المحرر موضوع: قبل الإنتخابات المبكرة و بعدها .. أسئلة تلد اخرى  (زيارة 297 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حكمة اقبال

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 334
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

قبل الإنتخابات المبكرة و بعدها .. أسئلة تلد اخرى

بعد أن أطلقتها إنتفاضة تشرين البطلة عام 2019، عادت الدعوة الى الإنتخابات المبكرة من جديد بعد الإنسداد السياسي الذي نتج عن الإنتخابات المبكرة التي جرت في 10 تشرين الأول 2021، ولم تسفر عن حكومة بعد عشرة أشهر من إجرائها والسبب معروف للجميع، وهو الصراع بين القوى المتنفذة، أولها فكرة الأغلبية السياسية هي التي تشكل الحكومة وثانيها الفكرة القديمة لإعادة نظام المحاصصة الأثنية والطائفية، وجاء قرار المحكمة الإتحادية بايجاد مفهوم الثلث المعطل ليصب الزيت على نار الخلافات السياسية. وتواصل التردي في الأداء السياسي الى الخشية من التصادم المسلح بعد اقتحام اتباع الصدر لمبنى مجلس النواب لإعتراضهم على ترشيح محمد شياع السوداني، وسيعترضون على كل مرشح يقدمه الإطار، انها معركة كسر العظم، كما يقال، وهل سينجح قاآني في تصالحهم؟

من الواضح ان مقتدى الصدر يسعى الى إنتخابات مبكرة، وان لم يطالب بها صراحةً لحد الآن، يأمل من خلالها زيادة عدد مقاعد التيار في البرلمان ليصل الى الأكثرية المطلوبة، ولكن بعض القوى المدنية تتبنى نفس الفكرة، والسؤال هو هل تتوفر مستلزمات تحقيق الإنتخابات المبكرة؟ وهي: وجود حكومة تقدم مشروع حل البرلمان، وموافقة البرلمان على حل نفسه.

كلاهما، التيار الديمقراطي العراقي والحزب الشيوعي العراقي أعلنا الدعوة الى إنتخابات مبكرة من خلال تشكيل حكومة تنظّم ذلك، التيار الديمقراطي قال: تشكيل حكومة محايدة من وزراء مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة تحظى بقبول عام وتتمتع بصلاحيات كاملة. والحزب الشيوعي العراقي قال: حكومة مؤقتة، مستقلة فعلاً، تحظى بقبول وطني.
كيف يمكن تحقيق هذا الكلام الجميل على أرض الواقع؟ تشكيل الحكومة يتم عبر البرلمان، وهل سيوافق البرلمان على حكومة محايدة؟ او حكومة مستقلة فعلا؟ وكيف يتحقق القبول الوطني؟ هذه الأسئلة الأربعة تحتاج الى إجابات واضحة وليست إنشائية عمومية.

لن يوفر البرلمان الحالي  قانون إنتخابي عادل، وتجربة الإنتخابات السابقة منذ 2005 تثبت ذلك. والمفوضية غير المستقلة للإنتخابات لن تعمل كما يجب عليها في القانون، أما الدعم الدولي الذي حصل في إجراءات انتخابات العام الماضي لن يتكرر بنفس المستوى، بسبب حالة الإنسداد السياسي التي يمر بها العراق.

وعلى افتراض تمت الإنتخابات عبر منح تمديد لحكومة الكاظمي لإجرائها، وبغض النظر عن النتائج التي ستسفر عنها، فسيبقى الخلاف قائماً بين التيار والإطار، وسيعترض الطرف الخاسر ويشكك بنزاهتها، وسيتكرر نفس السيناريو كما جرى في الإنتخابات الأخيرة، وتقدم طعون للمحكمة الإتحادية وتظاهرات امام المنطقة الخضراء، وسنحتاج الى اشهر لتشكيل الحكومة، وخلال ذلك سيبقى العراق بدون موازنة، ومعروف ما يترتب على ذلك من تدهور في حياة فئات الشعب المتوسطة والفقيرة.

السؤال الأول هو هل ستربط القوى المدنية مشاركتها بقانون إنتخابي عادل، أم ستشترك بقانون إنتخابي غير عادل كما حدث سابقاً أم ستقاطع؟ والسؤال الثاني هل تراجع القوى المدنية مواقفها من الإنتخابات السابقة وما أثمرت عنه المقاطعة أو المشاركة؟
نتائج الإنتخابات الأخيرة، رغم تدني نسبة المشاركة فيها فقد أفرزت ان الأصوات التي حصل عليها "المدنيين والمستقلين" كانت عالية بحيث تمكنهم من الحصول على عدد أكبر من المقاعد لو أحسنوا توزيع مرشحيهم على الدوائر الصغيرة في المحافظة الواحدة، وهذا ما نجح به التيار الصدري.

ان دعوة القوى المدنية الى الإنتخابات المبكرة، وهي إنتخابات لن تتغير عن سابقتها في العام الماضي، ستصب في اتجاه خدمة القوى المتنفذة، التي قد تجدها حلاً وتتأمل بتحسن اصوات ناخبيها باساليب غير شرعية، وهذا الأمر سيضعف من الثقة القليلة المتبقية في القوى المدنية، اذا ما كان الخطاب متشابه مع القوى المتسببة بالإنسداد السياسي وتدهور الأوضاع. 

العراق في أزمة خانقة والأطراف المتنفذة لن تتخلى عن مكاسبها ولن تقبل ان تحاسبها حكومات قادمة على جرائمها بحق الشعب، وهي أزمة متشابكة داخلياً وخارجيا، ويلعب العامل الخارجي دور المؤثر السلبي فيها.
لذا على القوى المدنية عدم إيهام الشعب بالشعارات والدعوات غير الواقعية، والعمل على فضح هذه القوى المتنفذة ودعوة الشعب الى أخذ دوره الحاسم في تغيير النظام المحاصصي وتعديل الدستور ليضمن ديمقراطية حقيقية، ويتم ذلك عبر الضغط الشعبي السلمي وصولاً الى العصيان المدني العام، بالإستفادة من تجربة انتفاضة تشرين التي بقت مقتصرة على الشباب وقلة من المؤيدين لهم، الذين بقوا في ساحات التحرير في المدن، ولم تتسع تلك الإنتفاضة البطلة لتشمل فئات الشعب الأخرى، ولايغيب عن البال حاجة هذا الشعب الى قوى طليعية فاعلة تأخذ بيده نحو هذا الهدف الوطني المشروع.

حكمة اقبال
29 تموز 2022