وسعيه للهيمنة على السلطة السياسية.
3-   الناخب الناقد الفاعل/ وهم الأفراد ذوي الثقافة والخبرة والقدرة على الاختيار الصائب والمميز ببين الشعارات  وتوجهات الأفراد والجماعات بما يخدم الصالح العام والهدف المعلن من قبل المرشح،ولاشك إن هذا الصنف هو المعول عليه في اختيار نخبة تمتاز بالكفاءة الإدارية  والعلمية والمالية والنزاهة والوطنية الصادقة  والنهج الديمقراطي الواعي لقيادة العملية السياسية في لبلاد أو لتسلم المسؤولية لقيادة إي من المؤسسات  في الدولة المطلوب من المواطن  راية ومشاركته في اختيار أعضائها.
4-  الناخب الناقد المترفع/ وهو الفرد  أو الجماعة التي تتحلى بالقدرة والقابلية والخبرة على الاختيار والإبصار والتشخيص والفرز ببين مختلف القوائم والأسماء ولكنها لا ترى  من بينها من يرتقي لمستوى إرضاء تطلعها وطموحها وغالبا ما ترى إن الظرف ألزماني والمكاني ومستوى الوعي الاجتماعي غير ناضج وغير ملائم ولم يرتقي بعد ليؤهلها لقيادة المؤسسة المعينة والمطلوب رأي الفرد في اختيار أعضائها مما يجعلها هذا الاعتقاد تنسحب للداخل ولأتشارك في هذه الممارسات لا بل مستخفة وغير معترفة  بنتائجها وبما يترتب على  نتائجها.
5-   الناخب الانتهازي المنتفع/ وهو يمثل الإفراد والجماعات التي  لا هم لها سوى ما تحصل  عليه من فائدة  وخصوصا المادية أو مناصب أو مكاسب موعودة سوف  يتم حصوله عليها ويؤمنها له  مرشحه الفائز في الانتخابات، فهولاء هم عبارة عن أصوات  (سلع) معروضة للبيع لمن يدفع أكثر بغض النظر من يكون.
نستخلص من ما تم عرضه آنفا إن من يقدم على الترشيح يأمل الفوز في الانتخابات على مختلف صفاتها ومستوياتها إن تكون لديه دراسة وافية من الناحية النفسية والاجتماعية ليتمكن من معرفة ماهو الصنف السائد من الناخبين المطلوب رأيهم واللذين يحق لهم الإدلاء  بأصواتهم لصالحه أو ضده.
ففي المجتمعات التي تعاني من الشد والتوتر والصراع الاجتماعي الطبقي أو العرقي أو الطائفي ستكون  العواطف والغرائز هي المهيمنة على العقول وعلى خيارات الناخبين، لذلك غالبا ما يلجأ بعض المرشحين إلى استثارة العواطف والمشاعر والمناطق الرخوة في المنظومة العصبية  للناخب لغرض استثارتها  سواء بالتأكيد أو الرفض للمرشح  والمنافس ولا يمتنع عن إثارة أحداث غابرة تساعد على تأجيج  العاطفة  النائمة وتستثير العاطفة الخاملة. وقد يلجا البعض الآخر في الجانب الأضعف إلى صناعة واختلاق قضايا ثانوية من اجل  حرف  توجه  وصرف نظره عن قضيته إلام لينشغل في أمور ثانوية مما يقلل من اهتمامه  ولربما يمتنع عن المشاركة في  الاختيار بسبب فقدانه التوازن والاستقرار والقدرة على التواصل وبذلك يتم التخلص من  صوته المعارض.
وهنا لابد من  الإشارة إلى الأهمية الكبرى لوسائل  الدعاية والإعلام وكفاءتها وقدرتها على الترويج والإقناع والتعبئة لاتجاه معين  ولقائمة بذاتها أو لفرد بعينه وهنا سيكون الأمر خاضعا للقدرة المالية في امتلاك وسائل الدعاية والإعلام المقروء والمسموع والمرئي والكفاءات والقدرات عالية التخصص والمهارة والتجربة القادرة على تخليق وتصنيع الرأي بالاتجاه المطلوب، لذلك نرى خيبة وفشل وعدم قدرة الأفراد  والجماعات ذات القدرات المادية البائسة أو المتواضعة على كسب المقاعد أو المواقع مهما امتلكت من قوة الحجة والصدق والكفاءة والخبرة الذاتية لأنها لا تمتلك الوسائل الفاعلة على التوصيل والتواصل في ظل التطور التكنولوجي الهائل لوسائل الاتصال والإعلام والدعاية والإعلان وخصوصا بالنسبة لفئة الناخب المتلقي وهو الأكثر عددا   في  الساحة الانتخابية العراقية في الوقت الحاضر.
نحن هنا لسنا بصدد توصيف نوعية ناخبينا في عراق اليوم ومن هي الفئة الراجحة ومن هو الأصلح من القوائم والأفراد من المرشحين ومن يمتلك القدرات المالية والإعلامية القادرة على التوصيل والقدرة على التوعية والتوجيه  أو الإيهام والتضليل أو الترغيب والترهيب.وما هي الأحداث والمعارك الجانبية التي طفت أو التي ستطفو على السطح من اجل التحكم برأي الناخب سواء بالسلب أو الإيجاب،ولكننا نجتهد في التأشير إلى طبيعة المتغيرات التي طغت على نوع وطبيعة وتوصيف القوائم الانتخابية والأفراد في مجالس المحافظات والتي طال  النقاش والجدل عند إقرار قانون واليات هذه الانتخابات بحيث تم تأجيلها لأكثر من مرة حتى استقر الرأي على إجراءها في نهاية كانون الثاني 2009. ولسنا بصدد هل إن  الانتخابات  في الظرف الراهن هي الأسلوب الأمثل لبناء دولة القانون  والمؤسسات الديمقراطية أم لا.
فالملاحظ إن صفة الاستقلال والمستقل والمستقلين لوحظت  ملحقة بالكثير إن لم يكن اغلب القوائم الانتخابية  والإفراد المرشحين للانتخابات،ونرى إن هذا يعود إلى حالة الفوضى والتردي والفساد الذي شهدته ((العملية)) السياسية الجارية والسائرة في نفقها الخانق نفق المحاصصة الطائفية والعرقية طوال السنوات الخمس الماضية بعد انهيار الديكتاتورية، وما طرأ من خفوت للشد والتوتر  الطائفي والعرقي مما ننتج عنه تبلور  رأي عام شعبي يرفض الطائفية والعرقية لا بل محاربتها بسبب ما عانته العامة من الأذى والدمار والتهجير على مختلف المستويات بسبب التناحر الطائفي والعرقي. هذا  مما دفع بالكثير من القوى والأحزاب والحركات  التي صعدت وحصلت على المكاسب والمراتب  تحت راية التمثيل الطائفي والعرقي إلى الشعور بالخطر على مواقعها بسبب تغير مزاج وتوجه الناخب إلى  التخفي والاستتار تحت مضلة  نبذ الحزبية  عموما  باعتبارها لا يمكن  أن تكون إلا طائفية أو عرقيه وهنا تدثرت  بدثار وشعار الاستقلال والإصلاح وحتى العشائرية-التي أصبحت لها مؤتمرات ومكاتب سياسية وما إليه من ميزات وصفات الأحزاب لسياسية ولكنها طبعا تستند على (السواني والأعراف) بدلا من الأنظمة الداخلية والبرامج للأحزاب السياسية كما هو معروف!!!
ومن  الملاحظات البارزة هي الوقع الباهت والصوت الخافت للقوى اللبرالية واليسارية السائرة في  نفق (العملية السياسية) وتخفيها خلف عناوين  ورموز يشوبها الغموض  وعدم الوضوح من قبل اغلب الناخبين العراقيين واللذين يتطلعون إلى رؤية  نخبة لبرالية علماني  أو يسارية ديمقراطية  نابذة المحاصصة كي تتصدر العملية السياسية  الجارية أصلا تحت مفعول المخدر ألاحتلالي الذي يعمل جاهدا لتخليق وتصنيع طبقة سياسية لبرالية علمانية من الكمبرادور المحلي التابع للرأسمال الأمريكي والمنفذ لمصالحه في العراق والمنطقة لتتمكن أمريكا من  سحب يدها من التدخل المباشر العسكري  والاقتصادي والثقافي وهذا ما عجزت عن تحقيقه  لحد الآن، متجاهلة سبب استحالة   قيام ديمقراطية لبرالية بدون وجود حاملتها ومولدتها  الطبقة البرجوازية  الوطنية المنتجة وهذا ما يتعارض أصلا مع هدف  ومرمى الرأسمال العالمي التي لا تنتج هيمنتها إلا طبقة برجوازية طفيلية  مستهلكة.
إما بالنسبة للقوى والأحزاب والحركات اليسارية فهي بين من ارتضى لنفسه الانخراط في ((العملية السياسية)) مخدرا باللبرالية الجديدة ومخدرا(بكسر الدال) جماهيره بواقع إن لابد من  التأقلم والتكيف المبدئي والفكري والتنظيمي من اجل قبوله ومسايرته كمحطة استراحة يسترد فيها الرفاق أنفاسهم ويتم تعويضهم  بنعيم ((الامبريالية)) ((محررة)) الشعوب في عصر العولمة عما فاتهم في الزمن الماضي كأنه يضع إثقاله وهمومه في أحضان ما كان يعتبره عدوه الأول.
لكن مشكلة هذا اليسار إن ليس بمقدوره محو كل شعاراته الثورية ونهجه ومنهجه وتاريخه السابق والمبادئ المعادية للرأسمال العالمي وخصوصا الأمريكي التي تربت عليها جماهيره ناهيك عن رفاقه  فهي تلاحقه في كل مكان وتسبب له الصداع والإحراج في كيفية تبرير  خطه السياسي والفكري الحالي فآثر الاستتار تحت عناوين ولافتات وقوائم مثل ((مدنيون ديمقراطيون)) وما إليه من عناوين  قابلة للتأويل  والتفسير   يمكنها من  التضليل والمراوغة.وهناك يسار راديكالي رافض لمجمل العملية السياسية وآثارها وإفرازاتها متخفيا خلف  ترفعه ورفضه  ساترا ضعفه وتشتته وفقدانه لحامله الاجتماعي على ارض الواقع حيث يعمل الواقع لموضوعي على كبت وإعاقة تطلعاتها نحو التحالف والتآلف والتوحد وإنضاج برنامج عمل واضح  وواقعي وفاعل مما يجعلها على هل هامش الأحداث والواقع  الاجتماعي  الآسن، حينما تجد نفسها بلا موضوع بسبب توقف عجلة الإنتاج والعمل والميوعة الطبقية والطفرات السريعة والغير متوقعة للإفراد والجماعات من  موقع  هابط إلى موقع صاعد وبالعكس كأنها في لعبة الحية والدرج بسبب الفوضى ((الخلاقة)) التي  صنعها الاحتلال مولدا عدم التوازن والاختلال في البنية الاجتماعية  العراقية بالإضافة إلى التخريب المريع الذي لحق بالرأسمال الاجتماعي الايجابي للفرد العراقي،فاختلت الموازين والقيم لتحل محلها قيم الفهلوة والثعلبة والقردنة والغلبة محل قيم التضامن والمحبة والتضامن والتعاون  التي هي من اقوي دعائم قوى اليسار في كل مكان.إن هذا الحال سيجبر المواطن العراقي الناخب  إما على الترفع  والامتناع عن ممارسة حقه الانتخابي ورفضه للعملية برمتها أو أن ينجر إلى الإدلاء بصوته متأثرا  بطائفته أو عشيرته أو رمزه  مما  يفضي إلى صعود نفس الطبقة السياسية السابقة ومرادفاتها ومثيلاتها إلى  مجالس المحافظات وبالتالي يظل  البلد يدور في  دائرة  التخلف والفساد  وفقدان الخدمات في ظل وضع  اقتصادي ينذر  بوقع مؤلم وثقيل على الطبقات  الكادحة والمحدودة الدخل، متأثرا بالأزمة  الخانقة للرأسمال العالمي وخصوصا الأمريكي وانخفاض أسعار النفط إلى اقل مستوى له منذ أعوام، وهذا الأمر يهدد  بمزيد من البطالة والفساد والتهميش وتكاثف أحزمة الفقر  وبيوت الصفيح وتضخم  بؤر الانفجاريات والأزمات  والجريمة المنظمة وتجارة المخدرات والاتجار بالرقيق الأبيض ...الخ هذا الرحم المتعفن مولد  الجهل والمرض  والتسول الأخلاقي والغيبية والقدرية والاستنكافية السياسية ليكون  وقودا دائم ورخيص  لإدامة حركة ماكنة الاستغلال، وعند استهلاك (المستقل) في انتخابات المحافظات  فلربما ستظهر (اللبرالية) الفجة  كعصائب تضليل جديدة  لخوض الانتخابات لمجلس البرلمان القادم؟؟!!!

265
الاتفاقية الأمنية بين الحكومة الامريكية و((الحكومة)) العراقية

حميد لفته
دون ان نخوض في تفصيل فقرات هذه ألاتفاقية التي  تتضمن تضليلا كبيرا في مضمون عنوانها الأخير،فبعد ان كانت معاهدة او اتفاقية طويلة المدى  وهذا العنوان هو حقيقتها، فالعنوان الجديد يرسل إشارة مزيفة تصور الاتفاقية وكأنها  خطة خلاص يتفضل بها المحتل((الصديق)) والزائر ((السائح)) الأمريكي  للشعب العراقي لضمان سيادته على ارض وطنه وفاءا  منه لكرم ضيافته وتقديمه  مئات الآلاف من رؤوس العراقيات والعراقيين إكراما وقربنا لإله  الرأسمال الجبار، وبعد ان حرر العراق من سلطة الديكتاتورية والاستبداد،وكأن الدكتاتور لم يكن  مدلل الأمريكان الأول وصنيعته ومنفذ مخططاته الإجرامية لابل كان من أكفا واقدر واجرء صنائعه في منطقة تطفو على بحيرة من البترول وتقع في أهم  بقاع العالم  لموقعها الجغرافي المتميز.
ان شعبنا يعلم علم اليقين ان هذا ((السائح))  لم يأتي لقطع راس صنيعته لأنه أوغل في ظلم وقهر واستعباد شعبه وحرمه من خيراته وثرواته وشرد أبناءه ولكن  لان أنيابه  ومخالبه استطالت محاولة ان تكون شريكا او وكيلا  لإله الرأسمال الأوحد((أمريكا)) وهذا مالم يسمح به وهو في أوج سعاره ووحشيته وأزمته في ظل العولمة الرأسمالية وهي تدخل  طور الإرهاب بدعوى محاربته  وهو يحمل نماذج مزيفة لتمثال الحرية الأمريكي على ظهور بوارجه ودباباته ورؤوس توابعه لينصبه في بلدان العالم  لتسجد له كل شعوب الأرض وتقدم له الولاء والقرابين، لذلك فنحن نرى ان هذه الاتفاقية  كما نعرف روح الرأسمال الأمريكي  ووجه القبيح في ماضيه وحاضره إنما هي قناع للاحتلال وانتهاك السيادة ونهب الثروات وتوليد الحروب الداخلية والأزمات،كذلك فإنها إنما تخدم((الإله)) الأمريكي والحفاظ على جنوده وقواعده من قبل  ابناء العراق وقواه الأمنية  في ظل حكومة تابعة تتقاذفها النزاعات الطائفية والعرقية والعشائرية والتكالب على المغانم والمناصب كل طرف على حساب الطرف الآخر حتى وان كان الثمن سعادة  وسيادة الشعب والوطن والتي حصلت على مرتبة  عليا في الفساد والإفساد.،كذلك فان هذه الاتفاقية بالإضافة الى تقنيّعها وجه الاحتلال فهي في ذات الوقت ستديم واقع الشرذمة والاختلال في كل جوانب الحياة للشعب العراقي سعيا منها لإدامة استغلالها ورعاية مصالحها على ارض العراق والمنطقة حيث سيتبع التوقيع والمصادقة على هذه الاتفاقية التي تطبخ على عجل وعلى نيران الحرائق والمفخخات والتي تتراوح شدة سعيرها مع درجة رفض او قبول  القوى المهيمنة على السلطة في العراق  ولاشك انها  طبخت وتطبخ في قدور المخابرات الامريكية وعل يد امهر طباخيها ذوي الباع الطويل  في القتل والنهب والتآمر والإجرام،نقول ستتبع هذه الاتفاقية توقيع قانون النفط والغاز والاستيلاء((المشروع)) على الثروة النفطية والغازية العراقية وهو الهدف الأساسي للاحتلال ، وان دوام الاختلال  سيدفع الى طلب الانضمام لحلف الناتو((لضمان)) امن وسلامة العراق وشعبه والتوقيع والمصادقة على خارطة تقسم وتقطيع أوصال  العراق الى حيازات وإقطاعيات طائفية وعرقية وعشائرية وهي الهدية الموعودة من قبل ((الإله)) للقوى التي ستبصم على هذه الاتفاقيات ومشاريع  قوانين رعاية مصالح الاحتكارات البترولية في العراق.
ان أحرار العراق لديهم من أسباب التوجس والخوف وعدم الثقة الى رفض اي اتفاقية او معاهدة  مع الولايات المتحدة الامريكية ففي ظل ظروف غير متكافئة بين أسير وآسره معاهدة بين إنسان  منهك  واعزل من السلاح مع وحش  الرأسمال المسعور وبناءا على واقع تعاملها الوحشي مع ابناء العراق خلال ألخمسة سنوات  الماضية من عمر الاحتلال، استشراء حالة الفساد والإرهاب وتردي الخدمات الى ماهو أسوء مما كان في عهد الديكتاتورية وفترة الحصار، وتاريخ ((الصديق)) الدموي لأبناء العم سام في كل إرجاء العالم، فالقتلى بمئات الآلاف والبطالة هي السائدة والاقتصاد  مشلولا فلا زراعة ولا صناعة حيث أصبح العراق ارض السواد  وبلد النهرين يستورد الماء والخضروات من  بلدان الصحراء ،وابناء العراق مشردين بالملايين  في بلدان المهجر ومشردين داخل وطنهم،وارض العراق منهكة  من قبل قوات  دول الجوار.
لانريد ان نطيل في تعداد ووصف  معاناة شعبنا خلال  سنوات الحصار و الدمار  في عهد الدكتاتور المأمور  او عهد الاحتلال المغرور فكل العالم  شاهد عيان على ما كنا عليه وما نحن فيه الآن. لذلك فأي صديق نختار بأي وحش نستجير؟؟؟
رغم علمنا ان ذئاب ((وطنية)) مسعورة تحد أنيابها  وهي مختبئة في جحورها تتحين الفرصة عند غياب سطوة وحش الغابة لينقض بعضها على بعض وتقطيع أوصال ابناء  وطنهم من الأبرياء  والعزل والغير مؤمنين بالعنف والإرهاب وتحت مختلف الحجج والذرائع  العرقية والدينية والطائفية التي زرعها  واصلّها ونماها في عقولهم   وحش الغابة المحتل وديكتاتوره المدحور، ويعلم أحرار شعبنا ان أيادي ومخالب وأنياب كواسر من الأشقاء والأصدقاء من دول الجوار وعبر البحار تتحين الفرص لأخذ حصتها من جسد الفريسة ضنا منها ان وحش الغابة سيترك لها فضلة من فريسته بعد ان يشبع منها غير انها لاتدرك ان الوحش البشري لايشبع ولايترك  من فريسته بقية لتنتفع  منها الذئاب والثعالب والعقبان، ويعلم شعبنا علم اليقين ان بعض  المحتلين ارحم وأنظف وأنزه من بعض ذئابنا وثعالبنا وعقاربنا((الوطنية)).
وأننا ندرك تماما ان أمريكا  تمتلك سجلا حافلا  في طرق تصنيع الأعداء لدوام هيمنتها وتبرير أفعالها الإجرامية وقد برعت ولازالت في العراق لتصنيع  قائمة طويلة ومختلفة الألوان والأشكال من أدعياء المقاومة من حثالة المجرمين والقتلة المأجورين سعيا منها لسلب أحرار شعبنا ووطنيه الصادقين خيار المقاومة والدفاع عن  حرية الشعب وسيادة الوطن وصعوبة الفرز  بين  الإرهاب والمقاومة ولاشك انها أحرزت ولا زالت تحرز  نجاحا غير قليل في هذا المجال يستطيع المراقب ان يدركه من خلال  عمليات القتل العشوائي للأبرياء ومن خلال  عناوين ((المقاومة)) المعلنة والمستترة التي  تغير وجوهها وعناوينها حسب الطلب الأمريكي ورغبات  بعض غرا مائه من الدول الإقليمية الطامعة.
ولكن هل يبرر هذا ان نستجير من الرمضاء بالنار،وهل نسعى للاحتماء في عرين الأسد المسعور خلاصا من الضباع  الهائجة؟؟؟
 ان قدر العراقيين نتيجة  سياسات الديكتاتورية والاحتلال ان يستمر نزيف أحرارهم ويخوضوا في مستنقعات الألم والحرمان ليغتسلوا في بحر الحرية والسلام في وطن حر مستقل مزدهر  ديمقراطي موحد ،ولهم ثقة  كبيرة بدعم كل قوى السلام والحرية  في أمريكا وسواها من الشعوب في كل إرجاء العالم .
فلسان أحرار العراق يقول لن نضع سلاسل الاستعباد والاستغلال في رقابنا وأيدينا ولن يغفر الشعب والتاريخ لمن يوقع صكوك التبعية مع المحتلين تحت مختلف الذرائع والحجج والمبررات مهما كانت.

266
بمناسبة مرور(91) عاما على ثورة اكتوبر ((الاشتراكية)) الروسية
التجربة الروسية  (اللينيستالينية)  في بناء (( الاشتراكية ))

بقلم حميد لفته

         لقد كتب الكثير عن (( التجربة الاشتراكية )) في ( الاتحاد السوفيتي ) بين مدافع عن هذه التجربة ومعظم ومخلد لها ومبرر لكل أخطاءها وأخطاء قادتها باعتبارها هفوات لا بد ان تحدث خلال اي تحول ثوري عاصف وقد كان دافع البعض من هؤلاء المدافعين يكمن في هاجس الخوف من الطعن في أسس النظرية الماركسية ومنهجها في التنوير والتغيير للنظم الاجتماعية وكأن الماركسية ومن بعدها اللينينية غير مشمولة بقوانين التطور العاملة في الحراك الاجتماعي على مستوى كل بلد وعلى مستوى العالم , وليس لها ان تتوسع وتتطور وتنمو إلا داخل فستانها الأول الذي خاطه لها ( الأنبياء الأوائل ) ماركس وانجلس ولينين – الرب والابن والروح القدس – متناسين ان الماركسية هي منهج للتفكير والعمل تقر إقرارا كاملا بمقولة – لا شيء ثابت غير المتغير – وان ديمومة وتقدم وتطور ونضج الفكر الماركسي اللينيني تكمن في درجة مسائلته ومشاكسته ومراجعته بشكل دائم ومستمر مما يتطلب إعادة فصال ومقاس فساتينه طبق لمستجدات الحراك الاجتماعي ولا نقول حسب متطلبات الموضة والهرج الفكري البرجوازي الرأسمالي الذي استطاع ان يقتنص من الماركسية روحها في تجديد وتطوير نفسه وعدم الخوف من البدائل والتغييرات التي تغير أسلوب وشكل النظام الرأسمالي مع الحفاظ على روحه الاستغلالية سر وجوده وبقائه وتطوره . وانه لمن المؤسف ان مرض – شرطة وحراس العقيدة – ظل يرافق غير القليل من المناضلين الشيوعيين وأحزابهم لحين التاريخ مما جر العديد من الكوارث والمصائب والخسائر والنكسات على الأحزاب والحركات الشيوعية وشعوبها , والتهم رؤوس الكثير من المناضلين وبناة هذه الحركات ومن خيرة كوادرها ولا نظن إننا بحاجة لذكر الأمثلة والأسماء التي غصت بها أدبيات الحركة الشيوعية في العالم . وهذا الامر أودع أثمن رأسمال رمزي في خزانة قوى الرأسمال العالمي وعزز من رصيدها وأطال من عمرها , فان أثمن واكبر الهدايا التي تلقاها الرأسمال العالمي هي هدايا تهم االتحريفية والارتداد المستعارة من الموروث الديني نقيض الفكر المادي والقائم على نقضه . هذه الهدايا قدمت رؤوس التفكير والتنظير المبدعة , فوق طبق من ذهب لتقدم الى قوى الرأسمال والاستغلال وهو اكبر نجاح حققته في خرق وتخريب وتآكل جبهة قوى الشيوعية والاشتراكية في العالم . _لا باس ان أشير في هذه المساهمة المتواضعة لي في هذا المجال ان القارئ سوف لن يجد اقتباسا واستعارة لنصوص ومقولات لأننا نريد ان نخرج من جدل ومساجلات النصوص لنستوعب جدل وفروض ومتطلبات حراك الواقع وإفرازات التجارب الماضية والحاضرة ومقولاتها العلمية والعملية_ . إما الفريق الآخر فقد سلك سلوك العكس تماما وتنكر لكل محاسن(( التجربة الاشتراكية )) وانكفأ نحو المعسكر المعادي وتطوع للدفاع عن النظام الرأسمالي باعتباره الخيار الإنساني الوحيد بعد ان انهارت التجربة الروسية في بناء  الاشتراكية وفق النظرية الماركسية اللينينية التي اثبت الواقع فسادها ومن الجدير بالذكر ان اغلب هؤلاء المتنصلين  كانوا من اشد المتطرفين للدفاع عن ( المعسكر الاشتراكي ) وفي مقدمته وعلى رأسه وفي طليعته الاتحاد السوفيتي وتجربته الاشتراكية وحزبه الماركسي اللينيني الستاليني , وقد عميت أبصارهم بسبب عصائبهم العقائدية التي لا تمرر أية حزمة ضوء تكشف خلل او تعثر او فشل في قول وعمل القيادة المعصومة والتجربة باهرة النجاح حتى أنهم نظروا بانتقال الاتحاد السوفيتي الى المرحلة الأولى للشيوعية المظفرة فهللوا وصفقوا وانبهروا بما قاله وفعله لينين ثم خليفته ستالين ( ومن خلفه خروشوف حتى برجينيف ثم غرباشوف ولم تتوقف أيديهم من التصفيق لنقيض تجربتهم ) يلسين ومن بعده بوتين وهكذا لازال التصفيق مستمرا للبرالية الرأسمالية الجديدة.
فالكل يتباهى ( بالمعسكر الاشتراكي ) غير مدرك ولا  متسائلٍ هل يمكن ان تكون الاشتراكية معسكرا يصادر الحريات ويحرم الخيارات أم هي الخير الأمثل والمضمون الأوفر والأمل للحرية؟؟ ولا شك ان كل منصف يجب ان يشير الى العقول الفذة التي استطاعت ان تشرح هفوة التجربة وتشير الى أخطاءها وانحرافاتها وبعدها عن روح الماركسية ومنذ يومها الأول في عام 1917 . فلم تلقى أفكارهم الإصغاء والفهم والتفهم بل اعتبروا أعداء طبقيين وعملاء وجواسيس لقوى الرأسمال العالمي ومن خونة الثورة والطبقة العاملة والحزب فتطايرت رؤوسهم الجبارة وسط تهليل الغوغاء من حملة الشارات الحمراء والشوارب المفتولة ومن المنافقين والانتهازيين حملة باجات الرفاق العظام المعصومين على صدورهم . ولا شك ان الأدب الروسي في القصة والرواية خصوصا يشير بشكل رائع وتضع اليد على أمراض ( الثورة ) ومعاناة الشيوعيون الحقيقيين والثوريين الصادقين في روسيا وكل جمهوريات ( الاتحاد السوفيتي ) وبقية الدول ( الاشتراكية ) الأخرى . وقد تنبأ العديد من الشيوعيين والماركسيين بانهيار التجربة  الروسية في البناء ((الاشتراكي)). وهنا لا بد ان نشير أن اغلبنا لم يكن يرى وينظر بمنظار اليوم إلا بعد ان ارتطم رأسه بصخرة الواقع ومأساة الانهيار ولكن ما يميز العديد من الأحزاب والأفراد والحركات انها أعطت لنفسها ورفاقها وقتا لاستعادت التوازن والتفكير الموضوعي الهادئ المستند على الوثائق ومجرى الأحداث ومستجدات العالم العلمية والتطور الاقتصادي والتغير السياسي للوصول الى أحكام واستنتاجات صحيحة وفاعلة لفهم أحداث الماضي والواقع الحاضر وأفاق التطور المستقبلي بعد انهيار التجربة((الاشتراكية)) الروسية. ان المتتبع والدارس للكثير من الدراسات والمقالات والبحوث يلمس ان حالة التوصيف وليس التعريف هي الحالة السائدة على هذه الجهود المبذولة للتوصل الى السبب والأسباب الكامنة وراء انهيار التجربة الروسية في البناء الاشتراكي ونكوص التجارب الأخرى ان التعريف والغوص في عمق الظاهرة للبحث عن أسبابها ومسبباتها بموضوعية والتجرد قدر الإمكان من العاطفة الجارفة او إسقاطات الحاضر ومؤثراته هو المطلوب والواجب السير على هديهِ لفهم الماضي والحاضر والسير بثقة وقدرة نحو مستقبل آمن وسعيد لكل بني الإنسان. وقبل ان ندخل في صلب ما يسمى  بالتجربة ((الاشتراكية )) في روسيا على خلفية ثورة أكتوبر 1917 التي قادها الحزب الشيوعي الروسي بزعامة لينين , يجب ان نشير الى ان أية دراسة موضوعية يجب ان تتجرد من الأتي : -
شروط البحث الموضوعي لدراسة التجربة:-
أولا : -   نبذ مفهوم وممارسة تقديس النص والشخص خلال مجرى الأحداث التاريخية ومنها موضوعنا في دراسة التجربة الروسية في بناء الاشتراكية حيث إننا نرى ان مبدأ التقديس يضفي عصمة وهمية على قول وشخص القادة والمنظرين والزعماء حيث تعتبر مساءلة ومناقشة أقوالهم وأفعالهم من المحرمات والخطوط الحمراء التي يتوجب على الشيوعي الماركسي  عدم التقرب منها وبذلك تجري عملية ادلجة الفلسفة الماركسية وتحولها الى دوغمائية فكرية بدلا من كونها منهج عمل للتفسير والتغيير وهو ما يمثل سر قوتها ومتانتها وموضوعيتها بكونها لم ولن تكون إنجيلاً او قرآنًا لم يمس , فيجب ان نقر ان ماركس هو من اقدر من استطاع ان يفسر وينظر ويطمح للتغيير للنظام الرأسمالي العالمي القائم في حينه ولكنه لم يقل ان لا ماركس بعدي , إننا نسترشد بماركس وأطروحاته ولكننا قد نلجأ الى حلق ذقنه ان تطلب الامر لنفهمه ونستوعب فكره بشكل أفضل , فان مستوى التقدم العلمي وطرق ووسائل العلم والعمل آنذاك أجبرت ماركس رغم عبقريته ونقاء فكره ان يترك لنا العديد من الأخاديد والكهوف والجزر الفكرية والعلمية غير المكتشفة ولم يسلط عليها الضوء او الكشف والتنقيب الفكري وقراءة وقائع الحاضر ومستقبل تطور الحراك الاجتماعي وطبيعة قواه المحركة الرئيسية والثانوية وتبادل الأدوار والأخذ بنظر الاعتبار وسائل وديناميكية قوى الرأسمال العالمي لتطوير وتغيير آلياتها وأساليبها وتلافي أزماتها وخصوصا في طور العولمة الرأسمالية والتي كما نرى بداية نهاية الامبريالية العالمية وهي تخل مرحلة الارهاب المسلح نتيجة لازمتها الخانقه.
 ان مبدأ التقديس للأشخاص والنصوص هو استعارة وتمثل للأديان باعتبار المقدس هو سر وجودها وروحها التي تفقد الحياة والاستمرار بفقدانه . وبذلك فان الفكر والمنهج المادي الواقعي ركب أسوأ مراكب المثالية, بتبنيه لمبدأ وسلاح االتحريفية والارتداد الذي أصبح أكثر الأسلحة فتكًا وخطراً على كل فكر مبدع ومفكر فذ , غير مدرك ان سبب اللجوء الى التحريف يكمن في مبدأ وواقع التقديس للزعماء والفلاسفة والمفكرين  وأقوالهم اللذين لم يحصلواعلى هذا الوصف وهذه الدرجة  العلمية والمنزلة الفكرية الرفيعة إلا بكسر حاجز المقدس والتجريء على ثوابته ومسلماته , فان المفكر او المنظر المجدد يلجأ الى تحريف النصوص  سعيا منه ليكسب موضوعه وأطروحته وبحثه على فتوى المشروعية والقبول , ويبعد عن نفسه سهام التجريح وسيوف الرفض ،ويبعد عن رقبته حبال الشنق وطلقات الإعدام جزاءا من السلطة والمجتمع  التقليدي بحجة تطاوله على المقدس وطعن عصمته وكبريائه وخلوده وبذلك تتم عملية الإساءة للفيلسوف والمفكر وتجرعه لسم الجمود والموت والقنوط  فالتحريف يكون كجواز سفر يجيز للمفكر اجتياز حواجز ومصدات حراس العقيدة لينسنى له فتح ابواب الفكر المغلقة،  لذلك فان مصير التحريف مرتبط بمصير ظاهرة التقديس يعيش بعيشها ويموت بموتها واندثارها ، وحينما تغلق أبواب الحرية أمام المفكر تنشط العقول الخرافية والمشعوذة بوضع حلول خيالية لواقع موهوم ومتخيل يزيد من إفساد الواقع المعاش ويؤبد بؤسه وترديه لان مثل هذا الفكر يعجز عن كشف خفاياه وتمزيق ستر أوهامه وتضليله و بذلك يكثر من عدد وأشكال أقنعته بدلا من إزالتها . ويبلغ الامر قمة خطورته وسطوته على المفكر المبدع حينما توجه إليه تهمة الارتداد والزندقة والشعوذة وما إليه والتي يروي عنها تاريخ الأديان بمرارة صنوفاً من القهر والقتل والنفي  والتعذيب  بحق كل مجدد ومتجاوز للفكر الراكد  الآسن، فما عسانا ان نقول حينما يكون هذا الامر من سلوكيات القوى الثورية والشيوعية التي من أولى مهامها نقض هرطقة الفكر ((الديني)) خصوصا والفكر والنهج الغيبي المثالي عموما .
ثانيا : - نرى  ان من أسس  ودعائم المنهج وصدق وفعالية المعالجة وعلميتها ان تتخلص من  الثنائيات المتقابلة وعملية الفصل الميكانيكي فيما بينها وبذلك يفقد  المنهج المادي الديالكتيكي أهم خواصه في البحث ألا وهو واقع تداخل الألوان والأوصاف والصفات والطبقات والنظريات، حيث يثبت الواقع ان كل شيء بالغ النقاوة غير موجود في الطبيعة وعندما يكون كذلك يفقد قابليته ليكون نافعا ومفيدا في حياة البشر  وتقدم المجتمعات في مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والثقافية والعلمية، فالماء النقي 100%(H2O (غير صالح للشرب  بل يؤدي الى الوفاة ولا يصلح إلا في البحوث والمعادلات العلمية المختبرية  البحتة فقط.
ان أهم نقد  وجهته الفلسفة  الواقعية ((المادية)) وروادها ومفكريها للفكر الديني ونصوصه هو ليس هدف منه تفنيد النص ودحضه واثبات تهافته بل ان هذا النص ولد في ظرف تاريخي معين وفي ظل تشكيلة اقتصادية اجتماعية  معينة معبرا عن حاجة إنسانية يتطلبها  صراع طبقة  او شريحة اجتماعية معينة لتثبيت مكاسبها باعتبارها قوى مهينة في تلك الفترة التاريخية او نص يدعو الى نيل حقوق وإحراز مكتسبات مسلوبة ومغتصبة لطبقات وشرائح اجتماعية مهمشة ومستبعدة تحاول النهوض، ولذلك يفترض ان  لاتكتسب هذه النصوص صفة الخلود والتقديس لتكون صالحة لمختلف العصور والعهود ومراحل الصراع والحراك الاجتماعي،ولكن للأسف نرى ان القوى ((الشيوعية والاشتراكية)) حطمت بأيديها أكثر أسلحتها فعالية ومضاء وعلمية لدحر قوى الاستغلال والضلال لتغطس في مستنقعه الضحل بتقديسها للنص والشخص وادمت  رؤوسهم الجبارة وهم في قبورهم.
التجربة الروسية-اللنيستالينيه:-
ان من أهم ماركز عليه ماركس وكل منظري الشيوعية والاشتراكية،مبدأ واقع تقسيم المجتمع بعد المشاعية البدائية الى طبقات اجتماعية متصارعة يسعى كل منها للاستحواذ على السلطة وبالتالي على الثروة والمال وقد بين بشكل واضح ومفصل عوامل اكتساب الطبقة اجتماعية معينة ما يسندها وينهض بها لتكون طبقة سائدة في المجتمع ضمن تشكيلة اجتماعية اقتصادية معينة ولا نظن إننا بحاجة الى الإفاضة في هذا المجال وخصوصا لمن يهمه الامر من الماركسيين والشيوعيين حركات وأحزاب  وأفراد،وان صعود طبقة اجتماعية لتكون مهيمنة يتطلب استكمال وعيها كطبقة لذاتها وبالتالي واعية لمصالحها لتنخرط بفعالية وقوة في الحراك الاجتماعي والسياسي  للحفاظ على مكاسبها او لنيل حقوقها المغدورة والمصادرة من الطبقات الأخرى او العمل على سلب الطبقات والفئات الاجتماعية الأخرى حقوقها لتستأثر بها.
ان طبيعة التطور الاجتماعي الاقتصادي تكون واضحة وبينة كلما كان الاصطفاف الطبقي واضحا ومحسوسا  ومن شرط هذا النضج ان  تبدع هذه الطبقة أيديولوجيتها وفلسفتها التي تخدم مصالحها وتميزها عن مستَغليها او من تستَغِلهم وعندما تكون الطبقة الأكبر والأكثر عددا مسلوبة الحقوق والحرية والكرامة يجب ان تمتلك هذه الطبقة فهما وتفسيرا  يتميز ويختلف عما تمتلكه الطبقة النقيض مستغِلة او مستغََله،بالإضافة الى فهم طبيعة علاقتها  بأدوات الإنتاج وطبيعة تمللك هذه الأدوات، تشير الكثير من الدراسات والبحوث والأمثلة التاريخية  الى فشل طبقة العبيد رغم سعة وكبر عددها قياسا للطبقات المهيمنة والمسيطرة عليها وعمق وهمجية  ولاانسانية ماتعرضت له من القهر والاستغلال والإذلال، إلا انها لم تستطع ان تكون طبقة مهيمنة ومسيطرة وممسكة بصولجان الحكم والسلطة منذ  ثورة سبارتوكس   وثورة الزنج في العراق وثورة القرامطة وكذا هو الحال  بالنسبة  للطبقة الفلاحية  على الرغم من انتفاضاتها وثوراتها العديدة،ويكمن هذا الامر في الاستحالة الموضوعية لامتلاكها ايدولوجية مميزة لتكون سلاحها لوعي ذاتها وتعمل لذاتها ضد مالكي العبيد او الإقطاع عبر العصور والتي كانت غالبا ماتستعير سلاح الطبقة الحاكمة  لتحارب به فيرتد هذا السلاح عليها مسببا لها مزيدا من القهر والانكسار والخضوع.
 ان هذا الامر مختلف بالنسبة للطبقة البرجوازية في صراعها ضد قوى الإقطاع  والملكية المطلقة في بداية الثورة الصناعية في أوربا وغيرها من بلدان العالم لتستلم صولجان الحكم وإزاحة سلطان الملكية الإقطاعية  التي أصبحت متخلفة  ومعيقة لمسيرة التقدم والتطور في هذه البلدان وهذا مايفسر  تباين أوقات وتواريخ هذه الثورات وهذه الإزاحات للسلطات الملكية وسلطان الإقطاعية في البلدان المختلفة تبعا لنضوج الطبقة البرجوازية النقيض بلاضافة الى العوامل المساندة الأخرى كالموروث الثقافي  وطبيعة الغطاء الديني والعرقي والعرف الاجتماعي السائد، والوثائق  التاريخية توضح كم استغرق حكم الإقطاعية ودام قرونا طويلة لحين اكتمال  نضوج نقيضها  إلا وهو الطبقة البرجوازية  وليس طبقة الاقنان والفلاحين، وقد لاقت ايدولوجيتها  قبولا ودعما واستحسانا من الطبقات والفئات الاجتماعية الأخرى وهي تنادي بالحرية والديمقراطية والمساواة باعتباره الأمل الذي تسعى لتحقيقه الشعوب في طريقة الحكم والخلاص من الاستبداد الإقطاعي وغطاءه الديني وهو دلالة على النهوض الواسع النطاق لمختلف البرجوازيات الوطنية في بعض البلدان  في القارات الأخرى وخصوصا في أوربا، والرواج الكبير لأفكار الثورة الفرنسية وتبشيرها بحقوق الإنسان وفصل الدين عن الدولة وإقامة الديمقراطية الدستورية إلا مثالا واحدا على ذلك وقد انضوى جمهور الفلاحين والحرفيين والعمال تحت راية البرجوازية الثائرة ضد سلطة الإقطاع والارستقراطية الملكية.
ومن المعروف ان هذا التحول لو حصل في بلد واحد من بلدان العالم لتكالبت عليه قوى الاستبداد  الكنسية والملكية  المطلقة المتحالفة مع بعضه  وأخمدت أنواره في مهده، وهذا هو احد أسباب فشل الثورة ((الاشتراكية)) في روسيا وقد كان ((لينين)) قد أشار الى صعوبة دوام الثورة مالم تحدث ثورة مماثلة في احد البلدان الرأسمالية المتطورة في العالم وخصوصا ألمانيا، والذي سنتعرض لبقية أسبابه في قادم البحث.
ان ولادة وسيادة وهيمنة الطبقة البرجوازية في العديد من البلدان الأوربية اصطحب معه موضوعيا وكشرط لوجودها كطبقة مهيمنة جديدة نقيضها الطبقي وسر بقائها وسيادتها، الطبقة العاملة الناشئة سندا قويا وحاسما في صراع البرجوازية مع قوى الإقطاع  وتتويج  هذا الصراع بانتصارها المؤزر في الكثير من البلدان،ولكن هذه الطبقة((البرجوازية)) المبني بقائها في جوهره على الاستغلال والاستئثار وإقصاء المنافس والشريك، أرادت  للطبقة العاملة والبرجوازية الصغيرة وشريحة الفلاحين الفقراء ان يكونوا شركاء في التضحية والكفاح ضد الملكية الإقطاعية والكنسيةالمستبدة وليس شريكا في الغنائم والإمساك بصولجان السلطة ومركز القرار وقد كانت قوة الطبقة العاملة  تتناسب طرديا مع قوة الطبقة البرجوازية وعظم منشئاتها الصناعية والزراعية والتجارية وقد أصبحت  طبقة بذاتها في هذه البلدان وابتدأ صراعها البطولي مع الطبقة البرجوازية الحاكمة من اجل نيل حقوقها ضمن فعاليات مطلبيه تتعلق بعدد ساعات العمل والأجور والسكن والتعليم والصحة والذي قد يتحول أحيانا الى صراع سياسي او ينعطف بهذا الاتجاه تبعا لدرجة نكران البرجوازية لحقوقها المشروعة والمستلبة متطلعة لتكون طبقة لذاتها.
وبناءا على ذلك لو أخذنا روسيا والتي قال عنها اغلب المفكرين الماركسيين والاشتراكيين آنذاك بأنها من أكثر البلدان الرأسمالية تخلفا في عهد القيصرية الاستبدادية مما ولد الكثير من الحركات الثورية الرومانسية والحركات الطوباوية المناضلة المتطرفة الجذور والتي غالبا ما كانت تنزع الى أسلوب التأمر والانقلابات والاغتيالات الفردية للسيطرة على الحكم والانتصار لقضايا الفلاحين وعموم الكادحين المحرومين والبؤساء وقد كانت اغلب هذه الحركات بزعامة البرجوازية الصغيرة والشريحة المثقفة من المجتمع الروسي الطامحة للحرية والمساواة والعدل والهادفة للبطولة والمجد الفردي محاولة دخول التاريخ من أكثر أبوابه صخبا وشهرة ، ويعزى السبب في ذلك الى ضعف الطبقة العاملة وقلة عددها ووعيها الثوري كنتيجة لضعف البرجوازية الروسية وعدم انعتا قها من الأسر الارستقراطي الإقطاعي ومروثه الثقافي وهيمنته الفكرية ممثلا بالقيصرية الروسية المستبدة ، والمتتبع للإحداث يلمس حقيقة ضعف الطبقة العاملة وتنظيمها السياسي الممثل ( بالحزب الشيوعي الروسي )والذي غالبا ما كان ينتمي قادته وكوادره للبرجوازية الصغيرة   وخصوصا الى الرومانسيين الثوريين الروس من حيث ألتوق للبطولة والمجد الفردي والصمود الأسطوري بوجه الأجهزة السلطوية القيصرية آنذاك وقد كان شقيق  لينين قد اعدم نتيجة محاولته اغتيال القيصر وقد كان لهذا الحدث اثرا كبيرا على ((لينين))، وقد شهدت روسيا عدة انتفاضات وثورات من بينها ثورة 1905 ولكنها لم تستطع حسم الصراع لصالحها بسبب ضعف موضوعها وضعف حامل أفكارها وتطلعاتها الاجتماعي في بنية المجتمع الروسي  وهي بهذا الوصف لم تكن المرشحة الاولى حسب المنهج الماركسي للثورة الاشتراكية في العالم.
لقد كان للحرب العالمية الأولى والنهج العدواني للقيصرية الروسية نحو شعوب ودول العالم الخارجي للاستحواذ على ثرواتها واستعبادها وبالمثل نهجها التعسفي القمعي وسحق إرادة وإنسانية وتطلعات الشعب  الروسي المتميز بموروثة الثوري والجانح نحو الحرية الى هزيمة القيصرية الروسية وانكفاء الجيش  الروسي مهزوما ومذلا ومهانا في الحرب  ليتحول هذا السخط الى سخط مسلح وتمرد ضد القيصرية ،وما قصة المدمرة بوتمكين والطراد اورارا الشهيرة الاشاهدا على ذلك وأحد العوامل الحاسمة  في ترجيح كفة  القوى الثائرة  والمنتفضة من مختلف فئات الشعب بما فيها البرجوازية الروسية والفلاحون والعمال وعموم المثقفين الروس وسعيها للإطاحة بالاستبداد القيصري،وهنا برز دور  الحزب الاشتراكي الروسي على ساحة الصراع مستفيدا من التذمر الشعبي العارم وامتلاكه  لقوة تنظيمية وتجربة نضالية وامتلاكه لكادر قيادي متمرس ومقتدر الى حد العبقرية التي تمثلت بلينين وترو تسكي  ورفاقهما الآخرين مما اهله ليكون في الطليعة   معبأ  فقراء الشعب بما فيهم العمال والفلاحين للتغير  الجذري وتوزيع الثروة والسلطة ساعيا لإقصاء  القيصرية الروسية ونابذا للبرجوازية التي لم تكن تنزع بحكم عدم نضوجها  وضعفها  الى تغيير جذري في بنية الحكم وقيادة الثورة الوطنية الديمقراطية بل الى إصلاحات  سياسية واقتصادية هامشية وهذا ماجعلها تتخبط في مواقفها وقراراتها وبذلك خسرت قواعدها وخسرت ثقة الجماهير الثائرة والمشحونة عاطفيا الى ابعد الحدود لتنكفئ هذه الجماهير لصالح الحزب الاشتراكي الروسي الذي كان يعيش في ظل واقع ومزاج ثوري متقدم وبنية اقتصادية وصناعية متخلفة وطبقة عاملة  قليلة العدد والتجربة وحديثة الوعي ولم تكن بمستوى ولادة  قادتها ومفكريها من رحمها فكوادر الحزب الاشتراكي  الروسي الممثل المفترض للطبقة العاملة الروسية وطليعتها الواعية كان اغلبهم مولود من رحم البرجوازية والبرجوازية الصغيرة وليس من رحم الطبقة العاملة وحضانتها.
ان عدم نضوج وتطور البنية التحتية للصناعة الروسية وتخلفها  عن   مثيلاتها  في الدول الرأسمالية كأمريكا  وألمانيا وايطاليا وبريطانيا أدى الى النتائج التالية:-
•       أولا :- ضعف وحداثة الطبقة العاملة الروسية.
•       ثانيا:- ضعف العملية الإنتاجية وعدم  قدرتها لاستيعاب تبني المهام  والبرامج والطموحات التي يناضل من اجلها الحزب  كتحقيق الرفاه الاقتصادي والتقدم العلمي و التعليم والسكن والصحة للمواطنين الروس وهي الأهداف المرجوة من الثورة الاشتراكية كما أطلق عليها،وهذا الحال  فرض على القيادة الروسية:-
•       ان ترتضي لنفسها كبرجوازية صغيرة ونخبة من المثقفين الثوريين ان تنصب نفسها وصية على الطبقة العاملة الروسية القاصرة لتنفرد في مهام التنظير وقيادة  خطى التغير لحين بلوغها سن الرشد   والتي نصبت نفسها على امتداد الحكم السوفيتي ، القاضي  الذي  يملك حق إعطاء حكم النضوج وإسقاط القيمومية عنها هذا الحكم الذي لم يصدر لغاية  انهيار التجربة،  هذا الواقع  تطلب وضع خطة مركزية وواجبة  التنفيذ  مرسومة من القيادة العليا وواجبة التنفيذ تحت مختلف الظروف من اجل العمل السريع والمتواصل لبناء بنية تحتية صناعية  وزراعية متطورة تفي  بالغرضين انفي الذكر إلا وهما نضوج الطبقة العاملة واسعة العدد عالية الوعي لتتولى قيادة الحزب الشيوعي واستلام  القيادة من اوصايائها وأولياء أمورها وعندها  يكون الحزب  منسجما مع مبادئه الماركسية ومنهجه الفكري النظري ،كونه طليعة الطبقة العاملة وحامل طموحاتها في إقامة مجتمع السعادة والعدل والحرية والديمقراطية الحقيقية والرفاه.
•       ثانيا:-  قيام مؤسسات إنتاجية ضخمة ومتطورة قادرة على الإيفاء  بوفرة الإنتاج وتحسين نوعيته واللحاق بالدول الرأسمالية  المتطورة ان لم يكن  يسبقها.
فقد تصدى فريق  البلاشفة الروس بقيادة الكابتن المجرب والمقتدر ((لينين)) ورفاقه للعب في غير وقت استحقاقه وقد اجبره الموضوع على تخطي نتائج اللعب  بين فريقي البرجوازية الروسية وحلفائها مع الفريق القيصري الحاكم وذلك بسبب ضعف وعدم  استعداد وعدم رغبة هذا الفريق على إخراج الفريق القيصري الإقطاعي الحاكم من ساحة اللعب بل كان يسعى بسبب هشاشته وتبعيته نتيجة ضعف بنيته التحتية  ،كان يميل الى إبقاء الفريق القيصري في الساحة ومؤاخاته أحيانا أخرى تحسبا وخوفا من  الفريق البلشفي المتوثب والمتمرن في ساحة الكفاح اليومي ضد الإقطاع والاستبداد القيصري ومستفيدا من  تذمر العسكر بعد الهزيمة العسكرية للجيش الروسي.مما مهد الساحة لصعود البلاشفة ليكونوا على راس  القوى  للهيمنة على السلطة لكن الفريق البلشفي وجد لاعبيه مختلفين في التكتيك وكل مجموعة منهم تمتلك خطة للعب  تختلف عن الكتلة الأخرى بسبب عدم الاستفادة  مما يفرزه صراع الفريق الاقطاعي والبرجوازي من التجارب والخبر  لتكون  عوامل قوة واكتساب خبرة وتهيئة كادر قادر على خوض الصراع ، مما ادى الى ارتكاب أشهر لاعبيه اخطاءا كبيرة لايمكن للحكم((قانون الصراع)) ان يتجاهلها فرفع بوجه التجربة  الكارت الأحمر وإخراجها من  الملعب وسط ذهول الجمهور المؤيد والمضحي  الذي أصيب بصدمة كبيرة لازال لم يصحو منها بعد، وفرح غامر للفريق الخصم بحيث أصابه الغرور ظنا منه ان خصمه الطبقي اللدود سوف لن يعود الى الساحة ابدآ هذا الفرح الذي تحطم مؤخرا أمام الأزمة الرأسمالية الكبرى الذي يتعرض لها الاقتصاد الأمريكي جارا وراءه كل الاقتصاد لعالمي الجانح للانهيار.
هذا الواقع  المتردي والطموح العالي والخيال الثوري الجامح  والحرب المسلحة للعصابات المدعومة من الخارج من أنصار القيصرية وحلفائها المذعورين من هذا  التحول  الهائل ، والحرب الإعلامية والنفسية الضخمة والمنظمة من قبل أعتى الرأسماليات في العالم المتطورة بإمكانياتها العسكرية والتقنية الصناعية الجبارة ضد  الثورة ((الاشتراكية)) الوليدة أدى بقيادة الحزب الشيوعي الروسي وتوابعه الى اتخاذ العديد من  القرارات  والاجرات الفوقية المقيدة للحريات سعيا منه لضمان استمرار  الثورة  الاشتراكية وتقدمها ومنها:-
•       وضع الضوابط التنظيمية الحديدية الصارمة داخل الحزب امتدادا لما كان عليه في العمل السري مما  ادىالى اسكات اي صوت  ناقد ومجدد وإشاعة روح الريبة والحذر والشك في كل محاولة إبداع وتصحيح وتقدم وتقويم من قبل الرفاق في الحزب ناهيك عن عموم المواطنين السوفيت.
•       إصدار قرارات بمصادرة أراضي  صغار الملاك  وحتى  فقراء الفلاحين وحيواناتهم وممتلكاتهم من الغلال والحيوانات بدعوى  انشاء المزارع الجماعية الاشتراكية مما أدى الى  خراب القطاع الزراعي  بالكامل وانتشار المجاعة لعدم توفر القناعة  والنموذج القدوة للفلاحين في هذا المجال.
•       إقرار خطط تطور وبناء صناعي وزراعي  وكهربة الريف ونشر التعليم وترويض الروح الفلاحية البرجوازية الصغيرة بأساليب بالغة الصرامة والتصدي بالعنف لمن يتخلف او لم ينفذ الأوامر واتهامه  بمختلف التهم الجاهزة كالتطلع البرجوازي والعمالة او التمرد وخيانة الحزب والتشكيك بالقيادة ((المعصومة)) ومحاولة إفشال الخطط وإسقاط الثورة وكلها تهم  تؤدي بصاحبها الى الجحيم او الموت المحقق، هذا النهج الذي  كان اشد المتحمسين له  هم من الانتهازيين والمصلحين  والقادة الفاشلين في الحزب والدولة.
كل هذا شجع على عسكرة المجتمع الروسي ومن هنا  أتت تسمية ((المعسكر الاشتراكي))  وهما مصطلحان جمعا قسريا وبقوة الحديد والنار فالعسكرة والاشتراكية نقيضان لايلتقيان كما لاتلتقي الحرية والديكتاتورية مطلقا وتحت مختلف الظروف والتبريرات.
هيمنة الزعيم الفرد والقائد الضرورة:- 
 فنرى انها ولادة طبيعية لقصور وتردي الواقع  الموضوعي وضعف وهشاشة وعدم نضوج الحامل الاجتماعي للفكر  من قبل الأغلبية الساحقة من الشعب  ومن الطبقة العاملة مولدة الحزب وحاضنته ومن النخبة المنتمية إليه مما أنتج هوة واسعة بين طموح القائد والمنظر في الحزب وبين غالبية الكادر من أنصاف الجهلة وأشباه الأميين  ومن لم يتفولوذوا ويتسلحوا بالوعي والفكر الماركسي ولم يتمثلوه كمنهج تفكير وليست نصوص ميتة وجامدة هذا الامر  أدى بالقائد الى ان يكون الملهم والمعلم والأب الذي تستقى منه  التعاليم والإرشادات والخطط  وهذا الامر يجر اتوماتيكيا الى تاليه القائد وعصمته من الخطأ وبالتالي يتوجب إطاعته إطاعة عمياء وتقليده في قوله وفعله، فليس امرا جديدا ان يتعلق الإنسان بالاسطورة   ليتكأ عليها  حينما يرى نفسه عاجزا عن تفسير الظواهر والقوا هر والأحداث في حين يرى القائد نفسه معلقا في الهواء وليس هناك حاملا لفكره ومبادئه قادرا على الاعتماد  على ذاته يمتلك روح المبادرة والإبداع والتجدد واكتشاف الجديد والقابلية على الحركة وفهم المتغيرات بلاضافة الى فهم معنى الالتزام التنظيمي، وعدم خرق القوانين  في الدولة والحزب ،وإنما غالبا ماتكون عبارة عن كتل بشرية يسيطر عليها حماس أهوج تتلقى التعاليم والإرشادات وتخضع للضوابط والعقوبات  وبذلك يتحول الفرد الى القائد الضرورة والزعيم المطلق المخلص حيث تعد له هذه الكتل البشرية المنبهرة دوما  والمصفقة باستمرار المسرح  ليعتليه الدكتاتور  والقائد الأوحد سواء بوعي منه او بدون وعي مبررا كل مايجري بالظروف الطارئة  والشاذة وجهل الجماهير وخطط المؤامرات الخارجية مما يجعل قراراته غير قابلة للنقاش والمسائلة وبذلك فهو يكون اقرب للسماء وعالم المثل الأفلاطونية  منه الى الأرض وقيم الواقع وتصبح زمرة المحيطيين به من  البلداء والانتهازيين شرطة لحماية الوهة القائد وجواسيس  يحصون حركات وسكنات  رفاقهم قبل ابناء الشعب البسطاء، فتتحول ((الجنة)) الاشتراكية والشيوعية الموعودة الى معسكر  اعتقال وحريات مصادرة ومفقودة يسيطر عليها هاجس الخوف من ان يجتاز سياجها الشياطين من العالم الآخر ويعبثون  في عقول سكناها وإغراءهم بفتح الأبواب الموصدة الممنوع فتحها لأمثالهم  وبذلك تحل عليهم اللعنة فيكونون من الهالكين!!!.
فان لم يكن ((لينين)) يسعى للفردية والديكتاتورية بل فرضها عليه الموضوع فلاشك أن ((ستالين))  هو احد إفرازاتها وقد سعى إليها بوعي وتخطيط مسبق عبر ضخامة مراسيم التشييع وتعظيم الرفيق لينين وتحنيط جثمانه ليبقى ((الفرعون))خالدا لايعرف الموت أبدا!!
 التكثير من نصبه وتماثيله وصوره وإيداعه في مقبرة فريدة في العالم من حيث  الهيبة والأبهة والفخامة  لم يحلم بها أعتى الفراعنة و القياصرة والملوك في روسيا والعالم. المراسيم المتبعة والواجبة  لكل الرفاق في داخل وخارج روسيا ناهيك عن  ممثلي الدول والوفود الزائرة للاتحاد السوفياتي، ولم تكن مثل هذه الإجراءات عفوية وبريئة وبنت لحظتها او استجابة لعواطف الجماهير وحبها لقائدها المفقود((لينين)) وإنما يجري  كل ذلك لتعظيم  وتأليه القائد والزعيم  الموعود ((ستالين)) ،ورسالة تقول ان تعاليم وقرارات الزعيم ستبقى حية لاتموت مهما تغيرت الأحوال والوقائع كما هو جثمانه الذي أصبح عصيا على التحلل والتفسخ والاندثار كما يجري لكل أجساد البشر العاديين،وكما استطاعت يد العلم حفظ وخلود جثمانه فان يد السلطة والحزب ((ستحنط)) فكره وتعاليمه لتبقى حية لاتموت ولاشك انه  قد أودع وصيه وخليفته أسراره ومفاتيح علمه وقابلية فك شفرات أقواله وتأويل وتمثل أعماله ولا يحق لأحد غيره القيام بذلك.
وانه من الملفت للنظر والمثير للاستغراب بالنسبة لكل ماركسي ان يرى تاريخ الأحزاب  الشيوعية والثورات ((الاشتراكية)) إنما هو نتاج وتاريخ  إفراد وزعماء!!!! فأين هو الحزب وأين هي الطبقة المولدة للحزب؟؟؟ حيث تبدو انها محض أسطورة  تنهار بمجرد انهيار الزعيم لأنها من صناعته!!!.
ان ماسبق ان استعرضناه من تردي الموضوع ودفع القائد الى  مسرح الوحدانية  والعبودية  والإله لينصب قيماً على الحزب وقيادته وتنصيب الحزب قيما على  الطبقة ليكون بدوره قيما ووصيا على  أمه ومولدته وحاضنته ومرضعته وبالتالي على الشعب بكامله باعتبار هذه الطبقة  هي مخلصه الأوحد، يؤدي بالضرورة ان تكون القيادة بغالبيتها من المنافقين والنافخين في صورة القائد المفقود  لتحظى برضى وحظوة القائد الموعود طمعا في المناصب والمكاتب والامتيازات  ولتذهب المبادئ وحامليها  للجحيم!!!!
ومن يطلع على تاريخ اغلب الأحزاب الشيوعية في البلدان النامية والمتخلفة ناهيك عن البلدان  الأوربية والمتقدمة سيلمس هذا الخلل الكبير في البنية التنظيمية لهذه الأحزاب، فقد وصل الامر في بعض الأحزاب الشيوعية الى انتخاب وتنصيب  القائد مدى  حياته ومدى حياة الحزب بعد مماته. هذا الحال يفسر انهيار  الاتحاد السوفيتي والتجربة((الاشتراكية))  والحزب الشيوعي السوفيتي المليوني العضوية وتوابعه من الأحزاب الشيوعية في  البلدان((الاشتراكية)) على اثر نهج البرسترويكا  لغربا تشوف عندما أطلق حرية النقد والرأي والتعبير المكبوتة فانهار كل شيء بلمح البصر وإذا ((بالشيوعية)) تنقلب الى  رأسمالية وإذا بالقادة حراس العقيدة يتحولون الى لبراليين يضعون أنفسهم تحت خدمة الرأسمال العالمي وينقضون على مؤسسات الدولة التي بنيت بعرق ودم وشقاء العمال الشيوعيين في معسكرات العمل الإجباري وماسمي ((بالسبوت الشيوعية)) التطوعية  وبيعها في سوق الرأسمال الرخيص واخذوا يتسابقون للانضمام لحلف  ((الناتو)) حامي حمى الرأسمال العالمي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية!!!!.
فأين الخلل إذا؟؟
إننا نرى ان أهم خلل في التجربة السوفيتية هو في البنية الاقتصادية المتخلفة  وفي بنية الحزب الشيوعي السوفيتي وتوابعه ونظامه الداخلي والصلاحيات الواسعة الممنوحة للسكرتير  ومكتبه  السياسي  ومن ثم لجنته المركزية والحظر الفعلي لكل نشاط سياسي  لما عداه ومن ذلك مثلا  عدم تحديد فترة الأمين العام والسكرتير  وضرورة الإبدال الدوري له ليحل  محله رفيق أخر وعدم جواز  تجديد انتخاب السكرتير العام والمكتب السياسي للحزب مهما كانت الظروف  والمبررات وخصوصا في ظروف السلم  والانفتاح الديمقراطي والحرية السياسية الموجودة بشكل  أواخر  في اغلب بلدان العالم المعاصر من اجل غلق الطريق أمام أمراض الهيمنة الفردية وكبح جماح غريزة التسلط والاستبداد، ففي الوقت الذي تقول النظرية ان الإنسان في المجتمع الشيوعي سيتمكن من إدارة شؤونه بنفسه ممتعا بكامل حريته  ومتخلصا من كل أشكال الاغتراب والاستلاب في المجتمع الطبقي وبذلك  يضمحل الحزب وتضمحل الطبقات ومنها الطبقة العاملة ثم تضمحل الدولة التي تفقد  أسباب وجودها، نرى  ان هذا الفهم وهذا التنظير يكاد يكون مفقود عمليا  داخل بنية الحزب الشيوعي  ماسخا الفرد ومشككا في قدرات الرفيق  من تسنم القيادة والريادة وتحمل المسؤولية والقدرة على الإبداع والتجديد والخلق مناقضا  بذلك مرتكزانه الفكرية باعتباره  نموذج مصغر للمجتمع الشيوعي الموعود.
فنحن نرى ان المؤتمر العشرين للحزب  الشيوعي السوفيتي صب جام غضبه ونقده على شخص ستالين وحملته  كل نكسات  الحزب  والمآسي الذي سببها لقيادة وكوادر  الحزب والشعب الروسي خصوصا والسوفيتي عموما ،دون ان  يحدث تغييرا جذريا  في البناء التنظيمي للحزب  فأبقي  الحال  على ماهو عليه  فيما يخص  النظام الداخلي للحزب خوفا من فسح المجال أمام العقول المفكرة والمجددة  والناقدة الجريئة  المطالبة بتغيير  جذري في قيادة الحزب والدولة والقضاء على الفساد والبيروقراطية المهيمنة على قيادة الدولة آنذاك مما راكم المزيد من الفشل  والتعثر والديماغوجية الإعلامية بحيث  تم الترويج لمقولة دخول الاتحاد السوفيتي  المرحلة الشيوعية  بعد ان أتم البناء الاشتراكي  بنجاح في زمن ((برجينيف))!!!، وتحت  عاصفة نقد ((ستالين))  استتر العديد من القادة في الحزب الشيوعي السوفيتي بقناع البراءة من الستالينية للتنصل من  مشاركتهم  ((ستالين)) في  أخطاءه وتعسفه واستبداده ففي الوقت الذي أتلفت صوره ورفعت تماثيله ونصبه من الساحات ومؤسسات الدولة،  لم يمس منهجه الفكري والتنظيمي وسلوكه السياسي، فلم تسلط الأضواء والدراسات على الستالينية كظاهرة مرضية في جسد الأحزاب الشيوعية وبالتالي وضع الحلول الجذرية لاستئصالها والوقاية منها.
 أصبح من الصعوبة بمكان إصلاحه  او إعادة ترميمه فادى الى تفاقم وتراكم الأخطاء والانحرافات في البنية التنظيمية .
فلو قارنا هذا الحال مع العالم الرأسمالي لرأينا ان سلطة الدولة والحكم تهيمن عليها الطبقة البرجوازية عبر  أفراد  مرتبط مصيرهم بمدى نجاحهم في تحقيق المكاسب والأرباح  للطبقة الرأسمالية  والحفاظ على  مكاسبها  واستغلالها المتصاعد  في كل العالم فمصلحة الطبقة فوق مصلحة الفرد والحزب حيث تجري عمليات انتخابية علنية واسعة وسط كرنفلات إعلامية هائلة لكي تختار  البرجوازية والاحتكارات الرأسمالية  أكفا واقدر  عناصرها  لقيادة دفة الحكم مظهرة إياه وكأنه خيار الشعب بكامله،  وهي  على استعداد كامل للاستغناء عن اي فرد مهما بلغت منزلته حينما يعجز ان يقدم أفضل الخدمات واكبر المكاسب لقوى الرأسمال، فعلى الرغم  مما يقال  حول قدسية الفرد  المختزل حقيقة في قدسية  الرأسمال وتمجده كسوبرمان طوال تمثله روح الرأسمال، ولكنها سرعان ماتنبذه إذا تضررت مصالحها الطبقية او خبا بريقه ولم يتقن دور المضلل كحاكم  باسم الشعب بكل طبقاته وفئاته بالاضافة الى وضع سقف زمني محدد لايتجاوز دورتين انتخابيتين لحكم الرئيس او الزعيم ليكون على راس لدولة او الحزب مديمة بذلك  تضليلها بان الشعب يجدد خياراته، بالضد مما حصل في البلدان((الاشتراكية)) حيث الادعاء بان  الحكم  هو حكم الطبقة العاملة المعبر عنه بديكتاتورية البرولتاريا ،ولكن واقع الامر ان البرولتاريا لم  تتسنم قيادة الحكم طوال تاريخها  ومنذ ولادتها  لحد الآن عدى عما توصف به كومونة باريس  إنما يحكم بالنيابة عنها عن طريق الحزب الطليعة المحكوم والمسير من قبل المكتب السياسي واللجنة المركزية التي غالبا ماتدور  في فلك السكرتير  العام والقائد ((الملهم)) والعبقري ((الفذ)).فقد انتخب ((ماو)) مدى الحياة سكرتيرا عاما للحزب وهاهو الرفيق ((كاسترو))  لازال متربعاً  هو وأشقائه  على  عرش السلطة((الاشتراكية)) في كوبا، وكذلك لبقي أسلافهم ، لينين وستالين وهوشي منه وغيرهما  مابقيا أحياءاً وهذا خلاف ما تؤمن به الماركسية حول قدرة الإنسان الحر  على  القيادة والإبداع  وليس هناك عقل خارق مفارق ومعصوم لايمكن إبداله او الاستغناء عنه.
ان هذا الخلل في الانظمة الداخلية للأحزاب الاشتراكية والشيوعية  وفر ومهد الفرصة أمام الطموحات الفردية الغير مشروعة والمصابة بداء  الزعامة والسيطرة والتحكم البرجوازي الموروث والمخزون في اللاوعي  منتهزا أية ثغرة  ضعف  وخلل في الحصانة المبدئية والفكرية  والإنسانية  لتخرج من  كهوف اللاوعي المظلم تحت مختلف الذرائع والحجج لتعلن عن عصمتها،ولاشك أن هذا النهج يرجع الى ضعف وتخلف الطبقة العاملة العاجزة عن  استيلاد  مفكريها وقادتها ومفكريها  فأوكلت أمرها  للبرجوازية والبرجوازية الصغيرة  للقيام بهذه المهمة الخطيرة، هذه القوى التي  تؤمن نظريا  بقيادة الطبقة العاملة  بينما  تنبذ هذه القيادة  وتسد الأبواب إمامها في الواقع العملي،مما شجع على ذلك تعسف وقسوة قوى المال والرأسمال والاستغلال وكبحها للقوى العاملة التي تتوق نحو الحرية والمساواة وتغلق بوجهها الأبواب والفرص لتكون طبقة تعي ذاتها وتعمل لذاتها بما يوفر العامل الموضوعي ليكون رحمها قادرا لحمل وولادة قادتها ومفكريها، وهذا مما يضع الأحزاب الشيوعية وما تضمه من كوادر عمالية واعية تحت واقع العمل السري  لفترات طويلة مما يعزز دور القائد الفرد ويفوضه صلاحيات واسعة ستستمر حتى في ظروف العمل العلني وأجواء اللبرالية السياسية.
عدم الإيمان بالتعددية الحزبية والسياسية كطريق نحوالسلطة فلجأت الى كم الأفواه والقهر الطبقي تحت ذريعة مقاومة البرجوازية وشياطين الرأسمال  وبذلك فهذه الأحزاب  تستخدم أقذر طرق ووسائل البرجوازية  في الحكم المعبرة عن  لاشرعية  البرجوازية  في الحكم  النابعة من طبيعتها الاستغلالية كأقلية حاكمة تستعير وسائل القهر  والديكتاتورية لبسط سلطتها  وكبح جماح معارضيها، فما الذي  يبرر للأغلبية العادلة والمنصفة كي تلجأ الى أساليب  القهر والاستئثار  والديكتاتورية وهي تحمل في نهجها الاشتراكي  معنى وجوهر  الحرية  مما  يجعل الناس تنفر من هذه  الأحزاب وجناتها المسورة ، فالإنسان الحر  يرفض ان يدخل((الجنة)) بالقوة والقسر، ان نكران التعددية  افقد الأحزاب الشيوعية الحاكمة العين الناقدة التي ترصد أخطاءه وهفواته وتجاوزاته ويتخم الحزب بالعناصر من هواة السياسة وحب الظهور والسلطة من الطبقات الاجتماعية المختلفة  والذي لاتجد لها  أية فرصة للعمل السياسي بسبب  الحزب الواحد، هذا الواقع يدفع الحزب الحاكم والرفيق القائد على ترويض  الرفاق وكبت المعارضين ليستوي على  كرسي الحكم الى أمد غير محدد والذي غالبا مايعاد انتخابه من قبل الشلة المعدة سلفا وكالعادة بالإجماع فيعثر الحزب على نبيه  المختار والراعي المقتدر لقيادة قطعانه  مدى الحياة  لايغيبه عنها سوى الموت فتلجا الى  صنع  النصب والتماثيل الجبارة  لكي تخفف عن شعورها بالضياع من بعد اختفاء جسد الراعي!!!
 و تحت  ذريعة الخوف من تدخل وتآمر القوى الخارجية تم عزل العالم ((الاشتراكي)) بطوق حديدي من  رموزه جدار ((برلين)) المنهار ليكون الناس في هذه البلدان أسرى في ((جنة الاشتراكية))خوفا من ان يسلبهم إياها الشيطان البرجوازي  المتربص خارج الحدود لتعيش هذه الشعوب في ظل جنة محروسة من قبل أجهزة الأمن والمخابرات وتقارير الرفاق السرية، ففي الوقت الذي يجب ان يكون  الطرف الآخر_البرجوازي_ هو الخائف وهو من يضع الحواجز والقيود على الحركة والفر خوفا من المد الشيوعي  حامل لواء الحرية والديمقراطية والرفاه الاجتماعي نرى العكس كمن  يسور المسروق  بالأسوار والأسلاك الشائكة والموانع مكبلا يديه ورجليه ومكمما فمه وعاصبا عينيه خوفا عليه من السارق فيصبح مشلول الحركة فاقد الرؤيا موكلا أمره للقيادة الخارقة والمعصومة العالمة غير المعلمة.
•       تزعم السوفيت قرار حل الأممية الثالثة ومن ثم الكومنترن تحت ذريعة منح الاستقلالية للأحزاب الشيوعية في مختلف بلدا العالم لتعالج شؤونها  ضمن ظروفها الملموسة والمعاشة كما  اشر في حيثيات  اتخاذ قرار الحل ولكن الواقع والحقائق  التاريخية تشير الى ان هذه الإجراءات وقرار الحل اتخذ خشية من تطور النقد الخجول لبعض الأحزاب الشيوعية الأوربية خصوصا لقيادة الحزب الشيوعي السوفيتي الشقيق الأكبر فالإصبع الذي يرفع بوجه الرفيق الأكبر والأب الروحي للأحزاب الشيوعية في العالم اجمع  يجب ن تقطع، وماحصل للعديد من الأحزاب الشيوعية مثل الحزب الشيوعي اليوغسلافي والصيني  والبلغاري وغيرها من الأحزاب الذي حاولت ان تفلت من قبضة الرفيق الأكبر مثالا واضحا وشاهدا على  مانقول .
•       ان هذه الممارسات أدت الى مزيدا من الانحسار للمد الشيوعي ف

267
المنبر الحر / ((صراع الديّكة))
« في: 19:21 31/10/2008  »
((صراع الديّكة))


بقلم حميد لفته

لاتكاد قناة فضائية او محطة إذاعية  او صحيفة عراقية او عربية او  عالمية إلا فيها حيز كبير لمتابعة الانتخابات الامريكية الحالية والتي تدور كالعادة بين الحزب الديمقراطي  والحزب الجمهوري في الولايات المتحدة  واللذان لايمثلان غير وجهان غير مختلفان لعملة واحدة إلا وهي سلطة  رأسمال والاحتكار في الولايات المتحدة الامريكية ،وطبيعة الصراع والمنافسة على المكاسب والمراتب والإرباح بين فروعه واحتكاراته المختلفة كشركات البترول وشركات الاتصالان والصناعات العسكرية وقطاع الخدمات.....الخ.
في حين الظاهر على السطح  يظهر وكان الانتخابات تهم كل الشعب الأمريكي بمختلف طبقاته وشرائحه الاجتماعية، هذه الانتخابات التي تمثل في وهرها أكثر أنواع الديكتاتوريات مركزية وصرامة وتسلطا في العالم وأكثرها قدرة على التضليل الإعلامي والنفسي والخداع الايدولوجي حيث يمثل جوهرها حمل ديكتاتور فرد  محمولا عل أكتاف الجماهير  وكأنه المخلص المنتظر  على الرغم من انه  ليس أكثر من خادم تافه ومطيع  لقوى الرأسمال ولي نعمته ورافعه الى  منصة الحكم وهي قادرة  عبر آلات حبكة حبكا محكما على  نبذه وإقصائه واستبداله بغيره حينما  لايمتثل لإرادتها وليحقق مصالحه. ان هذه الانتخابات إذا جاز لنا ان  نصفها بالانتخابات  لايشترك فيها  إلا اقل نسبة من  ابناء الشعب الأمريكي اللذين يحق لهم المشاركة  والتصويت مقارنة  بما يجري في كل بلدان العالم فنحن لانرى إلا حشودا  تحت  أضواء كاميرات التصوير  ودبلجات التحوير والتزوير. بسبب كون نتائجها وبرامجها ورموزها لاتمثل إلا أقلية من المواطنين الأمريكان ممن يملكون المال الوفير والإعلام  القدير والذراع الشرير  على الساحة الامريكية وفي كل إرجاء العالم.
 ومن ميزات هذه الدورة الانتخابية انها تجري في ظل أثقل كابوس لأسوء أزمة مالية يمر بها الاقتصاد الأمريكي ومن خلفه الاقتصاد الرأسمالي العالمي عموما وبذلك فمثله مثل  فرد يعالج سكرات الموت في غرفة الإنعاش يراد إجلاسه على عرش السلطة كسوبرمان منقذ وسط هرج وتهريج  وصفير ديماغوجية إعلامية مجنونه.
 كذلك فان من ميزتها انها تجري  والرأسمالية الامريكية  نكشف عن أبشع صورها الوحشية وهي تتعال بالحديد  والنار والقهر والاستئثار  مع مخلف شعوب العالم ومع حتى حلفائها وأصدقاءها المقربين من اجل قهرها واستعبادها ونهب ثروتها  وإخضاعها لإمبراطوريتها الشريرة متخلية بالكامل عن رداءها وقناعها المزيف بصورة المحرر  وباني الديمقراطية والحرية على كوكب الأرض بعد انهيار غيمها  الاتحاد السوفيتي والعالم ((الاشتراكي)) برمته.
كما انها تجري في ظل انهيار اهمم بدا من  مبادئ الرأسمال والذي هو روح الرأسمالية في العصر الراهن إلا وهموم بدا حرية السوق اي مبدأ اللبرالية الاقتصادية الذي أثبتت الأزمة الحالية فشله الذريع مما دعا دول الرأسمال العالمي الى التدخل الفوري والواسع في محاولة لإنقاذ  اقتصادها  والاقتصاد العالمي التابع المتهالك بضخ  آلاف المليارات من الدولارات الى البنوك  المفلسة. ولاشك ان هذا الامر  يوجه لطمة قوية  لللافواه الداعية  الى  اللبرالية الاقتصادية  في البلدان المتخلفة ومنها العراق وربطها  مصير الاقتصاد العراقي  بالاقتصاد الرأسمالي عبر حرية السوق  والتبعية للبنك   الدولي وصندوق النقد الدولي  حامي حمى  الرأسمال العالمي ومنفذ إراداته.
كما ا من ميزات  هذه الدورة  الانتخابية الامريكية ان المخرج الرأسمالي لهذه العروض قرر ان  تكون باللونين الأسود والأبيض بدلا من عرضها باللون  الأبيض فقط طوال   عشرات  من السنين وطبعا مستبعدا منذ عهد االمكارثية وما بعدها اي احتمال في الوقت الحاضر لإشراك اللون الأحمر كما حصل ويحصل في بعض الدول الرأسمالية الأوربية،حيث دخل  واوباما بعد  امتصت الدهشة  قبله  من الشارع  الأمريكي العنصري كل من  كونداليزا  رايس وكولن باول حيث دخل اوباما ليكون بطلا من أبطال هذه المسرحية ثنائية اللون وحيدة الطبقة آملا ان يضيف لها ملحا يحسن من طعنها  الذي أصبح باهتا وممجوجا وعسى ان يكون هذا اللون  تشويقا وعامل جذب للجمهور من اجل الفرجة على العرض الممل. فيبدو المتصارعان الوحيدان كأنهما في حلبة صراع الديكة التي يحيط بها جمهورا من المقامرين والمراهنين حاملي ماركت الاحتكارات الرأسمالية وكل منها يشجع ويصفق ويصفر لديكه المفضل مطمئنا ان الصراع يدور بين فصيل وجنس واحد يرمز للرأسمال الأمريكي المهيمن على السلطة الساسية  منذ ولادة  الولايات المتحدة الامريكية  ولحين التاريخ حيث  يتعانق الديكان في نهاية العرض مهنئا غريمه المفتعل  بفوز  الرأسمال  بالسلطة المطلقة واستبعاد كل منافس محتمل. فظهور هذا اللون الأسود  على مسرح الساسة الامريكية لم يكن مطلقا بدافع الروح الإنسانية للرأسمال او حصول تغير  او تبدل في جوهره الاقصائي العنصري ولكن بسبب تزايد  نفر لناس في الشرق والغرب وحتى من قبل عموم الشعب الأمريكي من التمييز العنصري وتهميش جماهير  السود مما اخذ يأكل من  نفوذ وبالتالي  من جرف الربح الرأسمالي الذي لايعرف الحدود ولا السدود ولا العوائق الجغرافية ولا الجنسية ولا القومية ولا العرقية ولا الوطنية  فالدولار فوق كل الاعتبارات مهما كانت حيث لم يكن للمرأة ولا للزنوج  حق الانتخاب ولا الترشيح الى وقت قريب،ولكن  مهما كان الغربال ملونا  وجميلا  ومصنوعا من افخر المعادن ومرصعا يأثمن الجواهر لامكن ان يحجب نور الشمس الكاشف لمدى همجية ووحشية  وفشل الرأسمالية كنموذج  للحياة البشرية حيث مليارات البشر تتضور جوعا  وعشرات الملايين تغص بهم السجون والمعتقلات وأجساد النساء  تباع بالجملة  في كل أسواق الرأسمال  ورؤوس الزنوج والهنود الحمر وغيرهم تسحق وتهان كل  لحظة في كل العالم وآلاف الأطفال  يتامى ومشردين وجياع  ولكل هذا  شواهد  كثيرة في معقل الرأسمال  وراعية ((الحرية)) أمريكا الرأسمال، وهنا لابد للبشرية ان  تتجاوزها بنظام أكمل  وأفضل يحقق الأمن والعدل والمساواة والرفاه والديمقراطية الحقيقية لكل البشر.
أما فيما يخص الشعب العراقي ومحنته الحالية تحت الاحتلال الأمريكي وبعد انهيار الديكتاتورية فلا نرى ان هناك اي فرق من حيث النزعة الاستغلالية والاحتلالية  بين بوش الابن  او وريثه اوباما او ماكين فكليهما يعمل  ويتصرف بروح الرأسمال الأمريكي المتوحش لافرق بين ابيض واسود ولابين ديمقراطي او جمهوري فان وجه احدهما اللوم والنقد للآخر فإنما يوجهه له لعدم قدرته وإبداعه  وخفته  في الانقضاض على الفريسة وكتم نفاسها ومن ثم التهامها بوقت ا سرع وبخسائر  وكلفة اقل في المال ولرجال وليس بدافع الإنسانية او احترام إرادة الشعوب وسيادة البلدان او الترفع  على روح  لاستغلال ولربح والنهب والاستعباد وامتصاص دماء البشر. فهاهم يحملون لنا سلاسل الاستعباد  وفق مايسمونه  المعاهدة الأمنية طويلة الأمد ويحملون أكياس السلب والنهب  عبر مايسمى  قانون النفط والغاز المزمع المصادقة عليه في البرلمان العراقي خلال الأيام القادمة.
 وبذلك ليس  لنا ان  نراهن على  مجريات او إفرازات ونتائج الانتخابات الامريكية المقبلة بل على وحدة صف شعبنا وقواه الوطنية الحرة بكل فصائلها للعمل من اجل الاعتماد على الذات وبمساعدة قوى التحرر في العالم للعمل من  اجل استكمال  سيادتنا الوطنية والتخلص من براثن الاحتلال والاستغلال بكافة أشكاله وألوانه  وكل مبررات وجوده والعمل على بناء دولتنا الديمقراطية الحرة المستقلة الموحدة.
Email:- ham_l2020@yahoo.com
Hamd.hur@googlemail.com



268
متى  نستورد الهواء ??
بقلم حميد لفته


           عراقنا الموصوف ببلد السواد للتعبير عن مدى خصب أرضه وخضرتها ودوام عطاءها من المنتجات الزراعية المختلفة كالحنطة والشعير وأجود أنواع الرز وألذها طعما لا مثيل له في كل أرجاء العالم , وبتموره بوفرتها وتعدد أشكالها وأنواعها المضروب بها المثل وثروته السمكية والحيوانية الكبيرة ... الخ .
وقيل عنه بأنه بلد البترول والذهب الأسود و ترى الكثير من الدراسات العالمية الرصينة ان العراق يمثل المرتبة الثانية ان لم تكن المرتبة الأولى في العالم من حيث الاحتياطي البترولي وان بتروله من أجود أنواع البترول في العالم ومن اقلها كلفة في الاستثمار والإنتاج  والاستخراج.
 ويوصف العراقي بأنه صاحب العقل المتفتح والفطنة والحكمة وقدرته على الإبداع والخلق وله السبق في العالم في الزراعة والصناعة واختراع الأدوات والكتابة وعلوم الطب والكيمياء.. الخ .
وقيل عن العراق بأنه بلاد النهرين دجلة والفرات ومعروف معنى الفرات في اللغة كصفة للماء العذب، بالإضافة الى وفرت المياه الجوفية والعيون في كل أنحاء البلاد .
ولو استعرضنا هذه الصفات المعروف بها العراق وارض العراق وشعب العراق في وقتنا الحاضر فماذا نجد .
فقد أصبح عراقنا بلدا مستوردا لأبسط المحاصيل الزراعية والخضروات كالرز والحنطة والشعير والذرة والرقي والبطيخ والطماطة وسيستورد قريبا ان لم نكن قد استوردنا التمور وقد استوردنا هذه المنتجات من بلدان كانت ولوقت قريب صحراء قاحلة . إما بالنسبة للأسماك والحيوانات فحدث ولا حرج فنحن نستورد الدجاج والبيض واللحم الأحمر والأبيض بمختلف أنواعه ومناشئه ونستورد اللبن والقيمر والجبن والحليب وو .. و .
إما بالنسبة للعقول فقد طردنا عقولنا القديرة لنستورد بمحلها عقول عربية او أجنبية او عراقية مصنعة بطريقة غريبة لتحكم وتدبر بلدنا منذ العهد الملكي ولحين التاريخ فما عادت أرضنا تطيق عقول وقابليات وكفاءات أبناءها طاردة إياهم في شرق الأرض ومغاربها كقوى فاعلة في بناء وتدعيم مختلف بلدان العالم وأكثرها تطورا .
إما بالنسبة للطاقة ومنتجاتها ومصادرها كالغاز والنفط والكاز وما إليه فها نحن ندفع مليارات الدولارات لاستيراد هذه المنتجات ولم نرى من الذهب الأسود سوى صخامه الأسود ورائحة الحرائق في حين تحلم ربت البيت العراقية في الحصول على قنينة غاز بسعر معقول وبنوعية منتجة والكل يشهد أزمات وطوابير البنزين والكاز والنفط الأبيض وبأسعار أعلى بكثير حتى من أسعار الدول التي نحن نصدر لها البترول العراقي .
وقد أصبح الحديث عن الكهرباء مملا ومعادا وميؤسا من إصلاح أمر الطاقة الكهربائية وحلما بعيد المنال !!! .
إما بالنسبة للتعليم فيكاد النظام التعليمي في العراق يحتل المرتبة الأخيرة في بلدان العالم.
إما بالنسبة للماء ووفرته وهو قفل وشاهد حديثنا فقد أصبحنا من الدول ذات الاستيراد الواسع لعلب الماء الصالح للشرب والاستعمال من بلاد الصحراء والبلدان التي لا يجري فيها نهرا ولا نهير حيث تملا أسواقنا وبيوتنا قناني الماء الكويتي والسعودي فقد وصل الامر ان وزارة الصحة العراقية حرمت على الناس والمطاعم والمقاهي في بعض محافظات العراق من استخدام مياه الإسالة لأنها غير صالحة للشرب وقد تكون ملوثة بالكوليرا بالإضافة الى جفاف اهوارنا وضمور العديد من أنهارنا وفقدان اغلب بيوتنا من ماء الإسالة رغم رداءته وفقدانه لشروط الماء الصالح للشرب .
ان المرء يقف مذهولا، حائرا لا بل مرعوبا على مصيره ومصير أجياله في ظل هذه الأوضاع المأسوية التي تعيشها في عراق اليوم بحيث أصبحنا نستورد الماء في بلد النهرين وكما يقول الشاعر ( الى الماء يسعى  من يغص بلقمة   فإلى أين يسعى من يغص بماء ) وهنا يأتيك الجواب سريعا من مسئولينا وحكامنا اليوم ان استوردوا الماء وامنحوا المزيد من إجازات الاستيراد بدون ضريبة لتحول الى مليارات الدولارات في جيوب تجارنا الجدد اللذين  ملؤا البلاد بكل  ماهو فاسد  من منتجاتات  بلدان العالم ومن أكثرها رداءة؟؟؟!!!
 وتحسبا  لما يمكن ان تسفر عنه الأزمة المالية الرأسمالية  فمن الاحوط ان  نهيئ  التدابير اللازمة  لاستيراد الهواء في أكياس معلبه  فهو الوحيد الذي لم نستورده لحد الآن رغم فساده ،فمتى  نستورد الهواء  !!!! .
Email:- HAM_L2020@YAHOO.COM
HAMD.HUR@GOOGLEMAIL.COM

269
رؤية من أجل ِ تحالف قوى اليسار ِ العراقيّ


بقلم حميد لفته

 ترد في بعض المناظرات والآراء ما يعانيه اليسار العراقي من حالة الضعف وعدم الفعالية وسط الجماهير مما يؤثر في القرار العراقي في مختلف الإشكاليات المصيرية الهامة التي تشهدها الساحة العراقية وكثيراً ما يعزى السبب في ذلك إلى شرذمة قوى اليسار وتفتتها وتمترسها تحت مختلف العناوين واللافتات الأسباب ومن يرى ذلك فهو مصيبٌ في تشخيصه للمرض ولكن غالباً ما يغفلُ الأسباب الحقيقية والموضوعية لهذا الواقع مما يجعلنا ندور في حلقة شبه مفرغة ونقدم الخسائر تلو الخسائر في صراعنا الوطني والطبقي وسط ساحة ملتهبة مما يحملنا مسؤولية تاريخية كبرى أمام الشعب والوطن ومما هو جدير بالملاحظة والاهتمام أن أغلب قوى اليسار تطرح شعار تقاربها وتألفها وربما اتحادها من اجل تقديم برنامج موحد يمثل الحد الأدنى لطموحات جماهيرها والعمل تضامنياً من أجل تحقيقه على أرض الواقع .... ولكن كثيراً ما يسدل الستار على مثل هذه الأطروحات وتطمر هذه الأحلام تحت ضيق الأفق السياسي والتنظيمي والعقائدي لكثير من هذه القوى وبذلك يتم وأد هذه المشاريع وهي ما زالت أجنه قبل أن ترى الحياة أو غالباً ما تبقى كلمات رائعة وبليغة حبيسة أوراق كاتبها ومد ارج مكاتب هذه الأحزاب والحركات .
إننا في الوقت الذي نؤشر ذلك لا نحمل مسؤولية هذا الواقع طرف دون غيره على الرغم من إن التاريخ وشواهد الواقع تدل دلاله واضحة على من ساهم بشكل كبير ولا زال في تأبيد هذا الواقع واستمراره كذلك فإننا لا نغفل ولا نتغافل عن دور الواقع الاجتماعي المشرذم و المتشظي وعدم وضوح الاصطفاف الطبقي وتداخل وتلون وميوعة كافة الطبقات والفئات الاجتماعية وسرعة تغير ألوانها وأشكالها تبعاً لتغير الظروف بالغة التعقيد وخصوصاً في ظل حكم الاستبداد والدكتاتورية الصدامية الذي لم يدخر أيه وسيلة أو طريقة شرقية أو غربية إلا وستخدمها لغرض تآكل وتصفير رأس المال الاجتماعي ذخيرة الشعوب على مدى تاريخها وصراعها من أجل الحياة السعيدة لتكون لها ذخيرة من المبادئ والأعراف والثوابت تصون وحدتها وتحافظ على نسيجها الاجتماعي ضد كل مظاهر القهر والعسف والكوارث الطبيعية والاجتماعية وهي بهذا الرأسمال الذي يماثل جهاز المناعة الوقائي لدى الكائن الحي ضد الإمراض والأعداء فكلما كان هذا الجهاز منيعاً أو كلما كان هذا التراكم للرأس مال الاجتماعي وفيراً كلما كان المجتمع قادراً على تجاوز النكبات والإمراض الوافدة والمتوقعة مما يجعل جسمه معافى وقوياً
لقد كان حكم الدكتاتورية الصدامية مكرساً جهوداً استثنائية وبحوثاً جبارة من أجل تفكيك هذه القيم والأعراف الاجتماعية الغنية بالتضامن والتضحية والإيثار ومفاهيم الجيرة والنخوة والصدق والوفاء لتحل محلها قيم الثعلبة والتقريد والتسول الأخلاقي والخنوع ..... الخ.
إننا نشير بعجالة إلى مثل هذا الموضوع الذي هو من شأن علماء الاجتماع إنما نريد إن نؤكد على موضوعية وعدم غرابة وجود هذا الكم من العناوين السياسية على الساحة العراقية فهي واقع يغطي هذه الجزر العديدة المتناثرة على سطح بحرٍ هائج هو واقع المجتمع العراقي وشدة تمزقه في الوقت الحاضر ومن ضمن ذلك هي عناوين وكتل قوى اليسار العراقي هذا وبشكل مختصر الواقع الطبقي والسياسي للمجتمع العراقي .
2- التحولات الدراماتيكية والمتلاحقة على الساحة العالمية بعد انهيار ما يسمى بالمعسكر الاشتراكي وعلى رئسه الاتحاد السوفيتي ما أدى إلى اختلاف الآراء والاجتهادات في تفسير أو امتصاص وتفكير وتنظير ما حدث بالإضافة إلى تنوع أساليب مواجهة الواقع الجديد كذلك فأن على الجميع إن يدرك ما ساهم به من أخطاء تاريخية في مسيرة الكفاح والنضال الوطني والطبقي وعدم تلافي هذه الأخطاء والنواقص النظرية والتنظيمية أو على الأقل عم الالتفات لها ومحاولة إصلاحها إلا بعد فوات الأوان مما ساعد كثيراً على تشظي الحزب والحركة بعد إن عجز الداخل الفكري والتنظيمي عن استيعاب واحتواء ومعالجة الأخطاء والنواقص . وعدم الاهتمام بما يطرحه العديد من أعضاء الحزب لتقييم مسيرة حزبهم أو حركتهم، وهذا لا يعني على الإطلاق إننا نستبعد ما يحمله الفرد العراقي من حواضن ذاتية وإمراض مستوطنه لا وعيه في حب السيطرة والأنانية ونفي الأخر وممارسة العنف وهي أمراض مستشرية في ثنايا المجتمع العراقي وبكل فئاته وشرائحه حيث القيم البدوية والعشائرية والإقطاعية المتخلفة فهي تمتلك قابلية وقوة سحرية في اختراق أكثر الفلاتر والحواجز الثقافية والفكرية لتعشعش في كهوف اللا وعي ولفترات زمنية طويلة كخلايا نائمة تسفر عن وجهها القبيح في فترات ألازمات والكوارث ... من كل ذلك نريد أن نخلص بأن أسباب هذا التشرذم والتنوع لقوى اليسار العراقي هي أسباب موضوعية وذاتية في الوقت نفسه .
فما العمل لمواجهة هذا الواقع؟
إننا نرى إن إقرارنا بما ورد أعلاه ولأننا نسترشد بمنهج علمي في التفسير والتغير نرى أن ما يساعد ويعمل على سد نقص الموضوع هو الذات الواعية المدركة لما يحيطها من الصعاب وتفهم جيداً قوانين عمل الطبيعة والمجتمع فكلما كانت هذه الذات مستوعبه لموضوعها عارفةً بدقائق وجوهر صيرورته وقوانين تطوره كلما أحكمت السيطرة عليه موظفة حركته ونموه بما يخدم مصالحها .... وتتجسد هذه الذات الواعية في موضوعنا هذا في الأحزاب والحركات السياسية عند إقرارنا بأن ( التنظيم هو أعلى درجات الوعي) فما هو المطلوب من هذه الحركات والأحزاب السياسية اليسارية لتكون بمستوى طرحها بجبهة أو اتحاد أو توحد قوى اليسار العراقي .
ومن منطلق اجتهادنا وتصوراتنا نرى يجب أن تتوفر الشروط التالية لكي يمكن أن تنقل هذه الأطروحات من دائرة الأحلام إلى أرض الواقع....

نبذ أفكار ومفاهيم الارتداد والتحريفية
يجب إن تتخلص الحركات والأحزاب اليسارية من هيمنة الأفكار المثالية لتخلص نفسها من درن التقديس وعبادة الشخص والنص ومهما بلغ شأنه وتقر بأن لا شيء ثابت سوى المتغير والمتبدل والجديد فليس هناك ما هو خارج دائرة المسائلة والتشكيك والنقد والتجديد وبذلك أن تطرح جانباً أحكام الارتداد والتحريفية التي أشاعت الرعب والاحتراب وهيمنته على القوى اليسارية فلا يمكنناً أن نفهم معنى الارتداد والردة خارج الأديان والعقائد الغيبية المثالية فالمرتد كاو تسكي نعرفه جميعاً وكذلك تروتسكي وغارودي .... الخ . وهي إحكام كهان الشيوعية على من خرج أو حاول إن يجدد أو يجرؤ على نقد اقانيم الشيوعية ومسالة بعض رموزها مما ألقى بالحركات اليسارية والأحزاب الشيوعية في خانة الأديان والفكر الغيبي على الرغم من كونها تحمل راية محاربة الأفكار الغيبية والمثالية وما أفضع ما شهدته الساحة العالمية والعربية والعراقية من تهم تحر يفيه ضد كل من يحاول أن يجتهد أو يخرج أو يساءل أحد أعلام الفكر الشيوعي بعد أن تم نقلهم من ساحة الواقع وساحة النضال والتجدد إلى ساحة  الجمود والتقديس من ساحة الجدل والتناقض إلى ساحة العصمة وعدم جواز تجاوزهم أو حتى محاورتهم بعيون مفتوحة، أن التحريفيه والارتداد نقلت النظرية الماركسية من كونها نظرية علمية واقعية إلى دين متزمت منغلق وحولت أعلامها من مناضلين ثوريين إلى أنبياء ورسل وائمه معصومين وقد ذهب نتيجة ذلك الكثير من( زنادقة ) الفكر وأصحاب ( البدع والمرتدين) من المناضلين ضحايا رفاقهم حراس العقيدة وشرطتها السرية .
إن من يقرا تاريخ الحزب الشيوعي العراقي ومذكرات الرفاق الرواد من الشيوعيين والماركسيين سيرى حجم المأساة وما جرته مثل هذه الحروب الداخلية على الحركة الشيوعية واليسارية والوطنية العراقية من خسائر وألام لا زلنا نعيش أثارها لحد ألان.
نسأل متى يجب أن نتعلم الدروس ونستلهم العبر؟؟
ومن يتأمل ظاهرة التحريف للنصوص وفبركتها وبذل جهود كبيرة ومضنية لتفكيكها ثم إعادة تركيبها من جديد لتظهر بمعنى يقارب أو يطابق ما يريد إن يذهب إليه المفكر أو المفسر والمنظر من معنى ربما لا يحمله ظاهر النص الأصلي وبما إن هذا المنتج و النص الجديد لا ينال الاعتراف ولا يسوق منتوجه الفكري إلا بإسناد من المقدس ومباركته واعترافه بشرعية نسبه إليه وإلا فما هو إلا زنديق وصاحب بدعه ومرتد وتحريفي ....
وما يترتب على ذلك من الويلات أشدها الحرق والقتل والتعذيب وأخفها الإبعاد والعزل والتشريد فيجب إن يكون الواقع المادي وما ينسجم مع قوانين حركة الطبيعة والمجتمع وما يرتقي يهما نحو الأكمل والأفضل هو الحكم لمصداقية الفكر ومقاربته للعلم في التفسير والتغيير وليس مطابقته لما هو سائد متعارف عليه من أقوال ونظريات ممن نصبوهم أنبياء معصومين وإلا لظلت الشمس تدور حول الأرض ولم يسجن ويعذب كاليلو ويهدد بالحرق وبذلك تبدو مسيرة التحريف هي نتيجة للتقديس بسبب صعوبة خرقه وتجاوزه ضمن تغيير معطيات ووقائع الحراك الاجتماعي في ظرف متغير وزمن وحراك لا يعرف السكون ونرى ان ذلك احدالاسباب الرئيسية ان لم يكن أهمها للتحريف .

 الوريث الوحيد ( طالما أنا موجود فأن غيري شبح )
-------------------------------
 ضرورة التخلص من فكرة حق الإرث للابن الأكبر
نرى إن بعض العناوين لبعض القوى الشيوعية واليسارية العراقية تهيمن عليها فكرة الوريث الشرعي الوحيد لكل تراث الكفاح ونضال وميراث الجماعات والأفراد الثوريين والمناضلين في العراق وما سواه لا يستحق من هذا الميراث شيء كذلك لا يحق لأحد إن ينسب نفسه لهذا التاريخ والإرث الخالد فقد جيرته هذه الفئة باسمها .... ولا زالت بعض هذه القوى تصر على فكرة طالما إن موجود فأن غيري شبح, وكأن بعضهم يقول مستعد أن اعترف بكل ألوان الزهور وإشكالاها إلا إن تنبت بجانبي وردة حمراء فهذا أمر لا يطاق. وقد يرد سبب ذلك إلى نسب أقوال إلى بعض زعماء الأحزاب الشيوعية وخصوصا لينين ( إن وجود أكثر من حزب شيوعي في بلد واحد يعني إن أحدهم على خطأ ) مما كرس مبدأ احتكار وامتلاك الحقيقة المطلقة من قبل حزب أو حركة بعينها دون غيرها وعدم الأخذ بنظر الاعتبار تاريخية النصوص والشواهد وتبدل الظروف ومن ثم تجاوزها أو نسخها أمر طبيعيا جدا في مجرى الصراع الاجتماعي في ظرف ومكان متغير وان حدوث ذلك لا يمس مكانة ورفعة وكفاحية الزعيم القائل . إن الشيوعيين العراقيين يعرفون تماما ماجرته هذه النظرة وحالة الاحتراب وحتى الإيقاع أو تصفية الرفيق لنده القائم أو المتوقع وبأساليب وطرق اقل ما يقال عنها أنها لاتتفق على الإطلاق مع القيم والمبادئ الشيوعية وقد أسس الرفيق الخالد ( فهد ) بدأ الحزب الواحد ضمن سعيه لبناء تنظيم حديدي وصهر كل عناصره ضمن قالب واحد موحد في ظل أعلى شكل من إشكال المركزية الستالينية المسماة تعسفا بالقواعد اللينينية في بناء التنظيم الثوري وفقا لما كان يراه وماتتطلبه وما هو سائد من ظروف أمنية وعالمية في ذلك الوقت.
 إن من يقرأ ويعيد قراءة تاريخ الحزب الشيوعي العراقي بعين الحاضر المتفتح والمتجدد بعقل واقعي جدلي وليس بعقل العقائدي المتحجر والمتبلد فعلى الشيوعي ان ينظر إلى الوقائع والإحداث والتاريخ بعين المنهج الواقعي وليس بعين الحالم الذي يقفل عقله وحواسه على حزب متخيل وسلوك تفترضه النظرية في كتب المنظرين والحالمين بالشيوعي الفاضل .إن هذا السلوك في ظل الأوضاع الراهنة وبعد الزلزال الذي هز العالم وفي ظل الأيمان بالديمقراطية السياسية والتعددية ونبذ العقائدية الجامدة المنغلقة وضرورة فتح المجال رحباً أمام مختلف الآراء والاجتهادات والقراءات الفكرية والسياسية والتنظيمية ... نقول إن هذا السلوك أصبح مرفوضاً حيث يجب التعامل بين مختلف القوى بروح الشفافية والأخوية الرفاقية الحميمة لتكون بمستوى الأهداف الإنسانية السامية المشتركة والمبادرات الجادة الصادقة لإنتاج وإبداع أفضل السبل والصيغ وتقديم أجمل وأكمل الأمثلة في طريق النضال الوطني والطبقي والأخذ بيد من يتخلف أو يعجز عن اللحاق بركب المناضلين والمتميزين لا بوضع العراقيل وفبركة المكائد والتظليل والتشويه لأبقإءه يدور في دائرة عجزه وتخلفه لأكون إنا الوحيد وغيري عدم . يجب أن تراجع كافة التنظيمات والحركات اليسارية بناها التنظيمية والعمل على إن تكون منسجمة مع أطروحاتها النظرية في الديمقراطية والتعددية والتداولية داخل التنظيم وخارجها ونبذ أسلوب تأليه القائد وصنع الأصنام والرموز مقتدية بذلك بما يحيطها من الهوس الديني والبرجوازي والقومي في صناعة هذه الرموز وعبادتها مع فائق تقديرنا للعقول المفكرة والمبدعة وعباقرة الفكر والعمل ولكن نرى أن أشد أعداء المفكرين والمبدعين والمصلحين هم عبادهم ومقدسيهم
أسباب تأليه وتقديس القائد:-
-----------------. نرى إن احد الأسباب الرئيسية لظاهرة تقديس وتعظيم وتاليه القائد بالإضافة إلى الموروث الثقافي الذي يكون عاملا مساعدا لمثل هذه الظاهرة في بعض المجتمعات هو ضعف الموضوع لقيام وولادة ونشوء الحزب وتطوره مما يفرز قصورا واضحا في الوعي وعدم تكامل القدرة الذاتية على استيعاب النظرية وفهم وتفسير المتغيرات الاجتماعية لدى اغلب جماهير الحزب وأعضاءه وأنصاره مما يعطي للقائد والزعيم دورا استثنائيا يكاد يكون فيه الأول والأخير في إصدار التعليمات وتدبيج البيانات ووضع التنظيرات لتكون بمثابة النصوص المقدسة في ظل حالة الانبهار واستصغار الذات من قبل هذه الجماهير أمام عبقرية وتفوق القائد وقدراته الفذة فتسبغ عليه مختلف الأوصاف والصفات مما يهيئ له مسرح الدكتاتورية والاستبداد بوعي ودون وعي ليعتليه محمولا على أكتاف القطيع الزاعق والمصفق لعظمة إلهه المعصوم .
لذلك يتطلب إن تعيد أحزابنا وحركاتنا الشيوعية واليسارية النظر وتتخذ الإجراءات الوقائية والاحترازية وخصوصا في بلدان التخلف والاستبداد ومنها العراق على شكل آليات ومواد في أنظمتها الداخلية وممارساتها التنظيمية لسد الطريق إمام مثل هذا المرض الخطير، فغالبا ما يتم نقد القائد أو الزعيم أو السكرتير والأمين العام السابق دون إن نضع المعالجات التي تحفظ وتجنب المسمى اللاحق من الانزلاق في نفس الطريق وارتكاب نفس الخطأ وانتهاج نفس المنهج مما جر ويجر إلى الكوارث والنكسات والهزائم للحركات والأحزاب الشيوعية واليسارية .

طرح برنامج واضح ومتميز وعدم خلط الأوراق
-----------------------------
إن من الركائز المهمة لبناء وحدة اليسار هو إن نعرف ما يميزنا عن غيرنا من أحزاب وحركات وقوى سياسية على الساحة العراقية مع وضوح مقاييسنا وبوصلتنا للحراك الطبقي في المجتمع العراقي وما يجسد ويوضح ذلك هو طرح برنامج موحد لقوى اليسار الديمقراطي العراقي يستطيع إن يجيب إجابات واقعية على إشكالات واستحقاقات الساحة السياسية والاجتماعية العراقية الراهنة مستجيباً بذلك لنبض وطموح أغلبية الشعب العراقي من العمال والفلاحين والطلبة وعموم شغيلة اليد والفكر .
امتلاك الحصانة الفكرية والعملية ضد الانجرار والتبعية والذيلية في مواجهة شرور العولمة المسلحة وهو التطرف الديني واليساري والقومي والطائفي لتكون بذلك قوى اليسار الديمقراطي منار ينير طريق الكادحين ومحبي العدل والسلام وتفسير الظواهر والفاعلية في التغيير الاجتماعي بما يخدم الإنسان وحريته وسلامته وما تتعرض له الجماهير الشعبية عموماً من ضخامة وتنوع وحنكة أساليب التظليل والتعمية الثقافية والسياسية وشد العصائب على العيون لحجب الحقائق وتأبيد حالة تردي الوعي وحالة التخدير واختلاط الألوان تحت تأثير مورفين الشعارات الوطنية والطائفية والثورية المتطرفة خصوصاً ونحن نشهد حالة من الإيغال المتعمد في طريق الاصطفاف القبلي والطائفي والعرقي على هامش استعراضات الانتخابات والاستفتاءات مما يستدعى شعوراً عالياً بالمسؤولية من كافة القوى اليسارية والديمقراطية بمختلف ألوانها ومرجعياتها لتجميع نقاط الاتفاق والعمل على ترحيل نقاط الاختلاف إلى مراحل أخرى فسيجد واقع النضال اليومي الحلول الكفيلة بتجاوزها وتقديم البراهين على صواب ما هو أكثر واقعية وعلمية من بين خيارات واجتهادات مختلفة ونبذ ماهو خاطئ ومتخلف .
 لذلك نرى ضرورة البدء ألان وعدم ترحيل مهمة لجان التنسيق ومن أبسط المستويات إلى أعلاها بدءاً باللجان الثنائية والثلاثية وحسب درجة قبول واستعداد الإطراف في قبول ذلك للعمل من اجل تحقيق تحالف قوى اليسار العراقي الديمقراطي.
ولسنا بحاجة إلى توضيح ضخامة المهمة الوطنية والطبقية الملقاة على كاهل الشيوعيين واليساريين وعموم القوى الوطنية والديمقراطية في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الشعب والوطن... فلم يتساهل التاريخ في أحكامه مع من يتلكأ أو يتباطأ أو يعرقل إنجاز هذه المهمة التاريخية العظمى حيث يرزح الشعب تحت نير الهيمنة الأجنبية المسلحة ويئن من هول وهمجية ضربات قوى الإرهاب وعصابات القتل ومافيات السلب والنهب .
ليكون اتحاد وتجمع قوى اليسار الديمقراطي العراقي مثالاً واقعياً شاخصاً أمام أبناء الشعب بالتضحية والإيثار والديمقراطية الصادقة والتفاني والتنافس الحر من اجل تحقيق أهدافهم النبيلة والسامية في بناء وطن حر مستقل وشعب امن مرفه .

270
قول على قول أبو كَاطع

(( في رمضان  ضيّعنا العدس))

بقلم حميد لفته

ونحن نطلع الأخبار والتصريحات والتلميحات في الجرائد اليومية‘ملأت أنوفنا روائح ألتمن العنبر والدهن الحر والفسنجون والدجاج المحشي والشاي المهيل وماخفى علينا اسمه واختلط علينا رسمه ولكنه بالتأكيد معلوم للمسؤلين في وزارة التجارة فلاشك أنهم قد تذوقوا أنواع الطعام في بلاد الغربة أيام النضال ضد الدكتاتورية حيث صرحوا إن ابشروا يأهل العراق فقد قررت وزارة التجارة إن تكيل لكم كيلين وليس بمكيالين لمختلف الأغذية والأشربة في وجبة رمضان الكريم لهذا الشهر الكريم مضافا إليها مافات من وجبات وما أكثر الوجبات الفائتة للأشهر الماضية.
ولاعذر بعد اليوم لمن يدعي انه لا يتوفر على وجبة إفطاره ولاشك إن هذا القرار سيشمل أهل الذمة أيضا وما على المواطن إلا إن يحضر أوانيه وأكياسه لحفظ هذه الوجبة العملاقة من وزارتنا الذواقة.
فاستبشرت ربات البيوت وطردنا وساوس الشك السابق بمصداقية المسؤليين حيث لايمكن الكذب في شهر رمضان وخصوصا لمن سيمائهم في وجوههم من اثر السجود. فبدأن يتفقدن احتياجات أطفالهن واحتياجات بيوتهن من الملابس والأواني لشرائها من الفضلة المالية التي ستتوفر لديهن بعد استلام الوجبة العملاقة من بركات المسؤليين قبل الله صيامهم وقيامهم ووفقهم لتحقيق كلامهم وذهبت الآمال بعيدا فإذا كانت الغذائية بهذا الحجم والنوع فما عسى أن تكون قيمة العيدية التي سيكرمنا بها إبائنا في الحكومة من جيوبهم الخاصة من فضل ما من عليهم الله من النعم وليس من مال الشعب كما كان يفعل الدكتاتور فيمن عليهم ببركاته وهباته وكأنه ملك أبيه؟؟؟!!!
وسرحت النساء في الخيال والأماني الطوال في مجالسهن الخاصة واشتد السجال بين أفراد العائلة حول نوع وشكل وأهمية المشتريات ونوع المقتنيات وقد كانوا يزجرون بعض الخبثاء المشككين بوعود المسؤليين بان: رمضان على الأبواب وسترى وسنرى ويرى كل العرقين وهنا سيخرس كل المشككين بوعود السادة المسؤليين.
وعند ذهابنا لاستلام الوجبة ونحن مثقلين بالأواني والأكياس فقد خابت الآمال وبان كذب الوعد والمقال وذهبت أدراج التصريحات كل أحلام العيال فما قبضنا غير كيل مضاعف من العدس ونصف المكيال من السكر والشاي والدهن الرديء وربع كيلو من الحليب بعد طول غياب وهي كمية لا تسد ربع المتراكم لنا من الوجبة الشهرية وقد غاب عنها ألتمن والبقوليات الأخرى ولا اعرف ماذا فقد ضاع علينا الحساب وكما يقول المثل((..... وزانه وتاه الحساب)). إلا إننا عزينا أنفسنا بحكمة الوزارة وقرارها الاحترازي بزيادة حصة العدس فلربما سبقت وزارة الصحة في التنبؤ بوباء الحصبة فالعدس خير طعام للمحصوب والعدس خير طعام للإسهال وخصوصا لمرض الكوليرا الذي لم تنجح الوزارة الشقيقة بالقضاء عليه ولربما بسبب قلة الإرهاب في كردستان العراق.وما غياب ألتمن إلا لغرض الترشيق حيث لم تكفي الهرولة وراء الغاز والنفط والكَاز والهروب من الانفجاريات والمفخخات لترشيق أجساد العراقيين.
وهنا بودنا أن ندل السادة المسؤليين على طريقة تكفر لهم ذنبهم وكذبهم ويكون صيامهم مقبولا ودخولهم الجنة مضمونا إلا هو الاقتداء بما فعل شيخ أدخيل حيث يذكر المرحوم أبو كَاطع في روايته الزناد في زمن لم تكن الساعة فيه معروفة في قرية آل طرفة((شيخ أدخيل الذي يؤذن للفطور في قرية آل طرفة ذات يوم غائم إذن الشيخ أدخيل وتناول الصائمون فطورهم وبعد ربع ساعة وتزيد بانت الشمس من وراء السحب وبينها وبين المغيب بضع دقائق.فهرع الشيخ أدخيل مذعورا إلى المكان الذي يرتقيه عادة للأذان ورفع صوته عاليا حتى بلغ أطراف القرية بقصد إبراء ذمته وردد بلهوجة:-
-:ولكم اجذب...اجذب لحد يفطر على اوذاني.... واللي فطر خطيته بركَبته))

فهل سيفعل المسؤليين في وزارة التجارة كما فعل شيخ أدخيل ليعلنوا بصوت مرتفع عن كذب وعودهم . على الناس إن لا تخرب بيوتها بتصديقهم فكل من استدان أو أسرف وأحس بالأمان على وجبة الإفطار في شهر رمضان خطيته بركَبته.
ولكن ...وويل لهذه اللاكن المؤله والمقلقلة...نقول الشيخ أدخيل كذب غير عامد مرة واحدة وأعلن صراحة كذبته وطالب الناس بعدم تصديقه وهذا ما يشفع له خطأه ولكن ما عساه أن يكون عذر من تكرر كذبه. يبدو انه أدمن الكذب وعندها فهو لا يرى حاجة للاعتذار فحقيقة كذبه أصبحت معروفة للقاصي والداني وما ينبغي على الناس أن تصدق وعودهم وخطيته بركبته الذي لازالت تصدق وعودهم رغم كثرة وتكرار كذبهم.وما عسى المسؤول إن يفعل إذا تعلل بعض الناس بالمثل القائل)) فاتك من الجذاب صدك جثير)) تعلقا منهم بأمل كاذب بسبب ضيق الحال وانعدام البديل .
ولكن أضنهم رغم ذلك بحاجة إلى فتوى هل يعتبر صيامهم مقبولا أم لا؟؟؟؟
أعزائي  كان هذا المقال في العام الماضي  حينما لم تفي وزارة التجارة بوعودها ماعدا  حصة مضاعفة  العدس  ومعروف إن لاوجبة إفطار رمضانية إلا وكانت  شوربة العدس لها حضور فيها ولكن يبدو قد ضلمنا الوزارة والوزير في العام الماضي ففي هذا العام  لم نحصل حتى على (نصف الكيلو العدس) مكرمة الوزارة لهذا العام وكما يقول المثل(( رادله كَرون  كَصوا أذانه))    على الرغم من إننا بأمس الحاجة  لشوربة العدس الاكله المفضلة للمصابين بالكوليرا والإسهال المائي المنتشر هذا العام في  المناطق الوسطى والجنوبية والغربية من العراق  وكما قال لي  أحدهم((في رمضان ضيعت العدس))   خصوصا وأن الكوليرا والإسهال  أدت إلى تفعيل مقولة ((في الصيف ضيعت اللبن)) بسبب حظر اللبن لانه وسط جيد  لنمو وتكاثر  البكتريا المسببه للاسهال ان لم يكن مبسترا وبذلك افتقدنا  البن وشوربة العدس مرة واحدة. وأظن  أن مسئولي  وزارة التجارة سيخسروا هذه المرة  صيامهم وصلاتهم ولا يجديهم  أن يقتدوا بشيخ دخيل  لكون صيامهم مقبولا؟؟؟!!!! فقد أصبح فعلهم منكرا  تماشيا مع الحديث النبوي الشريف ((من رأى منكم منكرا  فليغيره بيده فان لم يستطع  فبلسانه فان لم يستطع  فبقلبه وذلك اضعف الإيمان)) فان كان حال اللسان والقلب  تشمل  عموم الناس  فالامر الأول((التغيير باليد)) إلزاماً لذوي الأمر والسلطة وخصوصا  مجلس النواب ومجلس الوزراء افلايدركون!!!!؟؟؟


271
الطبقة العاملة العراقية تختط طريق الخلاص من الفساد والمفسدين
بقلم حميد  لفته

في ظل هيمنة قوى الاحتلال الرأسمالي العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على مقدرات وشؤون الشعب العراقي وتعريضه إلى المزيد من السحق والتفتيت والشرذمة وتقسيمه إلى أعراق وطوائف  وزمر متطفلة تعتاش على أموال السحت والنهب والثعلبة السياسية والقردنة الأخلاقية،وهي صفا وموصفات توابع وذيول ومريدي قوى الاحتلال والاستغلال في العراق وقد استفادت هذه القوى جميع من تجربة الديكتاتورية المتشظية في الهاء وتضليل وتعمية وإشغال المواطن العراقي وإغراقه في لجة من الأزمات المتلاحقة المزمنة والمتوطنة والمبتكرة ابتداء بالبطالة وشحة الماء والكهرباء وهي من أكثر الأزمات أثرا في حياة المواطن العراقي فلا حياة عصرية ولاعمل ولا أمان وامن بدون الماء والكهرباء ، فلا أنتاج زراعي وصناعي ولاانتاج فكري بدون تامين الطاقة الكهربائية والحرص على ديمومتها وتطور إنتاجها بوتائر متصاعدة وليس العكس كما هو حاصل الآن .
فقد وجدت الحكومات العراقية المتعاقبة على سدة الحكم لعشرات السنين في الأزمة الكهربائية وتفاقمها خير معرقل لعملية نضوج وبلورة وتطور وعي الجماهير المستغلة للأخذ بحقوقها والوقوف بوجه مستغليها في الداخل والخارج .
ولكن مهما طال زمن التضليل والتنكيل لابد وان تتكشف للجماهير وسائل خلاصها وانعتاقها من حالة البؤس والحرمان والتهميش لتأخذ قضيتها بأيديها وتنحية الأوصياء والأدعياء والوكلاء المتاجرين بقضاياها مستغلة فرقتها وجهلها وإنشغالها في أمور ثانوية ومن هذه الوسائل المبتكرة للوعي الجماهيري التي تزرع الأمل في صدور التواقين للحرية والرفاهة ما أقدم عليه عمال وفنيي قطاع الكهرباء في العراق ولأكثر من مرة أخرها التظاهرة التي نظمتها نقابات عمال الكهرباء هذا الاسبوع في العراق مطالبة بإقالة وزير الكهرباء وحاشيته المهيمنة على سلطة القرار في الوزارة وأتهامهم بسوء الإدارة والفساد والفشل الذريع في إعادة الحياة إلى المحطات الكهربائية القديمة وإنشاء وتشييد الجديد منها ، ومطالبة هذه الجماهير العمالية وبمساندة عموم شرائح المجتمع الأخرى  ان يتولى المسؤولية وزير وطاقم قيادي من التكنوقراط من ذوي الكفاءات العلمية والإدارية بعيدا عن المحاصصة الطائفية والعرقية ، مبينين إن الشعب العراقي لم يعد يحتمل الفاسدين والعاجزين فقد طال به الانتظار ومل الوعود الكاذبة بإصلاح وتطوير البنية التحتية للطاقة الكهربائية كالخطة العشرية وما سواها والتراشق بالاتهامات بين الوزارات المختلفة تهربا من المسؤولية حيث يؤكدون من حيث لايعلمون فساد وتخلف وعجز وزارة النفط والكهرباء والمالية في ما يخص إنتاج الطاقة الكهربائية، إن المراقب يرى في هذه الانتفاضة العمالية السلمية الرائعة المتصفة  بالوعي الوطني  والطبقي والعلمي  بانها فتح جديد تجترحه الطبقة العاملة العراقية لتضيفه إلى تاريخها النضالي المجيد في الكفاح ضد قوى الاحتلال والاستغلال والدفاع عن مصالح عموم المواطنين العراقيين وتحررهم من المطالب الخاصة المحصورة بمصلحة شريحة أو فئة أو طبقة معينة رغم اهميتها وشرعيتها لتصب في الصالح العام.
نرى إن على كافة القوى المخلصة والشاخصة صوب الخلاص والتحرر  والرفاه ودحر الفساد والمفسدين إن يتمثلوا تجربة عمال الكهرباء والنفط الشجعان لينتفض  منتسبي  الوزارات الأخرى  ضد الفساد والمفسدين والمطالبة بمحاسبة وتنحية  الفاشلين وحث الجماهير بكافة شرائحها لدعم ومساندة ومشاركة والتضامن مع القوى المبادرة في مثل هذه الفعاليات إن لم نقل الانتفاضات لوضع حد لحالة التردي في كل مجالات الحياة في عراق اليوم وخصوصا في مجال الخدمات كالماء والكهرباء والاسكان والصحة والتعليم.بعد إن عجزت النخب السياسية الممسكة بصولجان السلطة  التشريعية والرقابية والتنفيذية الغارقة في بحر الخلافات الطائفية والعرقية والسعي وراء  المكاسب والمصالح الفئوية والشخصية الضيقة بعيدا عن هموم ومصالح الوطن والمواطن عجزت عن وضع  وتنفيذ حلولا ناجحة لأبسط الأزمات التي  يعاني منها العراقي اليوم. لابل تسعى لاستيلاد وافتعال  أزمات جديدة فمن الطائفية  إلى  أزمة كركوك ثم خانقين  ثم  قنبلة  زيارة الالوسي لدولة اسرائيل راعية الظلم والظلام ومدللة الولايات المتحدة((الصديقه والحليفه)) ...الخ.
إننا نرى إن هذه الانتفاضات والمبادرات السلمية  والمنضبطة والتي تعرف ماتريد  وتضع يدها على مواطن الخلل وتضع الحلول الناجحة والفعالة لها لانها منبثقة  من داخل هذه المؤسسات والوزارات ومطلعة  على  خفايا الامور وماطن الفساد والخلل، يجب أن تثلج صدور المخلصين وتشد من عزمهم وعزيمتهم  وخصوصا ممن هم  من المساهمين في القرار والمؤثرين فيه وفي تسيير وتدبير شؤون البلاد السياسية والثقافية والاقتصادية ممن لايملكون الحيلة والوسيلة  كما يصرحون ويدعون ليكون رأيهم  فاعلا  وعليهم أن يعلنوا بصوت عالٍ عن إسنادهم وتأييدهم لمثل هذه النشاطات والفعاليات وتخليص المواطن العراقي من حالة ألاستنكافية السياسية  والانكفاء على الذات والسلبية  مما لا يفسح المجال إمام  الفاسدين والمفسدين والفاشلين ليعيثوا  في البلاد ومصالح العباد فسادا وتخريبا ونهبا  بوجود الرقابة الشعبية الفاعلة وتخدير الناس بأمور ثانوية. ويجب على رجال الفكر والصحافة والإعلام في الداخل والخارج مساندة وتأمل وتفكر هذه الانتفاضات الرائعة كأسلم طريق سلمي فاعل نابع من وسط الجماهير بكافة انتماءاتها الطبقية والقومية  والدينية للتوحد تحت برنامج  فعل غير تقليدي لتصحيح  مسار عملية التغيير  لتصب في صالح المواطن العراقي وضمان عيشه وأمنه ورفاهة وحريته وهي البديل  الناجح والفاعل للمسارات والإجراءات والتدابير القاصرة والخاطئة التي اعتمدت منذ تشظي  الديكتاتورية ولحد الآن. ان تنشيط مثل هذه الفعاليات تفعل
العمل على تمزيق أقنعة المتاجرين بالوطنية والقومية والديمقراطية من الطائفيين والشوفيينين والطفيليين وخدام الرأسمال العالمي ومطايا الدول والحكومات الأجنبية الطامعة في ارض العراق وثروته وثرائه المادي والمعنوي. وستكون هذه الفعاليات  ناجحة فعلا إن استطاعت  المطاولة  والإصرار على مطالبيها ووضع الآليات والضوابط  الصارمة ضد تسلل  الغوغائيين والمتطرفين اللذين غالبا مايكونون  هم سلاح قوى الخراب والفساد الفعال  لجر مثل هذه الفعاليات  إلى أعمال الفوضى  والزعيق ألشعاراتي الفارغ والمغامر دون جدوى وإعطاء القوى المناهضة والفاسدة كل الذرائع  والحجج لضربها وتخريبها من الداخل وانفضاض  مؤيديها ومؤازريها عنها، إن التجربة  الكبيرة لعمال العراق الميامين سوف تكون الدرع الواقي ضد من يتربص بهم  ويسعى لتمزيق وحدتهم  ودق إسفين الشقاق  والاحتراب  بعضهم بعض أو مع الشرائح والقوى الوطنية الأخرى حتى تتمكن قوى الاستغلال  من  تصفيتهم  وكبح جماح حركتهم.
فمرحى لعمال وفنيي الكهرباء وكل عمال العراق وهم يختطون طريق الخلاص  من الظلام  والظلم  والتبعية والاستغلال وسلوك طريق النصر الأكيد والسلوك الرشيد وليكن  صوتهم قويا ومسموعا في معاملهم ومشاغلهم ومؤسساتهم بعد أن غيب هذا الصوت في قبة البرلمان.


صفحات: [1]