في وطني اخاف على مستقبل شعبنا الكلداني السرياني الاشوري ؟
----
في وطني العراق تطلع الشمس وتغيب كل يوم والناس تهمس وتتحدث وتكشف عن حجم رواتب ومخصصات وامتيازات المسؤولين في الرئاسة و الحكومة والبرلمان الضخمة .. وفي وطني يجوع الملايين ويزداد الفقير فقرا والغني غنى ويجلس الشباب الخريجون المتعطلون في المقاهي يندبون حظهم العاثر ويلومون وطنهم الذي لم يمنحهم الفرصة لينتجوا ويبنوا فيه .. وفي وطني ما يزال حيتان السوق الفاسدين جالسون في ابراجهم العاجية يستمتعون بفسادهم وحرامهم بدون ضمير يحاسب أو قانون يعاقب يسرقون قوت المواطن الفقير ويستلذون بتعذيبه في سبيل الحصول على لقمة عيشه المغمسة بالذل والقهر .. في وطني لا زال الفساد المالي والاداري مستشري بشكل مخيف ومرعب في اغلب مفاصل الدولة حسب تقارير منظمة الشفافية الدولية ..
في وطني لا زال اكثر من 500 الف مواطن يعيش على القمامة !! في مستوطنات عشوائية في مناطق متفرقة من بغداد بدون ماء او كهرباء او خدمات او مدارس او مستوصفات صحية او سكن مع تردي أحوال الساكنين فيها وهم يعتمدون على القمامة نعم القمامة !! كمصدر رئيس للعيش بينما تحاصرهم الأمراض والأوبئة في المقابل يصرح المسؤولون في محافظة بغداد !! بأنهم لا يملكون بدائل لتخليص هؤلاء من أزمتهم وتبرر لجوئهم إلى القمامة بتفشي البطالة !! الله اكبر يا شعب العراق المظلوم !! الشعب يأكل القمامة ووطنهم يطفو على بحر من النفط !! والفساد في اغلب مفاصل الدولة يزكم الانوف !! اليس الاجدر بمجلس محافظة بغداد معالجة مثل هذه المشاكل وهموم الشعب العراقي المسكين والفقير بدلا من المزايدة في الحملة الايمانية بأسم الدين والفضيلة والاخلاق .. (للاطلاع على التقرير الرابط ادناه نقلا عن فضائية العربية) ..
وفي وطني تقمع وتقتل الحريات ويضطهد أصحابها وتمنع أفكارهم ويحجر عليها بحجة الحفاظ على المصلحة الوطنية العليا التي نصبوا أنفسهم أوصياء عليها والمدافعين عنها .. في وطني يُتهم من يطالب بالديمقراطية والحقوق السياسية والقومية والاقتصادية والانسانية المشروعة بالخيانة ويوضع في خانة المعارضة وتحت المراقبة ويُطعن في مواطنته ليس لشيء إلا لأنه طالب بالتغير والحقوق وإزالة التشوهات التي كُرست على مدى عقود طويلة .. وفي وطني تُغتال النخب الديمقراطية واليسارية والعلمانية بالكواتم وتسجل ضد مجهول ليجري توليد نخب جديدة بعيدة عن مصالح وهموم المواطن والوطن ولا تعبأ بالهم العام ولا تملك القدرة على السير به لطريق آمن يجنبه مخاطر محتملة وخفية .. وفي وطني يستهزء بمن يطالب بحقوق الانسان والمرأة وحقوق المكونات القومية والدينية الصغيرة ..
وفي وطني يعمل الطفل وتنتهك طفولته وحقوقه التي ينساها بمجرد دخول سوق العمل ليعمل في مهن حقيرة لا تمت للطفولة بصلة .. وفي وطني الايتام والمتسولين بالملايين من دون قانون يحميهم ويضمن مستقبلهم .. وفي وطني أخشى على الاطفال من زمان سيأتي لا اعرف ماذا سيخبئ لهم وسط حالة الفوضى وغياب القانون والمؤسسات التي ترعاهم ؟ .. وفي وطني تقتل المرأة من اجل قضية ارث بذريعة الشرف .. وفي وطني تجد النساء مقهورات على تمييز يفتقد لأدنى درجات الإنسانية .. وفي وطني جرائم شرف ضد امرأة تعنف وتقتل وتعاني الأمرين من التمييز الجائر لأنها سيدة .. وفي وطن تمتهن كرامة المرأة في زواج لساعات تحت غطاء الدين .. وفي وطني قائمة الارامل والثكالى والمهجرات والمطالقات والمعوزات تصل للملايين والحكومة تتفرج دون اجراءات جدية للمعالجة ..
في وطني لا زال نظام المحاصصة الديني والقومي المقيت هو الاساس تحت ثوب الشراكة وغياب القانون ومبدء المواطنة .. وفي وطني تسمع الحديث عن بناء دولة القانون والمؤسسات وتوطيدها وترسيخها مع وجود المليشيات والاجنحة المسلحة للاحزاب السياسية ومثل هذا الكلام هراء وتضليل .. وفي وطني الخدمات الاساسية للمواطن وفي مقدمتها الكهرباء والماء والصحة والتعليم صعبة المنال .. وفي وطني لا زال موضوع معالجة ازمة السكن والبطالة والفقر من العقد المستعصية ...
وفي وطني لا يمكن الحديث عن العدالة والمساواة دون ضمان حقوق وحريات وسلامة المكونات القومية والدينية الصغيرة ومنها ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري الذين عانوا القتل والتهجير والظلم والتهميش والاقصاء السياسي بعد 2003 وفي مقدمة مطاليبهم المشروعة استحداث محافظة مستقلة لهم في بعض اجزاء منطقة سهل نينوى بالاشتراك مع المكونات القومية والدينية المتعايشة فيها ..
وفي وطني لا يمكن الحديث عن الفيدرالية والتعددية والديمقراطية من دون ازالة ومعالجة بؤر ومواقع الاحتقان والتشنج والاختلاف التي تغذي التوترات والخلافات السياسية والقومية والمذهبية وتعرقل بناء الدولة الديمقراطية الوطنية الاتحادية بين الكتل السياسية الرئيسية وهي (التحالف الوطني والتحالف الكوردستاني وائتلاف العراقية) .. وكذلك بناء واقامة علاقات سليمة وشفافة ومتوازنة بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة اقليم كوردستان في اربيل استنادا للدستور وبعيدا عن التفرد والتسلط في اتحاذ القرارات التي تخص مستقبل الوطن .. وفي وطني لا يمكن الحديث عن الاستقلالية والقرار المستقل من دون الحد من نشاط وتدخل دول جوار العراق في شؤونه الداخلية ..
وفي وطني يعتبر مبدأ الشراكة الحقيقي بين كل المكونات والقوى السياسية والقومية والاجتماعية والدينية الكبيرة والصغيرة بصرف النظر عن الاوزان والحجوم ومبدء الاقلية والاكثرية سراب ووهم من دون ضمان حقوق جميع اطياف الشعب العراقي بالتساوي استنادا للدستور .. وفي وطني لا زال الدستور الاتحادي الذي صوت له 85 % من الشعب العراقي عام 2005 المعيار الحقيقي وصمام الامان لتطلعات الشعب العراقي نحو مستقبل مشرق وحياة حرة كريمة ؟ ولكن !! ..
في وطني لا زالت القوانين المهمة والتي تمس حياة الشعب العراقي وفي سبيل المثال لا الحصر قانون الاحزاب السياسية والجمعيات وقانون الادارة المالية للدولة العراقية وقانون النفظ والغاز وتعديل قانوني الانتخابات التشريعية والمحافظات وتعديل قانون الرعاية الاجتماعية وقانون العمل والضمان الاجتماعي وغيرها الموضوعة على الرف وفي اروقة البرلمان الاتحادي للتحنيط والحفظ وشعبنا العراقي يتضور جوعا وتمنهن كرامته يوميا ..
في وطني لا زال موضوع دعم وتحسين البطاقة التموينية من اجل توفير العيش الكريم للشعب العراقي في خبر كان خاصة بعد ان سحقت المعاناة والحصار والازمات عظامه .. في وطني لا زال موضوع اعادة الاعتبار لضحايا الاضطهاد خلال الحقب السابقة المختلفة عبر إنصاف المفصولين السياسيين وعوائل شهداء وضحايا النظام السابق ومن سبقهم من شهداء وضحايا الانظمة الدكتاتورية والفاسدة التي تعاقبت على العراق في مهب الريح .. وفي وطني لا زالت الشروط والضمانات والمستلزمات المطلوبة لعودة كريمة ومضمونة للمهجرين والمهاجرين والنازحين من الشعب العراقي من الخارج والداخل وتعويض المتضررين منهم لا ترتقي الى العمل الجاد والمنصف ويتناسب مع اعدادهم وظروفهم القاسية ...
قي وطني لا زالت موضوع اصدار تشريعات وقوانين قسرية وصارمة سالبة لحقوق وحرية الانسان ومخالفة للطبيعة البشرية بأسم الدين والاخلاق والاداب موضع خلاف واختلاف بين مكونات الشعب العراقي والتي قد تؤدي الى نتائج عكسية وردود فعل سلبية لدى بعض فئات المجتمع العراقي المنوع بشكل عام ولدى المكونات غير المسلمة بشكل خاص .. حيث ان الاخلاق والفضيلة ومبادىء الدين لا تتحقق بالقسوة والقوة والقوانين التعسفية المجحفة وأنما تأتي كنتيجة طبيعية لتطور وتقدم ورقي المجتمع في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والديمقراطية وحقوق الانسان والمرأة وسيادة القانون والنظام ...
في وطني لا زالت المزايدات في الحملة الايمانية بأسم الدين والفضيلة والاخلاق دون مراعاة التنوع الفسيفسائي في المجتمع العراقي تعتبر اعتداء واضطهاد لحريات وحقوق المكونات القومية والدينية غير المسلمة دستوريا ودينيا وانسانيا واجتماعيا وهو تدخل سافر في الحريات الشخصية الفردية الذي يتقاطع مع الدستور ويعطي اشارات سلبية للارهاب والتطرف والعصابات ...
في وطني تفشت وانتشرت ظاهرة السحرة والمشعوذين والدجالين وقارئي الكف والطالع بشكل واسع وكبير والتي اصبح المواطن يرتاد الى جحورهم وكهوفهم المظلمه النتنه للبحث عن حلول ومسكنات وامال خيالية وسحرية لمشاكله وعقده وامراضه النفسية والاجتماعية والاقتصادية والمستقبلية وحتى الامنية !! وبذلك يقع المواطن فريسة سهلة وصيدا ثمينا في شباك دجل وكذب وشعوذة هؤلاء الصيادين والمفترين حيث يقومون بتخدير الضحية بكلام منمق ومعسول وطلاسم سحرية مخادعه وامل وحلم موعود في قرمة مقطوعة !! ...
لكن يتقبلها المواطن البرىء رغم معرفة قسم منهم انها اكاذيب وزيف وخداع !! بسبب تسلل اليأس والتشائم والمرض النفسي الى عقله وجسمه وكيانه وعائلته لغياب وسائل الراحة والتسلية والاطمئنان الترفيه والاستمتاع والفسحة والحريات الشخصية .. واستمرار اجواء الحروب والقتال واصوات المفخخات والعبوات الناسفة والاغتيالات بالكواتم وتصفية الحسابات واستمرار الخلافات بين الكتل السياسية الكبيرة واضطهاد المكونات غير المسلمة وغيرها ...
في وطني لا زالت حالات القتل والاضطهاد والتهديد والترهيب والتهجير الموجه ضد شعبنا الكلداني السرياني الاشوري المسيحي مستمرة بسبب عدم اتخاذ الحكومة العراقية والبرلمان الاتحادي الخطوات والاجراءات الجدية والفعالة لضمان حقوقه المشروعة دستوريا وفعليا وحمايته بالتنسيق مع ممثلي شعبنا المنتخبين في البرلمان .. وفي وطني لا زالت بعض اجهزة الشرطة والجيش والامن مخترقة من قبل الارهاب والتطرف والعصابات دون معالجة .. وفي وطني تسللت وتغلغلت مفاهيم ومضامين ثقافية ودينية مغلوطة ومقلوبة ودخيلة الى جسم المجتمع العراقي بغفلة من الزمن الردىء وذلك باستغفال عقول الناس البسطاء وتتمحور هذه المفاهيم في تهميش واقصاء والغاء وتكفير المكونات الدينية والقومية الصغيرة (غير المسلمة) ..
في وطني لا زالت الحياة وقيمها في بعض جوانبها عبارة عن طقوس للعبادة والصيام والصلاة والتردد الى الجوامع او الحسينيات او الكنائس فقط بدون ان يكون هناك توازن واعتدال ومرونة بين الترويح والاستمتاع والترفيه للانسان ليعبر عن حريته الضرورية ويعيش كما يشاء بوسائل اجتماعية وانسانية ترفيهية بريئة بعيدا عن ضغوطات الحياة والعمل لان التشدد والتطرف في فرض الافكار والاراء والقرارات والانظمة بطريقة عشوائية وقسرية غير انسانية ومقنعة يؤدي الى انتشار النفاق والازدواجية الشخصية والريبة والفساد الاجتماعي والعقد النفسية والنميمة في المجتمع كما حصل في افغانستان سابقا ايام حكم حركة طالبان المتطرفة ...
ازاء ما تقدم من حقي ان اخاف على مستقبل شعبنا الكلداني السرياني الاشوري المسيحي المسالم الاعزل وحقوقه المشروعة في ارض الاباء والاجداد وسط هذه التعقيدات والصعوبات والاحتقانات والاجواء الملبدة بالغيوم المشار اليها في اعلاه خاصة في ظل عدم توفر الضمانات الدستورية والقانونية والادارية الشفافة الكافية لضمان حقوقهم القومية والوطنية والتاريخية في وطنهم وعدم جدية الحكومة العراقية والبرلمان لتجسيدها وترجمتها فعليا على الارض بالتنسيق مع ممثلي شعبنا المنتخبين في البرلمان الاتحادي او تجمع تنظيماتنا السياسية الكلدانية السريانية الاشورية في الوطن حيث لم نسمع من المسؤولين في الرئاسة والحكومة والبرلمان غير الوعود والتطمينات وكلمات التضامن التي لا ترتقي الى تطلعات وطموحات شعبنا لنيل حقوقهم المشروعة كشريك اساسي في الوطن ...
http://www.alarabiya.net/articles/2011/01/13/133260.html انطوان دنخا الصنا
مشيكان
antwanprince@yahoo.com