حزب أبناء النهرين يعقد إجتماعا موسعا ويصدر بلاغا:
--------------------------------- توقف ... بحث ... ناقش ... ودعى
=====================
للحق أقول عندما بدأت بقراءة عنوان الموضوع أعلاه (حزب أبناء النهرين يعقد إجتماعا موسعا ويصدر بلاغا) في موقع عنكاوة الألكتروني (أنظر الرابط أدناه)، فللوهلة الأولى أستبشرت خيراً لأنه كان إجتماع موسع وقد يكون بصدد إتخاذ قرارات مهمة تخص شعبنا طالما هو إجتماع موسع، يعني مهم ، فكانت قرائتي لعنوان الإجتماع الموسع وصدور بلاغ عنه ممزوجاً بنوع من الفرحة والتفائل نابعاً من التمنيات والأحلام التي طال إنتظارها ولم تتحقق، ولكن مهما كانت الظروف الصعبة والمزرية التي تحيط بنا كأمة تترنح بين العواصف الهوجاءة، فالتمنيات ستبقى وتبقى لإستمرار الحياة بأمل أن تتحق يوما ما. ولكن عندما اكملتُ قراءة البلاغ أصابني نوع من اليأس والقنوط وإستمرار تناقص مصداقية أحزابنا السياسية تجاه المسائل القومية الحقيقة والمنطقية والممكن تحقيقها بحدها الأدنى والركض وراء غير الممكن المسطر في السطور التي لا تسمن ولا تغني. فلم أجد في هذا البلاغ إلا عباراة مثل توقف… وبحث… وناقش... ودعى، من دون أي علامة ولو صغيرة عن عبارات مثل عمل أو نفذ أو أنجز أو حقق، وبالتالي لم يخرج من نطاق بيانات وبلاغات الأحزاب العراقية التقليدية والتي يمكن أن نطلق عليها "حجي جرايد" كما يصفها العراقيون الميؤوسون من هذه الأحزاب السياسية، وطبعاً أحزابنا السياسية غير مستثناة من هذه الحالة الميؤوسة. ولكن قد تكون هناك قرارات داخلية مهمة أتخذت ولم تسمح طبيعتها "السرية"، كما هو الحال مع معظم الأحزاب، من الإفصاح عنها وتضمينها في البلاغ، وأمل أن أكون صائبا في تمنياتي هذه.
مع كل هذا، عندما نظرت إلى فقرات البلاغ، خاصة في الشأن الوطني والداخلي فوجدت بأن مضامينها لا تخرج عن المسائل المعروفة والمملة التي أصمت أذان شعبنا منها، ومع هذا أستوقفني البلاغ في الفقرة الخاصة بالشأن القومي، والتي تقول:
"في الشأن القومي: بحث الاجتماع استمرار حالة التشظي التي تصاحب الأداء السياسي لفعاليات شعبنا القومية ومنذ سنوات، وبالتالي غياب العمل المشترك.. ما أوصل قضية شعبنا الآشوري إلى أضعف حالاتها على مدى عقود، داعيا هذه الفعاليات إلى الارتقاء لمستوى التحديات التي صارت تهدد قضيتنا القومية ووجود شعبنا، والعمل على تبني وتقديم مشروع قومي متكامل ورؤية واضحة له وسبل تطبيقه" – (أنتهى الاقتباس).
كلام جميل وواقعي ومعروف للجميع وأولهم أحزابنا السياسية وفي مقدمتهم صاحب البلاغ الذي يقر بهذا الوضع المأساوي والمزري لتشظي الإداء السياسي وفعاليات شعبنا القومية وبالتالي غياب العمل المشترك...أمر عجيب غريب... ليست المشكلة في من يجهل أمر ما ولا يتعامل معه، بل الطامة الكبرى هي من يعرف هذا الأمر ولا يعمل شيئاً تجاه ويضل يلعن الظلام من دون أن يشعل شمعة. هكذا الحال مع جميع أحزابنا السياسية مع وصف الوضع السياسي القومي المأساوي ومنهم طبعاً صاحب البلاغ الذي هو مضمون هذه السطور، فكلهم يكررون هذه المقولة التي أصبحت كإسطوانة مشخوطة ولا أحد منهم يتنازل قيد أنملة ويتحرك تجاه الآخر للتخفيف من هذه الحالة المزرية.
هنا، ونحن بصدد حزب أبناء النهرين، لا نقول بأن معظم المعنيين بالموضوع، خاصة القادة منهم، قد أنشقوا عن الحركة الديموقراطية الآشورية (زوعا) بل نقول بأنهم تبرعموا منها ثم نمى هذا البرعم ليصبح شجرة بأغصان وفروع وأزهار عرف بحزب أبناء النهرين، أي بعبارة أخرى تشكل كيان مستقل مختلف عن كيان الأصل ولكن مع هذا بقى هذا الكيان جزء من الأصل ويحمل نفس الجينات والصفات ويثمر نفس الثمار ولا يختلف عن الأصل إلا بالشكل. وهذا الوصف يقر به معظم قادة الحزب لا بل ويفتخرون بأصلهم وخلفيتهم الزوعاوية... ولكن السؤال يبقى قائماً: إذا كانوا يحملون نفس الجينات والصفات وينتجون أو يسعون لإنتاج نفس الثمار ولا يختلفون عنه إلا بالشكل، إذن لماذا يظل هذا الشكل قائماً وفاعلا في بناء الحدود والسدود ونحن نعرف كما يعرف الجميع بأن كلاهما يعملون في نفس الحقل القومي؟ وهذا الأمر أن كان ينطبق بحذافيرها على أبناء النهرين فأنه بشكل أو بآخر ينطبق أيضا على معظم أحزابنا السياسية، وأقصد المستقلة أو شبه مستقلة، لأنه كما سبق وذكرنا في مناسبات سابقة بأنه لا توجد إختلافات جوهرية بينهم من فكرية وأيديولوجية بل كل ماهو في الأمر هو إختلاف في المواقف، تجاه مسائل معنية آنية وطارئة تواجه أمتنا، والأكثر من هذا هو إختلاف في الأسماء والشخصيات، ومن يقول عكس هذا فهو مخطئ لأنه نحن أمة صغيرة وبسيطة في تراكيبها الإجتماعية، الطبقية والبنيوية والثقافية، لتكون مصدر لتناقضات فكرية وأيديولوجية لذلك لا توجد في طيات مجتمعنا مثل هذه التناقضات إلا ما يستورد وينتقل إليها من التناقضات الطائفية المتطايرة من الإختلافات، أو بالأحرى، الخلافات الكنسية في أمتنا والتي في كثير من الأحيان يتم تلبيسها برداءات مزركشة بإدعاءات قومية وسياسية وفكرية.
إذا كان الأمر بهذه البساطة في الإختلافات، وحزب أبناء النهرين سيد العارفين، إذ، ما فائدة توقف… وبحث… وناقش... ودعى... والإجتماع الموسع... إذا كانت غير مقرونة بالعمل والفعل الجادة لإزالة الحدود والسدود وبقرارات فعلية وواقعية ومثمرة نابعة من مثل هذا الإجتماع الموسع... أفهل كان هذا الإجتماع الموسع ضروري لكل هذه الكلمات الفاقدة للعمل الجاد والمثمر؟ فمن المفترض أن يكون مثل هذا الإجتماع الموسع للأحزاب السياسية منعقداً لإتخاذ قرارات مهمة وذات نوعية خاصة مؤثرة في السياق العام للحياة السياسية للأمة.
إذن نقول بأن الإشارة المشددة للفقرة الخاصة بالشأن القومي المذكورة أعلاه، ما هي إلا تأكيد على الداء الخطير وأعراضه الذي ينخر بجسم الأمة ولا يتطلبه إلا البحث وإيجاد الدواء المناسب له. وهنا نؤكد ونشدد في القول، بأنه إذا كانت هناك عوامل خارجية تفعل فعلها المؤثر في خلق الحالة المزرية لأمتنا فيجب وعلى نفس المنوال أن نؤكد ونشدد بأن هناك عوامل داخلية أيضا تلعب دورها الفاعل في هذه الحالة. فالفقرة الخاص بالشأن القومي المذكورة أعلاه وأعيدها هنا لأهميتها في الموضوع والذي تقول "
... "في الشأن القومي: بحث الاجتماع استمرار حالة التشظي التي تصاحب الأداء السياسي لفعاليات شعبنا القومية ومنذ سنوات، وبالتالي غياب العمل المشترك.. ما أوصل قضية شعبنا الآشوري إلى أضعف حالاتها على مدى عقود، داعيا هذه الفعاليات إلى الارتقاء لمستوى التحديات التي صارت تهدد قضيتنا القومية ووجود شعبنا، والعمل على تبني وتقديم مشروع قومي متكامل ورؤية واضحة له وسبل تطبيقه" هنا نسأل أحزابنا السياسية وفي مقدمتهم صاحب البلاغ: من هو المسؤول عن هذه الحالة المزرية لقوميتنا بغنى عن العوامل الخارجية؟ الجواب واضح وفوري هو أحزابنا السياسية ولا غيرها. في العلوم السياسية والعمل السياسي القومي أمر يؤكده الواقع القائل: "الأمة التي لا توجد فيها أحزاب فاعلة ونشطة ستكون إرادة الأمة خاضعة لإرادة الآخرين" وهي نفس القاعدة التي يمكن الإستعانة بها لنقول "أن الأمة التي لا توجد فيها أحزاب فاعلة ونشطة ستؤدي بالأمة إلى حالة من التشظي ويوصل قضيتها إلى أضعف حالاتها وإلى غياب العمل السياسي المشترك" وهذا ما تؤكده الفقرة أعلاه.
فهذه الحالة المرضية – من المرض – التي تعاني منها أمتنا، تشبه كحالة رجل مريض أو جريح وغيره يملك الدواء أو وسائل الإسعافات الأولية لمعالجته ولكن لا يعمل شيء غير التفرج عليه و"الطرطمة" والهروب من مسؤوليته في مساعدة هذا المريض أو الجريح. ونحن نعلم بأن كل القوانين الموضوعية والإنسانية وحتى الدينية تعاقب مثل هذا الشخص لأنه يتهرب من مسؤوليته في إنقاذ إنسان يعاني من مرض مميت، فيكون حاله بمثابة مجرم وقاتل للنفس البشرية. هكذا نقول بملئ الفم بأن أحزابنا السياسية، أقصد المستقلة وشبه مستقلة، يتحملون المسؤول الكاملة عن هذا الوضوع المزري لأمتنا لأنهم يعرفون الداء ويملكون الدواء اللازم ولكن لا يعملون شيئاً للخلاص من الداء... إذن ما الحل؟ وهذا نجده في نفس الفقرة للبلاغ والتي تقول "العمل على تبني وتقديم مشروع قومي متكامل ورؤية واضحه له وسبل تطبيقه". كلام... ... نعم كلام جميل جدا، ولكن كيف يمكن نقل هذا الكلام إلى فعل وإيجاد سبل لتطبيقه على الواقع الفعلي؟
لعشرات المرات قلنا ونقول بأنه لا يمكن لحزب واحد تحقيق مصالح أمتنا إلا بوجود عدد معقول ومحدود من الأحزاب السياسية الفاعلة يتناسب حجمها وإمكانياتها مع حجم الأمة وإمكانياتها وأن تؤمن وتعمل بالحد الأدني لتحقيق هذه المصالح، أي يتطلب نوع من التفاهم وتوحيد الخطاب السياسي والمطالب القومية. وإذا كان أبناء النهرين غيورين على العمل لتبني مشروع قومي متكامل ورؤية واضحة ويملكون مصداقية لبلاغهم في هذا الشأن فأقرب المقربين لهم هي زوعا لأنهم، كما سبق ذكره أنهم من نفس الشجرة ويعملون في نفس الحقل. وهذه الحالة تنطيق أيضا على معظم أحمابنا السياسية.
أن الوضع المميت لأمتنا الذي يهدد وجودها التاريخي والواقعي نحو أسوء مما هو عليه في هذه الأيام يفرض فرضاً قوياً على أحزابنا السياسية أن تعمل لإنقاذ أو التخفيف من هذا الوضع وأن تضعه فوق جميع المسائل الأخرى الحزبية والشخصية، وإلا فالتاريخ سيحاسبهم من دون إستثناء، وهنا يجب أن لا ننسى بأنه مثل هذه المحاسبة جارية في الواقع الحالي بين أبناء شعبنا وتتمثل في فقدان أو تناقص مصداقية أحزابنا السياسية. إذن، إذا كانت أحزابنا السياسية فعلا صادقة في كلامها وبلاغاتها وتحب أمتنا ووطنا فالتنازل، لا نقل التضحية، ببعض المسائل التحزبية والشخصية والمواقف الآنية مطلوب لإثبات ذلك ففي هذه الحالة من المؤكد سيكرمهم شعبنا بأوسمة شرف تاريخية من الدرجة الأولى، وإلا ستبقى التهم قائمة عليهم بأنهم هم السبب الرئيسي – الداخلي - في الوضع المزري والمميت الذي وصلت أمتنا إليه،
وأخيرا أقول:
• إن إهتمامي المنقطع النظير في أحزابنا السياسية نابعاً من إيماني المطلق بأنهم الإداة السياسية الوحيدة للعمل في الحقل القومي وتحقيق الحد الأدنى من المصلحة القومية حتى وأن كانوا "يناضلون" على الورق أو على المواقع الألكترونية، لأن المسألة هي مسألة مبدأ راسخ وليس موقف آني.
• أمل أن يكون خلف فقرات البلاغ أعلاه نوع من القرار غير المعلن فيما يخص العمل الجاد والسبل الممكنة نحو إيجاد الدواء اللازم لأمراض أمتنا.. وكم سنكون سعداء، لا بل سنطير من الفرح عندما نسمع بأن هناك خطوات على هذا الطريق ونحن، كالعادة، مستعدون للإسهام في هذا الأمر إذا أقتضت الحاجة.
• أشكر أبناء النهرين على نشر بلاغهم مع عدد من الصور لأنه أسعدني أن أرى بعض الأصدقاء في الصور الذين أفتقدناهم منذ فترة طويلة وأفتقدنا الجلسات والحوارات معهم رغم زيارتنا السنوية لمقر الحزب في عنكاوة.
https://ankawa.com/forum/index.php?topic=1027472.0