فاروق مصطفى مازال يطوف على اسوار كركوك بفيض من الحب.
كتابة: فهد عنتر الدوخي
فاروق مصطفى, الذي تزين روحه نفحات صوفية من الوفاء لمدينة الجمال والبساطة والقيم المدنية والحضارية(كركوك), مازال يشحن ذاكرة المدينة ,الأدبية والانسانية والتربوية والإجتماعية بفيض من الحب والعرفان,وهويطوف عبر الزمن على اسوارها التي ميزتها عن المدن الأحرى, بتلك الإلفة والتواصل الحي الجميل المدهش مع أعتابها, شوارعها المشجرة بالليمون والدفلى والتوت, والأكاسيا, والنينيا, والمعطرة بشذا ملكة الليل( الشبو الليلي), المدينة التي تستظل برقة سحر تنثره فتيات بعمر الورد على ارصفة(عرفة)ويؤمها العشاق والدراويش عندما تتداعى شمس الخريف الغانية تطالعنا قصيدة من أحدى شواعرها اللاوتي يجبن ملتقياتها اللافتة بالحب والابداع والجمال , فاروق مصطفى الرجل الذي مهد لظهور الفراشات اليانعات في قواميسه والذي دأب على توثيق ذاكرة المدينة بها, لاينسى صحبه وهو يجتاز منعطفات صعبة العبور, يدندن معهم(ياورد من يشتريك, وللحبيب يهديك),وروده يديها الى صحبه, سير وكلمات وذاكرة طرية, نذهب معه الى أن مجتمع المدينة هذا النسيج الحي المتآلف وما ورثته دفاترنا من مسوحات ورسوم وتجليات ولقاءات وايام موشحة بالطيب والمحبة, يستحق المجد والإشادة,وبصدد الحديث عن هديته الذهبية لي(عاشقة المطر تتصفح كتاب الشتاء) وهو سجل آخر أضاف فيه أيامه في الوظيفة والمحلة ورحلته التربوية الى الجزائر, وماصدحت به اعوام السفر الى أقاصي الكوكب وفيه الكثير الكثير, هذا الرجل الذي صًور المكان والزمان بتقنيته اللغوية العالية وأسلوبه الباذخ بالكتابة لمدينة كركوك عشقه الأزلي,نقرأ من محتويات الكتاب:
( في احد الايام زارني الراحل ( عدنان قطب ) وقدم لي مجموعة شعرية اخبرني بأنها ستعجبني لانها تدور في نفس المضامير التي تستقطبني ولم تكن تلك المجموعة الا ( مسارات كيرخو ) ل ( عدنان ابي اندلس ) قرأتها وكتبت لها مقدمة وفيما بعد تعرفت صاحبها وعلمت انه يعمل في قسم الاعلام في شركة نفط الشمال وكان هذا بداية للتعرف على ادباء اخرين يعملون في الشركة نفسها وبتعرفي على بعضهم ومجالستهم وبتبادل الاراء والكتب واهداء نتاجاتنا ببعضنا البعض وجدت انهم يشكلون تجمعآ ادبيآ من حيث انتسابهم الى الشركة فاطلقت عليهم ( ادباء الشركة ) ورحبوا بالفكرة والشركة تعني عند اهل مدينتنا شركة نفط الشمال لانها كانت الشركة الوحيدة التي عرفوها في السنوات المواضي واستطيع ان اعد اسماءهم حسب الترتيب الابجدي :
1 ـ شاكر العاشور ( شاعر ومحقق )
2ـ عدنان ابو اندلس ( شاعر وناقد )
3ـ عامر صادق ( شاعر )
4ـ فهد عنتر الدوخي ( روائي وناقد )
5ـ موشي بولص موشي ( كاتب قصص قصيرة )
6ـ دكتور يوخنا ميرزا الخامس ( ناقد ومحقق )
7ـ يحيى نوح مجذاب ( شاعر وكاتب )
8ـ يونس الحمداني ( روائي )
9ـ مها طارق الهاشمي ( شاعرة وناثرة ) وهي بانضمامها استطاعت ان تكسر الهيمنة الذكورية عن التجمع .).
يقع الكتاب بمائة وعشرين صفحة من القطع المتوسط, صدر عن الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق, للعام 2022.
(عندما أخبرته أن قلبي من طين, سخر مني لأن قلبه من حديد. والآن السماء تمطروسوف يخضر قلبي ويصدأ قلبه... شمس التبريزي) من مقدمة الكتاب.
الأديب التربوي الأستاذ فاروق مصطفى, يكتب بأجناس محددة في الادب رغم أمكانيته الهائلة في المعرفة والإطلاع على المنجز الأدبي والثفافي الإنساني, في ذاكرته اسماء وعناوين آلاف الكتب العلمية والعربية والمحلية, ولاتفارق حضوره محتويات هذه الأصدارات,مع أن مؤلفاته فاقت الثلاثين كتابا, فهو يعتني بالقصيدة الحرة والمقال الذي يميز حضوره الابداعي, فهو يشكل المقال على هيئة حكاية, أو قصة قصيرة, حتى اعده يصنع جنسا أدبيا مستقلا يقع بين المقال والقصة القصيرة, فهو بارع في وصف الأماكن ومتخم بسرد الموقف الطريفة والتي تعكس نضوج الافكار والكتابات منذ ستينيات القرن المرتحل, إذ انه مازال يحتفظ بقطع ادبية زاخرة بالحس الادبي والانساني ومحكمة بقواعد اللغة ومشتقاتها محبرة بخطه المميز بالحركات والتشكيل الهندسي الجميل,وعندما نجالسه نحن صحبته الذين تحدث عنهم عبر أوراقه في هذا المنجز وهم( الناقد والشاعر الصديق عدنان ابو اندلس, القاص والكاتب موشي بولص موشي, وكاتب هذه السطور,تطوف افكارنا نحو فضاءات ساحرة مدهشة بالكلمة الطيبة والمنطق والثقافة الأدبية والإجتماعية الأنسانية العالية التي عهدناه فيه...