عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - نجم خطاوي

صفحات: [1]
1

وداعاً الرفيقة سعاد خيري "أم يحيى"

بألم كبير رحلت عنا هذا اليوم 17 نيسان في ستوكهولم، الرفيقة المناضلة الكبيرة الدكتورة سعاد خيري، التي أفنت حياتها في سوح النضال الوطني والحزبي، وسطرت وتاريخاً مفعماً بالعطاء بالتضحيات من أجل الشعب والوطن، رافعة راية الحزب في الدفاع عن الطبقات الكادحة والمظلومين وحقوق المرأة العراقية، والصمود في سجون الدكتاتورية والأنظمة الرجعية دفاعاً عن الشيوعية وقيمها ومُثلها النبيلة. غادرتنا جسداً ولكنها ستبقى خالدة بيننا بسجلها النضالي والإجتماعي المشرف.
تعازينا القلبية الصادقة للعزيز يحيى والرفيقة وداد وكل رفيقاتها ورفاقها ومحبيها والصبر الجميل لنا ولكم، ولروح فقيدتنا المجد والذكر العاطر.
منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد
17 نيسان 2022




2

 
عيد فصح مجيد و سعيد
 
عيد فصح مجيد مع كل الأماني الطيبة في أن يكون العيد مناسبة و فرصة لينعم وطننا و شعبنا بالسلام و الأمان،
وأن يعم السلام كوكب الأرض بعيداً عن الحروب و مآسيها.
أجمل التهاني والأماني  لكل اهلنا وأحبتنا المسيحيين، في السويد و الوطن وفي كل بلدان المهجر...
كل عام وأهلنا الكلدان الأشوريين السريان،
 والمسيحيين عامة، بخير، وأعيادهم بهجة وربيع دائم ..

منظمة الحزب الشيوعي العراقي
16 نيسان 2022


3
سلام الشعوب ووئامها
أسمى من الحروب
نجم خطاوي
لبناء عالم جديد
ولقبر مشعل الحروب
هذه الكلمات التي طالما تغنى بها الشيوعيون والوطنيون واليساريون، وكل الناس الساعين للسلام والحرية والوئام في كوكبنا الأرض، وغدت لهم نصوصاً وفصولاً في الطريق من أجل عالم بلا حروب وعداوات وأحقاد. شعلة ومشعل نداء الشعوب الطامحة للحياة الآمنة والرفاه والسلام، ظل على الدوام منغصاً لأحلام أقلية الطرف الآخر من حاملي مشاعل العسف والاستغلال والاضطهاد والذين يستعينون بالحروب والعنف لتنفيذ أجنداتهم.
الشعبان الروسي والأوكراني عاشا لزمن طويل في سلام ووئام واشتركا في الكثير من القيم العظيمة الثقافية والفكرية والعلمية، حتى كاد الناس في أماكن بعيدة يظنوهما كشعب واحد...بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك أطر العلاقات الأممية بين شعوب دول الاتحاد السوفيتي، نشأت وتوطدت الأفكار القومية ودعوات العنصرية في أوكرانيا وروسيا ودول البلطيق وغيرها من دول الاتحاد السوفيتي السابق، وأيضا في مناطق مختلفة من العالم. ومع تزايد أفكار معاداة الشيوعية وتحميل الحزب الشيوعي السوفيتي مسؤولية تخلف بلدان الاتحاد السوفيتي والمصاعب التي كانت تعاني منها، ازدادت وتعمقت أفكار العنصرية والقومية والتقارب مع الغرب والانضمام إلى الاحلاف...
لقد جرى تمييز في أوكرانيا في الموقف من المواطنين من أصول روسية ومن اللغة والثقافة والروسية، من قبل عدد من القوى والأحزاب التي تبنت مواقف قومية وعنصرية، واختلف هذا من منطقة لأخزى خصوصاً اذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن الغرب الأوكراني في منطقة لفيف والمحاذي للحدود البولونية كان قد شهد نزعات قومية متطرفة ومنذ زمن بعيد، لكن الموضوع ليس كما يتم تصويره في الاعلام من أن الناس يتم منعهم من الحديث بلغتهم الروسية، أو أن الناس الذين من أصول روسية يتم اضطهادهم وقتلهم في أوكرانيا، وهي من معلومات بازار الاعلام الذي يزدهر في زمن الحروب والنزاعات.
هناك في أوكرانيا عدد لا يعد من الطلبة الاجانب الدارسين في معاهد كثيرة في كل أرجاء البلاد وتكون دراستهم في الغالب باللغة الروسية، ولم نسمع بحالات تعدي أو استهداف مباشر لهم من قبل جماعات أو منظمات قومية.. وهناك في البرلمان الاوكراني عدد من النواب من أصول روسية والذين يتكلمون بها وهم أحزاب ومنظمات مختلفة.. الحزب الشيوعي الأوكراني وللآسف غير مرخص له العمل قانونيا منذ فترة غير قليلة ارتبطت بالأحداث والصراعات بعد ١٩٩١ والتي تطورت لاحقا في ٢٠١٤...
في اوكرانيا عدد من الناس الذين يتبنون أفكار قومية وآخرون يتبنون أفكاراً نازية، كما هو موجود في جميع دول أوروبا والغرب والعالم، وفي روسيا أيضا...كما أن هناك ممارسات قمعية وغير ديمقراطية وعنف شهده اقليم الدونباس ومنطقة القرم قبل ضمها من قبل روسيا..
هذه الصراعات تتمحور بأشكال سياسية وخلافات وتنافس، وهي ليست حرباً وعنفاً وصراعات بين الشعبين الروسي والأوكراني.. ويمكن القول بأن النظام في روسيا يمول ويساند ويدعم عدداً من الأحزاب والقوى والمنظمات القومية الروسية الداعية لانفصال إقليمي الدونباس، في الوقت الذي تنشط في الجهة المقابلة عدد من القوى والمنظمات التي تدعو لتفوق العنصر الاوكراني وتثقف بأفكار التطرف والكراهية..
 البرلمان الأوكراني لا يتبنى الفاشية والنازية كفكر وهناك قانون يحضرها...
 لقد سلمت أوكرانيا اسلحتها النووية إلى روسيا قبل إقرار معاهدات الحد من التسلح واستخدام الأسلحة النووية في عام 1994 والتي عرفت بمذكرة بودابست التي ضمت أوكرانيا وروسيا والولايات المتحدة وبريطانيا، والتي شملت تخلي أوكرانيا عن 1800 رأسا نووياً... ومن البنود الرئيسية التي تضمنته هذه الاتفاقية هي الضمانات الأمنية من قبل روسيا بعدم التهديد العسكري لأراضي أوكرانيا، وبنود أخرى لم تطبق عملياً.
ان التوازن وإنهاء التفرد في العالم الذي يعنينا كديمقراطيين ويساريين ومدنيين هو التفكير بالتعويل على شعوبنا وتعزيز جبهة اليسار والمدنية والديمقراطية في مواجهة قوى اليمين والبرجوازية والرأسماليين وفي كل بلد ومنطقة، والانطلاق من ذلك لتكوين جبهة عالمية جبارة في مواجهة الرأسمال والاحتكارات العالمية، وبعيدا عن قطب الناتو وتطلعاته التوسعية والعدوانية، وعن النظام في روسيا الذي يمثل مصالح ملاك اليخوت والنوادي والرأسماليين بعيدا عن مصالح المواطن الروسي، وعن الصين التي تضع مصالحها وتفوقها التجاري والاقتصادي في أول الأولويات، وبعيدا عن كوريا وإيران وسوريا وأفورقي اريتريا...
من أجل شن الحرب واحتلال الدول هناك العديد من الحجج والمبررات والأسباب وربما يكون بعضها صحيحا، ولكن مقابل ذلك هناك العديد من الأسباب والحجج والتبريرات التي تدعو للسلام وحل الخلافات بالطرق السلمية، والتي علينا اختيارها في كل مرة بديلا لمنطق الحرب التي لا يمكن تبريرها في كل حال من الأحوال، والتي لا تجلب سوى الكوارث والمآسي وخراب الأوطان، والتي ستكون فرصة لأن يتعزز الناتو وتعود الوحدة بينه وبين جميع دول أوروبا تقريبا وانحياز جماعات جديدة من السكان نحو أفكار العسكرة والأحلاف...
السؤال الذي يفترض الإجابة عليه قبل الذهاب للتحليل والتفسير والحجة والتبرير عن أسباب الحرب، هو الموقف من الحرب نفسها!! وهل نحن داعمين لها أم رافضين. السلطة في أوكرانيا لها أخطاء وممارسات لا ديمقراطية، وحالها مثل حال الممارسات والأخطاء اللاديمقراطية والتسلطية في روسيا وغيرها، كما أن المشاكل السياسية قديمة في اوكرانيا وخصوصا القومية بسبب تواجد قسم من السكان الأوكران من أصول روسية، وكان يمكن حل قضاياهم سلميا بعيدا عن التعصب القومي وتعزيز الكراهية والأحقاد الذي تبنيه بعض الجماعات والأفراد المتشددين قوميا لصالح العنصر الأوكراني، وفي الجهة المقابلة دعمت السلطة الروسية الحاكمة هذه الجماعات ووظفتها لصالحها سياسيا بديلا للمساعدة في إيجاد حلول سلمية.. الصراع الذي فجر الحرب يتمحور بين الاحتكارات الرأسمالية الغربية والدعم من حلف الناتو ومحاولة إشراك أكبر عدد من دول أوروبا فيه، وبين ممثلي الأوليغارشية والاحتكارات وأصحاب المصانع والشركات الكبرى في روسيا، وبدعم من أصوات الطموح القومي ونزعة العسكرة والتسلط والتمدد والحلم بإعادة القيصرية، مع استخدام عواطف الناس وأوجاعهم وذكرياتهم عن الاتحاد السوفيتي السابق والدور الخبيث الذي لعبته الرأسمالية في تهديمه وبمعونة بيروقراطيي الحزب الشيوعي .. ليس هناك من جامع ما بين السيد بوتين وبين الثوري الشيوعي الخالد لينين، أو بين حزب الأوليغارشية وأصحاب اليخوت والقصور والمليونيرية في روسيا، وبين الحزب الشيوعي البلشفي.
ان الشيوعيين والمدنيين واليساريين في كل العالم يفترض أن يكون لهم موقفهم الصريح والواضح من الحرب الدائرة بين الحكومات والاحتكارات والبيوت المالية الرأسمالية، عبر ادانتها والدعوة للسلام...هناك فرق كبير وهائل بين مساندتنا للعمال والكادحين والشغيلة بتقوية جبهة النضال في كل بلد من أجل تغيير موازين القوى وإقامة أنظمة ديمقراطية سلمية، وبين التعويل على رئيس معين يرأس حزب برجوازي بأنه (سيقلب موازين القوى ويغير القطبية الواحدة)...
على المستوى البعيد ستضعف هذه الحرب من مواقع اليسار والشيوعيين وتقوي جبهة الناتو والرأسمالية..قبل الحرب كان هناك نقاش كبير حول عدم جدوى حلف الناتو، واليوم تغيرت موازين القوى عبر توحد دول وحكومات الاتحاد الأوروبي مع تزايد المطالبة بانضمام دول أخرى لحلف الناتو كالسويد وفنلندا.
ان مبدأ (عدو عدوي صديقي) سيضعف من مواقعنا ويبعدنا عن المبدئية في الوقوف مع قضايا السلام وضد الحروب.
من المهم تعزيز وتقوية النضال والكفاح في كل البلدان من أجل تغيير موازين القوى لصالح قوى اليسار والمدنية وأن تتعزز مواقع الأحزاب الشيوعية، وليس عبر الحروب التي تشنها الأنظمة المختلفة عند تضارب مصالحها ودون تفويض من شعوبها..
عدم إدانة الحرب والتعويل عليها عبر بوابة نحر الشعب الأوكراني والخسائر في ضحايا الجنود من الطرفين، وتخريب وتدمير اوكرانيا واقتصادها، والوهم بأن النظام والأليغارشية الروسية سيحققوا لنا القطب الجديد و(ما دام الأمر كذلك فلنبارك حربه) حسب منطق عدد من الناس ويا للأسف والخيبة، سيكون الأمر مباركة ضمنية وتأييد مبطن للحرب...
 الأمم المتحدة تقول ان في كل ثانية تمر يكون هناك طفل لاجئ من أوكرانيا، وأن نصف الثلاثة مليون لاجئ هم من الأطفال، وهذه الصور وصور الدمار في المدن وتشرد الناس، يحسبها البعض طبيعية ما دامت أن هناك معاناة قد حدثت للاجئين سبقوهم، أو انهم يستحقون هذه المعاناة لأنهم ليسوا من جبهة النظام في روسيا الذي اختلفت مصالحه ومصالح حزبه ومليارديرية روسيا مع الناتو وأمريكا والغرب...
الموقف من الحروب ورفضها والتنديد فيها وعدم التعويل عليها في حل الصراعات وتحسين واقع الطبقة العاملة وعموم الكادحين هو من ألف باء وأولياء الفكر الماركسي وجوهره الإنساني...
التنديد بالحرب والدعوة لإيقافها فورا والتفاوض السلمي بين البلدين الجارية وإحلال السلام، هو يعني عمليا الوقوف ضد من يحاول التصعيد ومن أي جهة كانت....
فكرة عدو عدوي صديقي خاطئة تماما ومدمرة...أمريكا وحلفاؤها الاوربيون والصين وروسيا وغيرها من البلدان يبحثون عن مصالحهم في بلداننا، وسياسة الاستعمار ومخططات الرأسمالية ليست بالجديدة في عصرنا وزماننا، ومجابهتهم لا تتم عبر تسليم رقابنا بيد شخص وحزب يمثل الأوليغارشية المتخمة وكبار الأثرياء في بلاده، والذي يحلم بالتوسع والنزعة القومية وإعادة أمجاد القيصر، والذي تتحدد مواقفه تبعا لمصالح الطبقة والفئات التي يمثلها، وليس لمصالح الشعب الروسي الذي ليس له ناقة ولا جمل في الاعتداء على جيرانه ومحاولة فرض الهيمنة العسكرية وشروط الاستبداد، بل عبر النضال السلمي في ترصين جبهة اليسار والمدنية في كل دولة ووطن، وتوسيعها أمميا وعالميا...
علينا أن نحسب النتائج الكارثية للحرب والمعروفة اليوم، وأن نتطلع للوضع الذي افرزته وكيف حولت النقاشات بعدم جدوى الناتو كحلف عسكري، والتي كانت تتداول وسط العديد من التجمعات والمناظر في أوروبا والغرب، الى تراص وتوحد هذا الحلف وتوثق العلاقة بين دوله مجتمعة وبين أمريكا وعشرات الدول في العالم، وإلى فقداننا لأوساط كثيرة كانت ضد العسكرة في السويد وفنلندا والنرويج، ليتحولوا اليوم للدعوات المباشرة للانضمام لحلف الناتو....
ان فشل تجربة الاتحاد السوفيتي السابقة يفترض أن يدفعنا لتقديم نماذج أفضل وأحسن ومن التجارب السياسية والفكرية التي تنافس تجارب الاشتراكية الديمقراطية ودول الرفاه الاجتماعي في اسكندنافيا وغيرها في اوروبا ، وعبر اختيار الطرق السلمية والتنفس السياسي، وليس عبر التعويل على الحروب والعدوان واحتلال الدول.
 الذين يعولون على حرب غزو أوكرانيا، في انهاء نظام القطب الواحد وتشكيل نظام عالمي جديد وبغض النظر عن عدالته وعدم وضعه نهاية للسطوة الامبريالية (حسب التصريحات)، سيكون من الأجدى والأفضل لهم أن يعولوا ويراهنوا على تعزيز حركة الطبقة العاملة واليسار والمدنية في بلداننا، وعلى تعزيزها مجتمعة بجبهة عالمية واسعة في مواجهة سياسة الأحلاف والأقطاب بدل مساندة الحرب والوهم في كسرها لواقع القطب الواحد، وخصوصا في ظل المبررات التي قدمتها الحرب لتوحد رأسمالي وحكومات أوروبا وتعزز رصيدهم الشعبي، وبينهم وبين حلف الناتو، وازدياد الميل الشعبي في أوروبا للتعويل على حلف الناتو، والذي كانت الأصوات تتعالى لعدم جدواه قبل الحرب..
أين مصالح شعوبنا وبلداننا في ظل تطاحن مصالح ممثلي الأوليغارشية والاحتكار الذين لا يهمهم جميعا أحوال ومصالح الشعوب، والذين يسعون دون هوادة لإضعاف مواقع حركة اليسار وتحجيمها قاطبة..
من الممكن أن تتواجد في كل دولة حركات أو أشخاص تتبنى العنصرية والكراهية والفاشية والنازية، وهي موجودة في أوكرانيا، كما هي موجودة في روسيا وبلدان الاتحاد السوفيتي سابقا، ولكن لا يمكن وصف وعي الشعوب بأنه وعي مزيف ..الشعب الأوكراني يتوحد اليوم في الدفاع عن وطنه ضد الذين اجتاحوا حدوده، وبغض النظر من وجود معارضين في الموقف السياسية يساريين أو يمينيين، وهم لم ينتظروا موقفاً من الناتو والغرب للقيام بذلك  كما سيتوحد الناس أيضا في أي دولة أوروبية في حال تعرضها لعدوان أو احتلال.
ان من الخطأ التعويل على الحروب والعدوان واحتلال البلدان الأخرى كطريق يفضي لتطور إيجابي كما يتوهم البعض وعبر كسر نظام القطب الواحد. والذي أراه أن هذا القطب سيكون أكثر قوة وتماسكاً بعد الحرب، ومن الصعوبة تشكل قطب آخر في مصلحة الشعوب والبلدان...
القطب الذي يفترض أن تعول عليه الشعوب هو قوة جبهة حركة الطبقة العاملة وتحالفها مع قوى اليسار والمدنية في كل بلد، وتعزيز تلاحمها في جبهة أممية عالمية....
 عبر الحروب لا تحقق الشعوب مصائرها؟...هذه الحرب وغيرها من الحروب، لا ناقة ولا جمل للشعوب فيها ويدفع فاتورتها الشعب في كل مرة...ما الذي جنته الشعوب من حرب هتلر والغزو الأمريكي للعراق وغزو المقبور ونظامه لإيران والكويت وحرب سوريا واليمن وليبيا، والقائمة تطول...
طريق النضال لتغيير الأنظمة الاستبدادية، وفي سبيل مثل الانعتاق والتحرر والاشتراكية في كل بلد، طويل وصعب ومعقد، ويفترض أن لا يدفع هذا الثوريون والوطنيون واليساريون للجزع واليأس والتعويل على الحكام والأنظمة والقادة، وعبر الحروب العسكرية لإحداث التغيير..
الدعوة للسلام ووقف الحرب لا يعني بأي شكل من الأشكال تزكية للسلطة السياسية في أوكرانيا ولا إلى اضفاء الحق للناتو وأمريكا في زيادة أوج الحرب وتسعيرها عبر ارسال المزيد من المعدات العسكرية والسلاح إلى أوكرانيا...
لا تعويل ولا اعتماد إلا على الطبقة العاملة والفلاحين وباقي الشغيلة في كل بلد وتكوين تحالف مدني يساري من القوى المدنية والطبقية وببرنامج اجتماعي تغييري سوية مع تعزيز العمل المشترك الإقليمي والأممي بين هذه الجبهات المدنية واليسارية في ما بينها ومع وضوح الأهداف والمقاصد في التصدي السلمي لمشاريع الرأسماليين والبرجوازيين وعبر النضال الشعبي السلمي...
الأوهام التي يراها البعض في أن أمجاد البلاشفة ورايات ثورة اكتوبر والاتحاد السوفيتي سيعيدها ثانية حكام وأحزاب رأسماليين كارهين أصلا للشيوعية وللنجربة الاشتراكية، هي مدمرة ومقسمة ومحطمة لحركة المدنية واليسار، وستظهرنا في موقف ضعيف أمام الجماهير الواسعة في كل البلدان التي تنتظر منا طرح برامج عصرية وسياسة وأفكار تجيب على التطورات الهائلة التي حدثت في العالم، وليس الرجوع لزمن أخطاء الستالينية والحاكم المطلق والحزب الواحد الشمولي...
لا حل  عملي اليوم سوى الطريق السلمي والمفاوضات مع التنازلات المتبادلة.
الحرب القائمة حاليا هي بين جارين، وكان يمكن لهما حل القضايا في ما بينهما لو أنهما استندا لمصالح شعبيهما بعيدا عن مصالح النفوذ والهيمنة والحلم بإعادة الامبراطوريات والمزاحمة الرأسمالية من قبل السيد بوتين وحزبه والسلطة التي تمثل مصالح كبار الرأسماليين والاليغارشية الروسية، ومن قبل السلطة في أوكرانيا التي ذهبت بعيدا في موضوع التقرب والتفكير بالانضمام لحلف الناتو في وقت أن أوكرانيا ليست بحاجة لهذا الحلف وكان يمكن لها أن تكون حيادية وعلى علاقة ودية مع جيرانها.
السلطة في روسيا هي جزء من الصراع بين المصالح الرأسمالية المختلفة..لماذا نفترض حدوث الحرب في الوقت الذي تخوض فيه الأحزاب العلمانية واليسارية والديمقراطية نضالا سلميا في أماكن كثيرة من عالمنا، وكانت تحرز في كل مرة انتصارات وتغيير في موازين القوى...
التفكير بالحرب طريقا لحل الخلافات والصراعات يعبر عن مصالح القوى والطغمة والنظام التي تتبنى هذا النهج من أجل الحصول على المزيد من الأسواق والسيطرة على تجارة ومصائر اقتصاديات ومستقبل البلدان وبغض النظر عن ثمن ذلك..
لا خلاف حول سياسة حلف الناتو في التوسع والعدوان، وهي مدانة ومرفوضة، ولا خلاف حول انتهاك حقوق الانسان في مناطق الدونباس في أوكرانيا ولا أيضا حول التمييز الذي يتعرض له السكان الأوكرانيون من أصول روسية هناك، ولا أيضا في حق روسيا في امنها القومي، ولكن هذا كله لا يعطي الحق للشروع بغزو بلد مجاور واحتلاله عسكريا.... السلام والأمان لأوكرانيا وشعبها، ولتتوقف هذه الحرب الهمجية العبثية ولتعود اوكرانيا حرة بعيدة عن الاحلاف والأقطاب.
لقد بات من المهم اليوم أن يعود السلام لأوكرانيا وان تصبح دولة محايدة بعيدة عن الأحلاف والناتو وبعلاقات حسن جوار مع جيرانها وبالخصوص مع روسيا حيث يجمعهما التاريخ المشترك والجغرافيا وتقارب اللغة والعرق والدين.
من أجل مغادرة الصمت فأن أحزاب وقوى ومنظمات اليسار والمدنية، والتيارات العلمانية والمدنية والديمقراطية والوطنية، في العراق والمنطقة، مدعوون لإبداء الرأي والموقف الصريح والواضح، في التنديد بالحرب المدمرة والعبثية في أوكرانيا، والدعوة لوقفها وإنهائها، واختيار الحل التفاوضي والدبلوماسي طريقا أمضى، ووقف نزيف الدم بين الشعبين الأوكراني والروسي..
نداء وقف الحرب يمثل اليوم مطلباً انسانياً ونبيلاً..
لا لمزيد من الضحايا الروس والأوكرانيين...لا لتهديم اوكرانيا وخرابها وتحطيم اقتصاد البلدين...نعم للأخوة الشعبية الأممية بين الشعبين المتجاورين الروسي والأوكراني.
نعم للسلام وإنهاء العمليات العسكرية الروسية، وأن تكون أوكرانيا بلدا محايدا ذو سيادة، بعيدة عن الأحلاف العسكرية وبعلاقات حسن جوار مع الجارة الشقيقة روسيا وجميع الجيران.

4
أدب / مرارات التكرار
« في: 22:36 14/03/2022  »


مرارات التكرار

             
   
  نجم خطاوي
منذ خمسة أعوام
إيلينا ابنة خاركوف
لم تبادل جارتها السلام
ليلة أمس في اتقاء القنابل،
في الملجأ البلدي الرطب،
نامتا متجاورتين،
وببطانية واحدة.
....
حزينة تحاورني
ابنتي الأوكرانية الأم:
أتسمع يا أبي،
لا أريد للحرب
أن تسرق جدتي!!
وأنطق دون لسان:
لا تحزني يا عزيزتي
أخبار الصحف تكتب
عن بدعة جديدة
وقنابل تستثني البشر العزل.
لحظة صمت،
لتحضنني ناحبة،
الحقائق ليست هكذا يا بابا.
.....
منتصف الليل
في الغابة خارج المنزل
سمع الفلاح الخرسوني
نشيجا وصراخا
وحين هرع للنجدة
ساقته القدمان
لرائحة دم
لجندي يتلوى
ساعدني-
قالها بالروسية....
ودون السؤال عن من أنت،
ومتى ولماذا وكيف،
احتضنه، وظلا يبكيان.
....
في كييف، وسط الحديقة بيضاء،
ثقيلا طافحا بالنحس
يهبط مساء الثامن من آذار
في العام المشئوم ٢٠٢٢
صاحب المعلم ومرغريتا
ميخائيل بولغاكوف
تقتله الوحشة،
يخرج من معطفه،
مودعا نصب التمثال،
سائرا في المدينة المقفرة،
تتبعه السيدة مرغريتا،
حزينة متأبطة ذراع المعلم،
وليس بعيدا،
يمرق قط أسود.
......
صاحبي يكتب لي:
دون عواطف
ستكون القصائد أجمل!!
قلت لأسمع هذا النصح،
وأوصدت شبابيك الروح
وبكل الجرأة والجأش،
كممت الأزرار
عند قميص القلب،
وخلدت لهدأة روحي،
موغلا في واحة عقلي،
غاطسا في المشهد الهائل
وسط تفاصيل الحرب،
وكانت في كل مرة،
تريني ملامح وجهي،
في صورة وحش كاسر،
يتجرع قدحاً من ماء
مصبوغاً بالأحمر.
...
هنا في فيرملاند السويدية،
لا يسمع زفير الراجمات،
ولا شهيق المدافع.
وحدها شاشات التلفاز
تنفث متخمة أخبار الموت،
وقوافل البشر الهائمين
عند تخوم الحدود.
.....
الحرب هذه اللعبة الكريهة
عسى أن لا تصبح غدا
كلعبة جر الحبل
يلعبها مليارات البشر
ودون جمهور ولا مصفقين
........
الربيع يدنو بكل الزهور
وبكل ألوان الحياة
الأمر لا يحتاج كثيرا
المدينة في انتظارك
أن تلوح لها
بمنديلك الأبيض
وأن تلعن الحرب
وهذا الأمر بسيط جداً
لا يكلف كثيرا قط.
....
فيرملاند....الجمعة ١١ آذار ٢٠٢٢

5

عن مأساة ترك الأوطان
ومحنة اللاجئين الأوكرانيين
      نجم خطاوي
بالأمس وصلت جدة ابنتي ليلك وابني ألان الى نقطة الحدود الأوكرانية البولونية عند منطقة مدينة لفيف الحدودية، وبعد اكثر من عشرة أيام من المعاناة والألم وانتظار المجهول ومتابعة أخبار القتل والدمار والصواريخ، عاشتها في ملجأ من ملاجئ المدينة التي تسكنها وسط أوكرانيا ليس بعيداً عن العاصمة كييف.
منذ سماع أول أصوات الصواريخ في 24 شباط 2022 التي طالت تقريبا جميع المدن والبلدات وحتى اقتناعها بفكرة ترك الوطن مؤقتا، ظل الحفيدان ولدي وابنتي ومعهم امهم في تواصل مستمر لإقناع الجدة المريضة كبيرة السن في ضرورة اتخاذ القرار ولو لحين وحتى توقف الحرب أوزارها وتتوقف لغة القتل والدمار.
في الملجأ القديم والبارد الذي ضمهم، والذي لا يصلح للبقاء مع انقطاع الكهرباء والخدمات فيه، كانت حكايات الحرب وأخبارها الشغل الشاغل للناس وخصوصا موضوع المصير والموقف من قضية البقاء في الوطن وتحمل ما لا يطاق تحمله، أو اختيار طريق المغادرة واللجوء نحو البلدان المجاورة وغيرها، وهو امر الحلول.
المواطن الأوكراني متمسك ومنذ القدم بجذوره وبتربة وطنه، وظل على الدوام يكدح لتعميرها ورقيها ومجابهة الأهوال التي أحاطته بسبب لعنة الجغرافية وضريبتها الباهظة أحياناً.
ورغم الظروف الكالحة والمتنوعة التي مرت على تاريخ هذا البلد لم يشهد التاريخ موجات نزوح كبيرة كالتي نشهدها اليوم والتي تتزامن مع شدة الهجوم والغزو الروسي وشموله جميع أجزاء البلاد، مع تزايد المخاوف من تطوره لإبعاد أكبر خصوصا وأن هناك عدد من محطات الطاقة والكهرباء التي غدت قريبة من الصواريخ والرصاص والتي من شأنها ان تحدث كوارث انسانية من الصعوبة تقدير مداها ونتائجها.
دولة أوكرانيا ترتبط جغرافيا بحدود طويلة مع جمهورية روسيا التي تحدها من جهة الشرق، ومع بيلاروسيا من الشمال، ومع بولندا وسلوفاكيا والمجر من الغرب، وأيضا مع رومانيا ومولدوفا من الجنوب الغربي. كما ترتبط دولة أوكرانيا جنوباً مع العالم بحرياً من خلال البحر الأسود وبحر آزوف. ومع تطور يوميات الحرب يضطر الناس لترك منازلهم وبيوتهم ومدنهم صوب هذه الحدود الطويلة والبلدان العديدة وفي مشاهد مؤلمة ومؤثرة نقلتها معظم شاشات التلفاز ووسائل الاعلام المختلفة.
مستوى التضامن مع محنة أوكرانيا والتعاطف مع شعبها ومع محنة اللاجئين فيها، وصل الى مديات كبيرة شعبية وحكومية وفي كل بقاع كوكبنا الأرض.
هذه المواقف الشعبية الانسانية تنطلق من منطلقات بعيدة عن تأثير السياسة وتخضع لاعتبارات إنسانية والتي لا تتشابه مع مواقف البلدان والحكومات التي يتحكم  فيها عدد منها المصالح والمواقف السياسية.
في الحروب يتعاظم بازار التضليل الاعلامي والدجل وتتفنن طرق المونتاج والأفلام وكل وسائل الدعاية السياسية من أجل الترويج والكسب، وعبر الوقوف مع جهة من الجهتين، بعضهم مع الطرف المهاجم وآخر مع الطرف الذي يجابه ويدافع. ومن أجل تبرير الحرب العبثية ومساندة مشعليها يتم الاختباء خلف المبررات والأسباب والبحث في بطون الكتب، وتسويد صفحة بلد الطرف الضحية وتبشيعه، وإعطاء الشرعية للجانب المعتدي بالاستناد الى أسبابه ومبرراته رغم صواب بعضها، ومحاولة الترويج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، متناسين أن مقابل مبررات الحرب الكثيرة هناك الكثير من مبررات السلام وتحكيم العقل والتي يفترض لها أن تسود.
ومع استمرار قرع طبول الحرب وتعاظم مآسيها واستمرار تدفق اللاجئين الفارين من جحيمها الى الحدود البولونية والرومانية والمولدافية والمجرية وغيرها، ومقابل اشكال التضامن والمساندة الانسانية والوقوف مع محنة اللاجئين الأوكرانيين، تتعالى بعض الأوساط في بلداننا العربية وأماكن أخرى، متنمرة ومشككة ومتجاهلة لهذه الكارثة، مع محاولة عقد مقارنات بين هذه الكارثة وبين كوارث سبقتها لمواطنين من بلداننا المبتلاة أصلا بمصائب وكوارث الحروب.
الذي يجمع ويوحد كل الذين يعانون من مصائب الحروب والكوارث والعنف، والذين يضطرون مرغمين على ترك أوطانهم وعلى مدى التاريخ، هو ان وجعهم ونزيفهم وألمهم واحد يتلخص في معاناة ألم وتبعات اثر ترك وطنهم الأم واللجوء لبلدان غريبة، ورغم ما تقدمه هذه البلدان من استقرار وراحة وعيش هانئ بعيداً عن الذي خلفوه في بلدانهم الأم.
ورغم تشابه منطق الحرب ودمارها، فان هناك تمايزاً في الجغرافيا والحدود وطبيعة الدول المجاورة، والظروف الجيوسياسية التي تفرض وقائعها في الحرب التي تشن في كل بلد.
هذه الوقائع تكون حاضرة وترافق أجواء وتفاصيل قصص وحكايات الفرار والهروب واللجوء، المتشابهة في الجوهر والمختلفة في الاشكال.
ومن اجل تجنب لزوم ما لا يلزم فليس من الصحيح توجيه اللوم والتنمر واللامبالاة لجموع الأمهات والنساء وكبار السن والأطفال من اللاجئين الأوكرانيين، بحجة ان هناك قطارات و باصات مريحة كانت تنقلهم، وأن هناك استقبالاً جيداً تم لهم من قبل الدول المجاورة التي التجئوا اليها ومن جهات مختلفة.
لا يختلف اثنان حول الكارثة الانسانية التي حلت بالشعب الأوكراني، وفي مشروعية التعاطف والتضامن معه وبغض النظر عن المواقف السياسية وبكل مشاربها وغاياتها.
لقد اكتسب هذا التعاطف والتضامن مدى واسعاً لأسباب كثيرة منها الرفض والتنديد بمنطق احتلال الدول عبر الحرب والعنف وبغض النظر عن صواب أو خطأ المبررات والأسباب وشمولية الحرب لمعظم المناطق وعبر استخدام الأسلحة الفتاكة والمدمرة، وموقع الكارثة القريب من دول اوروبا والدول الغربية، والمساحة الجغرافية لأوكرانيا باعتبارها أكثر الدول الأوروبية مساحة وبعدد نفوس يصل لكثر من مليون نسمة، وقرب حدودها من دول كثيرة صارت محطات لاستقبال وخدمة للاجئين و تخفيف مصائبهم ومعاناتهم.
ليس من ذنب ارتكبه أو يرتبكه اللاجئ الأوكراني حين يفر حاملاً حقائب ملابسه وحاجاته الشخصية، حين يتم مقارنته ظلماً بلاجئ آخر في حرب ما لم تسعفه ظروفه في حمل حقيبة ( في كل مكالمة او اتصال تسألني المرأة الأوكرانية الطيبة لوبوف كريكورفنا جدة أبنائي ليلك وألان، عن العراق وأحوال الناس ومعاناتهم وعن أهلي ومدينتي، ورغم أني لم اعد اعيش مع ابنتها أم أبنائي ومنذ اكثر من عشر سنوات).
 ولا يحق لأحد ان يطلب من هام على وجهه مشرداً وسط دوي المدافع وصفارات الإنذار عدم استخدام القطارات والباصات التي توفرت له، للاكتظاظ فيها ولساعات معاناة طويلة وقاهرة، من اجل ان توصله لحدود دولة مجاورة وبشكل مجاني، وأن يتخلى عن ذلك ويلبس الملابس الرثة ويهيم في الغابات وسط الثلوج طلباً للأمان ليثبت انه لاجئ حقيقي حسب تصنيف بعض البطرين، وكأنهم يريدوا تذكيرنا بمأساة الشعب الكوردي وأنفال حزب العصابة الصدامي الذي أجبرهم للفرار وسط طرق الجبال الثلجية وتحت قصف الطائرات والمدافع، أو بغيرها من أهوال اللاجئين ومعاناتهم في اماكن مختلفة من العالم..
لقد قدم طوعاً الى الحدود التي تفصل أوكرانيا عن جيرانها، ألاف الأشخاص والمعدات والحاجات ولوازم مساعدة اللاجئين، ومن دول أوروبية مختلفة وغيرها، متطوعين من اجل المساعدة وبكل الاشكال للتخفيف من معاناة العائلات والأطفال والمرضى.
في أيام الحروب والكوارث والمعاناة والحاجة يكون من الصعب الطلب من المقهور والهارب من جحيم وكارثة المأساة ان يميز بين ما يقدم له من مساعدة ودعم وتضامن، وأن يقبل هذا ويرفض ذاك..
الموقف الانساني والدولي من ضحايا الحروب والكوارث والعنف والاضطهاد وبكل الوانهم وقومياتهم وأديانهم ومذاهبهم وعرقهم وجنسهم، يفترض ان يبتعد عن معايير السياسة والمصالح وان يخضع لآليات وقوانين مقرة ومعروفة وفي كل الحالات.
في الذي جرى في اوكرانيا يفترض أخذ الحقائق في ما يخص مواقف الدول الأوروبية وغيرها من قضية لجوء اللاجئين إليها ومنها التسهيلات الكبيرة والمشرعة للمواقف والإجراءات بخصوص مواطني الدول الأوروبية نفسها، والتي التجئوا إليها في التعامل تزامناً مع تقارب الموقف الرسمي الأوكراني من الاتحاد الأوروبي والرغبة في الانضمام إليه والخلاف السياسي والعسكري بين روسيا من جهة وبين دول الاتحاد الأوروبي والناتو من جهة أخرى وليس من ذنب وجرم للمواطن حين يتم تسهيل بعض اجراءات لجوئه والتي ستكون في كل الاحوال مرتبطة بالموقف الزمني للحرب والتي ستختلف وتتأثر لاحقاً تبعا لظروف ووضع كل بلد، خصوصاً اذا ما علمنا ان المواطنين الأوكران والروس ومواطني الاتحاد السوفيتي، لم يكن حالهم في قضايا اللجوء بأفضل من أقرانهم من الدول الاخرى قبل أن تقرع طبول الحرب اليوم.
من حقنا جميعاً أن نعلي الصوت في ضرورة وجود مواقف لجوء انسانية تخص وتشمل جميع القادمين من كل البلدان، وفي كل الأوقات، وعدم الموسمية في الموقف هذا وتزامنه مع محن وأوجاع الآخرين وبشكل يظهر وكأنه عدم اكتراث ولا أبالية وأن لا  يصيبنا الحيف وعدم الرضى والاستكثار  في ما يقدم للمليونين بشر من ضحايا الحرب من اللاجئين الأوكرانيين الذين لا رغبة لهم في التنافس حول من هو الذي أكثر ضرراً ومعاناة.
لقد كان الكاتب والفنان امين معلوف محقاً تماماً حين يكتب:
 (لا تكتفي الحروب بالكشف عن اسوء غرائزنا، بل تصنعها).
وما احوجنا اليوم لموقف انساني بعيداً عن اسقاطات السياسة والوقوف لتشجيع هذا الطرف أو ذاك والتعويل على معاول الهدم الحربية في بناء وتطور الشعوب والبلدان.
8 آذار 2022

6

الكلمة- الحرب
 Bengt Bergشعر: الشاعر السويدي بينكت بيرغ

الترجمة عن السويدية: نجم خطاوي
.....
الكلمة التي يجب
كتابتها بحبر غير مرئي،
وحتى تصبح محرمة.
ما الذي سنفعله مع عجزنا؟
هذا اليومي، المتكرر،
الذي لا مفر منه- 
اليوم هو اليوم العاشر،
وما زالت الحرب تعد بالأيام
والقتلى لم نحصيهم بعد،
القتلى الذين لا يحصى عدهم.
متى سنعد القتلى
لا أحد يعلم بعد،
ليس الآن حين أفكارنا
تدور كأصابع بيانو
من الأسود للأبيض للأسود
للأبيض للأسود لل ...
الذين ما زالوا أحياء بعد
هم من علينا تأملهم
رغم وحي الحرب المرعب.
بعد كل هذا القصف والقتل
يقيمون ممرات آمنة وسط الدمار.
ضحية الحرب الأولى هي الحقيقة،
والتي يفترض خطها
بلون مرئي- بالأحمر،
وبلون الدم.
5 آذار 2022

7
الرفيق علي الراعي (أبو حبيب)
يوارى الثرى في كوتنبيرغ-السويدِ

في أجواء الألم وحزن الفقدان، ودع جمع من أبناء الجالية العراقية في مدينة كوتنبيرغ السويدية، المناضل والشخصية الاجتماعية الرفيق علي الراعي (أبو حبيب)، حيث وري الثرى نهار يوم الثلاثاء 22 شباط 2022، في مقبرة كفيبيرغ في كوتنبيرغ, وبحضور العديد من رفاق وأصدقاء ومحبي الرفيق الذين قدموا من مدن وأماكن مختلفة.
الرفيق عبد العزيز ججو (أبو بافل) وبكلمات مؤثرة حزينة عند لحظات الوداع، تحدث عن ألم الخسارة بفقدان العزيز أبو حبيب الذي تجسدت فيه معاني النبل والأخلاق الشيوعية والتضحية من أجل الوطن والمبادئ، مستشهداً بكلمات رثاء كتبها أحد رفاق الفقيد، وقرأ رسالة الرفاق في المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، ورسالة الرفاق في منظمة السويد للحزب، واللتان عبرتا عن المواساة مع عائلة وأهل ورفاق وأصدقاء الفقيد، والإشادة بخصال الرفيق علي الراعي (أبو حبيب) الوطنية والشيوعية.
الرفيق عبد الرحمن الخالدي قرأ رسالة مواساة من رابطة الأنصار في الدنمارك، ليتحدث بعدها الدكتور كمال الراعي (أخ الفقيد) باسم العائلة، وبكلمات عبرت عن وجع خسارة العائلة والوسط العراقي لشخصية وطنية ومناضل لم يتوان يوماً في قضية النضال من أجل مصالح الناس وحرية الوطن.
في البيت الثقافي العراقي، حيث دعي المشاركين في مراسيم التوديع والتأبين، لتناول وجبة غذاء، قرأ الرفيق لؤي الزبيدي رسالة اللجنة التنفيذية لرابطة الانصار الشيوعيين العراقيين، والتي استذكرت العديد من المحطات النضالية في سيرة الرفيق علي الراعي، ومنها السنوات التي قضاها نصيرأ شيوعياً في حركة الأنصار. الزميل فوزي بابان قدم كلمة مواساة باسم تنسيقية التيار الديمقراطي في الخارج، مستذكراً مواقف وسيرة أبو حبيب كشخصية وطنية ديمقراطية. كما قرأت رسائل مواساة وتعزية، مرسلة من الرفاق سلم علي، حميد مجيد موسى، جاسم الحلفي.



8

في غوتنبيرغ استذكار وتأبين الفنان المسرحي لطيف صالح (أبو تأميم)

وسط حضور العديد من أبناء الجالية العراقية، وبمبادرة البيت الثقافي العراقي مع جمعية المرأة العراقية، اقيمت في مدينة غوتنبيرغ السويدية، مساء الجمعة 18 شباط 2022، امسية استذكار وتأبين للرفيق الفنان المسرحي لطيف صالح (أبو تأميم).
ابتدأت الأمسية بالوقوف صمتاً واستذكاراً، ليلقي بعدها الاعلامي والفنان جاسم طلال، كلمة مؤثرة عن المنجز الثقافي المسرحي المشهود والمواقف النضالية والسيرة الذاتية للرفيق الفنان لطيف صالح، والتي استذكر الحضور معها العديد من الصور التي تتحدث عن الدور المتميز الذي قدمه الرفيق الراحل اثناء مسيرته المسرحية كفنان مبدع ثري العطاء ومناضل وطني اصطف مع قضايا الشعب والوطن في كل محطات التي مر بها في الوطن والخارج.
في الامسية قرأ الزميل الاعلامي  اديسون هيدو كلمة باسم البيت الثقافي وجمعية المراة العراقية.
الفنان المسرحي روميو يوسف تحدث عبر شريط فيديو أرسله من بوخارست، عن المحطات التي جمعته بالفقيد الراحل.. من العراق ساهم الفنان صباح المندلاوي في كلمة مسجلة أبنت الفقيد مستذكرة لدوره الثقافي المسرحي ومواقفه النضالية. وعن تجربتهما المسرحية المشتركة، ساهم الفنان حازم كمال الدين بكلمة استذكرت العديد من الأعمال المسرحية المهمة، والدور الذي قام به الفنان الفقيد أبو تأميم في تأسيس (فرقة مسرح بابل العراقية) في سوريا.
في الأمسية تم عرض مقطع مسرحي قصير من مسرحية (نفوس) التي جمعت الفقيد الراحل مع مجموعة من المسرحيين العراقيين..في ختام الأمسية استذكر الحاضرون بألم وحزن الفنان المسرحي الرفيق لطيف صالح (أبو تأميم)، وعبر مشاهدة الفلم الوثائقي الذي صور مراسيم وداع الرفيق  في 13 كانون الثاني 2022.




9
المنبر الحر / حدود الوطن العصية
« في: 23:03 07/02/2022  »
حدود الوطن العصية

    نجم خطاوي
إليكم رفاقي الشهداء...بهاء - سلمان - نمير ......
نهاية آب 1982، وبالتحديد في التاسع والعشرين منه، غادرت مدينة براغ التشيكية مع مجموعة صغيرة من رفاقي الطلبة الشيوعيين، قاصداً دمشق سوريا في الطريق للوصول صوب حدود الوطن العراق.. كنا مجموعة من الطلبة الدارسين من الذين اتخذوا خيارهم الأصعب في ترك مقاعد الدراسة طواعية والتوجه صوب الوطن العراق لأنبل غاية وهي الانضمام لصفوف حركة الأنصار الشيوعيين في كوردستان العراق، التي بدأت بالتشكل والانتشار وبعد توارد الأخبار عن تزايد واتساع نشاطاتهم وفعالياتهم، وتوزعها على مساحات واسعة.. ومع اصوات هدير محركات الطائرة القديمة وهي تحلق عالياً وسط عكر ومنغصات الجو والغيوم والطقس، كنت أحلق معها في سياحة روحية متصفحاً ورقات دفاتر ذكرياتي ومسحة الدراما والمغامرة التي هبطت علي فجأة ودون استئذان، ومنذ اضطراري لترك مقاعد الدراسة في كلية الادارة والاقتصاد التابعة لجامعة الموصل، صيف عام 1978، واضطراري للعيش متخفياً في منطقة النبي يونس في الموصل، وبعدها في أزقة منطقة الحيدرخانة في بغداد، متخفيا عن أعين رجال السلطة والأمن، ثم مغادرتي الوطن في تموز 1979 قاصدا استانبول تركيا باتجاه براغ التشيكية، بعد أن ضاقت السبل وتقطعت الأوصال..وعادت صور وأحداث ومواقف وأشخاص ساعات وأيام العام الذي مضى على اقامتي هناك في تشيكوسلوفيا، متنقلا بين عامل صباغة في مصنع ضخم وسط براغ، وبين عامل بناء عند الحدود الألمانية التشيكية، ثم العام الذي تلاه 1980-1981 الذي مرسريعا في دراسة اللغة عند تخوم منطقة زهرادكي التشيكية الخلابة استعداداً لدخول الجامعة بعد قبولي طالباً فيها، وبعدها في صيف عام 1982 حين أتممت وبتفوق وبعلامات حمر كما تسمى في التقييم الدراسي التشيكي، دراستي للسنة الأولى في جامعة كارل للاقتصاد في مدينة براغ التشيكية.
 في المساء وصلنا مطار دمشق بعد رحلة طيران متعبة لساعات، وشرع المسافرون بالنهوض وفتح نوافذ أماكن حقائبهم وحاجاتهم لتهيئتها استعداداً لمغادرة الطائرة..وصادف ان رافقنا في السفرة أحد الطلبة الخريجين من رفاقنا الشيوعيين السوريين العائدين لوطنهم بعد اتمامه الدراسة وقد أسرف في شراء قناني عرق الفودكا والهدايا، والتي كلفتنا فشخا وجرحاً في رأس رفيقة من رفاق مجموعتنا، بعد سقوط أحد القناني على يافوخ رأسها حين هم الرفيق الذي جاورها في المقعد انزال حاجاته.
 واستقبلنا الموقف بالألم وشد رأس الرفيقة بالعصابة، وبالتندر والضحك، حيث علق احدنا :
- الله اليستر... يا فتاح يا رزاق، بدأ الدم يسيل ونحن في بدايات الرحلة، ولم نعبر حدود الوطن بعد ....
ولم يمض أسبوع على اقامتنا في دمشق وسط فندق قديم ورخيص في منطقة المرجة وسط المدينة، حتى غادرناها في باص كبيرة قاصدين مدينة القامشلي السورية المحادية للحدود التركية والعراقية...
في هذه المدينة القامشلي الجميلة بنكهة طيفها السكاني المزخرف وبساطة الحياة فيها، أقمت لأيام قليلة في غرفة صغيرة مع مجموعة من الرفاق ضمتنا دار كبيرة بممشى طويل وبحديقة كان عشبها كريماً منحنا فرصة الجري الصباحي مع طقس ممارسة تمارين الرياضة التي كان الرفيق فارتان (أبو عامل) يحرص على ممارسة الجميع لها... وكنت متحرقاً مكثراً من السؤال عن موعد توجهنا صوب الوطن، ولم يكن هذا هاجسي لوحدي، بل كان الشغل الشاغل لمجموع الرفاق الذين توجهوا للكفاح المسلح تاركين مقاعد دراستهم وإعمالهم ومنهم من ترك عائلته والقريبين منه..
وكدت اطير من الفرحة حين أخبرني الرفاق بدنو موعد اللقاء بالوطن، وتيقنت من ذلك كثيراً حين تبليغنا بالانتقال من سكننا الى سكن آخر وقلت في قرارة نفسي ان الموضوع ربما يستغرق بعض الخطوات ولكنه في نهاية المطاف سيوصلني لتراب الوطن. الدار التي انتقلت اليها لا تشبه كثيراً تلك التي سكنت فيها حين قدومي..هنا تزاحم عدد كبير من الرفاق في السكن في غرفتين، وتقاسمت الرفيقات السكن مع عائلة صاحب الدار وهو رفيق كوردي من الحزب الشيوعي السوري.
المفاجأة التي هزتني بعد لحظات دخول الدار، كانت أثناء السلام ومصافحة الرفاق، وأنأ أتطلع لملامح رفيقي بهاء و نمير القادمين مثلي من دولة تشيكوسلوفاكيا ولم أكن اعلم بمغادرتهم براغ، ولا بوصولهم لدمشق ومن ثم القامشلي...
الانطباع الأول الذي يخلفه مشاهدة ومراقبة سكان تلك الدار في تلك الساعات، كان يتيقن على وجه السرعة من أن المجموعة تدبر وتعد وترتب وتخطط لحدث مهم لا يحتاج المرء لفراسة كبيرة من الحدس من أن الأمر يتعلق بمصيرهم وبمصير وطن..واندمجنا نحن المجموعة الصغيرة مع الجميع من سكان البيت وسط الصخب والنقاش والأحاديث وقصص الوطن وأحيانا الأغاني العراقية الحزينة والأناشيد، وهكذا مرت الليلة الاولى لمكوثنا هناك..صبيحة اليوم التالي استيقظ الجميع مبكرين لتناول طعام الفطور وشرب أقداح الشاي السيلاني الأسود، لتبدأ دورات التدريب السريعة على استخدام السلاح البسيط، وبعض المعلومات العسكرية التي لابد للمقاتل من تعلمها وفهمها على الأقل نظريا قبل خوض المعركة.. كانت المرة الاولى في حياتي وانأ امسك بسلاح الكلاشنكوف الروسي، ووجدت الأمر أقرب الى التسلية أكثر من الحقيقة والجد وأنا منهمك في فك وتزييت وشد السلاح والتدرب على حفظ أسماء أجزائه، والتي كان الرفيق المكلف بشرح الدروس مبالغاً في تحفيظنا لها..ولم يكن الأمر بنفس القدر من السهولة في تعلم استخدام سلاح قاذفة الأربي جي سفن الروسية وحشواتها، ولم استوعب تماماً موضوع الحساب الرياضي لشدة التدقيق في التصويب عند هبوب الرياح..ساعات تناول الطعام والراحة كانت فرصة لذيذة وممتعة لنا نحن القادمون من بلاد التشيك، ونحن نستذكر أيام براغ والدراسة التي جمعتنا سوية...
بهاء الدين احمد الأسدي، وكان قد اختار له اسماً (أبو فاتن)، بعد طلب الرفاق منه ذلك قبل التوجه للوطن. وكنت أخمن ان الاسم ربما يعني له بعضا من الذكرى التي خلفها في منطقة الحرية في بغداد قبل أن يتركها هاربا من جحيم البعث في 1978، وكان حينها طالباً في السنة الأخيرة يدرس الاقتصاد في الجامعة المستنصرية في بغداد..في براغ وبالتحديد في السكن الطلابي للطلبة الدارسين في كلية الاقتصادي (الياروف) تعرفت عليه وصار صديقي الأقرب والأحب، وقد تقاسمت معه العمل والنشاط الطلابي والشيوعي...بسيط وطيب ومتواضع وذكي وشهم وكتلة من النشاط والحركة والمبادرة..
ومع نمير رمزي يوسف، ابن منطقة حي البنوك في بغداد،، تعود بي الذكريات الى أيام الموصل وجامعنها منتصف سبعينات القرن الماضي، حيث تعرفت عليه خلال السفرات والفعاليات التي كان الشيوعيون يحيوها هناك. وقد شاهدته لأكثر من مرة مع الفرقة الفنية التي شكلها الشيوعيون في جامعة الموصل، خلال الحفلات التي كانت تقام في مقر الحزب عند منطقة الدواسة في الموصل، وكان يغني فيها تارة، ويعزف على العود أحياناً..هناك في الموصل كان يدرس هندسة الري والمكائن قبل ان يتركها متوجها لبراغ في تشيكوسلوفاكيا بعد اشتداد هجوم مرتزقة البعث ورجال الأمن نهاية عام 1978..وفي تلك الدار التقيت أيضا بصديقي وابن مدينتي الكوت نعمة الشيخ فاضل (أبو سليم) الذي استشهد لاحقا في احداث جريمة بشت ئاشان أيار 1983، وبالصديق حسين السوداني، وكانا قد قدما مثلنا من تشيكوسلوفاكيا بعد خيارهما  في ترك الدراسة...
عند وصولي مدينة القامشلي طلب مني الرفاق أن أختار اسماً بديلا لأسمي. ولا أتذكر بالتحديد الدافع الذي حفزني لاختيار اسم (رياض)، وربما كان مبعث ذلك حبي وتعلقي بالورد والعشب والرياض.
ولم أكن أعلم بأن هناك أكثر من رفيق قد سبقني واختار هذا الإسم. وصار اسمي مركبا في وقت لاحق في وسط الأنصار ( رياض قرجوغ) بعد اضافة كلمة (قرجوغ)، لكوني من أنصار سرية قرجوغ في قاطع أربيل، ولتمييزي عن الرفاق الذين يتشابه اسمي مع أسمائهم.
في المساء الذي سبق تحركنا باتجاه الحدود صوب الوطن، تحلقنا جميعاً مستمعين لتوجيهات ونصائح  الرفيق المسؤول عن ترتيب موضوع المفرزة والعبور والتأكد من توفر جميع الحاجات المطلوبة، ومنها بالذات السلاح، وقد تكرر التوجيه لأكثر من مرة بعدم الرمي أو استخدام السلاح حين التعرض لنيران الجنود الأتراك خوفاً من انكشاف الطرق التي كان الرفاق يسلكوها في المفارز الذاهبة صوب الوطن، وان نترك التقدير في الأمر لمسؤول المفرزة ولدليلها...
ظهيرة يوم 23 أيلول 1982 وبعد تناول وجبة غذاء، توجهنا وبسرعة للصعود الى سيارة الزيل العسكرية التي كانت تنتظرنا قرب باب الدار باعتبارنا أنصاراً من فصائل المقاومة الفلسطينية، وهكذا كان يتم التمويه على تحرك رفاقنا في كل المناطق والذي كان يتم بمعرفة الجهات الأمنية السورية.
كنا حوالي الخمسة عشر رفيقا ومن كل الطيف العراقي الجميل تحملنا عربة الزيل العملاقة مجتازة عكر وطسات وحفر الطريق الطويلة المتجهة صوب الحدود السورية التركية، وقد ساد الصمت والترقب في انتظار الخطوات القادمة والتي بدت مجهولة التفاصيل. الذي شغلني كثيراً في تلك اللحظات هو الشعور بثقل متاعي وحاجاتي، خصوصاً حقيبة الظهر التي ضمت أشيائي الصغيرة، وإصرار الرفاق على أن تحتوي على بعض الكتب للمتعطشين للقراءة حسب الوصف، والمسدس التشيكي الثقيل الذي كلفنا الرفاق بحمله اضافة لسلاحنا بندقية الكلاشينكوف، والغاية ايصال ما أمكن من السلاح للرفاق في حركة الأنصار...
بعد ساعات من حركتنا وصلنا عند مشارف قرية سورية حدودية (معشوقية)، ودون ان يشعر أحداً من فلاحيها او رعاتها بتواجدنا.. هناك كان في انتظارنا عدد من رفاق منظمة القامشلي للحزب المكلفين بالإشراف على حركة عبور المفارز، وكان من ضمنهم الرفاق عادل أمين (أبو حسن)- فارتان شكري مراد (أبو عامل) - سلام جعفر (أبو سامر)، والرفيق خالد سليمان (أبو هزار) من رفاق الحزب الشيوعي السوري...
تعرفنا على اسماء بعضنا البعض الحركية، وعلى الرفيق الذي سيقود مفرزتنا وكان طويل القامة قوي البنية أو هكذا كما بدا لي، ولم اكن أعرفه من قبل، وعلمت لاحقاً ان اختياره جاء بسبب خدمته في الجيش العراقي...وهناك أيضا تعرفنا بالشاب الذي سيكون دليلا لمفرزتنا، وهو شاب يافع لم يبلغ العشرين من العمر ضعف ونحيف البنية ويكثر من تدخين السجائر وقد بان سنه الذهب وهو يتحدث بلغة كوردية كرمانجية سريعة ومتداخلة الكلمات... ويبدو أن دليلنا (مستو)، وهكذا سمعت الرفاق وهم يحادثوه، والاسم تصغيراً لاسمه الحقيقي مصطفى، قد خبر كل خفايا الطرق العابرة للحدود والتي عبرها لمرات كثيرة، ناهيك عن كونه من رعاة أحد القرى فيها...
أرض شاسعة على مد البصر ترابها يميل نحو الحمرة قليلا ويبدو أنها قد حرثت للتو وربما كان الفلاحون يمنون النفس بقليل من المطر سوية مع شمس الله الحارقة..سكون وصمت يلف المكان والفضاء قطعته أصوات حشرات وضفادع تأتي من حوافي السواقي الصغيرة التي رتبت بعناية واضحة، امتزجت مع أصوات بعيدة لحمامات في الطريق لأعشاشها..
شرعنا بالسير الحذر والشمس تعلن من الأقاصي وداعها ليوم تمازجت فيه سخونة الصيف وبدايات قدوم الخريف..كانت أقدامنا الحذرة تغوص في التربة الهشة التي يزداد في كل مرة عبق رائحتها مع تفاصيل ومشاعر المشهد وعلى يمين مسيرنا لاحت ليس بعيداً بعض بيوت القرية التي كنا نسمع أحيانا أصوات اطفالها...المساء يفرش ثيابه وظلمته ونحن نحث الخطى البطيئة حذرين في السير..وفي همس وكلمات مقتضبة ساعدنا أحد الرفاق على ترجمتها من الكوردية للعربية، أشار الدليل بيديه للمكان الذي نقصده والذي علينا عبوره ويعني ذلك السياج الترابي العالي قليل والممتد دون نهايات. ثم عرفنا في تلك اللحظات بان علينا الانتظار قليلا حتى غياب القمر وحلول الظلام تماماً..هذه السدة الترابية هي الخطوة الأولى في ملحمة عبور الحدود العصية، ثم تليها خطوة عبور جادة الطريق الدولي، وبعدها انبوب النفط، ثم عبور نهر دجلة العريض والسريع الجريان، واجتياز الكثير من المرتفعات والقمم والهضاب، وحتى وصول أول موقع لرفاقنا الأنصار..
هناك في الجهة الغربية من السدة الترابية تلوح من البعيد مصابيح الربيئة العسكرية التركية، ومثلها أيضا مصابيح وضوء ربيئة اخرى في الطرف الشرقي منها..تمددنا تماماً فوق تراب الأرض المحروثة وكأننا نريد التيمم بها ومسح وجوهنا بترابها النقي، مشرعين بالزحف البطيء واحداً بعد الآخر...
ومع اقترابنا بدت اصوات محرك المدرعة العسكرية التي تحمي السدة الترابية وتسير ببطء على طريقها الترابي ذهاباً ومجيئاً بين الربيئتين.
الفتى الدليل مصطفى أشار للجميع بحركة يديه أن نتوقف عن الزحف ودون النهوض، ونهض هو قليلا متقدماً للأمام في أصعب وأعسر مهمة وهي استكشاف الطريق واحتمال وجود الكمائن، وصار مصير المجموعة كلها في تلك اللحظات رهناً لما يراه ويقرره.. لم تمض دقائق قليلة حتى عاد مصطفى بحركته الخفيفة التي بدا فيها كالنمر النافر حواس الشم في انتظار الوثوب، ليأمرنا بالنهوض والصمت والشروع بالحركة والسرعة، ولم تكن السدة الترابية تبعد عنا سوى مسافة قصيرة جداً..
المكان والمنطقة التي كنا نريد العبور منها، كانت معروفة ومعلومة من قبل قوات حرس الحدود الأتراك، فقد شهدت عبور عشرات المفارز من حزبنا ومن الأحزاب الأخرى، وكانت أيضاً طريقاً للمهربين من الجهتين السورية والتركية..وكانت أغلب خطط وتفاصيل العبور مكشوفة ومعلومة بحكم التشابه والتكرار، وبحكم المعلومات التي تتوفر لهم والتي يتم الحصول عليها من الذين يتم اعتقالهم، وأيضا من الرعاة والفلاحين المنتشرين على طول الحدود....
لم يكن استطلاع وحدس دليلنا موفقاً، اذ لم تسعفه كل حواس الشم والخبرة والحنكة في استطلاع وكشف عشرات الجنود وحراس الحدود الذين كمنوا لنا في الجهة الأخرى من السدة الترابية، وقد حبسوا انفاسهم لوقت طويل في انتظار مفرزتنا التي بدت لهم في تلك الليلة كصيد سمين سهل المنال، خصوصاً وقد اقتربنا لأمتار قليلة منهم....من منتصف الطريق بين الموقعين العسكريين للجنود أسرعنا في الحركة ونحن نقترب من منحدر سدة التراب أملا لتجاوزها، وكان الدليل مصطفى يتقدمنا في الحركة...لم تمض ثوان على بداية عبورنا للسدة حتى بدت قيامة القيامات من رصاص ونيران انهمرت علينا من الجهة الثانية حيث الكمين المحكم الطويل وعلى طول المسافة بين الربيئتين...
استدار الدليل (مستو) على الفور ليأمرنا بالاستدارة والانبطاح لثوان، ثم النهوض والركض لأمتار والانبطاح سريعاً، وقد ضاع صوته وسط لعلة أصوات الرصاص وصراخ الجنود الذين أناروا عتمة وظلام المكان بطلقات التنوير التي أحالت الليل نهاراً كي نبدو لهم مكشوفين يسهل ابادتنا...
أتذكر أن مكاني كان في منتصف المفرزة التي تبعثر نسغها حين استدرنا في تلك اللحظة التي انكشفنا فيها والتي استدار فيها الدليل باتجاه الجانب السوري وسط قيامة الرصاص، وقد شعرت بوخزات خفيفة في رجلي اليسرى في منطقة الفخذ القريبة من الركبة، ولكن الوخزات لم تمنعني من مواكبة ما تبقى من رفاق المفرزة وأوامر الدليل مصطفى بالانبطاح مرة والركض أخرى...ابتعدنا قليلا عن سدة التراب ولم يتوقف انهمار الرصاص وصراخ الجنود الذي يبدو انهم قد لاحقونا وسط الراضي السورية، وصرت أشعر بأن بنطال بدلتي العسكرية قد ابتل تماما بالدم وهو ما فسر لي سر الوخزات التي ما عادت كذلك مع اشتداد الألم..في منخفض بسيط توقفنا وسط الذهول والصمت والألم الذي لف الجميع، خصوصاً بعد تفرق عدد من الرفاق ودون ان نعرف مصيرهم..دليل المفرزة يسأل عن أحوالنا وهل الجميع في سلام وشرع يعد الرفاق متفقداً أحوالنا، وقد اصيب بالذهول هو ورفاق المفرزة حين اخبرتهم بأني مصاب في رجلي وأن جرحي ينزف والدم قد غطى رجلي وبنطالي العسكري والجوراب..كان التعب والإرهاق والألم قد أخذ مني الكثير ولم تعد لي طاقة على حمل حقيبة الظهر، خصوصاً وأني كنت أنزف طوال فترة الجري والانسحاب وأنا في كامل عدتي وسلاحي كما يقولون...لم يكن الألم يؤرقني كثيراً بقدر القلق على مصير بقية الرفاق الذين تفرقوا عن المفرزة..ولتخفيف حملي والمساعدة على السير تكلف رفيقي ابو حازم وبنخوة وشهامة الشيوعي، في مساعدتي على حمل حقيبة الظهر وتخفيف اثقالي...وصلنا القرية منهكين وتعبين والحزن والوجع يلف الوجوه، ويبدو أن أهل القرية والرفاق المكلفين بمهمة ايصالنا لمكان العبور، كانوا على دراية بالذي حصل وقد تابعوا مشاهد قيامة الرصاص والتنوير. وقد علمنا أن اكثر أهل القرية قد غادروها في الليل خوفاً من اقتحام الجنود الأتراك لها...وبدأت صورة الرفاق المفقودين تنجلي قليلاً حين طمأن أهل القرية أحد رفاق المفرزة (علي زنكنة) الذي سبقنا بالوصول اليها وكان يحمل قاذفة RBG7، من أن القادمين ليسوا من الجنود..ولم تمض دقائق وملامح فجر 24 ايلول شرعت تلوح مع خيوط الضوء، حتى قدم رفيق آخر من المفقودين وتبين أنه الرفيق نعمة الشيخ فاضل (أبو سليم)، وحسب ما رواه في حينه فأن السبل قد تقطعت به بعد انهمار الرصاص وأضاع بقية المفرزة وظل يركض ويسير ليجد نفسه قريباً من موقع عسكري قريب في الجهة السورية من الحدود، تبين له انهم جنود سوريون وقد خففوا الصدمة عنه وأوصلوه الينا في القرية...في القرية تولى رفيق من الشيوعيين السوريين معالجة جرحي وشده بعصابة ولفاف، وقد خفف ذلك من الوجع خصوصا بعد زرقي بأبرة مع حبات الأسبرين..
الوقت يمر سريعاً ثقيلاً، والرفاق، سلمان، بهاء، نمير، ليس من خبر يدل على مصيرهم، وبدأ الرفاق وبمساعدة بعض من أهالي القرية في البحث والتحري عند أطراف القرية ومن كل الاتجاهات ولم تفلح مساعيهم...وفي محاولة لا تخلو من المغامرة قاد الرفاق سيارة الحزب التي أوصلتهم من القامشلي حين مرافقتهم لنا، ووجهوا مصابيحها الضوئية العالية باتجاه نقطة العبور التي واجهنا الكمين فيها، وبدؤوا بالصراخ وبأصوات عالية هزت سماء وفضاء المكان :
- رفاق رفاق رفاق....نمير...سلمان.....بهاء....رفاق رفاق...
وتكرر النداء لمرات كثيرة ولم يكن من جواب سوى الصدى الذي مزق أحشائي ونفوس رفاق المفرزة...تركنا القرية متجهين صوب مكاناً أكثر أماناً منتظرين أخبار رفاقنا الثلاثة..بعد حين علمنا ان طائرتي هليكوبتر تركيتين قد حطت بعد الفجر في مكان تعرضنا للكمين، وقد نقلت جثث الرفاق الشهداء، وفي وقت لاحق علمنا بتسليم جثامينهم لفلاحي القرية الكوردية التركية (بازفت) القريبة من موقع الكمين، والتي تقع في  الجانب التركي المقابل للقرية السورية التي انطلقنا من المنطقة القريبة منها، وقد دفنهم الأهالي في مقبرة القرية...
كم شهيد لنا فقيد   لم نكلله بالزهور
ضائعا قبره المجيد    ضائعة كم لنا قبور
في اليوم التالي وكان ألم وصدمة فقدان الرفاق الثلاثة يهز نفوسنا، توجهنا راجعين الى مدينة القامشلي..الرفاق ذهبوا للبيت الذي غادرناه قبل يومين، وصرت انا ضيفاً عند عائلة رفيق من الشيوعيين السوريين، وعلى أن أتكتم على الذي جرى في حال استفسارهم عن اصابتي..وفي اليوم الثاني صباحاً نقلني الرفاق الى عيادة رفيق من رفاقنا الشيوعيين السورين، وهو طبيب معروف في مدينة القامشلي. هناك في العيادة مكثت في غرفة من غرفها ليومين بذل الطبيب الشيوعي خلالها جهوداً كبيرة في علاجي وتنظيف الجرح الذي تلوث بقطع صغيرة من شفرات الحلاقة التي كنت احتفظ بها في جيب بنطالي العسكري. ثم انتقلت للسكن في الدار التي سكنتها أول مرة عند قدومي لمدينة القامشلي، وهناك بذل الرفيق الدكتور فاضل الدباغ اخ الرفيق جلال الدباغ، جهوداً كبيرة في معالجتي والسهر على شفائي. وفي وقت لاحق ساعدني كثيراً احد رفاقنا السوريين من كوادر الحزب الشيوعي السوري، الذي كان يعمل طبيباً في مستشفى مدينة الحسكة، وكان يصطحبني كل صباح من مدينة القامشلي الى الحسكة بسيارته الخاصة للتداوي هناك.
بعد فترة قليلة، وبكل الاصرار والتحدي، شكل الرفاق مفرزة جديدة ضمت رفاق مفرزتنا التي تعرضت للكمين، والذين لم يثن هول ليلة الكمين ورصاصه، عزيمتهم وإصرارهم وتشوقهم لعبور الحدود ووصول أراضي الوطن وفصائل الأنصار، واستطاعت هذه المفرزة العبور والوصول الى غايتها واللقاء مع رفاق الحزب في القواعد الأنصارية...
بعد حوالي الشهرين وبعد تماثلي للشفاء وإصراري على موقف خيار الكفاح المسلح والعبور صوب الوطن نحو قواعد رفاقي الأنصار، ودخلت مع مفرزة من الرفاق والرفيقات ومن منطقة قريبة جداً من مكان كمين الليلة المشئومة..
في السنوات السبع التي مرت علي في حركة الأنصار كانت صورة وجوه رفاقي الثلاثة لا تفارقني، ولم أتخلص من كوابيس تلك الصدمة عند المعبر الحدودي لقرية بازفت، ولسنوات طويلة..
ستبقى ذكرى الشهداء...سلمان داود جبو حيدو....بهاء الدين أحمد الأسدي....نمير رمزي يوسف
خالدة في ذاكرة التأريخ الشيوعي والوطني المجيد المعمد بالدماء الزكية لباسلات وبواسل الوطن...
الشهيد الدكتور سلمان داود جبو، ابن مدينة القوش والناصرية لاحقاً !!! كم حزين أنا لأن الزمن النحس لم يمنحني سوى فرصة أيام للتعرف بك...أيها النسر الشجاع وأنت تتصدى ورفاقك للدبابات التي حاولت اقتحام كلية التربية في بغداد عام 1967...وهل أكثر من هذا نبلاً وأنت تتخلى عن نعم العيش في قسطنطينية الجزائر التي كنت تعمل استاذاً في جامعتها لتختار طريق التضحية ونكران الذات نصيرا شيوعيا...ستبقى أيها الشهم الشيوعي النبيل خالداً في الضمائر والوجدانـ أنت ورفيقيك بهاء ونمير، وكل شهداء درب الحرية والكفاح....
المجد والخلود للرفاق الذين ضمتهم تلك المفرزة الباسلة من الذين استشهدوا في زمن آخر وأماكن نضال مختلفة....الشهيد فارتان شكري مراد (أبو عامل)...الشهيد نعمة الشيخ فاضل عباس (أبو سليم).. دليل مفرزتنا الشهيد مصطفى عزيمة (مستو)، الذي استشهد برصاص الجندرمة الأتراك يوم 15/12/1982، في مكان قريب من موقع الكمين الذي تعرضنا له، وهو من المتطوعين لمساعدة رفاقنا ومن منظمة بيشنك الكوردية التركية...
4 شباط 2022


10

نعي
 
تنعي منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد
الشخصية الوطنية الفقيد لؤي ابو التمن
الذي فارقنا هذا اليوم الأربعاء 19 كانون الثاني 2022،
في مدينة ستوكهولم في السويد، جراء مضاعفات الإصابة بالكورونا..
وبفقدان المناضل الوطني والقائد الطلابي الفقيد لؤي أبو التمن،
 خسرنا شخصية اجتماعية ومناضلاً وطنياً مشهوداً له بالخلق والمواقف النضالية ...
الفقيد من الكوادر الطلابية المشهود لها في الوطن والخارج،
ولعب دوراً بارزاً  في نشاط اتحاد الطلبة العام بعد انقلاب شباط 1963،
وتبوء مواقع قيادية فيه. تعرض للسجن والتعذيب في بدايات حكم البعث 1968
جراء دوره المشهود في الاضراب الطلابي في كلية التربية، ونشاطه الشيوعي الوطني،
وهذا ما اضطره لمغادرة الوطن. كما اسهم لاحقا في النشاطات الديمقراطية والطلابية في جمهورية بولونيا حين كان طالباً فيها، ولاحقاً في النشاط الديمقراطي والمدني في السويد ...
المواساة والعزاء لعائلة وأهل ورفاق وأصدقاء الفقيد...
الرحمة والذكر الطيب ولتسكن روحك في سلام....
منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد
19 كانون الثاني 2022





11
الرفيق الفنان المسرحي
عبد اللطيف صالح
يوارى الثرى في غوتنبرغ السويدية

  نجم خطاوي

وسط أجواء الحزن وألم الفقدان، ودع جمع من أبناء الجالية العراقية  في مدينة غوتنبيرغ السويدية، الرفيق الفقيد عبد اللطيف صالح، الفنان المسرحي والشخصية الوطنية، في مراسيم احتفائية نهار يوم الخميس 13 كانون الثاني 2021، تعبر عن مدى الاعتزاز والتقدير للتاريخ والإرث الثقافي والمسرحي والمواقف الانسانية والوطنية التي تحلى بها الرفيق الراحل طوال مسيرته كفنان مسرحي منحاز لرسالة الفن الانسانية ولقضايا شعبه الوطنية، والتي ستظل على الدوام في ذاكرة رفاقه وأصدقائه، وكل الذين جايلوه من الوسط الثقافي والسياسي...
وبكلمات الحزن والتبجيل والافتخار والاستذكار تحدث الرفيق حمزة عبد ( ابو حيدر) عن الراحل الفقيد، ثم ليقرأ رسالتي نعي الرفاق في المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي وفي منظمة الحزب في السويد:
(( رحيل مفجع وأليم لفنان عراقي أصيل جسد معاني الوطنية والفكر الشيوعي، عبر ابداعه المسرحي وعطائه الإبداعي في الوطن وفي بلاد الغربة..سنظل نتذكر بحزن وفخر المنجز الفني المسرحي الذي جسده رفيقنا الراحل مع رفيقة دربه فنانة الشعب الراحلة زينب، وسعيهم المثابر لترسيخ أصالة الانتماء الوطني والإنساني، وتجسيد رسالة الفن في الوقوف مع قضايا الناس وهمومهم، ومكابدة ظروف عسف الطغاة، ومكابدة أوجاع المنافي ...))

الاخ سلام صادق تحدث في مراسيم الوداع، باسم عائلة الفقيد، معبراً عن الحزن العميق لفقدان العزيز ابو تأميم مشيداً بخصاله الانسانية وخلقه الكريم وتواضعه، والتي ارتبطت بعطائه الفني والوطني.
حضر مراسيم موارة الثرى عدد من رفاق وأصدقاء الفقيد من مدن السويد المختلفة، ولأسباب الكورونا المعروفة، تعذر حضور العديد من رفاق وأصدقاء الرفيق من المدن السويدية والبلدان المجاورة، والذين أرسلوا رسائل مواساة وتعازي للتعبير عن الآسى والألم لفادحة الفقدان..
بعد ختام المراسيم دعي المشاركين في مراسيم الوداع لتناول وجبة غذاء في البيت الثقافي العراقي وجمعية المرأة العراقية...
 في الذكرة الأربعين  سينظم حفلاً تأبينياً للإحتفاء بالفقيد الراحل واستذكاره..

12
أفكار ورؤى
 حول مسودة التقرير السياسي
المقدم الى المؤتمر الوطني الحادي عشر
للحزب الشيوعي العراقي
       نجم خطاوي
مرة اخرى يثبت الشيوعيون العراقيون مصداقيتهم وشفافية ووضوح كيفية وطرق صياغتهم لبرامجهم السياسية وأفكارهم ونظام حزبهم الداخلي، وعبر النشر العلني لجميع وثائقهم، ومخاطبة الشعب مباشرة وعبر الدعوة لإبداء الرأي وحوار ومناقشة هذه الوثائق.. ليس هذا فحسب بل السعي للاستفادة من كل هذه الملاحظات والحوارات ووجهات النظر، في حصيلة الوثائق التي سيناقشها مندوبو المؤتمر الحادي عشر للحزب الذي سيعقد خلال الفترة القادمة.
لقد بات هذا النهج ضمن السياقات العامة التي اتبعها الحزب في ممارسته للعمل السياسي، والتي غدت دروساً للقوى السياسية والمنظمات التي تريد اظهار حسن نواياها في طريقة مخاطبة الجمهور وفي صياغة مفردات السياسة....
رغم أن وثيقة التقرير السياسي قد اتسمت بسرد التفاصيل ورصد ومتابعة عموم مواقف الحزب وسياسته في الفترة بين مؤتمرين، مع الكثير من التحليل والعرض للوضع السياسي وتعقيداته، وكان من الممكن تكثيفها واختصارها، الى انها تبقى محتفظة بحيويتها وأهمية المعالجات والتحليل فيها..
وفي عرضهم لهذه الوثيقة ولوثيقتي برنامج الحزب ونظامه الداخلي، يبرهن الشيوعيون العراقيون ان ليس لديهم ما يخفوه عن الشعب بخصوص سياساتهم ومواقفهم، مع التذكير والتنبيه لمن يريد ان يتعظ ويتعلم، في أن السياسة والمواقف لا تحاك في الغرف المظلمة وبعيدا عن آراء الناس وما يعبرون عنه من مواقف وتطلعات .
وسيكون مؤتمر الحزب القادم الحادي عشر مثل بقية مؤتمرات الحزب، كمحطة مهمة في التوقف والتمحيص والنقد والتحليل لمجمل مفاصل العمل والمواقف، مع رسم خطط وبرامج الفترة القادمة، وكيفية استنهاض قوى الحزب الحية وبعث الروح في منظماته، وتمتين الصلات بالجماهير الشعبية .
 من المهم في كل الظروف ان تكون توجهات قيادة الحزب ومواقفه السياسية في انسجام تام مع التوجهات التي يرسمها مؤتمر الحزب، وما تعكسه القاعدة الحزبية من تصورات ومواقف عبر احتكاكها المباشر مع القواعد الشعبية...وان يبتعد الرفاق في قيادة الحزب قدر الممكن عن الاجتهادات الشخصية والتحليلات النظرية، وان لا تكون هذه التحليلات والاجتهادات مادة لبلاغات الحزب ورسائله وبيانات لجنته المركزية...
مع اهمية ان تحتفظ قيادة الحزب وهيئاته المسؤولة بقاعدة بيانات واضحة عن جميع الاحزاب والقوى والمنظمات السياسية العراقية، وعن مواقفها السياسية ومدى قربها او بعدها عن برامجنا وتوجهاتنا..
ولا غنى هنا عن وضع توجهات برنامجية وخطط واضحة بخصوص خارطة القوى السياسية والمنظمات التي سنتعامل معها، مع معرفة المدى الممكن لأشكال العمل والتنسيق والتحالف معها...
كما يفترض اعادة النظر بوجهة ان نترك الجماهير تتحرك وتحتج لوحدها ومن ثم نأتي نحن لاحقا لدعمها ومساندتها، اذ ان هذا يكلفنا تبعات احساس وشعور الجماهير بثانوية دورنا ويقدم فرصة للآخرين في استغلال الظروف وتصدر المشهد...
ان استقراء الافق والحالة السياسية ضرورة ملحة يفترض ترابطها ليس فقط بتبني مطالب الناس بل الدعوة والتحريض لها وقيادة التحركات وتصدرها...
تبقى الفكرة صحيحة في ما يخص تحالف سائرون الانتخابي في ان هناك تاريخا طويلا من التواجد المشترك لجماهير الحزب مع جماهير الصدريين في المحتشدات والمظاهرات، وكان يمكن لقيادة الحزب من طرح الرأي والتصورات والحوار الحزبي الداخلي الذي سبق الاعلان عن التحالف بخصوص المدى الذي يمكن لنا كحزب شيوعي من تبنيه في شكل العلاقة مع الصدريين...
ولم تكن حساباتنا موفقة تماماً في ما يخص مدى التأثير الذي يمكن أن يقوم به قائد ديني مثل السيد مقتدى الصدر في التأثير على القاعدة الجماهيرية للتيار الذي يتزعمه روحيا وسياسياً...
وكانت الفترة الزمنية بين تشكل حزب الاستقامة وبين اعلان تحالف سائرون غير كافية من اجل الوثوق بهذا الحزب كواجهة سياسية مستقلة عن السيد مقتدى ولها استقلالية اتخاذ القرار، حيث تبين بوضوح ان السيد مقتدى الصدر هو المقرر والحاسم في المواقف...
وكان علينا كحزب شيوعي عراقي، حساب أن القوى الدينية والطائفية يمكن أن تتوحد في المواقف والرؤى مثل موضوع ما تدعيه في مقاومة اسرائيل وأمريكا وفي قضية الدين والموقف من العلمانية، وان مواقفها هذه يمكن ان تتعارض مع المواقف الشعبية، وكما حدث في اصطفاف الصدريين مع القوى الشيعية بعد اغتيال المهندس ..
لقد ظل تحالف سائرون الانتخابي فوقيا ولم تشهد الساحة السياسية فعاليات شعبية مشتركة بين قواعد الاحزاب المنضوية فيه ..
كان من الطبيعي أن تكون هناك اصواتا معارضة واجتهادات لتحالف سائرون الانتخابي، ولكن الاشارة تجدر أن هناك أصواتا قد عارضته من منطلق رفض العملية السياسية عموما، وأيضاً من منطلق رفض التقارب مع الاحزاب الدينية بشكل عام، وكذلك بحدود معينة من منطلقات طائفية كانت ترى أن الحزب الشيوعي قد تحالف مع الشيعة عبر التحالف مع الصدريين. وساهم في ذلك أن الصدريين ورغم دخولهم في تحالف سائرون بمسمى حزب الاستقامة، فقد ظلوا بعيدين عن الحزب السياسي وقريبين من التمثيل الديني والطائفي .
على مؤتمر الحزب القادم الشروع في رسم التوجهات والآليات الكفيلة بإشاعة اجواء الحوار الفكري وصراع الأفكار وسط هيئات الحزب المختلفة، وهي ضرورية ومطلوبة ويفترض تجسيدها والاستفادة من ما تعكسه من فائدة في العمل....
كما يفترض التذكير في أن ليس من الصحيح اشاعة اجواء من الارهاب الفكري ونشر الخوف والرعب والشك في العمل الحزبي الداخلي، عبر الدعوة لمحاسبة الرفاق بحجة أفكارهم ومحاولة التنصل من القرارات الحزبية المتخذة وفق آليات العمل والصراع والحوار الفكري، وعبر تصورها وكأنها اراء لرفاق محددين وليست لرأي الحزب ...
 قرار التحالف في سائرون هو قرار الحزب لأن قيادة الحزب قد اتخذته وبعد استفتاء( بغض النظر عن طريقة وشكل ومدى الاستفتاء)، وهناك نص صريح في النظام الداخلي يخول اللجنة المركزية اتخاذ مثل هذه القرارات ....
ونحن ندرس تجربتنا في تحالف سائرون علينا عدم تجاهل الاختراق الذي احدثه هذا التحالف في كسر وتهديم التحالف الشيعي الطائفي ولو بحدود معينة، والاعتراف الصريح من قبل القوى الدينية بان لا مناص من الاقرار بمكانة الشيوعيين والمدنيين، واضطرارهم للقبول ببرنامج مدني ينص على مدنية الدولة ونزع السلاح من الجماعات المسلحة، ورغم ان الكثير من بنود هذا البرنامج لم تنفذ عمليا...
وهنا علينا الفصل في دعواتنا ضد نظام المحاصصة والطائفية، بين الموقف في الدعوة لتسقيط وإنهاء وتخوين الأحزاب وبين الدعوة لتخطئة مواقفها الفكرية والسياسية، والوضوح في هذه القضية مطلوب،ويمكن الاستناد في هذه القضية الى بنود قانون الاحزاب وعبر الدعوة الى التطبيق العملي لبنوده...
وحول الموقف من الانتخابات الأخيرة، كان من الأجدر والأمضى الاشتراك فيها مع استمرارنا على رفع نفس الشعارات والمطالب التي تخص موقفنا من قانون الانتخابات والمفوضية والأحزاب والسلاح المنفلت وغيرها...
لقد كان قرارنا انفعاليا وحماسيا وابتعد عن بديهيات العمل النضالي الشيوعي في امكانية العمل في كل المحافل والساحات، خصوصا ونحن لت نتبنى اليوم شعارات الكفاح لإسقاط العملية السياسية، ولسنا من المؤيدين للانقلابات العسكرية..
المهم اليوم هو السعي بقوة من رص الصفوف وتوحيد الجهود واستنهاض قوى الشعب الحية، وعبر التعويل على الاصوات والمواقف الشعبية التي عارضت الانتخابات بهدف التغيير والضغط من اجل شروط أفضل وعلى الأصوات والمواقف المساهمة في الانتخابات من مستقلين ومن قوى تشرين والمدنيين، ومن أجل زيادة الضغط الشعبي للإسراع بتشكيل حكومة بعيدة عن منطق التوافق المكوناتي واتفاق البيوت القومية والطائفية والمذهبية، ودوام النضال والكفاح من أجل دولة المواطن العادلة المدنية الديمقراطية...

13
الشيوعيون وأصدقاؤهم
في السويد
يحيون ذكرى الانتفاضة ويمجدون شهداءها

على منصة الزوم وفي احتفال بهيج دعت له منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد، مساء الاثنين 25 تشرين الأول، استذكر الشيوعيون وأصدقاؤهم وجمع من ابناء الجالية العراقية في السويد ومعم الرفاق والأصدقاء من الوطن ومن بلدان مختلفة، الذكرى الثانية لانتفاضة تشرين الباسلة، ممجدين شهداءها الخالدين وتضحياتهم...وكانت المنظمة قد أعدت برنامجا متنوعاً لاستذكار حدث الانتفاضة ومآثرها...
وحضر الاحتفال الرفيق الدكتور صالح ياسر عضو اللجنة المركزية للحزب...
أدار الاحتفال الرفيق الفنان بهجت ناجي، الذي رحب بالحضور جميعا شاكراً لهم مشاركتهم وتلبيتهم دعوة الحضور، ليقف بعدها الحاضرون دقيقة صمت تمجيداً لذكرى شهداء الانتفاضة وشهداء الحزب والشعب.
في بداية الاحتفال عرض فلم تصويري وثائقي شامل عن دور الشيوعيين ومساهمتهم في الانتفاضة، ومواكبتهم لأحداثها وتفاصيلها، والتضحيات الجسام التي قدموها ومنها استشهاد مجموعة من رفاق الحزب البواسل.
الرفيق نجم خطاوي قدم كلمة باسم منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد، استعرض فيها فصولا من مآثر وبطولات المنتفضين وتضحياتهم والمثل والمبادئ والشعارات الوطنية التي تبنوها، والظروف التي رافقت أحداث الانتفاضة، والانتخابات الأخيرة وتشبث أحزاب المحاصصة على اعادة وتكرار حال التوافق وتقاسم السلطة والمغانم، مع التأكيد على استمرار النضال حتى تحقيق مطالب الانتفاضة والشعب، ومنها محاسبة قتلة المنتفضين وتقديمهم للمحاكمة...
الرفيق عامر حداد قدم كلمة باسم منظمة الحزب الشيوعي الكوردستاني في السويد، مجد فيها بطولات وتضحيات المنتفضين وعدالة شعاراتهم، ودوام وبقاء الظروف التي أدت لقيام الانتفاضة، والتي ستكون محركاً لانتفاضة قادمة في حال عدم تلبية مطالب الانتفاضة العادلة والتى تحظى بالتأييد الشعبي..
الزميلة الدكتورة نوال الطائي قدمت كلمة في المناسبة باسم تنسيقية التيار الديمقراطي في ستوكهولم شكرت فيها منظمة الحزب في السويد على تنظيم هذه الدعوة واستذكار حدث ومأثرة تشرين ووطنية منتفضيها وشعاراتهم، والتضحيات التي قدموها في سبيل التخلص من نظام الفساد والمحاصصة...
الفنان عباس العباس تحدث عن مشاهداته لأيام الانتفاضة في ساحة التحرير في بغداد، مع عرض لمجموعة من الصور الوثائقية التي خلدت الانتفاضة.
وعن مشاهداته ومعايشته عن أيام ساحة التحرير وخيم المنتفضين، تحدث الرفيق  محمد الكحط عن تضحيات النساء والدور المشرف للمرأة العراقية في الانتفاضة وتعاضدها مع ابناء الشعب ومؤازرة المنتفضين وبكل أشكال الدعم.
في القسم الفني قدمت مجموعة من الأغاني السياسية والوطنية وبمصاحبة آلة العود، قدمها الفنان جمال هادي مع عدد من عضوات فرقة ينابيع الغنائية، من مدينة مالمو في السويد...
وكان للشعر حضوره البهي حيث قرأ الشاعر مديح الصادق، وعبر مشاركته من كندا، عددا من النصوص الشعرية التي مجدت الشهيدات والشهداء والمنتفضين.. ومن كندا أيضا ساهمت الشاعرة أروى السامرائي بقراءة عدداً من النصوص الشعرية الجميلة. الرفيق الشاعر كامل الركابي ساهم في الاحتفال بقراءة مجموعة من النصوص الشعرية الشعبية التي تغنت بمثل الانتفاضة وبالمرأة العراقية ومكابداتها وإصرارها على الحياة والمقاومة..
في ختام الإحتفاء توادع الحاضرون معبرين عن دوام مساندتهم للإنتفاضة ومطالبها المشروعة، واستمرار كل أشكال التضامن مع قضيتها، مع الثناء على مبادرة منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد في إحياء وإستذكار هذه المناسبة الوطنية....

14
مذكرة تضامن مع الشعب السوداني
 واستنكار
للانقلاب العسكري
من ٤٥ منظمة في السويد


 أحزاب ومنظمات مجتمع مدني وشخصيات عراقية في السويد تدين الانقلاب الرجعي في السودان

 في خطوة لم تكن مفاجئة أعلن في الخرطوم صباح يوم الاثنين 2021-10-25 عن انقلاب عسكري رجعي، اعقبته اعتقالات سياسية وإعلان حالة الطوارئ وحل مجلس الوزراء وإجراءات قمعية أخرى، الهدف منه سلب منجزات ثورة ديسمبر 2018 الشعبية التي أطاحت بنظام البشير الدكتاتوري ومهدت لتحقيق أهداف الشعب السوداني الشقيق بنيل الحرية والمساواة وبناء الدولة المدنية.
 اننا اذ ندين هذا الانقلاب ورموزه المعادية لأماني الشعب السوداني، نعلن تضامنا مع أشقائنا في السودان، ولنا الثقة الكبيرة بهم بإسقاط قادة الانقلاب والخلاص من حكام الانقلابات العسكرية الذين لم يجن الشعب السوداني سوى الخراب على أيديهم.
 ‏25‏/10‏/2021
: الموقعون
1- منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد
2- الحزب الشيوعي السويدي
3- الحزب الشيوعي الكوردستاني في السويد
4- حزب الشيوعي السوداني
5- حزب الشيوعي السوري الموحدي السويد
6- حزب الشعب الفلسطيني/السويد
7- الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين/السويد
8- حزب الجبهة الفيلية المتمثلة في أوروبا والسويد
9- رابطة المرأة العراقية فرع السويد /ستوكهولم
10- اتحاد الصابئي المندائي في دول المهجر
11- اتحاد الديمقراطي للجمعيات العراقية في السويد
12- الجمعية المندائية في ستوكهولم
13- تنسيقية التيار الديمقراطي في ستوكهولم
14- الرابطة المندائية في ستوكهولم
15- جمعية زيوا المندائية
16- جمعية بابيلون للثقافة والفنون في ستوكهولم
17- رابطة الديمقراطين العراقين في ستوكهولم
18- الاتحاد الديمقراطي الكوردي الفيلي
19- تنسيقية التيار الديمقراطي في غرب السويد
20- البيت الثقافي العراقي في يوتوبوري
21- رابطة المرأة العراقية فرع السويد /يوتوبوري
22- جمعية المرأة العراقية في يوتوبوري
23- الجمعية الثقافية العراقية في مالمو
24- تنسيقية التيار الديمقراطي  في جنوب السويد
25- الجمعية الثقافية المندائية في لوند
26- الجمعية العراقية في يوتوبوري
27- جمعية تموز في السويد
28- جمعية الانصار الشيوعين في يوتوبوري
29- جمعية المرأة الفيلية في يوتوبوري
30- النادي الثقافي الاجتماعي العراقي في يوتوبوري
31- الجمعية الثقافية في ترولهتان
32- الجمعية الثقافية في بوروس
33- الجمعية الثقافية في لينشوبينك
34- لجنة الدفاع عن الكورد الفيلية /يوتوبوري
35 فرقة الينابيع المسرحية
36-الجمعية العربية النسائية في ترولهتان
37- رابطة الديمقراطين العراقين في سكونه
38- الحركة النقابية الديمقراطية العراقية في السويد
39- جمعية المرأة العراقية في مالمو
40- رابطة الانصار الديمقراطية في ستوكهولم وشمال السويد
41- فنانين من أجل السلام
42- فرقة مسرح الصداقة/ستوكهولم
43- حزب بيت نهرين الديمقراطي فرع سويد
44- جمعية بيت نهرين الاجتماعية
45- الحركة الديمقراطية الاشورية


15

بلاغ عن انعقاد مؤتمر تنسيقية التيار الديمقراطي في مدينة غوتنبرغ / السويد


الأحد 24 تشرين الأول / أكتوبر 2021، وعلى قاعة البيت الثقافي العراقي وجمعية المرأة العراقية في مدينة غوتنبرغ / السويد انعقد مؤتمر تنسيقية التيار الديمقراطي العراقي في المدينة وبحضور عدد من ممثلي منظمات المجتمع المدني العراقية وشخصيات ديمقراطية مثلت الطيف العراقي المتنوع.

افتتح المؤتمر الزميل علي الراعي بكلمة ترحيبية باسم تنسيقية التيار، وقد تم تسمية إدارة الجلسة من الزملاء حمزة عبد والزميلة وحيدة فرحان.

وبعد انتهاء الجلسة الافتتاحية تم مناقشة التقرير الانجازي وما قامت به من نشاطات في المدينة وكان من أبرزها الوقفات التضامنية مع الشعب العراقي ضد الفساد والطائفية والمحاصصة ولعدة سنوات  وقد تم طرح العديد من الملاحظات والمقترحات لتطوير العمل والنشاطات اللاحقة.

وانتقل الحضور لدراسة النظام الداخلي ولم تظهر هناك ملاحظات مهمة ومع ذلك أعطيت الفرصة لكل الناشطين لإبداء الملاحظات والمقترحات التي يمكن أن تساعد على تطوير العمل وتعديل مساره وتطوير نوعية نشاطاته اللاحقة. وقد جرى التأكيد على موضوع الانفتاح على المجتمع السويدي باتجاه تفعيل التضامن مع شعبنا العراقي.

وأخيراً قام الحضور بانتخاب الهيئة الإدارية الجديدة للتنسيقية في المدينة وقد تم اختيار خمسة أعضاء من الحضور، اجتمعوا بعد نهاية المؤتمر في اجتماعهم الأول لتوزيع المهام، وهم الزملاء موفق علي، فوزي بابان، عامر عوصجي، رياض الطابوقي والدكتور صباح عبد الهادي.
كما تلقى المؤتمر برقيات التحايا من منظمة الحزب الشيوعي العراقي والبيت الثقافي وجمعية المرأة ورابطة المرأة العراقية ورابطة الانصار ومنظمة تموز وهيئة دعم الانتفاضة.
وأختتم المؤتمر بكلمة من الزميل حمزة عبد وتقديم الشكر لكل من ساهم في إنجاح بعض النشاطات التي قامت بها التنسيقية وكل من ساهم في الوقفات الأسبوعية للتضامن مع شعبنا المنكوب.

17

الجالية العراقية في مدن السويد
تحي وتستذكر ذكرى انتفاضة تشرين وتجدد مساندة مطالبها العادلة

تزامناً مع الذكرى الثانية لإنتفاضة تشرين الباسلة في 1 تشرين الأول 2019، والتي تصادف ذكراها الثانية هذه الأيام، وبمبادرة من الزملاء في تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي وشبكات التضامن مع الشعب العراقي التي تشكلت في مدن السويد ، وبشعار ( الشعب يريد وطن )، أحيت الجالية العراقية في مدن السويد المختلفة وقفات تضامنية في ذكرى الانتفاضة الباسلة، مستذكرين تلك الصور والملاحم التي سطرتها جموع العراقيين في ساحة التحرير وساحات ومدن العديد من محافظات الوطن، مجددين العهد والتضامن في استمرار المساندة للمنتفضين وللمطالب المشروعة التي تبنوها وقدموا التضحيات الجسام في سبيل تحققها.
في هذه الوقفات التضامنية التي نظمت في مدينة ستوكهولم يوم 3 تشرين الأول، في الساحة المجاورة لمبنى البرلمان والحكومة السويدية وسط العاصمة السويدية، وفي الساحات العامة الرئيسية لمدن ( يوتوبوري، مالمو، لوند ) في الأول من تشرين الأول، وفي وسط مدينة لينشوبنك، يوم الثاني من تشرين الأول، القيت الكثير من الكلمات والأشعار والأناشيد التضامنية باللغة العربية والسويدية، كما وزعت البيانات التي تدعو لدوام مناصرة وتأييد مطالب المنتفضين وحقوقهم، كما رفعت شعارات ولافتات وصور تمجد وتستذكر شعار الانتفاضة البليغ نريد وطن، وتمجد شهداء الانتفاضة وتضحياتهم، مع استذكار المطالب الشعبية الوطنية التي تبنتها الانتفاضة وصارت عناوين للفخر والنضال .
مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات الفيسبوك نشرت العديد من الصور والشعارات وأفلام الفيديو، التي وثقت هذه الفعاليات التضامنية، والتي استقبلها أهلنا في الوطن بالإهتمام والاعتزاز والشكر...
منظمات وتنسيقيات وتجمعات الجالية العراقية في السويد ( 49 منظمة وجمعية وتنسيقية ) طالبوا في نداء وجهوه لرئيس الجمهورية العراقية، ولرئيس مجلس الوزراء، ولرئيسي مجلس النواب والقضاء، بمحاسبة قتلة المتظاهرين، وتعويض الشهداء والجرحى، وإطلاق سراح المختطفين، وتنفيذ مطالب تشرين بتنظيم انتخابات نزيهة وتفعيل قانون الأحزاب  ومفوضية انتخابات مستقلة حقاً. كما تضمن النداء الدعوة لمكافحة الفساد  وفرض سلطة الدولة.



18

قراءة
في موقف المرجعية الدينية
من الانتخابات
      نجم خطاوي
  دار ويدور جدل واختلاف حول الموقف الأخير للمرجعية الدينية من الانتخابات العراقية التي لم يتبق سوى أيام على اجرائها ..
القراءة الموضوعية للموقف توصلنا إلى نتيجة أن تشجيع الناس على المشاركة في الانتخابات لا يعني على أي حال تخطئة الموقف من عدم المشاركة فيها، سواء من قبل الأفراد أو الأحزاب والمنظمات، أو من كل من اختار موقفا آخر بعدم المشاركة ..
إن القول في ( إن المرجعية الدينية العليا تشجّع الجميع على المشاركة الواعية
   الانتخابات القادمة )، فهذا يعني بوضوح أن الموضوع تشجيعي وليس أوامري .
وإذا كانت قد اعتبرتها بأنها الطريق الأسلم ( هي الطريق الأسلم للعبور بالبلد الى مستقبل يرجى أن يكون أفضل مما مضى )، فهذا يعني أيضا أن هناك طرقا أخرى غير المشاركة، ولكن طريق المشاركة هو الأسلم، وهي قراءة وموقف يندرج ضمن مواقف أخرى لأطراف سياسية مختلقة، قريبة من هذا الموقف أو متقاطعة، مع إقرار بيان المرجعية الدينية الضمني والصريح بوجود النواقص في هذه الانتخابات ..
لا يختلف اثنان على أن الضغط الشعبي الجماهيري الواسع يمكنه أحداث التغيير إذا أحسنت أدوات إستخدامه وتوظيفه، وقد أثمر هذا المد والضغط الجماهيري في انتفاضة تشرين الباسلة عن نتائج واضحة في واقع العملية السياسية وأطرها المختلفة.
 وكانت المرجعية الدينية قد ساندت هذا الضغط الشعبي في المواقف والخطب المختلفة، وتضامنت صراحة مع انتفاضة تشرين ومطالب منتفضيها، وأيدت مطلب تغيير الحكومة والقوانين والانتخابات المبكرة.
 ولكنها تظهر اليوم خشيتها من (حالة الانسداد السياسي والوقوع في مهاوي الفوضى). ويبدو القصد هنا بمهاوي الفوضى لا يخص بأي حال من الأحوال أشكال الاحتجاجات والمطالب السلمية والتظاهرات. وهنا لا يمكن لأحد أن يستبعد إمكانية حدوث هذه الفوضى في ظل الصراعات المحتدمة بين القوى السياسية المتسيدة للشارع السياسي والمشاركة في الانتخابات وبنفس الاستحواذ والفوز والسباق وقيادة المرحلة وتحجيم الآخرين .
إن الدعوة لأخذ العبر والدروس من التجارب الماضية، فيها إشارة واضحة إلى أن تجارب الانتخابات السابقة كانت قاسية ومريرة ولم توصل البلد إلى شاطئ الأمان.
في الدعوة لإحداث التغيير الحقيقي بالارتباط مع أبعاد الأيادي الفاسدة والغير كفوءة، صورة واضحة وناطقة بوجود هذه الأيادي الفاسدة والغير كفوءة ضمن المرشحين لهذه الانتخابات، والتي يجب ابعادها وعدم منحها الفرصة لإعادة ثيابها القديمة الغالية ..
التأكيد على ضرورة التغيير الحقيقي حسب ما تراه المرجعية، يعني عملياً أن العراق قد حرم ولسنوات طويلة من فرصة التغيير الحقيقي، وأن فرصة الانتخابات هذه يمكنها احداث التغيير الحقيقي والذي يرتبط حسب بيان مرجعية النجف الدينية بأن يستغل الناخبين  هذه الفرصة المهمة لإحداث تغيير حقيقي في ادارة الدولة، واشتراط تحقق ذلك بتكاتف الواعين  ومشاركتهم في التصويت بصورة فعالة وإحسانهم الاختيار..
وهي قراءة تؤكد على التكاتف، والذي لم يتحقق بشكل واسع  للأسف بين من يهمهم أصلا هذا التغيير من القوى والشخصيات الذين سعوا وعملوا بجهود جبارة من أجل التغيير وإصلاح منظومة المحاصصة والفساد. ..
المراهنة على التغيير الحقيقي الذي تنشده المرجعية عبر هذه الانتخابات المبكرة سيكون صعب المنال، ويعتمد بالأساس على تغير التوازن الذي ستفرزه الانتخابات لصالح  المرشحين من افراد ومنظمات من البعيدين عن اجندات ونهج أحزاب السلطة والمحاصصة، وبالمقابل خسارات واضحة وتراجع للمرشحين من الذين عادوا بجلابيبهم القديمة البالية ومناهج أحزابهم ومنظماتهم التي خربت البلاد وأفقرت العباد.
إن الموقف بالدعوة الصريحة للتدقيق في سير المرشحين وانتخاب فقط الصالح النزيه والحريص على سيادة العراق وأمنه وازدهاره والمؤتمن على قيمه الأصيلة ومصالحه العليا، هو انحياز لنوعية مرشحين محددين بالضد من رموز الفساد والمحاصصة، خصوصاً مع التحذير بعدم تمكين الغير اكفاء والمتورطين بالفساد ...
وفي الدعوة لأن تكون هذه المشاركة فعالة يمكن فهم القصد في أن تكون هذه المشاركة واسعة وشعبية، وهي ما تخشاه قوى السلطة المتحاصصة، لأن أي مشاركة واسعة ستقلل حظوظ مرشحيهم بالحصول على الأصوات، مقابل سنوح الفرصة للمرشحين المستقلين والوطنيين. كما أن احسان الاختيار يشير بوضوح إلا أن التصويت قضية ليست عابرة ويفترض احسان الاختيار فيها لمصلحة الوطن والشعب قبل أي اعتبارات أخرى..
في التأكيد ( والمرجعية الدينية العليا تؤكد اليوم ما صرّحت بمثله قبيل الانتخابات الماضية من أنها لا تساند أيّ مرشح أو قائمة انتخابية على الإطلاق وأن الأمر كله متروك لقناعة الناخبين وما تستقر عليه آرائهم)،موقف واضح وصريح في احترام رأي الناخب وخياراته والوقوف بحيادية من الجميع. التحذير من مخاطر الأجواء الغير مطمئنة وتأثيرات المال والسلاح الغير قانوني والتدخلات الخارجية، كان واضحا في صياغة البيان، مع التأكيد على نزاهة هذه الانتخابات ..
قراءة موقف المرجعية الدينية في تشجيع المشاركة في الانتخابات لا يفترض أن يقرأ بكونه انحيازا للقوى السياسية والأحزاب والمنظمات المشاركة في الانتخابات، وبالضد من المقاطعين ..
وهذا الموقف فيه دعوة صريحة للتقاطع مع الفاسدين والفاشلين والغير كفؤين، وعدم منحهم الصوت والمساندة، والسعي لعزلهم...وهذا الموقف للمرجعية الدينية يحتم عليها مسؤولية الموقف لاحقا، للنتائج التي سترتب على المشهد السياسي العراقي بعد اعلان نتائج الانتخابات، وما سيكون لاحقا من برامج وخطط وأجندات ..
المهم في المشهد السياسي أن يظل التلاحم والتنسيق بين الوطنيين والمدنيين والديمقراطيين والمستقلين وكل من تهمه مصلحة العراق بعيدا عن نظام المحاصصة والفساد، من الذين قاطعوا الانتخابات، مع الذين اشتركوا فيها لدوافع وطنية، خصوصاً وأن الفترة التي ستلي الانتخابات ستحتم عليهم التلاحم والتقارب والتنسيق، وبغض النظر عن النتائج التي ستفرزها الانتخابات..


19


مذكرة
الشعب يريد وطن
الدكتور برهم صالح رئيس جمهورية العراق المحترم
الأستاذ مصطفى الكاظمي رئيس مجلس الوزراء لجمهورية العراق المحترم
الأستاذ محمد الحلبوسي رئيس مجلس النواب العراقي المحترم
القاضي الدكتور فائق زيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى المحترم

 في تشرين الأول 2019 اندلعت التظاهرات الشعبية في العراق الحبيب،  احتجاجاً على تردّي الأوضاع الاقتصادية للبلد، وانتشار الفساد الإداري والبطالة وانعدام الخدمات.
ولم تكن هذه التظاهرات وليدة اليوم، بل هي امتدادات لمعاناة حقيقية يمر بها شعبنا من 2003 بسبب الحكومات الفاشلة المتعاقبة.
وواجهت القوات الأمنية هذه التظاهرات بعنف شديد مما ادى الى استشهاد أكثر من 800 شخصا وإصابة 20 ألف بجروح من بينهم آلاف "إعاقة" جسدية، فضلاً على اعتقال وتغييب العشرات من المحتجين.
نحن نحمل الرئاسات الثلاثة مسؤولية حماية المواطنين وتطبيق الدستور.

اننا في منظمات وتنسيقيات وتجمعات الجاليات العراقية في أكثر من 17 دولة نعلن حملتنا للتضامن تحت شعار :
( الشعب يريد وطن) ونطالب بـ :
1. محاسبة قتلة المتظاهرين السلميين العزل وتقديمهم للمحاكم، والتوقف عن ملاحقة واعتقال واغتيال المحتجين.
2. تعويض ذوي الشهداء، والاهتمام بالمعوقين، وإطلاق سراح المختطفين.
3. تنفيذ مطالب انتفاضة تشرين، بتنظيم انتخابات نزيهة، و تفعيل قانون الأحزاب وتحت رعاية مفوضية مستقلة  حقا للانتخابات.
4. مكافحة الفساد و العمل على تحسين الخدمات والأوضاع المعيشية والصحية وحل مشكلة البطالة.
5.  فرض سلطة الدولة و مؤسساتها و حل ميليشيات الاحزاب وحصر لبسلاح بيد الدولة.
6.  انهاء التدخلات الأجنبية، واحترام سيادة العراق .

28 أيلول/ سبتمبر 2021
الموقعون:

1 ـ تنسيقية التيار الديمقراطي في ستوكهولم
2 ـ اتحاد الجمعيات المندائية  في دول  المهجر
3 ـ الإتحاد الديمقراطي للجمعيات العراقية في السويد
4 ـ رابطة المرأة العراقية فرع السويد/ ستوكهولم
5 ـ  جمعية المرأة العراقية في ستوكهولم
6 ـ جمعية المرأة الكردستانية في السويد
7 ـ جمعية المرأة المندائية في ستوكهولم
8 ـ نادي 14 تموز الديمقراطي العراقي في ستوكهولم
9 ـ رابطة الأنصار الديمقراطيين فرع  ستوكهولم وشمال السويد
10 ـ جمعية فنانون من اجل السلام  السويدية
11 ـ الجمعية المندائية في ستوكهولم 
12 ـ اتحاد الكتاب العراقيين في السويد
13 ـ منتدى الحوار الثقافي الديمقراطي العراقي في ستوكهولم
14 ـ جمعية بابيلون للثقافة والفنون
15 ـ الرابطة المندائية للثقافة والفنون / فرع السويد
16 ـ رابطة شعب كردستان
17 ـ منظمة تطوير المرأة الكردية
18 ـ جمعية بيت نهرين الاجتماعية
19 ـ الملتقى الثقافي المندائي في ستوكهولم
20 ـ رابطة الديمقراطيين العراقيين في ستوكهولم
21 ـ حركة العمال النقابية الديمقراطية في ستوكهولم / السويد
22 ـ جمعية زيوا المندائية في سيدرتاليا
23 ـ فرقة مسرح الصداقة في ستوكهولم
24 ـ  لجنة اللاجئين العراقيين في ستوكهولم
25 ـ الهيئة التضامنية العراقية في غوتنبيرغ / السويد
26 ـ  تنسيقية التيار الديمقراطي في غوتنبيرغ/ السويد
27 ـ البيت الثقافي العراقي في غوتنبيرغ/ السويد
28 ـ جمعية المرأة العراقية في غوتنبيرغ/ السويد
29 ـ جمعية  ( منظمة) تموز في غوتنبيرغ/ السويد
30 ـ جمعية حقوق المرأة والطفل (رابطة المرأة العراقية)  في غوتنبيرغ/ السويد
31 ـ جمعية المرأة  الكوردية الفيلية في غوتنبيرغ/ السويد
32 ـ رابطة انصار الحرية والديمقراطية ( رابطة الأنصار الشيوعيين)  في غوتنبيرغ/ السويد
33 ـ مجموعة دعم الإنتفاضة العراقية في غوتنبيرغ/ السويد
34 ـ النادي الثقافي الاجتماعي العراقي في غوتنبيرغ/ السويد
35 ـ لجنة الدفاع عن الكورد  الفيليين  في غوتنبيرغ/ السويد
37 ـ الجمعية العربية النسائية في ترولهتان / السويد
38 ـ الجمعية الثقافية في ترولهتان / السويد
39 ـ تنسيقية التيار الديمقراطي في لينشوبنك
40 ـ الجمعية العراقية في لينشوبنك
41 ـ الجمعية الثقافية في بوروس
42 ـ تنسيقية التيار الديمقراطي في جنوب السويد
43 ـ رابطة المرأة العراقية في جنوب السويد
44 ـ الجمعية الثقافية العراقية في مالمو
45 ـ البرلمان الكردي الفيلي
46 ـ رابطة الديمقراطيين العراقيين في جنوب السويد
47 ـ فرقة ينابيع االمسرحية
48 ـ الجمعية الثقافية المندائية في لوند
49 ـ فرقة ينابيع للأغنية / مالمو 







20
مسودة برنامج الشيوعيين...
خطة وطنية لتعمير الوطن وإسعاد الشعب

   نجم خطاوي

هو ليس ببرنامج حزبي سياسي عابر، بل هو بحق وإنصاف، خطة وطنية لتعمير الوطن ولإسعاد ورفاهية الشعب.
هذا هو الانطباع الذي تراءى لي وأنا أتصفح فصول برنامج الحزب الشيوعي العراقي/ المسودة المقرر تقديمها إلى المؤتمر الوطني الحادي عشر للحزب، والمزمع عقده خلال هذا العام 2021.
وإذ يتيح الحزب الشيوعي العراقي وثائقه وبرامجه للنقاش العلني الشعبي وعبر جميع وسائل الإعلام وقبل اقرارها وتبنيها في مؤتمره الوطني، فهو يؤسس بحق لثقافة الشفافية والوضوح واحترام العقل الجمعي للشعب.
 مسودة البرنامج الحالية هي الوثيقة الثانية التي ينشرها الحزب للنقاش العلني، بعد الوثيقة الأولى التي لا تقل أهمية عن هذه الوثيقة والتي تضمنت مسودة النظام الداخلي للحزب، والتي حظيت بمناقشات مستفيضة وسط منظمات الحزب وهيئاته، وأيضا من قبل المهتمين بالشأن السياسي العراقي، وقد نشرت صحيفة طريق الشعب ومواقع الحزب الاعلامية الاخرى العديد من الحوارات والنقاشات حولها.
ومن الممكن أن تشهد الفترة القادمة تقديم الحزب الشيوعي العراقي لوثيقة تقريره السياسي المقدم لاجتماع المؤتمر القادم للحزب.
وإذا كان البرنامج الحالي لا يبتعد كثيراً عن مضامين وفصول برنامج الحزب الذي أقره مؤتمر الحزب العاشر عام 2016، فأن من أسباب ذلك أن البرامج تغطي في العادة مرحلة زمنية طويلة نسبياً، وترتبط بالأحداث والتغييرات التي تصاحب أزمان تطبيقها.
 والمتتبع للأحداث العراقية يراها قد راوحت طويلا ضمن أطر وخناق منظومة المحاصصة والفساد وخراب الهوية الوطنية. ورغم الملاحظة هذه فأن العديد من صفحات وفصول البرنامج قد توقفت بدقة وتفصيل وعناية وفهم واقعي، عند الكثير من الهموم والتطلعات والآمال الوطنية، راسمة سبل وطرق النهوض الوطني من كبوات التخلف والمعاناة الشعبية التي طالت الجميع.
هذا البرنامج سيكون مرشداً لعمل ونشاط منظمات الحزب ورفاقه، وهو أيضاً في نفس الشأن خطة عمل عملية صيغت  بجهود حثيثة وتجارب نضالية ودراسة مستفيضة لواقع الشعب ومعاناة الناس.
 وضمن هذا السياق كان من الممكن لهذه الوثيقة التوضيح أكثر في هذا الشأن، وهل أنها وثيقة تخص الشيوعيين والقريبين منهم من اجل تجسيدها خلال عملهم النضالي اليومي وأيضاً من خلال توليهم للمسؤوليات في الوظائف العامة الحكومية والمدنية، أم أنها موجهة للمعنيين في الدولة والحكومة للإستفادة من فصولها عند صياغة البرامج والخطط الوطنية.
الوضوح في خيار الحزب في اختيار الاشتراكية لبناء المجتمع مستقبلاً، يبقى أمراً مهما التأكيد عليه، وقد أصابت الوثيقة في اعتباره طريقاً خاصاً ببلادنا، ومن أجل التمييز عن فكرة استنساخ التجارب الأخرى، ليس لعدم جدوى وأهمية هذه التجارب الزاخرة بالدروس، بل لأن ظروف بلدنا والتشابكات المعقدة التي أحاطت بواقعنا الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، والتأثير المتعاظم للمحيط الاقليمي والدولي، قد تفعل فعلها في رسم ملامح مستقبل بلادنا وبناء الاشتراكية فيها..
في ديباجة البرنامج اشارة صريحة صائبة لاسترشاد الحزب بالفكر الماركسي وبدروس التجارب الاشتراكية والتراث الاشتراكي عامة، وكان من الممكن استكمال الجملة مباشرة مع جملة ( ويستوحي كل ما هو تقدمي في إرث حضارة وادي الرافدين، والحضارة العربية الإسلامية) وإلى نهاية الجملة، وإبدال  كلمة ( كذلك) بالواو. كلمة وكذلك توحي بالمعنى الأقل في الصياغة.
في جملة ( ويرى الحزب في الفيدرالية، أي نظام الحكم الاتحادي، شكل الحكم المناسب للعراق، ويدعو إلى توطيدها في ٌاقليم كوردستان ) والخ الجملة...الجملة غير واضحة وتعني أن الفدرالية هي نظام الحكم الاتحادي، وأظن أن المقصود هي الفدرالية ضمن نظام الحكم الاتحادي الفدرالي.
عند الاشارة في الديباجة لاهتمام الحزب بالشبيبة، سيكون من المناسب التأكيد على ضمان حق الخريجين الشباب للحصول على فرص عمل، وضمانهم اجتماعيا في مؤسسات تأهيلية تعني بالعاطلين عن العمل.
فقرة ( وينحاز الحزب إلى عالم العمل وقيمه ) والخ الجملة، يفترض تقديمها في الديباجة، وأن تكون بعد فقرة ( ويعمل، في الوقت نفسه، على صيانة وحدة نضال الشعب العراقي ) الخ الجملة..لأهمية قضية العمال والعمل .
كلمة( قلة متضائلة )غير مناسبة لوصف تكريس وتعميق الفوارق على صعيد الثروة والدخل، ومن الممكن استبدالها ( قلة محدودة ) أو ( قلة صغيرة)، خصوصاً وأن هذه القلة لا تتضاءل بل تزيد في كل يوم..
 الفقرة 5 من فصل بناء الدولة والنظام السياسي، أقترح تغييرها لتكون كالتالي :
أن يكون السلاح حصراً عند الدولة ومؤسساتها الشرعية، ونزعه من الفصائل والجهات، وكل المجموعات الأخرى الخارجة عن القانون...
من المهم الاشارة في فصل القطاعات الاقتصادية/ القطاع النفطي، الى أهمية الاسراع بتشريع قانون النفط والغاز، وحل الخلافات بين الحكومة الاتحادية وإقليم كوردستان..
وفي فصل الطاقة والكهرباء يبقى من الأهمية الإشارة الى انتهاج سياسة تجسيد استخدام الطاقة البديلة الضامنة للبيئة وإشاعة استخدام الطاقة الشمسية البديلة وغيرها.
في فصل قطاع السياحة يمكن الاشارة الى اهمية تشجيع السياحة الوطنية الداخلية، وتطوير الأماكن السياحية الطبيعية وخصوصا في مناطق الأهوار وفي جبال ومنتجعات اقليم كوردستان.
في الفصل الخاص بالمرأة تجدر الاشارة الى أهمية العمل والجهد من أجل الضغط والإسراع لتشريع قانون مكافحة العنف الأسري.
وفي مجال الشباب والثقافة يفترض الاشارة بوضوح الى أهمية اهتمام الدولة ببناء مرافق ثقافية ومنتديات للشباب، وخصوصاً المسارح والمكتبات العامة ودور الفنون التشكيلية والموسيقى.
في مجال الصحة سيكون من المفيد الاشارة الى أهمية انشاء مراكز صحية متخصصة بمعالجة مرضى الحروب والعنف، وأماكن متخصصة بمعالجة الأمراض النفسية وإدمان المخدرات، والعناية بالمتضررين من العنف وجرائم داعش.
في فصل القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، أقترح اضافة الفقرة التالية :
إبلاء اهتمام خاص بالأنصار الشيوعيين الذين قاتلوا النظام الديكتاتوري، والعمل على الاعتراف بمشروعية نضالهم، وتوفير سبل  الاهتمام بالشهداء والجرحى والمغيبين منهم، وتوفير سبل ضمان حمايتهم..
في فصل حقوق القوميات أرى من المهم الاشارة الى الكورد الفيلية والغبن والضيم الذي لحقهم جراء سياسة التهجير المعروفة، والدعوة لاحترام حقوقهم في الحصول على الوثائق العراقية وتخفيف معاناتهم في هذا الجانب.
في مجال العلاقات الخارجية، أرى من الصحيح التأكيد على أهمية توثيق الشيوعيين العراقيين علاقاتهم مع رفاقهم في الاحزاب الشيوعية في البلدان العربية ودول الجوار، سوية مع دوام العلاقة بكل الفصائل والقوى اليسارية والوطنية والمدنية.
في الفقرة 6 الخاصة بفلسطين في فصل العلاقات الخارجية، أرى ضرورة اضافة كلمة الشرقية الى جملة ( على أرض وطنه وعاصمتها القدس )، لكي تصبح هكذا :
على أرض وطنه وعاصمتها القدس الشرقية .


21
 
في مدينة مالمو...تشييع مهيب للرفيق النصير
عبد الحسن احمد بشير ( ابو عليوي )

 صباح بوم الجمعة 3 / 9 / 2021  توافد رفاق وأصدقاء الرفيق الباسل ابو عليوي، الى مقبرة روزن كورد في مدينة مالمو في السويد، لوداع رفيقهم الفقيد والمشاركة في مراسيم الدفن والتأبين..
 وفي أجواء مؤثرة وحزينة، القيت كلمات التعزية والمواساة والإشادة، ومنها رسالة الرفاق في المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، وكلمة منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد، وكلمة رابطة الأنصار الشيوعيين في الدنمارك، والتي نقلت التعازي والمواساة والتضامن مع أهل وعائلة ورفاق وأصدقاء الرفيق أبو عليوي، مشيدة بالصفات الشيوعية والإنسانية والمبدأية للرفيق، ومحطات نضاله المختلفة في الوطن، وسنوات كفاحه في صفوف الأنصار الشيوعيين في كوردستان العراق، وكلمة العائلة ( اخلاص وفؤاد)، التي وقفت معه في احلك الظروف وحملت همومه وألامه بصبر وخلق نبيلين، ولم تفارقه لحظة حتى لحظات رحيله، وقد تضمنت الكلمة مشاعر وداع حزينة مشيدة بالرفيق ابو عليوي الذي كرس حياته من اجل شعبه ووطنه شاكرة الحضور جميعا معزية عائلة الفقيد، شاكرة الحضور جميعا ومعزية عائلة الفقيد.
بعد ان اكتملت مراسيم الدفن دعي الحضور المعزين الى الجمعية الثقافية لتناول وجبة غداء، بعد ذلك اقيم  مجلس عزاء  للرفيق الفقيد، حيث استذكر رفاق المناضل ابوعليوي ما يحملونه من ذكريات تشيد جميعا بمواقفه وصلابته وثباته على المواقف الشيوعية والوطنية.


22

نعي
 
تنعي منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد
رفيقها المناضل الوطني والكادر الشيوعي العمالي
عبد الحسن أحمد بشير ( أبو عليوي )
الذي فارقنا هذا اليوم الخميس 26 آب 2021، في مدينة مالمو في السويد،
جراء أزمة صحية..
نودعك أيها الرفيق العزيز ( أبو عليوي ) وفي القلب غصة وألم وحزن..
نودعك ونحن نفارق مناضلاً وإنسانا نقي الروح والسيرة، وشيوعياً باسلا ونبيلا،
ظل ولسنوات طويلة، وفياً ومخلصاً لمبادئ الوطنية وحب الشعب والوطن،
ولم تضعف شكيمة عزمه سجون الطغاة وجورهم، وظروف الأنصار الصعبة،
وأوجاع المنافي بعيداً عن الوطن والأحبة والأهل ..
المواساة والعزاء لعائلة وأهل ورفاق وأصدقاء رفيقنا الفقيد .
الرحمة والذكر الطيب والمجد لك أبو عليوي، ولتسكن روحك في سلام....
منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد
26 آب 2021




23

أحزاب ومنظمات مجتمع مدني في السويد تدين الاعتداء الآثم على مقر الشيوعي في النجف
استهدفت قوى الظلام ، وللمرة الثانية، فجر يوم الأحد 22 آب 2021، مقر الحزب الشيوعي العراقي  في النجف، لا يسعنا الا ادانة هذا الأعتداء الآثم، وان مرتكبي هذه الجريمة الجبانة، يهدفون وهم واهمين الى بث الرعب او الخوف في قلوب الشيوعيين المناضلين من اجل وطن حر وشعب سعيد، ومن اجل التغيير وبناء الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق العدالة الأجتماعية.
ونطالب السلطات المحلية والأتحادية بالكشف عن الجناة وتقديمهم الى العدالة، فأن التهاون والتقاعس في محاربة قوى اللادولة، والفشل في حصر السلاح المنفلت بيد الدولة، سيعمق الفوضى ويأخذ البلاد الى الخراب، والى ما لا تحمد عقباه، ونود التذكير ان من اهم واجبات الحكومة حماية المواطنين بشكل عام، ومقرات الأحزاب بشكل خاص.
وثقتنا كبيرة ان هذه الأعتداءات الغاشمة لن تثني الشيوعيين العراقيين عن نضالهم ضد قوى الفساد والمحاصصة والجريمة المنظمة وكافة اشكال النهب لقوت الشعب العراقي وموارد الدولة.
كل التضامن مع الرفيقات والرفاق في منظمة الحزب الشيوعي العراقي في النجف
كل التضامن مع الحزب الشيوعي العراقي

الأحزاب  ومنظمات المجتمع المدني الموقعة
24 آب 2021

1 ـ حزب الشعب الفلسطيني / السويد
2 ـ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين / السويد
3 ـ الحزب الشيوعي السوري الموحد / السويد
4 ـ الحزب الشيوعي السوداني / السويد
5 ـ المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري / مكتب السويد
6 ـ الجبهة الفيلية / فرع اوربا
7 ـ منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد
8 ـ منظمة الحزب الشيوعي الكردستاني في السويد
9 ـ حزب بيت نهرين الديمقراطي  / فرع اوربا
10 ـ  الحركة الديمقراطية الآشورية/ محلية السويد
11 ـ الإتحاد الديمقراطي الكوردي الفيلي
12 ـ تنسيقية التيار الديمقراطي في ستوكهولم
13 ـ اتحاد الجمعيات المندائية  في دول  المهجر
14 ـ الإتحاد الديمقراطي للجمعيات العراقية في السويد
15 ـ رابطة المرأة العراقية فرع السويد/ ستوكهولم
16 ـ  جمعية المرأة العراقية في ستوكهولم
17 ـ جمعية المرأة الكردستانية في السويد
18 ـ جمعية المرأة المندائية في ستوكهولم
19 ـ نادي 14 تموز الديمقراطي العراقي في ستوكهولم
20 ـ رابطة الأنصار الديمقراطيين فرع  ستوكهولم وشمال السويد
21 ـ جمعية فنانون من اجل السلام  السويدية
22 ـ الجمعية المندائية في ستوكهولم 
23 ـ اتحاد الكتاب العراقيين في السويد
24 ـ رابطة المرأة العراقية في جنوب السويد
25 ـ منتدى الحوار الثقافي الديمقراطي العراقي في ستوكهولم
26 ـ جمعية بابيلون للثقافة والفنون
27 ـ الرابطة المندائية للثقافة والفنون / فرع السويد
28 ـ رابطة شعب كردستان
29 ـ منظمة تطوير المرأة الكردية
30 ـ جمعية بيت نهرين الاجتماعية
31 ـ الملتقى الثقافي المندائي في ستوكهولم
32 ـ رابطة الديمقراطيين العراقيين في ستوكهولم
33 ـ حركة العمال النقابية الديمقراطية في ستوكهولم / السويد
34 ـ جمعية زيوا المندائية في سيدرتاليا
35 ـ فرقة ينابيع للأغنية / مالمو 
36 ـ فرقة مسرح الصداقة في ستوكهولم
37 ـ  لجنة اللاجئين العراقيين في ستوكهولم
38 ـ الجمعية الثقافية العراقية في مالمو
39 ـ البرلمان الكردي الفيلي
40 ـ رابطة الديمقراطيين العراقيين في جنوب السويد
41 ـ فرقة ينابيع االمسرحية
42 ـ تنسيقية التيار الديمقراطي في جنوب السويد
43 ـ الجمعية الثقافية المندائية في لوند
44 ـ الهيئة التضامنية العراقية في يتبوري / السويد
45 ـ مجموعة دعم الإنتفاضة العراقية
46 ـ البيت الثقافي العراقي في يتبوري
47 ـ جمعية المرأة العراقية في يتبوري
48 ـ رابطة المرأة العراقية في يتبوري
49 ـ جمعية تموز في السويد
50 ـ جمعية الأنصار الشيوعيين في يتبوري
51 ـ  تنسيقية التيار الديمقراطي في غرب السويد
52 ـ جمعية المرأة الفيلية في يتبوري
53 ـ النادي الثقافي الاجتماعي العراقي في يتبوري
54 ـ لجنة الدفاع عن الكورد  الفيليين  / يتبوري
55 ـ الجمعية العربية النسائية في ترولهتان
56 ـ الجمعية الثقافية في ترولهتان
57 ـ تنسيقية التيار الديمقراطي في لينشوبنك
58 ـ الجمعية الثقافية في بوروس
59 ـ الجمعية العراقية في لينشوبنك








24

في السويد .. صدى موقف الحزب من الانتخابات
عبر آراء شخصيات ثقافية وسياسية

 الاستفتاء الداخلي الذي أجراه الحزب الشيوعي العراقي وسط تنظيماته بخصوص الموقف اللاحق من الانتخابات، والذي حسم بعدم المشاركة فيها ومقاطعتها، ومن ثم الاعلان الرسمي عن ذلك في المؤتمر الصحفي الذي عقد في بغداد والذي أعلن من خلاله الموقف الرسمي للحزب عبر بيان اللجنة المركزية،لاقى صدى واسعا وكبيرا وسط رفاق منظمة الحزب والأصدقاء في السويد، بين مؤيد ومتفهم ومساند للقرار، وبين من احتفظ بدواعي الاعتزاز بالحزب ومواقفه، بوجهة نظره وملاحظاته الشخصية المحترمة..
طريق الشعب استطلعت عدد من الشخصيات الثقافية والأكاديمية والسياسية وفي مدن سويدية مختلفة، بخصوص انطباعاتهم والصدى الذي تركه موقف الحزب في أوساطهم ...
الأستاذ القاضي زهير كاظم عبود، يرى :
في ظل أوضاع يكاد ان يضمحل دور السلطة امام تسلط وسطوة الجماعات المسلحة٫ وأمام تجربة عمليات التزوير والتدليس وحرق صناديق الانتخاب في عمليات الانتخابات السابقة ٫ مع وجود مفوضية متخصصة بعملية الاشراف على الانتخاب اتسمت بتابعيتها الى أحزاب معينة اتهمت بانحيازها ومواقفها لصالح تلك الأحزاب والجماعات ٫ وأمام ما خلفته الحرب على ( داعش ) من مأساة إنسانية واقتصادية ٫ وبقاء الالاف من العراقيين قيد الإقامة في مخيمات خارج المدن لم تحل قضاياهم حتى اليوم ٫ مع تدني أوضاع اقتصادية مزرية ٫ وارتكاب جرائم قتل المتظاهرين واغتيال الناشطين في مجال حقوق الانسان دون ان يتوقف نزيف الدم او يتم تقديم الجناة الى العدالة ٫وبغياب ذلك لا يمكن ان يكون هناك معيار يحكم على الانتخابات بالنزاهة والشفافية ٫ وفي حال تم اجراء مثل هذه الانتخابات لن يكون لها اي معنى حقيقي لتجسيد حالة الاختيار الشعبي والوطني من بين الأحزاب والشخصيات الوطنية حتي يمكن ان يكون للعراقي ممثل في السلطة التشريعية يستوعب مكانه التشريعي ويعرف الحاجة الماسة للقوانين والاتفاقيات الدولية وما تعنيه مظاهر السيادة والاستقلال ومصالح الشعب العراقي ونظامه الديمقراطي وصيانة الحريات العامة والخاصة .
الدكتور رياض البلداوي، عبر عن موقفه بتغريدة تضمنت :
مقاطعة الحزب الشيوعي العراقي للانتخابات القادمة يمكن ان تفسر على انها تراجع لقوى اليسار السياسي ولكنها في الحقيقة الدليل النهائي لفشل العملية السياسية في عراق مابعد 2003 وصرخة ضد الفساد عسى ان توقظ من لهم بقية ضمير، وقد تكون ايضا تذكيرا جديدا بحقوق ثوار تشرين والكشف عن قتلة شهدائهم .
الأستاذ مؤيد عبد الستار، عبر عن رأيه كالتالي :
لما تعذر على القوى الديمقراطية الحصول على فرص متكافئة في المشاركة الفعالة في العملية السياسية من خلال انتخابات عادلة ونزيهة بعيدا عن هيمنة سلاح الميليشيات وسلطة المال السياسي وتفشي التزوير على كافة الأصعدة لذلك لا مفر من التخلي عن هذه الالية الديمقراطية : الانتخابات ، ومقاطعتها لأنها اصبحت عديمة الجدوى بل اصبح ضررها كبيرا من خلال منحها الشرعية للأحزاب التي لا تستحق الفوز والتي تحقق مآربها بطرق لا شرعية.

الدكتور عقيل الناصري، يختلف قليلا مع زملائه  ويرى :

الاستفتاء كان صحيحا، ولمعرفة التوجهات الجماهيرية والقاعدة الحزبية.. لكن الموضوع يكمن في صلب التساؤل . ولهذا يحدد صيغة السؤال بالتعليق أو عدمه؟؟ ولهذا أسأل كيف تريدون إجراء التغيير المناسب، والحزب غير مساهم في العملية الانتخابية. هذا لغز محير، وان التجربة الانتخابية  غير ممكنة منذ بداية عهد الملكية والى اليوم.التزوير مع السلاح المنفلت والمال السياسي وشراء الذمم كلها سوف تستمر إلى ان يعي الشعب العراقي مصيره . والبيئة الملائمة المثالية غير ممكنة التحقيق. ولهذا أنا ضد المقاطعة.
الفنان المسرحي نضال فارس، يرى :
مشاركة في الانتخابات القادمة في العراق هو موقف لشعور الانسان العراقي بالإحباط المتواصل خلال السنين المنصرمة. الاحباط من خلال التزوير العلني الواضح وسيطرة المليشيات بالرشاوى تارة وبالتهديد تارة اخرى. وهذه الانتخابات لا تختلف عن سابقاتها حيث لم يتغير اي شيء، والانسحاب هو الأسلم حتى على الاقل لا يقال انتم شاركتم بالفساد من خلال انتخابكم فاسدين..
الأستاذ سعد دبيس، يعبر عن الموقف كالتالي :
موقف الحزب من عدم المشاركة بالانتخابات هو موقف جرئ وشجاع وخطوة بالاتجاه الصحيح, والحزب كان مدركا  لأهمية عدم المشاركة وهو اول القوى الوطنية الذي يلتمس الخطر. وكان الاستفتاء موقفا ايجابيا من الحزب حول معرفة رأي القاعدة الحزبية في المشاركة او عدمها.
ويقول المهندس حليم رحيم فنجان :
انا مع  عدم مشاركة الحزب بالانتخابات القادمة وأعتبرها خطوة ايجابية للحزب .
الأستاذ حسين علي فليح، له رأيه في الموقف، وقد عبر عنه كالتالي :
انا اعرف الكاظمي بشكل قريب وهو جاء من اجل تحقيق انتخابات حرة ونزيهة ولكن عليه ضغوطات كبيرة، واعتقد بدلا من عدم المشاركة بالانتخابات، كان لابد من تفعيل التيار الديمقراطي. في عدم مشاركتنا بالانتخابات سوف تكون الساحة للمالكي وغيره. رغم الاستفتاء الذي قام به الحزب اعتقد عدم المشاركة خطأ كبير.
الأستاذ فوزي صبار، يعبر عن تطلعه في أن لا تكون القوى اليسارية بعيدة عن الانجازات المستقبلية :
في ظل هذا الجو السياسي المعتم، لا يمكن تبيان الأسس الصحيحة لنجاح العملية الانتخابية وتخدم تطلعات الشعب، فتكون المشاركة فيها عبثية وغير مجدية، وفي نفس الوقت على القوى اليسارية أن لا تكون بعيدة عن أي انجازات مستقبلية تصلح من هذه الأوضاع الغير صحية، لتكون في تعضيدها وإسنادها، وهو ما يتماشى مع سياسة الحزب منذ تأسيسه والى الآن.. أتفق مع القرار الذي اتخذه الحزب الشيوعي العراقي في عدم المشاركة للأسباب أعلاه.
يواصل الأستاذ مؤيد عبد الستار، حديثه، ومخاوفه مستقبلا :
لكن هذه المقاطعة ستؤلب الاحزاب الاسلامية  وتشن هجمات عدوانية على القوى الديمقراطية وتحاول اتهامها بشتى التهم. لذلك على القوى الوطنية اتخاذ الاجراءات الاحترازية وتنشيط الدور الرقابي لمنظمات الدفاع عن حقوق الانسان ولجان البرلمان الرقابية والاستعانة بمنظمة الامم المتحدة في دعم الانتخابات النزيهة . 
وعن خطوة مقاطعة الانتخابات والرأي منها، يواصل الأستاذ القاضي زهير كاظم عبود حديثه :
 أجد ان مقاطعة الانتخابات والدعوة الى ضرورة إقامة دولة المجتمع المدني الديمقراطي تلبية ليس لقرار حزب او تيار او شخصية انما يأتي تلبية لرأي الشارع والمصلحة الوطنية، ويشكل خطوة جادة بغية التفكير مليا في حالة التدهور والنكوص والتراجع الذي اصبحنا بما عليه اليوم٫ ولحين القضاء على بؤر الفساد وسرقة المال العام، ولحين قدرة السلطة التصدي للقتلة والخاطفين والعابثين بأمن العراق ٫ ولحين ان تكون لنا سيادة وكرامة ولا وجود لمظاهر مسلحة لأية دولة اجنبية على ارض العراق٫ وان لا تكون اية مجموعة مسلحة خارج نطاق القوات المسلحة العراقية٫ ولحين ان تنتهي كل مظاهر الطائفية والخراب الاقتصادي ونهب ثروات العراقيين وتوفير الخدمات الأساسية التي توفر الكرامة والخبز والعمل للعراقي فان انسحاب أي جهة من أحزاب وتجمعات وشخصيات عراقية من هذه الانتخابات موقفا حكيما ويشكل الفات نظر لحجم المأساة التي يعيشها العراقي .
   




25
أدب / أفاعي
« في: 10:13 21/07/2021  »
أفاعي
نجم خطاوي

من جحور مظلمة
الأفاعي تمد الرؤوس
في أرجاء المشهد
رائحة سم صفراء
ليس بعيداً عن فحيح المزامير
جوقة ذئاب وطبول
وعنكبوت تنتظر الوثوب .
صوب لذة المغامرة
وطقوس الحرب
سيعود ثانية
جنرال الحرب الأشيب
اللعبة تستهويه ..
في الليل
جهز عربات القطار
دمنا سيكون الوقود ...
وعدي لسيقان الحنطة
لموجاتك دجلة
لشمس البلاد
في اختلاط الرايات
وازدهار الأقنعة
لن أخدع للمرة الألف ...
الأوباش الأجلاف
تعلموا مكر الجراد
في عتم العتمة
شدوا الأحزمة
وبإتقان ودراية أوغاد
صاروا يلوحون بالحرب .
من البعيد
لاحت خناجرهم القديمة
 جاهزة مشحوذة .
سأحضن عشب الحديقة
أسوره بقميص القلب .
سأحمي ورد الساحة باليقظة
متراسي وجعي المزمن
رماحي حسرات الآباء
اولئك الذين غيبهم الكمد
في استذكار حفر المقابر
وعظام الأبناء ...
شجرات الصفصاف
ستحفظ بالتأكيد
وصايا العاشق
وأنا عاشقها الأزلي
المتيم بالخضرة والزهو
سأقطع كفي
إن مضت لمصافحة
وسأبتر قدمي
إن مشت يوما
في قافلة
تتبع خطواتهم
سأرميها دون ندم
طعاما لغربان الفلوات
وسوف لن تكون لي حاجة
لأذنين خاملتين
صامتتين دون مبالاة
لمارشات حروبهم الجنائزية
وتاريخهم الأسود ...
وسأظل طوال المساء
محدثا أولادي
عن بلاد حزينة
مطفئة أقمارها
عن زمن العصابة
عن الفواجع والألم
عن نساء قوشتبه المغيبات
عن زمن الأنفال والحروب
عن حزن القرى
وقبور الشيوعيين الضائعة
عن عويل الأمهات
وقد غاب الأبناء
دون وداع ولا وصايا
...
فيرملاند..الأحد ١٨ تموز ٢٠٢١



26
في السويد...الشيوعيون وأصدقاؤهم يستذكرون ثورة 14 تموز المجيدة

مساء الجمعة 16 تموز 2021، وعبر منصة برنامج الزوم في مواقع التواصل الاجتماعي، وبحضور جمهور كبير متنوع من الرفاق واصدقاء الحزب، من السويد والوطن وباقي البلدان، أحيت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد، أمسية احتفائية استذكارية بمناسبة الذكرى 63 لقيام ثورة 14 تموز المجيدة في 1958..
تضمن برنامج الإحتفاء فقرات سياسية وفنية وثقافية متنوعة، ابتدأها الرفيق بهجت ناجي الذي أدار الأمسية، مرحباً بالحضور والمساهمين، داعيا الجميع للوقوف صمتاً واستذكاراً لشهداء الحزب وشهداء ثورة 14 تموز والشهداء الذين غادرونا في فاجعة مستشفى الناصرية.
بعد الاستماع للنشيد الوطني العراقي، تلي نص بيان الثورة الذي أذيع صبيحة 14 تموز 1958، ثم استمع الحضور لنغمات واحدة من أغاني الثورة بصوت الفنانة فايدة كامل. كلمة منظمة الحزب في السويد قدمها الرفيق سامي سلطان مستعرضاً مسيرة الثورة والدروس التي يمكن استلهامها اليوم من مأثرتها.
الزميلة الدكتورة نوال الطائي قدمت كلمة في المناسبة باسم تنسيقيات التيار الديمقراطي في السويد، استعرضت فيها محطات مهمة من تاريخ الثورة ومنجزاتها والتغيير الذي أحدثته..
الرفيق تركي المالكي (أبو جلال) استذكر مع الحضور صوراً مشرقة من سفر ثورة 14 تموز والأثر الذي تركته في حياة العراق والعراقيين، وما تعرضت له الثورة، وما تتعرض له هذه الأيام، من سهام واتهامات من اجل تشويه صورتها وانجازاتها وتاريخها المشهود...
الشعر كان حاضراً في الامسية عبر مساهمات الشعراء، وفاء الربيعي- ألمانيا، مديح الصادق- كندا، حميد الموسوي- السويد، حيث قرأوا نصوصا شعرية جميلة تغنت بالوطن والانتفاضة، ونالت استحسان الحضور..
ومع نغمات الموسيقى والعود والإنشاد والأغاني الوطنية والعاطفية، التي تغنت بأمجاد ثورة تموز وبنضالات الشيوعيين والوطنيين، وبملحمة انتفاضة تشرين الباسلة، استمع الحضور لفقرات متميزة قدمها الفنان ستار الساعدي- هولندا، الفنان حيدر تقي- فنلندا، فرقة ينابيع العراق الغنائية.
في ختام الأمسية توادع الحاضرون، مع كلمات الشكر والتثمين والإشادة، بالفقرات المتنوعة التي قدمت، وبالرفاق في منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد، لمثابرتهم المتواصلة في استذكار المناسبات الوطنية وإحيائها...

27
وقفة تضامن مع حملة
وقف الإفلات من العقاب
....
يوم الأحد المصادف ١٨ تموز ٢٠٢١ ووسط مدينة يوتوبوري وبالتضامن مع الحملة العالمية لانهاء العنف التي جرت في بلدان ومدن عديدة خارج الوطن، وأيضا في مدن عراقية مختلفة، وبدعوة من هيئة التضامن في مدينة يوتوبوري السويدية، احتشد العشرات من الناشطين المدنيين في وقفة تضامنية مع حقوق ومطالب الشعب العراقي الحقة في محاكمة كل الأفراد والجماعات الذين يقترفوا الجرائم بحق الناشطين والمنتفضين ورجال الصحافة والاعلام، ومن أجل دولة يسود فيها القانون والعدل..وقد رفع المحتشدون العديد من الشعارات والبوسترات التضامنية والمنظمة بالعنف والجرائم السياسية..
في مكان التجمع نظمت حملة لجمع تواقيع المتضامنين ...

28
أوقفوا الأستهتار بأرواح الناس
صدم أهالي الناصرية اليوم 13 تموز 2021 بكارثة حريق مركز النقاء الخاص بعزل مرضى الكورونا، والملحق بمستشفى الحسين التعليمي في الناصرية، ولم تمض شهور معدودات على كارثة مستشفى ابن الخطيب في بغداد، وتحصل هذه الكارثة لنفس الأسباب وهو الإهمال وسوء الاستخدام لقناني الغاز.
إن الحدث المأساوي الحاصل اليوم والذي راح ضحيته العشرات من مرضى وباء الكورونا، حصيلة طبيعية للتدهور السياسي في البلاد والأزمات المتنوعة المتفاقمة في ظل نظام المحاصصة والطائفية السياسية، وهو دليل الأستهتار بأرواح الناس.
باسم الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني الموقعة على هذا البيان نعلن تضامننا مع أسر الضحايا ونعبر عن عميق حزننا، ونطالب الجهات المعنية بوجوب المحاسبة الحازمة للمقصرين ونيل جزائهم العادل.

الرحمة للضحايا
الشفاء العاجل للمصابين
الصبر والسلوان لذويهم ومحبيهم

14 تموز 2021
الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني الموقعة:
1 ـ  الحركة الديمقراطية الآشورية/ محلية السويد
2 ـ حزب بيت نهرين الديمقراطي  / فرع اوربا
3 ـ الإتحاد الديمقراطي الكوردي الفيلي
4 ـ المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري / مكتب السويد
5 ـ حزب الجبهة الفيلية فرع  اوربا
6 ـ منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد
7 ـ منظمة الحزب الشيوعي الكردستاني في السويد
8 ـ تنسيقية التيار الديمقراطي في ستوكهولم
9 ـ اتحاد الجمعيات المندائية  في دول  المهجر
10 ـ الإتحاد الديمقراطي للجمعيات العراقية في السويد
11 ـ رابطة المرأة العراقية فرع السويد/ ستوكهولم
12 ـ  جمعية المرأة العراقية في ستوكهولم
13 ـ جمعية المرأة الكردستانية في السويد
14 ـ جمعية المرأة المندائية في ستوكهولم
15 ـ نادي 14 تموز الديمقراطي العراقي في ستوكهولم
16 ـ رابطة الأنصار الديمقراطيين فرع  ستوكهولم وشمال السويد
17 ـ جمعية فنانون من اجل السلام  السويدية
18 ـ الجمعية المندائية في ستوكهولم 
19 ـ اتحاد الكتاب العراقيين في السويد
20 ـ رابطة المرأة العراقية في جنوب السويد
21 ـ منتدى الحوار الثقافي الديمقراطي العراقي في ستوكهولم
22 ـ جمعية بابيلون للثقافة والفنون
23 ـ الرابطة المندائية للثقافة والفنون / فرع السويد
24 ـ رابطة شعب كردستان
25 ـ منظمة تطوير المرأة الكردية
26 ـ جمعية بيت نهرين الاجتماعية
27 ـ الملتقى الثقافي المندائي في ستوكهولم
28 ـ رابطة الديمقراطيين العراقيين في ستوكهولم
29 ـ حركة العمال النقابية الديمقراطية في ستوكهولم / السويد
30 ـ جمعية زيوا المندائية في سيدرتاليا
31 ـ فرقة ينابيع للأغنية / مالمو 
32 ـ فرقة مسرح الصداقة في ستوكهولم
33 ـ  لجنة اللاجئين العراقيين في ستوكهولم
34 ـ الجمعية الثقافية العراقية في مالمو
35 ـ البرلمان الكردي الفيلي
36 ـ رابطة الديمقراطيين العراقيين في جنوب السويد
37 ـ فرقة ينابيع االمسرحية
39 ـ تنسيقية التيار الديمقراطي في جنوب السويد
40 ـ الجمعية الثقافية المندائية في لوند
41 ـ الهيئة التضامنية العراقية في يتبوري / السويد
42 ـ مجموعة دعم الإنتفاضة العراقية
43 ـ البيت الثقافي العراقي في يتبوري
44 ـ جمعية المرأة العراقية في يتبوري
45 ـ رابطة المرأة العراقية في يتبوري
46 ـ جمعية تموز في السويد
47 ـ جمعية الأنصار الشيوعيين في يتبوري
48 ـ  تنسيقية التيار الديمقراطي في غرب السويد
49 ـ جمعية المرأة الفيلية في يتبوري
50 ـ النادي الثقافي الاجتماعي العراقي في يتبوري
51 ـ لجنة الدفاع عن الكورد  الفيليين  / يتبوري
52 ـ الجمعية العربية النسائية في ترولهتان
53 ـ الجمعية الثقافية في ترولهتان
54 ـ تنسيقية التيار الديمقراطي في لينشوبنك
55 ـ الجمعية الثقافية في بوروس
56 ـ الجمعية العراقية في لينشوبنك



29
المشاركة الواسعة في الانتخابات
أمضى طريق
لمقاطعة الفساد قوى والمحاصصة

نجم خطاوي

مع مرور الزمن وتكشف الحقائق وتجذر الأزمات، صار لا يختلف إثنان، على المسؤولية التي تتحملها أحزاب الطائفية والمحاصصة في العراق، وبأشكالها القومية والدينية والمذهبية، في كل الذي جرى ويجري من ويلات وأزمات وكوارث، في وطن تكمن فيه كل المقومات والإمكانيات ليكون وطنا آخر غير الذي هو عليه اليوم وسط الخراب والفوضى ...
في استقراء أشكال تكون أحزاب العراق السياسية، يلحظ المتابع إلى إستناد أغلبها تقريبا إلى القومية بشقيها العربي والكوردي، والتركماني إلى حد ما، وإلى الدين متمثلا بالإسلام والمسيحية، والأديان الأخرى، وإلى المذهب، بشقيه المعروفين الشيعة والسنة، وأيضا إلى العرق والأثنية.
 ومع هذه الجبهة تصطف أيضا القوى والأحزاب العشائرية والمناطقية .
وضمن هذا المشهد السياسي، يكاد الحزب الشيوعي العراقي وعبر تاريخه النضالي الممتد لأكثر من ٨٧ عاما، هو الحزب الأكثر تميزا ووضوحا في مواقفه وشكل تمثيله السياسي، وعبر برنامجه ونظامه الداخلي وتوجهاته، والتي تستند كلها إلى حقيقة تمثيله الطبقي لمصالح العمال والفلاحين ولشغيلة العمل والفكر، أي بكونه حزبا يمثل مصالح طبقية محددة...
في صف جبهة الشيوعيين تقف مجموعة من القوى والأحزاب والمنظمات المدنية والوطنية التي تستند في برامجها وسياساتها الى الهم الوطني خلافا للتسميات الأخرى .
في أربعينيات القرن الماضي شهد العراق نشاطا ملحوظا وتأسيساً لعدد من الأحزاب السياسية التي جاهرت بتمثيلها لمصالح الفئات البرجوازية الصغيرة والوسطى، وللتجار والملاكين، لكنها وبسبب الظروف المتشابكة والمختلفة لم تستطع مواصلة العمل، وظلت امتداداتها حاضرة حتى اليوم، ولكنها ليست بالقدرة والفعالية والتأثير.
في العراق اليوم هناك قانون ينظم عمل الأحزاب، ويفترض به أن يكون فاعلا وحقيقيا ومتابعا لعمل ونشاط وتكوين وتمويل جميع الأحزاب، ولكن الحقيقة تقول غير ذلك، في الركن المتعمد لهذا القانون وتنحيته جانبا وبقصد وإصرار، خصوصا مع بروز سلطة السلاح خارج سيطرة الدولة، والاستخدام المتزايد للمال السياسي، والتبعية المكشوفة للقوى الإقليمية، وبالذات دول الجوار، وبالضد من وطنية القرار العراقي .
ورغم المآل الكثيرة على نواقص وثغرات هذا القانون، فهو من الناحية العملية يظل مرجعا قانونيا وحيدا، تستند إليه الأحزاب والقوى السياسية العراقية، والذي يمنحها على الأقل شرعية الحركة والنشاط ووفق أطر قانونية...
المصيبة المريرة في العراق، تكمن في الأعداد الكبيرة من الأحزاب السياسية المسجلة رسميا ضمن قانون الأحزاب، والتي تجاوز عددها إلى ٣٠٠ حزبا ومنظمة، خصوصا في ظل حال سهولة تسجيل الأحزاب وضعف التدقيق والمراقبة للأسباب الموجبة لتشكيلها ومصادرها المالية .
من الواضح جدا أن مجموعة محددة من سياسي وقادة ومتنفذي عدد من أحزاب المحاصصة والفساد، يتحملون وزر ما أصاب البلد من خراب وتخلف، ومعهم العشرات من هم على شاكلتهم من الأحزاب والمنظمات المسجلة رسميا، والتي تشكلت كواجهة وامتداد لهم...
وعلى امتداد ١٨ عاما تقريبا، كان الصراع ضاريا ومحتدما بين القوى المدنية والوطنية والديمقراطية، وكل أبناء الشعب الطامحين لدولة المواطنة بعيدا عن التشظي والمسميات الأخرى، وبين قوى الشر المتشبثة بعنكبوت الطائفية والمحاصصة وتعدد الولاءات والتسميات...
 وكانت الصورة أكثر وضوحا وسطوعا مع ما أفرزته انتفاضة تشرين الباسلة من نتائج وحقائق مذهلة وصادمة، وهي تشير دون رتوش لمن تسبب في مصائبنا، راسمة الطريق الأمضى في مستقبل العراق المدني في ظل دولة المواطنة والحرية والقرار الوطني، وبأفقها العادل والمنصف اجتماعيا...
ولعل الأبرز في المشهد هو إنصياع قوى السلطة وتنازلها عن الحكم مرغمة، وعن تشريع قانون انتخابات جديد، جاهدوا لأن يكون وفق مقاساتهم، وعن المضي مع المطلب الشعبي الصارخ في انتخابات مبكرة نزيهة وعادلة ..
لقد تمخض الصراع داخل الحركة التشرينية إلى فرز اتجاهات أربع، حيث اصطف الاتجاه الأول مع الأحزاب الطائفية وأحزاب السلطة، سواء من خلال تكوين واجهات جديدة بدعمها، أو من خلال الانخراط معها في قوائمها.
 الاتجاه الثاني انضم الى الكاظمي وحكومته وكأفراد أو مجموعات وواجهات، وهو الاتجاه الأقرب الى المشروع الأمريكي ومواقفه اتجاه ايران.
أما الاتجاه الأخر فهو البعث والجماعات المتطرفة، والذي يستمر في مطالبات تشكيل حكومة طوارئ وإسقاط العملية السياسية، والدعوة الخجولة للانقلابات وعودة جنرالات فدائيي صدام، ونسف الفيدرالية والنظام البرلماني، وغيرها..
ويبقى الاتجاه الرابع هو الأقرب إلى  نبض الشارع العراقي والوطني في توجهاته، والذي يضم كثيرا من المجموعات والأفراد من الشبيبة التشرينيين الذين استخلصوا دروسا بليغة من الانتفاضة، وأولها خطأ ولا جدوى شعار كلا كلا للأحزاب وتخوين الجميع، حيث استدركوا لاحقاً أن الحزب الشيوعي العراقي والقوى المدنية حليف استراتيجي لهم، ومن المهم التنسيق المشترك الضامن لتحقيق المطالب الحقيقية للانتفاضة.
 لقد تبلور هذا الاتجاه عبر تكوين عدد من الكيانات الشبابية وعدد من الرموز المستقلة، ولهم حضورهم الفعلي في ساحة العمل الانتفاضي والمعارض..
 ويبقى استمرار التأكيد على مشروعية المطالب والأهداف الوطنية للحراك الجماهيري التشريني، قضية وطنية وآنية في الظروف الحالية، خصوصاً وأن العوامل التي فجرت الحراك كانت تراكمية وطبقية وموضوعية، وهي مستمرة في التأثير اليوم رغم تبدل أشكال وصور التعبير، والتي ترتبط بتغيير الظروف والمهمات..
إن ما تحقق من مطالب الانتفاضة والحراك يبقى بسيط جداً، وبعضه قد رضخت السلطة لتحقيقه بشكل متحايل ويخدم دوام المحاصصة وبقاء الأحزاب الطائفية، كقانون الانتخابات مثلا، ولذلك فأن الظروف الموضوعية لأشكال جديدة من الحراك لازالت قائمة وواقعية .
 استمرار الحزب الشيوعي العراقي في مواقفه المبدئية المشاركة والداعمة للحراك، سوية مع مواقف القوى المدنية والوطنية والشخصيات المدنية الديمقراطية المستقلة، يشكل ضمانة لدوام الحراك، وعبر توحيد جهود الجبهة المدنية الديمقراطية، واتفاقها بأشكال معينة في طريقة مخاطبة الشعب وبشكل اتفاقي وتنسيقي، والاستعداد في تبني المطالب، وتحمل المسؤولية كبديل وطني، مع بذل الجهود في أهمية أن يتمحور مسعى وجهد الحراك راهناً، حول موضوع المواقف الوطنية وأهمية توفير أجواء صحيحة وبيئة انتخابية ضامنة لانتخابات نزيهة، وبأطر سلمية وشعارات واضحة بعيدة عن المحلية والفئوية..
في الموقف من العملية السياسية كانت مواقف الحزب الشيوعي العراقي واضحة وتربط  دائما في امكانية تغيير العملية السياسية وطرح البدائل لذلك، وأن الاشتراك في الوزارات أو غيرها لا يعني التزكية لمواقف القوى الأخرى، بل منطلقاً من أجل التغيير..
وهنا يمكن الاستشهاد حول موقف الرفيقين النائبين رائد فهمي وهيفاء الأمين، والذي هو موقف الحزب أولا، بمغادرة الموقع البرلماني، في حال تعارض ذلك مع المطالب الوطنية.
  إن الحساسية من التنسيق والتعاون مع الحزب الشيوعي، سيكون في فائدة اضعاف الجهد المدني والوطني، وهو ما تسعى اليه القوى الطائفية والإقليمية والبعث، من أجل اضعاف جبهة المدنيين وتحالفاتهم المستقبلية.
هناك فرق شاسع بين مواقف الشيوعيين العراقيين، في اعتبار الانتخابات شكلا من أشكال الديمقراطية، التي ناضل الشعب طويلا لتجسيدها، وبين من يريدها وسيلة لتكريس الاستحواذ والمحاصصة واستمرار التحكم بمصائر الوطن والشعب.
وفي هذه الوجهة تبرز أهمية الخطاب الاعلامي الشيوعي والمدني والديمقراطي، الداعي لاستمرار الضغط الشعبي في الفترة التي تسبق الانتخابات، من أجل التوعية والوضوح، وإمكانية انتزاع بعض التنازل من العدو الطبقي، أو على الأقل ايقاف مسلسل مصادرة الحريات وجرائم القتل، والشروع في التزوير المفضوح قبل انطلاق الانتخابات، مع أهمية التعبئة حول أهمية أن تكون المواقف بشأن الانتخابات ذات بعد شعبي، وأن اكتسابها القوة والمصداقية يعتمد بحدود بعيدة الى نسبة وتأثير القوى المشاركة فيها..
المواقف والخطط السياسية الطامحة للتغيير المدني، يفترض اسنادها ودعمها بالحجج الواقعية والتي ستكون مقنعة شعبياً، في حال استنادها الى الأسباب الداعية لهذا الموقف أو ذاك، ومكامن الخطأ والضرر في السياسة المراد تغييرها، مع دوام الاستشهاد بتجارب فشل سياسات قوى المحاصصة والنفوذ، وتجارب الانتخابات السابقة وما شابها من مصائب وكوارث.
الموقف الوطني يدعونا اليوم إلى الابتعاد عن الخطاب الداعي لأسهل الحلول والداعي الى العدمية والسلبية ومقاطعة الانتخابات والجلوس في البيوت، مع دوام التعبئة باتجاه الموقف الوطني المسؤول والواعي، وبغض النظر في حال الاشتراك في الانتخابات من عدمه، والذي يتمحور حول الفعل التغييري والبديل الوطني الشعبي القادر على انقاذ البلاد من جهنم المحاصصة وصوب دولة المواطنة المدنية الديمقراطية بأفق العدالة الاجتماعية.
ومن الأهمية التركيز على امكانية انتزاع وتحقيق المكاسب الوطنية، في حال تقارب وتنسيق وتعاون القوى المدنية والديمقراطية واليسارية وكل قوى ومنظمات المجتمع المدني من نقابات ومنظمات اجتماعية وشبابية ومنظمات نسوية، وطلبة، وغيرها.
لقد بات ملحاً اليوم خوض غمار الكفاح الشعبي وفي كل الميادين، من أجل كسر وتغيير التوازن السياسي الحالي المائل باتجاه القوى الطائفية المتحاصصة والذي اكتسب ظاهريا ( شرعيته) عبر جولات الانتخابات، وبعلاتها وظروفها المختلفة..
 ويمكن السعي لهذا الهدف عبر التوعية الدائمة بخطأ ولا جدوى الاصطفافات القومية والدينية والطائفية والمذهبية، والتي كانت الأس لكل كوارثنا وما حل بنا من مصائب، وعبر تشجيع ودعم اي جهد وتوجه لمن يريد مغادرة هذا التوازن والدرب الأعوج، وبشرط الوضوح في المنطلقات والموقف، ولهدف تقوية جبهة الدولة المدنية الديمقراطية البديل لنظام الاستحواذ والمحاصصة والتسلط . .
المنتفضون والحزب الشيوعي العراقي والقوى المدنية والوطنية، تبنوا مطلب الانتخابات المبكرة، دون فصله عن مطالب محاسبة قتلة المتظاهرين وتقديمهم للمحاكمة، وحصر السلاح بيد الدولة فقط، والقيام بخطوات ملموسة لمحاسبة الفاسدين، وقد حظيت هذه المطالب ولازالت بالتأكيد والقبول الشعبي...
في موقفه تعليق مشاركته في الانتخابات القادمة، كان الحزب الشيوعي العراقي، واضحا وصريحا، وعبر التعويل على الجماهير وقدرتها في تفعيل الضغط والمطالبة، من أجل انتزاع ما يمكن انتزاعه من تنازلات من القوى المتحكمة بمصائر البلد سياسيا، والمقررة في البرلمان والحكومة، مع تبصير الناس ونشر الوعي في أوساطهم، في أن قوى المحاصصة والفساد والطائفية لازالت ماضية في تعنتها، مع استمرار سعيها لترتيب ظروف انتخابية ملائمة تضمن لها استمرار سيطرتها بمقدرات البلاد والعباد...في البلدان المتحضرة لا يحتاج المواطن للكثير من الحنكة والدراية، لتشخيص ومعرفة الأحزاب ونواياها، ومن هي الأقرب لمصالحه وتطلعاته، خصوصا حين تكون الأحزاب واضحة في تحديد هويتها ومصالح الطبقة والفئة التي تتبناها وتدافع عنها...
التوازن السياسي يبقى الحاسم والمقرر الأرأس في المعادلة السياسية العراقية.
 وعلى كيفية العمل على تغيير الظروف والبيئة والأسباب التي يستند إليها هذا التوازن، يظل الرهان على قوى الشعب الحية والواعية، وعبر الانخراط ميدانيا في خوض النضال والمقاومة، ولصالح هدف كسب أكبر المؤيدين والداعمين لمشروع التغيير الوطني والديمقراطي المدني لتغيير مسارات التوازن السياسي الحالي ...
الشعارات المطالبة بتوفير بيئة صحية للانتخابات، وتوفير شروطها، هي شعارات واقعية وصحيحة، ولها ستجدها الشعبي، وتبقى هذه الشعارات قائمة وفعلية ومؤثرة، وسيمتد تأثيرها طوال الفترة التي تسبق الانتخابات، وستكون حاضرة مع مواقف الناخبين واختياراتهم، وحتى لاحقا بعد الانتخابات وما يتمخض عنها من نتائج .
الموقف من المشاركة من الانتخابات من عدمه، يبقى في كل الأحوال موقفا سياسيا وفكريا، وهو ليس بالقرار الهين والسهل، خصوصا في ظل أوضاع عراقية صعبة ومتشابكة ومعقدة، ومع تكاثر وتزايد أعداد المتبارين في هذا المجال...
 لقد علمت تجربة الانتفاضة والاحتجاجات جماهير واسعة من الشعب العراقي، في أن طريق نيل الحقوق وفرض المطالب، ممكن تماما، ويمكن تحقيقه في حال حضور الإرادة الشعبية المتزايدة والواضح سلفا في تحديد الهدف..
المتابع لمجرى تطور انتفاضة تشرين الباسلة، سيرى بوضوح وسطوع، سعي قوى أحزاب السلطة الطائفية والمتحاصصة، ومعها الدول الإقليمية والمجاورة للعراق، وأمريكا وشراذم البعث، من أجل تفتيت وتفريق وتشتت مواقف الثوار والمنتفضين، ولسبب بسيط يمكن في ادراكهم لخطورة وتأثير مثل هذه المواقف، وقد نجحوا للأسف في هذا المسعى ولو إلى حين...
ومع دعوات الحزب الشيوعي العراقي للقوى المدنية ولقوى الانتفاضة والأحزاب التي تشكلت على إثرها، ولكل الحريصين على مستقبل البلاد، من أجل التعاون والتنسيق، برزت العديد من المواقف الإيجابية وسط المنتفضين، وعموم قوى المدنية واليسار ودولة المواطنة، من أجل الحوار والتنسيق والعمل والتعاون، وباتجاه خلق البديل المدني الوطني والشعبي المؤثر فعليا قولا وعملا .
في الموقف من الانتخابات، يفترض النظر لمجمل اللوحة السياسية، وليس لجزء مختصر منها، فإلى جانب المعارضين والذين سيقاطعوا، والمضمونة حقوقهم دستوريا، هناك قوى وأحزاب سياسية ومنظمات وأفراد، يريدون الاشتراك والمساهمة في هذه الانتخابات، من خلال المشاركة الفعلية بمرشحين، أو من خلال التصويت الفعلي..ووسط هذه القوى خليط غير متجانس من الأهداف والنوايا لكل الأطراف، والتي يضمن لها الدستور وقانون الأحزاب هذه الممارسة الديمقراطية رغم علاتها...
 القوى المدنية والديمقراطية وعموم الطامحين لدولة السلام والإعمار والعدالة، لا يمكنهم تخوين الأحزاب والمنظمات الأخرى، فقط لكونها أحزاب ومنظمات المسميات معينة، بل يمكن خوض الصراع الفكري والسياسي وحتى الأيديولوجي في توضيح خطل ولاجدوى ولا نفع، سياسات وبرامج هذه الأحزاب، وعبر إقناع أكبر عدد من جماهير الشعب لعدم منحها الأصوات والتأييد، مقابل الترويج لبديلها من برامج وتوجهات مدنية وديمقراطية .
هناك أشكال من المقاطعة والرفض للانتخابات، وأبرزها المقاطعة الواعية والإيجابية والمتمثلة في المعارضة والاستعداد في العمل والفعل التغييرين، والمقاطعة السلبية، وعبر الجلوس في البيوت وانتظار نتائج الانتخابات عبر شاشات التلفاز، وربما التأفف على نتائجها.
وعبر الحساب الرياضي البسيط، فأن نتائج المقاطعة الواعية عبر الحضور والتصويت بالرفض، لن تكون كبيرة ومؤثرة في النتائج، في ظل استعداد قوى مختلفة لخوض الانتخابات، وتجسيد جماهيرهم لهذه المهمة ومنذ وقت مبكر، ورغم المعنى والموقف في ذلك .
ومقارنة مع هذا الموقف الرافض والواعي، يبقى الموقف المشارك الواعي والمدرك، ذي تأثير أكبر وأعمق وأكثر دلالة، خصوصا وهو يسهم في تغيير خارطة النتائج المحتملة للانتخابات..
وللوضوح فأن مقاطعة مليون صوت، ليست مشابهة تماما لمشاركة هذا المليون من الأصوت، والقصد هنا في النتائج، وفي تمكين أصوات الشعب الحية في الحضور فعليا في واحدة من حلبات الصراع، وأقصد البرلمان العراقي، ومن خلال المشاركة الفعلية في الانتخابات عبر التعريف بالمرشحين المدنيين والوطنيين والشيوعيين، ودعوة جماهير الشعب للمشاركة بوعي ودراية، وحجب التأييد عن مرشحي قوى الفساد والطائفية، سيكون له فعله الإيجابي.. وهذا لن بكون ذي تأثير أو قيمة، في حال مشاركة الشيوعيين منفردين في هذا الموقف، بل يفترض ويتطلب التقارب والتنسيق والوضوح والمشاركة الواعية وعبر جبهة بديل واسعة تضم قوى انتفاضة تشرين وكل القوى المدنية والشخصيات المدنية الوطنية المستقلة ومنظمات المجتمع المدني والنقابات بمختلف أشكالها .
هذه المشاركة ستكون أكثر فعالية وقوة وتأثير في حال استمرارها على مطالبها التي تخص توفر شروط الانتخابات، وغيرها، والاستمرار على كسب التأييد الشعبي والجماهيري لهذه المطالب، ومنها بالتأكيد تغيير نظام المحاصصة، الذي لن تغيير الانتخابات القادمة الكثير من أسسه ومرتكزاته...
الانتخابات ليست ملكا لجهة معينة دون أخرى، وهي قضية ناضل الشعب طويلا لتكريسها، وقد تحققت هذه الإمكانية فعلياً لأكثر من مرة، ولكنها للأسف عانت من تشوهات وارادات قوى الشر الداخلية والخارجية .
المشاركة الواعية الواسعة شعبيا من قبل قوى الانتفاضة والأحزاب المدنية وقوى الشعب الحية، ستكون رفضا واعيا ومؤثرة لقوى الشر والمحاصصة..وتغيير موازين القوى سيكون فعالا حين تتعدد جبهاته، ومنها بالتأكيد جبهة الشارع وسط الجماهير..
في المشاركة الواعية سوف لن تمنح القوى الفاسدة والمحاصصة الشرعية، بل بالعكس حين يكون الموقف برفضها، وعبر اختيار الوجوه المدنية والوطنية البديلة، واستمرار خوض النضال الوطني والمعرفي الذي سيطول لسنوات قادمة ..
    موقف الحزب في تعليق المشاركة في الانتخابات له معانيه ومضامينه، في محاولة الضغط من اجل استمرار الحركة الجماهيرية والانتفاضة وكل اشكال الرفض لسياسات السلطة في تكريس المحاصصة، ومحاولة انتزاع ما يمكن من تنازلات، وفي نفس الوقت تعرية وكشف اساليب الاغتيالات والقتل وتسميم الاجواء الانتخابية..
الفترة القادمة تتطلب حسم موقف الشيوعيين العراقيين بخصوص المشاركة في الانتخابات من عدمها، وهذا سيعتمد فعلا على مستوى الخطوات التي ستقدم عليها السلطة، وعلى مستوى الرأي الشعبي والمزاج الانتخابي، وعلى مواقف المنظمات الدولية والحكومات عموما في تقييم الانتخابات..
كل ماكانت مواقف الشيوعيين والمدنيين متقاربة ومتناسقة مع مواقف قوى تشرين والانتفاضة والفاعلين فيها، ومع مواقف وتوجهات القوى المدنية والديمقراطية، كل ما كانت قوية ومؤثرة، وسيكون لها حضورها الشعبي، وخصوصاً في الموقف  المشاركة في الانتخابات من عدمه...









30
الحكومة السويدية تختار الاستقالة
بديلاً لخيار الأنتخابات المبكرة
   نجم خطاوي
صباح يوم الاثنين 28 حزيران الجاري، وفي مؤتمر صحفي دعي له الصحفيون وأهل الإعلام، في مجلس النواب السويدي، أعلن رئيس الوزراء السويدي Stefan Löfven
نقل المسؤولية السياسية الى رئيس البرلمان السويدي الحالي Andreas Norlen
من أجل التفاوض مع الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان السويدي، لإيجاد حلاً ومخرجاً للأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد حالياً، والتي حدثت نتيجة تصويت عدد من الأحزاب السياسية السويدية قبل اسبوع في 22 حزيران، تأييدا لمقترح حزب اليسار السويدي بحجب الثقة عن الحكومة الحالية ورئيس وزرائها جراء الإصرار على المضي بقانون تحرير عقود الايجار الذي يخص عمارات السكن والبيوت والشقق التي ستبنى حديثاً، والذي يعني عملياً اطلاق الحرية لمالكي العقارات في تحديد أسعار ايجارات السكن، والتحكم بمصائر أكثر من ثلاثة مليون مواطن سويدي .
وكان أمام رئيس الوزراء خيارين سياسيين لحل الأزمة، وقد اختار الحل الذي قدمه، بديلاً للحل الأخر وهو خيار الانتخابات المبكرة، والذي عبر عن عدم رغبته ورغبة حزبه الاشتراكي الديمقراطي في المضي معه، لأنه سيدخل البلاد في أزمة سياسية غير مضمونة النتائج في ظل أزمة الكورونا الحالية، حسب تعبيره.
ويبدو أن رئيس الوزراء لم يستطع التوصل لحلول عملية تجنب البلاد أزمتها، ورغم بذله الجهود في التفاوض مع عدد من الأحزاب السياسية، خلال فترة الأسبوع الذي يمنحه القانون فيها حق العمل والتحرك، خصوصاً مع اصرار حزب الليبراليين ( الشعب سابقاً) على عدم الموافقة على حذف البند المتعلق بتحرير ايجارات السكن، من اتفاقية كانون الثاني، وهي الاتفاقية التي تشكلت على أثرها الحكومة بعد انتخابات 2018، والتي ضمت الحزب الاشتراكي الديمقراطي، البيئة، الوسط، الليبراليون، وأيدها بتحفظ حزب اليسار السويدي، ومنعا لتشكل حكومة برجوازية مدعومة من حزب ديمقراطيي السويد ذي النزعة العنصرية المعادية للأجانب.
وفي جوابه لسؤال أحد الصحفيين، عد رئيس الوزراء المستقيل، خياره هذا، بأنه كان الخيار الأصعب الذي اتخذه خلال مجمل حياته السياسية.
حزب اليسار السويدي ومعه حزب البيئة والحزب الاشتراكي الديمقراطي، كانوا قد عبروا عن التأييد لمبادرة حزب الوسط، في الاستعداد للتخلي عن فقرة تحرير عقود الايجارات في اتفاقية كانون الثاني. وبوضوح أكثر فقد عبرت نوشي دادغستار رئيسة حزب اليسار، عن استعداد حزبها لتأييد استمرار رئيس الوزراء الحالي وحكومته، في حال حذف الفقرة المتعلقة بتحرير عقود الإيجار، وهي الفقرة التي كانت السبب في حجب الثقة عن الحكومة الحالية.
حسب لوائح نظام البرلمان السويدي فأن رئيسه ملزم بالتفاوض مع الأحزاب السياسية من أجل ايجاد الحالة والوضع الذي يضمن تشكيل حكومة جديدة ورئيس وزراء جديد، وعبر أربع محاولات، والتصويت من قبل البرلمان  على هذا الخيار، ومن ثم تقديم رئيس الوزراء للحكومة التي يختارها، سواء عبر الابقاء على الحكومة الحالية، أو اختيار وزراء جدد.
وفي حال فشله في المحاولات الأربع، فأن البلاد تمضي في طريق الانتخابات المبكرة، والتي يحدد القانون موعدها بعد ثلاثة أشهر، أو تسعين يومأ من تاريخ الاعلان.
من جانبه صرح رئيس البرلمان الحالي، بأن المدة التي سيستغرقها في التفاوض من أجل ايجاد مخرجاً للأزمة الحالية، سوف لن يستغرق الكثير من الوقت هذه المرة، مقارنة بما جرى بعد حالة الاستعصاء السياسي التي أفرضتها انتخابات عام 2018، والتي أفرزت تقارباً في الأصوات، بين الكتلة الاشتراكية والكتلة اليمينية، وقد مضى وقت طويل استمر لشهور قبل التوصل لحل اتفاقية كانون الثاني في حينها.
الحكومة الحالية المستقيلة ستكون حكومة تصريف أعمال، وستقوم بكامل مهماتها السابقة، وبرئاسة رئيس الوزراء الحالي المستقيل، وحتى توصل رئيس البرلمان لحل يضمن تشكيل الحكومة الجديدة .
استطلاعات الرأي العام في السويد تشير لتقدم التأييد الشعبي لخطوة حزب اليسار السويدي في حجب الثقة عن الكومة، وتزايد نسبة الثقة في رئيسة الحزب نوشي دادغستار، وأيضا في انضمام أعضاء جدد في صفوف حزب اليسار، لشعورهم بصواب خطوته الأخيرة، والتي تمس قطاعات شعبية من الناس في السويد، من الذين يستأجروا شققاً وبيوتاً للسكن، ويدفعوا الكثير من دخولهم كإيجارات لها، والذين تمسهم قضية تحرير ايجارات السكن، وما يترتب عليها..
وهذا التخوف يشترك فيه الكثيرون، خصوصاً بعد التجربة التي حدثت في فنلندا حيث ابتددأوا أولا بالزعم في تحرير عقود ايجارات السكن للشقق والبيوت الجديدة، ثم لتشمل لاحقاً جميع العقارات وبيوت السكن..



31
في السويد ..
موقف حزب اليسار ...يحجب الثقة عن الحكومة
    نجم خطاوي
كما كان متوقعاً من أغلب المهتمين بالشأن السياسي السويدي، فقد صوت البرلمان السويدي ( 349 صوتا ) لصالح مقترح حزب اليسار في السويد، والداعي لحجب الثقة عن الحكومة الحالية وعن رئيس وزرائها الاشتراكي الديمقراطي ستيفان لوفين.
 جلسة البرلمان التي عقدت صباح يوم الإثنين 21 حزيران، وبدعوة من رئيسه، كانت استثنائية وتأريخية، خصوصاً وهي تعقد في ظل أوضاع جائحة كورونا، حيث أجبر الحضور على ارتداء الكمامات، والتقيد بإجراءات السلامة الصحية، وأيضا لكونها المرة الأولى في تأريخ العمل السياسي في السويد، والتي يتم فيها حجب الثقة وسحبها من الحكومة ورئيس الوزراء، وعبر التصويت البرلماني الديمقراطي .
قرار الدعوة لحجب الثقة جاء على إثر مقترح قدمه حزب اليسار في السويد، وبشخص رئيسته الشابة نوشي دادغستار، والتي كانت قد انتخبت مؤخراً في مؤتمر حزب اليسار، وهي سياسية شابة ومن اصول ايرانية، وعرف عنها نشاطها في مجال الدفاع عن حقوق المستأجرين وقضايا السكن..
دعوة حجب الثقة تطورت بعد اصرار الحزب الاشتراكي الديمقراطي والذي يقود السلطة السياسية بالتحالف مع أحزاب الوسط والليبراليين والبيئة، وبدعم من اليسار، على المضي بتقديم مقترح تحرير وحرية ايجارات السكن والعقارات التي ستبنى لاحقاً، والذي يعني عملياً منح البرجوازيين وملاكي العقارات الحق في تحديد ايجارات العقارات، ودون الرجوع أو الخضوع  لجمعيات المؤجرين التي تتبنى في العادة التفاوض والدفاع عن حقوق الطبقة الواسعة من مؤجري السكن في السويد، والذين يتجاوز عددهم ثلاثة ملايين مواطن، وهو يشكل قسماً كبيراً من مواطني السويد العشرة مليون.
وبعد منح الفرصة لممثلي الكتل السياسية في البرلمان للحديث المختصر عن مواقفهم بشأن مقترح حجب الثقة، تم طرح المقترح للتصويت، فحظي بتصويت 181 نائب، مقابل معارضة 109، في الوقت الذي تحفظ على المقترح 51 نائبا، وقد تغيب 8 نواب لأسباب مختلفة.
هذه الأزمة السياسية التي عصفت بالسويد ليست وليدة اليوم، بل هي تمتد عملياً الى انتخابات 2018، والنتائج التي تحققت على إثرها والتي أفرزت تقارباً كبيرا بين المؤيدين للكتلة الاشتراكية التي تتكون عادة من ثلاثة أحزب هي الاشتراكي الديمقراطي وحزب اليسار وحزب البيئة، وبين الكتلة اليمينية التي تضم المحافظين والوسط والليبراليين والحزب المسيحي الديمقراطي، ويتقارب مع توجهاتهم حزب ديمقراطيي السويد ذو النزعة العنصرية والذي تصاعدت شعبيته مؤخراً، حيث بلغت نسبة المصوتين له حوالي 17%.
الاستعصاء السياسي في تشكيل الحكومة إثر الانتخابات الأخيرة 2018، وعدم امكانية أي من الكتلتين من تحقيق الأكثرية في البرلمان من أجل كسب الثقة، أجبر الحزب الاشتراكي على التعاون والتقارب مع حزبي الوسط والليبراليين من أجل نيل دعمهما، وكذلك عبر كسب دعم  حزب البيئة.
وقد تمكن من ذلك، ولكن بشروط قاسية تضمنت 73 بنداً تخص مواضيع مختلفة تخص توجهات الحكومة وإجراءاتها وسياستها وقد سميت هذه الاتفاقية باتفاقية  كانون الثاني، وكان حزب اليسار قد عارض أغلب بنودها، ومنها بالتأكيد البند الذي يدعو لتقديم مقترح تحرير مبالغ ايجارات السكن، ولكنه وبعد مفاوضات مارثونية مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي اضطر للموافقة على التصويت لصالح الحكومة خوفا ومنعاً لإمكانية تشكيل حكومة يمينية في السويد مدعومة من حزب ديمقراطيي السويد ذي النزعة المعادية للأجانب.
بعد حجب الثقة عن الحكومة، سيكون أمام رئيس الوزراء مدة أسبوع واحد وحتى 29 من حزيران الجاري، من أجل تقديم مقترح لرئيس البرلمان يخوله التفاوض والمحاولة لأربع مرات، مع جميع الأحزاب ومن أجل المحاولة في تشكيل حكومة جديدة، أو أن يمضي رئيس الوزراء إلى انتخابات مبكرة خلال ثلاثة أشهر .
 من جانبه يريد حزب اليسار استمرار تأييد الحكومة الحالية ورئيس وزرائها بشرط التخلي عن البند المتعلق بتحرير ايجارات السكن، في الوقت، في الوقت الذي تسعى فيه الأحزاب اليمينية لتشكيل حكومة يمينية جديدة، والذي يعني عملياً العودة لعقدة الاستعصاء السياسي وصعوبة حصول مثل هكذا حكومة على التأييد البرلماني المطلوب، وهو ما ينطبق على الجانب الأخر الاشتراكي الذي سيعاني لكسب الأكثرية في ظل الوضع الحالي.
 المرجح ضمن الأوضاع الحالية وقصر الفترة المتبقية على الانتخابات السويدية القادمة التي ستجري في العام القادم، أن يتم الاتفاق على حل وسط يرضي حزب اليسار السويدي، وعبر التخلي عن بند تحرير ايجارات العقارات في اتفاقية كانون الثاني، ومن اخلال اقناع حزبي الوسط والليبراليين من ان الانتخابات القادمة ستحدد الوضوح في المواقف، وكذلك كونهم لازالوا يمتلكون التأثير والنفوذ من خلال باقي بنود الاتفاقية معهم، وهي كثيرة مقارنة بفكرة التنازل عن بند واحد فقط..
 الأزمة السياسية السويدية تبقى ذات طابع فكري وإيديولوجي وسياسي، وهو يخص الموقف الطبقي من موضوع سياسة الاشتراكيين الديمقراطيين التي انحازت لفترات غير قليلة لصالح الفئات الشعبية، وعبر مكتسبات الضمان الصحي والعمل والرعاية الاجتماعية وتوفير السكن والحريات وحقوق اللاجئين، وعموم الخدمات في مختلف المجالات، وكذلك المواقف الانسانية والتضامنية مع دول العالم الفقيرة والمستحقة المساعدة والعون.
الأحزاب البرجوازية واليمين وأصحاب الشركات والمصانع ومالكو العقارات، كلهم يضغطون من أجل أن يتنازل الاشتراكيون عن هذه المكتسبات ذات الموديل السويدي، مقابل استبسال اليسار السويدي ومعهم قسم كبير من أوساط حزب البيئة وأوسط واسعة من داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي..
في كل الأحوال فأن الذي جرى في السويد يشكل تحولا واضحا لصالح الغير راضين بالأحوال التي وصلت اليها البلاد، وسط ازدياد في حالات العنف والجريمة وازدياد البطالة، وتأثيرات جائحة كورونا التي تسببت في خسائر كثيرة في حياة الناس، ورغم نجاح الحكومة في عدد من توجهاتها وحلولها وتدابيرها...
المهم في كل الأحوال أن لا تنعكس مثل هذه الأزمات على حياة المواطن وطرق عيشه وتطلعه لتحسين الأحوال.

32
المنبر الحر / كل ما تبقى ....
« في: 22:27 02/06/2021  »
كل ما تبقى ....

نجم خطاوي

متيما بقامات الشجر والنهيرات الصغيرة، كم تستهويني هذي الخضرة والغصون وبساتين العشب، مدين أنا للغابة المهيبة، تكاد تجاور داري، مؤخرا فطنت لذلك، وبالذات حين أنعشتني ريح رطبة.
سأبكر هذا الصباح نحو فضاء الصنوبر، قريباً من نبض الشهيق وتفاصيل الزفير.
 سأدخل مجتازا عتبات الجنة، هامسا للحمامة الوديعة، أدعوها لقبول حيرتي ولجوئي لدفء جنحيها كعاشق نبيل، عساني أصير ريشة ناعمة وخفيفة، وسادتي غيمة في الأعالي، غافيا محلقا وسط الأزرق، ولو لبرهة زمن، ولو لبرهة ..
قالت النحلة توبخني: من أين أتيت، وكيف دخلت لروح الغابة وباب السور لم تزل موصدة ؟؟
 ولا حيلة لي سوى موافقتها، ملوحاً بكفي تومئ بالطاعة، صغيرة بدت تدلت منها بعض مفاتيح مرصعة بنقش مواعيد عشق سالفة ومندثرة..
سأعذر حتما ساعي البريد الصباحي الذي أجهل ملامحه، أفزعني بحزمة إعلانات، كان رماها كحجارة عبر فتحة بابي الواسعة، يا للخيبة ..!!!.. ظننتها رسائل غرام متأخر لحبيب نائي بعيد، ربما كتبها فوق صفحات دفتر بلا أوراق في ليلة ممطرة..
مثل قطار استهوته السكة، هكذا اذن تدحرجت سنوات العمر، وما عليك سوى انتظار فصول الحكاية وطقوس النهايات، منصتاً لحكمة النهر.
 وليس بعيداً عن ما جرى، في غفلة نهار أشهب، فترت الجذوة وبهت وهج الياسمين، وفض هدير المهرجان، ويا للحسرة..
لا زلت أذكره مساء الخميس الرتيب، وأنت تمضين في وئد مسرعة بثوبك المطرز بوردات الأصفر، غير مكترثة لنحيب البنفسج، صوب رحلة أخرى مفترضة ومصطنعة..
 لا أدري كيف بدت أصابعك الفضة، وهي تحز  رقاب ورود النافذة، عابثة بما تبقى في حقائبنا الأليفة المبعثرة، من رسائل عشق قديم، ترنحت مشطوبة دون اكتراث كديون معدومة..
يا لجرأتك في انضاج الحماقة، متجاهلة صراخ الستائر في صمتها الهائل..
كل ما خلفته الحسرة صورة لحفيف ثوبك وللسعات النيران زادتها الريح جنونا، ولكثير من  رماد الملل تسلق سنادين ورودنا، ويا لهولها.. سنادين ورودنا بدت حزينة وموحشة وباهتة لا تشبه الزهر...
متعبين ثقيلي الخطوات، هم ندل الحانة مسرعين لإطفاء آخر مصابيح صالة الرقص التي بدت فارغة، مؤذنين للزبائن الوديعين بالانصراف.
فوق طاولة الروليت وعند الرقم الصفر، مترنحا بين ضجر الأمكنة وعذاب اللاقرار، في لحظة نحس، أفرغ الزبون الأخير ما تبقى من جيوب جاكيته الأسود ..
ويله ذلك المساء الحزين، أدله صوب تخوم العرافات والطلاسم مولجا عتمة التيه..
ليوم السعد يطل مضيئا من ثقب الخيبات، لمواسم ورد وندى، لواحات فرح وناي، للحظات حميمية أفتقدها كثيراً، ستمطرين يا غيمتي المنتظرة، وستعشبين بالندى واحات الروح..
29 أيار 2021..


33
أدب / هدنة
« في: 21:48 24/05/2021  »
هدنة
    نجم خطاوي

عصافير المدينة الخائفة
تلك التي أرعبتها القيامة
ستعود محلقة بأجنُحِ الحذر
وسط  فضاء الساحات
وستكتظ الغصون ثانية بالزقزقات .
لصفوف الدرس وبحقائب مثقوبة
سيعود التلاميذ بعيون حزينة
وسط أناشيد الحزن والفوادح ...
وكما في كل مرة
ستحين الهدنة بدل الحل
وستجنح المدافع ثانية للصمت
وتكف الطائرات عن اللهو
أتعبها قيء الزقوم ..
استراحة حرب كافية حتماً
للنواح ورفع الأنقاض
للترميم ودفن القتلى .
برهة زمن أخرى
لإنعاش الصفقات وتلميع الدولار
للتخويف وخداع القادة
لترقيص السوق الراكد
لجني الأثمار المنقوعة بالدم ..
وسيعلو ثانية صوت الترسانات
يقرص آذان الحكام
يحذرنا بالحيطة من حرب وهمية
ونصب الفزاعات العصرية
كي تحمينا من شرر موهوم
وطيور الجيران الشريرة !!
تلك  المتأهبة للحرب
ستعبر أسوار البلدة
لتنقر حبات حصاد الموسم
لتسرط حنطتنا ...!!!
في تزاحم الأقنعة
وسط اسطوانة اللاحل
سنلوذ الى الصمت
غاضبين لسوء الطالع
 منتظرين بزوغ نبؤة بوتييه
وسطوع نشيده المجيد
عن الحروب وحماقة مشعليها ..
..........................
19 أيار 2021


34
إنتظار في شقلاوة ... كانت أيام ..
إلى فتية المقر الحمر....

   نجم خطاوي

في تموز ٢٠٠١ شددت رحلي وحقيبتي والهدايا، مسافراً من ستوكهولم صوب أربيل، وبالتحديد قاصداً مدينة شقلاوة الأربيلية، وعلى أمل اللقاء بأهلي، وبعد فراق ٢٢ عاما، في حينها، وكنت قد أوصلت لهم خبرا عن طريق بعض الأصدقاء، مع دعوتهم للقدوم من أجل اللقاء في مدينة شقلاوة ....
الطريق من مدينة ستوكهولم السويدية صوب أربيل وشقلاوة، لم يكن باليسير السهل، ويتطلب السفر أولاً بالطائرة إلى دمشق في سوريا، ومنها بالسيارة ولساعات، إلى مدينة القامشلي الحدودية، ومنها بالسيارة وفي طريق متعرج وصعب حتى ضفاف نهر الخابور، ومن ضفة نهر الخابور هذا يتم الإنتقال بواسطة الأكلاك المصنوعة من جذوع الأشجار والمربوطة بأطارات مطاطية كبيرة، صوب الجهة الأخرى، حيث تنتظرك بناية شيدتها حكومة الإقليم، وصارت ما يشبه المنطقة الحدودية، حيث يسجل القادمون أسماءهم، ويسمح لهم بالمرور بعد دفع مبلغ 50 دولار...
ومضت الأمور دون منغصات وعسر، ورغم ثقل حمل الحقائب وطول الطريق ومحطات السفر، وأستأجرت سيارة صغيرة من ضفة الخابور العراقية بأتجاه مدينة أربيل.
في حينها كانت أربيل خارج سيطرة حكومة نظام البعث،بعد أن حررتها انتفاضات الجماهير، وباقي المدن الكوردستانية، من سيطرة النظام، وهذا ما سهل كثيراً من السفر إليها من خارج الوطن، وأيضاً من باقي محافظات الوطن .
وصلت مدينة أربيل، ومنها واصلت السفر الى شقلاوة، ومكثت فيها أياما في لجة وعذاب الإنتظار الذي عشت لحظاته وأنا أرسم صور اللقاء بأهلي، هناك في مقر اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، والذي يقع فوق قمة عالية في طرف المدينة، وقد طال انتظاري هناك، وفات الموعد ولم يأت أحد..
بعد ٢٠٠٣ وحين سنحت الفرصة لزيارة العراق والمدينة والأهل، وإستذكار صور وفصول تلك الأيام القاسية، ومنها علمت بأنهم قد حزموا الأمر لملاقاتي في تلك الأيام، ولكنهم تترددوا قليلا بسبب الخوف من اكتشاف الأمر وما يترتب على ذلك، خصوصاً وأن دائرة الأمن في الكوت كانت تراقب كل تحركاتهم، وترسل وبشكل دوري الدعوات لمقابلة أحد أفراد العائلة، وتتبع أخباري...
رغم الألم والحزن وقتها لعدم تحقق حلم اللقاء بأمي وأبي وأهلي، لكني حظيت باللقاء مع أجمل وأنبل وأنقى بشر، أقصد رفاقي الشيوعيين، وقد سنحت الفرصة لي للتعرف برفاق جدد لم ألتقيهم من قبل ..
لا زلت أذكر كلمات الخالد الشهيد وضاح (سعدون)، رفيقي من أيام حركة الأنصار في قاطع أربيل :
ولا يهمك لا تحزن...نحن أيضا أهلك .. -
وكانت عائلته وعائلة زوجته العزيزة دنيا ام كفاح وأهلها، في قمة الكرم والطيبة، حيث سنحت الفرصة لمرافقته في زيارتهم وتلبية دعوة الدولمة الشقلاوية، والتعرف على الجميل الصغير كفاح ابن الشهيد سعدون..
ودعاني الرفيق العزيز مفيد الجزائري (أبو نيسان)، وهو المشرف والمكلف بشؤون إعلام وإذاعة الحزب، للتعاون والعمل مع طاقم التحرير الإذاعي، وتوفرت لي أعداد كبيرة من الصحف والمجلات الصادرة في بغداد، ومن أجل الإستفادة منها في صياغة الأخبار والمواضيع ..
ومكثت هناك أياما جميلة وخالدة، وأحلى ما فيها هو تعارفي وتعاوني مع الرفاق المكلفين بالبث الإذاعي في موقع التحرير الإذاعي، ومنهم الراحل الفقيد أكرم، صديقي ورفيقي في الأنصار، وعبر تحرير المواد والمواضيع .
وأذكر أنهم دعوني مرة لقراءة ملحمة الشاعر الشيوعي عزيز السماوي، في البث الإذاعي، مع نبذة عن حياته وتجربته الشعرية، كنت قد أعددتها وأنا في لجة الحزن لرحيله، وقد غادرنا في الثامن من أذار 2001....وكانت فرحتي كبيرة ليس لقراءة النص، بل لشعوري بأن الناس في الوطن الجريح المبتلى بدكتاتورية صدام،سيسمعون صوتي، وكلمات السماوي ..
خطار عنده الفرح نعلك صواني شموع
خافن يمر بالعكد رش العكد بدموع
ومن المصادفات الجميلة التي بقت عالقة في ذهني، تعارفي مع رفيق  شاب رائع من أهالي مدينة شقلاوة، من العاملين في اذاعة الحزب التي كانت تبث من هناك، حيث صادف امتلاكه لدراجة بخارية موتوسيكل، وكان يدعوني لتمضية أوقات جميلة في المساء وعلى دراجته، للجولة في شوارع شقلاوة وحاراتها، مروراً ببستتينها وحدائقها الجميلة، التي تسورها أشجار الرمان والعنب.. وكنت أستمع له خلال الجولة وهو يقص عليًّ تفاصيل الأحداث المرتبطة بالأمكنة وأنا أجلس خلفه والدراجة تجوب الأماكن...
- هنا مر الأنصار الشيوعيون...هنا تصدى البيشمركة لزمر الأمن..هنا أستشهد عدد من الناس..هنا تجمع الناس وهتفوا ضد البعث وزمره....
وكنت أحسد رفيقي على دلالته ومعرفته بالأمكنة، وذاكرته النشطة.
ومع نسيم المساء الجميل وألوان الحدائق والبساتين الممتزجة بروائح الورود والأثمار والعشب، جلسنا في أحد المساءات، في كازينو جميلة يحيطها الشجر والماء والخضرة، وفوق أرائك خشبية صفت بعناية فوق العشب الأخضر، في لمة أنصارية رفاقية صغيرة، ملبين لدعوة الرفيق العزيز مفيد أبو نيسان..الأجواء أكثر من جميلة، والأحاديث تمتزج بذكريات الجبل وأخبار الوطن، وبعضاً من ذكريات براغ التي جمعتني بالرفيق العزيز مفيد الجزائري، ولم يعكر من مزاجي طوال الجلسة، سوى جلوس أحد الرفاق الأنصار من رفاقي وأصدقائي في حركة الأنصار الشيوعيين، ليس بعيداً عنا، وكان مكلفاً مع رفيق له في مراقبة المكان وضمان تأمين الأمن لنا. كنت ألوب كاظماً ألمي وعدم قدرتي على هضم الموقف، وكنت أريده أن يشاركنا الجلسة، كما كنا نتشارك في كل التفاصيل أيام الجبل والمقاومة، وقد فطن الحضور لذلك، ونبهني الرفيق الذي يجلس جنبي بأن لا أبالغ بالأمر، إذ لابد لنا أن يحرس بعضنا الأخر، وهي مهمة يمكن أن نتكلف بها جميعاً...
صحف الثورة والجمهورية، وعدد من المجلات والمطبوعات التي تصدر في بغداد، كانت تصل وبشكل يومي إلى أربيل وشقلاوة، وكانت هذه المطبوعات مادة دسمة للرفاق العاملين في إذاعة وإعلام الحزب للإستفادة منها ومن معلوماتها، ومن أجل كتابة وتحرير مواضيع وريبورتاجات صحفية، حول المواضيع الآنية منها، ووفق تصورات حقيقية وواقعية، غير تلك التي يزخرفها ويرندجها النظام في الإعلام، وكوسيلة للدعاية والترويج .. وفي مساء من تلك الأيام، وكنت أجلس وحدي وسط الصحف والمطبوعات، صعقني خبر صغير منزو، في صفحة من صفحات أحدى الجرائد الرياضية :
(( سيكون طاقم التحكيم الرياضي الذي سيقود مباراة فريق أربيل والنفط بكرة القدم، والتي ستجري يوم  الجمعة، في ملعب أربيل، مكوناً من الحكام ........ ))، حيث وردت أسماء لأربعة حكام كرة قدم، وأسم أخي الحكم الرياضي فراس (أبو حمزة) ضمنها، وكانت تصلني أخبار اهتماماته ونشاطاته الرياضية في كرة القدم وكرة اليد، وبالتحديد تدرجه في التحكيم الرياضي لكرة القدم ونيله الكثير من الشهادات التقديرية في هذا المجال، وكان قد قاد تحكيمياً الكثير من المباريات المهمة...
كانت فرحتي لا توصف وأنا أعد اللحظات في انتظار يوم الجمعة موعد المباريات، وأخبرت الرفاق في رغبتي للذهاب والسؤال عن أخي، ومشاهدة المباراة، وقد عبروا عن فرحتهم للخبر والذي عساه أن يخفف من حزني وغضبي لعدم تحقق حلم اللقاء بالأهل والعائلة...
- هذه جاءتك عدلة وفي الصميم وتعويضية ...بدل الأهل سيحضر الأخ......
هكذا عبر الرفيق الذي شاركني صحن مرقة الفاصوليا والرز في مقر الحزب في تلك الظهيرة، والذي أعادني لأيام الجبل والأنصار.
صباح الجمعة لم يكن يوماً عادياً بالنسبة لي، وأنا أحبس أنفاسي منتظراً لحظة اللقاء بأخي فراس، الذي لم ألتقيه منذ صيف عام 1978، وكان حينها طالباً في الثانوية، حين غادرت العراق هرباً، ودون وداع أحد من الأهل، ودون علمهم بالطبع..
الطريق من شقلاوة صوب أربيل ليست طويلة جداً، وتمر بمناطق جميلة وعبر طريق تكثر فيه الإلتواءات صعوداً ونزولاً . أول ما وددت معرفته في أربيل هو مكان إقامة الوفد الرياضي القادم من بغداد، والذي يضم فريق النفط الذي سيلاقي فريق أربيل، ومعهم أيضاً طاقم التحكيم الذي سيقود المباراة، وضمنهم أخي الذي أتحرق لملاقاته..
فندق شيراتون أربيل يزهو ببنايته الكبيرة ومرافق الخدمات الكثيرة  فيه، وهو يقع في منطقة لا تبعد كثيراً عن مركز المدينة، وكان في الغالب مكاناً لإقامة الوفود السياحية، التي تزور المدينة، وكان أيضاً المكان المفضل لإقامة الوفود الرياضية القادمة من بغداد وبقية المحافظات، وكان أحد باعة الصحف قرب قلعة المدينة قد اخبرني بأن الوفد الرياضي القادم من بغداد يقيم في هذا الفندق، وقد شكرته وأنا أقتني منه عددا من الصحف، ومنها صحيفة رياضية أفردت الكثير للحديث عن تلك المباراة...
وصلت الفندق، وكانت الظهيرة قد زحفت بقيظها وشدة حرها، والمدينة ليست بضجتها خصوصاً مع وقت الغذاء وتزاحم أصوات المؤذنين.
عند البوابة أوقفني الحارس للسؤال، وشرحت الأمر، وسمح لي ودخلت متجهاً صوب واجهة استعلامات الفندق الفخمة جداً، ونبضات قلبي تتسارع، وبدا الإرباك واضحاً في خطواتي..وهناك وبعد السؤال عن حكام مباراة اليوم، أشار لي أحد عمال الفندق، ويبدو أنه من عشاق الرياضة وكرة القدم، إلى أريكة فخمة في القاعة العريضة المبهرة، قائلاً:
- هناك يجلس الجماعة الحكام... ضيوفنا ...
وتوجهت نحو المكان وقد سبقتني كلماتي بالسلام وبالتحيات وأنا أتطلع في الوجوه باحثاً عن وجه أخي الحكم فراس عبد خطاوي، ودون أن ألحظه ...
لم تخفف كلمات الأخوة الحكام من حزني ومشاعر الفشل والإحباط لعدم تحقق حلمي بملاقاة أخي، وقبلها أهلي، وكانوا قد استقبلوني وعانقوني بحرارة، بعد استماعهم لحكايتي، وجهودي لسماع أخبار أهلي وملاقاتهم، ومنهم علمت بأن اخي كان له مقرراً ان يأتي الى أربيل وضمن الطاقم التحكيمي، ولكن تغييرات حدثت في طواقم التحكيم، وقد ذهب لتحكيم مباراة أخرى في محافظة أخرى ..
ودعت الأخوة الحكام شاكراً لهم حفاوة إستقبالي داعيا لهم أن لا يصيبهم مكروه، وقد ودعوني ووعدوني بإخبار أخي فراس بالأمر ونقل التحيات له، وكنت فخوراً حقاً بشجاعتهم وتضامنهم معي، وفي موقف لا يخلو من خطورة في تلك الأيام.
وأمضيت الوقت بتناول وجبة التشريب الأحمر اللذيذ في مطعم شعبي قريباً من قلعة المدينة، ومن ثم الجلوس في مقهى واسعة هوائها بارد منعش، لتناول الشاي، ويكون كالعادة بنكهة لا تقاوم بعد وجبة دسمة كالتشريب...وهناك مضى الوقت بمطالعة الصحف منتظراً أن يحين الوقت للذهاب الى ملعب المدينة، هناك حيث تقام المباراة، وعساها تخفف بعضاً من صدمة اليوم..
وفي سيارة باص صغيرة محشورة بالمشجعين من أهل المدينة، توجهت لمكان المبارة في ملعب المدينة، ملعب فرانسو حريري، كما سموه لاحقا...وبعد شراء بطاقة دخول أخذت مكاني وسط الآلاف من الناس، وكان معظمهم من الشباب، ووسط الهتافات الرياضية، والأغاني الشعبية الرياضية التشجيعية، والطبول والموسيقى، وصرت واحداً منهم، وأنا أملأ جيوبي بالبزر الأبيض، وأردد معهم منسجماً بأجواء المكان وطقوس المشهد، يساعدني في ذلك إتقاني بحدود معقولة اللغة الكوردية التي تعلمتها من رفاقي الأنصار الأكراد في حركة الأنصار البيشمركة في الجبال والسهول..
بدا لي المشهد درامتيكياً بعض الشيْ، ولم استطع فك طلاسم الحال وملامح صورة الوضع في ذلك الزمن، خصوصاً وأنا اجلس لمشاهدة مباراة لفريق قادم من محافظة عراقية أخرى خاضعة لسلطة نظام صدام وعصابته، يقابل فريقا آخر لمدينة مثل أربيل خاضعة لسلطة الإقليم، وان الدوري العراقي لم يستثن فرق محافظات اقليم كوردستان، رغم احداث انتفاضات الشعب فيها في 1991، واستبدال السلطة فيها.
 كنت اراقب اللحظات الأولى لإطلاق صفارة الحكم، والذي كان يفترض أن يكون أخي بدله أو بديلاً لأحد مساعديه، ولم تكن مشاعري تميل لتشجيع فريق النفط ولا فريق أربيل، بل كنت مشغولاً حقاً في مراقبة ما سيحدث تزامناً مع دخول لاعبي الفريق الضيف القادم من بغداد، وأعني فريق النفط، ولا أكتم سراً أن مشاعري كانت تنتظر استقبالاً طافحا بالسباب والشتائم والصراخ والفوضى، وبالذات  من مشجعي أربيل، وهي المدينة التي اكتوت كثيراً من ويلات الأنفال والتهجير، ولم يخلو بيت من بيوتها من صور لشهيد جراء بطش النظام وإجرامه، خصوصاً واني قد سمعت وعايشت الكثير من الأفكار والتصورات الخاطئة لعدد من الناس الذين يخلطوا بين جرائم نظام البعث ومن إرتكبها، وبين الناس في المحافظات والمدن الأخرى، غير محافظات الإقليم، أي بمفهوم خاطئ حرب العرب ضد الكورد.
وفي حماس هادر وبالهتافات والتشجيع والتصفيق والصفير، وقف الجمهور في كل مدرجات الملعب الضخم، لتحية وإستقبال فريق النفط الضيف القادم من بغداد، خصوصاً وأن الفريق قد ضم في وقتها عدداً من لاعبي المنتخب الوطني العراقي..
انتهت المباراة وعدت الى رفاقي في شقلاوة، لأقص عليهم تفاصيل وأحداث اليوم الذي قضيته في مدينة أربيل، وخيبتي بعد اللقاء مع الحكام لتعذر قدوم أخي، ومشاهدتي واستمتاعي بمباراة كرة القدم. والأكثر من كل الأحداث التي رويتها، هي تلك الروح الوطنية العراقية لمشجعي أربيل فوق مدرجات الملعب، الذين لم تركنهم الأحداث والمصائب لزاوية الأحقاد والكراهية، والذين تعلمت منهم دروساً في الوطنية وفي حب الأوطان والتمييز بين القاتل وبين جلدته وقومه ودينه ومذهبه.



35
من أيام العَمَّالة .... كانت أيام
         نجم خطاوي
خريف عام 1978، وبالتحديد مع بداية الدوام الرسمي للمدارس والجامعات، كنت أحبس أنفاسي مفكراً ومستطرقاً بالذي سيحدث من أحداث، خصوصاً بعد إشتداد قمع وإرهاب منظمات الأمن والبعث، للشيوعيين والديمقراطيين، ولكل من يرفض رفع راية الولاء لهم.
كنت يومها قد أنهيت عامين من دراسة الإدارة والإقتصاد في جامعة الموصل، التي قدمتها من مدينتي الكوت عام 1976، لأعيش فيها، في أم الربيعين، وهي كذلك حقاً، تفاصيل تلك الأيام والأماكن والأحداث،  التي مضى الزمن طويلاً على حلاوتها ومرها، ولكنها بقت كالوشم محفورة في الذاكرة.
وكضريبة مضنية وعسيرة في مواجهة عسف وإجرام ماكينة النظام وقمعه الذي صار سافراً، كان لابد من حسم الموقف وإختيار ملامح الطريق في القادم من الأيام .
كان الخيار صعباً ومحيراً بالنسبة لي، حتى أوجع رأسي وروحي، وأخترت ترك مقاعد الدرسة والتخفي عن أعين السلطة ومخبريها وجلاوزتها، بديلاً عن الخيار الآخر في انتظامي كطالب في الجامعة، وتحملي المسؤولية عن ما سيترتب على ذلك من ملاحقة وإعتقال، وغيرها من التفاصيل، وكانت الصورة بانية لي ودون رتوش، خصوصا حين شرعوا كالذئاب المتوحشة، بمداهمة الأقسام الداخلية للطلبة، وإعتقال وإحتجاز الشيوعيين، من الشوارع، ومن أماكن العلم والدراسة..
وللتكيف مع الحال الجديد انتقلت سراً للعيش في سكن جديد في منطقة النبي يونس في الموصل، تاركا سكني في الشقة التي تقاسمت العيش فيها مع خمسة زملاء ورفاق وسط شارع خالد بن الوليد في الموصل.
نحن الستة الذين تقاسمنا السكن الجديد كنا قد حزمنا أمرنا وتركنا دراستنا، مشرعين في الإختفاء في مدينة الموصل، ومواصلة العمل والنشاط الشيوعي وبالشكل السري الذي يتلائم مع تبدل الأحوال في تلك الأيام. سكننا الجديد عبارة عن غرفتين متقابلتين وفي الطابق العلوي لدار قديمة، يفصل بينهما حوش صغير اتخذنا منه مكاناً للطبخ. غرفتنا ضمتني مع رفيقين الأول من كربلاء وكان يدرس في أحد معاهد الموصل، والثاني من السماوة ويدرس معي في كلية الادارة والإقتصاد، وغرفة السكن الثانية ضمت رفيقين من كلية الطب البيطري أحدهما من الكوت، والثاني من البصرة، وشاركهم السكن رفيق آخر كان يدرس الهندسة ومن أهالي مدينة السماوة.
العائلة التي إستأجرنا منها الغرفتين كانت كادحة وفقيرة محشورة مع أطفالها في غرفة بائسة في طابق البيت الأرضي، وكان كل عمل الرجل الستيني هو ذهابه للجامع القريب، وفي أوقات مختلفة، لرفع الآذان، وربما كان هذا فألاً حسناً لنا كهاربين ومختفين عن أعين السلطة، ولدفع الشبهة عن سبب سكننا هناك...
في النهار نمكث في الدار لمطالعة الكتب السياسية وغيرها، ومتابعة الأحداث، والنقاش الطويل المحتدم حول أحداث وتقلبات تلك الأيام، وما ينتظرنا من مصائر ربما بدت مجهولة.
ومع بدايات كل مساء نخرج فرادى وبحذر، لإنجاز ما يتطلب من عمل وإدامة الصلات، ومتابعة أخبار الرفاق، وتفاصيل ما سيترتب من وضع جديد، وأداء ما يتطلب من مهمات، بعضها بالتكليف، وغيرها بالمبادرة الشخصية..ولم يدم الحال هكذا حتى إضطررنا لترك الدار والمغادرة، وبشكل سريع كالبرق، خوفاً من قدوم رجال الأمن، خصوصاً بعد إشتداد البطش والإعتقالات، وتطورات أخرى ..........
ولصعوبة العيش والبقاء في مدينة الموصل، اتخذت القرار الأصعب بترك مدينة الموصل والتوجه للعيش والإختفاء في بغداد الكبيرة، ومع مجموعة من الرفاق من أصدقائي..بعد رحلة قطار مسائية حذرة لم يغمض لنا فيها جفن حتى الصباح، مرت تلك الليلة دون مصادفات غير محسوبة، خصوصاً وأنهم شرعوا في البحث عن الشيوعيين ومطاردتهم، حتى صار هذا كمهمة عاجلة لهم، ورغم أنهم قد صعدوا  بالفعل لعربات القطار عند توقفه في محطة حمام العليل، متطلعين في الوجوه، ولكن دون إعتقال أو إلقاء القبض، وربما كان الهدف التخويف والترهيب.
 وصلت بغداد وأنا في لجة الأفكار والكوابيس، وما يترتب علي من تفاصيل للتكيف مع الحال الجديد.. الأيام والليالي الأولى قضيتها ثقيلة في الفنادق الرخيصة التي يعج بها شارع الرشيد ودرابينه الضيقة، وبحجة كوني لازلت أدرس كطالب جامعي، ولديَ هويتي الجامعية الرسمية. ولكن هذا لم يدم طويلاً، خصوصاً مع التشديد البوليسي على أصحاب الفنادق، وطلب الجرود اليومية والمعلومات التفصيلية عن الزبائن والنزلاء، وإضطررت لبضع ليال من النوم متخفياً، في حدائق أبو نؤاس، ومنطقة القناة، وبعد أن ضاقت بي السبل..وبمساعدة رفيق شيوعي من مدينة الكوت، كان يدرس الإقتصاد في بغداد، تمكن مجموعة من الشيوعيين الهاربين من مدينة الكوت، من إستئجار غرفة صغيرة في الطابق الأعلى من خان كبير يجاور مقهى البرلمان المعروف في بغداد، وقريبا من مطعم الإخلاص المعروف بكبابه الطيب.وفي هذه الغرفة الصغيرة وجدت لي مكاناً مع رفاقي، علي منصور الحسن( أستشهد في حركة الأنصار)، عبد المحسن لفتة ( أستشهد في حركة الأنصار )، عبد الزهرة خضير، سعد عبد الحسين، وكان سعد الأصغر سناً بيننا والأطول قامة، ويدرس في الثانوية وينشط في اتحاد الطلبة، بعد أن حُشرنا في تلك الغرفة الضيقة القديمة المتهالكة والمعلقة.
لم تمض الأيام سهلة في العيش والتخفي في مدينة مليونية مثل بغداد، خصوصاً لمشردين كحالنا، ولمن لا يملك عملاً، ناهيك عن ملاحقة رجال الأمن والمخابرات، وابتكارهم أساليب جديدة في القبض على الشيوعيين والمطلوبين، ومنها إستقدام رجال الأمن المتدربين في فنون المراقبة والتجسس ومكافحة الشيوعية، من المدن والمحافظات العراقية الى بغداد، ولغاية التعرف على أبناء مدنهم، من الشيوعيين المطلوبين، وبعد تزويدهم بالصور والمعلومات عنهم..
اتفقنا نحن سكان الغرفة في ذلك الخان الكبير على تنظيم شؤون عيشنا وشكل تحركنا وعلاقاتنا، وكان أهم قرار اتخذناه أن نلجأ للعمل والكسب، ولسببين منطقيين، الأول ضمانه لنا في قضاء الوقت الطويل من أيام النهار، وبعيداً عن أعين رجال الأمن والبوليس السري، والأخر ضمان توفير النقود من أجل العيش، خصوصاً وقد اخترنا الهروب والإختفاء، وبلا رواتب ولا اعنات دراسية.
العِمَالَةُ في حساب اهل اللغة  تعني حرفة العامل، وهي تعني أيضاً مجموع الأيدي العاملة..لكن اللسان الشعبي المحكي قد استصعب نطق الكسرة تحت حرف العين فأبدلها بالفتحة وصارت عَمَالَةُ، ومثل تغير الكسرة إلى فتحة، تغيرت مهنتي من طالب جامعي أنيق وبزلف طويل وشعر مسرح وبنطلون جارلس، الى عامل بلباس عادي، بنطلون وقميص ونعال، وعرقجين لحماية الرأس، وبالضبط حين تقسو شمس الظهيرة ويكون العمل مكشوفاً في الخارج .
- هل ترغب بالعمل معي ...لقد وجدت عملاً في أسواق المنصور .. احدهم سيفتح محلاً مهما هناك، وسننجز بعض الأعمال الثانوية هناك...
كانت كلمات حسن مهدي العلاق ( مهند ) محببة تشبه كاس الماء الباردة، جعلتني محبذاً للفكرة دون جدال، وفكرته هذه ستختبرني للمرة الأولى عاملاً بعد استبدالي الدراسة بالعمل إضطراراً، ولأن حسن من أقرب أصدقائي، وهو قد زاملني الدراسة في اعدادية الكوت، وكان من نشطاء اتحاد الطلبة، وفنانا تشكيلياً مرموقاً، ثم جمعتنا الأيام في مدينة الموصل وفي نفس الدراسة في كلية الإدارة والإقتصاد، وبعدها المصير في أن نتخذ من بغداد مكانا لنا كمشردين هاربين عن أعين رجال الحكومة وشرطتها.
خرجت مبكراً جداً في الصباح ووصلت أسواق المنصور ووجدت حسن في إنتظاري هناك، ليشرح لي تفاصيل العمل والمطلوب، ولم تمض دقائق قليلة حتى شرعنا في العمل كعمال محترفين مهرة..ليس لدي صوراً توثق ملامحنا في تلك الأيام، ولكني سأتخيل حالنا بالملابس التي تبدو قديمة، ونحن نستخدم قفازات قماش، منغمرين في حك وصقل وترتيب الواجهات الخشبية وتنعيمها، باستخدام كواغد ( سمبادة )، والغبار يعلو متطايراً محيلاً شعر رؤوسنا إلى كتلة من الطوز والغبار.ومضى يومان وعملنا على ما يرام مثلما يقولون، وبشهادة صاحب المحل، الذي عبر عن استحسانه ورضاه... في اليوم الثالث وبينما أنا منهمك في العمل شاهدت رجلاً بملابس أنيقة وببدلة سوداء وربطة عنق وحقيبة يد صغيرة، وهو يقف ليس بعيداً عني متطلعاً لي، وحين ركزت النظر في ملامحه، عرفته في الحال، وكان هو خالي الفنان المسرحي والإعلامي، عبد المنعم خطاوي (أبو زينة )، وكان يومها استاذاً للمسرح ومعاوناً لعميد معهد الفنون الجميلة، والمعهد لا يبعد سوى مسافة قليلة عن موضع عملي في أسواق المنصور، وكان قد قدم لشراء بعض الحاجات متفاجئاً بي، وبحالي في تلك الحال... بعد السلام والعناق والكلام، غادرني مودعا، وعدت لعملي، وقد فطن صديقي ( حسن ) لقراري بعد تلك المقابلة، وبأني سأنهي العمل، مخافة أن يصل الخبر الى أهلي في الكوت، الذين لا يعلموا بموضوع تركي الدراسة في الموصل والعيش في بغداد، وكان حسن محقاً في فطنته، وودعته في نهاية يوم العمل...بعد أيام حصلت على أجري من تلك الأيام، وكانت أول أجرة عمل أحصل عليها من أيام العمالة بعد الدراسة..
في بغداد تعاون الشيوعيون من اهالي المدينة، مع رفاقهم القادمين من المدن والمحافظات الأخرى، في إيجاد أعمال وأشغال مختلفة لهم، في المحلات والمعامل وورش النجارة والحدادة والمطاعم والمقاهي والفنادق، وهي صورة من صور التلاحم والتعاضد الرفاقي، ناهيك عن التعاون والتنسيق بين الشيوعيين المختفين في أزقة بغداد وحاراتها في ايجاد العمل والسكن لبعضهم البعض...
واخبرني رفاقي بان أجهز حالي للعمل كعامل مع احد المهندسين فوق جسر من جسور بغداد، واستيقظت عند الفجر ووصلت المكان، ولم يكن بعيداً جداً عن منطقة سكني في الحيدرخانة.. فوق الجسر الطويل والعريض والعالي الذي يجاور مدينة الطب فوق نهر دجلة، كنا نحن مجموعة من العمال، ومعنا اثنين من المهندسين، وأظن بأن الجميع كانوا شيوعيين وهاربين.. مهمتي في العمل كانت الإمساك بلوح خشبي أو المسطرة الهندسية، وأقف دون حركة، في مكان محدد يحدده المهندس، ويبدأ هو من مسافة محددة قبالتي، بإصدار الأمر بتحريك المسطرة حسب طلبه، وبطريقة تتيح له تحديد القياسات المطلوبة الدقيقة التي يعتمد عليها القياس والتعمير والبناء لاحقاً. كنت أشعر بنوع من الحذر والخوف والتوجس، خصوصاً في هذا المكان العالي فوق الجسر، والمكشوف والعاري، حيث تمرق في اللحظة مئات المركبات والسيارات وبمختلف الأشكال والأحجام. وكانت مخافتي وشعوري، بأن يمكن لأحدهم من داخل واحدة من هذه المركبات، أن يتعرف على وجوهنا، ويسهل على سيارات الأمن في أن تقف لتكرفنا صوب دهاليز الجحيم والمخابرات.. ومن حسن الحظ أن ذلك العمل لم يدم طويلاً، وكنت قد كرهته، لما ذكرت، وللرتابة فيه، خصوصاً حين يفرض عليك الوقوف كالمهبول طوال الوقت وبيدك عامود المسطرة...يمين..يسار... ستوب.
المهندس والكادر الشيوعي الأسمر الجميل الطلعة والروح مهدي برهان ( أبو وفاء) إبن مدينة الكوت، الذي إضطره الفاشيون على ترك عمله وعائلته في الكوت، والعيش مختفياً في بغداد، ارتبط بعلاقات وصداقات طيبة مع الرفاق المشردين في بغداد. وبواسطة  جهوده الجبارة في مساعدتنا على الحصول على عمل، تمكن أكثر من رفيق أن يضمن مكاناً للعمل، وبعض الأحيان في الاختفاء فيه اذا تطلب الأمر... وبتوصية من الرفيق مهدي برهان، الذي غيبه الفاشيون لاحقا، ليلتحق بركب الشهداء الشيوعيين الخالدين، حصلنا على عمل كعمال بناء في تشييد بناية رياضية قرب ملعب الشعب الدولي، وكانت أياماً صعبة ومضنية، ونحن نحفر بالقزمات والكراكات، الارض الصلبة، لترتيب أساس تلك البناية، ووضع شيش الحديد والصب، وكانت الساعات الثمان ليوم العمل تمر ثقيلة مضنية وشاقة وقاهرة.
وتحتم الظروف علي لاحقاً العمل كعامل في مصنع لصنع المعكرونا، يقع في منطقة الكرادة الشرقية خارج، وقد رافقني في العمل رفيقي الدكتور البيطري سفاح بدر، ابن مدينتي وصديقي ورفيقي من أيام الكوت، ومن أيام الجامعة، وكان قد رافقني في السكن في نفس البيت الحزبي في منطقة النبي يونس في الموصل. وكانت المرة الأولى لي أن أعمل عاملاً في مصنع وبأجر يومي، وأكون ملاصقاً ومتحداً بالآلات وبأصوات المكائن والضجيج، ويومها تذكرت لحظات العمل ليوم واحد وتطبيق في معمل النسيج في الكوت حين كنت طالباً في اعدادية الكوت.... معمل صنع المعكرونة هذا كانت مواصفاته كاملة وآلاته حديثة، وهو يصنع المعكرونة، ابتداء من تحضير القمح وطحنه، وحتى اتمام تعليبها وتجهيزها في علب كارتونية، وبألوان وماركات جميلة.. لا أعرف بالتحديد هوية صاحب المعمل، وكنت أجهل الطريقة والشخص الذي توسط لي للحصول على العمل، وهم بالتأكيد رفاقي الشيوعيون، وعرفت لاحقاً أن نصف عمال المعمل ذاك كانوا من الشيوعيين الهاربين من مدنهم صوب بغداد..
ومع مرور الأيام تكيفت مع الحال الجديدة، وأعني العمل الطويل في النهار، والذهاب للراحة والاسترخاء مساء في البيت، ثم الخلود للنوم مبكراً ومن أجل النهوض مبكراً أيضاً. وكل هذه الأعمال التي مررت بها لم يستغرق سوى عدداً من الأيام، بسبب الظروف والحال المتوتر والقلق.. العمل الوحيد الذي بقيت فيه ولفترة طويلة نسبياً، امتدت حتى خروجي من العراق في تموز 1979، كان العمل في العمالة كعامل بناء، ولم يكن هذا النوع من العمل غريبا واستثنائياً بالنسبة لشخص مثلي، تربى في بيت ليس بعيداً عن العمل والعمال، وإبن لعامل بناء ومنذ صباه المبكر حين كان العمال يضطرون بأقدامهم للوك وعجن التبن بالتراب والماء ومن أجل صنع طابوق البناء الطيني، وتدرج هكذا ولسنوات طويلة حتى صار مساعدا لبناء، ثم صار بناء محترفاً، وبعدها تحول إلى إسطة متمرس ومعروف في مدينة الكوت، ثم ليتحول إلى مقاول معروف في المدينة والمحافظة، في فترة السبعينات من القرن الماضي، وفي فترة الرفاه الإقتصادي المعروفة التي مر بها العراق بعد تاميم النفط .
العمل في البناء والعمالة من المهن الصعبة والشاقة، خصوصاً في أجواء مناخية كأجواء العراق، حيث البرد الشديد والحر الشديد الذي لا يرحم... وربما لو لم تكن الظروف القاهرة، والعناد الشيوعي على التحدي والعناد، لما كنت قد استطعت وربعي اجتياز هذا الامتحان العسير...
في المساء جهزت حالي مع ثلاثة من جماعتي، ونهضنا مبكرين ومغبشين، نحو مسطر ومكان صغير لتجمع العمال يقع قريبا من منطقة الباب الشرقي في بغداد، وكان في انتظارنا هناك شخصان حسنا الشكل والمظهر، عرفت في ما بعد بأنهم الأسطوات الذين سنعمل معهم، وهذا العمل أيضا حاله حال الذي سبقه، وتم بترتيب من الحزب والرفاق، وهكذا كان يتم التوضيح بهمس .
بواسطة سيارة بيك آب قطعنا مسافة طويلة حتى وصولنا مكان العمل، وكانت هيكل دار كبيرة  في مراحل الإنجاز الأخيرة، وتعوزها بعض أجزاء الحمام والتفاصيل الباقية، وتطبيق الكاشي واللبخ والبياض، وغيرها...
كنت أتطلع في استاذيَ البنائَين، والذي أسر لي أحد رفاقي الذي شاركني العمل، بأنهما ايضا من جماعتنا، يعني شيوعيين حمر، ومشردين أيضا، وكانا حازمين في موضوع العمل والمهنة، وبسرعة فائقة تم التوضيح عن المطلوب منا في تفاصيل العمل والشغل كما يسميه العراقيون بالشعبية الصحيحة، ولم يكن العمل معقدا، حيث يتطلب إعداد الخبطة المكونة من الأسمنت والرمل العادي والأحمر والحصى الناعم، ومزجها جيداً بالماء، ومن ثم نقلها غبر طاسات كبيرة لتكون قريبة من يد الأسطة البناء...
جابر... وهكذا كان اسمه، والذي صار لاحقا استاذي في العمل في البناء وتطبيق حجر الكاشي الفرفوري تحديداً، والذي كاد أن يعلمني المهنة، لولا قصر فترة عملي المشترك معه. وكان شاباً فارع القامة وسيم الشكل وأشقر الشعر وبعيون زرق، حتى تحسبه ممثلاً سينمائيا من أهل الإنكليز، وليس كخلفة وأسطة بناء. ولم يشأ ولا أيضاً أخيه حبيب، التعامل معنا بصفة رب عمل وعامل، وكانت المعاملة إنسانية وبكثير من اجواء المرح والبهجة ويتخللها  دائماً الأبوذية والشعر والغناء، والأحاديث، وبكل أمور الدنيا، وكانت أجورنا مجزية كبقية العمال، ثلاثة دنانير ونصف في اليوم، وكان الدينار يعور في ذلك الزمن كما يقولون، كل دينار يساوي ثلاثة دولارات وربع الدولار...
حبيب يبدو وكأنه أكثر عمراً من أخيه، وكان طويل القامة وممتلئ الجسم وبوسامة وملامح طيبة وخشنة قليلاً، ولكنه لا يشبه كثيرا الأسطة جابر أخيه.
رغم المعاناة والكد والظروف، صارت  أيام العمل  تمر سريعاً، ونحن نتنقل من بناية أو دار، لأخرى، وفي حالة حذر شديد، ومتهيئين لكل طارئ أو حدث...وكان يصدف ان يشاركنا العمل بعض العمال المصريين، ونكون في مثل هذه الحال في حالة انتباه وصمت، وكأننا لا نعرف بعضنا البعض..
لم أكن أعرف الكثير عن الأخوين جابر و حبيب، حتى التقيت برفيقي وصديقي عبد الزهرة خضير ( ابو سامر ) في الكوت بعد 2003، والذي قص لي حكايتهما، وأضاف لي الكثير من الأخبار والمعلومات ايضاً الرفيق خليل عبد كاطع ( جلال)، وهو رفيقي في الحركة الأنصارية، وكانت لأخيه الشهيد الشيوعي ( جليل عبد كاطع) علاقة صداقة مع العزيزين جابر و حبيب، ومن خلال عملهما المشترك في منظمات الحزب الشيوعي العراقي والشبيبة الديمقراطية، وكان الشهيد جليل لاعباً مرموقاً في كرة القدم وكابتناً  لفريق الظل الأهلي، والذي كان واجهة للشبيبة الشيوعية في مدينة الثورة في بغداد..
رغم كونهما من أهالي بغداد، وبالتحديد من مدينة الثورة قطاع 55، كانا مختفيين عن انظار السلطة، التي طاردتهما في حينها طويلاً. وكان حبيب رياضيا معروفاً، ولعب كحامي هدف بارع، في فريق الظل الأهلي لكرة القدم في مدينة الثورة، وارتبط وأخيه جابر بعلاقات وثيقة مع الرياضي المعروف ونجم المنتخب الوطني الشهيد الخالد بشار رشيد..وكانا قد اضطرا للهروب والاختفاء بعد اعتقال الشهيد بشار، والذي صمد صموداً بطوليا، وأفشل كل رغبات مجرمي نظام العصابة، في الوصول الى رفاقه..
 رغم مرور اكثر من أربعين عاماً مضت على تلك الاحداث والذكريات، لكنها بقيت كالوشم في الذاكرة...ليس لي سوى الدعاء بالصحة والعافية وطول العمر لأستاذي في العمل الأسطة جابر وأخيه الأسطة حبيب.
لقد علمتنا الايام أن نجتاز الظروف والمعاناة، وكان الهدف الأسمى أن ينعم وطننا بالخير والرفاهية، وأن يتخلص شعبنا من الجور والظلم والديكتاتوريات... وكانت التجربة كبيرة وفيها دروس ظلت محفورة في الذاكرة، وخصوصاً حين لم نعد نحن الطلاب في تلك الأيام، وروداً في صدور العمال، وإنما صرنا في مركب واحد مع العمال، ولو لبعض الزمن، ولنا كل الحق في الفخر بتلك الساعات والأيام، وبتلك اللقاءات والصباحات المشرقة الجميلة، وسط رائحة المدينة والغبش، وشوربة العدس الساخن، والصمون الذي يسيل اللعاب، وعلب مربى الرقي وشدات الخبز، حين كنا نتناولها وسط  رائحة الأسمنت والطابوق، في  نهارات بغداد...المجد للعمل والعمال..ولهم الغد، كل الغد الجميل المشرق، طال الزمن أم قصر...
........................
26 نيسان 2021...السويد..فيرملاند


36
كنوز الشمس المهدورة
نجم خطاوي
....
تفاجأت بسؤاله عن وقت سطوع الشمس في وطني العراق، وعن وقت غروبها، ونحن نتبادل الحديث في شؤون سويدية تبدو دون صلة بموضوع استفساره...
قلت لصديقي السويدي توبياس ،بأني سأجيبه وبكل تفاصيل سطوع الشمس العراقية وغروبها، وفي كل الفصول، ولكن بشرط أن يخبرني عن المغزى من السؤال...واتفقنا، وشرعت في أن أقربه من المشهد في بلاد لا تفارق الشمس سمائها إلا ما ندر، وهي ساطعة وذهبية ومانحة كرمها دون ثمن ومقابل ..
قلت لصاحبي السويدي، وبدا منصتا لكلماتي وهو يجلس قبالتي في الطاولة:
- يمكنك القول أن الشمس في العراق تغطي الفصول جميعها، وخصوصا صيف البلد الطويل، وربيعها الشمسي الدافئ ..
بانت الحيرة والصمت في ملامح وجهه، وكنت ألح في الوصول لغايته من السؤال، لكنه مضى في الاستفهام:
- أين تذهب أشعة الشمس الجبارة الحاضرة في كل الفصول، في بلادكم، كما أسلفت؟
وظننته يمزح معي، موضحا له بأن العراق بلد زراعي، والشمس ضرورة في ذلك، وعداها فهي لا تبدو صديقة،خصوصا حين يفر الناس من أشعتها وحر قيظها، لائذين بأجهزة التبريد والستلايتات والمكيفات والمراوح والمهفات، وما هب ودب من أجل إتقاء حر الشمس ..
توبياس لم يشأ الجواب، لكنه دعاني لمرافقته بزيارتهم في البيت، وشرب فنجان قهوة، وهناك سيكون الجواب ..
ذهبنا بسيارته لدارهم التي لا تبعد كثيرا عن مركز المدينة، وهي دار كبيرة المساحة نوعا ما، وبالأخص الحديقة التي تحيطها من كل الجوانب ..
وحين وصولنا دعاني للنظر صوب سطح السقف الخارجي للدار، هناك حيث تمتد صفائح سود، لم أفطن لسبب وجودها هناك..وأعانني على فك طلاسم حيرتي
- هذه الصفائح التي تراها فوق سقف سطح الدار، هي ألواح الطاقة الشمسية التي تعاقدنا مع شركة أهلية على شرائها وبسعر مناسب، ونصبها، وهي مرتبطة مباشرة مع منظومة الجهة التي تزودنا بالكهرباء، وهي تعمل على تخزين طاقة الشمس وتحويلها لطاقة كهربائية، وستخفف من مصاريف ومبلغ ما ندفعه كل شهر من فاتورات باهظة..
ومضى في حديثه وهو يشير إلى ألواح أخرى أقل مساحة، نصبوها فوق سطح غرفة اللوازم الخارجية :
- صفائح الشمس هذه ستمكننا من بيع الفائض من الطاقة الكهربائية التي تجهزها، إلى الجهة التي تزودنا بالكهرباء، والمرتبطة منظومتها مع الألواح ..
ودعاني وهو يمزح لأن أدعو لهم، بشروق طويل لشمس السويد، وهو يريني صورة برنامج ألواحه الشمسية المثبت في تلفونه الموبايل، والذي يتيح له وقت ما شاء، معرفة ما ينتج من كهرباء في تلك الألواح ..
شربت قهوتي وأنا في لجة الصدمة والحيرة، وودعته شاكرا لضيافته والقهوة اللذيذة، والدروس البليغة التي تعلمتها..
في الطريق كنت حزينا وقد تجمع كل تفكيري في صورة شمس بلادي البعيدة، وأنا أرقبها في مدينتي، منذ غبش الصباحات، وحتى رحيلها مودعة في المساءات خلف نهر دجلة الخالد... الشمس التي جحدنا كرمها ولم نفطن له، وكان يمكن للمليارات التي هدرت في صناعة الكهرباء، أن تعمر أوطانا، وتحسن من أحوال الناس ..
الحكمة من درس صديقي السويدي هي أن الجميع قد ضمنوا الفائدة والراحة وحسن التدبير وضمان القادم من الأيام...صحيح أن توبياس وعائلته قد دفعوا ثمنا لشراء هذه الألواح، ولكنها ستخفف عنهم مصاريف الكهرباء، وسيعود ثمنها مع تقادم الزمن.الشركة التي نصبت الألواح قد استفادت وكسبت وشغلت عمالا...الجهة المجهزة للكهرباء ستتمكن من شراء كهرباء جديدة من صديقي توبياس، متولدة من الطاقة الشمسية، وبسعر أقل من سعر الكهرباء الذي تبيعه، وبذلك تضمن بعض الربح...الدولة والمجتمع هما الرابحان الأكثر، حين يكون الاعتماد على هذه الطاقة البديلة الصديقة المناخ والبيئة، والقليلة الضر على صحة الإنسان وظروف عيشه..
ليس من بد سوى المضي مع كلمات السياب الخالد :
الشمس أجمل في بلادي
من سواها والظلام
حتى الظلام
هناك أجمل
فهو يحتضن العراق
يا لخيباتنا وكيف لم نتعلم حكمة أن الشمس العراقية أجمل من سواها، وسواها هذه قد ثمنها وعظمها الآخرون، وبقينا نحن نحبو في السير عند نهايات القافلة ..
.....
١٥ نيسان ٢٠٢١


37
كانت أيام.....
هذا ليس ابننا...

صيف عام 1986، وكنت وبصحبة ثلاثة رفاق من سريتنا قرجوغ، في ضيافة بيت فلاح كوردي من قرية يدي قزلر في سهل أربيل، وكانت العادة أن نتوزع في بيوت الفلاحين عند زيارتنا لهذه القرى في جولاتنا المعتادة والتي تكون في أغلب الأحيان بواسطة سيارات التيوتا النصف بيكب البيضاء.
الفلاح الكوردي الشاب صاحب الدار، أغدق علينا بكرمه وضيافته مكثراً من أقداح الشاي، وزاد في ذلك حين أحضر علب سجائر سومر وأصر على قبولها، وهي هدية لها طعمها في تلك الظروف وخصوصا للمدخنين من أمثالي...مقارنة بقرى المنطقة تبدو قرية يادي قزلر كبيرة ببيوتها الكثيرة المترامية وبتنوع مهن سكانها بين الزراعة والرعي والتجارة. صاحبنا الذي ضيفنا في داره، جمعته صلة قرابة ونسب مع احد رفاق سريتنا قرجوغ، شيرزاد (بولا)، وكان بولا معنا في الزيارة، وهو فتى يافع في عنفوان شبابه وحماسه وبقدرات ذهنية وعسكرية مكنته أن ينال ثقتنا وصار قائداً لأحدى فصائل سريتنا. في ذلك المساء تقرر أن نمكث في القرية ليلا ونغادرها عند الفجر، وهو ما سمح لنا بالاسترخاء قليلاً وسط احاديث الزرع والعيش وتهديدات السلطة وأخبار الحرب. لم تكن المرة تلك هي الأولى التي ألتقي بها ذلك الفلاح صاحب الدار، فقد سبق وأن إلتقيته أثناء زياراتنا كأنصار شيوعيين لقريتهم التي ينشط عدد من فلاحيها في تنظيمات الحزب الشيوعي المحلية والسرية، وكان هو احدهم بل أنشطهم وأكثرهم حركة، وخصوصاً في الخدمات الكثيرة الجليلة التي كان يقدمها لمفارزنا الأنصارية، وكان يبدي تعاطفاً واهتماما معنا نحن الأنصار القادمين من المدن والمحافظات البعيدة، مع حسراته وألمه لمصائرنا وسط الجبال والسهول والوديان بعيداً عن أهالينا حسب وصفه وتكرار تعبيره عن أحاسيسه تلك...
- كاك رياز...أريد أن أقدم لك خدمة إنسانية ويا ليت أن تتقبلها ....
فاجأتني كلماته في ذلك المساء وهو يلفظ الضاد زاء في نطق اسمي في البيشمركه( رياض) ونحن نهم للشروع بالنوم بعد ان فرش لنا ثلاثة أفرشة في نفس الغرفة، خصوصاً وأن أجسادنا قد هزها التعب بعد جولات طويلة وسط القرى والسهل..
- الشكر لك مقدماً كاك .....
قلتها مع بعض الاستغراب مستفسراً عن تلك الخدمة !!!!
- أنت تعلم بعملي في التجارة وكسائق سيارة بين أربيل والمحافظات، وأزاول المهنة منذ زمن، وأعرف الكثير من مدن العراق وطرقها، وقد زرتها كلها تقريباً.. أريد الوصول لأهلك واللقاء بهم لإخبارهم بسلامتك وصحتك، ولطمأنتهم،  بعد سنوات طويلة من جهلهم لظروفك وحالتك...
قالها بثقة العارف وبملامح النيات الصادقة التي بانت في ملامح وجهه مع الإصرار على تحمله وحده ما يترتب على ذلك، لا سامح الله وهكذا ختم جملته الأخيرة حتى بدا وكأنه يتوسلني القبول...
قلت سأفكر بالأمر وأخبرك لاحقاً... وتركنا نحن الثلاثة نهجع للنوم ذاهبا لعائلته في الغرفة المجاورة...شخير رفيقي اللذين غطا في نوم عميق، طاف في كل أجزاء الغرفة، وبقيت ساهراً حتى انبلاج الفجر وأنا أفكر بأهلي الذين لم أرهم لثمان سنوات،  وبمدينتي الكوت وشوارعها ونهر دجلة والسدة، وهذا العرض السخي والمقلق الذي قدمه صاحب الدار...
مبكرا غادرنا قرية يدي قزلر وتفاصيل حديث صاحبنا الفلاح الكوردي تلعب في رأسي شاطي باطي كما يقولون...واستشرت رفاقي في الأمر وشجعوني على قبول الفكرة، وخصوصاً وهو من جماعتنا ومن الذين يوثق بهم...ولم تمض ايام حتى حللنا ضيوفا  في القرية، وإلتقيته ليبادرني مباشرة عن الرأي في فكرته التي عرضها علي...
على ورقة قديمة رسمت له شوارع منطقة سكني الحاوي في مدينة الكوت، وبالتحديد موقع دارنا في بداية الشارع الفرعي ما قبل الأخير بالنسبة للمتجه من ملعب المدينة الرياضي.
وبكلمات الثقة طمأنني بأنه سبق وأن زار مدينة الكوت ولأكثر من مرة وهو يتذكر سوقها ومركزها التجاري، وهو يزورها باستمرار لنقل بعض المواد الغذائية لبيعها هناك ..
من هوية طلاب قديمة كنت أحتفظ بها من أيام دراستي في براغ التشيكية قبل التحاقي مقاتلا في صفوف حركة الأنصار، خلعت بعناية وتأني،  صورة فوتوغرافية لي ليست واضحة المعاني ولكنها تبرز ملامحي بوضوح، وقلت له ان يحتفظ بها بعناية، ويمكن أن تفيده وتعينه في اللقاء القادم مع أهلي، وأوصيته بكثير من الحذر.
مرت أيام وربما شهور، لا أذكر ذاك وهي فترة كادت تنسيني الموضوع خصوصاً وسط زحمة العمل الانصاري والمهمات الكبيرة والحذرة والصعبة خصوصاً ونحن نتجول وبعلانية  وبالسيارات وسط السهول والقرى، وغالباً ما نكون عرضة لطائرت الهليكوبتر ولكمائن المرتزقة.
وصادفت الظروف أن نزور قرية يدي قزلر، وكانت المناسبة تقديم التعازي والمواساة لاستشهاد  نصير شيوعي من  أبناء القرية، والتقيت صاحبنا في مسجد القرية، وكنت برفقة رفيقي آمر سريتنا أبو أحلام ورفيقين من السرية، وكان الفلاح الشاب يتحدث بألم وحرقة وعذاب وشعور بالخيبة....
- وصلت داركم في الكوت دون عناء.. أهلك استقبلوني وضيفوني بالشاي والكليجة وبأحسن الكلام، لكنهم أنكروا أن يكون لهم ابنا خارج الوطن او في الجبال، وحين أريتهم الصورة قالوا لا نعرف شخصاً بهذه الملامح، وهو ما دعاني لمغادرة بيتكم بعد وقت قصير من الزيارة، خصوصاً بعد سماع بكاء ونحيب الوالدة وأخواتك في الغرفة المجاورة...
وأعاد لي الصورة، مع الكثير من  كلمات الإعتذار والحسرة والألم...لم أستغرب ذلك، في ظل ظروف تلك الأيام، وشكرته على كل حال على مبادرته التي لا تقدر..
الذي حدث بالتحديد من تفاصيل زيارة صديقي الفلاح الطيب ابن قرية يدي قزلر، وهذا ما علمته بالتفاصيل المملة بعد 9 نيسان 2003 واندحار نظام العصابة، حيث سنحت لي الفرصة لزيارة اهلي ومدينتي بعد ربع قرن من الزمن، ومنذ تركي الدراسة في الجامعة 1978 ومغادرتي الوطن في 1979 وحتى عودتي في حزيران 2003، كان كالتالي:
الشمس لا زالت في لسعاتها ونورها الذي يضيء الشارع والفضاء، حين اقتربت بحذر سيارة تيوتا بيضاء نصف قمارة كما يسمونها، من دارنا في منطقة الحاوي، لينزل منها شاب بملابس مدنية لا تبدو عليه الشكوك والريبة، ضاغطاً زر الجرس بحذر وترقب....أخي لم يزل ملتحفاً فرشة خفيفة وهو يغفو على الأريكة المقابلة لهواء المبردة، وأبي قد نهض للتو بعد قيلولة الظهيرة في انتظار شاي العصر الذي بدأت أمي في إعداده وتخديره، وقد فاحت رائحة الهيل منه...
هرعت أختي لاستبيان الأمر، متطلعة  من فتحة أسفل ستارة القماش القصيرة التي تغطي أعلى الباب، مستفسرة عن هوية الطارق..
- هل هذا بيت العم أبو نجم ؟؟...أنا من أقاربكم من بغداد، وجئت لزيارة الوالد....
واستقبله أهلي بالترحاب والسلام والشاي والكليجة والكعك، وجلس والدي على الأريكة المقابلة لجلوس الضيف متفرساً ملامح وجهه وكل حركاته وحتى طريقة نطقه للكلمات والحروف..
قال الضيف :
- انا اسمي ... وانأ من أربيل، وبالتحديد من قرية يدي قزلر، وأنا رسول من طرف ابنكم الذي حملني السلام والتحيات لكم والرغبة في طمأنتكم على صحته وسلامته واشتياقه لكم..أتمنى أن لا تذهب الظنون بكم لغير هذا الأمر فأنا صادق في قولي، وإذا أردتم التأكد من نيتي وقولي، فهذه صورته التي تؤكد كلامي.
قبل أقل من أسبوع كانوا قد استدعوا أخي نبراس في مديرية أمن مدينة الكوت، وقد اعتادوا ذلك في طلب حضور أحد أفراد العائلة، وبشكل دوري، لمراقبة وتقصي وتشمم المعلومات عني، وفي كل عملية استدعاء تعيش العائلة في حالة انذار ويكون يومها جحيما، وخصوصاً أن هذه الاستدعاءات تكون طويلة وبعشرات السين والجين، مع كوم من الشتائم، والتهديد والوعيد...ويبدو أن العائلة قد اعتقدت متوهمة أن في الأمر ريبة في تلك الظهيرة الحارة، لتربط ما بين استدعاء أخي لمديرية الأمن، وما بين زيارة الضيف الفلاح القادم من أربيل لدارنا...
اخرج الضيف من جيب سترته صورة صغيرة كان قد احتفظ بها في محفظة صغيرة سوية مع صور عائلته وأصدقاءه وناولها لرب العائلة والدي، والذي اخذها متطلعا فيها ودون أن ينطق بحرف أو تعليق، ثم ليقترب أخي من الوالد متطلعاً في الصورة... أمي وأخواتي تطلعوا في الصورة أيضا وبعجالة...مرت لحظات من الصمت والترقب، ليعلو بكاء ونحيب أمي وأخواتي، وحسم أخي الموضوع بعد أن لاذ أبي بالصمت والخشوع وكأنه قد تيبس وجمد في مكانه..
- نحن نعتذر منك يا أخي فليس لدينا ابنا بهذه المواصفات التي ذكرتها، ولا بهذه الملامح التي في الصورة، ويبدو أنك قد أخطأت العنوان والقصد..
تناول الرسول الصورة بألم وحرقة، ولم يعلق كثيراً، مستأذنا بالخروج، ودون أن يكمل شرب شايه، ولا حتى تناول الكعك، وخرج مسرعا خوفاً من تطور الأمر وحدوث ما لا يحمد عقباه، خصوصاً بعد تعالي بكاء ونحيب نسوة الدار..
 بعد انجلاء الغمة وهزيمة الدكتاتور وعصابته في نيسان 2003، كان والدي يتألم كثيرا وهو يقص علي المشاهد الدراماتيكية لأحداث تلك الظهيرة، مع دعوتي وبإلحاح أن أزور هذا الفلاح الكوردي والشيوعي الشهم، لزيارتهم في الكوت، ليقدموا له الاعتذار طالبين الصفح والمعذرة عن احداث تلك الظهيرة ..
المجد والخلود لك ما شرقت شمس وما غربت، رفيقي شيرزاد صابر أحمد ( بولا) ابن قرية يدي قزلر...محبة وسلام وورود للذي خاطر في تلك الظروف بالمهمة الصعبة، صديقنا الشهم الفلاح ابن قرية يدي قزلر..
......................................
السويد..فيرملاند..الجمعة 9 نيسان 2021

38
البرنامج الاقتصادي - الاجتماعي للثورة الشعبية السلمية في العراق

 
د. سناء مصطفى  و د. نجم الدليمي
 
                             
ان الثورة الشعبية الشبابية السلمية التي اندلعت في الاول من تشرين الأول العام 2019 قد شكلت نموذجا حيا وملموسا في تاريخ العراق الحديث، انها ثورة شعبية شبابية سلمية وبدون مشاركة الاحزاب السياسية. اندلعت الثورة بسبب الفشل الذريع لنظام المحاصصة السياسي والطائفي والقومي المقيت.

لقد قدمت الثورة تضحيات جسيمة لم يشهدها تاريخ العراق المعاصر حيث اختلفت التقديرات ما بين 400-600 شهيد واكثر من14000 جريح، والمئات المعتقلين والمختطفين من قبل السلطة الحاكمة والمليشيات المسلحة التابعة للأحزاب السياسية المتنفذة في السلطة وغير التابعة للاحزاب والمدعومة من قبل قوي اقليمية.

نؤكد على جميع الاحزاب السياسية المتنفذة في السلطة من العام 2003 ولغاية اليوم ان لا يتعكزوا ولا يقدسوا دستور بريمر الذي شرع بغفلة من الشعب العراقي وفي فترة غير واضحة الاهداف والمعالم في وقتها. ان التقديس للشعب.

ان المخرج من الازمة التي يعيشها شعبنا العراقي منذ الاحتلال الامريكي للعراق ولغاية اليوم لا يمكن الخروج منها الا من خلال برنامج اقتصادي-اجتماعي متكامل يحقق العدالة الاجتماعية ويعطي السلطة للشعب لأن الشعب هو مصدر السلطات ويطرح للحوار الشعبي:

1. اقامة مرحلة انتقالية ما بين 1-2 سنة وبنظام رئاسي للمرحلة الانتقالية.

2. تشكيل حكومة انقاذ وطني من كفاءات وشخصيات وطنية مستقلة مخلصة للشعب العراقي. ومن اهم المهام الملقاة على عاتق حكومة الكفاءات الوطنية خلال مرحلة الانتقال هي المهام التالية:

- حل البرلمان العراقي خلال مرحلة الانتقال.

-حل مجالس المحافظات والاقضية والنواحي.

- الغاء الامتيازات المادية للرئاسات الثلاثة وكبار المسؤولين في السلطة خلال فترة المرحلة الانتقالية وتوجيه المبالغ المالية نحو اعادة وتشغيل المصانع والمعامل المتوقفة وتطوير الخدمات من الكهرباء والماء.. ومعالجة البطالة من خلال تطوير القطاع الصناعي والزراعي باقامة المزارع التعاونية ومزارع الدولة لاستيعاب الأيدي العاطلة عن العمل وبناء المساكن والدور للطبقات الشعبية المسحوقة مع تطوير قطاع الاسكان الشعبي.

-تشكيل لجنة لكتابة دستور جديد للبلاد من شخصيات عراقية متخصصة في الميدان القانوني والاقتصادي والسياسي، لان اساس المشاكل التي واجهت شعبنا العراقي هي بسبب دستور بريمر السىء الصيت.

-تشريع قانون جديد للانتخابات البرلمانية والاحزاب السياسية وقانون من اين لك هذا، وقانون تشكيل لجنة مفوضية جديدة تضم قضاة وشخصيات وطنية مستقلة كفوئة ومخلصة للشعب العراقي.

-معالجة جذرية لمشكلة الماء والكهرباء لانها تشكل المفتاح الرئيس لحل جميع المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وتطوير الاقتصاد الوطني.

- العمل على الغاء قانون رفحاء الذي يكلف الشعب العراقي نحو 30 مليار دولار أمريكي سنوياً، وشمولهم بقانون المفصولين السياسيين والعمل على استرجاع كافة الاموال المسروقة والمهربة للخارج، والتدقيق بظاهرة الفضائيين في السلطة والمشاريع الوهمية وعقارات الدولة التي تم الاستحواذ عليها من قبل الاحزاب السياسية المتنفذة في السلطة اليوم، ووضع يد الدولة على المنافذ الحدودية وبشكل مباشر ووقف تهريب النفط العراقي سواء في الجنوب او في الشمال من قبل الاحزاب السياسية المتنفذة في السلطة في الوقت الحاضر لأن هذه الثروة هي ملك للشعب وليس لقادة الاحزاب السياسية.

- العمل على تشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة بحق اللذين ارتكبوا جرائم ضد المتظاهرين السلميين من قتل وتعذيب واعتقال.

-العمل على فصل الدين عن السياسة، وضمان الحريات والمعتقدات، وحرية التعبير والفكر وتحريم الفكر الطائفي ومن يروج له ويحاسب وفق المادة 4 من القانون.

-العمل على اقامة علاقات مع جميع الدول على اساس مبدأ المساواة والمنافع المتبادلة والمصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

المهام ما بعد انتهاء مرحلة الانتقال هي الاتي ::

-العمل على اجراء انتخابات برلمانية وفق القانون الجديد ولجميع الاحزاب السياسية العراقية وتحت اشراف الامم المتحده.

-المطالبة باجراء استفتاء شعبي ديمقراطي وبإشراف المنظمات الدولية حول طبيعة النظام في العراق، رئاسي او برلماني، والشعب هو صاحب القرار النهائي في تحديد شكل وطبيعة النظام الذي يرغب اليه لأن الشعب هو مصدر السلطات.

- الاقرار بتعدد الأنماط الاقتصادية في الاقتصاد العراقي: قطاع خاص وقطاع مختاط مع توطيد دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي في المجتمع والاقتصاد، وكذلك تعزيز الرقابة الشعبية على السلطة التنفيذية والتشريعية.

-العمل على اعطاء الاولوية لتطوير قطاعات الصناعة والزراعة والسكن والصحة، اضافة الى وضع ستراتيجية واضحة لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي في الجامعات الرسمية.

-وضع الرجل المناسب في المكان المناسب في ادارة الاقتصاد الوطني العراقي وبعيداً عن المحاصصة الطائفية والحزبية والمحسوبية والمنسوبية التي دفع شعبنا الابي ثمناً باهظا بسببها منذ العام 2003 وحتى اليوم.

- ضمان الدستور الجديد حق العمل للمواطن ومجانية التعليم والصحة والسكن للفقراء.

- ضمان حرية التعبير والاعتقاد وحرية الصحافة وفق الدستور الجديد وبما يضمن الامن والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

-تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية في المجتمع وانهاء نظام المحاصصة السياسية والطائفية والإثنية.

-العمل على تعزيز وحدة العراق ارضاً وشعباً وامتلاك الشعب للثروة الوطنية وفق الدستور الجديد وعدم السماح بالتدخل في الشؤون الداخلية للعراق من قبل القوى الدولية والاقليمية

النصر حليف شعبنا العراق
النصر حليف الثورة الشعبية الشبابية السلمية


39
بيان تضامن
مع النائبة هيفاء الأمين
 وإدانة الاعتداء على
 مقر الحزب الشيوعي العراقي
في الناصرية

من جديد يشحذوا أحقادهم وممارساتهم اللاديمقراطية باستهداف مقر الحزب الشيوعي العراقي في الناصرية ومكتب النائبة الشيوعية في تحالف سائرون هيفاء الامين وبحجة واهية في استغلال تصريحات للنائبة أسيء فهمها عن تخلف واقع الخدمات والبنى التحتية لبلادنا وبالذات الجنوب الذي ترشحت النائبة عن احدى محافظاته ذي قار في البرلمان....
ورغم رسالة الاعتذار التي قدمتها النائبة وعبرت فيها بالتأكيد على احترامها لمقدسات الناس وشعائرهم والقصد من حديثها وتصريحاتها، فقد واصل من تضررت وتتضرر مصالحهم جراء عمل ونشاط النائبة وحزبها والتحالف الذي تمثله، في توظيف القضية لتحجيم دور وتأثير الحزب الشيوعي العراقي والقوى والأصوات الوطنية وبالضد من مشروع الاصلاح والتغيير الذي لا يروق للبعض الذي ظل ولسنوات مستفيداً من واقع التخلف وتدني الحال..
باسم الاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني في السويد  ندين ونستنكر حملات التشويه ضد النائبة المدنية هيفاء الامين والاعتداء الغاشم ضد مقر الحزب الشيوعي العراقي وما رافقه من هتافات مستنكرة وأفعال مشينة وندعو الجميع لفضح هذه الأساليب  المنافية للحريات ولمبادئ الديمقراطية..
نعم لحرية التعبير وللأصوات المدافعة عن حقوق الناس في العيش الكريم...
نعم لكل الاصوات الخيرة المنادية
بدولة المؤسسات  والمواطنة والدولة المدنية الديمقراطية...
لا للبلطجة والاعتداء واستخدام الوسائل العنفية ....

8/5/2019

الموقعون
1 ـ الحزب الشيوعي السوداني / فرع السويد
2 ـ الحزب الديمقراطي الكردستاني  / محلية السويد
3 ـ  ممثلية الإتحاد الوطني الكردستاني في السويد
4 ـ حركة التغيير " كَوران" / السويد
5 ـ الحركة الديمقراطية الآشورية / محلية السويد
6 ـ حزب بيت نهرين الديمقراطي  / محلية فرع السويد
7 ـ الإتحاد الديمقراطي الكوردي الفيلي
8 ـ المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري / مكتب السويد
9 ـ حزب الجبهة الفيلية في  اوربا
10 ـ منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد
11 ـ منظمة الحزب الشيوعي الكردستاني / العراق في السويد
12 ـ تنسيقية التيار الديمقراطي في ستوكهولم
13 ـ رابطة المرأة العراقية في السويد
14 ـ  جمعية المرأة العراقية في ستوكهولم
15 ـ جمعية المرأة الكردستانية في السويد
16 ـ جمعية المرأة المندائية في ستوكهولم
17 ـ اتحاد الجمعيات المندائية  في دول  المهجر
18 ـ الإتحاد الديمقراطي للجمعيات العراقية في السويد
19 ـ رابطة الأنصار الديمقراطيين في ستوكهولم وشمال السويد
20 ـ الجمعية المندائية في ستوكهولم 
21 ـ اتحاد الكتاب العراقيين في السويد
22 ـ نادي 14 تموز الديمقراطي  العراقي في ستوكهولم
23 ـ منتدى الحوار الديمقراطي العراقي في ستوكهولم
24 ـ جمعية بابيلون للثقافة والفنون
25 ـ الرابطة المندائية للثقافة والفنون / فرع السويد
26 ـ الملتقى الثقافي المندائي في ستوكهولم
27 ـ رابطة الديمقراطيين العراقيين في ستوكهولم
28 ـ حركة العمال النقابية الديمقراطية في ستوكهولم / السويد
29 ـ جمعية زيوا المندائية في سيدرتاليا
30 ـ فرقة مسرح الصداقة في ستوكهولم
31 ـ  لجنة اللاجئين العراقيين في ستوكهولم
32 ـ الجمعية الثقافية العراقية في مالمو
33 ـ البرلمان الكردي الفيلي
34 ـ رابطة الديمقراطيين العراقيين في جنوب السويد
35 ـ فرقة ينابيع االمسرحية
36 ـ التيار الديمقراطي في جنوب السويد
37 ـ الجمعية الثقافية المندائية في لوند
38 ـ البيت الثقافي العراقي في يتبوري
39 ـ جمعية المرأة العراقية في يتبوري
40 ـ رابطة المرأة العراقية في يتبوري
41 ـ جمعية تموز في السويد
42 ـ جمعية الأنصار الشيوعيين في يتبوري
43 ـ التيار الديمقراطي في يتبوري
44 ـ جمعية المرأة الفيلية في يتبوري
45 ـ النادي الثقافي الاجتماعي العراقي في يتبور
46 ـ الجمعية العربية النسائية في ترولهتان
47 ـ الجمعية الثقافية في ترولهتان
48 ـ الجمعية الثقافية في بوروس
49 ـ الجمعية العراقية في لينشوبنك




40
عريان السيد خلف
 ومآثرته في الشعر والحياة
        نجم خطاوي

الشعر الشعبي العراقي كان على الدوام قريباً من وجدان الناس وأحاسيسهم معبراً عن خلجات النفوس والمعاناة والضيم والكدر وأيضاً الحلم بحال أجمل وأكثر انسانية..
ومنذ الحاج زاير وأبو معيشي ومظفر النواب خط الشعر الشعبي العراقي هذا اللون الأدبي الشعري مكانه في مساحة الابداع الثقافي العراقي وعبر نصوص وملاحم حفظتها الذاكرة وتغنى بها العاشقون والحيارى والثائرون والعامة من الناس..
ومع البدايات الأولى لتفتح موهبة عريان السيد خلف الجنوبي ابن مدينة قلعة سكر وأجواء الناصرية، ابتدأت حقبة يشار لها بالبنان في ما قدمته من اضافات متميزة ومشهودة للذائقة الشعرية الشعبية وبكل ما تحمل من ترف وجمال المفردة الريفية القريبة من هموم ابناء المدن...
أن تكون شاعراً ومبدعاً فهذا يعني قدراً كبيراً من الجرأة والإقدام والجسارة على خوض التجربة واقتحام الممنوعات والحواجز وتقديم منتج ثقافي متنوع ومختلف عن المعتاد الروتيني وأيضاً القريب من نبض الحياة اليومية في الريف والمزارع وشوارع المدينة بمقاهيها وأزقتها وورش عمالها وطبقات الناس ومكوناتهم..
لقد صدق مظفر النواب وهو يشيد بعريان السيد خلف الشاعر:
((أرضنا حفلت بنواطير شجعان كثيرون منحوا حياتهم لحراسة الأرض والتاريخ والناس...))
في اشارة لواحدة من نصوص عريان عن النواطير...وهنا دلالات المعنى حين يكون الانسان حارساً وأميناً للأرض مؤتمناً للتاريخ كشاهد حقيقي مع الوقوف في صف الكادحين وحراسة حلمهم في وطن آخر وأماني للفرح والحياة الجديدة..
نصوص الشاعر عريان وكما عبر هو نفسه مرة بكونها ((مقاطع من الغناء الموجع الحميم يحمله عبر ليالي الرحيل الباردة، والمليئة بالريح، والمحطات، والتعب الشاق... وكان خلالها صادقاً، وملتهباً وتلقائياً...))
أليس هو الذي نذر روحه وهي أعز ما يملك الإنسان:
أدك روحي....
نذر للجايب ابشاره
وقد أتعبه طول الانتظار والصبر في قدوم من يحمل له بشائر الفرح والبهجة...
وهو أيضاً الماي والشراع الذي لم يخن السفان:
هذاك آنه
الكطعتي الماي...
عنه....
او عاش بأحزانه
هذاك آنه.
الشراع...
الماكسر نوماس سفانه
قدرة كبيرة لعريان في محاولة المزج المحبب والغير مصطنع ما بين العاطفي الحسي وبين الهم الشعبي والوطني وبشكل يصعب التفريق بين الاثنين .. وهذه الميزة تكاد تشبه بحدود كبيرة حياة ومسيرة ومحطات الشاعر والذي عاشها بتجرد وإنسانية مولعا شغوفاً بحب الأرض العراقية والطبيعة بغرسها وورودها ورياحينها متعلقاً بالبشر العراقيين بألوانهم العجيبة والجميلة.... هو عاشق يقطر وجداً في مغازلة حبيبته يناجيها بمفردات الحب النقية شاكياً لها في الوقت نفسه همومه وأشجانه ودواخله الطافحة بالحزن:
اتلولحي ابروحي كصيبه اتلولحي
اتلولحي ابكلبي قصيدة اتلولحي
احنه خلانه وكتنه
اتراب بحلوك الرحي
وهو كان رغم قساوة الزمن وبشاعة ولؤم الحكام والمستبدين من حط قلبه على كفه ليغسل بنزفه وجه المدينة:
وذاك من ذاك
اللكه النجمه العزيزه بلا سمه
ودك الهه عينه
وذاك من ذاك..
اليحط كلبه اعله جفه
ويغسل بآخر نزف وجه المدينه
في المعيبر عبد أوجز عريان مسيرة الانسان المانح والمضحي والباذل في سبيل أن تتنفس الناس هواءاً عبقاً بأريج الحرية وحلم السعادة المفقودة.
عبد هلكد طمع بمحبة الناس
وتريد اشكد بعد تنحب يمحبوب
ليس من قول سوى استعارة كلمات مظفر النواب وكلماته:
إننا نحبك أكثر من ( اشكد) هذه يا عبد ....
يا عريان السيد خلف ابن أرضنا العراقية العظيمة،
ونسمعك من منافينا تؤنس وحشتنا التي لا تنتهي...

41
عن (موبقات و معاصي)
 الاحتفاء بأعياد الميلاد والسنة الحديدة

نجم خطاوي

قديما أو حديثا قالوا:
من السهولة أن تكون ناقدا ولكن من الصعوبة أن تكون نزيها!!!
إن كل ضمير حي في العراق والعالم يشعر بالمرارة والاستنكار لكل من أراد في الأيام الأخيرة الإساءة والإيذاء لأبناء شعبنا من المسيحيين وتزامناً مع فرح الناس واحتفالاتهم مع قدوم العام الجديد 2019..

إذا كنتم تعتبرون الاحتفاء بميلاد النبي عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا محمد وكل الأنبياء الصلاة والسلام، من ( المحرمات والموبقات)، وتريدون الإساءة إلى تقاليد الاحتفاء بأعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية وقدوم العام الجديد، فأننا نستذكر مع هذه الأعياد صورا جميلة أخرى ربما أردتم حجبها عن الناس..
حين تلتقي العائلة الواحدة أو عدد من العائلات وتتبادل السلام والتحيات والأشواق والذكريات المشتركة، وحين يتزاور البعيدون رغم طول المسافات وعناء السفر ليحضوا بدفء اللقاءات العائلية وبصلات القربى والأصدقاء..
وحين يطلب الناس المتخاصمون الصفح والتسامح من بعضهم البعض تزامنا مع حلول العام الجديد والأعياد ويعودوا اخوة وأصدقاء..
وعندما تعج الكنائس ودور العبادة الأخرى بالزائرين والمصلين المبتهلين للرب وطلب الغفران،
 وتشهد المستشفيات ودور العجزة زيارات الأهل والأصدقاء لأهاليهم وأقاربهم الراقدين هناك..
وحين يتبادل الناس في كل أرجاء المعمورة وبكل أطيافهم وألوانهم وأشكالهم ولغاتهم التهاني وعبارات الحب والمودة والاعتزاز والتواصل ويتبادل الأهل والقربى والأصدقاء الهدايا التي تقتنى وتعد بأبهى حلة وكتعبير عن حب واحترام وتقدير وامتنان الناس من بعضها البعض..
 يشيع الفرح والبهجة وسط القلوب وعبر ألوان العيد وتجدد الآمال والأحلام بقدوم ما هو أجمل وأبهى وأحلى وأحسن..
وحين يعم الفرح وسط قلوب الأطفال بثيابهم الجميلة وهداياهم وألعابهم ومرحهم واللقاء مع الأهل والأقارب والأصدقاء.
أن تلتقي الناس عائليا في البيوت وعلى موائد الطعام والحلوى المهيأة بوقت مبكر والمزدهية بكل ما لذ وطاب وبألوان وزينة العيد..
أن تتزين الشوارع والساحات والبيوت والأماكن العامة ونوافذ الشبابيك وواجهات البيوت بكل أنواع الفرح والزينة وبكل ما يسر الروح وبلهجة القلب.
وحين يكثر الناس من أحاديث التسامح والود والسلام والتعايش المشترك وتزداد الصلوات ويطول الدعاء لنبذ العنف والكراهية وسط الناس مع دعوات المودة والتسامح وحب لأخيك ما تحب لنفسك..
وعندما تعطي الناس وعودا شخصية وللآخرين بتكريس كل ما هو طيب وجميل وفاضل... منهم من يغادر عادة التدخين والسجائر ومنهم من يعتني أكثر بالصحة والعافية  ومنهم من يغادر ما كان مضراً له ولصحته وبالناس أيضا صوب النافع والصحيح..
وحين تكون هناك فرصة سانحة للناس لتقييم عام من محطات العمر بحلاوتها ومرارتها والاستفادة من تجارب الحياة وخبرها لمواصلة مسيرة العيش الجميل في كوكب الأرض مع باقي البشر..
وأحياناً أخرى تكون أيام الأعياد فرصة للصلح بين المتخاصمين ومثلها فرصة لإعلان الحب والمشاعر وأيضا فرصة للارتباط والزواج والعيش المشترك وكل المناسبات الشخصية الاجتماعية السعيدة.
وهي أيضا وقفة لأهل الحكم والسياسة وأصحاب المال والنفوذ والسلطة لإعادة النظر بما جرت اليه قراراتهم ومواقفهم من أوجاع ومآسي الناس، وربما تقود لما هو أكثر نفعا وسعادة للناس..
وربما تكون فرصة للسفر والاستمتاع بين البلدان شمالها وجنوبها شرقها وغربها، ووقت لزيارة المتاحف والمعارض والمسارح ودور العرض السينمائي وحضور فعاليات الرياضة والفن والأدب...


42
أدب / أخوة
« في: 21:15 14/12/2018  »
أخوة

      نجم خطاوي

ظننتهم اخوتي
فرشت لهم أبسطة حرير
أرائك من نياتي
حسبتهم ذهبا يسوون
سرت كما الأعمى
في سرب خطواتهم
كتفي كان السند
ومن نزيف جوارحي
عزفت لهم
أناشيد مجد وبسالة
وأغاني لا تضاهى.
في نهار مضيء
حين حمى الوطيس
يا للخسارة...
تركوني وحيدا
أحزم حقائبي للرحيل
وساروا دون وداع
مبرقعين بالخمول
مدعين شؤون تافهة
وأمور غريبة.
كنت أحلم بوطن مدمى
عبرت محيطات
مدن لا تحصى
وبحار وسهول شاسعة
سائراً لمنازلة فذة
وكانوا يحلمون
بنساء جميلات
وسيارات فارهة
وشهادات راقية..
خمسة  وثلاثون عاما
اخوتي تفرقوا
 في أرض الله الواسعة
ربما أغوتهم النفائس
وأنا لا زلت كما أنا
ماضياً في وئد
صوب دروبي الأليفة
خطواتي واثقة
وحلمي بهي
في صمت
أرمم في كل مرة
بعض هذا الهشيم
باحثا عن بسمة ضائعة
لوطن أدمته السكاكين..
. ..
كولمارشبلان Gullmarsplan
13/12/2018

43
رسوم بسام الفرج الكاريكاتورية
سخرية لاذعة وتحريض هائل
      نجم خطاوي
اعتادت ستوكهولم السويدية الاحتفاء برموز ثقافية عراقية وفي مجالات الابداع الأدبي والفني المعروفة، لكن احتفاءها هذه المرة كان من نوع آخر، فعدى كون معرض الرسوم الكاريكاتورية الذي ازدهت به احدى القاعات الثقافية في شارهولمن جنوب ستوكهولم يومي الأول والثاني من كانون الأول 2018،  يعد الأول والأبرز لهذا الفن، فأن الأكثر روعة هو كون المحتفى به مبدع اللوحات الكاريكاتورية الخمسين التي زينت القاعة الجميلة بجدرانها السود، هو الفنان بسام فرج، والذي نستذكر مع اسمه مسيرة طويلة من المنجز الثقافي الثري وفي مجالات تنوعت بين الصحافة والأدب والفن فاقت في ابداعها وثراها في رصد تفاصيل حياة الناس وهمومهم وعبر لوحات الكاريكاتير الفنية، حيث أودع بحق أثراً فنياً لا يمحى في الذائقة العراقية الثقافية كرمز نظل نستزيد من منحه وبوحه زفرات غضبه وحزنه وتمرده وعبر ألواح الادانة وصرخات اللا لكل ما هو قبيح ومزري في حياة الناس...
منذ فتوته في بغداد التي جاء فيها للدنيا عام 1943، والتي عاش فيها سنواته الأولى ابناً لعامل نفط، لم يكن الفتى بسام بعيداً عن هموم وأوجاع العمال والشرائح الفقيرة من العراقيين، وهي البواكير الأولى لتفجر وانبعاث عمل وعطاء الفنان في مجال العمل الصحفي والفني كرسام كاريكاتيري في مجلات عراقية معروفة كالقنديل والمتفرج وصوت العمال وصوت العرب،  ومن ثم مواصلة التألق محرراً ورساماً في مجلات ألف باء- مجلتي- المزمار- الجمهورية...
في هنغاريا التي درس فيها عام 1974 واصل مسيرته الابداعية ومنها عمله كمصمم لأفلام الرسوم المتحركة في بودابست، وأيضاً عبر اقامة معرضين لرسومه في مدينة لاهاي،  وأيضاً في روتردام الهولندية..
بسام فرج كان ضيفاً عزيزاً في ستوكهولم حيث احتفت به رابطة الأنصار في ستوكهولم وشمال السويد التي رعت ونظمت المعرض بالتعاون مع جمعية فولك ومسرح المدينة في شارهولمن، ووسط اهتمام جماهيري ملحوظ للجالية العراقية والوسط السويدي المتنوع ومن جاليات بلدان مختلفة الذين حضروا يومي العرض المبهج متفاعلين مع جمالية وقدرة الرسوم التي كانت حافزاً لحوارات ثقافية وسياسية وفكرية عن الفواجع والمآسي ومسببيها.
ومع أنغام العود والقانون التي ذكرت بأجواء الشرق ووسط أجواء المعرض وحفاوة الحضور قرأت الشاعرة السويدية انكريد هوفمان عدد من النصوص باللغة السويدية وقرأت شابة من  الشقيقة سوريا ترجمة للنصوص باللغة العربية..
الخمسون لوحة كاريكاتورية المعروضة هي لوحات مختارة ومنتقاة من مشروع الفنان بسام فرج الثقافي والذي اختطه عبر عمله الطويل والمتواصل مع صحيفة المدى الثقافية السياسية الصادرة في بغداد، ومنذ عام 2010، حيث كانت أعدادها اليومية تزدهي كل يوم برسوم الفنان بسام فرج وبألوانها وأسلوبها المتميز والمثير...
دار المدى احتفت قبل مدة بالفنان بسام فرج عبر اصدارها لكتاب سيرة الاحتجاج الذي أعده وأشرف عليه موسى الخميسي حيث حوى على عدد كبير من رسومات الفنان والكتابات حولها.
سر القوة في لوحات الفنان بسام فرج هو قوة الحدث والموضوع المنتقى بقدرة وذهنية سياسية واعية مع قدرة تعبيرية هائلة وصادمة تمنح بعفوية القدرة على الابداع والتميز...
 الكثيرون يظنون أن فن الكاريكاتير هو للإضحاك والمتعة بينما يرى الفنان بسام فرج كونه ليس كذلك بتعابيره عن حالة مؤلمة ومعاناة، فالرسام لا يرسم الانسان الفقير بمعاناته وكأنه سعيد، بل يسعى لفعل يحرض على الرفض والتمرد ضد الحال الرث..
قدرة كبيرة بسام فرج الكاريكاتورية وهي تنزع ثوب المحلية في المعالجة لتخرج صوب افق الهم الانساني الكبير والذي تبدو المواضيع فيه رغم التأثير الواضح لعراقيتها وشخوصها، وكأنها معاناة وأوجاع ابناء الدول والبلدان التي ابتلت بمصائب تشبه مصائب العراق، وهي كثيرة.. ورغم بعد الفنان الجغرافي عن وطنه وعيشه في بودابست هنغاريا ولفترات طويلة فأن ذلك لم يمنعه من التعبير بصدق وواقعية عن هموم وأوجاع الناس ومرارة العيش والخيبات المتكررة.
هناك جمال وإبهار, واستخدام دقيق وحرفي ذكي للألوان في اللوحة، وهو ما بدأ الفنان استخدامه بعدما كانت أغلب رسومه بالأسود والأبيض وعبر توظيفه للقدرة التلوينية باعتبارها حسب ما يراه هو كونها تعطي جاذبية ودهشة خصوصاً وان الناس في العراق تبهرهم الألوان في الأعمال الفنية الابداعية .
في المعرض كنت مبهوراً حقا بهذا العطاء السخي والمنح الابداعي والجمالي والطاقة التحريضية الكبيرة لهذا الفنان العراقي المتميز الذي لم تحجب بحار الدنيا ومحيطاتها عن عينيه البصر والتحديق في الضيم والحيف الذي لحق بشعبه ووطنه ورفضه لكل قوى الشر والقبح التي سدت منافذ النور، وعبر توظيف احاسيسه وتجربته وموهبته وفنه عبر رسوم كاريكاتورية سنظل نتذكرها وهي التي ذكرتنا دوماً في ضرورة أن لا نصمت عن الشر..
.........................
تصوير...علي البعاج



44
في ستوكهولم ...
معرض مشترك لفن التصوير الفوتوغرافي

نجم خطاوي

وسط حضور متميز لأبناء الجالية العراقية والأصدقاء من المهتمين بالشأن الثقافي وخصوصا الفن الجميل الفوتوغراف احتضنت قاعة الجمعية المندائية في منطقة فلنكبي في ستوكهولم مساء السبت ١٧ تشرين الثاني ٢٠١٧، المعرض المشترك لفن التصوير الفوتوغرافي، والذي أقيم
برعاية الجمعية المندائية في ستوكهولم وجمعية بابيلون للثقافة..شارك في المعرض أربعة من فناني الفوتوغراف في ستوكهولم..
حيدر الصحاف، باسم ناجي، كريم الذهبي، لامع سيف..وسط أجواء فنية حميمة تجول الحاضرون وسط اللوحات التي صورت بشكل حرفي متقن حمل احاسيس ومشاعر الفنان الفوتوغرافي وهو يسعى لاقتناص لحظته المناسبة لينقلها لنا لوحة تحاكي هواجسنا ومشاعرنا محفزة على تلمس مكنونات وأسرار فضاء عالمنا الجميل كوكب الأرض..
حضر الأمسية السيد أحمد الكمالي سفير جمهورية العراق في السويد الذي أشاد بجهود وسعي الفنانين المشاركين في المعرض ولوحاتهم..
في الأمسية تم تقديم الورود وتكريم الفنانين الأربعة المشاركين في المعرض..

45

وداعا ليزابيث بالمه...

نجم خطاوي 

في أجواء حزينة ووسط حشد من الأهل والأصدقاء ورفاق حزبها الاشتراكي الديمقراطي ومحبيها، الذين حضروا من مدن السويد والعالم، وريت الثرى في ستوكهولم يوم أمس ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٨ داعية الدفاع عن حقوق الإنسان وخصوصا الأطفال والمرأة، المناضلة العنيدة ليزابيث بالمه طبيبة طب الأطفال النفسي والناشطة المدنية زوجة رئيس الوزراء السويدي الراحل والشخصية العالمية اولوف بالمه الذي شغل لسنوات رئاسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي والذي اغتيل في ستوكهولم وكانت حينها معه زوجته ليزابيث التي أصيبت في تلك الحادثة المروعة..
رئيس الوزراء السويدي الحالي ورئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي ستيفان لوفين
Stefan löfven  وفي كلمة مؤثرة وسط جموع المعزين، واساها في مراسيم الوداع بهذه الكلمات:
شكرا ليزابيث لكل ما قمت به من جهود في مساعدة الآخرين في السويد والعالم..
يقال أن الإنسان يموت مرتين ، حين يتوقف قلبه وأخرى حين لا يحمل أحدا ذكراه.. لكن ذكرى ليزابيث بالمه ستكون مضيئة ودافئة.
رحلت ليزابيث بالمه عن عمر ٨٧ عاما قبل فجر يوم ١٨ أكتوبر بعد معاناة من المرض تاركة ثلاثة أبناء وعشرة أحفاد..
الذكر الطيب دوما لنصيرة الدفاع عن حقوق الأطفال والأسرة المناضلة الوطنية السويدية ليزابيث بالمه ...

46
أدب / نصوص ستوكهولم (2)
« في: 19:05 05/11/2018  »


نصوص ستوكهولم (2)

                         
نجم خطاوي


صدفة
..........
داري واسعة
جدرانها فخمة
وسقوفها عالية
وهي ملائمة تماماً
لنشيج روحي
وصرخاتي الهادرة
ودون ازعاج الجيران.
.....
هدير
..........
أسمع هديراً
وصرخات مبهمة
ورائحة طوفان
سأسأل البحر
عله يخبرني...
....
طفولة
........
من نصوص العشق
فوق مملكة النهد
قبلات الرجال الحارة
تشبه كثيراً
قبلات الرضع..
.....
حيتان
......
بين صاعد ونازل
وغرب وشرق
قطارات المدينة الصاخبة
مثل حيتان وديعة
بلعت نصف عمري
...
دروع
.......
يا لحماقاتي
وكيف في كل مرة
أمضي سائراً
في كورة الألغام
بين الدروب الغريبة
دون دروع
وبصدر عار
يا لحماقاتي
......
قمار
..........
مرة في الطفولة
قبيحاً كان عذري
وأنا أفلسف وهماً
عن دراهم العيد
خسرتها في القمار.
بعد نصف قرن
أطلب الصفح يا أبي
جيوبي لم تكن مثقوبة
كما أخبرتك...
.......
وصول
.....
في انتظارها
تكون الكلمات
كورة زنابير.
في حضرتها
يطبق الصمت.
كيف الوصول اليها
الدروب مسامير
وشرفتها عالية
..............
اختبار
......
لصديقي الذي واساني:
(هون الحزن قليلاً
القضية مجرد اختبار).
أردد في صمت
محتفظاً بالجواب
لا أحب الكيمياء..
.....
بذرة
.......
في زمان الفتوة
كانت لي بذرة
لغرسها
فرشت روحي واحة
من شمس حريقي
منحتها الدفء
ومن ماء الندى
حملت لها اباريقي
كلعبة أثيرة
كنت كما الطفل
ألوذ بها في النهارات.
خطوة خطوة
مثل نكنة باهتة
تدحرجت السنوات
بذرتي أينعت
صارت شجرة
خضراء وارفة.
غفلة مبهمة
في لحظة نحس
أنا مضيت
نحو الوهم
صوب صحاري الجدب
وظلت شجرتي خضراء
عند غصونها الغضة
يستظل رجل غريب.
يا لحظي العاثر
وكيف فقدت البذرة
وضيعت الشجرة والغصون...!!!
.....
هيلوه
....
هل كانت معركة
أم حرائق هائلة
من جهنم ؟؟
في هيلوه
أشهد أني
قد دخلت جهنم
من كل أبوابها
عشرون ساعة
مكثت فيها
أعد قذائف راجماتهم
وسط مطر الزقوم
وكانوا يزحفون كالجراد
مجنزرين بترسانة أحقاد
وكنا مجنزرين بالبسالة
ليس لنا
سوى بنادق واثقة
 وإرادة شجعان
في هيلوه
رائحة دماء وفقدان
وشهداء كالورد
............
صناع
.............
 يد النجار
صيرت الغصون
أريكة عاشقين
 أنين المغني
لون الكلمات
أناشيد فرح
 يد الغيوم
أينعت حدائق ورد
 روح الشاعر
ظلت تنزف
نصوصاً للعشق
......
قبلة مؤجلة
.....
هكذا سريعا مضيت
دون وداع
ولا كلمات أثيرة...
لموعد لم يحن
لقبلة مؤجلة
لطقوس عشق
سأظل أرتل ألحاني
منتظراً طلة الملاك..
..........
أصابع
......
ربما يوهن الزمن قدمي
ويكسوا الرمادي شعري
ربما يهدني تعب العمر
تقل حيلتي
لكن أصابعي
تظل متقدة كالجمر
وهي تلامس
في خفة العاشق
عنقك المرمر
...........
رفيقة درب
..........
عايدة ياسين
في ليلة حقد
ورائحة نذالة
تسابقوا مدججين
بعهر الاسياد.
من سياط نذالاتهم
تقاطرت
خسة ودناءة..
وبقدرة اوباش
ومعاول حقد
تناخوا كالأوباش
طعناتهم حراب سم
خدشت جبين القمر.
لا تراتيل أهل
ولا مراسيم جنازة
لا كلمات وداع
ولا شاهدة قبر.
وسط تفاصيل المشهد
خلف قضبانهم
أضاءت نجمة
هناك هناك في البعيد
.......
عيون
........
فوق كوكب الأرض
بشر لا يتشابهون
في الملامح.
ومع ذلك
فالجميع لهم عيون
لها قدرة جبارة
على الفرح والضحك
والحزن والوجع
وكت الدموع
حين يعظم الألم 

......................
فيلنكبي- ستوكهولم 4/11/2018

47
في السويد
استعصاء سياسي
واحتمالات لانتخابات جديدة..
             
نجم خطاوي
....
لا توجد مؤشرات إيجابية على تمكن رئيس الوزراء السويدي الحالي ورئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي Stefan löfven ,من تشكيل الحكومة السويدية، بعد التخويل الذي منحه إياه رئيس البرلمان السويدي Anders Norlén , والذي مضى عليه قرابة الأسبوعين وسيكون منتهيا يوم الاثنين القادم، ويفترض فيه أن يقدم تقريره النهائي عن نتائج مفاوضاته مع الأحزاب الأخرى بأمل التمكن من تشكيل الحكومة، وكان يأمل بالاتفاق مع أحد احزاب الكتلة اليمينية وبالذات حزب الوسط لدعم حكومة يرأسها هو وتضم احزاب كتلة الحمر والخضر .. الاشتراكي الديمقراطي، اليسار، البيئة، وبالتحالف أو التعاون مع حزب الوسط اليميني أو الأحرار. .
من الجدير بالذكر أن رئيس البرلمان السويدي قد منح الفرصة قبل مدة إلى رئيس حزب المحافظين
Ulf Kristersson لتشكيل الحكومة السويدية، لكنه أمضى أسبوعين من العمل في التباحث مع الأحزاب السويدية بأمل تشكيل الحكومة، لكنه لم يوفق في ذلك..
المشكلة الكبيرة هي أن احزاب كلا الكتلتين اليمينية واليسارية متشبثة بمواقفها في موضوع التحالفات وتشكيل الحكومة، في الوقت الذي يصعب على أي من الكتلتين تشكيل الحكومة السويدية لوحدها للتقارب الكبير في عدد الأصوات الانتخابية التي حصلت عليها كل كتلة، حيث حصل اليسار على ١٤٤ نائبا و اليمين على ١٤٣ نائبا، أي بفارق نائب واحد، في الوقت الذي حصل حزب ديمقراطيي السويد ذو الميول العنصرية في معاداة الأجانب على نسبة كبيرة من أصوات الناخبين السويديين، وهو الحزب الذي ترفض جميع الأحزاب السويدية التنسيق او التباحث معه في موضوع تشكيل الحكومة، مع استثناء الحزب المسيحي الديمقراطي الذي عبر عن رغبته بالتعاون والتنسيق معهم وتشكيل حكومة يمينية بدعم من ديمقراطيي السويد..
هنا في السويد تتصاعد المطالبة أيضا بتولي امرأة لمنصب رئيس الوزراء، وفي حال تحققت هذه المطالب فستكون رئيسة الوزراء القادمة المرأة الحسناء ذات ٣٩ ربيعا Annie Lööf رئيسة حزب الوسط ، نظرا للشعبية التي تمتلكها وسط جماهير الكتلة اليمينية وعدد من النساء في السويد المطالبات بتغيير وكسر حاجز استمرار تولي الرجال لمنصب رئيس الوزراء . المشكلة هنا تكمن في أن لا هذه المرأة ولا حزبها الوسط على استعداد للتعاون والتنسيق مع احزاب اليسار لتشكيل الحكومة، ولا احزاب اليسار وبالذات الاشتراكي الديمقراطي على استعداد لدعم حكومة يشكلها اليمينيون..
الاثنين القادم ٢٩/١٠/وسيضطر رئيس البرلمان السويدي للجلوس مجددا مع رؤساء جميع الأحزاب من أجل التباحث حول طريق جديد لحل حالة الاستعصاء السياسي الذي تشهده البلاد، وكل الأمور تجري في أن تكون الحكومة الحالية كحكومة تصريف أعمال وتمضي الأمور في طريق انتخابات برلمانية جديدة. .

48
في السويد
شركات التأمين
تساعد في اكتشاف الجرائم
           
نجم خطاوي

الموضوع ليس من اختصاص هذه الشركات أساسا بل هو من مسؤولية جهاز الشرطة، لكن شركات التأمين ومن باب التدقيق في القضايا التي ترفع لها والمطالبة بالتعويض المادي، وأحيانا الباهظ، تضطرها للبحث والتحري ضمن إطار محدود يخص صاحب الطلب والقريبين منه تحديدا..من القضايا المثيرة حقا هذه الأيام في ستوكهولم محاكمة امرأة من الوسط الثقافي وكانت قد نشرت عددا من الكتب.التهمة التي وجهت إليها هي تسببها بمقتل عشيقها الجواهري صائغ الذهب بعد مرور عام على تعارفهم وعيشهم المشترك في منطقة نورتاليا..
القصة تدور حول وفاة صائغ الذهب واعتبار الشرطة وفاته كقضية موت طبيعي، لكن شكوكا قد ساورت مؤسسة التأمين بعد تقديم المرأة قضية تدعي فيها ضياع خواتم( حسب صحيفة Expressen السويدية)، والذي دعاهم للطلب في فحص دم صديقها المتوفي حيث كانت الصدمة كبيرة حين وجدوا آثارا لمادة سيانيد الصوديوم في دمه، وهو ما يؤكد وفاته مسموما، وهذا ما دعى لاحتجاز المرأة وتوجيه تهمة القتل لها وهي رهن التحقيق حاليا..
المرأة تبلغ من العمر ٥٥ عاما ولها نشاطات ثقافية متنوعة ومهتمة بالكتابة أيضا..
شركة التأمين هذه هي نفسها التي اكتشفت قبل فترة بعض الثغرات في قضية تخص طلب بالحصول على تعويض عن تأمين على الحياة في مدينة اربوكا يخص امرأة أخرى، مسجل باسم المرأة التي قدمته وهو يخص زوجها المتوفي غرقا، وكان عقد التأمين قد تحول إلى أسمها قبل وقت قصير جدا من العثور على جثة الزوج في مياه بحيرة قريبة من سكن المرأة لا يتجاوز عمق مياهها المتر، وهو الماهر في السباحة في..
بعد اكتشاف التحايل في الطلب تقرر إجراء الكشف على جثة المتوفي بعد سنوات من موته، وتوجيه التهمة للمرأة بالتسبب في وفاة زوجها.
مع تكاثر هذه الحالات فأن لوما كثيرا يوجه لجهاز الشرطة السويدي في عدم التدقيق وإعطاء الوقت الكاف للبحث والتحري، وأيضا في الإشارة إلى ما تقوم به شركات التأمين من دعم لمؤسسات الدولة ومنها البوليس في كشف اسرار وألغاز بعض الجرائم التي يصعب كشفها..

50
أدب / نصوص ستوكهولم
« في: 13:55 29/09/2018  »

نصوص ستوكهولم


نجم خطاوي

سارية علم
في كل لحظة
علم البلاد في شرفة جاري
يحدثني في صمت:
هذه ليست بلادك

قطة
في المساء
بعد عناء العمل
تقابلني ودودة
قطة جاري أسفل البناية
لا تجيد سوى المواء
وهو يكفي
مقياساً للطيبة والوداعة

عناق
في عناق خاطف
تتقابل قطارات الشمال والجنوب
وهي مسرعة كالبرق
فوق خطوط السكك..

بغض
محنة كبيرة
عيش في بلاد
عشر سكانها يبغضوك

إرادة
الإرادة التي رمتني
بعيدا صوب الأقاصي
ليتها ولو لمرة
تكمل الدورة
ترجعني صوب ملاعب الطفولة..

خسة
أكثر البشر خسة
أولئك الذين دون ضمائر....

نغزات
في المنافي
في كل نغزة مسمار
أصيح صارخاً
آه يا وطني...
يا لويلاتي
لقد كثرت النغزات...

رياضيات
 في دار العشق
حين تدخل الرياضيات
يصير الحب كالزقوم

مزهرية
درس بليغ للرجال
كلمات فيروز
عن المزهرية
التي لم يداروها

حزن عجيب
أن تحزن بعد فرح
شأن عادي جداً
أن تفرح بعد حزن
يحدث هذا أيضاً
الغير منطقي
هبوط الحزن فجأة
وسط صخب الفرح...

رمانتان
في نفس الكف
أراد مسك رمانتين
الأولى خسرها
متدحرجة فوق الأرض
الثانية انفدغت بغتة
حباتها تطشرت كالخرز....
طقس
عن سبب الفراق
تعذرت المرأة للرجل
سامحني يا صاحبي
الطقس هنا مزاجي...
دون حياء
دون حياء
بسكين في اليمنى
تنحر الورد
وبغصن في اليسرى
تطلب الصفح والصداقة..   
ناي محطم
أنت تقولين
الحياة تمضي
وما علينا سوى المواصلة..
لكن .....
بناي محطم
وأصابع دامية
كيف للمغني
مواصلة العزف....
قرار
فوق بساط أثير
يمضي بي الليل
هناك  بعيداً
خلف البحار والحواجز
يوصلني عتبة بابك...
 في شروق النهار
أراني واقفا في مكاني
كالتائه دون قرار...
اعتذار
سأعتذر لعصافير الصباح
ظلت تغني
في انتظار رقصة فالس...
وبقيت في الركن
 دون مبالاة
متدثراً بلحاف الوهم....
غرس
بعث الخضرة
في ورق أيلول
غاية عسيرة
تشبه المستحيل
غرس يذره تفاح
غاية أكثر سلاسة..
خريف
من مواهب الخريف
بعث الحزن
ونبش ندب الماضي
من مواهبه أيضاً
براعة الرسم
ونقش الألوان...
حبيب
للقادم صوب القلب
نحو عشي الصغير
أقول أهلا
المكان يسعنا تماماً...
أعني هذا
أعني هذا تماماً
وسط العتمة
حين يشح الضوء
سأشعل أصابعي النحيفة
مصابيح تضيء دروبك

ستوكهولم...هيسلبي جورد
28 أيلول 2018


51
أدب / صور متروية
« في: 20:25 04/07/2018  »

صور متروية


    نجم خطاوي

أحمر شفاه
في المترو الأخير
منتصف الليل منتصف حزيران
في ركن العربة
تجلس قبالتي
في خفة الساحرة
تمرر احمرها
فوق شفاه الكمثرى
غير آبهة
ولا دارية بالطبع
بلهب الحريق
ذلك الذي أشعل دمي
وأحرق أطراف أصابعي

حسناء
في ستوكهولم القديمة
وسط ازدحام الرصيف
وعبق عطر السائحات
مشت في غنج
 بدت مثل زهرة ندية
هائلة في ثوبها الربيعي
وهي توزع نفحاتها الأثيرة
ترى من تكون
تلك الفاتنة الحسناء
التي أجادت السهم
صوب ما تبقى
من قميص قلبي
تاركة طبول الذكرى
غارقة في الأنين...

هبوط
الستوكهولمية البضة
تلك الجميلة ناعسة الجفنين
التي خطفت لب قلبي
في زحمة القطار
صوب سكاربنيك الجنوب
أراها الآن
وهي تلملم أشياءها
هابطة كالملاك
ضائعة وسط حشد الوجوه
ترى أي حبيب سعيد !!
سيحضن خصرها الأنيق
آخر المساء
هائما وسط سحر الجفون

فقدان
عشرة أعوام مضت
ولا زالت
فادحة الفقدان
حاضرة كالسم
تلفني بأسئلة الحيرة
وعذاب الخسارات
وفي بطء تمرر أصابعها
لتمسد عنقي
بمخالب كالمسامير...

4 تموز 2018
  Vällingby

52
قراءة في
بيان المجلس الاستشاري
 للحزب الشيوعي العراقي

        نجم خطاوي
يكاد الحزب الشيوعي العراقي وبشهادة الكثيرين الحزب السياسي الوحيد في العراق الذي يمكن اطلاق تسمية المؤسساتية عليه ولأسباب كثيرة ومنها تجسيده لكل صفات الحزب السياسي من حيث البرنامج والنظام الداخلي وآليات العمل التنظيمية الداخلية التي يتبعها في كل مفاصل عمله، والتي تجددت وتطورت عبر مؤتمراته العشرة التي عقدها على مر حقبة تاريخية طويلة نسبيا وصلت الأربعة والثمانين عاماً، وأيضاً عبر تفرده بطرح مسودات ومقترحات برنامج عمله ونظامه الداخلي لعموم الشعب قبل عقده لمؤتمراته الوطنية، وعلنية نظامه الداخلي المنشور في كل وسائل الاعلام وبخلاف احزاب كثيرة يجهل المواطن أنظمتها الداخلية..
ولأهمية المجلس الاستشاري الحزبي في تنظيم الحياة الداخلية للحزب فقد أفرد له النظام الداخلي مادة كاملة هي المادة (12) تشير الى تركيبته المتكونة من أعضاء اللجنة المركزية، ويبلغ عددهم حسب ما أقره مؤتمر الحزب العاشر الأخير 31 رفيقة ورفيق،اضافة لسكرتيري اللجان المحلية ومسئولي لجان الاختصاص وأعضاء لجنة الرقابة المركزية. وينص نظام الحزب على دورية عقد اجتماعات المجلس الاستشاري كل أربعة أشهر أو عند الضرورة بدعوة من اللجنة المركزيةز
 جسدت اللجنة المركزية للحزب هذا الحق والنص في دعوتها لانعقاد المجلس الاستشاري الأخير في 15 حزيران بسبب الظروف الموجبة التي تخص آخر تطورات الوضع في العراق والمتعلقة بالعملية الانتخابية ومخرجاتها، وما حققه تحالف سائرون من موقع متقدم في الانتخابات الأخيرة وأيضاً ما يخص تشكيل الحكومة الجديدة وما سيسبقها من ائتلافات سياسية ضرورية لتشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر، وكما ورد في مقدمة البيان.
 جاء انعقاد المجلس في هذه الظروف الصعبة استجابة لدعوات الرفاق في هيئات التنظيم المختلفة وبما فيهم رفاق اللجنة المركزية, ومع دعوات كثيرة من محبي ومؤازري الحزب ورفاقه وأصدقائه ومن أجل أن يكون صوت الشيوعيين واضحاً ومسموعاً في المنعطفات السياسية.
لقد جرت العادة ووفق آليات العمل التنظيمية ونظام الحزب الداخلي ان تعمم نتائج اجتماعات وتوصيات المجلس الاستشاري الى المنظمات الحزبية في رسائل داخلية أي أن المجلس الاستشاري من شؤون الحزب التنظيمية الداخلية.
 الجديد في ما يخص المجلس الاستشاري الأخير انه قد أصدر ولأول مرة بيانا موجها لعموم الشعب وللرأي العام ولجميع رفاق الحزب وأصدقاءه يتضمن فحوى المواضيع والتوصيات التي ناقشها، وهي مبادرة صحيحة ومطلوبة في ظروفنا الحالية ومن أجل إطلاع الرأي العام عموما على أفكار ورؤى الحزب الشيوعي العراقي من التحالفات والتفاهمات وطريقة تشكيل الكتلة الأكبر والحكومة عموماً، وهذا ما يدعو ويشجع لمناقشة وحوار بيان المجلس الاستشاري ومن أجل الاشارة للجوانب المضيئة والمهمة فيه.
 سبق انعقاد المجلس الاستشاري اصدار المكتب السياسي للحزب تصريحا في 14 حزيران وبعد الاعلان عن تحالف سائرون والفتح، وفيه تأكيد صريح على أهمية وضرورة التمسك ببرنامج سائرون كأساس في أي تفاهمات وخطوات قادمة (وفِي لقاءات سائرون ومفاوضاته كافة جرى تأكيد الثوابت التي تضمنها مشروعه للتغيير والإصلاح التي تلبي رغبة الناس والناخبين، خصوصا من منحوا ثقتهم لتحالف سائرون، فغدا ذلك أمانة في عنق التحالف وهدفا يسعى الى تحقيقه).
 كل منصف ومتتبع للوضع السياسي ولتوجهات وعمل الحزب وبيانات قيادته سوف لن يجدا فرقا جوهريا بين ما أكده تصريح المكتب السياسي من ثوابت وتوجهات وبين تلك التي تبناها المجلس الاستشاري للحزب، والجميع يعلم أن المكتب السياسي هو مثله مثل أي مكتب حزبي في عموم منظمات الحزب تنتخبه اللجنة التي يمثلها، وهنا فالمكتب السياسي هو مكتب اللجنة المركزية المنتخب من قبلها والتي من حقها أن تبدله أو تغيره اذا استجدت ضرورات ذلك.
لا أطن أن السعي لإيهام الناس بتعارضات بين مكتب الحزب السياسي وبين لجنته المركزية وبالتالي تصوير الأمر وكأن سياسة الحزب يتم رسمها وصياغتها من قبل (أقلية متنفذة) في الحزب كما يصورون، سوف يلاقي القبول والمصداقية.
هذا الأمر يذكرني بحديث سياسي مهم للرفيق الراحل زكي خيري في منطقة ألفيك في ستوكهولم وأمام حشد من العراقيين، حينما قال عن سؤال لكيفية اتخاذ القرارات في اللجنة المركزية، في أن كل فترة عمله في اللجنة المركزية للحزب والتي كان يقودها الرفيق الراحل عزيز محمد قد شهدت حوارات ديمقراطية في اللجنة المركزية وقبل اتخاذ أي قرار حزبي، وأن الرفيق عزيز محمد لم يكن دكتاتوريا في التفكير، ولا أيضا طريقة العمل في اللجنة المركزية..
 من الممكن الحصول على الحقيقة أكثر في هذا الشأن بالرجوع الى احاديث ومقابلات عن فترة الجبهة الوطنية واللقاءات مع حزب البعث المقبور التي سبقت الاعلان عن الجبهة الوطنية، وكيفية اشتراك ما أمكن من الكوادر والرفاق في هذه النقاشات، ورغم ظروف الحزب السرية المعروفة، والذي توج بنقاشات اللجنة المركزية واتخاذها القرار.
لقد كان المجلس الاستشاري محقا في اهتمامه بما حققه تحالف سائرون من موقع متقدم في انتخابات مجلس النواب، وفي دعوته الصريحة للحكومة والأحزاب لتجنيب البلاد المخاطر.
إن الاشارة الصحيحة في البيان الى كون الدواعش والقوى الارهابية وكل القوى التي تريد سوءا ببلدنا ما زالت تتربص بشعبنا وتريد اشاعة الفوضى والخراب مهمة جدا، خصوصاً وان أيتام البعث وعصاباته والإرهابيين والدواعش والمتربصين بالعملية السياسية رغم زلاتها الكثيرة لم يسلموا نهائيا بعد هزائمهم في نينوى والانبار وصلاح الدين وأطراف بغداد، وهم في انتظار الانقضاض بعد اشاعة التطاحن والفرقة بين الاحزاب السياسية ودفع الحال لحالة اللاحل..
هذا الموضوع لا يعني بكل الاحوال تأجيل التناقضات الرئيسية والكبيرة بين مشروعين مختلفين أولهما يدعو للتغيير والصلاح والثاني تحاصصي رجعي ومضر.
 هناك مضامين متشابهة بين مشروع التغيير والإصلاح الذي يتبناه الحزب الشيوعي العراقي وبكون هذه المنطلقات تشكل حجر الزاوية في أطار تحالف سائرون، وحيث أن برنامج سائرون الوطني يتضمن العديد من المنطلقات التي ناضل من أجلها الشيوعيون العراقيون وعموم أهل اليسار والمدنية، ولا زالوا اليوم أيضا وأن النجاح الذي حققه تحالف سائرون لم يأت بمعزل عن تبنيه لمشروع التغيير والإصلاح وخوض العملية الانتخابية تحت رايته..
في موضوع تأمل احصائي عن الانتخابات ودلائلها يشير بصدق الدكتور منقذ داغر رئيس المجموعة المستقلة للأبحاث الى أن ما حققه تحالف سائرون لم يأت بمعزل عن وجود الأحزاب والقوى الأخرى سوية مع حزب الاستقامة وتيار الصدريين، وهي اشارة مهمة ومنصفة للأصوات المليونية التي ارتضت هذا البرنامج الواعد لسائرون وباركت تحالف اطرافه الذين أجلوا تناقضاتهم الايدلوجية لصالح التقارب في سبيل قضايا الناس والدفاع عن مصالحهم ورغبتهم في وطن مدني وعدالة اجتماعية بعيدا عن أس المحاصصة الطائفي.
 سبب الاعلان المفاجئ لتحالف سائرون والفتح وبالطريقة التي تمت, الكثير من ردود الأفعال المتباينة، ورغم ان المواطن لم يطلع حتى اليوم على نص معين لوثيقة أو تفاهمات من الممكن الاستناد اليها للحكم بين مطابقتها لبرنامج سائرون من عدمه.
ان اللجنة التي شكلها تحالف سائرون من احزابه الستة يفترض أن تكون المخولة وفي الواجهة في كل التفاهمات والتحالفات وعلى اهمية إطلاع الرأي العام العراقي على توجهات وتفاصيل تشكيل الكتلة الكبر والحكومة اللاحقة، ومن المهم الاشارة الى الفرق الجوهري بين برنامج سائرون وظروف تشكيله وما تم الاتفاق عليه في احزابه المؤتلفة من برنامج وسياسة، وبين سعي التحالف لتكوين الكتلة الأكبر، اذ ان الموضوع هنا يخص أحزابا وقوى سياسية ليست قريبة من برنامجه وسياسته والتفاوض معها لا من اجل صياغة تحالفاً جديداً بل لهدف وطني أسمى وهو تشكيل الحكومة..
لا أرى من واقعية في وجهات النظر الداعية لانسحاب الحزب في الوقت الحالي من تحالفه في سائرون، خصوصاً وأن نتائج الانتخابات لم يتم المصادقة عليها بعد، ولم يتم التخلي عن برنامج سائرون الاصلاحي التغييري، ولا زالت الدعوات قائمة بالضد من المشاريع الطائفية التحاصصية وفق الطريقة القديمة التي فشلت.
موضوع التحالفات ليست كمثل حاجة السوق التي نشتريها اليوم لنستبدلها أو نرجعها حين لا تعجبنا، فهي مواقف والتزامات وبرامج، وأن هذه المواقف والبرنامج في ما يخص سائرون قد تم اختباره شعبيا عبر التأييد المليوني الذي منحه الشعب، وموضوع مواقف الناس من البرنامج والتحالف مهم جدا في هذه المرحلة، وهو المعيار والأساس الذي يحدد شعبية ومكانة هذه القوى أو تلك في النهاية...
أغلبية الذين يطالبون بخروج الحزب الشيوعي العراقي من تحالف سائرون كانوا قد تبنوا منذ البداية موقفا معارضا لدخول الحزب في هذا التحالف، ويبدو الموقف أحيانا رغم احترامه في الحالتين وكأنه (ألم نقل لكم منذ البداية...) أو انتظارا لتخطئة الموقف الحزبي بارادوية الموقف والإصرار عليه.
مواقف الحزب تخضع لإرادتهم وقرارهم وهم ليسوا مكبلين لإرادة أحد، وهذه المواقف يفترض أن تستند في كل مرة الى الموقف الطبقي السياسي الذي يستند الى مصالح الجماهير الشعبية ووفق الاستناد الى الموقف الجمعي لرفاق الحزب..
إن خروجا للحزب من سائرون الآن لا يمنح المقبولية له من قبل جماهير الشعب خصوصا وأن الآخرين المتحالفين معه في سائرون لا زالوا يعلنون تمسكهم ببرنامج سائرون ومنطلقاته، ووجود الكثير من الدوافع لبقاء الحزب وإصراره على امكانية الاشتراك في جهود عملية لتشكيل الحكومة والشروع بتنفيذ الوعود التي صوتت الناس على أساسها
في حال تنكر قوى معينة من داخل تحالف سائرون لبرنامجه وإصرارها على اعادة التحالف الطائفي الشيعي أو التحالف المكوناتي كورد و عرب و سنة، وكما كان وأثبت فشله، فأن الشيوعيين العراقيين غير ملزمين باستمرارهم في هذا التحالف ومن حقهم اختيار الموقف المعارض اآخر والذي ينسجم مع مواقفهم السابقة في تحالفهم ومنها (نبذ المحاصصة الطائفية والتصدي للفساد وحصر السلاح بيد الدولة وتقديم الخدمات للناس وتامين البطاقة التموينية وتنويع الاقتصاد الوطني وضمان استقلالية القرار العراقي)، وفي هذا الوقت فأنهم لن يخسروا شيئا وسيكسبوا تعاطف ومساندة الناس، وسيخسر الآخرون كثيرا لتنكرهم لوعودهم.. دعوة لكل الوطنيين والمخلصين للوطن ومحنته أن يمنحوا جهود التعمير والإصلاح والتغيير الفرصة.
في كل تحالفاتهم السياسية حرص الشيوعيون على استقلال حزبهم السياسي والفكري والتنظيمي، وتأكيد المجلس الاستشاري مهم في هذا الصدد ومع تصاعد بعض دعوات (التخوين والابتعاد عن المبادئ).
لقد ربط بيان المجلس الاستشاري بواقعية وفطنة بين ما حققه تحالف سائرون من نجاح في الانتخابات الاخيرة وبين تبنيه لمشروع التغيير والإصلاح الذي اعتمده الحزب في مؤتمره العاشر.
بيان المجلس الاستشاري كان واضحا في اشارته لعدم استعداد الشيوعيين المشاركة في اي تشكيل حكومي ضمن سائرون في حال عدم اعتماده على المطالب الأساسية لمشروع التغيير والإصلاح وتضمين برنامجه لضمانات لتحقيقه، وبصورة أكثر وضوحا الاشارة بأن ديمومة تحالف سائرون يرتبط باستمرار تبنيه لمشروعه ووضعه قيد التنفيذ.
تأكيدات بيان المجلس الاستشاري مهمة وضرورية، حول منطلقات الحزب في التحالفات عموما والتي هي خدمة الشعب وكادحيه والدفاع عن مصالحهم، وضمان استقلال العراق وسيادته وحريته في اتخاذ قراراته، خصوصا مع تصاعد الاتهامات والتكهنات والتفسيرات التي تذهب يمينا وشمالا حول تفاصيل مواقف الحزب في تحالفه وسعيه الوطني، والتي تذهب بعيدا في بعض الحين لتصوير الأمر وكأن الموقف نزوات شخصية تارة أو لغاية تحقيق مصالح شخصية تارة أخري مختصرة زمنا طويلا ومعاناة وإصرار في ساحات الاحتجاج ووسط الميادين والساحات في عموم مدن الوطن، ومخاض فكري وسياسي وسط منظمات الحزب والقريبين منه باتجاه كيفية أن يكون للحزب حضوره الجماهيري ومكانته.
الشيوعيون صريحون في دعوتهم وتحذيرهم من الالتفاف والتراجع على ارادة التغيير والإصلاح التي تبنوها وتبناها تحالف سائرون، والتي ستبقي الاوضاع كما هي وقد تسوء.
عبر تاريخه المجيد والطويل ظلت واحدة من أسباب بقاء الحزب الشيوعي العراقي ورغم كل صنوف التنكيل والظلم واللاعدالة التي تعرض لها، هي تمسكه بالقواعد والمبادئ الثورية الشيوعية في وحدة العمل والتنظيم واستنادهم الى الخبرة الثورية للأحزاب الشيوعية وللرفيق فهد مؤسس وباني الحزب ورفاقه، وكل الجهد الجمعي لعموم الشيوعيين الذين طوروا هذه المبادئ عبر المؤتمرات العشرة للحزب.
الذي يتمعن في بيان المجلس يجد الربط الموضوعي الصائب بين الدعوة لاستمرار عطاء الحزب في كافة المجالات ومنها التحالفية، وبين أهمية تعزيز تماسك الحزب وإرادته الموحدة، والتي تعني عدم تعدد المواقف والتكهنات، بل الموقف الحزبي الواحد في النهاية، وهذه الارادة الموحدة ليست كما يتصورها البعض بكونها  مصاغة في غرف مغلقة أو وفق أهواء عدد من الرفاق أو القادة، بل نتيجة منطقية لسياقات النقاشات الديمقراطية البناءة وعبر السياقات الحزبية المعروفة، وأيضا من خلال التفاعل مع آراء جماهير الحزب وأصدقائه ومناصريه..



53

حول المنجز الوطني
لتحالف سائرون
نجم خطاوي
       

رغم أن نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية لم تعلن بعد بشكلها النهائي, وأن هناك جدلا كبيرا يتداول حولها، تشير الأخبار الى الصدى الكبير عراقيا وإقليميا الذي أثاره منجز تحالف سائرون الوطني والمدني والعابر للطائفية، ووسط كثرة من المؤيدين والمتضامنين والفرحين بالنتائج الأولية التي أعلنت والتي تشير الى ما تشير إليه بتجاوز المصوتين لهذا التحالف الى أكثر من مليوني صوت من المشاركين في الانتخابات، وهو رقم كبير جداً وذو معاني كثيرة خصوصاً اذا ما تم حسابه مع النسبة الغير كبيرة للمشاركين في الانتخابات وبعض الظروف السياسية التي رافقت تأخر إعلان تحالف سائرون قياساً بمسألة ترتيب التحالفات والتفاهمات السياسية ومن أجل تسجيلها رسميا في مفوضية الانتخابات، والصعوبات اللوجستية التي فرضتها شروط مفوضية الانتخابات وتوقيتاتها الحرجة في مسألة تسجيل التحالفات والكيانات.
أعلن الشيوعيون منذ الايام الأولى التي رافقت السعي لتشكيل التحالفات السياسية والانتخابية وبالخصوص بعد اعلان تحالف سائرون والجدل الكبير الذي رافق انبثاقه وخصوصاً في مسألة تحالف الحزب الشيوعي العراقي مع حزب الاستقامة الوطني المدعومين التيار الصدري والسيد مقتدى الصدر، أن الغاية من التحالف ليس عدد المقاعد التي سيحصلون عليها رغم أهمية ذلك، ولا المكاسب الحزبية الضيقة،  بقدر السعي والعمل للاصطفاف واتفاق أكبر عدد من القوى والأحزاب والشخصيات المدنية والوطنية والإسلامية المعتدلة واتفاقها على برنامجا وطنيا شاملا لتهديم أركان نظام المحاصصة الطائفي السياسيي وإبداله بنظام وطني مدني مدني يعتمد القوانين والمواطنة، وهو ما تحقق في برنامج سائرون الذي فصل بإسهاب حلوله النظرية والعملية لتفاصيل ادارة شؤون الدولة ومؤسساتها للفترة القادمة.
هنا تقع المسؤولية الكبيرة على عاتق القوى المؤتلفة في تحالف سائرون بضرورة العمل بجدية على تحقيق برنامجها والالتزام به ومراقبة تفاصيل تجسيده عمليا ونقد كل ما من شأنه الابتعاد أو التفرد بالموقف والقرار فيه اذا ما حدث ذلك.
 تتداول اليوم وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي اخبارا متضاربة عن  نتائج الانتخابات وحصص ونسب التحالفات والأحزاب, وهي تبقى غير مؤكدة دون الاعلان النهائي عن النتائج من الجهة المسئولة مفوضية الانتخابات. وفي هذا الإطار هناك وجهة نظر تفترض أن الحزب الشيوعي العراقي سيحصل على عدد محدود من المقاعد ضمن حصة مقاعد تحالف سائرون  قياسا بحصص حزب الاستقامة، وتستند الى نظرية المؤامرة في التحليل وبعيدا عن الوقائع، في أن الموضوع كان مبيتا ومخططاً من حزب الاستقامة المدعوم من التيار الصدري والصدريين عموما للاستفادة من الحزب الشيوعي (حسب الزعم) كغطاء للظهور بشكل مدني خلافا لما يضمروه، وأن الشيوعيين قد زكوا بتحالفهم هذا قسما من التاريخ السيئ المحسوب على التيار الصدري... وتندمج هذه الآراء مع فكرة تقول أن من الأفضل لو كان المدنيون والشيوعيون والديمقراطيون قد دخلوا في جبهة واحدة بدلا من دخولهم في تحالف سائرون, وتصور الأمر وكأن الشيوعيين قد أداروا الوجه لقوى معينة مدنية لصالح قوى أخرى، وهي تهمة باطلة أساسا ولا تستند للوقائع، ويتم القياس في أن الشيوعيين ربما سيحصلون على نفس العدد من المقاعد التي سيحصلون عليها اليوم...
هنا الفكرة تفترض تقاطعا وتعارضا مسبقين بين التوجهات العامة لتحالف سائرون وبين توجهات عدد من القوى المدنية والوطنية ومنها التحالف الديمقراطي الوطني وتحالف تمدن وعدد من الشخصيات المدنية الوطنية التي يأمل أن تتمثل في مجلس النواب... اليام القادمة ستدحض هذه الفكرة وعبر ما سنشهده من تعاون وتنسيق وعمل مشترك بين المدنيين والوطنيين في مجلس النواب القادم وبغض النظر عن قوائمهم وتحالفاتهم التي أوصلتهم للبرلمان..

هناك العديد من الوقائع والأحداث ينبغي الاستناد اليها قبل التجني والحكم على مواقف الشيوعيين في ما يخص التحالفات مع قوى اليسار والمدنية، وأولها حقائق السعي المضني ولسنوات طويلة لطرح المشروع الوطني المدني والدعوة لتجميع وتوحيد رؤى قوى اليسار والمدنية والوطنيين عموما، وآخرها ما تم في تحالف تقدم حينها ودور الشيوعيين المشهود فيه، وحرصهم على استمراره وديمومته وعبر ترصينه وتقويته عبر الانفتاح على القوى الوطنية الأخرى وقوى الاسلام المعتدل، وهو ما لم يتم لأسباب وضحها الحزب في صحافته وإعلامه وفي تفاصيل بلاغ لجنته المركزية الأخير.
لقد كان الشيوعيون ولا زالوا واضحين في خطابهم السياسي ومواقفهم السياسية العامة وفي ما يخص التحالفات والأسباب التي دعتهم  للعمل سوية مع قوى تحالف سائرون, وأن الاختلاف مع وجهة نظر الحزب في موضوع تحالفه هذا وهي قضية طبيعية ويدركها الحزب ويتفهمها، وليس من الصحيح تفسير ذلك كونه سيكون سببا في خسران الحزب بعض من ثقة الجماهير والمتعاطفين معه...
النتائج المليونية التي حصلت عليها قائمة سائرون وحدها تكفي لأن تكون برهانا على التأييد الشعبي الجماهيري لفكرة تحالف الشيوعيين مع الوطنيين والليبراليين المعتدلين والإسلاميين الرافضين لنظام المحاصصة والطائفية، وهي برهاناً أيضاً على تأييد ومساندة مشروع الدولة المدنية العابرة لفكرة الطائفية.
هذا الذي تحقق لم يكن له أن يكون لو دخل كل طرف من أطراف سائرون لوحده في الانتخابات...
ولم يكن ممكنا لو أن التحالف هذا لم يتبن المشروع الوطني المدني وعبر البرنامج الشامل التغييري..
والذي تحقق هو دليل على تقبل الشارع العراقي لطروحات وسياسات اطراف سائرون في ما يخص موضوع التحالف ومساندتهم له...
وإذا جاز لأحد أن يفخر فعليه الفخر بأداء هذا التحالف وسعيه المشترك سوية مع الفخر والامتنان بسعيه وعمله ونشاطه ضمن هذا التحالف ...
الذي تحقق هو ثمرة جهود كل الخيرين في داخل تحالف سائرون ومعهم التأييد الجماهيري لمشروعهم هذا..
وهناك حقيقة واضحة وهي التأييد الكبير والدعم الذي حضي به تحالف سائرون من قبل شخصيات دينية كبيرة ومنها السيد مقتدى الصدر والذي عبر صراحة عن دعمه ومساندته للمشروع الوطني الساعي لإقامة نظام سياسي وطني بعيدا عن المحاصصة..
في حال القياس بحساب الفلاح والبيدر أو التاجر والسلعة، ربما سيكون الحساب صحيحا بمقياس الخسارة والربح في ما يخص عدد نواب الحزب الشيوعي في سائرون، لكن واقع السياسة والتحالفات تتحكم فيه ظروفا وشروطاً لها خصوصيتها, ومنها للمثال قانون الانتخابات الجائر الذي يقسم العراق لدوائر متعددة بدل من أن يكون كدائرة واحدة، وبالتالي يتطلب من المرشح أن يحصل على أصوات كثيرة نسبيا لكي تمكنه من تجاوز العتبة الانتخابية، وأيضاً الظروف الملموسة لواقع العراق الحالي واستمرار التأثير الديني للمرجع في الموقف الانتخابي للمواطن ...
الشيوعيون العراقيون لم يشاطرهم الوهم في أن  أصواتا من جهات أخرى من داخل سائرون ستترك قواها ومواقفها الدينية والمذهبية والسياسية وتصوت لهم، بل أنهم راهنوا على التأييد الشعبي الذي سيحضى به برنامج سائرون الانتخابي، كما أن هناك حقيقة يفهمها الشيوعيون العراقيون في أن جمهرة كبيرة من العراقيين تأيد وتساند توجهات السيد مقتدى الصدر وتستمع لتوجهاته ومنها دعوته لمساندة وتأييد تحالف سائرون، وهي لها أيضا مصالح مشتركة ودواع كثيرة لتأييد برنامج سائرون يضاف لتحزبها الديني لكونها من الطبقات المسحوقة شعبياً والمتضررة مصالحها جراء النهب والسرقات والفساد ونظام التحاصص الذي أكل الأخضر واليابس...
الأيام القادمة ستكشف تفاصيل أكثر عن نتائج الانتخابات وأسماء مرشحي مجلس النواب والأصوات التي حصلوا عليها، وبغض النظر عن هذا وذاك فمن اليقين أن انجازا وطنيا عراقيا قد تحقق في طريق هدم نظام المحاصصة الطائفي والذي ينبغي أن يستمر السعي والسير في هذا الدرب العسير، وأن الشيوعيين قد أضافوا الكثير لنضالهم الجماهيري الشعبي عبر أيام من التواجد وسط المحتشدات الشعبية وكل أماكن تواجد العراقيين داخل مدن العراق والخارج وهو ما سيقوي من عزيمتهم ويصلب من بناء حزبهم ويزيد كوادرهم خبرة ودراية، ويحق لهم الفخر بالأصوات الوطنية الصادقة التي حصلوا عليها بتأييد الجماهير العراقية لمرشحيهم في تحالف سائرون وفي قوائم الكوتا، وبغض النظر عن عدد المقاعد التي سيحصلون عليها... المهم في الأمر أن يبقى تحالف سائرون متماسكا في مواقفه الوطنية مصراً غلى ثوابته الوطنية في خياراته اللاحقة سواءاً في تشكيل الحكومة أو في انتقاله عمليا لجبهة المعرضة السلمية في البرلمان.


54
في ستوكهولم
مشروع الحزب للإصلاح الثقافي
في ندوة حوارية

مساء الأحد 21/1/2118 وفي مدينة ستوكهولم السويدية وبدعوة من منظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد/ ستوكهولم عقدت ندوة حوارية حول مشروع الحزب الشيوعي العراقي للإصلاح الثقافي, وحضرها مجموعة من المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي العراقي..
أدار الندوة الرفيق نجم خطاوي الذي رحب بالحضور جميعا لتلبية الدعوة مقدماً الشكر للأساتذة الذين أعدوا مطالعات مكتوبة ومعدة حول الموضوع..
حضر الندوة الرفيق الدكتور صالح ياسر عضو اللجنة المركزية للحزب ورئيس تحرير مجلة الثقافة الجديدة, والرفيق رشاد الشلاه سكرتير مكتب اعلام الحزب خارج الوطن.
تخليدا واستذكارا لشهداء الثقافة والحرية في العراق وقف الحضور دقيقة صمت واحترام .
وفي أجواء ثقافية وديمقراطية تحاور الحاضرون وباهتمام حول جوانب مختلفة من مشروع الحزب للإصلاح الثقافي, الذي تبناه الحزب في مؤتمره الخامس, وطوره بعد 2003 والسنوات اللاحقة وحتى المؤتمر الوطني العاشر الذي ناقشه وطور في بعض فقراته... وكانت منظمة الحزب في ستوكهولم قد وجهت الدعوة مع مشروع الحزب للإصلاح ونداء الحزب للمثقفين, لأكثر من ستين شخصية ثقافية, ولعدد من منظمات المجتمع المدني المهتمة بالثقافة.
في الندوة قدمت مداخلات لعدد من الاساتذة المهتمين بالشأن الثقافي, عبرت عن اهتمامهم في تقييم ورقة الاصلاح الثقافي واغناء بعض جوانبها, مع حزمة من الآراء ووجهات النظر لأن تأخذ الثقافة ورموزها الدور المهم في المشهد الحالي وبما يعزز قيم المدنية والحرية وشيوع مجالات الثقافة وسط المجتمع. كما قدمت الكثير من الملاحظات والآراء التي تدعو الشيوعيين العراقيين لتطوير وتحسين خطابهم الفكري والثقافي والسياسي, وتحسين قنوات اعلامهم ومنابرهم الثقافية, وطرق وأساليب وفنون نشر الوعي والثقافة والأفكار المدنية العلمانية وسط الجماهير.. كما عكست العديد من الكلمات الحال المتردي للثقافة في العراق في جوانبها المختلفة, والإهمال الذي طال ويطال الثقافة جراء سياسة القوى التي تسيدت المشهد السياسي, وإهمالها للثقافة وأهميتها في حياة الوطن والمواطن, والجهود التي يبذلها عدد من المثقفين العراقيين ومنظمات المجتمع المدني في بغداد والمحافظات في تقديم العديد من الفعاليات الثقافية.
في الندوة تحدث الرفيق رشاد الشلاه عن ضوابط النشر في صحيفة طريق الشعب وموقع الحزب الإلكتروني والدور الذي ينهض به اعلام الحزب وفق الإمكانيات المتاحة حاليا.. كما تحدث الرفيق الدكتور صالح ياسر عن مجلة الثقافة الجديدة وظروف التحرير والنشر والتوزيع, والوجهة التي تتبناها المجلة في النشر وفي التعامل مع الكتاب والمواد المرسلة للنشر, والدور التنويري الذي تقوم به...
الكثير من ملاحظات الحضور أثنت على المبادرة الطيبة لمنظمة الحزب في ستوكهولم في اقامة هذه الندوة كخطوة للتواصل والحوار مع جمهرة المثقفين ومن أجل ايجاد جسور مشتركة في التأثير والتأثر ومن أجل اصلاح وتغيير المشهد الثقافي العراقي.

55
في ستوكهولم
حفل تأبيني
للقائد الأنصاري
صباح ياقو توماس ( أبو ليلى )

    نجم خطاوي

في أجواء خيم عليها حزن وفداحة الفقدان ممتزجة مع مشاعر الفخر والتباهي, استذكر حشد كبير من العراقيين الفقيد الراحل القائد الأنصاري الشيوعي  صباح ياقو توماس ( أبو ليلى ) في أمسية تأبينية دعت لها عائلة الفقيد, وأقيمت مساء الأحد 22/10/2017 في منطقة سودرتاليا- ستوكهولم.
أدار الأمسية الشاب غيث جلو مرحباً بالحضور الكريم وشاكراً لهم تجهم عناء السفر من مناطق مختلفة من السويد, مستذكراً بكلمات بليغة ومؤثرة لعدد من المحطات النضالية في مسيرة وحياة الرفيق الراحل أبو ليلى.
السيد طارق ياقو توماس أخ الفقيد تحدث في التأبين مستذكراً تلك المسيرة النضالية التي اجترحها الفقيد أبو ليلى ومنذ يفاعته وشبابه في مدينته القوش واشتراكه مبكراً في الكفاح المسلح في مناطق عقرة والقوش وباهدنان ومناطق كوردستان العراق عموماً, والصعوبات التي واجهت الفقيد والعائلة عموماً جراء ممارسات الأنظمة القمعية المتعاقبة..
 في حديثه قدم الشكر والامتنان لمنظمة الحزب الشيوعي العراقي في السويد على تضامنها ومواساتها للعائلة..
شارك في التأبين اضافة لعائلة وأهل الفقيد وأقاربه, عدد كبير من أبناء الجالية العراقية في سودرتاليا وستوكهولم ومدن السويد الأخرى, وبمشاركة رفاقه من منظمة الحزب الشيوعي العراقي, وعدد من رفاقه الأنصار الذين شاركوه مسيرة النضال المسلح في جبال وسهول كوردستان, وعدد من الوجوه الاجتماعية.
في التأبين ألقيت كلمات بأسم منظمة الحزب الشيوعي العراقي/السويد, ورابطة الأنصار في ستوكهولم, ورابطة المرأة العراقية, أشادت بالدور الوطني النضالي للفقيد الراحل أبو ليلى ومأثره البطولية.
كما قرأت في الأمسية التأبينية عدداً من النصوص الشعرية التي مجدت تاريخ وذكرى الرفيق صباح أبو ليلى..
وأستذكر الحضور بألم وحزن وفخر صوراً من كفاح الرفيق الراحل أبو ليلى والدور البطولي الذي أداه ورفاقه  في ستينيات القرن الماضي مقاتلين شيوعيين في فصائل ثورة أيلول , وعبر الفلم التسجيلي ( ذاكرة ثوار ), وهو من مجموعة افلام وثائقية باسم ذاكرة الأنصار.
كلمة الختام كانت لأبن الرفيق دانيال صباح توماس التي قدمها بالسويدية وكانت صورة من الاحاسيس الصادقة والمعبرة عن اعتزاز الابن بمسيرة وكفاح الأب وتضحياته, ومعاهدته على استذكاره دوماً واستذكار مثله الوطنية والانسانية..
ابو ليلى من مواليد عام 1942 مدينة القوش ومن عائلة وطنية شيوعية, وكان قد التحق مبكراً في صفوف الحركة المسلحة في كوردستان العراق ستينات القرن الماضي, وقد اشترك في عشرات المعارك البطولية ضد مرتزقة النظام, وفقد احدى عينيه في واحدة من معارك اقتحام الربايا.
في عام 1985 استشهد اخيه الرفيق طلال توماس( سعد) في كلي كورت منطقة دهوك اثر قصف الطائرات, كما استشهد اخيه الثاني خيري توماس ( خيري ) في منطقة زاويته في دهوك عام 1986 أثناء اقتحام احدى الربايا العسكرية.
 في عام 1987 وعلى اثر استخدام النظام الفاشي المقبور للأسلحة الكيماوية ضد مقر حزبنا الشيوعي العراقي في كلي زيوه- مقر قيادة قاطع بهدنان, أصيب الرفيق أبو ليلى بإصابة بالغة جراء تعرضه للغازات السامة, واضطرته لترك الحركة الانصارية والسفر للعلاج, وظل متنقلاً في بلدان عدة حتى استقر في السويد, والتي غادرها لاحقاً متوجهاً للوطن, وفقدناه بألم وخسارة في مدينته القوش التي أحبها ونذر حياته لأجل سعادة ورفاه أهلها.

56
في ستوكهولم
حوار ثقافي
عن ألفريد نوبل
ومعضلة جائزة الأدب

   نجم خطاوي


تواصلاً مع برنامجها الثقافي لخريف عام 2017, نظمت رابطة الأنصار في ستوكهولم وبالتعاون والتنسيق مع منتدى الحوار الثقافي العراقي, أمسية حوار ثقافي استضافت فيها الأعلامي والكاتب طالب عبد الأمير متحدثاً عن اصداره الأخير ( نوبل ومثالية الأدب ), وهو كما عبر الكاتب قراءة موضوعية في معضلة الجائزة , وكان قد صدر في السويد 2017.
الأمسية أقيمت في منطقة سلوسن- ستوكهولم مساء الجمعة 20 تشرين الأول 2017, بالتعاون مع مؤسسة سينسوسالسويدية Sensus   وحضرها جمهور متنوع  من المهتمين والمتابعين للشأن الثقافي.
قدم للأمسية وأدارها الكاتب فرات المحسن مرحباً بالضيوف الحضور وبالكاتب طالب عبد الأمير مع الاشارة لغنى كتابه بالمعلومات عن لوحة نوبل المخترع والأديب المتشعبة, وتاريخه بكونه شخصية ليست عابرة, وعن معايير اختيار الجائزة وكيفية التفكير في موضوع الجائزة وتنوعها, والمعايير التي تتبع لنيل الجائزة وتوزيعها, والانتقادات التي توجه للأكاديمية السويدية. في كثير من الاحايين عن اختياراتها للفائزين بالجائزة .ثم قدم بعضاً من سيرة الكاتب والإعلامي طالب عبد الأمير والسعي الطيب الذي بذله في كتابه عن نوبل باعتباره كتاباً معرفياً وأكاديمياً وبلغة سلسة حوت الكثير عن مسيرة نوبل وحياته واهتماماته.
أجواء الأمسية مضت عبر حوار ثقافي تحدث فيه الكاتب عن بدايات جمع المعلومات والاهتمام بموضوع جائزة نوبل للأدب ومنذ مدة طويلة, والتي استفاد منها لاحقاً في تأليفه للكتاب وبالاستناد الى مصادر كثيرة سويدية وغيرها, وأيضاً عن نشأة ألفريد نوبل وعائلته, ومنذ ولادته في مدينة ستوكهولم , وتنقله ما بين السويد, أذربيجان, روسيا , فرنسا , والنمسا, وإيطاليا وعن ذكاء ألفريد نوبل المبكر وتفوقه في الدراسة واهتماماته العلمية والأدبية.
 وبلغة شفافة وبسيطة قص الكاتب عبد الأمير الكثير من تفاصيل حياة ونشأة ألفريد نوبل وتعرفه على امرأة من بلاد النمسا عملت كسكرتيرة له, وتعلقه وحبه لها من طرف واحد, والأثر الذي تركته بعد مغادرتها له والعودة لبلدها, وصارت لاحقاً من دعاة السلام ومع استمرار المراسلة بين ألفريد وهذه المرأة.
وعن عمل عائلة نوبل واهتمام الأب والابن بموضوع الديناميت وتوسع مشاريعه الصناعية وتضخم ثروتهم وذيوع صيتهم عالمياً..
 ثم تحدث عن اهتمامات نوبل الأدبية وعلاقاته بكتاب عصره كفيكتور هيغو, وكتاباته الأدبية وخصوصاً مسرحية بعنوان (نميسيس) ومخطوطتيه الروائية (الأخوات الثلاث) و ( أفريقيا الأكثر ضياءاً), وكان يتأمل أن يقدم الخدمة للبشرية عبر اكتشافاته, والتي استخدمت للأسف في مجالات الحروب والعنف...وأخيراً عن معايير منح جوائز نوبل في مجالات الأدب والطب والفيزياء والكيمياء والسلام و لاحقاً الاقتصاد. ولمن يحق لهم الترشيح للجائزة. كما تحدث الكاتب عن مبادرة الاتحاد العام للكتاب والأدباء في العراق بترشيح الشاعر مظفر النواب لنيل الجائزة في مجال الأدب.
جمهور الحضور قدموا عدداً من المداخلات والمطالعات والأسئلة التي حاورها مع الكاتب عبد الأمير, والتي أغنت وأثرت موضوع الحوار.
طالب عبد الأمير.. كاتب وإعلامي..حاصل على شهادة الدراسات العليا في علوم الاعلام والاتصال وحاصل على بكالوريوس في الهندسة الجيولوجية...ساهم في الكتابة والنشر وفي مجالات القصة والشعر, والترجمة من اليوغسلافية والسويدية الى العربية, وعمل محرراً في القسم العربي للإذاعة السويدية.
في نهاية الأمسية قدمت رابطة الأنصار في ستوكهولم للكاتب عبد الأمير باقة ورد وهدية حوت طوابع عن نوبل, كما قدم الزملاء في منتدى الحوار الثقافي باقة ورد للكاتب طالب عبد الأمير.

57
في ستوكهولم
واقع التعليم الجامعي في العراق
في أمسية حوارية

 
ضمن أماسيها الثقافية المعتادة, استضافت رابطة الأنصار في ستوكهولم الباحث والكاتب سعيد الجعفر, و الشاعر والكاتب هندرين أحمد, في أمسية حوارية, عن واقع التعليم الجامعي في العراق مقارنة بالتعليم الجامعي في السويد.
الأمسية أقيمت يوم السبت 19 آب 2017, وبحضور مجموعة من الأخوات والأخوة العراقيين, وفي واحدة من القاعات الثقافية في مكتبة منطقة Skärholmen شارهولمن جنوب ستوكهولم. وهي الأمسية الأولى التي تنظمها رابطة الأنصار في ستوكهولم ضمن موسمها الثقافي خريف 2017, وبالتعاون والتنسيق مع مكتبة منطقة شارل هولمن في ستوكهولم.
أدار الأمسية الشاعر والكاتب نجم خطاوي, مرحباً باسم رابطة الأنصار, بالحضور وبالضيفين المحاضرين للتعاون والجهد في اعداد المحاضرة والمساهمة في موسم رابطة الأنصار الثقافي.
 
 ثم قدم تعريفا مختصراً عن المنجز الثقافي والفكري للمحاضرين.
 الباحث والكاتب والأستاذ الجامعي سعيد الجعفر من مواليد الناصرية منطقة الفهود- بكالوريوس علوم زراعية من جامعة البصرة وحاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة سانت بطرسبرغ ( لينينغراد ) في روسيا- قسم اللسانيات- عمل في التدريس الجامعي في السويد-  نشر العشرات من المواضيع والنصوص الشعرية اضافة لترجمته عدد من الكتب- يعمل منذ عام 2010 استاذاً في كلية الآداب/الناصرية- جامعة ذي قار- يعمل محاضراً في مجالات الاستشراق وعلم اللغة وتاريخها والمفاهيم السوسيولوجية وعلم الدلالة.
 الشاعر والكاتب الاستاذ هندرين أحمد من مواليد مدينة أربيل- التحق عام 1981 في صفوف الحركة الانصارية وعمل في مجال الصحافة والإعلام هناك- عام 1990 قدم للسويد ليدرس في جامعاتها وفي تخصص موضوع تاريخ الأفكار اضافة لدراسة الفلسفة والتاريخ ولغة الأطفال- حاصل على شهادة الماجستير في السويد وفي تخصص تاريخ الأفكار- أصدر 17 كتاباً تنوعت بين النصوص الشعرية والبحوث اضافة للترجمة- يعمل منذ 2010 استاذاً جامعيا في جامعة سوران ( ديانا ) في محافظة أربيل في اقليم كوردستان- يعمل محاضراً ضمن مجالات النقد الأدبي والتطبيقي وفي الفلسفة وعلم الاجتماع والمصطلحات ودلالاتها.
 في الأمسية استمع الحضور لحوارات عكست التجربة الثرية والمفيدة للأستاذين المحاضرين خلال عملهما في جامعتي ذي قار و سوران, وعبر المقارنة بين واقع التعليم الجامعي في السويد حيث التخطيط والتطور والإمكانيات المتاحة للطلبة والأساتذة, وبين الظروف الصعبة التي يعاني منها التعليم الجامعي في العراق, والمتمثلة في غياب التخطيط والبرمجة وضعف المناهج وانحسارها وتردي الخدمات اللوجستية والمكتبية, ناهيك عن تردي المستوى العلمي والثقافي للطلية ووسط التخبط والعشوائية في طريقة اختيار نوع التعليم والهدف المرتجى من المراحل التعليمية بشكل عام.
في الامسية أيضاً توقف المحاضران عند محطات تهم شؤون الجامعة باعتبارها عقل المجتمع والمكان الذي يمكن أن يتخرج منه بناة البلد وقادته الميدانيين, والأسباب التي أدت للواقع الصعب الحالي لواقع الجامعات العراقية, وفي بلد تناهبته دكتاتورية صدام والحروب الخارجية والداخلية, وغياب الهدف والبرامج العلمية والواضحة في مجال التعليم والتربية, وانتشار ظاهرة التعليم الأهلي وتشجيع الحكومات له, والذي يكرس التمايزات الطبقية في المجتمع, ويساهم في تردي مستوى البلد فكريا وثقافيا وسط غياب الاسس الصحيحة في المناهج والآليات التربوية والعلمية والمعايير الجامعية المعروفة, وكذلك حالة تردي الوعي الثقافي والالتزام الواعي للطلبة وعبر الفهم المشوه لمفاهيم الديمقراطية, وأيضا تسلط المفاهيم المتخلفة وبعض القيم التي تفرض كمسلمات في الجامعة, والتي يصعب حوارها أحياناً. كما سلط الضيفان المحاضران الضوء على التأثير المباشر على العملية التربوية والجامعية وبسبب تردي الخدمات والصراعات السياسية والظروف الاقتصادية والحروب واستفحال البطالة وضبابية المستقبل لطلبة الجامعات في ما يخص العمل والمستقبل.
 
الأعزة الحضور قدموا في حواراتهم المتبادلة مع الاستاذين المحاضرين العديد من الأفكار والرؤى حول الموضوع, تمحورت حول تجربة الكتاب المسموع والتعاون مع دور النشر ولتكريس الفكرة لرفع المستوى الفكري والثقافي للطلبة وعموم المجتمع, والخيارات العلمية والدينية للطلبة وتأثيرها على المستقبل, وارتباط المناهج بالحياة المجتمعية, والدور المنشود للأساتذة المتنورين والكفوئين من علمانيين ومدنيين  في تحسين وتطور واقع ألتعليم وتأثير القيم المجتمعية في تردي مستوى التعليم الجامعي.
في نهاية الأمسية شكر الزميل نجم خطاوي الأستاذ سعيد الجعفر و الأستاذ هندرين, على الجهد الطيب والمفيد والشامل في تقديم المحاضرة, مع الثناء والشكر للضيوف على حضورهم الكريم وتفاعلهم مع المحاضرة ومشاركتهم فيها.
الزميل سعد شاهين قدم الورود للضيفين المحاضرين باسم رابطة الأنصار في ستوكهولم شاكراً لهم وللحضور على التعاون ومواصلة دعم جهود رابطة الأنصار وفعالياتها الثقافية.


58
في ستوكهولم
الروائي برهان الخطيب
محدثا عن روايته

" غراميات بائع متجول "
نجم خطاوي

اعتزازا واهتماما بالمثقفين العراقيين كتابا ومبدعين، وضمن موسمها الثقافي لعام ٢٠١٦، استضافت رابطة الأنصار في ستوكهولم وشمال السويد، الكاتب والروائي برهان الخطيب في أمسية ثقافية حوارية محدثا عن روايته الأخيرة ( غراميات بائع متجول ) الصادرة في ٢٠١٥ عن جمعية نوافذ للترجمة والتنمية والحوار.
الأمسية نظمت مساء الجمعة ١٨ تشرين الثاني ٢٠١٦ في مدينة ستوكهولم وسط حضور لعدد من المهتمين بالأدب الروائي والثقافة عموما، وأدارها الزميل محمد المنصور الذي قدم الاستاذ الخطيب للحضور مرحبا به ومعرفا بمنجزه الثقافي الإبداعي ككاتب من جيل كتاب التنوير والتجديد في ستينات القرن الماضي، ومنذ صدور مجموعته القصصية الأولى ( خطوات إلى الأفق البعيد ) وحتى روايته الأخيرة ( غراميات بائع متجول )، والذي تجاوز الخمسة عشر رواية ومجموعتين قصصيتين وعددا من الإصدارات في الترجمة من اللغة الروسية الى العربية.
في الأمسية قرأت شهادات وكتابات حول الرواية للدكتور حسام زوين من الأمارات والسيدة مروج حسين من بغداد، والتي كان موضوع أطروحتها للماجستير ( الفضاء الروائي في روايات برهان الخطيب )، والدكتور صالح الرزوق من سوريا/حلب.
هذه القراءات الثقافية الذكية لأجواء وأمكنة وشخوص وعوالم رواية غراميات البائع المتجول قربت الحضور لأجواء الرواية، وخففت من نقص عدم تمكن الكثير من الحضور من قراءة الرواية.
الزميل سعد شاهين قدم انطباعاته عن الرواية والأثر الذي تكون لديه بعد قراءتها.
الروائي و الكاتب برهان الخطيب كان سعيدا بالحاضرين، ممتنا لدعوته واستضافته، ليقرأ مطالعة مكتوبة عن روايته الجديدة وعن مجمل عوالمه الروائية وتصوراته عن الزمن والأحداث.
في إجابته لسؤال شقيقته عن سبب اختياره لعنوان الغرام والعشق في روايته والعراق في احتراق !!!!!!، يكتب الخطيب:
(( هي حيلة روائية، توظف الأشواق في توسيع الأفاق عسى أسحب القارئ الشموخ، الشغوف بكل منفوخ، إلى سطورها المدونة)).
واستمرت أجواء الأمسية عبر حوار صريح ساهم فيه الحضور ليغنوا حوار الكاتب الخطيب، والذي يظل محقا في خياره للمجابهة وتجديد النفس بدلا من تذويبها أو تحجرها وباستخدام سلاح الثقافة كدرع واق، وحسب تعبيره.
كلمات الشكر والامتنان للخطيب مع شدة ورود كانت مسك ختام هذه الامسية المفيدة.
أمسية الكاتب والروائي برهان الخطيب هي الأخيرة في برنامج الموسم الثقافي لرابطة الأنصار لعام ٢٠١٦، مع أمل المواصلة في نشاطات ثقافية قادمة لعام ٢٠١٦، والتي سيكون المسرح باكورة لها.


59
جاسم الولائي
في حوار
عن تجربة العمل الاذاعي

     نجم خطاوي

احنه حب الوطن والغيره تلمنه
بيدي حنه
وبيد اخوي الثاني حنه
مثل شدة ورد ملتفه زلمنه
مع كلمات هذه الأغنية(شوباش) المعبرة التي أدتها الفرقة البصرية قبل أعوام وكتب كلماتها الشاعر والإعلامي جاسم الولائي, ومع أغنية جميلة ثانية ( شموس الذهب), ابتدأت امسية رابطة الأنصار الديمقراطية في ستوكهولم وشمال السويد احتفاءاً بالشاعر والصحفي الاعلامي جاسم سيف الدين ولائي, وهو يحكي تجربته في العمل الصحفي والإذاعي والإعلامي وبالتحديد خلال فترة عمله في اذاعة المعارضة العراقية (صوت العراق), التي كانت تبث من مدينة دمشق في سوريا.
أقيمت الأمسية في مدينة ستوكهولم- ميدبورياربلاتسن, مساء الجمعة 11 تشرين الثاني 2016, وبالتعاون والتنسيق مع منظمة سينسوس الثقافية السويدية, وضمن فعاليات الموسم الثقافي للرابطة.
الزميل سعد شاهين قدم للأمسية مرحباً بالأعزة الحضور وبالضيف المحاور شاكراً له مساهمته في فعاليات الموسم الثقافي لرابطة الأنصار, وليقدم بعضاً من سيرته ونشاطه الاعلامي الثقافي من خلال عمله الاذاعي في دمشق, وبالخصوص في اذاعة ( صوت العراق) التي كانت تبث من سوريا في فترة تسلط نظام صدام الديكتاتوري, ومساهماته في النشر والكتابة شعرا وقصة وأغاني.
وفي حديث ودي وصريح وشفاف عبر الولائي(أبو نورا) عن امتنانه برفاقه وأصدقاءه الانصار ومرحباً بالحضور وشاكراً لرابطة الأنصار  دعوته للمساهمة في موسمها الثقافي. ثم ليعود بالزمن مستذكرا تجربته الغنية والمفيدة أعوام 1981 - 1990, والتي عمل حينها محرراً ومذيعاً في اذاعة صوت العراق, وهو العمل الذي وجد فيه متسعاً وفرصة للتضامن مع الشعب العراقي ومعاناته ورفضه للديكتاتورية.
ثم محدثاً عن تجربة الكتابة الصحفية والأدبية للصحف والمجلات الصادرة في دمشق وقتها, وفي مواضيع تنوعت بين الثقافي والسياسي, اضافة لمساهماته في الأماسي والفعاليات والندوات الثقافية المختلفة.
وعن الدور الذي قامت به الاذاعة في نشر أخبار الناس في داخل العراق وأخبار المعارضة ومع النشر اليومي المتواصل لأخبار العمليات العسكرية والنشاطات الأخرى للأنصار الشيوعيين في كوردستان العراق.
وعن زملاء العمل الاذاعي والإعلامي استذكر مجموعة من الزملاء الذين شاركهم تلك التجربة الاذاعية والصعوبات والمنغصات التي واجهتهم في العمل كصحفيين وإعلاميين تختلف تصوراتهم وأفكارهم عن النسق العام لتوجهات الإذاعة, واستطاعوا رغم الممنوعات أحياناً أن يمرروا كماً هائلاً من  أخبار ونشاطات  وتوجهات القوى اليسارية والديمقراطية, مع الحرص على تقديم المفيد والإبداعي من نصوص ومواد.  كما استذكر العديد من النصوص الشعرية التي كتبها والتي وجدت طريقها لتكون ألحاناً غناها العديد من الفنانين.
في الأمسية قرأ الولائي بعض نصوصه الشعرية والغنائية وهو يتحدث عن تجربته في كتابة الشعر بنوعيه الفصيح والشعبي, ومن ثم القصة والرواية, وكذلك اهتمامه بموضوع الترجمة من اللغة السويدية الى العربية وعبر مجموعة من الحكايات التي ترجمها ونالت استحسان القراء.
 وفي فرصة للحوار قدم عدد من الزملاء الحضور بعض الافكار والرؤى والملاحظات بخصوص الموضوع والتي استحسنها الولائي وقدم اجاباته وتوضيحاته بخصوصها.
الزملاء في رابطة الانصار شكروا الزميل جاسم الولائي في نهاية الامسية مقدمين له الورود عرفانا وتقديراً لمساهمته القيمة.



60

هنا  لا تسجل الجريمة ضد مجهول !!!!!!

   نجم خطاوي          

القانون ضروري وأساسي لتنظيم حياة البشر وطريقة معيشتهم وبشرط واقعيته وعدالته وهو وجد ليحمي الناس وليطبق على الجميع ضامنا حقوق الناس في حياتهم ومماتهم.
وهناك أحكاما تطبق على الجاني وأخرى تنصف المجني عليه وبطريقة تنصف الناس والمجتمع في محاولة التذكير بالعقوبات التي تنتظر من يفكر أو يشرع بفعل الجرم...
حق العيش هو حق للإنسان ولا يستطيع كائن من كان أن يسلبه هذا الحق، ومن يفعل ذلك سيعرض نفسه لأحكام القانون وعقوباتها.. لا توجد احصائية دقيقة في العراق عن عدد جرائم القتل التي راح ضحيتها بشر لا نعرف الأسباب التي دعت المجهولين لقتلهم.
 درجت العادة أن تسمي المحاكم جرائم القتل التي لا تحقق فيها أو التي لا تصل لنتيجة لمرتكبيها بالجرائم المسجلة ضد مجهولين، ورغم كون هؤلاء الذين يكنون بالمجهولين يتواجدون في المجتمع وكان يمكن للقانون أن يصل اليهم ويدينهم لو كان القانون من القوة والمناعة والحماية والحياد. وللموضوع حكاية حدثت هنا في السويد وفي مدينة أربوكا،وهي التي دعتني لسرد موضوعي هذا، حيث  تعرض رجل في ال٦٨ من العمر للقتل وأصيبت زوجته البالغة ٦٣ عاما بجروح كبيرة, في آب ٢٠١٦، لتلقي الشرطة بعدها القبض على ابنتهما البالغة ٤١ عاما وعلى الشاب زوجها ذو ال١٨ عاما متهمين بجريمة قتل اب المرأة ومحاولة قتل أمها..
الى هذا الحد يبدو الموضوع طبيعيا جدا، لكن القانون لا يهمل هنا خصوصاً في مواضيع جرائم القتل, والجرائم لا تسجل ضد مجهول لتطمر ولتضيع الحقيقة.
المرأة التي يحتجزها البوليس اليوم متهمة بقتل والدها والشروع بقتل أمها، كانت قبل أعوام متزوجة من شخص مات غرقا في بحيرة لم يتجاوز عمقها المتر، وفي حينها لم تسجل الحادثة كحادثة قتل وكجريمة، ولكن التحقيقات في المدة الاخيرة توصلت لبعض الشكوك بأن الزوج الغريق لم يتعرض للغرق بل ان هناك اسبابا أخرى.. ومن أجل اعادة التحقيق بهدف الحصول على معلومات جديدة دالة ومفيدة, قررت الشرطة اجراء الكشف على الشخص المتوفي، حيث ستقوم شرطة ستوكهولم بفتح القبر يوم ١٥ تشرين الثاني وإجراء الكشف ثانية، واتخذت مسبقاً اجراءات مختلفة واحترازية لهذه المهمة, حيث ستحوط الشرطة المقبرة مع عدم السماح بدخولها للزائرين ،كما ستغلق اجواء التحليق في سماء  المقبرة....كل هذه الإجراءات والتكاليف هدفها التوصل لحقيقة حول الشكوك بأن الشخص ربما يكون قد تعرض لجريمة قتل ولم يمت بسبب الغرق كما أعلن في حينه....
.........
أقول بأن الانسان يبقى أثمن رأسمال وهو يستحق أن يضمن له المجتمع العيش الكريم وأن يحرص على عدم تعرضه للأذى ومحاسبة من يسيء له ويعرض حياته للأذى أو الموت
.........
المعلومات عن صحيفة أفتونبلادت السويدية 
الصادرة اليوم الجمعة ١١ تشرين الثاني ٢٠١٦


61
عداد سكان
في موصل أم الربيعين

    نجم خطاوي

الأيام الأخيرة بنهاراتها ولياليها مرت علي وأنا سمير قنوات التلفاز وقلبي مشدود لخطوات بواسل الوطن الجنود والبيش مركه وكل الذين تناخوا لمقاومة أشرار داعش وربعهم, منتظراً على الجمر عودة الموصل ربيعية وخضراء نازعة راياتهم الكريهة السود, رايات البؤس وكبت الأنفاس, رايات التخلف والفرض وتصغير البشر واستعبادهم .
في هذه المدينة الموصل لي ذكريات لازالت منقوشة كالوشم في أعماق الذاكرة, وسط أسواقها ودرابينها وأزقتها وشواطئ دجلتها ومقاهيها ونواديها.
في آب 1976 وصلت الموصل قادماً من مدينتي الجنوبية الكوت وبعد أن قبلني كومبيوتر وزارة التعليم العراقي طالباً في كلية الادارة والاقتصاد وهي واحدة من كليات جامعة الموصل, وتقع على مقربة من معمل نسيج المدينة, وبالتحديد في وادي حجر منطقة المنصور.
في عام 1977 ويومها لم تكن أحوال البلد قد خربت تماماً, قررت الحكومة القيام بتعداد عام للسكان في كل مدن العراق وأريافه وصحاريه, وكنت حينها طالباً في المرحلة الثانية من الدراسة, واختاروني مع مجموعة من طلبة كليتنا لنكون عدادين رسميين, وصرت عداداً ومنحوني هوية عداد بعد أن واكبت الحضور في دورة تدريبية تطبيقية لأسبوعين عن تفاصيل التعداد وكيفية كتابة وترتيب وتنظيم وملأ استمارات التعداد, وغيرها من التفاصيل.
لقد غمرتني الفرحة والفخر وأنا أنهض في ذلك الصباح ومعي حزمة استمارات التعداد التجريبي الذي سبق يوم التعداد بأيام قلائل وذهبت مع زملاء لي عدادين صوب أحد الأحياء محلة(حوش الخان), واخترت أحد البيوت, وحللت ضيفاً مكرماً عند أهل الدار, وأتممت كتابة الاستمارة ودون صعوبات.
كانت فرصة طيبة للقاء بالناس والتعرف على أحوالهم وظروفهم والحديث عن أحوال الوطن ومستقبله.
 اهتم الشيوعيون بموضوع التعداد وعبر توجيهات محددة لهم خاصة للعدادين من الشيوعيين وأصدقاءهم حول طمأنة الناس وإفهامهم بضرورة وأهمية الادلاء بالمعلومات الصحيحة ودون وجل أو خوف, خصوصاً وأن منظمات حزب البعث الحاكم قد أشاعت أجواء من الخوف والقلق وسط الأحياء الشعبية ومع اشاعات بأن العقاب والويل سينتظر الذين يقولون عن حقيقة مناطق ولاداتهم وأصولهم القومية والدينية, والهدف هو تكريس شوفينية البعث وحزبه العصابة.
في يوم التعداد عطلت الدوائر والمدارس وبقت الناس في بيوتها بانتظار العدادين, وكان من نصيبي تكليفي بمسؤولية عدد من الدور في ذلك الزقاق الموصلي القديم(حوش الخان) سكانه تنوع من الأرمن والأثوريين والكلدان السريان والكورد والعرب والايزيديين والتركمان.
ستمر الأيام طويلا ولكني سأظل أتذكر ما عشت, ذلك الفطور اللذيذ الذي أعدته تلك العائلة الموصلية الطيبة للعداد الشاب الذي بدى صديقاً لأهل الدار وهو يتحدث عن التعداد وضرورته وعن الناس وحقوقهم وعن العيش في سلام دون قمع ومصادرة حريات.
لم تكن تجربة العمل في التعداد السكاني بالنسبة لي كتجربة مهنية أو ضمن التطبيق الدراسي الجامعي, بقدر ما كانت فرصة للتقرب من الناس واللقاء بهم عن قرب.
 لقد كتبت اجابات توثق لبشر قادمين من مدن وقصبات عقرة وبحزاني وبرطلة ودهوك والعمادية والشيخان, ولقوميات وأديان وطوائف مختلفة ومتنوعة, وبكل أمانة وصدق, وبعد التدقيق في وثائق الناس وما بحوزتهم من معلومات توثق لمناطقهم ومدنهم وأصولهم.
عامان مرا عليك يا موصلي وأنت أسيرة للغرباء واللؤماء الذين أرادوك أن تكونين أسيرة ذليلة لعقم خطابهم. لكن هذه الصفحات السود ستطوى قريباً حين ترتفع رايات الوطن وسط باب طوبك ودواستك.
وعهداً علي سأسعى لأكون عداداً  في حاراتك مرة أخرى وفي أول تعداد للسكان  ينتظره العراقيون أن يتم ومنذ سنوات.

62
في ستوكهولم
مزهر بن مدلول
في حوار عن تجربة الكتابة

          نجم خطاوي

وسط جمع من المهتمين بالشأن الثقافي العراقي, ضيفت  رابطة الأنصار الديمقراطية في ستوكهولم وشمال السويد, النصير مزهر بن مدلول ( أبو هادي ) في أمسية ثقافية حوارية للحديث عن تجربته في الكتابة, وبالتحديد عن كتابيه ( الدليل ) و ( متاهات أبو المعيد ).
نظمت الأمسية في ستوكهولم - منطقة ميدبوريالبلاتسن, مساء 21 تشرين الأول 2016, وبالتعاون مع منظمة سنسوس الثقافية السويدية.
أدار الأمسية الزميل نجم خطاوي مرحباً بالسلام والتحية بحضور الضيوف, وشاكراً للزميل (مزهر بن مدلول) مشاركته في الموسم الثقافي لرابطة الأنصار قادماً من الدنمارك حيث يقيم.
واستذكاراً لشهداء الحركة الأنصارية ولشهداء المقاومة ضد داعش وكل شهداء الحرية في العراق دعا الحضور للوقوف دقيقة صمت. ثم قدم الزميل الضيف :
(( مزهر ...مسكون بالحزن الجميل, بالحنين والماء والأحلام.أنينه صدى لموسيقى روحه التي خطت أناشيد نداها الطفولة ونسيجها العشق. مفرداته لم يجدها في صفحات الكتب, ولم يقتبسها من فضاء أخر. مفرداته هي مزهر هو, بجسده النحيف وعينيه الحزينتين الحالمتين بالضوء والنور يغمرالاماكن والمحطات التي ألفتها خطواته))
وفي حديث ودي بسيط الكلمات عميق المعاني والدلالات ابتدأ الزميل (أبو هادي) حديثه عن تجربة الكتابة التي يراها قريبة من هواجسه في التعبير عن تلك الأحداث والصور التي مرت في مخيلته عبر تجربته الحياتية, وهي تبدو مساوية لكتابة التجربة بكل تفاصيلها, ومنذ السنوات الأولى لنشأته الريفية في قريته (البيضان) القريبة من مدينة الناصرية, ثم تنقله للعيش في مدن ومناطق مختلفة, ومنها الهور, والصحراء التي عاش فيها فترة صعبة ومضنية من الزمن أمدته بالكثير من الصور والعبر.
عن هم الكتابة تحدث (مزهر) موضحاً اهتمامه المبكر بموضوع اللغة العربية وسعيه لتطوير قدراته عبر القراءة والاهتمام ورغم الصعوبات التي تواجهه أحياناً أثناء الكتابة.
وهو يرى في الكتابة فكرة ووسيلة لخلق المتعة عند القارئ, ودون رغبة في تصنيف كتاباته كشكل أدبي معين, اذ يبقى ما يكتبه في حدود السعي لتصوير تفاصيل وأحداث التجربة.
الزميل نجم خطاوي قدم عرضاً مبسطا لبعض الصور والأحداث منتقاة من فصول الكتابين, مع مقارنة بين ما كتبه الأديب الفلسطيني غسان كنفاني في روايته (رجال في الشمس) ومصير أبطاله في التسلل في تانكر ماء عبر الصحراء من العراق صوب الكويت,  وبين مغامرة (أبو هادي) في عبور الصحراء والمعاناة التي كابدها في تلك الرحلة التي فاقت في عذابها محنة أبطال كنفاني.
الحضور الكريم استمتعوا لحديث  الزميل النصير مزهر بن مدلول(أبو هادي) وهو يقرأ  حكاية له في الكويت(أمير) يوم كان لاجئاً فيها, وأخرى من تجربة الأنصار في كوردستان العراق, وحكاية ثالثة مؤثرة يصور فيها اللحظات التي غمرت مشاعره وهو يدخل قريته (البيضان) متسللا إليها قادماً من بغداد التي عاش فيها متخفياً بعد هجوم البعث ضد الشيوعيين عام 1978.
الزملاء الحضور قدموا تصوراتهم وأفكارهم حول موضوعي الكتابين والحوار وعموم تجربة الزميل مزهر, وعبر قراءة ذكية وثرية تعكس الاهتمام والتقدير, مع التأكيد على أهمية وفائدة الكتابات حول تجربة الأنصار وعموم التجارب والأحداث الأخرى, ودعوة للزميل (أبو هادي) لمواصلة مشواره مع الكتابة.
في نهاية الأمسية قدمت رابطة الأنصار الورود للزميل مزهر بن مدلول عرفاناً بالذي قدمه من منجز ابداعي أدبي ولمساهمته المتميزة في حضور الأمسية ومساهمته في موسم الرابطة الثقافي.

63
في ستوكهولم
أمسية عن الوعي الصحي
في طب الأسنان
      نجم خطاوي

 في مدينة ستوكهولم - منطقة ميدبوريال بلاتسن Medborgarplatsen, وسعياً لتواصل وتنوع أماسيها الثقافية, استضافت رابطة الأنصار الديمقراطية في ستوكهولم وشمال السويد, مساء الجمعة 14/10/2016, النصير الدكتور زيدون درويش ( أبو عبود ) في أمسية عن الصحة والوعي الصحي, وبالتحديد في موضوع الرعاية الصحية للأسنان وتأثيرها على سلامة وصحة الانسان.
اقيمت الأمسية بالتعاون مع منظمة سينسوس sensus الثقافية السويدية, وهي ضمن أماسي الموسم الثقافي- خريف 2016, الذي تنظمه رابطة الأنصار الديمقراطية.
قدم للأمسية الزميل سعد شاهين ( ماهر) مرحبا باسم رابطة الأنصار بالحضور الكريم شاكراً التواصل وحضور فعاليات الرابطة الثقافية. كما قدم الشكر للدكتور زيدون درويش  على تلبيته دعوة الرابطة والمساهمة في برنامجها الثقافي, منوهاً لتخصص النصير الدكتور ( أبو عبود) كطبيب أسنان بعد تخرجه الجامعي ومزاولته المهنة كطبيب متخصص في طب وجراحة الأسنان في المؤسسات الصحية السويدية وفي مدن مختلفة, ولاحقاً في عيادته الطبية في ستوكهولم.
بالاستعانة بالرسوم التوضيحية والبيانات والأرقام قدم الدكتور زيدون شرحاً وافياً وثرياً وبلغة بسيطة وتوضيحية وبالاستعانة بالتجارب الشخصية الملموسة في العلاج والطبابة الصحية, والتي تعكس اهتماماً ودراية بتجارب طب الأسنان.
كما عرج على توضيح الكثير من المفاهيم ووجهات النظر حول موضوع الاسنان والعلاج وتوضيح القوانين الصحية في السويد في ما يخص الرعاية والإعانة الصحية, وكيفية استفادة المواطن هنا في السويد من هذه الرعاية من أجل بنية صحية معافاة.
عن الامراض التي تصيب أسنان الإنسان ومنها التآكل والتهشم والتسوس والتكلس,, أوضح الدكتور زيدون من أن الطريقة المثلى لتجنبها هي في استمرار اهتمامنا وتقديرنا لموضوع رعاية طب الأسنان, وضرورة التواصل مع المؤسسات الصحية, والاستعانة بالنصح الطبي.
الأعزة الحضور حاوروا المحاضر في جوانب مختلفة من الموضوع مقدمين العديد من التوضيحات والمقترحات والأسئلة والتي حظيت باهتمام الدكتور زيدون مقدماً اجاباته وتوضيحاته المدعمة بالتجارب العملية.
تقديراً وعرفاناً بالدور المشهود للنصير الدكتور زيدون درويش ( أبو عبود ) ومواظبته في الجهد والسعي لتقديم الأفضل في مجال طب الاسنان وعلاج المرضى, ولمساهمته المتميزة في تقديم هذه الامسية الطيبة, قدمت له رابطة الأنصار الورود والشكر.



64
عن المرأة وتجربة العمل الأنصاري
نصيرات في حوار

       نجم خطاوي
وهي تسعى لتقديم الجوانب المشرقة والثرية من التجربة الأنصارية, استضافت رابطة الأنصار الديمقراطية في ستوكهولم وشمال السويد, الزميلتين النصيرتين سلام سلمان ( أم رحيل- نادية ) وإقبال ابراهيم ( أفاق ),  في أمسية احتفائية واستذكارية, عرفانا بما قدمته المرأة العراقية النصيرة من عطاء وبذل وتضحيات في سوح الكفاح الأنصاري, وللحوار والحديث عن تجربتهن الشخصية  كنصيرتين.
أقيمت الأمسية  مساء الجمعة 30 أيلول 2016 في مدينة ستوكهولم - منطقة  ميدبوريربلاتسن Medborgarplatsen , وحضرها جمع كبير من أبناء الجالية العراقية, وتم بثها عبر النقل المباشر في الفيس بوك, وشاهدها عدد كبير من الأصدقاء في دول مختلفة. هذه الأمسية هي الرابعة ضمن موسم الخريف الثقافي الذي تنظمه رابطة الأنصار الديمقراطية, وبالتعاون مع منظمة  سنسوس   Sensus الثقافية السويدية في ستوكهولم.
أدار الأمسية الزميل محمد المنصور ( أبو ظافر ), مرحباً بالضيوف الكرام وشاكراً للجميع تعاونهم وحضورهم أماسي رابطة الأنصار, مشيدا بتعاون النصيرتين سلام وأفاق في الاعداد والمساهمة لهذه الأمسية, مع حديث مختصر عن سيرتهن. كما رحب بحضور الرفيق ملازم خضر ( أبو عايد ) رئيس رابطة الأنصار الشيوعيين العراقيين.
وفي أجواء احتشدت فيها مشاعر العودة لتلك اللحظات والأحداث المصيرية وسط السفوح والجبال, وبما تطفح به من تفاصيل يمتزج فيها البهيج بالموجع, ومع عرض لبعض الصور واللقطات من أيام الكفاح الأنصاري, استمع الحضور لحوار النصيرتين في سرد تفاصيل لحظات الخيار الأولى للذهاب والتطوع في صفوف حركة الأنصار الشيوعيين في كوردستان العراق, وما يترتب على هذا الموقف من استعداد روحي وشخصي ومعنوي لتقبل العمل والعيش في ظروف وبيئة تختلف كثيراً عن الأمكنة الأولى.
ابتدأت رحلة النصيرتين سلام وأفاق من بلدين أوروبيين هما أوكرانيا وهنغاريا, ومن ثم مرت عبر مدينة القامشلي السورية, وبعدها عبور الحدود صوب أرض الوطن, وبكل ما يترتب على ذلك من مخاطرة واجتياز لأكثر من حاجز وعارض.
الزميل محمد المنصور واصل حديثه في محاورة النصيرتين وعبر زمنين رسما حدود التجربة, تمحور الاول حول اللحظات والتفاصيل والهموم والمشاعر التي سبقت الوصول صوب حركة الأنصار والثاني حول يوميات التجربة الانصارية واحتشادها بالمسر والحزين من تفاصيل.
وبكثير من مشاعر الصدق واستذكار الرفاق والناس والقرى والأمكنة, والذين فقدناهم من شهداء أحبة وأعزة, تحدثت النصيرتان عن الصعوبات الأولى في خضم التجربة, والشعور بالهيبة والفخر والاعتزاز حين يكون الانسان وسط رفاقه وفي أرض وطنه, وهو يخوض هذه التجربة العسيرة في مقارعة أعتى نظام ديكتاتوري, وعن فخر واعتزاز الرفاق الأنصار والناس بتجربة النصيرات, مع عدم تفهم البعض من الانصار لهذه التجربة, وصعوبة فهمها وسط مجتمع تسوده القيم العشائرية. كما تواصل الحديث عن المهمات الانصارية التي كلفن بها , ومعايشتهن للكثير من الاحداث والوقائع المؤلمة, ومنها لحظات قصف مقر قاطع بهدنان في زيوه بالغازات الكيميائية في 5 حزيران 1987 , واستشهاد عدد من الرفاق.
الرفيق ملازم خضر ( أبو عايد ) تحدث في الأمسية معبراً عن اعتزاز رابطة الانصار واللجنة التنفيذية للرابطة بالنشاطات والفعاليات الثقافية التي تقيمها فروع الرابطة, ومنها فرع ستوكهولم الذي تواصل في نشاطاته, مشيداً بالدور المشهود والبطولي للنصيرات الشيوعيات, حيث كانت التجربة فريدة في تلك المنطقة والظروف, وكانت موضع فخر واعتزاز الرفاق وباقي القوى السياسية وجماهير القرى, وقدمت النصيرات مواقف مشهودة في مجال معالجة ابناء القرى, وفي المهمات والشؤون الانصارية الادارية والعسكرية, وهناك نماذج لرفيقات شهيدات هن موضع الفخر والاعتزاز مشيداً بالتضحيات البطولية التي بذلتها الكثير من النصيرات في مساعدة الحزب في المدن داخل الوطن.
الحضور الكريم عبروا عن الارتياح والتقدير لهذه الفعالية الاحتفائية . في ختام الأمسية قدمت رابطة الأنصار شدات الورود للنصيرتين سلام وإقبال.
................................
الصور بعدسة النصير علي البعاج




65
أهمية تعلم اللغة الأم
للطلبة الأجانب
في أمسية
 لرابطة الأنصار الديمقراطية

    نجم خطاوي

استضافت رابطة الأنصار الديمقراطية في ستوكهولم وشمال السويد, مساء الجمعة 23/9/2016, الأستاذ التربوي والمربي جبار الزيدي, في أمسية عن أهمية تعلم اللغة الأم للطلبة الأجانب, وتأثيرها على تطور مستواهم العلمي والأكاديمي.
 أقيمت الأمسية في مدينة ستوكهولم في منطقة ميدبورياربلاتسن Medborgaraplatsen, وبالتعاون مع مؤسسة سنسوس Sensus الثقافية في ستوكهولم,وبحضور جمهور من الجالية العراقية,وهي الأمسية الثالثة التي تنظمها رابطة الأنصار الديمقراطية ضمن موسمها الثقافي خريف 2016.
أدار الأمسية الزميل قاسم حسين ( أبو وسن ), حيث استهل الحديث مرحباً بالضيوف الأعزة, ومرحباً وشاكراً للأستاذ المحاضر جبار الزيدي على تلبيته دعوة رابطة الأنصار والمساهمة في موسمها الثقافي, وعبر موضوع يخص تعلم لغة الأم لطلبتنا من الأبناء والبنات, والذي له خصوصيته وأهميته الاستثنائية.
 ثم قدم نبذة موجزة عن مساهمات الأستاذ التربوي جبار الزيدي خلال السنوات الطويلة في عمله كأستاذ لمادة اللغة العربية في المدارس السويدية, وبالخصوص في مدينة ستوكهولم بلدية هودينغا Huddinga.
وكذلك المبادرات والأفكار والبحوث القيمة التي أنجزها, و الدور الذي قام به ولا زال في تقديم الأفضل والأحسن للطلبة الأجانب القادمين للسويد ومنهم طلبتنا العراقيين, وعبر تعلم اللغة الأم العربية.
الأستاذ الزيدي شكر الحضور  ورابطة الأنصار التي دعته واستضافته في هذه الأمسية.
وفي حوار مدعم بالصور والتوضيح والبيانات والأفلام القصيرة, ومن خلال لوحة العرض, قدم الزيدي رؤاه وأفكاره وتجربته الطويلة في العمل المهني التربوي في المدارس السويدية, كمتخصص في اللغة العربية وتعليمها للطلبة القادمين الى السويد من البلدان العربية وغيرها, والذين يختارون تعلم اللغة العربية كلغة أم في المدارس السويدية, مستفيدين من الفرص التي تقدمها الدولة السويدية للطلبة الأجانب  لاستمرار تعلمهم بلغتهم الأم كمادة من مجموع المواد الدراسية التي يتلقوها في تعليمهم, وفي جميع المراحل الدراسية.
 في عرضه الواضح اشار الاستاذ الزيدي للتأثير الايجابي الذي تتركه دراسة اللغة الأم في توسيع مدارك وقدرات الطلاب وتسهيل تعلمهم اللغة السويدية وباقي الدروس العلمية والأدبية, والأثر النفسي الطيب والمساعد في القدرة على الفهم والتعلم المدرسي, وبشرط الجدية من قبل الطلبة وأهاليهم, وإدراك أهمية وضرورة اللغة الأم وفائدتها.
في محاضرته عرج على استفادته والمدارس التي عمل معها, من التجارب المختلفة في مجال تعلم اللغة الآم وحضوره العديد من المؤتمرات والدورات التي تهتم بهذا الجانب, والمحاولات المستمرة لتحسين أداء معلمي اللغة العربية وباقي اللغات , والذي توليه الحكومة السويدية أهمية ورعاية.
عبر طرح الأسئلة والاستفسارات والمداخلات, ساهم الحضور الكريم في حوار مفيد وغني, وعبر عرض المتحدثين لتجارب عملية تخص الأبناء والبنات, وكذلك تجارب العمل المهني في المدارس السويدية. الأستاذ جبار الزيدي قدم الشكر للمساهمين في الحوار شاكراً اهتمامهم,ومقدما اجاباته وتوضيحاته ووجهات نظره.
رابطة الأنصار الديمقراطية في ستوكهولم وشمال السويد قدمت الشكر للأستاذ المحاضر التربوي جبار الزيدي وقدمت له باقات من الورود عرفاناً لجميله في المساهمة والإعداد لهذه الأمسية الجميلة الناجحة.


66
موقع عنكاوا كوم ومهمته الاعلامية
في أمسية
 لرابطة الأنصار الديمقراطية

نجم خطاوي / رابطة الانصار / ستوكهولم

مساء الجمعة 16 أيلول 2016, وفي مدينة ستوكهولم/ ميدبوريربلاتسن, ومواصلة لنشاطات موسمها الثقافي الذي تقيمه بالتعاون مع مؤسسة سنسوس Sensus الثقافية, استضافت رابطة الأنصار الديمقراطية في ستوكهولم وشمال السويد, الزميل أمير المالح والزميل سامي المالح, في أمسية ثقافية  كان محورها  الحديث عن الدور المتميز لموقع عينكاوا الالكتروني الإعلامي, وعكس جوانب تجربته الناجحة في معالجة قضايا وشؤون الأقليات.
ابتدأت الأمسية بكلمات الترحيب والشكر  للضيوف الحاضرين وللزميلين المحاضرين, قدمها الزميل سعد شاهين( ماهر) رئيس رابطة الانصار في ستوكهولم.

 حضر الأمسية جمهور متنوع من الجالية العراقية.  كما رحب بحضور الرفيق ملازم خضر ( أبو عايد) رئيس رابطة الأنصار الشيوعيين العراقيين.

أدار الأمسية الزميل محمد الكحط ( أبو صمود), حيث رحب بالأستاذين  سامي المالح و أمير المالح, مستعرضا بعضاً من جوانب تجربتهما الاعلامية والثقافية في موقع عنكاوا دوت كوم , والدور المشهود في عطائهم وتجربتهم الأنصارية.

الحضور الكريم ساهم في الحوارات والنقاشات وعبر تقديم  الكثير من الرؤى والأفكار والمقترحات حول ماهية الاعلام الحر, باعتبار أن موقع عينكاوا نموذجا لهذا الإعلام. تضمنت وجهات النظر التأكيد على أهمية الابتعاد عن التحزب والطائفية والتقوقع, والانفتاح على عموم الطوائف والقوميات, ومحاولة نشر وعكس همومهم وشؤونهم وثقافتهم, وتسليط الضوء على حاجاتهم وتطلعاتهم, وبطريقة مفهومة وإعلامية ذات مضمون ومحتوى جمالي وإبداعي, وفسح المجال لكل المساهمات الثقافية والفكرية المتنوعة, وإدارة حوار ثقافي انساني يسهم في ترسيخ مفاهيم الانسانية والحرية واحترام الأخر.

في حديثه استعرض الزميل أمير المالح صاحب فكرة ومؤسس موقع عنكاوا, البدايات الأولى لتأسيس الموقع باعتباره يهتم بشؤون مدينة عينكاوا وأهلها في العراق وخارج الوطن, وفي ظروف صعبة من جميع الجوانب, وكيفية تطور الموقع واتساعه, وعبر الجهد والمساعدة التي قدمها الكثير من  أبناء الجالية. وتناول في حديثه أقسام الموقع والعاملين فيه كمتطوعين, والذين يعملون كمراسلين في مدن العراق وباقي دول العالم. كما استعرض الجوانب الفنية في عمل الموقع وتكاليفه, وكيفية الاستفادة من الاعلانات في تغطية تكاليف الموقع لكون الموقع لا يعتمد على أي مساعدات أو دعم من أي جهة كانت ولأجل الاستمرار في حياديته وحريته كمنبر اعلامي ودون ضغوط أو املاءات.

الزميل سامي المالح زامن نشوء وتكون موقع عينكاوا وعمل ولا زال ضمن الهيئة المشرفة على ادارة الموقع, تحدث في الأمسية مسلطاً الضوء على الرسالة التي يتوخاها موقع عنكاوا باعتباره منبراً اعلاميا حراً وبمضمون ليبرالي علماني, والدور الذي قام ويقوم به الموقع اليوم في نشر الثقافة والفكر والمواضيع الانسانية والمدنية, وتبني قضايا وأخبار ومشاكل وشؤون الاقليات القومية والعراقيين عموما. كما تحدث عن الانسيابية والثقة المتبادلة بين الكتاب والناشرين وبين ادارة الموقع, حيث يمكن للكاتب نشر موضوعه مباشرة, وتكون مهمة ادارة الموقع التأكد من كون المواضيع المنشورة بعيدة عن كل ما يدعو للتطرف والعصبية والأحقاد والكراهية, والتي تتناقض مع فكرة الاعلام الحر.

ضمن الحوار عرض مقترحاً من الحضور عن أهمية التعاون بين موقع عنكاوا وموقع رابطة الانصار الشيوعيين العراقيين الإلكتروني ( الينابيع), وعن امكانية توسيع نشر المقالات والأخبار الأنصارية في موقع عينكاوا, وقد تفاعل المحاضران والجمهور مع هذا المقترح.
الجمهور الكريم أثنى على سلاسة ووضوح وعمق حديث الزميلين سامي المالح و أمير المالح والطريقة التي قدمت فيها الامسية.
رابطة الانصار في ستوكهولم قدمت الورود للزميلين المحاضرين اعتزازا بالجهد المشهود الذي قدماه ولمساهمتهم في الموسم الثقافي للرابطة.

67
فوتغراف فؤاد الطائي

مفردات عراقية تحاكي الذاكرة

نجم خطاوي

قريبا من اللوحة التي أسماها الفنان فؤاد الطائي (كزوة تصيد بلا عتاد) وقفت مستغرقا النظر مستجمعا بقايا الذاكرة وعائدا بها صوب سنوات الطفولة.

-      ها ... هل تذكرت المصيادة ؟؟

-      قريبا مني كان الفنان فؤاد الطائي يقف هو ايضا متطلعا لدهشتي وحيرتي في عدم فك رموز اللوحة.

-      . كلماته الجميلة نزلت كالصاعقة على قميص ذاكرتي عائدة بي نحو سنوات الطفولة ولعب العكود وصيد العصافير والجزوات والبساتين, وكنا نعشق صنع الجزوات و(المصايد) في شوارع  تزورها العصافير صباحا مساء, باحثين عن حجرات حصى صغيرة تصلح لوضعها عتادا في جلدة المصيادة.

-          لا أدري لماذا ألحت علي هذه الفكرة المقدمة وأنا أجول النظر سعيدا منتشيا وسط لوحات

 الفوتغراف  الثلاثين وسبعة والتي ضمها المعرض الحادي عشر للفنان فؤاد الطائي, والتي احتفت وتزينت بها قاعة كاظم حيدر للفنون التشكيلية في بناية المركز الثقافي العراقي  في ستوكهولم .

-      هذا المعرض ستحفظه الذاكرة العراقية في بلدان المهجر كحدث ثقافي مهم له معانيه ودلالاته, من

حيث كونه باكورة نشاط وفعاليات المركز الثقافي العراقي في العاصمة السويدية ستوكهولم .

-      فؤاد الطائي في معرضه الفوتغراف هذا يضيف رونقا وجمالية ومتعة فنية  وفنا شعبيا يطفح بالدلالات التراثية والثقافية والدينية, عبر التركيز على ما هو مبهر وجميل ومعبر في اللوحة الصورة والفوتغراف الرمزي الكثيف الايحاء والناطق بعمق وثراء.

-      المفردات هذه التي اضاءتها اللوحات تكاد لا تتعب المتطلع  الزائر في فهم وإدراك جذور مكنوناتها ومنابعها الأولى واصولها البيئية الشعبية, فهي عراقية الموطن ومن أول نظرة كما يقولون, ومن وطن غني عن التعريف بعمق الموروث الديني والحضاري والشعبي, والذي نهل الفنان فؤاد الطائي من منابعه الصافية الوفيرة المليئة بالرموز المبهرة المكتظة بعمق الخزين الشعبي التراثي .

هي السماور الذي شربنا منه الشاي في أماسي السمر, وهي الأباريق الخضر التي زينت فضاء الحوش في بيوتنا القديمة, وهي الخلال الذهب الشهي الطعم بلونه الذهبي وحلاوته ومذاقه الشهي, وهي أدعية النساء والخرز والمسبحات والتعاويذ بألوانها واشكالها العجيبة, وهي المهفة والسعفة والمكنسة وبركات النخلة, وهي استكانات الشاي والمنقلة, والزلابية والرقي ونوى المشمش والزردة وحليب ونذور الملبس والواهلية, والخريط الأصفر, ذلك الذي يسيل اللعاب لمذاقه, والسسي, وحبة الخضرة... والكثير الذي نطقت به اللوحات .

في اللوحات التي اختيرت بذكاء وفطنة وقدرة فنية متمرسة على توظيف الفكرة واستجماع الأشكال الأنيقة التي بعثرتها ويلات المنفى, وعبر معنى جماليا يسعى مدركا لمشاكسة وعي وعاطفة المتلقي والعودة به صوب الجذور الأولى حيث أيام الطقولة والمراهقة ولعب العكود والحارات, وصوب تلك الاحلام الوكيحة االكبيرة.

في لوحات الفنان فؤاد الطائي قرأت الحزن والخوف بعيدا خلف الدواعي والأسباب التي دعته لاختيار لوحات الفوتغراف هذه,  وعبر هذه المفردات المشحونة بالموروث الشعبي الوطني .

 حزنه أتى من سنوات المهجر وأوجاعه, بعيدا عن عن تلك المنابع الأليفة التي تركها يوما في شوارع مدينته الحلة التي رأى النور فيها عام 1943, وعبر شوارع وأزقة مدينة بغداد وأزقتها وحاراتها الشعبية, تلك المدينة التي عمل فيها وعاش  سنوات دراسته, وتخرج من اكاديمية الفنون فيها عام 1968 .

وحزنه هذا لم يدعه ينزوي جانبا تاركا ندوب الزمن واوجاعه تدمر ذاكرته وذاكرة أبناء جيله, بل تراه يكافح ليشحن الذاكرة موقدا مكامن الفكرة والحدس وترتيب ما تناثر من خرز المسبحة, مخدشا سطح الأمكنة الرتيبة وخفايا وطلاسم ذلك الزمن البهي .

ولعل خوفه من ذلك المجهول الذي ينتظر الذاكرة وهي تطحن ايام الخواء بعيدا عن تلك الفضاءات والأمكنة الحبيبة, حرضه ليعيدها الينا عبر لوحاته الفوتغراف هذه, وربما أراد التحدي لكل الذي يريد أن يمحي هذه الذاكرة ويطفئ جمراتها المتقدة .ِِ

في لوحاته يمنحنا الطائي فنا راقيا في مفردات شعبية أليفة, طارقا أجراس الذاكرة لتنبهنا من خطر عادة النسيان القبيحة, ولتقربنا من الوطن الذي تباعدنا وابعدنا عن مفرداته ويومياته .

هذه الرموز لا زالت رغم تقادم الزمن عالقة طرية في ذاكرة الفنان الطائي, حبيبة لأجواءه وأليفة حية في دواخله, ولعلها ستساعدنا على التزود بطاقة ازالة زنجار ايام المنافي والبعد عن الاماكن الأليفة, ولعلها أيضا ستخفف بعض الوجع والأنين الذي أطر القلوب .

فوتغراف فؤاد الطائي ......مفردات عراقية تحاكي الذاكرة .

 

ستوكهولم

4/8/2012
            

68
أدب / كوت المتنبي
« في: 17:19 03/12/2011  »




كوت المتنبي



نجم خطاوي




إلى مدينتي الكوت, مدينة الماء والسنابل
  
كوتي تشبه ارض الله
بساطها خضرة عشب
 طيبة سورها الماء والنخل
كوتي نهر من فضة
يتدحرج في هيبة
وسط مراجيح الشمس
كوتي سهول ذهبية
سنابل حب وعافية
كوتي تلك القرى
الحالمة بالبشارة والمطر
.................................
يا أحمد المتنبي
سياج المدينة نخلها
بابها عشب قطن وحنطة
هل نقول سلاما
للأمير الموشى بالورد والقصائد ؟
يا أحمد القادم من جنة الحرف
خيولك الجامحات
جاورتنا وما استراحت قليلا
مضت كما البرق
في أول الغبش
شامخة تسابق الريح
...............................
يا أحمد المتنبي
هوادج كلماتك الساحرة
زينت فضاء القرى
باركتها الحقول
قصائد عائمة في الضوء
نجمات ليل قدسية
حروف ابجديتك البكر
تشع دون انطفاء
كلماتك رائحة جنة
هطلت كهلل نيسان
مزخرفة بالشجاعة والمجد
........................
يا سيد الكلم والملاحم
خيولك متعبة
وشيراز بعيدة
هلا استرحنا هنا
كوتي بساط أخضر
دجلتي في نشوة العاشق
الطريق الى الشرق موحشة
هي فسحة للتأمل والصداقات
هلا استرحت هنا !!
هلا استرحت قليلا !!

السويد – كارلستاد
3/12/2011








69
المؤتمر التأسيسي لتجمع قوى وشخصيات التيار الديمقراطي العراقي
خطوة في طريق البديل الوطني الشعبي

نجم خطاوي

  المؤتمر التأسيسي لتجمع قوى وشخصيات التيار الديمقراطي العراقي المنعقد في بغداد في الثاني والعشرين من تشرين الأول , لم يحظ بالاهتمام الإعلامي كما في كل مرة ولسبب بسيط يكمن في انحياز أغلب قنوات الإعلام للجهات التي تمثلها .
لقد تزامن هذا الحدث الوطني الهام  مع زمن كانت  فيه وسائل الإعلام في العراق وفي محيطه الإقليمي منشغلة بنقل تجليات الصراع بين الكتل السياسية الحاكمة  من أجل مزيدا من الاستحواذ والتخندق والإصرار على تفاصيل المحاصة الطائفية والأثينية والمنطقية  , مديرة الظهر للجماهير التي صوتت لها ,  ومتناسية مهمتها الأساسية  , وهي خدمة الناس ورقي الوطن .
مؤتمر التيار الديمقراطي الثاني خطوة وطنية جاءت في وقتها المناسب و يرمز إلى كون هذا التيار ببرنامجه الواضح ونظامه الداخلي المعلنين يشكل بديلا لكل الاستعصاء السياسي الذي يرافق العملية السياسية , وسبيلا واضحا للخروج من أزمة الحكم .
إن انعقاده في هذه الظروف السياسية يشكل بداية لحدث سياسي وطني مهم ستظهر تجلياته الواضحة في الفترة القادمة , خصوصا وانه يطرح برنامجا سياسيا وخطة عمل بات المواطن البسيط يفتش عنها لتكون وسيلة لخلاصه من المحنة التي استعصت .   
ومن حق الوسط الديمقراطي وعبر امتداده الشعبي وسط جمهرة واسعة من الشخصيات الوطنية المستقلة , وعبر الوطنيين والتقدميين  في أحزابه الوطنية وجماهير الشعب التي تساندها  ,الشروع في العمل بديلا  لكل القوى التي عجزت عن تقديم الأفضل للشعب .
 لقد توج هذا الحدث الوطني المنتظر كل تلك الجهود النبيلة والكبيرة  , والعمل المثابر والمضني الذي بذله الشيوعيون العراقيون في منظمات الحزب في داخل الوطن والخارج  وسوية مع جهود الوطنيين والديمقراطيين في الأحزاب الأخرى والمستقلين , ومن مختلف المستويات الأكاديمية والمهنية , ومن أجل أن يكون هذا البديل الوطني بديلا واقعيا وقابلا للتطور والديمومة .
ومن يطلع على الوثائق التي نشرها المؤتمر قبل انعقاده , والوثائق التي تبناها لاحقا , يجد أن هناك مواقف وأراء سياسية واضحة ومفهومة ومقبولة , ويمكن أن تلف طيفا من الشارع العراقي حولها إذا ما أحسنت في طرق مخاطبة الناس .
لقد باشرت مؤسسات التيار الديمقراطي التي انبثقت عقب مؤتمره التأسيسي باكورة نشاطها وذلك عبر  تبنيها مواقف واضحة وصريحة من قضية الأقاليم والفدرالية والاعتقالات , وهو فألا حسنا وضرورة مطلوبة شعبيا . ومن المهم أن يستمر التيار بإيصال وجهات نظره من الأحداث السياسية وبشكل بسيط ومفهوم لجماهير الشعب .
ومن هذا الباب سيكون من المفيد أن ينشط التيار الديمقراطي في مجال الإعلام والنشر والدعاية وذلك عبر التحرك لإصدار صحيفة ناطقة باسمه , ويمكن أن تبدأ بالصدور مرتين في الأسبوع , وعلى أن تصدر يوميا لاحقا . كما يمكن للتيار أن يحاور طيفا واسعا من العراقيين وغيرهم في داخل الوطن وخارجه وذلك عبر فتح موقع الكتروني في الانترنيت . وهنا يسجل للوطنيين والديمقراطيين في هولندا مبادرتهم بإطلاق صفحتهم عبر الانترنيت . ان مفردات برنامج التيار الديمقراطي في مجال الاعلام والصحافة كبيرة ومفيدة ومن المهم الشروع بتحويلها لساحة النشاط والعمل  .
هذه الخطوة , واعني انبثاق التيار الديمقراطي العراقي للوجود  وبهذا الوضوح والاندفاع  , تشكل خطوة وتحولا من فترة الحوار إلى فترة العمل , والذي يتوجب عليه عدم قطع وشائج الاتصال والعلاقة والحوار مع القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية , والتي لم تزل بعيدة عنه في التشكيل ولكنها قريبة منه في الرؤى والأفكار والتوجهات .
هناك ظاهرة ايجابية يمكن تلمسها من خلال الحشد النبيل من الشخصيات الوطنية والأكاديمية المستقلة التي شاركت بفعالية ونشاط في هذا المؤتمر , والتي عليها أن تنشط وتعمل وسط هذا التيار , ليس بصفتها الشخصية والفردية وإنما عبر تنسيقها كوجوه مستقلة وظهورها كتمثيل للمستقلين وسط البديل الوطني الديمقراطي .
إن الشخصيات الوطنية المستقلة ورغم تمثيلها لصفتها المستقلة في التيار الديمقراطي  فهي تحظى باحترام قطاعات واسعة من الشعب , ويتوجب عليها إدامة الصلة والتنسيق مع جماهير الشعب هذه , وحثها وإقناعها لان تكون القاعدة الشعبية للبديل الوطني الديمقراطي المنشود .
ويمكن لبعض الوجوه الوطنية والسياسية المعروفة في هذا التيار أن تباشر حوارا مع الشعب العراقي لتحيطه وضوحا عن الأسباب التي دعتها لتكون ضمن هذه الوجهة السياسية وفي هذه المرحلة بالذات .
إن الذي تحقق بانبثاق لجان ومؤسسات التيار الوطني الديمقراطي لا يمكن عده كسبا سياسيا لحزب معين أو لشخصيات محددة داخل التيار , بل انه يشكل انجازا وطنيا  وفخرا لكل الذين بذلوا وعانوا من اجل التشكيل . لذلك يتوجب على جميع المخلصين وبكل أطيافهم داخل هذا التيار , وكل الوطنيين المخلصين الذين يعز عليهم ان يروا الوطن ممزقا تائها , ان يستمروا في هذا الجهد الوطني وان يطوروه في المستقبل , مع تجنب الموسمية والرغبات الخاصة .
سيكون هذا التوجه الوطني الشعبي ناجحا في  ما لو أحسنت القوى السياسية المكونة له العمل لتقوية هذا التيار ليس باعتباره واجهة سياسية لها , بل بديلا وطنيا مستقلا , وان تفكر بان في قوته ونفوذه قوة وامتدادا لها .
من المهم جدا أن لا يفكر من يريد أن يكون ضمن هذا التوجه الديمقراطي  في كون التيار الديمقراطي سيمنحه فرصة سهلة لكي يكون في مجالس المحافظات لاحقا , أو ليكون عضوا في البرلمان العراقي ,  أو أن يسعى للحصول على غنائم وظيفية عبر تواجده في مؤسسات التيار الديمقراطي .
إن العمل وسط الديمقراطيين الوطنيين هو عمل وطني قبل كل شيء , وهو يخدم بالأساس مصالح الناس , وهدفه إنقاذهم من المحنة والعذاب , وإعلان الاستعداد للعمل المباشر الشعبي .
الأحزاب التي تبنت هذه الفكرة ومعها الشخصيات الوطنية المستقلة , عليها الاستمرار في النشاط والعمل كأحزاب مستقلة , وأن تستمر  في دعوة الناس وتثقيفها ببرامجها السياسية , وان تنشط لقوة تنظيماتها الحزبية , وهي طريقة صحيحة ومفيدة للتيار ككل ,لان قوتها تعني أيضا قوته , وبشرط ان لا تتعارض دعواتها ونشاطاتها عن برامج وتوجهات التيار الديمقراطي , وان توازي في نشاطاتها بين دعواتها الحزبية وبين جهدها في الدعوة لبرنامج التيار الديمقراطي الوطني .
هذا التيار الديمقراطي الوطني سيكون شعبيا وفعالا ومؤثرا وجماهيريا اذا ما ابتعد عن فكرة النخبوية السياسية والمثقفة , وذلك بالانطلاق لمد الجسور مع القطاعات الشعبية العريضة , وتبني مصالحها .
ربما من الصحيح أن يبدأ التيار الوطني الديمقراطي في قضية تبني مصالح الجماهير الشعبية والدفاع عنها ومن ثم قيادتها في النضال , ولكن من الصحيح أيضا أن تبدأ قيادات ووجوه هذا التيار بتمارين ثورية أولية سياسية لكي تتعرف عليها الجماهير أولا , وان تقبلها كقوى ممثلة للتيار الوطني الديمقراطي , وتكون كل الخطوات مدروسة وانعكاسا للإرادة الشعبية وبعيدة عن المزاجية ومحاكاة خطاب السلطة أو غيرها من القوى الداخلية أو الإقليمية . .
إن الريف العراقي لا زال مكونا واسعا لأعداد كبيرة من الفلاحين وغيرهم , والذين يشكلون جمهرة واسعة لها الدور الفاصل في نتائج أي انتخابات شعبية لاحقة , ولذلك يتوجب على التيار الوطني الديمقراطي التفكير بإيجاد وسائل وطرق لحوار واسع مع أهل الريف لكسبهم لقضية البديل الوطني الديمقراطي .
ما دام التيار الوطني الديمقراطي قد بدأ في الشروع في مرحلة العمل ,  فأن هناك مهمات استثنائية تنتظره في توسيع قاعدته وسط الجماهير الشعبية في إقليم كردستان العراق , وان تكون له منظماته الديمقراطية هناك . كما سيكون من المنطقي أن ينشط هذا التيار وسط كل مكونات الشعب العراقي وان يكون معبرا عن تطلعاتها وأمانيها في عراق ديمقراطي وطني اتحادي فعلي .
المحيط الإقليمي للعراق ينشط في دعم العديد من القوى السياسية بأشكال مختلفة ومنها المال , وخصوصا في ظل غياب قانون ينظم عمل الأحزاب في العراق . .
 يحدث هذا والتيار الديمقراطي الوطني يكاد يكون الطرف الوحيد الذي ليس لديه من يسانده ماليا , وهذا يستدعي من أطرافه ومكوناته التفكير جديا بالبحث عن وسائل نزيهة ومعروفة للحصول على الدعم , والذي يجب أن لا يكون عبر الهبات كما ورد في وثائق التيار .
 إن استقلالية التيار عن الجهات الحاكمة والأحزاب في هذا المجال سيمنحه الاستقلالية والجرأة في مواقفه السياسية وفي علاقته مع الناس .
إن ما مطلوب اليوم من أهل التيار الديمقراطي إيجاد وسائل خاصة بهم في التحرك والعمل وعدم الاكتفاء بالنشاط والحركة من داخل وسائل وإعلام القوى المكونة له , أي بعبارة صريحة هي أن لا يكون هذا التيار كعبء على حزب معين من مكوناته .
الجماهير العريضة في هذا التيار في داخل الوطن وفي الخارج عليها أن تكون مراقبا ايجابيا ومحركا لفعالية ونشاط مؤسسات التيار الديمقراطي , وان تتحمل لمسؤولياتها , وعلى الهيئات القيادية في التيار أن لا تعاملها كجهات متلقية للبيانات والمواقف , بل كمؤثرة ومهمة في صنع المواقف
وهذه القضية تتطلب الوضوح والشفافية في عمل منظمات التيار الديمقراطي المختلفة , وترتيب أشكال وصيغ وآليات علاقاتها مع المنضوين والمؤيدين لمشروعها .

70
وأخيرا نال الشاعر السويدي توماس ترانسترومر جائزة نوبل في الأدب.....
    نجم خطاوي
لم تمض دقائق على إعلان سكرتير الأكاديمية السويدية في ستوكهولم بيتر أنكلوند Peter Englund عن قرار منح الشاعر السويدي توماس ترانسترومر Tomas Trantrömer, جائزة نوبل للأدب لعام 2011, اليوم السادس من تشرين الأول,حتى عمت الأوساط الثقافية السويدية و في كل العالم,موجة من الفرح والسعادة,خصوصا وأن الوسط الثقافي السويدي, وكل المعنيين بشؤون الثقافة والأدب, كانوا ينتظرون ومنذ أعوام كثيرة لمثل هذا القرار,كيف لا, وان توماس ترانسترومر يحضا بشعبية واحترام كبيرين, ليس في بلده السويد وحده ,بل في بلدان مختلفة ,ومنها البلدان العربية التي قرأ ناسها شعر ترانسترومر وسط إعجاب وتقدير.
لقد نال ترانسترومر الجائزة لمنجزه الشعري الكبير وال, لكننبر عنه رأي الأكاديمية السويدية بكونه وبكثافة  وبصور واضحة قد منحنا الوسيلة إلى الحقيقة .
قبل دقائق من إبلاغه الخبر, كان توماس في داره يستمع للموسيقى,وعبر عن دهشته لقرار منحه الجائزة .
لقد هدت حيله وجسده أوجاع المرض الذي أصابه قبل سنوات,لكن روحه الطيبة ظلت في عنفوان توهجها وفي غزارة الإبداع الشعري الذي محنته لعشاق الشعر في كل العالم ودون منة.
 لقد ترجمت أشعار ترانسترومتر لأكثر من ستين لغة,وذاع صيته وشعبيته في جميع المنتديات الثقافية .
منح ترانسترومر الجائزة أثار الدهشة والمفاجأة,خصوصا وأن الناس قد تعودت في كل عام أن تنتظر في أن يتوج هذا الرمز الشعري الكبير بهذه الجائزة, خصوصا وإنها تمنح في بلده السويد,ولم يتوج بنيلها شاعر سويدي ومنذ زمن طويل .
((لقد كان توماس مرشحا للجائزة منذ سنوات طويلة,وكان اسمه مرشحا لأكثر من مرة.
انه واحد من أكبر شعراء العالم)) ,بهذه الكلمات عبر سكرتير الأكاديمية السويدية عن مشاعره بنيل ترانسترومر هذه الجائزة.
في هذا العام كانت أسماء عملاقة أخرى قد رشحت لهذه الجائزة ومنهم(( فيليب روث - ا موس اوس - أسيا جبار - هاروكي موراكيمي – أدونيس )),لكن شاعرية واستحقاق ترانسترومر قد جعلته قريبا من الجائزة واستحقها.
يبلغ توماس ترانسترومر اليوم الثمانين عاما,واشتهر وذاع اهتمام القراء والنقاد به  منذ عام 1954عبر مجموعته الشعرية( 17 قصيدة),وكذلك عبر مجموعته (إسرار في الطريق) 1958, وعبر المجاميع الشعرية التي كتبها لاحقا,ومنها مجموعته الشعرية الكاملة التي صدرت عام 2001 في ستوكهولم.
إن قراءة شعر توماس ترانسترومر لا تحتاج لمزيد من الأدوات والتكلف والاستعداد لاستقبال الغامض والمعقد من الشعر,بل أن كلماته تجد جسورها الأليفة لروح القراء قبل أن يمد القارئ جسوره لها,وهي كلمات بسيطة وعفوية وذات دلالات كبيرة موحية.

لا يجهد توماس ترانسترومر للبحث عن مفرداته واختيارها,فهي تحيطه وتسوره.هو قريب من الموسيقى, والطبيعة السويدية بغاباتها وبحيراتها, ومن الناس البسطاء الغير متكلفين,الذين كتب اغلب قصائده عنهم ولهم.
في قصائده لا يجد القارئ ذلك التكلف واللزوم والتصنع والحشو.أحيانا يعبر في سطرين صغيرين عن ما تعجز قصيدة كبيرة مهلهلة التعبير عنه.
لقد أجاد الكتابة بلغة الهايك السويدية وأبدع فيها. إن كلمات قصائده ليست من خميرة الكلمات التي يقرأها القارئ ويمر عليها عبر الحس والمتعة الآنية فقط,بل أنها تترك في كل مرة وجعا وفرحا وبطعم ونكهة سويدية وكونيوالحقيقة.ت الأكاديمية السويدية في قرار منحه الجائزة حين أشارت لكونه واحدا من عمالقة الشعر الذي عبر الاختزال والتكثيف قد منحنا صورا جميلة ووسائل لفهم الواقع والحقيقة.
لقد كتبت قبل زمن ((أيلول 2004)) عن توماس ترانسترومر أثناء صدور مجموعته الشعرية هذا اللغز الكبير, عرضا بسيطا,مع محاولة لترجمة بعض قصائده, وأرى أنها لا زالت تحتفظ بحيويتها.
(((((منذ صدور مجموعته الشعرية الأولى (أسرار في الطريق) عام 1954¡ يواصل الشاعر السويدي توماس ترانسترومر إبحاره في عالم الشعر الجميل والمضني¡ وبنفس النفس والقوة الشعرية التي تعود قراء شعره ومتذوقيه إحساسها¡ وهو وإن هدّه المرض وأعياه¡ يبقى في الكم القليل الذي يكتبه قامة من قامات الشعر في السويد والعالم.
مجموعته الشعرية الجديدة (اللغز الكبير) هي آخر ما صدر للشاعر¡ وقد صدرت العام 2004 وفي وطنه السويد¡ وعن دار النشر ALBERT BONNIERS .
إن ما يميز هذه المجموعة هو الإفراط في اختزال الجمل مع المراعاة الشديدة للدلالات العميقة لكل جملة¡ بل لكل مفردة. وإن الاستنتاج الأول الذي يخرج به قارئ هذه المجموعة هو أنه يقرأ لرجل يصوغ الأساور والأقراط¡ مادته الذهب¡ وجمالية مصوغاته¡ تلك التجربة الغنية التي راكمها سنيناً وهو يكتب الشعر.
مجموعته الشعرية هذه لا تتجاوز صفحاتها التسعين¡ وهي من الحجم الصغير جداً. ولن يستغرق القارئ كثيراً لو أراد عد جمل القصائد¡ لا بل حتى عد كل كلمات المجموعة. هذه القصائد كتبت على شاكلة الكتابة الشعرية التي شاعت في اليابان والتي عرفت بالهايك¡ وهي تؤلف أغلب قصائد المجموعة عدا القصائد الخمس التي في المقدمة. وقد أسماها (قصائد الهايك) وهي بحق قصائد الهايك¡ ولكن بلون وطعم سويدي.
ربما ستكون تجربة الشاعر الشعرية المهمة هذه ومجموعته الشعرية طريقاً تقربه من جائزة بلده (نوبل) التي حرم منها جوراً ولسنوات طوال.
سأحاول جاهداً نقل أو ترجمة بعض قصائد هذه المجموعة مستعيناً بسنواتي العديدة التي قضيتها في بلد الشاعر¡ قارئاً ومتذوقاً لشعره¡ وبتجربتي البسيطة في عالم الشعر¡ فرغم صغر حجم هذه القصائد واختزال كلماتها فإن ترجمتها تبقى أصعب وأعقد من قصائد وأشعار غيره.)))))


إمضاءات

العتبة السوداء هذه
عليّ اجتيازها.
صالة..
الوثيقة البيضاء تضيء.
مع
جموع الظلال المتحركة
الجميع يريد الإمضاء.

ألحق بالضوء
طاوياً الزمن.



الثلج يسقط

تتقادم المقابر
متكاثرة
كدالات الطرق
حين اقتراب المدن.
في ظلال البلد المترامية..
جسر يتكون
ببطء
هناك بعيداً في الفضاء.



واجهات

1
في نهاية الطريق
أرى السلطة
وهي شبيهة بالبصل
بوجوه مبرقعة
تتكشف واحدة تلو الأخرى...
2
منتصف الليل..
المسارح أقفلت.
في الواجهات تشع الكلمات
مؤشرة للغز الرسائل
التي تغطس عبر برودة الشعاع.



تشرين الثاني

يصير الجلاد خطيراً حين يغضب.
السماء المحترقة تتكور.
من زنزانة لأخرى
تسمع الطرقات
ومن الجليد الصلب
ينتفض الماء.
بعض أحجار تضيء كالبدور.



ملاذ النسر

خلف الأواني الزجاجية
غريبة تبدو الزواحف
دون حراك.
امرأة تعلق غسيلها
في صمت.
الموت صمت الريح.
في أعماق الأرض
تشع روحي
صامتة كالشهاب.


قصائد الهايك

جدار اللا جدوى...
تأتي الحمامات وترحل
دون ملامح.
.....
صامتة تقف الأفكار
كلوحة موزائيك
في حديقة قصر.
............
واقفة في الشرفة
في قفص من شعاع –
كقوس قزح.
........
مدن مضيئة:
صوت¡ قصص¡ رياضيات –
لكنها مختلفة.
........
ريح كبيرة وبطيئة
من مكتبة البحر
هنا يمكنني الاسترخاء.
........
ريح الله في الخلف
رصاصة تأتي دون صوت –
حلم طويل جداً.
.........
البحر سور.
أسمع النوارس تصرخ –
تلوح لنا.
........
معجزة
شجرة التفاح العجوز.
البحر قريب.
.........
سماع زخات المطر.
سأهمس في سر
لأكون هناك.
........
حدث مرة.
خارج الغرفة أضاء القمر.
والإله كان يعرف ذلك.
......
تطلع لي وكيف أجلس
كقارب مركون على اليابسة.
هنا سعيد أنا.
......
سر صامتاً كالمطر¡
الق ورق الشجر الهامس..
تنصت للساعة في القرم .
.......
سواد هائل.
قابلت ظلاً كبيراً
في عينين.
.......
طيور الناس..
شجرة تفاح مزهرة.
ذلك اللغز الكبير.




 


71
الشيوعيون العراقيون... خطى واثقة صوب مؤتمر حزبهم الوطني التاسع

        نجم خطاوي
 
مواصلة  للتقاليد الوطنية ,في عرض برنامجهم, ونظام حزبهم الداخلي, وتصوراتهم الفكرية والسياسية, علانية, ولكل الناس والمهتمين بشؤون الفكر والسياسة في العراق والعالم,يواصل الشيوعيون العراقيون اليوم هذا التقليد الذي منحهم صفة التفرد عن بقية الأحزاب في العراق, والتي يتربع بعضها على دفة القرار والحكم,ويجهل الناس الكثير عن برامجها وحلولها .
هذا الاستحقاق ليس استحقاقا حزبيا مجردا, بقدر كونه استحقاقا وطنيا ونزيها, في طريقة التعامل مع الناس, والذين تأسس الحزب بالأساس كتعبير عن حاجتهم, ومن أجل تحسين أوضاعهم وحياتهم.
وهي طريقة صحيحة في التعامل مع السياسة, و صادقة في طريقة ممارستها, إي أن تكون هناك شفافية ووضوح في البرامج والسياسات, وأن يعرفها الناس مسبقا قبل تبنيها, ويكون لهم دورا في التأثير على طريقة صياغتها, ومن ثم مراقبتها وقياس مصداقية التطبيق من عدمه .
وهنا يتوجب على منظمات الحزب وهيئاته صياغة آلية محددة للتعامل مع وجهات نظر الناس وأرائهم في ما يخص وثائق الحزب التي سيناقشها مندوبو المؤتمر الوطني التاسع.
وهذه الآراء ليست بالضرورة هي وحدها التي تنشرها وسائل إعلام الحزب والصحافة العامة حول وثائق المؤتمر, بل هي وفرة من الأفكار والملاحظات والآراء التي صيغت وتم مناقشتها وإعدادها,وعبر التلاقي المستمر مع مختلف الناس ,وباختلاف مشاربهم الفكرية, وتصوراتهم خلال فترة السنوات الأربع التي تفصل بين تاريخ المؤتمر الوطني الثامن والمؤتمر التاسع القادم .
هذا الرصيد المفيد والثري من الأفكار والرؤى والمقترحات والبدائل, وسوية مع النتائج والحوارات التي توصلت إليها منظمات الحزب في كل أرجاء الوطن وخارجه, ستمكن المندوبون من الاستناد إلى قواعد رصينة وبدائل عملية للإجابة على كل الأسئلة التي طرحها برنامج الحزب ونظامه الداخلي,والتي ينتظر من رفاقه وأصدقاءه وكل الشعب العون في تقديم إجابات عملية حولها.
وفي المؤتمر ستتصارع وتتحاور أفكار ورؤى, وستكون تلك التي ستحظى برأي الأكثرية
أساسا لمرتكزات برنامج الحزب ونظامه الداخلي., وستظل الأفكار التي لم تحظ بقبول الأكثرية محترمة, ولأصحابها ومنظماتهم, حق الاحتفاظ بها والعمل من اجل الإقناع بها وحسب نظام الحزب الداخلي. وسيواصل الشيوعيون بالتأكيد العمل لإيصال سياسة وأفكار وبرنامج ونتائج المؤتمر للناس والتبشير بها وسماع الرأي بشأنها.
إن برنامجا واسعا وكبيرا كالذي يطرحه الشيوعيون اليوم يجعل البعض يتساءل عن الإمكانية الفعلية للشيوعيين في تحقيق هذا البرنامج في ظل أوضاعهم الحالية وأعدادهم التنظيمية,ولكن القضية هنا لا يمكن قياسها بالحجم التنظيمي المجرد للحزب,إذ انه لا يطرح برنامجا من اجل استلام السلطة, وتبني رفاقه قيادة مؤسسات الدولة,بقدر إيمانه بقوة وإمكانية وكفاءة وقدرة المئات من كوادره ورفاقه, سواء منهم داخل التنظيم أو الذين خارجه ,وبالأعداد الهائلة من الوطنيين والنزيهين الذين ينشدون وطنا حضاريا ومتطورا وتسوده العدالة والحرية. إن كل هؤلاء يمكنهم أن يكونوا بديلا وطنيا إذا ما تبنت الناس مواقفهم وتصوراتهم عن شكل بناء الدولة ومؤسساتها.
ربما يحضر بقوة السؤال التالي :
 عن جدوى هذا البرنامج الواسع, والحزب الشيوعي العراقي ليس حزبا يحكم البلد, ولا يشارك في الحكومة أو البرلمان ؟
إن البرنامج الذي يتبناه الحزب, في الوقت الذي يدعو فيه رفاقه لتبنيه والتثقيف بمكوناته,ومحاولة إقناع جماهير الشعب بتأييده والتصويت له ,فأنه يدعو كل الوطنيين والمخلصين لقضية الشعب والوطن,أن يتفهموه, مدركين لدواعيه وأسبابه,جاهدين للاستفادة منه في رسم الخطط والتفاصيل لتسيير شؤون العمل والحركة في المؤسسات ودوائر العمل التي يتواجدون وينشطون فيها.
وهو متاحا في الوقت نفسه لكل الأحزاب والقوى السياسية للتزود منه في تبنيها للوسائل والطرق والبرامج,وأن يكون ذلك سببا يدعوها للتقرب من رؤى وأفكار الشيوعيين في سبيل صياغة برامج العمل المشتركة التي تخدم الناس.
ويمكن للحزب أن يصوغ برنامجه الشامل العام الذي يتناول كل مرافق الدولة والنظام  السياسي والاجتماعي والاقتصادي, ويصوغ في الوقت نفسه برنامجا مركزا ومختصرا وواضحا, وبلغة يفهمها عامة الناس, يتناول فيه الأسئلة المصيرية التي تدور في ذهن وأفكار المواطن, وتخص قضية الوطن وتحرره, ومستقبل نظامه السياسي والاقتصادي القادم.
 إن تناول موضوعات محددة كعناوين كبيرة في البرنامج, والتي تخص مشاكل وهموم الوطن والمواطن, هي حاجة ضرورية وملحة, وعلى أن نوضح فيها بشكل واضح وتفصيلي موقفنا من هذه القضية.
إن قضايا كبيرة مثل الموقف من الاحتلال, والحريات الديمقراطية, والبطالة, والسكن, والكهرباء, والخدمات بشكل عام,يتوجب علينا ليس المرور عليها سريعا, بل بصياغة برنامج تفصيلي لكل منها, وبعد الاحتكام إلى الخيرين من أصحاب الشأن والكفاءة من داخل الحزب, ومن سوره من الأصدقاء والجماهير. والتاريخ يتحدث الكثير عن تبني الشيوعيون في الماضي لبرامج تخص القضية الزراعية والقضية القومية والوطنية وغيرها.
لقد صاغ الحزب موقفا واضحا من الاحتلال, وعلينا اليوم التأكيد على موقفنا الوطني الداعي لخروج المحتل حسب الاتفاقية الأمنية, وبالموعد المحدد, والنضال لتصفية مخلفاته, ومخلفات الحروب والإرهاب, وان لا نشترط هذا الموقف بشروط مثل استكمال مهمات التسليح وبناء الجيش والمؤسسة العسكرية.
إن بناء هذه المؤسسة العسكرية يمكن أن يكون بدون وجود المحتل,وان الدعوة لاحتمال التدخلات الخارجية في حال خروج المحتل هي دعوة غير واقعية, في ظل استفحال هذه التدخلات طوال كل الفترة التي كان فيها للمحتل اليد الطويلة في السياسة العراقية.
أرى أن تبني الحزب لنظام الحكم الاتحادي, أي الفدرالية, كشكل مناسب للحكم في العراق,هو تصور صحيح ومنطقي, وله ما يبرره,ولكن علينا التوضيح للناس, من أن ظروف هذه الفدرالية قد استجدت في إقليم كردستان لأسباب معروفة,ولكنها لا تزال غير ناضجة في مناطق العراق الأخرى,وهناك مخاطر لتبنيها الأوتوماتيكي, ودون توفر مستلزماتها وأولها ضرورة هذه الفدرالية وتأثيرها على لحمة النسيج الاجتماعي والدولة عموما,وعدم الاكتفاء بالاحتكام إلى الدستور في تبني هذه الفدرالية,في الوقت الذي للكثيرين تحفظات من الدستور, ومنهم بالتأكيد الشيوعيين,الذي شارك سكرتير حزبهم في لجنة صياغة الدستور, وثبت تحفظات الحزب عليه في أكثر من مادة..
إن الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر في أوضاع البلد, تتطلب متا اتخاذ مواقف صريحة وواضحة, وعبر بيانات باسم الحزب, وعدم الاكتفاء بتصريحات لهيئات الأعلام, ولافتتاحيات لطريق الشعب, وبمقالات لبعض الرفاق القياديين.
وعلى الحزب الاهتمام بموضوع الأعلام, وتغير الشكل الحالي والإخراج لجريدته المركزية طريقة الشعب,, وأهمية التفكير الجدي بتحويلها إلى جريدة شعبية غير حزبية الطابع والمحتوى,وفتح المجالات لنشر مواضيع ثقافية وفكرية عامة.
وينبغي عدم إدارة الظهر للجمهرة الكبيرة من المثقفين, والمبدعين, والرفاق الذين ابتعدوا عن التنظيم,وأهمية إيجاد جسورا جديدة للتفاهم معهم, وإشعارهم بأن الحزب بحاجة لجهودهم وقدراتهم,وان قضية سياسة وبرامج الحزب تخصهم ايضا.
حين يسعى الحزب أن يستوحي من التراث الخاص لمكونات الشعب العراقي ورصيدهم النضالي, في سياسته وتنظيمه ونشاطه,ويذهب لتسمية هذه المكونات,فأنه يثبت إقرارا بالوجود الفعلي لهذه المكونات, وباحترام خصوصياتها, ودعوة لصياغة برنامج وطني يتبناه الحزب يأخذ من كل ما هو جميل ومشرق في هذه المكونات.
هناك فرق شاسع بين ما يدعو له البعض في أن تتخندق هذه المكونات وتكون كيانات منعزلة لها, وبين ما يدعو ويناضل في سبيله الشيوعيون, من تفهم لخصوصية هذه المكونات, واشتراكها في الهم الوطني العراقي المشترك.
وحين نقول إننا نستوحي كل ما هو تقدمي في ارث الحضارة الرافدينية والحضارة العربية والإسلامية,فأن هذا يعني إقرارا فكريا ونظريا’ بأن أفكار الماركسية والتجديد فيها, ومجمل أفكار وتجارب الاشتراكية, لم تعد وحدها المرشد في الكفاح والسياسة والعمل.وعلينا أن ننشط لاحقا في تشجيع النشاط والحوار الفكري في هذا الشأن, ومن أجل إقناع الناس بجدوى تبني هذا التقدمي من ارث هذه الحضارات.
إن الماركسية ,ومنذ البيان الشيوعي وحتى يومنا هذا, لم تهرم كأفكار ورؤى,بقدر ما راكمت الكثير من التجارب الثورية والخبر والدروس,ومن تجارب تلك البلدان والقوى التي تبنتها أو التي تبنت بعض حلولها وركائزها كسبيل ومرشد.
 إن إقحام أفكار الماركسية على البرامج والحلول والخطط, دون الأخذ بنظر الاعتبار للظروف الموضوعية والحاجات الآنية,سيفقد أفكار الماركسية جوهرها وماهيتها.
 علينا الإجابة عن الأسئلة الحارة الجديدة للناس, بشكل علمي ومنطقي وواضح,وفي نفس الوقت أن نطرح بديلا عمليا ومقنعا لكل ما ننتقده,وفي الأخير أن نوضح للناس لماذا نعتقد أن حلولنا لهذه القضية هي أكثر واقعية ومنطقية من حلول الآخرين,والتأكيد بكوننا قادرين أن نكون في مستوى المسؤولية في حال تصويت الناس لنا في هذا الموقع أو ذاك.
علينا أن نكون واضحين في تبني النظام العلماني, وبعد أن نوضح للناس مناهجه وأسسه والتي لا تتعارض مع المعتقدات الدينية.وأن نكون صريحين في الدعوة لعدم خلط الدين بالسياسة,مع التأكيد على احترام مشاعر الناس ومعتقداتهم.
لقد تخلينا كشيوعيين عن فكرة دكتاتورية البروليتاريا كطريق لتحقيق العدالة للبروليتاريا نفسها ولعموم الشعب,واستبدلناها بالكفاح والنضال الديمقراطي الوطني لتحقيق الاشتراكية كهدف نهائي, وعبر التداول السلمي للسلطة, والاحتكام للانتخابات ورأي الناس.
 إن هذا التصور يجب أن لا يفهم, أو يقود الحزب, لان لا يكون لرفاقه وأصدقاءه وجماهيره والوطنيين المقتنعين ببرنامجه,من تواجد ملحوظ في مفاصل الحكومة والدولة,وعبر الكفاءة والنزاهة أولا,والهدف ليس حزبيا بحتا, بل من اجل إبعاد مؤسسات الدولة عن أفكار المناطقية والقبلية والتخندق والمحاصة, وغيرها,وهو أيضا استحقاقا للشيوعيين ,خصوصا وأن الآخرين ليسوا أكثر كفاءة أو وطنية أو تضحية منهم,وقد تربعوا على كل مفاصل الدولة والمجتمع .
 إن الاشتراكية التي نسعى لأن تكون في وطنناو توجب علينا تبيان الأسباب الواضحة في برنامجنا التي تدعونا لتبنيها, مع توضيح السبل والطرق التي توصلنا لذلك.
إن موقفنا من العدالة الاجتماعية كمصطلح يتقرب من الاشتراكية يلزمنا بتوضيح تميز موقفنا منه مقارنة من قوى أخرى تتبنى نفس المفهوم ولكن بتصورات وأفكار أخرى يكاد بعضها يتناقض أصلا مع المفهوم.
ومن هذا المدخل تفرض علينا ظروف العراق الحالية تبيان موقفا واضحا من دعم قطاع الدولة والقطاع العام عموما,مع التأكيد على أن تكون هناك دراسات وخطط تفصيلية لكل هذه المرافق, ومن اجل دعم القطاعات الناجحة والمثمرة فيه,ووضع خطط لإنجاح باقي القطاعات المتعثرة.
علينا كشيوعيين أن نصوغ برنامجا واقعيا وصريحا يوضح موقفنا من الخصخصة, وفيه فضح وإدانة لكل الذين يودون تحويل العراق إلى وطن مستهلك تذهب موارده لدول الجوار, ويعيش على استهلاك بضاعتها وبضاعة الدول الأخرى.
إن الثروة الوطنية النفطية وباقي المعادن والثروات هي ملك الشعب ودعامة اقتصاده, وبالتالي يتطلب منا تبيان موقفنا الواضح التفصيلي بكل السياسة النفطية وفي كل إرجاء الوطن,والدعوة لأن تبقى هذه الثروة ملكا للشعب بعيدا عن الخصخصة والمزايدات,وان يتم الاستفادة منها  لتحويل الاقتصاد العراقي من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج وله مصادر متعددة للدخل,وهذا ممكن إذا ما استمر الوطنيون في كفاحهم ودعواتهم من اجل ميزانية وطنية واضحة تعتمد الاستثمار وتسيير ودعم عجلة الاقتصاد الوطني منهجا لها.
علينا أن نصوغ أفكارا محددة حول كيفية توزيع الثروات على قطاعات المجتمع المختلفة, ووفق خطة وطنية واضحة وشفافة, وتشترك كل القوى الوطنية في صياغتها, والتفكير بمصير الأجيال القادمة من الأبناء والبنات.
ربما من الصعب إقناع الناس ببرامج الشيوعيين في ظل حاجة الناس لمن يعينهم على الحصول على عمل وسكن وخدمات,والشيوعيون ليسوا في السلطة,ولكن ليس من الصعب تبيان أن العمل والسكن والخدمات هي ليست منة من أحد,وعلينا النظر إلى مستقبل ومصائر الناس, وعلى المدى القريب والبعيد, من حيث ضمان العمل والسكن والصحة والتعليم, وفي ظل بيئة بعيدة عن التلوث.
لقد درج المتضررون من وجود الحزب الشيوعي العراقي أن يلوكوا التهم الجائرة والكاذبة بحقه, ومنها تهمة الإلحاد والكفر, وهي تهم باطلة, ولكنها تتزايد اليوم في ظل احتدام الصراع والأفكار حول شكل بناء الدولة القادم.
وهنا يتوجب على الحزب اليوم أن يوضح في مقدمة برنامجه أو نظامه الداخلي, بأن الحزب الشيوعي العراقي هو حزبا وطنيا, وفي الوقت الذي ليس كونه حزبا دينيا, بل يتبنى أفكارا وبرامج سياسية محددة,فأنه لا يتبنى فكرة الإلحاد نهجا وفكرا, باعتبار أن الإلحاد هو مدرسة فكرية قديمة في الاجتهاد, ليس لها علاقة بالفكر الماركسي, ولها منظروها الذين سبقوا الماركسية, والذين لا زالوا يشهرون بأفكارهم في أوربا, وأمريكا, وغيرها,وقسما منهم يكن الحقد والكراهية للشيوعيين.
صاغ الشيوعيون العراقيون في مؤتمر الحزب الثامن, آلية عملية لشكل ارتباط الحزب الشيوعي الكردستاني/العراق مع الحزب الشيوعي العراقي,وثبتوها في لائحة نظام الحزب الداخلي,وخلال هذه الفترة امتحنت هذه الآلية, وأثبتت الأحداث, الحاجة لمراجعتها وصياغة بدائل عنها, تؤكد على الارتباط الرفاقي والنضالي لهذين الحزبين في ما يخص القضايا المصيرية الكبيرة,وضمان ايلاء اهتمام اكبر من الشيوعيين الكردستانيين بقضايا العراق, كونهم يعيشون في إقليم لا زال جزء من العراق الاتحادي,كما يتوجب من الحزب الشيوعي العراقي إبداء وجهات نظر صريحة بالتجربة الكردستانية وتفاصيل الفدرالية والشؤون الكردستانية,وعبر التفاهم والتنسيق مع الحزب الشيوعي الكردستاني.
إن فسح المجال لنشر أفكار سياسية وفكرية لا تنسجم مع سياسة وتوجهات الحزب في الصحافة المختلفة, وعلى أن لا تتضمن مناقشة لأمور الحزب التنظيمية الداخلية, وان لا تكشف أسرار التنظيم,سوف يتيح الفرصة لأجل تنشيط الحوار والسجال الفكري والسياسي,وهو موضع عافية ,وخصوصا إذا كان الهدف هو مصلحة تطوير وتعزيز الحزب.
إن تجديد قيادة الحزب وتوسيع لجنته المركزية حاجة فعلية لمواكبة توسع مهمات الحزب, وأهمية مواكبته للتطورات,ويتطلب ذلك عدم التخوف من مدها بالعناصر الشابة , وبالرفيقات,ومحاولة إشراك المنظمات في المحافظات والمدن في صياغة البرامج والسياسات,ومنحهم الصلاحيات لرسم السياسة والبرامج الخاصة بمنظماتهم , والتفكير في بديل أكثر ديناميكية وتأثير من المجلس الحزبي الاستشاري الحالي.
إن الشيوعيين العراقيين يسيرون اليوم بخطى واثقة في تدشين مرحلة مهمة من مراحل النضال التاريخي الوطني الذي ابتدءوه في ثلاثينات الفرن الماضي ,وعبر صياغة البرامج والأفكار والنظم الداخلية لحزبهم,حزب الشعب والوطن,والبستان الذي يزدهي بوروده ورياحينه وطن العراق.
تحية واعتزاز واحترام لكل الجهود الطيبة والنبيلة التي ساهمت والتي ستساهم في إنضاج وثائق الحزب والتي تساهم في أعظم وأنبل مهمة وطنية,وهي صياغة برنامج لواحد من أكثر الأحزاب العراقية الوطنية إخلاصا وتضحية.
إن حزبا قريبا من الناس ويستند إليهم في أفكاره وسياسته, سوف يظل على الدوام حيا وشامخا.



72
الإنفاق العسكري وهدر أموال الشعوب

نجم خطاوي

 كنا يومها أنصارا في الجبال في كردستان العراق يوم توقفت أصوات الخراب والدمار بإعلان  نهاية الحرب بين إيران والعراق.
يومها عبر الجميع  عن السعادة والفرح لنهاية هذه المأساة التي أكلت الأخضر واليابس والتي خلفت دمارا مريعا.
وسوية مع مشاعر الفرح والغبطة هذه امتزجت مشاعر القلق والخوف والترقب من أن دبابات وطائرات ومدافع السلطة ستدار إلى جهات أخرى وبالتحديد باتجاهنا في جبال كردستان .
في مساء من تلك الأيام الرائعة قال صاحبنا الجنوبي بصوته الهادر المجلجل محاولا تبديد هموم المقاتلين وطرد ما يبعث الحزن والحيرة .
-   أتعلمون من هو المتضرر الأكبر من وقف الحرب العراقية الإيرانية.... ؟؟؟
وسمعنا إجابات وتكهنات وحزر واحتمالات,لكنها كلها لم ترض لمزاج صاحبنا الذي خطأها كلها وهو يجيب بعد أن طلعت أرواحنا وحبست نفوسنا .
-   حفارو القبور... والسبب هو كساد بضاعتهم .
وأجابه أحدنا بعد أن ساد الصمت :
-   ربما أصبت في الجواب,لكنك نسيت أولياء نعمة حفاري  القبور من تجار الحروب ومالكي كارتلات السلاح...
وكان مزاحا ثقيلا ضاع بين نكهة السخرية ووهج التراجيدي المؤلم, وفي وطن تمتد فيه في كل يوم طوابير توابيت قتلى الحرب, وهي تتدفق يوميا على المقابر.
 تذكرت هذه الحكاية في هذه اللحظات العصيبة والتاريخية التي تمر على ليبيا وشعبها, وهو يجابه مأساة واقعية عبر إصرار الدكتاتور وأعوانه على التشبث بالسلطة وبأي ثمن, والذي جرت رعونته العالم لاستخدام القوة وأسلحة الدمار.
ليبيا التي انفق دكتاتورها وسلطته مليارات الدولارات وربما يزيد, على شراء السلاح, ومن مشارق العالم ومغاربه. والحجة في كل مرة أن الوطن بحاجة  للسلاح للدفاع عنه, والتصدي للأعداء الوهميين.
الجميع يعلم أن دكتاتور ليبيا وجلادها لم يطلق رصاصة واحدة ضد هؤلاء الأعداء. نعم لقد استخدم السلاح ويستخدم اليوم بفظاعة وكوارث ضد صدور الشعب الليبي الأعزل,وضد الأشقاء العرب والأفارقة,وهو اليوم سيصبح خردة مرة أخرى, وعلى يد أولئك الذين صنعوه يوما, والذين باعوه بالمليارات التي قبضوها من الأموال التي سرقها القذافي وغيره من قوت الشعب.

لقد دفع الشعب العراقي  الثمن باهظا, يوم دمرته الدكتاتورية والحروب والحصار والفقر والجوع,ويوم أهدرت الدكتاتورية المليارات من الدولارات على تشييد هيئات التصنيع العسكري ,وعلى شراء أسلحة الدمار والرعب من طائرات ومدافع وبوارج,وعبر الحجة والمكر المعتادة بأن هذا السلاح هو للتصدي لأعداء الوطن,والذي تبين بعدها أن هؤلاء الأعداء هم أبناء الأهوار وكردستان العراق والمعارضين لنهج الدكتاتور.
لقد كان بالإمكان بناء دولة مدنية عصرية  متحضرة في العراق من تلك الأموال الباهظة التي تم هدرها في شراء السلاح وفي تطوير ماكينة الحرب.
 لقد فوت الطغاة فرصة تاريخية, ودفع الناس ثمنها باهظا ,يوم استفاقوا ليجدوا الكذبة الكبيرة وهي تكشف عن وجهها القبيح حين يصبح الجيران أعداء وأهل الوطن عملاء وخونة ويجب إبادتهم . وهذه الوقائع شهد دهشتها الجنود الذين اجبروا على قتال الجارتين الكويت وإيران,والذين سيقوا لنحر شباب انتفاضة آذار المجيدة 1991,ولتهجير وقمع  الناس في كردستان العراق.
 المهزلة أن مليارات الدولارات, تلك التي أنفقت على اقتناء السلاح, قد ضاعت هدرا في الحروب التي حولت هذا السلاح إلى خردة وسكراب تنبعث منه الإشعاعات وأخطار السرطان والأمراض الخبيثة. وهذه المأساة والمهزلة تتكرر في كل مرة ,حين تتكرر الصورة نفسها ,والتي تتجلى مرة في شكل تجار ومصنعي سلاح,وآخري في صورة جيوش لتدمر هذا السلاح,ولتعود الصورة مرة آخري جديدة قديمة, وعبر الكذبة الكبرى في حاجة هذه البلدان للسلاح للتصدي للأعداء(الوهمين) .
عن أي مبادئ وقيم يدافع الطغاة في ليبيا اليوم وهم يتطلعون للملايين من الناس وهي ترفضهم وتطالب برحيلهم ؟؟
من المسئول عن هدر هذه المليارات التي أنفقت لشراء السلاح في ليبيا ,والتي كان بأمكانها أن تجعل من ليبيا دولة عظيمة وليست دولة خرائب وتخلف ؟؟
من المسئول عن الخراب والدمار الذي سيحول هذه الأسلحة إلى أنقاض وخردة وأمراض وويلات وأوبئة ؟؟؟
في هذا المساء الثقيل يلفني الحزن وأنا اقبع وسط الثلج البهيم, قريبا من القطب, وسط بلاد الأغراب, متطلعا للحظات الأليمة التي ستدمر فيها أموال الشعب الليبي, التي سرقها الدكتاتور واقتنى بواسطتها تلك الترسانة من السلاح والعتاد.
 السؤال الذي يحيرني دون أن أجد اجابة له وهو يعذبني ويعذب الجيل والجموع الذين شردتهم رعونة الدكتاتورية وعبث الدكتاتوريين :
 لماذا يحدث كل هذا ؟ ولماذا نجوع ونتشرد ونحن من أوطان فيها كل درر الدنيا وتيجانها ؟؟
ولماذا يستمر تجار السلاح  في استنزاف أموالنا في كل مرة ؟؟؟
لقد صدق نبؤهم أولئك أصحابي في الجبل,فليس من أحد تفرحه الحروب سوى حفاري القبور وتجار السلاح,وليس من أحد يحزنه السلام سوى تجار السلاح وحفاري القبور المتكرشين من توابيت قتلى الحروب .
 
 

73
وداعا سلام جليل إبراهيم (ملازم فائز)..
وداعا أحمد غفور كريم (نوري أبو صباح)....

نجم خطاوي
    فجع الشيوعيون والوطنيون العراقيون في مدينة ستوكهولم والسويد بالرحيل المفاجئ للرفيق (ملازم فائز) يوم السبت الماضي الحادي عشر من كانون الأول. وبينما الرفاق يهيئون سوية مع عائلة الرفيق للتحضير لمراسيم الدفن والتعزية,ولم يمض على الفاجعة سوى يومان, حتى جاءت صدمة أخرى وأخبار أليمة برحيل الرفيق أبو صباح (أحمد غفور كريم).
الذين عايشوا مسيرة وحياة هذين المناضلين يعرفون بالتمام وسع طيبتهما ونقاءهما وكبر إخلاصهما لقضية الشعب الوطن.
بين السليمانية وشقلاوة واربيل وكركوك تنقل المعلم الوطني الشيوعي أبو صباح وسط خلايا العمل الثوري الشيوعي في صفوف الحزب الشيوعي العراقي, خائضا تجارب الكفاح الأنصاري متنقلا بين مواقع الحزب ومحطات العمل الأنصاري في كردستان العراق,وليكملها وبعد اضطراره للعيش في المنفى السويدي,مناضلا نشطا وسط رفاقه في الحزب الشيوعي الكردستاني .
في بغداد تعرف الفتى سلام على الشيوعية متلمسا فيها الطريق لخلاص الناس من القهر والاستغلال,وصار شيوعيا.
الظروف التي دمرت العراق في سبعينات القرن الماضي اضطرته لترك الوطن متنقلا بين أكثر من وطن.
 إلى مدينة عدن اليمنية ذهب سلام للدراسة العسكرية وتخرج من جامعتها العسكرية ليصبح ملازما, ومنها جاءت كنيته في صفوف حركة الأنصار (ملازم فائز). وسط المقاتلين الأنصار في مناطق دهوك والعمادية وبامرني وزاخو واربيل, وغيرها من مدن كردستان العراق, تنقل سلام النصير الشيوعي خائضا التجربة بكل تفاصيلها العسكرية والسياسية,ودون كلل أو ملل,وكادت لمرات كثيرة أن تكلفه حياته .
في قرية (ئالواتان )على الحدود العراقية الإيرانية اتخذ الرفيق ن, وكانن إحدى الدور فيها مسكنا له وبتكليف من الحزب.
 داره في تلك القرية كانت مضيفا للرفاق الجرحى والمرضى والمسافرين,وكان لا يكل ولا يمل من تقديم الدعم والمساعدة لهذا الرفيق أو لتلك العائلة.
الرفيقان صباح وسلام كانا من البناة الأوائل لحركة الأنصار في كردستان لعراق,ويشهد كل الذين عاشوا سوية معهما لتلك الروح الباسلة في التضحية والنبل ونكران الذات والصبر والتجرع على كل الألم والعذابات .
يكتب احد الرفاق في مذكراته عن مرض الرفيق الملازم فائز الشديد في أحدى المرات وسط ظروف الجوع والمعاناة,وكيفية إصراره على مقاومة الوجع والعذابات.
وكان الطيب الرفيق نوري أبو صباح يتكتم على أوجاعه وآلامه وسط المعاناة والألم في جبال وسهول كردستان,حتى هده المرض الخبيث في مدينة ستوكهولم بعيدا عن وطنه وملاعب صباه .
كان سلام شيوعيا امميا نزيها أحب شعبه بكل مكوناته وقومياته,وتطوع مبكرا للعمل نصيرا في مناطق كردستان العراق,وأحب الناس الذين كان يتجول وسط قراهم,وجاهد لتعلم لغتهم الكردية,وتدرج في كل مستويات العمل الأنصاري حتى صار أمرا لأحد أفواج الحزب مرة ومسئولا عن السرية الخامسة في قضاء العمادية مرة أخرى,وفي كل هذه المواقع كان يحظى بحب واحترام وتقدير الرفاق له. وفي المنفى السويدي الذي اضطر للعيش فيه منذ 1993 قادما من موسكو واصل كفاحه وعمله وسط صفوف الشيوعيين,وقاد لفترة من الزمن منظمة الحزب في مدينة غوتينبيرغ السويدية .
الجميع يشهد لنزاهة وأممية الرفيق نوري والتصاقه بقضايا الناس والوطن,ولعل الكثيرون يستذكرون الدور البطولي المشهود له في  نقابة المعلمين وفي اجتماع شقلاوة,وغيرها من الأحداث.وعبر مسيرة حياته النضالية كلفه الحزب بمهمات خطرة وجسيمة, وفيها اثبت في كل مرة جدارته وأهليته وتفانيه.ولم يفقد في مرة واحدة الإيمان بانتصار قضية الشيوعية ,قضية الحرية والعدالة الاجتماعية.
رغم إيمانه بقضية الشعب الكردي وحقه في تقرير مصيره,لم يمنعه ذلك من أن يكون مناضلا وطنيا أمميا أحب الشعب العراقي بكل قومياته وطوائفه ومذاهبه,متفهما أن قضية الشعب الكردي لا يمكن تجزئتها بمعزل عن قضية الديمقراطية في العراق .
آه يا سلام يا رفيقي وصاحبي الجميل الوديع الذي جمعتني به صديقا ورفيقا أيام الكفاح الثوري في جبال كردستان العراق,والذي تقاسمت العيش معه لشهور في بيت قديم  وسط مساكن برزة في دمشق عام 1990.
كم كانت جميلة تلك الأيام رغم كل العوز والمعاناة وأنت تحيل المساءات الكئيبة إلى ما يشبه الفرح والبهجة بحديثك  السلس وفكاهاتك الجميلة الخفيفة التي لا تخدش..لا زلت أغوص في غصة الألم والنكبة غير مصدقا أني افتقدتك وسأفتقدك للأبد ومعها تلك المكالمات التلفونية الطويلة التي كنا نتحدث فيها عن الذكريات والنكبات والأحلام المنكسرة وجيلنا الذي لم يكسب سوى المحن والخسائر, وكان ما يجمعنا في كل هذا الكثير المشترك. أذكر في المرة الأخيرة التي التقينا فيها كانت في ستوكهولم في شباط الماضي وفيها علقنا سوية على الجدران ملصقات تدعو الناس للتصويت لقائمة اتحاد الشعب .
هل أقول وداعا لك أيها الطيب الشيوعي النبيل أبو صباح,وأنا ابكي وسط الصمت ودهشة الموقف,متذكرا ضيافتك الكريمة في تلك القرية المنسية (ئالواتان),وسعيك المشهود لمساعدتي في الحصول على أوراق تعينني في السفر وزيارة أقاربي المهجرين إلى إيران. ثم كيف لي أن أن أنسى ذلك اليوم الجميل وأنا أزورك والعائلة في دارك في موسكو خريف عام 1990,وكيف رسمت أم ليلك بورتريتا للصبي ابنك,وكان من الحضور العزيز سامي دريزه وزوجته. أقول أني لا زلت أتذكرك في كل أماكن النضال والكفاح التي جمعتنا وكنت في كل المرات متعودا على السماع للموقف النزيه الوطني الواضح.
لقد فقدانكما يا أحبة وسط هذه الظروف الصعبة والخطيرة وأنتما في قمة العطاء والبذل.
الصبر كل الصبر لكل الذين يعز عليهم فقدان هذين الرمزين الوطنين الخالدين... جليل إبراهيم(ملازم فائز), وأحمد غفور كريم(نوري أبو صباح).

74
خمسة شهداء شيوعيون في لحظة فرح
خالدون في الضمائر....  باقون في الذاكرة


نجم خطاوي

في أيام حرب الأنصار في جبال كردستان العراق, هناك في القرى البعيدة المختبئة في أعماق الوديان,كان لنا أحيانا زمنا للفرح. وفرحنا هذا كان بسيطا جدا كبساطة المكان والأجواء. ولم تكن هناك حاجة لافتعال تلك اللحظات, ولا للتحضير لها, فهي تأتي عفوية ودون مقدمات. فمن أجل معادلة الحدث,يكون الفرح نقيضا للوحشة, ولقذائف مدافع النظام, ولرعب طائرات الهليكوبتر,ولألم فراق الأحبة والأصدقاء .
ومع ازدهار مواقعنا بالأنصار الشجعان والذين سطروا ملاحم خالدة ستذكرها الأجيال, فقد برز لنا مبدعون في الفن والأدب والمسرح. ولعفوية الغناء وعدم حاجته لضرورات كثيرة, ولأنه ينبع من القلب, وفيه الكثير من المشاعر, وهي طافحة في أعماق الأنصار, كان الغناء وسيلة مهمة للتعبير عن خلجات الروح من فرح وحزن وأحلام وذكريات.
ومن ذكرياتي من تلك الأيام, هذه الصورة التي جمعتني مع مجموعة من رفاقي الأنصار من سرية الشهيد ئارام (قه ره جوغ) فوق تلة على سفوح جبل شيرين المطلة على منطقة بارزان مكان مقر قاطع أربيل للحزب الشيوعي العراقي.
الصورة هي هدية من رفيقي وصديقي الرائع النصير الدكتور سعيد,والذي جمعتني وإياه ذكريات عمدتها ظروف تلك الأيام. وقد احتفظت بالصورة لمدة طويلة قريبة من القلب,هي ومجموعة من الصور الأخرى,وكانت معي وأنا أودع مقر حزبنا الشيوعي العراقي في ناوزنك  آب 1989 متجها صوب المنافي,حاملا مأساة وصور وكوابيس وجرائم إبادة القرى أيام الأنفال. هذه الصورة أعود إليها ولصور عزيزة أخرى, في كل مرة يطوقني فيها الألم وقلة الأصدقاء وبرود العواطف وعذابات المنفى والشوق لأيام الجبل. كيف لا وقد خلدت خمسة شهداء من الذين جمعتني وإياهم ذكريات تلك الأيام في حرب الأنصار.

 

ربما تكون كلمات الدكتور سعيد التي كتبها على ظهر الصورة كإهداء لي, هي الأكثر صدقا في وصف لحظات الفرح تلك.
(( هذه الصورة هدية للعزيز رياض . .
تعبر عن الحياة التي عشناها سوية ,في المسرات والأفراح بجانب المشاق والصعاب . . .
جمعت هذه الصورة بين أعزاء من سرية قه ره جوغ
المخلص أبو رافد
17/6/1985  ))
سأتحدث لكم عن الصورة وابدأ واصفا المكان, وهو وسط قاعة كبيرة  كنا بنيناها بأيدينا, سقفها من جذوع أشجار البلوط, وترابها وحجارتها من تراب وحجارة جبل شيرين الخالد. والمكان هو مقر سريتنا, سرية الشهيد ئارام(قه ره جوغ).
الزمان كان شتاء 1985. لحظات الفرح في الصورة ,هي جلسة صغيرة أطربنا فيها النصير الأربيلي ئاكو بأغانيه الكردية العذبة التي تتحدث عن العشق والألم والحزن والأحلام السراب,وكانت الجلسة احتفاء بزيارة الرفيقين النصيرين الشهيد أحمد عرب والنصير نضال,وهما من سرية الشهيد ملا عثمان(خوشناوتي),وقد قدما لزيارتنا.
الجالس إلى يسار الصورة هو الشهيد القائد الأنصاري جيفارا ابن قرية زماره, وقد بان يشماغه الأسود(الجمداني) على رأسه ,وبدا ملتحيا كما عرفه الأنصار بلحيته الكثة وملامحه الجميلة وخفة حركة جسمه الرشيق وطيبته.
جنب الشهيد جيفارا باتجاه اليمين جلس الشهيد ئازاد يتطلع نحو اليسار,والى جنبه الشهيد هزار بابتسامته البريئة الخالدة وملامحه الطفولية منسجما مع الأجواء الرفاقية الحميمة,وبقربه تماما جلس الدكتور سعيد مشاركا رفاقه لحظات السعادة الحقيقية. الشهيد أحمد عرب جلس في مقدمة الصورة ولم تظهر ملامحه لان الصورة أخذت من خلفه ,وظهرت فقط كفه اليسرى ورأسه بشعره الفاحم ,وتعبر حركة كفه بوضوح عن تلك اللحظات العفوية من الرفقة والحب والأمل.
في يمين الصورة ظهر النصير ئاكو(أرسلان) بقميصه الأحمر وهو ينشدنا أغانيه الجميلة وإلى جنبه جلس النصير حازم القادم من بغداد بقبعة الرأس البغدادية.
في وسط يسار الصورة ظهر النصير نضال ملتحيا وبابتسامة عريضة والى يساره احد أنصار سرية قه ره جوغ,والى يمين النصير نضال جلست أنا(رياض قه ره جوغ) و(العرقجين أو الكلاو)الأسود والأبيض على رأسي,وكنت منسجما كما تتحدث الصورة مع ألحان المغني ونغماته وأصوات الرق(صندوق الرصاص المعدني لرشاش بي كي سي). 

الشهداء الذين خلدتهم الصورة
1-   الشهيد جيفارا (لطيف أحمد) من مواليد عام 1962 سهل أربيل(قرية زماره).
التحق بفصائل الأنصار في نيسان 1984.
عمل في سرية الشهيد ئارام(قه ره جوغ) ثم في سرية الشهيد عباس(أربيل),ونتيجة لخصاله الطيبة وشجاعته اختاروه رفاقه قائد لأحد الفصائل في السرية.
شارك في عمليات عسكرية كثيرة واشتهر بكونه بطل اقتحام الربايا.
استشهد ليلة السادس والعشرين من نيسان عام 1987 أثناء قيادته مجموعة أنصارية لاقتحام ربيئة على طريق أربيل كوي سنجق.

2-   الشهيد دكتور سعيد ( هاني دنحا داود) من مواليد عام 1949 ناحية برطلة.
خريج معهد الصحة العالي في بغداد.
عمل كمعاون طبي في ناحية بالك ثم في المستشفى الجمهوري في اربيل,واستقر للعيش في مدينة عينكاوا.
والده دنحا داود من الوجوه السياسية والثقافية المعروفة وكان من المعلمين الشيوعيين واعتقل بعد أحداث 8 شباط وبقى في المعتقل حتى عام 1966 .
انضم الشهيد هاني للحزب عام 1973 وقد عانى كثيرا من الملاحقات والمطاردة حتى عام 1982 حين التحق بصفوف أنصار الحزب ضمن قاطع اربيل,ولشجاعته وطيبته ونكران ذاته كلفه رفاقه بمهمة الإدارة في مكتب سرية اربيل إضافة لمهماته كدكتور يعالج الأنصار وجماهير الفلاحين.
ساهم في العديد من المهمات العسكرية والسياسية وكان وجها جماهيريا ومحبوبا وسط الفلاحين والأنصار.
 استشهد عام 1987 أثر تطويق مجموعتهم من قبل قوة عسكرية كبيرة في سهل أربيل.

3-   الشهيد أحمد عرب (ظافر عبد السادة عبد )
كان طالبا في كلية الهندسة جامعة بغداد,حيث نشط كشيوعي,وتعرض لأساليب المطاردة والاضطهاد التي اضطرته لترك دراسته ومدينته بغداد والتوجه إلى الكفاح المسلح مع أنصار الحزب الشيوعي العراقي.
خريف 1983 التحق بأنصار الحزب في سرية الشهيد ملا عثمان (سرية خوشناوه تي ) .
ساهم في مهمات مختلفة في مدينة شقلاوه وفي معارك باليسان وهه ناره وبوريجه وباب الوادي وبستانه وزيباروك وقلاسنج وغيرها من المعارك البطولية.
استشهد في السابع عشر من نيسان 1986 في قرية( بخمة) في منطقة سهل حرير وعلى يد مجرم خائن.

4-   الشهيد هزار (محمد إسماعيل ) من عائلة كادحة في مدينة اربيل.
التحق بصفوف أنصار الحزب في اربيل وهو فتى يافعا.
ساهم في عشرات العمليات الخاصة والمعارك الشجاعة وعرف عنه قدرته في تنفيذ العديد من المهمات التي كلف بتنفيذها داخل مدينة اربيل.
عرف عنه طيبته وبساطته وشجاعته النادرة وتضحياته وهي الخصال التي دفعت رفاقه الأنصار لاختياره قائدا عسكريا لفصيل من فصائل سريته قه ره جوغ.
استشهد وسط مدينة أربيل أثر كمين غادر نصبته له مجموعة من أوغاد النظام وبوشاية أحد الخونة.

5-   الشهيد ئازاد( ئازاد سفر محمد أمين بنكر) من عائلة فلاحين كادحة من سهل أربيل.
ترك دراسته ليلتحق بأنصار حزبنا عام 1983 مقاتلا في سرية أربيل وبعدها في سرية قه ره جوغ.
ساهم في الكثير من العمليات العسكرية والمهمات.
أعدم النظام المقبور والده( الشهيد سفر محمد أمين بنكر) وكان كادرا فلاحيا مرموقا وسكرتيرا لتنظيم محلية أربيل,كما استشهد عمه النصير هيوا في احد المعارك البطولية.
في عام 1985 ألقت قوات النظام المقبور القبض على الشهيد ئازاد داخل مدينة أربيل ووجهت له تهمة الاشتراك في تصفية أحد الخونة في المدينة,واقتيد إلى مدينة بغداد.
بقي في معتقلات البعث قرابة العام حتى تنفيذهم لجريمة إعدامه عام 1986..



75
63 الرقم الذي لم تنسه ذاكرة العراقيين
363 الرقم الذي سيصوت له العراقيون

    نجم خطاوي

حسب نظام القرعة الذي فرزت بواسطته مفوضية الانتخابات في العراق, أرقام الكيانات والائتلافات, التي ستشارك في الانتخابات البرلمانية القادمة في آذار, حصلت قائمة اتحاد الشعب على الرقم 363, وهو الرقم الرسمي الذي ستخوض القائمة تحته هذه الانتخابات,والذي سيؤشر له الناخبون وهم يدلون بأصواتهم مختارين اتحاد الشعب .
وبما أن أرقام الاقتراع ستكون وفقا للترتيب التصاعدي بدء من الرقم 310 وانتهاء بالرقم 395,فستبتدئ أرقام جميع الائتلافات والكيانات وأرقام بقية المكونات بالرقم 3,ثم يليه الرقمين التاليين,أي أن الأهمية ستكون لرقمي العشرات والآحاد,كما يقول أهل الرياضيات.
وبعيدا عن السحر والطلاسم والتنجيم والحظ, وهي كلها بالتأكيد لم تكن حاضرة لحظة قرعة مفوضية الانتخابات, فأن الرقم 363, لم يكن بالرقم الغريب الذي لا يمس بصلة لقائمة الشيوعيين العراقيين وحلفائهم, وجاء وكأنه يريد أن يذكر من أنسته الذاكرة والأيام, بذلك التاريخ العراقي الدامي, الذي ارتبط بالمجازر الوحشية التي ارتكبت بحق الشيوعيين والوطنيين في عام 63 من القرن الماضي,ويذكر أيضا بالمواقف البطولية التي سطرها الشيوعيون والديمقراطيون ومحبي السلام والحرية في العراق,في التصدي للمجرمين الذين نحروا ثورة تموز ومكتسباتها,وبالصمود البطولي لقائد الحزب وسكرتيره الشهيد سلام عادل ورفاقه الخالدين.
وبالتأكيد سيكون من السهل اليسير لكل الطيبين والوطنيين الذين ينشدون وطنا بلا طائفية وبلا محاصة وبلا ولاءات حزبية وقومية ومذهبية,تذكر رقم قائمة اتحاد الشعب 363,بمجرد استذكار مجزرة شباط 63.
ورغم أهمية التاريخ في حياة الشعوب,ارتباطا بما يسجله من أحداث ووقائع,وخصوصا في العراق الذي لا زالت الناس فيه تتذكر ذلك التاريخ الناصع للشيوعيين العراقيين, الذي اختطوه منذ ثلاثينات القرن الماضي, ولا زالوا يواصلوه, التاريخ المطرز بصور التضحية والكفاح في سبيل الوطن والشعب,فأن الحزب الشيوعي العراقي وحلفائه في قائمة اتحاد الشعب لا يتعكزون على الماضي وحده,رغم ما يمثله من رصيد وارث نضالي,بل على البرنامج الواقعي الذي  عرضته قائمتهم على الناس, ودعتهم لمناصرته والتصويت له,وهو البرنامج الأقرب إلى مصالحهم وحاجاتهم الملموسة.
والشيوعيون اليوم لم يعلنوا برنامجهم الانتخابي الواضح والعملي, من أجل المشاركة الرسمية في هذه الانتخابات ,وتسجيل الحضور الشكلي فيها,بل عبر رغبة واقعية في تقدم الصفوف وقيادة المجتمع و من اجل التغير,وعبر مرشحين من أبناء هذا الشعب, تقبلوا واحدة من المهام الصعبة والثقيلة,وهي مهمة تلبية نداء خدمة الناس, والدفاع عنهم,في تحمل مسؤولية كبيرة ,ليكونوا قرب أعلى مكان لاتخاذ القرارات التي تهم حياة الوطن والمواطن,وهو برلمان الدولة.
وقد صدق القول كل الأحبة الذين عبروا عن ألمهم وتوجعهم من ضعف إمكانية الحزب الشيوعي العراقي ومناصريه في قائمة اتحاد الشعب, من الناحية المادية,وارتباطا بهذا الوضع, بضعف نشاط إعلامه, وهي حقيقة يدركها الشيوعيون ويحاولون جاهدين إيجاد وسائل واقعية لتجاوزها, وظلوا يراهنون في كل مرة على قدرة الشعب والاحتماء بالناس, وهم رصيدهم المعنوي والمادي,والذي سيكون له القول الفصل في رسم سياسة الوطن, سواء قربت الأيام أو بعدت,وهذا بالتأكيد لا يعني التمسك الكلاسيكي القديم بالأساليب المتبعة في مجال التحرك الجماهيري والنشاط الإعلامي,بل في التفنن في ابتكار الطرق والوسائل الشريفة والصادقة للتقرب من الناس, والاستناد إليهم في كل الدعم والمؤازرة, سواء في النشاطات الانتخابية, أو في مجال النشاط السياسي من أجل إشاعة أفكار التنوير والاشتراكية.
 هلل الربيع الذي بدأ الناس تحسس القادم من خيره , عشرات المقالات والكلمات الطيبة لوطنيين وديمقراطيين ويساريين,والتي تشيد بسمعة الحزب الشيوعي العراقي وبتاريخه,وبنزاهة رفاقه في كل المسؤوليات التي تولوها في مؤسسات الدولة,وأنهم أهلا لتولي هذه المسؤولية.
إن هذا الرصيد مهم جد, وهو سيكون السند الكبير لكل كلمة نبيلة وحرف وطني سيرتفع ليدعو الناس لاختيار الأفضل والأنسب لقيادة دفة الحكم في العراق.
القوى الديمقراطية واليسارية مدعوة للتكاتف والتفاهم حول كيفية التوجه للناخب وتقريب مفاهيمها وأصواتها, وليس هناك من ضير أن تنسق في ما بينها لإيصال مرشحين يحضون بتأييد وقبول الناخبين من قوائم مختلفة.
الناس يمكنها أن أن تقلب المعادلة,في معاضدتها للقوائم الديمقراطية والوطنية والشخصيات النزيهة,بحيث لا يكون هناك من سبب يدعو هذه القوائم لانتظار ما سيتبقى من الأصوات,وبذلك تفوت الفرصة على الذين سرقوا ملايين الأصوات في الانتخابات المحلية السابقة,وأوصلوا مرشحين بأصوات الناس الذين لم يرغبوا أن تمنح أصواتهم لهؤلاء.
هي بالتأكيد فرصة تاريخية لكل من يريد أن ينبذ الطائفية والتحاصص, ويريد وطنا بلا ولاءات لهذا الوزير ولتلك الملة.فرصة لكل من يعز عليه تاريخ العراق وحاضره ومستقبله, أن يقرأ جيدا برامج القوى والأحزاب, وان يميز بينها, قياسا لتاريخ ما أنجزته هذه الأحزاب والكيانات للناس والوطن, وان يتفحص مليا كل توجهاتها البعيدة والقريبة.
سيكون يوم السابع من آذار حاسما ومصيريا في تاريخ العراق السياسي,إذ يمكن للناس أن يغيروا كل المعادلة التي راهنت عليها بعض الأحزاب والقوى السياسية,في تحجيم قوى التيار اليساري والديمقراطي في العراق, عبر تشريع قانون الانتخابات المجحف في الكثير ممن بنوده
 هي فرصة لكل الذين يراهنون على أن العراق سينهض ويبنى بسواعد أهله ويكون بمصاف من تقدم من الأمم والشعوب, من خلال التصويت لقائمة اتحاد الشعب 363, وللقوائم الديمقراطية الوطنية, وبالتأكيد سنتذكر جميعا أيام شباط الأسود عام 63, ونحن نصوت لاتحاد الشعب 363.


76
العاطلون عن العمل ليسوا سلعة للمساومة

نجم خطاوي

     يتذكر الكثيرون خطاب صدام الذي كال فيه السب والشتيمة لشعب العراق, وهو يصفهم ويعيرهم بأنهم كانوا جياعا وعبيدا ومحرومين, وانه وحده الذي حررهم, وجعلهم يعيشون في نعيم وسعادة. وحسب نفس الفهم المتعالي الاستبدادي, شرع بمنح الناس المكارم والهدايا والمنح, وكأنها خرجت من خزائنه وأمواله, وهي أولا وأخيرا أموال الناس, وهم لم يخولوا أيا من كان بالتصرف بالمال العام هكذا,وبلا حساب ودون مراقبة.
     ومضى ذلك الزمن واستبشر الناس خيرا بالقادم من أيام بعد زوال الدكتاتورية,لكن مهزلة المكارم السخية واالدسمة,كررت ثانية,ويا للأسف,وصرنا نسمع من جديد بمكارم رئيس الجمهورية ومنح رئيس الوزراء وهدايا وزير الداخلية,والى آخره من وزراء وأصحاب شأن.
       ورغم التفسير المختلف لأسباب ودعاوى هؤلاء في منحهم لهذه العطايا والمكارم,فأن الناس وبمن فيهم الذين شملتهم هذه المكارم,يعلمون جيدا أن هناك أسبابا ودعاوى كثيرة تقف وراء هذه المكارم السخية,ويكاد هدف شراء الموقف,ومحاولة تقريبهم من هذه الجهة أو تلك,أو من هذا الوزير أو من ذاك ,أو من تلك الملة أو من غيرها,هي الأسباب لكل تلك العطايا.
     وبعد صراخ الناس واحتجاجهم, وبأشكال شتى, وعبر منابر كثيرة ومختلفة, فأن الكرماء لهذه المنح والمكارم الدسمة ,قد قللوا منها, أو ربما استمروا ببذخها, ولكن بصمت هذه المرة, وبعيدا عن فضول أهل الأعلام.
  والمتتبع للشأن السياسي في العراق لا يحتاج لدراية وحنكة لفهم حقيقة كون أغلب القوى صاحبة النفوذ و الشأن في إدارة شؤون الدولة, ظلت تتعامل مع الناس وقضاياهم, وكأنها وصي أو وكيل.
فالجهة هذه تدعي أنها حررت هذه الملة أو تلك,والجهة الأخرى تتزامط بأنها وراء المكاسب التي تحققت لهذه الشريحة أو تلك, والحزب الفلاني ينسب لنفسه أفضال ومكاسب قدمها للناس,وهم بالتأكيد حسب فهمه القاصر مجبرين على تنفيذ أوامر الطاعة والتأييد ,ومنحه أصواتهم,ظالما كان أو مظلوما.
   ولم يكتف هؤلاء بتكرار وتعداد هذه المكرمات, وظلوا يرددوها في أحاديثهم ومقابلاتهم عبر قنوات الأعلام, وتفاخوالسطوة, من شأنها ودون خجل من تكرارها في حال تحين فيها الفرصة لهم للاستحواذ على القرار والسلطة.
    المشكلة تكمن أحيانا في كون بعض أوساط الناس تخدع وتضلل بدوافع وأسباب هذه المكارم  وتنطلي عليها هذه الخدع والأساليب, حين يصور لها وكأن حقوقها قد تحققت, أو ستتحقق بصعود هذا الحزب أو ذاك. ويستمر الخداع عبر التأثير في وعي الناس والتأثير على قرارهم في الاختيار عبر تمجيد صفة القوي وصاحب النفوذ والسطوة ,والذي بالضرورة حسب مزاعمهم, يجب أن يقود السلطة ليقدم الفضائل والمال للناس.
    الكل يعلم أن واحدة من أكبر أسباب مشاكل العراق الحالية, تكمن في الأعداد الكبيرة من العاطلين عن العمل,وهي طبقة مليونية إن جاز التعبير,و ظلت تنتظر إيجاد الحلول العملية لمشاكلها,عبر إيجاد وظائف وأعمال لها تقيها ظروف البطالة وعذابات العوز والفاقة,وتنصف الأعداد الكبيرة التي قضت سنوات شبابها وهي تسعى لنيل العلم والمعرفة.
    لقد أغفلت ميزانيات السنوات السابقة في العراق,معالجة قضية العاطلين عن العامل,وظلت تتعامل مع هذه القضية وكأنها قضية ثانوية,ولم تخصص الأموال الكفيلة بإطلاق التعيينات في دوائر الدولة,وظل القطاع الخاص يتراوح في مدى تطوره وحاجاته,ولم نشهد نموا في مجالات الاستثمار المختلفة.
    الناس استبشروا خيرا أخيرا,وهم يتابعون موضوع إقرار ميزانية عام 2010, والتي تجاوزت السبعين مليار دولار,وهو رقم كبير مقارنة بالميزانيات السابقة,ويمكن أن يسهم في أعمار وتطور العراق,إذا ما أحسن من بيدهم سلطة القرار, استخدام المال بنزاهة.
     ويبدو إن زمن المكارم والحصص والهدايا والعطايا لا زال ملازما لتفكير الكثير من السياسيين,وهم يرهنون قضية ومصير أكثر من 115 ألفا من العاطلين عن العمل, لأنانيتهم الحزبية وتفكيرهم التحاصصي,وكل الذي أرادوا أن يقولوه هو أن الحكومة الحالية لم تمنحكم هذه المكاسب وإنما نحن الذين سنمنحكم هذه الغنائم والوظائف,أو بطريقة أخرى هي : امنحونا أصواتكم في الانتخابات القادمة وبالمقابل سنمن عليكم بعطايانا في توظيفكم ومنحكم مكارم التعيين في دوائر الدولة.
      لقد مرر البرلمان العراقي ميزانية عام 2010,عبر الموافقة عليها,و في هذه الميزانية وحجم أموالها الكبير, الكثير من الجوانب الايجابية,رغم أن حجم الاستثمار في القطاعات الصناعية والإنتاجية كان قليلا وغير واضح المعالم, ولم يحدد فيها الفهم الصحيح لدور قطاع الدولة,ولم يتبين الموقف الواضح من تهالك البعض لخصخصة كل جوانب الاقتصاد العراقي ,وكذلك وضعها العراقيل أمام إيجاد فرص عملية لمشكلة البطالة عبر اشتراطها في إطلاق التعيينات بتشكيل مجلس للخدمة,أي بصريح العبارة, منع الحكومة الحالية من الاستفادة من منافع إطلاق التعيينات والذي أساسه احتمال أن يصوت الناس الذين ستشملهم التعيينات لصالح الحكومة الحالية.
     لقد ظنت بعض القوى السياسية بأنها ستكسب أصوات الناخبين عبر موقفها هذا,أو أنها ستحرم غرمائها السياسيين من نيل هذه الأصوات,لكن المصيبة الأعظم هي حرمان 115 ألفا من العاطلين عن العمل في الحصول على فرصة عمل,وإذا ما حسبنا أن لكل من هؤلاء عائلات واسر,فأن العدد سيكون كبيرا,خصوصا في ظل الأوضاع المعيشية المتردية والتي تشكل البطالة سببا مباشرا ينشط وسطه المروجون والداعون والداعمون للإرهاب,ولطالما تكرر القول في كون العوز والبطالة والفقر من حواضن الإرهاب .
السؤال الذي يعلن نفسه باحثا عن إجابة:
هل تعي هذه الطبقة الكبيرة مصالحها, وتدرك أن بعض القوى السياسية تريد جعلها رهينة لمصالحها وسلعة لمتاجراتها وكسبها الحزبي الضيق؟؟
الخيرون في الوطن, في انتظار أن تقول هذه الطبقة المليونية من أبناء شعبنا ,من العاطلين عن العمل, نساء ورجالا,أن تقول رأيها صراحة,عبر صناديق الانتخابات في السابع من آذار, رافضة التعامل مع قضيتها وفق أساليب المتاجرة والمحاصة والتنافس الحزبي, وأن تعطي أصواتها للقوائم الوطنية الغير طائفية, مطالبة بعدم ربط قضية الحصول على عمل بأي شكل من أشكال بالتنافس السياسي.
العمل حق للإنسان, وموارد البلاد هي ملك للناس, ومن يقود البلد لا يملك البلد وموارده, فالناس وظفته وكلفته لقيادتها, وليس للاستحواذ على أملاكها, ومن ثم توزيعها كمكرمات.
العاطلون عن العمل ليسوا سلعة للمتاجرة أيها السادة  !!!

77
صوتي للحرية والعدالة الأجتماعية
صوتي لأحبتي في الحزب الشيوعي الكردستاني


           نجم خطاوي

      كالعادة تتعدد اسماء القوائم, وتتعدد معها الشعارات والبرامج والوعود,مع محاولة كل طرف اختيار ما يجذب الناخب من شعارات, وعبارات طنانة,حتى تبدو الصورة كوعاء كبير تمتزج فيه مقادير الصدق والحقيقة, مع ما يقاربها, او يبتعد عنها قليلا, او كثيرا, أو ما يناقضها تماما.
والناخب في حيرة من امره وهو يبحث عن تلك الجهة التي سيحسم امره ويوليها الثقة والصوت.

       خطرت في ذهني هذه الصور وأنا افكر في موضوع الحرية والعدالة الأجتماعية, الذي اختاره الشيوعيون في كردستان العراق, وحلفائهم من قوى اليسار, ليكون عنوانا لقائمتهم.

  ان مفهوم الحرية بتشعباته ومعانيه, ظل عبر كل العصور والأزمنة, مفتاح الحل لكثير من المشاكل المستعصية التي جابهت الشعوب والبلدان,وان اختلفت الظروف بين الأمكنة.
 حرية الأنتخاب والتصويت والترشيح والنقد والتظاهر,تبقى الجزء المحدود من الحرية,رغم اهمية هذه المفردات وعمق ما تحويه من معان وعبر.
حين لا يكون لي منزلا يليق بي كانسان, لأسكن فيه مع عائلتي,وأكون مضطرا قبل نهاية كل شهر لضرب الأخماس بالأسداس, لتسديد الأيجار,فلا معنى للحديث عن الحرية.
وحين لا يكون لي عملا أعتاش منه, واضمن لقمة أطفالي,وأكون كالغريب, أذرع الشوارع عاطلا بدون عمل,فلا معنى للحديث عن الحرية.
وحين لا يكون لي الضمان الأجتماعي والصحي,وحين لا يكون لي مرتبا كاف في شيخوختي ,فالحرية قد لا تهمني كثيرا.
وهذه الحرية تبدو مجرد كلمات خواء, اذا لم يستمع الأخرون, أصحاب القرار والسلطة, لأنات الناس ولتوجعاتهم.

       الشيوعيون وحلفائهم قاربوا الحقيقة في الجمع بين مفهومي الحرية والعدالة الأجتماعية,وفي اختيارهما شعارا لقائمتهم ,خصوصا في ظل الأوضاع التي يعيشها الناس في اقليم كردستان, وبمختلف شرائحهم وانتمائاتهم القومية والمذهبية.
    التطور المشهود الذي شهدته قطاعات مختلفة من حياة الأقليم وسكانه,وهو حقيقة لا يمكن تجاهلها,لم يزل بعيدا عن واقع الجماهير الشعبية الكادحة,حيث معاناة البطالة, والسكن,وانخفاض الأجور,وتردي الخدمات ,والفساد الأداري,والثراء الغير مشروع ,والتفاوت في الحصول على وظائف العمل , والمحسوبية, وغيرها من المصاعب التي  تخيم بظلالها على مدن الأقليم وناسه.

     بالتأكيد سيكون خيار الناخب في اقليم كردستان العراق,في انتخابات البرلمان القادمة,هو الحكم,في ما يخص القوائم التي سيمنحها صوته, و ستكون الأصوات التي ستساند الحرية والعدالة الأجتماعية,ليست بالكثيرة, بسبب الصعوبات التي جابهت وتجابه الحزب الشيوعي الكردستاني, وأحزاب الحرية والعدالة الأجتماعية,واليسار عموما,وهذه الصعوبات وان اختلفت في شكلها وتجلياتها في ظل ظروف الأقليم,تبقى مشابهة للصعوبات التي واجهت وتواجه الحزب الشيوعي العراقي, في الأنتخاباات البلدية والبرلمانية السابقة,وهي صعوبات تواجههاعموم حركة اليسار في العراق,والعالم.
 هذه الصعوبات رغم تعددها, سيتمكن الشيوعيون ومناصريهم, وبالتضامن والمساندة من جماهير الشعب الكادحة, من تفهم اسبابها, ورسم الخطة التي تساعد على تحول حزب الطبقة العاملة والفلاحين وعموم شغيلة الفكر واليد, الى حزب جماهيري شعبي, له وزنه وسط الجماهير, وفي مواقع السلطة والقرار.
وتبقى الأشتراكية الخيار الأمثل لشعبنا العراقي ,في كردستان العراق وفي العراق عموما ,وان ابتعدت او اقتربت, فهي الخيار الأكثر حرية وعدالة.

   حين أكون في أربيل أشعر وكأنها مدينتي, وكل ما اراه فيها من تقدم عمراني وحضاري ,يمنحني الراحة والسعادة,في أن سنوات الكفاح في الجبال لم تذهب هدرا ,وكل ما أدرت رأسي, لجنوبها أم لشمالها,لغربها أم لشرقها,تعيد بي الذكريات, لتلك السنوات السبع التي عشتها في جبالها وسهولها, مع أحبتي ورفاقي الشيوعيين,ومن كل الطيف العراقي الجميل.

   سنولت الجبل والكفاح الأنصاري في مناطق كرددستان العراق, التي عاش تفاصيلها,بمرارتها وحلاوتها, المئات من القادمين من مناطق العراق الأخرى,وثقت آواصر الحب والألفة والمشاعر الصادقة والتضامن,بين هؤلاء الناس,وبين رفاقهم واصدقائهم والناس في عموم مناطق كردستان العراق ,وهم اليوم بالتأكيد خير سند ومناصر لقائمة الحرية, ولدعاة العدالة الأجتماعية .

   لا زلت افهم,ويشاركني الكثيرون, ان قضية الشيوعية في العراق واحدة,فالكسب الذي سيناله الشيوعيون في كردستان العراق,هو كسب لمواقع الشيوعيين العراقيين عموما ,والعكس يصح تماما.
ومن هذه الفكرة اهتدي لسبب حماستي في مساندة أحبتي ورفاقي واصدقائي في الحزب الشيوعي الكردستاني,وحلفائهم في قائمة الحرية والعدالة الأجتماعية.
وهو على الأقل الشحيح, جزء من الوفاء لأيام الجبل ولرفيقاته ولرفاقه, ولللمفارز الأنصارية ,وللناس الذين قاسمونا كسرات الخبز اليابس,والبيوت التي شرعت أبوابها لنا حين شح الصديق, وللخالدين من رفاقي الشهداء البيش مركه الأنصار الشيوعيين.

كل الأصوات الخيرة والتضامن مع حاملي لواء الحرية والعدالة الأجتماعية,مع الشيوعيين في كردستان العراق, ومع حلفائهم في قائمة الحرية والعدالة الأجتماعية .



كارلستاد/السويد
18/7/2009

78
السياب يتجول في ستوكهولم
خواطر عن الشاعر السويدي نيلس فرلين


            نجم خطاوي



نيلس فرلين

     أكثر ما أحببت في ستوكهولم, بحرها, وزحمة الناس في ساحتها الكبيرة, ساحة سيرجل, إذ ليس بعيدا من هناك, يقع المقهى الذي اشتاق للجلوس في تكيته العليا, وشرب القهوة الحارة, وقراءة الصحف, وهناك قريبا من بابه, يقف شامخا نصب الشاعر السويدي نيلس فرلين, وهو بقامته النحيفة وسيجاره, يحدق في المارة.
    في عام 1992 حين قدمت لاجئا للسويد, سكنت مدينة ستوكهولم, وتعلمت اللغة السويدية, ثم دربت روحي على قراءة الشعر السويدي وتذوقه, ومن شعراء سويديين كثيرين هنا, جلب اسم نيلس فرلين انتباهي وحبي وشغفي, وكان هذا في البداية بسبب تشابه ملامحه مع ملامح شاعرنا العظيم السياب, ولقراءتي البسيطة لبعض قصائده, وبعدها لتفهمي القدر الكبير من الألم والحب والمعاناة في قصائده التي بدأت أقرأها بروية وتفهم, وأدرب نفسي على التقرب من روح عوالمها, يساعدني في ذلك عيشي في نفس المدينة والمنطقة التي ولد فيها الشاعر وعاش بعضا من الزمن..
   وبمرور الزمن تأكد لي بأن هناك الكثير من الصور والمعاناة والمواقف الإنسانية في حياة نيلس فرلين تشبه إلى حدود كبيرة مثيلاتها في حياة ابن جيكور بدر شاكر السياب.
لقد كتبت مرة عن هذا في إحدى الصحف التي كانت تصدر بالعربية هنا في السويد, وترجمت له قصيدة قصيرة,  يتصور نفسه فيها كورقة شجر في خريف وستهب العاصفة لتكنسها بمكنستها.
  وتشاء الصدف وانتقل نهاية عام 1997 للعيش في مقاطعةVarmland(المنطقة الدافئة) السويدية المجاورة للحدود النرويجية, وبالذات في مدينة توشبي أولا ومن ثم عام 2006 في عاصمة المقاطعة الفيرملاندية, مدينة كارل ستاد.
      مدينة Karlstad هي عاصمة هذه المقاطعة, والاسم مركب من كارل, نسبة للملك السويدي كارل غوستاف, وستاد وتعني مدينة.
   هذه المدينة عرفت تاريخيا بكونها مركز العمليات التي كان يشنها جيش مملكة السويد ضد الجارة النرويج, قبل أن توقع هاتين المملكتين على وثيقة تحرم القتال, وعلى معاهدة تجعلاهما كبلدين متآخيين وإلى الأبد.
   في ساحة هذه المدينة الكبيرة يتجاور نصبان شهيران الأول لفتاة فيرملاندية تسحق تحت قدميها خوذة عسكري, وتحمل بيدها اليمنى نصف سيف مكسور, وباليد اليسار نصفه الأخر, دلالة على رفض الحرب. وقريبا من هذا النصب يقف الشاعر الفيرملاندي السويدي نيلس فرلين, وسيجارته بين إصبعيه, وزجاجة الخمر التي عشقها, قريبة منه على الطاولة.
  في الحادي عشر من كانون الأول عام 1898 ولد نيلس فرلين في مدينة كارلستاد في الوسط الغربي السويدي المجاور للحدود النرويجية, أبوه يوهان فرلين, وكان سكرتيرا للتحرير في أحدى الصحف الشهيرة, وأمه أيلين ناتاليا, وله ثلاثة إخوة وأخوات.
في عام 1908 انتقل والد نيلس ومعه العائلة إلى مدينة فيليب ستاد القريبة ليرأس هناك تحرير صحيفة أخرى, وكان نيلس يومها في العاشرة, حيث بدأ الدراسة في مدرسة خاصة للأطفال الموهوبين.
  لم تمض فترة قصيرة على عمل الأب, حتى يتخاصم مع أصحاب الجريدة الجديدة, ويعود ثانية إلى مدينته كارلستاد وهو عاطل عن العمل, وتقرر الزوجة البقاء في مدينة فيليب ستاد مع أطفالها, رافضة مرافقة زوجها.
   لم تمض فترة طويلة على وجود الأب في مدينة كارلستاد, ووسط ظروف نفسية واقتصادية سيئة, حتى يقرر الانتحار غرقا في نهر المدينة الكبير كلارا أيلفن.
   لقد تركت تراجيديا موت الأب بهذه الطريقة, أثرا كبيرا في حياة الشاعر, الذي فقد الأب وهو لم يبلغ العاشرة بعد, ووسط ظروف عائلية صعبة مرت بالعائلة.
المتتبع لقصائد فرلين يجد موضوع الموت يكاد يغلف الكثير من قصائده, ورغم بساطة وشفافية هذه القصائد, يمكن تحسس مقدار الخوف والرهبة اللتان تلازمان الشاعر وهو يترقب نهايته وظلمة القبر والوحشة.
  في عام 1914 أنهى الدراسة في مدينة فيليب ستاد, وحصل على شهادة الثانوية, ليعمل في أعمال مختلفة, ومنها عامل في أحدى المكتبات في المدينة.
   قرر الشاب نيلس السفر والعيش في مدينة ستوكهولم, حدث هذا في عام 1915, وأعانه خاله الذي كان يسكن هناك, على القبول في إحدى المدارس البحرية.
لقد جذبته حياة البحر والمغامرة, وعاش لفترة من الزمن كبحار في إحدى السفن.
ولعه بالبحر والمغامرة لم يستمر طويلا, إذ خطفته حياة المجون واللهو والتسكع في مدينة ستوكهولم, وبالذات في حدائق انتون, حيث ترك العمل في السفن والتجأ للخمر والنساء والليل والضياع.
 ومرت عليه بضع سنوات وهو ضائع بين حياة اللهو والمغامرة, ولم ترق له ستوكهولم, حيث قرر العودة ثانية إلى مدينة فيليب استاد, إلى أمه وإخوته وأصدقاء الطفولة, مبتدأ مشواره مع المسرح الذي أحبه منذ الصغر.
 هنا في هذه المدينة عمل أعمال مختلفة في مسارحها, وأهمها حين كان يقف ليضحك الجمهور ويسليه بنكاته وطرفه وحكاياته الناقدة وأغانيه الفلكلورية وسخريته.
إلى مدينة ستوكهولم رحلت أمه هذه المرة عام 1916 لتسكن مع أطفالها في بيت قريب من البحر, والذي سيصبح لاحقا مكانا يلوذ به نيلس حين يحط الرحال هناك.
   واستمر شغفه بالمسرح, وحزم أمره على دراسته أكاديميا في مدينة ستوكهولم, وسجل نفسه في أحد المعاهد الفنية, واستمر في دراسته حتى تخرج من المعهد.
 مع شهادته في المسرح وتجربته المسرحية عاد ثانية إلى مدينة طفولته فيليب ستاد, ليؤسس هناك مع أصدقاء له مجموعة مسرحية قدمت أعمالا ناجحة ومتنوعة.
ويبدو أن عالم المسرح لم يستجب لأحلام ومشاعر الشاب نيلس, وبدأ سحر الشعر يجذبه ويغريه مجربا كتابة بعض القصائد البسيطة, ولم يكن عالم الشعر غريبا, إذ بدأت اهتماماته الأولى به, صغيرا في دار العائلة, وبعدها في مدرسة البنات والأولاد الموهوبين في كارلستاد.
  اهتماماته الشعرية الأولى بدأت نهاية العشرينات, وكانت البداية إن اطلع بعض المعارف على قصائده, وأثنوا على موهبته, وقدرته في الكتابة.
  واستمر يكتب الشعر ويجربه, مستفيدا من الفترة التي قضاها في ستوكهولم, وتعرفه هناك أثناء دراسته المسرح, على بعض الشعراء والمهتمين بعالم الشعر.
في عام 1929 تعاقدت معه دار النشر Bonniers على طبع مجموعته الشعرية الأولى(أغاني الراقص الميت).
ومع كتابته القصائد الشعبية بدأت اهتماماته بالأغاني الشعبية الفلكلورية, التي فاقت شهرته فيها, وغدت بعضها كأغاني العشاق ويحفظها الناس عن ظهر قلب, ويرددوها في أماسي الطرب واللهو والمتعة..
 في عام 1933 يصدر ديوانه الثاني (الطفل الحافي).
  من الأحداث المأساوية في حياته رحيل أمه أيلين, وكان متعلقا ومحبا لها بشكل جنوني, وقد كتب عنها عشرات القصائد, وهو يشبه هنا السياب كثيرا, أو أن السياب يشبهه في ذلك, إضافة لحياته القروية الأولى قريبا من البحيرة, تماما كما السياب وقربه من نهر بويب.
  بعد فترة يحصل نيلس فرلين على جائزة ومنحة    Albert Bonniers Stipendiefondتقديرا لموهبته الشعرية.وقد ساعدته هذه الجائزة معنويا وماديا, حين استفاد من النقود التي حصل عليها من الجائزة للقيام برحلة راحة واستجمام, ومن ثم أعانته على إصدار مجموعته الشعرية الجديدة النظارةGoggles.
هذه المجموعة بيعت بإعداد كبيرة وصلت ألاف النسخ, وهي قصائد جميلة تفوح منها رائحة العشق والحزن, وفيها قصائد في رثاء أمه, واشهرها قصيدة (السيرك).
 وبدأ الموسيقيون في السويد يلحنون له قصائده الرومانسية ومنها(علمت نفسي الزحف على اليدين, بعد قليل سترى أمي, حين حل الجمال في القرية, رسامة صغيرة).
في حفل أقامه احد الرسامين السويديين في مدينة ستوكهولم, يتعرف نيلس فرلين على Henry المرآة التي سيكون لها الأثر الكبير في حياته, وقدم الحب من أول نظرة كما يقولون, إذ تعلق بها, وكانت في زيارة عابرة لمدينة ستوكهولم, إذ كانت تعيش في مدينة هيلسنكي الفنلندية.
 وقدمت لزيارة ستوكهولم مرات كثيرة أثناء الحرب العالمية الثانية.
 يستمر الشاعر بكتابة رسائله وقصائده إلى حبيبته في فنلندا, وتبادله هي رسائل الشوق والحب.
في ستوكهولم عاش نيلس فرلين حياة التسكع والتشرد, متنقلا بين الحانة التي كان يعرفه ندلتها, وبين طاولات الخمر واللهو والمتعة والتسكع, عالمه القريب كان الخمر والكأس والقهوة, والسجائر التي كان يدخنها بشكل مفرط, في الفترة تلك من حياته.
  استمرت صداقته لهيني وتوجت بخطوبتهما عام 1944 ليعيشا سوية في بيت صيفي قريبا من Norrtalje.
لقد أثرت هذه المرآة في حياته, ونقلته من عالم الضياع والتسكع إلى حياة العائلة والاستقرار والسكون.
ليس بعيدا عن بيته هذا, يقع بيت صديقه الشاعر السويدي الشهيرGunnar Ekelof, وكانا يلتقيان في الأماسي.
   في عام 1948 وبمناسبة بلوغه الخمسين يقرر نيلس فرلين السفر مع زوجته بالسيارة إلى فرنسا وسويسرا وايطاليا, وحتى شواطئ البحر الأبيض المتوسط, ويزوران كذلك تونس.
 لقد شهد عام بلوغه الخمسين احتفالات أدبية وثقافية كبيرة في عموم السويد.
مجموعته الشعرية الخامسة(ببغاء القيصر) ظهرت عام 1951, وضمنها الكثير من التصورات الدينية, وقد حصل إثرها على جائزة (بيلمان)من الأكاديمية السويدية, وتعد هذه الجائزة كواحدة من الجوائز الأدبية الكبيرة في السويد.
لقد عاش نيلس فرلين فترات طويلة طريح الفراش بسبب مرض الروماتيزم وأمراض أخرى, وعاش فترة طويلة من بقية حياته طريح سرير المرض في المستشفيات.
في 21 أكتوبر 1961 رحل نيلس فرلين, وبعد عامين يرحل بدر شاكر السياب, وكان طريح الفراش في المستشفى الملكي في الكويت.
لقد أرادت مدينة فيليب ستاد السويدية أن تحتفي به على الدوام, وان يكون قبره فوق ترابها, لكن الشاعر كان قد حسم الأمر بأن يكون قبره إلى جوار أمه التي أحبها حد العبادة, وكذلك جوار حبيبته هيني, في مقبرة في منطقة بروما في مدينة ستوكهولم.
وكانت وصيته أن يكتب على قبره مقطع من قصيدة له يصف فيها ظلمة القبر ووحشته:

هنا لا يوجد
حتى عصفور رمادي صغير

بعد وفاته عملت زوجته على إصدار قصائده في كتاب جديد صدر في ستوكهولم ونال شهرة واسعة.

لقد حاولت جاهدا أن أترجم للعربية هذه النصوص من أشعار نيلس فرلين الكثيرة, أملي أن أقدم للقارئ بعضا من روح وتمرد وإنسانية الشاعر.


من الفلكلور

العشق يأتي
والعشق يروح,
ولا تفسير لذلك,
لكني
أرغب أن أتبعك
في الشتاء والربيع
وفي كل أيامي الحية.
قلبي أنت,
قلبك أنا
ولا تراجع أبدا.
سعادتي أنت,
سعادتك أنا
والدموع دموعي
حين بكيت.
العشق لغز شديد
لا يغلبه شيء في العالم.
الورود تزهر
من شقوق الأرض اليابسة
كالشمس فوق ظلام المروج
قلبي قلبك
وقلبك قلبي
ولا تراجع في ذلك
سعادتي أنت,
وسعادتك أنا
والدموع كانت دموعي
حين بكيت أنت.


ولا حتى

لا ولا حتى
عصفور رمادي صغير
يشجو فوق الغصن الأخضر
هناك في الجهة الأخرى
أظن الكآبة حلت
لا ولا حتى
عصفور رمادي صغير
وليس من شجرة صفصاف
تقف بيضاء هناك
لكن أجمل الأيام
التي يمنحها الصيف
تجعلني أشتاق إلى هناك.


أكبر وأصغر

اكتشفنا الكثير والكثير
والأرض صارت أكثر اتساعا
ثم اكتشفنا أكثر
والأرض صارت بقعة صغيرة
مثل بالون أطفال
في مهب الريح.


أترى

أترى هذه الورقة
ورقة الشجر اليابسة,
هكذا أنا في مهب الريح-
ورقة شجر يابسة
وقريبا سيدركني الموت
بمذراته القديمة-
... آه, ما زلت متوردا,
وخدودي أكثر حمرة-
رغم أني ورقة شجر يابسة
في مهب الريح.


إيقاع واطئ

ليس بيننا نحن الاثنين,
لا, ولا حتى دروبا لنمضي.
أميال وأميال تفصلنا
نحن الاثنين
وليس من دروب لنمضي.
بيننا نحن الاثنين مصير,
عشنا سوية في دار مغلقة
ولم نسمع أبدا
ضجيج الريح


تماما كما في الماضي
قلبي, قلت, كان قلبك.
قلبك, قلت, كان قلبي.
وجميلا ظننت
بأن الدموع
كانت دموعي
حين بكيت.
هكذا نستبدل الكلمات والإيقاع.
الحكمة حين اقترنت أخيرا
وحين أعيش
من أجر قصائدي المغناة
وأعيش أيامي
تماما كما في الماضي


نجم خطاوي
السويد/مدينة كارل ستاد
11/12/2008   

79
اغتيال كامل شياع
اغتيال لتاريخ البلدة ولمبادئها

نجم خطاوي


وهذا مساء آخر يقدم ثقيلا, أتيا بأخبار من الوطن توجع الروح.
منذ ثلاث ساعات فقط وصلني عدد الثقافة الجديدة الأخير(325).
رائحة الورق تقربني من روح النصوص, وبريق نور الكلمات الجريئة الصادقة, يملأ روحي بالدفء, ويحيطني بالألفة.
لا أدري لماذا استهوتني مقالة الكاتبة الإيطالية ميرالا غاليتي, عن المثقف العراقي شاكر خصباك, دون غيرها من المقالات....
قرأت المقالة بتفاصيلها, وهي تنم عن اهتمام الكاتبة بدراسات هذا المثقف والكاتب والمفكر العراقي, واستغراقه في تحليل الشخصية العراقية, عبر نصوصه, وتسليط الضوء على المشاكل البنيوية, التي عاقت تطور ونشوء مجتمع مدني ديمقراطي.
ومن دون كل تفصيلات المقالة, ظل توصيف الكاتبة لواقعية شاكر خصباك في اختيار رموز شخصياته في روايته(حكايات من بلدتنا), يحفر في داخلي, مثيرا كثافة الأسئلة.
يقول النص الذي أوجعني, والذي سيوجعني أكثر لاحقا:
( إن الرجال الذين يسوقهم البرابرة إلى الموت كل يوم في الواقع تكوينات من لحم ودم وهم جزء من كفاءة البلدة على التمسك بقيمها ومطامحها وحريتها.والاسم عند شاكر خصباك ليس هدية شخصية ولكنه قيمة إنسانية ووطنية.ولذلك فحينما يطلق البرابرة رصاص رشاشاتهم على رجل ما فإنهم يغتالون مساحة من تاريخ البلدة ومن مبادئها).
   وبين أنا غاطس في مقالة الكاتبة الإيطالية وهموم شاكر خصباك, حتى صعقني الخبر القادم عبر التلفون من صاحبي في مدينة ارفيكا السويدية(أبو العباس), وهو يعزيني برحيل الكاتب والمفكر كامل شياع.... وغطست أكثر في أحزاني ودهشتي ودموعي, فهاهم البرابرة الهمج الأوباش يفلحون مرة أخرى باغتيال مساحة من تاريخ ومبادئ البلدة العراق.
ووجدت نفسي ودون مقدمات أغرق في بكاء حاد وأنا أحتضن مجلة الثقافة الجديدة كما تحتضن الأم وليدها, وخفت أن يطول بكائي, خصوصا وأنا أعمل بائعا في دكان يكثر فيه الزبائن.
     عدت لصفحة المجلة الأولى, وبالتحديد عند المربع الذي كتبت فيه أسماء مجلس تحرير مجلة الثقافة الجديدة, وتوقفت طويلا كالمصعوق, عند اسم كامل شياع, أتطلع للاسم الرمز, لتلك القامة الثقافية والفكرية التي أغنت المعرفة الفكرية والثقافية في العراق, بعشرات المقالات والبحوث الفكرية والثقافية والسياسية الجريئة.
    لقد ظفر القتلة الأنذال, أيتام أوباش أنظمة العهر والديكتاتورية, في تغيب جسد الكاتب والمفكر كامل شياع, وهي على كل حال جريمة لا تنبأ عن شجاعة وجرأة منفذيها, وكان كل ما يكفيهم ثلة من المجرمين وبعض رشاشات وقرار باغتيال رمز من رموز الثقافة العراقية التقدمية, ولم يكن كامل في حصون منيعة, ولا في حراسات كبيرة, ولا محاطا بفخفخة رجال الحماية.
 كان يتنقل بين هموم وزارة الثقافة وأوجاع المثقفين, وبين صحف المدى والصباح, وغيرها, ووسط شوارع المدينة بغداد, التي عشقها حد الجنون, والتي من أجلها هجر بلجيكا ومغرياتها, وأوربا وأضواء المنافي.
   ربما أخافتهم شجاعتك وأنت تنقش بحروفك الثورية النبيلة, مواقفك عن دولة القانون والمجتمع المدني والحريات, وعن الوطن الحر والشعب السعيد, وعن العدالة وحق الفقراء أن يعيشوا حياة تليق بهم كباقي البشر.
ربما أخافهم حوارك مع الكاتب حيدر سعيد, وغيره من الكتاب, عن جذور مشاكل الثقافة والحريات, وفهمك لدولة القانون والديمقراطية, وحق الناس في أن تكون الثقافة قريبة منهم ولهم.
أو ربما أخافتهم سجالاتك الفكرية الكثيرة, وكتاباتك عن ضرورة أن تعم الثقافة الوطن, وأن تحضي برعاية واهتمام الدولة, وأن تعم المسارح ودور السينما والفنون والآداب, في كل مدن الوطن.
ربما أخافتهم شجاعتك ومواقفك في أن يكون للمثقف حرية العيش في وطن تحترم فيه وتقدر كتاباته وإنجازاته الثقافية, ويكون له تأثير في كل القرارات المصيرية التي تهم حياة الناس والوطن, ويكون له الحق في العيش والعمل بحرية ودون سلطة رقيب.
لقد نجحوا يا رفيقي, ولو قليلا, في حرمان الناس في ريف العراق ومدنه, وكل المهتمين بشؤون الثقافة في الوطن وخارجه, من معانقة حروفك النبيلة, ومن التزود من زادك الفكري والنظري الثري, لكنهم واهمون مثل كل مرة, في القدرة على إسكات كلمات العدالة, وألام فائض القيمة, وحقوق الفقراء, والوطن الذي لابد أن يكون حرا, والشعب الذي كافحت ويكافح الآلاف من حاملي راياتك أن يكون سعيدا, ولو طال الزمن......
  لقد شاعت كلماتك يا كامل شياع سوية مع قطرات ماء الخابور وديالى والزاب ودجلة والفرات, وسط الناس, وقد قرأ ويقرأ كل يوم, ألاف العراقيين, ثقافتك الجديدة وطريق شعبك وأفكارك الماركسية التنويرية.
لقد حرموك في أن ترى ما ستكون عليه نتائج حملة مجلة الثقافة الجديدة, التي أنت في مجلس تحريرها, في الوطن والمنافي, في إقناع قراء ومشتركين جدد, في قراءتها والاشتراك في اقتنائها, وهي الحملة التي بشرت وتبشر باشتراك الكثير من الشبيبة والقراء الجدد, والتي لا زالت مستمرة.
 لقد توسد جسدك تراب ارض الوطن, وهي خسارة فادحة لنا جميعا, لكن كلماتك, وصفحات مجلة ثقافتك الجديدة, وجريدة طريق شعبك, وأفكار حزبك الشيوعي العراقي, ستظل باقية, تقرأها الأجيال, وتستند إليها في البحث عن الهداية والسبيل إلى سعادة الناس والأوطان.
  لقد نجحوا برشاشاتهم في اغتيال مساحة من تاريخ البلدة ومن مبادئها, لكنهم نسوا أن البلدة هذه لن تطأ رأسها, وستحمل الرايات مرة أخرى, قامات ثقافية وفكرية, وعلى طريق الشبيبي وأبو سعيد وخليل المعاضيدي وحميد الجيلاوي وقاسم عجام وكامل شياع.
المجد والخلود لك يا كامل شياع
العار العار للقتلة أعداء الثقافة والوطن

السويد/كارلستاد
24/8/2008

80
مشروع لكتابة وتوثيق تأريخ الحزب الشيوعي العراقي وشهدائه في محافظة واسط

في 31 آذار 1934 تأسس الحزب الشيوعي العراقي في بغداد , بعد جهد وعمل كبيرين لتجميع الخلايا الشيوعية في بغداد والبصرة والموصل وغيرها من مدن العراق . ولم تمض فترة قصيرة على تأسيسه , حتى بدأت جماهير العمال والفلاحين والكسبة والمثقفين , في مناطق العراق الأخرى , الالتفاف حوله ومساندته .

ومن يقرأ تاريخ هذا الحزب يجد صفحات معمدة بالدماء والتضحيات والفعل في جميع مدن وقصبات وقرى وأرياف الوطن العراقي .

 

          وفي محافظتنا واسط , كتب الشيوعيون العراقيون ملامح ناصعة في البطولات والتضحيات والكفاح في سبيل قضايا الشعب .

 ولازال الكثير من أهالي مدن وقرى وأرياف الكوت والحي والدجيلي والصويرة والحفرية والنعمانية والعزيزية والزبيدية وبدرة وزرباطية والموفقية وجصان , وباقي مناطق المحافظة , يستذكرون وباعتزاز مواقف الحزب وتضحيات رفاقه .

 

           ورغم أن سجن الكوت قد تغيرت ملامحه اليوم , لكنه سيظل شاخصا وسط المدينة , يحكي عن بطولات فهد وحازم وصارم والمئات من الشيوعيين العراقيين الذين كانوا ولسنوات حبيسي جدرانه , وعن مواقف أهالي مدينة الكوت في مناصرة قضية السجناء ومطالبهم العادلة , وعن المجزرة البشعة التي ارتكبت بحق السجناء .

 وفي مدينة الحي الباسلة كان للشيوعيين يوما مواقف مشهودة وتاريخية , حين قادوا انتفاضة المدينة , مناصرة للشعب المصري ضد العدوان الثلاثي عليه عام 1956 , وتشهد ساحتها اليوم لذلك المكان الذي افتدى فيه الشهيدان علي الشيخ حمود وعطا الدباس حياتهما من أجل الشعب وفي سبيل الحرية ومناصرة قضايا الشعوب .

 وفي أرياف الحي والدجيلي والشاخات وغيرها ... صور حية وجريئة لكفاح الشيوعيين العراقيين في سبيل الأرض للفلاح , وفي سبيل مناصرة قضايا الفلاحين وانتفاضاتهم ضد الإقطاع , وفي الكفاح في سبيل مطالب الشعب عموما .

 كما أن الفلاحين في بدرة ومعهم أهالي المدينة , لا زالوا شهودا لواحدة من الجرائم الكبرى في التاريخ السياسي العراقي , حين حولت مدينتهم إلى سجنا ومنفى معزولا للسجناء الشيوعيين .

 

       ومن أجل توثيق هذه التجارب والخبر النضالية , سعينا في ( منظمة الحزب الشيوعي العراقي – واسط  ) , للشروع في جهد تجميع ما تيسر من وثائق وصور للشهداء , وذكريات , وشهادات وثائقية , وكتابات , تؤرخ لكفاح ونضال رفاقنا ورفيقاتنا في مدن وقرى وأرياف محافظتنا , وتوثيق السفر الثوري للشهداء الشيوعيين في المحافظة . ونحن نعلم بأن جهدا كهذا يحتاج لجهود كل الطيبين الذين عايشوا هذه التجارب , والرفاق والأصدقاء , الذين تهمهم هذه القضية ويدركون أهميتها .

   ولذلك نهيب وندعو الجميع للتعاون معنا عبر الكتابة والمراسلة , ونأمل أن نتمكن من الحصول على الوثائق والكتابات والصور التي تمكننا من الشروع في هذا العمل , والذي نسعى لكي يكون بمستوى الحدث , ونريد أن يكون لاحقا كتابا , أو مطبوعا , توثق فيه  فصول هذه التجربة بكل تفاصيلها , وسيكون مشروعا لسرد بدايات تكون النشاط الشيوعي في المحافظة , ارتباطا بالأحداث والشهداء والمواقف التاريخية المختلفة .

 

- من أجل أن يطلع الجيل الحالي والأجيال القادمة على تلك الصفحات المجيدة لتاريخ وكفاح الشيوعيين في محافظة واسط .

- من أجل تمكين القراء والكتاب والمهتمين بدراسة تاريخ العراق السياسي من قراءة ومعرفة التجربة الغنية والمتنوعة التي كتبها رفاق الحزب ومناصريه , في سبيل حرية الوطن وسعادة الشعب .

 

سنكون شاكرين لمن يود التعاون معنا في هذا الجهد , ويمكن المراسلة على العناوين التالية :

wasiticp2005@yahoo.co.uk

samikut@yahoo.com

najam.katawi@tele2.se

كما يمكن التعاون مباشرة عبر زيارة مقرات الحزب في مدن المحافظة .[/b][/font][/size]

81
صفحات مجيدة من كفاح الحزب الشيوعي العراقي

 يرويها سليم إسماعيل البصري (أبو يوسف ) في كتابه ( الصراع – مذكرات شيوعي عراقي )

 

                            نجم خطاوي
 

       ظلت فكرة كتابة تاريخ الحزب الشيوعي العراقي هاجسا يراود الكثير من رفاقه ومحبيه والمقربين منه . وقد أوصت بعض مؤتمرات الحزب وكونفرنساته بضرورة الاهتمام الجدي بجمع وأرشفة تاريخ الحزب بكل مفاصله وصولا للشروع بكتابة تاريخه . لقد تعثر إنجاز هذه المهمة لأسباب ليس المجال هنا لبحثها . لقد غدت أهمية الإطلاع على تاريخ الحزب عبر مسيرته من بداية تشكيل الخلايا الأولى في أواخر العشرينات وبداية الثلاثينات من القرن الماضي , مهمة وضرورية , ليس فقط لرفاقه وأعضاءه والقريبين منه , بل لكل من يريد أن يدرس تاريخ العراق الحديث . وقد أصابت تماما الفكرة التي قالت بارتباط تاريخ الشعب العراقي المعاصر بتاريخ الحزب الشيوعي العراقي في الحقبة المعاصرة .

    وللأمس القريب كانت كتب حنا بطاطو تكاد تكون المصدر الرئيسي للراغبين بالإطلاع على تاريخ الحزب الشيوعي العراقي , بسبب شحت ما كتب عن هذا الموضوع . ولا تصح هذه الفكرة اليوم , بسبب اغتناء المكتبات بمجموعة من الكتابات التي انبرت لتسليط الضوء على تفاصيل نشوء ونضال الحزب والمهمات الجسيمة التي تصدى لها عبر مسيرته النضالية , وخاصة تلك التي كتبها بعض من رفاقه الذين واكبوا هذه المسيرة ( زكي خيري- جاسم الحلوائي- سعاد خيري- بهاء الدين نوري – رحيم عجينة – ثمينة ناجي يوسف – عزيز سباهي - رحيم عجينة – عامر عبد الله – أحمد ملا قادر باني خيلاني – عبد الرزاق الصافي ) , وأسماء أخرى . وفي هذا الصدد يمكن اعتبار كتاب ( شهداء الحزب ) الذي أصدره الحزب قبل سنوات , وثيقة تاريخية مهمة تؤرخ للسفر البطولي لهؤلاء الأبطال وللتاريخ الوطني العراقي المعاصر . وتبقى هذه المصادر رغم أهميتها بحاجة إلى الدراسة والتدقيق والإضافات والرفد للجوانب التي أغفلتها من مسيرة الحزب الطويلة .

    ويأتي كتاب ( الصراع – مذكرات شيوعي عراقي ) ليضيف الكثير والجديد والمهم في جهد الكتابة والتوثيق لتاريخ الشيوعيين العراقيين . وأهمية الكتاب تكمن في أن كاتبه سليم إسماعيل يوسف ( أبو يوسف ) قد عاش تلك الفصول والسنين الأكثر أهمية وإثارة ومأساة وبطولة , وخاصة معاصرته ومروره بجميع سجون ومعتقلات العراق , التي بناها المستعمرون وأعوانهم في العراق , لحبس وإبعاد وسجن الأفكار الشيوعية والتقدمية .

        هنا لا نقرأ سطورا حكواتية وقصصا كتلك التي يحكيها الكبار لصغارهم , بل نبحر عبر السرد القصصي الجميل الذي يتقن اختيار المفردة وتوظيفها لخدمة الفكرة . وهذه المفردات لا يتم البحث عنها بل تكاد تكون نفسها مفردات الحدث المكانية والزمانية . ولا يلجأ المؤلف إلى اللف والدوران في إيصال فكرته بل يقولها لنا بانسيابية جميلة ترغمنا على الاستمتاع بإكمال نصه , ليس ابتغاء لمعرفة نهاية الحكاية , بل الاستمتاع بتفصيلات النص وجماليته . ورغم أن القارئ يشهد خلال تتبعه لفصول الكتاب , بعض السطور التي يبدو من خلالها الكتاب وكأنه يريد أن يقول شيئا من الحكمة أو الموعظة السياسية , لكن حكمته وموعظته لا تقحم في سرده , بل تبدو متناسقة ومكملة للصورة , وتؤطرها بهالة من الكتابة التي تتعدى السرد النصي إلى الكتابة المعرفية التي توثق للحدث زمانا ومكانا وشخوصا وتفاصيل .

     الفصول الثلاثة الأولى من الكتاب ( الوصول – الخضر – البصرة .. حنين وذكريات ) , والتي تؤرخ للفترة التي سبقت ثورة 14 تموز عام 1958 في العراق , تكاد تكون أو ربما هي بالفعل , فصولا من رواية , ربما فكر الكاتب أن يكتبها هكذا عبر استخدام الجمل الإيحائية الغزيرة المعنى والممتلئة بالأحاسيس المشعة والفكر, المطواعة التي تجد مفرداتها دون تكفل .

     في هذه الفصول الثلاثة يجد القارئ مطلعا لرواية سوف يستمر بقراءتها ولكنه يتوقف قليلا في نهاية الفصل الثالث حين يلحظ أن المؤلف لا يريد حث سيره في إكمال مشروعه , ليجد بديلا عنه في السرد القصصي للأحداث , وبالتالي قد ضيع علينا فرصة الاستمتاع بنص روائي توثيقي مهم .

      هذه القضية لمحتها وأنا أقرأ فصول الكتاب وكنت أعرف بالتمام بأن ( أبو يوسف ) عبر مشروعه هذا , قد جمع حصيلة كل سنوات التعب والألم والمعاناة والكفاح , ليخرج لنا بهذه الصفحات المشرقة . وبالتأكيد فأن اختيار الشكل الملائم للكتابة , لا يقل صعوبة عن الكتابة نفسها , عدى  كون المؤلف بالأساس ليس روائيا ولم يكن يريد أن يكتب لنا نصا روائيا , بل أراد وهو الشيوعي العراقي والسياسي المخضرم أن يدون لنا وعبرهذا الأسلوب الجميل , تلك اللحظات المهمة من تاريخ وطنه وحزبه .

لنقرأ قليلا كلماته وهو يناجي القمر, طريدا في سهول مدينة الديوانية ...

(( كم مرة رأيتك في طلوعك واختفائك ؟ .. رأيتك بدرا ,كما رأيتك هلالا , خيطا نحيفا كأجسام الفقراء , تظهر بخجل في أيام رمضان ثم تختفي , يتنافس لرؤياك البدو والحضر .. ثم يهل هلالك يوم العيد ... رأيتك مثل فتاة عذراء عارية , شعرها الذهبي نورك , جسمها البض نسيج إشعاعك )) .

      أشهد أن المؤلف كان موفقا في ترتيب فصول حكايته , بحيث لم يختر الدارج في كتابة كتب السيرة الذاتية والتي تبتدأ عبر التسلسل التاريخي للأحداث وتتابعها . الفصول الثلاثة الأولى للكتاب خصصها الكاتب لبعض من تاريخ قصته المتقدم ( ليس بداية الحدث ) , وأعني تفاصيل هروبه من السيارة التي كانت تقلهم من سجن نقرة السلمان الصحراوي إلى مدينة السماوة , وبصحبة صديقه السجين علي .

      لازمتني فكرة استنتجتها وأنا أتصفح فصول صراع ( أبو يوسف ) ورفاقه , وهي النصح لكل من يريد أن يدرس أو يستزيد عن تاريخ السجون في العراق , بأن يلجأ لقراءة هذا الكتاب . وأنا أقصد بالتأكيد السجون والمعتقلات التي مر بها مؤلف الكتاب , ابتداء من مركز شرطة العشار  أيار 1953 , وانتهاء بهروبه من شباك السيارة المحصنة التي أقلته ورفاقه عام  1967 من سجن نقرة السلمان الصحراوي إلى سجن الحلة .

     في توثيقه لتلك السجون والمعتقلات والزنزانات , لا يلجأ المؤلف للحديث عنها وكأنه يستعرضها لنا أو ليتوقف برهة للحديث عنها , بل ينقل لنا مشاهدا وأحداثا حية صادقة عاشها هو بنفسه , ولم يكن  في الظل من تلك الأحداث بل كان في وسط الحومة .

    هنا نقرأ تفاصيل تؤرخ لكفاح الشيوعيين العراقيين في سبيل حياة تليق بالعراق وبالشعب العراقي , وبعد أن أفنوا زهرات شبابهم وسط هذه الزنزانات المظلمة . إن تسجيل تفاصيل حياة ( سجن الكوت ) بكل صورها وبشكل توحي وكأن الكاتب قد عاش في الأمس في هذا المعتقل الرهيب , والذي سبقه إليه بأعوام قليلة الرفيق الخالد يوسف سلمان ( فهد ) مؤسس وباني الحزب الشيوعي العراقي , يحتاج بالتأكيد إلى ذاكرة عنيدة وطرية توحي بصدق وعفوية بطلها .

 وفي هذا السجن بالذات يشهد المؤلف واحدة من المجازر التي ارتكبت ضد سجناء الرأي في العراق – مجزرة سجن الكوت , والتي يعيش كل تفاصيلها , وكان جريحا ضمن  أل 94 من رفاقه الجرحى , وكاد أن يكون أحد شهدائها الثمانية . حدثت هذه المجزرة يوم الثالث من أيلول 1953 .

      ثم يقص علينا تفاصيل اعتقاله في سجن بعقوبة ومحاولة الهرب من هناك . وتفاصيل الهجوم على سجن بعقوبة .

   ثم يعود بنا بذاكرته لتفاصيل الحياة في سجن نقرة السلمان في صحراء السماوة . كما يطلعنا على تفاصيل مثيرة للفترة التي عاشها محتجزا يمضي فترة المراقبة في (قرية قضاء السلمان) القريبة من (سجن نقرة السلمان الصحراوي) , وتفاصيل تعرفه بالشهيد الشيوعي محمد الخضري الذي كان معلما منفيا هناك . ثم يستمر في قصه لنا عبر الزنزانات , وهذه المرة من ( معسكر قتيبة ) في الشعيبة – البصرة , وبعدها محاولته للهروب من هذا المعتقل .

في الفصل الثاني عشر من الكتاب يوثق المؤلف لأحداث انقلاب 8 شباط 1963 والجرائم التي ارتكبها أوباش الحرس القومي بحق الشيوعيين والشعب العراقي , وكان يومها معتقلا في سجن نقرة السلمان الصحراوي .

        في الفصول التالية يمضي بنا في حكايته وبطريقته البسيطة في القص ليحكي لنا تفاصيل هروبه من مستشفى الديوانية ( كانون الثاني 1964 ) وكانوا قد نقلوا إليه من سجن نقرة السلمان للعلاج . وهذا الفصل لا يقل متعة في أسلوبه الروائي عن الفصول الثلاثة الأولى ....

(( كان الطريق زراعيا , تتناثر فيه برك المياه , وقطعان الأغنام تسرح هنا وهناك والنسيم كان عليلا ومنعشا والسماء صافية وقبرات تطير وتحط وهي تطارد الجراد , قطرات الندى لا زالت معلقة على وريقات الشجر , بين حين وآخر يقفز أرنب ويجري مسرعا , الأرض المبتلة , والشمس تشع بنورها فتبعث الدفء في أجسادنا )) .

      في الكتاب ذكريات حية عن الأيام التي جمعته بالشهيدين الخالدين سلام عادل وجمال الحيدري والمئات من المناضلين في صفوف الحزب الشيوعي العراقي , وتفصيلات وأحداث تاريخية مهمة سبقت ثورة 14 تموز 1957 , وكان المؤلف مكلفا بواحدة من أخطر المهمات وهي مطبعة الحزب السرية التي تعلم فيها الطباعة , وعمل فيها في السر ليال طويلة قبل أن يعتقل ثانية , وهذه المرة في مديرية الأمن في بغداد . من مسلخ مديرية الأمن العامة في بغداد ينقل السجناء إلى معتقل جديد في مدينة بغداد ( معتقل خلف السدة ) ومعهم ( أبو يوسف ) .

    وبعد أن يسرد لنا تفاصيل الحياة في هذا السجن , يعرج على نقل واحدة من الوقائع التاريخية , وهي حفر الشيوعيين لنفق من داخل السجن , ومحاولتهم الهروب بعد إتمامهم لحفر النفق , ولكنهم يفشلون في اللحظات الأخيرة . وتطول حكايات السجون حين ينتقل بنا الكاتب لوصف تفاصيل المعاناة في ( سجن رقم 1 – معسكر الرشيد ) في بغداد , ومحاولتهم الجريئة بالهرب من هذا السجن أيضا . ويواصل هذا الشيوعي والسجين المخضرم رحلة نضاله مع رفاقه , ولكن في سجن آخر هذه المرة وفي مدينة بغداد ( سجن الفضيلية ) , ويحدثنا عن تفصيلات دراماتيكية عن محاولتهم حفر نفق هناك بغية الهروب .

     في الفترة التي تلي هروبه من( بادية السماوة) يعيش أحداثا تاريخية مهمة في حياة الحزب لا تقل أهمية عن تلك التي عاشها قبيل ثورة تموز 1958 , وتمثلت في مشاركته في كونفرنس الحزب الثالث كانون الأول 1967 في منطقة ( دار به سر ) في كردستان العراق , ومن ثم المؤتمر الثاني للحزب المنعقد آب – أيلول 1970 . وكان حينها يعمل ضمن تنظيمات محافظة البصرة , وحضر كمندوب لهذين الحدثين بشكل سري . ويتحسر أيتام صدام إلى اليوم لعدم تمكنهم من منع الشيوعيين من عقد مؤتمرهم الثاني 1970 والمؤتمرات التي تلته وعلى ارض الوطن .

          في الكثير من الأحداث والوقائع يفلح الكاتب في نقل الوقائع ومحاولة فك التشابك والتعقيد في القضايا المصيرية السياسية التي عاشها العراق وكان الحزب الشيوعي العراقي وسطها متحملا الكثير من نتائج انتكاساتها . ويعمد المؤلف أن يقول لنا رأيه في هذه الأحداث . وهنا ينقل لنا توثيقا في غاية الأهمية من الناحية التاريخية لقضايا مهمة ومصيرية عاشها بكل تفاصيلها وقال كلمته فيها , وهذه القضايا تتمحور حول :

-         الموقف من حكومة عبد الكريم قاسم واختلاف المواقف بين سلام عادل وجمال الحيدري ورفاق آخرين , وبعض الأفكار اليمينية لرفاق داخل قيادة الحزب .

-         الأفكار اليمينية التي تبناها بعض قيادي الحزب من تأميمات عبد السلام عارف 1964 , أو كما سميت حينها ( خط آب ) .

-         الموقف من الجبهة الوطنية مع البعث عام 1973 .

-         الموقف من الكفاح المسلح والمواقف الرافضة له داخل قيادة الحزب وطروحات البعض الداعية لتصفية الحزب بحجة الدفاع عن الوطن .

      أرى أن هذه القضايا التي يسردها لنا المؤلف ويقول كلمته فيها تحتاج بالضرورة من المعاصرين لهذه الوقائع من أن يغنوها ويصوبوها إن كان فيها ما يستحق التصويب , وأن لا تثنيهم المتاعب عن خوض هذه التجربة الصعبة في الكتابة عن أحداث الماضي .

       لقد قدر لي أن أعيش قريبا من رفيقي( أبو يوسف ) مؤلف الكتاب , فصولا من أحداث هذا الكتاب ( 1983 – 1989 ) , وهي الأحداث التي يرويها شتاء 1979 حين يحل الرحال في  وادي كوماته ( كلي كوماته ) في منطقة بهدنان في كردستان العراق حين قرر ورفاقه خوض تجربة الكفاح المسلح . في عام 1983 قدمنا صوب منطقة( بارزان) , وهناك أعيد تشكيل قاطع اربيل لقوات الأنصار. كان مقرنا يجاور المقر الذي عاش فيه ( أبو يوسف ) وبعض من الأنصار ( به ختيار- وصفي- سرود ) , وكانت أياما من المعاناة يرويها ( أبو يوسف ) بدقة متذكرا القصف اليومي لمدفعية نظام صدام الدموي المطلة على قمم جبل بيرس فوق عقرة , والغارات بالطائرات الحربية وما تشتهي الأنفس . إن حكايات الصيد في نهر الزاب القريب من مناطق بارزان , ومن ثم الحديث عن مغامرات حصانه المعروف , تكون قد أضافت صورا إنسانية ومن الطبيعة بكل مفرداتها البسيطة .

     في الفصل الثالث والعشرين من الكتاب يوثق لنا المؤلف لواحدة من الجرائم التي ارتكبت بحق رفاق وأصدقاء الحزب الشيوعي وهي جريمة ضرب مقرات ( زيوه ) بالأسلحة الكيمياوية في الخامس من حزيران 1988 . وهي الجريمة التي فقد فيها الحزب رفيقين من كوادره ( أبو فؤاد – أبو رزكار ) وأصيب يومها عشرات الرفاق بالغازات السامة . في هذا الفصل نقرأ وصفا دقيقا لهذه الجريمة ومشاهدات ( أبو يوسف ) الذي كادت أن تعمى عينيه . وفي صورة جميلة ينقل لنا اللحظات التي يقوم فيها الأنصار بدفن رفيقهم(أبو رزكار) قرب نهر الزاب في ( زيوه) . وبالتأكيد يتذكر الكثير من الناس شهادة الكاتبة كاترين ميخائيل أمام المحكمة التي تحاكم الطاغية صدام وأعوانه عن حملات الإبادة الجماعية ( الأنفال ) .

عن تجربة الكفاح المسلح في كردستان العراق والتي خاض غمارها بكل شرف ووطنية مقاتلون ومقاتلات بواسل وباسلات من أبناء العراق بكل قومياته وأديانه وطوائفه , يقول :

((إن عودة الحزب للوطن ( كردستان ) وحمله السلاح مع القوى القومية الكردية أعاد الثقة وأنعش الآمال به , ولولا عودة المناضلين الحقيقيين وحملهم السلاح بعد غدر البعث , رغم النواقص والأخطاء , لأنتهي الحزب الشيوعي وضاع أعضاؤه في شوارع لندن وباريس وموسكو وواشنطن )) . وهي شهادة يعتز بها حزب الشيوعيين العراقيين وبالخصوص الذين خاضوا غمار هذه التجربة الفريدة . ولا أريد أن أكمل العبارة ( كما هو الوضع الآن ) , لعدم اتفاقي معه في الرأي , فالحزب اليوم موجود في بغداد ومدن العراق من كردستان وحتى الفاو وهو أدرى بالتأكيد مني بهذه الحقيقة , كما أن للحزب اليوم مكانته وسط كادحي العراق رغم كل وسائل التحجيم والضغط والتجهيل . أتمنى أن تكون العبارة قد وردت بشكل غير مقصود .

          إن استعراض كتاب بهذا الحجم ( 432 صفحة و 24 فصلا ) ليس باليسير, وأعني هنا تقريب محتويات الكتاب ومشروعه للقارئ , وعبر هذا المرور السريع بمحطات صراع ( أبو يوسف ) ورفاقه الحمر من أجل وطن حر لا سيادة للمستعمر فيه , جسدوها في كفاحهم ضد حلف بغداد وغيره , ومن أجل الشعب السعيد الذي نذر الشيوعيون في سبيل عيشه بسعادة وخير ورقي , الغالي والنفيس , وكتاب ( الصراع ) شاهدا صادقا على هذه الحقيقة .

إن هوامش الكتاب التي حوت 14 صفحة , وفيها أكثر من 253 عنوانا لا تقل أهمية وتوثيقا وجاءت مكملة لفصول الكتاب .

    لم يبق لي سوى الثناء على الجهد الكبير الذي بذله الرفيق سليم إسماعيل البصري ( أبو يوسف ) في كتابة كتابه هذا وبهذه اللغة الانسيابية الجميلة . كلي أمل في أن الطبعة القادمة ستنتبه لبعض الأخطاء والهنات هنا وهناك وبالأخص تصحيح تاريخ استخدام نظام صدام للأسلحة الكيمياوية ضد مقر قاطع بهدنان لأنصار للحزب الشيوعي العراقي ( زيوه ) في 5 – 6 – 1988 , وكذلك تاريخ انعقاد مؤتمر الحزب الرابع 10 – 5 – 1985 . وبهذا الكتاب تكون المكتبة العراقية قد اغتنت بوثيقة تاريخية أدبية وسياسية تؤرخ لحقبة زمنية من تاريخ العراق المعاصر كتبها الشيوعيون العراقيون بكل جسارة وبطولة .

 

السويد

في الخامس من كانون الثاني 2007

 

 

82
أدب / رد: عمال المساطر
« في: 13:24 27/12/2006  »
الأخت غادة
تحية
شكرا على مشاعرك الطيبة والصادقة.
اتفق معك على ضرورة المواصلة في كشف كل ماهو قبيح وزائف والكفاح في سبيل حياة تليق بالأنسان ويكون فيها حرا وسعيدا. أقرأ كتاباتك الجميلة في صفحة عينكاوا . كل الشكر لك ومن اجل المواصلة في الكتابة الأبداعية .

نجم خطاوي

83
أدب / عمال المساطر
« في: 04:22 20/12/2006  »
عمال المساطر
 
نجم خطاوي





لماذا كل هذا الحقد على عمال العراق وفقرائه ؟؟
لماذا تفجرون سياراتكم وسط عمال المساطر الباحثين عن كسرة الخبز ؟؟


 

تريدون الوطن يصبح توابيت     

                     وتريدون الشوارع تنصبغ دم

 تنبشون ابقبور التفرقة إتزيد       

                    وتزرعون الضغائن فكره وتعم

عمال المساطر فقرة الناس         

                   أوصال أوصال وسط الموت تنطم

وصل بيكم حقدكم آخر الحد         

                   تقتلون الشغيله إبارد الدم

لا وازع ضمير يوقف المد         

                   طعم زقوم طعمه وريحته السم

تصيح المدن من أفعالكم آخ         

                   يسود الضيم بيهه ويكثر الهم

يا ذنب الجنتها الناس طشار       

                   وسط بارودكم الأسود تحمم

نهار الناس اصبح حزن وشجون

                  وليل الناس اصبح بجي ومأتم

يا وسفه الوطن ثوبه الفجاعات   

                 ويا وسفه المناعي الكفه معصم

أجلبنك يليلي أخبار متسر         

                 وأودعنك دموع ومسه معتم

أفكار القتل لا هي أفكار شطار   

                 وأفعال البطش لا هي أفعال تكرم

يا دين اليناصر قتل وإرهاب ؟   

                 ويا وحي ابكلامه هيجي علم ؟

لا عمره القتل وصل للأهداف   

                 ونهايات الظلم عالظالم أظلم

ولا القفل العداوة تلكه ترهيم     

                ولا القفل الغدر مفتاح يرهم

الدناءة أحجام في عرف النذالات

                قتل ساعات مره ومره يلتم

لا نوصل طريق أولهه أشواك   

               وحواليها الزرع بالحقد برعم

هذا الوطن دين بعنق الأخيار     

              وهذي الأرض تصرخ كفى وتشتم



[/font]

84
أدب / تحدقين خائفة
« في: 02:24 29/11/2006  »

تحدقين خائفة


نجم خطاوي







على بابك المرصع بالطلقات
تكاثر الطبالون والمهرجون السفلة
الصالحون لكل زمان ومكان
بناة المساخر والخطايا
شهود الولائم , دق  الدفوف
نسج المساخر واختلاق الحروب
.....
في اختلاط الأمور
تصير الحيرة أقنعة سيرك
ويصير المشهد أناشيد هرج
أسئلة بلا أجوبة  !!
الضيوف الثقلاء فرشوا باحة الدار
قدموا بغتة دون مقدمات
تكاثروا ثم تناسخوا
ثم اعتلوا صهوة راياتك
منشدين طقوس التناحر والموت
المدينة برقعها الخدر

أو ربما استأنست للسبات

من سيخبرنا ثلث الحقيقة ؟
هل استسلم الزرع للجراد ؟
وكيف استباحت شوارعنا
عناوين الكوارث
طقوس الدم والنحر والأحقاد ؟

لغز كبير
ثوبه الحيرة .....
طلاسمه أقنعة ماكرة
........
بين ساحات المدينة العريضة
سار جنود الكتيبة
رتيبة بدت نزهتهم
وسط صراخ الخرائب
خلف الشبابيك الصغيرة جدا
تسمرت نسوة مذهولات
يحدقن صوب الجوقة
 مضت دون طبول
ودون أناشيد حماسة
........
خضراء مباركة أنت
شجرتنا الفارعة
لازلت تجرعين
مر المفاجأة
وكأس الخسائر
تحدقين خائفة
صوب سماء الحقول
كما عادتك القديمة
.....
مجللة بأمجادنا
وحيدة واثقة
تعدين المصائب
وسط فناء الحوش الكبيرة
المطرزة بالأزرق الليلكي
تدثرين ندب الجروح
تفلين الطلاسم
بالمواويل والأدعية
......
يا ترى ....
لأية وليمة
تسابقوا كالجرذان المسعورة
وأنت صامتة في الفناء
إرثك
أنين الليالي
والرغيف المغمس بالحسرات
 


 

85
من أجل أن لا يطول انتظار شاكر الدجيلي ( أبو منير ) طويلا خلف القضبان . . .


                     نجم خطاوي


          في شتاء عام 1979 وصلت مدينة ( براشوف ) الرومانية ملبيا دعوة صديق لي يدرس الهندسة في جامعة هذه المدينة . هذا الصديق تربطني به علاقات الدراسة  والزمالة , يوم كنا طلابا في نفس الثانوية , ويوم كنا سوية وسط صفوف اتحاد الطلبة العام , قبل أن يتم تجميد نشاط هذه المنظمة , وليرحل بعدها هذا الصديق للدراسة في دولة رومانيا .

      الرحلة في القطار , من مدينة براغ التشيكية , حتى براشوف , طويلة ومرهقة , خفف من تعبها احتفاء صاحبي وحرارة اللقاء به واستذكار المدينة والأصدقاء في الوطن . كنت في تلك الأيام أعيش وأعمل في معمل للحديد في براغ , التي قدمتها في تموز 1979 هاربا من جحيم دكتاتورية صدام .

      كانت سعادتي لا توصف بلقاء صاحبي , بعد أربع سنوات من الفراق . وجلسنا نستذكر شوارع المدينة , وأزقتها ومقاهيها , والأصدقاء , وأيام المراهقة والفتوة , والكفاح في صفوف اتحاد الطلبة العام , ومضايقات رجال الأمن , وغيرها ... .

      ولم ينغص تلك السفرة شئ , سوى مشاهداتي لحالة زميلي هذا , ولزميلين كانا يشاركانه الدراسة في جامعة هذه المدينة , إذ كانوا يقضون أيامهم وسط التوتر والترقب وانتظار المجهول متأهبين للرد على هجوم الآخرين .

     وخلاصة الأمر أن صديقي وصاحباه كانوا الطلبة الشيوعيين العراقيين الوحيدين الذين يقيمون في هذه المدينة , والنشطين في جميع الفعاليات السياسية والتضامنية التي تقام في هذه المدينة , وسط جيش من الطلبة القادمين للدراسة على نفقة الحكومة , والذين قدموا على نفقتهم الخاصة , وكان اغلبهم من الموالين للسلطة , ويكنون العداء للحزب الشيوعي العراقي , ولكل من يناصره . وكانوا لا يرتاحون كثيرا لنشاط صديقي وزميليه , وتفانيهم في سبيل فضح الإرهاب في العراق يومها .

      لقد انتابني العجب وأنا استمع لقصة المعركة التي خاضها صاحبي هذا مع شلة منهم هاجمته قرب الجامعة , وكان وحيدا , وكادوا أن يقتلوه , رغم مقاومته لهم . وقد رقد لأيام في مستشفى المدينة . والذي زاد عجبي إن صاحبي هذا , قد سور باب غرفة سكنه في القسم الداخلي , بسلك كهربائي , ربطه بزر على الحائط قرب سرير نومه , والسبب هو خشيته من هجوم طلبة منظمة الاتحاد الوطني , ورجال مخابرات النظام في العراق , من الذين شاركوه السكن والعيش في نفس القسم الداخلي الطلابي , وفي الأقسام الداخلية المجاورة .

    وكنت أظن بأني سوف لن اسلم من معركة حامية الوطيس معهم . ولكن السفرة مضت في سلام , واحتفلنا بمقدم العام الجديد هناك وسط الثلج وأضواء المدينة وأفراح الناس .

        في اليوم الذي نويت فيه العودة إلى مدينتي براغ , وصلت إلى صديقي أخبار من زملائه في (بوخارست) , تتحدث عن إصابة أحد الطلبة من زملائنا ( شاكر ) الدارسين في دولة بولونيا , بإصابات بليغة , بعد تعرضه لهجوم من قبل طلبة منظمة الاتحاد الوطني , وبعض رجال السفارة العراقية . وكتب زميلي وصديقاه مذكرة للتنديد بهذا العمل , وعبروا عن تضامنهم مع زميلهم ( شاكر ) .

     حين وصلت مدينة براغ , قرأت أيضا بيانا للتضامن مع الطلبة التقدميين في جمعية الطلبة العراقيين في بولونيا الذين تعرضوا للهجوم , ومع زميلهم المصاب ( شاكر ) .

   ومضت الأيام , ونسيت الحدث هذا , بعد أن دارت بي الدنيا دورات ودواليب .

     في عام 1992 وصلت السويد , التي ستصير لاحقا منفاي الأخير . في الأيام الأولى ومن خلال نادي 14 تموز الديمقراطي العراقي , في منطقة ( ألفيك ) في ستوكهولم , تعرفت على مجموعة من الناس العراقيين الطيبين . وكان هذا المكان يجمعهم في كل يوم جمعة عصرا , حيث يلتقون للحديث والسمر , ولإحياء المناسبات الوطنية والأمسيات الثقافية والسياسية .

     في الأيام الأولى تعرفت بالزميل ( شاكر ) , وجلسنا نتحدث عن هموم الوطن , وذكرته بالحادثة , وبرسائل التضامن التي أرسلناها. وللحقيقة فأن هذا الزميل ( شاكر ) قد جلب انتباهي منذ المساء الذي تعرفت به في ستوكهولم , لحماسه ودفء مشاعره .

      من بين الكثير من زميلات وزملاء هذا النادي , تميز ( شاكر ) بنشاطه المتفاني وحيويته ومواظبته على حضور جميع الأمسيات والفعاليات التي كان النادي يقيمها , عدا عن مشاركته الحيوية في كل المساجلات الفكرية والسياسية التي كانت تدور في الأمسيات . وكان المبادر في المقترحات وداعية لا يكل للنشاطات والعمل .

      وتمر الأيام , لتجمعني مع الزميل شاكر ( أبو منير ) , رابطة العمل سوية في السياسة , وسط صفوف الحزب الشيوعي العراقي , وكذلك في نشاطات نادي 14 تموز المختلفة والمتنوعة , والعديد من النشاطات التضامنية مع الشعب العراقي .

      في كل تلك الفعاليات والنشاطات والمبادرات كان هو السباق دوما , يأتي في كل المرات قبل الموعد , دون التفكير بمشاغل عائلية , أو التحجج بالطقس والثلوج . كانت القاعة المجاورة لسكنه , مكانا للعديد من الفعاليات التضامنية والسياسية والندوات , يحجزها دون كلل أو ملل , يرتبها قبل موعد الحضور , ويرتبها ثانية بعد الانتهاء .

     في المجادلات السياسية العامة , وتلك التي وسط صفوف الحزب الشيوعي العراقي , كان لديه ما يتحدث به ويقوله , وبعد أن يكون قد تهيأ بوقت كاف , أخذا القضية بكل جد , وبحيوية المتفاني . في أيام العطل والمناسبات وحين كان الكثير يستمتع بوقته وعطلته , كان شاكر يقضي الوقت بين استقبال الضيوف القادمين من مدن أخرى إلى ستوكهولم وبين حل قضية لزميل معين , أو الذهاب لفعالية سياسية أو تضامنية . لم تقتصر نشاطاته السياسية والتضامنية على قضية الشعب العراقي وحده , بل كان ينشط مع زملائه ورفاقه لنصرة قضيا الشعوب العربية , والتضامن مع الشعب الكردي , ومع بقية شعوب العالم . وعبر نشاطه في لجان العلاقات , وفي النشاطات التضامنية , كان لا يدخر جهدا في نصرة قضية شعبه , والشعوب الأخرى .

        لقد سرت معه , ومع رفاق وزملاء آخرين , وسط برد وثلوج ستوكهولم , في مسيرات طويلة تضامنا مع شعب فلسطين ضد عدوان إسرائيل , وفي التضامن مع سوريا ولبنان ضد تهديدات إسرائيل, وفي مسيرات أخرى للتضامن مع الشعوب الأخرى . وبالتأكيد كانت قضية العراق والديمقراطية شغله الشاغل .

     ويذكر الكثيرون من الأصدقاء والرفاق , مواقفه الواضحة من قضية الحصار الذي سببه نظام صدام حسين , وفرضته الأمم المتحدة جورا على الشعب العراقي , إذ كان يتحرق ألما على المعاناة التي يعيشها الناس في الوطن .

     ومثله مثل الملايين من العراقيين استبشر شاكر خيرا بزوال النظام في بغداد نيسان 2003 , رغم معارضته الشديدة , سوية مع رفاقه وأصدقائه , لاستخدام الحرب كوسيلة لإنهاء النظام . وقد عبرت جميع منظمات الحزب الشيوعي العراقي في كل دول العالم لمعارضتها للحرب وسيلة لإسقاط نظام صدام , بسبب الويلات والمصائب التي تجلبها الحرب , والذي نشاهده اليوم يعكس هذه الحقيقة . ورغم سنوات المنفى الطويلة , كان شاكر يحن للعودة لوطنه والعيش هناك في دولة القانون والحرية . وكان الألم يعتصره والآلاف من الوطنيين من ربعه , للحال الذي انتهت إليه الأوضاع في العراق , بعد تعقد وتشابك المصالح والرؤى , ودخول القوات الأجنبية لتحتل الوطن , جالبة معها أجندتها ومشروعها ومصالحها .

     وعاد شاكر ( أبو منير ) ليساهم في تعمير ما هدمته يد الديكتاتورية والحروب , غير مبال بالظروف الصعبة التي تمر على الوطن , والتي تجعل من العيش صعوبة لا تضاهى وخصوصا بالنسبة لمن عاش في بلدان أوربا وغيرها .

        لقد كانت الدهشة كبيرة ومؤلمة لنا جميعا نحن الذين عرفنا هذا المناضل الوطني الشيوعي وعشنا قريبا منه  ومعه , يوم سماعنا لخبر اختفاءه في سوريا , حين كان يروم العودة إلى العراق قادما من السويد نهاية آذار 2005 . واليوم يمر قرابة السبعة عشر شهرا , وهذا الوطني الذي لم يرتكب جرما , لا يعرف له خبرا , رغم المناشدات الكثيرة , ورغم نداءات التضامن والمطالبة بإطلاق سراحه .

     قبل أيام , فعل الطيبون في مدينة ستوكهولم , من أصدقائه ومعارفه ومناصريه , ومعهم ولده الحزين لفراق الأب , فعلوا حسنا حين ساروا في حشد باتجاه وزارة الخارجية السويدية , يطلبون عونها في الحرية لشاكر والتضامن معه . ولم لا وهو الصوت الوطني الذي طالما تحدث للصحف السويدية , وللتلفزيون السويدي , مناصرا قضايا الحق والعدالة , في وطنه , وفي العالم . وهو أيضا مواطن يحمل الجنسية السويدية .

أكتب هذه الكلمات عساها أن تكون معينا لجهودنا جميعا ولأصواتنا التي يحتاجها الصديق والرفيق العزيز شاكر في محنته اليوم , ومن أجل أن لا يطول عذاب عائلته وأهله ورفاقه والجميع , وأن لا يظل شاكرنا طويلا خلف القضبان .

 

السويد

في 11/11/2006   

86
الثقافة والأعلام في مشروع برنامج الحزب الشيوعي العراقي
نجم خطاوي

     قبل ثلاثين عاما قدر لي أن أقول أفكاري بخصوص الوثائق التي طرحها الحزب للنقاش وسط منظماته . وكانت الوثائق تلك , مسودة مشروع الحزب السياسي , في تحالفه مع حزب البعث , ضمن الجبهة الوطنية يومها. لقد أراد الحزب في تلك الفترة , إشراك رفاقه ومنظماته في نقاش وتقييم تلك الوثائق , وإبداء الرأي حولها , خصوصا وهي تخص فترة التحضير لعقد المؤتمر الوطني الثالث , والذي أقر هذه الوثائق بعد تعديلها, ورسم سياسة الحزب حينذاك .

   أتذكر تماما أجواء النقاش , والحوار , وكثرة الأسئلة البليغة والمحيرة , عن حزب البعث , وشكل التحالف معه , ومستقبل هذا التحالف , حتى طالت جلستنا بعض ساعات , وبعد أن هدنا التعب والإرهاق , وخصوصا الرفيق الذي أدار الحوار , والزائر الذي جاء مشرفا .

كان صاحبنا الذي أدار جلسة النقاش , يجيب ويعقب على كل الأسئلة والملاحظات , ثم أضاف الزائر المشرف , الكثير من ملاحظاته هو أيضا , بحيث لم تعد تلك الوثائق يومها بمثابة وثيقة مشروع , بل كوثيقة من وثائق سياسة الحزب العامة ويجب الدفاع عنها .

   لقد أنضجت الظروف المحتدمة والمنازلات العسيرة والأيام الصعبة , أنضجت منظمات الحزب ورفاقه , وحصنتهم , وزادت من تجاربهم وخبراتهم , عبر الإطلاع على تجارب الحزب السابقة وتاريخه ومجمل تاريخ الحركة الثورية في العالم, انتصاراتها وانتكاساتها .

اليوم يطرح الحزب هذه الوثائق للجميع , لمن يريد أن يقول كلمته , عساها تكون نافعة في أن يكون للحزب برنامجه ونظامه الداخلي اللذان يؤهلانه الإجابة على أسئلة الناس , والشروع للمهام الكبيرة التي تنتظره . 

   أتذكر هذه الأيام , وأنا أتطلع في جهاز الكومبيوتر , متصفحا  مشروع وثائق الحزب العلنية , بما فيها نظامه الداخلي .

   لقد شرع الحزب اليوم لبرنامجه ولنظامه الداخلي علنا , وهو لا يقول سلفا بصحة وصواب هذه الوثائق , بل ينتظر من رفاقه وأصدقاءه والناس ,أن يقولوا كلمتهم فيها , وأن يصوبوا الضعيف والخاطئ منها .

ولا أظن أن مشهدا كمشهد ذلك الرفيق مدير جلستنا, ورفيقنا المشرف ,  منتصف سبعينات القرن الماضي , سيتكرر اليوم في خلايا الحزب وهيئاته المختلفة .

    هذه الوثائق عليها أن تجتاز ثلاث عتبات قبل أن تصبح مشروعا لسياسة الحزب العامة . لقد مضت العتبة الأولى يوم ناقشت منظمات الحزب , مشروعه وبرنامجه القديم , وقدمت خلاصة أفكارها , لتخرج هذه الوثائق . واليوم يشرع الحزب في المضي صوب العتبة الثانية , في الاستماع والاستزادة من أراء الناس والأصدقاء ومنظمات الحزب , ومن ثم الأخذ بالنافع منها, يوم يشرع بعقد مؤتمره ويكون لرفيقاته ورفاقه في أجواء المؤتمر الكلمة الفصل , ليجتاز العتبة الأخيرة .

    لا أدري بالتمام لماذا خطرت في بالي تلك اللحظات , قبل أن أقول ما أظنه مفيدا في خصوص قضية الثقافة والأعلام في مشروع برنامج الحزب للمؤتمر الثامن , متجنبا الخوض في تفصيلات النظام الداخلي والبرنامج اللذان لا يسعهما الحديث هنا .

في بداية الفقرة التي تخص القطاع الثقافي , نقرأ ( إن إعادة بناء المشهد الثقافي والإبداعي عموما في الظروف الجديدة يستحث جملة من الإجراءات والمعالجات ) .

-       أرى أن الثقافة والأعلام لا يمكن اختصارها بمفردة (مشهد) , وأظن أن الجملة ستكون أكثر دلالة حين تكون هكذا ( إن إعادة بناء الواقع الثقافي والإبداعي وتطويره في مصلحة المواطن والوطن  .. الخ ).

-       أرى أن تضاف الفقرة التالية في باب الأعلام أو الثقافة ,

( اعتماد سياسة وطنية بعيدة عن المحاصصة الطائفية والسياسية والقومية في جميع هيئات الثقافة والإعلام التي تديرها الدولة كالقنوات التلفزيونية والإذاعية , ودور السينما , والعرض المسرحي , والمعارض , وغيرها ) .

-       هناك سؤال أرى فيه الوجاهة :

كيف يمكن للمثقفين والمبدعين في تثبيت التوجهات والخيارات الوطنية الكبيرة ؟

هنا علينا أن نثبت ولو باختصار الآليات التي تضمن ذلك , بما فيها التشريعات القانونية .

-       في الفقرة السادسة (القطاع الثقافي) يتحدث مشروع البرنامج عن ( رعاية حملة الثقافة ) , وهذه الجملة غير واضحة وتقبل التفسير والاجتهاد , وأظن أن هناك حاجة لتثبيت الدعوة لتوفير مستلزمات العيش الكريم والعمل والتقاعد وغيرها لجمهرة المثقفين والمبدعين ورعايتهم .

-       لم يتحدث المشروع ولو بكلمات قليلة عن العدد الكبير من المثقفين والمبدعين العراقيين خارج الوطن , ولا عن ضرورة رعاية الدولة لهم وتامين مستلزمات العيش الكريم والمساعدة لمن يرغب منهم في العودة للوطن .

-       في الفقرة السابعة(القطاع الثقافي) وردت عبارة(وتطوير المكتبات العامة ) ,

أقترح أن يكون (مكتبة عامة في كل مدينة كبيرة أو صغيرة) شعارنا في هذه الفترة من شيوع الجهل والأمية , وأن نكافح من أجل أن تكون الثقافة والفكر و جميع مصادرهما ذات تنوع ومضامين إنسانية , ولا تحصر بفكر جماعة محددة , أو فئة معينة .

-       أرى أن من واجبنا الدعوة والعمل من أجل إعادة النظر بجميع مؤسسات الثقافة والإعلام وإبعاد الطارئين عنها من اللذين ليست لديهم مؤهلات وخبرات , وأن يحل محلهم من لهم باع في الثقافة والأدب والفن , ومن يشهد لهم الوسط الثقافي بذلك , ودون الرجوع للمحاصصة المقيتة .

أخيرا لم يتبق لي ما أقوله سوى طموحي بأن هذا الاختصار في المشروع وعرضه بالشكل المختصر , مرده التسهيل على القارئ من عدم الضياع في تفصيلات , وأن للحزب تفصيلات دقيقة ومحددة في كل مرفق من مرافق البرنامج .

كل الأمنيات للشيوعيين العراقيين ولأصدقائهم ومحبي حزبهم ومناصريه, في أن يجتازوا هذا الامتحان كما عهدهم الناس في كل مرة .[/b][/size][/font]

 

 

87
القصف الكيمياوي لمقر الحزب الشيوعي العراقي – بهدنان حزيران 1988 في ذاكرة النصير فيصل عبد السادة(أبو رضيه)
نجم خطاوي

        اللحظات التي تحدثت خلالها النصيرة الشيوعية كاترين ميخائيل(سعاد) , وسط قاعة المحكمة , وجها لوجه مع الدكتاتور وأعوانه, أعادت لذاكرة الكثير من العراقيين ملامح تلك المأساة التي لم تندمل جراحها يوما . لقد كانت هذه اللحظات صعبة التصديق على الناس في يوم ما , لكنها تحققت وصدمت الناس اللذين لم تتح لهم الظروف فرصة التعرف على الحقائق والجرائم التي ارتكبت في ظل النظام المقبور . وبقدر صدمة حدث شهادة كاترين في أذهان الناس , أعادت أحاديثها صور تلك الساعات واللحظات القاسية , إلى ذاكرة العشرات من رفاقها اللذين شاركوها تلك المأساة , ولديهم بالتأكيد الكثير الكثير من الحجج والوقائع الدامغة التي توثق الحدث .

       في كتابه(مذكرات نصير - مسيرة الجمال والنضال) , الصادر عن مطبعة الخير في بغداد عام  2004 , يوثق النصير فؤاد (أبو رضيه) , لعشرات الوقائع والأحداث التي عاشها وحفرت في ذاكرته , عبر الفترة التي عاشها نصيرا في قاطع بهدنان للحزب الشيوعي العراقي .

    ولعل الجزء 43 من الفصل الرابع من هذا الكتاب , والذي خصصه فؤاد للحديث عن واحدة من الجرائم التي ارتكبت بحق الشيوعيين , وعنونه تحت اسم (قصفنا بالسلاح الكيمياوي) , لعله يرقى إلى مستوى الوثيقة والشهادة , لصدقه , ولمعايشة الكاتب الحية للحدث , ولوصفه الدقيق للوقائع , حتى يفلح في توثيق الحقائق ونقلها , ومن ثم تقريبها لذهن القراء من الناس اللذين لم يشهدوا الحدث .

     يبتدأ الكاتب حديثه موثقا لزمن الحدث

 ( في الساعة السابعة وعشر دقائق , في يوم الخامس من حزيران من عام 1987 , أي في ذكرى النكبة ) .

 ومباشرة بعد توثيقه لزمن الحدث , نراه يوثق للحدث والجرم

 ( حامت طائرتان بشكل سريع لم يتعد وقتها دقائق معدودات , قصفت مقراتنا في زيوه وبكل قوة ) .

 ومن أجل توضيح الواقعة وتوثيقها ينتقل للحديث عن الأماكن التي أصابتها قنابل الطائرات

 ( شمل القصف فصيل المكتب السياسي ومقر سريتنا سرية القاطع في وسط البنايات والقاعات ) .

    هذا التوثيق ليس من بنات خيال فؤاد , بل من الذاكرة التي يشاركه فيها المئات من رفاقه , وكانوا ضحايا وشهودا لتلك الجريمة .

 ولم يتحدث فؤاد في كتابه كثيرا في وصف لحظات القصف . إذ ربما لم تخطر في باله وهو يكتب مذكراته , أهمية توثيق تلك اللحظات . لكنه على كل حال قد قدم لنا وصفا دقيقا , رغم قصره

 ( خلفت عملية القصف دخانا كثيفا غطى المنطقة والوادي بالذات) .

     وهذه الصورة فيها الكثير من الدلالات ,  فالأنصار في تلك الأيام كانوا شهودا لحالات كثيرة من قصف طائرات ومدفعية الجيش العراقي لمقراتهم ولمواقعهم , دون أن يرافق الدخان سقوط القذائف . وقد شخص بعض الأنصار في تلك اللحظات الحرجة في موقع زيوه , أن الدخان علامة على أن القصف هذه المرة يختلف عن السابق .

    وفي النص نتعرف أيضا على عدد الأنصار في ذلك الوادي زيوه , يوم وقوع الجريمة , والذي تجاوز المائة نصير .

    ولعل من المفارقات المضحكة أن يسأل المتهم علي حسن المجيد , الشاهدة النصيرة كاترين ميخائيل , يسألها كيف عرفت بأن الطائرات كانت عراقية !!! ورغم أن كاترين قد أجابت لحظتها حسب معرفتها ومشاهداتها وكانت صادقة وبريئة , إلا أن قراءة بسيطة لكتاب فيصل عبد السادة تدلنا على أن الخطة كانت مبيتة , وقد استعان النظام يومها بالمعلومات التي كانت تصله من جواسيسه

 ( من المؤكد أن إخبارية قد وصلت بهذا الخصوص من العملاء إلى السلطة ) .

 ثم يضيف لنا دليلا أخرا

 ( عندما تم ضربنا كرم الطيارون اللذين اشتركوا في الضربة بما يسمى بأنواط الشجاعة من الدرجة الأولى التي منحت لهم بمرسوم جمهوري لقيامهم بضرب العصاة على حد تعبير النظام . وهذا يعني أن النظام كان على علم مسبق بهذا التجمع من الرفاق ) .

ثم يعرج النصير فؤاد على الجزء الأكثر مأساوية في وصفه للفاجعة , حين تعود به المخيلة للحشد الكبير من رفاقه وهم يصعدون الجبل صباحا بعد ليلة تراجيدية من الآلام والمعاناة , و بعد أن عمت العيون ونزفت الأجساد وكثرت الحروق .

 يقول فؤاد :

(أصيب الرفيق أبو فؤاد اليزيدي وكان جالسا إلى جانب رفيقه رزكار ) .

كان الكاتب (أبو رضيه) قد توجه وبعض رفاقه صعودا نحو موقع الإسناد في القمة بعد القصف , وكان الظن بأن القصف قد خلف بعض الرفاق الجرحى , ولم تدر في مخيلتهم انهم قصفوا بغاز الخردل . وهناك في موقع الإسناد وصلتهم برقية في الفجر ,  عبر جهاز اللاسلكي , من رفاقهم في الوادي , تخبرهم أن ضيوفا في طريقهم إليهم .

 ويستطرد النصير فؤاد في السرد :

( لم نكن نعرف من هم أولئك الضيوف . . و لكن تبين انهم كانوا رفاقنا بعد أصابتهم بغاز الخردل الذي أصاب أكثرهم بالعمى وبحروق في المناطق الحساسة من الجسم , منها العيون والحنجرة . الجموع الكبيرة كانت تصعد متجهة نحونا . إنها المأساة بعينها . ناس تقود ناس كما يقولون ,بعضهم جلس في متصف الطريق بسبب التعب ) .

ويفصل النصير فؤاد لتلك الساعات والأيام , ولتلك الجهود التي بذلها الأنصار القلائل اللذين لم يصبهم غاز الخردل , بسبب تواجدهم في مقر الإسناد أعلى الجبل . حيث بذلوا جهودا طيبة وكبيرة في إنقاذ رفاقهم المصابين :

 ( سارع الرفاق الأقل إصابة بجلب اللبن والحليب وتقديمه للمصابين اللذين افترشوا الأرض أو تمددوا وهم في حالة يرثى لها , بل كان الكثير منهم في وضع مزر للغاية . كانت إصابات بعضهم خطيرة , خاصة الرفاق أبو رزكار,أبو الطيب,أبو أيار , اللذين نقلوا إلى المستشفى . ثم علمنا أن الرفيق أبو فؤاد قد استشهد بسبب إصابته ... استشهد نتيجة الضربة المباشرة من الصاروخ ونتيجة استنشاقه الغاز ) .

  كان فؤاد يعلم تماما أن نواقص كثيرة سترافق كتابه , خصوصا في قضية اللغة والتعبير وغيرها , رغم الجهد الكبير الذي بذله . لكن دعونا نقول الحقيقة ونعترف لفؤاد بفضيلته في نقل بعض من صور ووقائع تلك الأيام التي خضبت بالدم والعرق والآلام . ويبقى كتابه ( مذكرات نصير - مسيرة الجمال والنضال ) الذي سيصدر للمرة الثانية بعد أيام , يبقى وثيقة لا غنى عنها , تدعم وتسند أقوال رفيقته في الحركة الأنصارية كاترين ميخائيل ( سعاد ) التي وقفت شاهدة ومتحدية لتقول الحقيقة في وجه المجرمين العتد .

المجد والخلود للشهيد أبو رزكار , الشيوعي الباسل . والعار العار لقاتلي شعبهم بأسلحة الموت المحرمة .

المجد كل المجد للشهيد أبو فؤاد , ولكل شهداء درب الحرية والعدالة .[/b][/size]

88
أدب / سباقات
« في: 20:16 20/08/2006  »

سباقات





سباق للعدو الطويل

للعدو المتوسط

والقصير

لعد النقود

للمشي والجري

والقفز

 

سباق للعداوة

وحب الزعامات

والقفز على الجدران

الناصية .

 

سباق لكمال الأجسام

واللياقة وعراك الديوك

لسرط الثريد

والكعكة اللذيذة

وسحق الآخر

للتسلق على الأكتاف

دون ذمم .

 

سباق للقدم والطائرة

والسلة واليد

لمن يتقن التهديف

والكبس

وبأي طريقة

لا يهم هذا كثيرا .

 

سباق للشاحنات الكبيرة

والصغيرة

للسيارات والدراجات

للطائرات والزوارق

للوصول

صوب الرفاهة والسعادة

والقمة الشاهقة

هناك حيث الياقوت والماس

والفضة النادرة .

 

سباق للخيول والقطط

للأرانب والكلاب

للحمير والبقر

شريعة الغاب

والبقاء للأقوى

هنا لا مكان للعادي

والغلبة للممتاز .

 

سباق لليانصيب

للقمار

لكيف تبادل وزنك

بالذهب

ولكيف تصبح مليونيرا

في خمسة دقائق

في دهاليز وكهوف السياسة .

 

سباق للكناغر التي تتقن القفز

والوعول السريعة جدا

سباق على المناصب

على المراتب

العليا منها والدنيا

سباق على كرسي المدير

ونائب المدير

ونائب نائب المدير

ومدير التشريفات

وفراشي المدير

ورجال حمايته .

 

سباق للمداحين والطبالين

للنهازين

لتجار الحروب

وهازي الأكتاف

لمن يتقن الردح والرقص

ونظم القصائد الرديئة

للنميمة والحقد والضغائن

للكره والذبح

للسحق والقتل

للقدرة على الانحطاط

والحقارة

لتقمص الأخر

للسب والشتم

والرغبة على

السفالة .

 

لا أرض دون سباق

والسماء مجللة بالسباق

والبحر جروه للعبة

أيضا

ليس من خيار آخر

سألجأ للغابة الكبيرة

سأحضر سباقات النمل

في تشيد البيوت الصغيرة الدافئة .


 


 
نجم خطاوي




89

قصائد للشاعر السويدي
BENGT BERG
 


إعداد وترجمة نجم خطاوي
 


1

نمضي , للعالم
العجيب المخلوق من تراب وريح

المنتظر هناك كرغيف خبز حار

هكذا أذهب لملاقاة كل هؤلاء الناس

حفاظ الحياة ومخضري العشب

هناك في الهواء الطلق

الذي يشبعنا بالأحلام  والآثار




2

أفكر في أمي

بنت بلد كانت

وهي تسير بنعليها

 

يداها كانتا أحجار ماس طفولتي

في أعماق الأولى : فرح

في الثانية حزن

لم يفارقها أبدا

 

أمي علمتني أن أميز بين الليل

والنهار : وأن أمضي صوب ما أريد

 

 

3

على الريح أن تصمت

أظن ذلك

 

ترى الريح

أن أصمت أنا

وأكف عن طلبي

 

كأخوين

نمضي عبر النهار

 

 

4

عن الحذاء,العالم,والأحلام


قرب عتبة الدار هناك حذاء

في الخارج هناك العالم

ما الذي تنتظر ؟

 

إن لم تخرج للعالم

سيأتي هو ليأخذك

 

أنت في حاجة للحذاء

والعالم في حاجة لك

 

قل صوتك كل يوم

وليس كل أربعة أعوام

 

كل شئ تغير , لا شئ

والغد سيكون

كما اليوم

 

(( لست فقط هناك حيث يوجد حذاؤك

بل هناك حيث توجد أحلامك ))

كتب مرة إيفار لو – يوهانسون

 

كل يوم جديد ,

تحت جفون الفجر

هناك حيث الأحلام تدعوك

لاقتناء ذلك الحذاء البالي

عليك الاختيار

وليس من خيار آخر

 


5

سنمضي أميال طويلة

في سيارة السعد الحمراء

وما دام لدينا وقود يكفي

سنسير حتى نهاية الدنيا

 

 

6

كل ما تبقى في حلبة الرقص

صباح يوم الأحد :

نصف قنينة CHAMPIS

ورقصة فالس

لم تكتمل بعد

 

 

7

بودابست
 

بودابست

‘‘ في الحروب الكبيرة

وقفنا دائما مع الجهة الخطأ .... ‘‘

تفوه هكذا بيتر

في القبو السفلي

لحانة الدبين

 

بعدها عرفنا

بصاحبه

بطل شرب البيرة ,

العريف :

سبعة عشر لترا

في مساء واحد  !

 

هل من مزيد ؟

 

في ركن الشارع

يباع الفجل الأحمر والأبيض

متحف الخنازير ,- البقر –

و قسم الدواجن الزراعي

باعة الرصيف في KOSSUTH LU

لا نطق بالهنغارية

سوى : TOKAJEN

 

 

8

غرفة الصف
 

يمضي النهار , لكنه يبقى

يعيش أبدا

كالذكرى

منذ لحظات

لم تكن القصائد موجودة

تلك التي كتبتها منذ لحظات !

بعد برهة سيرن الجرس ,

ساحة المدرسة تنتظر ,

الحياة تنتظر ,

الجميع ينتظر –

لا داع للعجلة

ستلحق , للتو بدأ الدرس

 

 

9

كرة قدم

 

بعد انتهاء المباراة

تبتدأ مباراة أخرى

 

الربع يتعاركون حول المباراة

 

و يحل الليل , يجف دم الأنوف

وتحت السرير كرة أعشاب خضراء

 

 

10

جغرافيا

 

رومانيا لا تقع في مقاطعة VARMLAND

رومانيا تقع في رومانيا

لكن مدينة TORSBY موجودة في VARMLAND

 

في بيت أحمر

في ضواحي TORSB

هناك أطلس للخرائط

فيه تقع رومانيا

رومانيا تقع في TORSBY

وليس في VARMLAND

ما كنت مرة هناك في رومانيا

لكني ولدت في TORSBY

وقبور أجدادي هناك

وما شاهدت رومانيا مرة

العام القادم ستكون

 إجازتي الصيفية هناك

في ja…,SICILIEN, ربما

أو في FLISA

من يدري

 

 

11

ابنتاي تتعلمان لعبة المطر

تتطلعان صوب منبع القوس قزح

ثم تشرعان في الغناء ,

مقدمة في صوت هامس

ثم تمدان أياديهن

واحدة صوب الأخرى

وبطيئا تسيران على الأصابع

بعد هنيهة

يحيطهما المطر مستجيبا

وشئ ما يحدث

 

كل شئ بسيط جدا وضروري :

نغم هارموني بين الشفاه

التي تجيد الغناء

والعيون التي ترى

 

 

12

البداية كانت علاقة عابرة

اضطجعت باسمة للشمس

ثم لاحت الغيم

وصار الأخضر أرجوحة

معلقة بين الشمس والقمر


 

BENGT BERG
شاعر سويدي من مواليد 1946 , مدينة  TORSBYالسويدية المحاذية للحدود النرويجية .
احتفل قبل مدة بمرور 25 عاما عل بداية مشروعه الثقافي والأدبي كشاعر .
أصدر أكثر من ثلاثين نتاجا أدبيا أغلبها مجموعات شعرية .
يدير صالون أدبي وهو ملتقى للأدباء والفنانين .
يساري الفكر ومن المهتمين في قضايا الفكر والحرية والسياسة .

[/font] [/b]

90
المنبر الحر / عشاء الطائي الأخير
« في: 01:01 09/02/2006  »
عشاء الطائي الأخير
نجم خطاوي
في ذكرى الشهيد باسل كاظم الطائي ( أبو تغريد ) ورفقته الخالدين

سأحكي لولدي عن قصة ذلك الفتى

 الذي حلم يوما بالعراق الجميل

 الذي تسوده العدالة .

سأحكي للناس

 عن البسالة والهمم .

وسنكمل الطريق ,

 وهو أجمل الوفاء

     مضيت كل تشرين الثاني وسط أهلي وأصدقائي , وحانت لحظة عودتي إلى بلد الصقيع السويد ثانية . الطريق من مدينتي الكوت , وحتى أربيل , طويلة وشاقة , تجوفها بعض المخاطر . في بعض المرات كان أخي يسوق السيارة بشكل يوحي لي وللصديق الذي زاملنا السفرة وكأن سيارتنا ستتحول إلى طائرة , وكان يعلق ساخرا في كل مرة , كون الدافع هو الضرورة الأمنية , وعلي بكل تواضع تفهم هذا الأمر , باعتباري قد خضت تجربة الكفاح المسلح , واقدر هذه الحالات .

      شمس الأول من كانون الثاني حارقة ولذيذة وهي تبسط حرارتها وسط برودة الصباح الذي اكتسى بضباب سميك حجب الرؤية .

    مررنا بمدن الدبوني والعزيزية والصويرة وبغداد والخالص وطوز خورماتا وكركوك واقتربنا من مشارف أربيل .

       قلت لأخي وصديقه , بأني أنوي الذهاب مباشرة بعد وصول مدينة أربيل لزيارة أصدقائي ورفاقي اللذين تضم رفاتهم مقبرة شهداء الحزب الشيوعي العراقي القريبة من مدخل المدينة , وخيرتهم في رفقتي , وتحمسوا لذلك .

   وصلنا المكان , وهو لا يبعد طويلا عن نقطة السيطرة العسكرية الكبيرة القريبة من مدينة اربيل , والتي أهاجت عصبية أخي وصديقه , بسبب شدة إجراءاتهم الأمنية ومعاملتهم الخشنة , والتي كادت أن تحرم أخي وصاحبه من دخول المدينة , لولا حديثي معهم باللغة الكردية التي تعلمتها في الجبال في حركة الأنصار, ومن ثم ترحيبهم بنا واعتذارهم  .

      لم تكن المقبرة كبيرة , ولكنها كانت مرتبة ومهيبة , وتشعر بذلك منذ اللحظة التي تطالع فيها أسماء الشهداء المنقوشة على الحجر, والقبر الذي بني حديثا للقائد الأنصاري البطل وضاح عبد الأمير ( سعدون ) , الذي استشهد قبل عام من اليوم في نفس الطريق التي سلكناها اليوم في رحلتنا , وفي نفس المكان الذي كان آخي يقود السيارة فيه بشكل جنوني .

         كان أخي وصديقه يقرأن الأسماء وبصوت عال وكأنهم يريدون سماع الصدى الذي تتركه قراءتهم على مسامعي , وكنت حينها أعصر الألم في داخلي محاولا كبت الدموع .

باسل كاظم الطائي ( أبو تغريد )

وقفت  قرب المكان متطلعا في الحجر الرمادي وخطوطه السوداء والحروف التي خطت بعناية .

قال صديق أخي :

هل تعرفه ؟

قلت : نعم كان رفيقي في حركة الأنصار , وكنت حاضرا في المنطقة , ليس بعيدا عن مكان استشهاده .

وسرحت بعيد في الذاكرة .....

      في تشرين الثاني 1982 شاهدته وتعرفت به في مناطق بشت ئاشان المحاذية للحدود العراقية الإيرانية , وكانت يومها أماكن خلفية لقيادة الحزب الشيوعي العراقي . والذين تعرفهم في خلايا الكفاح الثوري يكون لهم في كل مرة وقع وتأثير في الضمير والذاكرة .

     وفي هذا الشهر بالذات , تشرين الثاني 1982 كنت قد وصلت وادي ( بشت ئاشان ) , بعد مسيرة طويلة وشاقة تجاوزت الشهر , عبرنا فيها عشرات الأنهار والوديان والجبال والحدود والغابات والطرق الجبلية وشوارع الإسفلت وخط نفط كركوك ومفارز الجيش التركي و ربايا الجيش العراقي وكمائن المرتزقة الجحوش . وكان ما جلبناه لرفاقنا على البغال العملاقة في ذلك الشتاء القارس من سلاح ومال ودواء وكتب وغيرها , وهي هدايا لا تقدر يومه بثمن , معينا لنا على الصبر والتحمل في تلك المسيرة المضنية .

    في الوادي ( بشت ئاشان ) لم أمكث سوى يومين في موقع لأحد الفصائل يجاور المستشفى الصغيرة ( الطبابة ) .

في اليوم الثالث شددت رحلي برفقة أحد الرفاق صاعدا التلة التي تفصل بين وادي( بشت ئاشان) ووادي ( بولي ) الصغير .

     في هذا الموقع الجديد استقبلوني بفرح ومودة ورفقة , وكان معهم الشهيد باسل ( أبو تغريد ) . والذي جذبني فيه اسمه الذي لا يخلوا من رومانسية , وخمنت يومها , لعله لا زال يحتفظ بذكرى الفتاة التي أرغم على مفارقتها , فسمى نفسه هكذا حبا بها .
وبعد مرور سنوات طويلة , وبالذات حين فقدنا ( أبو تغريد ) ورفاقه في سهل اربيل , وفي قرية ( هيله وه ) عام 1987 , وفي معركة غير متكافئة مع هليكوبترات وأوغاد صدام , عرفت بعد أن كتب الرفاق اسمه علنا ( باسل ) أن اسمه الحقيقي يليق بشخصيته الباسلة , وباتخاذه طريق البسالة في درب الشيوعية .

وهذا الإنسان الطيب والشهم كان طائيا أيضا , بالمعنى الذي ارتبط به الاسم , واقصد الكرم . فرغم أن جميع الأنصار هناك كانوا دراويشا لا يملكون سوى المبلغ البسيط الذي يعطيه الحزب في كل شهر , وهو لا يكفي لشراء السجائر , وهو مثلنا تماما , لكنه كان يدعونا في كل ليلة في ضيافته وتناول الطعام الذي يطبخه بنفسه ............

قرأ آخي وصديقه الأسماء جميعا بعد أن مروا بقبور الشهداء جميعا , وكانت قسمات وجهيهما توحي بالحزن والألم وعدم الضيق مما أعطاني فرصة أن امضي طويلا في إثارة الذاكرة الطرية , ومضيت ......

      في تلك الأيام الشتوية القاسية من عامي  1982 , و 1983 , وفي منطقة ( بولي ) تعرفت به , وكان المكان يضم فصيلا شيوعيا متقدما لحماية الرفاق في وادي ( بشت ئاشان ) .

    ولم يمض على وجودي هناك يومين , حيث كلفوني بمهمة مساعد الخباز , وكان رئيسي في المهمة الخباز الشهيد ( أبو تغريد ) الذي دلني على الطست الكبيرة ومكان الملح والمقادير وكيفية غلي الماء , وكل التفاصيل . وعجنت الطحين في ذلك اليوم الشتائي الذي غطت ثلوجه أطراف الوادي وقمم جبال قنديل العالية , وخبزناه سوية وسط الأحاديث والضحك  .
وصرت واحدا منهم يوم أكلت وجبة العشاء الأولى وكانت عدسا لذيذا زاد من لذته الخبز الحار الذي عجنته كفي وخبزته يد ( أبو تغريد ) بعناية العارف .

    وسيم الطلعة , متوسط القامة  , من مواليد 1957 ومن مدينة الحلة , تغطي وجهه لحية طويلة تميل إلى الصفرة يعلوها شارب طويل غطى شفته العليا . وكانت هذه المعالم تضيف له طيبة ووقارا وهو يمضي بفكاهته اللذيذة وتعليقاته الساخرة , وكانت لديه قدرة هائلة على كبت الألم وتحويل الحزن إلى ما يشبه الفكاهة , وهذه قدرة فائقة لا يجيدها أيا كان . 

   وودعنا المقبرة والشهداء متجهين للمدينة . وفي فندق المدينة ليلا قصصت لهم حكاية كرم الشيوعي باسل كاظم الصفار ( أبو تغريد ) ......

     اعتدنا تناول اللبن أو العدس صباحا كوجبة فطور , وفي الظهر تكون الوجبة عادة فاصوليا مع الرز , وفي العشاء يتبادل العدس مكانه مع اللبن , فحين يكون صباحا يكون العدس مساء , وهكذا . وليالي الشتاء طويلة ومملة ونحن ننحشر في غرفة طينية كبيرة ضمتنا , وكانت شبيهة بعراق مصغر, ضمت اكثر من عشرين رفيقا ومن مدن العراق جميعها تقريبا .
في هذه الأجواء الكئيبة ابتكر الفكاهي الطيب صاحب الطرفة اللاذعة والتعليق الساخر ( أبو تغريد ) طريقة جديدة لنسيان الهم ومقاومة العوز والحرمان , وقد استحسنا جميعا تلك الفكاهة .

   في المساء يخيم الظلام على سفح الجبل وعلى فصيلنا ( بولي ) , وتشعل الفوانيس وتعلق وسط الغرف الطينية , ونظل نحن جالسين في أماكننا نتبادل الأحاديث والتدخين وشرب الشاي , والمدفأة الخشبية تتقد نيرانها مشيعة الدفء والراحة .
قبل الخلود للنوم يبدأ ( أبو تغريد ) أداء المشهد الذي يكون خاتمة السهرة قبل النوم , والمشهد عبارة عن طبق طعام يختاره هو بنفسه في كل ليلة , معلنا عن اسمه , ثم يبدأ تهيئة مواده وتحضيرها , شارعا في إعداد الوجبة  وبكل حنكة الطباخ .
كنا نحن نصغي بصمت حتى انتهاء الوجبة , أحيانا لا يتمالك أحدنا نفسه ساخرا ببعض الكلمات ( ولك مو موتتنا من الجوع ) , ( كافي شبعنا ) , ( سأقترح على الإداري أن تكون الوجبة القادمة كهذه الطبخة ) , وغيرها من التعليقات .

    ومضت الأيام , وصعدنا جبل قنديل بثلوجه وطرقه المخيفة في تلك الأيام العجاف من عام 1983 , وبعد أحداث ( بشت ئاشان ) التي تركت ألما في ضمائر الشيوعيين الذين عاشوا أحداثها ومآسيها . ثم التقيت بالشهيد في منطقة ( بارزان ) في نفس العام 1983 بعد أن حللنا هناك لنكون النواتات الجديدة لإعادة تأسيس قاطع أربيل .
وكان كما عهدناه , نفس الابتسامة , ونفس السخرية الطريفة , ونفس الطيبة والبساطة , والسيجارة لا تفارق يده النحيفة . 

   بدأ الليل يهبط على مدينة اربيل وخلت الشوارع من المارة ولكن نافورة الماء أمام مبنى المحافظة ظلت ترش ماءها , كنت الحظها عبر نافذة شباك غرفة الفندق , ونام أخي وصديقه , وظللت وحدي في حلمي وسط بحر الذاكرة .

  وسط سهل أربيل نشطت ثلاث سرايا شيوعية جسورة ( قه ره جوغ , أربيل , به رانتي ) , قامت بعمليات عسكرية كبيرة , ونشاطات جماهيرية .

وقد احتفت هذه السرايا بمقدم بعض المقاتلين من قواطع أخرى , ومن ضمنهم ( أبو تغريد ) الذي نسب للعمل في سرية الشهيد عباس ( اربيل ) .

    وفرحنا بمقدمه واستذكرنا طرفه وحكاياته الجميلة ودعاباته , وكان كما هو , نفس الثقة بالنفس , ونفس الابتسامة .

 وقد أحبه الأنصار الشيوعيين الكرد , وتعززت علاقته الطيبة بهم , رغم أن اغلبهم أبناء مزارعين ورعاة , وهو الشاب القادم من الدراسة في المعهد الفني في بغداد , ومن سكان مدينة الحلة .

    كان يجهد للحديث معهم بالكردية , محاولا إتقانها . يتذكره الجميع والرشاش الأسود يتدلى من على كتفه .

وقد شارك في الكثير من المهمات الأنصارية العسكرية , وفي مهمات نضالية كثيرة , وبكل شجاعة وإقدام .

   في الأيام الأخيرة التي سبقت استشهاده عام 1987 ورفاقه في تلك المعركة الفاجعة , التقينا في مقر سريته ( عباس ) ,  مستذكرين أيام ( بولي ) ووجبات العشاء التي كان يطعمنا إياها , وحدثنا في سخرية في تلك الليلة وأنصتنا سوية , وكان هذا العشاء الأخير الذي يطعما به ( الباسل أبو تغريد الطائي ) .

      على تراب هذه القرية ( هيله وه ) الممتدة على سهل أربيل فقدنا أحبة لنا في المعركة الباسلة المسماة باسم القرية ( هيله وه ) في الثالث عشر من تشرين الثاني 1968 , وهم (( علي نذير أحمد(عادل),عثمان خضر كاكيل(سه ركوت),هيرش مجيد(سمكو),ممتاز محمد إبراهيم(بيشرو) )) ,وبعد قرابة العام وليس بعيدا عن مكان المعركة الباسلة هذه فقدنا العزيز الشهيد باسل كاظم الطائي ( أبو تغريد ) مع كوكبة من الشهداء, الدكتور سعيد ( هاني دنحا داود , أزاد , وبقية رفاقهم الخالدين ) .

   في هذه المعركة الغير متكافئة تخسر الحركة الأنصارية والحزب الشيوعي العراقي , والشعب العراقي ابنا بارا وشهما ستخلده الأيام , وسيكون مفخرة لمدينته الحلة , وللعراق كله . لقد كافح واستشهد في أبسل حركة شيوعية مقدامة ووطنية قاومت اعتي دكتاتوريات المنطقة , وفي زمن نحس ولئيم .

المجد والخلود لك يا باسل ...
ستظل راية الشيوعية خفاقة في الوطن .
ولن تكون الدماء رخيصة يوما يا باسل .

السويد
8/2/2006[/b][/size][/font]


91
أدب / في ليلة صيف
« في: 02:20 05/10/2005  »
في ليلة صيف

نجم خطاوي


في الأعالي
في ليلة صيف قمرية
غفوت
مسترخيا
على قمة جبلي
وكان (حرير)
كالحرير
جسده الدافئ
ناعما
وبريئا
وسادتي
بعض حجرات
وسريري
 تراب الجبل
.....
في الأعالي
بدت النجوم
براقة
وهي ترسل لي
 شعاعها الفضي
والقمر
غارقا في حمرته
يضئ القمة
هابطا
كالعافية
صوب السفح

.....

ليس بعيدا
ينحدر الوادي
ضيقا متدحرجا
هناك
خلف الجبل
في غابة البلوط
الكثيفة
فوق البحيرة البيضاء
هبط الليل ثقيلا
بعباءته السوداء
يجرجر أسراره
التي لا تنتهي

.....

في تلك الليلة
تدلت زرقة السماء
فأصطبغ العشب
بالأزرق
والأخضر
والجبل
بدا
اكثر هيبة
ووداعة


السويد
في الثالث من تشرين الأول 2005
[/font[/size]]



92
وداعا حسن ناصر علكة
نجم خطاوي       

   في منتصف سبعينات القرن الماضي , وبالتحديد في عام  1975 , قدمت  مدينة الموصل , بعد أن قبلوني طالبا في جامعتها . في هذه المدينة الشمالية الطيبة , قضيت أعوامي الثلاثة طالبا في كلية الإدارة والاقتصاد . ولم يمنحني الأوغاد فرصة إكمال دراستي , وتركتها فارا من كلاب أمنهم ومطارداتهم .
   في هذه المدينة تعرفت على الكثير من الطيبين والثوريين اللذين جمعتهم اخوة التلاحم والمصير المشترك , وسط صفوف الحزب الشيوعي العراقي .
   كليتناالإدارة والاقتصاد لم تكن قريبة من كليات الجامعة الأخرى , والتي ضمتها بنايات كبيرة وكثيرة وكانوا يسمونها ( المجموعة ) , وبسبب هذا البعد , فقد حرمنا من التواصل مع بقية زملاؤنا الطلبة الدارسين في الكليات الأخرى . لكن النشاطات الكثيرة , والفعاليات ,  والسفرات , لمنظمات الحزب الشيوعي العراقي في الكليات المختلفة , جعلتنا نتعارف , ونتبادل الأحاديث , والحوارات , والأحلام .
   في هذا الجو الطلابي المشحون بالعواصف , والمتوتر , والحيوي في وقت واحد , تعرفت على الثوري الطيب, والشيوعي الشهم والبسيط ,  حسن ناصر, القادم من قرية ( عمركان ) , وهي إحدى القرى التابعة لناحية  الحمدانية ( قره قوش-بخديدا ) في محافظة الموصل .
   في وسط الشيوعيين العراقيين لا يسأل بعضنا الآخر (من أي المذاهب أنت) ؟ أو (ما هي ديانتك وعشيرتك) ؟ فالناس في هذا السفر الثوري , توحدهم روح التضحية في سبيل الجميع , ومن أجل الوطن الذي هو وطن الجميع . وأظن أن هذه التقاليد كانت راسخة في مجتمعنا , قبل أن تغزوه أفكار التطرف , والتعنصر , والتحزب الضيق , والطائفية , والعشيرة , وغيرها .
   ولهذا فلم أكن أعرف أن الشهيد حسن هو من طائفة الشبك أيام تعارفي به في الجامعة , فلم يكن بالحسبان معرفة ما يميزه عنا جميعا . لقد كان واحدا منا , كما كنا مكملين له .
   في أيام الكفاح الثوري ضد النظام المقبور فقدت صديقا طيبا, وشهما , في واحدة من المعارك الخالدة , والأسطورية , للبيش مه ركه الشيوعيين , في سهل مدينة اربيل ( معركة هيه لوه ) , وهذا البطل الذي تخضب بدمه وعلى بعد بضعة أمتار من موقعي ( عادل – نذير ) , كان أيضا من الشبك , والتحق بقوات البيش مه ركه , مقاتلا في صفوف الحزب الشيوعي العراقي .
  لم أكن قد تعرفت على الشهيد حسن ناصر كثيرا , رغم آني قد شاهدته بعض المرات في الخان الكبيرة ( الباستيل ) , وهي دار كبيرة , كانت مقرا لمنظمة الحزب في الموصل قبل أن يتركوها ليسكنها طلبة الجامعة الشيوعيين القادمين من المدن المختلفة , واشتراكي معه وطلبة شيوعيون آخرون في سفرات طلابية , ونشاطات أخرى .
   في المنافي تابعت أخبار أصدقائي ومعارفي والطيبين . ويومها علمت بمغادرة حسن مدينة الموصل عام 1979 , تاركا الدراسة فيها , بسبب ملاحقتهم له . وكان يومها طالبا في الصف المنتهي لكلية العلوم  - قسم الجيولوجيا . ثم علمت بمقدمه والعائلة إلى السويد في عام 2005  .
   وكنت أتابع أخباره عن طريق الصديق الطيب ( خوشناو ) , وهو أيضا صديقه وزميله أيام الدراسة , وكان قد حل عليه ضيفا يوم قدومه من النرويج إلى مدينة ستوكهولم لتكملة معاملة جواز السفر .
   ولم يكن بعيدا عن الشيوعية والحزب الشيوعي العراقي , رغم ابتعاده عن التنظيم الحزبي , وتشهد على هذه الحقيقة كتاباته وقصائده , التي كان ينشرها في موقع ( تلسقف ) , وفي غيره من المواقع , وقد عبر صراحة لبعض القريبين له , عن نيته التقرب اكثر من الحزب الشيوعي , والتفكير في العودة لصفوفه .
   كان الشهيد حسن يفكر كثيرا في قضية العودة وترك المنافي , متحرقا لتلك الهضاب والمدن التي ضمت صباه وأحلامه الجميلة .
   وبعد أسبوع من عودته إلى بغداد , وبالتحديد في يوم الثامن عشر من أيلول , وفي منطقة (الدجيل) شمال بغداد , يرحل العراقي الطيب والثوري الجريء حسن , مخضبا بدمه , سوية مع أخيه الشهيد فارس ناصر حسن ( عضو الجمعية الوطنية ) , وشهيدين آخرين .
   لقد عجزت وتحيرت , ولربما تحير البعض مثلي , في أن نجد جوابا للسبب الذي دفعهم لقتل هذا القادم من ريف الشبك في  الموصل, والذي منح حياته في سبيل الجميع دون أن يتحيز لطائفة ضد أخرى, والحالم في وطن عراقي جميل يعيش فيه الجميع متساوون .
   لقد جازوه خيرا على كل تلك التضحيات والأوجاع والمآسي التي تكبدها في سبيل حرية العراق وسعادة الناس .
سيظل رفاقك , من الشيوعيين والطيبين , أوفياء لك , ذاكرين لك هذا السفر النضالي ...
سنظل نكرر أشعارك , مستذكرين عشقك للحرية والشمس .
ألست ذلك الذي قال :( داعيا للتصويت لقائمة الحزب الشيوعي العراقي )

(أمنح صوتي للشمس

أمنح صوتي

   للعابرين بالوطن

دهاليز العتمة والحزن

إلى شرفات

الضوء

والأمل
أمنح صوتي

للشمس

ولعشاق الشمس)
السويد
في العشرين من أيلول عام 2005 [/b] [/size] [/font]

93
أدب / هذا الجسر
« في: 04:49 22/09/2005  »
هذا الجسر



نجم خطاوي



هذا الجسر

جسري

أعرفه

فوق رصيفه

مشت قدماي

متعبة

 قبل ثلاث

 وثلاثين

عاما


ومثل خفة الحمامة

تنقلت راحتاي

على سياجه

الحديدي

وبين زحام الزائرين

عويل المركبات

قيظ المدينة

 أضعت يوما

وجهي

ثم لقيته

 ثانية

يلمع كالضوء

في ذهول الغريب

على سطح

ماء بلوره

الأزرق

 

هذا الجسر جسري

وسط قدور الطعام

الكبيرة

وحشر الفتية

والضجة

جئته

زائرا

قبل ثلاث

وثلاثين

عاما

تحملني

 سيارة حمل لوري

حمراء كبيرة

وسط( قمارتها)

رفرفت راية

سوداء

كبيرة

(( هذا موكب عزاء

 أهالي الكوت  ))

 

هنا

قبل ثلاث

وثلاثين

عاما

لطمت صدري

حزينا

مستذكرا

كاظم الغيض

والزنازين

شاتما

جور هارون

وكل الطغاة

حالما بالعدالة

والوطن الجميل
 

هذا الجسر

جسري

وهذا الماء

نبع روحي

دجلة نهري

قرب ضفتيه

أحضن اليوم

أهلي

مجللين بالموت

والسواد

وسط التوابيت

والصمت

وحنظل الأسئلة

 


السويد

في 13-9-2005



94
أدب / توشبي وقصائد أخرى
« في: 05:16 05/07/2005  »
توشبي وقصائد أخرى



 

                       نجم خطاوي
 

توشبي  TORSBY

 

منتصف الليل

سينما النجمة

 أقفلت أبوابها

بعض سكارى

ظلوا يثرثرون كالديكة

أمام بابها الكبيرة

 

الفتية المراهقون

          يصخبون

يشتمون ويقهقهون

من بعيد

 تتعالى صرخاتهم

موقظة العجائز

سيارات الأمريكان

      الفارهة القديمة

               تمرق كالجنيات

عبر نوافذها المفتوحة

           تتدلى سيقانهم

 

لا شارع سوى

 شارع السكة

وشارع السكة

 يعني المدينة

فوق اسفلته

 الأسود اللماع

وجدها الصبية

والمراهقات

لعبة مفضلة

لاستعراض الروز رايز

           والشوفرليت

والقدرة

على الصراخ والثرثرة

 

صديق
 

طيب كنشوة الفرح

واضح كالنهارات

صوته يشبهنا

نحن خلق الله

ومثل كل الدروايش

ظل يحلم

بالمدينة الفاضلة

والعدالة

ومنذ الليالي

التي مضت

علمته الفيافي

شارات  نيرانها

وابتداء الطريق

آه كم طيب

وجميل

هذا الصديق

 

القاتل والمقتول

القاتل جبان

رغم ادعاء الشجاعة

 

القاتل مكشوف

فحين تخفيه

عتمة الليل

يفضحه

وميض الرصاصة

 

وفي لحظة القتل

يتساوى القاتل

    والمقتول

الأول

 ينزف حقدا

والثاني

ينزف دما

 

أبي
 

وتقابلنا بعد

ربع قرن

      وبكى

         وبكيت

ومثله فعلت أمي

والشارع والجيران

ونخلات البيت

    ومكثت زمانا

ثم حزمت متاعي

    ونويت

قال :

اعلم هذا

ستعود كما أتيت

وعدت كما قال

وظللت أمني روحي

بلقاء آخر

واستعصى الأمر

     وبرقعني المنفى

           وبقيت

   بارد وقاس

تشرين الثاني

ولا من عودة

        للفتى

وظل آبي

معذبا في انتظاري

ربما سيعود

ربما لن يعود

وحل الملل

وغادرني

للأرض

ولا غرابة

لعامل الطين القديم

أن يعود ثانية للتراب

وداعا لأبى الطيب

 

 

 

السويد

في الرابع من تموز 2005

               

95
عن الفتىالواسطي وقصائد أخرى
  [/b]


             نجم خطاوي


قدم
(1)

 دلني يا ليل الشمال

على واحة

أريح على عشبها

قدمي المتعبة .

 

(2)

 

في ليالي الشتاء

في القرية القطبية

المكللة بالعتمة

الغاطة في الوحشة

وحين توجعني قدمي

امرر كفي

 فوق مكان الرصاصات

امسدها

معيدا ذلك الزمان البهي

وتلك الفتوة الجامحة

 

في تلك الليلة الدامية

أواخر أيلول

انتظرنا غياب القمر

وكنا على موعد للقاء العراق

 

الحدود عصية

على ساترها

تمددوا كالأفاعي

مدججين بالبنادق

والزقوم

رائحة الموت

ضاعت في الظلمة

والمباغتة

 

الرصاصات غادرة  يا بهاء

والجنود أجلاف

لم يمهلوا  نمير

إتمام مواله

ولا سلمان

لقاء قوشه

 

 

في ليالي الشتاء

امسد موضع الرصاصات

فوق قدمي

ثلاث وعشرون عاما

ودماء النزيف

حارة وحمراء

 

 

لابد لي

 

لابد لي من فعل ما

إذ كيف لي

أن أكون غير مكترثا

بهذه الشمس المهيبة

وأنا أعوم

كقارب ورقي

فوق أشعتها الفضية

الخارقة

 

وبهذه الريح الشفافة

الناعسة

وهي تلامس

خصلات شعر رأسي

 

لا يمكن

أن أدير ظهري

لتلك العصافير الصغيرة

وهي توقظني كل صباح

بالأغاني والحكمة

 

وبهذا الليلك الملائكي

يرسل لي عطره الأنثوي

بدون مكاتيب

 

كيف لي

أن أطيل لااباليتي

بكل هذه السماء

المتجملة بالأزرق

وهي تدعوني

لعرس غيومها المخملي

 

لا بد لي

أن أقول شيئا

أن أرد الجميل

لهذا المطر الصيفي

المكلل بالطيبة

وهو يعزف

 فوق شباك نافذتي

يدعوني لصداقته

 

لا يمكنني

أن أكون غبر مباليا

 

 

جنون
 

الجنون

كل الجنون

حين تظن

إن الشجرة لا تنطق

وان الصمت

مجرد سكون

 

 

فوق السرير

 

فوق السرير الخشبي القديم

يضطجع

محنطا كالصنم

 

منتصف الليل

الكنائس أقفلت أبوابها

والمدينة  ضائعة في الرتابة

بليدة وصامتة

جدران الغرفة

وسقفها الحليبي

 

في الخارج

وحدها حبات المطر

تتكسر نقية كالدمع

فوق شباك نافذته

 

 

عن الفتى الواسطي
 

 
 

 

تدثر بأشعارك النازفة

   والقصص الباسلة

ودع لهم

   دفاتر شيكاتهم

               وأنخابهم

              والمخدات الذهب

 

تجمل بالبراءة

   والياسمين

    والقحط

ودع لهم الشيطنة

   والمارسيدسات

       ولعبة السمسرة

 

 

تسلى بتعويذة الدراويش

وارفع صليبك

  في عتمة الليل

المساءات ملكك

   والنجوم مصابيحك

فلا تبتئس

وسر في الدروب القديمة

سيحرسك الياسمين

 

تجرع سم

 ليل المنافي

  واحتفي بالأنين

  ودع لهم المناصب

     والحقائب

           والجاه

           والأبهة

 

سر شمالا

   جنوبا

   أينما شئت

لك الغرب كله

لك الشرق

ومتسع الأمكنة

لك صمت السماوات

  التي علمتك الذهول

     وحيرة الأسئلة

 

عصية عتيدة

 ومخيفة

    هي الريح

 فلا تخف يا صاحبي

 والزم مكانك

 لك الأرض مسندا

   والجذور

والنية  الناحلة

 

 

السويد

في الخامس عشر

من حزيران 2005

 

 

صفحات: [1]