المحرر موضوع: مدخل عصري لتحليل بنى الفساد المركبة في العراق  (زيارة 1100 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سلام ابراهيم كبة

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 286
    • مشاهدة الملف الشخصي

مدخل عصري لتحليل بنى الفساد المركبة في العراق/القسم الأول

                                                                                                                                       سلام كبة


•   المقدمة
•   الزبونية واللوبي والمافيا في العراق!
•   الزبونية الوليد الشرعي للمحاباة والمحسوبية والمنسوبية!
•   جماعات الضغط السياسي والأحتكار الرأسمالي!
•   اللوبي والمطبخ السياسي!
•   الماسونية جماعة ضغط تتصاعد وتخبو دوريا!
•   المافيا،والأصل"مهياص"!
•   الخلاصة والمهام!

•   المقدمة


   الثقافة الوطنية الديمقراطية في بلادنا لازالت تحبو لتواجه الفساد/"الثقافة المستشرية في المجتمع التي خرجت من كونها جرما اقتصاديا او اخلاقيا،وتطورت الى ممارسة اجتماعية متجذرة في المنظومة الاخلاقية العراقية"،وتقوضه وترمي بضوء الشمس على ملفات ووثائق مدفونة تحت ارض المحاصصة والصفقات السياسية.والاستبداد والفساد مصفوفة متبادلة التأثير طرديا،فمع توسع انتشار مظاهر الفساد تولد الحكومات المستبدة والمنظومات المعادية للديمقراطية!والعكس صحيح ايضا!يذكر المفكر محمود حمد"التاريخ والحاضر يؤكد ان:كل دولة مستبدة فاسدة بالضرورة!وفي دهاليز كل دولة فاسدة بؤرة مفسدة،تتشكل من حثالات اجتماعية افرزتها الطبقات خلال صيرورتها وفي اطوار نشوئها وتجددها!تضم:"مُتَسلِّطين مجوفين،وسياسيين منتفعين،ومثقفين دجالين،وقوادين مخنثين،وعاهرات محترفات،وصيارفة جشعين،ورأسماليين لصوص،ووسطاء أفّاكين،ومُسوِّقين مضللين،وجُند متخاذلين،ومُخبرين مُختَرقين،ودبلوماسيين ُدَجَّنين،ووزراء بُلَداء،وقضاة سفهاء،ورجال دين بلا رجولة ولا دين!!"يلوثون الحاضر،ويزيفون الماضي،ويلَغِّمون المستقبل ويَيعون الوطنَ للغزاة،ويَهدرون الثروات،ويستبيحون المحرمات،ويجعلون الأحياء يَتمنَّون قبور الأموات!!"
    ان مجرد ابداء الاستعداد لبيع الدولة بعض من مؤسساتها الاقتصادية يخلق بحد ذاته الحافز الكبير للفساد والافساد.ويمتد الفساد الى ما وراء الاختلاسات المالية ليشمل العديد من مظاهر"سوء استغلال النفوذ والسلطة"مثل المحاباة والمحسوبية والمنسوبية والاكراه والترهيب والاستغلال وشراء الذمم وتقاضى العمولات والرشى ونظام الواسطة بهدف تحقيق مآرب سياسية او اجتماعية او تغيير النتائج الانتخابية واعمال التقييم والاستفتاء وتمشية المعاملات او عرقلة المساعدات الانسانية وتحويلها الى مجموعات غير محسوبة اصلا.ومن الطبيعي ان يكون لانتشار الفساد الآثار والتداعيات السلبية على مجمل الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية!الفساد،حاله حال الطائفية السياسية،قطار رجعي ينطلق دون رحمة داهسا تحته الجميع!
   يتسابق المفسدون لنهب العراق فتغولت الليبرالية المتوحشة واستأسد الفساد فغدا سلوكا نمطيا يطغى على كل ما عداه،وديمقراطية الكرنفالات المتواصلة خير وسيلة لتكريس الاستبداد.الفساد المتفشي في اغلب مؤسسات الدولة كان ولا يزال احد الروافد الحيوية المغذية لعوامل العنف المباشر ومصدر تمويل ثري بالنسبة للجماعات المسلحة،فضلا عنه كونه وسيلة غير شرعية لدى بعض الاحزاب المشاركة في العملية السياسية،لتمويل نشاطاتها واثراء بعض اعضائها دون مراعاة لحقوق بقية المواطنين.جعجعة السلاح تتعالى وطبول الحرب تدق ايذانا بوجود منازلة كبرى بين الفساد ومن يتحمل مسؤولية الدفاع عن المال العام!لمصلحة من يـُحصّن الفاسدون؟

•   الزبونية واللوبي والمافيا في العراق!
 
  كشف مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية في وقت سابق من هذا العام عن"وجود لوبي لتعطيل واجهاض مشروع التعرفة الكمركية في العراق،وطبعا المستفيد الأول من هذا التعطيل هم البعض من فئة التجار،بغية التحكم في الوضع العام للسوق التجارية واستنزاف موارد المواطنين حتى اخر لحظة،والخاسر الكبير هو الصناعة والمنتوج العراقي أي الاقتصاد العراقي وبالتالي المواطن".ويؤكد السيد ماجد الصوري/الخبير الاقتصادي انه نتيجة للصراعات السياسية المقصودة من العراقيين انفسهم والتأثيرات الفردية التي تطفو على السطح،يلعب اللوبي التجاري الموجود في العراق من اجل تأخير الزراعة والصناعة وكافة المجالات التنموية لكي يكون العراق مستهلكاً فقط ومعتمداً عليه اعتماداً كلياً..متى تجتمع الكتل السياسية جميعها على طاولة الحوار لمناقشة موضوع المياه مثلا؟!ويضيف"ان الفوضى السياسية والادارية والامنية والاقتصادية التي يعاني منها العراق ادت الى زيادة سيطرة اللوبي التجاري الطفيلي على المقاليد الاقتصادية في العراق.ولكي يتم حل هذه الازمة يجب على البرلمان العراقي ان يعمل على استغلال جميع امكانياته،من اجل دراسة هذا الملف المعقد،وان يعمل على تفعيل دور منظمات المجتمع المدني من اجل حماية المواطن من هذا الاستغلال الجشع للمستهلك العراقي،بعد ان يقوم بدراسة تركيبة السعر من المنشأ الى المستهلك،من اجل اكتشاف التجاوزات الحاصلة على هذه التركيبة الناجمة عن الاحتكار والتلاعب بالاسعار،وتأشير الاستغلال الفاحش الذي يتعرض له المستهلك العراقي من حيث السعر والنوعية!
   الى ذلك،اوردت صحيفة المستقبل البغدادية في عدد 11/4/2012 ان مصدرا في صنع القرار السياسي العراقي كشف ان رئيس الوزراء سيعين مستشاره للشؤون الاقتصادية عبد الحسين العنبكي محافظا للبنك المركزي بدلا عن محافظه الحالي سنان الشبيبي،فيما هدد كبار موظفي البنك المركزي بتقديم استقالات جماعية في حال اقالة الشبيبي،ويشكل 10 من كبار موظفي البنك لوبي كبير بداخله قد يطيح بالعملة العراقية في حال قدموا استقالتهم!
   رئيس كتلة الحل البرلمانية والنائب عن ائتلاف العراقية/ احمد المساري،يرى انه بامكان لوبي "28 تموز" الذي تشكل لانقاذ مفوضية الانتخابات،سحب الثقة من حكومة المالكي اذا استمرت بنفس نهجها.
   من جهته،اكد احد قادة حزب الدعوة الحاكم في بغداد على ضرورة"تشكيل العرب لوبي يعمل على تقليل ما يتعرضون له من اخطارخارجية محدقة بهم..وان جامعة الدول العربية تستطيع ان تكون لاعبة رئيسة في السياسة الدولية العالمية التي تعنى بفلسطين وقضايا العرب والمسلمين بما فيها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية،اذا ما تمكنت من تكوين جهاز ضغط (لوبي)وفق قواسم مشتركة بين 22 دولة عربية عضو في الجامعة"..
    قيادي في الائتلاف الحاكم اشتكى من تنامي حالة العداء له في اوساط حزب الدعوة وخصوصا من"اللوبي الثلاثي"الذي يضم الاديب والعبادي والسنيد،وقال ان هذا اللوبي هو عبارة عن"مافيا"داخل الحزب تنفذ اجندة خطيرة ابرزها محاصرة رئيس الحكومة وخلق المتاعب له واضعافه سياسيا تمهيدا لدفعه الى الاستقالة وتعيين واحد من الثلاثي بدلا منه،وان سياسة الكيد التي يمارسها اللوبي الثلاثي ضده شخصيا باتت مفضوحة،ووجود هذه الذيول"التعبانة"حسب وصفه في قمة الهرم في حزب الدعوة يعرقل تحول رئيس الحكومة من رجل حزب الى رجل دولة،لان اللوبي الثلاثي يتآمر عليه ويسعى الى مضايقته وعزله!
   يقول العلامة اياد جمال الدين"أزمة الهوية الوطنية لدى الطائفة الشيعية العراقية قائمة ما لم يثوروا على هيمنة اللوبي الايراني على قرارهم السياسي والديني،فالمطلوب من شيعة العراق البرهنة على وطنيتهم العراقية بالثورة على كل ماهو ايراني قبيح سواء داخل المرجعية او احزابهم ومؤسساتهم،فمن العيب على شيعة العراق والعار انهم يدفعون الخسائر والتضحيات والمقابر الجماعية...ثم يأتي الايراني من خارج الحدود ويستلم أعلى المناصب الوزارية ويحتل مقاعد البرلمان،ومن سراديب النجف يتم التحكم بمصيرهم السياسي والديني من قبل المرجعية الايرانية!بينما شيعة العراق العرب مجرد عبيد وخدم ووقود للقتل والمقابر الجماعية وخيرات وطنهم يستولي عليها اللوبي الايراني"!
  ويحذر زعيم حزب الأمة العراقية مثال الآلوسي من ظاهرة تعيين المسؤولين لأقاربهم في دوائر الدولة مما يترب عليه دولة قائمة على"اسس عائلية".بينما تقر موظفة حكومية ان الكثير من المؤسسات المهمة تضم موظفين تربطهم علاقات قرابة او علاقات خاصة،حيث يشجعهم ذلك على الاتفاق على سلبية معينة،او مشكلين جماعات ضغط داخل الدوائر نفسها!وكانت تقارير نشرتها وسائل الاعلام قد تحدثت عن منح اكثر من 75% من الدرجات الوظيفية لأقارب المسؤولين بحسب مصدر في الحكومة العراقية،وان الحكومة تبحث عن آلية لمنع احتكار اصحاب النفوذ لتلك الدرجات!وان الوساطة والمحسوبية والمنسوبية والمحاباة والزبونية تحول مؤسسات العراق الى اقطاعيات عائلية!بعد ان انتشرت في الكثير من دوائر العراق الرسمية ظاهرة توريث الوظائف او منحها الى الاقارب والابناء حيث يثير ذلك القلق من تحول مؤسسات الدولة الى شبكات علاقات تعتمد المحسوبية والمجاملات اكثر من اعتمادها على الكفاءة والعدالة في تخليص معاملات المواطنين!
   النائب لطيف مصطفى عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب يتهم المحكمة الاتحادية"بمحاباة الحكومة في قراراتها"،ويذكر ان اللجنة ستطرح قانون المحكمة الاتحادية على جدول البرلمان عند اسئناف جلساته.واعتبر النائب عن كتلة الاحرار التابعة للتيار الصدري وعضو لجنة النزاهة البرلمانية جواد الشهيلي ان وجود ابناء او اقارب 45 مسؤولاً في السفارات العراقية يشكل"النوع الاول من الفساد"في وزارة الخارجية،مؤكداً ان تلك السفارات لم تجر موازنة ختامية او تصفية لحساباتها منذ سنة 2003!
   مصدر نيابي وفق صحيفة"الناس"علق على ما يجري بالبصرة من مظاهر الفساد بعمـــــليات"فرهود"يقوم بها وزراء وموظفـــون كبار في مختــــلف الـــوزارات العراقية،وان تلك العمليات تأتي انسجاما مع قاعدة انتخابية وسياسية لا مثيل لها في العالم،ترى،ومن دون خجل،ان المقعد الانتخابي يساوي وزارة،والوزارة تعني المال والأعمال والمشاريع الكبرى التي تدر كالبقرة الحلوب على الحزب والمتنفذ السياسي والكتلة البرلمانية طيلة الفترة التي يوجــد فيها مقعده في الوزارة!

   كما كثر استخدام مصطلحات"اللوبي"و"المافيا" و"الزبونية"في الأدب السياسي والاعلام العراقيين!ولا على سبيل المثال:
"اللوبي الايراني يرسخ مفاهيم الملالي في حوزة النجف!"
"اللوبي التركي في العراق!"
"اللوبي الايراني في العراق ولبنان يضغط لدعم الأسد ويخشى اقتراب نهايته!"
"لدى اللوبي العربي الفارسي فلسفته الخاصة،من خلال التكسب المادي والارتزاق من اموال الملالي،ليشكلوا طابورا خامسا يخترق صفوف الامة،ويعطل حركة جماهيرها،بادعاءات ان ايران تعادي امريكا و"اسرائيل" بالخطب العنترية لأحمدي نجاد"!
"يعتبر فوز نوري المالكي،رغم كل سلبياته،اكبر هزيمة وهزة تهز اللوبي المعمم المسيس الشيعي بالعراق"!
"دعوة لتأسيس لوبي شيعي عالمي لحماية حقوق الشيعة"!
"نشاط اللوبي الصدامي ـ الفرنسي في باريس ودمشق"
"اللوبي الصدامي داخل الخارجية القطرية"!
"ان اللـوبـي الـذي يـدعـي التحـدث بإسـم الطـائفـة الجعفـريـة زوراً يُقْصـي كل من له رأي يكشـف مآربهـم في عـزل وتحويـل الإختـلاف المذهبـي المشـروع الـى صـراع طـائفـي مقيـت وإشاعـة الجهـل والخرافـات كطريقـة للتديـن الشيعـي"!
"نجاح اللوبي الاْيراني باْختيار الجعفري رئيساً للوزراء"
"اللوبي الأصولي التكفيري يخترق القضاء الكويتي:الحكم بالسجن لمدة عام مع الشغل على الكاتب والأستاذ الجامعي أحمد البغدادي بتهمة- تحقير مبادئ الدين- !؟"

"مافيا العمائم وحقوق الانسان في العراق"
"المافيا تحكم في عراق ما بعد الانتخابات!"
"دكتاتورية البرجوازية الصغيرة للمافيا السياسية في العراق"
"المافيا الدينية تزيد الان من تكريس فكرة القداسة مستغلة رموزها الدينية لتحولها الى الهة!"
"مافيا نهب الملايين لصالح جيوب شيوخ الفضائيات!"
"مافيا العراق تدعي انها ذات مبادئ وتتخذ من الفكر الاسلامي والقومي والوطني عباءة تخفي من تحتها جرائمها اي انها تتاجر حتى بالدين والقيم!"
"مافيا الثقافة القديمة تُجيد فنّ الازاحة لكل جديد من أجل البقاء والهيمنة على الاوضاع في شريعة ديناصورية لا تنقرض بسهولة!"
"اليوم في حقبة العولمة يتم الى جانب بناء طبقة مافيا/كمبرادور شراء حقول وآبار النفط بالاشتراك مع الشركات الاميركية الكبرى.وذلك عبر تعاقد من الباطن بدرجات منها:
-   ان تشترى هذه الموجودات بأسهم لشركات امريكية وعراقية.
-   ان تكون هناك تعاقدات من الباطن تكون الشركات العراقية قد باعت حصصها للشركات الاميركية.
-   ان هذه الشركات العراقية كانت في الاساس قد استدانت رأسمال حصصها من الشركات الاميركية.
وبهذا تتمكن الرأسمالية الاميركية والمافيا العراقية من امتلاك حصص في آبار النفط بكمية قليلة من النقود،بعبارة اخرى يتم انتاج رأسمالية راقية بدون رأسمال".

"من دولة النخبة والحزب الواحد الى دولة الزبونية والتوريث"
"المحسوبية والزبونية تدمير للمصلحة العامة"
"الزبونية السياسية في عراق ما بعد التاسع من نيسان"

•   الزبونية وليد شرعي للمحاباة والمحسوبية والمنسوبية!

   الزبونية (Clientélisme - Patronage) من"الزبون"،هي المحاباة والمحسوبية والمنسوبية والواسطة وكل تغليب للمصلحة الشخصية على المصلحة العامة وفق مقومات السلعنة الاقتصادية الرأسمالية،تنمو بدوافع عصبوية لا وطنية،عائلية وطائفية وعشائرية واثنية في مؤسسات المجتمع المدني والدولة الحديثة!وهي حالة وسطية بين القيم الاجتماعية الأولى مثل الكرامة والشهامة والتكافل الاجتماعي وبين قيم المنفعة الأقتصادية الرأسمالية،وتنتهي لتتناقض مع روح الثقافة الاقتصادية الرأسمالية التي لا قيمة فيها الا لما يتم بدافع المنفعة الاقتصادية الاستغلالية وفائض القيمة!والزبونية وسيلة سياسية من اجل القضاء على قيم المجتمع الأهلي واحلال قيم اخرى بديلة لها تكرس العلاقات الاجتماعية والسياسية التي تتم في شكل"التبادل السلعي - خذ وهات- الحافز المادي المباشر وغير المباشر"ولخدمة وتنمية وتوسيع هامش المناورة ورصيد التسلط عند الأفراد والمؤسسات في المراحل المبكرة والاولى للتطور الرأسمالي!
   يستخدم الأدب السياسي في بلدان المغرب العربي مفهوم"الزبونية"منذ عهد غير قليل.وهي غير"الزبانية"المألوفة في الأدب السياسي العراقي ابان الحكم الملكي،والتي عنت شرطة وجلاوزة وبلطجية بهجت العطية في حينها!ومعروف ان الغرب الرأسمالي يسعى ليجعل من بلدان المحيط الرأسمالي"زبونا مستهلكا لا منتجا،ومنتجا لا مستهلكا"وعبارة عن بلدات وحارات او قرى فقيرة مبعثرة ومزدحمة،وذلك عبر التهميش الاقتصادي!بالتأكيد،الزبونية هي تحفيز الهويات الجزيئية القومية والاثنية بالمغريات المادية والوعود الطنانة الكاذبة كأسلوب تقليدي للقوى الاستعمارية والامبريالية لاحكام سيطرتها على الدول الوطنية وجعلها دائما تحت السيطرة(Under Control)ولتوجيهها وفق السياسات المرسومة ومصالح اقتصاد السوق!
   الزبونية ميكانيزم تستخدمه السلطات المستبدة  لدمج المجموعات الهامشية والمحيطية التي لها نسقها الثقافي الخاص الذي يوجه سلوكياتها وافعالها!تستخدمه النخب السياسية المتنفذة من اجل فرض نسقها الخاص من القيم،ولتدعيم سلطانها!الزبونية تتحول هنا الى محاباة سياسية او محسوبية ومنسوبية وواسطة سياسية وفق علاقة تبادلية بين السلطات القائمة وباقي المجتمع!والشعب وفق منظور هذه النخب بالفعل زبونا سياسيا واجتماعيا وثقافيا واقتصاديا في حوانيتها ودكاكينها!الزبونية السياسية نظام رعاية سياسية يمنح فيه الدعم السياسي مقابل مزايا مادية،ليصبح دور الدولة هو الدور المهم الاساسي لتوفير الخدمات لأبناء الشعب ولمختلف الجماعات!
   السوق يسيطر عليه الاقوى!صراع الجبابرة الديناصورات،بالوعات العملة الصعبة،عبر حركة التمركز والتركز والاندماجات المتسارعة غير المسبوقة..السوق يخلق كلابه الناهشة(Love me,love my dog)التي تقبض بيد من حديد على السلطات الاقتصادية المتزايدة الاتساع والقوة واحتكار مزيدا ومزيدا من الاسواق،وليس في سبيل حرية التجارة والتبادلات التجارية.وتخدم الزبونية الاثرياء الجدد/القطط السمان الذين يستفيدون من رفع يد القطاع العام عن بعض الأنشطة والمؤسسات لتحقيق ثراء سريع مثلما يستفيدون من الامتيازات الضريبية التي تمنح لهم.هكذا،يتشكل تحالف جديد بين الأنظمة القائمة وهذه الفئة الطفيلية من الأثرياء الجدد الذين يعوضون النخبة المتعلمة ويفرضون الثروة والأعمال كمقياس للنفوذ على حساب الوظيفة السياسية.ضمن هذا الاطار نفهم الزبونية وتراجع هيبة المعطى السياسي وهيبة الدولة الممثلة بوزراء وموظفين لا حول لهم امام جاه الأثرياء الجدد.وتحول الزبونية الاحزاب السياسية الى نوادي اقتصادية لكسب المشاريع والصفقات!
   زبونية العهد الحالي في العراق تكريس للاطار القانوني الذي وضعه بريمر والذي يضمن بقاء الهيمنة الاقتصادية الامريكية والغربية على الاقتصاد العراقي حتى بعد مغادرة القوات الامريكية!فقد حدد بول بريمر ثلاث شروط لتحقيق النمو الأقتصادي في عراقنا:
•   إعادة توزيع إجمالية للموارد والأفراد بابعادهم عن سيطرة الدولة الى المؤسسات الخاصة.
•   تعزيز التجارة الخارجية.
•   تحشيد الرأسمال الوطني والأجنبي.
    تبدو جليا خطة بريمر في تشجيع القطاع الخاص على اعادة توزيع الموارد وتقليص وحتى الغاء الدعم للقطاع العام والسلع الأستهلاكية والضرورية للمواطنين بهدف زيادة الضرائب ورفع الأسعار وخفض القدرة الشرائية للمواطنين،واطلاق حرية السوق،واقحام اختراق الرأسمال الأجنبي لزيادة أرباحه وبالتالي خلق الخلل في الميزان التجاري لصالح الاستيراد على حساب التصدير والغاء دور السلطة في توجيه الاقتصاد،وافقار الشعب،والغاء دور الطبقة الوسطى،وارساء أسس سيطرة حفنة من الأثرياء وحرامية القطط السمان على مقاليد الأمور.
الولاءات اللاوطنية وبالاخص الطائفية والعشائرية اي الوشائج الاصطفائية العصبوية هي خزين الزبونية،والوسيلة والاداة والاسلوب الاكثر شيوعا وامنا اليوم لنشر الفساد كالاموال القذرة وغسيلها،بالاخص المال السياسي القذر!انها تنشط كأخطبوط وسرطان قاتل تحت حماية النخب المتنفذة كالاحزاب/المافيات/الميليشيات ولخدمة الانظمة الاقليمية في المنطقة وفي سبيل الكوسموسوقية السلعية(السوق الكونية) لابتلاع الدولة والمجتمع المدني معا!
يختزل المنطق الزبوني دور المدرسة ومؤسسات التربية والتعليم في الوظيفة الاقتصادية فقط!بينما تستوجب ثقافة الزبونية تكريس ثقافات القطيع والاقصاء والخضوع والخنوع والطاعة والوصاية والاستزلام والاستسلام والانتهازية والوصولية والبراغماتية والموروث الالغائي التخويني التكفيري والاحتكار السياسي والخداع والشقاوة الابدية والروزخونية والبكاء على الأموات والاطلال واللطم على الصدور وضرب الرأس بالقامات وتعذيب الذات واشاعة مشاريع الجهاد(احتراف القتل)الى مالا نهاية والفساد.والزبونية مدرسة مشاغبين يزحفون كالجراد الذي يجعل الحياة هشيما،وهي عبثا متشبثة بأسطورة الاحتكار"ومنها الاحتكار السياسي"والمنجرة عمليا الى مواقع الرجعية اليمينية والوسطية،المعادية للديمقراطية والوحدة الوطنية والاجراءات التقدمية ولجميع التحولات الاجتماعية،وروادها يعانون من ازدواجية رهيبة بين الشعارات المعلنة وبين السلوك الحقيقي على الارض المعرقل لأي تطوير فعلي لحركة التقدم الاجتماعي،بسبب الاصرار على التفرد ومعاداة الديمقراطية.
   الزبونية تجعل من المسؤول في الدولة والمجتمع لا يقرأ النسب المئوية للفشل والعثرات وسوء الأداء،ويكتفي بقراءة نسب النجاح الضيئلة قراءة نفخ وتضخيم،لا تنطلي حيله الا على السذج والعوام!وهذا المسؤول الذي وصل الى موقعه الوظيفي بالواسطة لا تربطه بمن يحيط به من الوصوليين والانتهازيين سوى علاقة المصلحة الشخصية الضيقة الزائلة بزوال درجة نفعها،وهو في اعماقه يحتقرهم ويزدريهم.كما انهم يشاركونه الاحتقار والازدراء بحيث اذا ما خلوا الى بعضهم البعض كما تختلي الشياطبن الى بعضها ذكروه بكل سوء،وذموه شر ذم!

•   جماعات الضغط السياسي والأحتكار الرأسمالي!

 
   يعتبر البعض ان جماعات الضغط واللوبيات والمافيات"شاع استخدام هذه المفاهيم في الادبيات الانجلوساكسونية"،هي من اركان الشوروية والديمقراطية حالها حال الاحزاب وكامل المؤسساتية المدنية والاهلية وباقي اركان الحركة الاجتماعية،لأن الناس بحاجة اليها بشكل او بآخر،في ظروف تاريخية معينة!ووفق هؤلاء،يقع اللوبي هرمياً في الفضاء الفاصل بين الحكومة والبرلمان من جهة،والحركة الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب من جهة اخرى!والمافيات ماهي الا جماعات ضغط و لوبيات غير قانونية تفتقر الى التنظيم والشفافية والتركيز!!
   البعض الآخر يصنف النقابات والمنظمات غير الحكومية وكامل الحركة الاجتماعية المطلبية ضمن جماعات الضغط السياسي،ويطلق عليها تعبير"جماعات المصالح"!اي تستهدف تحقيق مصالح اعضائها،من خلال الضغط على السلطة،مثل نقابات العمال او جمعيات رجال الأعمال او جمعيات قدامى المحاربين وحتى العشائر الكبيرة!
  حقيقة الأمر لابد من التمييز بين جماعات الضغط السياسي وبين الحركة الاجتماعية والمؤسساتية المدنية التي هي ايضا تتميز بالضغط السياسي!وقد اصطلح تعبير جماعات الضغط السياسي على اصحاب الثروة والجاه والمكانة الاجتماعية والسمعة المزيفة،والتي تستخدم اموالها وارصدتها المادية والفكرية للتأثير على السياسة العامة ضمن ما يخدم مصالحها او من اجل تأسيس قوى ومجموعات أخرى ذات قدرة على الحث والتأثير ولتجنيد الرأي العام لتبني قضية او دعم ومعارضة تشريع معين،خاصة في الفترات الانتخابية!ولو استثنينا الجماعات التي تهتم بمصالح الشركات او المؤسسات او الدول،فان اللوبيات"اللوبي/Lobby":هي المجموعات والشلل المتكتلة الضاغطة على صناع القرار في هيئة أو جهة معينة وعلى الرأي العام،اقتصاديا،اجتماعيا،ثقافيا،مدنيا،وسياسيا،في سبيل تحقيق مصالحها وتطلعاتها الطبقية!تتقاسمها عادة الارستقراطيات التقليدية والقوى السياسية المتنفذة المدافعة عن مصالح الاقطاع والبورجوازية التجارية الكومبرادورية والطفيلية والبيروقراطية الادارية والاقتصاديات الموازية!الشلل التي تسلك الطرق القانونية وغير القانونية،وتشيع العصبوية وكل الولاءات دون الوطنية ومظاهر الفساد،وتتسم بالوصولية والانتهازية والنفعية البراغماتية!
   تدل الحقائق التاريخية ان ظاهرة اللوبي تقتصر على الحياة السياسية في الولايات المتحدة والغرب البرلماني المتطور رأسماليا!وما يقال عن جماعات الضغط السياسي واللوبيات في البلدان الاخرى ما هو الا تقليد اصطلاحي لا اساس له،بسبب درجات التطور المتدنية في سلم التطور الرأسمالي والتبعية الرأسمالية الأقتصادية والسياسية!ومعظم دول المحيط الرأسمالي ذات طابع استبدادي الى جانب دكتاتوريات الثيوقراط والحزب الأوحد!وهي دول ذات انظمة سياسية لا تسمح بحركية اللوبي السياسي،الا انها تفرخ عادة الضغط المافيوي السياسي!
  في الجانب المقابل تحتفظ الحركات الاجتماعية لشعوب العالم بحقوقها الشرعية الدستورية في الضغط السياسي على انظمة الحكم القائمة والطبقات الاستغلالية المهيمنة!وحقوق الانسان كل لا يتجزأ ولن تتحقق الا بمجموعها،ولا ديمقراطية مع الفساد وانتشار الامية والمرض والبطالة ومراكز النفوذ وقمع الحريات،ومن حق الانسان ان يقول كلمته في كل شأن من شؤون الحياة ويقاضي الحاكم اذا اخطأ والحصول على الضمانات الاجتماعية وممارسة السلوك الذي ينسجم مع ما هو عصري.
    والمنظمات غير الحكومية،بأي حال من الأحوال،سلطة مضادة تعبوية تضمن قنوات المشاركة والإدماج والتعبير المستقل عن الحكم،وهي الجماعات النوعية او الطوعية او التضامنية التي تعمل على تعبئة اوسع عضوية ممكنة حول هدف عام تتطلب القدرة لتحقيقه،وتتخذ شكل جمعيات او مراكز او روابط  في ظل بعض القوانين المحددة او بالالتفاف حولها مع فروق واضحة على مفهوم الجمعيات الاهلية(الخدمية او الخيرية)!واكتسح مفهوم المنظمات غير الحكومية المفهوم التأسيسي في هذا المجال"الحركات الاجتماعية"،والتي تعبر عن القوى والقطاعات الاجتماعية التي تدفعها ازماتها في المجتمع لبلورة وعيها بالتعبير عنه على شكل انتفاضات احتجاجية او حركات مطلبية تشارك بها منظمة او منظمات!وتاريخيا تبلور هذا الوعي في النقابات والاتحادات العامة والتنظيمات التعاونية..الخ.ويعتمد النظام الرأسمالي الدولي المنظمات غير الحكومية طرفا في التنظيمات المؤسساتية الدولية(المؤتمرات العالمية) لتأكيد مصداقيتها،وبالتالي مصداقيته!!وهو يتعمد نفي دور التنظيمات الجماهيرية او السياسية المنظمة  كالاحزاب والتنظيمات المهنية كالنقابات تحت شتى السبل والحجج الممجوجة!ويصبح نمط  المنظمات غير الحكومية هو النموذج التحليلي الجدير بالاهتمام،وبأسمه يجري قياس الموقف الشعبي وقيادة التحركات الشعبية لتؤكد مصداقيتها الدولية!
   تعبر اللوبيات عن الشبكة الكبيرة من العلاقات السياسية والاقتصادية والبيروقراطية المتماسكة بين صقور السلطات الثلاث / التنفيذية والتشريعية والقضائية من جهة،وكبار المقاولين والمتعهدين وممثلي الشركات النفطية من جهة اخرى!عبر تبادل الخدمات والخبرات والمعلومات والصفقات والتعاقدات.ويقف خلف هذه العلاقات عدد كبير من الخبراء والباحثين الذين يعملون في مراكز بحوث ودراسات متعددة!واللوبي هو الذي يضع آليات العمل ويصيغ استراتيجية الصفقات والعقود النفطية!ويحتل عدد كبير من هؤلاء الخبراء والمستشارين مواقع حساسة في الادارات الاميركية المتعاقبة وحكومات الغرب الرأسمالي!كما يتميز اللوبي بعلاقات وطيدة ومتشابكة مع وسائل الاعلام والقوى والمراكز الاقتصادية والمالية في العالم!
   الجماعات الضاعطة"اللوبيات"ظاهرة ولدها عصر الاحتكارات الرأسمالية والشركات متعدية الجنسية والنزوع الى السيطرة وسلعنة الطبيعة والخصخصة،وطفيلية وتعفن الرأسمال المالي والطغم المالية!وسيطرة الاحتكارات تعني بالتبعية سيطرة جماعات الضغط وفرض الإملاءات السياسية او الثقافية على خطاب الدولة والمؤسسات!والخط البياني لسيطرة جماعات الضغط والمجموعات الاحتكارية في تصاعد،بينما مسيرة هذه السيطرة ما ‏‏زالت في اول خطواتها!ويؤكد البيان الشيوعي على"ان البرجوازية،من حيث استغلالها السوق العالمية،قد اعطت صفة الكوزموبوليتية (العالمية) للانتاج والاستهلاك في كل البلدان...فبدل العزلة المحلية والقومية والاكتفاء الذاتي في السابق،لدينا تعامل في كل اتجاه،اعتماد متبادل عالميا بين البلدان...وزبدة القول ان البرجوازية تخلق عالما على صورتها""انظر:العولمة ورأس المال،الثقافة الجديدة/العدد 281".
    بكلمات اخرى،يسعى اللوبي الى التأثير في الطبقة الحاكمة،ويتشكل على اساس المنفعة الخاصة وجمع الثروات واكتساب وسائل النفوذ حيث ان وجود قنوات مشتركة للاتصال الرسمي وغير الرسمي بين اللوبيات وبين راسمي السياسات العامة،يُعد مسألة اساسية لايصال مطالبها وقضاياها بالسرعة والكيفية المطلوبتين واقناعهم بضرورتها،واهميتها لادراجها ضمن مشاريع ولوائح السياسات العامة!ويسعى اللوبي الى التأثير على سياسة الحكومة بينما يرفض تحمل مسؤولية الحكم!وبذلك يستطيع اللوبي ان يكون الحاكم الفعلي في تسيير السياسات العامة في دولةٍ ما دون ان يعي الجميع ذلك!ويتمتع اللوبي عادة بدور هام على صعيد الحياة السياسية العامة،الا انه دور السيف ذو الحدين،المعبر عن الطموحات العامة والمصالح الاقتصادية الضيقة معا!


بغداد
20/8/2012
  




غير متصل سلام ابراهيم كبة

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 286
    • مشاهدة الملف الشخصي


مدخل عصري لتحليل بنى الفساد المركبة في العراق/القسم الثاني

                                                                                                                              سلام كبة


•   المقدمة
•   الزبونية واللوبي والمافيا في العراق!
•   الزبونية الوليد الشرعي للمحاباة والمحسوبية والمنسوبية!
•   جماعات الضغط السياسي والأحتكار الرأسمالي!
•   اللوبي والمطبخ السياسي!
•   الماسونية جماعة ضغط تتصاعد وتخبو دوريا!
•   المافيا،والأصل"مهياص"!
•   الخلاصة والمهام!

•   اللوبي والمطبخ السياسي

 
 اصل كلمة lobby هي كلمة الألب او الإلب،والتي تعني تجمع الناس،كما ورد في الحديث الشريف:"إِنّ الناسَ كانوا علينا إِلْباً واحِداً"،ونحن نستخدم الفعل ألّب ويؤلّب بمعنى جمع ويجمع.فمثلا نقول:يؤلب الناس على فلان،اي يجمعهم على هدف واحد ضد فلان!وكلمة لوبي lobby تعني ايضا"الرواق"اي مدخل الفندق او صالته،وقد اختير هذا التفسير للاعتقاد السائد بان النخب كانت في البداية،تلتقي ب"اصحاب النفوذ"في"الاروقة"حيث يتم اعداد"الطبخات السياسية"!وشاع استخدام الفعل"to lobby"بداية القرن التاسع عشر للدلالة على زيارة احد اللوبيات بغرض التأثير على اعضاء مجلس ما!
   لقد برزت ظاهرة "اللوبي"بقوة في الولايات المتحدة،فالمجتمع الأميركي يمثل تنوعاً عرقياً وثقافياً واقتصادياً متميزا،وافرز هذا التنوع على مر السنين مجاميع سكانية مختلفة شكلت في ما بعد تيارات وجماعات ضغط صارت تدخل في عصب الحياة السياسية والاقتصادية،لاسيما والولايات المتحدة تنتهج سياسات ضغط على دول كثيرة من العالم ينحدر منها اغلب سكان الولايات المتحدة.
   اللوبي الصهيوني"ايباك"او"اللجنة الامريكية الاسرائيلية للعلاقات العامة"بلغت تأثيراته مفاصل الادارة الاميركية مما جعل السياسة الاميركية اسيرة لمصالح هذا اللوبي،وشكل ذلك الواقع نشوء لوبيات مواجهة للوبي الصهيوني صارت تدافع عن مصالحها بعد ان كانت اكتفت بالدفاع عن وجودها!ومع احتدام معارك السياسة تشتد المعارك الداخلية والتي باتت ساحاتها الاقتصاد والسياسة الخارجية الأميركية بالتحديد!هناك اكثر من 100 الف لوبي ناشط مسجل في واشنطن معظمهم مركزون في قضايا محلية!وان لهم تأثيرا رئيسا على التشريعات الداخلية والتصويت لأعضاء الكونغرس او عن طريق الاتصالات الشخصية بالمسؤولين والتبرعات المالية للاحزاب السياسية والسياسيين،ولهم تأثير قوي في السياسة الخارجية كما في السياسة الداخلية!
  حرية التعبير والاجتماع والاعتقاد وحق التقدم بالالتماسات وما الى ذلك من حقوق سياسية وضمانات دستورية شكلت الأساس القانوني والسياسي لقيام جماعات الضغط السياسي في الولايات المتحدة طبقا لقانون تنظيم جماعات الضغط الصادر عام 1946،والذي اصبح بموجبه،ولكل جماعة بشرية او مؤسـسة او دولة اجنبية ان تنشئ جماعات ضغط محلية مسجلة باسمها في الكونجرس،وتتدخل نيابة عنها في اي سياسات عامة او قرارات متعلقة بها،الأمر الذي اسهم بدوره في افساح المجال امام جماعات الضغط لتمارس وبشكل قانوني وعلني أدوارها ووظائفها في العملية السياسية الامريكية في بعديها الداخلي والخارجي!

  تحرص اللوبيات على:   
•   ممارسة ضغط كبير منظم وممنهج قصير المدى على صناع القرار!
•   التأثير فى الحكم وقيادته بصورة غير مباشرة عبر وسائل مختلفة على رأسها انشاء شبكة العلاقات مع متنفذي الحكومة والبرلمان والقضاء والقانون ورجال الدين والأكاديميا والسياسة والإعلام،النفوذ والتأثير في الدولة وعلى الدولة،في الرأي العام وعلى الرأي العام!ورصيد اللوبي دائما هو العلاقات في اتجاهات الضغط وخدمة مصالحه الطبقية.
•   لا تعمل على استلام الحكم كما تحاول وتعمل الأحزاب،ولا تبرر قرارات الحكومة والبرلمان كما يفعل الحزب عادة،لا سيما اذا استلم الحكم او كان جزءا منه!وقوة وفعالية اللوبي تتناسب طرديا مع ضعف الاحزاب السياسية وعكسيا مع قوتها!فالعلاقة بينهما تكاملية وظيفية واستبدالية في آن!
•   رفع مستوى ادائها ومهاراتها وفنونها المحورية في القوة التفاوضية وكفاءة التواصل التفاوضي،التكتلات،ادارة الأزمات،ادارة الرأي العام،النفاق السياسي،النفعية البراغماتية،الفوضى البناءة!
•   ان تفرض على اعضائها الولاء لها،وهذا ينافي ولاء العضو للجماعة الكبرى وهي الشعب،اي يتسيد اللوبيات الولاء دون الوطني!وهذا تطلب منها تحقيق ما يمكن من التوازن والتوافق في الاهتمامات والعلاقات بين التزامها بالمصلحة العامة العليا،وبين مصالحها الذاتية او الفئوية او الطبقية!
•   اتباع تكتيك المساومة المستترة بسبب الخوف من ان تؤدي العلانية الى تفاقم التناقضات،وكذلك بسبب الطبيعة السرية للنشاط الأقتصادي الخاص!
•   ممارسة قانون ''الحسبة'' السياسية على كل من ينتقد مصالحها الطبقية والعصبوية!
•   تحقيق اهدافها على حساب فئة او فئات اخرى من الشعب وإن كانت اكثر منها عددا!
•   تنمية مصادر قوتها الداخلية/قاعدة غير هشة من التأييد الجماهيري،السياسة العامة للجماعة،الموارد المادية والمعنوية،العلاقة بالقوى الأخرى،منظومة القيم التي تؤمن بها والقضايا والموضوعات التي تتعامل فيها وتسعى الى تحقيقها...الخ!.
•   ترويج وتوطيد أفكار محددة عبر آلية الاقناع،وافكار أخرى عبر آلية التهديد!واستهداف الأفراد المؤثرين في مراكز القوى لتشجيعهم على تبني افكار محددة!
•   المرونة في اختيار الوسائل والبدائل السياسية المحققة لأهدافها من بين الآليات المتنوعة المتاحة(التعامل مع البرلمان،الحكومة،اعضاء اللوبي المعتمدين،..)!
•   بحكم قدرتها الاقتصادية تسعى الى الانفاق على الدعاية والمؤتمرات الجماهيرية في الحملات الانتخابية،وشراء اصوات الناخبين ذوي المستويات المعاشية المتدنية!ويلجأ الى دعمها اغلب المرشحين مقابل عقود واتفاقات مسبقة تنص على خدمات يقدمها المرشح الحاصل على مقعد في البرلمان من خلال موقعه البرلماني!
•   تطبيق مفهوم الجهد الجماعي الهادف الى اثارة قضية ما،ونقل الفكرة المراد تبنيها  لتصبح قراراً مجتمعياً من خلال حشد اكبر تأييد جماهيري شعبي للقضية موضوع البحث!والتفنن وسلوك كل الاساليب والطرق الملتوية واللعوبة كي تكون الفكرة الهدف المراد تبنيها محط اهتمام وفضول الآخرين!
•   عدم الانخراط في المؤسساتية المدنية وتنظيمات الحركة الاجتماعية،مع الحرص على الاستفادة القصوى من النضالات المطلبية المتنوعة بما ينسجم مع تطلعات اللوبي الطبقية.
•   عدم الانخراط في الأحزاب الديمقراطية والتقدمية واليسارية والعمالية لتناقض اهداف وبرامج هذه الاحزاب مع تطلعاتها الطبقية وميولها التكتلية،وعدم الانخراط في النشاطات الاحتجاجية السلمية للطبقة العاملة والفقراء والكادحين،لافتقادها الروح الثورية التي لا تنسجم مع مساعيها الاصلاحية المهادنة!
•   المسارعة الى الانخراط في الدكاكين السياسية،اذا كانت توصلها الى التماس المباشر مع ممثلي السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية!والتنقل بين الاحزاب الحكومية دون حرج واعتماد تصيد الفرص!
•   متابعة وترقب الكتل السياسية التي تنال الأغلبية البرلمانية وتحمل المسؤوليات الحكومية للهرولة الى الانخراط فيها،وضمان تعجيل وتقريب امد تحقق تطلعاتها الطبقية!
•   اعتماد الزبونية والمحاباة،والمحسوبية والمنسوبية،وعرقلة الدواليب المحركة لعجلة الصالح العام الضخمة!وكسب رضى وضم العديد من ابناء المسؤولين السياسيين واقاربهم الذين اصبحوا من كبار رجال الاعمال اعتمادًا على نفوذ آبائهم واقاربهم،واصبح بعضهم اقرب الى رجال الاعمال منه الى السياسة،اي اصبح بعضهم مدافعًا بقوة عن مصالح رجال الاعمال وكبار التجار التي تتفق ومصالحه.
•   زيادة نسبة رجال الأعمال والتجار والكومبرادور داخل المجالس النيابية ومجالس المحافظات والقوى السياسية المتنفذة والحاكمة كي تتاح لها الفرص المطلوبة لتوجيه النظام السياسي الوجهة التي تحقق مصالحها،من خلال السيطرة على هيكلية صنع القرار السياسي،بذلك يكون الجمع بين السيطرتين الاقتصادية والسياسية.
•   ممارسة كل اشكال الفساد المتاحة على مذبح الفقر والبطالة والامية والجهل!وعبر شراء المواقف وضمائر الجهلة وبعض الاعلاميين والانتهازيين!
•   تعميق التحالف بين صناع القرار السياسي ورجال الأعمال والتجار والكومبرادور لتحقيق مكاسب مشتركة قد يكون الكثير منها غير متسق مع المصلحة العامة،وفي غير صالح الفئات الأخرى الغير قادرة على ايصال ممثليها الى المجالس النيابية بنفس القدر المتاح لأصحاب الثروة والجاه!
•   ضمان استمرار انتاج واعادة انتاج الشروط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تتحقق بها مصالحها الطبقية!وتشجيع اقتصاد السوق والليبرالية الاقتصادية!واللامركزية في الحكم،ومبدأ الفصل بين السلطات!
•   الهيمنة التامة على اكثر المؤسسات الاقتصادية،وعلى سوق الاوراق المالية!
•   شراء حقوق ملكية المؤسسات الاعلامية والنوادي الرياضية ذات الجمهور الكبير والشهرة الاوسع!
•   وبحكم تخصصها وتمارسها بمهامها،تحرص على امتلاك وسائل الوقوف على البيانات والاتصال بالجهات الموثوق بها واهل الخبرة في مختلف الوان المعرفة!

•   الماسونية جماعة ضغط تتصاعد وتخبو دوريا!

  الماسونية،اقدم وانشط جماعة ضغط هائلة النفوذ عبر التاريخ،حتى يومنا هذا!وهي حركة باطنية سرية تفردت بخصوصية العلاقة"المقدسة"للسر والعلن من خلال قلب موازينهما الظاهرية والباطنية!وتعرف نفسها للملأ كحركة أخوية عالمية اهدافها المساعدة المتبادلة والصداقة وخير الناس،لكنها تظهر الجزء الأيسر مما تخفيه،وتخفي الجزء الاعظم مما تظهره وتسعى اليه!يذكر ان الاخويات هي جمعيات دينية مسيحية ذات طابع تربوي تعليمي تهذيبي ديني،ومن اشهر الاخويات،اخوية"سيون"التي تضم 1093 عضوا،مقسمين على 7 مستويات!وكل ما صعدنا في الهرم كلما قسمنا العدد على ثلاثة حتى نصل الى اخر مستوى،وهو النوطونيي الذي يحتله شخص واحد فقط!وهناك اخوية"فرسان العذراء"التي ظهرت الى النور عام 1958،بعد مائة سنة على اعلان عقيدة"الحبل بلا دنس"،واصدرت لها كتيب صلاة فرض وقانونًا خاصًا بها ودليلاً للمسؤولات والمسؤولين يتجاوب مع حاجاتهم،ومن اهدافها:تنشئة الأجيال على الانجيل والعيش ضمن الجماعة المسيحية!
      وكما ان كلمة لوبي ولدت في بريطانيا  فإن الماسونية او البناءين الاحرار اذا اردنا ترجمة الاسم بالفرنسية"‏FRANC-MACONNERIE" ولدت هي الاخري في بريطانيا لتعبر بعدها بسرعة المانش لتصل الى فرنسا وتلعب دورا شديد الخطورة في نشر افكار الحرية والمساواة والاخاء،فاذا ما اندلعت الثورة الفرنسية كانت الماسونية مع احتكار عصر التنوير هي وقودها الروحي بل ان الثورة اتخذت نفس شعار الماسونية الحرية والمساواة والإخاء شعارا لها!‏
    يعتقد الماسونيون ان الماسونية لها جذور عند المصريين القدماء،ولعل اعمال الموسيقار موزارت وخاصة الناي السحري وايزيس افضل تعبير عن هذا الاعتقاد!‏وقد ادرك نابليون بونابرت بعد عودته من مصر عام ‏1801‏ اهمية احتواء المد الماسوني والافادة منه بقدر الامكان!فعين اخاه جوزيف مشرفا علي المحافل الماسونية،واصبحت الماسونية منذ ذلك الحين طرفا خفيا في الحياة السياسية الفرنسية اما عن طريق جلسات العمل والندوات والموائد المستديرة حول الموضوعات الحساسة التي تهم المجتمع والتي تنظم دوريا ويدعى اليها كبار الشخصيات،واما عن طريق تعيين اعضاء لها كوزراء في الحكومات الفرنسية المتعاقبة،وكذلك عن طريق تجنيد كبار موظفي الدولة والذين يشغلون مواقع حساسة ليصبحوا اعضاء في المحافل الماسونية المختلفة‏.‏وقد عمل الماسونيون والاشتراكيون في فرنسا معا يدا بيد!اما بشكل نبيل للدفع بأفكار التقدم،واما بشكل مؤامراتي لإسقاط اليمين ومحاربة اليمين المتطرف بشكل خاص!وكان اشهر الوزراء الماسونيين في عهد ميتران هو ميشيل شاراس وزير المالية الذي كان ايضا احد اقرب المقربين للرئيس الا ان كل هذه السلطة لم تمنع الفضائح المالية من الانفجار والظهور لأول مرة عندما ثار احد القضاة الفرنسيين احتجاجا علي تغلغل الماسونيين في الجهاز القضائي ووزارة العدل الفرنسية!
   تاريخيا ظهرت الماسونية نهاية القرن السابع عشر  في بريطانيا كحركة فكرية – سياسية وثقافية روحية باطنية واتخذت هيئة الدين الجديد للمثقفين المتنورين عبر سيادة تعاليم وتقاليد الرجعة والخلاص وافكار الحركات الاصلاحية الدينية واعداد المقدمات الاجتمااقتصادية والسياسية – الفكرية والاخلاقية – النفسية لمتطلبات صيرورة(العالم الجديد)اي عالم العلاقات الرأسمالية الصرف وآلهتها الجديدة - المال.اصول الماسونية ترجع الى القرون الوسطى وازدهار حقبة الطلب على البنائين لبناء القلاع والكاتدرائيات الكبرى،ومن الروايات الشائعة عن نشأة الماسونية كما يورد"بات مورغان"في كتابه"اسرار الماسونيين الاحرار"و"جون هاميل" و"روبرت غيلبرت" في كتابهما "الحركة الماسونية: احتفال بالصنعة""انها امتداد لتنظيم عسكري منقرض كان يعرف باسم فرسان الهيكل ظهر نهاية الحملة الصليبية الأولى (1095- 1099) على المشرق العربي"!
   تمتلك الماسونية 3 اقسام اساسية:في المقدمة "المحفل الأزرق" وهو مكون من ثلاث درجات تبدأ بدرجة"تلميذ الصنعة المستجد"ف"زميل الصنعة"و"البناء المعلم"،القسم الثاني الاعلى هو"الطقس اليوركي" المكون من 10 درجات،القسم الثالث"الطقس الاسكوتلندي"المكون من 32 درجة.واعلى درجة ماسونية هي الدرجة 33.وفتحت الماسونية بباطنيتها ونخبويتها الاجتما- ثقافية المجال امام انتقال العناصر غير النصرانية كاليهود والمسلمين،من الشيعة والسنة،من عوالم الغيتو الى الفئات الاوربية المتنورة!بمعنى اخرى،النشاط الجاد في الدخول المباشر الى الطبقات العليا،واختراق قيادات الحركات السياسية وتمويلها لدعم الانظمة او مناهضتها،والضغط على مراكز اتخاذ القرارات!
   ارتبطت الماسونية بالسرية التامة والتكتم النادر عبر قسم الانتماء ومعاقبة المخلين به او من يكشف عن اسراره واهدافه النهائية،والخائن يعرف مصيره المحتوم على الطريقة الجاكية.ارتبطت الماسونية بالرموز والاشارات والتعليقات واشكال التحية والمصافحات السرية كتقليد يعود الى البنائين في القرون الوسطى استخدموها للتعرف على بعضهم ولـ"الحفاظ على اسرار المهنة".الفرجار والكوس كشعار للمحفل يرمز الى"الطبيعة الأخوية"للماسونية كما يدعي فطاحلها!اما النجمة او القمر او الشمس او العين في الداخل فترمز الى الحقيقة المطلقة!بينما الحرف اللاتيني G فيمثل أول حرف من كلمة God اي الله،فالماسونيون"ملزمون"بالايمان بوجود كائن اسمى يسمونه"مهندس الكون الاعظم"وان كانوا لا يطلقون عليه اسم الله.الا ان د. كاثي بيرنز" تقول"ان الحرف G يمثل كوكب الزهرة(كوكب الصباح)،وكوكب الزهرة يمثل العضو الذكري عند الرجل،وهو يمثل عند الماسونيين الاله"بافوميت"(الاله الذي اتهم فرسان الهيكل بعبادته في السر).
   والمثير للانتباه،العدد الضخم من الفرنسيين الاعضاء في المحافل الماسونية.وتعمل النساء في محفل واحد فقط اذ ان الماسونية تكاد تكون محرمة على النساء!فاذا ما علمنا ان هذه الاعداد الضخمة من الاعضاء يشغل معظمهم مراكز حساسة في الجهاز الاجتماعي الفرنسي لادركنا خطورة وقوة الماسونية الفرنسية كجماعة ضغط ،وادراك صانع القرار السياسي الفرنسي بوجوب اخذها بنظر الاعتبار!‏
   حسب قواعد الماسونية يمنع على الماسونيين مناقشة قضايا سياسية ودينية في خلواتهم،هذا لم يمنع ان العديد من الشخصيات السياسية والدينية في التاريخ كانت في صفوف الماسونية وابرزها رئيس الوزراء البريطاني الاسبق"وينستون تشرشل"ورئيس الكنيسة الانجليكانية الراحل"جيفري فيشر"الذي توج الملكة اليزابيث الثانية.يذكر ان قانون الجمعيات غير الحكومية البريطاني الصادر عام 1799 لم يطبق على جمعية المحفل الماسوني،التي تعتبر اعرق جمعية سرية عرفتها بريطانيا والعالم!وكان اعضاء هذا المحفل من الحكام ورجال الشرطة المتنفذين والسكوتلانديارد وبلديات المدن ورجال السياسة واعضاء من العائلة الملكية حيث المحسوبية والفساد تحت ستار(الاخوة)وعبر رموز وكلمات السر والتغلغل داخل المجتمع البريطاني وتسلق سلم المسؤوليات بسرعة غريبة عجيبة وحماية السمعة.
   تعتبر جمعية(بناي بريد)التي تأسست عام 1843 في نيويورك ماسونية يهودية خالصة وحتى ما فوق الماسونية.وكان لافير الرئيس الاعظم لجمعية(الشرق العظيم)الماسونية الفرنسية.وارتبط عبد القادر الجزائري بالماسونية عام 1860 عبر محفل باريسي ضم الشخصيات القريبة من الحكومة الفرنسية وانتمى لها في مصر عام 1864 ليصار قائدا لأحد محافلها في دمشق.ونشرت(بروتوكولات الحكماء الصهاينة)الماسونية  باللغة الروسية عام 1901،بينما كان اغلب اعضاء الحكومة المؤقتة عام 1917 في موسكو من الماسونيين.وفي الثلاثينيات،كان هناك محفل خاص باعضاء مجلس البرلمان عن حزب العمال!
   الماسونية - رد فعل رقيق ظاهريا وعنيف متطرف جوهريا على النظام السياسي القائم والسلطات الرسمية،وتقترب من  التصوف الواعي كحالة ترحل بعيد عبر التسامي والتعالي والانكفاء الحالم المنظم لتحقيق اهداف الخلاص الرأسمالي الاحتكاري والطغم المالية،ولتحويل الاحزاب السياسية الى مؤسسات تدار على هيئة شركات مساهمة من قبل المساهمين الكبار ومن ثم تقزيم الاحزاب – الشركات ولا ضرورة لأبناء الشعب وكادحيه.ويكفي لهم وجود التمويل الغامض المنشأ والكادر الضيق من الموظفين الذين يطلق عليهم مجازا اسم الكادر الحزبي.وتلائم هذه الاحزاب الماسونية لأنها تصار الى كلاب صالونات تعوي ولا تعض.وتضم الماسونية زعماء وقادة وشخصيات متنفذة من دول عربية واسلامية وشرق اوسطية،بالاخص العراق ومصر وايران وسورية والاردن ونركيا واسرائيل!وقد منعها رسميا الرئيس الراحل جمال عبد الناصر دون ان يدرك مدى نفوذها وقوتها واختراقها قيادته العسكرية!
   الماسونية العالمية كغيرها من التنظيمات تاريخيا تتصاعد وتخبو حسب التوظيفات السياسية للقوى الكونية المعاصرة لها!وتاريخيا كانت تخضع لسيطرة وتوجيه السلطة السياسية في الدول التي تعمل وتنشط فيها!وهي كجماعة ضغط ذات نفوذ واسع ارتبطت مع جماعات الضغط الموازية كالصهيونية بوشائج قوية!كما ارتبطت بالاستخبارات الغربية وخدمة التاج البريطاني والدعاية له،ثم غيرت ولاءها الأول الى الولايات المتحدة مع استئثار الاخيرة الهيمنة والنظام الاحادي القطب.وتمتلك الحركة الماسونية العالمية ميزانية وثروات ضخمة تشرف على رعايتها كبار البنوك الغربية والمنظمات الصهيونية والتنسيقية مثل نادي بيلدر بيرغ واللجنة الثلاثية برئاسة روكفلر،واداتها التنفيذية هي المخابرات المركزية الاميركية التي تخاطب الطبقة الاجتماعية ذات الامكانيات المادية والثقافية الجيدة!وينتسب نادي روتاري انترتاشينال الى الماسونية البيضاء اي غير النظامية.ومن جهتها سعت الصهيونية كجماعة ضغط رفيعة الشأن الى خلق السنهدرين(الحكومة السرية الخفية)لابقاء التكتل اليهودي في العالم يعمل بفعالية ونشاط ،ويلقب رئيسه بالامير!وهناك السنهدرين الاعظم والسنهدرين الاصغر.
   تعرف الشعب العراقي على الماسونية من خلال التاثير الاجنبي – الرجعي عبر الحملات والجمعيات  التبشيرية ونوادي اخوان واخوات الحرية،ومكاتب الارشاد والمعاهد الاهلية لتدريس اللغة الاتكليزية،وجامعة الحكمة وكلية بغداد،وتأسيس حزب البعث والاتحاد الوطني لطلبة العراق،وعبر المؤسسات التعليمية الملكية البريطانية والاميركية في ميادين الطب والهندسة والاقتصاد.واغوت الماسونية في العراق النخب السياسية منذ النصف الاول للقرن العشرين التي رأت فيها الظهير القوي لاسناد ودعم نفوذها والحفاظ على سمعتها ولجم التأثيرات الديمقراطية المعادية للرأسمالية والقوة الروحية المعادية للاستعمار.فتورطت هذه النخب فيتشيا في الطقوس الماسونية ولتعيش ازدواجيتها داخل وخارج العراق خاصة ابان العهد الدكتاتوري البائد.
   تضم الماسونية شخصيات في الهرم السلطوي في العراق وفي مجلس الوزراء ومجالس المحافظات الى جانب ادارات العديد من شركات القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية والنقابات والجمعيات الاهلية والمرجعيات الدينية والمافيات ومجالس الصحوة ورموز في الاعلام والثقافة والطب والفن والهندسة!مع احتفاظها بالحرس الخدمي القديم من قادة حزب البعث العراقي!كما تضم الماسونية مفارقة رموز متنفذة في الاستخبارات الايرانية"اطلاعات"والاسرائيلية والمخابرات السورية والاردنية معا.
   اسهمت الماسونية  بباطنيتها ونخبويتها في تأجيج الطائفية الشيعية وطائفية الدولة العراقية معا وفي التغريب الثقافي والروحي للمواطن العراقي وبذر روح العداء بين الاقليات الأثنية،وفي التعشير الجديد والنشاط المافيوي والصهيوني.وتسهم الماسونية اليوم في العراق كجماعة ضغط ،في تصعيد نجم  الادعاءات المجانية في الدفاع عن الحقوق المهضومة لهذه الطائفة أو تلك ليجري اختراق الميدان من بوابة الزعم بتمثيل طائفة بعينها من منطلق تقسيمي مرضي ينزع الهوية الوطنية ويرجع بالشعب العراقي الى الوراء قرونا عديدة، حيث نظام الطوائف ما قبل الدولة وقبل التنظيمات الحديثة التي تفرضها سنن التطور والاستجابة لحاجات الانسان وحقوقه التي يتطلع اليها!
   تستهدف الماسونية سرقة الديمقراطية النسبية التي تمتع بها الشعب العراقي اثر انهيار الدكتاتورية وتغليب مصالح الليبرالية الرأسمالية والطبقات الكومبرادورية والطفيلية والنهج التوافقي المحاصصاتي،ودعم الطائفية السياسية واصحاب الخطاب الانشائي الفضفاض لضمان تواجد شارع مسلوب العقل والارادة كما فعل صدام حسين،وبما ينسجم مع مصالح الغرب الرأسمالي ورغبات الانظمة الأقليمية!وكذلك تحجيم الثقافة الوطنية الديمقراطية التي تخدم السلام والاستقرار وتضمن حرية التعبير،واشاعة الثقافات المتهافتة واليقينيات المطلقة بامتلاك الحق المقدس!وتعادي الماسونية الشيوعية والفكر العلمي والمنهج المادي الجدلي،بينما تشجع انتشار السوفيستك الديني والبراغماتية على نطاق اوسع!ويبدو ان الماسونية عي رائدة محاولات فصل القضية الكردية عن الديمقراطية لعموم العراق وسط خارطة الظروف الموضوعية المعقدة التي تحيط بالقضية الكردية بشكل عام،والامل في احتواء وعرقلة تنفيذ المادة(140) من الدستور الدائم،وتأجيل تطبيع الأوضاع في كركوك وتجاهل الحقوق المشروعة للكرد تحت ستار مراعاة مصالح دول الجوار.المهم عند الماسونية رهن مستقبل العراق الاقتصادي بالخضوع لوصفات البنك الدولي والمؤسسات الرديفة وباعادة توزيع الموارد والأفراد عبر ابعادهم عن سيطرة الدولة الى المؤسسات الخاصة واتباع سياسة الباب المفتوح للاستيراد!

•   المافيا،والأصل"مهياص"!

   اليوم تستخدم كلمة المافيا مجازاً للدلالة على اقصى درجات الاجرام تنظيماً ووحشية!ويرجع تاريخ المافيا الى القرن الثالث عشر مع غزو الفرنسيين لأراضي صقلية الايطالية عام 1282 بعد فساد نظام الحكم في فرنسا،اما المافيا بشكلها الحديث فلم تعرف الا في نهاية القرن التاسع عشر،ومن ثم اكتسبت المزيد من الشهرة لتظهر كأقوى منظمة اجرامية عالمية من خلال انتقال جزء كبير منها الى الولايات المتحدة مع مطلع القرن العشرين.
   اصل كلمة مافيا هو"mafiusu" باللهجة السيسيلية،والبعض يرجعها الى كلمة شعبية عربية"مهياص"،ومعناها عدواني وعنيف ومتشدق!بينما تقول حكاية ايطالية قديمة بأن جزيرة صقلية شهدت مرحلة نشوء وتبلور منظمة سرية لمكافحة الغزاة كان شعارها:
   "Morte Alla Francia Italia Anela"
   اي
   "موت الفرنسيين هو صرخة ايطاليا"
   فجاءت كلمة مافيا(MAFIA)  من الحروف الأولى لهذا الاسم واصبحت رمزاً للمنظمة!
   وهناك من يذكر بأن نشأة المافيا كانت نتاجاً طبيعياً للتمرد والعصيان الذي ظهر بصقلية عقب قيام أحد الغزاة الفرنسيين بخطف واغتصاب فتاة ايطالية في ليلة زفافها عام 1282،مما اشعل نار الانتقام في صدور الايطاليين فسفكوا دم الفرنسيين انتقاماً لشرفهم واعراضهم!وكان شعارهم في ذلك اليوم هو الصرخة الهستيرية التي اطلقتها ام الفتاة وهي تجري في الشوارع صارخة:"Ma fia, Ma fia".."ابنتي،ابنتي"!ويؤمن الكثير من زعماء المافيا بالتفسير الأخير،ويشيرون اليه بشكل دائم لما فيه من معاني حسنة،تقوم على الدفاع عن العرض والشرف والذود عنه،على الرغم من ارتباط اسم المنظمة بالإجرام والاغتيال فيما بعد!والمافيا الأميركية الحديثة تشكلت مع انتقال الايطاليين من صقلية ونزوحهم الى الولايات المتحدة،ويقدر عمرها بقرن من الزمان،وتتميز بتخلصها من طابع المافيا الايطالية وتقاليدها!
   المافيا جهاز معقد يبدأ تكوينه بما يسمى ب(العائلة)!مجموعة من الأشخاص يجمعهم رابط معين كرابطة الدم،الصداقة،النسب..او حتى المدينة احياناً،ويتزعمها عادةً أقوى الأفراد شخصية واجدرهم بالقيادة،وتتم مبايعته من بقية الأفراد!وتكون لكل عائلة سمة معينة او نشاط اجرامي يميزها عن بقية العائلات!تأتي بعد ذلك الوحدة الأكبر او العائلة الكبرى،بإنضمام عدد من العائلات المتشابهة في النشاط الى بعضها!ويتزعمها زعيم منتخب من العائلات الصغيرة!ويخضع الجهاز بأكمله الى القائد الكبير للمافيا!واحياناً قد يشارك في ادارة دفتها اكثر من قائد ممن يشهد لهم بالكفاءة والتاريخ!
  المافيا:هي"النخبة الاجرامية"على وزن"النخبة الثقافية"و"النخبة السياسية"..الخ!جمعية او جمعيات سرية ذات سمة اجرامية وتتصف بالاستمرارية وقدرة التنظيم عبر توارث الاجيال،وبالتراتبية عبر التشكيل الهرمي الذي يتربع على رأسه العراب الشيخ الاغا الزعيم الجنرال..،وتقوم اساسا على مبدأ الطاعة التامة!وتقوم بتجنيد الاعضاء على اسس الانتماء العائلي او الطائفي والاثني،وتسيطر على بقعة جغرافية معينة!كما تتأسس على اوهام غيبية معتمدة الخرافات والاساطير!
  في بلادنا انتعشت المافيوية منذ اعتلاء البعث مقاليد الحكم في العراق وبذله الجهد لضخ شبكات القرابة في القوات المسلحة والادارات الحكومية للتخلص من قوة العشائر خارج الدولة!وهذا بدوره اذكى شبكات القرابة خارج الدولة بوصفها دريئة حماية وأمن وطمأنينة،ومع ضعف خدمات الدولة تحت تأثير الحروب والعقوبات!وانتصبت المافيات الحكومية في عملية اندمجت فيها الانساب العشائرية والرموز القبلية في الدولة نفسها لتعزيز مواقع النخبة الحاكمة الهشة،واقتصرت العملية على بعض العشائر العربية السنية واقارب النخبة!كما انتصبت المافيات عموما في المجتمع كعشائرية اجتماعية معبرة عن فقدان الدولة لقدرتها على التحكم بمجتمع حضري معقد متنوع كبير،وبسبب آثار الحروب والحصار والعقوبات!
   وشرعت الدولة العراقية،منذ ذلك التاريخ،في اسناد المهمات الوظيفية للمافيات الوليدة مثل الصلاحيات القضائية وجمع الضرائب،وفرض النظام على العصابات المحلية الصاعدة وشبكات القرابة التي اوجدتها!وبفعل الدولة الاستبدادية اللعوب فان المجموعات العصبوية التي أعيد بناءها كمافيات عملت وتعمل كامتداد للدولة،لكنها عكس المافيات الحكومية،تجاوزت خطوط التقسيمات القومية والدينية العراقية.ولاحقا اكتسبت العديد من المافيات شبه الاستقلالية في العمل والاجرام والنشاط الميليشياتي،خاصة مع الاحتلال الاميركي والطائفية السياسية الحاكمة!
   المافيا في العراق هي من آثار الصدامية والنظم الشمولية لتحويل المجتمع الى ثكنات عسكرية مغلقة بمعنى الكلمة ابتداءا من تكديس السلاح الى تجنيد المواطنين واحكام القبضة عليهم بغية تطويعهم وسهولة اخضاعهم وصولا الى تحقيق طموحاتها واشباع رغباتها المريضة،وهي تحول ابناء الشعب العراقي الى كائنات مغلوبة على امرها تتحرك بدافع الحياة والاستمرار ليس الا!والمافيا امتداد لميل السلاح وتجار السلاح المتنامي للتدخل في العمل السياسي!وهي تستغل عدم وجود معاهدة دولية لتنظيم تجارة الأسلحة في الشرق الاوسط لانتزاع اقصى الارباح من توريد الاسلحة الى العراق وعرضها في السوق السوداء التي باتت تعج بالاسلحة الخفيفة والثقيلة وتحت مرأى ومسمع الدولة!
   واجهت الدولة في العراق اعوام 2005- 2008 الميليشيات/المافيات في المدن وهي اقطاعيات وامارات داخل الدولة العراقية،كانت تفرض قراراتها ومراسيمها والمد الرجعي للقوى الدينية غير المتنورة دينيا واجتماعيا،كما تفرض ارادتها ونفوذها وخيمتها العقائدية على الجميع،وتدعو الى رفض الآخر وفكره واتجاهاته!وترفض المافيات سيادة الدولة والقانون والديمقراطية وتعتمدها في افضل الاحوال لغايات تكتيكية،ولها اسماء والقاب كثيرة،ومهما اختلفت الاسماء وتعددت يبقى مجال عملها واحد،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم. 
   الميليشيات المافيوزية،وبعيدا عن حجمها واسمائها وتصنيفها ومرجعيتها وأجندتها وأساليب العنف التي تستخدمها ومدى حجم التعاطف الأهلي معها،هي ظاهرة كارثية تؤشر الى ضعف الدولة ومؤسساتها العسكرية والامنية!وتعاظم دورها،ادى ويؤدي الى المزيد من التمترس ومفاقمة الأوضاع وامتهان الإجرام والقتل والخطف والعلس والابتزاز واعمال التهريب!المافيات كأذرع ارهابية لمنظمات واحزاب سياسية،يجري تنشيطها وتوظيفها في الصراع التنافسي على السلطة،وفي التصفيات واعمال التطهير الطائفي العرقي وتعطيل الحياة وخلق الارتباك والهلع بين المواطنين،وبالتالي اظهار الحكومة بانها عاجزة عن مواجهتها وانها غير قادرة على بسط الامن والاستقرار!
   تمتد جذور المافيات الحكومية والمافيات الأخرى معا من استمرار وبقاء قيم الثقافات دون الوطنية كالعشائرية والطائفية والشللية والمناطقية داخل المدن وفي قطاعاتها الاجتماعية الهشة حيث تعيش المجموعات المهاجرة من العشائر والقبائل المتفككة،وكذلك تنتشر الحواسم - التجمعات الفقيرة التي نشأت بعيد التاسع من نيسان 2003،وشكلت الأحياء العشوائية في محيط المدن العراقية،لا تتواجد على الخرائط البلدية!يسودها نباح الكلاب السائبة،وتواجد مستنقعات المياه الآسنة،ونهيق الحمير التي تجرها العربات،وصراخ الصبية الذين يلعبون بالوحل،وطنين الذباب المتجمع على قاذورات الحي،والصراع بين الجيران على الماء والكهرباء،والمساكن المبنية بخليط من المواد،طابوق وطين وخشب وصفيح وعلب سمن مملوءة بالطين واية مادة اخرى تصلح للوقاية من الشمس والامطار.
   الطائفية المقيتة تهيمن على اللغة المافيوية ولغات البلطجية في بلادنا،وتسهم في اذكاء واشاعة المزيد من الفوضى في العراق الذي يعاني من الفوضى اصلا.قنابل وارهاب  تحت عبي آيات الله وعمامات الامراء!انهيار الأمن،انتعاش المحاصصات،تغييب الملايين!لتصحو البلاد المنكوبة،كل يوم،على جثث الأبرياء والتفجيرات الانتحارية والسيارات المفخخة وعمليات الاختطاف.ويجري هذا تحت خيمة الحكومات العاجزة لا عن حل ازمة الأمن فحسب،بل وعن مخاطبة الملايين ممن تغيّبهم وسط محن يواجهونها وحدهم!بينما المتنعمون يواصلون،وسط  شلل البرلمان المنتخب"اجتماعات المحاصصات"في الغرف المغلقة،وبعقول تجيد الصراع على الكراسي وقلوب تخلو من الحرقة على الضحايا وبمشاعر تتجاهل اصحاب القضية الحقيقية من الساخطين والمحبطين الذين تطحنهم مآسٍ لا مثيل لها!
  الاحصائيات الرسمية تؤكد ان نسبة الذين يعيشون دون مستوى الفقر تبلغ 23% من سكان العراق ونسبة البطالة تجاوزت الـ 28% مثلا،وهذا غيض من فيض المشاكل التي يعاني منها عراقنا!وهذا يعني الكثير!وعلى الجهات المسؤولة ايلاؤها جل الأهتمام!

•   المافيات هي الوجه الأسود للحداثة!
•   احترام التراتبية والزعيم قضية مركزية في المافيا!كالتنظيم الاقطاعي العشائري والعسكري!الوحدة الأساسية في الهيكل التنظيمي لجماعات المافيا في الغرب الرأسمالي تعرف باسم(Cosche)،تتكون من 20 شخصاً"مافيوزو"،ولها قائد"كابتن"ويمتلكون قانونهم ونظامهم الداخلي!ويتخذ تنظيم تلك المجموعات تسلسلاً هرمياً،يتمثل برئيس"كابو" او الرأس او العراب،وهو الحاكم الفعلي الوحيد في العائلة واقوى افرادها ويمثل رأس السلطة الهرمية،وهو منفصل عن العمليات الفعلية على الارض بعدة طبقات من السلطة،ويتلقى جزءاً من ارباح كل عملية تقوم بها المافيا.وغالبا ما يكون الكابتن من ابناء الرئيس،بينما يختار الكابو بنفسه مستشارين اثنين،مهمتهما اسداء النصائح القانونية من دون ان تكون لهما اي صفة تقريرية،التوسط في نزاعات المافيا،الاهتمام بالجانب الاقتصادي"بيزنس"،ويكونان عادة من رجال العصابات غير المشهورين الذين يمكن الوثوق بهم.مساعد الرئيس يعينه الرئيس بنفسه،وهو"الرجل الثاني"في العائلة،ويتقدم للرئاسة في حالة سجن الرئيس.
•   على رأس مبادئ المافيا تأتي(Omertà) أو قاعدة "الصمت" التي تمنع افادة الشرطة بالجريمة او مرتكبها.وتحرم هذه القاعدة - القانون على المنتمي الى المافيا البوح بأسرار العائلة،مهما كانت الأسباب والظروف،والا تعرض للعقوبة الوحيدة للقتل!
•   تراعى قواعد تسلسل القيادة بشكل حازم،وتدار الأموال بهذا التسلسل وبنسب معينة،ولا يسمح للعضو بأن يتعامل الا مع القيادات التي تعلوه مباشرة من دون ان يعرف شيئاً بعد ذلك،كذلك يجهل بقية الضباط!وهذه القيادات تتعامل بدورها مع القيادات الأعلى وهكذا!بهذه الطريقة يستحيل على سلطات التحقيق ان تتبع خيطًا واحدًا لتصل الى كشف القيادات العليا!
•   الزعامة وراثية،والمراكز هي لمدى الحياة!
•   الروابط بين الاعضاء قوية بامتياز،ويتطلب الانضمام والدخول الى المافيا ان يكون"المرشح"منتميا الى نفس العالم،بل والى نفس الهوية التاريخية والثقافية والدينية!والأهمية ذات الأولوية هي لرابطة الدم والجماعة وليست لأية اعتبارات اخرى!
•   كانت الوظيفة الاساسية للمافيات القديمة تقديس الشرف والكرامة والعادات والتقاليد،بينما باتت الوظيفة الأساسية للمافيات الحديثة هي الحصول على المال والغنائم!وعمليات الجريمة المنظمة من القتل والخطف حتى تجارة السلاح والمخدرات والاعضاء البشرية ومرورا بالدعارة وتبييض الأموال وصالات لعب القمار وعمليات الابتزاز.. الخ!
•   الآيديولوجيات بكل الوانها ومشاربها،لا اهمية لها ابداً بالنسبة للمافيا!ما يهم هو المال والثروة!
•   الميل الى"التعاون"و"تبادل المعلومات"مع المافيات الأخرى،اكثر مما تميل نحو النزاعات!ويد المافيا"الخفية"قد تتفوق على جميع الآيديولوجيات!
•   تفرض نفسها في مرات عديدة كسلطات موازية للدولة و"جهاز للمحافظة على النظام"!
•   تنظيم العنف!وفق قواعد صارمة تقضي بعدم ارتكاب الجرائم والاغتيالات والقتل"الا بأمر"!ومع صدور الأمر،تنفذ الجرائم بحرفية نادرة!
•   امتلاك ادوات القتل وآلات انتاج الكراهية وادارة بضاعة الحقد والموت والاشراف عليها والمتاجرة بها،ولها رموزها واثرياؤها والمتنفعون منها،كما تمتلك التكنولوجيا الحديثة لادارة اتصالاتها واعلامها!
•   التغلغل داخل المجتمع والجسد الاجتماعي والتطفل فيه وعليه بصورة سرية!
•   كسب الحظوة لدى العديد من السياسيين ورجال الدولة واصحاب اتخاذ القرار والقضاة وضباط الشرطة واعضاء مجلس النواب!الذين يقيمون العلاقات معها،على الأقل من اجل"اتقاء شرها"!وفي العديد من الحالات اعتمدت السلطات الشرعية على خدماتها كنوع من الاتفاق الملموس غير المكتوب!
•   الحرص على البقاء في الظل والابتعاد عن القيام بكل ما يمكن ان يضعها في دائرة الضوء!
•   تنتج المافيا اساطيرها الخاصة بها في سبيل اسباغ الشرعية على نشاطاتها والتأكيد على قيمها وعلى فضائلها في نظر اعضائها أنفسهم!وكي يكون انتسابهم لها بمثابة مصدر"اعتزاز"لهم!كما لو كان موازيا الانتساب الى الشرائح الارستقراطية او الدخول الى الجنة!والسعي المحموم الى تأميم الفضاء الاجتماعي لمصلحة الاسطوري والمقدس مهما كانت صيغته!
•   اطلاق العنان لغرائز ثقافة"القطيع"بالتعبير عن نفسها لتعيد تشكيل الحياة على صورة النمط الثقافي الذي تتبناه المافيا والقائم على سياسة العزل والانعزال!
•   المافيا كالحرباء تتأقلم مع الوسط المحيط والظروف التاريخية والجغرافية،فتتحول الى حزب او منظمة غير حكومية او شركة او ميليشيات مسلحة!وحتى القيام بالانقلابات العسكرية والاستحواذ على الحكم في بلد ما،متى ما امر العراب!.. يقول القاضي زهير كاظم عبود في دراسته المعنونة"عصابات مافيا جديدة في العراق"" لم يكن التنظيم البعثي في العراق يشكل جزء من العقيدة البعثية ولا الفكر البعثي بالرغم من كون السلطة في العراق تتسمى بأسمه،وتحكم العائلة تحت غطاء وخيمة الحزب!وقد مر العراق بتجارب عملية دللت على حقيقة أن أفراد العائلة الحاكمة يتفوقون على جميع اعضاء القيادة القطرية في القوة والسلطة،كما ان اعضاء القيادة ليس لهم أي قدرة على التصدي لقيادات المؤسسة الأمنية او حتى المساس بهم،وان أي فرد من عشــــيرة العائلة الحاكمة يمكن ان يصادر صوت جميع القيادات الحزبية،وان جميع القيادات من غير الحاكم عاجزة عن أتخاذ أي قرار مهما صغر حجمه وقل شأنه الا فيما يخدم العائلة والطاغية ويتملق لها".
•   اقتصاد السوق حاضنة للنشاط المافيوزي ومجالاً نموذجيا للاستجابة لشهية المافيات المفتوحة دائماً!وغالبا ما تشكل بزنيس المافيا الاساس الديناميكي لاقتصاديات الظل الجوفية الموازية!
•   اقامة"الورش الحرفية والتعاونية"وتشغيل العاملين،وممارسة نشاطات اقتصادية مشروعة تماماً بعد ان تكون قد استخدمت نفوذها للفوز في هذه"الصفقة والمناقصة والمقاولة" او تلك!ويكون التداخل صارخا بين النشاط"المشروع"و"اللا مشروع"!
•   الاستفادة باستمرار من اللوبيات وكل التواطؤات السياسية لتثبيت اقدامها والتجذر في هذه التربة او تلك!واحيانا تكون المافيا عماد اللوبي وذراعه العنفية!
•   المافيا والفساد والارهاب اوجه لعملة واحدة!

•   الخلاصة والمهام :
 
  اللوبي مصطلح يطلق على جماعات الضغط البرلمانية في البلدان الرأسمالية المتطورة،وعليه اللوبي جماعة ضغط لكن جماعة الضغط ليست بالضرورة تشكل لوبي!و"جماعة الضغط" عموما مصطلح يطلق على اصحاب الثروة والجاه والمكانة الاجتماعية والسمعة المزيفة،والتي تستخدم اموالها وارصدتها المادية والفكرية للتأثير على السياسة العامة ضمن ما يخدم مصالحها او من اجل تأسيس قوى ومجموعات أخرى ذات قدرة على الحث والتأثير ولتجنيد الرأي العام لتبني قضية او دعم ومعارضة تشريع معين،خاصة في الفترات الانتخابية!"جماعة الضغط"مصطلح يخدم مصالح الزبونية السياسية والاقتصادية والاجتماعية،مصالح الليبرالية الاقتصادية الجديدة والتوجهات نحو الخصخصة وتطبيق وصفات البنك الدولي ومنظمة التجارة الدولية،تغلفه الاماني الطيبة والمواعظ الحسنة ووعود الرخاء وتحسين حياة الشغيلة وايجاد فرص عمل للعاطلين واستراتيجيات التخفيف من الفقر تطلق بين حين وآخر للدعاية الانتخابية وللأغراض الميكافيلية!ووفق هذا التعريف الاكاديمي وجب التمييز بين جماعات الضغط السياسي وبين الحركة الاجتماعية والمؤسساتية المدنية!اما الماسونية فهي حركة باطنية سرية وجماعة ضغط عالمية ارتقت في الولايات المتحدة وبلدان الغرب الرأسمالي لتشكل اللوبيات!وبعض اللوبيات ماسونية بالكامل،بينما تضم العديد من اللوبيات اعضاء ينتمون الى مختلف المحافل الماسونية!ومن اهم جماعات الضغط السياسي التي تعرف عليها الشعب العراقي في نصف القرن الأخير التنظيمات المافيوزية الاجرامية المسلحة!والتي كانت نواة تأسيس حزب البعث،والميليشيات المسلحة التي ظهرت بعد 9/4/2003!وتمتلك الكثير من الاحزاب السياسية العاملة اليوم المافيات والبلطجية الخاصة بها والتي يمكن ان توجهها الى اهداف لا تحمد عقباها!
   يبدو بوضوح وبفعل العلاقات الاجتماعية والاقتصادية السائدة ان الزبونية قد ضربت اطنابها اليوم في العراق،والمواطن تأسره حالات الاغتراب الروحي والسياسي والاقتصادي!وتزداد الفجوة في بنية الاقتصاد العراقي بين التوسع في الانشـــطة المالية والتجارية من ناحية،والركود في مجال الانشـــطة الانتاجية والتصديرية من ناحية اخرى.ويزداد ثراء ورفاهية الطبقة المرتبطة بانشطة التجارة والمقاولات والمضاربات العقارية،والخدمات المالية والوكالات التجارية والحصرية والانشطة الفندقية واقتصاد الصفقات- السمسرة في الصفقات وعقود التوريد(الكومبرادور)والتهريب،والمرتبطة بالرأسمال التجاري والمضارب ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي.وهي تقبع على قمة توزيع الدخول والثروات في بلادنا،وليقذف التهميش بالشعب العراقي.وتكافح الطبقة المتوسطة  للحفاظ على مستوى معيشي محترم والتمتع بالحد الادنى من الحياة الكريمة،بينما تستجد ظاهرة الاستقطاب الحاد بين الاغنياء والفقراء لان الفقر المدقع هو الوجه الآخر للعملة،اي الثراء الفاحش.
   جاء في التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي:"لا بد من العمل على تحديد مدى الفساد وعمقه ومفاصله،لكي يمكن تطويق شروره وحصر نفوذه وتأثيره،ووضع خطة عملية للهجوم على مواقعه.ومن الواجب ان يكون التصدي للفساد متواصلا وبعيدا عن الموسمية،وان يتجاوز الاجراءات القضائية والامنية والادارية ليشمل اتخاذ تدابير جادة وملموسة لانعاش الاقتصاد الوطني،لا سيما قطاع الإنتاج،بما يوفر فرص عمل جديدة ويقلص حجم البطالة،ويرتقي بمستوى المعيشة والخدمات،وبما يشكل منظومة للقيم الاخلاقية والثقافية وإشاعتها في المجتمع،مع تأكيد ضرورة التوعية بمخاطر الفساد المالي والاداري عبر الاعلام والمدرسة وغيرهما".
   لاجل مكافحة الفساد يتطلب ايجاد الموازنات التالية التي لا غنى عنها:
    الاولى:  ملاحقة الفساد والمفسدين بكفاءة دون ان يؤدي ذلك الى تعطيل جهود الاعمار والبناء،وتجنب ملاحقة المخلصين بوشايات كاذبة او بدوافع سياسية شخصية.
    الثانية: التوازن بين ملاحقة الفساد والحفاظ على حقوق الانسان!
    الثالثة: تواصل حملات مكافحة الفساد مع تبدل الحكومات،وابعاد قضايا الفساد عن الصراعات الحزبية،وضرورة عدم دفاع اي حزب عن اعضائه في حالة اتهامهم بالفساد!
   وهنا لابد من الأخذ بما يلي:   
1.   ضمان الأمن والاستقرار وعودة الحياة الطبيعية في البلاد،وبناء مؤسسات الدولة المدنية والأمنية والعسكرية،على اسس ديمقراطية وفقاً لقواعد المواطنة والكفاءة والمهنية والنزاهة،بعيداً عن المحاصصات ونزعة التحزب الضيق،وان يكون السلاح بيد الدولة حصراً!
2.   مكافحة الطائفية السياسية والمحاصصة الطائفية والسياسية وفصل الدين عن الدولة،وكل ما يوفر الحماية لمافيات الفساد!والتصدي لمنهجية طمس الحقائق وشراء السكوت المتبادل في ظل غياب الدور الرقابي الفاعل للبرلمان،والاجراءات الحكومية الترقيعية والديمقراطية التوافقية!
3.   تشريع قانون عصري للاحزاب ولمنظمات المجتمع المدني!
4.   محاصرة مافيا الانتخابات ومقاولي الاصوات،والانتهاكات الفاضحة ومم