الاخ جورج السرياني
كنت اتمنى ان لا ارد عليك في هذه الظروف كي لا احسب من الذين يكسرون سيوفهم في الهواء
لكن لاظهار الحقائق امام الراي العام كتبت هذا الرد الذي ليس سوى وضع مصدر امام القراء وامام حضرتكم
عن تاريخ الكلدان
المقال يعود للاخ الكاتب وسام كاكو الذي مديرا للمركز الاعلامي الكلداني في كاليفونيا قبل 14 سنة.
هذا رابط المقال
https://www.ankawa.com/forum/index.php?action=profile;u=13265;area=showpostsوهذا نص المقال
ملاحظة يظهر ان ادارة موقع عنكاوا كوم حذفت الصور
اتمنى ان ترجعها لانها من المصادر المهمة وهي جزء مهم من جهود الكتاب
تحياتي.
...................
بل مدة من الزمن كتبنا مقالاً عن الأخطاء المنطقية التي يقع الكُتاب بها أثناء كتابتهم لمقالاتهم وبالطبع هذه الأخطاء يمكن أنْ يقع فيها المتحدثون أثناء حديثهم وربما بدرجات أعلى ولكنها في الحديث يتم تبريرها أحياناً بالحرج أو زلة لسان أو غيرها أما في الكتابة فيُفترض أن تكون الأخطاء المنطقية أقل نسبياً لأن الكاتب ينبغي أن يأخذ وقته في مراجعة النص والتأكد من دقته قبل دفعه للنشر، ولكن يبدو إن بعض كُتابنا ما زالوا يُعانون من الوقوع في شرك الأخطاء المنطقية هذه وقد حاولنا الإبتعاد قدر الإمكان عن الولوج في هذا الموضوع خلال الفترات الماضية خوفاً من تصور البعض من ان ذلك ليس إلا فلسفة غير ضرورية لأن ردّ فعل بعض كتابنا يكون ثأرياً عند معرفتهم بنواقصهم في الكتابة وليس غريباً القول ان الغالبية العظمى من البشر يُحبون المديح خاصة أمام العامة ويكرهون النقد بنفس الدرجة التي يُحبون فيها المديح.
كُنا نتطلع بأمل شديد أنْ يُساهم كُتابنا وسياسيونا في خلق حالة من التفاهم والمحبة بين أبناء شعبنا وتجاوز الطعن بإخوتنا ولكن مع الأسف لم يحدث ذلك إلا قليلاً ولدى شخصيات معدودة.
قال السيد يونادم كنا يوم الإثنين 6 شباط 2006 أمام جمع غفير من الحضور في سان دييكو "لا يوجد حجر واحد في بابل كُتب عليه عن الكلدان، ما عدا التوراة فقط ..."، والغريب إن الحضور صفق له بحرارة عندما ذكر ذلك، نظرتُ يميناً ويساراً في القاعة والى الناس الذين يُصفقون وتساءلت ما سبب هذا؟ هل يُمكن أن يكون أخي الآشوري حاقداً (لا سامح الله) علَي أنا الكلداني لدرجة إنه يُحب الأحاديث التي تمسح إسم الكلدان من التاريخ؟ ولكني وجدتُ إن بعض الذين يُصفقون كانوا كلداناً! فكيف يمكن أن نتهم الأشوري مِنا إذن بهذه التهمة القاسية؟ هل يمكن إعتبار هذا الحديث عبارة عن زلة لسان وإرتباك في إيصال الفكرة من قبل السيد يونادم كنا؟ إنْ كان كذلك فلا بأس لأننا مُعَرضون جميعاً الى مواقف نحس فيها بضعف ويخوننا التعبير عن إيصال الفكرة الصائبة الى المُتلقي، ولكن عندما أوضحت للسيد يونادم بعد محاضرته إنه إرتكب خطأً تاريخياً عندما قال إنه لا يوجد ذكر للكلدان في الألواح المُكتشفة، وإني على إستعداد لإثبات ذلك بمراجع علمية، وجدته مُصراً على رأيه فقلت في نفسي لا ينبغي أن أكتب الان في هذا الموضوع لأن الأمر لا يعدو كونه نقصاً في معلومات السيد كنا ولا داعي لتهويل المسألة، كما ان الجمهور الذي صفق له كان تحت تأثير حالة الشحن الحماسي التي خلقها السيد كنا لديه فتجاوزنا الموضوع رغم طلب بعض الأصدقاء أن نقوم بتوضيح ذلك إعلامياً.
مؤخراً قرأنا نفس الفكرة يطرحها السيد سام شليمون في مقالة من جزئين بعنوان (الآشورية وسام شرف على أعناقكم) و (لا تزال الآشورية وسام شرف على أعناقكم) ويطالب الكلدانيين منا بالمجيء بدليل على وجودنا من خلال تساؤلات أهمها (هل هناك حجر واحد إكتُشف في بلاد النهرين كُتب عليه كلداني، ما هو وأين هو ذلك الحجر؟) و (هناك المئات بل آلاف الجامعات التي تدرس علم الأشوريات Assyriology ، هل هناك جامعة واحدة فقط حتى لو كانت في موزمبيق تدرس علم الكلدانيات؟) وأسئلة أخرى كلها ترمي الى التشكيك بالوجود الكلداني، وقد سبق وأن طُرحت مثل هذه الأسئلة في مناسبات مختلفة من قبل العديدين.
سننطلق أولاً من حسن النية في إعتبار مشروعية هذه التساؤلات ولن نُصنفها في أية خانات سلبية وسنأخذ في إعتبارنا مسألة واحدة وهي ان كاتب المقال أعلاه وكافة الأخوة الآخرين يبحثون فعلاً عن إجابات علمية رصينة لمثل هذه التساؤلات وعلينا أن نأتيهم بالجواب اليقين وهذا حق للسائل وللمجيب. سنقتصر في إجاباتنا على المصادر العلمية الموثقة فقط لكي لا نفتح أبواباً للرد والجدال الإتهامات الشخصية، خاصة السطحية.
السؤال الأول للسيد شليمون - معذرة للسيد شليمون إن كانت إجاباتنا ستُركز على تساؤلاته فقط فهي مجرد محاولة للإجابة على كل المتسائلين من خلاله - هو (هل هناك حجر واحد إكتُشف في بلاد النهرين كُتب عليه كلداني، ما هو وأين هو؟) الجواب هو نعم توجد أحجار وليس حجر واحد وفيما يلي بعضها والتي ذُكرت في كتاب
The Early Neo-Babylonian, Governor’s Archive from Nippur
الذي كتبه ستيفن كول وطبعته جامعة شيكاغو عام 1996.
في خريف عام 1973 عثرت بعثة الإستكشاف التابعة لمعهد الدراسات الشرقية في جامعة شيكاغو، في منطقة نيبور على 128 لوحاً يعود تاريخها الى 755-732 سنة قبل الميلاد وسنُقدم صوراً لبعض منها مع خلاصة لما ورد فيها:
1. اللوح رقم (1) وفيه رسالة أرسلت من (كادورو) الى (نابوناسر) وفيها إشارة الى هجرة مجموعة كبيرة من الأتباع، ويذكر ايضاً إحتمالية التحالف مع نابوناسر وفيها يطلب توفير بعض المواد الغذائية في بيت (آليلومار). يُخبر عن فشله في إيجاد الصوف الأزرق والبنفسجي في بلاد الكلدان (كالديا)، يُطالب المُرسل اليه بإرسال الصوف الخاص به لغرض نسجه.
2. اللوح رقم (21) وفيه رسالة أرسلت من (باهيانو) الى (اللورد أو السيد) وفيها تساؤل عن أخبار الرحلة الوشيكة التي يقوم بها (موكين زيري) وعن أخبار بلاد الكلدان. يذكر فيها شكوى عن دُفعة الفضة، يطلب من المُرسل اليه تزويده بقراره حول الموضوع.
3. اللوح رقم (22) وفيه رسالة من (سوكا) الى (بالاسو) وفيها ملاحظة توضح ان الرسول الذي أُرسل الى (موكين زيري) لإستلام الأخبار عن بلاد الكلدان (كالديا) لم يعد بعد.
4. اللوح رقم (49) وفيه رسالة أُرسلت من (إيكيسا) الى (مانا) يقول فيها انه تم إرسال مبعوث الى بلاد الكلدان في محاولة للحصول على القطن الذي طلبه المُرسل اليه، وفي هذه الرسالة أمر بخصوص شراء وإرسال بعض السمسم.
5. اللوح رقم (89) رسالة أرسلت من (كينا) الى (كريبتو) وفيها إشارة الى القلق من الإهمال في الإشراف على الخدم والبنائين العاملين في تسقيف المباني، وعن التخلي عن العمل. يُهدد المُرسِل من إنه سيقوم بالإشراف بنفسه على العمل عند عودته من بلاد الكلدان (كالديا)، وفي هذه الرسالة أيضاً تمرين على القياسات في الجهة الخلفية من اللوح.
ذكرنا بعض الألواح التي ذكر فيها إسم الكلدان أما أسماء القبائل الكلدانية المنقوشة على الألواح (الرُقم) الطينية مثل (بيت أموكاني) و (بيت داكوري) و(بيت سآلي) و(بيت سيلاني) و(بيت ياقين) فلم نتطرق اليها لأنها كثيرة ولا تتسع مقالة واحدة على المواقع الإلكترونية لتغطيتها.
لنأت الى التساؤل الثاني للسيد شليمون الخاص بعلم الآشوريات Assyriology . يمكن للقاريء الكريم الإطلاع على التفاصيل التاريخية التي دفعت الى تبني هذه التسمية في كتاب صامويل كريمر (السومريون) The Sumerians المطبوع من قبل جامعة شيكاغو سنة 1963 وأعيد طبعه للمرة الخامسة في عام 1972. إن تسمية علم الآشوريات هي تسمية غير دقيقة - عبارة غير دقيقة هنا لا تعني أبداً إنها خاطئة- وكان الأصح أن تكون التسمية هي علم السومريات لأسباب لا مجال للخوض فيها الآن، ولكن في كل الأحوال فإن علم الآشوريات حتى وإن أسلمنا جدلاً بأنه صحيح فهو ليس ميزة تُحسب لصالح الآشوريين منا وسنوضح ذلك بإختصار شديد.
إن علم الآشوريات حاله حال علم المصريات Egyptology وغيره من العلوم المتفرعة من علم الأثار Archeology فإنه يُعنى بالتاريخ القديم والأثار وليس عن الجديد أي إنه - بمعنى آخر- يُعطي إنطباعاً على الإندثار وليس على الإستمرار، فعلم المصريات يدرس الفراعنة وهذا يعني دراسة أثار وتاريخ أناس إنقرض وجودهم، وهذا بالطبع لا ينطبق على الآشوريين منا، فالشعوب الحية حالياً لا تندرج دراستها تحت علم الأثار فمَنْ مِنا سمع يوما بعلم العرب Arabology مثلا او علم الإنكليز Englishology أو علم الأميركان Americanology ؟ إنها غير موجودة، لأن العرب والإنكليز والأميركان شعوب حية وقائمة حالياً ، لذا فإنْ نظرنا أيها الإخوة الى (علم الآشوريات) كإسم لأحد علوم الأثار نرى إننا أدخلنا أنفسنا في مأزق لأنه تأييد مُبطن على فناء الأشوريين منا على عكس ما يتصوره الكثيرون من إن التأكيد على دِقة ومشروعية وجود هكذا علم هو نقطة لصالحنا، وكما ذكرنا آنفاً يمكن الرجوع الى كتاب صامويل كريمر (السومريون) للتأكد من إن الأصح أنْ نقول (علم السومريات).
التساؤل الآخر للسيد شليمون بخصوص عدم مطالبة (شخص واحد!) بالحقوق القومية للكلدان فإننا حتى مع إفتراضنا لصحة هذا التساؤل لا نرى فيه حجة منطقية لأن أسبقية القديم لا تلغي مشروعية الجديد وهذا ما يقوله المنطق، رغم ان العكس يمكن أن يحدث أحياناً أي ان الجديد يمكنه أن يحل محل القديم ويلغيه أحياناً.
في نهاية مقالنا هذا نتساءل: هل ان الآشورية وسام شرف حول أعناقنا؟ الجواب هو نعم، الآشورية وسام شرف حول أعناقنا، والكلــدانية وسام شرف حول أعناقنا والسـريانية وسام شرف حول اعناقنا، ولا نرى من الحكمة - بأحكام المنطق - أن نحصر أنفسنا في كتاباتنا في زوايا ضيقة ونترك الآخرين ينهالون علينا إنتقاداً وربما - بموجب أحكام المواقع الإلكترونية- قذفاً وسباً ومن ثم نتساءل لماذا يتعامل الآخرون معنا بعدوانية؟! لا عيب في إنحيازنا النسبي الى كلدانيتنا ولا عيب في إنحيازنا النسبي الى آشوريتنا وسريانيتنا ولكن كل العيب في أن نرى إن وجود أحدنا لا يكتمل إلا بإلغاء الآخر. إننا أيها الأخوة إلتقينا السيد (پول بريمر) مرة في كاليفورنيا وقال عبارة موجّهة الى مسيحيي العراق، بقيت عالقة في ذهننا، هي ( إنكم لا تمتلكون إمكانية الإختلاف فيما بينكم لأنكم قليلون!). إنْ كان هذا الغريب قد إكتشف هذه الحقيقة لدينا ألا يحق لنا أنْ ننظر الى بعضنا من منظار المحبة والعمل الموّحد.
وسـام كاكو
مدير المركز الإعلامي الكلـداني
كاليفورنيا
6 أيار 2006