بتاريخ 22/10/2008 تكون قد مرت ( 12 ) سنة على رحيل مثلث الرحمة المطران ( حنا زيا مرخو ) رحمه الله ابن قرية ( مانكيش ) شمال محافظة دهوك بعد مرض مفاجئ لم يمهله طويلا في العاصمة الاردنية ( عمان ) بعد عودته من زيارة ( ايطاليا _ امريكا _ كندا ) .
تميزت شخصية هذا الرجل المتطوع في سبيل اعلاء كلمة الله ومبادئ الكنيسة بالايمان والتقوى والتواضع والتضحية ونكران الذات وتحمل الصعاب والصبر والترفع عن الماديات في هذه الدنيا الفانية ... ومساعدة الفقراء واللباقة في الكلام واختيار المهام الجسام والمقدرة على الابداع والابتكار والتنظيم في العمل وقيادة المجتمع بالاقناع وكان يميل الى المطالعة للالمام بالعلوم الدينية والدينيوية لتفهم الطبيعة البشرية كان رحمه الله مرهف الحس جلد وشخصيته تتسم بالسكون والهدوء ورباطة الجأش وسرعة التكيف والتفاهم ولديه حاسة الممكن ...
وكان شجاعا في وجه العواصف وكريما ومقتدرا يملك كل معاني الادراك والحصافة وكانت علاقاته بالمجتمع علاقة حب وتضحية وتوجيه وحكمة وانسانية واحترام كان محبا للصدق والكرامة كان قائدا اجتماعيا ودينيا مرموقا ومقنعا على الرغم من الظروف السياسية والاجتماعية والعسكرية التي كانت سائدة في اقليم كردستان وقت عمله كاهنا والمناطق الساخنة التي عمل فيها استطاع ان يكون له صلات وعلاقات مع كل القنوات والابواب الحكومية والاجتماعية والادارية والعشائرية والدينية لان براعته في الادارة وسلوكه في التضحية بعيدا عن مغريات الحياة جعلت منه انسانا محبوبا وقائدا اجتماعيا ودينيا ذو منزلة ومكانة كبيرة تلتجأ اليه الناس ... لمعالجة مشاكلهم وقضاياهم لانه كان رحمه الله محبا للخير وصادقا وامينا في ايمانه وانتمائه للكنيسة التي تربي ونهل من شريان مبادئها العظيمة ....
ازاء هذه الصفات والسجايا الحميدة والعظيمة التي كان فقيدنا الراحل رحمه الله يتحلى بها.... لابد ان ننحني لها اكراما وتقديرا وتبجلا ... لاننا كلنا صغار ... امام هذه الجبال الشامخة ... والقادة الافذاذ لان عطائهم الثر في زمن الملمات والصعوبات كان بلا حساب .... من اجل ايمانهم وكنيستهم المعطاة ومبادئهم العظيمة انهم حقا قدوتنا في كل شئ ... وياليتنا ان نكون تلاميذ ... في رحاب مدرستهم التي نفتخر بهم وبها لان التاريخ سيكتب عنهم بحروف من ذهب ...!!!
1_ ولادته ودراسته ورسامته كاهنا :
__________________________
_ ولد الفقيد المرحوم المطران ( حنا زيا مرخو ) رحمه الله في قرية مانكيش في 21/3/1937 واكمل دراسته الابتدائية في مدارس قريته ( مانكيش ) وواصل دراسته المتوسطة في ( دهوك ) في 1/1/1954 دخل معهد ماريوحنا الحبيب في الموصل واكمل دراسته الكهنوتية ثم رسم في 7/6/1964 كاهنا على يد المطران ( روفائيل بيداويد ) رحمه الله مطران العمادية انذاك ...
2_ خدمته كاهنا:
______________
_ بعد رسامته كاهنا خدم في قريته ( مانكيش ) بتاريخ 8/6/1964 لغاية عام ( 1967 ) وكان خلال هذه الفترة نموذجا رائعا في العطاء والعمل الدوؤب والاندفاع الحماسي العالي في سبيل اعلاء مبادئ كنيسته ... احبه اهله في مانكيش حبا جما لاخلاقه الرفيعة والتزامه المبدئي ...
_ في عام 1967 ايضا ( لانعرف الشهر بالتحديد ) تم تعينه مدرسا في معهد مار يوحنا الحبيب في نينوى لتدريس اللغة الفرنسية والسريانية والدين ..
_ في عام 1968 عاد الى قريته مانكيش ليخدم في ( كنيستها ) ( كنيسة ماركوركيس ) حتى عام 1970....
_ عام 1970 ( الشهر غير معروف ) تم تعينه مرشدا روحيا لميتم راهبات بنات مريم الكلدانيات في الصليخ ببغداد ...
_ بتاريخ 12/10/1970 ايضا وبطلب من المرحوم المطران ( قرياقوس موسيس ) رحمه الله تم اعادته الى ابرشية العمادية وكان مقر عمله في قرية ( الداوؤدية ) ...
_ حيث خدم القرى ( تني _ ارادن _ اينشكي _ بيناثا _ بادرش _ سردراوا _ سكرين _ وقسم من العمادية وكوماني ) ....
3_ علاقته برعيته في القرى التي خدم فيها :
_________________________________
كانت خدمة الفقيد في القرى اعلاه صعبة وحساسة جدا لتعقيدات الظروف السياسية والامنية والعسكرية في هذه القرى انذاك لكن الفقيد رحمه الله استطاع بهدوئه وحكمته وشجاعته وتضحياته وتواضعه وحب الناس له ان يجتاز طريقه في اشد الحوالك واقساها واستطاع ان يعالج ويحل الكثير من مشاكل وهموم الناس التي افرزتها الحروب والقتال والفقر والتشرد والظلم والاضطهاد بروحيته المعروفة في التضحية والعمل بعيدا عن الماديات ومغريات الحياة .... مما اكسبه قلوب الناس ومحبتهم من كل الاطياف والاديان والمسوؤلين والاداريين والعشائر حيث اصبح حمامة السلام بين الناس وقدوة حسنة لهم ....
عمل في القرى المشار اليها اعلاه لغاية 12/4/1987 ....
_ عاد الى قريته ( مانكيش ) من 13/4/1987 لغاية 7/10/1991 وحبذا لو يشاركوننا اهلنا في هذه القرى في الذكريات الحلوة والمواقف الصعبة والشجاعة والتضحية التي تجمعهم مع الفقيد وياريت تزويد الموضوع بالصور للفقيد ...
_ في 8/10/1991 توجه الى بغداد وعمل في الدير الكهنوتي في الدورة كمرشد روحي للكبار والصغار من الطلبةوبعد سنة كلف بادارة قسم الصغار في الصليخ ببغداد اضافة للارشاد الروحي للكبار ...
4_ رسامته مطرانا :
_______________
بعد هذه الاعمال الكبيرة والتضحيات الجسيمة والشجاعة العالية والكفاءة المقدرة على تحمل وحل الصعاب والمشاكل صدرت الادارة البابوية بتاريخ 14/9/1994 بانتخابه ( رئيس اساقفة اربيل على الكلدان ) اثر استقالة المطران ( اسطيفان بابكة ) لاسباب صحية ....
_ بتاريخ 11/12/1994 رسم اسقفا في كنيسة ماريوسف في خربندة ببغداد على يد المرحوم غبطة البطريرك ( مار روفائيل الاول بيداويد ) رحمه الله ...
_ في 19/12/1994 تم تنصيبه في كنيسة ( مار يوسف ) في ( عينكاوة ) حيث استقبل بحفاوة واحتفال مهيب ..
_استقر الفقيد في ( عينكاوة ) العزيزة واستلم مسوؤليته الدينية فيها ...
5 _ اهم اعماله وانجازاته في عينكاوة :
____________________________
1_ كما ذكرنا في اعلاه كان للفقيد روحية اجتماعية متواضعة وشفافة ومحبوبة حيث اخذ بزيارة ابناء ( عينكاوة ) بيتا ببيتا مع كهنته الافاضل وكان نشيطا ويسأل عن احوالهم واحتياجاتهم ومشاكلهم ...
2_ زار المواقع الدينية والكنائس التابعة لابرشيته في ( اربيل _ شقلاوة _ كويسنجق _ ارموطة ) لتفقد احوال الكنيسة ورعيته والوقوف على احتياجاتهم وكان الهدف من الزيارة زرع الايمان والمحبة وخدمة المؤمنين وحثهم بالاشتراك في الذبيحة الالهية والتقرب الى الله ومساعدة الفقراء ...
3_ قام بمشاريع عديدة في كنيسة ( مار يوسف ) في عينكاوة منها بناء مدرسة للتعليم المسيحي ... وبناء تمثال القديس ( مار يوسف ) ..
4_ تجديد كنيسة ( مار كوركيس ) في عينكاوة وبناء مغارة القديسة ( لورد ) فيها وكذلك وضع حجر الاساس لمركز ( مار قرداغ ) الكنسي وغيرها من المشاريع ...
6_سفرته الاخيرة الى ( ايطاليا وامريكا وكندا ) :
_________________________________
في حزيران 1996 سافر الفقيد الى روما لنيل البركة الرسولية من قداسة البابا ( يوحنا بولص الثاني ) رحمه الله حيث نال البركة البابوية وبعدها سافر الى امريكا ومنها الى كندا حيث التقى الفقيد اثناء هذه الزيارة باهله واصدقائه ومحبيه من المؤمنين وكان اهل قريته وفي مقدمتهم حيث حاول زيارتهم في مساكنهم عائلة عائلة حسب ما اتيح له الوقت للسلام عليهم والاستفسار عن احوالهم حيث عمت الفرحة بين اهله لقدومه اليهم وقد كان سعيدا وفرحا في زيارته لاهله واصدقائه ومحبيه في امريكا وكندا وعاد الى عمان وهو في صحة جيدة ومعافى وسعيد يحدوه الامل ان يزورهم في السنوات القادمة لتعزيز اواصر المحبة والتسامح بين اهله ... لكن المنية لم تمهله..
7_ رحيله الى الاخدار السماوية :
________________________
عاد الفقيد من امريكا وكندا الى عمان واصيب بمرض مفاجئ ادخل على اثره احدى مستشفيات عمان في 18/9/1996 وبعد معاناة من المرض انتقل الى الاخدار السماوية في عليين بتاريخ 22 / 10 /1996 الى جوار ربه براحة وطمأنينة الى دار ابيه خالدا ...
وكان الخال ( ادم ميخو مرخو ) ( ابو صباح ) اطال الله في عمره يتابع الفقيد في مستشفيات عمان مع عدد من وجهاء مانكيش خلال فترة مكوثه فيها بكل جدية ونكران ذات حتى لفظ الفقيد انفاسه الاخيرة وتابع عملية نقل الجثمان الطاهر الى بغداد بروح مسوؤلة وابوية وهكذا هو ديدنه دائما بالنسبة لاهله واقاربه واصدقائه ...
_ نقل جثمانه الطاهرة من عمان الى بغداد حيث كانت الجموع المؤمنة والمحتشدة في استقبال جثمانه الطاهر في تأبين مهيب يليق به في كنيسة ( مار يوسف ) في خربندة ببغداد ( في الكنيسة ) التي رسم فيها ( مطرانا ) سنة (1994 ) ياللصدفة التي ارادها الله ان تكون بعد الانتهاء من مراسيم الصلاة على روح الفقيد ..!!!
_ نقل الجثمان الطاهر الزكي في موكب جنائزي حاشد وكبير من بغداد الى ( عينكاوة ) حيث مثواه الاخير وكان في استقباله جمهور كبير من المؤمنين والمسؤولين ورجال الدين واقرباء وذوي الفقيد حيث ورى الجثمان الطاهر الثرى ودفن في قلب كنيسة ( مار يوسف ) في عينكاوة في احتفال وقداس مهيب ...
_ ان الفقيد الغالي كان رمزا من رموز المبادئ ورمزا من رموز ( مانكيش ) سيبقى حيا في قلوبنا ونفوسنا لان عطاءه كان كبيرا وغزيرا وقدم وضحى بالكثير من اجل كنيسته ومبادئه السامية ...
_ سيبقى خالدا في ذكريات اهله واصدقائه ومحبيه وكل من عرف الفقيد حيث قدم حياته قرباناً لنا جميعا في سبيل مجد الله والكنيسة ..
تغمد الله الفقيد بواسع رحمته ..... والصبر والسلوان لذوي الفقيد واهله ومحبيه واصدقائه وكل من يعرفه ........
اعمالك وامجادك فخر واعتزاز لنا ............
ستتحدث الاجيال عنك بمحبة وانحناء .......
انك في جنات الخلد ابدا .......
انطوان دنخا الصنا
antwanprince@yahoo.com